تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين10%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356845 / تحميل: 4853
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

نذره مطلقا، أو بطلانه من أصله لوقيده بذلك الوقت؟ الاقوى هو الاول، وبيان وجهه يستدعي بسطا من الكلام، فنقول: إنه لاإشكال في أنه يتعبر في متعلق النذر من الرجحان، كما أنه يعتبر في متعلق العهد واليمين عدم المرجوحية، فيكون الرجحان من قبيل القيود المعتبرة في المتعلق، ولاإشكال أيضا في اعتبار تقدم المتعلق بجميع ماله من القيود على الحكم، بحيث يؤخذ المتعلق بماله من الشرائط مفروض التحقق حتى يرد الحكم عليه، فكل قيد لايتأتى إلا من قبل الحكم لايعقل أخذه في متعلقه، كمسألة القربة والعلم والجهل وأمثال ذلك مما هو مسطور في الاصول، وحيث كان الرجحان مأخوذا في متعلق النذر فلابد وأن يكون سابقا على النذر، حتى يرد النذر على المتعلق الراجح، ولايكفي الرجحان الجائي من قبل النذر كما يوهمه بعض العبائر، لتوقف صحة النذر على كونه راجحا، فلو توقف الرجحان على النذر يلزم الدور.

وما ورد(١) من صحة نذر بعض المحرمات، كالاحرام قبل الميقات، وكالصوم في السفر، فليس ذلك من باب الاكتفاء بالرجحان الجائي من قبل النذر، ولا من باب تخصيص ما دل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر بغير هذا المورد، بل ورود الدليل بصحة مثل هذا النذر يكشف عن تقييد الحرام الواقعي من الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات بما إذا لم يتعلق النذر به.

والحاصل: أن النذر من العناوين الطارئة القابلة لتغير الواقع عما هو عليه من المصلحة والمفسدة، كالضرر والاضطرار وأمثال ذلك، فإذا ورد دليل بالخصوص على صحة نذر الحرام فلامحالة يكشف عن تقييد الحرام واقعا بما إذا لم يقع نذر على خلافه، وهذا كما ترى لاربط له بما نحن فيه من عدم إمكان

____________________

(١) الوسائل: ج ١٦، ص ٢٠٣، باب ٢٠ وص ١٩٦ باب ١٣ من أبواب النذور والعهد. [ * ]

١٠١

الاكتفاء بالرجحان الجائي من قبل النذر، ومجرد ورود دليل بالخصوص في بعض الموارد لايمكن تسريته إلى جميع الموارد، إذ يلزمه القول بصحة نذر جميع المحرمات، وهذا كما ترى بديهي البطلان، فالنذر كالشرط فكما أنه لايمكن القول بصحة الشرط المخالف للكتاب بأدلة وجوب الوفاء بالشرط فكذلك لايمكن القول بصحة نذر المرجوح بأدلة وجوب الوفاء بالنذر، فلابد من ورود النذر على الموضوع الراجح، ولا أظن أحدا خالف ما ذكرناه.

نعم هنا أمر آخر وقع التكلم فيه من بعض الاعلام، وهو أنه هل يكفي في صحة النذر الرجحان حال النذر وإن صار مرجوحا حال الفعل، أو لايكفي بل يعتبر بقاء الرجحان إلى حال صدور الفعل؟ ومعنى الرجحان حال النذر هو أن يكون الفعل حال تعلق النذر به راجحا، كما إذا نذر زيارة الحسينعليه‌السلام في كل ليلة جمعة، ثم طرأ في بعض ليالي الجمع ما يقتضي المرحوحية، كما إذا حصلت له الاستطاعه للحج، فربما يقال: إن الفعل حيث كان في زمان صدور النذر راجحا فالنذر انعقد صحييحا لوجود ما اعتبر فيه من رجحان المتعلق، وبعد انقعاد النذر المرجوحية الطارئة غير موجبة لانحلاله، ففي المثال المتقدم الاستطاعة العارضة لاتكون موجبة لانحلال النذر، لانه لم تكن الاستطاعة حين انعقاده، فإذا لم تكن موجبة لانحلاله فلا يكون الشخص مستطيعا للحج، ولم يكن واجبا عليه، لاشتغال ذمته بواجب آخر مقدم عليه سببا.

ومن هنا نقل عن الشيخ صاحب الجواهررحمه‌الله أنه كان عند اشتغاله بكتابة الجواهر، ينذر زيارة الحسينعليه‌السلام ليلة العرفة حتى لايجب عليه الحج لوحصلت له الاستطاعة في الاثناء، وربما أفتى بذلك بعض المتأخرين، هذا. ولكن الظاهر أنه يعتبر في صحة النذر وبقائه من ثبوت الرجحان حال صدور

١٠٢

الفعل، ولايكفي الرجحان حال النذر كما لاتكفي القدرة على المتعلق حال التكليف بل يعتبر القدرة حال العمل، فكما أن كل تكليف مشروط ببقاء القدرة إلى زمان صدور الفعل فكذلك الرجحان في متعلق النذر لابد وأن يكون باقيا حال العمل، وإن كان بينهما فرق من حيث إن اعتبار القدرة عقلي واعتبار الرجحان شرعي، لكن الغرض مجرد التنظير.

والحاصل: أن الرجحان حال النذر لاأثر له في بقائه، بل لو فرض أنه كان حال النذر مرجوحا ولكن حال العمل كان راجحا لكان نذره صحيحا بلا إشكال، ففي المثال المتقدم لامحيص عن القول بانحلال نذره بمجرد طروء الاستطاعة، ويجب عليه الحج لصيرورة زيارة الحسينعليه‌السلام حينئذ مرجوحة، ولايمكن العكس بأن يقال: الحج يصير مرجوحا بعد تعلق النذر بالزيارة، فتصير الزيارة واجبة لسبق سببه ويرتفع حينئذ موضوع الاستطاعة، وذلك لان الكلام بعد في انعقاد النذر بالنسبة إلى الزيارة التي حصلت الاستطاعة قبل مجئ زمانها، ومجرد سبق النذر لايكفي في ذلك بعدما كان بقاؤه مشروطا ببقاء الرجحان، فالرجحان حال النذر مما لاأثر له.

بل يمكن أن يقال: إن الرجحان حال النذر كلمة لامعنى لها، ولايعقل في مثل المثال أن يقال بالرجحان حال النذر، فإنه لاإشكال في أن زيارة عرفة إنما تكون راجحة عند مجئ وقتها، ولايعقل أن يقال: إن زيارة عرفة راجحة قل مجئ وقتها الذي هو وقت النذر، فزيادة عرفة كصلاة الظهر، فكما لايمكن أن يقال: إن صلاة الظهر قبل الزوال راجحة فكذلك لامعنى للقول برجحان زيارة عرفة حين النذر الذي يكون قبل مجئ وقتها، بناء على ما هو الحق من عدم معقولية الواجب المعلق والشرط المتأخر، فلو نذر أحد قبل أشهر الحرم زيارة الحسينعليه‌السلام في يوم عرفة، فانعقاد هذا النذر يكون موقوفا ثبوتا بثبوت

١٠٣

رجحان الزيارة في ظرف وقوعها، فإذا استطاع الشخص قبل ذلك فتكون الزيارة في وقتها مرجوحة لسبق الاستطاعة، فلا يبقى موضوع للنذر، ولامحيص عن انحلاله، فتأمل.

والحاصل: أن النذر كالشرط، فكما لو شرط على المشتري ضيافة زيد في كل شهر مثلا أو في شهر خاص، واتفق ارتداد زيد وكفره في بعض الشهور أو في ذلك الشهر الخاص، بحيث حرم ضيافته إما لوجوب قتله وإما لحرمة موادته كان الشرط ملغى، ولايجب الوفاء به بعموم المؤمنون عند شروطهم(١) . والسر في ذلك أنه يعتبر في الشرط حدوثا وبقاء عدم مخالفته للكتاب، فكذلك لو نذر زيارة الحسينعليه‌السلام في كل شهر أو في شهر خاص، واتفق حصول الاستطاعة في بعض الشهور أو في ذلك الشهر الخاص، بحيث وجب عليه المسير للحج، كان النذر ملغى وينحل قهرا، لاعتبار الرجحان في متعلق النذر حدوثا وبقاء.

فظهر ضعف تعليل بعض الاعلام صحة نذر التطوع في وقت الفريضة بارتفاع مرجوحيتها بنفس النذر، قال: ولايرد أن متعلق النذر لابد أن يكون راجحا، وعلى القول بالمنع لارجحان فيه فلاينعقد نذره، وذلك لان الصلاة من حيث هي راجحة، ومرجوحيتها مقيدة بقيد يرتفع بنفس[ النذر ](٢) ، ولايعتبر في متعلق النذر الرجحان قبله ومع قطع النذر عنه، حتى يقال بعدم تحققه في المقام، انتهي.

وظاهر هذه العبارة لاتستقيم من أنه لاعبرة بالرجحان الجائي من قبل النذر، بل لابد وأن يكون الرجحان متحققا قبله، بل لايعقل ذلك كما عرفت، فتعليل صحة نذر التطوع في وقت الفريضة بهذا غير سديد، بل الاقوى في التعليل هو أن

____________________

(١) الوسائل: ج ١٥ ص ٣٠ باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤.

(٢) ما بين المعقوفتين لم توجد في النسخة واثبتناه لاقتضاء السياق. [ * ]

١٠٤

يقال: إن ما هو المحرم التطوع في وقت الفريضة بوصف التطوع، وليست ذات صلاة جعفر مثلا محرمة، بل المحرم إنما هو التطوع بصلاة سجعفر وفعلها بداعي الاستحباب والتنفل، وصلاة جعفر بهذا الوصف لم يتعلق النذر بها، بل لايمكن أن يتعلق بها مقيدة بهذا الوصف، لانه يعتبر في متعلق النذر القدرة عليه، وصلاة جعفر بوصف كونها مستحبة غير مقدورة بعد تعلق النذر بها لصيرورتها واجبة، فلو فرض أن أحدا نذر فعل صلاة جعفر بوصف كونها مستحبة، كان نذره باطلا ولاينعقد أصلا، فالنذر دائما يكون متعلقا بذات العمل، وذات صلاة جعفر مع قطع النظر عن استحبابها لم تكن محرمة في وقت الفريضة، بل المحرم إنما هو التطوع بها، فإذا لم تكن ذات العمل منهيا عنه فلا مانع من تعلق النذر به، ويصير بذلك واجبا ويخرج موضوعا عن كونه تطوعا في وقت الفريضة، بل يكون فريضة في وقت فريضة.

فإن قلت: هب أن ذات العمل لم يكن منهيا عنه، إلا أن مجرد ذلك لايكفي في صحة النذر، لما تقدم من اعتبار الرجحان في متعلقه، ولا يكفي مجرد عدم المرجوحية، وذات العمل في وقت الفريضة حيث لم يتعلق به أمر استحبابي ولاوجوبي لايمكن الحكم برجحانه، فإن ذلك يكون رجما بالغيب.

والحاصل: أن رجحان الشئ لابد وأن يستكشف من تعلق الامر، إذ لاطريق لنا إلى معرفته سوى ذلك، وصلاة جعفر في وقت الفريصة بعد ما لم يتعلق بها أمر استحبابي ولاوجوبي حسب الفرض فمن أين يحكم برجحانها حتى يصح نذرها، فتكون واجبة وتخرج موضوعا عن كونها تطوعا في وقت الفريضة، فلامحيص إما عن القول ببطلان النذر وإما عن القول بالاكتفاء بالرجحان الآتي من قبل النذر، وقد تقدم عدم معقولية الثاني، فلابد من الاول وهو بطلان النذر.

قلت: يكفي في إثبات الرجحانية نفس العمومات الدالة على مشروعية صلاة

١٠٥

جعفر في نوعها، وكذا العمومات الدالة على أن الصلاة قربان كل تقي(١) ، ومعراج المؤمن(٢) ، وسقوط الامر بها في وقت الفريضة لايلازم سقوط الرجحانية المستكشفة من تلك العمومات.

والحاصل: أن القدر الثابت إنما هو سقوط الامر بالنوافل في وقت الفريضة، وأما سقوط الرجحان فلم يقم عليه دليل.

مضافا إلى معلومية أن الصلاة المشتملة على الذكر والدعاء لم تكن مرجوحة في حد نفسها بل تكون راجحة، فحينئذ يصح تعلق النذر بها، وبسببه تخرج عن كونها تطوعا في وقت الفريضة. ولايقاس ذلك بما إذا نذر أن يصلي خمس ركعات متصلة، حيث يكون نذره باطلا بالاجماع مع اشتمالها على الدعاء والذكر، وذلك لان الصلاة المشتملة على خمس ركعات لم تكن مشروعة في نوعها، وهذا بخلاف صلاة جعفر وغيرها من النوافل لمشروعيتها في نوعها، وإن سقط أمرها من جهة مزاحمتها لوقت الفريضة فتحصل: أن الرجحان المعتبر في متعلق النذر حاصل في المقام سابقا على النذر ومع قطع النظر عن تعلق النذر به، فلا حاجة إلى الالتزام بتلك المقالة الفاسدة من كفاية الرجحان الجائي من قبل الندر، فتأمل فيما ذكرناه فإنه بعد للنظر فيه مجال، إذ لمانع أن يمنع ثبوت الرجحان بعد تخصيص تلك العمومات الدالة على مشروعية الصلاة بغير وقت الفريضة.

نعم لو كان سقوط الامر بالنوافل في وقت الفريضة من باب المزاحمة لاالتخصيص لكان القول بثبوت الرجحان في محله، إلا أن إثبات ذلك مشكل،

____________________

(١) الكافي: ج ٣ ص ٢٦٥ باب فضل الصلاة، ح ٦.

(٢) الظاهر أن هذا مستفاد من الخبر لا أنه بنفسه خبر مستقل، راجع بحار الانوار: ج ٨٢ ص ٢٤٨. [ * ]

١٠٦

ولايسعنا التكلم في ذلك بأزيد مما ذكرناه، فعليك بالتأمل.

فإن قلت: سلمنا جميع ما ذكرته من تعلق النذر بذات الصلاة لابوصف التطوع، ومن ثبوت الرجحان لها مع قطع النظر عن تعلق النذر بها، إلا أنه لاإشكال في أن الامر بالوفاء بالنذر توصلي لايعتبر في سقوطه قصد التقرب وامتثال الامر، والمفروض أن ذات الصلاة في وقت الفريضة لم تكن مأمورا بها بأمر عبادي، فمن أين تقولون يعتبر في صحة مثل هذه الصلاة المنذورة من قصد التقرب والامر، بحيث لو لم يأت بها بهذا القصد كانت الصلاة باطلة، ولم يبرأ من نذره، مع أنه لم يكن في البين أمر عبادي يقصد؟ والحاصل: أن الامر النذري لو اتحد مع الامر العبادي في المتعلق، بأن تعلق الامر النذري بعين ما تعلق به الامر العبادي، لاكتسب الامر النذري التعبدية من الامر التعبدي لاتحادهما.

وذلك كما لو نذر صلاة الليل، فحيث إن النذر إنما يتعلق بذات صلاة الليل لابوصف كونها مستحبة، وإلا لكان النذر باطلا لعدم القدرة عليه من حيث صيرورة صلالاة الليل بعد النذر واجبة، فلا يمكن إتيانها بوصف كونها مستحبة، فالنذر لامحالة يتعلق بذات صلاة الليل، والمفروض أنه قد تعلق بذات الصلاة أمر استحبابي عبادي، فيتحذ متعلق النذر مع متعلق الامر الاستحبابي، وحيث لايمكن اجتماع الوجوب والاستحباب في متعلق الواحد فلامحالة يكتسب الامر النذري التعبدية من الامرر الاستحبابي وينخلع عما كان عليه من التوصلية، كما أن الامر الاستحبابي يكتسب من الامر النذري الوجوب وينخلع عما كان عليه من الاستحباب، فيتحد الامران ويحصل من ذلك أمر وجوبي عبادي، لكن هذا إنما يكون بعد تعلق الامر العبادي بصلاة الليل.

وأما فيما نحن فيه فالمفروض أنه لم يتعلق بذات صلاة جعفر في وقت الفريضة

١٠٧

أمر عبادي، والامر النذري لايكون إلا توصليا، فمن أين يكتسب التعبدية حتى يكفي قصده في وقوع الصلاة عبادة مقربة؟ قلت: قد علم من مذاق الشارع أن الصلاة وظيفة شرعت لان يتعبد بها، فلو تعلق بها أمر لكان لامر لامحالة عبادي يعتبر في سقوطه من قصد الامتثال، وحيث إن النذر تعلق بصلاة النافلة بذاتها، والمفروض اجتماع هذا النذر لشرائط الصحة من الرجحان وغيره، فلامحالة يتعلق الامر النذري بذات الصلاة، وإذا تعلق بها أمر وإن كان من قبل النذر فلابد وأن يكون عباديا.

وبالجملة: الامر النذري يختلف باختلاف ما تعلق به، فلو تعلق بأمر عبادي بمعنى أنه لو تعلق به أمر لكان أمره عباديا، لكان الامر النذري عباديا لايسقط إلا بقصد الامتثال، ولو تعلق بأمر غير عبادي يكون توصليا لايعتبر في سقوطه ذلك، فتأمل فإن للنظر في ذلك أيضا مجال. هذا كله بناء على حرمة التطوع في وقت الفريضة، وقد عرفت أن الاقوى صحة النذر مطلقا، وجواز فعل المنذور في وقت الفريضة، لصيرورته واجبا سواء كان نذره مطلقا أو قيده بخصوص وقت الفريضة، وإن كان الصحة في المطلق أوضح كما لايخفى وجهه.

وأما لو قلنا بالكراهة من باب أقل الثواب كما هو الشأن في كراهة العبادات فلا ينبغي الاشكال في صحة النذر، لان الكراهة في العبادات تجتمع مع الرجحان والامر كليهما، ويكون جميع أركان النذر متحققا بلا أن يدخله ريب، فتأمل جيدا. ولو آخر نفسه لصلاة الزيارة مثلا في وقت الفريضة فالاقوى أيضا هو الصحة، لصيرورتها بالاجارة واجبة وتخرج عن موضوع التطوع، بل الصحة في الاجارة أوضح منها في النذر، لامكان الاشكال في النذر من حيث الرجحان المعتبر في

١٠٨

متعلقه، ويتوهم أن ذات الصلاة التي هي متعلقة للنذر مع كونها غير مأمور بها لارجحان فيها، وهذا بخلاف الاجارة فإن متعلقها هي الصلاة المأمور بها بالامر المتوجه على المنوب عنه، فهذا الوصف داخل في متعلق الاجارة.

نعم هنا صورة إشكال، وهو أنه يعتبر في متعلق الاجارة أن يكون العمل المستأجر عليه مما يباح على الاجير فعله بحيث لايكون العمل محرما عليه، ووجه اعتبار ذلك واضح، وفي المقام لو كان متعلق الاجارة هو الصلاة بوصف كونها مأمورا بها بالامر الاستحبابي فالاجير لايمكنه فعلها بهذا الوصف، لان المفروض حرمة التطوع في وقت الفريضة، فإذا لم يمكن للاجير فعلها فكيف يصير أجيرا على فعلها؟ هذا مضافا إلى أنه يعتبر في متعلق الاجارة أيضا أن يكون المستأجر قادرا على العمل، بحيث يكون المستأجر مما يمكنه الفعل إذا أراد المباشرة به، فإذا كان الفعل محرما عليه شرعا لما جاز الاجارة عليه، لان فعل الاجير فعل المستأجر ويكون في الحقيقة هو العامل ببدنه التنزيلي، وفي المقام لو وقعت الاجارة في وقت فريضة المستأجر لكان مقتضى القاعدة بطلان الاجارة.

والحاصل: أنه لو وقعت الاجاة في وقت فريضة الاجير لزم الاشكال الاول، ولو وقعت في وقت فريضة المستأجر لزم الاشكال الثاني، ولو وقعت في وقت فريضة كل منهما لزم الاشكالان جميعا، هذا. ولكن يدفع الاول بأن ما يحرم على الاجير إنما هو فعل التطوع لنفسه في وقت فريضة، لافعل ما هو مستحب على الغير في وقت فريضة نفسه بالاجارة، فإن ذلك لامانع عنه في حد نفسه ولادليل على حرمته، نعم التبرع عن الغير فيما يستحب عليه لايخلو عن إشكال، لصدق التطوع في وقت الفريضة على مثل هذا، مع أن ذلك أيضا لايخلو عن نظر، فإن التبرع إنما هو في جهة النيابة لافي نفس الفعل، فالمتبرع

١٠٩

إنما يفعل ما هو مستحب على الغير نيابة عنه بقصد المجانية والقربة، فيثاب على هذا المعنى أي على فعله نيابة لاعلى أصل الفعل، ففعل الصلاة نيابة عن الغير لايدخل في عنوان حرمة التطوع في وقت الفريضة، سواء كان بالتبرع أو بالاجارة، وإن كان بالاجارة أوضح وأبعد عن الاشكال، وأما التبرع فبعد يحتاج إلى مزيد تأمل. ويدفع الثاني بأن ماهو حرام على المستأجر إنما هو المباشرة بالتطوع، وأما لو كان ذلك بالنيابة فلا، ولا ملازمة بين حرمة المباشرة وحرمة النيابة، كما يظهر ذلك من جواز إجارة الحائض الغير للطواف مع حرمة الطواف عليها مباشرة، وكذا اجارة الجنب الغير لدخول المسجد، وغير ذلك من الموارد كما يظهر للمتتبع، فلا إشكال من هذه الجهة أيضا، ولكن مع ذلك بعد في النفس من صحة الاجارة شئ، فتأمل.

المسألة الثانية: لو حصل للمكلف أحد الاعذار المانعة عن التكليف، كالحيص والجنون وأمثال ذلك، فإن مضى من الوقت مقدار فعل الصلاة التامة الاجزاء والشرائط، من الطهارة المائية وتحصيل الساتر وغير ذلك من الشرائط التي كان فاقدا لها قبل الوقت ثم طرأ عليه العذر، فلا إشكال ولاخلاف في وجوب القضاء عليه، كما لااشكال ولاخلاف فيما إذا طرأ عليه العذر في أول الوقت في سقوط القضاء، إنما الاشكال والخلاف فيما إذا مضى من الوقت اقل من ذلك المقدار، فهل يجب عليه القضاء أولا؟ وكذا الكلام بالنسبة إلى آخر الوقت لوزال العذر قبل آخره بمقدار لايتمكن من فعل الفريضة مجتمعة للشرائط والاجزاء، مع تمكنه منها فاقدة للشرائط مع الطهارة المائية، أو بدونها أيضا بحيث لم يكن متمكنا إلا من الصلاة مع الطهارة الترابية فقط دون سائر الشرائط ودون الطهارة المائية، فهل يجب عليه فعلها ولو خالف كان عليه القضاء، أو لايجب إلا إذا زال العذر

١١٠

قبل آخره بمقدار فعل الفريضة مجتمعة لجميع الشرائط؟ ولنقدم الكلام في أول الوقت ثم نعقبه بآخره إذ ربما يكون بينهما تفاوتا بحسب الدليل، فنقول. مقتضى القاعدة أنه لو طرأ عليه أحد الاعذار المسقطة للتكليف قبل مضي مقدار من الوقت يمكنه فعل الفريضة تامة للاجزاء والشرائط هو عدم وجوب القضاء عليه ولا الاداء، إذا علم في أول الوقت بطرو العذر بعد ذلك.

أما عدم وجوب الاداء فلان المفروض عدم تمكنه من فعل الصلاة التامة، ولادليل على سقوط الشرائط بالنسبة إلى مثل هذا الشخص، فإن ما دل على سقوط الشرائط في حال الاضطرار إنما هو مختص بما إذا كان الشخص غير متمكن في حد نفسه من فعل الشرط، لاما إذا كان في حد نفسه متمكنا من فعل الشرط ولكن طرأ عليه ما يوجب سقوط التكليف، كما فيما نحن فيه.

والحاصل: أن العذر عن فعل الشرط في زمان لايكفي في سقوط التكليف عنه مالم يتعذر في جميع الوقت كما هو التحقيق في ذوي الاعذار، بل يحتاج في سقوط التكليف عن الشرط هو ثبوت العذر في تمام الوقت، ولذا لايجوز لذوي الاعذار البدار إلى فعل الصلاة الفاقدة للشرائط ما لم يعلم بعدم زوال العذر، إلا أن يقوم دليل شرعي على تنزيل العذر في زمان منزلة العذر في تمام الوقت، كما لايبعد ثبوت ذلك بالنسبة إلى خصوص الطهارة المائية، حيث يجوز عليه البدار مع الطهارة الترابية وإن لم يعلم باستيعاب العذر لتمام الوقت، على ما يأتي بيانه إن شاء‌الله، وأما ماعدا الطهارة من سائر الشرائط فيحتاج في سقوط التكليف عنها بحسب القاعدة إلى استيعاب العذر لتمام الوقت، ولايكفي العذر في بعض إنما طرأ عليه ما يوجب سقوط التكليف من الحيض والجنون وغير ذلك.

١١١

فإن قلت: أما قلتم إن العذر إذا استوعب تمام الوقت كان التكليف بالنسبة إلى الشرط المعذور فيه ساقطا وكان يجب عليه الصلاة فاقدة لذاك الشرط، فما الفرق بين ما نحن فيه وبين ذلك، فإن الوقت بالنسبة إلى من تحيض عقيب نصف من الزوال هو هذا المقدار من الزمان، والمفروض أن في هذا المقدار من الزمان غير متمكن من الشرائط، فهو كما إذا استوعب عذره تمام الوقت؟ قلت: ليس الامر كذلك، فإن طروء الحيض لايوجب تضييق في الوقت المضروب للصلاة، بل الوقت المضروب إنما هو باق على حاله، غاية الامر أن الشخص غير متمكن من فعل الصلاة في وقتها من جهة عروض المسقط.

والحاصل: أنه فرق بين أن يستوعب العذر تمام الوقت المضروب للصلاة من الزوال إلى الغروب وبين أن يعرض المسقط في أثناء الوقت، فإن عروض المسقط لايجعله آخر الوقت، فلابد في القول بوجوب الادداء على مثل هذا الشخص من قيام دليل بالخصوص على تنزيل العذر في بعض الوقت بمنزلة العذر في تمام الوقت.

والقول بأن وقت هذا الشخص هذا المقدار من الزمان حتى يدخل في موضوع من استوعب عذره تمام الوقت خال عن الدليل، بل هو قياس محض، فتأمل فإنه بعد للتأمل فيه مجال. ثم لاأقل من الشك في كون هذا المقدار من العذر المتعقب بالمسقط موجبا لسقوط التكليف عن الشرط فقط حتى يجب عليه الصلاة الفاقدة، كما إذا استوعب العذر إلى تمام الوقت، فأصالة البراء‌ة محكمة، لان انعدام المشروط عند انعدام شرطه مما لايدخله ريب، والمفروض الشك في شمول تلك الادلة الدالة على سقوط خصوص الشرائط بالنسبة إلى مثل من يعرض المسقط، إذ لاأقل من كون المتيقن منها هو ما إذا لم يكن الشخص في حد نفسه قادرا على الشرط في مجموع

١١٢

الوقت، فبالنسبة إلى مثل هذا شاك في توجه التكليف إليه والاصل البراء‌ة، فالاقوى هو عدم وجوب الاداء على من علم بطرو المسقط قبل تمكنه من فعل الصلاة تامة الاجزاء والشرائط، فتأمل.

ثم على تقدير وجوب الاداء عليه لاوجه لوجوب القضاء عليه لو عصى وخالف، وذلك لان تبعية وجوب القضاء على الاداء إنما هوفيما إذا لم يقم دليل على سقوط القضاء، وفيما نحن فيه قام الدليل على سقوط القضاء، فإن مادل على أن مافوته الحيض والجنون لاقضاء عليه شامل لما نحن فيه، فإن الصلاة التامة الاجزاء والشرائط قد فوته الحيض فلا قضاء لها، والقول بقضاء الصلاة الفاقدة بديهي الفساد بعد تمكن المكلف من الصلاة التامة.

والحاصل: أن الصلاة التامة للشرائط لاقضاء لها من جهة أنها فاتت بسبب الحيض، والادلة ناطقة بعدم وجوب قضاء مافات بالحيض، وقضاء الصلاة الناقصة ضروري الفساد ولم يدعه أحد، ولايقاس ما نحن فيه بما إذا كان مكلفا بالصلاة الناقصة ففوتها عصيانا حيث يجب عليه قضاء الصلاة التامة بلا إشكال، لان التمامية والناقصية إنما هي من حالات المكلف كالجهر والاخفاف تدور مدار حال المكلف من التمكن وعدمه، ففي الوقت حيث لم يكن متمكنا إلا من الناقصة كانت هي الواجبة ليس إلا، وأما في خارج الوقت فحيث إنه متمكن من التامة كانت هي الواجبة أيضا ليس إلا، وذلك لان كون التمامية والناقصية من حالات المكلف مسلم، إلا أن العصيان لم يكن مسقطا للقضاء كما كان الحيض مسقطا له.

والحاصل: أن الفرق بين العصيان والحيض هو قيام الدليل على عدم قضاء مافات بالحيض.

فالاقوى أنه وإن قلنا بوجوب الاداء على من علم بطرو المسقط لايجب عليه القضاء، فتأمل.

هذا كله بالنسبة إلى أول الوقت.

١١٣

وأما آخر الوقت فيمتاز عن أوله أنه إذا أدرك مقدار خمس ركعات مع سائر الشرائط كان يجب عليه الاداء قطعا لقاعدة " من أدرك " وإن خالف كان عليه القضاء أيضا قطعا، وهذا بخلاف أول الوقت، فإنه لابد في وجوب الاداء والقضاء من إدراك ثمان ركعات من سائر الشرائط، لعدم جريان قاعدة " من أدرك " بالنسبة إلى أول الوقت، لاختصاص أدلتها بآخره كما لايخفى.

وأما لو أدرك من آخر الوقت دون ذلك فالكلام فيه الكلام في أوله أداء وقضاء، أما عدم وجوب القضاء عليه لو خالف فلجريان عين ما ذكرناه في أول الوقت فيه أيضا بلا تفاوت، وأما عدم وجوب الاداء عليه، فلانه وإن لم تجر العلة التي ذكرناها في أول الوقت فيه، لان من أفاق في آخر الوقت بمقدار لايمكنه فعل الصلاة مجتمعة للشرائط أو طهرت الحائض كذلك فقد استوعب عذره تمام الوقت، فيكون مشمولا لتلك الادلة الدالة على سقوط الشرائط عند عدم التمكن منها في مجموع الوقت، وإن كان يمكن أن يدعى أن تلك الادلة مقصورة بما إذا كان الشخص غير متمكن من فعل الشرط في حد نفسه في مجموع، لاما إذا كان متمكنا منه وكان جهة عذره من جهة انتفاء ما هو شرط التكليف من العقل والخلو عن الحيض، إلا أن الانصاف أن قصر تلك الادلة بذلك مشكل.

نعم يمكن أن يقال: إن الشرائط المأخوذة في لسان الادلة شرط للتكليف، كالعقل والبلوغ والخلو عن الحيض، لها دخل في الملاك وما هو جهة التكليف من المصالح والمفاسد، فحينئذ الصلاة التامة للشرائط لاملاك لها مع استيعاب الحيض والجنون إلى قريب من آخر الوقت، ولادليل على ثبوت الملاك في الصلاة الناقصة، فلاطريق إلى إثبات وجوب الاداء على مثل هذا، فتأمل فإن هذا أيضا لايتم إلا بعد القول بعدم شمول تلك الادلة الدالة على ثبوت التكليف بالناقص

١١٤

مع عدم التمكن من التام، كقولهعليه‌السلام " الصلاة لاتترك بحال "(١) وأمثال ذلك لما نحن فيه، وعليه لاحاجة إلى هذا البيان، وأما بعد الاعتراف بشمول تلك الادلة له فنفس تلك الادلة تكفي في ثبوت الملاك والتكليف بالناقص، فتأمل فتأمل(٢) فإن المسألة مشكلة، وعلى أي حال على تقدير القول بوجوب الاداء على مثل هذا الشخص لادليل على ثبوت القضاء عليه بالبيان المتقدم في أول الوقت.

ولافرق فيما ذكرنا بين الطهارة المائية وسائر الشرائط، فكما أنه يعتبر في آخر الوقت القدرة على الطهاررة المائية، كما ورد به النص في باب الحيض واعترف به الخصم، كذلك يعتبر القدرة على سائر الشرائط.

بل يمكن أن يستدل على اعتبار القدرة على جميع الشرائط في آخر الوقت بمصححة عبيد بن زرارة: أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة معينة ففرطت فيها حتى تدخل وقت صلاة اخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها، وإن رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك فجاز وقت الصلاة ودخل وقت صلاة اخرى فليس عليها قضاء(٣) .

بناء على أن يكون المراد من قوله " قامت في تهيئة ذلك " هو القيام في تهيئة مقدمات الصلاة لاخصوص الغسل، وإن كان ربما يأباه صدره، فتأمل. بل يمكن أن يقال بدلالة رواية محمد بن مسلم على اعتبار التمكن من جميع الشرائط في أول الوقت أيضا، فإن فيها عن أحدهماعليهما‌السلام قال قلت: المرأة ترى الطهر عند الظهر، فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر، قال: تصلي العصر وحدها، فإن ضيعت فعليها صلاتان(٤) .

____________________

(١) الوسائل: ج ٣ ص ١٧٥ باب ٣٩ من أبواب المواقيت، ح ٤.

(٢) هكذا في الاصل والظاهر ان الثانية زائدة.

(٣) الوسائل: ج ٢ ص ٥٩٨ باب ٤٩ من أبواب الحيض، ح ١، وفيه اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الاحكام: ج ١ ص ٨٩ باب ١٩ من أبواب الحيض والاستحاضة والنفاس، ح ٢٣. [ * ]

١١٥

بتقريب أن يقال: إن المراد من دخول وقت العصر هو دخول الوقت الاختصاصي لها، فيصير المعنى حينئذ أن المرأة إذا طهرت من حيضها في أول الزوال فقامت تشتغل في شأنها من الغسل وتهيئة سائر الشرائط، فلم يسع وقت صلاة الظهر لجميع ذلك حتى دخل وقت صلاة العصر، فقالعليه‌السلام : لايجب عليها إلا صلاة العصر وحدها، فيستداد منه أنه يعتبر في تكليفها بصلاة الظهر أن يسع الوقت لتهيئة جميع الشرائط التي كانت فاقدة لها، فلو لم يسع الوقت لذلك لم تكن مكلفة بالصلاة.

والاستدلال بهذا أيضا مبني على أن يكون المراد من الاشتغال بشأنها هو الاشتغال بالغسل وسائر الشرائط، لاخصوص الغسل أو هو مع طهارة بدنها من لوث الحيض، وأن يكون المراد من دخول وقت صلاة العصر هو الوقت الاختصاصي لها لا الوقت الفضلي كما هو الظاهر منه، إذ يبعد أن يطول زمان الاشتغال بشأنها إلى الوقت الاختصاصى للعصر مع أنها رأت الطهر في أول الوقت، كما هو الظاهر من قول السائل " رأت الطهر عن الظهر " وعليه يسقط الاستدلال بالرواية بالكلية لعدم العمل بها، بداهة أنه مجرد دخول وقت الفضلي للعصر لايوجب عدم تكليفها بالظهر إلا بناء على القول بأن آخر وقت الاجزائي للظهر هو المثل، فالرواية تنطبق على هذا المذهب، فتأمل فإن الاستدلال بالرواية لما نحن فيه لايخلو عن شئ.

إلا أنه لاحاجة إلى هذه الروايات، فإنا في غنى عنها بعد ما ذكرنا من أن عدم وجوب الاداء والقضاء عليها إنما هو مقتضى القاعدة، فللخصم من إقامة الدليل على الوجوب وهو مفقود، وإن كان ربما يستدل له بإطلاق بعض الاخبار، كخبر ابن الحجاج عن امرأة طمثت بعدما تزول الشمس ولم تصل الظهر، هل

١١٦

عليها قضاء تلك الصلاة؟ قال: نعم(١) .

فإن إطلاق السؤال يعم ما إذا لم يمض من الوقت بمقدار فعل الصلاة التامة، ولكن الانصاف انصرافه إلى مضي ذلك المقدار، فتأمل. ثم إنه لافرق فيما ذكرنا بين الحيض والبلوغ والجنون وغير ذلك من شرائط التكليف. نعم هنا كلام آخر في خصوص البلوغ ينبغي التنبيه عليه، وهو أنه لو بلغ في اثناء الصلاة أو بعدها في سعة الوقت وقلنا بشرعية عبادة الصبي، فهل يجب عليه الاتمام في الاولى بلا إعادة والاجتزاء في الثانية، أو لايجزي بل يجب عليه إعادة الصلاة فيما إذا بلغ بعد الصلاة واستثنافها فيما إذا بلغ في أثنائها؟ وهنا احتمال آخر وهو إمام الصلاة التي بيده وجوبا أو ندبا ثم إعادتها.

وتنقيح البحث هو أن الكلام في المقام إنما هو بعد الفراغ عن شرعية عبادة الصبي واستحبابه، إذ لاموضوع لهذا البحث بناء على التمرينية، فإنه لاإشكال في عدم الاجتزاء بها، سواء بلغ في الاثناء أو بعد الفراغ، وليس له إتمامها إذابلغ في الاثناء وإن احتمله بعض لفوات موضوع التمرين بالبلوغ، وينقلب موضوع التمرين إلى الوجوب وتصير الصلاة واجبة عليه، فلاسبيل إلى القول بإتمامها تمرينا.

ثم إنه اختلفت كلمات الاصحاب في الحج وفي باب الصلاة والصيام، ففي باب الحج ذهب المشهور إلى أنه لو بلغ الصبي بعد تلبسه بالحج قبل الوقوف بالمشعر أجزأه عن حجة الاسلام، ولايحتاج إلى إعادة الافعال السابقة، وأما في باب الصلاة فقد ذهب المشهور إلى خلاف ذلك، وقالوا: إنه لو بلغ الصبي في

____________________

(١) الوسائل: ج ٢ ص ٥٩٧ باب ٤٨ من أبواب الحيض، ح ٥ وفيه اختلاف يسير. [ * ]

١١٧

الاثناء فلا يعتد بالافعال السابقة ويجب عليه استئنافها.

فقد يتخيل أنه لاوجه لهذا التفصيل مع كون البابين من واد واحد، إلا أن الانصاف أنه ليس كذلك، ويختلف باب الحج عن باب الصلاة، فإن في باب الحج بعد ما لوحظ كل فعل فيه على جهة الاستقلالية، ولذا يحتاج إلى تجديد النية عند كل فعل، وبعد كون حجة الاسلام ليست من الامور القصدية كالظهرية والعصرية، بل هي تدور مدار اجتماع شرائط حجه الاسلام على المكلف، فلو كان واجدا لها يكون حجه حجة الاسلام، وإن كان فاقدا لها لاتكون حجة الاسلام، وبعد ورود النص في أن العبد إذا اعتق قبل الوقوف بالمشعر أجزأه عن حجه الاسلام(١) ، وفهم وحدة المناط بين اشتراط الحرية واشتراط البلوغ وليس ذلك من باب القياس، يكون الاجتزاء بالحج الذي بلغ في أثنائه عن حجة الاسلام على القاعدة، بخلاف باب الصلاة فإن تطبيقه على القاعدة يحتاج إلى مؤنة اخرى سيأتي التعرض لها.

والحاصل: أنه فرق بين باب الحج وبين باب الصلاة، فإن في باب الحج بعد ورود النص الصحيح بأن العبد إذا اعتق قبل الوقوف أجزأ حجه عن حجة الاسلام، وبعد اتحاد المناط في العبد والصبي كما فهمه الاصحاب يكون

الحكم كما ذكره المشهور، فإن ما أوقعه الصبي قبل بلوغه ولو كان على جهة الندبية إلا أنه ندبية البعض لاينافي وجوب الآخر وهو سائر أفعال الحج التي تقع منه بعد البلوغ، لعدم ارتباطية الافعال بعضها مع بعض من هذه الجهة، فمجرد وقوع الاحرام مثلا ندبا لاينافي وقوع الوقوف مثلا وجوبا، وكذا وقوع الاحرام لاعن حجة الاسلام لاينافي وقوع الاحرام عنه بعد ما لم تكن حجة الاسلام من

____________________

(١) الوسائل: ج ٨ ص ٣٥ باب ١٧ من أبواب وجوب الحج، ح ١ و ٤ من كتاب الحج. [ * ]

١١٨

العناوين القصدية، وحينئذ لو قام الدليل على عدم لزوم اجتماع شرائط الوجوب عند أول فعل من أفعال الحج بل يكفي اجتماعها عند الوقوف، كان اللازم هو القول بالصحة والاكتفاء به عن حجة الاسلام كما قاله المشهور.

وهذا بخلاف باب الصلاة، لان المفروض ارتباطية أفعالها بعضها مع بعض، وفقدان النص على كفاية تحقق شرائط الوجوب في بعضها، كان مقتضى القاعدة هو البطلان وعدم الاجتزاء بها إلا بعناية اخرى، وهي أن يقال: إن ما هو الملاك في تكليف البالغ بالصلاة وإلزامه بها هو الموجب لتكليف الغير البالغ بالصلاة استحبابا من دون أن يكون تفاوت بينهما في ذلك، فالمصلحة القائمة بصلاة الظهر لاتختلف بحسب الكمية، سوى أنها في غير البالغ تقتضي الاستحباب وفي البالغ تقتضي الوجوب والالزام.

وحينئذ يمكن أن يقال بأنه لو بلغ الصبي في أثناء الصلاة بما لايوجب نقض الطهارة لكان اللازم عليه تتميم الصلاة بلاحاجة إلى الاستئناف والاعادة، وكذا لو بلغ بعد الصلاة، أما إذا كان بلوغه بعد الصلاة فواضح، فإن تمام ما هو المصلحة القائمة في صلاة الظهر قد استوفاها، فلايبقى حينئذ موضوع للامر الوجوبي بالصلاة ثانيا، فلو قيل مع ذلك بوجوب الصلاة عليه ثانيا لكان مساوقا للقول بالتكليف بشئ بلا أن يكون هناك ما يوجب التكليف به، وأما إذا بلغ في الاثناء فكذلك أيضا، لان المفروض أنه لم يتبدل حقيقة المأمور به بالبلوغ ولاحقيقة الامر، بل إنما تبدل صفة الامر، لاسقوط أمر عن ملاك وثبوت أمر آخر عن ملاك آخر، فحينئذ الركعتان اللتان أتى بهما إلى الآن بوصف الاستحباب تكون تامة في المصلحة كما إذا كانت واجبة من أول الامر، وعند انضمام الركعتين الاخيرتين إليهما يسقط الامر.

والحاصل: أن مبنى القولين في المسألة من إتمام الصلاة التي بيده إذا بلغ في

١١٩

أثنائها والاكتفاء بها وعدم إعادة الصلاة التي بلغ بعدها، ومن عدم وجوب الاتمام ولزوم الاستئناف إذا بلغ في الاثناء وإعادة الصلاة إذا بلغ بعدها، إنما هو كون الملاك الذى امر لاجله بالصلاة هل هو متحد في البالغ والصبي، ويلزمه وحدة الامر والمأمور به وأن التفاوت إنما هو في صفة الامر من الوجوب والاستحباب، أو تغاير الملاك فيهما وأن المصلحة التي اقتضت أمر الصبي بالصلاة استحبابا مغايرة للمصلحه التي اقتضت أمر البالغ بالصلاة وجوبا، ويلزمه سقوط الامر الاستحبابي عند البلوغ لسقوط ملاكه وثبوت أمر آخر وجوبيا عنده لثبوت ملاكه؟ فلو قلنا بوحدة الملاك وأن التغاير إنما هو في الصفة فقط كان اللازم هو القول بعدم إعادة الصلاة لو بلغ بعدها وإتمام الصلاة إذا بلغ في أثنائها، لاستيفاء الغرض والمصلحة فلا يكون هناك ما يوجب تجدد الامر الوجوبي بالاعادة والاستئناف، ولو قلنا بتغاير الملاك كان اللازم هو إعادة الصلاة واستئنافها، لسقوط ما هو الموجب للاستحباب وثبوت ما هو الموجب للوجوب، ولايمكن القول حينئذ بالاجتزاء بالركعتين اللتين صلاهما استحبابا، لان ملاك الاستحباب لايمكن أن يكون مسقطا لما هو ملاك الوجوب، والامر الوجوبي الذي يتوجه عليه في أثناء الصلاة إنما هو الامر بتمام الصلاة من التكبيرة إلى التسليمة، إذ ليس هناك أمر سوى قوله تعالى: أقيموا الصلاة(١) وأمثال ذلك، والصلاة اسم لمجموع الافعال لاخصوص الركعتين اللتين بلغ عندهما كما هو واضح، هذا.

ولكن الانصاف أنه وإن قلنا بوحدة الملاك كما هو ليس بكل البعيد لايلزمنا القول بسقوط الاعادة لو بلغ بعدها ولزوم إتمام الصلاة التي بلغ في

____________________

(١) الروم: الآية ٣١. [ * ]

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: قد فعل هذا النبي فعلا ان تم لم يعص الله أبدا فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم؟ فلما قال المنافقون: انه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون؟ ـ يعنون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ صرخ إبليس صرخة يطرف فجمع أوليائه فقال: أما علمتم انى كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٥ ـ في مجمع البيان( لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ) أي ليزهقونك أي ليقتلونك ويهلكونك عن ابن عباس وكان يقرءها كذلك وقيل ليصرعونك عن الكلبي، وقيل يصيبونك بأعينهم عن السدي والكل يرجع في المعنى إلى الاصابة في العين، والمفسرون كلهم على انه المراد في الاية، وأنكر الجبائي ذلك وقال: ان اصابة العين لا تصح، قال علي بن عيسى الرماني: وهذا الذي ذكره غير صحيح لأنه غير ممتنع أن يكون الله تعالى اجرى العادة بصحة ذلك لضرب من المصلحة، وعليه إجماع المفسرين، وجوزه العقلاء فلا مانع منه، وجاء في الخبر ان أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله ان بنى جعفر تصيبهم العين فاسترقى لهم؟(١) قال: نعم لو كان شيء يسبق القدر لسبقه العين.

٦٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين: رقى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسنا وحسينا فقال: أعيذكما بكلمات الله التامة وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة، ومن شر كل عين لامة ومن شر حاسد إذا حسد، ثم التفت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا فقال: هكذا كان يعوذ إبراهيم إسماعيل وإسحاقعليهم‌السلام .

__________________

(١) الرقية: العوذة وهي التي تكتب وتعلق على الإنسان من العين والفزع والجنون واسترقاه: طلب ان يرقيه.

٤٠١

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أكثر من قراءة الحاقة فان قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله، لأنها انما نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعاوية ولم يسلب قاريها دينه حتى يلقى اللهعزوجل .

٢ ـ في مجمع البيان وروى جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أكثروا من قراءة الحاقة في الفرائض والنوافل فان قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله، ولم يسلب قاريها دينه حتى يلقى الله.

٣ ـ أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء سورة الحاقة حاسبه الله حسابا يسيرا.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ ) قال: الحاقة الحذر بنزول العذاب( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ ) قال: قرعهم بالعذاب( وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) أي باردة عاتية قال: خرجت أكثر مما أمرت به

٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خرجت ريح قط إلّا بمكيال إلّا زمن عاد فانها عتت على خزانها، فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد.

٦ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وأمّا الريح العقيم فانها ريح عذاب لا تلقح شيئا من الأرحام ولا شيئا من النبات، وهي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع وما خرجت منها ريح إلّا على قوم عاد حين غضب الله عليهم، فأمر الخزان ان يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم، قال: فعتت على الخزان فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، قال: فضج الخزان إلى اللهعزوجل من ذلك فقالوا: ربنا انها قد عتت عن أمرنا انا نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك

٤٠٢

وعمار بلادك قال: فبعث اللهعزوجل إليها جبرئيلعليه‌السلام فاستقبلها بجناحه فردها إلى موضعها وقال لها: أخرجى على ما أمرت به، قال: فخرجت على ما أمرت به وأهلكت قوم عاد وكل من حضرتهم.

٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عثمان بن عيسى رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الأربعاء يوم نحس مستمر لأنه أول يوم وآخر يوم من الأيام التي قال اللهعزوجل ( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ) .

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ) قال: كان القمر منحوسا بزحل( سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ) حتى هلكوا، قوله: و( جاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ ) المؤتفكات البصرة والخاطئة فلانة وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً ) والرابية التي أربيت على ما صنعوا.

وقوله:( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) يعنى أمير المؤمنين وأصحابه

٩ ـ في كتاب معاني الأخبار خطبة لعليٍّعليه‌السلام يذكر فيها نعم اللهعزوجل عليه وفيها يقولعليه‌السلام : ألآ وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، إلى قوله: وانا الاذن الواعية يقول اللهعزوجل :( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قول اللهعزوجل :( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَة ) قال: دعوت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ.

١١ ـ في مجمع البيان( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) روى الطبري باسناده عن مكحول انه لـمّا نزلت هذه الآية قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أللّهم اجعلها اذن على ثم قالعليه‌السلام : فما سمعت شيئا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنسيته.

١٢ ـ وروى باسناده عن عكرمة عن بريدة الأسلمي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ إنّ الله تعالى أمر في أن أدنيك ولا أقصيك، وان أعلمك وتعى وحق

٤٠٣

على الله ان تعى، فنزل:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٣ ـ وأخبرنى بما كتب إلى بخطه المفيد أبو الوفاء عبد الجبار إلى قوله: قال: سمعت أبا عمر وعثمان بن الخطاب المعمر المعروف بأبي الدنيا الأشج قال: سمعت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: لـمّا نزلت( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سألت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ.

١٤ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليٍّعليه‌السلام عند نزول هذه الاية: سألت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ ، قال: فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي ان انسى.

١٥ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) بعد أن ذكر علياعليه‌السلام فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: انه المراد بقوله تعالى:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٦ ـ في بصائر الدرجات محمد بن عيسى عن أبي محمد الأنصاري عن صباح المزني عن الحارث بن حضيرة المزني عن الأصبغ بن نباتة عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال في حديث طويل: انا الذي انزل الله في( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) فانا كنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبرنا بالوحي فأعيه ويفوتهم، فاذا خرجنا «قالوا ماذا قال آنفا».

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم و( حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ) قال: وقعت فدك بعضها على بعض.

١٨ ـ في أصول الكافي باسناده إلى يحيى بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا نزلت( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هي اذنك يا عليُّ.

١٩ ـ في إرشاد المفيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلّا نشر، ولا حي إلّا مات إلّا ما شاء الله، ثم يصاحب بهم صيحة اخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وينشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال عز من قائل:( وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها ) .

٢٠ ـ في نهج البلاغة وليس في أطباق السموات موضع إهاب إلّا وعليه ملك

٤٠٤

ساجد أو ساع حافد(١)

٢١ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود علياعليه‌السلام عن الواحد إلى المأة قال له اليهودي: فربك يحمل أو يحمل؟ قال: إنّ ربي يحمل كل شيء بقدرته، ولا يحمله شيء، قال: فكيف قولهعزوجل :( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، فكل شيء على الثرى، والثرى على القدرة، والقدرة، تحمل كل شيء.

٢٢ ـ عن حفص بن غياث النخعي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ حملة العرش لكل واحد منهم ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا.

٢٣ ـ وعن الصادقعليه‌السلام قال: إنّ حملة العرش أربعة: أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لبني آدم، والثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير، والثالث على صورة الأسد يسترزق الله للسباع، والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم، ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل، فاذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى زاذان عن سلمان الفارسي انه قال: سأل بعض النصارى أمير المؤمنينعليه‌السلام عن مسائل فأجابه عنها، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرنى عن ربك أيحمل أو يحمل؟ فقالعليه‌السلام : ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل، قال النصراني: وكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) ؟ فقال علىعليه‌السلام : ان الملائكة تحمل العرش وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر، وربكعزوجل مالكه، لا انه عليه ككون الشيء على الشيء، وامر الملائكة بحمله يحملون العرش بما أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقت رحمك الله.

٢٥ ـ عن علي بن الحسينعليهما‌السلام حديث طويل في صفة خلق العرش وفيه يقول

__________________

(١) الإهاب: الجلد. والحافد. المسرع.

٤٠٥

عليه‌السلام : له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلّا اللهعزوجل ،( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) .

٢٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: أخبرني عن قوله:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) فكيف قال ذاك وقلت: انه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان العرش خلقه الله تعالى من أنوار اربعة، نور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور اصفر منه اصفرت الصفرة، ونور ابيض منه ابيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة، وذلك نور من عظمته فبعظمته ونوره ابصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماء والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتشتتة(١) فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياتا ولا نشورا، فكل شيء(٢) محمول، والله تبارك وتعالى الممسك لهما ان تزولا والمحيط بهما من شيء وهو حياة كل شيء ونور كل شيء سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، وليس يخرج عن هذه الاربعة شيء خلق الله في ملكوته، وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليلهعليه‌السلام ، فقال:( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) وكيف يحمل حملة عرش الله وبحياته حييت قلوبهم، وبنوره اهتدوا إلى معرفته؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال له أبو قرة ـ وقد قالعليه‌السلام : والمحمول ما سوى الله ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول ـ فانه قال:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ

__________________

(١) وفي المصدر «والأديان المشتبهة».

(٢) ضمائر التثنية ـ على ما قيل ـ ترجع إلى السماوات والأرض.

٤٠٦

رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) وقال:( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ) فقال أبو الحسنعليه‌السلام : العرش ليس هو الله والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كل شيء ثم أضاف الحمل إلى غيره: خلق من خلقه(١) لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨ ـ محمد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حملة العرش ـ والعرش: العلم ـ ثمانية: اربعة منا واربعة ممن شاء الله.

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا.

وفي حديث آخر قال: حملة العرش ثمانية اربعة من الأولين واربعة من الآخرين، فاما الاربعة من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأمّا الآخرون فمحمّد وعليٌّ والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ومعنى يحملون يعنى العلم.

٣٠ ـ في مجمع البيان( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) من الملائكة عن ابن زيد وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انهم اليوم أربعة. فاذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة اخرى فيكونون ثمانية.

٣١ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) وروى من طريق المخالفين في قوله( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلّا لله، لكل ملك منهم أربعة وجوه، لهم قرون كقرون الوعلة من أصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام، والعرش على قرونهم، وأقدامهم في الأرض السفلى، و

__________________

(١) قال المجلسي (عليه السلام): قوله «خلق» بالجر بدل من غيره وأشار بذلك إلى ان الحامل لـمّا كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالى، قوله: «وهم حملة علمه» أي وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضا، أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا.

٤٠٧

رؤسهم في السماء العليا ودون العرش سبعون حجابا من نور.

٣٢ ـ في محاسن البرقي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان حملة العرش لـمّا ذهبوا ينهضون بالعرش لم يستقلوه فألهمهم الله: لا حول ولا قوة إلّا بالله فنهضوا به.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل فيه وقد ذكر عظمة العرش ما تحمله الاملاك إلّا بقول لا إله إلّا الله ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

٣٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وأمّا قوله:( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ) فانه قال الصادقعليه‌السلام كل امة يحاسبها امام زمانها ويعرف الائمة أوليائهم وأعداهم بسيماهم وهو قوله( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ ) وهم الائمة( يَعْرِفُونَ «كُلًّا بِسِيماهُمْ ) فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم، فيمروا إلى الجنة بلا حساب، ويعطوا أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب ؛ فاذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم( هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) .

٣٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأمّا قوله:( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) يعنى يتيقنوا انهم داخلوها وكذلك قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وأمّا قوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهو ظن شك وليس ظن يقين.

٣٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وأمّا قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وقوله:( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فان قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) يقول. انى ظننت انى ابعث فأجاب وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهذا الظن ظن شك، وليس الظن ظن يقين، والظن ظنان ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك فافهم ما فسرت لك.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول.

٤٠٨

٣٨ ـ في مجمع البيان:( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ) وقد ورد الخبر عن عطاء بن يسار عن سلمان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنة أحد إلّا بجواز( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه( جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ ) .

قال عز من قائل:( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ) .

٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن مرة عن ثوبان قال: قال يهودي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها؟ قال: كبد الحوت قال: فما شرابهم على اثر ذلك؟ قال: السلسبيل قال: صدقت. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ وباسناده إلى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لعبد الله بن سلام وقد سأله عن مسائل: وأمّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت.

٤١ ـ في مجمع البيان وعن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا أبا القاسم تزعم ان أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: والذي نفسي بيده ان الرجل منهم ليؤتى قوة مأة رجل في الاكل والشرب والجماع، قال: فان الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة؟ فقال: عرق يفيض مثل ريح المسك فاذا كان ذلك ضمر له بطنه.

٤٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في الحاقة:( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ) إلى قوله( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) فهذا مشرك.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن محمد بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم قال: انى لأعرف ما في كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال، وأمّا كتاب أصحاب اليمين بسم الله الرحمن الرحيم وقوله:( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ) قال: نزلت في معاوية فيقول: «( يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ

٤٠٩

ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ) يعنى الموت( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ) يعنى ماله الذي جمعه هلك عنى سلطانية أي حجته فيقال:( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ) أي أسكنوه( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ) قال: معنى السلسلة السبعون ذراعا في الباطن هم الجبابرة السبعون.

٤٤ ـ حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا ؛ وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال اللهعزوجل :( فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) وكان فرعون هذه الامة.

٤٦ ـ في بصائر الدرجات على عن العباس بن عامر عن أبان عن بشير النبال عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال كنت خلف أبي وهو على بغلة فنفرت بغلته فاذا شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه، فقال: يا عليّ بن الحسين اسقني، فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه الله وكان الشيخ م ع وى ه.

٤٧ ـ الحجال عن الحسن بن الحسين عن ابن سنان عن عبد الملك القمّي عن إدريس أخيه قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: بينا أنا وابى متوجهان إلى مكة وأبى قد تقدمني في موضع يقال له ضجنان، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها، فقال لي: اسقني قال: فصاح بي أبي لا تسقه لا سقاه الله، ورجل يتبعه حتى جذب سلسلة جذبه وطرحه في أسفل درك من النار.

٤٨ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن علي بن المغيرة قال: نزل أبو جعفرعليه‌السلام بوادي ضجنان فقال ثلاث مرات: لا غفر الله لك، ثم قال لأصحابه: أتدرون لم قلت ما قلت؟ قالوا: لم قلت جعلنا الله فداك؟ قال: مر معاوية يجر سلسلة قد ادلى لسانه يسألني ان استغفر له وانه ليقال: ان هذا واد من اودية جهنم.

٤١٠

٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ) حقوق آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله التي غصبوها قال اللهعزوجل :( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ ) أي قرابة( وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) قال: عرق الكفار

٥٠ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قال:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يعنى جبرئيل عن الله في ولاية عليٍّ قلت:( وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) قال قالوا: ان محمدا كذب وما أمره الله بهذا في عليٍّ فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: إنّ ولاية عليٍّ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا ) محمد( بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) ثم عطف فقال: «إنّ ولاية عليٍّ لتذكرة للمتقين للعالمين( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) * وان علينا( لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) * وان ولايته( لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ ) يا محمد( بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) يقول: اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ في تفسير العياشي عن زيد بن الجهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي: لـمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علىعليه‌السلام فأظهر ولايته قالا جميعا: والله ما هذا من تلقاء الله ولا هذا إلّا شيء أراد أن يشرف به ابن عمه، فأنزل الله عليه:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) فلانا وفلانا( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) يعنى عليا( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) يعنى عليا( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) .

٥٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) قال: انتقمنا منه بقوة( ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) قال: عرق في الظهر يكون منه الولد ثم قال:( فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) يعنى لا يحجز الله عنه أحد ولا يمنعه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقوله:( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ )

٤١١

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أكثروا من قراءة سأل سائل فان من أكثر قراءتها لم يسأل الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد إنْ شاء الله.

٢ ـ في مجمع البيان وعن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أدمن قراءة سأل سائل لم يسأله الله يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه جنته مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ومن قرء سورة سأل سائل أعطاه الله ثواب( الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ، وَالَّذِينَ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ ) .

٤ ـ وأخبرنا السيد أبو الحمد إلى قوله: عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال: لـمّا نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا يوم غدير خم قال: من كنت مولاه فعلى مولاه طار ذلك في البلاد، فقدم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لنعمان بن الحارث الزهري فقال: أمرتنا عن الله ان نشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلوة والزكاة فقبلناها ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلى مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟ فقال: لا والله الذي لا إله إلّا هو ان هذا من الله فولى النعمان بن الحارث وهو يقول:( اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) ، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وانزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) .

٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى: «( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ) بولاية على( لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيلعليه‌السلام على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان

٤١٢

عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان فيك شبها من عيسى بن مريم إلى قوله: قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهدي فقال أللّهم ان كان هذا هو الحق من عندك ان بنى هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل(١) «فأرسل( عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ثم قال له: يا عمرو إمّا تبت وإمّا رحلت؟ فقال: يا محمد بل تجعل لساير قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس ذلك إليَّ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن ارحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت هامته(٢) ثم أتى الوحي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: «( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ) بولاية على( لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) قال: قلت: جعلت فداك انا لا نقرءها هكذا؟ فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمةعليها‌السلام فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، والحديث طويل مذكور في الزخرف عند قوله تعالى:( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ) الاية.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) قال: سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن معنى هذا فقال: نار تخرج من المغرب، وملك يسوقها من خلفها حتى تأتى دار بنى سعد بن همام عند مسجدهم فلا تدع دارا لبني امية إلّا أحرقتها وأهلها، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها وذلك المهديعليه‌السلام .

٨ ـ وفي حديث آخر لـمّا اصطفت الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يده فقال: أللّهم أقطعنا للرحم وآتنا بما لا نعرفه فاجئه العذاب، فأنزل الله تبارك وتعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) .

__________________

(١) هرق: اسم ملك الروم أراد بنى هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.

(٢) الجندلة واحدة الجندل ـ: الحجارة، ورضه: دقه. والهامة: رأس كل شيء.

٤١٣

٩ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الله عن محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي الحسنعليه‌السلام في قوله( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) قال: سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سالت عن عذاب واقع ثم كفر بان ذلك لا يكون فاذا وقع فليس( لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) قال:( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ ) في صبح ليلة القدر إليه من عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والوصي.

١٠ ـ في روضة الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل: قال فان للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقداره ألف سنة ثم تلا:( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) مما تعدون.

١١ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ألآ فحاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا، فانّ في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدّون، ثمّ تلا هذه الاية:( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) .

١٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسينعليهم‌السلام ان أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: وقد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه أسرى به( مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) مسيرة شهر وعرج به( فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ ) مسيرة خمسين الف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من آيات الكتاب وأمّا قوله: «( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ ) وقال صوابا» وقوله: «و( اللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) وقوله «و( يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) وقوله:( إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) وقوله:( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) وقوله:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) : فان ذلك في مواطن

٤١٤

غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة يجمع اللهعزوجل الخلائق في مواطن يتفرقون ويكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء وتعاونوا على الإثم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية البرائة يقول: فيبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمن:( كَفَرْنا بِكُمْ ) أي تبرأنا منكم ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو ان تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، ولتصدعت قلوبهم إلّا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون الدم، ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون:( وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فنشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم:( لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قولهعزوجل :( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) فيستنطقون( لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ) فيقوم الرسل صلوات الله عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى:( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) ثم يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو المقام المحمود، فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثنى على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلّا اثنى عليه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ يثنى على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثنى على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض وذلك قولهعزوجل :( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حق، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب، ثم يجتمعون في موطن آخر ويدان بعضهم من بعض ؛ وهذا كله قبل الحساب فاذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله

٤١٥

بركة ذات اليوم.

١٤ ـ وباسناده إلى زيد بن علي عن أبيه سيد العابدينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه سيد العابدينعليه‌السلام : وان لله تبارك وتعالى بقاعا في سمواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به اليه، ألا تسمع اللهعزوجل يقول:( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) . وفي الفقيه مثله سواء.

١٥ ـ في مجمع البيان( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) وروى أبو سعيد الخدري قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أطول هذا اليوم؟ فقال: والذي نفس محمد بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلوة مكتوبة يصليها في الدنيا.

١٦ ـ وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا، والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة.

١٧ ـ وعنهعليه‌السلام أيضا قال: لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقبل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ) أي لتكذيب من كذب ان ذلك يكون، قوله:( يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ) قال: الرصاص الذائب والنحاس، كذلك تذوب السماء وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله يبصرونهم يقول: يعرفونهم ثم لا يتساءلون.

١٩ ـ وقوله:( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ) وهي امه التي ولدته قوله: نزاعة للشوى قال: تنزع عينيه وتسود وجهه تدعو( مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ) قال: تجره إليها( إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ) قال الشر هو الفقر والفاقة( وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ) قال: الغنى والسعة وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ثمّ استثنى فقال: إلّا المصلين فوصفهم بأحسن أعمالهم الذين هم على صلوتهم دائمون يقول: إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه.

٤١٦

٢٠ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: لا يصلّي الرجل نافلة في وقت فريضة إلّا من عذر، ولكن يقضى بعد ذلك إذا امكنه القضاء، قال الله تعالى:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) يعنى الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار، وما فاتهم من النهار بالليل، لا تقضى النافلة في وقت فريضة، ابدء بالفريضة ثم صل ما بدا لك.

٢١ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ومحمد بن يحيى عن أحمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) قال: هي الفريضة، قلت:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قال: هي النافلة.

٢٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وانا شاب فوصف لي التطوع والصوم، فرأى ثقل ذلك في وجهي، فقال لي: ان هذا ليس كالفريضة من تركها هلك، انما هو التطوع ان شغلت عنه أو تركته قضيته، انهم كانوا يكرهون ان ترفع أعمالهم يوما تاما ويوما ناقصا، ان اللهعزوجل يقول:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) وكانوا يكرهون ان يصلوا حتى يزول النهار، ان أبواب السماء تفتح إذا زال النهار.

٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تعالى فرض للفقراء في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلّا بأدائها وهي الزكاة، بها حقنوا دماءهم وبها سموا مسلمين، ولكن الله تعالى فرض في اموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال سبحانه وتعالى و( الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ما له يجب عليه ان يفرضه على قدر طاقته وسعة ما له فيؤدى الذي فرض على نفسه ان شاء في كل يوم وان شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن

٤١٧

ابى المعزاء عن أبي بصير قال: كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ومعى بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان الزكاة ليس يحمد بها صاحبها انما هو شيء ظاهر انما حقن بها دمه وسمى بها مسلما ولو لم يؤدها لم تقبل له صلوة وان عليكم في أموالكم غير الزكاة فقلت: أصلحك الله وما علينا في أموالنا غير الزكاة فقال: سبحان الله اما تسمع اللهعزوجل يقول في كتابه:( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: قلت ما ذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو الشيء يعمله الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر غير انه يدوم عليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) أهو سوى الزكاة؟ فقال: هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال، فيخرج منه الالف والألفين والثلاثة الآلاف والأقل والأكثر فيصل به رحمه، ويحمل به الكل عن قومه.

٢٦ ـ عنه عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمان بن الحجاج عن القاسم بن عبد الرحمان الأنصاري قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام وقال له: أخبرني عن قول اللهعزوجل : «و( فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسينعليهما‌السلام : الحق المعلوم الشيء يخرجه من ما له ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين، فقال: وإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة فما هو؟ فقال: هو الشيء الذي يخرجه من ما له أن شاء أكثروا ان شاء أقل على قدر ما يملك، فقال له الرجل: فما يصنع به؟ قال: يصل به رحما ويقوى به ضعيفا ويحمل به كلا أو يصل به أخا له في الله، أو النائبة تنوبه فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

٢٧ ـ عنه عن ابن فضال عن صفوان بن الجمال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول

٤١٨

اللهعزوجل : للسائل والمحروم قال: المحروم المحارف(١) الذي قد حرم كدّيده في الشراء والبيع.

٢٨ ـ وفي رواية اخرى عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام انهما قالا: المحروم الرجل الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق وهو محارف.

٢٩ ـ علي بن محمد بن بندار وغيره عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن رجل من أهل ساباط قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لعمار: يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال: نعم جعلت فداك قال: فتؤدي ما افترض عليه من الزكاة؟ قال: نعم قال: فتخرج المعلوم من مالك؟ قال: نعم، قال: فتصل قرابتك؟ قال: نعم، قال فتصل إخوانك؟ قال: نعم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال: الحق المعلوم ليس الزكاة وهو الشيء تخرجه من مالك ان شئت كل جمعة وان شئت كل يوم، ولكل ذي فضل فضله.

٣١ ـ وروى عنه أيضا انه قال: هو ان تصل القرابة وتعطى من حرمك، وتصدق على من عاداك.

٣٢ ـ في محاسن البرقي وروى محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام إذا أتاه رجل من الشيعة ليودعه بالخروج إلى العراق، فأخذ أبو جعفرعليه‌السلام بيده ثم قال حدثه عن أبيه بما كان يصنع قال: فودعه الرجل ومضى فأتى الخبر بأنه قطع عليه فأخبرت بذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: سبحان الله أو لم أعظه؟ فقلت: بلى، ثم قلت: جعلت فداك إذا أنا فعلت ذلك اعتد به من الزكاة؟ قال: لا ولكن ان شئت ان يكون ذلك من الحق المعلوم.

٣٣ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :

__________________

(١) المحارف: المحروم المحدود الذي طلب فلا يرزق وهو خلاف قولك مبارك.

٤١٩

( وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) قال: بخروج القائمعليه‌السلام .

٣٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمر والزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد ان قال: وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وان يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو عمله، وهو من الايمان وذكر قوله تعالى:( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) إلى قوله: «ويحفظن فروجهن» وفسرها وكل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا هذه الآية فانها من النظر.

٣٥ ـ في الكافي باسناده إلى إسحاق بن أبي سارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عنها يعنى المتعة فقال لي: حلال فلا تتزوج إلّا عفيفة، إنّ اللهعزوجل يقول:( الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك.

٣٦ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : تحل الفروج بثلاثة وجوه: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك يمين.

٣٧ ـ في الكافي باسناده إلى الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : الذين هم على صلوتهم يحافظون قال: هي الفريضة قلت:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قال: هي النافلة.

٣٨ ـ في مجمع البيان( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام انه قال: أولئك أصحاب الخمسين صلوة من شيعتنا.

٣٩ ـ وروى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الفريضة، من صلاها لوقتها عارفا بحقها لا يؤثر عليها غيرها كتب الله له برارة لا يعذبه، ومن صلاها لغير وقتها مؤثرا عليها غيرها، فان ذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه.

٤٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل و

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749