مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٣

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 545

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 545
المشاهدات: 48682
تحميل: 4324


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 545 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48682 / تحميل: 4324
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على قبر الحُسين بن علي(١) .

رؤيا ابن الفرزدق أباه، وإخباره بأنّ الله غفر له بزيارة الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

قال ابن العديم : وقال ابن المأمون : حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري، قال : حدّثنا أبي، قال : حدّثنا أبو سعيد الغاضري، قال : حدّثنا أبو عثمّان المازني، قال : حدّثنا الأصمعي، عن أعين بن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال : رأيت أبي في النوم بعد موته، فقلتُ له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي بقصدي الحُسين (عليه‌السلام )، وسلامي عليه(٢) .

____________________

(١) عيون الأخبار في مناقب الأخيار - الشريف أبو المعالي المرتضى الحُسيني البغدادي / ٥٠ نسخة مكتبة الفاتيكان نقلاً عن إحقاق الحقِّ ٢٧ / ٤٣٠.

(٢) بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦١٤، وذكر الرواية السّابقة على هذا إلى ابن المأمون بهذا السند، قال : أنبأنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي الدوامي، قال : أخبرنا القاضي محمّد بن عمر بن يوسف الأرموي، قال : أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون

٢٠١

٢٠٢

الفصل العاشر

فيما يتعلق برأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

٢٠٣

٢٠٤

فيما يتعلّق برأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

أوّلُ رأسٍ رُفع على خشبة

روى الطبري قال : قال الحارث : قال ابن سعد : أخبرنا محمّد بن عمر، قال : أخبرنا عطاء بن مسلم، عمن أخبره، عن عاصم ابن أبي النّجود، عن زر بن حبيش قال : أوَّل رأس رُفع على خشبة رأس الحُسين (عليه‌السلام )، وصلّى الله على روحه(١) .

وروى الطبري أيضاً قال : وقال محمّد بن عمر عن أبي معشر : قُتِلَ الحُسين (عليه‌السلام ) لعشر خلون من المحرّم قال الواقدي : وهذا الثبت قال محمّد بن عمرو : حدّثنا عطاء بن مسلم أخبرهعن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال : أوَّل رأس رفع على خشبة رأس الحُسين (عليه‌السلام )(٢) .

وروى ابن العديم قال : حدّثنا محمود قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن داود قال : حدّثني محمّد بن سعد قال : حدّثني الواقدي قال : حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن السّلمي، عن الشعبي قال : أوَّل رأس حُمِلَ في الإسلام على خشبة رأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام )(٣) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣٠١.

(٢) المنتخب من ذيل المذيل - الطبري / ٢٥.

(٣) بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦٤٦.

٢٠٥

سطوعُ النور من مكان رأسه (عليه‌السلام ) إلى عنان السّماء(١) ، وإسلام الراهب بسببه، وصيرورة الدنانير خزفاً

روى ابن حبّان والقندوزي واللفظ للأوّل قال : ثمّ أنفذ عُبيد الله بن زياد رأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) إلى الشام، مع اُسارى النّساء والصبيان من أهل بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على أقتاب، مكشّفات الوجوه والشعور، فكانوا إذا نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من الصندوق وجعلوه في رمح وحرسوه إلى وقت الرحيل، ثمّ اُعيد الرأس إلى الصندوق ورحلوا، فبينما هم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب، فأخرجوا الرأس على عادتهم وجعلوه في الرمح وأسندوا الرمح إلى الدير، فرأى الديراني بالليل نوراً ساطعاً من ديره إلى السّماء، فأشرف على القوم وقال لهم : مَنْ أنتم ؟ قالوا : نحن أهل الشام قال : وهذا رأسُ مَنْ هو ؟ قالوا : رأس الحُسين بن علي.

قال : بئس القوم أنتم ! والله، لو كان لعيسى ولدٌ لأدخلناه أحداقنا ثمّ قال : يا قوم، عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبي، وأبي من أبيه، فهل لكم أنْ تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة واُعطيكم هذه العشرة آلاف دينار ؟ قالوا : بلى فأحضر إليهم الدنانير، فجاؤوا بالنقّاد ووُزنت الدنانير ونُقّدت، ثمّ جُعِلَت في جراب وخُتِمَ عليه، ثمّ اُدْخِلَ الصندوق وشالوا إليه الرأس، فغسله الديراني ووضعه على فخذه، وجعل يبكي الليل كلّه عليه، فلمـَّا أنْ أسفر عليه الصبح قال : يا رأس، لا أملك إلّا نفسي، وأنا أشهد أنْ لا إله إلّا الله، وأنّ جدَّك رسولُ الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فأسلم النصراني وصار مولى للحُسين (عليه‌السلام ).

____________________

(١) تقدّم في أوَّل فصل أحداث الكوفة سطوع النور من رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) برواية الطبري وابن كثير، وأيضاً في العنوان الذي بعده : (فيما فعله شمر بزوجته لمـَّا منعته من أخذ الرأس الشريف).

٢٠٦

ثمّ أحضر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا، فلمـَّا قربوا من دمشق قالوا : نحبُّ أنْ نُقسّم تلك الدنانير ؛ لأنّ يزيد إنْ رآها أخذها منَّا، ففتحوا الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه، فإذا الدنانير كلُّها قد تحوّلت خزفاً، وإذا على جانب من الجانبين من السّكة مكتوب :( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمونَ ) (١) وعلى الجانب الآخر :( وَسَيَعْلَم الَّذِينَ ظَلَموا أَيَّ منقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (٢) قالوا : قد افتضحنا والله ثمّ رموها في (بَردى) نهر لهم، فمنهم مَنْ تاب مِنْ ذلك الفعل لِما رأى، ومنهم مَنْ بقى على إصراره، وكان رئيس مَنْ بقى على ذلك الإصرار سنان بن أنس النخعي ثمّ أركب الاُسارى من أهل بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من النّساء والصبيان أقتاباً يابسة، مكشّفات الشعور، واُدخلوا دمشق كذلك، فلمـَّا وضع الرأسُ بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيّته بقضيب كان في يده، ويقول : ما أحسن ثناياه !

قد ذكرت كيفية هذه القصة . في أيام بني اُميّة وبني العبّاس في كتاب الخلفاء، فأغنى عن إعادة مثلها في هذا الكتاب ؛ لاقتصارنا على ذكر الخلفاء الراشدين منهم في أوَّل هذا الكتاب(٣) .

ورواه ابن الجوزي وابن حجر، وأبو بكر الحضرمي والقندوزي، واللفظ للأوّل قال : ذكر عبد الملك بن هاشم في كتاب (السّيرة) : أنبأنا القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي بن أبي المعالي بن الحبّار السعدي في جمادى الاُولى سنة تسع وستمئة بالديار المصرية (قراءة عليه ونحن نسمع)، قال : أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي في جمادى الاُولى

____________________

(١) سورة إبراهيم / ٤٢.

(٢) سورة الشعراء / ٢٢٧.

(٣) الثقات - ابن حبان ٢ / ٣١٢ - ٣١٣، ينابيع المودّة - القندوزي ٣ / ٢٩ بإيجاز.

٢٠٧

سنة خمس وخمسين وخمسمئة، قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمّد عبد الرحمن بن عمر بن سعيد النّحاس النحيي، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد بن زنجويه البغدادي، أنبأنا أبو سعيد عبد الرحيم بن عبد الله البرقي، أنبأنا أبو محمّد عبد الملك بن هشام النحوي البصري، قال : لـمَّا أنفذ ابن زياد رأس الحُسين (عليه‌السلام ) إلى يزيد بن معاوية مع الاُسارى موثّقين في الحبال، منهم نساء وصبيان وصبيّات من بنات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على أقتاب الجمال موثّقين، مكشّفات الوجوه والرؤوس، وكُلَّما نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من صندوق أعدّوه له، فوضعوه على رمح وحرسوه طول الليل إلى وقت الرحيل، ثمّ يعيدونه إلى الصندوق ويرحلون، فنزلوا بعض المنازل، وفي ذلك المنزل دير فيه راهب، فأخرجوا الرأس على عادتهم ووضعوه على الرمح وحرسه الحرس على عادتهم، وأسندوا الرمح إلى الدير، فلمـَّا كان في نصف الليل رأى الراهب نوراً من مكان الرأس إلى عنان السّماء، فأشرف على القوم وقال : مَنْ أنتم ؟ قالوا : نحن أصحاب ابن زياد قال : وهذا رأس مَنْ ؟ قالوا : رأس الحُسين بن علي بن أبي طالب، ابن فاطمة بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال : نبيِّكم ؟ قالوا : نعم قال : بئس القوم أنتم ! لو كان للمسيح ولدٌ لأسكنّاه أحداقنا.

ثمّ قال : هل لكم في شيء ؟ قالوا : وما هو ؟ قال : عندي عشره آلاف دينار تأخذوها وتعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة، وإذا رحلتم تأخذوه قالوا : وما يضرّنا ! فناولوه الرأس وناولهم الدنانير، فأخذه الراهب فغسله وطيّبه، وتركه على فخذه وقعد يبكي الليل كلّه، فلمَّـا أسفر الصبح قال : يا رأس، لا أملك إلّا نفسي، وأنا أشهد أنْ لا إله إلّا الله، وأنّ جدَّك

٢٠٨

محمّداً رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، واُشهدُ الله أنني مولاك وعبدك ثمّ خرج عن الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت (عليهم‌السلام ).

قال ابن هشام في السّيرة : ثمّ إنّهم أخذوا الرأس وساروا، فلمـَّا قربوا من دمشق قال بعضهم لبعض : تعالوا حتّى نقسّم الدنانير لا يراها يزيد فيأخذها منَّا فأخذوا الأكياس وفتحوها وإذا الدنانير قد تحوَّلت خزفاً، وعلى أحد جانبي الدينار مكتوب :( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمونَ ) (١) وعلى الجانب الآخر :( وَسَيَعْلَم الَّذِينَ ظَلَموا أَيَّ منقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (٢) . فرموها في بَرَدى(٣) .

الرأسُ الشريف ينطق بأذن الله تعالى

عن المنهال بن عمرو يسمع الرأس يقرأ من سورة الكهف

روى ابن عساكر، وابن منظور، وعبد الرؤوف المناوي، وصاحب إسعاف الراغبين، والشبلنجي، والصالحي الشامي، والسّيوطي، والطحطاوي، واللفظ للأوّل قال : أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتّاني، نا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن الفضيل الكلاعي، وأبو عبد الله محمّد بن يعقوب الطائي الحمصيان قال : أنا أبو عبد الله بن خالويه النحوي، نا أبو الحُسين بن مخزوم الحافظ، حدّثني محمّد بن علي بن العبّاس الصيرفي، نا أحمد بن محمّد بن سليمان القاضي، عن عبد الله بن زاهر الرازي، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو قال : أنا والله، رأيت

____________________

(١) سورة إبراهيم / ٤٢.

(٢) سورة الشعراء / ٢٢٧.

(٣) تذكرة الخواصّ / ٢٣٦ ط منشورات الشريف الرضي، الصواعق المحرقة / ١١٩، كتاب رشفة الصادي - العلّامه أبو بكر الحضرمي / ١٦٣ رواه عن التذكرة بإيجاز، ينابيع المودّة - القندوزي / ٣٢٥، رواه عن الصواعق المحرقة وبَرَدى : نهر بدمشق مخرجه من الزبداني.

٢٠٩

رأس الحُسين بن علي حين حُمل - وأنا بدمشق - وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتّى بلغ قوله تعالى :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ) (١) قال : فأنطق الله الرأس بلسان ذرب، فقال : (( أعجبُ من أصحاب الكهف قتلي وحملي ))(٢) .

____________________

(١) سورة الكهف / ٩.

(٢) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٦٠ / ٣٧٠، مختصر تاريخ مدينة دمشق - اابن منظور ٢٥ / ٣٧٤، الكواكب الدرّيّة - عبد الرؤوف المناوري ١ / ٥٧، إسعاف الراغبين المطبوع في هامش نور الأبصار / ١٢٥، نور الأبصار - الشبلنجي / ١٢٥، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٧٦، الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٧، المنحة الوهبيّة - الطحطاوي / ٣٤، وذكر شواهد كثيرة على تكلّم [ الرأس ] بعد الموت، وذكر مَن اُحي بعد القتل فيض القدير - المناوي ١ / ٢٦٥، وقال : وقال ابن عساكر : إسناده مجهول.

أقول : لم أرَ هذا القول لابن عساكر، نعم ذكر هذه الرواية في ترجمة المنهال بن عمرو، وذكر مَنْ وثّقه ومَنْ ضعّفه ومَنْ قال عنه : سيء المذهب ؛ فإنْ كان سبب كون الإسناد مجهولاً هو المنهال بن عمرو فهو عند بعضهم معروف بالوثاقة كما ذكر ابن عساكر في تاريخه ٦٠ / ٣٧١ - ٣٧٢، فقال : أنا أبو طاهر، أنا علي قال : أنا ابن أبي حاتم قال : ذكره أبي عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين أنّه قال : أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن عبد الملك، أنا ابن السقّاء، نا الأصم، نا عبّاس قال : سمعت يحيى يقول : المنهال بن عمرو ثقة.

قال : وسمعت يحيى يقول : قد روى شعبة عن المنهال بن عمرو، وروى شعبة عن منصور عن المنهال، أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو عبد الله البلخي قالا : أنا أبو الحُسين بن الطيوري وثابت بن بندار قالا : أنا أبو عبد الله الحُسين بن جعفر، وابن عمِّه أبو نصر محمّد بن الحسن قالا : أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي قال : المنهال بن عمرو كوفي ثقة.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل وغيره في كتبهم عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ قال : قلت للدارقطني: فالمنهال بن عمرو ؟ فقال : صدوق.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو بكر محمّد بن المظفر، أنا أبو الحسن العتيقي، أنا يوسف بن أحمد، أنا أبو جعفر العقيلي، نا عبد الله بن أحمد قال : سمعت أبي يقول : أبو بِشْر أحبُّ إليَّ من المنهال بن عمرو قلتُ له : أحبُّ إليك من المنهال ؟ قال : نعم [ حباً ] شديداً ؛ أبو بشر أوثق، إلّا أنّ المنهال أسنّ تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٦٠ / ٣٧١ - ٣٧٢.

٢١٠

زيدُ بن أرقم يسمع الرأس الشريف يقرأ من سورة الكهف

قال البدخشي : وروي عن زيد بن أرقم (رضي‌الله‌عنه ) أنّه قال : مرَّ به عليَّ وهو على رمح وأنا في غرفة، فلمـَّا حاذاني سمعته يقرأ :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ) (١) فوقف والله، شعري، وناديت : رأسك، والله يابن رسول الله، وأمرك أعجب وأعجب!(٢)

وذكرها أيضاً الإسفراييني : أمر ابن زياد أنْ يطوف القوم برأس الحُسين (عليه‌السلام )، ويشهروه بالكوفة، فحملوه على رمح وطافوا به قال زيد بن أرقم : مرَّ عليَّ برأس الحُسين (عليه‌السلام ) - وهو على رمح طويل - فلمَّا دنا منِّي سمعته يقول :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ) (٣) فرفعت صوتي وناديت : رأسك أعجب يابن بنت رسول الله !

ثمّ بكى وجعل يقول :

رأسُ الحُسين ابنِ النبيِّ محمّد

للناظرينَ على قناةٍ تُرفعُ

والمسلمون بمنظرٍ وبمسمعٍ

لا منكرٌ منهم ولا متفجِّعُ

____________________

(١) سورة الكهف / ٩.

(٢) مفتاح النجا في مناقب آل العبا / ١٤٥ ( المخطوط ) للبدخشي - نقلاً عن إحقاق الحقِّ ١١ / ٤٥٢.

(٣) سورة الكهف / ٩.

٢١١

كُحِلَّتْ بمنظرِك العيونُ عمايةً

وأصمَّ شأنُك كلَّ اُذْنٍ تسمعُ

أيقظتَ أجفاناً وكنتَ لها كرىً

وأنمتَ عيناً لم تكنْ تتهجَّعُ

ما روضةٌ إلّا نَمَتْ ثمارُها

ما حفرةٌ إلّا وفيها مضجعُ(١)

أقول : قد تقدّم في فصل الأخبار الغيبيّة عن الشهادة الحُسينيّة، نطق رأس النّبي يحيى (عليه‌السلام ).

وأيضاً ورد في رأس سعيد بن جبير (رضوان الله عليه)، قال الذهبي : وعن خلف بن خليفة، عن أبيه قال : شهدت مقتل سعيد (رحمه‌الله )، فلمـَّا بانَ رأسه قال : لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، ولمْ يتم الثلاثة(٢) .

وقال ابن سعد : أخبرنا مالك بن إسماعيل قال : سمعت خلف بن خليفة يذكر عن رجل قال: لـمَّـا قُتِلَ سعيد بن جبير (رحمه‌الله )، فندر رأسه هلَّل ثلاثاً، مرةً يفصح بها وفي الثنتين يقول مثل ذلك فلا يفصح بها(٣) .

وقد ذكر الطحطاوي في (المنحة الوهبيّة) شواهد كثيرة على تكلُّم الموتى، وذكر أيضاً مَنْ عادت له الحياة بعد القتل(٤) .

الرأسُ الشريف يقرأ الآية :( فَسَيَكْفِيكَهُم اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم )

روى ابن عساكر قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلم ( لفظاً )، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد وأبو الليث أسد بن القاسم الحلبي قالا : أنا الفضل بن جعفر بن محمّد

____________________

(١) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الإسفراييني / ٥٩ - ٦٠.

(٢) سير أعلام النبلاء - الذهبي ٤ / ٣٣٤، حلية الأولياء - الإصبهاني ٤ / ٢٩١.

(٣) الطبقات الكبرى - ابن سعد ٦ / ٢٧٥ وفي ط ص٢٦٥، سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٤٠.

(٤) المنحة الوهبيّة - الطحطاوي / ٣٤.

٢١٢

التميمي المؤذّن، نا أبو الحسن محمّد بن أحمد العسقلاني (بطبرية)، نا علي بن هارون الأنصاري، نا محمّد بن أحمد المصري، نا صالح، نا معاذ بن أسد الحراني، نا الفضل بن موسى الشيباني، نا الأعمش، نا سلمة بن كهيل قال : رأيت رأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) على القنا وهو يقول :( فَسَيَكْفِيكَهُم اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ) (١) .

قال الفضل بن جعفر : فقلت لأبي الحسن العسقلاني : الله إنّك سمعته من علي بن هارون ؟ قال : الله إنّي سمعته منه قال تمام وأسد : قلنا للفضل بن جعفر : الله إنّك سمعته من أبي الحسن العسقلاني ؟ قال : الله إنّي سمعته منه قال عبد العزيز : قلت لتمام وأسد : الله إنّكما سمعتماه من الفضل بن جعفر ؟ قالا : الله إننا سمعناه منه قال أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، قلت لعبد العزيز : الله إنّك سمعته من تمام وأسد ؟ قال : الله إنّي سمعته منهما قلنا للفقيه أبي الحسن : الله إنّك سمعته من عبد العزيز ؟ قال : الله إنّي سمعته منه رواه الميداني عن الفضل، وقال معاذ بن أسد الخراساني : وهو الصواب(٢) .

رأسُ الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) يخاطب يهودياً فيسلم مع ذويه

وفي مقتل الخوارزمي قال : وروي أنّ [ رأس ] الحُسين (عليه‌السلام ) لـمَّا حُمل إلى الشام، وجنَّ عليهم الليل، نزلوا عند رجل من اليهود، فلمـَّا شربوا وسكروا قالوا له : عندنا رأس الحُسين فقال لهم : أروني إيّاه فأروه إيّاه بصندوق يسطع منه النور إلى السّماء، فعجب اليهودي واستودعه منهم فأودعوه عنده، فقال للرأس - وقد رآه بذلك الحال - : اشفع لي

____________________

(١) سورة البقرة / ١٣٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٢٢ / ١١٧.

٢١٣

عند جدِّك فأنطق الله الرأس وقال : (( إنّما شفاعتي للمحمّديّين، ولستَ بمحمّدي )) فجمع اليهودي أقرباءه، ثمّ أخذ الرأس ووضعه في طست وصبَّ عليه ماء الورد، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثمّ قال لأولاده وأقربائه : هذا رأس ابن بنت محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثمّ قال : وا لهفاه ! لمْ أجد جدَّك محمّد (صلى الله عليه وآله) فأسلم على يديه، ثمّ وا لهفاه ! لمْ أجدك حيّاً فاُسلم على يديك واُقاتل دونك، فلو أسلمتُ الآن أتشفع لي يوم القيامة ؟ فأنطق الله الرأس، فقال بلسان فصيح : (( إنْ أسلمت فأنا لك شفيع )) قالها ثلاث مرّات وسكت، فأسلم الرجل وأقرباؤه(١) .

ثمّ قال الخوارزمي تأييداً لهذه الحادثة : أقول : لعلَّ هذا الرجل اليهودي كان راهب (قنسرين) ؛ لأنّه أسلم بسبب رأس الحُسين (عليه‌السلام )، وجاء ذكره في الأشعار، وأورده الجواهري(٢) ، والجرجاني في مراثي الحُسين (عليه‌السلام )، كما سيرد عليك في موضعه إنْ شاء الله.

وقال أيضاً : ومثل هذا يجوز إذا أخبر به النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنّه سيكون بعدي كذا وكذا، كما أخبر عن بقيلة بنت الشمّاء الأزدية صاحبة الحيرة، وكما أخبر سفينة مولاه أنّه يكلمه الأسد، وكما أخبر(٣) عن تبليغ صوت عمر من المدينة إلى نهاوند حين افتتحوها،

____________________

(١) مقتل الخوارزمي ٢ / ١١٥ - ١١٦ في الفصل الثاني عشر، في بيان عقوبة قاتل الحُسين (عليه‌السلام )، رقم الرواية ٤٩.

(٢) وهذه القصيدة قد تقدّمت - في الهامش - عند ذكر هذه الواقعة في طريقهم بحرم الحُسين (عليه‌السلام ) إلى الشام، ونذكرها في فصل الرثاء.

(٣) أقول : هذا على حسب الإدّعاء.

٢١٤

وفي حربها صاح عمر(١) : يا سارية الجبل في أخبار له كثيرة(٢) .

لـمـَّا جاؤوا بالرأس الشريف إلى قصر الإمارة سالت حيطانها دماً

روى ابن عساكر والمزّي، ومحبّ الدين الطبري وابن حجر الهيتمي، وابن العديم وابن منظور، واللفظ للأوّل : قال : أنا البغوي، حدّثني أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد، نا زيد بن الحباب، حدّثنا وقال أبو غالب : حدّثني أبو يحيى مهدي بن ميمون، قال : سمعت مروان مولى هند بنت المهلّب يقول : وقال أبو غالب : حدّثني بوّاب عُبيد الله بن زياد أنّه لـمـَّا جيء برأس الحُسين (عليه‌السلام )، فوضع بين يديه، رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً(٣) .

رجلٌ يُعذّبه صلاح الدين بالخنافس ولا يصيبه شيء ؛ لحمله رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

قال الشبراوي والقلقشندي والشبلنجي، واللفظ للأوّل قال :

____________________

(١) أقول : قد تقدّمت هذه الحادثة في طريقهم بحرم الحُسين (عليه‌السلام ) إلى الشام، تحت عنوان : ( لقاؤهم يهوديّاً في طريقهم إلى الشام . )، ونقلت تعليق صاحب الغدير (قدس‌سره ) على قول عمر بن الخطاب : يا سارية الجبل.

(١) مقتل الخوارزمي ٢ / ١١٦، في الفصل الثاني عشر في بيان عقوبة قاتل الحُسين (عليه‌السلام )، رقم الرواية ٤٩.

(٢) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٤١ / ٢٢٩، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٦٠، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٤، ذخائر العقبى - أحمد بن عبد الله الطبري / ١٤٥، الصواعق المحرقة - ابن حجر الهيتمي / ٢٩٥ مطبعة دار الكتب العلميّة، بغية الطلب في تاريخ حلب - ابن العديم ٦ / ٢٦٣٩، مختصر تاريخ مدينة دمشق - ابن منظور ٧ / ١٥٠ من إحقاق الحقِّ ٢٧ / ٣٦٢.

٢١٥

وقال عبد الظاهر : قد ذُكر أنّ الملك الصالح طلايع بن زريك لـمـَّا قصد نقل الرأس الشريف من عسقلان ؛ خوفاً عليه من الإفرنج، بنى جامعه - الذي هو الآن - خارج باب ذويلة ليُدفن الرأس فيه، ويفوز بهذا الفخار، فغلب أهل القصر على ذلك وقالوا : لا يكون ذلك إلّا عندنا فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه ونقلوا إليه الرخام، وذلك في خلافة الفايز علي بن طلايع في سنة تسع وأربعين وخمسمئة.

وحُكي أنّ السّلطان صلاح الدين يوسف وُشِيَ له مرّة بخادم من خَدَمة القصر المذكور كان بيده ذمام القصور، وقيل له : إنّه يعرف موضع الأموال والدفائن التي بالقصر، فاُخِذَ وسُئِلَ فلمْ يذكر شيئاً، وتجاهل، فأمر صلاح الدين بتعذيبه، فأخذه متولّي العقوبة وجعل على رأسه خنافس وشدَّ عليها قرمزية، ويقال : إنّ هذا أشدّ العقوبات ؛ لأنّها تثقب بالرأس فلا يطيق الإنسان الصبر عليه، ففعل به ذلك مراراً، والخنافس توجد ميّتة ولا تؤذيه، فاُخبروا به صلاح الدين فأحضره، وقال : عرّفني ما سبب هذا ؟ فقال : ليس له سبب أعرفه غير أنّه لـمـَّا وصل الرأس الشريف إلى هنا حملته بالديباج والطيب على رأسي حتّى وضعته داخل الضريح فقال صلاح الدين : وأيُّ سبب أشرف من هذا ! وعفى عنه(١) .

أقول : الضريح الموسوم بضريح رأس الحُسين (عليه‌السلام ) في مصر يُحتَمَلُ أنّه رأسُ رجلٍ من أنصار الحُسين (عليه‌السلام ) الذين قُتِلُوا معه، وإلّا فعند الفرقة المحقّة

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف - الشبراوي / ٧٩ - ٨٠ ط أمير قم، صبح الأعشى - القلقشندي ٣ / ٣٥١ ط القاهرة، نور الأبصار - الشبلنجي / ١٢٥ ط مصر نقلاً عن إحقاق الحقِّ ١١ / ٤٥٥، وقال السيّد المرعشي (قدس‌سره ) تعليقاّ على هذا الحديث : أي لمْ تُأثّر الخنافس فيه ببركة حمله رأس الحُسين (عليه‌السلام )، وكان ذلك في سبيل دفنه أو حفظه عن معرض الإهانة أو غيرهما من الأغراض الصحيحة مآثر الأنافة في معالم الخلافة / ١١٧ ط الكويت، نقلاً عن إحقاق الحقِّ ١١ / ٥٠١، ذكره في الهامش.

٢١٦

الرأس الشريف رُدَّ إلى كربلاء، وأمَّا ما حصل ويحصل من الكرامات فهي لا تدلّ على وجوده في هذا المكان ؛ وذلك لحصول الكرامات بالتوسّل وغيره مع عدم الحضور، كمَنْ توسّل بالنّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وهو في غير المدينة المنورة - زادها الله نوراً وشرفاً - في قضاء الحوائج فإنّها تُقضى، وأيضاً لا فرق بين قضائهم (عليهم‌السلام ) للموالي وغيره ؛ وذلك لأنّهم أهل الجود والكرم، والسائل لهم تُقضى حوائجه ببركتهم (صلوات الله عليهم أجمعين) بحسب شأنه، كيف وهم يستجيبون إلى عدوِّهم إذا عرف أنّهم أهل المسألة والفيض والكرم.

قال المناوي في شرح : (( عليٌّ عيبةُ علمي )) : أي مظنّة استفصاحي وخاصّتي، وموضع سرّي ومعدن نفائسي، والعيبة ما يحرز الرجل فيه نفائسه قال ابن دريد : وهذا من كلامه الموجز الذي لم يسبق ضرب المثل به في إرادة اختصاصه باُموره الباطنة التي لا يطّلع عليها أحد غيره، وذلك غاية في مدح عليٍّ (عليه‌السلام )، وقد كانت ضمائر أعدائه منطوية على اعتقاد تعظيمه.

وفي شرح الهمزيّة : إنّ معاوية كان يُرْسِلُ ليسأل عليّاً عن المشكلات فيجيبه، فقال أحد بنيه : تجيب عدوَّك ؟! قال : (( أما يكفينا أنْ احتاجنا وسألنا ؟ ))(١) .

أقول : وكذا المنامات التي رؤيت، فإنّها إنْ ثبتت في مشهد الرأس لا تعارض ما عليه الفرقة المحقّة ؛ إذ المنامات موضع للتأويل والتفسير.

عقابُ مَنْ أخذ رأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) وحشاه مسكاً

قال أبو إسحاق الإسفراييني : ( قال الراوى) : ثمّ لـمـَّا أنْ طافوا بالرأس جميع الكوفة سلَّموها إلى عمر المخزومي، وأمروه أنْ يحشوها مسكاً وكافوراً ففعل ذلك، فما أتم فعله حتّى

____________________

(١) فيض القدير - المناوي ٤ / ٣٥٦.

٢١٧

بُلِيَتْ يده، ووقعت بها الأكلة وتهرَّت(١) .

أقول : الفرق بين هذا وبين مَنْ قبله، إذ هذا فعل بالرأس ما فعل استهزاءً.

حارسُ الرأس الشريف وما جرى مع الأنبياء (عليهم‌السلام )

تقدّم في الفصل التاسع في الرؤى عن الإسفراييني.

ما فعله عبيدُ الله بن زياد ويزيد بن معاوية برأس الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

نكتُ الرأس الشريف، برواية القاسم الثقفي عن ابن أرقم(٢)

روى ابن عساكر قال : أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، نا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو العبّاس بن عقدة، نا أحمد بن الحُسين بن عبد الملك، نا إسماعيل بن عامر، نا الحكم بن محمّد بن القاسم الثقفي، حدّثني أبي عن أبيه : أنّه حضر عُبيد الله بن زياد حين اُتي برأس الحُسين (عليه‌السلام )، فجعل ينكت بقضيب ثناياه، ويقول : إنْ كان لحسن الثغر ! فقال له زيد بن أرقم : ارفع قضيبك ؛ [ فطالما ] رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يلثمّ موضعه فقال : إنّك شيخ قد خرفت فقام زيد يجرّ ثوبه(٣) .

نكتُ الرأس الشريف، برواية داود السبيعي عن ابن أرقم

روى ابن عساكر أيضاً :

____________________

(١) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الإسفراييني / ٦٠، وفي ط ص٥١.

(٢) قد تقدّم ذكر هذه الواقعة في أحداث الكوفة برواية الطبري وغيره من المؤرّخين.

(٣) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر / ١٤ / ٣٦٥.

٢١٨

أخبرنا أبو غالب بن البن، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو الفضل الزهري، نا إبراهيم بن عبد الله المحرّمي، نا صالح بن مالك، نا عبد السلام بن مسلم الضمري، نا أبو داود السبيعي، نا زيد بن أرقم قال : كنتُ عند عُبيد الله بن زياد (لعنه الله) إذ اُتِيَ برأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام )، فوضع في طست بين يديه، فأخذ قضيباً فجعل يفتر به عن شفته وعن أسنانه، فلم أرَ ثغراً قط كان أحسن منه كأنّه الدّر، فلمْ أتمالك أنْ رفعت صوتي بالبكاء، فقال: ما يبكيك أيُّها الشيخ؟ قال: يُبكيني ما رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقبّل بعض موضع هذا القضيب ويلثمّه، ويقول : (( اللهمَّ، إنّي اُحبّه ))(١) .

نكتُ الرأس الشريف، برواية محمّد بن سيرين عن أنس

روى البخاري قال : حدّثني محمّد بن الحُسين بن إبراهيم، قال : حدّثني حسين بن محمّد، حدّثنا جرير، عن محمّد، عن أنس بن مالك (رضي‌الله‌عنه ) : أتى عبيد الله بن زياد برأس الحُسين بن علي (عليه‌السلام )، فجُعل في طست فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئاً، فقال أنس : كان أشبههم برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وكان مخضوباً بالوسمة(٢) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٤١ / ٢٣٦.

(٢) صحيح البخاري - البخاري ٤ / ٢١٦، مسند أحمد - الإمام أحمد بن حنبل ٣ / ٢٦١، فتح الباري - ابن حجر ٧ / ٧٥، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٤١ / ١٢٦، اُسد الغابة - ابن الأثير ٢ / ١٩، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٢٨٠ قال الذهبي : ورواه جرير بن حازم عن محمّد كنز العمال - الم-تقي الهندي ٣١ / ٦٥٤.

٢١٩

نكتُ الرأس الشريف، برواية علي بن زيد عن أنس

روى الضحاك قال : حدّثنا إبراهيم بن حجّاج، ثنا حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك (رضي الله تعالى عنه) قال : لـمـَّا قُتِلَ الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) جيء برأسه إلى عبيد الله بن زياد، فجعل ينكت بقضيبٍ على ثناياه، وقال : إنْ كان لحسنَ الثغر ! فقلت في نفسي : لأسوءنك ؛ لقد رأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقبّل موضع قضيبك من فيه(١) .

نكتُ ابن زياد الرأس الشريف، برواية حفصة بنت سيرين عن أنس

روى ابن عساكر قال : أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله، وأبو غالب أحمد بن الحسن، وأبو محمّد عبد الله بن محمّد قالوا : أنا الحسن بن علي، أنا أبو بكر بن مالك، نا عبّاس بن محمّد القراطيسي، نا خلاّد بن أسلم، نا النّضر بن شميل، نا هشام بن حسّان، عن حفصة - هي بنت سيرين - قالت : حدّثني أنس بن مالك قال : كنت عند ابن زياد، فجيء برأس الحُسين (عليه‌السلام ) قال : فجعل يقول بقضيبه في أنفه، ويقول : ما رأيت مثل هذا حُسْناً ! قلتُ : أما إنّه كان أشبههم برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، كذا قال وصوابه عبّاس بن إبراهيم القراطيسي(٢) .

____________________

(١) الآحاد والمثاني - الضحّاك ١ / ٣٠٧، مسند أبي يعلى - أبو يعلى الموصلي ٧ / ٦١، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٤١ / ٢٣٥، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٣١٤.

(٢) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٤١ / ١٢٦ ورواه بطريق آخر إلى خلاّد، سير أعلام النبلاء - الذهبي ٣ / ٢٨١.

٢٢٠