تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين5%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356991 / تحميل: 4859
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، وبالنقصان دخل المفرطون النار.

٣١ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد باسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعليِّ بن موسى الرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أنّ المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقالعليه‌السلام : يا أبا الصلت إنّ الله تعالى فضّل نبيه محمّد على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومبايعته مبايعته، وزيارته في الدنيا والاخرة زيارته فقالعزوجل :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حيوتى أو بعد موتى فقد زار الله، ودرجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنة أرفع الدرجات ؛ ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.

٣٢ ـ وباسناده إلى الريان بن شبيب خالد المعتصم أخي ماردة أنّ المأمون لـمّا أراد أنْ يأخذ البيعة لنفسه بامرة المؤمنين ولأبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام بولاية العهد ولفضل بن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسي فنصب لهم، فلما قعدوا عليها وأذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام فتبسم أبو الحسنعليه‌السلام ثم قال: كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى، فانه بايعنا بعقدها فقال المأمون: وما فسخ البيعة وما عقدها؟ قال أبو الحسنعليه‌السلام : عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، وفسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر، قال: فماج الناس في ذلك، وامر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصف أبو الحسنعليه‌السلام فقال الناس: كيف يستحق الامامة من لا يعرف عقد البيعة، إنّ من علم أولى بها ممن لا يعلم، قال: فحمله ذلك على ما فعله من سمه.

٦١

٣٣ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله كلام طويل في بيعة الناس للرضاعليه‌السلام عند المأمون وفيه: وجلس المأمون ووضع للرضاعليه‌السلام وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه، وأجلس الرضاعليه‌السلام عليهما في الخضرة وعليه عمامة وسيف، ثم أمر ابنه العباس بن المأمون أنْ تبايع له في أول الناس فرفع الرضاعليه‌السلام يده فتلقى بها وجهه وببطنها وجوههم فقال له المأمون: أبسط يدك للبيعة، فقال الرضاعليه‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا كان يبايع فبايعه الناس ويده فوق أيديهم.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث يقول فيهعليه‌السلام في خطبة الغدير: ومن بايع فانما يبايع الله. يد الله فوق أيديهم معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين، والائمة كلمة طيبة باقية يهلك الله بها من غدر ويرحم بها من وفى، ومن نكث فانما ينكث الاية.

٣٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى هاشم بن أبي عمار الجينى قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: انا عين الله وانا يد الله وأنا جنب الله وانا باب الله.

٣٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يحيى بن أبي العلا الرازي عن أبي عبداللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقد سئل عن قولهعزوجل :( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ) وأمّا «ن» فكان نهرا في الجنة أشد بياض من الثلج، وأحلى من العسل، قال اللهعزوجل له كن مدادا فكان مدادا، ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال: واليد القوة، وليس حيث تذهب المشبهة.

٣٧ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام يقول: ليس على النساء أذان إلى أنْ قالعليه‌السلام : ولا تبايع إلّا من وراء الثياب.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ونزلت في بيعة الرضوان:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) واشترط عليهم أنْ لا ينكروا بعد ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا يفعله، ولا يخالفوه في شيء يأمرهم به فقال اللهعزوجل بعد نزول آية الرضوان( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ

٦٢

نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) وإنّما رضى الله عنهم بهذا الشرط أنْ يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العقد رضى عنهم فقدموا في التأليف آية الشرط على بيعة الرضوان، وإنّما نزلت أو لا بيعة الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها.

وفيه وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه الذي كتب إلى شيعته ويذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة وعظم خطاء طلحة والزبير، فقال: وأى خطيئة أعظم مما أتيا اخرجا زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيتها، وكشفا عنها حجابا ستره الله عليها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، ما أنصفا لا لله ولا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله البغي والمكر والنكث، قال الله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) وقال:( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) وقال:( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي ومكرا بى.

٣٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام ثم ذكر حديثا قدسيا طويلا وفيه وصف محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه: وعلى أمته تقوم الساعة ويدي( فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ ) أوفيت له بالجنة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وانى مفارقكم عن قريب، وخارج من بين أظهركم، ولقد عهدت إلى أمتي في عهد علي بن أبي طالب، وانها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه، ألآ وانى مجدد عليكم عهدي في عليٍّ،( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) .

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام في خطبة الغدير: معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم وهذا عليٌّ يفهمكم بعدي الآ وإنّ عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي(١) على

__________________

(١) المصافقة: المبايعة.

٦٣

بيعته والإقرار به ؛ ثم مصافقته بعدي، ألآ واني قد بايعت الله وعليٌّ قد بايعنى، وأنا آخذكم بالبيعة له عن اللهعزوجل ،( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) الآية.

٤٢ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبداللهعليه‌السلام أنّ عليّاعليه‌السلام قال: إنّ في المنار لمدينة يقال له الحصينة أفلا تسئلونى ما فيها؟ فقيل له. وما فيها يا أمير المؤمنين؟ قال: فيها أيدي الناكثين.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول ـ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال جل ذكره:( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) إلى قوله:( وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً ) أي قوم سوء وهم الذين استنفر هم في الحديبية، ولما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر، فاستأذنه المخلفون أنْ يخرجوا معه فقالعزوجل :( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ ) إلى قوله( إِلَّا قَلِيلاً ) .

وفيه: قال الظن في كتاب الله على وجهين، فمنه ظن يقين ومنه ظن الشك، وأمّا الشك فقوله:( إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) وقوله:( ظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) .

٤٤ ـ في روضة الكافي سهل بن عبدالله عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال: أحسنوا الظن بالله، فان أبا عبد اللهعليه‌السلام كان يقول: من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه به، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ) الآية.

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضلت بأربع جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلى قولهعليه‌السلام : وأحلت لامتى الغنايم.

٤٦ ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي، جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ؛ ونصرت بالرعب، وأحل لي المغنم، الحديث.

٤٧ ـ عن جابر بن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام حاكيا عن اللهعزوجل مخاطبا لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأحللت لك الغنيمة، ولم تحل لأحد قبلك.

٦٤

٤٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان موسىعليه‌السلام قد أعطى المن والسلوى فهل فعل بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظير هذا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ اللهعزوجل أحلّ له الغنايم ولامته ولم تحل الغنايم لأحد قبله، فهذا أفضل من المن والسلوى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : فان اللهعزوجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه، وبحسب جلالة منزلة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه ونفاقه، وكل أذى ومشقة لدفع، نبوته وتكذيبه إياه، وسبعة في مكارهه، وقصده لنقض كلّما أبرمه واجتهاده ومن مالاه على كفره وعناده ونفاقه وإلحاده. في ابطال دعواه وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده في تنفيرهم عن موالاة وصيه وإيحاشهم منه، وصد هم عنه واغرائهم بعداوته، والقصد التغيير الكتاب الذي جاء به، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر منه. وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه، ولقد علم الله ذلك منهم فقال:( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ) وقال:( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ ) وهنا كلام طويل يطلب عند قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا ) الآية.

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد الجبلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كتب علىعليه‌السلام إلى معاوية: انا أول من بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الشجرة في قوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: وقد أسلفنا لعلي بن إبراهيم عند قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ ) الآية انها مؤخرة عن قوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) في النزول فخالفوا في التأليف.

وفيه ثم قال جل ذكره: و( هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ

٦٥

بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) أي من بعد أنْ أممتم من المدينة إلى الحرم وطلبوا منكم الصلح من بعد أنْ كانوا يغزونكم بالمدينة، صاروا يطلبون الصلح بعد إذ كنتم تطلبون الصلح منهم. ثم أخبر اللهعزوجل بعلة الصلح وما اجازه اللهعزوجل لنبيه فقال:( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ ) يعنى بمكة( لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فأخبر اللهعزوجل نبيه أنّ علة الصلح انما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا فلما كان الصلح آمنوا وأظهروا الإسلام، ويقال: أنّ ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.

٥١ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير وغيره عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة الحديبيّة خرج في ذي القعدة، فلمّا انتهى إلى الموضع الذي أحرم فيه أحرموا ولبسوا السلاح.

فلمّا بلغه أنّ المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليرده قال: إبغوني(١) رجلا يأخذني على غير هذا الطريق، فأتى برجل آخر إمّا من مزينة وإمّا من جهينة(٢) [فسأله فلم يوافقه، فقال: إبغوني رجلا غيره فأتى برجل آخر إمّا من مُزينة وإمّا من جُهينة قال :](٣) فذكر له فأخذه معه حتى انتهى إلى العقبة، فقال: من يصعدها حطّ الله عنه كما حطّ الله عن بني إسرائيل «فقال لهم( ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ ) قال: فابتدرها خيل الأنصار: الأوس والخزرج، قال: وكانوا ألفا وثمانمأة فلمّا هبطوا إلى الحديبيّة إذا امرأة معها ابنها على القليب فسعى(٤) ابنها ربا فلمّا أثبتت

__________________

(١) أي اطلبوا لي.

(٢) مزينة: قبيلة من مضر، وكذا جهينة: اسم قبيلة، والترديد من الراوي.

(٣) بين المقفتين انما هو في المصدر دون النسخ الموجودة عندي.

(٤) القليب: البئر مطوية كانت أم غير مطوية، سميت به لأنها قلبت الأرض بالحفر.

٦٦

أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صرّخت به: هؤلاء الصابئون(١) ليس عليك منهم بأس، فأتاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمرها فاستقت دلوا من ماء فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فشرب وغسل وجهه فأخذت فضلته فأعارته في البئر فلم تبرح حتى الساعة وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل فكان بإزائه، ثمّ أرسلوا الحليس(٢) فرأى البدن وهي يأكل بعضها أوبار بعض(٣) فرجع ولم يأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأبي سفيان: يا أبا سفيان أما والله ما على هذا حالفناكم على أنْ تردوا الهدى عن محلّه، فقال: أسكت فانما أنت أعرابي، فقال: أما والله لتخلين عن محمّد وما أراد، أو لأنفردنّ في الأحابيش، فقال: أسكت حتى نأخذ من محمّد ولثا(٤) فأرسلوا إليه عروة بن مسعود، فقد كان جاء إلى قريش في القوم الذين أصابهم المغيرة بن شعبة كان خرج معهم من الطائف وكانوا تجارا فقتلهم وجاء بأموالهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأبى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يقبلها وقال: هذا غدر ولا حاجة لنا فيه فأرسلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله هذا عروة بن مسعود فقد أتاكم وهو يعظم البدن؟ قال: فأقيموها فأقاموها، فقال: يا محمّد مجيئ من جئت؟ قال: جئت أطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر هذه الإبل واخلى عنكم وعن لحمانها، قال: لا واللّات والعزى فيما رأيت مثلك ترد عمّا جئت له. إنّ قومك يذكرونك الله والرحم أنْ تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وأنْ تقطع أرحامهم

__________________

(١) صبا فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره.

(٢) اسم رجل وهو حليس بن علقمة أو ابن زيان وهو أحد بنى الحارث بن عبد المناة بن كنانة كما ذكره المؤرخون.

(٣) قال المجلسي (ره): كناية عن كثرتها وازدحامها واجتماعها وإنّما قدم (صلى الله عليه وآله وسلم) البدن ليعلموا انه لا يريد القتال بل يريد النسك.

(٤) قال في القاموس: حبشي ـ بالضم ـ: جبل بأسفل مكة ومنه أحابيش قريش لأنهم تحالفوا بالله انهم ليد على غيرهم. والولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد أو يكون غير مؤكد، وفي بعض النسخ «وليا».

٦٧

وان تجري عليهم عدوهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنا بفاعل حتى أدخلها قال: وكان عروة بن مسعود حين كلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تناول لحيته(١) والمغيرة قائم على رأسه فضرب بيده، فقال: من هذا يا محمّد! فقال هذا ابن أخيك المغيرة فقال يا غدر والله ما جئت إلّا في غسل سلحتك(٢) قال: فرجع إليهم فقال لأبي سفيان وأصحابه: لا والله ما رأيت مثل محمّد ردَّ عمّا جاء له، فأرسلوا إليه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى، فامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأثيرت في وجوههم البدن فقال: محبئ من جئت؟ قال: جئت لأطوف بالبيت، وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر البدن وأخلّي بينكم وبين لحمانها، فقالا: إنّ قومك يناشدونك الله والرحم أنْ تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم وتقطع أرحامهم وتجري عليهم عدوهم، قال: فأبى عليهما يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا أنْ يدخلها، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أنْ يبعث عمر، فقال: يا رسول الله إنّ عشيرتي قليل وانى فيهم على ما تعلم، ولكني أدلّك على عثمان بن عفّان، فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشّرهم بما وعدني ربي من فتح مكّة، فلمّا انطلق عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخّر عن السرح(٣) فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة(٤) فجلس سهيل بن عمرو عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسلمين ؛ وضرب بإحدى يديه على الاخرى لعثمان وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا

__________________

(١) قال في مرآة العقول: أي لحية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم ولجهله بشأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم ايمانه لم يعرف أنّ ذلك لا يليق بجنابه.

(٢) قال الجزري: في حديث الحديبية، قال عروة بن مسعود للمغيرة: يا غدر هل غسلت غدرتك الا بالأمس، غدر معدول غادر للمبالغة يقال للذكر غدر، وللأنثى غدار، وهما مختصان بالنداء في الغالب، والسلح: التغوط.

(٣) السرح: الماشية.

(٤) المناوشة: المناولة في القتال، أي كان المشركون في تهيئة القتال.

٦٨

والمروة وأحل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كان ليفعل، فلمّا جاء عثمان قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أطفتَ بالبيت؟ فقال: ما كنت لأطوف بالبيت ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يطف به ؛ ثمّ ذكر القصّة وما كان فيها، فقال لعليٍّعليه‌السلام : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: ما أدري ما الرحمن الرحيم إلّا أنّي أظن هذا الذي باليمامة، ولكن أكتب كما نكتب باسمك أللّهم ؛ قال: واكتب هذا ما قاضى رسول الله سهيل بن عمرو، فقال سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمّد؟ فقال: انا رسول الله وانا محمّد بن عبد الله، فقال الناس: أنت رسول الله، قال: أكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله، فقال الناس: أنت رسول الله وكان في القضية، أنّ من كان منّا أتى إليكم رددتموه إلينا ورسول الله غير مستكره عن دينه، ومن جاء إلينا منكم لم نرده إليكم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حاجة لنا فيهم وعلى أنْ يعبد الله فيكم علانية غير سر، وان كانوا ليتهادون السيور(١) في المدينة إلى مكّة وما كانت قضية أعظم بركة منها لقد كاد أنْ يستولي على أهل مكّة الإسلام، فضرب سهيل بن عمرو على أبي جندل ابنه فقال: أوّل ما قاضينا عليه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل قاضيت على شيء؟ فقال: يا محمّد ما كنت بغدار، قال: فذهب بأبي جندل فقال: يا رسول الله تدفعني إليه، قال: ولم أشترط لك، قال: وقال: أللّهم اجعل لأبي جندل مخرجا.

٥٢ ـ في الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أبي بصير عن داود بن سرحان عن عبد الله بن فرقد عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صد بالحديبية قصر وأحل ثمّ انصرف منها، ولم يجب عليه الحلق حتى يقضى المناسك، فأمّا المحصور فانما يكون عليه التقصير.

٥٣ ـ عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن محرم انكسرت ساقه أي شيء يكون حاله وأى شيء عليه؟ قال: هو حلال من كل شيء، قلت: من النساء والثياب والطيب؟ فقال: نعم من جميع ما يحرم على المحرم، و

__________________

(١) السيور جمع السير: الذي يقد من الجلد مستطيلة.

٦٩

قال: أما بلغك قول أبي عبداللهعليه‌السلام حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على قلت: أصلحك الله ما تقول في الحج؟ قال: لا بد أنْ يحج من قابل، قلت: أخبرنى عن المحصور والمصدود هما سواء؟ فقال: لا، قلت: فأخبرني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صده المشركون فقضى عمرته؟ قال: لا ولكنه اعتمر بعد ذلك.

٥٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل عن المفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول المحصور غير المصدود، والمحصور المريض، والمصدود الذي يصده المشركون كما ردوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء، وفي آخر هذا الحديث قلت: فما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت، قال: ليسا سواء كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدودا والحسينعليه‌السلام محصورا.

٥٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الفضل بن يونس عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما يوم عرفة قبل أنْ يعرف فبعث به إلى مكّة فحبسه، فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع(١) ثمّ ينصرف إلى منى فيرمى ويذبح ويلحق ولا شيء عليه، قلت: فان خلى عنه يوم النفر فكيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحج، إنْ كان دخل مكّة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ثمّ يسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شيء عليه.

٥٦ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن المثنى عن أبان عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المصدود يذبح حيث صد ويرجع صاحبه فيأتي النساء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليّعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في ستة مواطن الى

__________________

(١) قال الجزري: الجمع علم للمزدلفة.

٧٠

قوله: والخامسة قول اللهعزوجل :( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) وصددت. أنت وأبوك ومشركو قريش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلعنه لعنة شملة وذريته إلى يوم القيامة.

٥٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يقاتل فلانا وفلانا وفلانا؟ قال: لاية في كتاب اللهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) قال: قلت: ما يعنى بتزايلهم؟ قال: ودايع المؤمنين في أصلاب قوم كافرين، وكذلك القائمعليه‌السلام لن يظهر أبدا حتى تظهروا ودائع اللهعزوجل فاذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء اللهعزوجل فقتلهم.

٥٩ ـ وباسناده إلى إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام . ـ أو قال له رجل ـ: أصلحك الله ألم يكن علىعليه‌السلام قويا في دين الله؟ قال: بلى قال: وكيف ظهر على القوم وكيف لم يدفعهم؟ ما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب اللهعزوجل ، قلت: وأى آية هي؟ قال: قولهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) انه كان للهعزوجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ولم يكن علىعليه‌السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودايع فلما خرج الودايع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع اللهعزوجل ، فاذا ظهرت ظهر على من ظهر فيقتلهم.

٦٠ ـ وباسناده إلى منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) قال: لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين( لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا )

٦١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال:( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) حدّثنا أحمد بن علي قال: حدّثنا الحسين بن عبدالله قال: حدّثنا الحسن بن موسى الخشاب عن عبدالله بن الحسين عن بعض أصحابه عن فلان الكرخي قال: قال رجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الم يكن علىعليه‌السلام قويا في بدنه قويا

٧١

في أمر الله؟ فقال له أبو عبداللهعليه‌السلام : بلى، قال: فما منعه أنْ يدفع أو يمنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب منع عليا صلوات الله عليه من ذلك آية من كتاب اللهعزوجل ، فقال: واى آية؟ فقرأ:( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) انه كان للهعزوجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علىعليه‌السلام ليقتل الاباء حتى تخرج الودايع، فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيتعليه‌السلام لن يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله، فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله.

قال علي بن إبراهيم: ثم قال جل ذكره: إذا( جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) يعنى قريشا وسهيل بن عمرو حين قالوا الرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نعرف الرحمان الرحيم، وقولهم: لو علمنا انك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما حاربناك فاكتب محمد بن عبد الله.

٦٢ ـ في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده جماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : اعرفوا العقل والجهل، إلى أنْ قالعليه‌السلام : والإنصاف وضده الحمية.

٦٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتعوذ في كل يوم من ست خصال: من الشك والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد.

٦٤ ـ في روضة الكافي سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن سيابة بن أبي أيوب ومحمد بن الوليد وعلي بن أسباط يرفعونه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إنّ الله يعذب الستة بالستة: العرب العصبية، والدهاقين بالكبر، والأمراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل.

٦٥ ـ في أصول الكافي على عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية.

٦٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم

٧٢

عن داود بن نعمان عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الايمان(١) من عنقه.

٦٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الايمان من عنقه.

٦٨ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن خضر عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من تعصب عصبه الله بعصابة من نار.

٦٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان بن مهران عن عامر بن السمط عن حبيب بن أبي ثابت عن عليِّ بن الحسينعليه‌السلام قال: لم تدخل الجنة حمية(٢) غير حمية حمزة بن عبدالمطلب وذلك حين أسلم غضبا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث السلا الذي القى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

٧٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد

__________________

(١) الريق: الحبل.

(٢) الحمية: الغيرة.

(٣) السلا ـ مقصورا ـ: الجلد الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي، وقصة السلا على ما ذكره الكليني (ره) في باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره كالطبرسى في أعلام الورى هي: أنّ القريش كانوا يجدّون في أذى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان أشد الناس عليه عمّه أبو لهب، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم جالسا في الحجر، فبعثوا إلى سلا شاة فألقوه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاغتم رسول الله من ذلك فجاء إلى أبي طالب فقال: يا عمّ كيف حسبي فيكم؟ قال: وما ذاك يا ابن أخ! قال: إنّ قريشا ألقوا عليَّ السلا، فقال: لحمزة: خذ السيف وكان قريش جالسة في المسجد، فجاء أبو طالب ومعه السيف وحمزة ومعه السيف، فقال: أمر السلا على سبالهم، فمن أبى فاضرب عنقه، فما تحرك أحد حتى أمر السلا على سبالهم ثمّ التفت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا ابن أخ هذا حسبك فينا.

٧٣

عن المنقري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: سأل عليّ بن الحسينعليه‌السلام عن العصبية فقال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أنْ يرى الرجل شرار قومه خيرا عن خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أنْ يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبية أنْ يعين قومه على الظلم.

٧١ ـ في نهج البلاغة فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية واعتقاد الجاهلية ؛ وإنّما تلك الحمية يكون في ص ٤١٠ المسلم من خطوات الشيطان ونخواته ونزغاته ونفثاته(١) .

وفيه فالله الله في كبر الحمية وفخر الجاهلية، فانه ملاقح الشنآن ومنافخ الشيطان(٢) اللاتي خدع بها الأمم الماضية والقرون الخالية.

٧٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) قال: هو الايمان.

٧٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم خطبة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها وأولى القول كلمة التقوى.

٧٤ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ اللهعزوجل عهد إلى في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عهدا قلت: يا رب بينه لي قال: اسمع قلت: قد سمعت، قال: إنّ عليا راية الهدى وامام أوليائى ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبنى ومن أطاعه أطاعني.

وفي كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سلام الجعفي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن العباس قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) نزغات الشيطان: وساوسه التي يفسد بها، ونفثاته مثله.

(٢) الملاقح: الفحول التي تلقح. والنشآن: البغض والمنافخ جمع منفخ مصدر نفخ الشيطان، ونفخه ونفثه: وسوسته وتسويله.

٧٤

فينا خطيبا فقال: في آخر خطبته: نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين في خطبته: انا عروة الله الوثقى وكلمته التقوى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه: ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى.

٧٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر وفيه: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وقوله لا إله إلّا الله يعنى وحدانيته، لا يقبل الله الأعمال إلّا بها، وهي كلمة التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة.

٧٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سليمان بن مهران قال: قلت لجعفر بن محمدعليه‌السلام كيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال لان الصرورة قاض فرض فدعوا إلى حج بيت الله فيحب أنْ يدخل البيت الذي دعا إليه ليكرم، قلت: فكيف صار الحلق عليه واجبا دون من قد حج؟ فقال: ليصير بذلك موسما بسمة الآمنين، ألآ تسمع اللهعزوجل يقول:( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

٨٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي نصر عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الفرق(١) من السنة؟ قال، لا، قلت: فهل فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: نعم، قلت: كيف فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس من السنة؟ قال: من أصابه ما أصاب رسول الله يفرق كما فرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [فقد أصاب سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والا فلا] قلت: كيف؟ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا صد عن البيت وقد كان ساق الهدى وأحرم، أراه الله الرؤيا التي

__________________

(١) الفرق: الطريق في شعر الرأس. وفرق الشعر: سرحه.

٧٥

أخبره الله بها في كتابه إذ يقول:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الله سيفي له بما أراه، فمن ثمّ وفر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم انتظارا لحلقه في الحرم حيث وعده اللهعزوجل ، فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر، ولا كان ذلك من قبلهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨١ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن درست بن أبي منصور عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجها من موضع واحد؟ قال: صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليلة في سلطان المردة الفسقة، وإنّما هي شيء يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها، وأمّا الصادقة إذا أراها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة، وذلك قبل السحر وهي صادقة لا تخلف إنشاء الله إلّا أنْ يكون جنبا أو ينام على غير طهور ولم يذكر اللهعزوجل حقيقة ذكره، فانها تخلف(١) وتبطى على صاحبها.

٨٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهما‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا يوسف قاسى مرارة الغربة وحبس في السجن توقيا للمعصية، وألقى في الجب وحيدا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان ذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد، مهاجرا من حرم الله تعالى وآمنه، فلما رأىعزوجل كآبته(٢) واستشعاره الحزن أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازى رؤيا يوسف في تأويلها وأبان للعالمين صدق تحديثها(٣) فقال له:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ ) .

__________________

(١) وفي المصدر «تختلف» بدل «تختلف».

(٢) الكآبة: الغم والحزن وسوء الحال.

(٣) وفي المصدر «تحقيقها» بدل «تحديثها».

٧٦

٨٣ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام يقول: ليس على النساء أذان، إلى أنْ قالعليه‌السلام : ولا الحلق، انما يقصرون من شعورهن.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ) يعنى فتح خيبر لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا رجع من حديبية غزا خيبر، وقولهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) وهو الامام الذي يظهره اللهعزوجل على الدين كله فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا ؛ وهذا مما ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله.

٨٥ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى لا يطول في الدنيا أملك، وذكر حديثا طويلا يقول فيه جل شانه وقد ذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها ولاعبدن بكل مكان.

٨٦ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام ثم وصف اتباع نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين فقالعزوجل : محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) وقال:( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) يعنى أولئك المؤمنين.

٨٧ ـ في كتاب الخصال باسناده إلى جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مكتوب على باب الجنة لا إله إلّا الله( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ) على أخو الرسول، قبل أنْ تخلق الله السموات بألفى عام.

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن

٧٧

حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تعالى:( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) يعنى رسول الله تعالىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان اللهعزوجل قد انزل عليهم في التورية والإنجيل والزبور صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره، وهو قوله:( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) فهذه صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التورية والإنجيل وصفة أصحابه، فلما بعثه اللهعزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله.

٨٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه ربه تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى أوصيك وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر، فمثله في كتابك انه مؤمن مهيمن على الكتب كلها، وانه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين، وأنصاره قوم آخرون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه والله خلق طينتها من سبع سموات وهي من طينة الجنان، ثم تلا رحماء بينهم فهل يكون الرحم إلّا برا وصولا.

٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي المعزا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه، ويحق على المسلم الاجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم اللهعزوجل : «رحماء بينكم» متراحمين مغتمين لـما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٨

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ونقلقدس‌سره هذا الحديث في باب آخر وفيه: يبدل بينكم «بينهم»

٩٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن كليب الصيداوي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا اخوة بررة كما أمركم اللهعزوجل .

٩٣ ـ عنه عن علي بن الحكم عن أبي المعزا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله( رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) متراحمين مغتمين لـما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩٤ ـ أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جلعت فداك إنّى لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزل والحدة والطيش(١) فأغتم لذلك غما شديدا، وأرى من خالفنا فأراده حسن السمت قال: لا تقل حسن السمت: فان السمت الطريق، ولكن قل حسن السيماء فان اللهعزوجل يقول( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأله عبد الله بن سنان عن قوله اللهعزوجل ( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال هو السهر في الصلوة.

٩٦ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله وسأل الصادقعليه‌السلام عبد الله بن سنان عن قول اللهعزوجل :( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: هو السهر في الصلوة.

٩٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ضرب لهم مثلا في مثل ذلك( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) يعنى فلانا فآزره يعنى فلانا( فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ )

٩٨ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن يزيد رفع الحديث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه

__________________

(١) النزق: خفة في كل أمر وعجلة في جهل وحمق. والطيش بمعنى النزق أيضا.

٧٩

قال: درهم في الخضاب أفضل من نفقة ألف درهم في سبيل الله، إلى قوله: ويغيظ به الكافر.

٩٩ ـ في أمالى شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى ابن عباس أنه سئل عن قول اللهعزوجل :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) قال: سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله؟ قال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أنور، ونادى مناد: ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا، وقد بعث الله محمدا فيقوم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيعطى الله اللواء من النور الأبيض بيده تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا، فيعطى اجره ونوره، فاذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إنّ ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم، يعنى الجنة، فيقوم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والقوم تحت لوائهم معهم حتى يدخل الجنة ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة ويترك أقواما على النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٠ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال: عنه عن عمار بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام وإبراهيم بن عمر عن أبان رفعه إلى سليم بن قيس الهلالي قال سليم: شهدت وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام حين أوصى إلى ابنه الحسنعليه‌السلام وذكر الوصية بتمامها وفيها: والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا، ولم يأدوا محدثا فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤدى للمحدث.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال قال: من قرء سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨٠

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: ومن قرء سورة الحجرات أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل من أطاع الله ورسوله ومن عصاه.

٣ ـ روى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: ما سلت السيوف والا أقيمت الصفوف في صلوة ولا زحوف ولا جهر بأذان، ولا انزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) حتى أسلم أبناء قبيلة الأوس والخزرج.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) نزلت في وفد بنى تميم، كانوا إذا قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقفوا على باب حجرته فنادوا: يا محمد أخرج إلينا، وكانوا إذا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تقدموه في المشي، وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، ويقولون يا محمد [يا محمد] ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا، فأنزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) الاية.

٥ ـ في جوامع الجامع وعن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بين شماس وكان في اذنه وقر، وكان جهوري الصوت ؛ فكان إذا كلم رفع صوته وربما تأذى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصوته.

٦ ـ وعن أنس لـمّا نزلت الآية فقد ثابت، فتفقده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال: يا رسول الله لقد أنزلت هذه الآية وانى جهوري الصوت فأخاف أنْ يكون عملي قد حبط، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من أهل الجنة.

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل عن محمد بن سليمان عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل يذكر فيه وفات الحسن بن عليعليه‌السلام وما كان من الحميراء عند ذلك وفيه قال: قال الحسينعليه‌السلام : وقد قال اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) ولعمري قد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول، وقال اللهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ

٨١

اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ) ولعمري لقد ادخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء.

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) فانها نزلت في مارية القبطية أم إبراهيمعليه‌السلام ؛ وكان سبب ذلك أنّ عائشة قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ إبراهيم ليس هو منك وإنّما هو من جريح القبطي، فانه يدخل إليها في كل يوم، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : خذ السيف واتنى برأس جريح، فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام السيف ثمّ قال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله إنّك إذا بعثتني في أمرك أكون فيه كالسفود(١) المحمى في الوبر فكيف تأمرنى أثبت فيه أو أمضى على ذلك؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بل تثبت، فجاء أمير المؤمنين إلى مشربة أم إبراهيم فتسلق عليها فلمّا نظر إليه جريح هرب منه وصعد النخلة، فدنا منه أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال له: انزل فقال له يا عليُّ اتق الله ما هاهنا الناس إنّى مجبوب(٢) ثم كشف عن عورته فاذا هو مجبوب، فأتى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما شأنك يا جريح؟ فقال: يا رسول الله إنّ القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهليهم، والقبطيون لا يأنسون إلّا بالقبطيين، فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأونسها، فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) الآية.

٩ ـ وفي رواية عبد الله بن موسى عن أحمد بن راشد عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمر بقتل القبطي وقد علم انها كذبت عليه أم لم يعلم، وإنّما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت على؟ فقال: قد كان والله اعلم، ولو كانت عزيمة من رسول الله ما رجع على حتى يقتله، ولكنه انما فعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لترجع من ذنبها، فما رجعت ولا اشتد

__________________

(١) السفود ـ كتنور ـ: حديدة يشوى عليها اللحم.

(٢) المجبوب: الخصى. المقطوع.

٨٢

عليها، قتل رجل مسلم بكذبها.

١٠ ـ في مجمع البيان والمروي عن الباقرعليه‌السلام «فتثبتوا» بالثاء والتاء.

١١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسين بن عليعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما الومنك أنْ تبغض عليّاعليه‌السلام وقد جلدك في الخمس ثمانين جلدة، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف نسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا، وهو قوله:( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) .

١٢ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام للمنصور: لا تقبل في أذى رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار فان النمام شاهد الزور وشريك إبليس في الإغواء بين الناس، وقد قال الله تبارك وتعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) .

١٣ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انا نشتري الغنم بمنى، ولسنا نعرف عرف بها أم لا(١) فقال انهم يكذبون لا عليك ضح بها.

١٤ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبيرحمه‌الله قال حدّثنا سعد بن عبد الله قال حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرفث والفسوق والجدال، قال: اما الرفث فالجماع، وأمّا الفسوق فهو الكذب، ألآ تسمع قول اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ) وأمّا الجدال هو قول الرجل: لا والله وبلى والله وسباب الرجل الرجل.

١٥ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد

__________________

(١) قال الشيخ (ره) في التهذيب: ولا يجوز أنْ يضحى إلّا بما قد عرف به، وهو الذي احضر عيشة عرفة بعرفة «انتهى». وبه يفسر هذا الحديث.

٨٣

بن اورمة عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يعنى أمير المؤمنين (عليه السلام)( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) الاول والثاني والثالث.

١٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن فضل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحب والبغض من الايمان هو؟ فقال: وهو الايمان إلّا الحب والبغض، ثم تلا هذه الاية:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) .

١٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حرام على قلوبكم أنْ تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) الاول والثاني والثالث.

١٩ ـ في مجمع البيان وقيل: الفسوق الكذب عن ابن عباس وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٢٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن خالد عن النضر بن سويد عن يحيى بن أيوب بن الحر عن الحسن بن زياد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) هل للعباد بما حبب الله صنع؟ قال: لا: ولا كرامة.

٢١ ـ عنه عن أحمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال عن أبي عبيدة زياد الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث له قال: يا زياد ويحك وهل الدين إلّا الحب؟ ألآ ترى إلى قول الله( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) أولآ ترون قول الله لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) قال

٨٤

( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ) وقال: الدين هو الحب والحب هو الدين.

٢٢ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام أنّه قال القتل قتلان قتل كفارة وقتل درجة، والقتال قتالان قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا، وقتال الفئة الباغية حتى يفيئوا.

٢٣ ـ في الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن حروب أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان السائل من محبينا، فقال له: أنّ الله تعالى بعث محمّدا بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فاذا طلعت من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم «فيومئذ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ) وسيف منها مكفوف، وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا، وحكمه إلينا إلى قوله: وأمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل، قال الله تعالى: و( إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ ) فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، فسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هو؟ قال: خاصف النعل يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم قال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلثا وهذه الرابعة، والله لو ضربونا حتى بلغوا بنا السعفات من هجر(١) لعلمنا انا على الحق وأنهم على الباطل، وكان السيرة فيهم من أمير المؤمنينعليه‌السلام ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة يوم فتح مكة، فانه لم يسب لهم ذرية وقال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنين يوم البصرة نادى فيهم: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح(٢) ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق

__________________

(١) السعفات جمع السعفة: أغصان النخل، والهجر ـ بالتحريك ـ: بلدة باليمن واسم لجميع ارض البحرين، وإنّما خص هجر لبعد المسافة أو لكثرة النخل بها.

(٢) اجهز على الجريح. أسرع في قتله.

٨٥

بابه والقى سلاحه فهو آمن.

٢٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام وقال:( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ ) أي ترجع فان فاءت أي رجعت( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .

٢٥ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن الحسين عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ ) قال: الفئتان(١) انما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أنْ لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين(٢) وهي الفئة الباغية كما قال اللهعزوجل فكان الواجب على أمير المؤمنين أنْ يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة، انما من عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل مكة حذو النعل بالنعل.

٢٦ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: سألت جعفر بن محمدعليه‌السلام عن طائفتين من المؤمنين إحديهما باغية والاخرى عادلة اقتتلوا، فقتل رجل من أهل العراق أباه وابنه أو حميمه وهو من أهل

__________________

(١) الفئتان تفسير للطائفتين.

(٢) قال المجلسي (ره): هذا بيان لكذبهم وبغيهم على جميع المذاهب فانّ مذهب المخالفين أنّ مدار وجوب الاطاعة على البيعة. فهم بايعوا طائعين غير مكرهين، فاذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين.

٨٦

البغي وهو وارثه هل يرثه؟ قال: نعم لأنه قتله بحق.

٢٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : انما المؤمنون اخوة بنو أب وأم، إذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون.

٢٨ ـ عنه عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال: تقبضت بين يدي أبي جعفرعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني، أو أمر ينزل بى حتى يعرف ذلك أهلى في وجهي وصديقي، فقال: نعم يا جابر إنّ اللهعزوجل خلق المؤمنين من طينة الجنان، واجرى فيهم من ريح روحه، ولذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه فاذا أصاب روحا من تلك الأرواح في ولد من الولدان حزن حزنت هذه لأنها منها.

٢٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيحلفه.

٣٠ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إنْ اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في ساير جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وان روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.

٣١ ـ وباسناده إلى الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : المسلم أخو المسلم، هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه.

٣٢ ـ وباسناده إلى حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ودخل عليه رجل فقال لي: تحبه؟ فقلت: نعم، فقال لي: ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك.

٣٣ ـ وباسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه، لان اللهعزوجل خلق المؤمنين من

٨٧

طينة الجنان واجرى في صورهم من ريح الجنة، فلذلك هم اخوة لأب وأم.

٣٤ ـ وباسناده إلى علي بن عقبة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.

٣٥ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن رجل عن جميل عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا الحديث.

٣٦ ـ وباسناده إلى المفضل بن يسار قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ نفرا من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم، فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفئوا(١) ولزموا أصول الشجر، فجاءهم شيخ وعليه ثياب بيض، فقال: قوموا فلا بأس عليكم فهذا الماء، فقاموا فشربوا وارتووا فقالوا: من أنت يرحمك الله؟ فقال: انا من الجن الذين بايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي.

٣٧ ـ وباسناده إلى ربعي عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: والمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه.

٣٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبي عبد الله أحمد بن محمد السياري وحسن بن معاوية عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه. وذلك أنّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمن من طينة جنان السماوات واجرى فيهم من ريح روحه، فلذلك هو اخوه لأبيه وامه.

٣٩ ـ في بصائر الدرجات الحسن بن علي بن معاوية عن محمد بن سليمان

__________________

(١) أي اتخذوا الكفن ولبسوه.

٨٨

عن أبيه عن عيسى بن أسلم عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك هذا الحديث الذي سمعته منك ما تفسيره؟ قال: وما هو؟ قال: إنّ المؤمن ينظر بنور الله، فقال: يا معاوية إنّ الله خلق المؤمنين من نوره وصبغهم في رحمته، وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرفهم نفسه، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه أبوه النور وامه الرحمة، وإنّما ينظر بذلك النور.

٤٠ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله باسناده إلى أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل ويقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة إنّ لعليٍّ ثمانية أضراس قواطع لم تجعل لأحد من الأولين والآخرين، هو أخي في الدنيا والآخرة، ليس ذلك لغيره من الناس.

٤١ ـ في مجمع البيان وروى الزهري عن سالم عن أبيه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلبه، من كان من حاجة أخيه كان الله في حاجته ؛ ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما يستره الله يوم القيامة أورده البخاري ومسلم في صحيحهما.

٤٢ ـ وفي وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيع جنازة، سر ثلاثة أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في الله، سر خمسة أميال أجب دعوة الملهوف، سر ستة أميال انصر المظلوم وعليك بالاستغفار.

قال عز من قائل:( فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )

٤٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن حماد بن أبي طلحة عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صدقة تحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا عنه عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤٤ ـ عنه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لئن أصلح بين اثنين أحبّ إليَّ من أنْ أتصدق بدينارين.

٤٥ ـ عنه عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن مفضل قال: قال أبو عبد الله

٨٩

عليه‌السلام : إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي(١)

٤٦ ـ ابن سنان عن أبي حنيفة سائق الحاج قال: مر بنا المفضل وانا وختني(٢) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعماة درهم، فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منها من صاحبه، قال: اما انها ليست من مالي ولكن أبو عبد اللهعليه‌السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أنْ أصلح بينهما وأفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد اللهعليه‌السلام

٤٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المصلح ليس بكاذب.(٣)

٤٨ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن معاوية ابن وهب أو معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: أبلغ عنى كذا وكذا ـ في أشياء أمر بها ـ قلت: فأبلغهم عنك وأقول عنى ما قلت لي وغير الذي قلت؟ قال: نعم إنّ المصلح ليس بكذاب.

٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وأمّا قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ ) فانها نزلت في صفية بنت حي بن اخطب، وكانت زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وذلك أنّ عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها: يا بنت اليهودية. فشكت ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها: إلّا تجيبهما؟ فقالت: بماذا يا رسول الله قال: قولي إنّ أبي هارون نبي الله وعمّي موسى كليم الله، وزوجي محمّد رسول الله

__________________

(١) من الافتداء، وقال المجلسي (ره): كان الافتداء هنا مجار قال: المال يدفع المنازعة كما أنّ الدية تدفع الدم، أو كما أنّ الأسير يفتدي بالفداء كذلك كل منهما يفتدي من الاخر بالمال فالاسناد إلى النار على المجاز.

(٢) الختن: زوج بنت الرجل وزوج أخته أو كان من كان من قبل المرئة.

(٣) قال الفيض (ره): يعنى إذا تكلم بما لا يطابق الواقع فيما يتوقف عليه الإصلاح لم يعد كلامه كذبا.

٩٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما تنكران منى؟ فقالت لهما، فقالتا: هذا علمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانزل الله في ذلك:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ) إلى قوله:( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ) .

٥٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما أنشده الرضاعليه‌السلام من الشعر في الحلم وغيره حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدّثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدّثني عمى قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يوما ينشد وقليلا ما كان ينشد شعرا

كلنا نأمل مدا في الأجل

والمنايا هن آفات الأمل

لا تغرنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

انما الدنيا كظل زايل

حل فيه راكب ثم رحل

فقلت: لمن هذا أعز الله الأمير؟ فقال: لعراقى لكم، قلت أنشدنيه أبو العتاهية لنفسه، فقال: هات اسمه ودع هذا، إنّ الله سبحانه يقول: ولا تنابزوا بالألقاب ولعل الرجل يكره هذا.

٥١ ـ في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل إليه رجل من أهل اليمن، فسلم عليه فردعليه‌السلام وقال له: مرحبا بك يا سعد، فقال له الرجل: جعلت فداك بهذا كنت القب، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا خير في اللقب إنّ الله تعالى يقول في كتابه:( لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ )

قال عز من قائل:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ ) .

٥٢ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن الحسين بن حازم عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه إلى قوله بعد نقل حديث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقيل هذا: علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا أيضا عنه عن أبيه عمن حدثه عن الحسين بن المختار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال: أمير المؤمنين

٩١

عليه‌السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا.

٥٣ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تبارك وتعالى: لا يتكل العاملون لي على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا واتبعوا أنفسهم ـ أعمارهم ـ في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي إلى قوله: ولكني برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا والى حسن الظن بى فليطمئنوا.

٥٤ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: وجدنا في كتاب عليٍّعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال وهو على منبره: والذي لا إله إلّا هو ما اعطى مؤمن قط خير الدنيا والاخرة إلّا بحسن ظنه بالله ورجائه له، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين، والذي لا إله إلّا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين، والذي لا إله إلّا هو لا يحسن ظن بعد مؤمن بالله إلّا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لان الله كريم بيده الخيرات، يستحيي أنْ يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثمّ يخلف ظنه ورجائه فأحسنوا بالله الظن وارغبوا اليه.

٥٥ ـ وباسناده إلى الرضاعليه‌السلام قال: أحسن الظن إنّ اللهعزوجل يقول: أنا عند ظن عبدي المؤمن بى، إنْ خيرا فخيرا وانْ شرا فشرا(١) .

٥٦ ـ وباسناده إلى سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: حسن الظن بالله أنْ لا ترجو إلّا الله ولا تخاف إلّا ذنبك(٢) .

__________________

(١) قال المجلسي (ره) هذا الخبر مروي من طرق العامة أيضا، وقال الخطابي معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله وسوء عمله، لان من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.

(٢) قال في البحار: فيه اشارة إلى أنّ حسن الظن بالله ليس معناه ومقتضاه ترك العمل والاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله بل معناه انه مع العمل لا يتكل على عمله وإنّما يرجو قبوله من فضله وكرمه ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله لا من ربه فحسن الظن

٩٢

٥٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب اطرحوا سوء الظن بينكم، فان الله نهى عن ذلك.

٥٨ ـ في نهج البلاغة وقالعليه‌السلام : إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم يظهر منه حوبة فقد ظلم(١) وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن رجل الظن برجل فقد غرر.

٥٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث: إياكم والظن فان الظن الكذب الحديث.

قال عز من قائل: ولا تجسسوا

٦٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أنْ يواخى الرجل الرجل على الدين، فيحصى عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما. وباسناده إلى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام نحوه بتغيير يسير غير مغير للمعنى.

٦١ ـ وباسناده إلى ابن بكير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أبعد ما يكون العبد من الله أنْ يكون الرجل يواخى الرجل وهو يحفظ زلاته ليعيره بها يوما.

٦٢ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم أو الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تطلبوا عثرات المؤمنين فان من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثرته، ومن تتبع الله عثرته يفضحه ولو في جوف بيته.

٦٣ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

لا ينافي الخوف بل لا بد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر «انتهى» أقول: لعل معنى كلامه (عليه السلام) أنَّ العبد إذا علم من ربه انه أرحم الراحمين وأرأف بعبده من الولد إلى ولده فلا شيء يدعوه إلى الخوف منه تعالى، وهذا معنى حسن الظن به عزوجل، وأمّا من جهة عصيانه وترك أوامره فهو خائف من انه تعالى عاقبه بذنبه وتجريه على هذا الرب الرءوف فدائما يكون الخوف من الذنب وتبعاته وأمّا بالنسبة إليه تبارك وتعالى فليس له إلّا الرجاء منه تعالى.

(١) الحوبة: المعصية.

٩٣

يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه، لا تتبعوا عثرات المسلمين فانه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته، ومن تتبع الله عثرته يفضحه.

٦٤ ـ وباسناده إلى إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه، لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ؛ ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته ؛ وباسناده إلى أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٦٥ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: ثلاثة يعذبون يوم القيامة إلى أنْ قال: والمستمع حديث قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الآنك(١) .

٦٦ ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث له: ومن استمع إلى حديث قم وهم له كارهون يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة، قال سفيان الآنك الرصاص.

٦٧ ـ وفيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: إياكم وغيبة المسلم، فان المسلم لا يغتاب أخاه وقد نهى الله أنْ يأكل لحم أخيه ميتا.

٦٨ ـ عن أسباط بن محمد باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: الغيبة أشد من الزنا، فقيل: يا رسول الله ولم ذلك؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله.

٦٩ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث من كن فيه أو جبن له على الناس أربعا: من إذا حدّثهم لم يكذبهم، وإذا خالطهم لم يظلمهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وجب أنْ يظهر في الناس عدالته، ويظهر فيهم مروته، وان تحرم عليهم غيبته، وأن تجب عليهم اخوته.

٧٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من اخبار هذه المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم

__________________

(١) الآنك: الرصاص كما سيأتى في الحديث الآتي.

٩٤

يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروته، وظهرت عدالته، ووجبت اخوته، وحرمت غيبته.

٧١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن العباس بن عامر عن أبان عن رجل لا نعلمه إلّا يحيى الأزرق قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته.

٧٢ ـ وباسناده إلى عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول، الغيبة أنْ تقول في أخيك مما ستره الله عليه، وأمّا الأمر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا، والبهتان أنْ يقول فيه ما ليس فيه.

٧٣ ـ وباسناده إلى داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الغيبة قال هو أنْ تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، وتثبت عليه امرا قد ستره الله عليه، لم يقم عليه فيه حد.

٧٤ ـ وباسناده إلى السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الاكلة في جوفه.

قال وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجلوس في المسجد انتظار الصلوة عبادة ما لم يحدث قيل: يا رسول الله وما يحدث؟ قال: الاغتياب.

٧٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل النبي ما كفارة الاغتياب؟ قال: تستغفر الله لمن اغتبته كما ذكرته.

٧٦ ـ فيمن لا يحضره الفقيه في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونهى عن الغيبة، وقال من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه ونقض وضوءه، وجاء يوم القيامة من فيه رائحة أنتن من الجيفة، تتأذى به أهل الموقف، فان مات قبل أنْ يتوب مات مستحلا لـما حرم اللهعزوجل ، ألآ ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مسجد فردها عنه رد الله عنه الف باب من الشر في الدنيا والاخرة، فان هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه

٩٥

كوزر من اغتابه سبعين مرة.

٧٧ ـ في مجمع البيان وفي الحديث قولوا في الفاسق ما فيه كى يحذره الناس ٧٨ ـ وعن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا، ثم قال: إنّ الرجل يزني ويتوب فيتوب الله عليه، وان صاحب الغيبة لا يغفر له إلّا أنْ يغفر له صاحبه، وفي الحديث: إذا ذكرت الرجل بما فيه مما يكرهه فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.

٧٩ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: يا أبا ذر إياك والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا، قلت: يا رسول الله ولم ذاك فداك أبي وأمّي؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب، فيقبل الله توبته، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها.

٨٠ ـ في جوامع الجامع وروى أنّ أبا بكر وعمر بعثا سلمان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأتى لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان خازن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رحله فقال: ما عندي شيء، فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم انطلقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهما: ما لى أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحما، قال ظللتم تأكلون لحم سلمان واسامة فنزلت.

٨١ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنفرحمه‌الله عليه‌السلام من اشعارهعليه‌السلام في موقف كربلا:

لقد فاز الذي نصروا حسينا

وخاب الآخرون بنو السفاح

ومنها :

كل ذا العالم يرجو فضلنا

غير ذا الرجس اللعين الوالدين

٨٢ ـ في عيون الأخبار في باب قول الرضا لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدّثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدّثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي

٩٦

قال: سمعت أبي يقول: قال الرجل للرضاعليه‌السلام ؛ والله ما على وجه الأرض أشرف منك أبا فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله اخفضهم، فقال له آخر: أنت والله خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير منى من كان اتقى الله تعالى وأطاع له، والله ما نسخت هذه الآية:( وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ )

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ) قال الشعوب العجم، والقبائل العرب، وقوله:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) وهو رد على من يفتخر بالاحساب والأنساب.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة يا ايها الناس إنّ الله قد اذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية. وتفاخرها بآبائها، إنّ العربية ليست بأب والد، وإنّما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألآ انكم من آدم وآدم من التراب، و( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

٨٤ ـ أخبرنا الحسين بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليماني قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله: «وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال» فانا من أصحاب اليمين، وانا خير من أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلاثا، وذلك قوله:( فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فانا من السابقين وانا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) فقبيلتى خير القبائل، وانا سيد ولد آدم وأكرمكم على الله ولا فخر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٧

٨٥ ـ في مجمع البيان وقيل: أراد بالشعوب الموالي، وبالقبايل العرب في رواية عطا عن ابن عباس، والى هذا ذهب قوم فقالوا: الشعوب من العجم والقبايل من العرب والأسباط من بنى إسرائيل، وروى ذلك عن الصادقعليه‌السلام .

٨٦ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: يقول الله تعالى يوم القيامة: أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه، ورفعتم انسابكم فاليوم ارفع نسبي وأضع انسابكم اين المتقون؟( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

٨٧ ـ وروى أنّ رجلا سأل عيسى بن مريم أي الناس أفضل؟ فأخذ قبضتين من تراب ثم قال: أي هاتين أفضل؟ الناس خلقوا من تراب، فأكرمهم أتقاهم، أبو بكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ اللهعزوجل جعل القسمين فجعلني في خيرهم قسما وذلك قوله: وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فانا من أصحاب اليمين، وانا خير من أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلاثا، وذلك قوله «وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون السابقون» فانا من السابقين، وانا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبايل فجعلني في خيرها قبيلة، فذلك قوله:( وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ ) الآية فانا اتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبايل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قولهعزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فانا وأهلي مطهرون من الذنوب.

٨٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى الحسين بن خالد قال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : لا دين لمن لا ورع له، ولا أمان لمن لا تقية له، وان أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية.

٨٩ ـ في اعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) قال: أعملكم بالتقية.

٩٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عمر بن أبي بكار عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

٩٨

قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوج مقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وإنّما زوجه لتتضع المناكح وليتأسوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليعلموا( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ ) أتقاهم.

٩١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب، ثم قال: انما زوجها المقداد لتتضع المناكح ولتتأسوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولتعلموا( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) ، وكان الزبير أخا عبد الله وأبى طالب لأبيهما وأمّهما.

٩٢ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن عقبة بن بشير الأسدي قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضخم من قومي؟ قال: فقال: ما تمن علينا بحسبك، إنّ الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه شريفا إذا كان كافرا، فليس لأحد فضل على أحد إلّا بالتقوى.

٩٣ ـ في كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنفرحمه‌الله من كلامه في موقف كربلا أما أنا ابن بنت نبيكم، فو الله ما بين المشرق والمغرب لكم ابن بنت نبي غيري.

٩٤ ـ ومن كلامهعليه‌السلام للشمر لعنه الله: يا ويلك ومن أنا؟ فقال: الحسين وأبوك عليُّ بن أبي طالب، وأمّك فاطمة الزهراء، وجدّك محمّد المصطفى ؛ فقال له الحسينعليه‌السلام : يا ويلك إذا عرفت بأنّ هذا حسبي ونسبي فلم تقتلني؟ ومن أشعارهعليه‌السلام :

أنا بن عليٍّ الحر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخر حين أفخر

وفاطم أمّي ثمّ جدّي محمّد

وعمّيّ يدعى ذو الجناحين جعفر

ونحن وُلاة الحوض نسقي محبّنا

بكأس رسول الله ما ليس ينكر

٩٩

إذا ما أتى يوم القيامة ظاميا

إلى الحوض يسقيه بكفيّه حيدر

ومن أشعارهعليه‌السلام أيضا :

خيرة الله من الخلق أبي

بعد جدّي فأنا ابن الخيرتين

أمّي الزهراء حقّا وأبي

وارث العلم ومولى الثقلين

فضة قد صفيت من ذهب

فأنا الفضة وابن الذهبين

والدي شمس وأمّي قمر

فأنا الكوكب وابن القمرين

عبد الله غلاما يافعا(١)

وقريش يعبدون الوثنين

مَن له جدٌّ كجدّي في الوَرى

أو كأمّي في جميع المشرقين

خصّه الله بفضل وتقى

فأنا الأزهر وابن الأزهرين

جوهر من فضة مكنونة

فأنا الجوهر وابن الدُرتين

جدّي المرسل مصباح الدُجى

وأبي الموفى له بالبيعتين

والدي خاتمه جاد به

حين وافى رأسه للركعتين

أيّده الله بطاهر طاهر

صاحب الأمر ببدر وحنين

ذاك والله عليٌّ المرتضى

ساد بالفضل على أهل الحرمين.

٩٥ ـ في روضة الكافي عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن حنان قال: سمعت أبي يروى عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد، فأقبلوا ينتسبون ويرفعون حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب: أخبرنى من أنت ومن أبوك وما أصلك؟ فقال: انا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني اللهعزوجل بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت عائلا فأغنانى الله بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد، هذا نسبي وهذا حسبي قال: فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يكلمهم، فقال له سلمان: يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء حبست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا الى، قال عمر بن الخطاب: من أنت وما أصلك وما حسبك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : فما قلت له يا سلمان؟ قال: قلت: انا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد، وكنت عائلا فأغنانى الله عز ذكره بمحمد، وكنت مملوكا فأعتقنى الله عز ذكره بمحمد، هذا حسبي وهذا نسبي فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) يفع الغلام: راهق العشرين وقيل: ترعرع وناهز البلوغ.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749