مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٣

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 545

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 545
المشاهدات: 48689
تحميل: 4324


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 545 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48689 / تحميل: 4324
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال الهيثمي : وعن الحسن - يعني البصري - قال : قُتِلَ مع الحُسين بن علي (عليهما‌السلام ) ستّة عشر رجلاً مِن أهل بيته، والله، ما على ظهر الأرض يومئذ أهل بيت يشبهونهم قال سفيان : ومَنْ يشك في هذا.

وعن أبي بكر ابن أبي شيبة قال : قُتِلَ الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) يوم عاشوراء في سنة إحدى وستّين وهو ابن ثمان وخمسين، وكان يُخضب بالحناء والكتم رواه الطبراني(١) .

أقول : فعلى هذا يكون عدد الطالبيّين أكثر ممّا ذكره الخوارزمي، وفي الحقيقة مَنْ قُتِلَ مع الحُسين (عليه‌السلام ) مِن الطالبيّين قسمان : الأوّل متّفق عليه، وهو العدد القليل، والآخر مخْتَلَفٌ فيه، وبهذا قال محقّق كتاب تهذيب الكمال في الهامش.

وروى خليفة، عن الحسن بن أبي عمرو، قال : سمعت فطر بن خليفة، قال : سمعت منذر الثوري، عن ابن الحنفيّة، قال : قُتِلَ مع الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) سبعة عشر رجلاً، كلّهم قد ارتكض في بطن فاطمة (عليها‌السلام ).

وقال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيّين / ٦٥ : فجميع مَنْ قُتِلَ يوم الطّفِّ مِن ولْدِ أبي طالب سوى مَن يُخْتَلَفُ في أمره، اثنان وعشرون رجلاً.

قال بشّار : هذا العدد الذي ذكره أبو الفرج يتضمّن المخْتَلَفُ فيهم، وقد ذكر ذلك هو في المقاتل / ٥٣ - ٦٥، ولعلّ أدقّ قائمة هي التي ذكرها أبو مخنف، وتصح بها رواية ابن الحنفيّة التي أوردها خليفة بن خياط، وهي لا تشمل المختلف فيهم ؛ فقد قُتِلَ مع الحُسين (عليه‌السلام ) ستّة مِن إخوته هم : العبّاس، وجعفر، وعبد الله، وعثمان، ومحمّد، وأبو بكر أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم‌السلام )، وقد شكّ بعضهم بمقتل أبي بكر بن علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ).

وقُتِلَ مِن أولاده (عليه‌السلام ) : علي الأكبر وعبد الله (عليهما‌السلام )، وقُتِلَ مِن أولاد أخيه الحسن (عليه‌السلام ) : أبو بكر وعبد الله والقاسم (عليهم‌السلام )، وقُتِلَ

____________________

(١) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٨.

٤٦١

مِن أبناء أخيه عقيل سوى مسلم ثلاثة هم : جعفر بن عقيل، وعبد الرحمن بن عقيل، وعبد الله بن عقيل، وقُتِلَ عبد الله بن مسلم بن عقيل، ومحمّد بن أبي سعيد بن عقيل، وقُتِلَ من أولاد ابن عمِّه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب اثنان هم : عون بن عبد الله، ومحمّد بن عبد الله (رضوان الله عليهم أجمعين) انظر تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٨ - ٤٦٩، وتاريخ خليفة / ٢٣٤ - ٢٣٥، وقائمته منقولة عن المدائني وأبي عبيدة، ومقاتل الطالبيّين / ٥٣ - ٦٥ وفي الرواية التي أسندها خليفة إلى محمّد بن الحنفيّة : (كلّهم قد ارتكض في بطن فاطمة) نظر ؛ لأنّهم ليسوا كلُّهم مِن نسل فاطمة بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كما هو معروف مشهور، فلا رضي الله عن قاتليهم(١) .

فعلى هذا يكون أبناء أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في كربلاء كثيرين، ومع ذلك لمْ يذكر إلّا القليل منهم، وكذا أبناء عقيل، ومع ذلك لمْ يذكر منهم إلّا واحد، وأبناء الحسن أربعة، ولمْ يذكر منهم إلّا واحد فقط، وكذا الأنصار لمْ يذكر منهم إلّا القليل جدّاً، فالمسألة ليست خاصة بمَنْ اسمه أبو بكر وعمر وعثمان.

فالسؤال لماذا خصّصوا هؤلاء بالذكر دون غيرهم ؟ ولعلّ الجواب في تخصيص بعض مَنْ قُتِلَ مع الحُسين (عليه‌السلام ) بالذكر، هو ما رواه الخوارزمي في مقتله، قال : وزحف عمر بن سعد، فنادى غلامه دريد : قدّم رايتك يا دريد ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه ثمّ رمى به، وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوَّل مَنْ رمى.

____________________

(١) تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣١ في الهامش.

٤٦٢

فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم في إثره رشقة واحدة، فما بقي مِن أصحاب الحُسين (عليه‌السلام ) أحد إلّا أصابه مِن رميتهم سهم.

قال أبو مخنف : فلمـَّا رموهم هذه الرمية قلَّ أصحاب الحُسين (عليه‌السلام )، فبقي في هؤلاء القوم الذين يذكرون في المبارزة، وقد قُتِلَ منهم ما ينيف على خمسين رجلاً، فعندها ضرب الحُسين (عليه‌السلام ) بيده إلى لحيته، فقال : (( هذه رسل القوم )) - يعني السهام(١) - انتهى.

أقول : ولعلّ الجواب أيضاً هو تميّز هؤلاء عن غيرهم بصفات كمالية ؛ فإنّ جميع المعارك دائماً يذكر فيها مَنْ تميّز بخصوصيات أو بمواقف أنفرد بها في المعركة دون غيره، فمَنْ أمتاز بالصفات الكمالية العالية مِن العلم والشجاعة وغيرها مِن أبناء أمير المؤمنين (عليه‌السلام )، باستثناء الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، هو أبو الفضل العبّاس (عليه‌السلام ) وبأفعاله المشهودة في واقعة كربلاء، وكذا القاسم بن الحسن (عليه‌السلام )، حيث أنفرد بالذكر مِن دون إخوته ؛ ولتلك الصفات الكمالية مِن العلم والشجاعة حتّى صار هو الوحيد مِن بين إخوته مَنْ أوصى له الإمام الحسن (عليه‌السلام ) بنصرة عمِّه الحُسين (عليه‌السلام ) دون إخوته، كما ورد في الموروث الشيعي.

وأيضاً موقفه مع الحُسين (عليه‌السلام ) والكلمات التي سطّرها حينما سأله عمه الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) : (( بُني قاسم، كيف تجد الموت عندك ؟ )) فقال : عم، في نصرتك أحلى مِن العسل. وما ظهر مِن شجاعته على صغر سنه وعدم مبالاته بالأعداء، قال الراوي : استأذن الغلام للحرب فأبى عمه الحُسين (عليه‌السلام ) أنْ يأذن له، فلمْ يزل يُقبّل يدَيْهِ ورجليه ويسأله الإذن حتّى أذن له، فخرج ودموعه على خدّيْه

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢ / ١٢، وهو مشابه لما سنذكره عن الطبري وغيره في توبة الحُرّ.

٤٦٣

وهو يقول :

إنْ تنكروني فأنا فرعُ الحسنْ

سبطِ النّبي المصطفى والمؤتَمنْ

هذا حُسينٌ كالأسيرِ المرتَهنْ

بين اُناسٍ لا سُقوا صوبَ المزنْ

وحمل وكأنّ ووجهه فلقة قمر، وقاتل فقتل على صغر سنه خمسة وثلاثين رجلاً . راجع ذلك في المقتل.

وكذا مسلم بن عقيل (عليه‌السلام )، حيث انفرد بتلك الصفات الكمالية التي فاقت صفات بني عقيل مِن العلم والشجاعة، حتّى كان ثقة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) ونائبه الخاص، وغيرها وكذا مِن الأصحاب حبيب بن مظاهر الأسدي (سلام الله عليه) ؛ لِمَا تميَّز به مِن العلم والفقاهة، ومقامه عند الحُسين (عليه‌السلام )، وما ظهر مِن مواقفه المشهودة وكذا الحُرّ لِمَا أنفرد به مِن كونه مِن رؤساء عسكر ابن سعد، وله مِن المناصب الدنيوية، فتركها واختار الجنّة على النّار، وتوجّه إلى الحُسين (عليه‌السلام ) تائباً نادماً حتّى بذل نفسه وابنه وغيره في نصرة الحُسين (عليه‌السلام ) وكذا زهير بن القين بعد ما كان عثمانياً بعيداً عن أهل البيت (عليهم‌السلام )، وإذا به ينقلب إلى أهل الرحمة (عليهم‌السلام )، ينقلب إلى الحُسين بن علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ).

وأيضاً قوله الذي قال بعدما خطب الحُسين (عليه‌السلام ) في أصحابه، قال الراوي : فقام زهير بن القين البجلي، فقال لأصحابه : تكلّمون أمْ أتكلم ؟ قالوا : لا بل تكلّم فحمد الله فأثنى عليه، ثمْ قال : قد سمعنا - هداك الله يا بن رسول الله - مقالتك والله، لو كانت الدُّنيا لنا باقية وكنَّا فيها مخلّدين إلّا أنّ فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.

قال : فدعا له الحُسين (عليه‌السلام ) ثمْ

٤٦٤

قال له خيراً(١) وهكذا غيرهم ممّا امتازوا بتلك الصفات والمواقف التي انفردوا بها.

وبهذا تقف على سبب مَنْ يُذكر في معارك رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مثل معركة أحد وبدر، والخندق وخيبر وغيرها، بل لو تفحّصت ونقّبت في مطاوي التاريخ لما وجدت مِن الشجعان، فضلاً عن الخلفاء، ممّن امتازت به الحروب وعليه دارت رحاها غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) ؛ فلهذا يذكره المنصفون دون سواه.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣٠٧.

٤٦٥

٤٦٦

الفصل الرابع عشر

في مدحِ ورثاءِ سيِّد الشهداء (عليه‌السلام )

٤٦٧

٤٦٨

في مدحِ ورثاء سيّد الشهداء (عليه‌السلام )

بعضُ المدائح

قال ابن عساكر : وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا الشريف أبو الفضل العبّاس بن أحمد بن محمّد بن بكران الهاشمي، وأبو محمّد أحمد، وأبو الغنائم محمّد ابنا علي بن الحسن بن أبي عثمان، وأبو منصور محمّد بن محمّد بن عبد العزيز العكبري، وعبيد الله بن عثمان بن محمّد بن دوست المعروف بابن الشوكي، وأبو بكر محمّد بن هبة الله بن الحسن الطبري، وأبو الحسن علي بن المقلد البواب.

وأخبرنا أبو بكر بن المزرفي، أنا الشريف أبو الفضل الهاشمي، وأخبرنا أبو محمّد بن طاووس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، قالوا : نا أبو عبد الله الحُسين بن الحسن بن القاسم الغضائري، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي، نا محمّد بن زكريا الغلابي، نا أحمد بن عيسى، وذكر ابن هرمة، زاد المزرفي وترحّم عليه، وقالوا : قال : وكان متّصلاً بنا، وهو القائل :

ومهما اُلام على حبِّهم

فإنّي اُحبُّ بني فاطمهْ

بني بنتِ مَنْ جاء بالمحكماتِ

والدّينِ والسنّةِ القائمهْ

ولستُ اُبالي بحبِّي لهمْ

سواهم مِنَ النِّعمِ السائمهْ

قال : فقيل له في دولة بني العبّاس : ألست القائل كذا ؟ فأنشدوه هذه الأبيات فقال : أعضَّ الله قائلها بهن اُمّه فقال مَنْ يثق به : ألست قائلها ؟! قال : بلى، ولكن

٤٦٩

أعضّ بهنّ اُمّي خير مِن أنْ اُقْتَل(١) .

وقال ابن الدمشقي : وقد أكثر الناس في الرثاء والبكاء على ما أصاب أهل البيت (عليهم‌السلام )، وقالوا ما لا يحصى مِن المقالات نظماً، وذكروا في قتل الحُسين (عليه‌السلام ) وما كان مِن أمره ما أضرب عن ذكره صفحاً، ولمْ أرق له سفحاً، ولا يحتمل هذا المختصر أكثر مِن ذلك وفيه كفاية.

وبالجملة والتفصيل فما وقع في الإسلام قضية أفظع منها وهي ما ينبو الأسماع عنها، وتتفطّر القلوب عند ذكرها حزناً وأسىً وتأسّفاً، وتنهلّ لها المدامع كالسحب الهوامع، هذا والعهد بالنّبي قريب، وروض الإيمان خصيب، وغصن دوحته غضّ جديد، وظلّه وافر مديد، ولكنّ الله يفعل ما يريد وما أظنّ أنّ مَنْ استحلّ ذلك وسلك مع أهل النّبي هذه المسالك شمَّ [رائحة] الإسلام، ولا آمن بمحمّد (عليه الصلاة والسّلام)، ولا خالط الإيمان بشاشة قلبه، ولا آمن طرفة (عين) بربّه، والقيامة تجمعهم وإلى ربِّهم مرجعهم.

ستعلم ليلى أيَّ دَينٍ تداينتْ

وأيَّ غريمٍ للتقاضي غريمها

ولقد قرأ قارئ بين يدي الشيخ العالم العلّامه أبي الوفاء (علي) ابن عقيل (رحمه‌الله ) قوله تعالى :( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إلّا فَرِيقًا مِّنَ الْمؤْمِنِينَ ) (٢) فبكى وقال : سبحان الله ! غاية ما كان طمعه فيما قال :( فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمرَنَّهُمْ ) (٣) جاوزوا والله، الحدَّ

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ٧ / ٧٥، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه‌السلام ) - ابن الدمشقي ٢ / ٣١١.

(٢) سورة سبأ / ٢٠.

(٣) سورة النساء / ١١٩.

٤٧٠

الذي طمع فيه ! ضحّوا بأشمط عنوان السجود به، يقطع الليل تسبيحاً وقرآناً إي والله، عمدوا إلى علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) بين صفّيه فقتلوه، ثمّ قتلوا ابنه الحُسين بن فاطمة الزهراء (عليهما‌السلام )، وأهل بيته الطيّبين الطاهرين بعد أنْ منعوهم الماء، هذا والعهد بنبيهم قريب ! وهم القَرن الذي رأوا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ورأوه يُقبِّل فمه ويرشف ثناياه، فنكتوا على فمه وثناياه بالقضيب ! تذكّروا والله، أحقاد يوم بدر وما كان فيه، وأين هذا مِن مطمع الشيطان وغاية أمله بتبكيت آذان الأنعام؟! هذا مع قرب العهد وسماع كلام ربّ الأرباب :( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (١) ستروا والله، عقائدهم في عصره مخافة السّيف، فلمـَّا صار الأمر إليهم كشفوا (عن) قناع البغي والحيف :( سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) (٢) .

ورأيت في تاريخ ابن خلكان (رحمه‌الله ) قضية غريبة فأحببت ذكرها هاهنا، وهي : قال الشيخ نصر الله بن مجلي (مشارف الخزانة الصلاحية) : فكّرت ليلةً وقد آويت إلى فراشي فيما عامل به آل (أبي) سفيان أهلَ بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وفي قضية الحُسين (عليه‌السلام ) وقتله وقتل أهل بيته (عليهم‌السلام )، وأسر بنات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وحملهم (إيّاهن) على الأقتاب سبايا، ووقوفهم على درج دمشق سبايا عرايا، فبكيت بكاءً شديداً، وأرقت، ثمّ نمت فرأيت أمير المؤمنين عليّاً (عليه‌السلام )، فحين رأيته بادرت إليه وقبّلت يديه وبكيت، فقال : (( ما يُبكيك ؟ )) فقلتُ : يا أمير المؤمنين، تفتحون مكّة فتقولون : (( مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومَنْ أغلق عليه بابه فهو آمن، ومَنْ دخل المسجد فهو آمن )) ثمّ يُفعل بولدك الحُسين وأهل بيتك (عليهم‌السلام ) بالطّف ما فُعل ؟!

____________________

(١) سورة الشورى / ٢٣.

(٢) سورة الأنعام / ١٣٩.

٤٧١

فتبسّم (أمير المؤمنين) وقال : (( ألمْ تسمع أبيات ابن الصيفي (سعد بن محمّد) ؟ )) قلتُ : لا قال : (( اسمعها منه فهي الجواب )).

قال : فطالت ليلتي حتّى برق الفجر، فجئت باب ابن الصيفي، فطرقت بابه فخرج إليَّ حاسراً حافي القدمين، وقال : ما الذي جاء بك هذه السّاعة ؟! فقصصت عليه قصّتي، فأجهش بالبكاء وقال : والله، ما قلتُها إلّا ليلتي هذه، ولم يسمعها بشر (منِّي ثمّ أنشدني) :

ملكنا فكانَ العفّوُ منَّا سجيةً

فلمـَّا ملكتُم سال بالدمِ أبطحُ

وحلًّلتُم قتلَ الاُسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونصفحُ

وحسبُكم هذا التفاوتُ بيننا

فكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ(١)

وقال الشبراوي، بعد بيان اختصاص يوم الثلاثاء بزيارة ذلك المشهد : ولنذكر في هذا الباب نبذة مِن القصائد التي مدحتُ بها آل البيت الشريف، وتوسّلت فيها بساكن هذا المشهد المنيف، فممّا قلتُ فيه :

آلَ طه وَمَنْ يَقُلْ آلُ طه

مستجيراً بجاهِكم لا يُردُّ

حبُّكم مذهبي وعَقْدُ يقيني

ليس لي مذهبٌ سواه وعقدُ

منكُم أستمدُّ بل كلُّ مَنْ في الـ

ـ كونِ مِن فيضِ فضلِكم يستمدُّ

بيتكُمْ مَهبطُ الرِسالَةِ وَالوَحْـ

ـي وَمِنكُم نور النُّبُوّة يَبدو

ولكمْ في العُلا مقامٌ رفيعٌ

ما لكم فيه آلَ يس نِدُّ

يابنَ بنتِ الرسولِ مَنْ ذا يضاهيـ

ـ كَ افتخاراً وأنت للفخرِ عِقْدُ

يا حُسينٌ هل مثلُ اُمِّك اُمٌّ

لشريفٍ أو مثلُ جدِّك جدُّ

رام قومٌ أن يلحقوك ولكنْ

بينهم في العُلا وبينك بُعْدُ

____________________

(١) جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه‌السلام ) - ابن الدمشقي ٢ / ٣١١.

٤٧٢

خصَّك اللهُ بالسعادةِ في دُنْـ

ـ ياكَ ثمّ بالشهادةِ بعدُ

لكَ في القبرِ يا حُسينُ مقامٌ

ولأعداكَ فيه خزيٌ وطردُ

يا كريمَ الدارينِ يا مَنْ له الدهْـ

ـرُ على رَغْمِ مَنْ يعاندُ عبدُ

أنت سيفٌ على عداكَ ولكنْ

فيكَ حلمٌ وما لفضلِكَ حدُّ

كلُّ مَنْ رام حَصْرَ فضلِكَ غرٌّ

فضلُ آلِ النّبي ليس يُعدُّ

طيبةٌ فاقت البقاعَ جميعاً

حين أضحى فيها لجدِّكَ لحدُ

ولمصرٍ فخرٌ على كلِّ مصرٍ

ولها طالعٌ بقبرِكَ سعدُ

مشهدٌ أنت فيه مشهدُ مجدٍ

كم سعى نحوَهُ جوادٌ مجِدٌّ

وضريحٌ حوى عُلاكَ ضريحٌ

كلُّهُ مندلٌ يفوحُ ونَدُّ

مددٌ ما له انتهاءٌ وسرٌّ

لا يُضاهى ورونقٌ لا يُحدُّ

رحماتٌ للزائرين توالتْ

وجزيلٌ من العطاءِ ورِفدُ

رضي اللهُ عنكُم آلَ طه

ودُعاءُ المقلِّ مثليَ جُهْدُ

وسلامٌ عليكُم كلَّ وقتٍ

ما تغنَّت بكمْ تهامٌ ونجدُ

أنا في عرضِ تربةٍ أنت فيه

يا حُسينٌ وبَعْدُ حاشا أردُّ

أَنا في عَرضِ جَدّك الطاهر الطُّهْـ

ـرِ إذا ما الزَمانُ بِالخطب يَعدو

أنا في عرضِ مَنْ يعوِّلُ كلُّ الرُّسلِ

عليه وما لهم عنه بدُّ

أنا في عرضِ مَنْ أتته غزالٌ

فحماها والخصم خصمٌ أَلَدُّ

أنا في عرضِ جدِّك المصطفى مِنْ

كلِّ عامٍ له الرحالُ تُشَدُّ(١)

قال الشبراوي : وقلت فيهم أيضاً (رضي الله تعالى عنهم) :

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف / ٨٦ ط أمير.

٤٧٣

آلَ بيتِ النّبي مالي سواكُمْ

ملجأٌ أرتجيهِ للكربِ في غَدْ

لستُ أخشى ريبَ الزمانِ وأنتُمْ

عُمدتي في الخطوبِ يا آلَ أحمدْ

مَنْ يُضاهي فخارَكم آلَ طه

وعليكُمْ سرادقُ العزِّ ممتَدْ

كلُّ فضلٍ لغيرِكمْ فإليكُمْ

يا بني الطُّهْرِ بالأصالةِ يُسْنَدْ

لا عَدِمنا لكمْ موائدَ جودٍ

كلّ يومٍ لزائريكمْ تُجدَّدْ

يا ملوكاً لهمْ لواءُ المعالي

وعليهمْ تاجُ السَّعادةِ يُعْقَدْ

أيُّ بيتٍ كبيتِكُم آلَ طه

طَهَّرَ اللهُ ساكنيه ومَجَّدْ

روضةُ المجدِ والمفاخرِ أنتُمْ

وعليكُمْ طيرُ المكارمِ غَرَّدْ

ولكُمْ في الكتابِ ذكرٌ جميلٌ

يهتدي منه كلُّ قارٍ ويسعدْ

وعليكم أثنى الكتابُ وهل بَعْـ

ـدَ ثناءِ الكتابِ مجدٌ وسؤددْ

ولكم في الفخارِ يا آلَ طه

منزلٌ شامخٌ رفيعٌ مشيَّدْ

قد قصدناك يابنَ بنتِ رسولِ ال

لهِ والخيرُ من جَنابِك يُقْصَدْ

يا حُسينٌ ما مثلُ مجدِك مجدٌ

لشريفٍ ولا كجدِّك مِنْ جَدْ

يا حُسينٌ بحقِّ جدِّك عطفاً

لمحِبٍّ بالخيرِ منك تَعَوَّدْ

كلَّ وقتٍ يودُّ يلثم قبر

أنت فيه بمقلتيهِ ويشهدْ

سادتي أنجدوا محبّاً أتاكُمْ

مطلقَ الدمعِ في هواكمْ مقْيَّدْ

وأغيثوا مقصِّراً ما له غيْـ

ـرُ حماكُمْ إنْ أَعْضَلَ الأمْرُ واشتَدْ

فعليكُمْ قَصَرْتُ حبِّي وحاشا

بعد حُبِّي لكم اُقابَلُ بِالرَّدْ

يا إلهي مالي سوى حبِّ آلِ الْـ

ـبيتِ آل النّبي طه الممَجَّدْ

أنا عبدٌ مقصِّرٌ لستُ أرجو

عملاً غيرَ حُبِّ آلِ محمّد

أَشرفِ المرسلين أزكى البرايا

مَنْ له الفضلُ والفخارُ المؤبّدْ

صلِّ يا ربِّ كلَّ وقتٍ عليهِ

دائماً في دوامِ ذاتِكَ سَرْمَدْ

٤٧٤

وعلى الآلِ والصحابةِ مهما

أنشأ المستهام مدحاً وأنشدْ(١)

وقال الشبراوي في المشهد الحُسيني أيضاً :

يا نديمي قُمْ بي إلى الصَّهباءِ

واسقنيها في الروضةِ الغَنَّاءِ

حيثُ مجرى الخليجِ والماءُ فيهِ

يتثنَّى كالحيَّةِ الرقْشَاءِ

هَاتِها يا نديم صَرْفًا وَدَعْنِي

مِنْ صريعِ الهوى قتيلِ الماءِ

وَأَدَرْهَا ممزوجةً بالتهاني

غيرَ ممزوجةٍ بماءِ السّماءِ

هَاتِها يا نديم مِنْ غيرِ خلطٍ

إنَّ خلطَ الدواءِ عينُ الداءِ

وَالْقِنِي يا نديم تحتَ الأثيلـ

ـ تِ سُحَيراً إذا أردتِ لقِائي

في كثيبٍ مِنْ الجزيرةِ يختا

لُ دلالاً في حُلّةٍ خضراءِ

روضةٌ راضها النَّسيم سحير

باعتلالٍ صَحَّتْ بِهِ واعتلاءِ

ولطيفُ النَّسيمِ يَعْبَثُ بالغُصْـ

ـنِ فيهتزُّ هزَّةَ استهزاءِ

يا خريرَ الخليجِ تَفْدِيكَ نفسي

فَلَكَمْ نِلْتُ في حماك منَائِي

يا نديمي جَدِّدْ بذكراه وجدي

واحييِ ذاك الغَرَامَ بالإغراءِ

هَاتِ حَدِّثْ عن نيل مِصْرَ وَدَعْنِي

من فراتٍ ودجلةٍ فَيْحَاءِ

وأَعِدْ لي حديثَ لَذَّاتِ مصرٍ

فحديثُ اللَّذَّاتِ عنِّيَ نائِي

إنّ مصراً لأحسنُ الأرضِ عندي

وعلى نيلِها قَصَرْتُ رَجَائِي

وغرامي فيها وغايةُ قصدي

أنْ أرى سادتي بني الزهراءِ

وإلى المشهدِ الحُسينيِّ أسعى

داعياً راجياً قبولَ دعائِي

يابنَ بنتِ الرسولِ إنّي محبٌّ

فتعطَّفْ واجعل قبولي جزائِي

يا كرامَ الأنامِ يا آلَ طه

حبُّكم مذهبي وعَقْدُ ولائي

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف - الشبراوي / ١٠٠ - ١٠١.

٤٧٥

ليس لي ملجأٌ سواكم وذخرٌ

أرتجيهِ في شدتي ورخائي

فاز مَنْ زار حَيَّكم آلَ طه

وجناي منكُم ثمارَ العطاءِ

سادتي إنّني حُسِبْتُ عليكُمْ

في ابتدائي يا سادتي وانتهائي

وعليكُم منِّي السّلام دواماً

في صباحي وغُدْوَتي ومَسَائي

وعلى جدِّكم شفيعِ البرايا

أشرفِ الرُّسلِ سيِّدِ الأنبياءِ

صلواتٌ مقرونةٌ بسلامٍ

ما انجلت ظلمةُ الدُّجَا بالضياءِ

وعلى آلِهِ ذوي الْقَدْرِ والمـَجْـ

ـدِ وأصحابِهِ بُحُورِ الْوَفَاءِ(١)

قال الشبراوي : وقلت فيهم أيضاً :

يا آلَ طه مَنْ أتى حُبَّكمْ

مؤمِّلاً إحسانَكم لا يُضَامْ

لُذْنَا بكم يا آلَ طه ! وَهَلْ

يُضام مَنْ لاذ بقومٍ كِرَامْ

تزدحِم النّاسُ بأعتابِكُمْ

والـمَنْهَلُ العَذْبُ كثيرُ الزّحامْ

مَنْ جاءكم مستمطراً فَضْلَكم

فاز مِنَ الجودِ بأقصى مرامْ

يا سادتي يا بضعةَ المصطفى

يا مَنْ لهم في الفضلِ أعلى مقامْ

أنتم ملاذي وعياذي ولي

قلبٌ بكم يا سادتي مسْتَهامْ

وَحَقِّكُمْ إنّي محِبٌّ لكُمْ

محبّةً لا يعتريها انصرامْ

وَقَفْتُ في أعتابِكم هائم

وما على مَنْ هَامَ فيكم مَلامْ

يا سبطَ طه يا حُسينٌ على

ضريحِكَ المأنوسِ منِّي السّلامْ

مَشهدُكَ السّامي غدا كعبةً

لنا طوافٌ حوله واستلامْ

بيتٌ جديدٌ حَلَّ فيه الهدى

فصار كالبيتِ العتيقِ الحرامْ

تفديك نفسي يا ضريحاً حوى

حُسيناً السبطَ الإمامَ الهُمامْ

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف - الشبراوي / ١٠٠ - ١٠١.

٤٧٦

إنّي توسَّلتُ بما فيك مِنْ

عِزٍّ ومجدٍ شامخٍ واحتشامْ

يا زائراً هذا المقامَ اغْتَنِمْ

فكم لِمَنْ يسعى إليه اغتنامْ

ينشرحُ الصدرُ إذا زُرْتَهُ

وتنجلي عنه الهُموم العِظَامْ

كم فيه من نورٍ ومن رَوْنَقٍ

كأنّه روضةُ خيرِ الأنامْ

صلّى عليه اللهُ طولَ الـمَدَى

ما غرّدتْ في الرّوضِ ورقُ الحَمَامْ

أسألُكَ اللهمَّ يا رَبَّنا

يا مَنْ تجلَّى بالبقا والدوامْ

اغفر لعبدِ اللهِ ما قد جنى

وارزقه عند الموتِ حُسْنَ الختامْ(١)

قال الحمزاوي العدوي : ومِن ذلك ما وقع لسيّدي العارف بالله تعالى، سيّدي محمّد شلبي، شارح (العزية)، الشهير بابن السّت، وهو أنّه قد سُرقت كتبه جميعها مِن بيته، فقال : فتحيَّر عقله واشتدّ كربه، فأتى إلى مقام وليّ نعمتنا الحُسين (عليه‌السلام ) منشداً لأبياتٍ استغاث بها، فتوجّه إلى بيته بعد الزيارة ومكثه في المقام مدّة، فوجد كتبه في محلّها قد حضرت مِن غير نقص لكتاب منها، وها هي الأبيات :

أيحوم حول مَنْ التجى لَكُم أَذَىً

أو يشتكي ضيماً وأنتم سادتُهْ

حاشا يُرَدُّ مَنْ انتمى لجنابكمْ

يا آلَ أحمدَ أو تُسَرُّ شوامتُهْ

لَكُم السّيادةُ مِنْ ألستُ بربِّكمْ

وَلَكمْ نِطَاقُ العزِّ دارت هالتُهْ

هل ثَمّ بابٌ للنبيِّ سواكُم

مَنْ غيرِكمْ مِنْ ذي الورى ريحانَتُهْ

تبّاً لطرفٍ لا يشاهدُ مشهداً

يحوي الحُسين وتستلمهُ سلامَتُهْ

فالزمْ رحاباً ضمَّ سبطَ محمّد

ما أَمَّهُ راجٍ وعيقتْ حاجتُهْ

ها خادماً للحُبِّ يرفعُ حاجةً

ممّا يلاقي مِنْ بلايا هالتُهْ

____________________

(١) الإتحاف بحبِّ الأشراف - الشبراوي / ١٠٢ - ١٠٣، أقول : وتوجد قصائد اُخرى في مدحهم (عليهم‌السلام ) فراجع ص ذ١٠٩.

٤٧٧

(فقال الحمزاوي بعد ذكره هذه الحادثة) : أمدَّنا الله مِنْ فيض أمداده، ومتّعنا مِنْ فيض قربه وتقبيل أعتابه(١) .

وذكر (أيضاً) الحمزاوي العدوي أبياتاً للبعض، فقال : وذكر لبعضهم في ذلك المشهد قوله :

منزلٌ كمَّلَ الإلهُ سَنَاهُ

تتوارى البدورُ عندَ لِقَاهُ

خصَّه ربُّنا بما شاءَ في الأرْ

ضِ تعالى مَنْ في السماءِ إلهُ

صانهُ زانهُ حَمَاهُ وَقَاهُ

وكساهُ بمنِّهِ ورِضَاهُ

إنْ غدا مسكناً لعزَّةِ آلِ الْـ

ـبيتِ منَ ْثمّ قدرُه وعلاهُ

الإمام الحُسينُ أشرفُ مولىً

أيَّدَ الدينَ سرُّه ووقاهُ

مدحته آيُ الكتابِ وجاءتْ

سنّةُ الهاشميِّ طرزَ حلاهُ(٢)

رثاءُ سليمان بن قتّة

قال الخوارزمي : ولسليمان بن قتّة الخزاعي، وأنشدنيه ركن الإسلام أبو الفضل الكرماني، عن محمّد بن الحُسين الأرسابندي :

عينُ جودي بعبرةٍ وعويلِ

واندبي إنْ بكيتِ آلَ الرسولِ

واندبي تسعةً لِصُلْبِ عليٍّ

قد اُصيبوا وستّةً لعقيلِ

واندبي كهْلَهم فليس إذا مـ

ـ ضنَّ بالخير كهلُهمْ بالبخيلِ

واندبي إنْ ندبتِ عوناً أخاهُم

ليس فيما ينوبُهُمْ بِخَذُولِ

____________________

(١) مشارق الأنوار - الحمزاوي العدوي / ٩٩، نقلاً عن كتاب الغدير - العلّامه الأميني ٥ / ١٩٢.

(٢) المصدر نفسه.

٤٧٨

وسميّ النّبي غودرَ فيهم

قد عَلَوْه بصارمٍ مصقولِ(١)

قال سبط ابن الجوزي، والزرندي الحنفي، واللفظ للأوّل قال : وذكر الشعبي، وحكاه ابن سعد أيضاً، قال : مرَّ سليمان بن قتّة بكربلاء، فنظر إلى مصارع القوم فبكى حتّى كاد أنْ يموت، ثمّ قال:

وإنّ قتيلَ الطفِّ مِن آلِ هاشمٍ

أذلَّ رقاباً مِنْ قريشٍ فذَلَّتِ

مررتُ على أبياتِ آلِ محمّد

فلم أرها أمثالَها يومَ حلِّتِ

فلا يُبْعِدُ اللهُ الديارَ وأهلَها

وإنْ أصبحت منهم برغمي تخلَّتِ

وكانوا لنا عيشاً فعادوا رزيَّةً

لقد عظُمتْ تلك الرزايا وجلَّتِ

ألمْ ترَ أنّ الأرض أضحتْ مريضةً

لِفَقْدِ حُسينٍ والبلادَ اقشعرَّتِ

فقال له عبد الله بن حسن بن حسن : هلاّ قلت : أذلّ رقابَ المسلمين فذلّت(٢) .

قال ابن سعد : وقال سليمان بن قتّة يرثي الحُسين بن علي بن أبي طالب (رضي‌الله‌عنه ) :

وإنّ قتيلَ الطفِّ مِنْ آلِ هاشمٍ

أذلَّ رقاباً مِنْ قريشٍ فذلَّتِ

مررتُ على أبياتِ آلِ محمّد

فألفيتُها أمثالَها حين حلَّتِ

وكانوا لنا غُنماً فعادوا رزيَّةً

لقد عظُمتْ تلك الرزايا وجلَّتِ

فلا يُبْعِدُ اللهُ الديارَ وأهلَه

وإنْ أصبحت منهم برغمي وجلَّتِ

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ١٧٢.

(٢) تذكرة الخواصّ / ١٥٤، وفي نظم درر السّمطين - الزرندي الحنفي / ٢٢٥، ذكره هكذا : ويُروى أنّ سليمان بن قتّة - بتاء مِن فوق وهي اُمّه - وقف على مصارع الحُسين وأهل بيته (عليهم‌السلام )، واتّكأ على فرسه وجعل يبكي، ويقول : . الأبيات، إلّا أنّه جعل البيت الذي قبل الأخير أخيراً.

٤٧٩

إذا افتقرتْ قيسٌ جبرنا فقيرَه

وتقتلنا قيسٌ إذا النّعلُ زَلَّتِ

وعند غنيٍّ قطرةٌ من دمائِنا

سنجزيهِم يوماً بها حيثُ حلَّتِ

ألمْ ترَ أنّ الأرضَ أضحتْ مريضةً

لِفَقْدِ حُسينٍ والبلادَ اقشعرّتِ

( وقد أعولتْ تبكي السّماءُ لفقدِهِ

وأنجمها ناحتْ عليه وصلَّتِ )(١)

فقال له عبد الله بن حسن بن حسن : ويحك ! ألا قلت : أذلّ رقابَ المسلمينَ فذلَّتِ(٢) .

قال الخوارزمي : ولسليمان بن قتّة الخزاعي مِن قصيدة :

وإنّ قتيلَ الطفِّ مِن آلِ هاشمٍ

أذلَّ رقاباً من قريشَ فذلَّتِ

فإنْ تبتغوه عائد البيتِ تُصبحو

كعادٍ تعمَّت عن هداها فضلَّتِ(٣)

مررتُ على أبياتِ آلِ محمّد

فلمْ أرها أمثالَها يومَ حلَّتِ

فلا يُبْعدُ اللهُ الديارَ وأهلَه

وإنْ أصبحتْ منهم برغمي تخلَّتِ

ألمْ ترَ أنّ الأرضَ أمستْ مريضةً

لِفَقْدِ حُسينٍ والبلادَ اضمحلَّتِ

لقد طَفِقَتْ تبكي السماءُ لِفَقْدِهِ

وأنجُمها ناحت عليه وحنَّتِ

ألا إنّ قتلى الطفِّ مِن آلِ هاشمٍ

أذلَّتْ رِقَابَ المسلمين فذلَّتِ

وكانوا غياثاً ثمْ أضحوا رزيَّةً

ألا عَظُمَتْ تلك الرزايا وجلَّت

إذا افتقرت قيسٌ جبرنا فقيرَها

وتقتلنا قيسٌ إذا النّعلُ زلَّتِ

____________________

(١) البيت الأخير من اُسد الغابة - ابن الأثير ٢ / ٢١.

(٢) ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - من طبقات ابن سعد / ٩٢، اُسد الغابة - ابن الأثير ٢ / ٢١، باختلاف في التقدّيم والتأخير وبعض المفردات.

(٣) هذان البيتان من تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٥٩.

٤٨٠