• البداية
  • السابق
  • 397 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9139 / تحميل: 3729
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي مخنف

مقتل أبي مخنف

مؤلف:
العربية

سنة ٦٠ من يوم عرفة بعد مخرج الحسين من مكة مقبلا إلى الكوفة بيوم ، قال : وكان مخرج الحسين من المدينة إلى مكة يوم الاحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ٦٠ ، ودخل مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان ، فأقام بمكة شعبان وشهر رمضان وشوال وذا القعده. ثم خرج منها لثمان مضين من ذي الحجة يوم الثلاثاء يوم التروية في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل ، وذكر هارون بن مسلم عن علي بن صالح عن عيسى بن يزيد : أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم ، خرج المختار براية خضراء ، وخرج عبدالله برأية حمراء وعليه ثياب حمر ، وجاء المختار برأيته فركزها على باب عمرو بن حريث. وقال : انما خرجت لامنع عمرا وأن الاشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعى قاتلوا مسلما وأصحابه عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا ، وان شبثا جعل يقول : انتظروا بهم الليل يتفرقوا فقال له القعقاع : انك قد سددت على الناس وجه مصيرهم ، فافرج لهم ينسربوا ، وأن عبيدالله أمر ان يطلب المختار وعبدالله بن الحارث وجعل فيهما جعلا فأتى بهما فحبسا.

٦١

خروج الحسينعليه‌السلام من مكة متوجها إلى الكوفة

قال هشام عن ابي مخنف : حدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن(١) عبدالرحمان ابن الحارث بن هشام المخزومي ، قال : لما

____________________

* ( هامش ) * (١) عمر بن عبدالرحمان بن الحارث بن هشام بن المغيرة

المخزومي المدني. روى عن ابي هريرة وابي بصرة الغفاري وعائشة وجماعة من الصحابة وعن اخيه ابي بكر بن عبدالرحمان. روى عنه عبدالمالك بن عمير وعامر الشعبي وحمزة بن عمرو العائذي الضبي. قال ابن خراش : ابوبكر وعمر وعكرمة وعبدالله بنو عبدالرحمان بن الحارث كلهم اجلة ثقات يضرب بهم المثل ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : روى عن جماعة من الصحابة ، روى عنه الشعبي ، وقد ذكر البلاذري ان ابن الزبير استعمل عمر بن عبدالرحمان هذا على الكوفة. تهذيب التهذيب ( ج ٧ ص ٤٧٢ ) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص ٢٨٤ ،

٦٢

قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين وتهيأ للمسير إلى العراق أتيته فدخلت عليه وهو بمكة ، فحمدت الله واثنيت عليه ثم قلت : أما بعد فاني أتيتك يابن عم لحاجة اريد ذكرها لك نصيحة ، فان كنت ترى أنك تستنصحنى والا كففت عما اريد ان اقول ، فقال : قل ، فوالله ما اظنك بسيئ الرأى ولا هو القبيح من الامر والفعل ، قال : قلت له : انه قد بلغنى أنك تريد المسير إلى العراق واني مشفق عليك من مسيرك ، انك تأتي بلدا فيه عما له وامراء‌ه ومعهم بيوت الاموال ، وانما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن انت أحب اليه ممن يقاتلك معه ، فقال الحسين : جزاك الله خيرا يا ابن عم ، فقدوالله علمت انك مشيت بنصح وتكلمت بعقل ، ومهما يقض من أمر يكن أخذت برأيك

او تركته فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح ، قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام فسألني هل لقيت حسينا ؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قال لك وما قلت له ؟ قال ، فقلت له : قلت كذا وكذا وقال كذا وكذا ، فقال نصحته ورب المروة الشهباء أما ورب البنية ان الرأى لما رأيته قبله أو تركه ثم قال :

رب مستنصح يغش ويردى

وظنين بالغيب يلفى نصيحا

قال ابومخنف - وحدثني(١) الحارث بن كعب الوالبى عن عتبة

____________________

* ( هامش ) * (١) الحارث بن كعب الازدى الكوفى ، ذكرهما الطوسي

في رجال الشيعة.

٦٣

بن سمعان ان حسينا لما اجمع المسير إلى الكوفة اتاه عبدالله بن عباس فقال : يابن عم انك قد ارجف الناس ، انك سائر إلى العراق ، فبين لي ما انت صانع ؟ قال : اني قد اجمعت المسير في احد يومي هذين ان شاء الله تعالى. فقال له ابن عباس : فاني اعيذك بالله من ذلك ، اخبرني رحمك الله اتسير إلى قوم قد قتلوا اميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم ؟ فان كانوا قد فعلوا ذلك ، فسر اليهم ، وان كانوا انما دعوك اليهم واميرهم عليهم قاهر لهم ، وعماله تجبى بلادهم ، فانهم انما دعوك إلى الحرب والقتال ولا آمن عليك ان يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك وان يستنفروا اليك فيكونوا اشد الناس عليك. فقال له حسين : واني استخير الله وانظر ما يكون ؟ قال : فخرج ابن عباس من عنده واتاه ابن الزبير فحدثه ساعة ، ثم قال : ما ادرى ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم ونحن ابناء المهاجرين وولاة هذا الامر دونهم خبرني ما تريد ان تصنع ؟ فقال الحسين : والله لقد حدثت نفسي باتيان الكوفة ولقد كتب إلى شيعتي بها واشراف اهلها واستخير الله، فقال له ابن الزبير : اما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها : قال : ثم انه خشى ان يتهمه فقال : اما انك لو اقمت بالحجاز ثم اردت هذا الامر هيهنا ما خولف عليك ان شاء الله ، ثم قام فخرج من عنده. فقال الحسين : ها ان هذا ليس شئ يؤتاه من الدنيا احب اليه من ان اخرج من الحجاز إلى العراق ، وقد علم انه ليس له من الامر

٦٤

معي شئ وان الناس لم يععد لوه بى ، فودأني خرجت منها لتخلوله. قال فلما كان من العشى او من الغد اتى الحسين عبدالله بن العباس فقال : يابن عم اني اتصبر ولا اصبر ، اني اتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، ان اهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم ، اقم بهذا البلد فانك سيد اهل الحجاز ، فان كان اهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب اليهم فلينفوا عدوهم ثم اقدم عليهم ، فان ابيت الا ان تخرج فسر إلى اليمن ، فان بها حصونا وشعابا وهي ارض عريضة طويلة ، ولابيك بها شيعة ، وانت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك ، فاني ارجو ان يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية فقال له الحسين : يابن عم اني والله لاعلم انك ناصح مشفق ، ولكني قد ازمعت واجمعت على المسير ، فقال له ابن عباس : فان كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فوالله اني لخائف ان تقتل كما قتل عثمان ونساء‌ه وولده ينظرون اليه. ثم قال ابن عباس : لقد اقررت عين ابن الزبير يتخليتك اياه والحجاز والخروج منها وهو يوم لا ينظر اليه احد معك ، والله الذي لا اله الا هو لو اعلم انك اذا اخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع على وعليك الناس اطعتنى لفعلت ذلك ، قال : ثم خرج ابن عباس من عنده فمر بعبد الله بن الزبير فقال : قرت عينك يابن الزبير ثم قال : يالك من قنبرة بمعمر * خلالك الجو فبيضى واسفرى ونقرى ما شئت ان تنقرى

٦٥

هذا حسين يخرج إلى العراق وعليك بالحجاز(١) قال ابومخنف - قال ابوجناب يحيى بن ابي حية عن عدي بن حرملة الاسدي عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : خرجنا حاجين من الكوفة حتى قدمنا مكة ، فدخلنا يوم التروية فاذا نحن بالحسين وعبدالله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب ، قالا : فتقربنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين : ان شئت ان تقيم اقمت فوليت هذا الامر ، فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك. فقال له الحسين : ان ابي حدثني ان بها كبشا يستحل حرمتها فما احب ان اكون انا ذلك الكبش ، فقال له ابن الزبير : فاقم ان شئت وتوليني انا الامر فتطاع ولا تعصى ، فقال : وما اريد هذا ايضا. قالا : ثم انهما اخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجهين إلى مني عند الظهر ، قالا : فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة وقص من شعره وحل من عمرته ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحو الناس إلى منى.

____________________

* ( هامش ) * (١) في الكامل ذكر بعد هذا : وكان الحسين يقول : والله

لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى ، فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرام المرأة ، قال : و ( الفرام ) خرقة تجعلها المرأة في قبلها اذا حاضت.

٦٦

قال أبو - مخنف عن ابي سعيد(١) عقيصى عن بعض اصحابه قال : سمعت الحسين بن علي وهو بمكة وهو واقف مع عبدالله بن الزبير فقال له ابن الزبير : إلي يابن فاطمة فأصغى اليه فساره ، قال : ثم التفت الينا الحسين فقال : أتدرون ما يقول ابن الزبير ؟ فقلنا : لا ندري جعلنا الله فداك ، فقال : قال أقم في هذا المسجد اجمع لك الناس ، ثم قال الحسين : والله لان اقتل خارجا منها بشبر احب إلى من ان اقتل داخلا منها بشبر ، وايم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم ، ووالله ليعتدن على كما اعتدت اليهود في السبت قال ابومخنف - حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن

سمعان قال : لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد فقالوا له : انصرف ابن تذهب ، فابى عليهم ومضى ، وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط ثم ان الحسين واصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا.

____________________

* ( هامش ) * (١) عقيصا ابوسعيد التيمى ( التميمي ) اسمه دينار عن عليعليه‌السلام يعد في موالى بنى تيم ، ذكره ابن حبان في الثقات في عقيصا ،

فقال صاحب الكرابيسى : روى عن علي وعمار ، وعنه محمد بن جحادة. وقد أخرج له الحاكم في المستدرك وقال : ثقة مأمون ، وقال ابوحاتم : هو لين وهو احب إلى من اصبغ بن نباتة. لسان الميزان ( ج ٢ ص ٤٣٣ ) ميزان الاعتدال ( ج ٣ ص ٨٨ ).

٦٧

ومضى الحسين ( ع ) على وجهه فنادوه يا حسين : الا تتقى الله تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الامة ؟ فتأول حسين قول الله عزوجل ( لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وانا برى مما تعملون ). قال : ثم ان الحسين اقبل حتى مر بالتنعيم فلقى بها عيرا قد اقبل بها من اليمن بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية ، وكان عامله على اليمن وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد فاخذها الحسين ، فانطلق بهم قال لاصحاب الابل : لا اكرهكم من احب ان يمضى معنا إلى العراق او فينا كراء‌ه وأحسنا صحبته ومن احب ان يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الارض ، قال :فمن فارقه منهم حوسب فأوفى حقه ومن مضى منهم معه اعطاه كراء‌ه وكساه.

قال ابومخنف - عن ابي جناب عن عدى بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري قالا : اقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر فواقف حسينا فقال له : اعطاك الله سؤلك واملك فيما تحب فقال له الحسين : بين لنا نبأ الناس خلفك فقال له الفرزدق : من الخبير سألت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني امية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء فقال له الحسين : صدقت لله الامر والله يفعل ما يشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء بما نحب فنحمدالله على نعمائه وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته ثم حرك

٦٨

الحسين راحلته فقال : السلام عليك ثم افترقا. قال ابومخنف - حدثني الحارث بن كعب الوالبى عن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب ، قال : لما خرجنا من مكة كتب عبدالله بن جعفر بن ابيطالب إلى الحسين بن علي مع ابنيه عون ومحمد اما بعد : فاني اسئلك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي فاني مشفق عليك من الوجه الذي توجه له ان يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ان هلكت اليوم طفئ نور الارض فانك علم المهتدين ورجاء المؤمنين ، فلا تعجل بالسير فاني في اثر الكتاب والسلام. قال : وقام عبدالله بن جعفر إلى عمرو بن سعيد بن العاص فكلمه وقال : اكتب إلى الحسين كتابا تجعل له فيه الامان وتمنيه فيه البر والصلة وتوثق له في كتابك وتسأله الرجوع لعله يطمئن إلى ذلك فيرجع فقال عمرو بن سعيد : اكتب ما شئت وأتنى به حتى اختمه فكتب عبدالله بن جعفر الكتاب ثم أتى به عمرو بن سعيد فقال له : اختمه وابعث به مع اخيك يحيى بن سعيد فانه احرى أن تطمئن نفسه اليه ويعلم انه الجد منك ففعل. وكان عمرو بن سعيد عامل يزيد بن معاوية على مكة ، قال : فلحقه يحيى وعبدالله بن جعفر ثم انصرفا بعد أن أقرأه يحيى الكتاب فقالا : اقرأناه الكتاب وجهدنا به ، وكان مما اعتذر به الينا أن قال : اني رأيت رؤيا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وامرت فيها بامر انا ماض له على كان اولى فقالا له : فما تلك الرؤيا ؟ قال : ما حدثت احدا بها وما انا محدث بها حتى القى ربى قال : وكان كتاب عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي.

٦٩

بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي اما بعد فاني اسأل الله ان يصرفك عما يوبقك وان يهديك لما يرشدك بلغني أنك قد توجهت إلى العراق واني اعيذك بالله من الشقاق فاني اخاف عليك فيه الهلاك ، وقد بعثت اليك عبدالله بن جعفر ويحيى بن سعيد فأقبل إلى معهما فان لك عندي الامان والصلة والبر وحسن الجوار لك الله على بذلك شهيد وكفيل ومراع ووكيل والسلام عليك.قال : وكتب اليه الحسين : اما بعد فانه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عزوجل و عمل صالحا وقال : انني من المسلمين ، وقد دعوت إلى الامان والبرو الصلة فخير الامان امان الله ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا امانة يوم القيامة فان كنت نويت بالكتاب صلتي وبري فجزيت خيرا في الدنيا والاخرة والسلام. قال ابومخنف - عن هشام بن الوليد عمن شهد ذلك قال : اقبل الحسين بن علي باهله من مكة ومحمد بن الحنفية بالمدينة قال : فبلغه خبره وهو يتوضأ في طست ، فبكى حتى سمعت وكف دموعه في الطست. قال ابومخنف - حدثني يونس(١) بن ابي اسحاق السبيعي

____________________

* ( هامش ) * (١) يونس بن ابي اسحاق عمرو بن عبدالله الهمداني السبيعي ابو اسرائيل الكوفي ، روى عن ابيه وأنس وأبي بردة وأبي بكر ابني ابي

٧٠

قال : ولما بلغ عبيد الله اقبال الحسين من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطه حتى نزل القادسية ونظم الخيل ما بين القادسية إلى خفان ، وما بين القادسية إلى القطقطانة والى لعلع وقال الناس هذا الحسين يريد العراق. قال ابومخنف - وحدثني محمد بن قيس ان الحسين اقبل حتى اذا بلغ الحاجر من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى اهل الكوفة وكتب معه اليهم : بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى اخوانه من

____________________

* ( هامش ) * موسى الاشعري وأبي السفر سعيد بن يحمد ويزيد بن ابي مريم وابراهيم بن محمد بن سعد وعدة كثيرة. وعنه ابنه عيسى والثوري وابن المبارك وابن مهدي والقطان ووكيع وابواسحاق الفزاري والفضل بن موسى وعدة كثيرة. قال عمرو بن علي عن ابن مهدي : لم يكن به بأس. وقال عثمان الدارمي عن ابن معين : ثقة ، قلت فيونس او اسرائيل من احب اليك ؟ قال : كل ثقة ، وقال اسحاق بن منصور وغيره عن ابن معين ثقة ، وقال ابوحاتم : كان صدوقا. وقال النسائي : ليس به بأس. وقال ابن عدى له احاديث حسان وروى عنه الناس ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : مات سنة تسع وخمسين ومأة. تهذيب التهذيب ( ج ١ ص ٤٣٣ ).

٧١

المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو ، اما بعد فان كتاب مسلم بن عقيل جاء‌ني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا فسألت الله ان يحسن لنا الصنع وان يثيبكم على ذلك اعظم الاجر ، وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فاذا قدم عليكم رسولى فاكمشوا امركم وجدوا ، فاتى قادم عليكم في ايامى هذه ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكان مسلم بن عقيل قد كان كتب إلى الحسين قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة : أما بعد فأن الرائد لا يكذب أهله ، ان جمع أهل الكوفة معك فاقبل حين تقرء كتابي والسلام عليك. قال : فأقبل الحسين بالصبيان والنساء معه لا يلوى على شئ ، واقبل قيس بن مسهر الصيداوي إلى الكوفة بكتاب الحسين حتى اذا انتهى إلى القادسية أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى عبيدالله بن زياد ، فقال له عبيدالله : اصعد إلى القصر فسب الكذاب بن الكذاب ، فصعد ثم قال : أيها الناس ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله اليكم وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه. ثم لعن عبيدالله بن زياد واباه و استغفر لعلي بن ابيطالب ، قال : فأمر به عبيدالله بن زياد أن يرمى به من فوق القصر فرمى به فتقطع فمات. ثم اقبل الحسين سيرا إلى الكوفة فانتهى إلى ماء من مياه العرب ، فاذا عليه عبدالله بن مطيع العدوي وهونازل هيهنا ، فلما رأى الحسين

٧٢

قام اليه فقال : بأبي انت وامي يابن رسول الله ، ما اقدمك ؟ واحتمله فانزله. فقال له الحسين : كان من موت معاوية ما قد بلغك فكتب إلى اهل العراق يدعونني إلى انفسهم ، فقال له عبدالله بن مطيع : اذكرك الله يابن رسول الله وحرمة الاسلام ان تنتهك ، انشدك الله في حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،انشدك الله في حرمة العرب ، فوالله لئن طلبت ما في ايدي بنى امية ليقتلنك ، ولئن قتلوك لايهابون بعدك أحدا ابدا ، والله وانها لحرمة الاسلام تنتهك ، وحرمة قريش وحرمة العرب ، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض لبني امية. قال : فابى الا ان يمضى ، قال فاقبل الحسين حتى اذا كان بالماء فوق زرود. قال ابومخنف - فحدثني السدى(١) عن رجل من بنى فزارة قال

____________________

* ( هامش ) * (١) هو اسماعيل بن عبدالرحمن بن ابي كريمة السدى ابومحمد القرشى مولاهم الكوفى الاعور ، وهو السدى الكبير كان يقعد في سدة باب الجامع فسمى السدى. روى عن انس وابن عباس ورآى ابن عمر والحسن بن عليعليه‌السلام وأبا هريرة وأبا سعيد ، وروى عن ابيه ويحيى بن عباد وأبي صالح مولى ام هانى وسعد بن عبيدة وابى عبدالرحمان السلمى وعطاء وعكرمة وغيرهم. وعنه شعبة والثورى والحسن بن صالح وزائدة وابوعوانة وابوبكر بن عياش وغيرهم. قال علي عن القطان : لا بأس به ما سمعت احدا يذكره الا بخير وما تركه احد.

٧٣

لما كان زمن الحجاج بن يوسف كنا في دار الحارث بن ابي ربيعة التي في التمارين التي أقطعت بعد زهير بن القين من بني عمرو بن يشكر من بجيلة وكان اهل الشام لا يدخلونها فكنا محتبين فيها ، قال : فقلت للفزارى حدثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن علي قال : كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شئ ابغض الينا من ان نسايره في منزل ، فاذا سار الحسين تخلف زهير بن القين ، واذا نزل الحسين تقدم زهير حتى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدا من ان ننازله فيه ، فنزل الحسين من جانب ونزلنا في جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدى من طعام لنا اذ اقبل رسول الحسين حتى سلم ثم دخل فقال : يا زهير بن القين ان ابا عبدالله الحسين بن علي بعثنى اليك لتأتيه ، قال فطرح كل انسان ما في يده حتى كائنا على رؤوسنا الطير ، قال ابومخنف - فحدثنى دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين قالت : فقلت له : ايبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت ، قالت : فاتاه زهير بن القين فما

____________________

* ( هامش ) * وقال ابوطالب عن احمد : ثقة قال النسائي في الكنى : صالح وقال ابن عدي : له احاديث يرويها عن عدة شيوخ وهو عندى مستقيم الحديث صدوق لا بأس به. وقال خليفة : مات سنة ١٢٧ ، وقال العجلى ثقة عالم بالتفسير راوية له ، وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب ( ج ١ ص ٣١٣ ) ميزان الاعتدال ( ج ١ ص ٢٣٦) الكاشف ( ج ١ ص ١٢٥ ).

٧٤

لبث ان جاء مستبشرا قد اسفر وجهه ، قالت : فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم وحمل إلى الحسين ، ثم قال لامرأته انت طالق ، الحقى باهلك فاني لا احب ان يصيبك من سببى الاخير ثم قال لاصحابه : من احب منكم ان يتبعنى والا فانه آخر العهد ، اني ساحدثكم حديثا غزونا بلنجر ففتح الله علينا واصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الباهلى : افرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من المغانم ؟ فقلنا نعم فقال لنا : اذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا اشد فرحا بقتالكم معهم بما اصبتم من الغنائم فاما انا فاني استودعكم الله ، قال : ثم والله ما زال في اول القوم حتى قتل. قال ابومخنف - حدثني ابوجناب الكلبي عن عدى بن حرملة الاسدى عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : لما قضينا حجنا لم يكن لناهمة الا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، قأقبلنا ترفل بنانا قتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين. قالا : فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه ، فقال احدنا لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا فلنسأله فان كان عنده خبر الكوفة علمناه ، فمضينا حتى انتهينا اليه فقلنا : السلام عليك. قال : وعليكم السلام ورحمة الله. ثم قلنا : فمن الرجل ؟ قال : اسدى. فقلنا : فنحن اسديان فمن انت ؟ قال انا بكير بن المثعبة ، فانتسبنا له ثم قلنا : اخبرنا عن الناس وراء‌ك قال : نعم لم اخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني

٧٥

بن عروة فرأيتهما يجران بارجلهما في السوق ، قالا فاقبلنا حتى لحقنا بالحسين فسايرناه حتى نزل الثعلبية ممسيا فجئناه حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا فقلنا له : يرحمك الله ان عندنا خبرا فان شئت حدثنا علانية وان شئت سرا قال : فنظر إلى اصحابه وقال : ما دون هؤلاء سر ، فقلنا له : ارأيت الراكب الذي استقبلك غشاء‌ا امس ؟ قال : نعم وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسئلته ، وهوابن امرئ من أسد منا ذو رأى وصدق وفضل وعقل وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وحتى رآهما يجران في السوق بارجلهما ، فقال : انا لله وانا اليه راجعون رحمة الله عليهما ، فردد ذلك مرارا ، فقلنا : ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا

فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف ان تكون عليك قال فوثب عند ذلك بنو عقيل بن ابي طالب. قال ابومخنف - حدثني عمر بن خالد(١) عن زيد بن(٢) على

____________________

* ( هامش ) * (١) الظاهر كونه عمرو بن خالد لا عمر بن خالد وعليهذا فهو : عمرو بن خالد ابوخالد القرشى مولى بني هاشم ، اصله من الكوفة انتقل إلى واسط ، روى عن زيد بن علي بن الحسين ، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، وفطر بن خليفة ، وحبيب بن ابي ثابت ، والثوري وابى هاشم الرماني و غيرهم. روى عنه اسرائيل بن يونس ، وعباد بن كثير البصري والحجاج بن

٧٦

ارطاة ، وجعفر بن زياد الاحمر ، وسعيد بن زيد ، وسويد بن عبدالعزيز ، وعمر بن عبدالرحمن ابوحفص الابار ، ويحيى بن هاشم السمسار وجماعة وقد عده الشيخ ره من اصحاب الباقرعليه‌السلام وقال النجاشى : عمرو بن خالد ابوخالد الواسطي عن زيد بن علي له كتاب كبير رواه عنه نصر بن مزاحم المنقري وغيره ، وذكرابن فضال انه ثقة. تهذيب التهذيب ( ج ٨ ص ٢٦ ) تنقيح المقال ( ج ٢ ص ٣٣٠) (٢) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب ابوالحسين المدني روى عن ابيه واخيه أبي جعفر الباقر ، وأبان بن عثمان ، وعروة بن الزبير ، وعبيدالله بن أبي رافع ، وعنه ابناه حسين وعيسى ، وابن أخيه جعفر بن محمد ، والزهري والاعمش وشعبة وسعيد بن خيثم ، واسماعيل السيدى ، وزبيد اليامى ، وزكريا بن أبي زائدة ، وعبدالرحمان بن الحارث بن عياش بن ابي ربيعة ، وابوخالد عمرو بن خالد الواسطى ، وابن ابي الزاد وعدة ذكره ابن حبان في الثقات وقال : رأى جماعة من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استشهد في سنة ١٢١ / ١٢٢ وهو ابن ٤٢ سنة. واليه تنسب الزيدية من طوائف الشيعة. وقال ابن أبي الدنيا : حدثني محمد بن ادريس ، حدثنا عبدالله بن ابي بكر العتكى عن جرير بن حازم انه رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام متساندا إلى جزع زيد بن علي وزيد مصلوب وهو يقول للناس : هكذا تفعلون بولدى. تهذيب التهذيب ( ج ٣ ص ٤١٩ ) ( الكاشف (ج١ص٣٤١ )

٧٧

بن حسين وعن داود بن علي بن عبدالله بن عباس ان بني عقيل قالوا : لا والله لا نبرح حتى ندرك ثارنا او تذوق ما ذاق أخونا قال ابومخنف - عن ابي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : فنظر الينا الحسين فقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء قالا : فعلمنا انه قد عزم له رأيه على المسير قالا : فقلنا : خار الله لك ، قالا : فقال : رحمكما الله قالا : فقال له بعض اصحابه : انك والله ماأنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك أسرع ، قال الاسديان ثم انتظر حتى اذا كان السحر قال

لفتيانه وغلمانه : اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا ثم ارتحلوا وساروا حتى انتهوا إلى زبالة قال ابومخنف - حدثني ابوعلي الانصاري عن بكر بن مصعب المزني قال : كان الحسين لا يمر باهل ماء الا اتبعوه حتى انتهى إلى زبالة سقط اليه مقتل اخيه من الرضاعة مقتل عبدالله بن بقطر وكان سرحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد اصيب فتلقاه خيل الحصين بن نمير بالقادسية فسرح به إلى عبيدالله بن زياد ، فقال : اصعد فوق القصر فالعن الكذاب بن الكذاب ثم انزل حتى ارى فيك رأيي قال : فصعد فلما اشرف على الناس قال : ايها الناس اني رسول الحسين ابن فاطمة ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ابن سمية الدعى ، فامر به عبيدالله فالقى من فوق القصر إلى الارض فكسرت عظامه وبقي به رمق ، فأتاه رجل يقال له

٧٨

عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال ، انما اردت ان اريحه قال هشام : حدثنا ابوبكر بن عياش عمن اخبره قال : والله ما هو عبدالملك بن عمير الذي قام اليه فذبحه ولكنه قام اليه رجل جعد طوال يشبه عبدالملك بن عمير قال فاتى ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة ، فاخرج للناس كتابا فقرأ عليهم. بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فانه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن بقطر وقد خزلتنا شيعتنا ، فمن احب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام قال : فتفرق الناس عنه تفرقا ، فاخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في اصحابه الذين جاؤا معه من المدينة ، وانما فعل ذلك لانه ظن انما اتبعه الاعراب لانهم ظنوا انه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة اهله فكره ان يسيروا معه الا وهم يعلمون علام يقدمون ، وقد علم انهم اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته والموت معه. قال : فلما كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء واكثروا ثم سار حتى مر بطن العقبة فنزل بها. قال ابومخنف - فحدثني لوذان احد بني عكرمة : ان احد عمومته سأل الحسين ( ع ) اين تريد؟ فحدثه ، فقال له : اني انشدك الله لما انصرفت فوالله لا تقدم الا على الا سنة وحد السيوف ، فان هولاء الذين بعثوا اليك

٧٩

لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا. فاما على هذه الحال التي تذكرها فاني لا أرى لك ان تفعل ، قال : فقال له يا عبدالله انه ليس يخفى على الرأى ما رأيت ولكن الله لا يغلب على امره ثم ارتحل منها.

٨٠