تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356979 / تحميل: 4859
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد،عن الحارث بن حصين،عن عبد الله بن شريك،قال:خرج حجر بن عدي و عمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام،فأرسل علي(عليه‌السلام )إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما فأتياه،فقالا:يا أمير المؤمنين،ألسنا محقين ؟ قال:بلى.قالا:أو ليسوا مبطلين ؟ قال:بلى.قالا:فلم منعتنا من شتمهم ؟ قال:كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون و تتبرءون،و لكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا و كذا،و من أعمالهم كذا و كذا كان أصوب في القول،و أبلغ في العذر،و قلتم مكان لعنكم إياهم و براءتكم منهم،اللهم احقن دماءهم و دماءنا،و أصلح ذات بينهم و بيننا،و اهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله،و يرعوي عن الغي و العدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي و خيرا لكم،فقالا:يا أمير المؤمنين،نقبل عظتك و نتأدب بأدبك.قال نصر:و قال له عمرو بن الحمق:يومئذ و الله يا أمير المؤمنين،إني ما أحببتك و لا بايعتك على قرابة بيني و بينك و لا إرادة مال تؤتينيه،و لا التماس سلطان ترفع ذكري به،و لكنني أحببتك بخصال خمس إنك ابن عم رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و وصيه،و أبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و أسبق الناس إلى الإسلام و أعظم المهاجرين سهما في الجهاد،فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي و نزح البحور الطوامي،حتى يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك و أهين عدوك ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك.فقال علي(عليه‌السلام ):اللهم نور قلبه بالتقى و اهده إلى صراطك المستقيم

١٨١

ليت أن في جندي مائة مثلك،فقال حجر:إذا و الله يا أمير المؤمنين،صح جندك و قل فيهم من يغشك.قال نصر:و قام حجر بن عدي،فقال:يا أمير المؤمنين،نحن بنو الحرب و أهلها الذين نلقحها و ننتجها قد ضارستنا و ضارسناها،و لنا أعوان و عشيرة ذات عدد و رأي مجرب و بأس محمود،و أزمتنا منقادة لك بالسمع و الطاعة،فإن شرقت شرقنا و إن غربت غربنا و ما أمرتنا به من أمر فعلنا،فقال علي(عليه‌السلام ):أكل قومك يرى مثل رأيك ؟ قال:ما رأيت منهم إلا حسنا،و هذه يدي عنهم بالسمع و الطاعة و حسن الإجابة،فقال له علي(عليه‌السلام ):خيرا.قال نصر حدثنا عمر بن سعد قال كتب(عليه‌السلام )إلى عماله حينئذ يستفزهم،فكتب إلى مخنف بن سليم سلام عليك،فإني أحمد إليك الله الذي لا إله:إلا هو أما بعد،فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه و عب في نعاس العمى و الضلال اختيارا له فريضة على العارفين،إن الله يرضى عمن أرضاه،و يسخط على من عصاه،و إنا قد هممنا بالسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله،و استأثروا بالفي‏ء،و عطلوا الحدود،و أماتوا الحق،و أظهروا في الأرض الفساد،و اتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين،فإذا ولي لله أعظم أحداثهم أبغضوه،و أقصوه،و حرموه،و إذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه و أدنوه و بروه،فقد أصروا على الظلم و أجمعوا على الخلاف و قديما ما صدوا عن الحق،و تعاونوا على الإثم و كانوا ظالمين،فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك،و أقبل إلينا لعلك تلقى معنا هذا العدو

١٨٢

المحل،فتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر،و تجامع الحق و تباين الباطل،فإنه لا غناء بنا و لا بك عن أجر الجهاد،و حسبنا الله و نعم الوكيل.و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة سبع و ثلاثين.قال:فاستعمل مخنف على أصبهان الحارث بن أبي الحارث بن الربيع،و استعمل على همذان سعيد بن وهب،و كلاهما من قومه،و أقبل حتى شهد مع علي(عليه‌السلام )صفين.قال نصر:و كتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى علي(عليه‌السلام )يذكر له اختلاف أهل البصرة،فكتب إليه علي(عليه‌السلام )من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس،أما بعد،فقد قدم علي رسولك و قرأت كتابك تذكر فيه حال أهل البصرة و اختلافهم بعد انصرافي عنهم،و سأخبرك عن القوم و هم بين مقيم لرغبة يرجوها أو خائف من عقوبة يخشاها،فأرغب راغبهم بالعدل عليه و الإنصاف له و الإحسان إليه،و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم و انته إلى أمري و لا تعده و أحسن إلى هذا الحي من ربيعة و كل من قبلك،فأحسن إليه ما استطعت إن شاء الله.قال نصر:و كتب إلى أمراء أعماله كلهم بنحو ما كتب به إلى مخنف بن سليم و أقام ينتظرهم.قال:فحدثنا عمر بن سعد عن أبي روق،قال:قال زياد بن النضر الحارثي لعبد الله بن بديل إن يومنا اليوم عصبصب ما يصبر عليه إلا كل مشيع القلب الصادق

١٨٣

النية رابط الجأش،و ايم الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منهم،و لا منا إلا الرذال.فقال عبد الله بن بديل:أنا و الله أظن ذلك فبلغ كلامهما عليا(عليه‌السلام )،فقال لهما:ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه،و لا يسمعه منكما سامع إن الله كتب القتل على قوم و الموت على آخرين،و كل آتيه منيته كما كتب الله له،فطوبى للمجاهدين في سبيله و المقتولين في طاعته.قال نصر:فلما سمع هاشم بن عتبة ما قالاه:أتى عليا(عليه‌السلام )،فقال:سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم،الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم و عملوا في عباد الله بغير رضا الله،فأحلوا حرامه و حرموا حلاله،و استوى بهم الشيطان و وعدهم الأباطيل،و مناهم الأماني حتى أزاغهم عن الهدى،و قصد بهم قصد الردى،و حبب إليهم الدنيا،فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة،و انتجاز موعد ربنا،و أنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )رحما،و أفضل الناس سابقة و قدما و هم يا أمير المؤمنين،يعلمون منك مثل الذي نعلم،و لكن كتب عليهم الشقاء و مالت بهم الأهواء،و كانوا ظالمين فأيدينا مبسوطة لك بالسمع و الطاعة،و قلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة،و أنفسنا تنصرك على من خالفك و تولى الأمر دونك جذلة،و الله ما أحب أن لي ما على الأرض مما أقلت،و لا ما تحت السماء مما أظلت و أني واليت عدوا لك أو عاديت وليا لك،فقال(عليه‌السلام ):(اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك و المرافقة لنبيك).قال نصر:ثم إن عليا(عليه‌السلام )صعد المنبر،فخطب الناس و دعاهم إلى الجهاد،فبدأ بحمد الله و الثناء عليه،ثم قال:

١٨٤

إن الله قد أكرمكم بدينه و خلقكم لعبادته،فانصبوا أنفسكم في أداء حقه و تنجزوا موعوده،و اعلموا أن الله جعل أمراس الإسلام متينة و عراه وثيقة،ثم جعل الطاعة حظ الأنفس و رضا الرب و غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة،و قد حملت أمر أسودها و أحمرها،و لا قوة إلا بالله،و نحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه،و تناول ما ليس له و ما لا يدركه معاوية،و جنده الفئة الطاغية الباغية يقودهم إبليس،و يبرق لهم ببارق تسويفه و يدليهم بغروره،و أنتم أعلم الناس بالحلال و الحرام،فاستغنوا بما علمتم و احذروا ما حذركم الله من الشيطان،و ارغبوا فيما عنده من الأجر و الكرامة،و اعلموا أن المسلوب من سلب دينه و أمانته،و المغرور من آثر الضلالة على الهدى،فلا أعرفن أحدا منكم تقاعس عني،و قال:في غيري كفاية،فإن الذود إلى الذود إبل و من لا يذد عن حوضه يتهدم،ثم إني آمركم بالشدة في الأمر و الجهاد في سبيل الله،و ألا تغتابوا مسلما و انتظروا للنصر العاجل من الله إن شاء الله،قال نصر:ثم قام ابنه الحسن بن علي(عليه‌السلام )فقال:الحمد لله لا إله غيره و لا شريك له،ثم قال:إن مما عظم الله عليكم من حقه،و أسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره،و لا يؤدى شكره و لا يبلغه قول و لا صفة،و نحن إنما غضبنا لله و لكم إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم و استحكمت عقدتهم،فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية و جنوده و لا تخاذلوا،فإن الخذلان يقطع نياط القلوب،و إن الإفدام على الأسنة نخوة و عصمة لم يتمنع قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة،و كفاهم جوائح الذلة،و هداهم إلى معالم الملة،ثم أنشد:

١٨٥

و الصلح تأخذ منه ما رضيت به

و الحرب يكفيك من أنفاسها جرع

ثم قام الحسين بن علي(عليه‌السلام )،فحمد الله و أثنى عليه و قال:يا أهل الكوفة،أنتم الأحبة الكرماء و الشعار دون الدثار،جدوا في إطفاء ما دثر بينكم،و تسهيل ما توعر عليكم،ألا إن الحرب شرها ذريع،و طعمها فظيع فمن أخذ لها أهبتها،و استعد لها عدتها،و لم يألم كلومها قبل حلولها فذاك صاحبها و من عاجلها قبل أوان فرصتها و استبصار سعيه فيها،فذاك قمن ألا ينفع قومه و أن يهلك نفسه نسأل الله بقوته أن يدعمكم بالفيئة،ثم نزل،قال نصر:فأجاب عليا(عليه‌السلام )إلى السير جل الناس إلا أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوه فيهم عبيدة السلماني و أصحابه،فقالوا له:إنا نخرج معكم و لا نترك عسكركم و نعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم،و أمر أهل الشام فمن رأيناه أراد ما لا يحل له أو بدا لنا منه بغي كنا عليه،فقال لهم علي(عليه‌السلام ):مرحبا و أهلا هذا هو الفقه في الدين و العلم بالسنة من لم يرض بهذا،فهو خائن جبار.و أتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود منهم الربيع بن خثيم،و هم يومئذ أربعمائة رجل،فقالوا:يا أمير المؤمنين:إنا قد شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك و لا غناء بنا و لا بك و لا بالمسلمين عمن يقاتل العدو،فولنا بعض هذه الثغور نكمن،ثم نقاتل عن أهله فوجه علي(عليه‌السلام )بالربيع بن خثيم على ثغر الري،فكان أول لواء عقده(عليه‌السلام )بالكوفة لواء الربيع بن خثيم.

١٨٦

قال نصر:و حدثني عمر بن سعد،عن يوسف بن يزيد،عن عبد الله بن عوف بن الأحمر،أن عليا(عليه‌السلام )لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عباس بأهل البصرة،قال:و كان كتاب علي(عليه‌السلام )إلى ابن عباس،أما بعد،فاشخص إلي بمن قبلك من المسلمين و المؤمنين،و ذكرهم بلائي عندهم و عفوي عنهم في الحرب،و أعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل و السلام.قال:فلما وصل كتابه إلى ابن عباس بالبصرة،قام في الناس فقرأ عليهم الكتاب،و حمد الله و أثنى عليه،و قال:أيها الناس،استعدوا للشخوص إلى إمامكم و انفروا خفافا و ثقالا،و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم،فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن،و لا يعرفون حكم الكتاب،و لا يدينون دين الحق مع أمير المؤمنين،و ابن عم رسول الله الآمر بالمعروف،و الناهي عن المنكر،و الصادع بالحق و القيم بالهدى،و الحاكم بحكم الكتاب الذي لا يرتشي في الحكم و لا يداهن الفجار،و لا تأخذه في الله لومة لائم.فقام إليه الأحنف بن قيس،فقال:نعم و الله لنجيبنك و لنخرجن معك على العسر و اليسر،و الرضا و الكره،نحتسب في ذلك الأجر،و نأمل به من الله العظيم حسن الثواب.و قام خالد بن المعمر السدوسي،فقال:سمعنا و أطعنا فمتى استنفرتنا نفرتا،و متى دعوتنا أجبنا.و قام عمرو بن مرجوم العبدي،فقال:وفق الله أمير المؤمنين و جمع له أمر المسلمين

١٨٧

و لعن المحلين القاسطين لا يقرءون القرآن،نحن و الله عليهم حنقون،و لهم في الله مفارقون فمتى أردتنا صحبك خيلنا و رجالنا إن شاء الله.قال:و أجاب الناس إلى المسير و نشطوا و خفوا،فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدؤلي و خرج حتى قدم على علي(عليه‌السلام )بالنخيلة.

كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية و جوابه عليه

قال نصر:و كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية،من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر سلام على أهل طاعة الله،ممن هو سلم لأهل ولاية الله،أما بعد،فإن الله بجلاله و عظمته و سلطانه و قدرته،خلق خلقا بلا عبث،و لا ضعف في قوته لا حاجة به إلى خلقهم،و لكنه خلقهم عبيدا و جعل منهم شقيا و سعيدا و غويا و رشيدا،ثم اختارهم على علمه،فاصطفى و انتخب منهم محمدا(صلي اللهعليه‌السلام )،فاختصه برسالته و اختاره لوحيه،و ائتمنه على أمره و بعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب و دليلا على الشرائع،فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة و الموعظة الحسنة،فكان أول من أجاب،و أناب،و صدق و وافق،فأسلم و سلم أخوه و ابن عمه علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،فصدقه بالغيب المكتوم و آثره على كل حميم و وقاه كل هول،و واساه بنفسه في كل خوف،فحارب حربه و سالم سلمه،فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل و مقامات الروع حتى برز سابقا

١٨٨

لا نظير له في جهاده و لا مقارب له في فعله،و قد رأيتك تساميه،و أنت أنت و هو هو السابق المبرز في كل خير أول الناس إسلاما،و أصدق الناس نية و أطيب الناس ذرية،و أفضل الناس زوجة،و خير الناس ابن عم،و أنت اللعين ابن اللعين،لم تزل أنت و أبوك تبغيان لدين الله الغوائل و تجتهدان على إطفاء نور الله،و تجمعان على ذلك الجموع،و تبذلان فيه المال،و تحالفان في ذلك القبائل على هذا مات أبوك،و على ذلك خلفته،و الشاهد عليك بذلك من يأوي و يلجأ إليك من بقية الأحزاب،و رءوس النفاق و الشقاق لرسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و الشاهد لعلي مع فضله،و سابقته القديمة أنصاره الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن،ففضلهم و أثنى عليهم من المهاجرين و الأنصار،فهم معه كتائب و عصائب يجالدون حوله بأسيافهم،و يهريقون دماءهم دونه،يرون الفضل في اتباعه،و الشقاق و العصيان في خلافه،فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي،و هو وارث رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )و وصيه و أبو ولده،و أول الناس له اتباعا،و آخرهم به عهدا يخبره بسره،و يشركه في أمره و،أنت عدوه و ابن عدوه ؟ فتمتع ما استطعت بباطلك،و ليمددك لك ابن العاص في غوايتك،فكان أجلك قد انقضى و كيدك قد وهى و سوف تستبين لمن تكون العاقبة العليا،و اعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده و أيست من روحه،و هو لك بالمرصاد،و أنت منه في غرور و بالله و بأهل بيت رسوله عنك الغناء،و السلام على من اتبع الهدى.فكتب إليه معاوية من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري،على أبيه محمد بن أبي بكر سلام على أهل طاعة الله،أما بعد،فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته و سلطانه،و ما أصفى به نبيه مع كلام ألفته و وضعته لرأيك فيه تضعيف و لأبيك فيه تعنيف ذكرت حق

١٨٩

ابن أبي طالب،و قديم سابقته،و قرابته من نبي الله،و نصرته له و مواساته إياه في كل خوف و هول،و احتجاجك علي،و فخرك بفضل غيرك لا بفضلك فاحمد إلها صرف ذلك الفضل عنك و جعله لغيرك،فقد كنا و أبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا و فضله مبرزا علينا،فلما اختار الله لنبيه ما عنده،و أتم له ما وعده،و أظهر دعوته و أفلج حجته قبضه الله إليه،فكان أبوك و فاروقه أول من ابتزه و خالفه على ذلك اتفقا و اتسقا،ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما و تلكأ عليهما فهما به الهموم و أرادا به العظيم،فبايعهما و سلم لهما لا يشركانه في أمرهما،و لا يطلعانه على سرهما حتى قبضا،و انقضى أمرهما،ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان يهتدي بهديهما،و يسير بسيرتهما،فعبته أنت و صاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي،و بطنتما و ظهرتما،و كشفتما له عداوتكما و غلكما حتى بلغتما منه مناكما،فخذ حذرك يا ابن أبي بكر،فسترى وبال أمرك،و قس شبرك بفترك تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه،و لا تلين على قسر قناته و لا يدرك ذو مدى أناته أبوك مهد له مهاده،و بنى ملكه و شاده،فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله،و إن يكن جورا فأبوك أسه،و نحن شركاؤه فبهداه أخذنا و بفعله اقتدينا رأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله و اقتدينا بفعاله فعب أباك بما بدا لك أو دع،و السلام على من أناب و رجع من غوايته و ناب.قال:و أمر علي(عليه‌السلام )الحارث الأعور أن ينادي في الناس اخرجوا إلى معسكركم

١٩٠

بالنخيلة،فنادى الحارث في الناس بذلك،و بعث إلى مالك بن حبيب اليربوعي صاحب شرطته يأمره أن يحشر الناس إلى المعسكر،و دعا عقبة بن عمرو الأنصاري فاستخلفه على الكوفة،و كان أصغر أصحاب العقبة السبعين،ثم خرج(عليه‌السلام )و خرج الناس معه.

قال نصر:و دعا علي(عليه‌السلام )زياد بن النضر و شريح بن هانئ،و كانا على مذحج و الأشعريين،فقال:يا زياد اتق الله في كل ممسى و مصبح و خف على نفسك الدنيا الغرور لا تأمنها على حال،و اعلم أنك إن لم تزعها عن كثير مما تحب مخافة مكروهة سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر،فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي و الظلم و العدوان،فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستطيلن عليهم إن خيركم عند الله أتقاكم تعلم من عالمهم و علم جاهلهم،و احلم عن سفيههم،فإنك إنما تدرك الخير بالحلم و كف الأذى و الجهل.فقال:زياد أوصيت يا أمير المؤمنين،حافظا لوصيتك مؤديا لأربك يرى الرشد في نفاذ أمرك و الغي في تضييع عهدك.فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد و لا يختلفا و بعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته،و كل واحد منهما على جماعة من ذلك الجيش،فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة و لا يقرب زيادا،فكتب زياد إلى علي(عليه‌السلام )مع مولى له يقال له:شوذب لعبد الله علي أمير المؤمنين من زياد بن النضر سلام عليك،فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإنك وليتني أمر

١٩١

الناس و إن شريحا لا يرى بي عليه طاعة و لا حقا،و ذلك من فعله بي استخفاف بأمرك و ترك لعهدك و السلام.و كتب شريح بن هانئ إلى علي(عليه‌السلام )لعبد الله علي أمير المؤمنين من شريح بن هانئ سلام عليك،فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك،و وليته جندا من جنودك طغى و استكبر،و مال به العجب و الخيلاء و الزهو إلى ما لا يرضى الله تعالى به من القول و الفعل،فإن رأى أمير المؤمنين(عليه‌السلام )أن يعزله عنا و يبعث مكانه من يحب فليفعل،فإنا له كارهون و السلام.

فكتب علي(عليه‌السلام )إليهما من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر،و شريح بن هانئ سلام عليكما،فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر و أمرته عليها،و شريح بن هانئ على طائفة منها أمير،فإن انتهى جمعكما إلى بأس فزياد بن النضر على الناس كلهم و إن افترقتما،فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها،و اعلما أن مقدمة القوم عيونهم،و عيون المقدمة طلائعهم،فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع،و من نفض الشعاب و الشجر و الخمر في كل جانب كي لا يغتركما عدو أو يكون لهم كمين،و لا تسيرن الكتائب و القبائل من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة،فإن دهمكم عدو أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبئة،فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح

١٩٢

الجبال و أثناء الأنهار كيما يكون ذلك لكم ردءا،و تكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين،و اجعلوا رقباءكما في صياصي الجبال،و بأعالي الأشراف و مناكب الأنهار يرون لكم كي لا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن و إياكم و التفرق،فإذا نزلتم فانزلوا جميعا،و إذا رحلتم فارحلوا جميعا،فإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح و الترسة،و لتكن رماتكم من وراء ترسكم و رماحكم يلونهم و ما أقمتم،فكذلك فافعلوا كي لا تصاب لكم غفلة،و لا تلفى لكم غرة فما قوم يحفون عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار،إلا كانوا كأنهم في حصون،و احرسا عسكركما بأنفسكما،و إياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة،ثم ليكن ذلك شأنكما و دأبكما حتى تنتهيا إلى عدوكما،و ليكن كل يوم عندي خبركما و رسول من قبلكما،فإني و لا شي‏ء إلا ما شاء الله حثيث السير في أثركما عليكما في جريكما بالتؤدة،و إياكما و العجلة إلا أن تمكنكما فرصة بعد الإعذار و الحجة،و إياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلا أن تبدءا أو يأتيكما أمري إن شاء الله.قال نصر:و كتب علي(عليه‌السلام )إلى أمراء الأجناد،و كان قد قسم عسكره أسباعا فجعل على كل سبع أميرا،فجعل سعد بن مسعود الثقفي على قيس،و عبد القيس و معقل بن قيس اليربوعي على تميم،و ضبة و الرباب و قريش

١٩٣

و كنانة و أسد و مخنف بن سليم على الأزد،و بجيلة و خثعم و الأنصار و خزاعة و حجر بن عدي الكندي على كندة،و حضرموت و قضاعة و زياد بن النضر على مذحج،و الأشعريين و سعيد بن مرة الهمداني على همدان،و من معهم من حمير و عدي بن حاتم الطائي على طيئ،تجمعهم الدعوة مع مذحج،و تختلف الرايتان راية مذحج مع زياد بن النضر،و راية طيئ مع عدي بن حاتم هذه عساكر الكوفة،و أما عساكر البصرة،فخالد بن معمر السدوسي على بكر بن وائل،و عمرو بن مرجوم العبدي على عبد القيس،و ابن شيمان الأزدي على الأزد،و الأحنف على تميم و ضبة و الرباب و شريك بن الأعور الحارثي على أهل العالية،أما بعد،فإني أبرأ إليكم من معرة الجنود إلا من جوعة إلى شبعة،و من فقر إلى غنى أو عمى إلى هدى،فإن ذلك عليهم فأغربوا الناس عن الظلم و العدوان و خذوا على أيدي سفهائكم،و احترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد بها علينا،و عليكم دعاءنا،فإنه تعالى يقول:( ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) ،و إن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض،فلا تألوا أنفسكم خيرا و لا الجند حسن سيرة،و لا الرعية معونة،و لا دين الله قوة،و أبلوا في سبيله ما استوجب عليكم،فإن الله قد اصطنع عندنا و عندكم ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا و أن ننصره ما بلغت قوتنا،و لا قوة إلا بالله

١٩٤

قال:و كتب(عليه‌السلام )إلى جنوده يخبرهم بالذي لهم و عليهم،أما بعد،فإن الله جعلكم في الحق جميعا سواء أسودكم و أحمركم و جعلكم من الوالي و جعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد،و بمنزلة الولد من الوالد الذي لا يكفيه منعه إياهم طلب عدوه و التهمة به ما سمعتم و أطعتم و قضيتم الذي عليكم،فحقكم عليه إنصافكم و التعديل بينكم و الكف عن فيئكم،فإذا فعل معكم ذلك وجبت عليكم طاعته فيما وافق الحق و نصرته،و الدفع عن سلطان الله،فإنكم وزعة الله في الأرض فكونوا له أعوانا،و لدينه أنصارا،و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها إن الله لا يحب المفسدين .قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد.قال:حدثنا سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته.قال:قال علي(عليه‌السلام )ما يقول الناس في هذا القبر و في النخيلة و بالنخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله ،فقال الحسن بن علي(عليه‌السلام ):يقولون هذا قبر هود لما عصاه قومه جاء ،فمات هاهنا فقال:كذبوا ؛ لأنا أعلم به منهم هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق ،بن إبراهيم بكر يعقوب ،ثم قال:أهاهنا أحد من مهرة فأتي بشيخ كبير ،فقال:أين منزلك ؟ قال:على شاطئ البحر.قال:أين أنت من الجبل قال:أنا قريب منه قال:فما يقول قومك فيه قال:يقولون إن فيه قبر ساحر قال:كذبوا ذاك قبر هود النبي(عليه‌السلام )،و هذا قبر يهودا بن يعقوب ،ثم قال:

١٩٥

(عليه‌السلام )يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس يدخلون الجنة بغير حساب.قال نصر:فلما نزل علي(عليه‌السلام )النخيلة متوجها إلى الشام و بلغ معاوية خبره،و هو يومئذ بدمشق قد ألبس منبر دمشق قميص عثمان مختضبا بالدم و حول المنبر سبعون ألف شيخ يبكون حوله لا تجف دموعهم على عثمان خطبهم،و قال:يا أهل الشام،قد كنتم تكذبونني في علي و قد استبان لكم أمره،و الله ما قتل خليفتكم غيره،و هو أمر بقتله و ألب الناس عليه،و آوى قتلته،و هم جنده و أنصاره و أعوانه،و قد خرج بهم قاصدا بلادكم و دياركم لإبادتكم،يا أهل الشام،الله،الله،في دم عثمان،فأنا وليه و أحق من طلب بدمه،و قد جعل الله لولي المقتول ظلما سلطانا،فانصروا خليفتكم المظلوم،فقد صنع القوم به ما تعلمون قتلوه ظلما و بغيا،و قد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية حتى تفي‏ء إلى أمر الله،ثم نزل.قال نصر فأعطوه الطاعة و انقادوا له،و جمع إليه أطرافه و استعد للقاء علي(عليه‌السلام )

١٩٦

47.و من كلام له(عليه‌السلام )في ذكر الكوفة

(كَأَنِّي بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدِّينَ مَدَّ اَلْأَدِيمِ اَلْعُكَاظِيِّ تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ وَ تُرْكَبِينَ بِالزَّلاَزِلِ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِشَاغِلٍ أَوْ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ)،عكاظ اسم سوق للعرب بناحية مكة كانوا يجتمعون بها في كل سنة يقيمون شهرا،و يتبايعون و يتناشدون شعرا،و يتفاخرون قال أبو ذؤيب:

إذا بني القباب على عكاظ و قام البيع و اجتمع الألوف

فلما جاء الإسلام هدم ذلك و أكثر ما كان يباع الأديم بها فنسب إليها.و الأديم واحد و الجمع أدم كما قالوا أفيق للجلد الذي لم تتم دباغته و جمعه أفق،و قد يجمع أديم على آدمة كما قالوا رغيف و أرغفة.و الزلازل هاهنا الأمور المزعجة و الخطوب المحركة.

١٩٧

و قوله(عليه‌السلام ):تمدين مد الأديم استعارة لما ينالها من العسف و الخبط و قوله:تعركين من عركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم.

فصل في ذكر فضل الكوفة

و قد جاء في فضل الكوفة عن أهل البيت(عليه‌السلام )شي‏ء كثير،نحو:قول أمير المؤمنين(عليه‌السلام )نعمت المدرة،و قوله(عليه‌السلام ):إنه يحشر من ظهرها يوم القيامة سبعون ألفا وجوههم على صورة القمر،و قوله(عليه‌السلام )هذه مدينتنا و محلتنا و مقر شيعتنا،و قول جعفر بن محمد(عليه‌السلام )،اللهم ارم من رماها،و عاد من عاداها،و قوله(عليه‌السلام ):تربة تحبنا و نحبها.فأما ما هم به الملوك و أرباب السلطان فيها من السوء،و دفاع الله تعالى عنها فكثير.قال المنصور لجعفر بن محمد(عليه‌السلام )إني قد هممت أن أبعث إلى الكوفة من ينقض منازلها،و يجمر نخلها و يستصفي أموالها،و يقتل أهل الريبة منها،فأشر علي،فقال:يا أمير المؤمنين،إن المرء ليقتدي بسلفه،و لك أسلاف ثلاثة،سليمان أعطي فشكر،و أيوب ابتلي فصبر،و يوسف قدر فغفر،فاقتد بأيهم شئت فصمت قليلا،ثم قال:قد غفرت.

١٩٨

و روى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في كتاب المنتظم أن زيادا لما حصبه أهل الكوفة،و هو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم،و هم أن يخرب دورهم و يجمر نخلهم،فجمعهم حتى ملأ بهم المسجد و الرحبة يعرضهم على البراءة من علي(عليه‌السلام )،و علم أنهم سيمتنعون،فيحتج بذلك على استئصالهم و إخراب بلدهم.قال عبد الرحمن بن السائب الأنصاري،فإني لمع نفر من قومي و الناس يومئذ في أمر عظيم إذ هومت تهويمه،فرأيت شيئا أقبل طويل العنق مثل عنق البعير أهدر أهدل،فقلت:ما أنت ؟ فقال:أنا النقاد ذو الرقبة،بعثت إلى صاحب هذا القصر فاستيقظت فزعا،فقلت لأصحابي:هل رأيتم ما رأيت ؟ قالوا:لا،فأخبرتهم و خرج علينا خارج من القصر،فقال انصرفوا،فإن الأمير يقول لكم:إني عنكم اليوم مشغول،و إذا بالطاعون قد ضربه،فكان يقول إني لأجد في النصف من جسدي حر النار حتى مات،فقال عبد الرحمن بن السائب:

ما كان منتهيا عما أراد بنا

حتى تناوله النقاد ذو الرقبة

فاثبت الشق منه ضربة عظمت

كما تناول ظلما صاحب الرحبة

قلت:قد يظن ظان أن قوله صاحب الرحبة يمكن أن يحتج به من قال:إن قبر أمير المؤمنين(عليه‌السلام )في رحبة المسجد بالكوفة،و لا حجة في ذلك ؛ لأن أمير المؤمنين كان يجلس معظم زمانه في رحبة المسجد يحكم بين الناس،فجاز أن ينسب إليه بهذا الاعتبار.

١٩٩

48.و من خطبة له(عليه‌السلام )عند المسير إلى الشام

(اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَ غَسَقَ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَ خَفَقَ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ اَلْإِنْعَامِ وَ لاَ مُكَافَإِ اَلْإِفْضَالِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي وَ أَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا اَلْمِلْطَاطِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ اَلنُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ مُوطِنِينَ أَكْنَافَ دِجْلَةَ فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ وَ أَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ اَلْقُوَّةِ لَكُمْ)،قال الرضيرحمه‌الله :يعني(عليه‌السلام )بالملطاط هاهنا السمت الذي أمرهم بلزومه،و هو شاطئ الفرات،و يقال ذلك أيضا لشاطئ البحر،و أصله ما استوى من الأرض،و يعني بالنطفة ماء الفرات،و هو من غريب العبارات و عجيبها وقب الليل،أي:دخل،قال الله تعالى:( وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ) .و غسق،أي:أظلم،و خفق النجم،أي:غاب.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

٣١ ـ وقالعليه‌السلام : ان من أمتي من سيدخل الله الجنة بشفاعته أكثر من مضر.

٣٢ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) قال عن الولاية معرضين.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال:( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) قال: عما يذكر لهم من موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٤ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله من كلام لأمير المؤمنينعليه‌السلام ايها الناس انى استنفرتكم بجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، شهود كالغيب اتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون منها كأنكم( حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) وذلك انهم قالوا: يا محمد قد بلغنا ان الرجل من بني إسرائيل كان يذنب الذنب فيصبح وذنبه مكتوب عند رأسه وكفارته، فنزل جبرئيل على رسول الله وقال: يسألك قوم سنة بني إسرائيل في الذنوب، فان شاؤا فعلنا ذلك بهم، وأخذناهم بما كنا نأخذ به بنى إسرائيل، فزعموا ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كره ذلك لقومه.

٣٦ ـ أقول في رواية محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قلت:( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ) قال: الولاية.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) قال: هو أهل ان يتقى وأهل ان يغفر.

٣٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل ( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) قال: قال الله تبارك وتعالى: أنا أهل ان اتقى ولا يشرك عبدي شيئا، وانا أهل ان لم يشرك بى عبدي شيئا أن أدخله الجنة.

٤٦١

٣٩ ـ وقالعليه‌السلام : ان الله تبارك وتعالى اقسم بعزته وجلاله ان لا يعذب أهل توحيده بالنار.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها بعثه اللهعزوجل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبره في أحسن صورة ويبشره ويضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط والميزان.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قرأ سورة القيامة شهدت انا وجبرئيل يوم القيامة انه كان مؤمنا بيوم القيامة وجاء ووجهه مفسر على وجوه الخلائق يوم القيامة.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) يعنى اقسم بيوم القيمة( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال: نفس آدم التي عصت فلامها اللهعزوجل ، قوله:( بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ) قال: يقدم الذنب ويؤخر التوبة ويقول: سوف أتوب( فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ) قال: يبرق البصر فلا يقدر أن يطرق.

٤ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى علي بن مهزيار حديث طويل يذكر فيه دخوله على القائمعليه‌السلام وسؤاله إياه. وفيه: فقلت يا سيدي متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم ـ فقلت: متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، معه عصى موسى وخاتم سليمان يسوق الناس إلى المحشر.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله: كلا لا وزر أي لا ملجأ، قوله:( يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) بما قدم من خير وشر وما أخر، فما سن من سنة ليستن بها من بعده فان كان شرا كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شيئا، وان كان

٤٦٢

خيرا كان له مثل أجورهم ولا ينقص من أجورهم شيئا( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ) قال ؛ يعلم ما صنع وان اعتذر.

٦ ـ في من لا يحضره الفقيه روى ابن بكير عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ما حد المرض الذي يفطر فيه الرجل ويدع الصلوة من قيام؟ فقال:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) هو أعلم بما يطيقه.

٧ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن فضل أبي العباس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما يصنع أحدكم ان يظهر حسنا ويستر سيئا؟ أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك؟ واللهعزوجل يقول:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) ان السريرة إذا صحت قويت العلانية.

٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عمر بن يزيد قال: انى لأتعشى عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ تلا هذه الاية: «( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ «وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ) يا أبا حفص ما يصنع الإنسان ان يتقرب إلى الله جل وعز بخلاف ما يعلم الله جل وعز، ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول: من أسر سريرة رداه الله جل وعز ان خيرا فخير، وان شرا فشر.

٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عمر بن يزيد قال: انى لا تعشى مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وتلا هذه الاية:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ) يا أبا حفص ما يصنع الإنسان ان يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه، ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول: من أسر سريرة ألبسه الله رداها ان خيرا فخيرا وان شرا فشر.

١٠ ـ في الكافي علي بن محمد عن عبد الله بن إسحاق عن الحسن بن علي ابن سليمان عن محمد بن عمران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو جالس بالكوفة بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان، فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام أكلتم وأنتم مفطرون؟ قالوا: نعم، قال: يهود أنتم؟ قالوا: لا، قال: فنصارى؟ قالوا: لا، قال: فعلى أي شيء من هذه الأديان مخالفين للإسلام؟ قالوا: بل

٤٦٣

مسلمون قال: فسفر أنتم؟ قالوا لا قال: فيكم علة استوجبتم الإفطار لا شعر بها فانكم ابصر بأنفسكم لان الله تعالى يقول:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) قالوا: بل أصبحنا ما بنا علة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام ومعهم خادم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم فما ترى في ذلك؟ فقال: إنّ كان في دخولكم عليه منفعة لهم فلا بأس، وان كان فيه ضرر فلا. وقال( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) فأنتم لا يخفى عليكم، وقد قال اللهعزوجل :( وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) .

١٢ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام قال: ما يصنع أحدكم ان يظهر حسنا ويستر سيئا؟ أليس إذا رجع يعلم انه ليس كذلك، والله سبحانه يقول:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) ان السريرة إذا صلحت قويت العلانية.

١٣ ـ وعن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ما حد المرض الذي يفطر صاحبه؟ قال:( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) هو اعلم بما يطيق.

وفي رواية اخرى هو أعلم بنفسه ذاك اليه.

١٤ ـ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قال ابن عباس كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزل عليه القرآن عجل بتحريك لسانه لحبه إياه وحرصه على أخذه وضبطه مخافة ان ينساه فنهاه الله عن ذلك.

١٥ ـ وفي رواية سعيد بن جبير عنه انهعليه‌السلام كان يعالج من التنزيل شدة، وكان يشتد عليه حفظه فكان يحرك لسانه وشفتيه قبل فراغ جبرئيل من قراءة الوحي ؛ فقال سبحانه:( لا تُحَرِّكْ بِهِ ) أي بالوحي أو بالقرآن( لِسانَكَ ) يعنى القرائة.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله: «فلا صدق ولا صلى» فانه كان سبب نزولها

٤٦٤

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا إلى بيعة عليٍّعليه‌السلام يوم غدير خم فلما بلغ الناس وأخبرهم في عليٍّ ما أراد الله أن يخبرهم به رجعوا الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبى موسى الأشعري ثم أقبل يتمطى نحو أهله ويقول: ما نقر لعليٍّ بالولاية أبدا، ولا نصدق محمدا مقالته فيه، فأنزل الله جل ذكره( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّىوَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ) وعيد الفاسق فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر وهو يريد البرائة منه، فأنزل الله:( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسمه قوله:( إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قال: على آل محمد جمع القرآن وقراءته.

١٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل إلّا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله إلّا عليّ بن أبي طالب والائمةعليهم‌السلام .

١٨ ـ في مجمع البيان: فاذا قرأناه أي قرأه جبرئيل عليك بأمرنا فاتبع قرآنه عن ابن عباس والمعنى اقرأه إذا فرغ جبرئيل من قراءته، قال: فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد هذا إذا نزل عليه جبرئيلعليه‌السلام أطرق فاذا ذهب قرأ.

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ) قال: الدنيا الحاضرة وتذرون الاخرة قال: تدعون( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ) أي مشرقة( إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) قال: ينظرون إلى وجه الله أي رحمة الله ونعمته.

٢٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في قوله تعالى:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) يعنى مشرقة تنتظر ثواب ربها.

٢١ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه: وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات. فأما قولهعزوجل ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ )

٤٦٥

فان ذلك في موضع ينتهى فيه أولياء اللهعزوجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان، فيغتسلون ويشربون منه ويدخلون الجنة، فذلك قولهعزوجل في تسليم الملائكة عليهم:( سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ ) فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم فذلك قوله:( إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) وإنّما يعنى بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.

٢٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله مثله سواء إلى قوله( إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) دون انما يعنى ـ إلخ ـ وفيه بعد قوله: «ناظرة» والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله تعالى:( فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) أي منتظرة( بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) .

٢٣ ـ في مجمع البيان: وأمّا من حمل النظر في الآية على الانتظار فإنهم اختلفوا في معناه على أقوال، أحدها أن المعنى منتظرة لثواب ربها، وروى ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك وهو المروي عن عليٍّعليه‌السلام .

في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ ) قال: يعنى النفس إذا بلغت الترقوة( وَقِيلَ مَنْ راقٍ ) قال: يقال له: من يرقيك قوله:( وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) علم انه الفراق.

٢٥ ـ في مجمع البيان( وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) وجاء في الحديث ان العبد ليعالج كرب الموت وسكراته، ومفاصله يسلم بعضها على بعض، يقول: عليك السلام تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة.

٢٦ ـ في الكافي باسناده إلى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَقِيلَ مَنْ راقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) قال: فان ذلك ابن آدم إذا حل به الموت قال: هل من طبيب انه الفراق وأيقن بمفارقة الأحبة، قال:( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) قال: التفت الدنيا بالآخرة ثم( إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ) قال: المصير إلى رب العالمين.

٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) قال: التفت الدنيا

٤٦٦

بالآخرة( إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ) قال: يساقون إلى الله وقوله: فلا صدق ولا صلى فانه كان سبب نزولها ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا إلى بيعة على يوم غدير خم، فلما بلغ الناس وأخبرهم في عليٍّ ما أراد ان يخبر رجعوا الناس، فاتكى معاوية على المغيرة ابن شعبة وأبى موسى الأشعري ثم أقبل يتمطى نحو أهله ويقول: ما نقر لعليٍّ بالولاية أبدا ولا نصدق محمّدا مقالته فيه، فأنزل الله جل ذكره:( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ) وعيد الفاسق فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر ويريد البرائة منه، فأنزل الله( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسمه.

٢٨ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وبهذا الاسناد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سألت محمد بن علي الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ) قال: يقول اللهعزوجل بعدا لك من خير الدنيا، وبعدا لك من خير الاخرة.

٢٩ ـ في مجمع البيان وجاءت الرواية أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد أبي جهل ثم قال له:( أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ) فقال أبو جهل: بأى شيء تهددنى لا تستطيع أنت ولا ربك ان تفعلا بى شيئا، وانى لأعز أهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) قال لا يحاسب ولا يعذب ولا يسئل عن شيء.

٣١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت: لم خلق الله الخلق؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته، فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة، ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم.

٣٢ ـ وباسناده إلى مسعدة بن زياد قال: قال رجل لجعفر بن محمدعليه‌السلام : يا أبا عبد الله

٤٦٧

انا خلقنا للعجب قال: وما ذلك لله أنت؟ قال: خلقنا للفناء؟ فقال: يا ابن أخ خلقنا للبقاء وكيف تفنى جنة لا تبيد ونار لا تخمد ولكن قال انما نتحول من دار إلى دار.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال:( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ) قال: إذا نكح أمناه.

٣٤ ـ في مجمع البيان وجاء في الحديث عن البراء بن عازب قال: لـمّا نزلت هذه الاية:( أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبحانك أللّهم وبلى. وهو المروي عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام .

٣٥ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر أخلاق الرضاعليه‌السلام ووصف عبادته: وكان إذا قرء( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) قال عند الفراغ: سبحانك أللّهم بلى.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرء هل أتى على الإنسان في كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين ثمانمأة عذراء وأربعة آلاف ثيب وحوراء من الحور العين، وكان مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفرعليه‌السلام : من قرء سورة هل أتى في كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين مأة عذراء وأربعة آلاف ثيب وكان مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣ ـ أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء سورة هل أتى كان جزائه على الله جنة وحريرا.

٤ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى علي بن عمر العطار قال: دخلت على أبي الحسن العسكريعليه‌السلام يوم الثلثاء فقال لم أرك أمس؟ قال: كرهت الحركة في يوم الاثنين قال: يا عليُّ من أحب ان يقيه الله شر يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة:( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ) ثم قرء أبو الحسنعليه‌السلام ( فَوَقاهُمُ اللهُ

٤٦٨

شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ) .

٥ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) في سورة الإنسان مكية في قول ابن عباس وضحاك وقال قوم: هي مدنية وهي احدى وثلاثون آية بلا خلاف يقول علي بن موسى بن طاوس: ومن العجب العجيب أنهم رووا من طريق الفريقين ان المراد بنزول سورة( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ) مولانا عليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وقد ذكرنا في كتابنا هذا بعض روايتهم لذلك، ومن المعلوم ان الحسن والحسينعليهما‌السلام كانت ولادتهما بالمدينة ومع هذا فكأنهم نسوا ما رووه على اليقين، وأقدموا على القول بأن هذه السورة مكية وهو غلط عند العارفين.

٦ ـ في مجمع البيان حدّثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسنى إلى قوله: وباسناده عن سعيد بن المسيب عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام انه قال: سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ثواب القرآن فأخبرنى بثواب سورة على نحو ما نزلت من السماء فأول ما نزل عليه بمكة فاتحة الكتاب ثم اقرأ باسم، إلى أن قال: وأول ما نزل بالمدينة سورة الأنفال ثم البقرة، ثم آل عمران ثم الممتحنة ثم النساء ثم إذا زلزلت ثم الحديد ثم سورة محمد ثم الرعد ثم سورة الرحمن ثم هل أتى إلى قوله: فهذا ما انزل بالمدينة.

٧ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) فقال: كان مقدرا غير مذكور.

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) قال: لم يكن في العلم ولا في الذكر، وفي حديث آخر كان في العلم ولم يكن في الذكر.

٩ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قوله:( لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) قال: كان شيئا ولم

٤٦٩

يكن مذكورا.

١٠ ـ وباسناده عن سعيد الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق.

١١ ـ وعن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) فقال: كان شيئا ولم يكن مذكورا.

١٢ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّعليه‌السلام : قل: ما أول نعمة أبلاك اللهعزوجل وأنعم عليك بها؟ قال: إنّ خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت.

١٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: أمشاج نبتليه قال: ماء الرجل والمرأة اختلطا جميعا.

١٤ ـ في نهج البلاغة عالم الغيب من ضمائر المضمرين إلى أن قالعليه‌السلام : ومحط الأمشاج من مشارب الأصلاب.

١٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن الطيار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) قال: عرفناه إمّا آخذا وإمّا تاركا.

١٦ ـ في أصول الكافي باسناده إلى حمران بن أعين قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) قال: إمّا آخذ فهو شاكر وإمّا تارك فهو كافر.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) قال: إمّا آخذ فشاكر وإمّا تارك فكافر.

١٨ ـ في مجمع البيان قد روى الخاص والعام أن الآيات من هذه السورة وهي قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ ) إلى قوله: و( كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) نزلت في عليٍّ وفاطمة

٤٧٠

والحسن والحسينعليهم‌السلام وجارية لهم تسمى فضة، وهو المروي عن ابن عباس ومجاهد وابى صالح والقصة طويلة جملتها أنهم قالوا: مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما ووجوه العرب وقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا؟ فنذر صوم ثلاثة أيام ان شفاهما الله سبحانه، ونذرت فاطمةعليها‌السلام وكذلك الفضة فبرءا وليس عندهم شيء، فاستقرض علىعليه‌السلام ثلاثة أصوع من شعير من يهودي وروى انه أخذها ليغزل له صوفا، وجاء به إلى فاطمة فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلى علىعليه‌السلام المغرب وقربته إليهم فأتاهم مسكين يدعوهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء، فلما كان اليوم الثاني أخذت صاعا وطحنته واختبزته وقدمته إلى عليٍّعليه‌السلام فاذا يتيم بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء، فلما كان اليوم الثالث عمدت الباقي فطحنته واختبزته وقدمته إلى عليٍّعليه‌السلام فاذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء، فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى على ومعه الحسن والحسينعليهم‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبهما ضعف فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل جبرئيل بسورة هل أتى.

١٩ ـ وفي رواية عطاء عن ابن عباس ان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام آجر نفسه ليسقى نخلا بشيء من شعير ليلة حتى أصبح فلما أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة(١) فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الثالث فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا(٢) يومهم ذلك ذكره الواحدي في تفسيره.

٢٠ ـ وذكر علي بن إبراهيم ان أباه حدثه عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان عند فاطمةعليه‌السلام شعير فجعلوه عصيدة(٣) فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين: رحمكم الله فقام علىعليه‌السلام ، فأعطاه ثلثا فلم

__________________

(١) الحريرة: دقيق يطبخ بلبن أو دسم.

(٢) طوى فلان: جاع ولم يأكل شيئا.

(٣) العصيدة: دقيق يلت بالسمن ويطبخ.

٤٧١

يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم: رحمكم الله فقام علىعليه‌السلام فأعطاه الثلث، ثم جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله فأعطاه علىعليه‌السلام الثلث وما ذاقوها، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم، وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك للهعزوجل .

٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى أبو صالح ومجاهد والضحاك والحسن وعطا وقتادة ومقاتل والليث وابن عباس وابن مسعود وابن جبير وعمرو ابن شعيب والحسن بن مهران والنقاش والقشيري والثعلبي والواحدي في تفسيرهم وصاحب أسباب النزول والخطيب المكي في الأربعين وابو بكر الشيرازي في نزول القرآن في أمير المؤمنينعليه‌السلام والأشنهي في اعتقاد أهل السنة وأبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في العروس في الزهد وروى أهل البيتعليهم‌السلام عن الأصبغ بن نباتة وغيرهم عن الباقرعليه‌السلام واللفظ له في قوله تعالى:( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ) انه مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام فعادهما رسول الله في جميع.

أصحابه وقال لعليٍّ: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا عافاهما الله، فقال: أصوم ثلاثة أيام وكذلك قالت فاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضة فبرئا فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام. فانطلق على إلى جار له من اليهود يقال له فنحاص بن الحارا وفي رواية شمعون بن حاريا يستقرضه وكان يعالج الصوف، غأعطاه جزة من صوف(١) وثلاثة أصوع من شعير، وقال: تغزلها ابنة محمد فجاء بذلك فغزلت فاطمة ثلث الصوف ثم طحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علىعليه‌السلام إذا مسكين على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد انا مسكين من مساكين المسلمين أطعمونى مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده وقال :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

اما ترين البائس المسكين

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلينا جائع حزين

كل امرئ بكسبه رهين

__________________

(١) الجزة: صوف شاة في السنة.

٤٧٢

فقالت فاطمة :

أمرك سمعا يا ابن عم وطاعة

ما في من لؤم ولا وضاعة

أطعمه ولا أبالى الساعة

أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة

ان ألحق الأخيار والجماعة

وادخل الخلد ولي شفاعة

ودفعت ما كان على الخوان إليه وباتوا جياعا. وأصبحوا صياما ولم يذوقوا إلّا الماء القراح، فلما أصبحوا غزلت الثلث الثاني وطحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم وكسر على لقمة إذا يتيم على الباب يقول السلام عليكم أهل بيت محمد، انا يتيم من يتامى المسلمين أطعمونى مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة. فوضع اللقمة من يده وقال :

فاطم بنت السيد الكريم

بنت نبي ليس بالذميم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم

حرمها الله على اللئيم

فقالت فاطمة :

انى أعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

امسوا جياعا وهم أشبالى ثم دفعت ما كان على الخوان إليه وباتوا جياعا، لا يذوقون إلّا الماء القراح، فلما أصبحوا غزلت الثلث الباقي وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علىعليه‌السلام إذا أسير من أسراء المشركين على الباب يقول: السلام عليكم أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا فوضع علىعليه‌السلام اللقمة من يده وقال :

فاطم يا بنت النبي أحمد

بنت نبي سيد مسدد

هذا أسير للنبي المهتدى

مكبل في غلة مقيد(١)

يشكو إلينا الجوع قد تقدد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليِّ الواحد الممجد

__________________

(١) الكبل: القيد أو أعظم ما يكون من القيود.

٤٧٣

فقالت فاطمة :

لم يبق مما كان غير صاع

قد رميت كفى مع الذراع

وما على رأسى من قناع

الا عباء نسجه بصاع

ابناي والله من الجياع

يا رب لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

عبل الذراعين شديد الباع(١)

وأعطته ما كان على الخوان وباتوا جياعا، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء، فرآهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جياعا فنزل جبرئيلعليه‌السلام ومعه صحفة(٢) من الذهب مرصعة بالدر والياقوت مملوة من الثريد وعراقا(٣) تفوح منها رائحة المسك والكافور، فجلسوا وأكلوا حتى شبعوا ولم تنقص منها لقمة، وخرج الحسين ومعه قطعة عراق فنادته امرأة يهودية يا أهل بيت الجوع من اين لكم هذا أطعمنيها؟ فمد يده الحسين ليطعمها فهبط جبرئيل وأخذها من يده ورفع الصفحة إلى السماء. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة، ونزل: يوفون بالنذر وكان الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة، ونزلت «هل أتى» في اليوم الخامس والعشرين منه.

٢٢ ـ وباسناده عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام قال: كل ما في كتاب اللهعزوجل من قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ ) فو الله ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وانا والحسين، لأنا نحن أبرار بآبائنا

__________________

(١) يقال: رجل عبل الذراعين أي ضخمهما. والباع: قد رمد اليدين وربما عبر بالباع عن الشرف والفضل والقدرة.

(٢) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة، قال الكسائي: أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة، ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجل أو الثلاثة، ثم الصحفة تشبع الرجل.

(٣) العراق ـ بالضم ـ جمع العرق: العظم الذي أخذ عنه اللحم.

٤٧٤

وأمهاتنا، وقلوبنا عملت بالطاعات والبر، ومبراة من الدنيا وحبها وأطعنا الله في جميع فرائضه، وآمنا بوحدانيته وصدقنا برسوله.

٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزل فيه وفي ولده( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) إلى آخر السورة غيري؟ قالوا: لا.

٢٤ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى الصادق جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام في قولهعزوجل :( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قالا: مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما صبيان صغيران فعادهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه رجلان فقال: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا ان الله عافاهما؟ فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا للهعزوجل ، وكذلك قالت فاطمةعليها‌السلام وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام، وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام، فانطلق علىعليه‌السلام إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم فأعطاه فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمةعليها‌السلام فقبلت وأطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا، وصلى علىعليه‌السلام مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علىعليه‌السلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعمونى مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

قد جاء إلى الباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائعا حزين

كل امرئ بكسبه رهين

من يفعل الخير يقف سمين

٤٧٥

موعده في جنة دهين(١)

حرمها الله على الضنين

وصاحب النجل يقف حزين

تهوى به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين فأقبلت فاطمة تقول :

أمرك سمع يا ابن عم وطاعة

ما بى من لؤم ولا ضراعة(٢)

غذيت باللب وبالبراعة

أرجو إذا أشبعت من مجاعة

ان ألحق الأخيار والجماعة

وادخل الجنة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين وباتوا جياعا، وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلّا الماء القراح، ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة اقراص لكل واحد قرصا، وصلى علىعليه‌السلام المغرب مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتى منزله، فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علىعليه‌السلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعمونى مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع علىعليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم بنت السيد الكريم

بنت نبي ليس بالزنيم(٣)

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم

حرمها الله على اللئيم

وصاحب البخل يقف ذميم

تهوى به النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

__________________

(١) قولهعليه‌السلام «دهين» كناية عن النضارة والطراوة كأنه صب عليه الدهن يقال «قوم مدهنون» عليهم آثار النعم.

(٢) الضراعة: الذل والاستكانة والضعف.

(٣) الزنيم: اللئيم الذي يعرف بلؤمه.

٤٧٦

فأقبلت فاطمةعليها‌السلام وهي تقول :

فسوف أعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

امسوا جياعا وهم أشبالى

أصغر هما يقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال

لقاتليه الويل مع وبال

يهوى في النار إلى سفال

كبوله زادت على الأكبال

ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان وباتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء القراح، وأصبحوا صياما وعمدت فاطمةعليها‌السلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرصا، وصلى علىعليه‌السلام المغرب مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علىعليه‌السلام إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعمونا؟ فوضع علىعليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم يا بنت النبي أحمد

بنت نبي سيد مسدد

قد جاءك الأسير ليس يهتدى

مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليِّ الواحد الموحد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأطعمى من غير من أنكد(١) فأقبلت فاطمةعليها‌السلام وهي تقول :

لم يبق مما كان غير صاع

قدد برت كفّي مع الذراع(٢)

شبلاي والله هما جياع

يا ربّ لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

عبل الذراعين طويل الباع

وما على رأسى من قناع

الا عبا نسجتها بصاع

__________________

(١) نكد عيشتهم: اشتد وعسر.

(٢) الدبر: الجرح.

٤٧٧

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين، وليس عندهم شيء، قال شعيب في حديثه وأقبل على بالحسن والحسينعليهما‌السلام نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما يرتعشان كالفراخ(١) من شدة الجوع، فلما بصر بهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: يا أبا الحسن شد ما يسوؤني ما ارى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة فانطلقوا وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عيناها(٢) فلما رآها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضمها إليه وقال: وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى فهبط جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمد خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك، فقال وما آخذ يا جبرئيل قال:( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ) حتى بلغ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً، وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي حتى دخل منزل فاطمةعليها‌السلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكى ويقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم؟! فهبط جبرئيلعليه‌السلام بهذه الآيات( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً ) قال: هي عين في دار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين يوفون بالنذر يعنى عليا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وجاريتهم( وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) يقول عابسا كلوحا(٣)

٢٥ ـ في كتاب الخصال في احتجاج علىعليه‌السلام على أبي بكر قال: أنشدك بالله أنا صاحب الآية( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) أم أنت؟ قال: بل أنت.

٢٦ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) الذي أخذ عليهم من ولايتنا.

__________________

(١) الفراخ جمع الفرخ: ولد الطائر.

(٢) غارت عينه: دخلت في الرأس وانحسفت.

(٣) الكلوح بمعنى العبوس.

٤٧٨

على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت قوله:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال: يوفون بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) قال: المستطير العظيم.

٢٩ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبي المغرا عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت: قوله: و( يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) قال: ليس من الزكاة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: ينبغي للرجل ان يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته، وتلا هذه الآية( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) قال: الأسير عيال: الرجل ينبغي للرجل إذا زيد في النعمة ان يزيد أسرائه في السعة عليهم، ثم قال: إنّ فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها أسراء وجعلها عند فلان فذهب بها قال معمر: وكان فلان حاضرا.

٣١ ـ في كتاب الخصال عن المنكدر باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خيركم من أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى والناس نيام.

٣٢ ـ عن أحمد بن عمر الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي الخصال بالمرء أجمل؟ قال: وقار بلا مهانة وسماح بلا طلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا.

٣٣ ـ في مجمع البيان( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ ) أي على حب الطعام، وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من مسلم أطعم مسلما على جوع إلّا أطعمه الله من ثمار الجنة، وما من مسلم كسا أخاه على عرى إلّا كساه الله من خضر الجنة، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق.

٤٧٩

٣٤ ـ وفيه وقال أهل التحقيق، القرض الحسن يجمع عشرة أوصاف، إلى قوله: وان يتصدق وهو يحب المال ويرجو الحياة، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا سئل عن أفضل الصدقة ان تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت التراقي قلت: لفلان كذا ولفلان كذا.

٣٥ ـ في أمالي الصدوق (ره) متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا اعنى قوله: عابسا كلوحا:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً ) يقول: على شهواتهم للطعام وإيثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين، ويتيما من يتامى المسلمين، وأسيرا من أسارى المشركين، ويقولون إذا أطعموهم:( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) قال: والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون: لا نريد جزاء تكافوننا به، ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنا انما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه.

٣٦ ـ في كتاب الخصال عن أحمد بن عمران الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي الخصال بالمرء أجمل؟ قال: وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا.

٣٧ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن علي بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له: احتج فيقول: يا رب خلقتني وهديتني فأوسعت على، فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره؟ فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره: صدق عبدي أدخلوه الجنة.

٣٨ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسى ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى لا يطول في الدنيا أملك وذكر حديثا قدسيا طويلا وفيه يقولعزوجل : فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الاخرة لا محالة.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749