سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٤

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام0%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 460

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمَّد الهنداوي
تصنيف: الصفحات: 460
المشاهدات: 112376
تحميل: 6513


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112376 / تحميل: 6513
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وجعلني فداك قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في طريقي أوجع قلبي وبلغ مني فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت قال: فدنوت فأكلت فقال لي: حدثني، قلت: رأيت جلوازا(١) يضرب رأس امرأة ويسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها: (المستغاث بالله ورسوله) ولا يغيثها أحد قال: ولم فعل بها ذلك؟ قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت: (لعن الله ظالميك يا فاطمة) فارتكب منها ما ارتكب.

قال: فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع ثم قال: يا بشار قم بنا إلى المسجد السهلة(٢) فندعوا الله (عز وجل) ونسأله خلاص هذه المرأة.

قال ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فإن حدث بالمرأة حدث صار إليه حيث كنا، قال: فصرنا إلى مسجد السهلة وصلى كل واحد منا ركعتين ثم رفع الإمام الصادقعليه‌السلام يده إلى السماء بالدعاء ثم قال: خرّ ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع راسه فقال: قم فقد أطلقت المرأة.

قال: فخرجنا جميعا فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهناه إلى باب السلطان فقال لهعليه‌السلام ما الخبر؟ قال: قد أطلق عنها، قال: كيف كان إخراجها؟ قال لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب السلطان إذ

____________________

(١) - شرطي.

(٢) - مسجد السهلة في الكوفة وكان الإمامعليه‌السلام أنذاك فيها.

١٠١

خرج صاحب فدعاها وقال لها: ما الذي تكلمت؟ قالت: عثرت فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمة، ففعل بي ما فعل.

قال: فأخرج مائتي درهم وقال: خذي هذه واجعلي الأمير في حل فأبت أن تأخذها فلما رأى ذلك منها دخل وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج فقال: انصرفي إلى بيتك فذهبت إلى منزلها.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أبت أن تأخذ المائتي درهم؟ قال: نعم وهي والله محتاجة إليها قال: فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال: اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير قال: فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت: بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام؟ فقلت لها: رحمك الله والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها.

قال: فصبرنا حتى أفاقت وقالت: أعدها علي، فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها: خذي ما أرسل به إليك وأبشري بذلك فأخذته منا وقالت: سلوه أن يستوهب أمَتَه من الله فما أعرف أحدا توسل به إلى الله أكثر منه ومن آبائه وأجدادهعليهم‌السلام .

قال فرجعنا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها فجعل يبكي ويدعو لها(١) .

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يبكي إذا ذكرت عنده جدته فاطمة ويذكّر

____________________

(١) - البحار ج٤٧، ص٣٧٩/٣٨١.

١٠٢

أصحابه بما جرى عليها وكان يأمر بإكرام من تسمى فاطمة وينهى عن إهانتها وإيذائها.

قال السكوني: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وأنا مغموم مكروب فقال لي يا سكوني: ما غمك؟ فقلت: ولدت لي ابنة فقال: يا سكوني على الأرض ثقلها وعلى الله رزقها تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك فسُرِّيَ والله عني فقال ما سيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه آه - ثلاثا- ثم وضع يده على جبهته ثم قال: أمّا إذا سميتها فاطمة فلا تسبها ولا تلعنها ولا تضربها(١) .

وفي بعض الروايات هذه الزيادة: إكراما لجدتي فاطمة.

وفي خبر عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال - قرب وفاته - ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي فمن هتكه فقد هتك حجاب الله. قال الراوي: فبكى أبو الحسنعليه‌السلام - موسى بن جعفر - طويلا وقطع بقية كلامه وقال: هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله(٢) .

(تخميس)

ويل لقوم حاربوا ابنةَ أحمدِ

هتكوا حماها قبل دفنِ محمدِ

فغدت تنادي بقلبٍ مكمدِ

أيَّ الرزايا أتقي بتجلدي

هي في النوائب ما حييت قريني

____________________

(١) - وسائل الشيعة ج١٥، ص٢٠٠ باب ٨٧ للحر العاملي.

(٢) - سفينة البحار ج١، ص٦٦٢.

١٠٣

(مجردات)

الزهره المصاب المر عليها

من بعد أبوها من اعاديها

ما صار علوادم شبيها

غصبوا ارثها الچان ليها

امن المصطفى الهادي نبيها

او ضلعها اكسروه او فوگ إيديها

ضربوها اولا سمعوا حچيها

(تخميس)

وجدي تناهى ليس وجدٌ فوقَه

وشجايَ أبعد من لساني نطقه

أيُّ الخطوبِ أقلُّه أن ألقه

فقدي أبي أم غصبَ بعلي حقه

أم كسرَ ضلعي أم سقوط جنين

(تخميس)

يا ليتني قدْ مُتُّ قبل منيتي

أو أنني اُلحدثُ دون مذلَّتي

أيُّ الخطوبِ له أنوح أَذِلَتي

أم أخذَهم إرثي وفاضلَ لخلتي

أم جهلَهم قدري وقد عرفوني

١٠٤

الإمام أمير المؤمنين

علي بن أبي طالبعليه‌السلام

١٠٥

١٠٦

المجلس الأول: القصيدة: للسيد جعفر الحلي

المجلس الثاني: القصيدة: للسيد محمد جمال الهاشمي النجفي ت: ١٣٩٢ه

المجلس الثالث: القصيدة: لبعضهم

المجلس الرابع: القصيدة: للشيخ حسن بن الشيخ علي بن الشيخ

سليمان البحراني الشهير بالبلادي

المجلس الخامس: القصيدة: تنسب إلى أبي الأسود الدؤلي صاحب

أمير المؤمنين ت:٦٩ه

المجلس السادس: القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحويزي

١٠٧

١٠٨

المجلس الأول

القصيدة: للسيد جعفر الحلي

لَبسَ الإسلامُ إبرادَ السوادِ

حين أردى المرتضى سيفُ المرادي

ليلَةٌ ما أصبحت إلا وقد

غلب الغيُّ على أمر الرشاد

والصلاح انخفضت أعلامُه

فغدت تُرفَع أعلامُ الفساد

ما رعى الغادرُ شهرَ اللهِ في

حجَّة اللهِ على كل العباد

وببيت اللهِ قد جدَّ له

ساجدا يَنشُجُ من خوف المـَعاد

يا ليالٍ أَنزل اللهُ بها

سُورَ الذكرِ على اكرم هاد

مُحيت فيكِ على رغم الهدى

آيةٌ في فضلها الذكرُ ينادي

قتلوه وهو في محرابه

طاويَ الأحشاءِ عن ماءٍ وزاد

سل بعينيه الدجى هل جفّتا

من بكاً أو ذاقتا طعمَ الرقاد

وسَلِ الأنجمَ هل أبصرْته

ليلةً مضطجعا فوقَ الوساد

وسَلِ الصبحَ أَهَلْ صادفه

ملَّ من نَوحٍ مُذيبٍ للجماد

وهو للمحراب والحربِ أخٌ

فجفا النومَ على لِين المِهاد

نفسُه الحرَّةُ قد عرَّضها

للضبا البيض وللسمر الصِعاد

سلبوه وهو في غُرَّتِه

حيث لا حربٌ ولا قَرعُ جِلاد

١٠٩

عاقرُ الناقةِ معْ شِقوته

ليس بالأشقى من الرجس المرادي

فلقد عمَّمَ بالسيف فتىً

عمَّ خلق الله طرّاً بالأَياد

فبكته الإنسُ والجنُّ معا

وطيورُ الجوِّ معْ وحش البوادي

وبكاه الملأُ الأعلى دماً

وغدا جبريلُ بالويل ينادي

هُدِّمت واللهِ أركانُ الهدى

حيث لا من منذرٍ فينا وهاد(١)

(موشح)

نوح يا ناعي او دمعتك سليها

او صيح طاح الليث حامي ادخيلها

طاح والدنيا الفگده مظلمه

واهل بيته تهل دمعتهم دمه

والأملاك اتنوح لجله بالسمه

اتبدل ابنوح او بچه تهليلها

اتبدل التهليل منها بالعويل

لجل ابو الحسنين حمّاي الدخيل

ويل گلبي من وگع دمه يسيل

فيَّض المحراب واشبه سيلها

فيَّض المحراب دمه او هامته

غدت نصين او تحنَّت شيبته

او ضجَّت الأملاك كلها الوگعته

او صاح واعول بالسمه جبريلها

صاح طاح الدين ركنه وانهدم

او راس أبو الحسنين نصين انجسم

من سمع صوته الحسن دمعه انسجم

صرخ وام كلثوم زاد اعويلها

(أبوذية)

ان ملجم عليك السيف سلَّه

ابكتلك كل محب يا علي سلَّه

الگلب زينب منو ابهلليل سلَّه

تسلَّه ابونته هاي المسيه

____________________

(١) - رياض المدح والرثاء ص٢١٩.

١١٠

(أبوذية)

الحگوا انطبر حامي الجار يبناه

او يكت دمّه امن المحراب يبناه

انهدم من بعده للإسلام يبناه

او رحت يلچنت ظل اعله البريه

الليلة التاسعة عشرة (جرح الإمام عليعليه‌السلام )

لما كانت الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام - بعد أن صلى المغرب وما شاء من النفل - ليفطر في بيت ابنته زينب زوجة عبد الله بن جعفر الطيار وكانعليه‌السلام يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عن عبد الله بن جعفر فقدمت إليه ابنته أم كلثوم(١) (زينب) قرصين من شعير وقصعة فيها لبن وجريش ملح فقال لها: قدمت لأبيك إدامين في طبق واحد وقد علمت أنّي متبع ما كان يصنع ابن عمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قدم إليه إدامان في طبق واحد حتى قبضه الله إليه مكرما، ارفعي أحدهما فإنّ من طاب مطعمه ومشربه طال وقوفه بين يدي الله. فرفعت اللبن الحامض بأمر منه ثم أكل قليلا وحمد الله كثيرا وأخذ في الصلاة والدعاء إلى أن هودت عيناه فاستيقظ وقال لأولاده رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشكوت إليه ما أنا فيه من التبلد بهذه الأمة فقال لي: ادع عليهم فإن الله تعالى لا يرد دعاءك. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا وأبدلهم بي شرا.

____________________

(١) - المقصود بها زينب الكبرى هكذا نص المؤرخون وقالوا إذا ما قيل السيدة زينب أو أم كلثوم فالمقصود بها زينب الكبرى وإلا فلابد من ذكر قرينة مثل الصغرى أو ما يدل على المقصود.

١١١

وكانعليه‌السلام - في تلك الليلة - يكثر الدخول الخروج وينظر إلى السماء ويقول: هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكان يكثر من قول(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) حتى ذهب بعض الليل ثم جلس للتعقيب فهودت عيناه وهو جالس ثم انتبه مرعوبا فقال لأولاده: إني رأيت رؤيا أهالتني وأريد أن أقصها عليكم، قالوا: وما هي؟ قال: إني رأيت الساعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي وهو يقول: يا أبا الحسن إنك قادم إلينا عن قريب يجيء إليك أشقاها فيخضب شيبتك من دم رأسك وأنا والله مشتاق إليك وإنك عندنا في العشر الأواخر من شهر رمضان فهلمّ إلينا فما عندنا خير لك وأبقى. فلما سمع أولاده كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب وأبدوا العويل فأقسم عليهم بالسكوت فسكتوا.

ثم عاد إلى البكاء من خشية الله والتضرع والعبادة. تقول أم كلثوم: سمعته يقول بعدما نظر إلى الكواكب. والله ما كَذِبْتُ ولا كُذِبْتُ وإنها الليلة التي وعدت بها. إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى على النبي وآله واستغفر الله كثيرا، فلما رأيته كذلك قلقا متململا أرَّقت معه ليلتي وقلت: يا أبتاه مالي أراك هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد؟ قال: يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفا وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل هذه الليلة، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقلت: يا أبتاه مالك تنعى نفسك هذه الليلة؟ قال: يا بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل، تقول أم كلثوم: فبكيت، فقال لي: يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم قال: يا بنية إذا قرب الأذان

١١٢

فاعلميني فجعلت أراقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء فأسبغ الوضوء، وقام ولبس ثيابه وفتح الباب ونزل إلى الدار وكان في الدار إوَزٌ أهدي إلى أخوي الحسن والحسين فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن وصحن في وجهه ولم يكنَّ قد صحن في وجه من قبل فقالعليه‌السلام لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوائح وفي غداة غدٍ يظهر القضاء فلما وصل إلى الباب وعالجه ليفتحه تعلق مئزره بالباب فانحل حتى سقط فأخذه وشده وهو يقول:

اُشْدُدْ حيازيمَكَ للموت

فإنَّ الموتَ لافيكا

ولا تجزع من الموت

إذا حلَّ بناديكا

كما أضحكك الدهرُ

كذاك الدهرُ يُبكيكا

ثم فتحعليه‌السلام الباب وخرج متوجها إلى المسجد، وكان عدو الله ابن ملجم الخارجي متخفيا في بيوت الخوارج بالكوفة يتحين الفرصة بأمير المؤمنينعليه‌السلام وقد اتفقت معه قطام الخارجية إنْ هو قتل علياً تتزوجه لأن ذلك يشفي غليلها ويطفئ جمرة غيظها حيث أن أمير المؤمنين قتل أباها وأخاها في النهروان، وانبرى لمساعدة ابن ملجم شخصان آخران من الخوارج هما شبيب ابن بحرة ووردان ابن مجالد، واتفقوا جميعا على أن تكون الليلة التاسعة عشرة موعدا لاغتيال الإمامعليه‌السلام .

فجاء ابن ملجم إلى المسجد ونام مع الناس مخفيا سيفه تحت إزاره ولما وصل الإمام إلى مسجد صلى ركعتين ثم صعد المأذنة فأذَّن ثم نزل وهو يسبح الله ويكثر من الصلاة على النبي وآله وكان من عادتهعليه‌السلام يتفقد النائمين في المسجد وهو يقول: الصلاة يرحمك الله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر

١١٣

حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه فقال له: يا هذا قم من نومتك هذه فإنها نومة يمقتها الله وهي نومة الشيطان. ثم اتجه نحو المحراب يصلي وكان يطيل الركوع والسجود في صلاته فقام الشقي ابن ملجم حتى وقف بإزاء الأسطوانة التي يصلي عندها الإمام فأمهله حتى ركع وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها فتقدم اللعين وأخذ السيف وهزَّه ثم ضرب الإمام على رأسه الشريف فوقع الإمام على وجهه يخور بدمه قائلا: بسم لاله وبالله وعلى ملة رسول الله، فزت ورب الكعبة قتلني ابن اليهودية لا يفوتنَّكم الرجل.

(نصاري)

بالمحراب اويلي طاح ابو احسين

او دم الراس يتفايض على العين

يومٍ طاح ابو الحسين مجروح

ثار اصياح لهل العرش بالنوح

طبره اشلون طبره تشعب الروح

تشوف السم او دم الراس لونين

(أبوذية)

إلك ماتم يحامي الجار ينصاب

او دمعي اعليك مثل السيل ينصاب

يريت الصوبك بالگلب ينصاب

او سالم تظل يا حامي الحمية

فبادر الناس إلى أمير المؤمنين وإذا به قد شق رأسه والدماء ملئت المحراب فجمعوا ينادون وا سيداه...

(نصاري)

يخوّاض المنايه من وصل يمّك

وانته الموت يرجف لو سمع باسمك

اشلون السيف خضّب شيب دمك

او ظلت شيعتك تلطم الخدين

(أبوذية)

يضربونك يليث العرب ياصل

واسمك بالعرش متكوب ياصل

١١٤

ابن ملجم اشلون اعليك ياصل

او طبر راسك يحمّاي الحميه

آجركم الله فأصطفقت أبواب الجامع وضجت الملائكة في السماء وهبت ريح عاصفة سوداء مظلمة ونادى جبرئيل بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلاام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم المصطفى قتل الوصي المجتبى قتل على المرتضى قتل سيد الأوصياء قتله أشقى الأشقياء فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل لطمت وجهها وخدها وصاحت وا أبتاه وا علياه.

(فائزي)

الله يالناعي افجعت گلبي او مردته

ياريت صوتك لا عَلَيْ مرّ او سمعته

چن عودي ماتم ابمحرابه سجدته

الله يالناعي افجعتنه ابهذا المصاب

گلها يويلي راح ابوچ او هلي العين

صابه المرادي ابسيفه او طرَّ راسه نصين

من سمعته صاحت يخويه حسن واحسين

گوموا لبونه اتلاحگوا بالمسجد انصاب

(نصاري)

الحسن واحسين اجوها عالچه ابساع

يختنا الگلب منچ ليش مرتاع

١١٥

نسمع صوت منه ارتجت الگاع

اخبرينه يخويه ليش تبچين

تگللهم يخوتي راح ابوكم

عگب عينه يخوتي اشلون بيكم

عزكم راح يا ويلي عليكم

كهف هاي الأرامل والمساكين

فخرج الحسنان إلى المسجد وهما يناديان: وا أبتاه وا علياه ليت الموت أعدمنا الحياة حتى وصلا إلى المسجد وإذا بالإمام في محرابه والدماء تسيل من رأسه على وجهه وشيبته فتقدم الحسنعليه‌السلام وصلى بالناس وصل أمير المؤمنينعليه‌السلام إيماء وجلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته يميل تار ويسكن أخرى والحسين ينادي: وا انقطاع ظهراء يعز علي أن أراك هكذا. ثم شاع الخبر في الكوفة فهرع الناس رجالا ونساء حتى المخدرات خرجن من خدورهن إلى الجامع وهم ينادون: وا إماماه قتل والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم كان أشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل الناس إلى المسجد فوجدوا الحسن ورأس أبيه في حجره وكان الحسينعليه‌السلام قد شدَّ الضربة بمنديل أصفر وهي لم تزل تشخب دما ووجهه قد زاد بياضا بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده ثم أمر أن يحملوه من ذلك المحراب إلى موضع مصلاه في منزله.

قال محمد بن الحنفية: فحملناه إليه والناس حوله وهم في أمر عظيم

١١٦

باكون محزونون قد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء والنحيب وكان الحسينعليه‌السلام يبكي ويقول: وا أبتاه من لنا بعدك ولا يوم كيومك إلا يوم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

(أبوذية)

المنادي اگلوبنه ابصوته فرضها

انطبر حامي الحمى ابراسه فرضها

صلاة الصبح ماتمم فرضها

او عنه راح حماي الحميه

وقال بعضهم حملوه ببساط إلى منزله حتى إذا قاربوا البيت التفقتعليه‌السلام إلى أولاده وقال أنزلوني ودعوني أمشي على قدمي قالوا لماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: أخشى أن تراني ابنتي زينب بهذه الحالة فينصدع قلبها ولما نظرت إليه زينب مشقوق الرأس والدماء تسيل على لحيته كأني بها صاحت:

(مجردات)

ونت او نادت يلمجبلين

هلشايلينه اوياكم امنين

اسمع هضل واصياح صوبين

خوفي انكتل عودي يطيبين

لمـّن سمعها الحسن وحسين

صاحوا يزينب زيدي الونين

أبوچ انطبر والراس نصين

صاحت او هلت دمعة العين

يا عيد الاگشر علمسلمين

عگبك يبويه اوجوهنه وين

(أبوذية)

اشلون اللي رسول الله وصابه

عليه سل سيفه المرادي وصابه

____________________

(١) - وفاة أمير المؤمنينعليه‌السلام للشيخ علي آل سيف الخطي. علي من المهد إلى اللحد للسيد كاظم القزويني.

١١٧

على امصابه الدمع سيله وصابه

مثل ما سال دمع اعلى الوطيه

***

يا ضربةً للدين هَدَّتْ جانبا

وله أماتت سنةً وكتابا

اليومَ عرشُ الدينِ ثَلَّ قوائما

وبه تداعى أعمُدا وقِبابا

والعروةُ الوثقى به انفصمت وقد

هتكَ الضلالُ من الجلال حجابا

ونعاه جبريلٌ بلوعةِ ثاكلٍ

لو مسَّتش الصخرَ الأصمَّ لذابا

١١٨

المجلس الثاني

القصيدة: للسيد محمد جمال الهاشمي النجفي

ت: ١٣٩٢ه

ذكرى لها نفسُ الشريعةِ تَجزَعُ

وأسىً له عينُ الهدايةِ تَدمعُ

رُزءٌ له الإسلامُ ضجَّ وحادثٌ

من وقعه قلبُ الهدى يتصدَّع

يا ليلةَ القدرِ اذهبي مفجوعةً

فلقد قضى فيكِ الإمامُ الأنزع

أدَرَى ابنُ ملجَمَ حين سَلَّ حسامَه

للفتك بالإيمان ماذا يصنع

أردى به التوحيدَ في ملكوته

فالعرشُ مما قد جنى متفجع

جُرح أصابَ الطهرَ في محرابه

من وقعة قلبُ الهدى يتوجع

لاقى الإلهَ وذكرُه بلسانه

ومضى إليه ساجدا يتضرع

بين الصلاة وتلك أرفع شارةٍ

يقضى شهيدا بالدماء يُلَفَّع

قد كان ما بين الأنام وديعةً

رجعت وأيُّ وديعةٍ لا ترجع

ونعاه للملأ المقدَّسِ صارخا

جبريلُ قد مات الإمامُ الأورع

وتهدمت في الأرض أركانُ الهدى

فكيانُه من بعده متضعضع

قد قُلَّ سيفٌ للحقيقةِ صارمٌ

وانهدَّ حِصنٌ للشريعة أمنع(١)

____________________

(١) - ديوان مع النبي وآله مجموعة قصائد للشاعر في مدح ورثاء النبي وآله.

١١٩

(نصاري)

شبح للموت عينه او عدل رجليه

وولاده او عمامه داروا اعليه

صاح اوداعة الله او مدد إيديه

او گضت روحه العزيزه او غمّض العين

بچت زينب او نادت يا ضمدنه

يا سور الحمه او عزنه او عمدنه

يبو الحسنين منته الدللتنه

من عگبك يبويه اتهدم الدين

عگب ما نعت عد ليث العرينه

غابت روحها او گعدت حزينه

شافت نعش ابوها شايلينه

نادت وين نيتكم يماشين

(أبوذية)

نار الفاجعه يا علي كبره

او جبرائيل صوت الحزن كبره

حسن وحسين وي زينب الكبره

دمعهم سال وي دمك سويه

أمير المؤمنينعليه‌السلام ليلة العشرين من شهر رمضان

في هذه الليلة كان أمير المؤمنينعليه‌السلام في داره بين أولاده وأهل بيته والدماء كانت تنزف من رأسه الشريف.

يقول محمد بن الحنفية: فبينما نحن ليلة العشرين من شهر رمضان عند أبي عليٍّعليه‌السلام وقد سرى السم(١) في بدنه الشريف وكان تلك الليلة يصلي من جلوس وهو يعزينا على نفسه ويوصينا بما هو أهله من أفعال الخيرات واجتناب الشرور ويكثر من ذكر الله تعالى وقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

____________________

(١) - لأن السيف كان مسمما أثناء الضربة.

١٢٠