مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٢

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 648

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 648
المشاهدات: 22286
تحميل: 4550


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 648 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22286 / تحميل: 4550
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

هو , لقد رأيته يشرب حتّى بغر، ثمَّ يقئ , ثمَّ يعود فيشرب حتّى يبغر فما يروى، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ عصبه , يعنى نفسه(١) .

وفي مقاتل الطالبيِّين قال : وجعل الحسين (عليه‌السلام ) يطلب الماء وشمر - لعنه الله - يقول له : والله لا ترده أو ترد النار، فقال له رجل : ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطون الحياة(٢) ؟ والله لا تذوقه أو تموت عطشاً.

فقال الحسين (عليه‌السلام ) : (( اللّهمَّ أمته عطشاً )).

قال : والله لقد كان هذا الرجل يقول : اسقوني ماءً ؛ فيؤتى بماء فيشرب حتّى يخرج من فيه، وهو يقول : اسقوني قتلني العطش ! فلم يزل حتّى مات لعنه الله(٣) .

الإمام الحسين (عليه‌السلام ) رمى بدمه إلى السماء فلم ترجع منه قطرة

روى ابن عساكر والكنجي الشافعي - واللفظ للأوّل - قال : وأنا الخطيب، أنا الحسين بن محمّد الخلال، نا عبد الواحد بن علي القاضي، نا الحسين بن إسماعيل الضبي، نا عبد الله بن شبيب، حدّثني إبراهيم بن المنذر، حدّثني حسين بن زيد بن علي بن الحسين، عن الحسن بن زيد بن حسن بن علي، حدّثني مسلم بن رباح - مولى علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) - قال : كنت مع الحسين بن علي (عليه‌السلام ) يوم قُتل، فرُمي في وجهه بنشابة، فقال لي : (( يا مسلم , ادنُ يديك من الدم )).

فأدنيتهما , فلمـّا امتلأتا قال : (( اسكبه في يدي )). فسكبته في يده، فنفخ بهما إلى السماء وقال : (( اللّهمَّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك )).

قال مسلم : فما وقع

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣١١ , وتقدم هذا في المقتل عندما أراد أصحاب الحسين (عليه‌السلام ) جلب الماء للنساء والأطفال.

(٢) الظاهر : بطون الحيات.

(٣) مقاتل الطالبيين - أبو الفرج الأصفهاني / ٧٨.

٦٢١

منه إلى الأرض قطرة(١) .

رجل سبَّ الإمام الحسين وأبيه (عليهما‌السلام ) فرماه الله بكوكبين فاُعمي

روى الطبراني، والهيثمي، وابن سعد، وابن عساكر، والمزّي، وابن حجر العسقلاني، والذهبي، وابن العديم، ومحب الدين الطبري، والزرندي الحنفي، والصالحي الدمشقي، وابن حجر الهيتمي، والقندوزي وغيرهم - واللفظ للأوّل - قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا بكر بن خلف، ثنا أبو عاصم ح.

وحدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو عامر العقدي , كلاهما عن قرة بن خالد، قال : سمعت أبا رجاء العطاردي يقول : لا تسبُّوا عليّاً، ولا أهل هذا البيت ؛ فإن جاراً لنا من بلهجيم قال : ألم تروا إلى هذا الفاسق الحسين بن علي قتله الله ! فرماه الله بكوكبين في عينيه، فطمس الله بصره(٢) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٣، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٤٥، كفاية الطالب للكنجي الشافعي / ٤٣١ نقلاً عن إحقاق الحق ١١ / ٤٥٤.

(٢) المعجم الكبير - الطبراني ٣ / ١١٢، مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٦، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) من طبقات ابن سعد / ٨٩، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٣٢، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٦٩، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٦ , تهذيب التهذيب - ابن حجر ٢ / ٣٠٦، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٣، بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم ٦ / ٢٦٤٢، ذخائر العقبى - أحمد بن عبد الله الطبري / ١٤٥، نظم درر السمطين - الزرندي الحنفي / ٢٢٠، سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي ١١ / ٧٩، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي / ٢٩٧ ط دار الكتب العلميّة، ينابيع المودّة لذوي القربى - القندوزي ٢ / ٤٦٣.

وذكره أيضاً جماعة من القوم , منهم أحمد بن حنبل في (كتاب المناقب - مخطوط - ) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٧، ومنهم العلّامة الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب / ٢٩٦ , ط الغري) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٨، ومنهم العلامة الشهير بالقرماني في (أخبار الدول / ١٠٩ , ط بغداد) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٨، ومنهم العلّامة

٦٢٢

وقال الهيثمي : رواه الطبراني , ورجاله رجال الصحيح(١) .

وروى أيضاً ابن عساكر والمزّي - واللفظ للأوّل - قال : أخبرنا جدِّي القاضي أبو الفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز، أنا أبو القاسم علي بن محمّد بن أبي العلاء، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن داود الرزّاز، نا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك، نا أبو قلابة، نا أبو عاصم وأبو عامر قالا : نا قرة بن خالد السدوسي، قال : سمعت أبا رجاء العطاردي

____________________

المذكور في تاريخ السلام ٢ / ٣٤٨ , ط مصر) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٩، ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا / ١٥١ - مخطوط -) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٩، ومنهم العلامة السيد أبو بكر العلوي الحسيني الحضرمي في (رشفة الصادي / ٦٣ , ط مصر) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٩، ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل / ١٩٧ - مخطوط -) إحقاق الحق ١١ / ٥٥٠، عنهم هناك.

ومنهم العلامة مؤلف (مختار مناقب الأبرار / ١٠٢) , والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي , شرح إحقاق الحق ٢٧ / ٣٦٨، ومنهم العلامة ابن منظور الإفريقي في (مختصر تاريخ مدينة دمشق ٧ / ١٥١) إحقاق الحق ٢٧ / ٣٦٩، ومنهم العلامة الشريف أبو الفضل عبد الله بن محمّد بن الصديق الغماري الحسني في (الحجج البيّنات في إثبات الكرامات / ٨٤ , ط عالم الكتب) شرح إحقاق الحق ٢٧ / ٣٦٩، ومنهم العلامة المولى ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين / ٧ ط لكهنو) إحقاق الحق ٢٧ / ٣٦٩، ومنهم العلامة أبو العرب محمّد بن أحمد بن تميم بن تمام بن تميم التميمي القيرواني المغربي المالكي , المولود (٢٥١) والمتوفى سنة (٣٣٣) في (المحن / ١٤١ , ط دار الغرب الإسلامي في بيروت) إحقاق الحق ٢٧ / ٣٦٩، ومنهم العلامة المحدّث السيد إبراهيم الحسيني السمهودي في (الإشراف على فضل الأشراف / ٨١ - مخطوط -) إحقاق الحق ٢٧ / ٣٧٠، ومنهم العلامة الشريف أبو المعالي المرتضى محمّد بن علي الحسيني البغدادي في (عيون الأخبار في مناقب الأخيار / ٥١ , نسخة مكتبة الفاتيكان) إحقاق الحق ٢٧ / ٣٧٠.

(١) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٦.

٦٢٣

يقول : لا تسبُّوا أهل هذا البيت، أو أهل بيت النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؛ فإنه كان لنا جار من بلهجيم قدم من الكوفة , قال : ما ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله ! - يعني الحسين - فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره. قال أبو رجاء : فأنا رأيته(١) .

وقال القندوزي : وأخرج أحمد أنّ شيخاً قال : قتل الله الحسين بامتناعه عن بيعة يزيد ! فرماه الله بكوكبين في عينيه فُعمي(٢) .

قاتل الإمام الحسين (عليه‌السلام ) اسودَّ وجهه

ذكره محب الدين الطبري والصالحي الشامي - واللفظ للأوّل - قال : وعن أبي معشر , عن بعض مشيخته أنّ قاتل الحسين (عليه‌السلام ) لمـّا جاء ابن زياد وحكى عليه كيفية قتله، وما قال له الحسين (عليه‌السلام ) , اسودَّ وجهه. خرّجه ابن بنت منيع أيضاً(٣) .

عقاب من حشا رأس الإمام الحسين (عليه‌السلام )

وقبل ذلك أذكر ما فعله اللعين ابن اللعين ابن زياد : قال ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ :

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٣٢، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٦٩، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٦، (المختار) لمجد الدين ابن الأثير الجزري / ٢٢ (مخطوط) إحقاق الحق ١١ / ٥٤٨.

(٢) ينابيع المودّة - القندوزي ٣ / ٢٤.

(٣) ذخائر العقبى - أحمد بن عبد الله الطبري / ١٤٤، سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي ١١ / ٧٩.

٦٢٤

وذكر عبد الله بن عمرو الوراق في كتاب المقتل أنه لمـّا حضر الرأس بين [يدي] ابن زياد أمر حجاماً، فقال : قوِّره، وأخرج لغاديده ونخاعه، وما حوله من اللحم واللغاديد ما بين الحنك وصفحة العنق من اللحم(١) .

قال الإسفرايني : (قال الراوي :) ثمَّ لمـّا أن طافوا بالرأس جمع الكوفة سلّموها إلى عمر المخزومي، وأمروه أن يحشوها مسكاً وكافوراً، ففعل ذلك، فما أتمّ فعله حتّى بليت يده، ووقعت بها الأكلة وتهرَّت(٢) .

قاتل الإمام الحسين (عليه‌السلام ) يُعذّب بالعطش

روى ابن عساكر , وابن العديم , والمزّي - واللفظ للأوّل - : أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني (شفاهاً) , نا عبد العزيز بن أحمد، نا أسد بن القاسم الحلبي قال : رأى جدِّي صالح بن الشحام بحلب (رحمه‌الله ) - وكان صالحاً ديّناً - في النوم كلباً أسود وهو يلهث عطشاً، ولسانه قد خرج على صدره، فقلت : هذا كلب عطشان , دعني أسقه ماءً أدخل فيه الجنّة.

وهممت لأفعل بذلك، فإذا بهاتف يهتف من ورائه وهو يقول : يا صالح , لا تسقه يا صالح , لا تسقه ؛ هذا قاتل الحسين بن علي (عليه‌السلام ) , اُعذّبه بالعطش إلى يوم القيامة(٣) .

____________________

(١) تذكرة الخواصّ - ابن الجوزي / ٢٣٣ , منشورات الشريف الرضي.

(٢) نور العين في مشهد الحسين (عليه‌السلام ) / ٦٠ للاُستاذ أبي إسحاق الإسفرايني.

(٣) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ١٤ / ٢٥٩، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) لابن عساكر / ٤٤٩، تهذيب الكمال للمزّي ٦ / ٤٤٧، بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم ٦ / ٢٦٤٣.

٦٢٥

عقاب مَن سلب الإمام الحسين (عليه‌السلام )

روى الطبري قال : (قال أبو مخنف :) عن جعفر بن محمّد بن علي (عليهم‌السلام ) قال : (( وُجد بالحسين (عليه‌السلام ) حين قُتل ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة )).

قال : وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين إلّا شدَّ عليه ؛ مخافة أن يغلب على رأسه، حتّى أخذ رأس الحسين فدفعه إلى خولى.

قال : وسُلِبَ الحسين (عليه‌السلام ) ما كان عليه ؛ فأخذ سراويله بحر بن كعب، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته , وكانت من خزّ , وكان يسمّى بعدُ قيس قطيفة. وأخذ نعليه رجل من بني أود يُقال له : الأسود , وأخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم، فوقع بعد ذلك إلى أهل حبيب بن بديل.

قال : ومال الناس على الورس والحلل والإبل وانتهبوها.

قال : ومال الناس على نساء الحسين (عليه‌السلام ) وثقله ومتاعه، فإن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه، فيذهب به منها(١) .

وفي مقتل الحسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي قال : وقال جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين (عليهم‌السلام ) : (( وُجد فيه ثلاث وثلاثون طعنة , وأربع وثلاثون ضربة )).

وأخذ سراويله بحير بن عمر والجرمي فصار زمناً مقعداً من رجليه، وأخذ عمامته جابر بن يزيد الأزدي فاعتم بها فصار مجذوماً، وأخذ مالك بن نسر الكندي درعه فصار معتوهاً. وارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة مظلمة، فيها ريح حمراء، لا يرى فيها عين ولا أثر، حتّى ظنَّ القوم أن العذاب قد جاءهم، فلبثوا بذلك ساعة ثمَّ انجلت عنهم(٢) .

وفي مقتل الحسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي قال :

____________________

(١) تاريخ الطبري - الطبري ٣ / ٣٣٤.

(٢) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ٤٢.

٦٢٦

وذكر محمّد بن عبد الرحمن أنّ يدي أبجر بن كعب كانتا تنضحان الدم في الشتاء، وييبسان في الصيف كأنهما عود(١) .

وقال البلاذري : لمـّا بقي الحسين (عليه‌السلام ) في ثلاثة نفر أو أربعة دعا بسراويل محشوة فلبسها , فذكروا أن بحر بن كعب التميمي سلبه إيّاها حين قُتل، فكانت يداه في الشتاء تنضحان الماء، وفي الصيف تيبسان فكأنهما عودان(٢) .

قال الخوارزمي :... ثمّ تقدم الأسود بن حنظلة فأخذ سيفه، وأخذ جعوثة الحضرمي قميصه , فلبسه فصار أبرص، وسقط شعره(٣) .

قال القندوزي :... فلمـّا أفاق (عليه‌السلام ) من غشوته أراد أن يقوم فلم يقدر، فضربه على رأسه الشريف رجل ملعون من كندة ففلقه، ووقعت عمامته على الأرض، ودعا (عليه‌السلام ) على الكندي وقال : (( لا أكلت بيمينك ولا شربت بها، وحشرك الله مع القوم الظالمين )).

قال أبو مخنف : لمـّا أخذ الكندي عمامة الحسين (عليه‌السلام ) قالت زوجة الكندي : ويلك ! قتلت الحسين وسلبت ثيابه ! فوالله لا جمعت معك في بيت وأحد. فأراد أن يلطمها , فأصاب مسمار يده، فقُطعت يده من المرفق، ولم يزل فقيراً(٤) .

____________________

(١) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ٤٣ - ٤٤.

(٢) أنساب الأشراف للبلاذري ٣ / ٢٢٠ , وفي ط / ٤٠٨، وذكرت مصادر اُخرى في ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق العلامة الجليل السيد عبد العزيز الحكيم (رحمه‌الله ).

(٣) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ٤٢.

(٤) ينابيع المودّة لذوي القربى - القندوزي ٣ / ٨١ - ٨٢.

٦٢٧

عقاب مَن أهان قبر الإمام الحسين (عليه‌السلام )

١ - روى الطبراني والبلاذري , والهيثمي والمزّي , وابن عساكر والذهبي - واللفظ للأوّل - حدّثنا علي بن عبد العزيز، ثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي، ثنا جرير، عن الأعمش قال : خرى رجل من بني أسد على قبر حسين بن علي (عليه‌السلام ) , قال : فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام ومرض وفقر(١) .

وقال الهيثمي : رواه الطبراني , ورجاله رجال الصحيح(٢) .

٢ - وروى مُحدّث الشام ابن عساكر وابن العديم - واللفظ للأوّل - قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن محرز، نا الحماني قال : قال الأعمش : أحدث رجل من أهل الشام على قبر الحسين بن علي (عليه‌السلام )، فأبرص من ساعته(٣) .

٣ - روى ابن حمدون قال : وقال الأعمش : خري رجل على قبر الحسين (عليه‌السلام ) , فجُنّ فمات، فسمع صوته يصيح في القبر كنباح الكلب(٤) .

____________________

(١) المعجم الكبير للطبراني ٣ / ١٢٠، مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٧، أنساب الأشراف للبلاذري ٣ / ٢٢٨، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٤٣ - ٤٤٤، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٤٤ , رواه تارة (رجل من بني أسد , واُخرى من أهل الشام)، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٧ , بدل (خرى) (تغوّط)، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر / ٤٠٧.

(٢) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٧.

(٣) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٤٤، ترجمة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٤٠٦، بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦٤٤.

(٤) ترجمة الإمام الحسن (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٢٤٥، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٣ / ٣٠٥، جامع كرامات الأولياء - يوسف النبهاني ١ / ١٣١ , ط مصطفى البابي وشركاؤه , عن الأعمش أنّ رجلاً تغوّط على قبره فجُن، فجعل ينبح كما ينبح الكلاب , ثمَّ مات، فسُمع من قبره يعوي. نقلاً عن إحقاق الحق ٣٣ / ٤٧٨.

٦٢٨

وجرت مثل هذه الحادثة مع قبر الإمام أبي محمّد الحسن بن علي (عليه‌السلام )، قال ابن عساكر وغيره - واللفظ للأوّل - قال : أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمان، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنبأنا أبو محمّد بن النحاس، أنبأنا أبو سعيد ابن الأعرابي، أنبأنا محمّد بن يونس أبو العباس الحارثي القرشي، أنبأنا عبد العزيز بن الخطاب، أنبأنا جرير، عن الأعمش قال : خري رجل على قبر الحسن (عليه‌السلام ) , فجُنّ , فجعل ينبح كما تنبح الكلاب. قال : فمات , فسُمع من قبره يعوي ويصيح(١) .

النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سقى رجلاً القطران لإعانته قتلة الإمام الحسين (عليه‌السلام )

روى مُحدّث الشام ابن عساكر , والألكائي - واللفظ للأوّل - قال : أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا البنا في كتابيهما، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سياوش الكازروني، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ، قال : قُرئ على أبي بكر محمّد بن القاسم بن يسار الأنباري النحوي وأنا حاضر، نا أبو بكر موسى بن إسحاق الأنصاري، نا هارون بن حاتم أبو بشر، نا عبد الرحمن بن أبي حماد، نا الفضل بن الزّبير قال : كنت جالساً عند شخص، فأقبل رجل فجلس إليه , رائحته رائحة القطران، فقال له : يا هذا , أتبيع القطران ؟

قال : ما بعته قط.

قال : فما هذه الرائحة ؟!

____________________

(١) التذكرة الحمدونيّة / ٦١٦٨ لابن حمدون , نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

٦٢٩

قال : كنت ممّن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلمـّا جَنَّ عليَّ الليل رقدت، فرأيت في نومي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ومعه علي (عليه‌السلام ) , وعلي (عليه‌السلام ) يسقي القتلى من أصحاب الحسين (عليه‌السلام )، فقلت له : اسقني. فأبى، فقلت : يا رسول الله , مره يسقيني.

فقال : (( ألست ممّن عاون علينا ؟ )).

فقلت : يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد.

فقال : (( يا علي , اسقه )). فناولني قعباً مملوءاً قطراناً، فشربت منه قطراناً، ولم أزل أبول القطران أياماً، ثمَّ انقطع ذلك البول عنِّي وبقيت الرائحة في جسمي. فقال له السدي : يا عبد الله , كُل من برِّ العراق، واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمّداً أبداً(١) .

ورواه الخوارزمي بسند آخر مع اختلاف , قال : وحدثنا عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي - (إملاءً) , حدّثنا الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن محمّد البلالي، حدّثنا السيد الإمام المرتضى أبو الحسن محمّد بن محمّد الحسيني الحسني، أخبرنا الحسن بن محمّد الفارسي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عيسى، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن منصور المرادي المصري، حدّثنا عيسى بن زيد بن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال : قال الحسن البصري : كان يجالسنا شيخ نصيب منه ريح القطران، فسألناه عن ذلك، فقال : إنّي كنت في مَن منع الحسين بن علي عن الماء، فرأيت في منامي كأن الناس قد حشروا، فعطشت عطشاً شديداً، فطلبت الماء ،

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٥٨، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر / ٤٤٧، كرامات الأولياء - هبة الله الطبري الألكائي ١ / ١٣٨ - ١٣٩، مقتل الحسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي بسند آخر عن الحسن البصري في الفصل الثاني عشر ٢ / ١١٦ - ١١٧.

٦٣٠

فإذا النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم‌السلام ) على الحوض، فاستسقيت من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فقال : (( اسقوه )). فلم يسقني أحد، فقال ثانياً، فلم يسقني أحد، فقال ثالثاً , فقيل : (( يا رسول الله , إنه ممّن منع الحسين (عليه‌السلام ) الماء )). فقال : (( اسقوه قطراناً )). فأصبحت أبول القطران، ولا آكل طعاماً إلّا وجدت منه رائحة القطران، ولا أذوق شراباً إلّا صار في فمي قطراناً(١) .

عقاب من أراد نزع تكّة الإمام الحسين (عليه‌السلام )

وفي مقتل الحسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي قال : روئي رجل بلا يدين ولا رجلين وهو أعمى، يقول : ربِّي , نجِّني من النار. فقيل له : لم تبق عليك عقوبة، وأنت تسأل النجاة من النار !

قال : إني كنت في مَن قاتل الحسين (عليه‌السلام ) في كربلاء، فلمـّا قُتل رأيت عليه سراويل وتكّة حسنة، وذلك بعد ما سلبه الناس، فأردت أن أنزع التكّة، فرفع يده اليمنى ووضعها على التكّة فلم أقدر على دفعها , فقطعت يمينه، ثمَّ أردت أن أنزع التكّة , فرفع شماله ووضعها على التكّة فلم أقدر على دفعها , فقطعت شماله، ثمَّ هممت بنزع السراويل، فسمعت زلزلة , فخفت وتركته , فألقى الله عليَّ النوم، فنمت بين القتلى، فرأيت كأنّ النبي محمداً (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أقبل ومعه عليٌّ وفاطمة والحسن (عليهم‌السلام )، فأخذوا رأس الحسين فقبّلته فاطمة (عليها‌السلام )، وقالت : (( يا بُني , قتلوك قتلهم الله ! )).

وكأنه يقول : (( ذبحني شمر، وقطع يدي هذا النائم )) - وأشار إليَّ - فقالت فاطمة (عليها‌السلام ) : (( قطع الله يديك ورجليك، وأعمى بصرك، وأدخلك النار )). فانتبهت وأنا لا أبصر شيئاً، ثمَّ سقطت يداي ورجلاي منِّي، فلم يبقَ من دعائها إلّا النار(٢) .

____________________

(١) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي , في الفصل الثاني عشر ٢ / ١١٧.

(٢) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ١١٥.

٦٣١

ما فعله المختار بن عبيد الله الثقفي (رحمه‌الله ) في قتلة الحسين (عليه‌السلام ) , وهلاكهم على يده

قال الدكتور العقاد : ولم تنقضِ سنوات أربع على يوم كربلاء حتّى كان يزيد قد قضى نحبه (إلى جهنم وبئس القرار)، ونجمت بالكوفة جريرة العدل التي حاقت بكل من مدَّ يداً إلى الحسين (عليه‌السلام ) وذويه , فسلّط الله على قاتلي الحسين (عليه‌السلام ) كفؤاً لهم في النقمة والنكال , يفلُّ حديدهم بحديده , ويكيل لهم بالكيل الذي يعرفونه ؛ وهو المختار بن أبي عبيدة الثقفي (رحمه‌الله ) , داعية التوابين , من طلاب ثأر الحسين (عليه‌السلام )، فأهاب أهل الكوفة أن يكفّروا عن تقصيرهم في نصرته، وأن يتعاهدوا على الأخذ بثأره , فلا يبقينّ من قاتليه أحد ينعم بالحياة، وهو دفين مذال القبر في العراء...

فلم ينجُ عبيد الله بن زياد، ولا عمر بن سعد، ولا شمر بن ذي الجوشن، ولا الحصين بن نمير، ولا خولي بن يزيد، ولا أحد ممّن اُحصيت عليهم ضربة أو كلمة , أو مدوا أيديهم بالسلب والمهانة إلى الموتى أو الأحياء...

وبالغ (رحمه‌الله ) في النقمة ؛ فقتل , وأحرق , ومزّق , وهدم الدور , وتعقّب الهاربين، وجوزي كلّ قاتل أو ضارب أو ناهب بكفاء عمله ؛ فقُتل عبيد الله واُحرق، وقُتل شمر بن ذي الجوشن واُلقيت أشلاؤه للكلاب، ومات مئات من رؤسائهم بهذه المثلات , واُلوف من جندهم وأتباعهم مغرقين في النهر , أو مطاردين إلى حيث لا وزر لهم ولا شفاعة... فكان بلاؤهم بالمختار عدلاً لا رحمة فيه، وما نحسب قسوة بالآثمين سلمت من اللوم أو بلغت من العذر ما بلغته قسوة المختار (رحمه‌الله )(١) .

____________________

(١) أبو الشهداء الحسين بن علي (عليه‌السلام ) / ١٧٩ للدكتور العقّاد.

٦٣٢

روى الطبري وابن الأثير - واللفظ للأوّل - قال : وخرج أشراف الناس فلحقوا بالبصرة، وتجرَّد المختار لقتلة الحسين (عليه‌السلام ) , فقال : ما من ديننا تركُ قومٍ قتلوا الحسين (عليه‌السلام ) يمشون أحياءً في الدنيا آمنين , بئس ناصر آل محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنا إذاً في الدنيا ! أنا إذاً الكذّاب كما سمّوني، فإني بالله أستعين عليهم.

الحمد لله الذي جعلني سيفاً ضربهم به، ورمحاً طعنهم به، وطالب وترهم، والقائم بحقِّهم، إنه كان حقّاً على الله أن يقتل مَن قتلهم، وأن يذلّ مَن جهل حقَّهم، فسمّوهم لي , ثمَّ اتبعوهم حتّى تفنوهم(١) , (حتّى تقتلوهم ؛ فإني لا يسوغ لي الطعام والشراب حتّى أُطهِّرَ الأرض منهم)(٢) .

وروى ابن خلدون ما فعله المختار بإيجاز , قال : وتتبع المختار قتلة الحسين (عليه‌السلام )، ودلَّ على عبيد الله بن أسد الجهني، ومالك بن نسير الكندي، وحمل بن مالك المحاربي بالقادسية فأحضرهم وقتلهم، ثمَّ أحضر زياد بن مالك الضبعي، وعمران بن خالد العثري، وعبد الرحمن بن أبي حشكارة البجلي، وعبد الله بن قيس الخولاني - وكانوا نهبوا من الورس الذي كان مع الحسين (عليه‌السلام ) - فقتلهم، وأحضر عبد الله أو عبد الرحمن بن طلحة، وعبد الله بن وهيب الهمداني ابن عم الأعشى فقتلهم , وأحضر عثمان بن خالد الجهني، وأبا أسماء بشر بن سميط القابسي - وكانا مشتركين في قتل عبد الرحمن بن عقيل وفى سلبه - فقتلهما وحرقهما بالنار.

وبحث عن خولى بن يزيد الأصبحي صاحب رأس الحسين , فجيء برأسه وحرق بالنار، ثمَّ قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص بعد أن كان أخذ له الأمان منه عبد الله بن جعدة بن هبيرة ،

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٢.

(٢) ما بين القوسين من الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٤ / ٤٥.

٦٣٣

فبعث أبا عمرة فجاءه برأسه , وابنه حفص عنده، فقال : تعرف هذا ؟ قال : نعم، ولا خير في العيش بعده. فقتله، ويقال : إن الذي بعث المختار على قتلة الحسين (عليه‌السلام ) أنّ يزيد بن شراحيل الأنصاري قدم على محمّد بن الحنفيّة، فقال له ابن الحنفيّة : يزعم المختار أنه لنا شيعة وقتلة الحسين (عليه‌السلام ) عنده على الكراسي يُحدّثونه ! فلمـّا سمع المختار ذلك تتبعهم بالقتل، وبعث برأس عمر وابنه إلى ابن الحنفيّة، وكتب إليه : أنه قتل مَن قدر عليه، وهو في طلب الباقين.

ثمَّ أحضر حكيم بن طفيل الطائي، وكان رمى الحسين بسهم، وأصاب سلب العباس ابنه , وجاء عدي بن حاتم يشفع فيه، فقتله ابن كامل والشيعة قبل أن يصل ؛ حذراً من قبول المختار شفاعته. وبحث عن مرة بن منقذ بن عبد القيس قاتل علي بن الحسين (عليه‌السلام )، فدافع عن نفسه ونجا إلى مصعب بن الزّبير، وقد شلَّت يده بضربة، وبحث عن زيد وفاد الحسين(١) قاتل عبد الله بن مسلم بن عقيل - رماه بسهمين، وقد وضع كفه على جبهته يتّقي النبل، فأثبت كفه في جبهته , وقتله بالاُخرى - فخرج بالسيف يدافع , فقال ابن كامل : ارموه بالحجارة , فرموه حتّى سقط، وأحرقوه حيّاً.

وطلب سنان بن أنس الذي كان يدّعي قتل الحسين (عليه‌السلام ) , فلحق بالبصرة، وطلب عمر بن صبح الصدائي فقتله طعناً بالرماح، وأرسل في طلب محمّد بن الأشعث وهو في قريته عند القادسية، فهرب إلى مصعب، وهدم المختار داره، وطلب آخرين كذلك من المتّهمين بأمر الحسين (عليه‌السلام ) , فلحقوا بمصعب وهدم دورهم(٢) .

____________________

(١) هكذا في الأصل , والظاهر كما في المقاتل : وبحث عن زيد بن رقاد الجنبي.

(٢) تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٥.

٦٣٤

هلاك عبد الله بن أسيد الجهني , ومالك بن بشير البدوي , وحمل بن مالك المحاربي

روى الطبري وابن الأثير - واللفظ للأوّل - قال : قال أبو مخنف : وحدّثني مالك بن أعين الجهني أن عبد الله بن دباس , وهو الذي قتل محمّد بن عمار بن ياسر الذي قال [فيه] الشاعر :

قتيلُ ابن دبّاس أصاب قذالَهُ

هو الذي دلَّ المختار على نفر ممّن قتل الحسين (عليه‌السلام ) , منهم : عبد الله بن أسيد بن النزال الجهني , من حرقة، ومالك بن النسير البدي، وحمل بن مالك المحاربي، فبعث إليهم المختار أبا نمر مالك بن عمرو النهدي , وكان من رؤساء أصحاب المختار , فأتاهم وهم بالقادسية، فأخذهم فأقبل بهم حتّى أدخلهم عليه (عشاءً) , فقال لهم المختار : يا أعداء الله، وأعداء كتابه، وأعداء رسوله وآل رسوله ! أين الحسين بن علي (عليه‌السلام ) ؟ أدّوا إليَّ الحسين (عليه‌السلام )، قتلتم مّن اُمرتم بالصلاة عليه في الصلاة !

فقالوا : رحمك الله , بعثنا ونحن كارهون , فامنن علينا واستبقنا.

قال المختار : فهلاّ مننتم على الحسين ابن بنت نبيِّكم واستبقيتموه وسقيتموه ؟! ثمَّ قال المختار : أنت صاحب برنسه ؟ فقال له عبد الله بن كامل : نعم، هو هو. فقال المختار : اقطعوا يدي هذا ورجليه، ودعوه حتّى يموت. ففُعل ذلك به وترك، فلم يزل ينزف الدم حتّى مات، وأمر بالآخرين فقُدّما ؛ فقتل عبدُ الله بن كامل عبدَ الله الجهني، وقتل سعرُ بن أبي سعر حملَ بن مالك المحاربي(١) .

هلاك قيس بن الأشعث بن قيس

روى الدينوري قال :

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٣، الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٤ / ٤٦.

٦٣٥

وإنّ قيس بن الأشعث أنف من أن يأتي البصرة فيشمت به أهلها، فانصرف إلى الكوفة مستجيراً بعبد الله بن كامل، وكان من أخص الناس عند المختار , فأقبل عبد الله إلى المختار فقال : أيُّها الأمير، إنّ قيس بن الأشعث قد استجار بي وأجرته، فأنفذ جواري إيّاه.

فسكت عنه المختار مليّاً، وشغله بالحديث، ثمَّ قال : أرني خاتمك. فناوله إيّاه، فجعله في إصبعه طويلاً , ثمَّ دعا أبا عمرة فدفع إليه الخاتم، وقال له سرّاً : انطلق إلى امرأة عبد الله بن كامل فقل لها : هذا خاتم بعلك علامة لتدخليني إلى قيس بن الأشعث ؛ فإني اُريد مناظرته في بعض الاُمور التي فيها خلاصه من المختار.

فأدخلته إليه , فانتضى سيفه فضرب عنقه , وأخذ رأسه فأتى به المختار، فألقاه بين يديه , فقال المختار : هذا بقطيفة الحسين (عليه‌السلام ) ؛ وذلك أن قيس بن الأشعث أخذ قطيفة كانت للحسين (عليه‌السلام ) حين قُتل، فكان يسمى قيس قطيفة(١) .

هلاك زياد بن مالك الضبعي , وعمران بن خالد القشيري , وعبد الرحمن بن أبي خشارة البجلي , وعبد الله بن قيس الخولاني

روى الطبري وابن الأثير والخوارزمي - واللفظ للأوّل - قال : قال أبو مخنف : وحدثني أبو الصلت التيمي قال : حدّثني أبو سعيد الصيقل أن المختار دُلَّ على رجال من قتلة الحسين (عليه‌السلام ) , دلَّه عليهم سعر الحنفي.

قال : فبعث المختار عبد الله بن كامل، فخرجنا معه حتّى مرَّ ببني ضبيعة، فأخذ منهم رجلاً يقال له : زياد بن مالك، قال : ثمَّ مضى إلى عنزة فأخذ منهم رجلاً يقال له : عمران بن خالد، قال : ثمَّ بعثني في رجال معه يقال لهم : الدبابة , إلى دار في

____________________

(١) الأخبار الطوال - الدينوري / ٣٠٢.

٦٣٦

الحمراء فيها عبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي، وعبد الله بن قيس الخولاني، فجئنا بهم حتّى أدخلناهم عليه، فقال لهم : يا قتلة الصالحين، وقتلة سيد شباب أهل الجنة , ألا ترون الله قد أقاد منكم اليوم، لقد جاءكم الورس بيوم نحس - وكانوا قد أصابوا من الورس الذي كان مع الحسين (عليه‌السلام ) - أخرجوهم إلى السوق فضربوا رقابهم، ففعل ذلك بهم , فهؤلاء أربعة نفر(١) .

هلاك عبد الله وعبد الرحمن ابني صلخب , وعبد الله بن وهب بن عمرو الهمداني

روى الطبري وابن الأثير - واللفظ للأوّل - قال : قال أبو مخنف : وحدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال : جاءنا السائب بن مالك الأشعري في خيل المختار، فخرجت نحو عبد قيس آلاف، وخرج عبد الله وعبد الرحمن ابنا صلخب في أثري، وشغلوا بالاحتباس عليهما عنِّي فنجوت، وأخذوهما ثمَّ مضوا بهما حتّى مرّوا برجل يقال له : عبد الله بن وهب بن عمرو , ابن عمِّ أعشى همدان من بني عبد، فأخذوه فانتهوا بهم إلى المختار، فأمر بهم فقتلوا في السوق، فهؤلاء ثلاثة، فقال حميد بن مسلم في ذلك حيث نجا منهم:

أَلَمَ ترني على دهشٍ

نجوتُ ولم أَكَدْ أنجو

رجاءُ اللهِ أنقذني

ولم أكُ غيرَه أرجو(٢)

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٣ , الكامل في التاريخ ٤ / ٤٦، مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ٢٥٠.

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٣، الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٤ / ٤٦.

٦٣٧

هلاك عثمان بن خالد بن أسير الدهماني الجهني , وأبي أسماء بشر بن سوط القابضي

روى الطبري وابن الأثير - واللفظ للأوّل - قال : قال أبو مخنف : حدّثني موسى بن عامر العدوي - من جهينة - وقد عرف ذلك الحديث شهم بن عبد الرحمن الجهني , قال : بعث المختار عبد الله بن كامل إلى عثمان بن خالد بن أسير الدهماني من جهينة، وإلى أبي أسماء بشر بن سوط القابضي - وكانا ممن شهدا قتل الحسين، وكانا اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، وفي سلبه - فأحاط عبد الله بن كامل - ثمَّ العصر - بمسجد بني دهمان، ثمَّ قال : عليَّ مثل خطايا بني دهمان منذ يوم خُلقوا إلى يوم يُبعثون إن لم اُوتَ بعثمان بن خالد بن أسير إن لم أضرب أعناقكم من [عند] آخركم.

فقلنا له : أمهلنا نطلبه.

فخرجوا مع الخيل في طلبه، فوجدوهما جالسين في الجبانة، وكانا يريدان أن يخرجا إلى الجزيرة، فاُتي بهما عبد الله بن كامل، فقال : الحمد لله الذي كفى المؤمنين القتال , لو لم يجدوا هذا مع هذا عنانا إلى منزله في طلبه، فالحمد لله الذي حيّنك حتّى أمكن منك.

فخرج بهما حتّى إذا كان في موضع بئر الجعد ضرب أعناقهما، ثمَّ رجع فأخبر المختار خبرهما، فأمره أن يرجع إليهما فيحرقهما بالنار , وقال : لا يدفنان حتّى يُحرقا، فهذان رجلان. فقال أعشى همدان يرثي عثمان الجهني :

يا عينُ اِبكي فتى الفتيانِ عثمانا

لا يبعدنَّ الفتى من آلِ دهمانا

واذكر فتىً ماجداً حلواً شمائلُهُ

ما مثلُهُ فارسٌ في آلِ همدانا(١)

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٣، الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٤ / ٤٦.

٦٣٨

هلاك خولي بن يزيد الأصبحي

وفي الطبري وابن الأثير - واللفظ للأوّل - قال : قال موسى بن عامر : وبعث معاذ بن هانئ بن عدي الكندي , ابن أخي حجر، وبعث أبا عمرة صاحب حرسه، فساروا حتّى أحاطوا بدار خولي بن يزيد الأصبحي - وهو صاحب رأس الحسين الذي جاء به - فاختبأ في مخرجه، فأمر معاذ أبا عمرة أن يطلبه في الدار، فخرجت امرأته إليهم، فقالوا لها : أين زوجك ؟ فقالت : لا أدري أين هو، وأشارت بيدها إلى المخرج.

فدخلوا فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة، فأخرجوه. وكان المختار يسير بالكوفة، ثمَّ إنه أقبل في أثر أصحابه، وقد بعث أبو عمرة إليه رسولاً، فاستقبل المختار الرسول عند دار بلال، ومعه ابن كامل , فأخبره الخبر، فأقبل المختار نحوهم، فاستقبل به فردّه حتّى قتله إلى جانب أهله، ثمَّ دعا بنار فأحرقه بها، ثمَّ لم يبرح حتّى عاد رماداً، ثمَّ انصرف عنه، وكانت امرأته من حضرموت يقال لها : العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب، وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين (عليه‌السلام )(١) .

وفي مقتل الحسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي قال : (عن أبي مخنف) : وأتى قوم أعوان المختار إلى دار خولي بن يزيد الأصبحي، فاقتحموها ودخلوا - وكان خولي هو الذي احتزّ رأس الحسين (عليه‌السلام ) - وكانت له امرأة يقال لها : العيوف بنت مالك الحضرمي , وهي التي خاصمته إذ أدخل رأس الحسين عليها، فلمـّا نظرت إلى أصحاب المختار قد دخلوا دارها قالت : ما شأنكم , وما تريدون ؟

فقال أبو عمرة صاحب شرطة المختار : لا بأس عليك , نريد زوجك , أين هو ؟ قالت : لا أدري , وأشارت بيدها إلى

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٦٤، الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٤ / ٤٦.

٦٣٩

المخرج، فدخلوا عليه فإذا هو جالس وعلى رأسه قوصرة، فأخذوه وأتوا به إلى المختار، فقالوا له : أيُّها الأمير , هذا خولي الذي احتزّ رأس الحسين (عليه‌السلام ). فأمر به المختار فذُبح بين يديه، ثمَّ أمر بجسده فاُحرق بالنار(١) .

هلاك عمر بن سعد وابنه لعنهما الله

أقول : وقد تقدّم ذكر هلاكه وابنه في ترجمته.

هلاك حكيم بن الطفيل السنبسي الطائي

روى الطبري، وابن الأثير، وابن خلدون - واللفظ للأوّل - قال : ثمَّ إنّ المختار بعث عبد الله بن كامل إلى حكيم بن طفيل الطائي السنبسي، وقد كان أصاب سلب العباس بن علي، ورمى حسيناً بسهم، فكان يقول : تعلّق سهمي بسرباله وما ضرّه. فأتاه عبد الله بن كامل فأخذه، ثمَّ أقبل به.

وذهب أهله فاستغاثوا بعدي بن حاتم، فلحقهم في الطريق، فكلَّم عبد الله بن كامل فيه، فقال : ما إليَّ من أمره شيء، إنّما ذلك إلى الأمير المختار. قال : فإني آتيه. قال : فأته راشداً.

فمضى عدي نحو المختار، وكان المختار قد شفّعه في نفر من قومه أصابهم يوم جبانة السبيع لم يكونوا نطقوا بشيء من أمر الحسين ولا أهل بيته، فقالت الشيعة لابن كامل : إنا نخاف أن يشفع الأمير عدي بن حاتم في هذا الخبيث وله من الذنب ما قد علمت، فدعنا نقتله.

قال : شأنكم به. فلمـّا انتهوا به إلى دار العنزيّين - وهو مكتوف - نصبوه غرضاً، ثمَّ قالوا له : سلبت ابن علي ثيابه ! والله لنسلبنَّ ثيابك

____________________

(١) مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ٢٥٠ , الفصل الخامس عشر في بيان انتقام المختار من قاتلي الحسين (عليه‌السلام )، تاريخ الطبري ٤ / ٥٣٠ رواه أيضاً عن أبي مخنف.

٦٤٠