المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 85998
تحميل: 4253


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85998 / تحميل: 4253
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

وقد تحدث علي مرة في أمر العقوبة من قتلة عثمان ، فاذا بجيش يبلغ عشرة آلاف يشرعون الرماح ويجهرون بانهم (( كلهم قتلة عثمان )) فمن شاء العقوبة فليطبقها عليهم جميعاً.

ولو ان المطالبين بدم عثمان التمسوا أقرب الطرق إلى الثأر له ، والقصاص من العادين عليه ، لقد كان هذا أقرب الطرق إلى ما أرادوا. يؤيدن ولي الأمر حتى يقوى على اقامه الحدود ، ثم يحاسبونه بحكم الشريعة حساب انصاف.

أم الذين لاموه لقبوله التحكيم ، فيخيل الينا من عجلتهم الى اللوم انهم كانوا أول من يلومه ويفرط في لومه لو انه رفض التحكيم وأصر على رفضه ، لأنه لم يقبل التحكيم وله مندوحة عنه ولكنه قبله بعد احجام جنوده عن الحرب ، ووشك القتال في عسكرهم خلافاً بين من يقبلونه ويرفضونه.

وقبله بعد ان حجز الحفاظ والقراء نيفاً وثمانين فزعة للقتال لشكهم في وجوب القتال وذهاب البعض الى تحريمة.

وبعد ان توعدوه بقتله كقتل عثمان ، وأحاطوا به يلحون عليه في استدعاء الأشتر النخي الذي كان يلاحق أعدائه مستحصداً في ساحة الحرب على امل النصر القريب.

والمؤرخون اللذين صوبوا رأيه في التحكيم وخطئوه في قبول ابي موسى الأشعري ، على علمه بضعفه وتردده ، ينسون ان ابا موسى كان مفروضاً عليه، كما فرض عليه التحكيم في لحظة

٢٢١

واحدة وينسون ما هو أهم من ذلك ، وهو ان العاقبة متشابهة سواء ناب عنه ابو موسى الأشعري او ناب عنه الأشتر او عبد الله بن عباس. فان عمرو بن العاص لم يكن ليخلع معاوية ويقر علياً في الخلافة ، وقصارى ما هنا لك ان الحكمين سيفترقان على تأييد كل منهما لصاحبه ورجعة الأمور الى مثل ما رجعت اليه. وان توهم بعضهم ان الاشتر او ابن عباس كان قديراً على تحويل ان العاص عن رأيه ، والجنوح به الى حزب علي ، بعد مساومته التي ساومها في حزب معاوية. فليس ذلك على التحقيق بمقنع معاوية ان يستكين ويستسلم ، وحوله المؤيدون والمترقبون للمطامع يعز عليهم اخفاقهم كما يعز عليه اخفاقه.

فليس في ايدي المؤرخين الناقدين اذن حل اصوب من الحل الذي اذعن به وهو يسوي بينه وبين غيره في عقباه.

المجلس الحادي عشر

كان السبب في قتل امير المؤمنين ((ع)) ان نفراً من الخوارج اجتمعوا بمكة كروا الأمراء فعابوهم وعابوا اعمالهم وذكروا

٢٢٢

اهل النهروان وترحموا عليهم وقال بعضهم لبعض لو انا شرينا انفسنا لله عز وجل فأتينا ائمة الضلال وطلبنا غرتهم فارحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا باخواننا الشهداء بالنهروان فتعاهدوا على ذلك عند انقضاء الحج فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي انا اكفيكم علياً وقال البرك بن عبد الله التميمي انا اكفيكم معوية وقال عمرو بن بكر السهمي انا اكفيكم عمرو بن العاص وتعاقدوا على ذلك وتواثقوا على الوفاء واتعدوا لشهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه ثم تفرقوا ( فأما ) صاحب معاوية فانه لما وقعت عينه عليه ضربه وقيل ضربه وهو راكع فوقعت ضربته على اليته وجاء الطبيب فقال ان السيف مسموم فاختر اما ان احمي لك حديدة واجعلها في الضربة فتبرأ واما أن أسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك فقال اما النار فلا أطيقها وأما النسل ففي يزيد وعبد الله ما يقر عيني فسقاه الدواء فعفي وعالج جرحه حتى التأم ولم يولد له بعد ذلك وقال له البرك ان لك عندي بشارة قال ما هي فأخبره خبر صاحبه وقال ان علياً يقتل في هذه الليلة فاحتبسني عندك فان قتل فلك في رأيك وان لم يقتل أعطيتك العهود والمواثيق ان أمضي فأقتله ثم أعود اليك حتى تحكم في بما ترى فحبسه عنده فلما اتى الخبر بقتل علي خلى سبيله وقيل بل قتله من وقته وفي ذلك يقول معاوية يخاطب عمرو بن العاص :

٢٢٣

نجوت وقد بل المرادي سيفه

من ابن أبي شيخ الأباطح طالب

وأمر معاوية عند ذلك بالمقصورات وحرس الليل وقيام الشرط على رأسه اذا سجد وهو أول من عملها في الاسلام وأما صاحب عمرو بن العاص فوافاه تلك الليلة وقد وجد علة وشرب دواء واستخلف صاحب شرطته خاردة بن أبي حبيبة من عامر ابن لؤي يصلي بالناس فضربه بسيفه وهو يظنه عمراً فأخذ وأتى به عمرو فقتله ودخل من غد الى خارجة وهو يجود بنفسه فقال له أما والله يا ابا عبد الله ما أراد غيرك قال عمرو ولكن الله أراد خارجة وفي ذلك يقول ابن عبدون في رائيته المشهورة :

٢٢٤

وليتها اذ فدت عمراً بخارجة

فدت علياً بمن شاءت من البشر

وأما ابن ملجم فانه اقبل الى الكوفة فلقي بها اصحابه فكتمهم امره مخافة ان ينتشر ثم رأى رجلا من اصحابه من تيم الرباب فصادف عنده قطاماً بنت الأخضر من تيم الرباب وكان امير المؤمنين ((ع)) قتل اباها واخاها بالنهروان وكانت من اجمل نساء اهل زمانها فلما رآها ابن ملجم لعنه الله شغف بها واشتد اعجابه فخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احتكمي ما بدا لك فقالت له انا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفاً وخادماً وقتل علي بن ابي طالب فقال لها لك جميع ما سألت وأما قتل علي فأنى لي بذلك قالت تلتمس غرّته فان انت قتلته شفيت نفسي وهناك العيش معي وان قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا فقال لها اما والله ما اقدمني هذا المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن مع اهله الا ما سألتني من قتل علي فلك ما سألت وفي ذلك يقول ابن ابي مياس الفزازي وقيل المرادي من الخوارج وقيل انها للفرزدق.

فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب علي بالحسام المصمم

فلامهر أغلى من علي وان غلا

ولا فتك الا دون فتك ابن ملجم

قالت فانا طالبة لك من يساعدك على ذلك ويقويك ثم بعثت إلى وردان بت مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر وسألته معونة ابن ملجم فتحمل ذلك لها وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من اشجع يرى رأي الخوارج يقال له شبيب بن بجرة فقال هل لك في شرف الدنيا والآخرة قال وما هو قال تساعدني على قتل علي قال هبلتك الهبول لقد جئت شيئاً ادّا وكيف نقدر على ذلك قال نكمن له في المسجد الأعظم فاذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فاذا نحن قتلناه شفينا أنفسنا وادركنا ثأرنا فلم يزل به حتى أجابه فدخلا المسجد الأعظم على قطام وهي معتكفة فيه قد ضربت عليها قبة فقالا له قد أجمع رأينا على قتل هذا الرجل قالت لهما اذا اردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع فلبثا أياماً ثم اتياها ليلة الاربعاء وقيل ليلة الجمعة لتسع عشرة وقيل لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ومعهما وردان فدعت لهم بحرير فعصبت بهم صدورهم وتقلدوا سيوفهم ومضوا فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنينعليه‌السلام الى الصلاة وقد كانوا قبل ذلك القوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام وواطأهم على ذلك وحضر في تلك الليلة

٢٢٥

٢٢٦

الى المسجد لمعونتهم وكان حُجر بن عديرحمه‌الله بائتاً تلك الليلة في المسجد فسمع الأشعث يقول لابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك (ضحك خ ل) الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له قتلته يا أعور وخرج مبادرا ليمضي الى أمير المؤمنين (ع) فيخبره الخبر ويحذره من القوم فخالفه أمير المؤمنينعليه‌السلام في الطريق فرجع والناس يقولون قتل أمير المؤمنين (قال) بعض أهل الكوفة اني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله الى آخره اذ نظرت الى رجال يصلون قريباً من السدة وخرج أمير المؤمنين (ع) لصلاة الفجر فأقبل ينادي الصلاة الصلاة فما ادري أنادى أم رأيت بريق السيوف فضربه شبيب بن بجرة وهو يقول الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق وضربه عبد الرحمن بن ملجم وهو يقول ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله وصاح لا حكم الا لله يا ابن أبي طالب فاثبت الضربة في وسط رأسه الشريف (وقيل) انه لما حصل في المحراب هجموا عليه (وفي رواية) ضربه ابن ملجم وهو ساجد فصاح علي (ع) لا يفوتنكم الرجل أو لا يفوتنكم الكلب (وفي البحار عن بعض الكتب) انه (ع) لما أحس بالضربة لم يتأوه وصبر واحتسب ووقع على وجهه قائلا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ثم صاح وقال قتلني ابن ملجم قتلني اللعين ابن اليهودية فزت ورب

٢٢٧

الكعبة أيها الناس لا يفوتنكم ابن ملجم والدم يجري على وجهه ولحيته وقد خضبت بدمائه وهو يقول جاء امر الله وصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثار جميع من في المسجد وصاروا يدورون ولا يدرون اين يذهبون من شدة الصدمة والدهشة واحتمل امير المؤمنين (ع) فأدخل داره وأمر ابنه الحسن (ع) ان يصلي بالناس الغداة (وقيل) أمر جعدة بن هبيرة المخزومي وهو ابن اخت امير المؤمنين (ع) ولما حمل امير المؤمنين (ع) إلى داره ووضع على فراشه قعدت ابنته لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه فنظر اليهما فقال الرفيق الأعلى خير مستقراً واحسن مقيلا ثم أغمي عليه ثم افاق فقال رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرني بالرواح اليه عشاء ثلاث مرات (وكأني) بأمير المؤمنين (ع) وقد احدق به اهل بيته وابناؤه وبناته وهم يبكون وينتحبون بينهم الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وزينب وأم كلثوم ولبابة وسائر أبناء امير المؤمنين (ع) وبناته وكلما نظروا الى وجهه الشريف ولحيته الكريمة وهما مخضبان بالدماء وقد اصفر لونه وتزايد ولوج السم في بدنه اشتد بهم الحزن وسالت منهم العبرات وهم ينشجون نشيجاً ولا يرفعون اصواتهم مخافة ان ينزعج امير المؤمنين (ع) (وفي البحار) عن بعض الكتب ان ام كلثوم لما بلغها الخبر صاحت واابتاه واعليا وامحمدا وا سيدا وأن الحسن (ع) جعل ينادي وانقطاع ظهراه يعز عليّ والله ان اراك هكذا ففتح امير المؤمنين (ع) عينيه وقال يا بني لا جزع عل ابيك بعد اليوم هذا

٢٢٨

جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى وامك فاطمة الزهراء محدقون منتظرون قدوم ابيك فطب نفساً وقر عيناً وكف عن البكاء ، واقبل الناس من كل جانب حين سمعوا الخبر ومما قيل عن لسان زينب كأنها تخاطب اباها امير المؤمنين (ع).

يعز الهواشم يا فخرها

ويا سورها العالي او ذخرها

يا فارس حنين او بدرها

وامطيع بسيفك كفرها

ثنيتك اليتواكد جمرها

والموت ما يجسر يطرها

وهامتك بالمرهف طبرها

وشيبك تخضب من حمرها

* * *

قل لابن ملجم والاقدار غالبة

هدمت ويلك للاسلام اركانا

قتلت افضل من يمشي على قدم

و اول الناس اسلاما وايمانا

هذا ما كان من امر امير المؤمنين ((ع)) واما ابن ملجم وصاحباه فانهم هربوا نحو ابواب المسجد وتبادر الناس لأخذهم ( اما ابن ملجم ) فلحقه رجل من همدان (وقيل) المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب فطرح عليه قطيفة كانت في يده ثم صرعه واخذ السيف من يده وجاء به الى امير المؤمنين ((ع)) (واما الشبيب) فاخذه رجل فصرعه وجلس على صدره واخذ السيف من يده ليقتله بيده فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي ان يعجلوا عليه لا يسمعوا منه فوثب عن صدره وخلاه وطرح السيف من يده ومضى شبيب هاربا حتى دخل على ابن عم له فرآه يحل الحرير عن

٢٢٩

صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت امير المؤمنين فأراد ان يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه واشتمل على سيفه ودخل عليه فقتله وافلت الثالث فانسل بين الناس وقيل انه اخذ وقتل في تلك الليلة.

يا ضربة من شقي اوردته لظى

فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا

اشقى مراد اذا عدت قبائلها

واخسر الناس عند الله ميزانا

اني لأحسبه ما كان من بشر

كلا ولكنه قد كان شيطانا

المجلس الثاني عشر

روى الصدوق في الفقيه عن سليم بن قيس الهلالي قال شهدت وصية علي بن ابي طالب حين أوصى الى ابنه الحسنعليهما‌السلام وأشهد على وصيته الحسين ((ع)) ومحمداً وجميع ولده ورؤساء اهل بيته وشيعته ثم دفع اليه الكتب والسلاح ثم قال يا بني أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أوصي اليك وأن أدفع اليك كتبي وسلاحي كما أوصى الي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان تدفعه الى ابنك علي ابن الحسين ثم اقبل الى ابنه علي بن الحسين فقال له وأمرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان تدفع وصيتك الى ابنك محمد بن علي فأقرئه من رسول

٢٣٠

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومني السلام ثم اقبل على ابنه الحسن ((ع)) فقال يا بني أنت ولي الأمر بعدي وولي الدم فان عفوت فلك وان قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم.

( أقول ) وهذه الوصية رواها أيضاً الكليني في الكافي عن الكاظم ((ع)) وذكرها ابوالفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين والشريف الرضي في نهج البلاغة وعلي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة وغيرهم مع تفاوت في الزيادة والنقصان والتقديم والتأخير وأتمها رواية الكليني والصدوق ونحن نجمع بين ما في تلك الروايات كلها بحسب الامكان. ثم قال اكتب :

(وصية أمير المؤمنين عليعليه‌السلام )

(للحسن والحسينعليهما‌السلام بعد ما ضربه ابن ملجم )

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن ابي طالب اوصى انه بشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره عليى الدين كله ولو كره المشركون ثم ان صلاتي ونشكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله وان لا تبغيا الدنيا وان بغتكما ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما وقولا بالحق واعملا للأجر (للآخرة خ ل ) وكونا للظالم خصما وللمظوم عونا أوصيكما ( ثم اني اوصيك يا حسن خ ل ) وجميع ولدي واهل بيتي ( واهلي خ ل) ومن بلغهم

٢٣١

كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ربكم ولا تموتن الا وانتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ( بتقوى الله ونظم امركم وصلاح ذات بينكم خ ل ) فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول صلاح ذات البين أفضل منعامة الصلاة والصيام وان البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين ( وان المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين خ ل ) ولا قوة الا بالله ( ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم خ ل ) انظروا ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب والله الله في الأيتام لا تغيروا ( فلا تغيرن خ ل) ( لا تغبوا خ ل ) أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول من عال يتيما حتى يستغني اوجب الله له الجنة كما اوجب للآكل مال اليتيم النار والله الله في القرآن فلا يسبقكم الى العمل به غيركم والله الله في جيرانكم فان الله ورسوله أوصيا بهم فانها وصية نبيكم ما زال يوصينا حتى ظننا انه سيورثهم والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فانه انه ترك لم تناظروا وان ادنى ما يرجع به من امه ان يغفر له ما سلف من ذنبه والله الله في الصلاة فانها

٢٣٢

خير العمل وانها عمود (عماد خ ل) دينكم والله الله في الزكاة (في زكاة اموالكم خ ل) فانها تطفىء غضب ربكم والله الله في صيام شهر رمضان فان صيامه (فانه خ ل) جنة من النار والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم (والسنتكم خ ل) فانما يجاهد في سبيل الله رجلان امام هدى ومطيع له مقتد بهداه والله الله في ذرية (في امة خ ل) نبيكم فلا يظلمن بين اظهركم (ظهرانيكم خ ل) والله الله في اصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثاً ولم يؤوا محدثا فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث والله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم والله الله في النساء وما ملكت أيمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله ان قال اوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت ايمانكم ثم قال الصلاة الصلاة ولا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من ارادكم وبغى عليكم (يكفكم من بغى عليكم وارادكم بسوء خ ل) قولوا للناس حسناً كما أمركم الله عزل وجل ولا تتركن (لا تتركوا خ ل) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم (فيولى عليكم شراركم خ ل فيولى الأمر غيركم خ ل) ثم تدعون فلا يستجاب لكم. عليكم ( يا بني خ) بالتواصل ( بالتواضع خ ل) والتباذل والتبار واياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب حفظكم الله من اهل بيت وحفظ فيكم نبيكم ( نبيه خ ل) واستودعكم الله خير مستودع واقرأ عليكم السلام ورحمة الله

٢٣٣

وبركاته (سلام الله ورحمته خ ل) يا بني عبد المطلب لا الفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل امير المؤمنين لا تقتلن بي الا قاتلي انظروا اذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا يمثل بالرجل فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور (وفي رواية) انه نظر الى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما اوصيت به اخويك قال نعم قال فاني اوصيك بمثله وأوصيك بتوقير اخويك لعظم حقهما عليك فلا توثق أمراً دونهما ثم قال اوصيكما به فانه شقيقكما وابن ابيكما وقد علمتما ان ابوكما كان يحبه (وقال) للحسن ((ع)) اوصيك يا بني بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وايتاء الزكاة عند محلها فانه لا صلاة الا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة وأوصيك بعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبيت في الأمر والتعاهد للقرآن وحسن الجوار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش ثم لم يزل يقول لا اله الا الله لم ينطق بغيرها حتى قبض صلوات الله وسلامه عليه.

بنفسي ومالي ثم اهلي واسرتي

فداء لمن امسى قتيل ابن ملجم

علي أمير المؤمنين ومن بكت

لمقتله البطحا واكناف زمزم

واصبحت الشمس المنير ضياؤها

لفقد علي لونها لون ادهم

٢٣٤

المجلس الثالث عشر

(روي) ان امير المؤمنين ((ع)) لما احتضر جمع بينه حسناً وحسيناً ومحمد بن الحنفية والأصاغر من ولده فوصاهم وكان في آخر وصيته يا بني عاشروا الناس عشرة ان غبتم حنوا اليكم وان فقدتم بكوا عليكم (وروى) المفيد في المجالس والشيخ في الامالي بسندهما عن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي (فقال) هذا ما اوصى به علي بن ابي طالب أخو محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عمه وصاحبه.

((وصية ثانية لأمير المؤمنينعليه‌السلام ))

أول وصيتي اني اشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسوله وخيرته اختاره بعمله وارتضاه لخيرته وان الله باعث من في القبور وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور. ثم اني اوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما اوصاني به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاذا كان ذلك يا بني الزم بيتك وابك على خطيئتك ولا تكن الدنيا أكبر همك وأوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها والزكاة في اهلها عند محلها والصمت عند الشبهة والاقتصاد والعدل والصمت في الرضا والغضب وحسن الجوار واكرام الضيف ورحمة المجهود وأصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم والتواضع فانه من

٢٣٥

افضل العبادة وقصر الأمل واذكر الموت وازهد في الدنيا فانك رهن موت وعرض بلاء وصريع سقم واوصيك بخشية الله في سر امرك وعلانيتك وانهاك عن التسرع بالقول والفعل واذا عرض شيء من أمر الآخرة فابدأ به واذا عرض شيء من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه واياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء فان قرين السوء يغير جليسه وكن لله يا بني عاملا وعن الخنا زجوراً وبالمعروف آمرا وعن المنكر ناهياً وواخ الاخوان في الله واحب الصالح لصلاحه ودار الفاسق عن دينك وابغضه بقلبك وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله وإياك والجلوس في الطرقات ودع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم واقتصد يا بني في معيشتك واقتصد في عبادتك وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه والزم الصمت تسلم وقدم لنفسك تغنم وتعلم الخير تعلم وكن لله ذاكراً على كل حال وارحم من أهلك الصغير ووقر منهم الكبير ولا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله وعليك بالصوم فانه زكاة البدن وجنة لأهله وجاهد نفسك واحذر جليسك واجتنب عدوك وعليك بمجالس الذكر واكثر من الدعاء فاني لم آلك يا بني نصحاً وهذا فراق بيني وبينك وأوصيك بأخيك محمد خيراً فانه شقيقك وابن أبيك وقد تعلم حبي له وأما اخوك الحسين فهو ابن امك ولا اريد الوصاة بذلك والله الخليفة عليكم واياه أسأل أن يصلحكم وان يكف الطغاة والبغاة عنكم والصبر حتى ينزل الله الأمر ولا قوة الا بالله

٢٣٦

العلي العظيم (ثم) قال للحسن ابصروا ضاربي اطعموه من طعامي واسقوه من شرابي ياحسن ان أنامت فلا تغال في كفني فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لا تغالوا في الأكفان واوصاهم ان يحنطوه بفاضل حنوط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الا يا عين ويحك فاسعدينا

الا فابكي أمير المؤمنينيا

رزئنا خير من ركب المطايا

وخيسها ومن ركب السفينا

افي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طراً اجمعينا

المجلس الرابع عشر

روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة في أماليه باسناده الى الأصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم لعنه الله امير المؤمنين علي بن ابي طالب ((ع)) غدونا عليه نفر من أصحابنا انا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج الينا الحسن بن عليعليهما‌السلام فقال يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم فانصرف القوم غيري واشتد البكاء في منزله فبكيت وخرج الحسن فقال الم اقل لكم انصرفوا فقلت لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلاي ان انصرف حتى أرى امير المؤمنين قال وبكيت

٢٣٧

فدخل الدار ولم يلبث ان خرج فقال لي ادخل فدخلت على أمير المؤمنين ((ع)) فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه فما ادري وجهه أشد صفرة ام العمامة فأكببت عليه فقبلته وبكيت فقال لي لا تبك يا اصبغ فانها والله الجنة فقلت له جعلت فداك اني اعلم والله انك تصير الى الجنة وانما أبكي لفقداني اياك يا امير المؤمنين (وروى) الراوندي في الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي ((ع)) حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس انما هو خدش قال لعمري اني لمفارقكم ثم أغمي عليه فبكت ام كلثوم فلما افاق قال لا تؤذيني يا أم كلثوم فانك لو ترين ما ارى ان الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين يقولون انطلق يا علي فما امامك خير لك مما انت فيه (وروى) أبو الفرج الأصبهاني في المقاتل باسناده ان صعصعة بن صوحان استأذن عى علي ((ع)) وقد اتاه عائدا لما ضربه ابن ملجم فلم يكن عليه اذن فقال صعصعة للآذن قل له يرحمك الله يا امير المؤمنين حيا وميتاً فلقد كان الله في صدرك عظيما ولقد كنت بذات الله عليما فابلغه الآذن اليه فقال قل له وانت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤونة كثير المعونة (ولما) ادخل ابن ملجم على أمير المؤمنين صلوات الله عليه نظر اليه ثم قال اي عدو الله الم احسن اليك قال بلى قال فما حملك على هذا (وفي رواية) انه قال لقد كنت أعلم انك قاتلي وإنما احسنت اليك لأستظهر بالله عليك (ثم قال) النفس بالنفس فان انا مت

٢٣٨

فاقتلوه كما قتلني وان سلمت رأيت فيه رأيي فقال ابن ملجم والله لقد ابتعته بالف فان خانني فابعده الله (ونادته) ام كلثوم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال انما قتلت اباك قالت يا عدو الله اني لأرجو أن لا يكون عليه بأس قال لها فاراكي انما تبكين علي اذاً والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين اهل الأرض لأهلكتهم (ثم) أخرج من بين يديه وان الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون يا عدو الله ماذا فعلت اهلكت امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقتلت خير الناس وانه لصامت لم ينطق فذهب به الى الحبس وجاء الناس الى أمير المؤمنين ((ع)) فقالوا مرنا بامرك في عدو الله لقد اهلك الأمة وافسد الملة فقال لهم ان أنا عشت رأيت فيه رأيي وان هلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار (وفي رواية) انه قال احبسوا

٢٣٩

هذا الأسير أطعموه واسقوه واحسنوا اساره (ثم) جمع له اطباء الكوفة فلم يكن أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني وكان أبصرهم بالطب وكان متطبباً صاحب كرسي يعالج الجراحات (قال) أبو الفرج وكان من الاربعين غلاماً الذين سباهم خالد بن الوليد في عين التمر (وفي الاستيعاب) وهو الذي تنسب اليه صحراء أثير فلما نظر إلى جرح أمير المؤمنين ((ع)) دعا برئة شاة حارة وتتبع عرقاً منها فاستخرجه فادخله في الجرح ثم نفخه ثم استخرجه فاذا عليه بياض الدماع وإذا الضربة قد وصلت الى ام رأسه فقال يا امير المؤمنين اعهد عهدك فان عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فيئس الناس عند ذلك من أمير المؤمنين ((ع)). وماذا كانت حالة أهل البيتعليهم‌السلام حين سمعوا هذا الكلام من أثير وما جرى على الحسن والحسين وزينب وام كلثوم ولبابة وسائر أولاد أمير المؤمنين ((ع)) حين تيقنوا ان أمير المؤمنين مفارقهم عاجلا وميت من ضربته تلك.

لا شك أنهم أجروا العيون بالدموع والتهبت نار الوجد والحزن

٢٤٠