المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 85943
تحميل: 4241


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85943 / تحميل: 4241
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

مع ابيه وجده وعمه الحسنعليهم‌السلام (وامه) ام فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر اسمها فاطمو ةقيل قريبة وام فروة كنيتها وامها اسماء بنت عبد الرحمن بن ابي بكر ولذلك قال الصادقعليه‌السلام لقد ولدني ابو بكر مرتين (وكنيته) ابو عبد الله (وله) القاب اشهرها الصادق قال بعض علماء العامة لقب به لصدق حديثه (وروي) في العلل ان رسول الله «ص» قال سموه الصادق فانه سيكون في ولده سمي لد يدعي الامامة بغير حقها ويسمى كذابا (اقول) وهو اخو الحسن العسكري «ع» (ونقش خاتمه) الله خالق كل شيء (وروي) انت ثقتي فاعصمني من خلقك (وفي رواية) يا ثقتي قني شر جميع خلقك (وفي رواية) اللهم انت ثقتي فقني سر خلقك (وفي رواية) انت ثقتي فاعصمني من الناس وقيل الله عوني وعصمتي من الناس وقيل ربي عصمني من خلقه (وقيل) ما شاء الله لا قوة الا بالله استغفر الله (وشاعره) السيد المحيري واشجع السلمي والكميت وابو هريرة الأبار والعبدي وجعفر بن عفان (وبوابه) المفضل بن عمر كما يف الفصول المهمة وفي المناقب بابه محمد بن سنان (وكان) له عشرة اولاد وقيل احد وفي المناقب بابه محمد بن سنان (وكان) له عشرة اولاد وقيل احد عشر «١» اسماعيل «٢» عبد الله «٣» ام فروة امهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب وقيل بنت الحسن الأثرم بن حسن بن علي «٤» موسى «٥» اسحاق «٦» محمد (قيل) «٧» فاطمة الكبرى لأم ولد اسمها حميدة البربرية «٨» العباس «٩» علي «١٠» اسماء «١١» فاطمة الصغرى لأمهات اولاد شتى

٤٦١

(امثل) هذا الامام العظيم امام اهل البيت عليهم السالم في عصره ووارث علوم آبائه وجده يتجرأ عليه المنصور الدوانيقي مع معرفته بعلمه وفضله وجلالة قدره ويسيره اليه من المدينة الى العراق مراراً عديدة يريد قتله فيدفعه الله عنه ويريه الآيات والمعجزات ولم يزل كذلك حتى توفي صلوات الله عليه صابراً محتسباً مظلوماً حقه مغلوبا على امره

يا مقيما للدين اقوى براهين على الحق مثلها لن يقاما

يوم بغي المنصور اذا حضر النطع وقد ناول الربيع الحساما

ولعمري بالصل لو لم ترعه لك لم يرع حرمة وذماما

المجلس الثاني

ولد الصادق «ع» سنة ٨٠ او ٨٣ للهجرة وتوفي سنة ١٤٨ كما مر ومن مميزات هذا العصر النتشار العلوم الاسلامية فيه من التفسير والفقه والحديث وعلم الكلام والجدل والانساب واللغة والشعر والادب والكتابة والتاريخ والفلك وغيرها.

كان الصادق اشهر اهل زمانه علما وفضلا قال مالك بن انس المذهب : ما رات عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر افضل من جعفر بن محمد فضلا وعلما وعبادة وورعا وكان

٤٦٢

كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد.

قال الحسن بن زياد : سمعت ابا حنيفة وقد سئل عن افقه من رايت قال جعفر بن محمد.

وبرز بتعاليمه من الفقهاء والافاضل جم غفير كزرارة بن اعين واخويه بكر وحمران وجميل بن صابح وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم الطائي ويزيد بن معاوية وهشام بن الحكم وايضا هشام بن سالم وابي بصير وعبيد الله ومحمد وعمران الحلبيين وعبد الله ابن سنان وابي الصحاح الكناني وغيرهم من اعيان الفلأ وقد جمع اصحابا لحديث اسماء الرواة نه من الثقاة على اختلافهم يف الاراء والمقالات فكانوا اربعة الاف رجل ذكرهم الحافظ بن عقدة الزيدى في كتاب له وذكر مصنفاتهم ونقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعات غير هؤلا الاربعة الاف من اعيان الأئمة واعلامهم مثل يحيى بن سعيد الانصاري وابن جريح ومالك بن انس والثوري وابن عيينة وايب حنيفة وشعبة وايوب السختياني وجابر بن حيان الكوفي وابان بن تغلب وابو عمرو بن دينار واخرين غيرهم وكان السبب في انتشار علومه وكثرة الاخذين عنه انه ادرك اواخر الدولة الاموية واوائل الدولة العباسية فهو قد ادرك الاولى في ايام ضعفها وكانت الثانية في اولها لم تنجم فيها ناجمة الحسد لآل ابي طالب وهي دولة هاشمية ترى ان مثل

٤٦٣

جعفر الصادق من مفاخرها وقد روي عنه في التفسير الشيء الكثير وكذلك في علم الكلام ودون من (اسئلة) اجوبة مسائله فا لفقه وغيره كتب جمة واخذت عنه مهمات علم اصول الفقه وكتب منا جوبة مسائله اربعمائة مصنف ايضاً لاربعمائه مصنف تعرف بالاصول الأربعمائة.

وممن اشتهر بالتفسير والنسب في ذلك العصر محمد بن السائب الكلبي والسدي الكبير اسماعيل بن عبد الرحمن وابو حمزة الثمالي.

وبالفقه والحديث في ذلك العصر غير الامام الصادق ابو حنيفة امام المذهب وتمليذه ابو يوسف ومالك بن انس امام المذهب ومحمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى وغيرهم وابن جريح وعروة بن الزبير وابن سيرين والحسن البصري والشعبي وفي علوم اللغة العربية معاذ بن مسلم الهراء الكوفي واضع علم الصرف وفي التاريخ والمغازى محمد بن اسحق بن يسار وفي الكتابة عبد الحميد كاتب مروان الحمار اخر ملوك بني امية.

من الكتاب من اصحاب الصادقعليه‌السلام ابو حامد اسماعيل الكاتب الكوفي ومن اشتهر من العلماء الشعراء في عصره وبعضهم كانوا من مادحيه السيد الحميرى واششجع السلمي والكميت وابنه المستهل واخوه الورد وابو هريرة الابار وابو هريرة العجلي

٤٦٤

والعبدي وايضاً جعفر بن عفان وسليمان بن قتة العدوي وسديف وابراهيم بن هرمة ومنصور النمري.

(أما صفته في خلقه وحليته) ففي المناقب كان ربع القامة(١) أزهر الوجه(٢) حالك(٣) الشعر جعده(٤) اشم(٥) الأنف انزع(٦) دقيق المسربة(٧) على خده خال أسود. وفي الفصول المهمة : صفته معتدل آدم(٨) اللون.

(واتما صفته في اخلاقه واطواره) ففي مناقب ابن شهر اشوب قال مالك بن انس كان جعفر بن محمد لا يخلو من احدى ثلاث خصال اما صائماً واما قائماً واما ذاكراً وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون ربهم وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد ويقال الامام الاصادق لم يكن عياب ولا سبابا ولا ضخاباً ولا طماعاً ولا خداعاً ولا نماماً ولا ذماماً

____________________

(١) لا طويل ولا قصير.

(٢) اي حسن الوجه يعلوه البهاء والجمال.

(٣) الحالك الشديد السواد.

(٤) الجعد ضد البسط.

(٥) الشمم ارتفاع قصبة الانف وحسنها واستواء اعلاها وانتصاب الارنبة وهي طرف الانف

(٦) ليس على مقدم رأسه شعر.

(٧) بفتح الميم وضم الراء الشعر وسط الصدر الى البطن.

(٨) اسمر.

المؤلف -

٤٦٥

ولا اكولاً ولا عجولاً ولا ملوكاً ولا مكثاراً ولا ثرثاراً ولا هذاراً ولا طعاناً ولا لعاناً ولا همازاً ولا لمازاً ولا كنازاً (وروى) الكليني في الكافي انه كان اذا صلى العشاء وذهب من الليل شطره اخذ جراباً في هخبز ولحم ودراهم فحمله على عنقه ثم ذهب به الى اهل الحاجة من اهل المدينة فقسمه فيهم ولا يعرفونه فلما مات وفقدوا ذلك عرفوه.

(واما صفته في لباسه) فكان يلبس جيد الثياب ويقول فيما رواه الكليني ان الله عزوجل يحب الجمال والتجمل ويبغض البؤس والتباؤس واذا انعم على عبده بنعمة احب ان يراها عليه لانه جميل يحب الجمال وقال اني لا كره للرجل ان يكون عليه من الله نعمة فلا يظهرها وقال البس وتجمل فان الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال. وروى عنه الشيخ الطوسي في التهذيب انه قال ان الله اذا أنعم على عبد بنعمة أحب ان يرى عليه أثرها قيل كيف ذلك قال ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته. وروى الكليني ان عباد بن كثير البصري (وهو من زهاد البصرة) جذب ثوبه وهو في الطواف وقال يا جعفر تلبس مثل هذه الثياب وانت في هذا الموضع مع المكان الذي انت فيه من علي فقال له كان علي في زمان يستقيم له ما ليس فيه ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس هذا مرائي مثل عباد. وان عباداً لقيه مرة وعلى الصادق ثياب حسان فقال ما لهذه الثياب عليك فلو لبست دونها فقال له ويلك يا عباد من

٤٦٦

حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق ان الله عزوجل اذا انعم على عبده نعمة احب ان يراها عليه. وان رجلا قال له اصلحك الله ذكرت ان علي بن ابي طالب كان يلبس الخشن يلبس القميص باربعة دراهم ونرى عليك اللباس الجيد فقال ان علياً صلوات الله عليه كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به فخير لباس كل زمان لباس أهله وان سفيان الثوري رأى عليه ثياباً بيضاً رقاقاً فقال له ان هذا اللباس ليس من لباسك (وفي رواية) انه قال له والله ما لبس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في زمان مقفر جدب فاما اذا اقبلت الدنيا فأحق الناس بها ابرارها لا فجارها (وفي) حلية الأولياء ان سفيان الصوري رأى على الصادقعليه‌السلام جبة خز دمناء وكساء خز فجعل ينظر اليه معجباً وقال ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك فقال كان ذلك زمانا مقفراً مقتراً وكانوا يعملون على قدر اقفاره واقتاره ثم حسر عن ردن جبته فاذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل والردن عن الردن وقال هذا الله وهذا لكم فما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه.

ويستفاد مما مر ان لبس الجيد من الثياب واظهار النعمة أمر راجح ان لم يعارضه شيء آخر مثل كونه مستهجناً أو يعد من لباس الشهرة أو نحو ذلك وقد يكون لبسه مرجوحاً اذا خيف منه حصول الكبر أو شره النفس أو غير ذلك.

٤٦٧

المجلس الثالث

من أدلة امامة الصادقعليه‌السلام تفوقه في العلم على جميع أهل عصره وانه وارث علوم جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآبائهعليهم‌السلام وان عنده سلاح رسول الله ومواريث الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم.

قال المفيد عليه الرحمة : برز جعفر الصادقعليه‌السلام على جماعة اخوته بالفضل وكان أنبههم ذكراً وأعظمهم قدراً وأجلهم في الخاصة والعامة ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه ولا روى أهل الآثار ونقلة الأخبار عن أحد منهم كما رووا عنه فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات كانوا أربعة آلأاف (أقول) وذلك ان الحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أسماء الذين رووا عن الصادقعليه‌السلام من الثقات خاصة فضلا عن غيرهم فكانوا أربعة آلا رجل (وروى) عنه راو واحد وهو ابان بن تغلب ثلاثين الف حديث (قال) الحسن بن علي الوشا من أصحاب الرضاعليه‌السلام أدركت في هذا المسجد (يعني مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد وغلبت

٤٦٨

نسبة مذهب أهل البيتعليهم‌السلام اليه فقيل المذهب الجعفري (وعن) الحافظ أبين عيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في كتاب حلية الأولياء انه قال ان جعفر الصادق حدث عنه من الأئمة والأعلام مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وابن جريج وسفيان بن عيينة وعد ثمانية غيرهم ثم قال في آخرين (قال) وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجاً بحديثه (وقال) ابن شهر اشوب في المناقب قال غير ابي نعيم روى عنه مالك والشافعي والحسن ابن صالح وأبو أيوب السجستاني (وأيوب السختيانب خ ل) وعمرو ابن دينار وأحمد بن حنبل وقال مالك بن أنس ما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادة وورعا (وكان) مالك اذا حدث عنه يقول حدثني الثقة بعينه (وحكى) ابن شهر اشوب في المناقب عن أبي عبد الله المحدث ان أبا حنيفة من تلامذته (قال) وكان محمد بن الحسن يعني الشيباني من تلامذته (قال) وكان أبو زيد البسطامي طيفور السقا من خدمه وسقاه ثلاث عشرة سنة (وقال) أبو جعفر الطوسي كان ابراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل اليه سفيان الثوري يوماً فسمع منه كلاماً أعجبه فقال هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر فقال له بل هذا خير من الجوهر وهل الجوهر الا حجر (وقال) نوح بن دراج لابن أبي ليلى أكنت تاركا قولاً قلته أو قضاء ضيته لقول أحد قال لا الا رجل واحد قال من هو قال جعفر بن محمد (وعن) حلية الأولياء عن عمرو بن أبي

٤٦٩

المقدام كنت اذا نظرت الى جعفر بن محمد علمت انه من سلالة النبيين (قال) ابن شهر اشوب في المناقب ولا تخلو كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من كلامه يقولون قال جعفر بن محمد قال جعفر بن محمد الصادق (وكان)عليه‌السلام يقول ان حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول الله عزوجل (وقال زيد ابن علي بن الحسينعليه‌السلام ) في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج به الله على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لا يضل من اتبعه ولا يهتدي من خالفه.

ومن أدلة امامة الصادقعليه‌السلام ورود النص عليه فقد نص أبوه الباقرعليه‌السلام على امامته وجعله وصيه (روى) الكليني بسنده عن الصادق «ع» قال لما حضرت أبي الوفاة قال يا جعفر أوصيك باصحابي خيراً قلت جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون فيا لمصر فلا يسأل أحداً (يعني) لا يسأل أحداً عن شيء من أمر الدين لكمال معرفته أو من المال لغناه (وبنسده) سئل ابو جعفر عن القائم بعده فضرب بيده على أيب عبد الله وقال هذا والله قائم آل محمد أي القائم بأمر الامامة

٤٧٠

بعد أبيه كما فسره بذلك الصادق «ع» فان كل امام هو القائم بعد الامام الذي كان قبله (وجاء) في عدة روايات ان الباقر قال لما أقبل ابنه جعفرعليهما‌السلام هذا خير البرية بعدي (وأوصى) اليه أبوه الباقر «ع» وأشهد على وصيته واستودعه ما كان محفوظاً عنده من الكتب والسلاح وميراث الأنبياء وقد كان هو «ع» ظاهر الفضل في العلم والزهد والعمل على كافة اخوته وبني عمه وسائر الناس من أهل عصره.

قال فيه البليغ ما قال ذو العي فكل بفضله منطيق

وكذاك العدو لم يعد ان قا ل جميلا كما يقول الصديق

(أمثل) هذا الامام العظيم في علومه ودلائل امامته الواضحة يجحد حقه ويزال عن ماقمه وتجترئ بنو العباس عليه وتحول بينه وبين حقه الى ان قضى صابراً محتسباً مجاهداً في نشر شريعة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكل طاقته وجهده.

ماذا جنت آل الطليق وما الذي جرت على الاسلام من فعل ردي

كم أنزلت مر البلاء بجعفر نجم الهدى مأمون شرعة أحمد

٤٧١

المجلس الرابع

في مناقب ابن شهراشوب : نقل عن الصادقعليه‌السلام من العلوم ما لم ينقل عن احد ، وقال ايضا : قال نوح بن دارج لابن ابي ليلى : كنت تاركا قولا قلته او قضاء قضيته لقول احد قال لا ، الا رجلا واحدا ، قال من هو ؟ قال : جعفر بن محمد. وقال المفيد في الارشاد : لم ينقل العلماء عن احد من اهل بيته ما نقل عنه ولا لقي احد منهم من اهل الاثار ، ونقله الاخبار ولا نقلوا عنه ما نقلوا عن أبي عبد الله (ع) فان اصحاب الحديث قد جمعوا اسماء الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم في الاراء والمقالات فكانوا اربعة الاف رجل. وقال المحقق في المعتبر : انتشر عن جعفر بن محمد من العلوم الجمة ما بهر به العقول.

ان التراث العلمي الذي خلفه الامام الصادق للاجيال المتعاقبة تراث عميق عظيم غني بالابتكار والجدة وبعد الغور ووسع المعرفة من كل جهاتها ، وجلا عن عدد من العلوم خفاباها وغوامضها ، فاثرى به الفكر الانساني ثراء كبيراً ، وانفتحت بها امام العقل افاق لم يدركها من قبل، ولم يسبق له التعمق فيها

٤٧٢

والاطلاع على ما تضمه من كنوز العلم والعرفان ولعل لميزة الكبرى والسمة البارزة لذلك التراث الخالد انه لم يقتصر على تفسير القران واحكام الفقه وشؤون الدين ، بل شمل جوانب متعددة من علوم مختلفة ، واوضح خفايا كثيرة من الحقائق الكونية الغامضة ، مما يدل على ان قصد الصادق كان متجها نحو قيام حضارة اسلامية متميزة تقوم على العلم والفكر فيها تقوم عليه من دعائم وما تتجه نحوه من اهداف ان الفترة الحاقلة التي عاشها الامام الصادق وبخاصة تلك الفترة التي ضعف فيها سلطان الامويين بفعل ضربات الدعاة العباسيين ، ثم انهيار الحكم الاموي.

ثم فترة انشغال الحكم العباسي المتصر بوضع التخطيط الجديد للدولة وترسيخ قواعدها في المجتمع. ان هذه الظروف التي خف فيها ضغط الحكام على الامام على من يتصل به ويأخذ عنه ، قد ساعده كثيرا على املاء العلوم ، وتوضيح الغوامض الاسلامية المنشودة.

وبفضل هذه الكثرة من الروايات والامالي والاحاديث عن الامام الصادق انتشر لدى كل الناس وفي التاريخ اصطلاح المذهب الجعفري والفقه الجعفري ، في حين ان المتحري للحقيقة يعلم ان الفقه فقه أهل البيت باجمعهم ، حيث يرويه كل وحد منهم عن جدهم الاعلى محمد (ص) ولكن كثرة الرواة وكثرة الرواة عن الصادق بالخصوص كانت السبب في هذه النسبة.

٤٧٣

وتتجلى عظمة الامام الصادق لنا بوضوح حينما نتصور الالوف من المسلمين وهم يفخرون بسماع علمه وحديثه حتى لقد جمع الحافظ بن عقدة في كتابه اسماء اربعة الاف رجل من الثقاة رووا عن الصادق كما مر.

وكما قال ابن حجر في كتابه الصواعق : (نقل الناس عن جعفر بن محمد من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر في جميع البلدان).

ويقولان النعمان ابو حنيفة النعمان بن ثابت : لولا السنتان لهلك النعمان. ويقول الاستاذ دوتلدسن : (ان طريقة الامام الصادق في التدريس كانت مقراطية فهو ياخذ المتتلمذين بالحوار والمحادثة ويتدرج عن الموضوعات الساذجة الى المسائل المركبة والمطالب المعقدة والاسرار الغامضة) :

وتتجلى عظمة الامام الصادق لنا بوضوح حينما نتصور الالوف من المسلمين وهم يفخرون بسماع علمه وحديثه حتى لقد جمع الحافظ بن عقدة في كتابه اسماء اربعة الاف رجل من الثقاة رووا عن الصادق كما مر.

وكما قال ابن حجر في كتابه الصواعق : (نقل الناس عن جعفر بن محمد من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر في جميع البلدان).

ويقولان النعمان ابو حنيفة النعمان بن ثابت : لولا السنتان لهلك النعمان. ويقول الاستاذ دوتلدسن : (ان طريقة الامام الصادق في التدريس كانت مقراطية فهو ياخذ المتتلمذين بالحوار والمحادثة ويتدرج عن الموضوعات الساذجة الى المسائل المركبة والمطالب المعقدة والاسرار الغامضة) :

ثم كان الجانب الثاني الذي اوضحه الامام وبينه للناس علم الفقه والتشريع وهو جانب كثير التحدث عنه حتى اصبح اجلى جوانب

٤٧٤

الامام الصادق ، وحسبنا في الحديث عن هذا الجانب ما يقرره الشيخ الازهري محمد أبو زهرة في كتابه (الامام الصادق) ص٦٦ اذ يقول :

(ما اجمع علماء الاسلام على اختلاف طوائفهم في أمر ، كما اجمعوا على فضل الامام الصادق وعلمه ، فائمة السنة الذين عاصروه تلقوا عه واخذوا ، أخذ عنه مالكرضي‌الله‌عنه واخذ عنه طبقة مالك ، كسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وغيرهم كثير واخذ عنه ابو حنيفة مع تقاربهما في السن واعتبره اعلم الناس لانه اعلم الناس باختلاف الناس وقد تلقى عليه رواية الحديث طائفة كبيرة من التابعين منهم يحيى بن سعيد الانصاري وأيوب السختياني وأبان بن تغلب وأبو عمرو بن العلاء وغيرهم من أئمة التابعين في الفقه والحديث وذلك فوق الذين رووا عنه من تابعي التابعين ومن جاء بعدهم من الأئمة والمجتهدين).

ثم كان جانب الفلسفة ثالث الجوانب التي اولاها الامام الصادق اهتمامه ، بالنظر الى ما توارد على العقل العربي من شبه وشكوك فلسفية نتيجية حركة الترجمة والاختلاط بالامم الجديدة الداخلة في الاسلام.

وهنا نجد الجانب الفكري المهم وقد سجل عدد من كتب الحديث والتاريخ نماذج من تلك

٤٧٥

المناقشات التي كان يشرف عليها الامام الصادق ويقوم بها بنفسه.

وهناك جانب اخر من جوانب المعرفة الانسانية اولاه الصادق كثيراً من عنايته الا وهو الكيمياء.

ويقول الدكتور محمد يحيى الهاشمي في كتابه (الامام الصادق ملهم الكيمياء ص٢٨) اذا اردنا ان نبحث عن المنابع الحقيقية للكيمياء العربية نجد بذلك صعوبة لانه لا يزال ذلك في طبي الكتمان نعم نحن نعلم ان للاسكندرية دوراً هاماً في هذا الشأن ولكن المنبع الأصلي لهذه المدرسة لا يزال مجهولا فمنهم من يعزو ذلك الى أشور وبابل ومنهم من يعزو ذلك الى الهند ومنهم الى الصين والى غيرها من الممالك ومما لا شك فيه ان شواطيء الرافدين - دجلة والفرات - كانت مركزاً هاماً لمدنيات لعبت دورها في التاريخ وقد عرف هناك عمل الزجاج وتحضير الكلس. واستحضار المعادن من فلزلاتها كذلك عرف الأشوريون معدنا يسمعونه الكبالتو وو نفس معدن الكوبالت المعروف اليوم والذي كانوا يستعملونه قديماً في صبغ الخزف والزجاج.

ويقول أيضاً لنا بعد ذلك في أرض الرافدين متعلقاً بالأئمة المجتهدين والمتصوفة

٤٧٦

علاقة شديدة كما سوف نجد ذلك في العلاقة الروحية الشديدة بين جابر بن حيان والامام جعفر الصادق.

ثم يقول بعد ذلك : (ان أول شبح من أشباح التاريخ الذي يظهر أمامنا في حقل الكيمياء هو جابر بن حيان ويمكننا ان نعد رسالة أول مظهر من مظاهر الكيمياء في المدينة الاسلامية ويغلب عن الظن ان عددا عظيما من رسائله كان كل نصيبها النفاء).

ان جابر بن حيان الذي تكرر ذكره في النصوص السابقة عربي من الأزد سافر الى طوس والده لنشر الدعوة للعباسيين وهنا ولد له جابر.

ثم ظفر الأمويون بحيان فاعدموه الحياة ولما انتصر العباسيون وقامت دولتهم رحل جابر الى الكوفة وتمكن بعد ذلك من الاتصال بالامام الصادق وتلقى علم الكيمياء في مدرسة وأصبح هذا الرجل بفضل تلمذته الواعية كيماوي العرب الأول ثم اعتبر على مر القرون قمة شامخة في تطوير هذا العلم حتى قال عنه الاستاذ برتلو في كتابه الذي نشره بباريس عن الكيمياء عند العرب قال ما نصه : (ان اسم جابر ينزل في تاريخ الكيمياء منزلة اسم ارسطو في تاريخ المنطق).

ولم يكن لجابر هذا استاذ غير الامام الصادق (ع) وقد كرر جابر ذكر اسم استاذه في أكثر كتبه وبتعابير مختلفة ويقول الاستاذ هولميارد في بحثه عن جابر بن حيان :

٤٧٧

(ان جابر هو تلميذ جعفر الصادق وصديقه وقد وجد في امامه الفذ سنداً ومعيناً وراشداً أميناً وموجهاً لا يستغنى عنه وقد سعى جابر لأن يحرر الكيمياء بارشاد استاذه من أساطير الأولين التي علقت بها من الاسكندرية فنجح في هذا السبيل الى حد بعيد) ويقول الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه جابر بن محمود حيان ص١٧ :

(وأما جعفر الذي كثيراً ما يرد بقوله : سيدي فهناك من يزعم انه جعفر بن يحيى البرمكي لكن الشيعة تقول - وهو القول الراجح الصدق - انه انما عني به جعفر الصادق ونقول انه مرجع الصدق لأن جابر شيعي فلا غرابة ان يعترف بالسيادة لامام شيعي هذا الى وفرة المصادر التي لا تتردد في ان جعفر المشار اليه في حياته جابر ونشأته هو جعفر الصادق).

وعلى الرغم من كل هذا فان الدكتور زكي نجيب محمود يحاول ان استاذاً آخر لجابر بن حيان هو الأمير الأموي خالد بن يزيد بن معاوية باعتبار أنه أول من حاول دراسة الكيمياء ثم يحاول ان يؤكد هذا القول بنقل عن أحمد الباحثين الغربيين يصرح فيه ان جابر تلميذ خالد ويترك ذلك بلا تعليق ليفتح باب الشك على مصراعيه في حين انه الدكتور زكي قد صرح بكنابه بان خالداً الأموي قد مات سنة ٧٠٤ ميلادية وان جابر بن حيان قد ولد حوالي سنة ٧٥٠ ميلادية فكيف تمت هذه التلمذة ولماذا لم يشر اليها جابر في مؤلفاته ولم يذكرها.

٤٧٨

واذا كان اسلوب الشك لدى انتأخرين قد حمل هذا الطابع فان القدماء قد حاولوا اثارة الشكوك باسلوب آخر هو ان تلك المؤلفات المنسوبة الى جابر قد كتبها غيره ونحلها له وقد ذكر ابن النعيم هذا الشك في فهرسته وأجاب عليه بقوله : (ان رجلا فاضلا يجلس ويتعب فيصنف كتابا يتعب قريحته وفكره باخراجه ويتعب يده وجسمه بنسخه. ثم ينحله لغيره ، - أما موجوداً أو معدوماً - ضرب من الجهل وان ذلك لا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم وأي فائدة في هذا وأي عائد).

وللاصلاح على مدى الكفائة العلمية لجابر ثم الاطلاع على مدى معرفة الامام بهذا العلم ننقل مقتطفات مما كتبه الدكتور محمد محمد فياض في كتابه (جابر بن حيان وخلفاؤه)

اذ يقول :

كان جابراً خبيراً بالعمليات الكيميائية الشائعة كالاذابه والتقطير والتكليس والاختزال وغير ذلك وكثيرا ما كان يصنفها ويبين الغرض منها والتغيرات التي تحدث فيها ويشرح أفضل الطرق لاجرائها وفقاً لنتائج تجاربه).

ويقول أيضاً :

(وتمكن جابر من تحضير طائفة كبيرة من المواد الكيميائية واتبع في ذلك عمليات سهلة وشرحها في كتابه بطريقة مبسطة

٤٧٩

خالية من التعقيد والغموض بحيث يتيسر لمن يقرأها ان يتتبعها ويجربها بنفسه ان أراد).

ثم يضيف الدكتور فياض :

(ولجابر بحوث أخرى في الكيمياء يعجز عنها الحصر نذكر فيما يأتي طائفة قليلة منها للتدليل على مبلغ جهوده في هذا العلم :

١- كشفه ان مركبات النحاس تكسب اللهب لونا أزرق.

٢- استنباطه طرقاً صالحة لتحضير الفولاذ وتنقية المعادن وصبغ الجلود والشعر.

٣- توصلة الى تحضير مداد مضيء من المرقشيشا الذهبية.

٤- تحضيره نوعاً من الطلاء الذي يقي الثياب البلل ويمنع الحديد الصدأ.

٥- توصله الى معرفة ان الشب يساعد على تثبيت الألوان في الصباغة.

٦- بحثه في المواد المعدنية والنباتية والحيوانية الشائعة ومعرفته لفوائدها في مداواة الأمراض.

٧- تمكنه من صنع ورق غير قابل للاحتراق دعاه الى ذلك ان الامام جعفر الصادق وضع كتاباً في الحكمة وكان عزيزاً لديه

٤٨٠