تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين5%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356829 / تحميل: 4853
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٥٣ ـ في عيون الأخبار وفي باب آخر فيما جاء عن الرضا من الأخبار المجموعة باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ للهعزوجل عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت في الأرض السابعة السفلى، فاذا قال العبد: لا إله إلّا الله اهتز العرش وتحرك العمود وتحرك الحوت. فيقول الله تعالى: أسكن يا عرشي، فيقول: أي أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول الله تعالى: اشهدوا سكان سمواتى أني قد غفرت لقائلها.

٥٤ ـ في كتاب الخصال قال عليٌّعليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أما أقفال السماوات فالشرك بالله، ومفاتيحها قول لا إله إلّا الله.

٥٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن حمران عن أبي عبدالله قال ؛ من قال لا إله إلّا الله مخلصا دخل الجنة، وإخلاصه أنْ يحجزوه لا إله إلّا الله عما حرم اللهعزوجل .

وباسناده إلى زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٥٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن شبرمة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها ايمان؟ قال: لا أدري قال: هي لا إله إلّا الله أولها كفر وآخرها ايمان.

٥٧ ـ في مجمع البيان روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فهل عسيتم إنْ وليتم

٥٨ ـ وعن عليٍّعليه‌السلام :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) قال أبو حاتم: معناه أنْ تولّاكم الناس.

٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمان بن أبي عبدالله عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عمر لقى عليّاعليه‌السلام فقال: أنت الذي تقرء بهذه الاية: «بأيكم المفتون» تعرض بى وبصاحبي؟ قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أميّة «فهل عسيتم» إلى قوله «وتقطعوا أرحامكم» فقال عمر بنو أميّة أوصل للرحم منك ولكنك اثبت العداوة لبني أمية وبنى عدى وبنى تميم.

في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء

٤١

عن أبان عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن أبي العباس المكي مثله إلّا أنّ فيه فقال: كذبت، بنو أميّة إلخ.

٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابنا عن محمد بن مسلم، وأبى حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيهعليهما‌السلام قال: قال لي علي بن الحسين: يا بنى إياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب اللهعزوجل في ثلاث مواضع قال اللهعزوجل :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: في كتاب عليٍّعليه‌السلام : ثلاث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة، يبارز الله بها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٢ ـ عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم.

٦٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أظهر العلم واحترز العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وتقاطعت الأرحام هنا لك( لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) .

٦٤ ـ في مجمع البيان: أفلا يتدبرون القرآن قيل أفلا يتدبرون القرآن فيقضون ما عليهم من الحق عن أبي عبداللهعليه‌السلام وأبى الحسنعليه‌السلام .

٦٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن عبد الله بن يحيى عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا سليمان إنّ لك قلبا ومسامع وإنّ الله إذا أراد أنْ يهدى عبدا فتح مسامع قلبه، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبدا، وهو قول اللهعزوجل : أم على قلوب أغفالها.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن القاسم بن عبيد الكندي

٤٢

قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الفارس عن محمد بن علي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ) عن الايمان بتركهم ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ( الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ ) يعنى الثاني( وَأَمْلى لَهُمْ ) .

٦٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة وعلي بن عبدالله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى: «( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) فلان وفلان وفلان ارتدوا على الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام » قلت: في قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ) ما أنزل الله قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول اللهعزوجل الذي نزل به جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : «( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) في عليٍّعليه‌السلام ( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) قال: دعوا بني أميّة إلى ميثاقهم أنْ لا يصيروا الأمر فينا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إنْ أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شيء ولم يبالوا أنْ يكون الأمر فيهم، فقالوا:( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس أنْ لا نعطيهم منه شيئا، وقوله:( كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ) الآية.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله وأملى لهم قوله:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) هو ما افترض الله على خلقه من ولاية أمير المؤمنين سنطيعكم في بعض الأمر قال: دعوا بني أميّة إلى ميثاقهم إلّا يصيروا لنا الأمر بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا. وقالوا: إنْ أعطيناهم الخمس استغنوا به فقالوا:( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) أي لا تعطوهم من الخمس شيئا، فانزل الله على نبيه:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) ٦٩ ـ في مجمع البيان( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) والمروي عن أبي جعفر وابى عبداللهعليهما‌السلام انهم بنو أميّة كرهوا ما نزل الله في ولاية

٤٣

أمير المؤمنينعليه‌السلام

٧٠ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال الباقر (عليه السلام)( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) قال: كرهوا عليا وكان أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة، نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المسجد الحرام وبالجحفة ونجم.

٧١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب مرضات الناس بما أسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما، ومن اثر طاعة الله تعالى بما يغضب الناس كفاه الله تعالى عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغى كل باغ، وكان الله له ناصرا وظهرا.

٧٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الإسلام.

٧٣ ـ وبهذا الاسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من طلب مرضات الناس بما يسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما.

٧٤ ـ في كتاب التوحيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى وفيه: قال السائل فله رضا وسخط؟ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : نعم، وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين، وذلك أنّ الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين، وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا محتاجون إليه وإنّما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٥ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم أنّ رجلا سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام

٤٤

عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ قال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أنّ الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال معتمل(١) مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه واحد احدى الذات واحدى المعنى فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه، وينقله من حال إلى حال، فان ذلك صفة المخلوقين العاجزين والمحتاجين، وهو تبارك وتعالى القوى العزيز لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا محتاجون إليه انما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٦ ـ وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: سئلت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت له: يا ابن رسول الله أخبرنى عن اللهعزوجل هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين. ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

٧٧ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى أخفى اربعة في أربعة، رضاه في طاعته، فلا يستصغرن شيئا فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته فلا يستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ ) يعنى موالاة فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين «فأحبط أعمالهم» يعنى التي عملوها من الخيرات.

٧٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي عبيدة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال لي: يا أبا عبيدة خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم انا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف لحن القول ثم قرأ هذه الاية:( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )

٨٠ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى عليٍّعليه‌السلام انه قال: قلت أربع انزل الله تعالى تصديقى بها في كتابه، قلت المرء مخبو تحت لسانه فاذا

__________________

(١) أي يعمل بصفاته وآلاته

٤٥

تكلم ظهر، فأنزل الله:( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )

٨١ ـ في مجمع البيان وعن أبي سعيد الخدري قال: لحن القول بغضهم عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليّ بن أبي طالب، وروى مثل ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعن عبادة بن الصامت قال: كنا نبور(١) أولادنا بحب عليّ بن أبي طالب، فاذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشدة(٢) قال أنس: ما خفي منافق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد هذه الآية.

٨٢ ـ ـ وفيه قرأ أبي بكر ليبلونكم وما بعده بالياء وهو المروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) قال: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وشاقوا الرسول أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.

٨٤ ـ في عيون الأخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اختاروا الجنة على النار ولا تبطلوا أعمالكم تقذفوا في النار منكبين خالدين فيها أبدا.

٨٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال: لا إله إلّا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: الله أكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال رجل من قريش: يا رسول الله إنّ شجرنا في الجنة لكثير؟ قال: نعم، ولكن إياكم أنْ ترسلوا عليها نيرانا فتحرقونها، وذلك أنّ اللهعزوجل يقول:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ )

٨٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ) كافة( فَاجْنَحْ لَها ) قال :

__________________

(١) باره: جربه واختبره.

(٢) الرشدة ـ بالفتح والكسر ـ: ضد الزنية يقال: ولد لرشدة.

٤٦

هي منسوخة بقوله:( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ ) ٨٧ ـ في جوامع الجامع: ولن يتركم أعمالكم هو من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا أو حربته وحقيقته أفردته في حميمه أو ماله من الوتر وهو الفرد ومنه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فاتته صلوة العصر فكأنما وتر اهله وماله أي أفرد عنهما قتلا ونهبا.

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ويخرج أضغانكم قال: العداوة التي في صدوركم وان تتولوا يعنى عن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه يستبدل قوما غيركم قال: يدخلهم في هذا الأمر( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ) في معاداتكم وخلافكم وظلمكم لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حدثني محمد بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن جعفر عن السندي بن محمد عن يونس بن يعقوب عن يعقوب بن قيس قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا ابن قيس( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ) عنى أبناء الموالي المعتقين.

٨٩ ـ في مجمع البيان روى أبو هريرة أنّ أناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه؟ وكان سلمان إلى جنب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضربعليه‌السلام يده على فخذ سلمان فقال: هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس.

٩٠ ـ وروى أبو بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «ان تنولوا يا معشر العرب( يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) يعنى الموالي.

٩١ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قد والله أبدل خيرا منهم الموالي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حصنوا أموالكم ونسائكم وما ملكت ايمانكم من التلف بقراءة( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ) فانه إذا كان ممن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلايق: أنت من عبادي

٤٧

المخلصين، الحقوه بالصالحين من عبادي، وأدخلوه جنات النعيم، واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها فكأنما شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ وفي رواية فكأنه كان مع من بايع محمد تحت الشجرة. عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله في سفر فقال: نزلت على البارحة سورة هي أحب إلى من الدنيا وما فيها( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ) إلى قوله( وَما تَأَخَّرَ ) أورده البخاري في الصحيح.

٤ ـ قتادة عن أنس قال: لـمّا رجعنا من غزاة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكابة أنزل اللهعزوجل :( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد نزلت عليَّ آية هي أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها.

٥ ـ عبد الله بن مسعود قال أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحديبية فجعلت ناقته تثقل، فتقدمنا فانزل الله عليه:( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فأدركنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبه من السرور ما شاء الله، فأخبر انها نزلت عليه.

٦ ـ في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) حتى نزلت سورة الفتح، فلم يعد إلى ذلك الكلام.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: وكان إساف ونايله رجلا وامرأة عجوز شمطاء(١) تخمش وجهها تدعو بالويل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تلك نايلة يبست(٢) أنْ تعيد ببلادكم هذه

في مجمع البيان اختلف في هذا الفتح على وجوه أحدها أنّ المراد به فتح مكّة وعده الله ذلك عام الحديبية عند انكفائه منها عن انس وقتادة وجماعة من المفسرين.

__________________

(١) الشمطاء: التي خالط بياض رأسها سواد.

(٢) كذا.

٤٨

٨ ـ قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ستقف إنشاء الله عند قوله تعالى:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ) الآية على حديث عن الرضاعليه‌السلام وفيه يقولعليه‌السلام : فلما فتح الله تعالى على نبيه مكة قال له: يا محمد( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) .

رجعنا إلى كلام مجمع البيان إلى قوله: وثالثها أنّ المراد بالفتح هنا فتح خيبر عن مجاهد والعوفي وروى عن مجمع بن حارثة الأنصاري كان أحد القراء قال: شهدنا الحديبية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر(١) فقال بعض الناس لبعض: ما بال الناس؟ قالوا: اوحى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجنا نوجف فوجدنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واقفا على راحلته عند كراع الغميم(٢) فلما اجتمع الناس إليه قرء( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً ) السورة فقال عمر: افتح هو يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده، انه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل فيها أحد إلّا من شهدها.

٩ ـ في جوامع الجامع وقيل: هو فتح الحديبية، فروى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا رجع من الحديبية قال رجل من أصحابه: ما هذا الفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا، فقالعليه‌السلام : بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتوح، قد رضى المشركون أنْ يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألوكم القضية ورغبوا إليكم في الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا.

وعن الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أنّ المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، كثر بهم سواد الإسلام، والحديبية بئر نفد ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة فأتاها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس على شفيرها(٣) ثم دعا بإناء من ماء فتوضى ثم

__________________

(١) هزه: حركه. والأباعر جمع بعير.

(٢) كراع الغميم: وواد بينه وبين المدينة نحو من مأة وسبعين ميلا، وبينه وبين مكة نحو ثلاثين ميلا.

(٣) الشفير: ناحية كل شيء.

٤٩

تمضمض ومجه(١) فيها ففارت بالماء حتى أصدرت جميع من معه وركابهم.

وعن سالم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر: كم كنتم تحت الشجرة؟ قال(٢) كنا ألفا وخمسمائة وذكر عطشا أصابهم قال: فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون، قال فشربنا ووسعنا وكفانا ولو كنا مأة ألف كفانا.

١٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أحمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن بنت الياس عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ عليّ بن الحسينعليه‌السلام لـمّا حضرته الوفاة أغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ:( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) «و( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً ) وقال:( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ) ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

١١ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن محمد الباقرعليه‌السلام قال: كنت عند علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا أتاه رجل من بني أميّة من شيعتنا، فقال له: يا ابن رسول الله ما قدرت أنْ أمشى إليك من وجع رجلي، قال: أين أنت من عوذة الحسين بن عليعليه‌السلام ؟ قال: يا ابن رسول الله وما ذاك؟ قال آية( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ

__________________

(١) مج الماء من فيه: رمى به.

(٢) التور: إناء صغير.

٥٠

مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) قال: ففعلت ما أمرنى به، فما حسست بعد ذلك بشيء منها بعون الله تعالى.

١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان سبب نزول هذه الآية وهذا الفتح العظيم أنّ الله جلّ وعز أمر رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم أنْ يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا بالبدن، وساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة وقد ساق من ساق منهم الهدى معرات(١) مجللات، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن وليد في مأتى فارس كمينا يستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يعارضه على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلوة الظهر فاذن بلال فصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلوة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون صلوتهم ولكن تجيء الآن لهم صلوات اخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فاذا دخلوا في الصلوة أغرنا عليهم فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بصلوة الخوف في قولهعزوجل :( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) الآية وهذه الآية في سورة النساء وقد كتبنا خبر صلوة الخوف فيها، فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبية وهي على طرف الحرم، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستنفر الاعراب في طريقه، فلم يتبعه أحد ويقولون: أيطمع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه أنْ يدخل الحرم أو قد غزتهم قريش في عقر ديارهم(٢) فقتلوهم، أنه لا يرجع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه إلى المدينة أبدا، فلمّا نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبيّة خرجت قريش يحلفون باللّات والعزّى لا يدعون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل مكّة وفيهم عين تطرف فبعث إليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّى لم آت لحرب وإنّما جئت لأقضي مناسكي وانحر بدني وأخلى بينكم وبين لحمانها(٣) ، فبعثوا عروة بن

__________________

(١) أي كانت بعضها عرات وبعضها مجللات.

(٢) عقر الدار: أصلها ووسطها.

(٣) اللحمان جمع اللحم.

٥١

مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه:( وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) فلما أقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عظم ذلك وقال: يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العوذ المطافيل(١) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة، فان مكة حرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أنْ تبيد أهلك(٢) وقومك يا محمد، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما جئت لحرب وإنّما جئت لا قضى مناسكي وانحر بدني وأخلى بينهم وبين لحمانها فقال عروة: والله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش فأخبرهم فقالت قريش: والله لئن دخل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو، فلما نظر إليهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال ويح قريش قد نهكتهم الحرب(٣) الاخلوا بيني وبين العرب، فان أك صادقا فانما آخذ الملك لهم مع النبوة، وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب(٤) لا يسألني اليوم امرء من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلّا أجبتم اليه، فلما وافوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا: يا محمّد لم لا ترجع عنا عامك هذا إلى أنْ تنتظر إلى ما يصير أمرك وأمر العرب [على أنْ ترجع من عامك] فان العرب قد تسامعت بمسيرك فاذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضى نسكك وتنصرف عنا، فأجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك وقالوا له: ترد إلينا من جاءكم من رجالنا، ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه، ولكن على أنّ المسلمين بمكّة لا يؤذون في اظهارهم الإسلام، ولا

__________________

(١) قال الجزري: يريد النساء والصبيان. والعوذ في الأصل جمع عائذ وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها، والمطافيل: الإبل مع أولادها، يريد انهم جاؤا بأجمعهم كبارهم وصغارهم.

(٢) أي تهلكهم.

(٣) أي أضرت بهم وأثرت فيهم.

(٤) الذؤبان: الصعاليك واللصوص.

٥٢

يكرهون ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرايع الإسلام، فتقبلوا ذلك، فلما أجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصلح أنكر عامة أصحابه وأشد ما كان إنكارا عمر فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال: نعم، قال: فنعطى الذلة في ديننا؟ فقال: إنّ اللهعزوجل قد وعدني ولن يخلفني، فقال: لو أنّ معى أربعين رجلا لخالفته، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبرهم بالصلح، فقال عمر: يا رسول الله ألم تقل لنا أنْ ندخل المسجد الحرام ونحلق من المحلقين؟ فقال: أمن عامنا هذا وعدتك؟ وقلت لك أنّ اللهعزوجل وعدني أنْ أفتح مكّة وأطوف وأسعى وأحلق مع المحلقين، فلما أكثروا عليه قال: إنْ لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب، وحملوا عليهم، فانهزم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هزيمة قبيحة ومروا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتبسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال: يا عليُّ خذ السيف وأستقبل قريشا، فأخذ أمير المؤمنين صلوات الله عليه سيفه وحمل على قريش، فلما نظروا إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه تراجعوا ثمّ قالوا: يا عليُّ بدا لمحمّد فيما أعطانا فقالعليه‌السلام : لا وتراجع أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألستم أصحابى يوم بدر إذ أنزل اللهعزوجل فيكم:( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) ألستم أصحابى يوم أحد( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ ) ألستم أصحابى يوم كذا؟ ألستم أصحابى يوم كذا؟ فاعتذروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وندموا على ما كان منهم، وقالوا: الله اعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك ورجع حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالا: يا محمد قد أجابت قريش إلى ما اشترطت، من إظهار الإسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمكتب ودعا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال له أكتب فكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: لا نعرف الرحمن أكتب كما كان يكتب آباؤك: باسمك اللهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أكتب باسمك اللهم، فانه اسم من أسماء الله، ثم كتب: هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله والملاء من قريش فقال

٥٣

سهيل بن عمرو: لو نعلم انك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما حاربناك ؛ اكتب: هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله أتأنف من نسبك يا محمد؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا رسول الله وان لم تقروا، ثم قال: أمح يا عليُّ واكتب محمّد بن عبدالله فقال أمير المؤمنين: ما أمحو اسمك من النبوة أبدا، فمحاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده ثمّ كتب: هذا ما اصطلح به محمّد بن عبدالله والملأ من قريش وسهيل بن عمرو، اصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على أنْ يكف بعضنا عن بعض، وعلى أنه لا اسلال ولا أغلال(١) وان بيننا وبينهم عيبة مكفوفة(٢) وان من أحبّ أنْ يدخل في عهد محمّد وعقده فعل، ومن أحبّ أنْ يدخل في عهد قريش وعهدها فعل، وأنه من أتى محمّدا بغير اذن وليه يرد إليه وانه من أتى قريشا من أصحاب محمّد لم ترده إليه، وأنْ يكون الإسلام ظاهرا ولم يكره أحدا على دينه ولا يؤذى ولا يعير، وان محمدا يرجع عنهم عامة هذا وأصحابه ؛ ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة أيام لا يدخل عليها بسلاح إلّا سلاح المسافر السيوف في القرب(٣) وكتبه عليّ بن أبي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ انك أبيت أنْ تمحو اسمى من النبوة ؛ فو الذي بعثني بالحق نبيا لتجيبن أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد(٤) فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب: هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين على بن

__________________

(١) الإسلال: السرقة الخفية، يقال: سل البعير أو غيره في جوف الليل: إذا انتزعه من بيل الإبل. والأغلال: الخيانة.

(٢) قال الجزري: أي بينهم صدر نقى من الغل والخداع مطوى على الوفاء بالصلح، والمكفوفة: المشرجة المشدودة. وقيل: أراد أنْ بينهم موادعة ومكافة عن الحرب تجريان مجرى المودة التي تكون بين المتصافين الذين يثق بعضهم إلى بعض.

(٣) قرب ـ بضمتين ـ جمع قراب ـ بالكسر ـ: الغمد وقيل: هو وعاء يكون فيه السيف بغمده وحمالته.

(٤) مض الرجل من الشيء مضيضا: الم من وجع المصيبة. والمضطهد: المقهور والمؤذى.

٥٤

ابى طالبعليه‌السلام ومعاوية بن أبي سفيان فقال عمرو بن العاص: لو علمنا انك أمير المؤمنين ما حاربناك، ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: صدق الله وصدق رسوله أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ثم كتب الكتاب قال: فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت: نحن في عهد محمد رسول الله وعقده وقامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش وعقدها، وكتبوا نسختين نسخة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونسخة عند سهيل بن عمرو، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه: انحروا بدنكم واحلقوا رؤسكم فامتنعوا وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتم لذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشكا ذلك إلى أم سلمة ؛ فقالت: يا رسول الله أنحر أنت وأحلق فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحلق، فنحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب، فقال رسول الله تعظيما للبدن: رحم الله المحلقين وقال قوم: أنسوق البدن يا رسول الله والمقصرين لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانيا: رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدى، فقالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ فقال: رحم الله المقصرين، ثم رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحو المدينة، فرجع إلى التنعيم(١) ونزلت تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح، واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم، وسألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يستغفر لهم، فنزلت آية الرضوان( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) .

١٣ ـ حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن علي بن نعمان عن علي بن أيوب عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول الله في كتابه:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) قال: ما كان له ذنب ولا هم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفر لها،( وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ

__________________

(١) التنعيم: موضع قريب مكة.

٥٥

يَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً )

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعليٍّعليه‌السلام فانّ آدمعليه‌السلام تاب الله عليه من خطيئة؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال اللهعزوجل ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) إنّ محمّدا غير مواف يوم القيمة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب، وقالعليه‌السلام : ولقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يبكى حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في مجمع البيان روى المفضل بن عمر عن الصادقعليه‌السلام قال: سأله رجل عن هذه الآية، فقال: والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن أنْ يغفر ذنوب شيعة علىعليه‌السلام ما تقدم من ذنبهم وما تأخر.

١٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وأتت فاطمة بنت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى جابر بن عبد الله فقالت له: يا صاحب رسول الله إنّ لنا عليكم حقوقا، عليكم أنْ إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أنْ تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا(١) على نفسه وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم انفه ونقبت جبهته(٢) وركبتاه وراحتاه أذاب نفسه في العبادة، فأتى جابر إليه فاستأذن فلما دخل عليه وجده في محرابه قد انصبته العبادة(٣) فنهض على فسئله عن حاله سؤالا خفيا، ثم أجلسه بجنبه، ثم أقبل جابر يقول: يا ابن رسول الله اما علمت أنّ الله انما خلق الجنة لكم ولمن أحبّكم؟ وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم؟ فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ قال له عليّ بن الحسين :

__________________

(١) البقيا: الإثم من أبقيت عليه إبقاء: إذا رحمته وأشفقت عليه.

(٢) الانخرام: انشقاق وترة الأنف وفي الكلام كناية عن شدة المشقة. ونقبت جبهته: أي انخرقت.

(٣) أي أتعبه وأعيته.

٥٦

يا صاحب رسول الله اما علمت أنّ جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد وتعبد هو بأبي وأمّي حتى انتفخ الساق وورم القدم؟ وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟.

١٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله أقول: وأمّا لفظ( ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أنّ المراد منه( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) عند أهل مكّة وقريش، يعنى ما تقدّم قبل الهجرة وبعدها ؛ فانك إذا فتحت مكّة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال، غفروا ما كان يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا، وما كان يظهر من عداوته في مقابلة عداوتهم له، فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصى غفروا ما ظنوه من الذنوب.

١٨ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضاعليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياءعليهم‌السلام باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك إنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول اللهعزوجل إلى أنْ قال: فأخبرنى عن قول الله تعالى:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) قال الرضاعليه‌السلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم «وقالوا( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) فلما فتح الله تعالى على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة، قال له: يا محمد( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) عند مشركي أهل مكة بدعاءك توحيد الله فيما تقدم وما تأخر، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد إذا

٥٧

دعا الناس اليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم، فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

١٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذا شرايع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم، لأنهم معصومون مطهرون.

٢٠ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عمر أربعين سنة إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن عمر ثلاثين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢١ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢٢ ـ عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما من عمر يعمر إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وسمى أسير الله في أرضه، ويشفع في أهل بيته.

٢٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيهعليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه حروب علىعليه‌السلام وكانت السيرة فيهم لأمير المؤمنينعليه‌السلام ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل مكة يوم فتح مكة، وانه لم يسب لهم ذرية، وقال: من أغلق بابه والقى سلاحه أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنينعليه‌السلام فيهم يوم البصرة: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح(١) ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه والقى سلاحه فهو آمن.

٢٤ ـ عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد سأله رأس اليهود كم يمتحن الله الأوصياء في حيوة الأنبياء وبعد وفاتهم، وذكر حديثا طويلا وفيه يقولعليه‌السلام وأمّا السادسة يا أخا اليهود فتحكيمهم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الأكباد، وهو طليق بن طليق معاند للهعزوجل ولرسوله وللمؤمنين منذ

__________________

(١) أجهز على الجريح: شد عليه وأسرع وأتم قتله.

٥٨

بعث الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أنْ فتح الله عليه مكّة عنوة فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعد، وأبوه بالأمس أول من سلم عليَّ بامرة المؤمنين، وجعل يحثّني على النهوض في أخذ حقّي من الماضين قبلي، يجدد لي بيعته كلّما أتاني.

٢٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لأي علة يكبر المصلى بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال: لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا فتح مكّة صلى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود، فلمّا سلّم رفع يده وكبّر ثلاثا وقال: لا إله إلّا الله وحده وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كلى شيء قدير، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلوة مكتوبة، فان من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول، كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى ذكره على تقوية الإسلام وجنده.

٢٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هو الايمان.

٢٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: السكينة الايمان.

٢٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص البختري وهشام بن سالم وغيرهما عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هو الايمان.

٢٩ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل قال: سألت أبا ـ عبداللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: الايمان قال عز من قائل:( لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ )

٥٩

٣٠ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: ايها العالم أخبرنى أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلّا به، قلت: وما هو؟ قال: الايمان بالله الذي لا إله إلّا هو أعلى الأعمال درجة، وأشرفها منزلة وأسناها حظا قال: قلت: ألآ تخبرني عن الايمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان عمل كلّه، والقول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه واضح نوره ثابتة حجته يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه(١) قال قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه قال: الايمان حالات درجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص المبين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: إنّ الايمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لانّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقة فيها، فليس من جوارحه جارحة إلّا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها، فمن لقى اللهعزوجل حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض اللهعزوجل عليها لقى اللهعزوجل مستكملا لإيمانه وهو من أهل الجنة، ومن خانه في شيء منها أو تعدى ما أمر اللهعزوجل فيها لقى اللهعزوجل ناقص الايمان، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه، فمن اين جاءت زيادته؟ فقال: قول اللهعزوجل :( وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ ) وقال:( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ) ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الاخر ولاستوت النعم فيه، ولاستوى الناس وبطل التفضيل

__________________

(١) قوله (عليه السلام)«واضح نوره» صفة للفرض وكذا «ثابتة حجته» وقوله «يشهد له» إلى لكونه عملا أو للعامل «به» أي بذلك الفرض «ويدعو اليه» أي يدعو العامل إلى ذلك الفرض قاله في الوافي.

٦٠

ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، وبالنقصان دخل المفرطون النار.

٣١ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد باسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعليِّ بن موسى الرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أنّ المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقالعليه‌السلام : يا أبا الصلت إنّ الله تعالى فضّل نبيه محمّد على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومبايعته مبايعته، وزيارته في الدنيا والاخرة زيارته فقالعزوجل :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حيوتى أو بعد موتى فقد زار الله، ودرجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنة أرفع الدرجات ؛ ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.

٣٢ ـ وباسناده إلى الريان بن شبيب خالد المعتصم أخي ماردة أنّ المأمون لـمّا أراد أنْ يأخذ البيعة لنفسه بامرة المؤمنين ولأبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام بولاية العهد ولفضل بن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسي فنصب لهم، فلما قعدوا عليها وأذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام فتبسم أبو الحسنعليه‌السلام ثم قال: كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى، فانه بايعنا بعقدها فقال المأمون: وما فسخ البيعة وما عقدها؟ قال أبو الحسنعليه‌السلام : عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، وفسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر، قال: فماج الناس في ذلك، وامر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصف أبو الحسنعليه‌السلام فقال الناس: كيف يستحق الامامة من لا يعرف عقد البيعة، إنّ من علم أولى بها ممن لا يعلم، قال: فحمله ذلك على ما فعله من سمه.

٦١

٣٣ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله كلام طويل في بيعة الناس للرضاعليه‌السلام عند المأمون وفيه: وجلس المأمون ووضع للرضاعليه‌السلام وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه، وأجلس الرضاعليه‌السلام عليهما في الخضرة وعليه عمامة وسيف، ثم أمر ابنه العباس بن المأمون أنْ تبايع له في أول الناس فرفع الرضاعليه‌السلام يده فتلقى بها وجهه وببطنها وجوههم فقال له المأمون: أبسط يدك للبيعة، فقال الرضاعليه‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا كان يبايع فبايعه الناس ويده فوق أيديهم.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث يقول فيهعليه‌السلام في خطبة الغدير: ومن بايع فانما يبايع الله. يد الله فوق أيديهم معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين، والائمة كلمة طيبة باقية يهلك الله بها من غدر ويرحم بها من وفى، ومن نكث فانما ينكث الاية.

٣٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى هاشم بن أبي عمار الجينى قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: انا عين الله وانا يد الله وأنا جنب الله وانا باب الله.

٣٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يحيى بن أبي العلا الرازي عن أبي عبداللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقد سئل عن قولهعزوجل :( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ) وأمّا «ن» فكان نهرا في الجنة أشد بياض من الثلج، وأحلى من العسل، قال اللهعزوجل له كن مدادا فكان مدادا، ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال: واليد القوة، وليس حيث تذهب المشبهة.

٣٧ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام يقول: ليس على النساء أذان إلى أنْ قالعليه‌السلام : ولا تبايع إلّا من وراء الثياب.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ونزلت في بيعة الرضوان:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) واشترط عليهم أنْ لا ينكروا بعد ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا يفعله، ولا يخالفوه في شيء يأمرهم به فقال اللهعزوجل بعد نزول آية الرضوان( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ

٦٢

نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) وإنّما رضى الله عنهم بهذا الشرط أنْ يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العقد رضى عنهم فقدموا في التأليف آية الشرط على بيعة الرضوان، وإنّما نزلت أو لا بيعة الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها.

وفيه وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه الذي كتب إلى شيعته ويذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة وعظم خطاء طلحة والزبير، فقال: وأى خطيئة أعظم مما أتيا اخرجا زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيتها، وكشفا عنها حجابا ستره الله عليها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، ما أنصفا لا لله ولا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله البغي والمكر والنكث، قال الله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) وقال:( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) وقال:( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي ومكرا بى.

٣٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام ثم ذكر حديثا قدسيا طويلا وفيه وصف محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه: وعلى أمته تقوم الساعة ويدي( فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ ) أوفيت له بالجنة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وانى مفارقكم عن قريب، وخارج من بين أظهركم، ولقد عهدت إلى أمتي في عهد علي بن أبي طالب، وانها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه، ألآ وانى مجدد عليكم عهدي في عليٍّ،( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) .

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام في خطبة الغدير: معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم وهذا عليٌّ يفهمكم بعدي الآ وإنّ عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي(١) على

__________________

(١) المصافقة: المبايعة.

٦٣

بيعته والإقرار به ؛ ثم مصافقته بعدي، ألآ واني قد بايعت الله وعليٌّ قد بايعنى، وأنا آخذكم بالبيعة له عن اللهعزوجل ،( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) الآية.

٤٢ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبداللهعليه‌السلام أنّ عليّاعليه‌السلام قال: إنّ في المنار لمدينة يقال له الحصينة أفلا تسئلونى ما فيها؟ فقيل له. وما فيها يا أمير المؤمنين؟ قال: فيها أيدي الناكثين.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول ـ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال جل ذكره:( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) إلى قوله:( وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً ) أي قوم سوء وهم الذين استنفر هم في الحديبية، ولما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر، فاستأذنه المخلفون أنْ يخرجوا معه فقالعزوجل :( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ ) إلى قوله( إِلَّا قَلِيلاً ) .

وفيه: قال الظن في كتاب الله على وجهين، فمنه ظن يقين ومنه ظن الشك، وأمّا الشك فقوله:( إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) وقوله:( ظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) .

٤٤ ـ في روضة الكافي سهل بن عبدالله عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال: أحسنوا الظن بالله، فان أبا عبد اللهعليه‌السلام كان يقول: من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه به، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ) الآية.

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضلت بأربع جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلى قولهعليه‌السلام : وأحلت لامتى الغنايم.

٤٦ ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي، جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ؛ ونصرت بالرعب، وأحل لي المغنم، الحديث.

٤٧ ـ عن جابر بن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام حاكيا عن اللهعزوجل مخاطبا لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأحللت لك الغنيمة، ولم تحل لأحد قبلك.

٦٤

٤٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان موسىعليه‌السلام قد أعطى المن والسلوى فهل فعل بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظير هذا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ اللهعزوجل أحلّ له الغنايم ولامته ولم تحل الغنايم لأحد قبله، فهذا أفضل من المن والسلوى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : فان اللهعزوجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه، وبحسب جلالة منزلة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه ونفاقه، وكل أذى ومشقة لدفع، نبوته وتكذيبه إياه، وسبعة في مكارهه، وقصده لنقض كلّما أبرمه واجتهاده ومن مالاه على كفره وعناده ونفاقه وإلحاده. في ابطال دعواه وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده في تنفيرهم عن موالاة وصيه وإيحاشهم منه، وصد هم عنه واغرائهم بعداوته، والقصد التغيير الكتاب الذي جاء به، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر منه. وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه، ولقد علم الله ذلك منهم فقال:( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ) وقال:( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ ) وهنا كلام طويل يطلب عند قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا ) الآية.

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد الجبلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كتب علىعليه‌السلام إلى معاوية: انا أول من بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الشجرة في قوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: وقد أسلفنا لعلي بن إبراهيم عند قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ ) الآية انها مؤخرة عن قوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) في النزول فخالفوا في التأليف.

وفيه ثم قال جل ذكره: و( هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ

٦٥

بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) أي من بعد أنْ أممتم من المدينة إلى الحرم وطلبوا منكم الصلح من بعد أنْ كانوا يغزونكم بالمدينة، صاروا يطلبون الصلح بعد إذ كنتم تطلبون الصلح منهم. ثم أخبر اللهعزوجل بعلة الصلح وما اجازه اللهعزوجل لنبيه فقال:( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ ) يعنى بمكة( لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فأخبر اللهعزوجل نبيه أنّ علة الصلح انما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا فلما كان الصلح آمنوا وأظهروا الإسلام، ويقال: أنّ ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.

٥١ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير وغيره عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة الحديبيّة خرج في ذي القعدة، فلمّا انتهى إلى الموضع الذي أحرم فيه أحرموا ولبسوا السلاح.

فلمّا بلغه أنّ المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليرده قال: إبغوني(١) رجلا يأخذني على غير هذا الطريق، فأتى برجل آخر إمّا من مزينة وإمّا من جهينة(٢) [فسأله فلم يوافقه، فقال: إبغوني رجلا غيره فأتى برجل آخر إمّا من مُزينة وإمّا من جُهينة قال :](٣) فذكر له فأخذه معه حتى انتهى إلى العقبة، فقال: من يصعدها حطّ الله عنه كما حطّ الله عن بني إسرائيل «فقال لهم( ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ ) قال: فابتدرها خيل الأنصار: الأوس والخزرج، قال: وكانوا ألفا وثمانمأة فلمّا هبطوا إلى الحديبيّة إذا امرأة معها ابنها على القليب فسعى(٤) ابنها ربا فلمّا أثبتت

__________________

(١) أي اطلبوا لي.

(٢) مزينة: قبيلة من مضر، وكذا جهينة: اسم قبيلة، والترديد من الراوي.

(٣) بين المقفتين انما هو في المصدر دون النسخ الموجودة عندي.

(٤) القليب: البئر مطوية كانت أم غير مطوية، سميت به لأنها قلبت الأرض بالحفر.

٦٦

أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صرّخت به: هؤلاء الصابئون(١) ليس عليك منهم بأس، فأتاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمرها فاستقت دلوا من ماء فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فشرب وغسل وجهه فأخذت فضلته فأعارته في البئر فلم تبرح حتى الساعة وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل فكان بإزائه، ثمّ أرسلوا الحليس(٢) فرأى البدن وهي يأكل بعضها أوبار بعض(٣) فرجع ولم يأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأبي سفيان: يا أبا سفيان أما والله ما على هذا حالفناكم على أنْ تردوا الهدى عن محلّه، فقال: أسكت فانما أنت أعرابي، فقال: أما والله لتخلين عن محمّد وما أراد، أو لأنفردنّ في الأحابيش، فقال: أسكت حتى نأخذ من محمّد ولثا(٤) فأرسلوا إليه عروة بن مسعود، فقد كان جاء إلى قريش في القوم الذين أصابهم المغيرة بن شعبة كان خرج معهم من الطائف وكانوا تجارا فقتلهم وجاء بأموالهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأبى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يقبلها وقال: هذا غدر ولا حاجة لنا فيه فأرسلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله هذا عروة بن مسعود فقد أتاكم وهو يعظم البدن؟ قال: فأقيموها فأقاموها، فقال: يا محمّد مجيئ من جئت؟ قال: جئت أطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر هذه الإبل واخلى عنكم وعن لحمانها، قال: لا واللّات والعزى فيما رأيت مثلك ترد عمّا جئت له. إنّ قومك يذكرونك الله والرحم أنْ تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وأنْ تقطع أرحامهم

__________________

(١) صبا فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره.

(٢) اسم رجل وهو حليس بن علقمة أو ابن زيان وهو أحد بنى الحارث بن عبد المناة بن كنانة كما ذكره المؤرخون.

(٣) قال المجلسي (ره): كناية عن كثرتها وازدحامها واجتماعها وإنّما قدم (صلى الله عليه وآله وسلم) البدن ليعلموا انه لا يريد القتال بل يريد النسك.

(٤) قال في القاموس: حبشي ـ بالضم ـ: جبل بأسفل مكة ومنه أحابيش قريش لأنهم تحالفوا بالله انهم ليد على غيرهم. والولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد أو يكون غير مؤكد، وفي بعض النسخ «وليا».

٦٧

وان تجري عليهم عدوهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنا بفاعل حتى أدخلها قال: وكان عروة بن مسعود حين كلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تناول لحيته(١) والمغيرة قائم على رأسه فضرب بيده، فقال: من هذا يا محمّد! فقال هذا ابن أخيك المغيرة فقال يا غدر والله ما جئت إلّا في غسل سلحتك(٢) قال: فرجع إليهم فقال لأبي سفيان وأصحابه: لا والله ما رأيت مثل محمّد ردَّ عمّا جاء له، فأرسلوا إليه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى، فامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأثيرت في وجوههم البدن فقال: محبئ من جئت؟ قال: جئت لأطوف بالبيت، وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر البدن وأخلّي بينكم وبين لحمانها، فقالا: إنّ قومك يناشدونك الله والرحم أنْ تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم وتقطع أرحامهم وتجري عليهم عدوهم، قال: فأبى عليهما يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا أنْ يدخلها، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أنْ يبعث عمر، فقال: يا رسول الله إنّ عشيرتي قليل وانى فيهم على ما تعلم، ولكني أدلّك على عثمان بن عفّان، فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشّرهم بما وعدني ربي من فتح مكّة، فلمّا انطلق عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخّر عن السرح(٣) فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة(٤) فجلس سهيل بن عمرو عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسلمين ؛ وضرب بإحدى يديه على الاخرى لعثمان وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا

__________________

(١) قال في مرآة العقول: أي لحية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم ولجهله بشأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم ايمانه لم يعرف أنّ ذلك لا يليق بجنابه.

(٢) قال الجزري: في حديث الحديبية، قال عروة بن مسعود للمغيرة: يا غدر هل غسلت غدرتك الا بالأمس، غدر معدول غادر للمبالغة يقال للذكر غدر، وللأنثى غدار، وهما مختصان بالنداء في الغالب، والسلح: التغوط.

(٣) السرح: الماشية.

(٤) المناوشة: المناولة في القتال، أي كان المشركون في تهيئة القتال.

٦٨

والمروة وأحل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كان ليفعل، فلمّا جاء عثمان قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أطفتَ بالبيت؟ فقال: ما كنت لأطوف بالبيت ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يطف به ؛ ثمّ ذكر القصّة وما كان فيها، فقال لعليٍّعليه‌السلام : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: ما أدري ما الرحمن الرحيم إلّا أنّي أظن هذا الذي باليمامة، ولكن أكتب كما نكتب باسمك أللّهم ؛ قال: واكتب هذا ما قاضى رسول الله سهيل بن عمرو، فقال سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمّد؟ فقال: انا رسول الله وانا محمّد بن عبد الله، فقال الناس: أنت رسول الله، قال: أكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله، فقال الناس: أنت رسول الله وكان في القضية، أنّ من كان منّا أتى إليكم رددتموه إلينا ورسول الله غير مستكره عن دينه، ومن جاء إلينا منكم لم نرده إليكم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حاجة لنا فيهم وعلى أنْ يعبد الله فيكم علانية غير سر، وان كانوا ليتهادون السيور(١) في المدينة إلى مكّة وما كانت قضية أعظم بركة منها لقد كاد أنْ يستولي على أهل مكّة الإسلام، فضرب سهيل بن عمرو على أبي جندل ابنه فقال: أوّل ما قاضينا عليه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل قاضيت على شيء؟ فقال: يا محمّد ما كنت بغدار، قال: فذهب بأبي جندل فقال: يا رسول الله تدفعني إليه، قال: ولم أشترط لك، قال: وقال: أللّهم اجعل لأبي جندل مخرجا.

٥٢ ـ في الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أبي بصير عن داود بن سرحان عن عبد الله بن فرقد عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صد بالحديبية قصر وأحل ثمّ انصرف منها، ولم يجب عليه الحلق حتى يقضى المناسك، فأمّا المحصور فانما يكون عليه التقصير.

٥٣ ـ عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن محرم انكسرت ساقه أي شيء يكون حاله وأى شيء عليه؟ قال: هو حلال من كل شيء، قلت: من النساء والثياب والطيب؟ فقال: نعم من جميع ما يحرم على المحرم، و

__________________

(١) السيور جمع السير: الذي يقد من الجلد مستطيلة.

٦٩

قال: أما بلغك قول أبي عبداللهعليه‌السلام حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على قلت: أصلحك الله ما تقول في الحج؟ قال: لا بد أنْ يحج من قابل، قلت: أخبرنى عن المحصور والمصدود هما سواء؟ فقال: لا، قلت: فأخبرني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صده المشركون فقضى عمرته؟ قال: لا ولكنه اعتمر بعد ذلك.

٥٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل عن المفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول المحصور غير المصدود، والمحصور المريض، والمصدود الذي يصده المشركون كما ردوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء، وفي آخر هذا الحديث قلت: فما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت، قال: ليسا سواء كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدودا والحسينعليه‌السلام محصورا.

٥٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الفضل بن يونس عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما يوم عرفة قبل أنْ يعرف فبعث به إلى مكّة فحبسه، فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع(١) ثمّ ينصرف إلى منى فيرمى ويذبح ويلحق ولا شيء عليه، قلت: فان خلى عنه يوم النفر فكيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحج، إنْ كان دخل مكّة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ثمّ يسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شيء عليه.

٥٦ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن المثنى عن أبان عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المصدود يذبح حيث صد ويرجع صاحبه فيأتي النساء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليّعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في ستة مواطن الى

__________________

(١) قال الجزري: الجمع علم للمزدلفة.

٧٠

قوله: والخامسة قول اللهعزوجل :( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) وصددت. أنت وأبوك ومشركو قريش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلعنه لعنة شملة وذريته إلى يوم القيامة.

٥٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يقاتل فلانا وفلانا وفلانا؟ قال: لاية في كتاب اللهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) قال: قلت: ما يعنى بتزايلهم؟ قال: ودايع المؤمنين في أصلاب قوم كافرين، وكذلك القائمعليه‌السلام لن يظهر أبدا حتى تظهروا ودائع اللهعزوجل فاذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء اللهعزوجل فقتلهم.

٥٩ ـ وباسناده إلى إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام . ـ أو قال له رجل ـ: أصلحك الله ألم يكن علىعليه‌السلام قويا في دين الله؟ قال: بلى قال: وكيف ظهر على القوم وكيف لم يدفعهم؟ ما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب اللهعزوجل ، قلت: وأى آية هي؟ قال: قولهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) انه كان للهعزوجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ولم يكن علىعليه‌السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودايع فلما خرج الودايع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع اللهعزوجل ، فاذا ظهرت ظهر على من ظهر فيقتلهم.

٦٠ ـ وباسناده إلى منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) قال: لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين( لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا )

٦١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال:( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) حدّثنا أحمد بن علي قال: حدّثنا الحسين بن عبدالله قال: حدّثنا الحسن بن موسى الخشاب عن عبدالله بن الحسين عن بعض أصحابه عن فلان الكرخي قال: قال رجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الم يكن علىعليه‌السلام قويا في بدنه قويا

٧١

في أمر الله؟ فقال له أبو عبداللهعليه‌السلام : بلى، قال: فما منعه أنْ يدفع أو يمنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب منع عليا صلوات الله عليه من ذلك آية من كتاب اللهعزوجل ، فقال: واى آية؟ فقرأ:( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) انه كان للهعزوجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علىعليه‌السلام ليقتل الاباء حتى تخرج الودايع، فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيتعليه‌السلام لن يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله، فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله.

قال علي بن إبراهيم: ثم قال جل ذكره: إذا( جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) يعنى قريشا وسهيل بن عمرو حين قالوا الرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نعرف الرحمان الرحيم، وقولهم: لو علمنا انك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما حاربناك فاكتب محمد بن عبد الله.

٦٢ ـ في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده جماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : اعرفوا العقل والجهل، إلى أنْ قالعليه‌السلام : والإنصاف وضده الحمية.

٦٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتعوذ في كل يوم من ست خصال: من الشك والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد.

٦٤ ـ في روضة الكافي سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن سيابة بن أبي أيوب ومحمد بن الوليد وعلي بن أسباط يرفعونه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إنّ الله يعذب الستة بالستة: العرب العصبية، والدهاقين بالكبر، والأمراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل.

٦٥ ـ في أصول الكافي على عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية.

٦٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم

٧٢

عن داود بن نعمان عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الايمان(١) من عنقه.

٦٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الايمان من عنقه.

٦٨ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن خضر عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من تعصب عصبه الله بعصابة من نار.

٦٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان بن مهران عن عامر بن السمط عن حبيب بن أبي ثابت عن عليِّ بن الحسينعليه‌السلام قال: لم تدخل الجنة حمية(٢) غير حمية حمزة بن عبدالمطلب وذلك حين أسلم غضبا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث السلا الذي القى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

٧٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد

__________________

(١) الريق: الحبل.

(٢) الحمية: الغيرة.

(٣) السلا ـ مقصورا ـ: الجلد الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي، وقصة السلا على ما ذكره الكليني (ره) في باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره كالطبرسى في أعلام الورى هي: أنّ القريش كانوا يجدّون في أذى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان أشد الناس عليه عمّه أبو لهب، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم جالسا في الحجر، فبعثوا إلى سلا شاة فألقوه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاغتم رسول الله من ذلك فجاء إلى أبي طالب فقال: يا عمّ كيف حسبي فيكم؟ قال: وما ذاك يا ابن أخ! قال: إنّ قريشا ألقوا عليَّ السلا، فقال: لحمزة: خذ السيف وكان قريش جالسة في المسجد، فجاء أبو طالب ومعه السيف وحمزة ومعه السيف، فقال: أمر السلا على سبالهم، فمن أبى فاضرب عنقه، فما تحرك أحد حتى أمر السلا على سبالهم ثمّ التفت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا ابن أخ هذا حسبك فينا.

٧٣

عن المنقري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: سأل عليّ بن الحسينعليه‌السلام عن العصبية فقال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أنْ يرى الرجل شرار قومه خيرا عن خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أنْ يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبية أنْ يعين قومه على الظلم.

٧١ ـ في نهج البلاغة فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية واعتقاد الجاهلية ؛ وإنّما تلك الحمية يكون في ص ٤١٠ المسلم من خطوات الشيطان ونخواته ونزغاته ونفثاته(١) .

وفيه فالله الله في كبر الحمية وفخر الجاهلية، فانه ملاقح الشنآن ومنافخ الشيطان(٢) اللاتي خدع بها الأمم الماضية والقرون الخالية.

٧٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) قال: هو الايمان.

٧٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم خطبة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها وأولى القول كلمة التقوى.

٧٤ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ اللهعزوجل عهد إلى في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عهدا قلت: يا رب بينه لي قال: اسمع قلت: قد سمعت، قال: إنّ عليا راية الهدى وامام أوليائى ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبنى ومن أطاعه أطاعني.

وفي كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سلام الجعفي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن العباس قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) نزغات الشيطان: وساوسه التي يفسد بها، ونفثاته مثله.

(٢) الملاقح: الفحول التي تلقح. والنشآن: البغض والمنافخ جمع منفخ مصدر نفخ الشيطان، ونفخه ونفثه: وسوسته وتسويله.

٧٤

فينا خطيبا فقال: في آخر خطبته: نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين في خطبته: انا عروة الله الوثقى وكلمته التقوى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه: ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى.

٧٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر وفيه: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وقوله لا إله إلّا الله يعنى وحدانيته، لا يقبل الله الأعمال إلّا بها، وهي كلمة التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة.

٧٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سليمان بن مهران قال: قلت لجعفر بن محمدعليه‌السلام كيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال لان الصرورة قاض فرض فدعوا إلى حج بيت الله فيحب أنْ يدخل البيت الذي دعا إليه ليكرم، قلت: فكيف صار الحلق عليه واجبا دون من قد حج؟ فقال: ليصير بذلك موسما بسمة الآمنين، ألآ تسمع اللهعزوجل يقول:( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

٨٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي نصر عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الفرق(١) من السنة؟ قال، لا، قلت: فهل فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: نعم، قلت: كيف فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس من السنة؟ قال: من أصابه ما أصاب رسول الله يفرق كما فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [فقد أصاب سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والا فلا] قلت: كيف؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا صد عن البيت وقد كان ساق الهدى وأحرم، أراه الله الرؤيا التي

__________________

(١) الفرق: الطريق في شعر الرأس. وفرق الشعر: سرحه.

٧٥

أخبره الله بها في كتابه إذ يقول:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الله سيفي له بما أراه، فمن ثمّ وفر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم انتظارا لحلقه في الحرم حيث وعده اللهعزوجل ، فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر، ولا كان ذلك من قبلهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨١ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن درست بن أبي منصور عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجها من موضع واحد؟ قال: صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليلة في سلطان المردة الفسقة، وإنّما هي شيء يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها، وأمّا الصادقة إذا أراها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة، وذلك قبل السحر وهي صادقة لا تخلف إنشاء الله إلّا أنْ يكون جنبا أو ينام على غير طهور ولم يذكر اللهعزوجل حقيقة ذكره، فانها تخلف(١) وتبطى على صاحبها.

٨٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهما‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا يوسف قاسى مرارة الغربة وحبس في السجن توقيا للمعصية، وألقى في الجب وحيدا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان ذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد، مهاجرا من حرم الله تعالى وآمنه، فلما رأىعزوجل كآبته(٢) واستشعاره الحزن أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازى رؤيا يوسف في تأويلها وأبان للعالمين صدق تحديثها(٣) فقال له:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) .

__________________

(١) وفي المصدر «تختلف» بدل «تختلف».

(٢) الكآبة: الغم والحزن وسوء الحال.

(٣) وفي المصدر «تحقيقها» بدل «تحديثها».

٧٦

٨٣ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام يقول: ليس على النساء أذان، إلى أنْ قالعليه‌السلام : ولا الحلق، انما يقصرون من شعورهن.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ) يعنى فتح خيبر لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا رجع من حديبية غزا خيبر، وقولهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) وهو الامام الذي يظهره اللهعزوجل على الدين كله فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا ؛ وهذا مما ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله.

٨٥ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى لا يطول في الدنيا أملك، وذكر حديثا طويلا يقول فيه جل شانه وقد ذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها ولاعبدن بكل مكان.

٨٦ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام ثم وصف اتباع نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين فقالعزوجل : محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) وقال:( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) يعنى أولئك المؤمنين.

٨٧ ـ في كتاب الخصال باسناده إلى جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مكتوب على باب الجنة لا إله إلّا الله( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ) على أخو الرسول، قبل أنْ تخلق الله السموات بألفى عام.

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن

٧٧

حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تعالى:( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) يعنى رسول الله تعالىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان اللهعزوجل قد انزل عليهم في التورية والإنجيل والزبور صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره، وهو قوله:( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) فهذه صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التورية والإنجيل وصفة أصحابه، فلما بعثه اللهعزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله.

٨٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه ربه تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى أوصيك وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر، فمثله في كتابك انه مؤمن مهيمن على الكتب كلها، وانه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين، وأنصاره قوم آخرون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه والله خلق طينتها من سبع سموات وهي من طينة الجنان، ثم تلا رحماء بينهم فهل يكون الرحم إلّا برا وصولا.

٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي المعزا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه، ويحق على المسلم الاجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم اللهعزوجل : «رحماء بينكم» متراحمين مغتمين لـما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٨

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ونقلقدس‌سره هذا الحديث في باب آخر وفيه: يبدل بينكم «بينهم»

٩٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن كليب الصيداوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا اخوة بررة كما أمركم اللهعزوجل .

٩٣ ـ عنه عن علي بن الحكم عن أبي المعزا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) متراحمين مغتمين لـما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩٤ ـ أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جلعت فداك إنّى لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزل والحدة والطيش(١) فأغتم لذلك غما شديدا، وأرى من خالفنا فأراده حسن السمت قال: لا تقل حسن السمت: فان السمت الطريق، ولكن قل حسن السيماء فان اللهعزوجل يقول( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأله عبد الله بن سنان عن قوله اللهعزوجل ( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال هو السهر في الصلوة.

٩٦ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله وسأل الصادقعليه‌السلام عبد الله بن سنان عن قول اللهعزوجل :( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: هو السهر في الصلوة.

٩٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ضرب لهم مثلا في مثل ذلك( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) يعنى فلانا فآزره يعنى فلانا( فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ )

٩٨ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن يزيد رفع الحديث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه

__________________

(١) النزق: خفة في كل أمر وعجلة في جهل وحمق. والطيش بمعنى النزق أيضا.

٧٩

قال: درهم في الخضاب أفضل من نفقة ألف درهم في سبيل الله، إلى قوله: ويغيظ به الكافر.

٩٩ ـ في أمالى شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى ابن عباس أنه سئل عن قول اللهعزوجل :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) قال: سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله؟ قال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أنور، ونادى مناد: ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا، وقد بعث الله محمدا فيقوم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيعطى الله اللواء من النور الأبيض بيده تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا، فيعطى اجره ونوره، فاذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إنّ ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم، يعنى الجنة، فيقوم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والقوم تحت لوائهم معهم حتى يدخل الجنة ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة ويترك أقواما على النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٠ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال: عنه عن عمار بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام وإبراهيم بن عمر عن أبان رفعه إلى سليم بن قيس الهلالي قال سليم: شهدت وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام حين أوصى إلى ابنه الحسنعليه‌السلام وذكر الوصية بتمامها وفيها: والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا، ولم يأدوا محدثا فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤدى للمحدث.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال قال: من قرء سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749