مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٣

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 545

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 545
المشاهدات: 48698
تحميل: 4324


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 545 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48698 / تحميل: 4324
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في الرؤى المتعلّقة بمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

رؤيا النّبيِّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بني اُميّة وهم ينزون على منبره نزو القِردة

قال ابن أبي الحديد المعتزلي : وقد جاء في الأخبار الشائعة المستفيضة في كتب المحدّثين أنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أخبر أنّ بني اُميّة تملك الخلافة بعده، مع ذمٍّ منه (عليه‌السلام ) لهم ؛ نحو ما روى عنه في تفسير قوله تعالى :( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا التي أَرَيْنَاكَ إلّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ) (١) فإنّ المفسرين قالوا : إنّه رأى بني اُميّة ينزون على منبره نزو القِردة، هذا لفظ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الذي فسّر لهم الآية به، فساءه ذلك، ثمّ قال : (( الشّجرة الملعونةُ بنو اُميّة وبنو المغيرة )).

ونحو قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتّخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً)) ونحو قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في تفسير قوله تعالى :( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٢) قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (( ألفُ شهر يملك فيها بنو اُميّة ))(٣) .

قال ابن أبي الحديد المعتزلي : . وقال (عمر) : أتستمع يابن عباس، أما والله , لقد سمعتُ من رسول الله ما يشابه هذا، سمعته يقول : (( ليصعدنَّ بنو اُميّة على منبري، ولقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة، وفيهم اُنزل : وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا التي أَرَيْنَاكَ إلّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ))(٤) .

____________________

(١) سورة الإسراء / ٦٠.

(٢) سورة القدر / ٣.

(٣) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ٩ / ٢١٩.

(٤) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ١٢ / ٨١.

١٦١

روى الطبري، عن المعتضد العباسي، أنّه قال فيما قال في بني اُميّة : وأنزل به كتاباً قوله :( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلّا طُغْيَانًا كَبِيراً ) (١) ولا اختلاف بين أحد أنّه أراد بها بني اُميّة(٢) .

وقال الفخر الرازي : قال سعيد بن المسيّب : رأى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بني اُميّة ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك وهذا قول ابن عبّاس في رواية عطاء(٣) .

رؤيا الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) جدَّه الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) . وأمره بالخروج

روى ابن عساكر، والمزّي، وابن كثير، والذهبي، واللفظ للأوّل قال : وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتاباً يحذّره أهلَ الكوفة، ويناشده الله أنْ يشخص إليهم، فكتب إليه الحُسين(عليه‌السلام ) : (( إنّي رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأمرني بأمر أنا ماضٍ له، ولست بمخبرٍ بها أحداً حتّى اُلاقي عملي ))(٤) .

____________________

(١) سورة الإسراء / ٦٠.

(٢) تاريخ الطبري ٥ / ٦١٩، أقول : تقدّم نقل هذا في الفصل السّادس عند ذكر فضائح بني اُميّة في الهامش [ تحت] عنوان : فضائح بني اُميّة على لسان المعتضد العباسي.

(٣) التفسير الكبير - الرازي ٢٠ / ٢٣٦ نقلاً عن تهذيب المقال - السيّد محمّد علي الأبطحى ٣ / ١٥٧.

(٤) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٠٩، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) / ٢٠٤، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤١٨، البداية والنهاية - ابن كثير ٨ / ١٧٦، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٢٩٧.

١٦٢

روى الخوارزمي، والقندوزي، واللفظ للأوّل قال : فلمـَّا كانت الليلة الثالثة خرج (عليه‌السلام ) إلى قبر جدِّه أيضاً، فصلّى ركعات، فلمـَّا فرغ من صلاته جعل يقول : (( اللهمَّ، إنّ هذا قبر نبيّك محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأنا ابن بنت نبيّك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت اللهمَّ، إنّي اُحبُّ المعروف، واُنكِرُ المنكرَ، وإنّي أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحقِّ هذا القبر ومَنْ فيه، إلّا اخترت لي من أمري ما هو لك رضىً، ولرسولك رضىً، وللمؤمنين رضىً )).

ثمّ جعل يبكي عند القبر، حتّى إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى، فإذا هو برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله، وبين يديه ومن خلفه، فجاء حتّى ضمّ الحُسين (عليه‌السلام ) إلى صدره، وقبَّل بين عينيه، وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( حبيبي يا حُسين، كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك، مذبوحاً بأرض كربلاء بين عصابة من اُمّتي، وأنت في ذلك عطشان لا تُسقى، وظمآن لا تُروى، وهم في ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم ! لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، وما لهم عند الله من خلاق حبيبي يا حُسين، إنّ أباك واُمَّك وأخاك قَدِموا عليَّ وهم إليك مشتاقون، وإنّ لك في الجنّة لدرجاتٍ لن تنالها إلّا بالشهادة )).

قال : فجعل الحُسين (عليه‌السلام ) في منامه ينظر إلى جدِّه محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ويسمع كلامه، ويقول له: (( يا جدّاه، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدُّنيا، فخذني إليك، وأدخلني معك إلى قبرك )) فقال له النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( يا حُسين، لا بدَّ لك من الرجوع إلى الدُّنيا حتّى تُرزق الشهادة، وما قد كتب الله لك من الثواب العظيم ؛ فإنّك وأباك واُمَّك وأخاك وعمَّك وعمَّ أبيك تُحشرون يوم القيامة في زمرةٍ واحدة حتّى تدخلوا الجنّة )).

قال : فانتبه الحُسين (عليه‌السلام ) من نومه فَزِعاً مرعوباً، فقصَّ رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطلب، فلم يكن في ذلك اليوم في شرق ولا غرب قومٌ أشدّ

١٦٣

غمَّاً من أهل بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ولا أكثر باكٍ ولا باكية(١) .

رؤيا الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) في طريقه إلى كربلاء

قال الخوارزمي : وسار الحُسين (عليه‌السلام ) حتّى نزل الثعلبية - وذلك وقت الظهيرة - ونزل أصحابه، فوضع رأسه فأغفى، ثمّ انتبه باكياً من نومه، فقال له ابنه عليُّ بن الحُسين (عليهما‌السلام ) : ما يُبكيك يا أبه ؟ لا أبكى الله عينيك فقال له : (( يا بُني، هذه السّاعة لا تُكذب فيها الرؤيا، فاُعلمكَ أنّي خفقت برأسي خفقةً فرأيت فارساً على فرسٍ وقف عليَّ وقال : يا حُسين، إنّكم تُسرعون، والمنايا تُسرع بكم إلى الجنّة فعلمتُ أنّ أنفسنا نعيت إلينا )) فقال له ابنه علي : يا أبه، أفلسنا على الحق ؟ قال : (( بلى يا بُني، والذي إليه مرجع العباد )) فقال ابنه علي : إذاً لا نبالي بالموت فقال له الحُسين (عليه‌السلام ) : (( جزاك الله يا بُني خير ما جُزي به ولداً عن والده))(٢) .

رؤيا الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) يوم التاسع

روى الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، والخوارزمي، واللفظ للأوّل قال : ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى : يا خيل الله، اركبي وأبشري فركب في النّاس، ثمّ زحف نحوهم بعد صلاة العصر، وحُسين (عليه‌السلام ) جالس أمام بيته محتبياً بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه، وسمعت اُخته زينب الصيحة، فدنت من أخيها فقالت : يا أخي، أما تسمع الأصوات قد اقتربت ؟ قال : فرفع

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ١ / ٢٧٠ - ٢٧١، ينابيع المودّة - للقندوزي ٣ / ٥٤.

(٢) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ١ / ٣٢٤.

١٦٤

الحُسين (عليه‌السلام ) رأسه، فقال : (( إنّي رأيتُ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام فقال لي : إنّك تروح إلينا)) قال : فلطمت اُخته وجهها، وقالت : يا ويلتا ! فقال : (( ليس لك الويل يا اُخيّة، اسكتي رحمك الرحمن ))(١) .

وفي مقتل الخوارزمي، قال : (( يا اُختاه، رأيت السّاعة في منامي جدّي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأبي عليّاً، واُمّي فاطمة، وأخي الحسن (صلوات الله عليهم) وهم يقولون : إنّك تروح إلينا عن قريب، وقد والله، دنا الأمر لا شكَّ فيه )).

فلطمت زينب (عليها‌السلام ) وجهها وصاحت، فقال لها الحُسين (عليه‌السلام ) : (( مهلاً ومهلاً، اسكتي ولا تصيحي فيشمت القوم بنا ))(٢) .

رؤيا الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) في ليلة عاشوراء في وقت السحر

وفي مقتل الخوارزمي قال : فلمـَّا كان وقت السحر خفق الحُسين (عليه‌السلام ) برأسه خفقة، ثمّ أستيقظ فقال : (( أتعلمون ما رأيت في منامي السّاعة ؟ )) قالوا : فما رأيت يابن رسول الله؟! قال : (( رأيت كلاباً قد شدَّت عليَّ لتنهشني، وفيها كلبٌ أبقع رأيته كأشدّها عليَّ، وأظن الذي يتولى قتلي رجلاً أبرص من بين هؤلاء القوم، ثمّ إني رأيت بعد ذلك جدِّي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومعه جماعة من أصحابه، وهو يقول لي : يا بُني، أنت شهيد آل محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وقد استبشر بك أهل السّماوات وأهل الصفيح الأعلى، فليكن إفطارك عندي الليلة(٣) .

عجِّل يا بُني لا تُأخّر، فهذا ملك نزل من السّماء

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣١٤، البداية النهاية ٨ / ١٧٥ - ١٧٦، الكامل في التاريخ ٣ / ٤١٥، مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ١ / ٣٥٣.

(٢) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ١ / ٣٥٣.

(٣) أقول : وهذا شاهد على أنّ الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) قضى صائماً عطشان.

١٦٥

ليأخذ دمك في قارورة خضراء فذا ما رأيت، وقد أزف الأمر، وأقترب الرحيل من هذه الدنيا))(١) .

رؤيا ابن عبّاس، عن عمّار بن عمّار بسند صحيح

روى أحمد بطريقين عن حمّاد بن سلمة، ورواه الطبراني والخوارزمي، وابن عساكر والهيثمي، وابن الأثير والمزّي، وابن حجر العسقلاني وابن كثير، والذهبي والمحبّ الطبري، والزّرندي الحنفي والمناوي، والبري والقندوزي، واللفظ لأحمد قال :

١ - حدّثنا عبد الله حدّثني أبي، ثنا عبد الرحمن، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبى عمّار، عن ابن عبّاس قال : رأيت النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام بنصف النّهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دمٌ يلتقطه، أو يتتبّع فيها شيئاً، قال : قلتُ : يا رسول الله، ما هذا ؟! قال : (( دم الحُسين (عليه‌السلام ) وأصحابه لمْ أزل أتتبّعه منذ اليوم )) قال عمّار : فحفظنا ذلك اليوم، فوجدناه قُتِلَ ذلك اليوم.

٢ - حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عفّان، ثنا حمّاد هو ابن سلمة، أنا عمّار، عن ابن عبّاس قال : رأيت النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فيما يرى النّائم

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ١ / ٣٥٦، وقد تقدّم إخبار النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بذلك، في ترجمة الملعون شمر بن ذي الجوشن قال (عليه‌السلام ) : (( صدق الله ورسوله ؛ قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : كأنّي أنظر إلى كلبٍ أبقع يلغ في دماء أهل بيتي )) فكان شمرٌ أبرص.

تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٢٣ / ١٩٠، البداية والنهاية - ابن كثير ٨ / ٢٠٥، مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ٤١، كنز العمال - الم-تّقي الهندي ٣١ / ٦٧٢، الخصائص الكبرى - السيوطي ٢ / ١٢٥ ط دار الكتاب العربي.

١٦٦

بنصف النّهار، وهو قائم أشعث أغبر(١) ، بيده قارورة فيها دم، فقلتُ : بأبي أنت واُمّي يا رسول الله ! ما هذا ؟! قال : (( هذا دم الحُسين (عليه‌السلام ) وأصحابه لمْ أزل التقطه منذ اليوم )) فأحصينا ذلك اليوم، فوجدوه قُتِلَ في ذلك اليوم(٢) .

قال الهيثمي : ورواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح(٣) .

وقال ابن كثير : تفرّد به أحمد وإسناده قوي(٤) .

وصححه الحاكم بطريق آخر عن حمّاد عن عمّار قال : حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالوجيه، ثنا بشر بن موسى الأسدي، ثنا الحسن بن موسى الأشيب، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن عمّار، عن ابن عبّاس ( رضي‌ الله ‌عنه ما) قال : رأيت النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فيما يرى النّائم نصف النّهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم، فقلت : يا نبيّ الله، ما هذا ؟! قال : (( هذا دم الحُسين (عليه‌السلام )

____________________

(١) وفي المطبوع : (أغير) بدل (أغبر) والصحيح ما أثبتناه.

(٢) مسند أحمد - الإمام أحمد بن حنبل [ الخبر ] الأوّل في ١ / ٢٤٢ والخبر الثاني في ١ / ٢٨٣، وبأسنانيد مختلفة عن حمّاد بن سلمة، المعجم الكبير - الطبراني ٣ / ١١٠ وأيضاً في ٢١ / ١٤٣، مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ١٠٧ الفصل الثاني عشر، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٣٧ بثلاثة طرق عن حمّاد، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٨٧ بثلاثة طرق عن حمّاد، مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٣، اُسد الغابة - ابن الأثير ٢ / ٢٢، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٩، تهذيب التهذيب - ابن حجر٢/ ٣٠٦، الإصابة - ابن حجر ٢ / ٧١، البداية والنهاية - ابن كثير ٨ / ٢١٨ بطريقين عن حمّاد، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٥، ذخائر العقبى - أحمد بن عبد الله الطبري / ١٤٨، نظم درر السمطين - الزّرندي الحنفي / ٢١٧، فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي ١ / ٢٦٥، الجوهرة في نسب الإمام علي وآله - البري / ٤٦، ينابيع المودّة لذوي القربى - القندوزي ٣ / ١٣.

(٣) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٣.

(٤) البداية والنهاية - ابن كثير ٨ / ٢١٨.

١٦٧

وأصحابه، لمْ أزل التقطه منذ اليوم )) قال : فاُحصي ذلك اليوم، فوجدوه قُتِلَ قبل ذلك بيوم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولمْ يخرجاه(١) .

رؤيا ابن عبّاس، عن زيد بن جدعان

روى محدّث الشام ابن عساكر، وابن كثير، واللفظ للأوّل قال : أخبرنا أبو محمّد بن طاووس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، نا أبو الحُسين بن بشران، أنا الحُسين بن صفوان، أنا أبو بكر بن أبي الدُّنيا، أنا عبد الله بن محمّد بن هانئ أبو عبد الرحمن النحوي، نا معدي بن سلمان، نا علي بن زيد بن جدعان، قال : استيقظ ابن عبّاس من نومه فاسترجع، وقال : قُتِلَ الحُسين والله فقال له أصحابه : كلّا يابن عباس، كلّا قال : رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومعه زجاجة من دم، فقال : (( ألا تعلم ما صنعت اُمّتي من بعدي ؟ قتلوا ابني الحُسين (عليه‌السلام )، وهذا دمه ودم أصحابه أرفعه إلى الله عزّ وجل )).

قال : فكُتب ذلك اليوم الذي قال فيه وتلك الساعة قال : فما لبثوا إلّا أربعة وعشرين يوماً حتّى جاءهم الخبر بالمدينة أنّه قُتِلَ ذلك اليوم وتلك الساعة(٢) .

رؤيا اُمِّ سلمة ( رضي ‌الله‌عنه ا) النّبيَّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وعلى رأسه ولحيته التراب ..

روى الترمذي والذهبي، وابن حجر والمزّي، والبخاري والطبراني، وابن جرير الطبري والزّرندي الحنفي، واللفظ للأوّل قال :

____________________

(١) المستدرك - الحاكم النيسابوري ٤/ ٣٩٧، منتخب مسند عبد بن حميد / ٢٣٤.

(٢) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٣٧، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٨٧، البداية والنهاية - ابن كثير ٨ / ٢١٨.

١٦٨

حدّثنا أبو سعيد الأشج، أخبرنا أبو خالد الأحمر، أخبرنا رزين(١) قال : حدّثتني سلمى قالت : دخلت على اُمِّ سلمة وهي تبكي فقلتُ : ما يبكيك ؟! قالت : رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) - تعني في المنام - وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟! قال : (( شهدتُ قتل الحُسين (عليه‌السلام ) آنفاً ))(٢) .

وقال الذهبي، تعليقاً على هذه الرواية : رزين هو ابن حبيب، وثّقه ابن معين(٣) .

وقال المزّي في كلامه عن رزين : وقد وقع لنا عالياً من روايته(٤) ، فذكر هذه الرواية.

أقول : ورجاله ثقات(٥) .

____________________

(١) وذكر ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٣٨ بدله زريق، وقال : وهو الصواب أقول : وهو وهمٌ حتّى نبّه على وهمه مَن علّق على كتابه، ولعلّه أشتبه بمثل سند المستدرك.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٣٢٣، وقال : هذا حديث غريب أقول : إنْ كان من جهة الدلالة فلا يُعبأ به بعد تماميّة سنده، ووجود أمثاله عن ابن عبّاس والبرّاء، وقد أخرجه الحاكم من طريق زريق، والبخاري أخرجه بطريقين عن رزين سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٦، تهذيب التهذيب - ابن حجر العسقلاني ٢ / ٣٠٧، تهذيب الكمال - المزّي ٩ / ١٨٦، التاريخ الكبير - البخاري ٣ / ٣٢٤، المعجم الكبير - الطبراني ٣٢ / ٣٧٣، ذخائر العقبى - أحمد بن عبد الله الطبري / ١٤٨، نظم درر السمطين - الزّرندي الحنفي / ٢١٧.

(٣) سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٦.

(٤) تهذيب الكمال - المزّي ٩ / ١٨٦.

(٥) الأوّل : أبو سعيد الأشج، قال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب ١ / ٤٩٧ : عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ع وقال فيه الذهبي في تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٠١ : الأشج الإمام، شيخ الإسلام، أبو سعيد عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي، الحافظ، محدّث الكوفة، وصاحب التفسير والتصانيف ؛ حدّث عن هشيم، وأبي بكر بن عيّاش، وعبد الله بن إدريس، وعقبة بن خالد، وخلائق وعنه الجماعة، وابن خزيمة، وأبو يعلى، وزكريا السّاجي، وعمر البجيرى، وعبد الرحمن بن ابن حاتم =

١٦٩

____________________

= واُمم سواهم ذكره أبو حاتم فقال : هو إمام أهل زمانه وقال محمّد بن أحمد بن بلال الشطوى : ما رأيت أحداً أحفظ منه وقال النّسائي : صدوق، مات في ربيع الأوّل سنة سبع وخمسين ومئتين، وقد زاد على التسعين (رحمه‌الله ).

الثاني : أبو خالد الأحمر، قال فيه الذهبي في تذكرة الحفّاظ ١ / ٢٧٢ : أبو خالد الأحمر، الحافظ الصدوق، سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، ولد سنة أربع عشرة ومئة . وثّقه جماعة وقال أبو حاتم : صدوق قلتُ : هو من مشاهير المحدّثين، وغيره أثبت منه مات سنة تسع وثمانين ومئة ( رحمه‌ الله تعالى).

الثالث : رزين بن حبيب الجهني الرمّاني، ذكرناه، وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل ٣ / ٥٠٨ : رزين بن حبيب الجهني، بيّاع الرمّان، كوفي، ويُقال : القزاز، ويُقال : التمّار . حدّثنا عبد الرحمن، أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إليَّ، قال : نا الأثرم، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل سُئل عن رزين بيّاع الرمّان فقال : ثقة.

حدّثنا عبد الرحمن قال : ذكره أبي، عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين أنّه قال : رزين بيّاع الرمّان ثقة حدّثنا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن رزين هذا فقال : صالح الحديث ليس به بأس، هو أحبّ إليَّ من إسحاق بن خُليد مولى سعيد بن العاص.

وقال المزّي في تهذيب الكمال ٩ / ١٨٦ - وتعرّض لهذا الرواية أيضاً - : رزين بن حبيب الجهني، ويُقال : البكري الكوفي الرمّاني، ويُقال : التّمار، ويُقال : البزاز بيّاع الأنماط . قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين : رزين بيّاع الرمّان ثقة وقال أبو حاتم : صالح الحديث ليس به بأس، وهو أحبّ إليَّ من إسحاق بن خُليد مولى سعيد بن العاص.

ومنهم مَنْ فرّق بين رزين بيّاع الأنماط، يروي عن الأصبغ بن نباتة، ويروي عنه عيسى بن يونس، وبين رزين بن حبيب الجهني بيّاع الرمّان، ومنهم من جعلهما واحداً، فالله أعلم.

روى له الترمذي حديثا واحداً، وقد وقع لنا عالياً من روايته، أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري، وإبراهيم بن علي الواسطي، وأحمد بن إبراهيم بن عمر الفاروقي، قالوا : أخبرنا عمر بن كرم الدينوري ببغداد، قال : أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب السّجزي، قال : أخبرنا محمّد بن أبي مسعود الفارسي، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، قال : أخبرنا يحيى بن محمّد بن صاعد، قال : حدّثنا أبو سعيد الأشج، قال : حدّثنا أبو خالد الأحمر، قال : حدّثني رزين، قال : حدّثتني سلمى، قالت : دخلت على اُمّ سلمة (رضوان الله عليها) وهي تبكي فقلت : ما يبكيك ؟! =

١٧٠

ورواه الحاكم بطريق آخر قال :

أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمّد السّكوني بالكوفة، ثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا أبو خالد الأحمر، حدّثني زريق، حدّثني سلمان قال : دخلت على اُمِّ سلمة، وهي تبكي، فقلتُ : ما يُبكيك ؟! قالت : رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام يبكي، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟! قال : (( شهدتُ قتلَ الحُسين آنفاً ))(١) .

روى الإسفراييني قال : وعن ابن عبّاس قال : بينما أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عالياً من بيت اُمِّ سلمة، فخرجت أتوجه بقائدي إلى منزلها، وقد أقبل أهل المدينة إليها رجالاً ونساء، فقالت : يا بنات عبد المطلب، عدّدن وابكينّ معي ؛ فقد قُتِلَ الحُسين (عليه‌السلام ) - والله - سيِّدُكنَّ، وسيّدُ شباب أهل الجنّة فقلت لها : يا اُمَّ سلمة، مَنْ هو ؟ فقالت : الحُسين (عليه‌السلام ) فقلت لها : ومن أين علمت ؟! قالت : رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام مذعوراً، فسألته عن ذلك، فقال :

____________________

= قالت : رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلتُ : ما لك يا رسول الله ؟ قال : ((شهدتُ قتلَ الحُسين آنفاً )) رواه عن الأشج، وقال : غريب، فوافقناه فيه بعلو.

الرابع : سلمى البكريّة، ذكرها الذهبي في مَن له رواية في الكتب الستّة ٢ / ٥١٠ : سلمى البكريّة عن عائشة واُمّ سلمة، وعنها رزين الجهني (ت).

وقال عنها المزّي في تهذيب الكمال ٥٣ / ١٩٦ : سلمى البكريّة، من بكر بن وائل مولاة لهم، روت عن عائشة واُمّ سلمة (ت) زوجَي النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) روى عنها رزين الجهني (ت)، ويُقال : البكري روى لها الترمذي، وقد كتبنا حديثها في ترجمة رزين.

أقول : والذهبي ظاهره قبول روايتها ؛ حيث إنّه لمْ يتعرّض إلّا لرزين، وأمّا المزّي جعل رواية رزين عنها بعلو.

(١) مستدرك الحاكم النيسابوري ٤ / ١٩.

١٧١

(( قُتِلَ الحُسين (عليه‌السلام ) وأهل بيته، والسّاعة فرغت من دفنهم )) قالت اُم سلمة : فدخلت البيت وأنا لا أكاد أعقل، ونظرت فإذا تربة الحُسين (عليه‌السلام ) التي أتى بها جبريل من كربلاء إلى النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وقال له : إذا صارت مثل الدم، فاعلم أنّه علامة على قتل الحُسين (عليه‌السلام ) ؛ وقد نظرتُ إليها فوجدتها دماً عبيطاً(١) .

امرأةٌ صالحة ترى فاطمة الزهراء (عليها‌السلام ) وفي حجرها رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، وأمْرُها بمَن يبلّغ ابن أصدق لينوح على الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

روى ابن العديم قال : أنبأنا أحمد بن أزهر بن السبّاك، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي الأنصاري في كتابه، عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه أبي علي قال : حدّثني أبي، قال : خرج إلينا أبو الحسن الكرخي يوماً، فقال : تعرفون ببغداد رجلاً يقال له : ابن أصدق ؟ فلم يعرفه من أهل المجلس غيري، وقلتُ : أعرفه، فكيف سألت عنه ؟ قال : أيّ شيء يعمل ؟ قال : ينوح على الحُسين بن علي (عليه‌السلام ).

قال : فبكى أبو الحسن، وقال : عندي عجوز تزيّنني من أهل كرخ جدّان، يغلب على لسانها النبطيّة، ولا يمكنها أنْ تقيم كلمة عربيّة فضلاً عن أنْ تحفظ شعراً، وهي من صوالح النساء، وتكثر من الصلاة والصوم والتهجّد، وانتبهتْ البارحة في جوف الليل، ومنامها قريب من منامي، فصاحت : أبو الحسن أبو الحسن ! قلتُ : ما لك ؟! قالت : الحقني فجئتها ووجدتها ترعد، وقلتُ : ما أصابكِ ؟!

____________________

(١) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الإسفراييني / ٧٦، وفي ط ص٦٥.

١٧٢

قالت : رأيت في منامي، وقد صلّيت وردي ونمت، كأنّي في درب من دروب الكرخ، فيه حجرة محمرّة بالساج، مبيضّة بالأسفيداج، مفتوحة الباب، وعليها نساء وقوف، فقلت لهن : ما الخبر ؟! فأشاروا إلى داخل الدار، وإذا امرأة شابّة حسناء بارعة الجمال والكمال، وعليها ثياب بياض مرويّة، من فوقها إزار شديد البياض التفَّت به، وفي حجرها رأس يشخب دماً، ففزعتُ، وقالت : (( لا عليك، أنا فاطمة بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وهذا رأس الحُسين (عليه‌السلام ) . فقولي لابن أصدق حتّى ينوح :

لَمْ اُمرِّضْه فأسلوا

لا ولا كان مريضا ))(١)

وانتبهت مذعورة.

قال أبو الحسن : وقالت العجوز : اُمرّظه ( بالظاء ) ؛ لأنّها لا تتمكن من إقامة الضاد، فسكنت منها إلى أنْ عاودت نومها.

وقال أبو القاسم : ثمّ قال لي : مَع معرفتك بالرجل فقد حمّلتك الأمانة في هذه الرسالة فقلت : سمعاً وطاعة لأمر سيدة النساء (رضوان الله تعالى عليها).

قال : وكان هذا في شعبان، والناس في إذ ذاك يلقون أذىً شديداً وجهداً جهيداً من الحنابلة، وإذا أرادوا زيارة المشهد بالحائر خرجوا على استتار ومخافة، فلم أزل أتلطّف في الخروج حتّى تمكّنت منه، وحصلت في الحائر ليلة

____________________

(١) مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ٣ / ٢٢٠ :

أمالي المفيد النيشابوري : إنّ زر النائحة رأت فاطمة (عليها‌السلام ) فيما يرى النائم أنّها وقعت على قبر الحُسين تبكي، وأمرتها أنْ تنشد :

أيُّها العينانِ فيضا

واستهلّا لا تَغِيضا

وابكيا بالطفِّ مَيْتاً

تَرَكَ الصدرَ رضيضا

لم اُمرِّضْه قتيلاً

لا ولا كان مريضا

١٧٣

النصف من شعبان، وسألت عن ابن أصدق فُدللت عليه، ودعوته وحضرني، فقلت له : إنّ فاطمة تأمرك أنْ تنوح بالقصيدة التي فيها :

لمْ اُمرِّضْه فأسلوا

لا ولا كان مريضا

فانزعج من ذلك، وقصصت عليه وعلى مَنْ كان معه عندي الحديثَ، فأجهشوا بالبكاء، وناح بذلك طول ليلته.

وأوّل القصيدة :

أيُّها العينانِ فيضا

واستهلا لا تغيضا

وهذه الحكاية ذكرها غرس النّعمة أبو الحسن محمّد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم المعروف بابن الصابئ في كتاب الربيع، وذكر أنّ أباه الرئيس هلال بن المحسن ذكرها في كتاب المنامات من تأليفه، وقال : حدّث القاضي أبو علي التنوخي قال : حدّثني أبي - يعني أبا القاسم - وذكر الحكاية.

أنبأنا بذلك أبو محمّد عبد اللطيف بن يوسف بن علي، عن أبي الفتح محمّد بن عبد الباقي بن سلمان، عن أبي عبد الله الحميدي قال : أخبرنا غرس النّعمة وأبو الحسن الكرخي المذكور، هو من كبار أصحاب أبي حنيفة، وله من المصنّفات مختصر الكرخي في الفقه.

وقريب من هذه الحكاية ما قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين في تاريخه(١) .

أقول : ورجاله ثقات(٢) .

____________________

(١) بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦٥٤، نشوار المحاضرة / ٧٤٦، وله كتاب اسمه نشوان المحاضرة غير هذا، للقاضي التنوخي - نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

(٢) الأوّل : الكرخي، قال فيه الذهبي في ١٥ / ٤٢٦ : =

١٧٤

____________________

= الكرخي، الشيخ الإمام الزاهد، مفتي العراق، شيخ الحنفيّة، أبو الحسن عبيد الله بن الحُسين بن دلال البغدادي الكرخي الفقيه سمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، ومحمّد بن عبد الله الحضرمي، وطائفة حدّث عنه أبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، والقاضي عبد الله بن الأكفاني، والعلّامه أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، وأبو القاسم علي بن محمّد التنوخي، وآخرون.

انتهت إليه رئاسة المذهب، وانتشرت تلامذته في البلاد، واشتهر اسمه وبَعُدَ صيتُه، وكان من العلماء العبّاد ذا تهجّد وأوراد وتألّه، وصبر على الفقر والحاجة وزهد تام، ووقع في النفوس.

ومن كبار تلامذته أبو بكر الرازي المذكور وعاش ثمانين سنة.

الثاني : أبو القاسم علي بن محمّد التنوخي

ونذكر ما جاء فيه، وفي ابنه المحسن، وفي حفيده أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي جملة، قال القنوجي في أبجد العلوم ٣ / ٨٤ : القاضي التنوخي أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمّد صاحب كتاب الفرج بعد الشدّة، وله ديوان شعر جيد أكبر من ديوان أبيه، وكتاب نشوان المحاضرة، وكتاب المستجاد من فعلات الأجواد، نزل بغداد وأقام بها، وحدّث إلى حين وفاته.

كان سماعه صحيحاً، وكان أديباً شاعراً إخبارياً، تقلّد القضاء والأعمال من قبل الإمام المطيع لله، ولد بالبصرة وتوفي ببغداد، ذكره وأباه الثعالبي، ثمّ قال في حقّه : هلال ذلك القمر، وغصن هاتيك الشجر، والشاهد العدل بمجد أبيه وفضله، والفرع المشيد لأصله، النائب عنه في حياته، والقائم مقامه بعد وفاته.

وأمّا ولده أبو القاسم علي بن المحسن فكان أيضاً أديباً فاضلاً له شعر، صحب أبا العلاء المعرّي وأخذ عنه كثيراً، وهم أهل بيت كلّهم فضلاء أدباء ظرفاء ولد في منتصف شعبان سنة خمس وستّين وثلاثمئة بالبصرة، وتوفي مستهل المحرّم يوم الأحد سنة سبع وأربعين وأربعمئة، انتهى.

قال فيه البغدادي في تاريخه ١٢ / ٧٧ : . وكان يعرف الكلام في الاُصول على مذاهب المعتزلة، ويعرف النجوم وأحكامها معرفة ثاقبة، ويقول الشعر الجيّد، وله ديوان مجموع أنشدناه علي بن المحسن، عن أبيه، عنه.

ولي القضاء بالأهواز وسائر كورها، وتقلّد قضاء ايذج وجند حمص من قِبل المطيع لله، وحدّث ببغداد فروى عنه من أهلها أبو حفص بن الآجري، وأبو القاسم بن الثلاّج.

أخبرنا التنوخي، حدّثنا عمر بن أحمد بن محمّد بن هارون المقرئ، حدّثنا أبو القاسم علي بن =

١٧٥

____________________

= محمّد بن أبي الفهم التنوخي قاضي الأهواز قراءة عليه، وأقرّ به شيخاً حافظاً ثبتاً.

وذكر ابن حجر ما ذكره الخطيب في لسان الميزان ٤ / ٢٥٦، وفي ط ٥ / ٨٧ - ٨٨ قال : قال الخطيب : كان يعرف الكلام في الاُصول على مذهب المعتزلة، ويعرف النجوم وأحكامها معرفة ثاقبة، ويقول الشعر الجيّد، وله ديوان سمعناه من حفيده، عن أبيه ولي قضاء الأهواز وغيرها، روى عنه ابنه أبو علي المحسن، وأبو حفص بن الآجري، وقال : إنّه شيخ حافظ.

وقال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٩٩ : التنوخي القاضي العلّامه أبو القاسم علي بن محمّد بن أبي الفهم التنوخي الحنفي، مولده بأنطاكية، سمع أحمد بن خليد . والحسن بن أحمد بن حبيب صاحب مسدّد، وعمر بن أبي غيلان، وكان معتزلياً مناظراً، منجّماً شاعراً أديباً، ولي قضاء الأهواز، حدّث عنه ابنه المحسن، وأبو حفص الآجري، وأبو القاسم بن الثلاّج، وكان أحد الأذكياء حفظ ستمئة بيتٍ في يوم وليلة، وله تصانيف، وكان المطيع قد همّ بتوليته قضاء القضاة، ولمـّا توفّي بالبصرة وفّى عنه المهلّبي خمسين ألف درهم دَيناً، وقال ابنه : كان يحفظ للطائيّين ستمئة قصيدة، ويحفظ من النحو واللغة شيئاً عظيماً، ومن العقليات، ويجيب في أزيد من عشرين ألف حديث.

أقول : وكونه من أهل الغناء وشراب النّبيذ ليس بغريب في رجال أهل الخلاف ؛ إذ لا أثر له عندهم، وما أكثرهم !

الثالث : أبو علي المحسن بن علي التنوخي : قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٢٤ : التنوخي القاضي العلّامه، أبو علي المحسن بن علي بن محمّد بن أبي الفهم التنوخي البصري الأديب، صاحب التصانيف ولد بالبصرة - على ما قال - في سنة سبع وعشرين وثلاثمئة، وأوّل سماعه في سنة ثلاث وثلاثين.

سمع أبا العبّاس الأثرم، وأبا بكر الصولي، وابن داسة، وواهب بن محمّد صاحب نصر الجهضمي روى عنه ولده أبو القاسم علي، وكان إخبارياً متفنناً، شاعراً نديماً، ولي قضاء رامهرمز، وعسكر مكرم، وغير ذلك.

قال الخطيب : كان سماعه صحيحاً، توفّي في المحرّم سنة أربع وثمانين وثلاثمئة، بعد أبيه باثنتين وأربعين سنة، وأوّل مَن استعمله على القضاء القاضي أبو السّائب عتبة بن عبد الله، وذلك في سنة تسع وأربعين وثلاثمئة وله اثنتان وعشرون سنة، وله كتاب (الفرج بعد الشدّة)، وكتاب (النشوار) وغير ذلك عاش سبعاً وخمسين سنة =

١٧٦

____________________

= الرابع : أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي : قال فيه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ١١٥ : علي بن المحسن بن علي بن محمّد بن أبي الفهم أبو القاسم التنوخي، وقد ذكر نسب جدّه علي بن محمّد على الاستقصاء، وذكر لنا أنّ تنوخ - الذين ينتسبون إليه - اسم لعدّة قبائل، اجتمعوا قديماً بالبحرين وتحالفوا على التآزر والتناصر، وأقاموا هناك فسُمّوا تنوخاً.

سمع أبا القاسم عبد الله بن إبراهيم الزينبي، وعليَّ بن محمّد بن سعيد الرزّاز، وأبا الحسن بن كيسان، وأبا سعيد الحرفي، وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان، وأبا عبد الله العسكري، وعبيد الله بن محمّد الحوشبي، وإبراهيم بن أحمد الخرقي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وخلقاً كثيراً من طبقتهم، وممّن بعدهم كتبتُ عنه وسمعته، يقول : ولدت بالبصرة في النصف من شعبان سنة خمس وستّين وثلاثمئة، وأوّل سماعي في شعبان من سنة سبعين وثلاثمئة، وكان قد قُبِلَتْ شهادتُه، ثمّ الحكّام في حداثته، ولم يزل على ذلك مقبولاً إلى آخر عمره.

كان متحفّظاً في الشهادة، محتاطاً صدوقاً في الحديث، وتقلّد قضاء نواحٍ عدّة، منها المدائن وأعمالها، ودرزنجان والبردان وقرميسين، ومات في ليلة الإثنين الثاني من المحرّم سنة سبع وأربعين وأربعمئة، ودُفن يوم الإثنين في داره بدرب التل، وصُلّيت على جنازته

الخامس : أبو بكر محمّد بن عبد الباقي الأنصاري قاضي مارستان، قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٣ : قاضي المارستان الشيخ الإمام، العالم المتفنن، الفرضي العدل، مسند العصر، القاضي أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بن عبد الله بن شاعر النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأحد الثلاثة الذين خلفوا كعب بن مالك بن عمرو بن القين الخزرجي السلمي الأنصاري البغدادي النصري، من محلّة النصرية . إلخ.

وفي سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٥ أيضاً، قال : قال ابن الجوزي فيه : . وكان ثقة فهماً، ثبتاً حُجّة ومتفنناً . إلخ.

وقال فيه ملا علي القاري في شرح مسند أبي حنيفة / ١٠ : مسند له، جمعه الشيخ الإمام الثقة العدل أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد الأنصاري ( رحمه‌ الله تعالى).

السادس : أحمد بن أزهر، قال فيه ابن ماكولا في إكمال الكمال ٤ / ٢٤٥ : . أبو محمّد أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السبّاك، سمع عبد الوهاب الأنماطي، وأبا المعالي أحمد بن محمّد =

١٧٧

رؤيا الشيخ نصر الله أميرَ المؤمنين (عليه‌السلام )، وسؤاله وجوابه

قال ابن العديم، وابن خلكان، وعبد الحي الدمشقي، واللفظ للأوّل قال : وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمود بن هبة الله بن النّجار عنه، قال : حدّثني الشيخ نصر الله بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن - وكان من الثقاة الأمناء [ عند ] أهل السنّة - قال : رأيت في المنام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام )، فقلتُ : يا أمير المؤمنين، تفتحون مكّة فتقولون : (( مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن )) ثمّ يتم- على وَلدكَ

____________________

= ابن أحمد بن الحُسين المذاري، وأبا القاسم أحمد بن عبد الباقي بن قفرجل، وأبا حفص عمر بن عبد الله الحربي المقري، وله إجازة من القاضي أبي بكر والقزّاز وغيرهما، وسماعه صحيح وإجازاته، توفّي ليلة الجمعة ثامن شوال من سنة اثنتي عشرة وستمئة، ودُفن من الغد

السابع : ابن العديم، قال فيه إليان سركيس في معجم المطبوعات العربية ١ / ١٧١ : ابن العديم ( ٥٨٨ - ٦٦٠ ) كمال الدين أبو حفص، (أو) أبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله، الشهير بابن العديم الحلبي، والمعروف بابن أبي جرادة ؛ من أعيان أهل حلب وأفاضلهم، وبيت أبي جرادة بيت مشهور من أهل حلب ؛ اُدباء شعراء فقهاء، يتوارثون الفضل كابراً عن كابر، وتالياً عن غابر.

سمع من أبيه، ومن عمّه، ومن جماعة كثيرة بدمشق وحلب والقدس، والحجاز والعراق، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة، وكان محدّثاً فاضلاً، حافظاً مؤرّخاً، له تصانيفٌ رائقة، منها تاريخ حلب - أدركته المنيّة قبل إكمال تبييضه - وله كتاب الدراري، صنّفه للملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيّوب، وقدّمه له يوم ولد ولده الملك العزيز، وكان قد قدم مصر لمـّا جفل الناس من التتر، ثمّ عاد بعد خراب حلب، فلمّا نظر ما فعله التتر من خراب حلب وقتل أهلها بعد تلك العمارة، قال في ذاك قصيدة طويلة أوّلها :

هو الدهرُ ما تبنيه كفُّك يهدم

وإنْ رُمتَ إنصافاً لديهِ فتُظلَم

ثمّ عاد إلى القاهرة ومات بها، ودُفن بالقرافة.

وذكر فيه ابن نقطة، كما في هامش إكمال الكمال لابن ماكولا ٢ / ٧٣ : وأبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي العدل، سمع الحديث بها من جماعة، وسمع معنا بدمشق من القاضي أبي القاسم الحرستاني وغيره، وكان مليح الخطِّ، حَسَن القراءة، كريمَ الأخلاق، ثقة فاضلاً.

١٧٨

الحُسين يوم الطّف ما تَمَّ ؟! فقال لي عليٌّ (عليه‌السلام ) : (( أما سمعت أبيات الجمّال ابن الصيفي في هذا ؟ )) فقلتُ : لا فقال : (( اسمعها منه )) ثمّ استيقظت فباكرت إلى دار الحيص بيص، فخرج إليَّ، فذكرت له الرؤيا، فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله إنْ كانت خرجت من فمي أو خطّي إلى أحد، وإنْ كنت نظمتها إلّا في ليلتي هذه :

ملكنا فكان العفوُ منَّا سجيةً

فلمـَّا ملكتُمْ سال بالدمِ أبطحُ

وحلًّلتُم قتلَ الاُسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونصفحُ

ولا غروَ فيما بينَنا من تفاوتٍ

فكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ

وأخبرنا أبو الطليق معتوق بن أبي السعود البغدادي المقرئ، قال : أنشدني الوزير أبو غالب بن الحصين هذه الأبيات للحيص بيص(١) .

أقول : ورجاله ثقات(٢) .

____________________

(١) بغية الطلب في تاريخ حلب ٦ / ٢٦٥٦ و ٩ / ٤٢٦٦، وفيات الأعيان - ابن خلكان ٢ / ٣٦٤، شذرات الذهب - عبد الحي الدمشقي ٢ / ٢٤٧، جواهر المطالب - ابن الدمشقي الباعوني ٢ / ٣١٤ عن ابن خلّكان، وذكر خلاصة عبقات الأنوار - السيّد حامد النقوي ٨ / ٣٩٢، مرآة الجنان - حوادث / ٥٧٤، ريحانة الألباء ١ / ٤١٤ - ٤١٥، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

(٢) الأوّل : نصر الله بن مجلي، قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان ٢ / ٣٦٤ عندما نقل هذه الرؤية قال : إنّه من ثقات أهل السنّة، وما قاله ابن العديم هنا : وكان من الثقاة الاُمناء.

الثاني : محمّد بن محمود بن الحسن، قال فيه ابن كثير في البداية والنهاية ٣١ / ١٩٧ : ابن النّجار الحافظ، صاحب التاريخ، محمّد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن بن النّجار، أبو عبد الله البغدادي الحافظ الكبير، سمع الكثير، ورحل شرقاً وغرباً ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمئة . وكانت وفاته يوم الثلاثاء الخامس من شعبان من هذه السنة، وله من العمر خمس وسبعون سنة، وصُلّي عليه بالمدرسة النظاميّة، وشهد جنازته خلق كثير، وكان =

١٧٩

ورأيت في تاريخ ابن خلكان (رحمه‌الله ) قضية غريبة فأحببت ذكرها هاهنا، وهي : قال الشيخ نصر الله بن مجلي في (مشارف الخزانة الصلاحية) : فكّرت ليلةً وقد آويت إلى فراشي فيما عامل به آل (أبي) سفيان أهلَ بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وفي قضية الحُسين (عليه‌السلام ) وقتله وقتل أهل بيته (عليهم‌السلام )، وأسر بنات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وحملهم (إيّاهن) على الأقتاب سبايا، ووقوفهم على درج دمشق سبايا عرايا، فبكيت بكاءً شديداً، وأرقت، ثمّ نمت فرأيت أمير المؤمنين عليّاً (عليه‌السلام )، فحين رأيته بادرت إليه وقبّلت يديه وبكيت، فقال : (( ما يُبكيك ؟ )) فقلتُ : يا أمير المؤمنين،

____________________

= يُنادى حول جنازته : هذا حافظ حديث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، الذي كان ينفي الكذب عنه ولم يترك وارثاً، وكانت تركتُه عشرين ديناراً وثياب بدنه وأوصى أنْ يتصدّق بها، ووقف خزانتين من الكتب بالنظاميّة تساوي ألف دينار، فأمضى ذلك الخليفة المستعصم، وقد أثنى عليه الناس ورثوه بمراثٍ كثيرة، سردها ابن السّاعي في آخر ترجمته، انتهى.

راجع ما ذكر في حقّه من المدح في طبقات الحفّاظ ٢ / ٥٠٢، شذرات الذهب ٣ / ١٢٦، طبقات الشافعيّة ٢ / ١٢٤، العبر في أخبار مَن غبر ٥ / ١٨٠ وفي طبقات المحدّثين ١ / ٢٠٣ قال عنه : الحافظ الكبير.

الثالث : ابن العديم صاحب بغية الطلب في تاريخ حلب، ذكرنا ترجمته في المرأة الصالحة التي رأت فاطمة الزهراء (عليها‌السلام )، وهي الرواية السابقة.

وأمّا صاحب الأبيات وهو الحيص بيص، فقد قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢١ / ٦١ : الحيص بيص، الشاعر المشهور، الأمير شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمّد بن سعد بن صيفي التميمي، الأديب الفقيه الشافعي، سمع من أبي طالب الزينبي، وأبي المجد محمّد بن جهور، روى عنه القاضي بهاء الدين بن شدّاد، ومحمّد بن المني، وله ديوان وترسّل وبلاغة، وباعٌ في اللغة، ويدٌ في المناظرة، وكان يتحدّث بالعربية، ويلبس زي العرب مات في شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمئة.

١٨٠