مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٣

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 545

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 545
المشاهدات: 48734
تحميل: 4340


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 545 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48734 / تحميل: 4340
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تفتحون مكّة فتقولون : (( مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومَنْ أغلق عليه بابه فهو آمن، ومَنْ دخل المسجد فهو آمن )) ثمّ يُفعل بولدك الحُسين وأهل بيتك (عليهم‌السلام ) بالطّف ما فُعل ؟! فتبسّم (أمير المؤمنين) وقال : (( ألمْ تسمع أبيات ابن الصيفي (سعد بن محمّد) ؟ )) قلتُ : لا قال : (( اسمعها منه فهي الجواب )).

قال : فطالت ليلتي حتّى برق الفجر، فجئت باب ابن الصيفي فطرقت بابه فخرج إليَّ حاسراً حافي القدمين، وقال : ما الذي جاء بك هذه السّاعة ؟! فقصصت عليه قصّتي، فأجهش بالبكاء، وقال : والله، ما قلتُها إلّا ليلتي هذه، ولم يسمعها بشر (منِّي ثمّ أنشدني) :

ملكنا فكانَ العفّوُ منَّا سجيةً

فلمـَّا ملكتُم سال بالدمِ أبطحُ

وحلًّلتُم قتلَ الاُسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونصفحُ

وحسبُكم هذا التفاوتُ بيننا

فكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ(١)

رؤيا الشعبي نزولَ الملائكة بحراب تتبع قتلة الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، إسناده حسن

روى الطبراني، والهيثمي، واللفظ للأوّل قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا سلم بن جنادة، ثنا أحمد بن بشير، عن مجالد، عن الشعبي قال : رأيت في النوم كأنّ رجالاً نزلوا من السّماء معهم حراب يتتبعون قَتَلة الحُسين، فما لبثت أنْ نزل المختار فقتلهم(٢) .

قال الهيثمي : رواه الطبراني، وإسناده حسن(٣) .

____________________

(١) جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه‌السلام ) - ابن الدمشقي ٢ / ٣١٣.

(٢) المعجم الكبير - الطبراني ٣ / ١١٣، مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٦، وتقدّم في عقاب قتلة الحُسين (عليه‌السلام ).

(٣) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٦.

١٨١

رؤيا عامر البجَلي النّبيَّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في النوم، وأخبره بأنَّ الله كاد يسحت أهلَ الأرض بعذاب أليم .

روى ابن عساكر، والمزّي، واللفظ للأوّل قال : أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد الله، نا محمّد بن هارون، نا محمّد بن إسحاق، أنا العبّاس بن محمّد مولى بني هاشم، نا يحيى بن أبي بكير، نا علي - ويكنى أبا إسحاق -، عن عامر بن سعد البجلي قال : لمـَّا قُتل الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام، فقال : (( إنْ رأيت البرّاء بن عازب فاقرأه منِّي السّلام، وأخبره أنّ قَتَلة الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) في النّار، وإنْ كاد الله أنْ يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم )).

قال : فأتيت البرّاء فأخبرته، فقال : صدق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؛ قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ((مَنْ رآني في المنام فقد رآني حقّاً ؛ فإنّ الشيطان لا يتصوّر بي ))(١) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٥٨، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٤٤٥، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٤٦، وتقدّم في عقاب قتلة الحُسين (عليه‌السلام ).

وقد روت عنه الصحاح كصحيح البخاري ما رواه البرّاء بن عازب، قال البخاري في صحيح البخارى ٨ / ٧١ : حدّثنا معلّى بن أسد، حدّثنا عبد العزيز بن مختار، حدّثنا ثابت البناني، عن أنس (رضي‌الله‌عنه ) قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ((مَنْ رآني في المنام فقد رآني ؛ فإنّ الشيطان لا يتمثلّ بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءاً من النّبوة )).

وقال أيضاً في صحيح البخارى ٨ / ٧٢ : حدّثنا خالد بن خلي، حدّثنا محمّد بن حرب، حدّثني الزبيدي، عن الزهري، قال أبو سلمة : قال أبو قتادة (رضي‌الله‌عنه ) : قال النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( مَنْ رآني فقد رأى الحقَّ )).

تابعه يونس وابن أخي الزهري، حدّثنا عبد الله بن يوسف، حدّثنا الليث، حدّثني ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري، سمع النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول : (( مَنْ رآني فقد رأى الحقَّ ؛ فإنّ الشيطان لا يتكوّنني )) باب رؤيا الليل، رواه سمرة.

١٨٢

رؤيا رجل من قَتَلة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) النّبيَّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام، فأهوى بيده في عينه فاُعمي؛ لتكثيره سواد الأعداء

روى ابن عساكر وابن العديم، وابن الجوزي وابن حجر الهيتمي، والقندوزي وابن منظور، وابن المغازلي، والخطيب البغدادي والحضرمي، واللفظ للأوّل قال : . نا عبد الرحمن بن أبي حمّاد، عن ثابت بن إسماعيل، عن أبي النضر الجرمي قال : رأيت رجلاً سمج العمى، فسألته عن سبب ذهاب بصره، فقال : كنتُ ممّن حضر عسكر عمر بن سعد، فلمـَّا جاء الليل رقدت، فرأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام بين يديه طست فيها دمٌ وريشة في الدم، وهو يُؤتى بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الريشة فيخطّ بها بين أعينهم، فاُتِيَ بي فقلت : يا رسول الله، والله، ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( أفلم تُكْثِّر عدوَّنا )) فأدخل إصبعه في الدم السّبابة والوسطى وأهوى بهما إلى عيني، فأصبحت وقد ذهب بصري(١) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٥٩، ترجمة الإمام الحُسين - ابن عساكر / ٤٤٨، بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦٤٢، تذكرة الخواصّ - ابن الجوزي / ٢٨١، الصواعق المحرقة - ابن حجر الهيتمي / ٢٩٧ ط دار الكتب العلميّة، ينابيع المودّة - القندوزي ٣ / ٢٤، وذكره جماعة من القوم : منهم العلّامه ابن منظور الإفريقي في (مختصر تاريخ مدينة دمشق ٧ / ١٥٢ ط دمشق) إحقاق الحقِّ ٢٧ / ٣٤٠، ومنهم العلّامه ابن المغازلي في (المناقب / ٤٠٥ ط الإسلاميّة بطهران ) إحقاق الحقِّ ١٩ / ٣٨٨، ومنهم العلّامه الشيخ أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي في (تلخيص المتشابه في الرسم ط دمشق ) إحقاق الحقِّ ٢٧ / ٣٤٥، ومنهم العلّامه الحضرمي في (رشفة الصادي / ٢٩١ ط الغري) إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٥٤.

١٨٣

رؤيا اُخرى لرجل من قَتَلة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) للنّبيِّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وعاقبه لتكثيره سواد الأعداء، وتسعة معه

روى الخوارزمي وابن الجوزي، وابن حجر الهيتمي والقندوزي، والبدخشي والحُسيني الشافعي، والشبلنجي والصبّان والنّبهاني، واللفظ للأوّل قال : وقال ابن رماح : لقيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحُسين (عليه‌السلام )، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره، فقال : إنّي كنتُ شهدت قتله عاشر عشرة، غير أنّي لمْ أضرب ولمْ أطعن ولمْ أرمِ، فلمـَّا قُتل رجعت إلى منزلي فصلّيت العشاء الآخرة ونمت، فأتاني آتٍ في منامي وقال لي : أجبْ رسول الله.

فإذا النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) جالس في الصحراء، حاسراً عن ذراعيه أخذ بحربة، ونطعٌ بين يديه، ومَلَكٌ قائم لديه في يده سيف من نار يقتل أصحابي، فكلَّما ضرب رجلاً منهم ضربة التهبت نفسه ناراً، فدنوت من النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وجثوت بين يديه، وقلت : السلام عليك يا رسول الله، فلم يرد عليَّ، ومكث طويلاً مطرقاً، ثمّ رفع رأسه وقال لي : (( يا عبد الله، انتهكتَ حرمتي، وقتلتَ عترتي، ولمْ ترعَ حقِّي، وفعلت وفعلت ؟! )) فقلتُ له : يا رسول الله، والله، ما ضربت سيفاً ولا طعنت رمحاً ولا رميت سهماً فقال : (( صدقت، ولكنَّك كثّرت السّواد، ادنُ منِّي )) فدنوت منه، فإذا طست مملوء دماً، فقال : (( هذا دم- ولدي الحُسين (عليه‌السلام ) )) فكحلّني منه، فانتبهت ولا أبصر شيئاً حتّى السّاعة(١) .

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ١١٧ - ١١٨، تذكرة الخواصّ / ٢٩١ من إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٥٢، الصواعق المحرقة - ابن حجر الهيتمي / ٢٩٦ - ٢٩٧ موجزاً، ط دار الكتب العلميّة، ينابيع المودّة - القندوزي ٣ / ٢٣ موجزاً، وذكره جماعة من القوم، منهم العلّامه المحدّث الحافظ الميرزا محمّد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي، المتوفّى أوائل القرن الثاني عشر في كتابه (مفتاح النجا في مناقب آل العبا / ١٥١ المخطوط) إحقاق الحقِّ ١٩ / ٣٨٤، ومنهم العلّامه الشيخ أحمد بن محمّد بن أحمد الحافي [ الخوافي ] الحُسيني الشافعي في (التبر المذاب / ٩٩ نسخة مكتبتنا العامة بقم) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٢٧ / ٣٤٤،

١٨٤

ثم قال (الخوارزمي) : وأورد هذا الحديث مجد الأئمّة السرخسكي، ورواه عن أبي عبد الله الحداد عن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنّه قال : يُحكى عن عبد الله بن رماح القاضي . وساق الحديث إلى أن قال : وكلمـَّا قتلهم عادوا أحياءً، فيقتلهم مرّة اُخرى.

وقال : (( صدقت، ولكنْ يا عدوَّ الله لمْ ترعَ حقَّ نبوتي )) وباقي الحديث يقرب بعضه من بعض في اللفظ والمعنى، ولقد لقي بنو الحسن والحُسين من عتاة بني العبّاس ما لقي آباؤهم من طغاة بني اُميّة(١) .

رؤيا رجل من قَتَلة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) النّبيَّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) . حتّى سقاه القطران

روى محدّث الشام ابن عساكر، والألكائي، واللفظ للأوّل قال : أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا البنا في كتابيهم، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سياوش الكازروني، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ، قال : قُرئ على أبي بكر محمّد بن القاسم بن يسار الأنباري النحوي، وأنا حاضر، نا أبو بكر موسى بن إسحاق الأنصاري، نا هارون بن حاتم أبو بشر، نا عبد الرحمن بن أبي حمّاد، نا الفضل ابن الزبير، قال : كنت جالساً عند شخص، فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته

____________________

= ومنهم العلّامه سبط ابن الجوزي في (التذكرة / ٢٩١ ط الغري) إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٥٢، ومنهم العلّامه السيّد مؤمن الحُسيني الشبلنجي في (نور الأبصار / ١٢٣ ط مصر) إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٥٢، ومنهم العلّامه الشيخ محمّد الصبّان في (إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار / ١٩٢ الطبع المذكور) إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٥٢، ومنهم العلّامه يوسف بن إسماعيل النّبهاني المتولّد ١٢٦٥، والمتوفّى ١٣٥٠ ه- في (جامع كرامات الأولياء ١ / ١٣١ ط مصطفى البابي وشركاه بمصر) إحقاق الحقِّ ٣٣ / ٦٣٨.

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ١١٨.

١٨٥

رائحة القطران، فقال له : يا هذا، أتبيع القطران ؟ قال : ما بعته قط قال : فما هذه الرائحة ؟ قال : كنتُ ممّن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلمـَّا جَنَّ عليَّ الليل رقدتُ، فرأيت في نومي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ومعه عليٌّ (عليه‌السلام )، وعليٌّ (عليه‌السلام ) يسقي القتلى من أصحاب الحُسين (عليه‌السلام )، فقلت له : اسقني فأبى، فقلتُ : يا رسول الله، مره يسقيني فقال : (( ألستَ ممّن عاون علينا ؟ )) فقلتُ : يا رسول الله، والله، ما ضربتُ بسيفٍ ولا طعنت برمحٍ ولا رميت بسهمٍ، ولكنِّي كنت أبيعهم أوتاد الحديد فقال : (( يا علي، اسقه )) فناولني قعباً مملوءاً قطراناً، فشربت منه قطراناً، ولم أزل أبول القطران أيّاماً، ثمّ انقطع ذلك البول عنِّي وبقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي : يا عبد الله، كُلْ مِنْ بُرِّ العراق، واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمّداً (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أبداً(١) .

ورواه الخوارزمي بسند آخر قال : وحدّثنا عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي (إملاءً)، حدّثنا الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن محمّد البلالي، حدّثنا السيّد الإمام المرتضى أبو الحسن محمّد بن محمّد الحُسيني الحسني، أخبرنا الحسن بن محمّد الفارسي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عيسى، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن منصور المرادي المصري، حدّثنا عيسى ابن زيد بن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال : قال الحسن البصري : كان يجالسنا شيخ نصيب منه ريحَ

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٥٨، كرامات الأولياء - هبة الله الطبري الألكائي ١ / ١٣٨ - ١٣٩، ترجمة الإمام الحُسين / ٤٤٧، مقتل الخوارزمي بسند آخر عن الحسن البصري في الفصل الثاني عشر ٢ / ١١٦ - ١١٧.

١٨٦

القطران، فسألناه عن ذلك، فقال : إنّي كنتُ في مَنْ منع الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) عن الماء، فرأيت في منامي كأنّ الناس قد حُشروا، فعطشت عطشاً شديداً، فطلبت الماء، فإذا النّبي وعلي وفاطمة والحسن والحُسين (عليهم‌السلام ) على الحوض، فاستسقيت من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال : (( اسقوه )) فلمْ يسقني أحد، فقال ثانياً فلمْ يسقني أحد، فقال ثالثاً، فقيل : يا رسول الله، إنّه ممّن منع الحُسين (عليه‌السلام ) الماء فقال : (( اسقوه قطراناً )) فأصبحت أبول القطران، ولا آكل طعاماً إلّا وجدت منه رائحة القطران، ولا أذوق شراباً إلّا صار في فمي قطراناً(١) .

رؤيا زوجة شمر بن ذي الجوشن (عليه لعائن الله) فاطمةَ وخديجةَ (صلوات الله عليهنّ)

روى العلّامه الحافي، أو الخوافي الشافعي قال : قال الواقدي : لمـَّا حمل الشمرُ رأسَ الحُسين (عليه‌السلام ) جعله في مخلاة وذهب به إلى منزله، فوضعه على التراب، وجعل عليه إجانة، فخرجت امرأته فرأت نوراً ساطعاً عند الرأس إلى عنان السّماء، فجاءت إلى الإجانة فسمعت أنيناً تحتها، فجاءت إلى شمر فقالت : رأيت كذا وكذا ! فأيُّ شيء تحت الإجانة ؟ قال : رأس خارجي قتلته، واُريد [ أن ] أذهب به إلى يزيد ليعطيني عليه مالاً كثيراً.

قالت : ومَنْ يكون ؟ قال : الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) فصاحت وخرّت مغشيّة، فلمـَّا أفاقت قالت : يا شرَّ المجوس، أما خفت من إله الأرض والسّماء ؟! ثمّ خرجت من عنده باكية، ورفعت الرأس وقبّلته ووضعته في حجرها، ودعت نساءً يساعدنها بالبكاء، وقالت : لعن الله قاتلك.

فلمـَّا جنَّ الليل غلب عليها النوم، فرأت كأنّ الحائط قد انشق نصفين، وغشي البيت نور، وجاءت سحابة فإذا فيها امرأتان، فأخذتا

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي، في الفصل الثاني عشر ٢ / ١١٧.

١٨٧

الرأس وبكتا، فسألت عنهما فقيل : إنّهما خديجة وفاطمة.

ثمّ رأت رجالاً وفي وسطهم إنسانٌ وجه كالقمر ليلة تمّه، فسألت عنه، فقيل : محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وعن يمينه حمزة وجعفر وأصحابه، فبكوا وقبّلوا الرأس، ثمّ جاءت خديجة وفاطمة إلى امرأة الشمر وقالتا لها : (( تمنّي ما شئتِ ؛ فإنّ لك عندنا منّة ويداً بما فعلت، فإنْ أردت أن تكوني من رفقائنا في الجنّة فأصلحي أمرك فإنا منتظرون )).

فانتبهت من النوم ورأس الحُسين (عليه‌السلام ) في حجرها، فجاء الشمر لطلب الرأس فلم تدفعه إليه، وقالت له : يا عدوَّ الله، طلّقني فإنّك يهودي والله، لا أكون معك أبداً فطلّقها فقالت : والله، لا أدفع إليك هذا الرأس أو تقتلني، فضربها ضربة كانت منيتها فيها وعجَّل الله بروحها إلى الجنّة(١) .

رؤيا جارية يزيد . وأمره لها بسبِّ الإمام عليٍّ (عليه‌السلام ) وبنيه حتّى قتلها

روى أبو إسحاق الإسفراييني قال : قال الشهروزي : فبينما نحن واقفون عند يزيد، وإذا بامرأة لمْ أرَ أحسن منها وهي ترفل في أذيالها، ولمْ تزل مقبلة حتّى دخلت على يزيد، وقالت له : ما هذا الرأس ؟ قال : رأس الحُسين فقالت له : والله، يعزُّ على جدِّه وأبيه واُمِّه وأهله والله، لقد رأيت السّاعة - وأنا نائمة - كأنّ أبواب السّماء قد فُتِحَتْ، وهبط منها خمسة ملوكٍ بأيديهم كلاليب من نار، وهم يقولون : قد أمرنا الله الجبّار بحرق هذه الدار فالتفت يزيد إليها، وقال : ويلكِ ! أنت في ملكي ونعمتي وتقولين هذا الكلام ! والله، لأقتلنَّك شرَّ قتلة.

____________________

(١) التبر المذاب - العلّامه الحافي أو الخوافي الشافعي / ١٠١ نقلاً عن إحقاق الحقِّ - للسيد المرعشي ٢٧ / ٣٤٢.

١٨٨

فقالت : وما الذي ينجّني من ذلك ؟ قال : ترقين المنبر وتسبّين عليًّا وأولاده فقالت : أفعل ذلك فأمر بجمع الناس فجُمعت، وقال لها : قومي ارقي المنبر وافعلي ما أمرتُك به فقامت على قدميها ورقت المنبر، وقالت : يا معشر الإنس، اعلموا أنّ يزيد يأمرني أنْ أسبَّ عليّاً وأولاده، وهو السّاقي على الحوض، ولواء الحمد بيده، وولداه سيِّدا شباب أهل الجنّة.

ألا فاسمعوا(١) ما أقول لكم : ألا لعنة الله ولعنة اللاعنين على يزيد، وعلى كلِّ ساعٍ في قتل الحُسين (عليه‌السلام )، وصلوات الله على عليٍّ وأولاده وشيعتهم (عليهم‌السلام ) منذ خلق الله الدُّنيا إلى يوم القيامة، عليها أَحيا وعليها أموتُ وعليها اُبعثُ إنْ شاء الله فغضب يزيد من كلامها وقال : مَنْ يكفيني شرَّها ؟ فقال رجل من النصارى : أنا أكفيك شرَّها فقام وضربها بسيفه فماتت (رحمها الله)(٢) .

رؤيا حارس رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، وما جرى من نزول الأنبياء (عليهم‌السلام )، والملائكة .

قال إبراهيم البيهقي : وقُتِلَ الحُسين وجميع مَن معه (رحمهم‌الله )، وحُمِلَ رأسُه إلى عبيد الله بن زياد، فوضِعَ بين يديه على ترس، فبعث به إلى يزيد، فأمر بغسله وجعله في حريرة، وضرب عليه خيمة ووكّل به خمسين رجلاً.

فقال واحد منهم : نمتُ وأنا مفكّر في يزيد وقتله الحُسين (عليه‌السلام )، فبينا أنا كذلك إذ رأيت سحابة خضراء فيها نور قد أضاءت ما بين الخافقين، وسمعت صهيل الخيل، ومنادياً ينادي : يا أحمد، اهبط فهبط رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

____________________

(١) وفي نسخة : بدون ( ألا ).

(٢) نور العين في مشهد الحُسين - الإسفراييني / ٦٦ - ٦٧، وفي ط ص ٥٧.

١٨٩

ومعه جماعة من الأنبياء والملائكة، فدخل الخيمة وأخذ الرأس، فجعل يقبّله ويبكي ويضمّه إلى صدره، ثمّ التفت إلى مَنْ معه فقال : (( انظروا إلى ما كان من اُمّتي في ولدي، ما بالهم لمْ يحفظوا فيه وصيّتي، ولمْ يعرفوا حقّي ! لا أنالهم الله شفاعتي )).

قال : وإذا بعدّة من الملائكة يقولون : يا محمّد، الله تبارك وتعالى يُقرئك السّلام، وقد أمرنا بأنْ نسمع لك ونطيع، فمرنا أنْ نقلب البلاد عليهم فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( خلّوا عن اُمّتي ؛ فإنّ لهم بلغةً وأمداً )) قالوا : يا محمّد، إنّ الله (جلّ ذكره) أمرنا أنْ نقتل هؤلاء النفر فقال : (( دونكم وما اُمرتم به )).

قال : فرأيت كلَّ واحد منهم قد رمى كلَّ واحد منّا بحربة، فقُتِلَ القوم في مضاجعهم غيري، فإنّي صحت : يا محمّد فقال : (( وأنت مستيقظ ؟ )) قلتُ : نعم قال : (( خلّوا عنه، يعيش فقيراً ويموت مذموماً )) فلمـَّا أصبحت دخلت على يزيد وهو منكسرٌ مهموم، فحدّثته بما رأيت فقال : امضِ على وجهك، وتبْ إلى ربِّك(١) .

قال أبو إسحاق الإسفراييني : (ويروى) عن أحمد البابي، عن الأعمش قال : التجأتُ إلى البيت الحرام، فبينما أنا أطوف وإذا برجل في الطواف يقول : اللهمَّ، اغفرْ لي ولا تؤاخذني بفعلي لأنّي مقهور من يزيد فقلت له : يا عبد الله، ما لي أراك في مثل هذا المكان تقول هذا الكلام، وأنت في محلٍّ يغفر الله لمـّنْ دخله، ومَنْ دخله كان آمن ؟!

قال : فقصّتي عجيبة فقلت : أخبرني بها فقال : دعني فقلتُ : اُقسم عليك بالله العظيم أنْ تُخْبرَني فقال : أقسمتَ عليَّ بقَسم عظيم، فخذ بيدي فأخذت بيده فإذا هو أعمى، ثمّ خرجنا إلى شعب من شعاب مكّة وجلسنا فيه، فقال لي : أيُّ شعب هذا ؟ فقلت : هذا شعب

____________________

(١) المحاسن والمساوئ - إبراهيم البيهقي / ١٢٧، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

١٩٠

علي المرتضى (عليه‌السلام ) فقال : والله، ما أجلس في شعب والد رجل كنتُ في قتل ولده فنهضت وأخذتُ بيده، وخرجنا إلى الأبطح وجلسنا هناك، فقال لي : مَنْ أنت ؟ فقلت : أنا سليمان بن مهران الأعمش فقال لي : اعلم أنّي كنت من أصحاب يزيد، وكنت من جلسائه، فلمـَّا أتى برأس الحُسين (عليه‌السلام ) أمر بوضعها في طشت من اللجين فوضعت، ثمّ وُضعت الطشت بما فيها بين يديه، فجعل ينكت ثناياه بقضيب كان بيده، ويقول : اشتفيت فيك وفي أبيك، غير أنّ أباك خرج على أبي بأهل العراق فظفر به، ثمّ إنّ أهل العراق خدعوك وأخرجوك فظفرت بك، فالحمد لله الذي مكّنّي منك.

ولم يزل على هذا الحال مدّة من الأيام، فلمـَّا عظم ذلك على الناس خشي على نفسه فجمعهم، وقال : يا قوم، أتظنون أنّي قتلت الحُسين ؟ فوالله، ما قتله إلّا عاملي ابن زياد ثمّ دعا برأس الحُسين فغسلها وطيّبها وجعلها في صندوق وغلق عليه، وقال : دعوها في قصري واجعلوا حولها السرادق وقصد بذلك كف ألسنة الناس عنه، ثمّ جعل خارج السرادق خمسين رجلاً ووكّلني بهم، وكان إذا أتى الليل يرسل لهم طعاماً وخمراً، فيأكل أصحابي ويشربون وأنا لم آكل ولم أشرب، ثمّ ينامون ولمْ أنم ؛ حزناً على الحُسين (عليه‌السلام ) فبينما أنا ذات ليلة قد استلقيت على ظهري، وأنا متفكّر في ذلك، وإذا بسحابة عظيمة سمعت فيها دويّاً كدويِّ النحل، وإذا بخفقان أجنحة الملائكة حتّى نزلوا إلى الأرض، ورأيت مَلَكاً عظيماً قد نزل وبيده بسطٌ مكللة بالدر والياقوت ففرشها، ثمّ نزل خمسة ملائكة وبأيديهم كراسي من النور فوضعوها على البسط، ثمّ نادى منادٍ : انزل يا آدم يا أبا البشر فإذا برجل من أبهج الرجال وجهاً وأكثرهم هيبة، وعليه حلّة من حلل الجنّة، وقد نزل من الهواء، وأقبل على الرأس وسلَّم عليه، وقال : عشت سعيداً، وقُتِلْتَ شهيداً عطشانَ حتّى ألحقك الله بنا غفر الله لك يا بُني ولا غفر لقاتلك، والويل له غداً من النّار ثمّ

١٩١

جلس على كرسي من تلك الكراسي.

ثم جاءت سحابةٌ اُخرى أعظم من الاُولى، فسمعت فيها خفقان أجنحة الملائكة حتّى نزلت إلى الأرض، ثمّ نادى منادٍ : انزل يا نوح يا نبي الله فنزل وإذا هو رجل تعلوه سمرة، وهو أحسن الناس هيبة، وعليه حلّة من حلل الجنّة، فأقبل حتّى وقف على الرأس، وقال مقالة آدم (عليه‌السلام ) وجلس على كرسي من تلك الكراسي ثمّ جاءت سحابةٌ عظيمة، فسمعت فيها خفقان أجنحة الملائكة حتّى نزلوا إلى الأرض، ثمّ نادى منادٍ : انزل يا موسى يا كليم الله فنزل وأقبل على الرأس، وقال مقالة نوح (عليه‌السلام )، وجلس على كرسي من تلك الكراسي ثمّ جاءت سحابةٌ عظيمة، فسمعت فيها خفقان أجنحة الملائكة حتّى نزلوا إلى الأرض، ثمّ نادى منادٍ : انزل يا عيسى فنزل وإذا هو رجل حسن الوجه تعلوه شقرة، وعليه حلّة من حلل الجنّة، فأقبل على الرأس، وقال مقالة موسى، ثمّ جلس على كرسي من تلك الكراسي ثمّ جاءت سحابةٌ أعظم من تلك السحائب، ولها دويٌّ كدويِّ الرعد القاصف، وسمعت فيها خفقان أجنحة الملائكة حتّى نزلت إلى الأرض، ثمّ نادى منادٍ : انزل يا أبا القاسم، يا أوَّل يا آخر، يا ماحي ياعاقب، يا حاشر يا طاهر، يا مزّمل يا مدّثر، يا طه يا أحمد، انزل يا محمّد فنزل المصطفى (عليه الصلاة والسّلام)، وعليه حلل من حلل الجنّة، وعن يمينه صفٌّ من الملائكة لا يحصيهم إلّا الله، وعن يساره عليّ المرتضى، وولده الحسن، وفاطمة الزهراء (عليهم‌السلام )، فأقبل النّبيُّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على الرأس الشريف وأخذه وضمّه إلى صدره، وبكى بكاءً شديداً، وقال : (( يا حبيبي يا حُسين، عشت سعيداً، وقُتلت شهيداً عطشان حتّى ألحقك الله بنا غفر الله لك يا بُني ولا غفر لقاتلك، والويل له غداً من النّار)).

ثمّ دفعه إلى عليٍّ المرتضى (عليه‌السلام )، فأخذه وضمّه إلى صدره، وبكى بكاءً شديداً، وقال مقالة النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ثمّ دفعه إلى فاطمة الزهراء (عليها‌السلام )، فأخذته وضمّته إلى صدرها، وبكت بكاءً شديداً، وقالت

١٩٢

مقالة علي (عليه‌السلام )، ثمّ دفعته إلى الحسن (عليه‌السلام )، فأخذه وضمّه إلى صدره، وبكى بكاءً شديداً وقال مقالة فاطمة (رضي‌ الله‌ عنه م أجمعين).

ثمّ إنّ آدم (عليه‌السلام ) أقبل على النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقال له : السّلام عليك أيُّها الولد الصالح، عظّم الله أجرك، وقوَّى صبرَك، وأحسن الله عزاءك ثمّ أقبل نوح (عليه‌السلام ) وقال مقالته، ثمّ أقبل موسى (عليه‌السلام ) وقال مقالته، ثمّ أقبل عيسى وقال مقالته، ثمّ قال لهم النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( يا آدم، ويا نوح، ويا موسى، ويا عيسى، اشهدوا على ما ترَون من فعل هؤلاء القوم بأولادي )) ثمّ بكى.

فبينما هو كذلك إذ أقبل الملك الموكّل بالسّماء الدُّنيا، وقال : السّلام عليك أيُّها النّبي الكريم، اعلم أنّ الله أمرني بالطاعة لك ؛ فإنْ أمرتني أنْ أهلك القوم جميعاً أطبقت عليهم السّماوات حتّى لا يبقى منهم أحدٌ ؛ جزاءً بما فعلوا فقال له النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( مهلاً )) وإذا بملك ثانٍ وبيده حربة عظيمة، ولها شعبة بالمشرق وشعبة بالمغرب، وقال : السّلام عليك أيُّها النّبي الكريم، قد قطّع قلبي بكاؤك، اعلم أنّي أنا الملك الموكّل بالبحار، واعلم أنّ الله أمرني بالطاعة لك ؛ فإنْ أمرتني أنْ أهلك هؤلاء القوم أطبقت عليهم البحار ؛ جزاءً بما فعلوا فقال له : (( مهلاً )).

وإذا بنور قد ملأ ما بين السّماء والأرض، وإذا الملائكة قد أحاطت به، وقالوا : يا محمّد، العليُّ الأعلى يُقرئك السّلام، ويخصّك بالتحية والإكرام، ويقول لك : اخفض صوتك، فقد بكى لبكائك أهل السّماوات، وقد أرسلنا إليك الله نمتثل أمرك فقال : (( مِنَ الله بدء السّلام، وإليه يعود السّلام، فمَنْ أنتم ؟ )) فقال أحدهم : إنّي ملك الشمس، إنْ أمرتني أنْ أحرقهم فعلت وقال الآخر : أنا ملك الجبال، إنْ أمرتني أنْ أطبق عليهم الجبال فعلت فقال لهم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( جزاكم الله تعالى خيراً، دعوهم إنّ لهم موقفاً أكون أنا وإيّاهم فيه بين يدي الله (عزَّ وجل)، فيحكم بيننا

١٩٣

بالحقِّ وهو أحكم الحاكمين )) فعند ذلك قال جميع مَنْ حضر من الأنبياء والملائكة : جزاك الله خيراً - يا محمّد - عن اُمّتك، ما أرحمك بهم وأرأفك عليهم !

وهذا كلّه يا سليمان رأيته بعيني وسمعته باُذني، وأنا يقضان بحالة الصحة الكاملة، وما ذكرته لأحد غيرك، بل أصبحت هارباً من الدُّنيا، خائفاً وجلاً من الله (عزَّ وجل) لصحبتي ليزيد، وأنا على البكاء والنحيب حتّى ذهبت عيناي، وما أدري ما عاقبة أمري ؛ إنْ كان الله تعالى يمنُّ عليَّ من فضله ويغفر لي أمْ يؤاخذني فعند ذلك بكى سُليمان، وقال : لعلَّ الله تعالى يمنُّ عليك بفضله ثمّ مشى معه إلى أنْ أتوا الطواف على حالتهم الاُولى، وصار الرجل يدعو بدعائه الأوَّل(١) .

رؤيا مَنْ أحسن لرأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) . وبشارة النّبيِّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) له

قال الزّرندي الحنفي، والهيتمي، واللفظ للأوّل : وروي الحسن البصري أنّ سليمان بن عبد الملك رأى النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المنام يلاطفه ويُبشّره، فلمـَّا أصبح سليمان سأل الحسن عن ذلك، فقال له الحسن : لعلك صنعت إلى أهل بيت النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) معروفاً قال : نعم، وجدتُ رأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) في خزانة يزيد، فكسوته خمسة أثواب وصلّيت عليه مع جماعة من أصحابي وقبرته فقال له الحسن : إنّ رضى النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عنك بسبب ذلك فأمر سليمان للحسن بجائزة سنيّة(٢) .

____________________

(١) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الإسفراييني / ٧٧ - ٨١.

(٢) نظم درر السمطين - الزّرندي الحنفي / ٢٢٦، الصواعق المحرقة - الهيتمي / ١٩٩.

١٩٤

رؤيا هند (زوجة الملعون يزيد) نزولَ الملائكة (عليهم‌السلام )، والنّبيِّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأهلِ البيت (عليهم‌السلام ) يُسلّمون على رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، وما جرى بينها وبين يزيد (لعنه الله)

وفي نور العين قال الإسفراييني : قالت هند زوجة يزيد : لمـَّا أخذت مضجعي تلك الليلة رأيتُ في منامي كأنّ أبواب السّماء قد فُتحت، والملائكة بأجمعهم قد نزلوا، وهم يدخلون إلى الرأس ويقولون : السّلام عليك يا أبا عبد الله فبينما أنا كذلك إذ نظرت إلى سحابة قد نزلت من السّماء وفيها رجال [ كُثر ]، وبينهما رجل قمري اللون، فأقبل حتّى دنا من رأس الحُسين (عليه‌السلام ) وانكبّ عليه، وهو يقول : (( السّلام عليك، يا ولدي قتلوكَ ومِنْ شرب الماء منعوك ! أتراهم ما عرفوك ؟! أنا جدّك المصطفى، وهذا أبوك عليّ المرتضى (عليه‌السلام )، وهذا أخوك الحسن (عليه‌السلام )، وهذا عمّك جعفر (عليه‌السلام ) )) وهكذا إلى آخرهم، فعند ذلك ارتعتُ فانتبهتُ من نومي، وطلبتُ زوجي فوجدته في مكان مظلم، وعلى وجهه بيديه يلطم، ويقول : ما لي وللحسين !

فقلت له : اسكت حتّى أخبرك بما رأيت فسكت، ثمّ قصصت عليه الرؤيا وهو منكس رأسه، فلمـَّا استتمّت خرج ودعا بعليٍّ وإخوته، وقال لهم : أيُّهما أحبّ إليكم ؛ المقام عندي ولكم الجائزة، أمْ المسير إلى مكّة والمدينة ؟

فقالوا : يا يزيد، نحن فارقنا الحُسين (عليه‌السلام )، وعبيد الله بن زياد لمْ يمكنَّا من البكاء والنحيب فأمر بإخلاء دارٍ لهم فقعدوا فيها، وعدّدوا البكاء والنوح ليلاً ونهاراً، ولمْ يبقَ في دمشق قرشيّة ولا هاشميّة إلّا وشدّت الأوساط، وأقاموا على ذلك أسبوعاً.

ثمّ دعاهم وعرض عليهم المسير فأجابوا لذلك، فعند ذلك قُدّمت لهم المحامل على الجمال، واُحضرت لهم الرحال، وذلك بعد أنْ أعطاهم الثياب الفاخرة، ثمّ أحضر لهم مالاً جزيلاً، وقال : يا زينب، خُذي هذا المال عوضاً عن

١٩٥

مصيبتكم فقالت : يا ويلك ! ما أقلّ حياءك وأصلب وجهك ! تقتل أخي وتقول خذوا عوضه مالاً ! فلمـَّا أبَتْ دعا بقائدٍ من قوّاده وضمَّ إليه ألف فارس، وأمره أنْ يسير بهم إلى المدينة أو إلى أيِّ مكان شاؤوا، وأنْ يقضي لهم جميع ما يلزم، ثمّ حشا الرأس بالمسك والكافور وسلَّمها لهم، فأخذوه وساروا إلى كربلاء، ودفنوها مع الجسد الشريف(١) .

مَنْ رأى في اليقظة الإمامَ الحُسين (عليه‌السلام ) في مشهد الرأس في مصر

قال الشبلنجي : ومن ذلك أيضاً ما أخبر به العلّامه الشيخ فتح الدين أبو الفتح الغمري الشافعي : أنّه كان يتردّد إلى الزيارة غالباً، فجلس يوماً يقرأ الفاتحة ودعاءً، فلمـَّا وصل في الدعاء إلى قوله : واجعل ثواباً مثل ذلك، فأراد أنْ يقول : في صحائف سيدنا الحُسين (عليه‌السلام ) ساكن هذا الرمس، فحصلت له حالة، فنظر فيها إلى شخص جالس على الضريح وقع عنده أنّه السيّد الحُسين (رضي‌الله‌عنه )، فقال : في صحائف هذا وأشار بيده إليه، فلمـَّا أتمّ الدعاء ذهب إلى الشيخ الجليل الشيخ عبد الوهاب الشعراني (رضي‌الله‌عنه ) فأخبره بذلك، فقال له الشيخ : صدقت، وأنا وقع لي مثل ذلك ثمّ ذهب إلى الشيخ كريم الدين الخلوتي (رضي‌الله‌عنه ) فأخبره بذلك، فقال الشيخ كريم الدين : صدقت، وأنا ما زرت هذا المكان إلّا بإذنٍ من النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(٢) .

____________________

(١) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الإسفراييني / ٧٢.

(٢) نور الأبصار - للشبلنجي / ١٢٤ ط مصر نقلاً عن إحقاق الحقِّ، وفي ط ص٢٧١.

١٩٦

رجلٌ عميتْ عينه فرأى النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) . حتّى شفي ببركة الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

قال الشبراوي في ذكر كرامات زيارة الحُسين (عليه‌السلام ) : إنّ رجلاً يُقال له : شمس الدين القعويني كان ساكناً بالقرب من المشهد، وكان معلّم الكسوة الشريفة، حصل له ضرر في عينيه فكُفَّ بصره، وكان كلّ يوم إذا صلّى الصبح في مشهد الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) يقف على باب الضريح الشريف ويقول : يا سيدي، أنا جارك قد كُفَّ بصري، وأطلب من الله بواسطتك أنْ يردَّ عليَّ ولو عيناً واحدة.

فبينما هو نائم ذات ليلة إذ رأى جماعة أتوا إلى المشهد الشريف، فسأل عنهم، فقيل له : هذا النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والصحابة معه جاؤوا لزيارة السيّد الحُسين (رضي‌الله‌عنه )، فدخل معهم ثمّ قال ما كان يقوله في اليقظة، فالتفت الحُسين (عليه‌السلام ) إلى جدِّه (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وذكر له ذلك على سبيل الشفاعة عنده في الرجل، فقال النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) للإمام عليٍّ : (( يا علي كحّله )) فقال : (( سمعاً وطاعة)).

وأبرز من يده مكحلة ومرود، وقال له : (( تقدّم حتّى اُكحّلك )) فتقدّم فلوّث المرود ووضعه في عينه اليمنى، فأحسّ بحرقان عظيم، فصرخ صرخة عظيمة فاستيقظ منها، وهو يجد حرارة الكحل في عينه، ففُتحت عينه اليمنى فصار ينظر بها إلى أنْ مات، وهذا الذي كان يطلبه فاصطنع هذه البسط التي تُفرش في مشهد الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) وكتب عليها وقفاً، ولم تزل تُفرش حتّى تولّى مصرَ الوزيرُ المعظّم محمّد باشا الشريف من طرف حضرة مولانا السّلطان محمّد خان (نصره الله)، فجدّد بُسطاً اُخرى وهي التي تُفرش إلى الآن(١) .

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف - الشبراوي / ٨٤، مطبعة أمير - قم.

١٩٧

رؤيا رسول فاطمة الزهراء (عليها‌السلام ) للنائح أحمد المورّق، وطلبها منه أن يرثي الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) بقصيدة الناشي

ذكره ابن حجر العسقلاني في ترجمة الناشي الصغير، قال : علي بن عبد الله بن وصيف الناشي الصغير أبو الحسن الحلاّء ( بالمهملة المفتوحة وتشديد اللام )، كان عالماً بالأدب، قيِّماً في علم الكلام، شيعيّاً جلداً، أكثر شعره في مدح أهل البيت (عليهم‌السلام ).

روى عن المبرّد وابن المعتز وغيرهما، وحدّث عنه أبو عبد الله الخالع، وأبو الحُسين بن فارس، وأبو بكر بن زرعة الهمداني، وعبد الواحد بن أحمد العبري، وعبد السّلام بن الحُسين البصري اللغوي، وغيرهم، وكان يذكر أنّه رأى ابن الرومي الشاعر مراراً ولم يأخذ عنه، وأنّ جدَّه كان عطّاراً، وأنّه نشأ معه في دكّانه (وكان يُعرف بالحياء) ؛ لأنّه كان يعمل الصفر ويخدمه، وله فيه صنعة بديعة، ولقى ثعلباً وتشاغل بالحرفة عن السّماع منه.

قال الخالع : وكان مولده سنة إحدى وسبعين ومئتين، وكان عالي الطبقة في المجون، ملازماً لحصبة الأحداث، لم يتزّوج قط وذُكِر أنّه دخل على الراضي فقال له : أنت الناشي الرافضي ؟ [ قال ] : بل الشيعي قال : أيُّ الشيعة ؟ [ قال ] : شيعة بني هشام قال : هذا خبث حيلة [ قال ] : مع طهارة مولد فسمع مدحه وأجازه.

قال : وكان جهوري الصوت، عمَّر نيفاً وتسعين سنة لم تضطرب أسنانه، وقد ناظر الرمّاني فقطعه، فدخل عليهما علي بن كعب الأنصاري المعتزلي فقال : في أيِّ شيء أنتم ؟ قال له الناشي : في ثيابنا فقال : دع مجونك وقلها عسى أنْ أقدح فيها قال : كيف تقدح وحرافك رطب ؟!

وسمع جزاراً يقول : أين مَنْ حلف أنْ لا يغبن ؟ فقال له : كأنّك تريد أنّه يحنث.

وقال الخالع : دخل رجل شعث - سنة ست وأربعين - عليه مرقعة، معه سطحية وركوة، ومعه عكاز، فسلَّم وقال بصوت مرتفع : أنا رسول فاطمة الزهراء.

١٩٨

فقالوا له : مرحباً وأهلاً فقال : رأيت مولاتنا في النوم، فقالت لي : (( امضِ إلى بغداد، واطلب أحمد المورّق الناسخ، وقل له : نِحْ على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه :

بني أحمدٍ قلبي لكُمْ يتقطَّعُ

بمثلِ مصابي فيكُم ليس يُسْمَعُ))

فسمعه الناشي - وكان حٍاضراً - فلطم لطماً عظيماً على وجهه، وتبعه الناس، فناحوا بهذه القصيدة إلى الظهر، وجهد بالرجل أنْ يقبل شيئاً فامتنع، ومن هذه القصيدة قوله :

عَجِبْتُ لكم يُفْنون قتلاً مشِيْعَكُمْ

ويسطو عليكُمْ مَنْ لكُم كان يخضعُ

كأنّ رسولَ اللهِ أوصى بقتلِكُمْ

فأجسامكمْ مِن كلِّ أرضٍ تُزرَّعُ(١)

وقال الخالع : رأيتُ في النوم عبد العزيز الشطرنجي في النوم، وكان يكثر زيارة مشهد الحُسين (عليه‌السلام )، فقال لي : اُريد أنْ تقوم فتكتب قصيدة الناشي البائيّة ؛ فإننا قد نحنا بها البارحة في المشهد.

قال : أوّلها :

رجائي بعيدٌ والمماتُ قريبُ

ويُخْطِئُ ظنّي والمنونُ تصيبُ

قال : فقمتُ فتوجهت إلى الناشي، فقلت له : هات البائيّة(٢) حتّى أكتبها فقال : مِنْ أين علمت ؟

____________________

(١) وفي ط : فأجسامكم في كلِّ أرض تُوزّعُ قال العلّامه الشيخ الأميني (قدس‌سره ) في الغدير ٤ / ٣١ : ومن هذه القصيدة، وهي بضعة عشر بيتاً أوَّل هذه القصيدة :

بني أحمدٍ قلبي لكم يتقطَّعُ

بمثلِ مصابي فيكُم ليس يُسْمَعُ

فما بقعةٌ في الأرضِ شرقاً ومغرباً

وليس لكُمْ فيها قتيلٌ ومَصْرَعُ

ظُلِمْتم وُقتّلتُمْ وقُسِّمَ فيئُكُمْ

وضاقتْ بكم أرضٌ فلم يحمِ موضعُ

جسومٌ على البوغاءِ تُرمى وأرؤسٌ

على أرؤسِ اللّدنِ الذوابلِ تُرْفَعُ

تَوَارون لم تأوِ فراشاً جنوبُكُمْ

ويُسْلِمني طيبُ الهجوعِ فأهجعُ

(٢) الغدير - الشيخ الأميني ٤ / ٣١ : .

رجائي بعيدٌ والمماتُ قريبُ

ويُخْطِئُ ظنّي والمنونُ تصيبُ

١٩٩

فحدّثته بالمنام، فبكى وقام فأخرجها لي.

قال ياقوت في معجم الاُدباء : مات الناشئ في صفر سنة خمس وستّين وثلاثمئة، وأرّخه ابن النجّار عن أبي الصابي وغيره سنة ستّ وستّين، وأنه مات فجأة(١) .

رؤيا حمزة الزيّات النّبيَّ محمّداً (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأباه النّبيَّ إبراهيم (عليه‌السلام ) يُصلّيان على قبر الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

روى الشريف أبو المعالي البغدادي قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن عبد الله الفقيه، نبأ محمّد بن أحمد الحافظ، نبأ محمّد بن عمر الحافظ، نبأ محمّد بن حسين، نبأ يحيى بن محمّد بن بشير، نبأ أبو بكر بن عيّاش، عن حمزة الزيّات قال : رأيت النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في النوم وإبراهيم الخليل (عليه‌السلام ) يُصلّيان

____________________

= وقال الشيخ الأميني (قدس‌سره ) : ومن البائيّة في المديح قوله :

اُناسٌ علوا أعلى المعالي مِنْ العُلا

فليس لهم في الفاضلين ضريبُ

إذا انتسبوا جازوا التناهي لمجدِهمْ

فما لَهُم في العالمينَ نسيبُ

هُم البحرُ أضحى دُرُّه وعبابُهُ

فليس له من منتفيهِ رسوبُ

تسيرُ به فُلْكُ النجاةِ وماؤُها

لشرابهِ عذبُ المذاقِ شروبُ

هو البحرُ يُغني مَنْ غدا في جوارِهِ

وساحلُه سهلُ المجالِ رحيبُ

هُم سببٌ بينَ العبادِ وربِّهم

محبُّهُم في الحشرِ ليس يخيبُ

حووا علمَ ما قد كان أو هو كائنٌ

وكلُّ رشادٍ يحتويه طلوبُ

وقد حفظوا كلَّ العلومِ بأسرِها

وكلّ بديعٍ يحتويه غيوبُ

هُم حسناتُ العالمين بفضلِهِمْ

وهم للأعادي في المعادِ ذنوبُ

وجمع العلّامه السّماوي شعر الناشي في أهل البيت (عليهم‌السلام ) يربو على ثلاثمئة بيتاً.

(١) لسان الميزان - ابن حجر ٤ / ٢٣٨ - ٢٣٩.

٢٠٠