المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ٢

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)0%

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 272

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

مؤلف: الإمام الكبير والـمُصنّف الشّهير الشّيخ فخر الدّين الطريحي النّجفي
تصنيف:

الصفحات: 272
المشاهدات: 32096
تحميل: 4360


توضيحات:

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 272 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32096 / تحميل: 4360
الحجم الحجم الحجم
المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء 2

مؤلف:
العربية

يا شمر درّ الحسام عن دمه

وفي جنان عداً تجاورنا

فقال خلوا لكم جنانكم

لا أبتغي دون قتله ثمنا

وميز الرأس ثمّ شال به

قابض منه بكفه الأذنا

وخلف الجسم عارياً شحباً

من حركات الحياة قد سكنا

فلو ترى فاطماً تقبله

أصابعه من دمائه الردنا

قائلة يا أخي مصابك قد

أسهر أجفاننا وأنحلنا

عزّ عليّ جدنا ووالدنا

وأمنا أن ترى وعمتنا

إذ كل شخص تراه يسلبنا

وبعد سلب الثياب يضربنا

وإن يروك الغداة منجدلا

معفراً في التراب مرتهنا

يا عمتاه قربوا جهازهم

ما تنظري في جوار سيدنا

قالت فما حيلتي وخيلهم

تجري على صدره وتدفعنا

لكن تنادي عليه وابتدرت

تقول يا قوم من يكرمنا

غريب مقتول ما له أحد

من ذا على دفنه يساعدنا

من يكسب الأجر من يلحده

ومن يعبي الحنوط والكفنا

فلم يجبها من الورى أحد

فقالت الغوث من مصيبتنا

أودعتك الله يا حسين متى

يا سيّدي باللقا تواعدنا

وزينب في النساء قائلة

أين مراد المنافقين بنا

لم يكفهم ذلنا وغربتنا

فالشتم والضرب فوق عاتقنا

يسيرونا على المطي بلا

ستر وفي كسبهم براقعنا

يا ويلهم ما أشد كفرهم

ما يرحمونا لوجه خالقنا

يا حادي العيس لا رحمت فكم

في السير يا بن الزنيم تعنفنا

كم نطلب الرفق ما نحصله

والرأس فوق القناة يقدّمنا

وا ذلنا بعدهم وغربتهم

وا طول تشتيتنا ومحنتنا

يا آل بيت النّبي رزءكم

أنحل أبداننا وأزعجنا

قد حول الكل من مسرتنا

وقبل أن المشيب شيبتنا

لا رحم الله من معى لكم

في الظلم قدماً ومن عليه بنا

٤١

ويل ابن سلما وويل صاحبه

قد فتنا العالمين وافتتنا

فلعنة الله لا تزال على

روحيهما عد من قصي ودنا

ومن توالاهما ومال إلى

قوليهما وإليهما ركنا

يا صفوة الله لا نظير لكم

يا من بهم سميت مناً بمنى

عبدكم الدرمكي باعكم

مهجته إذ نقدتم الثمنا

في قولهم لا يخاف من مسكت

كفاه في حشره ولايتنا

يا آل طه وهل (أتى) (وسب)

ومن إلى قصدهم توجهنا

صلّى عليكم إلهكم أبدا

ما صاح طير وما علا غصنا

الباب الثّالث

أو لا ينتبه من الضّلال من رغب عن الآل وتحمّل الذّنوب الثّقال , أم على القلوب الأقفال ؟ ولكن اعلموا رحمكم الله وهداكم الطّريق القويم والصّراط الـمُستقيم , إنّ أهل البيت ومَن تابعهم من الأنام , لم يزالوا مُضطهدين في الدُنيا إلى يوم القيامة والرّزايا تعمّهم ؛ ليعظم لهم الثّواب ويوفون بأجورهم يوم الحساب , وليس سبي الذرّيّة وقتل العترة النّبويّة بأوّل منكر نهض أهل الشّنآن إليه وحملهم الشّيطان عليه , بل تقدّمته أحوال كانت له كالأساس وترتّب عليها هذا الرّزء , فكان أعظم منها على النّاس.

روي : أنّه لـمّا جاءت فاطمة إلى أبي بكر وكلّمته في أمر فدك والعوالي , قال لها : يا بنت رسول الله , ما أورثكي أبوك لا درهماً ولا ديناراً , وأنّه قال : الأنبياء لا يورّثون. فقالت له : (( يا أبا بكر , إنّ فدكاً والعوالي قد وهبهما لي أبي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) )). فقال لها : مَن يشهد لك بذلك ؟ فجاء عليّ فشهد لها بذلك , ثمّ جاءت اُمّ أيمن فقالت : يا أبا بكر , إنّ السّماء تشهد إنّي من أهل الجنّة , وإنّي ما أقول إلّا حقّاً , وإنّي أشهد أنّ رسول الله أعطى فدكاً والعوالي لابنته فاطمة. فقال أبو بكر : يا بنت رسول الله , صدق عليّ وصدقت , ولكن رسول الله يدفع إليكم من فدك والعوالي قوتكم , ويُقسّم الباقي على المؤمنين من أصحابه , وينفق الباقي في سبيل الله , وأنت فما تصنعين بها ؟ فقالت : (( وأنا أصنع بها ما كان يصنع بها أبي )). فارتجّ الأمر بينهم وغضب أبو بكر من قولها وخرجت فاطمة ,

٤٢

[ولم](١) تزل فدك والعوالي في أيديهم إلى أن ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان , فاقتطع مروان بن الحكم ثلثها واقتطع يزيد بن معاوية ثلثها , ولم يزالوا يتداولونها إلى أن انحصرت كلّها في يد مروان بن الحكم في أيّام خلافته , فوهبها مروان لولده عبد العزيز ولابنه عمر ، فلمّا تولّى الأمر عمر بن عبد العزيز , كانت فدك أوّل ظلامة ردّها على أهل بيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , ورفع السّب عن عليّ (عليه‌السلام ) , ثمّ إنّ عمر بن عبد العزيز دعا بعلي بن الحُسين (عليه‌السلام ) , فدفع فدك إليه وصارت فدك بيد أولاد فاطمة الزّهراء (عليها‌السلام ) مدّة خلافة عمر بن عبد العزيز , فلمّا توفي وصار الأمر إلى بني اُميّة , جعلوا يتداولونها إلى أن نُقلت الخلافة عنهم , فلمّا آل الأمر إلى السّفاح , ردّها إلى أهل البيت , ثمّ غصبها منهم موسى بن المهدي وأخوه هارون الرّشيد ، ولم تزل في أيدي بني العبّاس إلى أن آل الأمر إلى المأمون , فردّها إلى نسل فاطمة (عليها‌السلام ).

قال صاحب الحديث : فلمّا جلس المأمون [على](٢) تخت الـمُلك , ناول رقعة وقعت في يد المأمون قصّة فدك , فنظر إليها طويلاً وبكى وقال لبعض غلمانه : ادع لي أولاد فاطمة. فقدّم إليه شيخ كبير علوي من نسل فاطمةعليها‌السلام , فجعل العلوي يُناظر المأمون ويُباحثه فيها , والمأمون يحتجّ عليه والعلوي يحتجّ المأمون إلى أن حصحص الحقّ , فأمر المأمون له بها وأمر القاضي أن يسجّلها , فلمّا كتب السّجل وقرأ عليه الواقعة استحسنه.

ولم تزل فدك في أيدي أولاد فاطمةعليها‌السلام إلى أيّام سلطنة الـمُتوكل من بني العبّاس , وقد تبقّى من نخل فدك أحد عشر نخلة من غرس رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وكان بنو فاطمة يأخذون ثمرها ويحفظونه عندهم في مدينة الرّسول , فإذا قدم الحاج إلى المدينة , أهدوا إليهم ثمراً من غرس رسول الله , فيتبرّكون به ويأخذونه إلى بلادهم وأهاليهم , ثمّ يوصلون أولاد فاطمة نفقة من الدّراهم والدّنانير , فيصير إليهم من ذلك مال جزيل فيتعيشون به طول سنتهم ؛ وذلك كلّه من بركات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , ولم تزل بركات رسول الله إلى آخر الدّهر.

فانظروا يا أهل العقول والإفهام إلى فعل هؤلاء الكفرة اللئام , كيف تطاولت أيديهم على غصب ميراث ابنة رسول الملك العلام وابنة خيرة الله في الأنام , واستمرّ ظلمهم لفاطمة إلى الذرّيّة والعترة النّبوية , فشرّدهم في أطراف البلاد , وقتلوا منهم الآباء والأجداد والأبناء والأولاد , وسبوا حريمهم على الأقتاب بالمذلّة والاكتئاب ,

____________________

(١) من إضافات المقوّم. (معهد الإمامين الحسنين).

(٢) من إضافات المقوّم. (معهد الإمامين الحسنين).

٤٣

ولم يخشوا من أهوال يوم الحساب , فلعنة الله تغشاهم أجمعين إلى يوم الجزاء والدّين.

روي عن عبد الله بن عامر , قال : لـمّا أتى نعي الحُسين (عليه‌السلام ) إلى المدينة , خرجت اُمّ أسماء بنت عقيل بن أبي طالب في جماعة من نسائها , حتّى انتهت إلى قبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , فلاذت به وشهقت عنده ، ثمّ التفتت إلى المهاجرين والأنصار وهي تقول :

ماذا تقولون إذ قال النّبي لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموع

خذلتم عترتي أو كنتم غيباً

والحق عند ولي الأمر مجموع

أسلمتموهم بأيدي الظّالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع

ما كان عبد غداة الطف إذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهن مدفوع

قال : فما رأينا باكياً ولا باكية أكثر ما رأينا ذلك اليوم.

وفي الخبر عن أبي سعيد الخدري , قال : لـمّا كان يوم اُحد , شُجّ النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في وجهه وكُسرت رُباعيته , فقام (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) رافعاً يديه يقول : (( إنّ الله تعالى اشتدّ غضباً على اليهود إذ قالوا العزيز ابن الله , واشتد غضبه على النّصارى إذ قالوا المسيح ابن الله , وإنّ الله قد اشتد عضبه على مَن أراق دمي وآذاني في عترتي )).

ألا لعنة الله على القوم الظّالمين ، ألا وإنّ الجنّة مُحرّمة عليهم أجمعين كما جاء بذلك الخبر عن سيّد البشر , حيث قال : (( حرمت الجنّة على مَن ظلم أهل بيتي وقاتلهم والمعترض عليهم والسّاب لهم , أولئك لا خلاق لهم في الآخرة , ولا يكلّمهم الله يوم القيامة , ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم )). إلاّ وعلى محبّي أهل البيت رحمة الله وبركاته , ولهم في الحياة الدُنيا والآخرة , كما وردت به الأخبار عن المكرمين الأبرار ، فعن رسول الله (ص) : (( حُبّنا أهل البيت يُكفّر الذّنوب ويُضاعف الحسنات , وإنّ الله تعالى ليتحمّل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد , إلّا ما كان منهم فيهم على إصرار وظلم للمؤمنين , فيقول للسيئات كوني حسنات )).

وعن جعفر بن مُحمّد (عليه‌السلام ) , قال : (( نفس المهموم لظلمنا تسبيح , وهمّه لنا عبادة , وكتمان سرّه جهاد في سبيل الله )). ثمّ قال أبو عبد الله (عليه‌السلام ) : (( يجب أن يُكتب هذا الحديث بماء الذّهب )). وعنه (عليه‌السلام ) , أنّه قال : (( رحم الله شيعتنا , أنّهم أوذوا فينا ولم نود [نؤذ](١) فيهم , شيعتنا منّا قد خُلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنور ولايتنا , رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة ,

____________________

(١) من إضافات المقوّم. (معهد الإمامين الحسنين).

٤٤

يصيبهم مصابنا ويبكيهم ما أصابنا , ويحزنهم حزننا ويسرّهم سرورنا , ونحن أيضاً نتألّم لتألّمهم ونطّلع على أحوالهم , فهم معنا لا يفارقونا ولا نفارقهم ؛ لأنّ مرجع العبد إلى سيّده ومعوّله على مولاه , فهم يهجرون مَن عادانا , ويجهرون بمدح مَن والانا , ويباعدون مَن آذانا. اللّهمّ , أحيي شيعتنا في دولتنا وابقهم في مُلكنا. اللّهمّ ملكتنا. اللّهمّ , إنّ شيعتنا منّا ومضافين إلينا , فمَن ذكر مصابنا وبكى لأجلنا أو تباكى , استحى الله أن يُعذّبه بالنّار )) :

فيا لك مقتولا أصيب بقتله

ملائكة الرحمن والجن معهم

ويا لك من رزء عظيم إذا به

تقاس الرزايا كلها فهو أعظم

ويا لك من يوم مهول تزلزلت

له الأرض والأطيار بالجو حوم

ويا لك من حزن كان مذاقه

على شيعة المختار صأب وعلقم

روي عن عبد الله بن العبّاس , قال : كُنّا مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وإذا بفاطمة الزّهراء قد أقبلت تبكي , فقال لها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( ما يبكيك يا فاطمة ؟ )). فقالت : (( يا أبه , إنّ الحسن والحُسين قد غابا عنّي هذا اليوم , وقد طلبتهما في بيوتك فلم أجدهما ولا أدري أين هُما , وإنّ عليّاً راح إلى الدّالية مُنذ خمسة أيّام ؛ يسقي بستاناً له )). إذ أبو بكر قائم بين يدي النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , فقال (ص) له : (( يا أبا بكر , اطلب لي قرّة عيني )). ثمّ قال : (( يا عمر ويا سلمان ويا أباذر ويا فلان ويا فلان , قوموا فاطلبوا قرّة عيني )). قال : فأحصينا على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنّه وجد سبعين رجُلاً في طلبهما , فغابوا ساعة ورجعوا ولم يصيبوهما , فاغتمّ النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) غمّاً شديداً , فوقف عند باب المسجد وقال : (( اللّهمّ , بحقّ إبراهيم خليلك , وبحقّ آدم صفيّك , إن كان قرّتا عيني وثمرتا فؤادي أخذا برّاً أو بحراً , فاحفظهما وسلّمهما من كلّ سوء يا أرحم الرّاحمين )). فإذا بجبرائيل (عليه‌السلام ) قد هبط من السّماء , وقال : يا رسول الله , لا تحزن ولا تغتم فإنّ الحسن والحُسين فاضلان في الدُنيا والآخرة , وقد وكّل الله بهما ملكاً يحفظهما إن ناما أو قعدا أو قاما , وهما في حضيرة بني النّجار. ففرح النّبي بذلك وسار وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والـمُسلمون من حوله , حتّى دخلوا حضيرة بني النّجّار , وذلك الموكّل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما , وعلى كلّ واحد منهما دراعة من صوف , والمداد على شفتيهما , وإذا الحسن مُعانق

٤٥

الحُسين وهما نائمان , فجثي النّبي على ركبتيه ولم يزل يقبّلهما حتّى استيقظا , فحمل النّبي الحُسين (عليه‌السلام ) وحمل جبرائيل الحسن , وخرج النّبي من الحضيرة وهو يقول : (( معاشر النّاس , اعلموا أنّ مَن أبغضهما فهو في النّار , ومَن أحبّهما فهو في الجنّة , ومن كرمهما على الله تعالى سمّاهما في التّوراة شبّراً وشبيراً )).

فيا إخواني , هذا والله الشّرف الرّفيع والفضل المنيع , والمجد الفاخر والنّور الزّاهر , والعنصر الطّيب الطّاهر. فعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون , أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان , فنظم وقال فيهم :

القصيد للشيخ ابن حماد (رحمه‌ الله تعالى )

إبك ما عشت بالدموع الغزاري

لذراري مُحمّد المختار

شردوا في البلاد شرقاً وغرباً

وخلت منهم عراص الديار

وغزتهم بالجند أرجاس حقد

بغليل من الصدور الحرار

وكأني بهم عطاشا يسقون

كؤوس الردا بحد الشفار

وكأني أرى الحُسين وقد نكس

عن سرجه تريب العذار

وهوى شمر اللعين عليه

ففرى رأسه بماضي الجمار

ثم علاه في السنان سنان

يتلألأ كضوء شمس النهار

وكأني بالطاهرات وقد

أبرزن للسبي من سجوف الديار

وأني بزينب إذ رأته

وهو ملقى على الجنادل عار

سقطت دهشة ونادت بصوت

يترك الصخر ذكره ذا انفطار

يا أخي لا حييت بعدك بل لا

نعمت مقلتي بطيب القرار

أبرزت للسباء منا وجوه

طال ما صينتها عن الأبصار

يا أخي لو ترى سكينة قد

ألبسها اليتم حلة الإنكسار

لو تراها تخمر الرأس بالكم

حياءاً من بعد سلب الخمار

تستر الوجه باليمين وقد

تمسك حزناً أحشاءها باليسار

كلما حث حادي العيس بالسير

وحدت في حداتها باشتهار

هتفت عمتاه ما لي أرى

السائق مستعجلاً بحث القطار

٤٦

عمتاه ليته يرفق بالسير

فأعطيه دملجي وسواري

وعزيز عليّ أبي لو أبي يراني

أتلافاه خيفة وأداري

لعن الله ظالميكم من الناس

معا بالعشي والإبكار

لو درى زائر الحُسين بما

أوجبه ذو الجلال للزوار

فلهم عفوه ورضوانه عنهم

وحط الذنوب والأوزار

وتناديهم الملائكة قد أعطيتهم

الأمن من عذاب النار

بشروهم بأنهم أوليائي

في منّي وذمتي وجواري

وخطاهم محسوبة حسنات

هبة من إلهنا الجبار

وعليهم أخلاف ما انفقوه

ضعف من درهم ومن دينار

فإذا زرته فزده بأخبار

ونسك وخشية ووقار

وادع من يسمع الدعاء من

الزائر في جهرة وفي الاسرار

ويرد الجواب إذ هو حي

لم يمت عند ربه الغفار

ثم طف حول قبره والتثم

تربة قبر معظم المقدار

فيه تفاحة النّبي وعلي

وابن بر وخامس الأبرار

وهو خير الورى أباً ثمّ أماً

وأبو السادة الهداة الخيار

جده الـمُصطفى وولده الهادي

عليّ من مثله في الفخار

سبط الحمى بلحمهم ودمي

فهو محل الشعار ثمّ الدثار

فعليهم صلّى المهيمن ما غرد

طير على ذري الأحجار

وأنا الشاعر ابن حماد الناظم

فيهم قلائد الأشعار

٤٧

المجلس الثّالث

من الجزء الثّاني في الليلة السّابعة من عشر الـمُحرّم

وفيه أبواب ثلاثة

الباب الأوّل

أيّها الإخوان , كيف تخفي زفرات الأحزان , أم كيف تطفي لهفات الأشجان وقد جرى ما جرى لسادات الزّمان ؟! تُقطّع منهم الأوصال , ويجدّلون على الرّمال , ويجرعون كؤوس الحتوف بأرض الطّفوف , وتُجرّ نساءهم سبايا على أقتاب المطايا.

فوا عجباه من تلك القلوب القاسية والنّفوس الملعونة العاصية , أما اختبروهم أنّهم ودائع الرّحمن ؟! أما سمعوا مدحهم في مُحكم القُرآن ؟!

فيا ويل مَن تجرّأ على اُمرائه وساداته الذين هُم أصل دينه وهُداته ! فبالله عليكم أيّها الإخوان , أطيلوا البكاء عليهم , وعجّوا بالابتهال في قبول الطّاعات عند ذي الجلال إليهم , وأسيلوا الدّموع الهتان واكثروا النّوح والأحزان , وكيف لا تشبّ نار أشجاني من ضلوعي كُلّما قرحت أجفاني سواكب دموعي ؟! :

وحقك لا ترى بي من ملال

ولا يثني عناني عنك ثاني

كفاني أن دمعي فيك جار

وحسبي أنني بهواك عاني

روي عن الصّادق أنّه قال : (( لـمّا خرج أمير المؤمنين إلى حرب صفّين , فلم يزل سائراً حتّى إذا كان قريباً من كربلاء على مسيرة ميل أو ميلين , تقدّم يسير أمام النّاس حتّى إذا صار بمصارع الشُهداء رضوان الله عليهم , قال : أيّها النّاس , اعلموا أنّه قُبض في هذه الأرض مئتا نبيّ ومئتا سبط من أولاد الأنبياء كلّهم شُهداء ,

٤٨

وأتباعهم معهم استشهدوا معهم. ثمّ إنّه (عليه‌السلام ) طاف على بغلته في تلك البقعة , ومع ذلك خارج رجليه من الرّكاب وهو يقول : هُنا والله مناخ ركاب ومصارع شهداء , لا يسبقهم بالفضل مَن كان قبلهم ولا يلحقهم مَن كان بعدهم. ثمّ نزل (عليه‌السلام ) وجعل يبكي وهو يقول : آه , وا حزناه ! ما لي وما لآل بني سُفيان ، ومالي وما لآل حرب حزب الشّيطان ، صبراً صبراً يا أبا عبد الله , لقد لقي أبوك منهم مثل ما تلقى منهم. ثمّ إنّه توضئ وصلّى ثمّ ذكر كلامه الأوّل , ثمّ نعس فخفق خفقة وانتبه وهو يقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون. فقال له ابن عبّاس : رأيت رؤيا خير إن شاء الله تعالى ؟ فقال (ع) له : يابن عبّاس , رأيت كأنّي برجال قد نزلوا من السّماء وهم مقلدين بسيوفهم ومعهم غلام أبيض , وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة ، ثمّ رأيت كأنّ هذا النّخل قد ضربت بأغصانها الأرض , وصارت تضطرب بدم عبيط , وكأنّي بالحُسين ولدي ونجلي وقومي ومضغتي , يستغيث فلا يُغاث ويستجير فلا يُجار , والرّجال الذين نزلوا من السّماء يقولون له : صبراً صبراً يابن رسول الله يا أبا عبد الله , فإنّكم تُقتلون على يدي أشرّ النّاس , وهذه الجنّة مشتاقة إليكم. ثمّ إنّهم أقبلوا يعزونني بولدي الحُسين , ويقولون لي : صبراً صبراً يا أبا الحسن ! أحسن أحسن الله لك العزاء بولدك الحُسين , فقد أقرّ الله به عينيك يوم القيامة , يوم يقوم النّاس لربّ العالمين )).

فيا لك من أمر فظيع على الورى

ومن عثرة ما أن يقال ولا تعفا

فلله ما أعمى رجال عن الهدى

ولله ما أقسى قلوباً وما أجفى

ولا عجباً أن يفسدوا دين أحمد

وإن يلحدوا فيه وقد أسلموا عنفا

روي عن مسمع بن عبد الملك كردين البصري , قال : قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام ) : (( يا مسمع , أنت من أهل العراق , أما تأتي قبر الحُسين ؟ )). قُلت : لا , إنّما أنا رجل مشهور عند أهل البصرة , وعندنا مَن يتبع هذا الخليفة , وأعداؤنا كثير من أهل القبائل من النّصّاب وغيرهم , ولست آمنهم أن يدفعوا عليّ عند ولد سُليمان فيمثلوني. قال (ع) : (( أفما تذكر ما صُنع به ؟ )). قُلت : بلى والله. قال : (( فتجزع ؟ )). قُلت : أي والله , واستعبر حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليّ , فامتنع من الطّعام والشّراب حتّى يستبين ذلك في وجهي. قال : (( رحم الله دمعتك , أما أنّك من

٤٩

الذين يُعدّون من أهل الجزع لنا , والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا , ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا آمنّا , أما أنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملك الموت بك , وما يلقونك به من البشارة أفضل , ولملك الموت أرقّ عليك وأشدّ رحمة لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها )). قال : ثمّ استعبر واستعبرت معه ، فقال : (( الحمد لله الذي فضلّنا على خلقه بالوصية , وخصّنا أهل البيت بالرّحمة. يا مسمع , إنّ الأرض والسّماء ليبكيان مُنذ قُتل أمير المؤمنين رحمة لنا , وما بكي لنا من الملائكة أكثر , وما رقت دموع الملائكة منذ قُتلنا , وما بكى أحد رحمة لنا ولِمَ لقينا إلّارحمه‌ الله قبل أن تخرج الدّمعة من عينيه , فإذا سالت دموعه على خدّه , فلو أنّ قطرة من دموعه سقطت في جهنّم لأطفأت حرّها حتّى لا يوجد لها حرّ , وإنّ الموجع قلبه [لنا](١) ليفرح [يوم](٢) يرانا عند موته فرحة , ولا تزال تلك الفرحة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض , وإنّ الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه حتّى ليذيقه من ضروب الطّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه , يا مسمع , مَن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها ولم يسق بعدها أبداً , وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزّنجبيل , أحلى من العسل وألين من الزّبد , وأصفى من الدّمع وأزكى من العنبر , يخرج من تسنيم ويمرّ بأنهار الجنان , يجري على رياض الدّر والياقوت , وفيه القدحان أكثر من عدد نجوم السّماء , يوجد ريحه من مسيرة ألف عام , قدحاته من الذّهب والفضّة وألوان الجواهر , يفوح في وجه الشّارب منه كلّ فائحة , حتّى يقول الشّارب منه ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلاً ولا عنه تحوّلاً , أما أنّك يا كردين , ممّن تروي منه , وما من عين بكت لنا إلّا أنعمت بالنّظر إلى الكوثر وسُقيت منه , وإنّ الشّارب منه ليُعطى من اللذّة والطّعم والشّهوة له أكثر ممّا يُعطاه من دونه في حبّنا , وإنّ على الكوثر أمير المؤمنين وفي يده عصا عوسج ؛ يحطّم بها أعداءنا , فيقول الرّجل منهم : إنّي أشهد الشّهادتين. فيقول له : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك. فيقول : تبرّأ منّي إمامي الذي تذكره. فيقول له : ارجع إلى وراءك فقُل للذي كُنت تتولاه وتقدّمه على الخلق أن يشفع لك , فإنّ خير الخلق حقيق أن لا ير إذا شفع. فيقول : إنّي أهلك عطشاً. فيقول له : زادك الله ظمأً وزادك الله عطشاً )). قُلت : جُعلت فداك ! وكيف يقدر على الدّنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟.

____________________

(١) و (٢) من إضافات المقوّم. (معهد الإمامين الحسنين).

٥٠

قال : (( ودع عن أشياء قبيحة , وكف عن شتمنا إذا ذكرنا , وترك أشياء اجترأ عليها غيره , وليس ذلك لحبّنا ولهوى منه لنا , ولكن ذلك لشدّة اجتهاده في عبادته وتدينه , ولما قد شغل به نفسه عن ذكر النّاس , وأمّا في قلبه فمنافق ودينه النّصب واتباعه أهل النّصب , قد تولّى الماضين وقدمهما على كلّ أحد )) :

وإني ليشجيني إدكاري عصابة

بأكناف أرض الغاضريات قتيل

ومن بينهم سبط النّبي مُحمّد

ومهجته فوق الصعيد مجدل

وقد طحنت منه جناجن صدره

تقاسمه قوم أضاعوا وبدل

ورحل بني الهادي النبي الموزع

تقاسمه قوم أضاعوا وبدل

رجالهم صرعى بكل تنوفة

ونسوتهم في السبي حسرى وثكل

وأطفالهم غرثى يمضهم الطوى

وليس لهم بر هنالك يكفل

فيا إخواني , حسدوهم على الكمال وجلّ وعلا مجدهم أن ينال ، أمّا أمير المؤمنين , فإنّهم أغروا به المرادى اللعين وأبرزوا له قطام فهواها , فأبت أن تبلغ نفسه أمانيها إلّا بشيء من الحطام وقتل عليّ (عليه‌السلام ) , فتعهّد بمهرها وطاوعها على أمرها , وفيه تقول من تعجّب من إقدامه وعلو مرامه :

ثلاثة آلاف وضرب وقينة

وضرب عليّ بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من عليّ وإن غلا

ولا فتك إلاّ دون فتك ابن ملجم

فلمّا كان وقت الغداة , ضربه بالسّيف وهو يوقظ للصلاة , فدعاه إلى جنّته فمات من ضربته.

وأمّا الإمام الحسن (عليه‌السلام ) , فدسّوا إليه السّم فمات كما فعلوا بجدّه مُحمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

عن الإمام الصّادق (عليه‌السلام ) : (( أنّ الحسن قال لأهل بيته : إنّي أموت بالسّم كما مات به جدّي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). قالوا : ومَن يفعل ذلك ؟ قال : امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس , فإنّ معاوية يدسّ إليها ويأمرها بذلك. فقالوا : اخرجها من منزلك وباعدها من نفسك. قال : كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئاً ؟ ولو أخرجتها , ما قتلني غيرها وكان لها عذري عند النّاس. فما ذهبت الأيّام والليالي حتّى بعث إليها معاوية مالاً جسيماً , وجعل يُمنّيها بأن يعطيها مئة ألف درهم وأيضاً يزوّجها من

٥١

يزيد , وحمل إليها شربة من السّم لتسقيها الحسن , فانصرف (عليه‌السلام ) إلى منزله وهو صائم وكان يوم شديد الحرّ , فأخرجت له وقت الإفطار شربة من لبن قد ألقت فيها ذلك السّم , فشربها فقال : يا عدوة الله ! قتلتيني قتلك الله , والله لا تصيبين منّي خلقاً ولقد غرّك وسخر منك , والله يخزيه ويخزيك. فمكث (عليه‌السلام ) يوماً ومضى إلى رضوان الله , فغدر معاوية بها ولم يف لها )).

وأمّا الحُسين (عليه‌السلام ) , فقد غرّوه بالمكاتيب وزخرفوا له الأكاذيب , وقالوا : اقدم على السّعة والتّرحيب والمنزل الخصيب , ونحن لك أجناد وأرقّاء وعباد. فلمّا أناخ بساحتهم , سارعوا إليه بالسّيوف والرّماح وصادموه في ميدان الكفاح , وقالوا : لا براح ولا سعة ولا فساح. فجاهدهم بمَن معه من أوليائه وبني أبيه وأحبّائه , فأتوا على آخرهم وأذاقوهم الحتوف ؛ رشقاً بالنّبال وطعناً بالرّماح وضرباً بالسّيوف. فيا ويحهم ما أجرأهم على سفك دم رسول الله ! ويا ويلهم ما أسرعهم إلى تقريح كبد البتول ! وكأنّهم قد نسوا المعاد إلى ربّ العباد.

فعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون , أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة لابن السّمين (عليه الرّحمة)

من لقلب عن الهوى في اشتعال

وللب من الجوى في اشتغال

ولجسم من الضنا في سقام

ولبال من العنا في وبال

ولطرف من الأسى في سهاد

ولدمع من البكا في انهمال

ولوجد من البلا في مقام

ولصبر من البلا في ارتحال

أي عذر لمن يبيت خليا

من جوى نار قلبه غير صال

خل يا خل ذا الملام فقلبي

قد تخلى عن القلوب الخوالي

لا يبالي بقول حُبّ محب

في ملائم ولائم قال قالي

ما شجاه هجر الحبيب ولا فقد

قرين ولا تغير حال

بل شجاه مصاب آل رسول الله

خير الورى وأشرف آل

ما أهل الشهر المحرم إلّا

هلّ طرفي بمدمع هطال

وتمثلت ما جرى لموال

يتعالى مصابهم عن مقال

٥٢

كيف صبر المحب وهو يرى

الأحباب من بعد عزة وجلال

وحبيب الحبيب بين قتيل

وجريح وموثق بالحبال

ووجوهاً لا تنظر الشمس إلّا

حذراً أن يفوت وقت الزوال

مسفرات من بعد ستر حجاب

مبديات من بعد سجف حجال

لست أنسى الحُسين روحي فداه

وقليل يفدى بنفسي ومالي

قائلاً للعدو ألين قول

لبيان وحجة في المقال

قد عرفتم أبي وجدي وأمي

وعرفتم أخي وعمي وخالي

لم جعلتم عزاء أحمد فينا

بعد حسن الفعال قبح الفعال

ولماذا نهجتم منهج القتل

ولم آت موجباً للقتال

أتروني حرمت غير حرام

أم تروني حللت غير حلال

فاهتدوا منهج الرشاد وحيدوا

عن طريق الردى وسبل الضلال

واعلموا إنني الولي فيا حزن

المعادي وقرحة المتوالي

وإلينا حكم المعاد جميعاً

ومآل الحساب يوم المآل

فبماذا تجادلون يوم لا ينفع

عند الجدال واهي الجدال

مذ تناهى قوم الإمام تناهوا

في إذاء وضيقوا في المجال

وأبادوا الأبرار من حزبه الأخيار

فتكاً بالمرهفات الصقال

بددوا جمعهم ببيض قصار

ونصال زرق وسمر طوال

لست أنساه بعد قتل أحباه

وقتل الفرسان والأبطال

قاصداً منهج الخيام إلى الفسطاط

هوناً موصياً للعيال

أجملوا الصبر آل بيت رسول الله

فالأجر فيه للإجمال

أخت طفلي الصغير أوصيك فيه

دون كل العيال والأطفال

ناولينيه كي أزود منه

ناظري بالوداع قبل ارتحال

فاتته به وكان محياه

منيراً يفوق نور الهلال

فرآه والجسم يذوي ذبولاً

وهو ظامي وحاله غير حالي

عندها قال والجوى في اتقاد

ليس يطفي ودمعه في انهمال

أين من يرحم الصغير ويطفي

حر صدر ببرد ماء زلال

٥٣

طلب الماء منهم فسقوه

من كؤوس المنون ماء وبال

ورماه رام بسهم مشؤوم

جاء في نحره العزيز المثال

فملأ من دمائه راحتيه

قائلاً في سبيل رب الجلال

وأتته النبال من كل وجه

وهو لا يختشي لوقع النبال

عندما حان حينه وأتاه

الأجل الـمُرتضى من الآجال

خر ملقى عن مهره في هبوط

من ثراه وقده في نفال

وغدا مهره إلى الأهل ينعاه

بشجو وسرجه منه خالى

فابتدرن النساء يندبن ندباً

بضروب التعويل والإعوال

لهف قلبي وقد مررن بمثواه

قتيلاً ملقى بتلل التلال

رض منه صدر وخر كريم

وهو عاري السربال والسروال

فتصارخن صرخة رجّت الأعداء

منها وأيقنوا في الوبال

وبكت أعين السّماء دماء

وسفت بالرماد ريح الشمال

لهف قلبي لأم كلثوم تنعاه

بقلب بجمر البين صالي

وتناديه يا أخي يا مألي

ومأل الرجال والآمال

يا أخي يا مؤملي يا منيلي

ومنيل السؤال قبل السؤال

بأبي جسمك السليب لباساً

وعليه ملابس من رمال

بأبي رأسك المعلي يفوق البذر

في تمه أوان الكمال

يا أخي لو رأيت إبنك في الأسر

وثقل القيود والأغلال

يا أخي لو رأيتنا كيف نسري

في الفيافي على ظهور الجمال

سلبوا لباسنا حيث لا نستر

عن أعين النساء والرجال

بعدما أضرموا الضرام وشنوا

غارة في خيامنا والرجال

ورمونا عن قوس حقد قديم

وحديث بأسهم في نكال

حيث وصيتنا بصبر جميل

في جميع الأمور والأحوال

فعلى الصبر قد جعلت اعتمادي

وعلى الأجر قد جعلت اتكالي

يا ذوي الحجر والطواسين والرعد

وأهل الإنعام والإفضال

لكم يا بني عليّ علاء

في وداد وسؤدد في كمال

٥٤

ومحل في رفعة ومعال

في فعال وعزة في جلال

وبهاء في بهجة وضياء

في تلال ورونق في جمال

ومغان رضعن در المعاني

ومعان رضغن در المعالي

فلهذا إن قيل فيكم نظام

قيل هذا جواهر أم لئالي

ولهذا قد زان نظماً بمدح

في علاكم فتى السمين الموالي

أنتم الحرز والذريعة والذخر

غداً يوم حشره والمآل

يوم لا ظل في القيامة إلّا ظلكم

فاسكنوه تحت الظلال

فعليكم من الإله صلاة

جمة بالغدو والآصال

الباب الثّاني

نوحوا أيّها المحبّون لآل الرّسول على مصاب أبناء الزّهراء البتول , وابكوا عليهم بالدّموع السّجام ؛ لأنّهم الهُداة الأعلام وأئمة أهل الإسلام , فلا خير والله في البكاء على الأطلال الخالية , ولا خير والله في الحزن على الرّمم البالية , ولا فضيلة والله في البكاء على الآباء والأجداد والأبناء والأولاد , ما لم يكن على مصاب العترة النّبوية والذرّيّة العلوية.

كما ورد في الخبر عن سيّد البشر , أنّه قال : (( مَن ذُكرنا عنده فبكى لمصابنا وحزن لما نابنا من نوب الدّهر , غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر )). وفي الخبر أيضاً عن عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) , أنّه قال : (( ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة , أو دمعت عيناه فينا دمعة , إلّا بوّأه الله في الجنّة حقباً )). وعنهم (عليهم‌السلام ) , أنّهم قالوا : (( مَن بكى وأبكى ولو واحداً , ضمنّا له على الله الجنّة , ومَن لم يتأتّ له البكاء فتباكى , فله الجنّة )).

فهذه يا إخواني النّعمة العظمى والفضيلة الكبرى , وفّقنا الله وإيّاكم للأجر العظيم والثّواب الجسيم , والخلود في جنان النّعيم مع مُحمّد وأخيه وعترته وذراريه :

حتى متى وإلى متى تتصبر

فلمثل هذا اليوم دمعك يذخر

اليوم فلتذهب النفوس كآبة

وعلى الخدود من المحاجر تقطر

وجدي يزيد وحسرتي ما تنقضي

وجواً يحل ومدمع يتحدر

٥٥

ظفرت علوج أمية بإمامنا

ظفراً تكاد له الصخور تفجر

قتل الحُسين فيا سماء تفطري

فلمثل مصرعه المرائر تفطر

ومن العجائب أن مولانا اشتكى

ظمأ وفي كلتا يديه أبحر

أخذ الحُسين بكفه طفلاً له

عطشان من فرط الظمأ يتضور

خرجت سكينة والحُسين مرمل

دامي الترائب والجبين معفر

فغدت تعفر وجهها بدمائه

وتقول وا كرباه مثلك ينحر

وغدت تناجي جدها وتقول قد

حكمت بنا قوم عتوا وتجبروا

يا آل أحمد ما رأينا نكبة

إلّا ونكبتكم أجل وأكبر

صلّى الإله عليكم ما غردت

ورق الحمام ولان غصن مثمر

فيا ويلهم باعوا الآخرة بالأولى واستبدلوا بالأرذل الأدنى !

قيل : لـمّا جمع ابن زياد لعنه الله تعالى قومه لحرب الحُسين (عليه‌السلام ) , كانوا سبعين ألف فارس , فقال ابن زياد : أيّها النّاس , مَن منكم يتولّى قتل الحُسين وله ولاية أي بلد شاء ؟ فلم يجبه أحد منهم , فاستدعى بعمر بن سعد لعنه الله , وقال له : أريد أن تتولّى حرب الحُسين بنفسك. فقال له : أعفني من ذلك. فقال ابن زياد : قد أعفيتك يا عمر , فاردد علينا عهدنا الذي كتبناه إليك بولاية الرّي. فقال عمر : أمهلني الليلة. فقال له : قد أمهلتك. فانصرف عمر بن سعد إلى منزله , وجعل يستشير قومه وإخوانه ومَن يثق به من إخوانه , فلم يشر عليه أحد بذلك , وكان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يُقال له كامل , وكان صديقاً لأبيه من قبله , فقال له : يا عمر , ما لي أراك بهيئة وحركة فما الذي أنت عازم عليه ؟ - وكان كامل كاسمه ذا رأي وعقل ودين كامل - فقال له ابن سعد لعنه الله : إنّي قد ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحُسين , وإنّما قتله عندي وأهل بيته كآكلة آكل أو كشربة ماء , وإذا قتلته خرجت إلى ملك الرّي. فقال له كامل : أفّ لك يا عمر بن سعد ! تريد تقتل الحُسين ابن بنت رسول الله ؟! أفّ لك ولدينك يا عمر ! أسفهت الحقّ وضللت الهُدى ؟ أما تعلم إلى حرب مَن تخرج ولِمَن تُقاتل ؟! إنّا لله وإنّا إليه راجعون , والله , لو اُعطيت الدُنيا وما فيها على قتل رجل واحد من اُمّة مُحمّد لما فعلت , فكيف تُريد قتل الحُسين ابن بنت رسول الله ؟! وما الذي تقول غداً لرسول الله إذا وردت عليه وقد

٥٦

قتلت ولده وقرّة عينه وثمرة فؤاده , ابن سيّدة نساء العالمين وابن سيّد الوصيين , وهو سيّد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين , وإنّه في زماننا بمنزلة جدّه في زمانه , وطاعته فرض علينا كطاعته , وإنّه باب الجنّة والنّار , فاختر لنفسك ما أنت مختار , وإنّي أشهد بالله , إن حاربته أو قتلته أو أعنت عليه أو على قتله , لا تلبث في الدُنيا بعده إلّا قليلاً. فقال له عمر بن سعد : فبالموت تخوّفني ؟! وإنّي إذا فرغت من قتله أكون أميراً على سبعين ألف فارس وأتولّى مُلك الرّي.

فقال له كامل : إنّي أحدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النّجاة إن وفّقت لقبوله , اعلم إنّي سافرت مع أبيك سعد إلى الشّام , فانقطعت بي مطيتي عن أصحابي وتهت وعطشت , فلاح لي دير راهب , فملت إليه ونزلت عن فرسي وأتيت إلى باب الدّير ؛ لأشرب ماء , فأشرف عليّ راهب من ذلك الدّير , وقال : ما تُريد ؟ فقلت له : إنّي عطشان. فقال لي : أنت من اُمّة هذا النّبي الذي يقتل بعضهم بعضاً على حُبّ الدُنيا مكالبة , ويتنافسون فيها على حطامها ؟ فقلت له : أنا من الاُمّة المرحومة اُمّة مُحمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). فقال : إنّكم أشرّ اُمّة , فالويل لكم يوم القيامة وقد عدوتم إلى عترة نبيّكم تسبّون نساءه وتنهبون أمواله ! فقلت له : يا راهب , نحن نفعل ذلك ؟ قال : نعم، وإنّكم إذا فعلتم ذلك , عجّت ؛ السّماوات والأرضون , والبحار والجبال , والبراري والقفار , والوحوش والأطيار , باللعنة على قاتله , ثمّ لا يلبث قاتله في الدُنيا إلّا قليلاً , ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره فلا يدع أحداً أشرك في دمه إلّا قتله وعجّل الله بروحه إلى النّار.

ثمّ قال الرّاهب : إنّي لا أرى لك قرابة من قاتل هذا ابن الطّيب , والله , إنّي لو أدركت أيّامه لوقيته في نفسي من حرّ السّيوف. فقلت : يا راهب , إنّي أعيذ نفسي أن أكون ممّن يُقاتل ابن بنت رسول الله. فقال : إن لم تكُن أنت فرجل قريب منك , وإنّ قاتله عليه نصف عذاب أهل النّار , وإنّ عذابه أشدّ عذاباً من عذاب فرعون وهامان. ثمّ ردّ الباب في وجهي ودخل يعبد الله تعالى وأبى أن يسقيني الماء.

قال كامل : فركبت فرسي ولحقت أصحابي ، فقال لي أبوك سعد : ما أبطأك عنّا يا كامل ؟ فحدّثته بما سمعته من الرّاهب , فقال لي : صدقت. ثمّ إنّ سعداً أخبرني أنّه نزل بدير هذا الرّاهب مرّة من قبل , فأخبره أنّه هو الرّجل ابن بنت رسول الله , فخاف أبوك سعد من ذلك وخشي أن تكون أنت قاتله , فأبعدك عنه وأقصاك , فاحذر

٥٧

يا عمر أن تخرج عليه يكون عليك نصف عذاب أهل النّار. قال : فبلغ الخبر إلى ابن زياد , فاستدعى بكامل وقطع لسانه , فعاش يوم أو بعض يوم وماترحمه ‌الله تعا لى.

وروي : أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ) لقي عمر بن سعد يوماً , فقال له : (( كيف تكون إذا قمت مقاماً تتخيّر فيه بين الجنّة والنّار فتختار لنفسك النّار ؟ )). فقال له : معاذ الله , أيكون ذلك ؟ فقال له (عليه‌السلام ) : (( سيكون ذلك بلا شك )).

قال الرّاوي : ثمّ إنّ عمر بن سعد نزل على شاطئ الفُرات , فحالوا بين الحُسين وبين الماء حتّى كظهم العطش , فأخذ الحُسين (عليه‌السلام ) فأساً وجاء إلى وراء الخيمة - خيمة النّساء - فحفر قليلاً فنبع الماء , فشرب وأسقى حرمه وأطفاله وجميع أصحابه , وملأ القرب وأسقى الخيل , ثمّ غار الماء فعلم الحُسين أنّه آخر ماء يشربه :

باعوا بدار الفناء دار البقاء وشروا

نار اللظى بنعيم غير منتقل

يا حسرة في فؤادي لا انقضاء لها

يزول أحدو رضوي وهي لم تزل

بنات أحمد في الأسفار سافرة

وجوهها وبنو سفيان في الكلل

يحملن من بعد ذاك العز وا حزني

أسرى حواسر فوق الأنيق الذلل

والرأس يحمله الباغي سنان على

سنان لدن أصم الكف معتدل

مصيبة بكت السبع الشداد لها

دماً ورزء عظيم غير محتمل

نُقل أنّ عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) كان عمره يوم قُتل أبوه عشر سنين أو أحد عشر سنة , فدخل جامع بني اُميّة في يوم الجُمُعة , واستأذن الخطيب أن يأذن له بالصّعود على المنبر ؛ ليتكلّم بكلام يرضي الله ورسوله , فأذن له , فصعد المنبر وقال : (( أيّها النّاس , مَن عرفني فقد عرفني ومَن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي , أنا عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم‌السلام ) , وأنا ابن المذبوح بشاطئ الفُرات عطشاناً , أنا ابن المقتول ظُلماً بلا ذحل ولا تراث , أنا ابن مَن ؛ انتهك حريمه وقطع كريمه , وذبح فطيمه وسُلب قميصه , ونهب من ماله وسبي عياله , أنا ابن مَن قُتل في الله صبراً وكفاني بهذا فخراً.

أيّها القوم ! هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي ودعوتموه , وأرسلتم إليه وخدعتموه , وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق وخنتموه , وقلتم له نحن أنصارك فقاتلتموه. فتبّاً لما قدّمتم لأنفسكم ! وسوءاً لكم فيما فعلتم ! بأيّ عين تنظرون

٥٨

رسول الله , وبأيّ لسان تخاطبون به حبيب الله , إذ يقول لكم قتلتم عترتي وأهل بيتي , وانتهكتم حرمتي فلستم من اُمّتي ؟! )). قال : فارتفعت أصوات النّاس بالبكاء والنّحيب من كلّ ناحية , وقال بعضهم لبعض : أهلكتم والله أنفسكم وما تعلمون. فقال لهم زين العابدين : (( يا قوم , رحم الله أمرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله وأهل بيت رسوله , فإنّ لنا في رسول الله أسوة حسنة )). قالوا بأجمعهم : قُل يابن رسول الله , فإنّا لقولك سامعون ولأمرك طائعون ولذممك حافظون , غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك , فأمرنا بأمرك يرحمك الله ونحن حرب لِمَن حاربك وسلم لِمَن سالمك , ونبرأ ممّن ظلمكم وغصب حقّكم , ألا لعنة الله على القوم الظّالمين.

فقال عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) : (( هيهات هيهات أيّها الغدرة المكرة , حيل بينكم وبين ما تشتهون , أتريدون أن تأتوا إليّ ما أتيتم إلى أبي وأخي وبني عمّي , ووجدهم بلهاتي ومرارة مصابهم بين حناجري وغصصهم في فراش صدري , وقولي هذا لكم ؛ لئلا تكونوا لنا ولا علينا , ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم )) :

رموا باسهم بغي عن قسي رداً

من كف كفر رماها الله بالشلل

فغودروا في عراص الطف قاطبة

صرعى بحد حسام الغدر والدجل

سقوا بكأس القنا خمر الفنا فغدى

الحمام تشدوا ببيت صار كالمثل

لله كم قمر حاقي المحاق به

وخادر دون باب الخدر منجدل

نجوم سعد بأرض الطف آفلة

وأسد غيل دهاها حادث الغيل

وأصبح السبط فرداً لا نصير له

يلقى الحمام بقلب غير منذهل

يشكو الظمأ ونمير الماء مبتذل

يعل منه وحوش السهل والجبل

صاد يصد عن الورد المباح ومن

وريده مورد الخطية الذبل

لهفي له عافر ملقى لا كفن

سوى السوافي بلا لحد ولا غسل

مترب الخد دامي النحر منعفر

الجبين بحر قضا ظام إلى الوشل

ذا فادح هد أركان الهدى ودها

غرار صارم دين الله بالقلل

فانظروا يا إخواني إلى هؤلاء الظّلمة الكفرة الطّغاة الحسدة , كيف انتهكوا حُرمة الرّسول وفتكوا في ذرّيّة البتول بغير ذنب أذنبوه ولا جرم اجترموه ، اللّهمّ , فاحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً , ولا تغفر لهم

٥٩

أبداً , وعذّبهم العذاب الأليم في أسفل درك من الجحيم. وعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون , أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان وتتابعت عليه الأشجان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة للشيخ مغامس

فصلت صروف الحادثان مفاصلي

وأصاب سهم النائبات مقاتلي

قطع الزمان عري قواي وكلما

قطع الزمان فما له من واصل

لا غرو من جد الزمان هزله

عز النصير على الزمان الهازل

خلط الزمان بغيمه بغمومه

عذراً وشاب زلاله بزلاله

بعداً لوصلك يا زمان فإنما

حلواك من صأب وسم قاتل

أين الذي كانوا ونحن بقربهم

في طيبات مشارب ومآكل

دارت رحاك عليهم فتمزقوا

فالقومتحت صفائح وجنادل

أفنيتهم وتركتنا من بعدهم

بين الصديق أو العدو الخاذل

صرفت إرادتهم إليك فكلهم

يتكالبون على النعيم الزائل

طلبوا حلاوات المعاش بجهلهم

ونسوا مرارات الحمام النازل

فاحذر زمانك يا أخي فإنها

فعل الحزامة من صنيع العاقل

لا يخدعنك ما ترى من صفوة

إن الخديعة مصرع للجاهل

أم كيف تعشق دهر سوء همه

بغض المحب له وضرم الواصل

مغري بحفظ البارعين من الورى

بالنائبات ورفع ركن الحامل

أخنى على آل النّبي مُحمّد

فأصيب شملهم ببين شامل

كانوا غياثاً للورى وسعادة

وغيوث خصب في الزمان الماحل

كانوا سحائب رحمة فتقشعت

بفجائع في كربلاء وشلاشل

كانوا بدوراً يستضاء بنورها

وكواكباً للحق غير أوافل

فالمجد مهضوم الجنان لحزنهم

والدين في كرب وشغل شاغل

لهفي لمولاي الحُسين وقد غدا

بالطف بين مجالد ومجادل

لهفي له فرد أحاط برحله

من رامح للظالمين ونابل

٦٠