القرن التاسع الهجري
الشيخ أحمد بن فهد الحلّي
قلنا إنّ الحركة العلميّة في الحلّة الفيحاء كانت في أوج عظمتها ، وما أن لبثت أن انتقلت في منتصف القرن التاسع إلى كربلاء بسبب هجرة الزعيم الديني المجاهد الشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي إليها.
فقد تبنّى الحركة العلميّة في هذا البلد ، وازدهرت المعاهد الدينيّة في عهده ؛ حيث أخذ يرتادها أعلام الفكر ، ورجالات الأدب ، ورسل الثقافة من كلّ حدب وصوب ، فزخرت بهم مدينة الحسين (عليهالسلام
) ، واكتظّت جوامعها ومدارسها وقاعات الدرس فيها ، وراح اُولئك الطلاب يتلقون ما يطرحه الفقهاء من آراء وأفكار وأبحاث ، ويحتدم النقاش ويدور الجدل حول المسائل الفقهية.
وبالإضافة إلى مجد كربلاء الثقافي العالمي في مختلف المجالات الفكرية ، فقد ثبتت لنفسها مجداً جديداً ، وأنجبت رهطاً آخر من ذوي العقول النيّرة والمواهب الخلاقة ، ويعدّ ابن فهد الحلّي من أشهر فقهاء القرن الثامن والتاسع الهجري ومحدّثيهم.
ولد الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي سنة ٧٥٧ ه , وتوفي بكربلاء سنة ٨٤١ ه ، ودُفن في المكان المعروف ببستان النقيب ، ومرقده يزار.
ذكره جمع من المؤرّخين والمصنّفين ، فقال صاحب ( روضات الجنات ): هو الشيخ العالم العارف ، وكاشف أسرار الفضائل جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمّد بن فهد الحلّي ، الساكن بالحلّة السيفية والحائر الشريف حيّاً وميتاً.
وله من الاشتهار بالفضل والإتقان ، والذود والعرفان ، والزهد والأخلاق ، والخوف والإشفاق ، جمع بين المعقول والمنقول ، والفروع والاُصول ، والقشر واللب ، واللفظ والمعنى ، والظاهر والباطن ، والعلم والعمل بأحسن ما كان يجمع.
أجازه العلّامة علي ابن الخازن في الحائر الحسيني سنة ٧٩١ ه , ودُفن في الحائر وقبره ظاهر خلف المخيّم الحسيني في بستان يُعرف ببستان النقيب
.
وما دمنا نسوق أقوال المؤرّخين
____________________