المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 85928
تحميل: 4241


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85928 / تحميل: 4241
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

٥٦١

٥٦٢

وغيرهم (وعن) كتاب نثر الدر قال سال الفضل بن سهل علي بن موسى الرصاعليه‌السلام في مجلس المامون فقال يا ابا الحسن الناس مجبرون فقال الله اعدل من ان يجبر ثم يعذب قال فمطلقون قال الله احكم من ان يهمل عبده ويكله الى نفسه (وسئل) عن رجل قال كل مملوك قديم في ملكي فهو حر فقال يعتق من مضى له في ملكه ستة اشهر لقوله تعالى والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم وبين العرجونه القديم والعرجون الحديث ستة اشهر وادخل رجل الى المامون اراد ضرب رقبته و الرضاعليه‌السلام حاضر فقال المامون ما تقول فيه يا ابا الحسن فقالاقول اب نالله لا يزيدك بحسن العفو الاعز فعفا عنه (ودخل) على الرضاعليه‌السلام وهو بنيسابور قوم من الصوفية فقالوا ان امير المؤمنين المامون لما نظر فيما ولاه الله من الامور فرآكم اهل البيت اولى من قام بامر الناس ثم نظر في اهل البيت اولى بالناس من كل واحد فرد هذا الامر اليك والامامة تحتاج الى من ياكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحما ويعود المريض ويشع الجنائز وكان الرضا «ع» متكئا فاستوى جالسا ثم قال كان يوسف بن يعقوبعليهما‌السلام نبيا فليس اقبية الديباج المزررة بالذهب والقباطي المنسوجة بالذهب وجلس على متكات ال فرعون وحكم وامر ونهى وانما يراد من الامام قسط عدل اذا قال صدق واذا حكم عدل واذا وعد انجز ان الله لم يحرم ملبوسا ولا مطعما وتلا قوله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق

٥٦٣

والله لما يرى خلقا فاتقنه صفاكم واصطفاكم ايها البشر

فانتم الملا الاعلى وعندكم علم الكتاب وماجاءت به السور

المجلس الخامس

مما جاء في مكارم اخلاق الرضاعليه‌السلام وفضله وتواضعه ما رواه الصدوق وغيره عن ابراهيم بن العباس انه قال ما رايت ولا سمعت باحد افضل من ابي الحسن الرضا ومن زعم انه راى مثله في فضله فلا تصدقوه شاهدت منه منا لم اشاهد من احد وما رايته جفا احدا بكلامه ولا رايته قطع على احد كلامه حتى يفرغ منه وما رد احد عن حاجة يقدر عليها ولامدرجله بين يدي جليس له قط ولا رايته سشتم احدا من مواليه ومماليكه وما رايته تفل ولا رايته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكمالتبسم وكان اذا خلا ونصب مائدته اجلس عليها مواليه ومماليكه حتىالبواب والسائس (عن) ياسر الخادم قال كان الرضا «ع» اذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير و الكبير ويانس بهم ويؤنسهم (وفي رواية) انه دعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم فقال له بعض اصحابه جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال «ع» ان الرب تبارك وتعالى واحد والام احدة والاب واحد والجزاء بالاعمال ( وعن محمدبن ابي عباده) قال كان جلوس

٥٦٤

الرضاعليه‌السلام على حصير بالصيف وعلى مسح في الشتاء ولبسه الغلظ من الثياب حتى اذا برز للناس تزين لهم (ونزل) بالرضا ضيف وكان جالسا عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج فمد الرجل يده ليصلحه فزبره ابو الحسن «ع» ثم اصلحه بنفسه وقال انا قوم لا نستخدم اضايفنا (وعن) ياسر ونادر خادمي الرصا «ع» انهما قالا قال لنا ابو الحسن صلوات الله عليه ان قمت على رؤوسكم وانتم تاكلون فلاتقوما حتى تفرغوا ولربما دعا بعضنا فيقال هم ياكلون فيقول دعوهم حتى يفرغوا كرمت منكم وكابت فروع وزكت منكم وطابت اصول

المجلس السادس

مما جاء في كرم الرضا «ع» وسخائه وكثرة صدقاته انه مر به رجل فقال له اعطني على قدر مروئتك قال لايسعني ذلك فقفال على قدر مروءتي قال اما هذا فنهم ثم قال يا غلام اعطه مائتي دينار وفرق بخراسان ماله كله في يوم عرعة فقال له الفضل ابن سهل ان هذا لمغرم فقال بل هو المغنم لا تعدن مغرما ما ابتعت به اجرا وكرما (وروى) الصدوق وغيره عن ابراهيم بن العباس قال كان الرضاعليه‌السلام كثيرا المعروف والصدقة في السر واكثر

٥٦٥

ذلك يكون منه في الليالي المظلمة (وجاءه) سخراساني صادر من الحج فقال قد افتقدت نفقتي وما معي ما ابلع به مرحلة فدنخل الحجرة ثم خرج ورد الباب واخرج يده من اعلى الباب واعطاه مئتي دينار فقيل له جعلت فداك لقد اجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه فقال مخافة ان ارى ذك السؤال في وجهه اما سمعت حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والستتر بها مغفور له اما سمعت قول الاول :

متى اته يوما لا طلب حاجة رجعت الى اهلي ووجهي بمائه

* * *

بنعسي انتم من كهول وفتية لفك عناة او لحمل ديات

مطاعيم في الاقتار في كل مشهد لقد شرفوا بالفضل والبركات

المجلس السابع

في ما جا عن الرضاعليه‌السلام في المواعظ والاداب والحكم (قالعليه‌السلام ) من رضي من الله عز وجل بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل (وقال ع) لا يعدم المرء دائرة السوء مع نصث الصفقة ولا يعدم العقوبة مع ادراع البغي (وقال ع)

٥٦٦

ليس الحمية من الشيء تركه ولكن الاقلال منه وقالعليه‌السلام في قول الله تعالى فاصفح الصفح الجميل العفو بغير عتاب (وقالعليه‌السلام ) اوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يوملد فيرى الدنيا ويوم يموت فيعاين الاخرة واهلها ويوم يبعث فيرى احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله على يحيى وعيسىعليهما‌السلام في هذه الثلاثة المواطن ، فقال في يحيى وسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا (وقال ع) ان الله عز وجل امر بثلاثة مقرون با ثلاثة امر بالصلاة والزكاة فمن صلى ولم يزك لم تقبلصلاته وامر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله وامر باتقاء الله وصلة الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عز وجل (وقال ع) من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت ان الصمت باب من ابواب الحكمة ان الصمت يكسب المحبة انه دليل على كل خير (وقال ع) صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله (وقال ع) لا يجتمع المال وقطيعة الرحم وايثار الدنيا على الاخرة (وسئل ع) ما بالالمتهجدين بلليل من احسن الناس وجها قال لانهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره (وقال ع) لاينبغي للرجل ان يدع الطيب في كل يوم فان لم يقدر فيوم ويوم لا فان لم لم يقدر ففي كل جمعة (وشكا) رجل الى الرضاعليه‌السلام اخاه فانشا الرضاعليه‌السلام يقول :

٥٦٧

اعذر اخاك على ذنوبه واستر وغط على عيوبه

واصبر على بهت السفيه وللزمان على خطوبه

ودع الجواب تفضلا وكل الظلوم الى حسيبه

(وكان ع) ينشد كثيرا

اذا كنت في خير فلاتغترر به ولكن قل اللهم سلم وتمم

ولهعليه‌السلام اورده ابن شهر اشوب في المناقب

لبست بالعفة ثوب الغنى وصرت امشي شامخ الراس

لست الى النسناس مستانسا لكنني انس بالناس

اذا رايت التيه من ذي الغنى تهت على التائه بالباس

ما ان تفاخرت على معدم ولا تضعضعت لافلاس

وكتب المامون الىالرضا «ع» عظني فكتب «ع» فكتب «ع» اليه :

انك في دنيا لها مدة يقبل فيها عمل العامل

اما ترى الموت محيطا بها يسلب(١) منها امل الامل

تفجل الذنب بما تشتهي وتامل التوبة من قابل

والمةت ياتي اهله بغتة ما ذلك فعل الحازم العاقل

وسمع «ع» وهو ينشد هذا الشعر وهو لابي العتاهية وكان قليلا ما ينشد شعرا :

____________________

(١) يكذب فيها خ ل.

٥٦٨

كلنا نامل مدا في الاجل والمنايا هن افات الامل

لا يغرنك اباطيل المنى والزم القصد ودع عنك العلل

انما الدنيا كظل زائل حل فيه راك ب ثم رحل

وانشد «ع» لاميرالمؤمنين «ع»

خلقت الخلائق في قدرة فمنهم سخي ومنهم بخيل

فاما الخي ففي راحة واما البخيل فشؤم طويل

وارسل المامون جارية فلما رات الشيب اسمأزت فردها الى المامون وكتب اليه :

نعى نفسي الى نفسي المشيب وعند الشيب يتعظ اللبيب

فقد ولى الشباب الى مداه فلست ارى مواضعه تؤوب

سابكيه واندبه طويلا وادعوه الي عسى يجيب

وهيهات الذي قد فات منه تمنيني به به النفس الكذوب

وراع الفانيات بياض راسي ومن مد البقاء له يشيب

ارى البيض الحسان يحدن عني وفي هجرانهن لنا نصيب

فان يكن الشباب مضى حبيبا فان الشيب لي ايضا حبيب

ساصحبه بتقوى الله حتى يفوق بيننا الاجل القريب

* * *

٥٦٩

المجلس الثامن

في كتاب الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي قال حدث المولى السعيد امام الدنيا عماد الدين محمد بن ابي سعيد بن عبد الكريم الوزان في المحرم سنة ست وتسعين وخمسمائة اورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور في كتابه ان علي بن موسى الرضا لما دخل الى نيسابور في السفرة التي خص فيها الشهادة كان في قبة مستورة بالسقلاط(١) على بغلة شهباء وقد شق نيسابور فعرض له الامامان المحافظان للاحاديث النبوية والمثابرن على السنة المحمدية ابو زرعة الرازي ومحمد بن اسلم الطوسي ومعهما خلائق لا يحصون من طلبة العلم وهل الاحاديث واهل الرواية والدراية فقالا ايها السيد الجليل اب نالسادة الائمة بحث آبائك الاطهرين واسلافك الاكرمين الا ما اريتنا وجهل الميمون المبارك ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نذكرك به فاستوقف البغلة وامر غلمانه بكشف المظلة عن القبة واقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة فكانت له ذؤابتان على

____________________

(١) بكسر السين والاف وتشديد الام شيء من الصوف يلقى على الهودج او ثياب كتان موشاة وكان وشبها خاتم.

- المؤلف -

٥٧٠

عاتقه والناس كلهم قيام على طبقاتهم ينظرون اليه وهم ما بين صارخ وباك ومتمرغ في التراب ومقبل لحافر بغلته وعلا الضجيج فصاحت الائمة والعلماء والفقهاء معاشر الناس اسمعوا وعوا وانصتوا لسماع ما ينفعكم ولا تؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم وكان المستملي ابو زرعة ومحمد بن اسلم الطوسي فقال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : حدثني ابي موسى الكاظم عن ابيه جعفر الصادق عن ابيه محمد الباقر عن ابيه علي زين العابدين عن ابيه الحسين شهيد كرلا عن ابيه علي بن ابي طالب انه قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال حدثني جبرئيل قال سمعترب العزننة سبحانه وتعالى يقول كلمة لا الله الا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني ومن دخل حصني امن عذابي ، ثم ارخى الستر على القبة وسار فعدوا اهل المحابر والدوي(١) الذين كانوا يكتبون فانافرا على العشرين الفا (وفي رواية) عد من المحابر اربعة وعشرون الفا سوى الدوى (قال) الاستاذ ابو القاسم القشيري اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض الامراء السامانية فكتبه بالذهب واوصى ان يدفن معه في قبره فرؤي بالنوم بعد موته فقيل له ما فعل الله بك قال غفر الله لي بتلفظي بلا اله الا الله وتصديقي بان محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وروى) الصدوق في العيون بسنده انه لما

____________________

(١) الدوى بفتح الدال والواو جمع دواة كنواة ونوى والدوي على فعول جمع ايضا وقيل جمع الجمع.

- المؤلف -

٥٧١

وافى ابو الحسن الرضاعليه‌السلام نيسابور واراد ان يرحل منها الى امامون اجتمع اليه اصحاب الحديث فقالوا له يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك وقد كان قعد في العمارية فاطلع راسه وقال سمعت ابي موسى بن جعفر يقول سمعت ابي جعفر بن محمد علي يقول سمعت ابي امير المؤمنين علي بن ابي طالب يقول سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول سمعت جبريلعليه‌السلام يقول سمعت الله عز وجل يقول لا اله الا الله حصني فمن دخل حصني امن من عذابي فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وانا من شروطها(١) (اقول) وهذا هو الحديث

____________________

(١) وفي بعض الروايات انه كان في من خرج اليه من علماء نيسابور محمد بن رافع واحمد بن الحارث ويحيى بن يحيى واسحاق ابن راهوية وانه اخرج راسه من العمارية وعليه مطرف خز ذو وجهين ( وفي رواية) ان الذي رواه لهم اني انا الله لا اله الا انا وحدي عبادي فاعبدوني وليعلم من لقيني منكم بشهادة ان لا اله الا الله مخلصا بها انه قد دخل حصني ومن دخل حصني امن عذابي فقالوا اي ابن رسول الله وما اخلاص الشهادة لله قال طاعة الله وطاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولايةاهل بيته (وفي رواية) اني انا الله لا اله الا انا فاعبدوني من جاء منكم بشهادة ان لا اله الا الله بالاخلاص دخل في حصني ومن دخل حصني امن عذابي.

٥٧٢

المشهور الذي يسمى بسلسة الذهب ويكتب مع سنده في اكفان الموتى تبركا به (ويروى انه كان عند عبد الله بن طاهر ابو الصلت الهروي واسحاق بن راهوية واحمد بن محمد بن حنبل فقال ليحدثني كل رجل منكم بحديث فقال ابو الصلت حدثني علي بن موسى الرضا وكان والله رضا كما سمي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي ابن الحسين عن ابيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي ابن الحسين عن ابيه الحسين عن ابيه عليعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الايمان قول وعمل فقال أحمد بن محمد بن حنبل ما هذا الاسناد فقال له عبد الله بن طاهر هذا سعوط المجانين اذا سعط به المجنون أفاق.

هم آل ميراث النبي اذا اعتزوا وهم خير سادات وخير حماة

اذا لم نناج الله في صلواتنا باسمائهم لم يقبل الصلوات

مطاعيم في الأقتار في كل مشهد لقد شرفوا بالفضل والبركات

المجلس التاسع

كان الرشيد قد بايع لابنه محمد الأمين بن زبيدة وبعده لأخيه عبد الله المأمون وبعدهما لأخيهما القاسم المؤتمن وجعل أمر عزله وابقائه بيد المأمون وكتب بذلك صحيفة وأودعها في جوف

٥٧٣

الكعبة وقسم البلاد بين الأمين والمأمون فجعل شرقيها للمأمون وأمره بسكنى مرو وغربيها للأمين وأمره بسكنى بغداد فكان المأمون في حياة أبيه في مرو ثم ان الأمين بعد موت أبيه في خراسان خلع أخاه المأمون من ولاية العهد وبايع لولد له صغير فوقع الحرب بينهما فنذر المأمون حين ضاق به الأمر ان أظفره الله بالأمين ان يجعل الخلافة في أفضل آل أبي طالب فلما قتل أخاه الأمين واستقل بالسلطنة وجرى حكمه في شرق الأرض وغربها كتب الى الرضاعليه‌السلام يستقدمه الى خراسان فاعتل عليه الرضاعليه‌السلام بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضاعليه‌السلام انه لا يكف عنه فأجابه فبعث المأمون رجاء بن أبي الضحاك وياسر الخادم الى المدينة ليشخصا اليه الرضا ومحمد بن جعفر عم الرضا وجماعة من آل أبي طالب وذلك في سن مائتين من الهجرة وكان عمر الجواد بن الرضا يومئذ سبع سنين (وروى) الكليني ان المأمون كتب الى الرضاعليه‌السلام لا تأخذ على طريق الجبل(١) وقم وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس(٢) وفي رواية الصدوق لا تأخذ على طريق الكوفة وقم(٣) وتدل بعض

____________________

(١) المراد بالجبل همدان ونهاوند وطبرستان وتسمى بلاد الجبل.

(٢) فارس هي شيراز وما والاها.

(٣) كأن علة النهي كثرة الشيعة في ذلك الطريق فخاف توازرهم واجتماعهم عليه.

- المؤلف -

٥٧٤

الروايات على انهعليه‌السلام جاء من البصرة الى الكوفة (قال المسعودي) في اثبات الوصية فروي ان المأمون استقبل الرضاعليه‌السلام واعظمه وأكرمه وأظهر فضله واجلاله (وقال المفيد) فلما وصلوا الى مرو أنزلهم المأمون داراً وأنزل الرضاعليه‌السلام داراً وأكرمه وعظم أمره ثم أنفذ اليه اني اريد ان أخلع نفسي من الخلافة واقلدك اياها فما رأيك في ذلك فانكر الرضا «ع» هذا الأمر وقال له اعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وان يسمع به أحد وجرت في ذلك مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحواً من شهر كل ذلك يأبى عليه الرضا «ع» (وقال المسعودي) في اثبات الوصية ان الرضا «ع» قال للمأمون ان هذا الأمر ليس بكائن فينا الا بعد يملك تلك أكثر من عشرين رجلا بعد خروج السفياني فألح عليه فامتنع ثم أقسم فأبر قسمه بان يعقد له الأمر بعده (وقال) المفيد فأرسل اليه المأمون فاذا أبيت ما عرضت عليك فلا بد من ولاية العهد من بعدي فأبى عليه الرضا إباء شديداً فاستدعاه اليه وخلا به ومعه وزيره الفضل بن سهل ذو الرياستين(١) ليس في المجلس غيرهم وقال اني قد رأيت ان اقلدك أمر المسلمين وأفسخ ما في رقبتي واضعه في رقبتك فقال له الرضا الله الله يا أمير المؤمنين انه لا طافة لي بذلك ولا قوة لي عليه قال له فاني موليك العهد من بعدي فقال له اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين فقال له المأمون

____________________

(١) الوزارة ورياسة الجند.

- المؤلف

٥٧٥

كلاماً فيه كالتهديد له على الامتناع عليه وقال في كلامه ان عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وشرط فيمن خالف منهم ان يضرب عنقه ولا بد من قبولك ما اريده منك فاني لا أجد محيصاً عنه فقال له الرضا «ع» فاني أجيبك الى ما تريد من ولاية العهد على أنني لا آمر ولا انهى ولا افتي ولا اقضي ولا اولي ولا اعزل ولا اغير شيئاً مما ه وقائم فاجابه المأمون الى ذلك كله (فيحكى) عن ذي الرياستين انه قال ما رأيت خلافة أضيع منها أمير المؤمنين يقتضى منها ويعرضها على علي بن موسى وهو يرفضها ويأباها ويقول لا طاقة لي بها ولا قوة (ودعا) المأمون القواد القضاة والشاكرية(١) وولد العباس الى ذلك فاضطربوا عليه فأخرج أموالا كثيرة وارضى القواد الا ثلاثة أبوا ذلك ، الجلودي وعلي بن عمران وابن مؤنس فحبسهم وأنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة (وفي رواية) ان المأمون قال للرضا «ع» يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وزهدك وعلمك وورعك وعبادتك وأراد أحق بالخلافة مني فقال «ع» بالعبودية لله عزوجل أفتخر وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم وبالتواضع في الدنيا ارجو الرفعة عند الله عزوجل (فقال المامون) فاني قد

____________________

(١) الشاكري الاجير والمستخدم معرب جاكر.

- المؤلف -

٥٧٦

رأيت ان أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك (فقال) له الرضا «ع» ان كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز ان تخلع لباساً البسكه الله وتجعله لغيرك وان كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك ان تجعل لي ما ليس لك (فقال) له المامون يا ابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الامر فقال «ع» لست أفعل ذلك طائعاً أبداً فما زال يجهد به أياماً حتى يئس من قبوله (فقال) ان لم تقبل الخلافة فكن ولي عهدي (فقال ع) لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين «ع» عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم تبكي علي ملائكة السلماء وملائكة الأرض وادفن في أرض غربة الى جنب هارون الرشيد فبكى المأمون ثم قال يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الاساءة اليك وانا حي فقال الرضا «ع» أما اني لو اشاء لقلت من الذي يقتلني فقال المأمون يا ابن رسول الله انما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك الى ان قال له لئن قبلت ولاية العهد والا اجبرتك على ذلك فقال الرضا «ع» فان كان الأمر على هذا فانا أقبل على ان لا أولي أحداً ولا أعزل أحداً ولا انقض رسما ولا سنة واكون في الأمر من بعيد مشيراً فرضى منه بذلك (وفي رواية) انه لما الح عليه المامون وتهدده قال اللهم انك قد نهيتني عن الالقاء بيدي الى التهلكة وقد اكرهت واضطررت كما اضطر يوسف

٥٧٧

ودانيال اذا قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه(١) اللهم لا عهد الا عهدك ولا ولاية الا من قبلك فوفقني لاقامة دينك واحياء سنة نبيك فانك انت المولى والنصير ونعم المولى انت ونعم النصير ثم قبل ولاية العهد من المامون وهو باك حزين (وفي رواية) ان المامون لما أراد العقد للرضا «ع» أحضر الفضل بن سهل فاعلمه بما قدم عزم عليه وأمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على ذلك ففعل واجتمعا بحضرته فجعل الحسن يعظم ذلك عليه ويعرفه ما في اخراج الأمر من أهله عليه فقال له المامون اني عاهدت الله على اني ان ظفرت بالمخلوع (يعني الأمين) أخرجت الخلافة الى افضل آل ابي طالب وما اعلم احداً افضل من هذا الرجل على وجه الأرض فلما رأى الحسن والفضل عزيمته على ذلك امسكا عن معارضته فارسلهما الى الرضا «ع» فعرضنا ذلك عليه فامتنع منه فلم يزالا به حتى أجاب ورجعا الى المامون فعرفاه اجابته فسر بذلك واسقط بيعة اخيه المؤتمن وعزم على البيعة للرضا «ع» بولاية العهد وجلس للخاصة في يوم خميس وخرج الفضل بن سهل فاعلم الناس برأي المامون في علي بن موسى وانه قد ولاه عهده وسماه الرضا وأمرهم بلبس الخضرة التي هي شعار

____________________

(١) لا يتافي ذلك كون ولاية يوسف بطلب منه حيث قال اجعلني على خزائن الأرض لأن المراد انه اضطر الى اظهار كون ولايته من قبل الجائر مع انها من قبله تعالى.

- المؤلف -

٥٧٨

العلويين بدل السواد الذي هو شعار العباسيين(١) والعود لبيعته في الخميس الآخر على ان ياخذوا رزق سنة فلما كان ذلك اليوم ركب الناس على طبقاتهم من القواد والحجاب والقضاة وغيرهم في الخضرة وجلس المأمون ووضع للرضاعليه‌السلام وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه واجلس الرضا «ع» عليهما في الخضرة وعلى رأسه عمامة وهو متقلد سيفاً (فروي) ان المأمون صعد المنبر لما بايع الرضا «ع» فقال أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب والله لو قرئت هذه الأسماء على الصم البكم لبرئوا باذن الله عزوجل ثم أمر ابنه العباس بن المأمون ان يبايع له أول الناس فرفع الرضا «ع» يده فتلقى بظهرها وجه نفسه وببطنها وجوههم فقال له المأمون ابسك يدك للبيعة فقال الرضا «ع» ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا كان يبايع فبايعه الناس ويده فوق أيديهم ووضعت البدر وقامت الخطباء والشعراء فجعلوا يذكرون فضل الرضا «ع» وما كان من المأمون في أمره (وروى) غير واحد ان المأمون لما بايع الرضا «ع» أجلسه الى جانبه فقام العباسي الخطيب فتكلم فأحسن وأنشد.

لا بد الناس من شمس ومن قمر فانت شمس وهذا ذلك القمر

____________________

(١) كما ان البياض شعر بني امية قال الفخري في تاريخه وقالوا الخضرة لباس اهل الجنة.

- المؤلف -

٥٧٩

ثم دعا أبو عباد وهو أحد وزراء المأمون وكاتب سره(١) بالعباس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه فقبل يده وأمره بالجلوس ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد وقال له الفضل بن سهل قم فقام فمشى حتى قرب من المأمون فوقف ولم يقبل يده فقيل له امض فخذ جائزتك وناداه المأمون ارجع يا ابا جعفر الى مجلسك فرجع ثم جعل ابو عباد يدعو بعلوي وعباسي يقبضان جوائزهما وأعطى الجوائز الكثيرة وأمر للجنود برزق سنة حتى نفدت الأموال (ثم) قال المأمون للرضا «ع» اخطب الناس وتكلم فيهم فحمد الله وأثنى عليه وقال انا لنا عليكم حقاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكم علينا حقاً به فاذا أنتم اديتم الينا ذلك وجب علينا الحق لكم (قال المفيد) ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس (وروى) الصدوق في العيون ان البيعة للرضا «ع» كانت لخمس خلون من شهر رمضان سنة احدى ومائتين (ثم) ان المأمون زوجه ابنته ام حبيبة في

____________________

(١) وهو الذي يقول فيه دعبل الخزاعي :

اولى الأمور بضيعة وفساد أمر يدبره أبو عباد

يسطو على كتابه بدواته فمضمخ بدم ونضح مداد

وكأنه من دير هرقل مفلت حرد يجر سلاسل الاقياد

فاشدد أمير المؤمنين وثاقه فاقل من سلامة الحداد

دير هرقل محل المجانين وسلامة الحداد مجنون مشهور.

- المؤلف -

٥٨٠