تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356789 / تحميل: 4852
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: ومن قرء سورة الحجرات أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل من أطاع الله ورسوله ومن عصاه.

٣ ـ روى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: ما سلت السيوف والا أقيمت الصفوف في صلوة ولا زحوف ولا جهر بأذان، ولا انزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) حتى أسلم أبناء قبيلة الأوس والخزرج.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) نزلت في وفد بنى تميم، كانوا إذا قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقفوا على باب حجرته فنادوا: يا محمد أخرج إلينا، وكانوا إذا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تقدموه في المشي، وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، ويقولون يا محمد [يا محمد] ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا، فأنزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) الاية.

٥ ـ في جوامع الجامع وعن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بين شماس وكان في اذنه وقر، وكان جهوري الصوت ؛ فكان إذا كلم رفع صوته وربما تأذى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصوته.

٦ ـ وعن أنس لـمّا نزلت الآية فقد ثابت، فتفقده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال: يا رسول الله لقد أنزلت هذه الآية وانى جهوري الصوت فأخاف أنْ يكون عملي قد حبط، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من أهل الجنة.

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل عن محمد بن سليمان عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل يذكر فيه وفات الحسن بن عليعليه‌السلام وما كان من الحميراء عند ذلك وفيه قال: قال الحسينعليه‌السلام : وقد قال اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) ولعمري قد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول، وقال اللهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ

٨١

اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ) ولعمري لقد ادخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء.

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) فانها نزلت في مارية القبطية أم إبراهيمعليه‌السلام ؛ وكان سبب ذلك أنّ عائشة قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ إبراهيم ليس هو منك وإنّما هو من جريح القبطي، فانه يدخل إليها في كل يوم، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : خذ السيف واتنى برأس جريح، فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام السيف ثمّ قال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله إنّك إذا بعثتني في أمرك أكون فيه كالسفود(١) المحمى في الوبر فكيف تأمرنى أثبت فيه أو أمضى على ذلك؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بل تثبت، فجاء أمير المؤمنين إلى مشربة أم إبراهيم فتسلق عليها فلمّا نظر إليه جريح هرب منه وصعد النخلة، فدنا منه أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال له: انزل فقال له يا عليُّ اتق الله ما هاهنا الناس إنّى مجبوب(٢) ثم كشف عن عورته فاذا هو مجبوب، فأتى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما شأنك يا جريح؟ فقال: يا رسول الله إنّ القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهليهم، والقبطيون لا يأنسون إلّا بالقبطيين، فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأونسها، فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) الآية.

٩ ـ وفي رواية عبد الله بن موسى عن أحمد بن راشد عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمر بقتل القبطي وقد علم انها كذبت عليه أم لم يعلم، وإنّما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت على؟ فقال: قد كان والله اعلم، ولو كانت عزيمة من رسول الله ما رجع على حتى يقتله، ولكنه انما فعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لترجع من ذنبها، فما رجعت ولا اشتد

__________________

(١) السفود ـ كتنور ـ: حديدة يشوى عليها اللحم.

(٢) المجبوب: الخصى. المقطوع.

٨٢

عليها، قتل رجل مسلم بكذبها.

١٠ ـ في مجمع البيان والمروي عن الباقرعليه‌السلام «فتثبتوا» بالثاء والتاء.

١١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسين بن عليعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما الومنك أنْ تبغض عليّاعليه‌السلام وقد جلدك في الخمس ثمانين جلدة، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف نسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا، وهو قوله:( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) .

١٢ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام للمنصور: لا تقبل في أذى رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار فان النمام شاهد الزور وشريك إبليس في الإغواء بين الناس، وقد قال الله تبارك وتعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) .

١٣ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انا نشتري الغنم بمنى، ولسنا نعرف عرف بها أم لا(١) فقال انهم يكذبون لا عليك ضح بها.

١٤ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبيرحمه‌الله قال حدّثنا سعد بن عبد الله قال حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرفث والفسوق والجدال، قال: اما الرفث فالجماع، وأمّا الفسوق فهو الكذب، ألآ تسمع قول اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ) وأمّا الجدال هو قول الرجل: لا والله وبلى والله وسباب الرجل الرجل.

١٥ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد

__________________

(١) قال الشيخ (ره) في التهذيب: ولا يجوز أنْ يضحى إلّا بما قد عرف به، وهو الذي احضر عيشة عرفة بعرفة «انتهى». وبه يفسر هذا الحديث.

٨٣

بن اورمة عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يعنى أمير المؤمنين (عليه السلام)( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) الاول والثاني والثالث.

١٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن فضل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحب والبغض من الايمان هو؟ فقال: وهو الايمان إلّا الحب والبغض، ثم تلا هذه الاية:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) .

١٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حرام على قلوبكم أنْ تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) الاول والثاني والثالث.

١٩ ـ في مجمع البيان وقيل: الفسوق الكذب عن ابن عباس وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٢٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن خالد عن النضر بن سويد عن يحيى بن أيوب بن الحر عن الحسن بن زياد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) هل للعباد بما حبب الله صنع؟ قال: لا: ولا كرامة.

٢١ ـ عنه عن أحمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال عن أبي عبيدة زياد الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث له قال: يا زياد ويحك وهل الدين إلّا الحب؟ ألآ ترى إلى قول الله( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) أولآ ترون قول الله لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) قال

٨٤

( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ) وقال: الدين هو الحب والحب هو الدين.

٢٢ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام أنّه قال القتل قتلان قتل كفارة وقتل درجة، والقتال قتالان قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا، وقتال الفئة الباغية حتى يفيئوا.

٢٣ ـ في الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن حروب أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان السائل من محبينا، فقال له: أنّ الله تعالى بعث محمّدا بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فاذا طلعت من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم «فيومئذ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ) وسيف منها مكفوف، وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا، وحكمه إلينا إلى قوله: وأمّا السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل، قال الله تعالى: و( إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ ) فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، فسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هو؟ قال: خاصف النعل يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم قال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلثا وهذه الرابعة، والله لو ضربونا حتى بلغوا بنا السعفات من هجر(١) لعلمنا انا على الحق وأنهم على الباطل، وكان السيرة فيهم من أمير المؤمنينعليه‌السلام ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة يوم فتح مكة، فانه لم يسب لهم ذرية وقال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنين يوم البصرة نادى فيهم: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح(٢) ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق

__________________

(١) السعفات جمع السعفة: أغصان النخل، والهجر ـ بالتحريك ـ: بلدة باليمن واسم لجميع ارض البحرين، وإنّما خص هجر لبعد المسافة أو لكثرة النخل بها.

(٢) اجهز على الجريح. أسرع في قتله.

٨٥

بابه والقى سلاحه فهو آمن.

٢٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام وقال:( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ ) أي ترجع فان فاءت أي رجعت( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .

٢٥ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن الحسين عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمر اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ ) قال: الفئتان(١) انما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أنْ لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين(٢) وهي الفئة الباغية كما قال اللهعزوجل فكان الواجب على أمير المؤمنين أنْ يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة، انما من عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل مكة حذو النعل بالنعل.

٢٦ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: سألت جعفر بن محمدعليه‌السلام عن طائفتين من المؤمنين إحديهما باغية والاخرى عادلة اقتتلوا، فقتل رجل من أهل العراق أباه وابنه أو حميمه وهو من أهل

__________________

(١) الفئتان تفسير للطائفتين.

(٢) قال المجلسي (ره): هذا بيان لكذبهم وبغيهم على جميع المذاهب فانّ مذهب المخالفين أنّ مدار وجوب الاطاعة على البيعة. فهم بايعوا طائعين غير مكرهين، فاذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين.

٨٦

البغي وهو وارثه هل يرثه؟ قال: نعم لأنه قتله بحق.

٢٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : انما المؤمنون اخوة بنو أب وأم، إذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون.

٢٨ ـ عنه عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال: تقبضت بين يدي أبي جعفرعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني، أو أمر ينزل بى حتى يعرف ذلك أهلى في وجهي وصديقي، فقال: نعم يا جابر إنّ اللهعزوجل خلق المؤمنين من طينة الجنان، واجرى فيهم من ريح روحه، ولذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه فاذا أصاب روحا من تلك الأرواح في ولد من الولدان حزن حزنت هذه لأنها منها.

٢٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيحلفه.

٣٠ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إنْ اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في ساير جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وان روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.

٣١ ـ وباسناده إلى الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : المسلم أخو المسلم، هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه.

٣٢ ـ وباسناده إلى حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ودخل عليه رجل فقال لي: تحبه؟ فقلت: نعم، فقال لي: ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على غيرك.

٣٣ ـ وباسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه، لان اللهعزوجل خلق المؤمنين من

٨٧

طينة الجنان واجرى في صورهم من ريح الجنة، فلذلك هم اخوة لأب وأم.

٣٤ ـ وباسناده إلى علي بن عقبة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.

٣٥ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن رجل عن جميل عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا الحديث.

٣٦ ـ وباسناده إلى المفضل بن يسار قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ نفرا من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم، فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفئوا(١) ولزموا أصول الشجر، فجاءهم شيخ وعليه ثياب بيض، فقال: قوموا فلا بأس عليكم فهذا الماء، فقاموا فشربوا وارتووا فقالوا: من أنت يرحمك الله؟ فقال: انا من الجن الذين بايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي.

٣٧ ـ وباسناده إلى ربعي عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: والمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه.

٣٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبي عبد الله أحمد بن محمد السياري وحسن بن معاوية عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه. وذلك أنّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمن من طينة جنان السماوات واجرى فيهم من ريح روحه، فلذلك هو اخوه لأبيه وامه.

٣٩ ـ في بصائر الدرجات الحسن بن علي بن معاوية عن محمد بن سليمان

__________________

(١) أي اتخذوا الكفن ولبسوه.

٨٨

عن أبيه عن عيسى بن أسلم عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك هذا الحديث الذي سمعته منك ما تفسيره؟ قال: وما هو؟ قال: إنّ المؤمن ينظر بنور الله، فقال: يا معاوية إنّ الله خلق المؤمنين من نوره وصبغهم في رحمته، وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرفهم نفسه، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه أبوه النور وامه الرحمة، وإنّما ينظر بذلك النور.

٤٠ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله باسناده إلى أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل ويقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة إنّ لعليٍّ ثمانية أضراس قواطع لم تجعل لأحد من الأولين والآخرين، هو أخي في الدنيا والآخرة، ليس ذلك لغيره من الناس.

٤١ ـ في مجمع البيان وروى الزهري عن سالم عن أبيه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلبه، من كان من حاجة أخيه كان الله في حاجته ؛ ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما يستره الله يوم القيامة أورده البخاري ومسلم في صحيحهما.

٤٢ ـ وفي وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيع جنازة، سر ثلاثة أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في الله، سر خمسة أميال أجب دعوة الملهوف، سر ستة أميال انصر المظلوم وعليك بالاستغفار.

قال عز من قائل:( فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )

٤٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن حماد بن أبي طلحة عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صدقة تحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا عنه عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤٤ ـ عنه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لئن أصلح بين اثنين أحبّ إليَّ من أنْ أتصدق بدينارين.

٤٥ ـ عنه عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن مفضل قال: قال أبو عبد الله

٨٩

عليه‌السلام : إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي(١)

٤٦ ـ ابن سنان عن أبي حنيفة سائق الحاج قال: مر بنا المفضل وانا وختني(٢) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعماة درهم، فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منها من صاحبه، قال: اما انها ليست من مالي ولكن أبو عبد اللهعليه‌السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أنْ أصلح بينهما وأفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد اللهعليه‌السلام

٤٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المصلح ليس بكاذب.(٣)

٤٨ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن معاوية ابن وهب أو معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: أبلغ عنى كذا وكذا ـ في أشياء أمر بها ـ قلت: فأبلغهم عنك وأقول عنى ما قلت لي وغير الذي قلت؟ قال: نعم إنّ المصلح ليس بكذاب.

٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وأمّا قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ ) فانها نزلت في صفية بنت حي بن اخطب، وكانت زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وذلك أنّ عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها: يا بنت اليهودية. فشكت ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها: إلّا تجيبهما؟ فقالت: بماذا يا رسول الله قال: قولي إنّ أبي هارون نبي الله وعمّي موسى كليم الله، وزوجي محمّد رسول الله

__________________

(١) من الافتداء، وقال المجلسي (ره): كان الافتداء هنا مجار قال: المال يدفع المنازعة كما أنّ الدية تدفع الدم، أو كما أنّ الأسير يفتدي بالفداء كذلك كل منهما يفتدي من الاخر بالمال فالاسناد إلى النار على المجاز.

(٢) الختن: زوج بنت الرجل وزوج أخته أو كان من كان من قبل المرئة.

(٣) قال الفيض (ره): يعنى إذا تكلم بما لا يطابق الواقع فيما يتوقف عليه الإصلاح لم يعد كلامه كذبا.

٩٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما تنكران منى؟ فقالت لهما، فقالتا: هذا علمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانزل الله في ذلك:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ) إلى قوله:( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ) .

٥٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما أنشده الرضاعليه‌السلام من الشعر في الحلم وغيره حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدّثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدّثني عمى قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يوما ينشد وقليلا ما كان ينشد شعرا

كلنا نأمل مدا في الأجل

والمنايا هن آفات الأمل

لا تغرنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

انما الدنيا كظل زايل

حل فيه راكب ثم رحل

فقلت: لمن هذا أعز الله الأمير؟ فقال: لعراقى لكم، قلت أنشدنيه أبو العتاهية لنفسه، فقال: هات اسمه ودع هذا، إنّ الله سبحانه يقول: ولا تنابزوا بالألقاب ولعل الرجل يكره هذا.

٥١ ـ في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل إليه رجل من أهل اليمن، فسلم عليه فردعليه‌السلام وقال له: مرحبا بك يا سعد، فقال له الرجل: جعلت فداك بهذا كنت القب، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا خير في اللقب إنّ الله تعالى يقول في كتابه:( لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ )

قال عز من قائل:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ ) .

٥٢ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن الحسين بن حازم عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه إلى قوله بعد نقل حديث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقيل هذا: علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا أيضا عنه عن أبيه عمن حدثه عن الحسين بن المختار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال: أمير المؤمنين

٩١

عليه‌السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا.

٥٣ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تبارك وتعالى: لا يتكل العاملون لي على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا واتبعوا أنفسهم ـ أعمارهم ـ في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي إلى قوله: ولكني برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا والى حسن الظن بى فليطمئنوا.

٥٤ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: وجدنا في كتاب عليٍّعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال وهو على منبره: والذي لا إله إلّا هو ما اعطى مؤمن قط خير الدنيا والاخرة إلّا بحسن ظنه بالله ورجائه له، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين، والذي لا إله إلّا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين، والذي لا إله إلّا هو لا يحسن ظن بعد مؤمن بالله إلّا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لان الله كريم بيده الخيرات، يستحيي أنْ يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثمّ يخلف ظنه ورجائه فأحسنوا بالله الظن وارغبوا اليه.

٥٥ ـ وباسناده إلى الرضاعليه‌السلام قال: أحسن الظن إنّ اللهعزوجل يقول: أنا عند ظن عبدي المؤمن بى، إنْ خيرا فخيرا وانْ شرا فشرا(١) .

٥٦ ـ وباسناده إلى سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: حسن الظن بالله أنْ لا ترجو إلّا الله ولا تخاف إلّا ذنبك(٢) .

__________________

(١) قال المجلسي (ره) هذا الخبر مروي من طرق العامة أيضا، وقال الخطابي معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله وسوء عمله، لان من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.

(٢) قال في البحار: فيه اشارة إلى أنّ حسن الظن بالله ليس معناه ومقتضاه ترك العمل والاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله بل معناه انه مع العمل لا يتكل على عمله وإنّما يرجو قبوله من فضله وكرمه ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله لا من ربه فحسن الظن

٩٢

٥٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب اطرحوا سوء الظن بينكم، فان الله نهى عن ذلك.

٥٨ ـ في نهج البلاغة وقالعليه‌السلام : إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم يظهر منه حوبة فقد ظلم(١) وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن رجل الظن برجل فقد غرر.

٥٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث: إياكم والظن فان الظن الكذب الحديث.

قال عز من قائل: ولا تجسسوا

٦٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أنْ يواخى الرجل الرجل على الدين، فيحصى عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما. وباسناده إلى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام نحوه بتغيير يسير غير مغير للمعنى.

٦١ ـ وباسناده إلى ابن بكير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أبعد ما يكون العبد من الله أنْ يكون الرجل يواخى الرجل وهو يحفظ زلاته ليعيره بها يوما.

٦٢ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم أو الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تطلبوا عثرات المؤمنين فان من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثرته، ومن تتبع الله عثرته يفضحه ولو في جوف بيته.

٦٣ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

لا ينافي الخوف بل لا بد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر «انتهى» أقول: لعل معنى كلامه (عليه السلام) أنَّ العبد إذا علم من ربه انه أرحم الراحمين وأرأف بعبده من الولد إلى ولده فلا شيء يدعوه إلى الخوف منه تعالى، وهذا معنى حسن الظن به عزوجل، وأمّا من جهة عصيانه وترك أوامره فهو خائف من انه تعالى عاقبه بذنبه وتجريه على هذا الرب الرءوف فدائما يكون الخوف من الذنب وتبعاته وأمّا بالنسبة إليه تبارك وتعالى فليس له إلّا الرجاء منه تعالى.

(١) الحوبة: المعصية.

٩٣

يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه، لا تتبعوا عثرات المسلمين فانه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته، ومن تتبع الله عثرته يفضحه.

٦٤ ـ وباسناده إلى إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه، لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ؛ ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته ؛ وباسناده إلى أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٦٥ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: ثلاثة يعذبون يوم القيامة إلى أنْ قال: والمستمع حديث قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الآنك(١) .

٦٦ ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث له: ومن استمع إلى حديث قم وهم له كارهون يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة، قال سفيان الآنك الرصاص.

٦٧ ـ وفيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: إياكم وغيبة المسلم، فان المسلم لا يغتاب أخاه وقد نهى الله أنْ يأكل لحم أخيه ميتا.

٦٨ ـ عن أسباط بن محمد باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: الغيبة أشد من الزنا، فقيل: يا رسول الله ولم ذلك؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله.

٦٩ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث من كن فيه أو جبن له على الناس أربعا: من إذا حدّثهم لم يكذبهم، وإذا خالطهم لم يظلمهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وجب أنْ يظهر في الناس عدالته، ويظهر فيهم مروته، وان تحرم عليهم غيبته، وأن تجب عليهم اخوته.

٧٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من اخبار هذه المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم

__________________

(١) الآنك: الرصاص كما سيأتى في الحديث الآتي.

٩٤

يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروته، وظهرت عدالته، ووجبت اخوته، وحرمت غيبته.

٧١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن العباس بن عامر عن أبان عن رجل لا نعلمه إلّا يحيى الأزرق قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته.

٧٢ ـ وباسناده إلى عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول، الغيبة أنْ تقول في أخيك مما ستره الله عليه، وأمّا الأمر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا، والبهتان أنْ يقول فيه ما ليس فيه.

٧٣ ـ وباسناده إلى داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الغيبة قال هو أنْ تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، وتثبت عليه امرا قد ستره الله عليه، لم يقم عليه فيه حد.

٧٤ ـ وباسناده إلى السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الاكلة في جوفه.

قال وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجلوس في المسجد انتظار الصلوة عبادة ما لم يحدث قيل: يا رسول الله وما يحدث؟ قال: الاغتياب.

٧٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل النبي ما كفارة الاغتياب؟ قال: تستغفر الله لمن اغتبته كما ذكرته.

٧٦ ـ فيمن لا يحضره الفقيه في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونهى عن الغيبة، وقال من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه ونقض وضوءه، وجاء يوم القيامة من فيه رائحة أنتن من الجيفة، تتأذى به أهل الموقف، فان مات قبل أنْ يتوب مات مستحلا لـما حرم اللهعزوجل ، ألآ ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مسجد فردها عنه رد الله عنه الف باب من الشر في الدنيا والاخرة، فان هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه

٩٥

كوزر من اغتابه سبعين مرة.

٧٧ ـ في مجمع البيان وفي الحديث قولوا في الفاسق ما فيه كى يحذره الناس ٧٨ ـ وعن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا، ثم قال: إنّ الرجل يزني ويتوب فيتوب الله عليه، وان صاحب الغيبة لا يغفر له إلّا أنْ يغفر له صاحبه، وفي الحديث: إذا ذكرت الرجل بما فيه مما يكرهه فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.

٧٩ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: يا أبا ذر إياك والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا، قلت: يا رسول الله ولم ذاك فداك أبي وأمّي؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب، فيقبل الله توبته، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها.

٨٠ ـ في جوامع الجامع وروى أنّ أبا بكر وعمر بعثا سلمان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأتى لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان خازن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رحله فقال: ما عندي شيء، فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم انطلقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهما: ما لى أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحما، قال ظللتم تأكلون لحم سلمان واسامة فنزلت.

٨١ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنفرحمه‌الله عليه‌السلام من اشعارهعليه‌السلام في موقف كربلا:

لقد فاز الذي نصروا حسينا

وخاب الآخرون بنو السفاح

ومنها :

كل ذا العالم يرجو فضلنا

غير ذا الرجس اللعين الوالدين

٨٢ ـ في عيون الأخبار في باب قول الرضا لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدّثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدّثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي

٩٦

قال: سمعت أبي يقول: قال الرجل للرضاعليه‌السلام ؛ والله ما على وجه الأرض أشرف منك أبا فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله اخفضهم، فقال له آخر: أنت والله خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير منى من كان اتقى الله تعالى وأطاع له، والله ما نسخت هذه الآية:( وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ )

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ) قال الشعوب العجم، والقبائل العرب، وقوله:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) وهو رد على من يفتخر بالاحساب والأنساب.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة يا ايها الناس إنّ الله قد اذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية. وتفاخرها بآبائها، إنّ العربية ليست بأب والد، وإنّما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألآ انكم من آدم وآدم من التراب، و( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

٨٤ ـ أخبرنا الحسين بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليماني قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله: «وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال» فانا من أصحاب اليمين، وانا خير من أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلاثا، وذلك قوله:( فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فانا من السابقين وانا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) فقبيلتى خير القبائل، وانا سيد ولد آدم وأكرمكم على الله ولا فخر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٧

٨٥ ـ في مجمع البيان وقيل: أراد بالشعوب الموالي، وبالقبايل العرب في رواية عطا عن ابن عباس، والى هذا ذهب قوم فقالوا: الشعوب من العجم والقبايل من العرب والأسباط من بنى إسرائيل، وروى ذلك عن الصادقعليه‌السلام .

٨٦ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: يقول الله تعالى يوم القيامة: أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه، ورفعتم انسابكم فاليوم ارفع نسبي وأضع انسابكم اين المتقون؟( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

٨٧ ـ وروى أنّ رجلا سأل عيسى بن مريم أي الناس أفضل؟ فأخذ قبضتين من تراب ثم قال: أي هاتين أفضل؟ الناس خلقوا من تراب، فأكرمهم أتقاهم، أبو بكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ اللهعزوجل جعل القسمين فجعلني في خيرهم قسما وذلك قوله: وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فانا من أصحاب اليمين، وانا خير من أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلاثا، وذلك قوله «وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون السابقون» فانا من السابقين، وانا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبايل فجعلني في خيرها قبيلة، فذلك قوله:( وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ ) الآية فانا اتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبايل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قولهعزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فانا وأهلي مطهرون من الذنوب.

٨٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى الحسين بن خالد قال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : لا دين لمن لا ورع له، ولا أمان لمن لا تقية له، وان أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية.

٨٩ ـ في اعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) قال: أعملكم بالتقية.

٩٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عمر بن أبي بكار عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

٩٨

قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوج مقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وإنّما زوجه لتتضع المناكح وليتأسوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليعلموا( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ ) أتقاهم.

٩١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب، ثم قال: انما زوجها المقداد لتتضع المناكح ولتتأسوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولتعلموا( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) ، وكان الزبير أخا عبد الله وأبى طالب لأبيهما وأمّهما.

٩٢ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن عقبة بن بشير الأسدي قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضخم من قومي؟ قال: فقال: ما تمن علينا بحسبك، إنّ الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه شريفا إذا كان كافرا، فليس لأحد فضل على أحد إلّا بالتقوى.

٩٣ ـ في كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنفرحمه‌الله من كلامه في موقف كربلا أما أنا ابن بنت نبيكم، فو الله ما بين المشرق والمغرب لكم ابن بنت نبي غيري.

٩٤ ـ ومن كلامهعليه‌السلام للشمر لعنه الله: يا ويلك ومن أنا؟ فقال: الحسين وأبوك عليُّ بن أبي طالب، وأمّك فاطمة الزهراء، وجدّك محمّد المصطفى ؛ فقال له الحسينعليه‌السلام : يا ويلك إذا عرفت بأنّ هذا حسبي ونسبي فلم تقتلني؟ ومن أشعارهعليه‌السلام :

أنا بن عليٍّ الحر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخر حين أفخر

وفاطم أمّي ثمّ جدّي محمّد

وعمّيّ يدعى ذو الجناحين جعفر

ونحن وُلاة الحوض نسقي محبّنا

بكأس رسول الله ما ليس ينكر

٩٩

إذا ما أتى يوم القيامة ظاميا

إلى الحوض يسقيه بكفيّه حيدر

ومن أشعارهعليه‌السلام أيضا :

خيرة الله من الخلق أبي

بعد جدّي فأنا ابن الخيرتين

أمّي الزهراء حقّا وأبي

وارث العلم ومولى الثقلين

فضة قد صفيت من ذهب

فأنا الفضة وابن الذهبين

والدي شمس وأمّي قمر

فأنا الكوكب وابن القمرين

عبد الله غلاما يافعا(١)

وقريش يعبدون الوثنين

مَن له جدٌّ كجدّي في الوَرى

أو كأمّي في جميع المشرقين

خصّه الله بفضل وتقى

فأنا الأزهر وابن الأزهرين

جوهر من فضة مكنونة

فأنا الجوهر وابن الدُرتين

جدّي المرسل مصباح الدُجى

وأبي الموفى له بالبيعتين

والدي خاتمه جاد به

حين وافى رأسه للركعتين

أيّده الله بطاهر طاهر

صاحب الأمر ببدر وحنين

ذاك والله عليٌّ المرتضى

ساد بالفضل على أهل الحرمين.

٩٥ ـ في روضة الكافي عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن حنان قال: سمعت أبي يروى عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد، فأقبلوا ينتسبون ويرفعون حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب: أخبرنى من أنت ومن أبوك وما أصلك؟ فقال: انا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني اللهعزوجل بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت عائلا فأغنانى الله بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد، هذا نسبي وهذا حسبي قال: فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يكلمهم، فقال له سلمان: يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء حبست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا الى، قال عمر بن الخطاب: من أنت وما أصلك وما حسبك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : فما قلت له يا سلمان؟ قال: قلت: انا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد، وكنت عائلا فأغنانى الله عز ذكره بمحمد، وكنت مملوكا فأعتقنى الله عز ذكره بمحمد، هذا حسبي وهذا نسبي فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) يفع الغلام: راهق العشرين وقيل: ترعرع وناهز البلوغ.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

كان أدعى إلى نجاته من قريش و سلامة نفسه و بلوغ الغرض من نبذ العهد على يده أ لا ترى أن رسول الله ص في عمرة الحديبية بعث عثمان بن عفان إلى مكة يطلب منهم الإذن له في الدخول و إنما بعثه لأنه من بني عبد مناف و لم يكن بنو عبد مناف و خصوصا بني عبد شمس ليمكنوا من قتله و لذلك حمله بنو سعيد بن العاص على بعير يوم دخل مكة و أحدقوا به مستلئمين بالسلاح و قالوا له أقبل و أدبر و لا تخف أحدا بنو سعيد أعزة الحرم و أما القول في تولية رسول الله ص أبا بكر الصلاة فقد تقدم و ما رامه قاضي القضاة من الفرق بين صلاة أبي بكر بالناس و صلاة عبد الرحمن بهم مع كون رسول الله ص صلى خلفه ضعيف و كلام المرتضى أقوى منه فأما السؤال الذي سأله المرتضى من نفسه فقوي و الجواب الصحيح أن بعث براءة مع أبي بكر كان باجتهاد من الرسول ص و لم يكن عن وحي و لا من جملة الشرائع التي تتلقى عن جبرائيل ع فلم يقبح نسخ ذلك قبل تقضي وقت فعله و جواب المرتضى ليس بقوي لأنه من البعيد أن يسلم سورة براءة إلى أبي بكر و لا يقال له ما ذا تصنع بها بل يقال خذ هذه معك لا غير و القول بأن الكلام مشروط بشرط لم يظهر خلاف الظاهر و فتح هذا الباب يفسد كثيرا من القواعد

الطعن السادس

أن أبا بكر لم يكن يعرف الفقه و أحكام الشريعة فقد قال في الكلالة أقول

٢٠١

فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله و إن يكن خطأ فمني و لم يعرف ميراث الجد و من حاله هذه لا يصلح للإمامة أجاب قاضي القضاة بأن الإمام لا يجب أن يعلم جميع الأحكام و أن القدر الذي يحتاج إليه هو القدر الذي يحتاج إليه الحاكم و أن القول بالرأي هو الواجب فيما لا نص فيه و قد قال أمير المؤمنين ع بالرأي في مسائل كثيرة اعترض المرتضى فقال قد دللنا على أن الإمام لا بد أن يكون عالما بجميع الشرعيات و فرقنا بينه و بين الحاكم و دللنا على فساد الرأي و الاجتهاد و أما أمير المؤمنين ع فلم يقل قط بالرأي و ما يروى من خبر بيع أمهات الأولاد غير صحيح و لو صح لجاز أن يكون أراد بالرأي الرجوع إلى النصوص و الأدلة و لا شبهة عندنا أن قوله كان واحدا في الحالين و إن ظهر في أحدهما خلاف مذهبه للتقية قلت هذا الطعن مبني على أمرين أحدهما هل من شرط الإمامة أن يعلم الإمام كل الأحكام الشرعية أم لا و هذا مذكور في كتبنا الكلامية و الثاني هو القول في الاجتهاد و الرأي حق أم لا و هذا مذكور في كتبنا الأصولية

الطعن السابع

قصة خالد بن الوليد و قتله مالك بن نويرة و مضاجعته امرأته من ليلته و أن أبا بكر

٢٠٢

ترك إقامة الحد عليه و زعم أنه سيف من سيوف الله سله الله على أعدائه مع أن الله تعالى قد أوجب القود و حد الزناء عموما و أن عمر نبهه و قال له اقتله فإنه قتل مسلما أجاب قاضي القضاة فقال إن شيخنا أبا علي قال إن الردة ظهرت من مالك بن نويرة لأنه جاء في الأخبار أنه رد صدقات قومه عليهم لما بلغه موت رسول الله ص كما فعله سائر أهل الردة فاستحق القتل فإن قال قائل فقد كان يصلي قيل له و كذلك سائر أهل الردة و إنما كفروا بالامتناع من الزكاة و اعتقادهم إسقاط وجوبها دون غيره فإن قيل فلم أنكر عمر قيل كان الأمر إلى أبي بكر فلا وجه لإنكار عمر و قد يجوز أن يعلم أبو بكر من الحال ما يخفى على عمر فإن قيل فما معنى ما روي عن أبي بكر من أن خالدا تأول فأخطأ قيل أراد عجلته عليه بالقتل و قد كان الواجب عنده على خالد أن يتوقف للشبهة و استدل أبو علي على ردته بأن أخاه متمم بن نويرة لما أنشد عمر مرثيته أخاه قال له وددت أني أقول الشعر فأرثي أخي زيدا بمثل ما رثيت به أخاك فقال متمم لو قتل أخي على مثل ما قتل عليه أخوك ما رثيته فقال عمر ما عزاني أحد بمثل تعزيتك فدل هذا على أن مالكا لم يقتل على الإسلام كما قتل زيد و أجاب عن تزويج خالد بامرأته بأنه إذا قتل على الردة في دار الكفر جاز تزويج امرأته عند كثير من أهل العلم و إن كان لا يجوز أن يطأها إلا بعد الاستبراء و حكي عن أبي علي أنه إنما قتله لأنه ذكر رسول الله ص فقال صاحبك و أوهم بذلك أنه ليس بصاحب له و كان عنده أن ذلك رده و علم عند المشاهدة

٢٠٣

المقصد و هو أمير القوم فجاز أن يقتله و إن كان الأولى ألا يستعجل و أن يكشف الأمر في ردته حتى يتضح فلهذا لم يقتله أبو بكر به فأما وطؤه لامرأته فلم يثبت فلا يصح أن يجعل طعنا فيه اعترض المرتضى فقال أما منع خالد في قتل مالك بن نويرة و استباحة امرأته و أمواله لنسبته إياه إلى ردة لم تظهر منه بل كان الظاهر خلافها من الإسلام فعظيم و يجري مجراه في العظم تغافل من تغافل عن أمره و لم يقم فيه حكم الله تعالى و أقره على الخطإ الذي شهد هو به على نفسه و يجري مجراهما من أمكنه أن يعلم الحال فأهملها و لم يتصفح ما روي من الأخبار في هذا الباب و تعصب لأسلافه و مذهبه و كيف يجوز عند خصومنا على مالك و أصحابه جحد الزكاة مع المقام على الصلاة و هما جميعا في قرن لأن العلم الضروري بأنهما من دينه ع و شريعته على حد واحد و هل نسبة مالك إلى الردة مع ما ذكرناه إلا قدح في الأصول و نقض لما تضمنته من أن الزكاة معلومة ضرورة من دينه ع و أعجب من كل عجيب قوله و كذلك سائر أهل الردة يعني أنهم كانوا يصلون و يجحدون الزكاة لأنا قد بينا أن ذلك مستحيل غير ممكن و كيف يصح ذلك و قد روى جميع أهل النقل أن أبا بكر لما وصى الجيش الذين أنفذهم بأن يؤذنوا و يقيموا فإن أذن القوم كأذانهم و إقامتهم كفوا عنهم و إن لم يفعلوا أغاروا عليهم فجعل أمارة الإسلام و البراءة من الردة الأذان و الإقامة و كيف يطلق في سائر أهل الردة ما أطلقه من أنهم كانوا يصلون و قد علمنا أن أصحاب مسيلمة و طليحة و غيرهما ممن كان ادعى النبوة و خلع الشريعة ما كانوا يرون الصلاة و لا شيئا مما جاءت به شريعتنا و قصة مالك معروفة عند من تأمل كتب السير و النقل لأنه كان على صدقات قومه بني

٢٠٤

يربوع واليا من قبل رسول الله ص و لما بلغته وفاة رسول الله ص أمسك عن أخذ الصدقة من قومه و قال لهم تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي ص و ننظر ما يكون من أمره و قد صرح بذلك في شعره حيث يقول:

و قال رجال سدد اليوم مالك

و قال رجال مالك لم يسدد

فقلت دعوني لا أبا لأبيكم

فلم أخط رأيا في المقام و لا الندي

و قلت خذوا أموالكم غير خائف

و لا ناظر فيما يجي‏ء به غدي

فدونكموها إنما هي مالكم

مصورة أخلاقها لم تجدد

سأجعل نفسي دون ما تحذرونه

و أرهنكم يوما بما قلته يدي

فإن قام بالأمر المجدد قائم

أطعنا و قلنا الدين دين محمد

فصرح كما ترى أنه استبقى الصدقة في أيدي قومه رفقا بهم و تقربا إليهم إلى أن يقوم بالأمر من يدفع ذلك إليه و قد روى جماعة من أهل السير و ذكره الطبري في تاريخه أن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات و فرقهم و قال يا بني يربوع إنا كنا قد عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين و بطأنا الناس عنه فلم نفلح و لم ننجح و أني قد نظرت في هذا الأمر فوجدت الأمر يتأتى لهؤلاء القوم بغير سياسة و إذا أمر لا يسوسه الناس فإياكم و معاداة قوم يصنع لهم فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم و رجع مالك إلى منزله فلما قدم خالد البطاح بث السرايا و أمرهم بداعية الإسلام و أن يأتوه بكل من لم يجب و أمرهم إن امتنع أن يقاتلوه فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني يربوع و اختلف السرية في أمرهم و في السرية أبو قتادة الحارث بن ربعي فكان ممن شهد أنهم أذنوا و أقاموا و صلوا فلما اختلفوا فيهم

٢٠٥

أمر بهم خالد فحبسوا و كانت ليلة باردة لا يقوم لها شي‏ء فأمر خالد مناديا ينادي أدفئوا أسراءكم فظنوا أنهم أمروا بقتلهم لأن هذه اللفظة تستعمل في لغة كنانة للقتل فقتل ضرار بن الأزور مالكا و تزوج خالد زوجته أم تميم بنت المنهال و في خبر آخر أن السرية التي بعث بها خالد لما غشيت القوم تحت الليل راعوهم فأخذ القوم السلاح قال فقلنا إنا المسلمون فقالوا و نحن المسلمون قلنا فما بال السلاح معكم قلنا فضعوا السلاح فلما وضعوا السلاح ربطوا أسارى فأتوا بهم خالدا فحدث أبو قتادة خالد بن الوليد أن القوم نادوا بالإسلام و أن لهم أمانا فلم يلتفت خالد إلى قولهم و أمر بقتلهم و قسم سبيهم و حلف أبو قتادة ألا يسير تحت لواء خالد في جيش أبدا و ركب فرسه شاذا إلى أبي بكر فأخبره الخبر و قال له إني نهيت خالدا عن قتله فلم يقبل قولي و أخذ بشهادة الأعراب الذين غرضهم الغنائم و أن عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر و قال إن القصاص قد وجب عليه و لما أقبل خالد بن الوليد قافلا دخل المسجد و عليه قباء له عليه صدأ الحديد معتجرا بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما فلما دخل المسجد قام إليه عمر فنزع الأسهم عن رأسه فحطمها ثم قال له يا عدو نفسه أ عدوت على امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته و الله لنرجمنك بأحجارك و خالد لا يكلمه و لا يظن إلا أن رأي أبي بكر مثل رأيه حتى دخل إلى أبي بكر و اعتذر إليه بعذره و تجاوز عنه فخرج خالد و عمر جالس في المسجد فقال هلم إلى يا ابن أم شملة فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه و دخل بيته و قد روي أيضا أن عمر لما ولي جمع من عشيرة مالك بن نويرة من وجد منهم

٢٠٦

و استرجع ما وجد عند المسلمين من أموالهم و أولادهم و نسائهم فرد ذلك عليهم جميعا مع نصيبه كان منهم و قيل إنه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق و بعضهن حوامل فردهن على أزواجهن فالأمر ظاهر في خطإ خالد و خطإ من تجاوز عنه و قول صاحب الكتاب إنه يجوز أن يخفى عن عمر ما يظهر لأبي بكر ليس بشي‏ء لأن الأمر في قصة خالد لم يكن مشتبها بل كان مشاهدا معلوما لكل من حضره و ما تأول به في القتل لا يعذر لأجله و ما رأينا أبا بكر حكم فيه بحكم المتأول و لا غيره و لا تلافى خطأه و زلله و كونه سيفا من سيوف الله على ما ادعاه لا يسقط عنه الأحكام و يبرئه من الآثام و أما قول متمم لو قتل أخي على ما قتل عليه أخوك لما رثيته لا يدل على أنه كان مرتدا فكيف يظن عاقل أن متمما يعترف بردة أخيه و هو يطالب أبا بكر بدمه و الاقتصاص من قاتليه و رد سبيه و أنه أراد في الجملة التقرب إلى عمر بتقريظ أخيه ثم لو كان ظاهر هذا القول كباطنه لكان إنما يقصد تفضيل قتلة زيد على قتلة مالك و الحال في ذلك أظهر لأن زيدا قتل في بعث المسلمين ذابا عن وجوههم و مالك قتل على شبهة و بين الأمرين فرق و أما قوله في النبي ص صاحبك فقد قال أهل العلم إنه أراد القرشية لأن خالدا قرشي و بعد فليس في ظاهر إضافته إليه دلالة على نفيه له عن نفسه و لو كان علم من مقصده الاستخفاف و الإهانة على ما ادعاه صاحب الكتاب لوجب أن يعتذر خالد بذلك عند أبي بكر و عمر و يعتذر به أبو بكر لما طالبه عمر بقتله فإن عمر ما كان يمنع من قتل قادح في نبوة النبي ص و إن كان الأمر على ذلك فأي معنى لقول أبي بكر تأول فأخطأ و إنما تأول فأصاب إن كان الأمر على ما ذكر

٢٠٧

قلت أما تعجب المرتضى من كون قوم منعوا الزكاة و أقاموا على الصلاة و دعواه أن هذا غير ممكن و لا صحيح فالعجب منه كيف ينكر وقوع ذلك و كيف ينكر إمكانه أما الإمكان فلأنه لا ملازمة بين العبادتين إلا من كونهما مقترنتين في بعض المواضع في القرآن و ذلك لا يوجب تلازمهما في الوجود أو من قوله إن الناس يعلمون كون الزكاة واجبة في دين الإسلام ضرورة كما تعلمون كون الصلاة في دين الإسلام ضرورة و هذا لا يمنع اعتقادهم سقوط وجوب الزكاة لشبهة دخلت عليهم فإنهم قالوا إن الله تعالى قال لرسوله( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) قالوا فوصف الصدقة المفروضة بأنها صدقة من شأنها أن يطهر رسول الله ص الناس و يزكيهم بأخذها منهم ثم عقب ذلك بأن فرض عليه مع أخذ الزكاة منهم أن يصلي عليهم صلاة تكون سكنا لهم قالوا و هذه الصفات لا تتحقق في غيره لأن غيره لا يطهر الناس و يزكيهم بأخذ الصدقة و لا إذا صلى على الناس كانت صلاته سكنا لهم فلم يجب علينا دفع الزكاة إلى غيره و هذه الشبهة لا تنافي كون الزكاة معلوما وجوبها ضرورة من دين محمد ص لأنهم ما جحدوا وجوبها و لكنهم قالوا إنه وجوب مشروط و ليس يعلم بالضرورة انتفاء كونها مشروطة و إنما يعلم ذلك بنظر و تأويل فقد بان أن ما ادعاه من الضرورة ليس بدال على أنه لا يمكن أحد اعتقاد نفي وجوب الزكاة بعد موت الرسول و لو عرضت مثل هذه الشبهة في صلاة لصح لذاهب أن يذهب إلى أنها قد سقطت عن الناس فأما الوقوع فهو المعلوم ضرورة بالتواتر كالعلم بأن أبا بكر ولي الخلافة بعد الرسول ص ضرورة بطريق التواتر و من أراد الوقوف على ذلك فلينظر في كتب التواريخ

٢٠٨

فإنها تشتمل من ذلك على ما يشفي و يكفي و قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في التاريخ الكبير بإسناد ذكره أن أبا بكر أقام بالمدينة بعد وفاة رسول الله ص و توجيهه أسامة في جيشه إلى حيث قتل أبوه زيد بن حارثة لم يحدث شيئا و جاءته وفود العرب مرتدين يقرون بالصلاة و يمنعون الصدقة فلم يقيل منهم و ردهم و أقام حتى قدم أسامة بعد أربعين يوما من شخوصه و يقال بعد سبعين يوما و روى أبو جعفر قال امتنعت العرب قاطبة من أداء الزكاة بعد رسول الله ص إلا قريشا و ثقيفا و روى أبو جعفر عن السري عن شعيب عن سيف عن هشام بن عروة عن أبيه قال ارتدت العرب و منعت الزكاة إلا قريشا و ثقيفا فأما هوازن فقدمت رجلا و أخرت أخرى أمسكوا الصدقة و روى أبو جعفر قال لما منعت العرب الزكاة كان أبو بكر ينتظر قدوم أسامة بالجيش فلم يحارب أحدا قبل قدومه إلا عبسا و ذبيان فإنه قاتلهم قبل رجوع أسامة و روى أبو جعفر قال قدمت وفود من قبائل العرب المدينة فنزلوا على وجوه الناس بها و يحملونهم إلى أبي بكر أن يقيموا الصلاة و ألا يؤتوا الزكاة فعزم الله لأبي بكر على الحق و قال لو منعوني عقال بعير لجاهدتهم عليه و روى أبو جعفر شعرا للخطيل بن أوس أخي الحطيئة في معنى منع الزكاة و أن

٢٠٩

أبا بكر رد سؤال العرب و لم يجبهم من جملته:

أطعنا رسول الله إذا كان بيننا

فيا لعباد الله ما لأبي بكر

أ يورثها بكر إذا مات بعده

و تلك لعمر الله قاصمة الظهر

فهلا رددتم وفدنا بإجابة

و هلا حسبتم منه راعية البكر

فإن الذي سألوكم فمنعتم

لكالتمر أو أحلى لحلف بني فهر

و روى أبو جعفر قال لما قدمت العرب المدينة على أبي بكر فكلموه في إسقاط الزكاة نزلوا على وجوه الناس بالمدينة فلم يبق أحد إلا و أنزل عليه ناسا منهم إلا العباس بن عبد المطلب ثم اجتمع إلى أبي بكر المسلمون فخوفوه بأس العرب و اجتماعها قال ضرار بن الأزور فما رأيت أحدا ليس رسول الله أملأ بحرب شعواء من أبي بكر فجعلنا نخوفه و نروعه و كأنما إنما نخبره بما له لا ما عليه و اجتمعت كلمة المسلمين على إجابة العرب إلى ما طلبت و أبى أبو بكر أن يفعل إلا ما كان يفعله رسول الله ص و أن يأخذ إلا ما كان يأخذ ثم أجلهم يوما و ليلة ثم أمرهم بالانصراف و طاروا إلى عشائرهم و روى أبو جعفر قال كان رسول الله ص بعث عمرو بن العاص إلى عمان قبل موته فمات و هو بعمان فأقبل قافلا إلى المدينة فوجد العرب قد منعت الزكاة فنزل في بني عامر على قرة بن هبيرة و قرة يقدم رجلا و يؤخر أخرى و على ذلك بنو عامر كلهم إلا الخواص ثم قدم المدينة فأطافت به قريش فأخبرهم أن العساكر معسكرة حولهم فتفرق المسلمون و تحلقوا حلقا و أقبل عمر بن الخطاب فمر بحلقة

٢١٠

و هم يتحدثون فيما سمعوا من عمرو و في تلك الحلقة علي و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد فلما دنا عمر منهم سكتوا فقال في أي شي‏ء أنتم فلم يخبروه فقال ما أعلمني بالذي خلوتم عليه فغضب طلحة و قال الله يا ابن الخطاب إنك لتعلم الغيب فقال لا يعلم الغيب إلا الله و لكن أظن قلتم ما أخوفنا على قريش من العرب و أخلقهم ألا يقروا بهذا الأمر قالوا صدقت فقال فلا تخافوا هذه المنزلة أنا و الله منكم على العرب أخوف مني عليكم من العرب قال أبو جعفر و حدثني السري قال حدثنا شعيب عن سيف عن هشام بن عروة عن أبيه قال نزل عمرو بن العاص بمنصرفه من عمان بعد وفاة رسول الله ص بقرة بن هبيرة بن سلمة بن يسير و حوله عساكر من أفنائهم فذبح له و أكرم منزلته فلما أراد الرحلة خلا به و قال يا هذا إن العرب لا تطيب لكم أنفسا بالإتاوة فإن أنتم أعفيتموها من أخذ أموالها فستسمع و تطيع و إن أبيتم فإنها تجتمع عليكم فقال عمرو أ توعدنا بالعرب و تخوفنا بها موعدنا حفش أمك أما و الله لأوطئنه عليك الخيل و قدم على أبي بكر و المسلمين فأخبرهم و روى أبو جعفر قال كان رسول الله ص قد فرق عماله في بني تميم على قبض الصدقات فجعل الزبرقان بن بدر على عوف و الرباب و قيس بن عاصم على مقاعس و البطون و صفوان بن صفوان و سبرة بن عمرو على بني عمرو و مالك بن نويرة على بني حنظلة فلما توفي رسول الله ص ضرب صفوان إلى أبي بكر حين وقع إليه الخبر بموت النبي ص بصدقات بني عمرو و بما ولي منها و ما ولي سبرة و أقام سبرة في قومه لحدث إن ناب و أطرق قيس بن عاصم ينظر ما الزبرقان صانع فكان له عدوا و قال و هو ينتظره و ينتظر ما يصنع و يلي عليه ما أدري ما أصنع إن أنا

٢١١

بايعت أبا بكر و أتيته بصدقات قومي خلفني فيهم فساءني عندهم و إن رددتها عليهم فليأتين أبا بكر فيسوءني عنده ثم عزم قيس على قسمتها في مقاعس و البطون ففعل و عزم الزبرقان على الوفاء فاتبع صفوان بصدقات عوف و الرباب حتى قدم بها المدينة و قال شعرا يعرض فيه بقيس بن عاصم و من جملته:

وفيت بأذواد الرسول و قد أبت

سعاة فلم يردد بعيرا أميرها

فلما أرسل أبو بكر إلى قيس العلاء بن الحضرمي أخرج الصدقة فأتاه بها و قدم معه إلى المدينة و في تاريخ أبي جعفر الطبري من هذا الكثير الواسع و كذلك في تاريخ غيره من التواريخ و هذا أمر معلوم باضطرار لا يجوز لأحد أن يخالف فيه فأما قوله كيف يصح ذلك و قد قال لهم أبو بكر إذا أذنوا و أقاموا كإقامتكم فكفوا عنهم فجعل أمارة الإسلام و البراءة من الردة الأذان و الإقامة فإنه قد أسقط بعض الخبر قال أبو جعفر الطبري في كتابه كانت وصيته لهم إذا نزلتم فأذنوا و أقيموا فإن أذن القوم و أقاموا فكفوا عنهم فإن لم يفعلوا فلا شي‏ء إلا الغارة ثم اقتلوهم كل قتلة الحرق فما سواه و إن أجابوا داعية الإسلام فاسألوهم فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم و إن أبوا فلا شي‏ء إلا الغارة و لا كلمة فأما قوله و كيف يطلق قاضي القضاة في سائر أهل الردة ما أطلقه من أنهم كانوا يصلون و من جملتهم أصحاب مسيلمة و طلحة فإنما أراد قاضي القضاة بأهل الردة هاهنا مانعي الزكاة لا غير و لم يرد من جحد الإسلام بالكلية فأما قصة مالك بن نويرة و خالد بن الوليد فإنها مشتبهة عندي و لا غرو فقد اشتهت على الصحابة و ذلك أن من حضرها من العرب اختلفوا في حال القوم هل كان

٢١٢

عليهم شعار الإسلام أو لا و اختلف أبو بكر و عمر في خالد مع شدة اتفاقهما فأما الشعر الذي رواه المرتضى لمالك بن نويرة فهو معروف إلا البيت الأخير فإنه غير معروف و عليه عمدة المرتضى في هذا المقام و ما ذكره بعد من قصة القوم صحيح كله مطابق لما في التواريخ إلا مويضعات يسيرة منها قوله إن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات فإن ذلك غير منقول و إنما المنقول أنه نهى قومه عن الاجتماع في موضع واحد و أمرهم أن يتفرقوا في مياههم ذكر ذلك الطبري و لم يذكر نهيه إياهم عن الاجتماع على منع الصدقة و قال الطبري إن مالكا تردد في أمره هل يحمل الصدقات أم لا فجاءه خالد و هو متحير سبح و منها أن الطبري ذكر أن ضرار بن الأزور قتل مالكا عن غير أمر خالد و أن خالدا لما سمع الواعية خرج و قد فرغوا منهم فقال إذا أراد الله أمرا أصابه قال الطبري و غضب أبو قتادة لذلك و قال لخالد هذا عملك و فارقه و أتى أبا بكر فأخبره فغضب عليه أبو بكر حتى كلمه فيه عمر فلم يرض إلا أن يرجع إلى خالد فرجع إليه حتى قدم معه المدينة و منها أن الطبري روى أن خالدا لما تزوج أم تميم بنت المنهال امرأة مالك لم يدخل بها و تركها حتى تقضي طهرها و لم يذكر المرتضى ذلك و منها أن الطبري روى أن متمما لما قدم المدينة طلب إلى أبي بكر في سبيهم فكتب له برد السبي و المرتضى ذكر أنه لم يرد إلا في خلافة عمر فأما قول المرتضى إن قول متمم لو قتل أخي على مثل ما قتل عليه أخوك لما رثيته

٢١٣

لا يدل على ردته فصحيح و لا ريب أنه قصد تقريظ زيد بن الخطاب و أن يرضي عمر أخاه بذلك و نعما قال المرتضى إن بين القتلتين فرقا ظاهرا و إليه أشار متمم لا محالة فأما قول مالك صاحبك يعني النبي ص فقد روى هذه اللفظة الطبري في التاريخ قال كان خالد يعتذر عن قتله فيقول إنه قال له و هو يراجعه ما إخال صاحبكم إلا قال كذا و كذا فقال له خالد أ و ما تعده لك صاحبا و هذه لعمري كلمة جافية و إن كان لها مخرج في التأويل إلا أنه مستكره و قرائن الأحوال يعرفها من شاهدها و سمعها فإذا كان خالد قد كان يعتذر بذلك فقد اندفع قول المرتضى هلا اعتذر بذلك و لست أنزه خالدا عن الخطإ و أعلم أنه كان جبارا فاتكا لا يراقب الدين فيما يحمله عليه الغضب و هوى نفسه و لقد وقع منه في حياة رسول الله ص مع بني خذيمة بالغميصاء أعظم مما وقع منه في حق مالك بن نويرة و عفا عنه رسول الله ص بعد أن غضب عليه مدة و أعرض عنه و ذلك العفو هو الذي أطمعه حتى فعل ببني يربوع ما فعل بالبطاح

الطعن الثامن

قولهم إن مما يؤثر في حاله و حال عمر دفنهما مع رسول الله ص في بيته و قد منع الله تعالى الكل من ذلك في حال حياته فكيف بعد الممات بقوله تعالى( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) . أجاب قاضي القضاة بأن الموضع كان ملكا لعائشة و هي حجرتها التي كانت

٢١٤

معروفة بها و الحجر كلها كانت أملاكا لأزواج النبي ص و قد نطق القرآن بذلك في قوله( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) و ذكر أن عمر استأذن عائشة في أن يدفن في ذلك الموضع و حتى قال إن لم تأذن لي فادفنوني في البقيع و على هذا الوجه يحمل ما روي عن الحسن ع أنه لما مات أوصى أن يدفن إلى جنب رسول الله ص و إن لم يترك ففي البقيع فلما كان من مروان و سعيد بن العاص ما كان دفن بالبقيع و إنما أوصى بذلك بإذن عائشة و يجوز أن يكون علم من عائشة أنها جعلت الموضع في حكم الوقف فاستباحوا ذلك لهذا الوجه قال و في دفنه ع في ذلك الموضع ما يدل على فضل أبي بكر لأنه ع لما مات اختلفوا في موضع دفنه و كثر القول حتى روى أبو بكر عنه ص أنه قال ما يدل على أن الأنبياء إذا ماتوا دفنوا حيث ماتوا فزال الخلاف في ذلك اعترض المرتضى فقال لا يخلو موضع قبر النبي ص من أن يكون باقيا على ملكه ع أو يكون انتقل في حياته إلى عائشة على ما ادعاه فإن كان الأول لم يخل أن يكون ميراثا بعده أو صدقة فإن كان ميراثا فما كان يحل لأبي بكر و لا لعمر من بعده أن يأمرا بدفنهما فيه إلا بعد إرضاء الورثة الذين هم على مذهبنا فاطمة و جماعة الأزواج و على مذهبهم هؤلاء و العباس و لم نجد واحدا منهما خاطب أحدا من هؤلاء الورثة على ابتياع هذا المكان و لا استنزله عنه بثمن و لا غيره و إن كان صدقة فقد كان يجب أن يرضى عنه جماعة المسلمين و يبتاعه منهم هذا إن جاز الابتياع لما يجري هذا المجرى و إن كان انتقل في حياته فقد كان يجب أن يظهر سبب انتقاله و الحجة فيه فإن فاطمة ع لم يقنع منها في انتقال فدك إلى ملكها بقولها و لا بشهادة من

٢١٥

شهد لها فأما تعلقه بإضافة البيوت إليهن في قوله( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) فمن ضعيف الشبهة لأنا قد بينا فيما مضى من هذا الكتاب أن هذه الإضافة لا تقتضي الملك و إنما تقتضي السكنى و العادة في استعمال هذه اللفظة فيما ذكرناه ظاهرة قال تعالى( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) و لم يرد الله تعالى إلا حيث يسكن و ينزلن دون حيث يملكن و ما أشبهه و أظرف من كل شي‏ء تقدم قوله إن الحسن ع استأذن عائشة في أن يدفن في البيت حتى منعه مروان و سعيد بن العاص لأن هذه مكابرة منه ظاهرة فإن المانع للحسن ع من ذلك لم يكن إلا عائشة و لعل من ذكره من مروان و سعيد و غيرهما أعانها و اتبع في ذلك أمرهما و روي أنها خرجت في ذلك اليوم على بغل حتى قال ابن عباس يوما على بغل و يوما على جمل فكيف تأذن عائشة في ذلك و هي مالكة الموضع على قولهم و يمنع منه مروان و غيره ممن لا ملك له في الموضع و لا شركة و لا يد و هذا من قبيح ما يرتكب و أي فضل لأبي بكر في روايته عن النبي ص حديث الدفن و عملهم بقوله إن صح فمن مذهب صاحب الكتاب و أصحابه العمل بخبر الواحد العدل في أحكام الدين العظيمة فكيف لا يعمل بقول أبي بكر في الدفن و هم يعملون بقول من هو دونه فيما هو أعظم من ذلك قلت أما أبو بكر فإنه لا يلحقه بدفنه مع الرسول ص ذم لأنه ما دفن نفسه و إنما دفنه الناس و هو ميت فإن كان ذلك خطأ فالإثم و الذم لاحقان بمن فعل به ذلك و لم يثبت عنه بأنه أوصى أن يدفن مع رسول الله ص و إنما قد يمكن أن يتوجه هذا الطعن إلى عمر لأنه سأل عائشة أن يدفن في الحجرة مع رسول الله ص و أبي بكر و القول عندي مشتبه في أمر حجر الأزواج

٢١٦

هل كانت على ملك رسول الله ص إلى أن توفي أم ملكها نساؤه و الذي تنطق به التواريخ أنه لما خرج من قباء و دخل المدينة و سكن منزل أبي أيوب اختط المسجد و اختط حجر نسائه و بناته و هذا يدل على أنه كان المالك للمواضع و أما خروجها عن ملكه إلى الأزواج و البنات فمما لم أقف عليه و يجوز أن تكون الصحابة قد فهمت من قرائن الأحوال و مما شاهدوه منه ع أنه قد أقر كل بيت منها في يد زوجة من الزوجات على سبيل الهبة و العطية و إن لم ينقل عنه في ذلك صيغة لفظ معين و القول في بيت فاطمة ع كذلك لأن فاطمة ع لم تكن تملك مالا و علي ع بعلها كان فقيرا في حياة رسول الله ص حتى أنه كان يستقي الماء ليهود بيده يسقي بساتينهم لقوت يدفعونه إليه فمن أين كان له ما يبتاع به حجرة يسكن فيها هو و زوجته و القول في كثير من الزوجات كذلك أنهن كن فقيرات مدقعات نحو صفية بنت حيي بن أخطب و جويرية بنت الحارث و ميمونة و غيرهن فلا وجه يمكن أن يتملك منه هؤلاء النسوة و البنت الحجر إلا أن يكون رسول الله ص وهبها لهن هذا إن ثبت أنها خرجت عن ملكيته ع و إلا فهي باقية على ملكيته باستصحاب الحال و القول في حجرة زينب بنت رسول الله ص كذلك لأنه أقدمها من مكة مفارقة لبعلها أبي العاص بن الربيع فأسكنها بالمدينة في حجرة منفردة خالية عن بعل فلا بد أن تكون تلك الحجرة بمقتضى ما يتغلب على الظن ملكا له ع فيستدام الحكم بملكه لها إلى أن نجد دليلا ينقلنا عن ذلك و أما رقية و أم كلثوم زوجتا عثمان فإن كان مثريا ذا مال فيجوز أن يكون ابتاع حجرة سكنت فيها الأولى منهما ثم الثانية بعدها

٢١٧

فأما احتجاج قاضي القضاة بقوله( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) فاعتراض المرتضى عليه قوي لأن هذه الإضافة إنما تقتضي التخصيص فقط لا التمليك كما قال( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) و يجوز أن يكون أبو بكر لما روى قوله نحن لا نورث ترك الحجر في أيدي الزوجات و البنت على سبيل الإقطاع لهن لا التمليك أي أباحهن السكنى لا التصرف في رقاب الأرض و الأبنية و الآلات لما رأى في ذلك من المصلحة و لأنه كان من المتهجن القبيح إخراجهن من البيوت و ليس كذلك فدك فإنها قرية كبيرة ذات نخل كثير خارجة عن المدينة و لم تكن فاطمة متصرفة فيها من قبل نفسها و لا بوكيلها و لا رأتها قط فلا تشبه حالها حال الحجر و أيضا لإباحة هذه الحجر و نزارة أثمانهن فإنها كانت مبنية من طين قصيرة الجدران فلعل أبا بكر و الصحابة استحقروها فأقروا النساء فيها و عوضوا المسلمين عنها بالشي‏ء اليسير مما يقتضي الحساب أن يكون من سهم الأزواج و البنت عند قسمة الفي‏ء و أما القول في الحسن و ما جرى من عائشة و بني أمية فقد تقدم و كذلك القول في الخبر المروي في دفن الرسول ع فكان أبو المظفر هبة الله بن الموسوي صدر المخزن المعمور كان في أيام الناصر لدين الله إذا حادثته حديث وفاة رسول الله ص و رواية أبي بكر ما رواه من قوله ع الأنبياء يدفنون حيث يموتون يحلف أن أبا بكر افتعل هذا الحديث في الحال و الوقت ليدفن النبي ص في حجرة ابنته ثم يدفن هو معه عند موته علما منه أنه لم يبق من عمره إلا مثل ظم‏ء الحمار و أنه إذا دفن النبي ص في حجرة ابنته فإن ابنته تدفنه لا محالة في حجرتها عند بعلها و إن دفن النبي ص في موضع

٢١٨

آخر فربما لا يتهيأ له أن يدفن عنده فرأى أن هذا الفوز بهذا الشرف العظيم و هذا المكان الجليل مما لا يقتضي حسن التدبير فوته و إن انتهاز الفرصة فيه واجب فروى لهم الخبر فلا يمكنهم بعد روايته ألا يعملوا به لا سيما و قد صار هو الخليفة و إليه السلطان و النفع و الضرر و أدرك ما كان في نفسه ثم نسج عمر على منواله فرغب إلى عائشة في مثل ذلك و قد كان يكرمها و يقدمها على سائر الزوجات في العطاء و غيره فأجابته إلى ذلك و كان مطاعا في حياته و بعد مماته و كان يقول وا عجبا للحسن و طمعه في أن يدفن في حجرة عائشة و الله لو كان أبوه الخليفة يومئذ لما تهيأ له ذلك و لا تم لبغض عائشة لهم و حسد الناس إياهم و تمالؤ بني أمية و غيرهم من قريش عليهم و لهذا قالوا يدفن عثمان في حش كوكب و يدفن الحسن في حجرة رسول الله ص فكيف و الخليفة معاوية و الأمراء بالمدينة بنو أمية و عائشة صاحبة الموضع و الناصر لبني هاشم قليل و الشانئ كثير و أنا أستغفر الله مما كان أبو المظفر يحلف عليه و أعلم و أظن ظنا شبيها بالعلم أن أبا بكر ما روى إلا ما سمع و أنه كان أتقى لله من ذلك

الطعن التاسع

قولهم إنه نص على عمر بالخلافة فخالف رسول الله ص على زعمه لأنه كان يزعم هو و من قال بقوله أن رسول الله ص لم يستخلف

٢١٩

و الجواب أن كونه لم يستخلف لا يدل على تحريم الاستخلاف كما أنه من لم يركب الفيل لا يدل على تحريم ركوب الفيل فإن قالوا ركوب الفيل فيه منفعة و لا مضرة فيه و لم يرد نص بتحريمه فوجب أن يحسن قيل لهم و الاستخلاف مصلحة و لا مضرة فيه و قد أجمع المسلمون أنه طريق إلى الإمامة فوجب كونه طريقا إليها و قد روي عن عمر أنه قال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر و إن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله ص فأما الاجتماع المشار إليه فهو أن الصحابة أجمعوا على أن عمر إمام بنص أبي بكر عليه و أنفذوا أحكامه و انقادوا إليه لأجل نص أبي بكر لا لشي‏ء سواه فلو لم يكن ذلك طريقا إلى الإمامة لما أطبقوا عليه و قد اختلف الشيخان أبو علي و أبو هاشم في أن نص الإمام على إمام بعده هل يكفي في انعقاد إمامته فقال أبو علي لا يكفي بل لا بد من أن يرضى به أربعة حتى يجري عهده إليه مجرى عقد الواحد برضا أربعة فإذا قارنه رضا أربعة صار بذلك إماما و يقول في بيعة عمر أن أبا بكر أحضر جماعة من الصحابة لما نص عليه و رجع إلى رضاهم بذلك و قال أبو هاشم بل يكفي نصه ع و لا يراعى في ذلك رضا غيره به و لو ثبت أن أبا بكر فعله لكان على طريق التبع للنص لا أنه يؤثر في إمامته مع العهد و لعل أبا بكر إن كان فعل ذلك فقد استطاب به نفوسهم و لهذا لم يؤثر فيه كراهية طلحة حين قال وليت علينا فظا غليظا و يبين ذلك أنه لم ينقل استئناف العقد من الصحابة لعمر بعد موت أبي بكر و لا اجتماع جماعة لعقد البيعة له و الرضا به فدل على أنهم اكتفوا بعهد أبي بكر إليه

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749