• البداية
  • السابق
  • 26 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9308 / تحميل: 3875
الحجم الحجم الحجم
مقتل آل هاشم في كربلاء

مقتل آل هاشم في كربلاء

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عبد الله بن الحسن (عليه السّلام)

وأَخذَ الكندي ذلكَ البُرنُسَ , ولم يزلْ بَعدَ ذلكَ فقيراً , وشُلّتْ يَداه حتّى ماتَ ثُمّ إنّهم لَبثُوا هنيهةً وعادُوا إلى الحسينِ (عليه السّلام) , وأَحَاطُوا بهِ وهو جالسٌ على الأرضِ لا يستطيعُ النُهوضَ ، فنَظرَ عبدُ اللهِ بنُ الحسنِ (الأصغر) ـ ولهُ إحدَى عشرةَ سنة ـ إلى عمِّهِ وقد أَحْدقَ بهِ القومُ , فأَقْبَلَ يشتَدُّ نحوَ عمّهِ ، فصاحَ الحُسينُ (عليه السّلام) بأُخْتِهِ زينبَ : (( احبسيهِ يا أُختاهُ ))

فلَحقَتْهُ وأرادَتْ حبسَهُ , فأَفلَتَ من بينِ يديها وأَبَى عليها ، وقالَ : لا واللهِ لا أُفارِقُ عَمّي فجاءَ حتّى وقفَ إلى جَنْبِ عمِّهِ الحُسينِ (عليه السّلام) , فجاءَ بحرُ بنُ كعب وأَهْوى إلى الحُسينِ (عليه السّلام) بالسيفِ لِيَضْربَهُ ، فقال له الغُلام : ويلَكَ يابنَ الخَبيثةِ ! أتَقتلُ عمِّي؟!

فَضربَهُ بالسيفِ فاتَّقاهُ الغلامُ بيدِهِ فأَطَنَّها إلى الجلدِ فإذا هي مُعلّقةٌ ، فصاحَ : يا عمّاهُ ! فأَخَذَهُ الحُسينُ (عليه السّلام) وضَمّهُ إليهِ ، وقالَ : (( يابنَ أخِي ، اصبرْ على ما نَزلَ بِكَ ، واحتسبْ في ذلك الخير ؛ فإنّهُ يُلحقُكَ بآبائِكَ الصالحينَ ))

فَرماهُ حرملةُ بنُ كاهلِ بسهم فذَبحَهُ وهو في حِجرِ عمِّهِ الحسين (عليه السّلام) ، فَرفعَ الحُسينُ (عليه السّلام) يَديهِ إلى السماءِ قائلاً : (( اللُهمّ إنّ متّعتَهُم إلى حين ، ففرّقْهُم فِرقَاً , واجْعلْهُم طَرائقَ قدِداً ، ولا تُرضِ الولاةَ عَنْهُم أَبَداً ؛ فإنّهُم دَعَوْنا ليَنَصِرُونا فعَدَوا علينا يقاتُلُونَنا ))

ومكثَ الحُسينُ (عليه السّلام) طويلاً من النهارِ مَطروحاً على وجهِ الأرضِ ، ولو شاؤُوا أنْ يقتُلوه لفَعلَوا إلاّ إنّ كلّ قبيلة تتّكلُ على الأُخرى وتكرهُ الإقدامَ ، فنادى شمرٌ بالناسِ : ويحكُمْ ! ما تنتظرونَ بالرجلِ ؟ أُقتلُوه ثكلتْكُمْ اُمهاتُكُمْ !

٢١

فحَمَلُوا عليهِ من كلّ جانب ؛ فضَربَهُ زرعةُ بنُ شريكِ التميمي على كتفِهِ (الأيسر) ، وضَربَهُ آخرُ على عاتِقِهِ المُقدّسِ بالسيفِ ضربةً كبا بها على وجهِهِ ، وكانَ قد أَعيا , فجَعلَ ينوءُ برقبتِهِ ويكبُو على الأرضِ ، وفي تلكَ الحالِ حمَلَ عليهِ سنانُ بنُ أنس النَخعي فطَعنَهُ بالرمحِ في ترقوتِهِ فوقَعَ ، ثُمّ انتزعَ الرمحَ فطَعنَهُ في بوانِي صدرِهِ ، ثُمّ رماهُ بسهم وقعَ في نَحرِهِ ، فنزَعَ السّهمَ من نحرِهِ وقرنَ كفّيهِ جميعاً ، فكُلّما امتلأَتَا من دمائِهِ خَضّبَ بهما رأسَهُ ولحيَتَهُ ، وهو يقولُ : (( هكذا ألقَى اللهَ مُخَضّباً بدمِي , مَغْصوبَاً عليّ حقّي ))

قالَ هلالُ بنُ نافع : كنتُ واقفاً معَ أصحابِ عُمَرِ بنِ سعد , فخَرجْتُ بينَ الصفّينِ ووقفتُ على الحسينِ وهو طَريحٌ على الأرضِ , وإنّهُ ليَجودُ بنفسِهِ , فواللهِ ما رأيتُ قَتَيلاً مضرّجَاً بدَمِهِ أحسنَ منْهُ ولا أنورَ وجْهاً ، ولقَدْ شغلَنِي نورُ وجهِهِ وجَمالُ هيئتِهِ عن الفكرة في قتلِهِ , فاستسقَى في تلكَ الحالِ ماءً ، فسمعتُ رَجُلاً يقولُ له : واللهِ لا تذوقُ الماءَ حتّى تردَ الحاميةِ فتشربَ من حَميمِها

فسمعتُهُ يقولُ : (( يا ويلكَ ! أنَا لا أردُ الحاميةَ ، ولا أشربُ من حَميمِها ، بل أردُ على جدّي رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وأسكُنُ معَهُ في دارِهِ , في مقعَدِ صدق عندَ مليك مُقتَدِر ، وأشربُ من ماء غيرِ آسن ، وأشْكو إليه ما ارتَكبتُم منّي وفعلتُم بِي ))

قال : فغضبُِوا بأجمَعِهِم حتّى كأنّ اللهَ لمْ يجعلْ في قلبِ أحد من الرحمةِ شَيئاً

وأقْبلَ فرسُ الحُسينِ (عليه السّلام) يَدورُ حولَهُ ويُلطّخُ ناصيَتَهُ بدِمِهِ ، ويشَمُّهُ ويَصهلُ صَهيلاً عَالياً وعنْ الإمامِ الباقرِ (عليه السّلام) أنّه كانَ يقولُ في صهيلِهِ : (( الظليمةَ الظليمةَ من اُمّة قتلَتْ ابنَ بنتِ نبيِّها ! ))

٢٢

وتوجَّهَ نحوَ المخيّمِ بذلكَ الصهيلِ الحزينِ ، فلمّا نظرَت النساءُ إلى الجوادِ مخزيّاً ، وسرجُهُ عليهِ ملويّاً , برزْنَ من الخُدورِ بعدَ العزِّ مذلّلاتٌ ، وإلى مَصرعِ الحُسينِ مُبادِراتٌ ، تتقدمهُنّ الحوراءُ زينبُ (عليها السّلام) وهي تُنادي : (( وا مُحمّداهُ ! وا عليّاه ! وا جعفراه ! وا حمزتاه ! وا سيداه ! هذا حسينٌ بالعراء ، صريعٌ بكربلاء ، ليتَ السماءَ أُطْبِقَتْ على الأرضِ ، وليتَ الجبالَ تَدكدَكَتْ على السَهلِ ))(١)

وانتهتْ زينبُ (عليها السّلام) نحوَ الحُسينِ (عليه السّلام) ، وقد دَنَا منْهُ عُمَرُ بنُ سعد ، ـ والحُسينُ يَجودُ بنفسِهِ ـ فصاحتْ بهِ : أيْ عُمَر , ويحكَ ! أيُقتَلُ أبُو عبدِ اللهِ وأنتَ تَنظرُ إليهِ ؟! فَصرَفَ وجهَهُ عنْها , فعندَ ذلكَ صاحَتْ بالقومِ : ويحَكم ! أما فيكم مسلم ؟! فلَم يُجبْها أحدٌ

ثُمّ صاحَ ابنُ سعد بالناسِ : انزلُوا إليهِ فأَريْحوهُ فنَزلَ إليهِ شِمرُ بنُ ذي الجوشنِ فَرَفَسَهُ برجلِهِ ، وجَلَسَ على صدْرِهِ ، وقَبضَ علَى شيبتِهِ المقدّسةِ ، وضربَهُ بالسيفِ ، واحتزَّ رأسَهُ الشريفِ ( وا إماماه ! وا حسيناه ! )

فإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ ٤ / ٨١ ، معالي السبطين ٢ / ٥٠

٢٣

المصادر

١ ـ بحار الأنوار

٢ ـ مقتل أبي مخنف

٣ ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي

٤ ـ معالي السبطين

٥ ـ مجمع المصائب

٦ ـ واقعة الطف ـ لأبي مخنف

٧ ـ الحسين قتيل العبرة ـ للشيخ عبد الزهراء الكعبي

٨ ـ المصيبة الراتبة

٩ ـ مصائب آل محمّد

١٠ ـ تاريخ الطبري

١١ ـ مقاتل الطالبيين

١٢ ـ اللُّهوف

١٣ ـ مثير الأحزان

١٤ ـ الكامل في التاريخ

١٥ ـ دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

٢٤

صدر للمؤلِّف

١ ـ دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

٢ ـ مستحبات العمرة والحج

٣ ـ حقيقة زواج المسيار ومشروعية المتعة

٤ ـ قيام إسرائيل بين أكذوبة الوعد الإلهي والاستعمار الغربي

٥ ـ الماسونية والصهيونية العالمية

٦ ـ الموساد الإسرائيلي والإرهاب الصهيوني

٧ ـ الحجامة في الشرع والطب

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

٢٥

الفهرس

المقدمة ٢

شهادة آل هاشم في كربلاء٥

عليُّ الأكبر (عليه السّلام)٦

عبدُ الله بن مسلم (عليه السّلام)٨

آلُ بني طالب (عليهم السّلام)٨

العباسُ بنُ علي (عليه السّلام)١٠

وحدةُ الحُسينِ (عليه السّلام)١٣

الإمامُ زينُ العابدينَ (عليه السّلام)١٤

شهادة الحسين (عليه السّلام)١٤

عبدُ اللهِ الرّضيع (عليه السّلام)١٥

نحو الشهادة١٦

عبد الله بن الحسن (عليه السّلام)٢١

المصادر٢٤

الفهرس ٢٦

٢٦