تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين10%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356937 / تحميل: 4857
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

أن قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها: وفرض على الوجه السجود بالليل والنهار في مواقيت الصلوة، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين، وقال في موضع آخر:( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) .

٤٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وسجد يعنى أبا عبد اللهعليه‌السلام على ثمانية أعظم: الكفين والركبتين وإبهامي الرجلين والجبهة والأنف، وقال: سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله في كتابه فقال:( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) وهي الجبهة والكفان والركبتان والإبهامان، ووضع الأنف على الأرض سنة.

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: المساجد الائمة صلوات الله عليهم وانه لـمّا قام عبد الله يدعوه يعنى محمّدا يدعوهم إلى ولاية عليٍّ كادوا قريش يكونون عليه لبدا يتعاونون عليه.

٤٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة أسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فاما التي في القرآن فمحمد واحمد وعبد الله ويس ون.

٤٣ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت: قوله:( لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً ) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا الناس إلى ولاية عليٍّ فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: يا محمدا عفنا من هذا، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه إلى الله ليس إلى فاتهموه وخرجوا من عنده، فأنزل اللهعزوجل :( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً ) .

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً ) ان توليتم عن ولايته

٤٤١

( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ ) ان كتمت ما أمرت به ولم أجد من دونه ملتحدا يعنى مأوى إلّا بلاغا من الله أبلغكم ما أمرنى الله به من ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٤٥ ـ في أصول الكافي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله «( ضَرًّا وَلا رَشَداً «قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ ) ان عصيته( أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ ) في على» قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم، ثم قال توكيدا:( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية عليٍّ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) قلت:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) يعنى بذلك القائم وأنصاره، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم «( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية عليٍّ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليُّ أنت قسيم الجنة والنار تقول: هذا لي وهذا لك، قالوا: فمتى تكون ما تعدنا به يا محمد من أمر على والنار؟ فأنزل الله( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) يعنى الموت والقيامة( فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) يعنى فلانا وفلانا وفلانا ومعاوية وعمرو بن عاص وأصحاب الضغائن من قريش.

٤٧ ـ وفيه قوله:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) قال: القائم وأمير المؤمنينعليهما‌السلام في الرجعة( فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) قال: هو قول أمير المؤمنينعليه‌السلام لزفر:(١) والله يا ابن صهاك لولا عهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا( أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) ، قال: فلما أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يكون من الرجعة قالوا: متى يكون هذا؟ قال الله: «قل يا محمّد( إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ) .

٤٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قوله جل ذكره:( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً )

__________________

(١) الزفر هو الثاني كما ورد في غير واحد من الروايات.

٤٤٢

فقال أبو جعفرعليه‌السلام :( إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) وكان والله محمد ممن ارتضاه، وأمّا قوله: عالم الغيب فان اللهعزوجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يقضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران علم موقوف عنده إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأما العلم الذي يقدره اللهعزوجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم إلينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم ابن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ للهعزوجل علمين علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا.

٥٠ ـ علي بن إبراهيم عن الصالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن ضريس قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ للهعزوجل علمين علم مبذول وعلم مكفوف، فأما المبذول فانه ليس من شيء تعلمه الملائكة والرسل إلّا نحن نعلمه، وأمّا المكفوف فهو الذي عند اللهعزوجل في أم الكتاب إذا خرج نفذ.

٥١ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن علي بن النعمان عن سويد القلا عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ للهعزوجل علمين علم لا يعلمه إلّا هو، وعلم علمه ملائكته ورسلهعليهم‌السلام فما علمه ملائكته ورسله فنحن نعلمه.

٥٢ ـ علي بن محمد وغيره عن سهل بن زياد عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الامام إذا شاء ان يعلم علم.

٥٣ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الامام إذا شاء ان يعلم علم.

٤٤٣

٥٤ ـ محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن سعيد المدائني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا أراد الامام ان يعلم شيئا أعلمه الله ذلك.

٥٥ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة وعبد الله بن محمد عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أي امام لا يعلم ما يصيبه والى ما يصير، فليس ذلك بحجة الله على خلقه.

٥٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن عبد الله بن سليمان عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله قال: إنّ جبرئيل أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برمانتين فأكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إحداهما وكسر الاخرى بنصفين فأكل نصفا واطعم علياعليه‌السلام نصفا، ثم قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا، قال: اما الاولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب وأمّا الاخرى فالعلم أنت شريكي فيه فقلت: أصلحك الله وكيف كان؟ يكون شريكه فيه؟ قال: لم يعلم الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله علما إلّا وامره أن يعلمه عليّـا.

٥٧ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما، فأكل واحدة وكسر الاخرى بنصفين فأعطى علياعليه‌السلام نصفها فأكلها، فقال: يا عليُّ الرمانة الاولى التي أكلتها فالنبوة ليس لك فيها شيء، وأمّا الاخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه.

٥٨ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن منصور ابن يونس عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: نزل جبرئيلعليه‌السلام على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله برمانتين من الجنة، فلقيه علىعليه‌السلام فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال: اما هذه النبوة ليس لك فيها نصيب، وأمّا هذه فالعلم ثم فلقها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنصفين، فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله نصفها، ثم قال: أنت شريكي فيه وانا شريكك فيه، قال: فلم يعلم والله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حرفا مما علمه اللهعزوجل إلّا وقد علّمه عليّاعليه‌السلام ، ثمّ انتهى العلم إلينا ثمّ وضع

٤٤٤

يده على صدره.

٥٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه وألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده، وبأن لهم أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، وعرف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله:( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قال:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله، وفرض على العباد من طاعتهم، مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.

٦٠ ـ في الخرائج والجرائح روى محمد بن الفضل الهاشمي عن الرضاعليه‌السلام نظر إلى ابن هذاب فقال: إنّ انا أخبرتك انك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك لكنت مصدقا لي؟ قال: لا فان الغيب لا يعلمه إلّا الله تعالى، قالعليه‌السلام : أو ليس انه يقول:( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الله مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار النادرة في فنون شتى باسناده إلى الحارث بن الدلهاث(١) مولى الرضاعليه‌السلام قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه، وسنة من نبيه، وسنة من وليه فالسنة من ربه كتمان سره، قال الله تعالى:( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) وأمّا السنة من نبيه فمداراة الناس، فان اللهعزوجل أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمداراة الناس فقالعزوجل :( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) وأمّا السنة من وليه فالصبر على البأساء والضراء قال اللهعزوجل :( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ ) .

__________________

(١) دلهاث ـ على زنة دحراج ـ بمعنى الأسد.

٤٤٥

٦٢ ـ في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين وتعدادها قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وأمّا الثالثة والثلاثون فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النقم اذنى فعلمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فساق اللهعزوجل ذلك لي على لسان نبيه.

٦٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) يعنى عليا المرتضى من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منه قال الله تعالى:( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) قال: في قلبه العلم ومن خلفه الرصد يعلمه علمه ويزقه العلم زقا، ويعلمه الله إلهاما، والرصد التعليم من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «ليعلم النبي أن قد ابلغوا رسالات ربه وأحاط على بما لدى الرسول من العلم واحصى كل شيء عددا» ما كان وما يكون منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة أو زلزلة أو خسف، أو قذف أو امة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي، وكم من امام جائر وعادل يعرفه باسمه ونسبه، ومن يموت موتا أو يقتل قتلا، وكم من امام مخذول لا يضره خذلان من خذله، وكم من امام منصور لا ينفعه نصر من نصره.

وفيه وقوله:( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) قال: يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم والرجعة والقيامة.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة المزمل في العشاء الاخرة في آخر الليل كان له الليل والنهار شاهدين مع سورة المزمل وأحياه الله حياة طيبة وأماته ميتة طيبة.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن قرء سورة المزمل دفع عنه العسر في الدنيا والاخرة.

٤٤٦

٣ ـ في جوامع الجامع وروى انه قد دخل على خديجة وقد جئت(١) فرقا فقال زملوني، فبينا هو على ذلك إذ ناداه جبرئيل:( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) .

٤ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن منصور عن عمر بن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تعالى:( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ) قال: أمره الله ان يصلّي كل ليلة إلّا أن تأتى عليه ليلة من الليالي لا يصلّي فيها شيئا.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ ) قال: هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتزمل بثوبه وينام، فقال:( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ) قال: انقص من القليل أو زد عليه أي على القليل قليلا.

٦ ـ في مجمع البيان وقيل: ان نصفه بدل من القليل، فيكون بياتا للمستثنى ويؤيد هذا القول ما روى عن الصادقعليه‌السلام قال: القليل، النصف، أو انقص من القليل قليلا، أو زد على القليل قليلا.

٧ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) قال: قال: أمير المؤمنينعليه‌السلام : بينه بيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل(٢) ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.

٨ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان القرآن لا يقرء هذرمة(٣) ولكن يرتل ترتيلا، فاذا

__________________

(١) كذا في الأصل وتوافقه المصدر أيضا.

(٢) الهذ: سرعة القرائة قال الفيض (ره): أي لا بتسرع فيه كما يتسرع في قراءة الشعر ولا تفرغ كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل.

(٣) الهذرمة: الاسراع في القرائه.

٤٤٧

مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها ؛ واسأل اللهعزوجل الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار.

٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان القرآن لا يقرء هذرمة ولكن يرتل ترتيلا، إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١٠ ـ في مجمع البيان وقيل: رتل معناه ضعف والرتل اللين عن قطرب. قال: والمراد بهذا تحزين القلب أي اقرأه بصوت حزين، ويعضده ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذا، قال: هو أن تتمكث فيه وتحسن به صوتك، وروى عن أم سلمة انها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقطع قراءة آية آية، وعن انس قال: كان يمد صوته مدا.

١١ ـ وعن عبد الله بن عمر قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقال لصاحب القرآن: اقرأ وأرق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فان منزلتك عن آخر درجة تقرأها( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) أي سنوحى إليك قولا يثقل عليك وعلى أمتك إلى قوله وقيل: قولا ثقيلا نزوله، فانهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتغير حاله عند نزوله ويعرق وإذا كان راكبا تبرك راحلته ولا تستطيع المشي.

١٢ ـ وسأل الحارث بن هشام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس فهو أشد على فيفصم عنى(١) وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل الملك رجلا فأعى ما يقول، قالت عائشة: انه كان ليوحى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على راحلته فتضرب بجرانها(٢) قالت: ولقد رأيته ينزل في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليرفض عرقا.

١٣ ـ وروى العياشي باسناده عن عيسى بن عبيد عن أبيه عن جده عن عليٍّعليه‌السلام قال :

__________________

(١) قال الجزري: أي يقلع عنى.

(٢) الجران: مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.

٤٤٨

كان القرآن ينسخ بعضه بعضا وإنّما يؤخذ من أمر رسول الله بآخره، وكان من أمر آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها، ولم ينسخها شيء، لقد نزلت عليه وهو على بغلة شهباء وثقل عليها الوحي حتى وقفت وتدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في بيان نزول سورة المنافقين فما ساره إلّا قليلا حتى أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يأخذه من البرحاء ـ(١) عند نزول الوحي عليه، فثقل حتى كادت ناقته تبرك من ثقل الوحي فسرى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يسكب العرق عن جبهته(٢) .

وفيه قوله:( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) قال: قيام الليل وهو قوله:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قال: أصدق القول.

١٥ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قال: يعنى بقوله:( وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قيام الرجل عن فراشه، يريد به اللهعزوجل لا يريد به غيره.

١٦ ـ محمد بن أحمد بن يحيى عن أيوب بن نوح عن صفوان عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قال: قيامه عن فراشه لا يريد إلّا الله.

١٧ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قال: يعنى بقوله:( وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قيام الليل عن فراشه بين يدي اللهعزوجل لا يريد به غيره.

١٨ ـ في الكافي علي بن محمد باسناده عن بعضهمعليهم‌السلام قال: في قول الله

__________________

(١) البرحاء ـ كعلماء ـ: شدة الأذى والمشقة.

(٢) سكب الماء: صبه. لازم متعد.

٤٤٩

عزوجل :( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) قال: هي ركعتان بعد المغرب، يقرء في أول ركعة بفاتحة الكتاب وعشر من أول البقرة وآية السخرة من قوله( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إله إلّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى قوله:( لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) وخمس عشرة مرة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآخر البقرة من قوله:( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) إلى ان تختم السورة، وخمس عشرة مرة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، ثم ادع بعدها بما شئت، قال: ومن واظب عليه كتب له بكل صلوة ستمائة الف حجة.

١٩ ـ في مجمع البيان( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) والمروي عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام انهما قالا: هي القيام في آخر الليل.

٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً ) يقول: فراغا طويلا لنومك وحاجتك، قوله: و( تَبَتَّلْ إليه تَبْتِيلاً ) يقول: أخلص النية إخلاصا وفيه قوله:( وَتَبَتَّلْ إليه تَبْتِيلاً ) قال: رفع اليدين وتحريك السبابتين.

٢١ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: التبتل ان تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت.

٢٢ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي إسحاق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَتَبَتَّلْ إليه تَبْتِيلاً ) قال: الدعاء بإصبع واحدة تشير بها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ وباسناده إلى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: هكذا التبتل ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إلى قوله: وقال: والتبتل تحرك السبابة

٤٥٠

ترفعها إلى السماء وتضعها.

٢٥ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: وأمّا التبتل فإيماء بإصبعك السبابة.

٢٦ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم وزرارة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : والتبتل الإيماء بالإصبع.

٢٧ ـ في مجمع البيان وروى محمد بن مسلم وزرارة وحمران عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام ان التبتل هذا رفع اليدين في الصلوة.

وفي رواية أبي بصير قال: هو رفع يدك إلى الله وتضرعك.

٢٨ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت: فاصبر على ما يقولون قال يقولون فيك واهجرهم هجرا جميلا وذرني يا محمد والمكذبين بوصيك( أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً ) قلت: ان هذا تنزيل؟ قال: نعم.

٢٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان اللهعزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق، فقال:( وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ) فصبر حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٣٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام بعد ان ذكر المنافقين: وما زال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتى اذن اللهعزوجل له في ابعادهم بقوله:( وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ) .

٣١ ـ في مجمع البيان: وطعاما ذا غصة روى عن حمران بن أعين عن

٤٥١

عبد الله بن عمر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع قاريا يقرء هذه فصعق.

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ) أي تخسف قوله: و( كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً ) قال: مثل الرمل ينحدر قوله:( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) يقول: كيف ان كفرتم تتقون ذلك اليوم الذي يجعل الولدان شيبا.

٣٣ ـ في نهج البلاغة احذروا يوما تفحص فيه الأعمال ويكثر فيه الزلزال وتشيب فيه الأطفال.

٣٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه: فيأمر اللهعزوجل نارا يقال لها الفلق أشد شيء في جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال، فيأمرها اللهعزوجل ان تنفخ في وجوه الخلائق نفخة فتنفخ، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم، وتجمد البحار، وتزول الجبال، وتظلم الأبصار، وتضع الحوامل حملها، وتشيب الولدان من هولها يوم القيامة.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ) ففعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وبشر الناس به فاشتد ذلك عليهم وعلم أن لن تحصوه وكان الرجل يقوم ولا يدرى متى ينتصف الليل ومتى يكون الثلثان، وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة ان لا يحفظه فأنزل الله ان ربك يعلم انك تقوم إلى قوله:( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) يقول: متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية فاقرأوا ما تيسر من القرآن واعلموا انه لم يأت نبي قط إلّا خلا بصلوة الليل، ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل.

٣٦ ـ في مجمع البيان( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) روى عن الرضاعليه‌السلام عن أبيه عن جده قال: ما تيسر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر.

٣٧ ـ في كتاب الخصال عن ابن فضال عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

٤٥٢

قال ثلاثة يشكون إلى الله تعالى إلى قوله: ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرء فيه.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين ابن سعيد عن زرعة عن سماعة قال: سألته عن قول الله:( وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) قال: هو غير الزكاة.

قال: عز من قائل:( وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ) ـ الاية.

٣٩ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق، وقدموا ما استطعتم من عمل الخير تجدوه غدا.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال: من قرء في الفريضة سورة المدثر كان حقا على اللهعزوجل أن يجعله مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في درجة ولا يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا إنْ شاء الله.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ومن قرء سورة المدثر أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وكذب به.

٣ ـ قال الأوزاعي: سمعت يحيى بن كثير يقول: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن انزل قبل؟ قال:( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) ، فقلت: أو «اقرء»؟(١) فقال جابر: أحدثكم ما حدّثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنودي فنظرت امامى وخلفي وعن يميني وشمالي فلم أر أحدا، ثم نوديت فرفعت رأسى فاذا هو على العرش في الهواء يعنى جبرئيلعليه‌السلام ، فقلت :

__________________

(١) أراد سورة( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) .

٤٥٣

دثروني دثروني فصبوا على ماء، فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) . وفي رواية اخرى فجثيت(١) منه فرقا حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت: زملوني فنزل( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ) .

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: قم فأنذر قال: هو قيامه في الرجعة ينذر فيها.

٤ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه تشمير الثياب طهور لها، قال الله تبارك وتعالى: وثيابك فطهر يعنى فشمر.

٥ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: فشمر.

٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد ابن عائذ عن أبي خديجة عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ عليا صلوات الله عليه كان عندكم فأتى بنى ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار القميص إلى فوق الكعب، والإزار إلى نصف الساق، والرداء من بين يديه إلى ثدييه، ومن خلفه إلى ألييه، ثم رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله ثم قال: هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين ان يلبسوه. قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم ولو فعلنا لقالوا مجنون ولقالوا مرائى واللهعزوجل يقول:( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: وثيابك ارفعها لا تجرها، فاذا قام قائمنا كان هذا اللباس.

٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الرحمان ابن عثمان عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسنعليه‌السلام أيام حبس ببغداد قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : ان اللهعزوجل قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) وكانت ثيابه طاهرة وإنّما أمره بالتشمير.

__________________

(١) وفي البحار «فخشيت» مكان «فجثيت» وفي بعض النسخ «فحييت».

٤٥٤

٨ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن رجل عن سلمة بياع القلانس قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام إذ دخل عليه أبو عبد اللهعليه‌السلام فقال أبو جعفرعليه‌السلام : يا بنى ألا تطهر قميصك؟ فذهب فظننا أن ثوبه اصابه شيء فرجع فقال: انه هكذا فقلنا: جعلنا فداك ما لقميصه؟ فقال: كان قميصه طويلا فأمرته ان يقصره ان اللهعزوجل يقول: «فثيابك فطهر».

٩ ـ في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام غسل الثياب يذهب الهم والحزن، وهو طهور الصلوة، وتشمير الثياب طهورها، وقد قال الله سبحانه( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) أي فشمر.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: التطهير هنا تشميرها، ويقال: شيعتنا يطهرون، قوله: والرجز فاهجر الرجز الخبيث قوله: ولا تمنن تستكثر وفي رواية أبي الجارود يقول: لا تعط تلتمس أكثر منها.

١١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من اعطى لسانا ذاكرا فقد اعطى خير الدنيا والاخرة، وقال في قوله تعالى:( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: تستكثر ما عملت من خير الله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢ ـ في نهج البلاغة وإياك والمن على رعيتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك، فان المن يبطل الإحسان، والتزيد يذهب بنور الحق.

١٣ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفةقدس‌سره وأخبرنى جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تفسير جابر، فقال: لا تحدث به السفل فيذيعوه أما تقرء كتاب الله( فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) ان منا إماما مستترا فاذا أراد إظهار امره، نكت في قلبه نكتة فيظهر فقام بأمر الله.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا أبو العباس قال: حدّثنا يحيى بن زكريا

٤٥٥

عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ) قال: الوحيد ولد الزنا وهو عمر وجعلت له ما لا ممدودا قال: أجلا إلى مدة وبنين شهودا قال: أصحابه الذين شهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يورث و( مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ) ملكته الذي ملك مهدت له( ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ ) لاياتناها عنيدا قال: لولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام جاهدا ومعاندا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها سأرهقه( صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ) فكر فيما أمر به من الولاية «وقدر» أي ان مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان لا يسلم لأمير المؤمنينعليه‌السلام البيعة التي بايعه بها على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) قال: عذاب بعد عذاب يعذبه القائمعليه‌السلام ثم نظر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام فعبس وبسر مما أمر به( ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فقال: إنّ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ) قال عمر: ان النبي سحر الناس لعليٍّ( إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ) أي ليس هو وحي من اللهعزوجل سأصليه سقر إلى آخر الآية ففيه نزلت.

١٥ ـ وفيه أيضا وقال علي بن إبراهيم في قوله:( فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) إلى قوله( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ) فانها نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب وكان من المستهزئين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان رسول الله يقعد في الحجر ويقرء القرآن، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا: يا أبا عبد ـ شمس ما هذا الذي يقول محمد؟ أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ فقال: دعوني اسمع كلامه فدنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمد انشدنى من شعرك، قال: ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله، فقال: اتل على ـ منه شيئا فقرأ عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «حم السجدة» فلما بلغ قوله:( فَإِنْ أَعْرَضُوا ) يا محمد قريش «فقل لهم( أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ) قال: فاقشعر الوليد وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته، ومر إلى بيته ولم يرجع إلى قريش من ذلك، فمشوا إلى أبي جهل فقالوا :

٤٥٦

يا أبا الحكم ان أبا عبد شمس صبا(١) إلى دين محمد أما تراه لم يرجع إلينا فغدا أبو جهل إلى الوليد فقال: يا عم نكست رؤسنا وفضحتنا واشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد؟! فقال: ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا، قال: أفشعر هو؟ قال: لا أما انى لقد سمعت اشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا له: يا أبا عبد شمس ما تقول فيما قلناه؟ قال: قولوا هو سحر فانه أخذ بقلوب الناس، فأنزل الله على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ) وإنّما سمى وحيدا لأنه قال لقريش: أنا أتوحد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة، وكان له مال كثير وحدائق، وكان له عشر بنين بمكة وكان له عشرة عبيد عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، وتلك القنطار في ذلك الزمان، ويقال: ان القنطار جلد ثور مملو ذهبا، فأنزل الله:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ) إلى قوله:( صَعُوداً ) قال: جبل يسمى صعودا( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) يعنى خلقه الله كيف سواه وعدله( ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) قال: عبس وجهه( وَبَسَرَ ) قال: ألقى شدقه(٢) .

١٦ ـ في جوامع الجامع وروى ان الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن، ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمعذق(٣) وانه يعلو وما يعلى، فقالت قريش: صبا والله الوليد، والله ليصبأن قريش، فقال أبو جهل انا أكفيكموه فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه، فقام فأتاهم فقال: تزعمون ان محمدا مجنون فهل رأيتموه يحنق(٤)

__________________

(١) صبا فلان: خرج من دين إلى دين آخر.

(٢) الشدق: زاوية الفم من باطن الخدين.

(٣) الطلاوة: الحسن والبهجة والقبول والعذق: النخلة. وأعذق بمعنى أزهر.

(٤) حنق: اغتاظ.

٤٥٧

وتقولون انه كاهن فهل رأيتموه يحدث بما يحدث به الكهنة؟ وتزعمون انه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط؟ وتزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ فقالوا في كل ذلك: أللّهم لا قالوا له: فما هو؟ ففكر فقال: ما هو إلّا ساحر ما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، وما يقوله سحر يؤثر عن أهل بابل فتفرقوا معجبين منه.

١٧ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام ان الوحيد الوليد ولد زنا قال زرارة: ذكر لأبي جعفرعليه‌السلام عن أحد بنى هاشم أنّه قال في خطبة: انا الوليد الوحيد فقال: ويله لو علم ما الوحيد ما فخربها، فقلنا له: وما هو؟ قال: من لا يعرف له أب.

١٨ ـ وفيه قيل: «صعود» جبل في جهنم من نار يؤخذ بارتقائه، فاذا وضع يده عليه ذابت، فاذا رفعها عادت وكذلك رجله، في خبر مرفوع.

١٩ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الباقرعليه‌السلام : ان في جهنم جبلا يقال له صعود، وان في صعود لواديا يقال له سقر، وان في سقر لجبا يقال له هبهب، كلّما كشف غطاء ذلك الجب ضج أهل النار من حره، وذلك منازل الجبارين.

٢٠ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن بكير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى اللهعزوجل شدة حره، وسأله أن يأذن له ان يتنفس فتنفس فأحرق جهنم.

٢١ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) قال: يستيقنون ان الله ورسوله ووصيه حق، قلت:( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ) قال: يزدادون لولاية الوصي ايمانا، قلت:( وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال: بولاية على قلت ما هذا الارتياب؟ قال: يعنى بذلك أهل الكتاب والمؤمنين

٤٥٨

الذين ذكر الله فقال له: ولا يرتابون في الولاية قلت:( وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ) قال: نعم ولاية على، قلت:( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) قال: الولاية.

٢٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) قال: يعنى فاطمةعليها‌السلام .

أقول: في الأصول متصل بآخر ما نقلنا قريبا اعنى قوله: قال الولاية قلت( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) قال: من تقدم إلى ولايتنا أخر عن سقر، ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر.

٢٣ ـ وفيه عنه رفعه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : اقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك، واسع في فكاكها، كما تسعى في طلب معيشتك، فان نفسك رهينة بعملك.

أقول: متصل بآخر ما نقلنا من حديث محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام اعنى قوله: تقدم إلى سقر( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) قال: هم والله شيعتنا.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) قال: اليمين أمير المؤمنينعليه‌السلام وأصحابه شيعته، فيقول لأعداء آل محمد،( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) فيقولون:( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) أي لم نكن من اتباع الائمة.

٢٥ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) قال: انا لم نتول وصيّ محمّد والأوصياء من بعده ولا يصلون عليهم.

٢٦ ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن الحسن القمّي عن إدريس بن عبد الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) قال: عنى به لم نك من اتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) ألآ ترى الناس

٤٥٩

يسمون الذي يلي السابق في الحلبة(١) مصليا فذلك الذي عنى حيث قال:( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) أي لم نك من اتباع السابقين.

٢٧ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فانها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، وقد علم ذلك الكفار حين سئلوا( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) وقد عرف حقها من طرقها(٢) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨ ـ في نهج البلاغة تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فانها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، ألآ تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) قال: حقوق آل محمد من الخمس لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وهم آل محمد صلوات الله عليه، وقوله:( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) قال: لو ان كل نبي مرسل وكل ملك مقرب شفعوا في ناصب آل محمد ما شفعوا فيه.

٣٠ ـ في مجمع البيان( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) أي شفاعة الملائكة والنبيين كما نفعت الموحدين عن ابن عباس. قال الحسن: لم تنفعهم شفاعة ملك ولا شهيد ولا مؤمن ويعضدها الإجماع على ان عقاب الكفار لا يسقط بالشفاعة، وعن الحسن عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يقول الرجل من أهل الجنة يوم القيامة: أي رب عبدك فلان سقاني شربة من ماء في الدنيا فشفعني فيه، فيقول: اذهب فأخرجه من النار فيذهب فيتجسس في النار حتى يخرجه منها.

__________________

(١) الحلبة: خيل تجمع للسباق.

(٢) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول «وقد عرف حقها من طرقها» أي أتى بها ليلا من الطروق بمعنى الإتيان بالليل، أي واظب عليها في الليالي، وقيل: جعلها دأبه وصنعه.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

أقول: حرمة أكل المال بالباطل لا تقبل التخصيص، فالإجماع كاشف عن عدم البطلان، وأنّ بناء العرف على بطلان بيع المخدوع، مع عدم السلطنة على الردّ خطأ منهم، فبعد الاطّلاع - أيضاً - كذلك.

ويمكن تقريب الاستدلال بوجهٍ آخر، وهو : أنّ العرف لا يحكم بمجرّد وقوع الخدع على بطلانه، بل هو عندهم موجب للسلطنة على الردّ، فأكل المال بعد الردّ - مستنداً الى هذا البيع - أكل بالباطل، لزوال البيع بالردّ.

ثم إنّه -رحمه‌الله - أورد على الاستدلال بأنّ ذلك معارض بقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض) بناءً على أنّ التراضي حاصل في بيع المغبون، فمع التكافؤ يرجع الى أصالة اللزوم.

وأجاب عنه: بأنّ التراضي مع الجهل بالحال لا يخرج عن كون أكل الغابن لمال المغبون الجاهل أكلاً بالباطل.

قلت: ظاهر الجواب يساعد المعارضة، ضرورة أنّ مع خروج أكل الغابن في هذا الحال عن الأكل بالباطل بسبب التراضي، بكون آية التراضي حاكماً على آية حرمة الأكل.

ولو قلنا: إنّ قوله: (لا يخرج) غلط من الناسخ، وإنّ النسخة هي (يخرج) بدون كلمة (لا) فهو وإن اقتضى بطلان المعارضة إلاّ أنّه لا يتمّ معه الاستدلال، لما عرفت من أنّ آية التراضي - بناء على ذلك - حاكمة على أنّه حرمة الأكل، واللازم - حينئذٍ - تقديم الحاكم على المحكوم عليه.

والحاصل: أنّ آية التراضي - على تقديري - حكومتها على آية حرمة الأكل، وعدمها يبطل الاستدلال.

غاية الأمر، أنّ اللزوم ثابت على الأوّل بالآية، وعلى الثاني بالاصل. ويمكن أن يكون المراد من الجواب: أنّ آية التراضي لا تشمل مورد صدق الباطل، فما لم يكن التراضي مخرجاً للتجارة - عن كون الأكل مستنداً اليها أكلاً بالباطل - لا يصحّ التمسّك بالآية لإثبات الصحة.

٥٤١

ودعوى الاختصاص بما ذكر لعلّه مبنيّ: إمّا على ما علم من الخارج من أن الأكل بالباطل لا تتعلّق الرخصة به، وأنّ موارد الرخصة فيه بكون الرخصة كاشفةً عن عدم البطلان، وعلى أنّ استثناء التجارة عن تراض عن الأكل بالباطل استثناء منقطع قطعاً، وذلك يوجب اختصاص المستثنى بغير موارد تصادق التجارة عن تراض، والأكل بالباطل. فتأمل.

ولأجل ذلك أورد المعارضة - ثانياً - بوجهٍ آخر، فقال: ويمكن أن يقال: إنّ آية التراضي تشمل غير صورة الخدع، كما اذا أقدم المغبون على شراء العين محتملاً لكونه بأضعاف قيمته، فتدلّ على نفي الخيار في هذه الصورة من دون معارضة، فيثبت عدم الخيار في الباقي بعدم القول بالفصل، فتعارض مع آية النهي المختصّة بصورة الخدع الشاملة غيرها بعدم القول بالفصل، فيرجع بعد تعارضهما - بضميمة عدم القول بالفصل وتكافؤهما - الى أصالة اللزوم(١) .

قلت: مقتضى القاعدة ترجيح آية النهي لمطابقة مضمونها للشهرة العظيمة، والاجماعات المحكيّة. وذلك بناء على التزام التخصيص فيها - على تقدير تقديم آية التراضي - ظاهر.

وإن قلنا: إنّ آية التراضي واردة على آية النهي. وإن لم يكن التراضي مخرجاً للأكل بهذه التجارة عن الأكل بالباطل بناء على أنّ الإذن كاشف عن عدم البطلان واقعاً، وعن خطأ العرف في الحكم بالبطلان، فاللزوم - حينئذ - ثابت بمقتضى الآية. والبناء على التقديم بهذا الوجه إن صحّ فالمعارضة الاولى - أيضاً - سالمة عن المناقشة كما يظهر بالتأمّل.

ولكنّ الظاهر، أنّ المحقّق المذكور ليس نظره في المعارضة الى هذا الوجه، ولذلك أبطل الاولى ورجع الى الثانية.

الثالث: انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أثبت الخيار في تلقّي الركبان، وانّما أثبته

____________________

(١) المكاسب: الخيارات ص ٢٣٤.

٥٤٢

للغبن. وفيه منع صحّة الحكاية في نفسها، ولا جابر لها، لأنّه لم تنقل في كتب الأصحاب على وجه الاستناد حتى يكون ذلك موجباً للوثوق بالسند.

الرابع: وهو العمدة، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)(١) وجه الاستدلال أنّ ذهاب مال المغبون بأقلّ من قيمته ضرر عليه، وهو لم يقدم على ذلك لجهله، فلو حكم الشارع - حينئذٍ - باللزوم كان الضرر حاصلاً من حكمه باللزوم. والحديث يدلّ على أنّ الإسلام ليس فيه ضرر ولا ضرار، فالحكم باللزوم الموجب له منع.

والحاصل: أنّ المراد: إمّا أنّ التديّن بدين الإسلام لا يترتّب عليه الضرر، ولا يوجب الإضرار بالغير. أو أنّ الحكم الذي يلزم منه الضرر أو الإضرار بالغير - وضعيّاً كان أو تكليفيّاً - ليس في الإسلام، ولا ريب أن ثبوت اللزوم في بيع المغبون ينافي كلا المعنيين، فهو منع.

فإن قلت: مقتضى الحديث ثبوت الخيار للعالم بالغبن - أيضاً - لأنّ اللزوم ضرر عليه كالجاهل به، وأيضاً الصحة ضرر كاللزوم فينبغي أن لا يكون بيع المغبون صحيحاً.

والحاصل: أنّ ذهاب مقدار من المالية بلا عوض ضرر، وعدم السلطنة على رفع هذا الضرر ضرر آخر. والحديث لا يختصّ بنفي ضررٍ خاصّ.

قلت: أمّا أنّ اللزوم ضرر على العالم بالغبن فيدفعه أنّ المنفي هو إيقاع اليدين أو حكم الشارع في الضرر، لا الحكم الذي يترتّب عليه الضرر وإن لم يصحّ الاستناد اليه. ولا ريب أنّ الزام المقدّم على الضرر بالالتزام ببيعه ليس إيقاعاً في الضرر عرفاً.

والحاصل: أنّ الإقدام على فوات المال بلا عوضٍ موجب لصحّة استناد الضرر إلى المقدّم، ومانع عن إسناده الى إمضاء الشارع. بل يمكن أن يقال: إنّ عدم

____________________

(١) عوالي اللئالي: ج ٢ ص ٧٤ ح ١٩٥.

٥٤٣

الإمضاء هنا ضرر، لأنّه يقتضي سلب بعض أنحاء السلطنة على المال، فتأمّل. فأنّ الموجب لذلك عدم الإمضاء، بمعنى نفي الصحّة لا يفتقر بمعنى جعل الخيار. إلا أن يقال:

إنّ عدم التمكّن من إخراج المال عن المالك على وجهٍ لا يتمكّن من إعادته منافٍ للسلطنة المطلقة على المال، وهو غير سليم من نوعٍ من التكلّف. وأمّا أنّ الصحّة ضرر كاللزوم فيرد عليه.

أوّلاً: منع كون ذهاب المال مع السلطنة على ردّه ضرر عرفاً.

وثانياً: أنّ دلالة الحديث على نفي الصحة معارضة بالإجماع كما أنّ دلالته على نفي اللزوم مجبورة به.

فإن قلت: ضرر المغبون كما يندفع بجعل الخيار - بمعنى الفسخ في الكلّ - كذلك يندفع باسترداد المقدار الزائد على الثمن، ويبذل الغابن التفاوت بين ثمن المثل والمسمّى.

فالاحتمالات في رفع الضرر بعد ضمّ تخييره بين الثلاثة، وبين الاثنين منها الى تعيّن أحدها ينتهي الى ستّة، بل يزيد عليه، لاحتمال ترتّب الخيار على عدم البذل، أو عدم ردّ المقدار الزائد، كما ستأتي الاشارة اليه.

والحديث لا يدلّ إلاّ على انتفاء الضرر المحقّق بكلّ من الاحتمالات، فتعيين الخيار من بينهما يفتقر الى دليلٍ آخر.

قلت: أمّا استرداد المقدار الزائد فمع عدم إمكانه فيما لا يتبعّض، واستلزامه الضرر على الغابن لتبعّض المرجع عليه اذا كان هو المشترى، أو الثمن في عكس ذلك، ومقتضى الحديث نفيه يلزمه: إمّا الجمع بين العوض والمعوض، أو حصول المبادلة القهريّة.

بيان الملازمة: أنّ رجوع المقدار الزائد: إن كان مع بقاء صحّة المبادلة لزم الجمع بين الزائد، وما جعل عوضاً له من الثمن مثلاً.

وإن كان مع عدم بقائها فكون ما عدا المردود في ملك الغابن يحتاج الى سببٍ،

٥٤٤

وهو منع، فلزم أن يكون بعد الخروج منه بالاسترداد داخلاً فيه - قهراً عليه - بلا سببٍ.

والحاصل: أنّ استرداد المقدار الزائد منافٍ للصحّة المجمع عليها، وأمّا بذل الغابن التفاوت بين ثمن المثل وثمن المسمّى فهو لا يوجب خروج المعاملة حقّ الغبن الموجب للخيار، لأنّه هبة مستقلّة.

كذا حكى الإيضاح(١) وجامع المقاصد(٢) . و يمكن المناقشة فيه: بأنّ البذل غرامة لما فات على المغبون - على تقدير لزوم البيع - فالضرر به مندفع.

وتوضيحه: أنّ الهبة المستقلّة لا تدفع الضرر، لأنّها نفع جديد حادث، وحدوث النفع بعد الضرر لا يوجب انتفاء الضرر، والبذل - هنا - ليس نفعاً جديداً، لأنّه بإزاء ما فات على المغبون.

لا يقال: إنّ ذلك يوجب سقوط الخيار ببذل المتبرّع أيضاً، مع أنّ كونه غرامةً ينافي الصحة، لأنّها تقتضي كون عوض مال المغبون هو العوض الجعليّ، لا غير، ومقتضى كون المبذول غرامةً أن يكون عوض ماله هو المجعول بضميمة المبذول.

لأنّا نقول: إمّا السقوط ببذل المتبرع فلا بأس به ولا مانع منه، وإمّا المنافاة للصحة فهي ممنوعة، لأنّ بذل التفاوت تدارك لما يلزم من صحة المقابلة الجعلية بين المختلفين في القيمة من الضرر، وهو فوات مقدارٍ من الماليّة، وذلك لا يقتضي كون عوض مال المغبون المجهول بضميمة المبذول، بل عند التأمّل يظهر أنّه يقتضي خلافه، فتأمّل فيه، فأنّه لا يخلو من دقّةٍ.

ويمكن الجواب بوجهٍ آخر، وهو أن يقال: المنفيّ بالحديث نفس الضرر، وهو ببذل الغرامة لا ينتفي، لأنّه تدارك له، فجعل اللزوم مع الغرامة ضرر مع التدارك، ومع الخيار لا ضرر أصلاً.

____________________

(١) ايضاح الفوائد: ج ١ ص ٤٨٥.

(٢) جامع المقاصد: ج ٤ ص ٢٩٤.

٥٤٥

وتوضيحه: أنّ ذهاب المال الكثير بإزاء القليل، بحيث لا يتمكّن للمالك من ارتجاعه ضرر، لاستلزامه فوات مقدارٍ من المال بلا بدل. والخيار اذا ثبت انتفى هذا المعنى، وأمّا اللزوم مع البذل. فالضرر معه - حاصلاً - يمكن تداركه بأخذ المبذول، ومقتضى الحديث عدم جعل الضرر، لا عدم جعله بدون التدارك.

كذا أفاده السيّد الاستاذ - دام عمره وعزّه - وفيه نوع من التأمّل.

هذا كلّه في نفي احتمال البذل بأنحائه، ويرد على احتمال تعيينه أنّه ضرر على الغابن، لأنّه قد يتعلّق غرضه بشراء المال بدون قيمته، مع أنّه قد يقع في كلفة تحصيل المقدار المبذول، وهو ضرر آخر.

ومن هنا، اندفع ما يقال في ترجيح البدل على الخيار: بأنّ إلزام الغابن بالفسخ ضرر عليه، لتعلّق غرض الناس بما ينتقل اليهم من أعواض أموالهم، خصوصاً النقود، ونقض الغرض ضرر وإن لم يبلغ حدّ المعاوضة لضرر المغبون.

مع أنّه يرد عليه - أيضاً - بأنّ غرض المغبون قد يتعلّق بتملّك عين ذات قيمته، لكون المقصود اقتناءها للتجمّل، والتجمّل بذات القيمة اليسيرة مستنكف عنه.

وقد يجاب عن احتمال البذل باستصحاب الخيار معه.

ويرد عليه: أن ذلك يدفع احتمال التخيير بين الفسخ والبذل ابتداءً.

ولو قلنا: إنّ الفسخ مرتّب على عدم البذل، وإنّ الخيار يثبت على الممتنع، دون الباذل فلا مجرى للاستصحاب، لعدم ثبوت الخيار ما لم يمتنع الغابن عن البذل.

الخامس: بعض الأخبار الخاصّة كما عن الكافي بسنده الى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: غبن المسترسل سحت(١) .

وعن الميسرة عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، قال: غبن المؤمن حرام(٢) .

____________________

(١) فروع الكافي: ج ٥ ص ١٥٣ ح ١٤، وسائل الشيعة : ب ١٧ من ابواب الخيار ح ١ ج ٢ ص ٣٦٣.

(٢) فروع الكافي: ج ٥ ص ١٥٣ ح ١٥، وسائل الشيعة: ب ١٧ من ابواب الخيار ح ١ ج ٢ ص ٣٦٤ فيهما عن ميسّر.

٥٤٦

وفي روايةٍ اخرى: لا تغبن المسترسل فإنّ غبنه لا يحلّ(١) . وعن مجمع البحرين: أنّ الاسترسال: الاستيناس والطمأنينة الى الانسان، والثقة به فيما يحدثه، وأصله السكون والثبات، ومنه الحديث: أيّما مسلمٍ استرسل الى مسلمٍ فغبنه فهو كذا، ومنه غبن المسترسل سحت(٢) .

قلت: إمّا دلالة ما عدا خبر ابن عمار فيمكن منعها، لاحتمال أن يكون المراد منها حرمة الخيانة في المشاورة، فيكون الغبن من الخديعة في الرأي.

وأمّا رواية ابن عمار فيرد عليه: أنّه يحتمل أن يكون المراد منها: أنّ الغابن بمنزلة آكل السحت في استحقاق العقاب على أصل العمل، وهي الخديعة في أخذ المال.

ويحتمل أن يراد: كون المقدار الزائد الذي يأخذه زائداً على ما يستحقّه بمنزلة السحت في الحرمة، والضمان.

ويحتمل أن يراد: كون مجموع العوض المشتمل على الزيادة بمنزلة السحت في تحريم الأكل في صورة خاصّةٍ، وهي اطّلاع المغبون، وردّه للمعاملة المغبون فيها. ولا ريب أنّ الحمل على أحد الأوّلين أولى، ولا أقلّ من المساواة للثالث فلا دلالة. كذا ذكره شيخنا في المكاسب(٣) -رحمه‌الله -.

قلت: مراده من حرمة الزيادة وضمانها: إن كان حرمة الأخذ، مع كونها بعد التملّك حلالاً، وضمانها بمعنى وجوب ردّ قيمتها إن طلبه المغبون، لينطبق على احتمال تعيين بذل التفاوت فلا ريب أنّه في غاية مخالفة الظاهر.

وإن أراد الحرمة حتى بعد الأخذ وضمانها - يعني وجوب ردّها أو بدلها عند التلف - فهو مخالف للإجماع، لأنّه قبل الاطّلاع على الغبن لا يجب دفع شيء.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢ من ابواب اداب التجارة ح ٧ ج ١٢ ص ٢٨٥.

(٢) مجمع البحرين: ج ٥ ص ٣٨٣.

(٣) المكاسب: الخيارات ص ٢٣٥.

٥٤٧

وإن أراد ذلك بعد طلب المغبون، لينطبق على احتمال الفسخ في البعض فلا يقصر عنه المعنى الثالث. ولكنّك خبير بأنّ الدلالة لا تتمّ بتقليل الاحتمال.

مسألة: يعتبر في ثبوت هذا الخيار أمران:

الأوّل: جهل المغبون بالغبن. وتحقيقه: أنّ المغبون إمّا غير ملتفتٍ الى الغبن. أو ملتفت اليه، معتقد عدمه. أو ملتفت اليه وشاك فيه لا إشكال في ثبوته في الأوليين.

وأمّا الأخير: ففي ثبوته فيها إشكال: من أنّه مقدم على الضرر، لأنّ احتماله قائم لديه، والمقدم على محتمل الضرر مقدم على الضرر، ولذا يستحقّ اللوم والذمّ عند العقلاء. ومن أنّه لمّا كان بناء العقلاء على سلطنة المغبون على الردّ لم يكن البيع مع الشكّ في الغبن ما لم يكن مقراً(١) بالالتزام به على جميع التقادير، إقداماً على الضرر. والأقرب مع تسليم بناء العقلاء هو الأخير، ولا يبعد تسليمه.

وأمّا ما يقال: من أنّ الخارج عن عموم (لا ضرر) هو صورة العلم بالغبن، ففيه أنه مع تسليم الإقدام في صورة الشكّ لا وجه للتمسّك بالعموم، وليس عدم الخيار في صورة العلم تخصيصاً في حديث نفي الضرر، بل مع الإقدام لا مورد له، لان الضرر اللازم - حينئذٍ - ليس من حكم الشارع.

ولو أقدم على غبنٍ فبان أزيد، فإن كان الزائد لا يتسامح به فلا إشكال في ثبوت الخيار، لأنّه سبب مستقلّ في ثبوته، مع فرض عدم المزيد عليه، فمع وجوده أولى لتأكّده بالانضمام.

وإن كان ممّا يتسامح به، فإن لم يكن المزيد عليه ممّا لا يتسامح به لا منفرداً، ولا مع الانضام بالزيادة فلا إشكال في عدم الخيار.

وإن كان ممّا لا يتسامح به منفرداً، أو مع الزيادة ففي ثبوت الخيار وجهان:

من أنّ الزائد لا يكون سبباً، والمزيد عليه في حكم العدم للإقدام عليه.

____________________

(١) معترفاً (خ ل).

٥٤٨

ومن أنّ البعض المقدم عليه هو البعض حال عدم الزيادة فمعها لا يكون مقدماً عليه، فهو: إن كان ممّا لا يتسامح به سبباً للخيار بنفسه يتأكّد بالزيادة. وإن لم يكن ممّا لا يتسامح كان المجموع سبباً لحصوله.

والحاصل: أنّ الغبن الحاصل لا يكون مقدماً عليه، ولا ممّا لا يتسامح به، فهو جامع لما يعتبر في إيجابه الخيار وهذا هو الأقوى.

الثاني: أن يكون النقص عن قيمة الشك حاصلاً حال البيع فحصوله بعده لا ينفع إثبات الخيار.

كما أنّ الزيادة بعده اذا كان النقص حاصلاً حاله لا يرفع الخيار، لأنّها حصلت في ملك المغبون، والمعاملة وقعت على الغبن. ويحتمل عدم الخيار، لأنّ الغرض منه تدارك الضرر، وقد حصل ذلك بالزيادة. ويدفعه أن ذلك ليس تداركاً، بل هو يشبه الهيئة المستقلّة.

وأمّا ما حكي عن العلاّمة(١) في خيار العيب من أنّه: اذا حصل الردّ قبل الردّ، سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده سقط الردّ، فيمكن الفرق بينه وبين ما نحن فيه، بأنّ سبب الخيار - هناك - هو العيب، وقد ارتفع، والخيار - هنا - سبب عن الضرر، وهو غير مرتفع، لأنّ الزيادة الحاصلة بكونها في ملك المغبون نفع جديد، فلا يكون ما حصل مرتفعاً.

ولكنّ ذلك فيما اذا كان العقد بنفسه مفيداً للملك. وأمّا اذا كان غير مفيدٍ له، وارتفع النقصان عند حصول شرط الإفادة - كالقبض - ففي ثبوت الخيار - هنا - اشكال، إذ معه لا يتحقّق الضرر، لأنّ المال لم يخرج عن ملك المغبون ما نقص من قيمته.

ومن هنا يشكل الحكم بثبوت الخيار قبل حصول القبض، ولو كان الغبن متحقّقاً، إذ لا يترتّب على اللزوم - حينئذٍ - ضرر من هذه الجهة. نعم، ذلك بناء

____________________

(١) المكاسب: الخيارات ص ٢٦١ س ٤، تذكرة الفقهاء: ج ١ ص ٥٤١ س ٢٣.

٥٤٩

على ما نسب الى العلاّمة من إيجاب القبض في الصرف لازم، لأنّ إقباض المال بإزاء ما ينقص عن قيمته ضرر.

وأشكل من ذلك حصول النقص عن قيمة المثل بعد العقد، وقبل القبض، في مثل بيع الصرف لصدق الضرر، فهو يقتضي ثبوت الخيار، وذلك ينافي ما مرّ من عدم العبرة بالنقص بعد العقد.

والحاصل: أنّ مقتضى حديث نفي الضرر مراعاة الغبن، وجوداً وعدماً في حال الانتقال، التي هي في بيع الصرف زمان حصول القبض، ومقتضى التسالم على اعتباره حين العقد ينافي ذلك، فلا مناص: إمّا من تخصيص حديث الضرر، أو دعوى أنّ كلام القوم محمول على الاعتباريّة حال اجتماع شرائط الصحة، والعقد في مثل الصرف، قبل القبض لم تجتمع بعد شرائط صحته.

ولكنّه خلاف ظاهر معقد إجماع التذكرة، فأنّه قال: ولو كانتا - يعني الزيادة والنقيصة - بعده لم يعتدّ بهما إجماعاً(١) .

الثالث: أن يكون التفاوت فاحشاً، فمثل الواحد في العشرين، بل الاثنين لا يكون موجباً للغبن.

والمراد من الفاحش كما عن التذكرة: ما لا يتغابن الناس بمثله(٢) .

وحكى عن المسالك:(٣) أنّ التفاوت بالثلث لا يوجب الخيار، وإن كان باكثر من الثلث أوجه.

وأجاب عنه: بأنّه تخمين لم يشهد(٤) له أصل في الشرع(٥) انتهى. ولا ريب أنّ

____________________

(١) تذكرة الفقهاء: ج ١ ص ٥٢٣ س ٦.

(٢) تذكرة الفقهاء: ج ١ ص ٥٢٣ س ٣.

(٣) كذا في المخطوط، ولم نعثر على ما يساوق الكلام من كتاب المسالك، والظاهر أنّه « مالك » كما ذكر مضمونه في التذكرة بعد قوله: « قال مالك ».

(٤) في المخطوط؛ « لم يشبّه »، والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

(٥) تذكرة الفقهاء: ج ١ ص ٥٢٣ س ٩.

٥٥٠

التفاوت بالثلث، بل الربع لا يتغابن الناس به، إنّما الإشكال في الجنس، ونفى البعد(١) عن عدم المسامحة له في المكاسب(٢) . وحكي التصريح عن المحقق القمي(٣) .

وهل المرجع عند الشك في كون التفاوت فاحشاً أصالة اللزوم، لأنّ عموم (لا ضرر) بعد اختصاصه بغير الفاحش لا يثبت الخيار فيما يشكّ في كونه فاحشاً ؟ بناءً على أنّ المرجع في الشبهات المصداقية هو الأصل الذي يقتضيه المقام، أو هو العموم، لأنّ الشبهة في المصداق ناشئة من إجمال المخصّص، مع دوران الأمر في المخرج عن العموم بين الأقل والاكثر، لأنّ عدم العلم بمقدار التفاوت الفاحش أوجب الجهل بكون هذا المقدار من التفاوت فاحشاً. والمرجع - حينئذٍ - هو عموم العام لسلامته بالنسبة الى الزائد عن المعارض، فيخصّص به الأصل، والعمومات المقتضية للزوم العقود. والأقوى هو الأخير.

مسألة: يسقط هذا الخيار بأمور:

أحدها: التصرف، وهو إمّا مانع عن رجوع العين كالبيع والاستيلاد، أو غير مانع عنه، وكلّ منهما، إمّا أن يكون قبل العلم بالغبن، أو بعده.

فنقول: أمّا التي لا تمنع رجوع العين فالظاهر أنّها إن كانت قبل العلم بالغبن لا تؤثّر السقوط، والظاهر أنّه مجمع عليه بين الأصحلاب. ولولاه لكانت المناقشة فيه، بناء على أنّ سقوط الخيار بالتصرّف لكونه مسقطاً في نفسه، لا لأنّه كاشف عن الرضا متوجّه.

إلاّ أن يقال: إنّ النصوص الدالّة على أنّ التصرف مسقط موردها خيار العيب والحيوان، وإلحاق غيرهما بهما أنّما هو بالاتّفاق المفقود هنا. فعدم الاتفاق كافٍ في عدم السقوط.

____________________

(١) في المخطوط: « النقد »، والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

(٢) المكاسب: الخيارات ٢٣٦ س ٢٨.

(٣) جامع الشتات: كتاب التجارة ج ١ ص ١١١ س ٢٥، المكاسب: الخيارات ص ٢٣٧. نقلاً عنه.

٥٥١

وإن كانت بعد العلم به فالظاهر أنّها مسقطة. وما يمكن الاستدلال به على ذلك امور:

أحدها: بعض معاقد الاجماعات من أنّ التصرف من ذي الخيار فيما انتقل اليه إجازة، وفي ما ينقل عنه فسخ.

قلت: انصرافه الى الجاهل بثبوت الخيار ممنوع، لأنّ الظاهر أنّ مناط الكلام هو كونه كاشفاً، ويعترف المغبون لا كاشفية له عن حصول الرضا بالضرر، والالتزام به لجواز أن يكون الالتزام منشأه توهّم كون الحكم الأصليّ هو اللزوم.

وثانيها: عموم التعليل في قولهعليه‌السلام : (فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً فذلك رضا منه ولا شرط له)(١) بناء على أنّ المراد ليس تنزيل التصرف منزلة الرضا، أو الالتزام تعبداً، وأنّ المراد تعليل الحكم بعدم الشرط على تقدير الحدث بكون ذلك رضاً والتزاماً ولو بملاحظة نوعه. ولا ريب ان العلة تعميم الحكم بمقدار عمومها.

وفيه: أولاً: منع كون المراد من قوله: (فذلك رضاً) التعليل سلّمنا ذلك، ولكن كون الالتزام هنا مسقطاً في نفسه، لا لملازمة أمرٍ آخر - كحصول الإسقاط العرفي - ممنوع، لأنّ الدليل على ذلك: إمّا نفس الخيار بناء على أنّه السلطنة على الالتزام والفسخ، ولو لم يكن الالتزام مسقطاً لم يكن طرف الفسخ، بل كان الطرف ترك الفسخ.

وإمّا التعليل المذكور، ضرورة أنّ كون علة زوال الشرط بالتصرف كونه التزاماً يقتضي زوال الشرط متى حصل الالتزام وإن لم يكن تصرفاً.

والخيار بالمعنى المذكور لم يدلّ دليل على ثبوته للمغبون، لأنّ الضرر يندفع بالسلطنة على الفسخ، والشرط المنع بالتصرف المعلّل نفيه به بكونه التزاماً هو الخيار بذلك المعنى.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤ من ابواب الخيار ح ١ ج ١٢ ص ٣٥٠.

٥٥٢

ولا ريب أنّ غاية ما يقتضيه هذا التعليل هو أنّ الالتزام متى حصل يزيل الشرط بذلك المعنى.

والحاصل: أنّ التعليل أنّما اقتضى أن يكون التصرّف التزاماً، فحيث لا حكم للالتزام لا يثبت له أيضاً حكم.

فإن قلت هنا: إنّ الالتزام في نفسه ليس مسقطاً، لكنّه يلزمه إسقاط الخيار، وهو مؤثّر.

قلنا: فالمسقط هو الإسقاط، ولزوم الاسقاط للالتزام المستكشف عن التصرف ممنوع، والملازمة بين إنشاء الالزام والإسقاط عرفيّة، بمعنى أنّ المفهوم من نحو ألزمت: هو الاسقاط، وإلاّ فمفهوم الالتزام أعمّ من الاسقاط، ويمكن حصوله بدون حصول الاسقاط.

اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ الظاهر من الأصحاب أنّ الخيار الثابت هنا لا يغاير الخيارات الأصلية ذاتاً، وأنّ الفرق بينه وبينها أنّما هو خصوص كونه عرضيّاً، وكونها أصليّة، فسقوطها بالالتزام يلزمه سقوط ذلك به أيضاً.

والحاصل: أنّ الخيارات الأصلية: إن كانت بصفتها هي السلطنة على الفسخ، وعدمه كان عموم التعليل الدالّ على أنّ الالتزام مسقط، دالاًّ على كونه مسقطاً لهذا الخيار، لأنّ ذلك لا ينافيها بصفة.

وإن كانت حقيقتها السلطنة على الفسخ والالتزام كان دليل الضرر بمعونة اتفاق الأصحاب على عدم الفرق بين هذا الخيار، وغيره مثبتاً لتلك الحقيقة للمغبون. وقد عرفت أنّ الحكم بثبوتها يقتضي كون الالتزام مسقطاً، فتأمّل.

وثالثها: أنّه لا دليل على ثبوت الخيار بعد التصرف الكاشف عن الالتزام، لأنّ الدليل عليه: إن كان هو الاتفاق فهو مفقود، وإن كان حديث الضرر فما يقتضي عدم شموله للمقدم على الضرر يقتضي عدم شموله للملتزم أيضاً.

وبالجملة: الإقدام والالتزام يشتركان في أنّه مع حصولهما يصدق على الحكم باللزوم أنّه حكم ضرري صدر من الشارع، وأنّه يصحّ معهما أن يستند الضرر الى

٥٥٣

فعل المغبون.

ومن هنا علم، أنّه لا وجه لاستصحاب الخيار، لأنّ موضوعه - وهو عن الملتزم بالضرر - منتفٍ بعد الالتزام، بل الشكّ في كون الموضوع ما يبقى بعد الالتزام، أو يرتفع كافٍ في عدم صحّة الاستصحاب. فانقدح أنّه لا وجه للاستصحاب - أيضاً - على تقدير كون المستند في ثبوت الخيار هو الاتفاق، لاحتمال أن يكون موضوع الحكم المتّفق عليه ما يرتفع بالالتزام.

وفيه: بعد منع كون التصرف من الجاهل بالخيار التزاماً بالضرر، لاحتمال أن يكون ناشئاً من اعتقاد عدم التمكّن من الردّ أنّ التصرف لا يوجب القطع بالالتزام.

نعم، لو دلّ دليل على أنّ ظهور التصرف في حصول الالتزام كافٍ في الحكم بثبوته تعبّداً كعموم التعليل بتقريب أنّ الحكم بكون التصرف التزاماً، مع إمكان التخلّف يلزمه اعتبار الظهور النوعي كان عدم شمول الحديث للملتزم كافياً في الحكم بعدم الخيار، ولو بمعونة استصحاب بقاء أثر العقد بعد فسخ المغبون الملتزم.

الاّ أن يقال:

إنّ الشكّ في حصول الالتزام كافٍ في الحكم بعدم الخيار، لأنّ أصالة عدم الالتزام لا يثبت الخيار، لأنّ مقتضى الحديث ارتفاع اللزوم، حيث ما لو نفي صدق عليه أنّه إضرار من الشارع، وهذا عند عدم الالتزام ليس من أحكامه الشرعية.

كما لا يخفى بقي - هنا - أمر ينبغي التنبيه عليه، وهو أنّ مقتضى قولهعليه‌السلام : (فذلك) يعني أنّ التصرف التزام نوعي، ولا ريب أنّ ذلك بالنسبة الى الجاهل بالخيار قابل للمنع، حتى في الخيارات الأصلية.

ويمكن الجواب عنه: تارةً بأنّ الجهل بثبوت الخيار، واعتقاد اللزوم يصير داعياً للالتزام، والتصرف في المبيع، فالالتزام حاصل. غاية الأمر: أنّ الداعي لذلك هو الجهل.

واخرى بأنّ الحكم بكون التصرف التزاماً أنّما هو بالنظر الى ذاته، مع قطع النظر عن الحكم الشرعي. ولا ريب أنّ بناء العرف والعادة ما لم يكن بناءهم على

٥٥٤

الالتزام بالعهد على ترك التصرف، ولو رد واحد المبيع بعد التصرف أحياناً بعد تصرفه، مانعاً من سلطنته على الردّ. ويلازم(١) على الردّ في هذه الحالة - وما سبق - من منع كون التصرف من الجاهل التزاماً، أردنا به أنّه ليس التزاماً حقيقةً على وجهٍ يصحّ معه سبب الاضرار عن الحكم باللزوم. وهذا لا ينافي كونه التزاماً بهذا المعنى، فتأمل.

وأمّا التصرف المانع عن رجوع العين، فإن كان بعد العلم بالغبن فهو كغيره، بل هو أولى بسقوط الخيار به، وإن كان قبله فالمحكيّ عن المشهور(٢) إسقاطه الخيار، وفي الحكاية نظر؛ ففي نفي القول به عن من سبق على المحقّق.

وكيف كان؛ فاستدلّ العلاّمة -رحمه‌الله - في التذكرة(٣) - كما حكي - بأنّه لا يمكن استدراك الخيار مع فوات العين، وهو بظاهره مع عدم إناطته الخيار بإمكان ردّ العين مشكل.

وقد يوجّه بأنّ حديث الضرر لا يثبت إلاّ السلطنة على ردّ العين وجه ضرر المغبون بلزوم البيع - حينئذٍ - معارض بضرر صاحبه بإلزامه بقبول البدل، مؤيّداً بأنّ نقل العين التزام من المغبون بالبيع وإن جهل بالغبن.

والجواب: أنّ لزوم البيع بعد عدم إمكان الردّ - أيضاً - ضرر، والتصرف مع الجهل كيفما كان لا يكون التزاماً بالضرر، فلا مخصّص للحديث بصورة إمكان ردّ العين، والمعارضة ممنوعة، لأنّ ردّ المثل على الغابن لا ضرر فيه، وكذا ردّ القيمة على تقدير كون ملك الغابن قيميّاً، لأنّ تعريضه للبيع كاشف عن إرادة القيمة.

قلت: مجرّد التعريض للبيع لا يدلّ على الإعراض عن الخصوصيّة، خصوصية العين والرضا بكلّ ما كان بدلا له فقد يكون الغرض من التعريض تحصيل عوض

____________________

(١) يلام. (خ).

(٢) المكاسب: الخيارات ص ٢٣٩.

(٣) تذكرة الفقهاء: ج ١ ص ٥٢٣ س ١٣.

٥٥٥

خاص ولو بحسب المالية.

نعم، بيعه يدلّ على الإعراض عنه في مقابلة البدل المسمّى، وهو لا يفيد، مع أنّ هذا أنّما يسلّم فيما لو كان الغابن هو البائع، ولو كان المشتري فالمنع أقوى، لأنّ دلالة المعاوضة الخاصّة على الإعراض عن الخصوصية - مطلقاً - معلومة العدم، ولا تعريض منه غير ذلك فيدّعي دلالته على الاعراض عن الخصوصية.

والحاصل: أنّ البائع لكونه غالباً طالباً للبيع، وواضعاً لمتاعه في محلّ طلب الناس لحوائجهم يمكن أن يقال: إنّه معرض عن الخصوصية مطلقاً، وليس هكذا المشتري، لأنّ الغالب فيه بالعكس.

فالأولى أن يقال: إنّ ضرر المغبون ماليّ، وضرر الغابن إن كان فهو باعتبار مخالفة المردود اليه لغرضه، وعند التعارض بينهما يقدّم الأوّلي، لأنّه أقوى بحسب نوعه، مع أنّه قد يكون المغبون مغروراً من الغابن، فلا يعارض ضرر المغبون بضرره.

ثم إنّه قد يفرّق: بين ما لو كان المغبون المشتري فليس له الردّ مع التصرف الناقل، وبين ما لو كان البائع فله الردّ، وهو مشكل، لأنّ قضية التعليل عدم الفرق، بل التأمّل في بعض ما سبق يقضي بأولويّة الحكم في طرف البائع.

نعم، لو كان سند المنع هو الإجماع، وادّعى إمكانه في طرف البائع كان الفرق وجيهاً.

وبالجملة: مقتضى التعليل بعدم إمكان الاستدلال عدم الفرق بينهما، كما أنّ مقتضاه عدم كون الناقل الجائز مسقطاً.

غاية الأمر: أنّ الفسخ قبل الرجوع الى العين لا يؤثّر، لأنّه لا يستدرك به الضرر، لأنّه لا يقتضي ردّ العين.

فمعنى بقاء الخيار: سلطنة المغبون على الفسخ بعد الرجوع، ومقتضاه - أيضاً - عدم الفرق في سقوط الخيار بين أقسام موانع الردّ من كونه مخرجاً للملك، أو فكّاً له كالعتق والوقف إمّا مانعاً عن التلقي من المغبون كالاستيلاد، أو كونه فقد العين كما لو تلف المبيع قبل العلم بالغبن، ولو زال المانع كما لو مات ولد امّ الولد، أو

٥٥٦

انفسخ العقد، ففي عود الخيار، وعدمه وجهان:

من أنّ الضرر يمكن تداركه، ومن أنّ اللازم لا ينقلب جائزاً، وفيه منع، ولو عاد المبيع الى المغبون بعقدٍ جديدٍ ففي عود الخيار إشكال، حيث أنّ الفسخ لا يقتضي ردّ المبيع، لأنّه يقتضي زوال ملك المغبون المستند الى العقد الأوّل، لأنّه رفع له دون ملكه المستند الى العقد الثاني، وإمكان ردّ العين في الخارج لا يؤثّر في الخيار، لأنّ الظاهر أنّ المراد الاستدراك بالفسخ، وبه لا يستدرك.

اللهمّ إلاّ أن يمنع ذلك بأن يقال: إنّ قضية الفسخ إبطال العقد، ومقتضاه رجوع العين أو الأقرب اليه من إبداله. ورجوع العين - هنا - وإن لم يمكن بالأصالة ولكن ممكن بمقتضى الأقربيّة.

والحاصل: أنّ مناط الرجوع الى البدل يوجب الرجوع الى العين، ويؤيّده ما قيل بجواز ردّ العين المفترضة أداءً، مع أنّ ما في الذمّة هو المثل أو القيمة نظراً الى أنّه أقرب منها، فتأمل.

وفي لحوق الإجارة لامتناع الردّ وعدمه، لأن المستثنى هو التصرف المخرج وجهان، بل قولان:

قلت: إن اريد من امتناع الانتقال بالفسخ فالمنع ظاهر، وإن اريد امتناع التسليم لكونه تجب سلطنة المستأجر ففيه: أنّ الظاهر أنّ المراد عدم إمكان الاستدراك، لعدم قابلية العين للردّ بالفسخ الا أن يقال:

انّ المراد: عدم إمكان الاستدراك بالفسخ، إمّا لعدم اقتضائه انتقال العين من المغبون الى الغابن، أو لعدم اقتضائه - بعد الانتقال - سلطنة الغابن على تسليم العين.

ومن هنا انقدح أنّه لو كان الاطّلاع على الغبن بعد انقضاء مدّة الأجارة، أو انفساخها فلا إشكال في ثبوت الخيار، وكذا لو كان الاطّلاع عليه بعد انفساخ العقد اللازم الناقل للعين، لأنّه لا يستلزم الخيار انقلاب اللازم جائزاً، ولو كان بعد العود بنقلٍ جديدٍ فالإشكال في ثبوت الخيار بحاله، كما يدعو اليه التأمّل فيما سبق.

ولو كان التصرف بالامتزاج فلا ردّ، ولو لم يكن الامتزاج موجباً لإلحاق العين

٥٥٧

بالتالف، لأنّ معه - لحصول الشركة بعد الانفساخ ورجوع العين الى الغابن في المال الممزج - لا يمكن تسليم العين، بل يمكن أن يقال:

إنّه لا يمكن الرجوع الى الغابن بالفسخ، لخروج العين بالامتزاج عن قابلية الانتقال على غير نحو الإشاعة، بناء على أنّ الشركة الحاصلة بالامتزاج واقعة قهرية، لا ظاهرية، لأنّه يستفاد من ذلك أنّ الامتزاج مانع عن تعلّق الملك بالعين على وجه التميّز، فتأمل.

ولو تغيّرت العين بالنقيصة الموجبة للإرش فكذا لا خيار، لامتناع الاستدراك بردّ العين، وكذا لو تغيّرت بالزيادة، فإن اوجبت الشركة فلا خيار، وبدونه فلا مانع منه. ولعلّه تأتي الإشارة الى أقسامها عن قريب، إن شاء اللّه تعالى.

وهذا كلّه في تصرف المغبون، وأمّا تصرف الغابن فلا وجه لسقوط الخيار به.

وعليه، فلو كان ناقلاً فهل للمغبون إبطاله من حينه، أو من أصله، أو لا لا يكون له إلاّ الرجوع الى البدل؟ وجوه:

والدليل على الأوّل: إمّا على ثبوت الخيار فهو أنّ العقد وقع في متعلّق حقّ المغبون، وكان ظهور الغبن كاشفاً عن تحقّقه، وسبباً لظهوره، فله الخيار في الاسترداد قضاءً لحقّه. وإمّا على عدم البطلان من رأس فهو أنّ العقد وقع في ملك الغابن باختياره، فالعلّة التامّة للانتقال - وهي العقد والرضا - متحقّقة.

وعلى الثاني: منع حصول العلّة التامّة لتوقّف صحّة العقد الواقع على متعلّق حقّ الغير على رضاه، مقارناً أو لاحقاً، وفسخ المغبون بمنزلة الردّ له.

ولذا كان بيع الرهن كالفضوليّ، موقوفاً على رضا المرتهن على أنّه لو كان صحيحاً كان لازماً، لأنّ فسخ المغبون أنّما يقتضي تلقّي الملك من الغابن، دون المشتري. إلاّ أن يقال: إنّ فسخه يوجب خروج العين عن ملك المشتري الى ملك الغابن أيّاً ما، فينتقل الى ملك المغبون.

وعلى الثالث: منع ثبوت الحقّ للمغبون، إمّا لأنّ حقّه يحدث بعد ظهور الغبن، أو لأنّ تصرفات من ليس له الخيار في زمان الخيار صحيح لازم، بناء على عدم

٥٥٨

اقتضاء الخيار بثبوت حقّ في العين، بل هو ملك فسخ، وقبضه مع بقاء العين على ملك الغابن رجوعها، ومع عدمه رجوع البدل، إمّا لأنّ المبيع ينتقل الى البائع تالفاً فيستحق بدله من تالفه، أو لأنّ الرجوع الى البدل بعد الانفساخ من أحكام الفسخ، شرعاً أو عرفاً.

وأمّا ما كان فلا وجه للخيار، لمعنى سلطنة استرداد العين بعد حصول النقل اللازم، ومحلّ إشباع الكلام في هذا المقام باب الأحكام.

والظاهر أنّ الاستيلاد والعتق كالنقل اللازم. ولكنّ الوجه الأوّل لا يتأتى في العتق، وما في معناه(١) من العقود والايقاعات التي لا تقبل الانفساخ فالمتعيّن فيها: إمّا البطلان من رأس، أو اللزوم.

وربّما يحتمل في خصوص الاستيلاد ثبوت الخيار لسبق على الاستيلاد، والفارق بينه وبين الناقل اللازم غير معلومٍ. والظاهر أنّ العقد الجائز كاللازم في الوجوه السابقة. هذا كلّه في العقد اللازم.

وأمّا الجائز، فالظاهر أنّه كذلك تتأتى فيه الوجوه الثلاثة، وذلك في الأوّلين ظاهر، وكذا على الأخير، لأنّ قضية الفسخ الرجوع الى العين اذا كانت في ملك المفسوخ عليه، وجواز العقد المتخلّل بين عقد المغبون، وفسخه يقتضي سلطنة الغابن على الرجوع، دون غيره، بل لو فرضنا أنّ جوازه يوجب سلطنة المغبون لم يكن مجرّد الفسخ المتعلّق بالعقد الأوّل رافعاً للعقد الجائز، لما عرفت أنّ صحّة الفسخ لا تتوقّف على إمكان رجوع العين.

ومن هنا علم، أنّه لا يلزم - على الوجه الأوّل من الوجوه المتقدّمة في العقد اللازم من انفساخ العقد الأوّل - إنفساخ العقد الثاني، وكون حقّ المغبون - أوّلاً وبالذات - متعلّقاً بالعين لا يقتضي إلاّ السلطنة على استرداد العين، وفسخ العقد الأوّل إنّما يكون استرداداً للعين اذا كانت العين في ملك المفسوخ عليه.

والحاصل: أنّ خيار المغبون أوجب تزلزل العقد الواقع على متعلّق خياره، وهو

____________________

(١) في المخطوط: معناها، تصحيف.

٥٥٩

إنّما يوجب البطلان اذا صدر منه ما يوجبه. وفسخ العقد الأوّل بنفسه لا يوجب بطلان الثاني، فمعنى تزلزل سلطنة المغبون على إبطاله فلو قصد بفسخه إبطال العقدين كان مقتضاه رجوع العين اليه.

وبالجملة، غاية ما دلّ عليه دليل الوجه الأوّل: هو عدم ارتفاع سلطنة المغبون على استرداد العين بنقل العين، وهو إنّما يوجب كون النقل متزلزلاً، وكونه مفسوخاً بفسخ العقد الأوّل فلم يثبت بذلك، وإنّما يثبت ذلك اذا تبيّن أنّ حقيقة الفسخ توجب الرجوع الى العين.

وهذا ليس من مقتضيات ما ذكر دليلاً. وعن المسالك: لو كان الناقل مما يمكن إبطاله - كالبيع - بخيار بالفسخ، فإن امتنع فسخه الحاكم، وإن امتنع فسخه المغبون(١) - انتهى.

أقول: إن أراد من ذلك الإلزام بعد فسخ المغبون ففيه: أنّ فسخ المغبون للعقد الأوّل إن أثّر في إبطال ذلك فلا حاجة الى ما ذكر، وإن لم يؤثّر كان مقتضاه رجوع البدل اليه، ومعه لا وجه لإبطال العقد الثاني، وأخذ العين بعد تملّكه للبدل.

ودعوى أنّ ملكه للبدل أنّما كان للحيلولة فلا ينافي سلطنته على استرداد العين. مدفوعة بأنّ الحيلولة أنّما تتصور اذا كانت العين ملكاً للمغبون، وصار الغابن حائلاً بينه وبين ماله.

وإن أراد من ذلك إلزامه قبل فسخ المغبون ففيه: أنّ خيار المغبون متعلّق بنفس العقد، وليس له حقّ في العين، ولو فرض حقّ في العين كان مقتضاه سلطنته على الفسخ، ولا وجه للرجوع الى الحاكم بعد امتناعه، بل لم يكن وجه لإلتزام الغابن بالفسخ أيضاً.

وبما ذكرنا علم، أنّه لو عاد الملك الى الغابن بفسخ العقد الجائز فإن كان بعد فسخ المغبون فلا رجوع له اليه، لأنّه استحقّ البدل بالفسخ. وإن كان قبله استحقّه بالفسخ، ولو عاد اليه بملكٍ جديدٍ فالظاهر عدم استحقاق المغبون له مطلقاً.

____________________

(١) مسالك الأفهام: ج ١ ص ١٨٠ س ٦.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749