• البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23866 / تحميل: 4689
الحجم الحجم الحجم
تراث كربلاء

تراث كربلاء

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

١٤ - جامع الطهراني

أوقفه السيد صالح فوزي الطهراني سنة ١٢٤٣ه ، موقعه في سوق النجّارين في محلّة العباسيّة الغربيّة ، وأصبح تحت إشراف مديرية أوقاف كربلاء منذ سنة ١٩٤٣ م.

١٥ - جامع الترك

أوقفه محمّد جعفر الترك وذلك في العهد العثماني ، موقعه في محلّة العباسيّة الغربيّة عند نهاية سوق النجّارين ، وقد أصبح تحت إشراف مديرية الأوقاف منذ سنة ١٩٤٣ م.

١٦ - جامع الحاج نصر الله

قام بإنشائه الحاج نصر الله ابن الحاج عبد الكريم وذلك سنة ١٣٤٣ ه ، موقعه في شارع العباس قرب سراي الحكومة. وتنصّ الكتيبة المنقوشة على جبهة بابه أنّ المتولّي كاظم الحاج حسن. جُدّد بناؤه سنة ١٣٨٣ ه.

١٧ - جامع ماهي كليب

أوقفه المرحوم الحاج ماهي بن كليب جدّ أسرة آل ماهي الجيلاوي في كربلاء وذلك سنة ١٢٩٩ ه. موقعه في سوق العلاوي بمحلّة باب النجف ، وتهدّم أخيراً وجدّد بناءه الحاج مجيد العبايجي.

١٨ - جامع السيد هاشم فتح الله

يقع هذا الجامع في شارع الناحية بمحلّة باب الخان ، وقام بتشييده المرحوم السيد هاشم السيد حسين السيد فتح الله آل طعمة(١) , أوقفه سنة ١٣٢٢ ه.

____________________

(١) كان أحد وجوه كربلاء ، وله مشاريع إصلاحية مهمّة ، وقد جلب عدّة مكائن للطحين والهبش ، وأسس معملاً للثلج ، وكان يُكرم العلماء بالثلج مجاناً ، توفي سنة ١٣٤٩ ه.

ومن الآثار المطبوعة التي ظهرت له كتابان ألّفهما باللغة الفارسية ؛ الأوّل باسم ( رومان هاشمي ) طُبع سنة ١٣٣١ ه واُعيد طبعه سنة ١٣٤٧ ه ، والثاني باسم ( نتائج أفكار ) طُبع سنة ١٣٤٧ ه.

٢٢١

وقد أرّخ أحد الشعراء عام تشييده بأبيات نُقشت على كُتيبة من القاشاني ، فقال:

هاشم بن الحسين فتح الله

قد بنى مسجداً له التقوى

قلت فيه مؤرّخاً ( اتلو

مسجدٌ اُسس على التقوى )

١٣٢٢ ه

كما قام المرحوم السيد هاشم بتشييد جامع آخر مقابل مغتسل المخيّم الحالي.

١٩ - جامع السيد جواد الصافي

وهو من المساجد الشهيرة يقع في سوق الحسين خلف ( حمام المالح ) ، شيّده المرحوم السيد جواد السيد مهدي الصافي سنة ١٣٢٩ ه. وقد أرّخ عام بنائه الشاعر الكربلائي الشيخ مهدي الخاموش بأبيات كُتبت بالحجر القاشاني على جبهة بابه من الخارج:

هلّلَ الدينُ وكبّر

حينَ وجهُ الحقِّ أسفر

بنجومِ الأرضِ آل الـ

ـمصطفى والطهر حيدر

سادة فيهم مدى الأيّـ

ـام أضحى الفخر يفخر

سادة ليس يجاري مجـ

ـدهم كسرى وقيصر

سادة فيهم قضى الرحـ

ـمان ما شاءَ وقدّر

كوّنوا من قبلتكويـ

ـن الورى في عالمِ الذر

آل صافي خير مَنْ قد

شاد للأخرى وعمّر

هم أشادوا باب قدس

لابن داحي باب خيبر

شادها المهدي كيما

عندها إن ماتَ يقبر

كي ليسقيه حسين جدّ

ه في الحشرِ كوثر

واقتدى فيهِ جوادٌ

شبلهُ الندب ليؤجر

عمّر المسجدَ شوقاً

نِعْمَ ما شادَ وعمّر

٢٢٢

كي بهِ الإسلام طرّاً

لصلاةِ الخمسِ تحضر

والتقى فيهِ ينادي

معلناً اللهُ أكبـر

قائلاً أرّخ ( لمسجد

فيه اسم الله يُذكر )

١٣٢٩ ه

وقد تهدّم هذا الجامع مؤخّراً من قبل مديرية أوقاف كربلاء.

٢٠ - جامع الشهيد الثاني

وهو جامع قديم يقع في زقاق العكيسة بمحلّة باب السلالمة ، اُسس تيمّناً باسم الشيخ زين الدين بن نور الدين العاملي ، المنعوت بالشهيد الثاني المستشهد سنة ٩٦٥ ه.

٢١ - جامع المخيّم

وهو المسجد المعروف في محلّة المخيّم ، تمّ تشييده سنة ١٣٨٠ ه ، وكتبت على جبهة بابه من الخارج الأبيات التالية ، وهي للخطيب الشيخ محمّد علي اليعقوبي:

مسجدُ قدسٍ قامَ بـنيانه

على التقى والرشدِ بين الأنام

بـخيرِ أرضٍ قد سمت رفعةً

على ذرى البيتِ وركنِ المقام

قد فاز مَنْ صلّى بمحرابه

للهِ في صبحٍ بدا والظلام

٢٢ - جامع الكرامة

يقع في نهاية سوق الحسين في طريق محلّة باب السلالمة عند باب البويبة ، سعى بإنشائه السيد محمّد علي السيد يوسف الأشيقر , جُدّد بناؤه سنة ١٣٨٨ ه - ١٩٦٨ م ، وقد نُقشت على واجهة بابه بالقاشاني أبيات للشاعر الكربلائي السيد مرتضى الوهاب هي:

مسجد شادهُ الأوائل وقفاً

لم يزل خالداً ليومِ القيامه

أسسوهُ على التقى ليقيموا

لفروضِ الصلاةِ فيهِ دعامه

منتهاهُ بابُ الكرامةِ للسبـ

ـ طِ وحصنُ العباسِ عال أمامه

٢٢٣

وكرامٌ قد جدّدوه فأرّخ

صلّ فيهِ هذا مصلّى الكرامه

١٣٨٨ ه

الحسينيّات

بالإضافة إلى المساجد المذكورة فقد اُسست الحسينيّات ؛ حيث شيّدت على التقوى لنزول زوار الإمام الحسين (عليه‌السلام ) فيها ، وحلولهم لأيام معدودات في الغرف المعدّة لهم ، وقد يكون فيها جامع خاص لأداء فريضة الصلاة.

ومن هذه الحسينيّات الشهيرة:

١ - حسينيّة السيد محمّد صالح

شيّدت في عهد المرحوم الحاج السيد محمّد صالح البلور فروش(١) وذلك في سنة ١٣٤٤ ه , تقع في شارع المخيّم ، وهي ذات فناء رحب ومصلّى واسع ، وهي معدّة لإيواء الزوار على أن لا يمكثوا فيها أكثر من خمسة أيام كما تنصّ الكُتيبة الموجودة في مدخل الحسينيّة ، وقد جدّدت وعمّرت مراراً.

أمّا الطابق العلوي الذي يشرف على الشارع فهو من موقوفات السيد عبد الحسين آل طعمة سادن الروضة الحسينيّة حيث كانت داره ومكتبته.

٢ - حسينيّة الحاج حنن

أوقفها الحاج حنن ابن الحاج فليح من أهالي الحلّة لأجل عموم زوار الحسين (عليه‌السلام ) مع موقوفاتها العائدة إليها في سنة ١٣٤٥ ه ، وقام بتعميرها الحاج فليح سنة ١٣٧٧ ه. تقع الحسينيّة في الشارع المؤدّي إلى الهنديّة ( طويريج ).

____________________

(١) كان نائباً لسادن الروضة الحسينيّة ، توفي يوم الأربعاء ٤ شهر صفر سنة ١٣٥٤ ه ، وأعقب ولده السيد عبد الحسين.

٢٢٤

٣ - حسينيّة الأسكوئي الحائري

موقعها في مدخل زقاق الداماد ، تأسست سنة ١٣٤٥ ه من قبل الشيخ ميرزا علي ابن الميرزا موسى الأسكوئي الحائري.

وقد أنشأ فيها مكتبة عامة باسم ( مكتبة العلّامة الحائري ) ، وهي ذات طابق واحد وساحة واسعة تُقام فيها المآتم.

٤ - حسينيّة المازندراني

تشتمل على المسجد والمدرسة والمكتبة والمقبرة ، أسسها الشيخ محمّد مهدي الواعظ المازندارني الحائري في شهر شوال سنة ١٣٧٢ ه كما تنصّ الكُتيبة المنقوشة بالحجر القاشاني على جبهة بابها ، موقعها خلف المخيّم الحسيني بأمتار.

وقد اُنشئت في السنوات الأخيرة حسينيّات فخمة كلّفت مبالغ باهظة ، أخصّ بالذكر منها الحسينيّة الأصفهانية ، والحسينيّة الطهرانية ، وحسينيّات أخرى شيّدت خصّيصاً للزوار والمواكب التي تفد إلى كربلاء في الزيارات المخصوصة لا سيما أيام أربعين الإمام الشهيد الحسين (عليه‌السلام ) التي تصادف في العشرين من صفر في كلّ عام.

٢٢٥

الفصل السادس:تاريخ الحركة العلميّة

من الواضح أنّ كربلاء هي المدينة الشامخة المجد في دنيا العلم والأدب والجهاد منذ أقدم العصور والأزمنة ؛ فقد ازدهرت فيها الحركة العلميّة في أواخر القرن الثالث ومطلع القرن الرابع الهجري على أثر نبوغ الزعيم الديني حميد بن زياد النينوي مؤسس جامعة العلم في كربلاء.

ونينوى إذ ذاك إحدى قرى كربلاء المجاورة , حيث تمتدّ من جنوب سدّة الهنديّة حتّى مصبّ نهر العلقمي كما مرّ بنا أنفاً ، ولعلّ أصدق وصف لما بلغته كربلاء من مكانة علمية وتجارية في ذلك الزمن ما جاء في كتاب ( مدينة الحسين ): ولا يغرب عن البال أنّ كربلاء كانت خلال القرن الثالث مزدحمة بالزائرين الذين يفدونها من كلّ حدب وصوب لزيارة مرقد الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، وكانت أسواق كربلاء عامرة تسودها الطمأنينة فتؤمّها القوافل ، ومنهم مَنْ يؤثر السكنى , وآخر مَنْ يعود إلى بلاده ، وهنا كثرت فيها القبائل العلوية وغير العلوية ، وأخذت تتمصّر شيئاً فشيئاً.

ويستطرد المؤلّف قائلاً: وكذلك زارها كبار رجال الحديث والسير من رجال الإمامية ، وأخذوا في تدريس مسائل الدين والفقه لسكّانها المجاورين والزائرين ؛ فاتّسعت

٢٢٦

الحركة العلميّة فيها ، وصار الطلبة يقصدونها من مختلف الأمصار(١) .

ومن الأعلام الذين زاروا كربلاء في هذه الحقبة ، أعني بها المئة الثالثة ، زيد المجنون ومحمد بن الحسين الأشتياني ، وفي مطلع القرن الرابع الهجري زار عضد الدولة البويهي مدينة كربلاء فأحيا فيها حركة العلم والعمران.

يؤيّد ما ذهبت إليه الدكتور عبد الجواد الكليدار في كتابه ( تاريخ كربلاء وحائر الحسين) فيقول: وقد ازدهرت كربلاء في عهد البويهيِّين ، وتقدّمت معالمها الدينيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصادية ؛ فاتسعت تجارتها ، وأخضلت زراعتها ، وأينعت علومها وآدابها ، فبدت في جسمها روح الحياة والنشاط ، فتخرّج منها علماء فطاحل ، وشعراء مجيدون ، وتفوّقت في مركزها الديني المرموق(٢) .

ومن هنا حازت كربلاء على الرئاسة العلميّة والزعامة الدينيّة ، ومن ثمّ انتقلت الحركة الدينيّة إلى النجف الأشرف وذلك في مطلع القرن الخامس الهجري حيث هبط إليها من بغداد الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي سنة ٤٤٣ ه ، ولبثت فيها هذه الحركة فترة قصيرة.

وفي هذا القرن برز في كربلاء الشيخ هشام بن إلياس الحائري صاحب ( المسائل الحائرية ) المتوفّى حدود سنة ٤٩٠ ه ، ومحمد بن علي بن حمزة الطوسي المكنّى بابن الحمزة صاحب كتاب ( الوسيلة ) ، ومع كلّ هذا فإنّ الحلّة الفيحاء كانت محتفظة بزعامتها الدينيّة والعلميّة.

ويحدّثنا التاريخ أنّ القرن السادس كان حافلاً بشعراء فطاحل في كربلاء ، وقد تأسست مدارس علمية يديرها العلماء ، وأهم ما يثبت احتفاظ كربلاء بمركزها العلمي في فترة القرن السابع الهجري ظهور علماء كبار بمكانة مرموقة في التاريخ ، كالسيد فخار بن معد الحائري الموسوي المتوفّى سنة ٦٣٠ ه ، وعزّ الدين حسن بن نائل المولود سنة ٦٥٦ ه , وغيرهما ممّن انتقلوا إلى الحائر الشريف لأجل الدراسة وطلب

____________________

(١) مدينة الحسين (عليه‌السلام ) - محمّد حسن الكليدار آل طعمة ٢ / ٩٩.

(٢) تاريخ كربلاء وحائر الحسين - للدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة / ١٧١.

٢٢٧

العلم ليس إلّا.

أمّا في مطلع القرن الثامن الهجري فقد زار كربلاء الرحالة الشهير ابن بطوطة سنة ٧٢٦ ه ونوّه بوجود مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر ؛ فالمدرسة العظيمة التي يقصدها في مسجد ابن شاهين الملحق بالروضة الحسينيّة المار ذكره ، وإنّ الزاوية الكريمة هي ( دار السيادة ) ، وقد أقامها السلطان محمود غازان خان ، وجعلها وقفاً للفقراء والمساكين وأبناء السبيل ؛ فكان يرتاد مسجد ابن شاهين هذا عدد هائل من طلبة العلم للارتشاف من مناهل الفكر الإسلامي ما يسدّ حاجاتهم.

ومن أعلام كربلاء في هذا القرن العالم الفاضل الأديب الشاعر السيد عميد الدين عبد المطلب ابن السيد مجد الدين أبي الفوارس من سلالة الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين (عليه‌السلام ) , ومنها الشيخ عزّ الدين أبي محمّد الأسدي ، والشيخ علي ابن الخازن الحائري ، والحسين بن سعد الله الحسيني العبدلي ، والشيخ ابن دريد الحائري ، والسيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي ، والشيخ علي بن الحسن الحائري وغيرهم كثيرون.

ثمّ انتقل بعض رجال الفكر إلى النجف الأشرف فتعهّدوا فيها إحياء الحركة العلميّة ، وما لبثت أن انتقلت إلى الحلّة الفيحاء التي أنجبت رهطاً كبيراً من فطاحل العلماء والشعراء وأساطين الأدب(١) .

وانتقلت الموجة الفكرية في منتصف القرن التاسع الهجري إلى كربلاء بسبب انتقال الزعيم الديني الشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي , المتولد سنة ٧٥٧ ه والمتوفّى سنة ٨٤١ ه , وبروز علماء آخرين كالشيخ إبراهيم الكفعمي المتوفّى سنة ٩٠٠ ه ، والسيد حسين بن مساعد الموسوي المتوفّى سنة ٩١٠ ه وغيرهم.

وبقيت الدراسة العلميّة في كربلاء بين مدّ وجزر حتّى القرن الثاني عشر الهجري ، ثمّ انتقلت إلى النجف الأشرف على إثر انتقال زعيم الحركة العلميّة السيد مهدي بحر العلوم المولود في كربلاء سنة ١١٥٥ ه.

وفي هذه الفترة

____________________

(١) لضرورة الاطّلاع على تاريخ اليقظة الفكرية والزعامة الدينيّة في الحلّة آنذاك يراجع كتاب ( فقهاء الفيحاء ) - للفاضل السيد هادي السيد حمد كمال الدين ( بغداد ١٩٦٢ م ) ، وكتاب ( تاريخ الحلّة ) - للاُستاذ يوسف كركوش , في جزئين ( النجف ١٩٦٥ ).

٢٢٨

وصلت الحركة العلميّة في كربلاء إلى حدّ لم يسبق له مثيل ، فكانت كربلاء في هذا العصر محوراً للدراسات ، ومنتجعاً لروّاد العلم ، وقد انتشرت حرية الأفكار فيها ، وقصدها العلماء من مختلف الأقطار فتعهّدوا الحركة العلميّة.

وكان أبرز هؤلاء الذين لمع نجمهم في تلك الفترة السيد نصر الله بن الحسين الفائزي الحائري ، المدرّس في الروضة الحسينيّة ، المقتول سنة ١١٦٨ ه ، والشيخ مهدي الفتوني المتوفّى سنة ١١٨٣ ه ، والشيخ يوسف البحراني المتوفّى سنة ١١٦٨ ه ، والمؤسس الوحيد الآقا باقر البهبهاني المتوفّى سنة ١٢٠٥ ه ، الذي أصبح إماماً بالعلم والفقه ، والشيخ محمّد باقر الغروي أحد أساتذة السيد مهدي بحر العلوم ، والعلّامة الجزائري ، والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض المتوفّى سنة ١٢٣١ ه ، وابنه السيد محمّد المجاهد الطباطبائي المتوفّى سنة ١٢٤٢ ه ، والشيخ شريف العلماء المتوفّى سنة ١٢٤٥ ه ، والشيخ خلف بن عسكر الحائري المتوفّى سنة ١٢٤٦ ه ، والسيد كاظم الرشتي المتوفّى سنة ١٢٥٩ ه ، والشيخ محمّد حسين الأصفهاني صاحب الفصول المتوفّى سنة ١٢٦١ ه.

والسيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط المتوفّى سنة ١٢٦٢ ه ، والمولى محمّد صالح البرغاني المتوفّى سنة ١٢٨٣ ه ، والشيخ عبد الحسين الطهراني المتوفّى سنة ١٢٨٦ ه ، والشيخ محمّد صالح گدا علي المتوفّى سنة ١٢٨٨ ه ، والسيد ميرزا علي نقي الطاطبائي المتوفّى سنة ١٢٨٩ ه ، والشيخ حسين الأردكاني المتوفّى سنة ١٣٠٢ ه ، والسيد ميرزا صالح الداماد المتوفّى سنة ١٣٠٣ ه ، والشيخ زين العابدين المازندراني المتوفّى سنة ١٣٠٩ ه ، والسيد محمّد حسين المرعشي المتوفّى سنة ١٣١٥ ه.

والسيد مرتضى الكشميري المتوفّى سنة ١٣٢٣ ه ، والسيد محمّد باقر الحجة الطباطبائي المتوفّى سنة ١٣٣١ ه ، والشيخ محمّد تقي الشيرازي المتوفّى سنة ١٣٣٨ ه , وسواهم من فطاحل العلماء الأفذاذ الذين نشروا العلم والفقه في طول البلاد وعرضها ، وخلدوا آثاراً فكرية ما زال يرتوي من معينها الطلاب.

من أقطاب الفكر

امتازت كربلاء بقدسيتها ومكانتها الدينيّة والعلميّة والتاريخيّة ؛ لوجود مرقد

٢٢٩

أبيّ الضيم الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما‌السلام ) ؛ فكانت تحجّ إليها الوفود من مختلف أصقاع المعمورة ، ويؤمّها العلماء من كلّ فجّ عميق رغبة في مجاورة العتبات المقدّسة.

وفي أواخر القرن الثالث الهجري كانت مدرسة فكرية عامة ، أمّا في القرون التي تلته فقد بزغ فيها علماء وشعراء ومفكّرون ممّا ستقرأ سيرهم وتراجمهم في هذا الفصل ، على أنّي أشرت إلى مشاهيرهم والمبرزين في كلّ أسرة علمية ، وقد اقتبست المعلومات عنهم من شتى المصادر المطبوعة والمخطوطة والمراجع العربية والفارسية ، وأثبتّ هذه التراجم حسب تاريخ وفاة صاحبها.

غير أنّ هناك أعلاماً آخرين لم ترد أسماؤهم في كتب الرجال ودوائر المعارف ، كموسوعة ( أعيان الشيعة ) للسيد محسن الأمين العاملي ، و( طبقات أعلام الشيعة ) للشيخ آقا بزرك الطهراني ، و( الكُنى والألقاب ) للشيخ عبّاس القمي ، و( روضات الجنات ) للسيد محمّد باقر الخونساري وسواها من المراجع ، فقد أعرضنا عنها ريثما يتمّ لنا التحقيق عنها في المستقبل لإصدار كتاب خاص بأعلام كربلاء قديماً وحديثاً.

القرن الثالث الهجري

حميد بن زياد النينوي

لقد نشطت الحركة العلميّة في كربلاء في أواخر القرن الثالث الهجري ، وذلك في أيام المنتصر العباسي , حيث كانت من قبل تحت سيطرة الاُمويِّين ، ومن ثمّ في عهد خلفاء بني العباس. أمّا بعد ذلك بقليل فقد ازدهرت الحركة العلميّة والأدبيّة في هذا البلد ؛ حيث أخذت كربلاء تعجّ بالعلماء والفلاسفة ، كيف لا وهي قبلة أنظار العالم الإسلامي المتعطّش للثقافة والعلم.

وفي أواسط القرن الثالث الهجري ، أي بعد مقتل المتوكّل العباسي ، وعلى عهد المنتصر أخذت جموع غفيرة من العلويِّين تفد إلى كربلاء للسكنى بجوار قبر جدّهم الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ؛ حيث تولّوا إدارة شؤون حراسة الروضة الحسينيّة والعباسيّة حتّى القرن الرابع الهجري.

٢٣٠

وفي عهد الدولة البويهي ازدادت نسبة وفود العلويِّين من ذرّيّة الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) ، كما ارتحل إليها كثير من طلاب العلم من الأقطار النائية القريبة , فكان العلم يحتل جانباً مهماً في كربلاء ؛ فتعقد حلقات أهل الفضل والأدب الواسعة بشكل يدعو إلى الإعجاب ، وبذلك حازت كربلاء الرئاسة العلميّة منذ ذلك الحين ، ذلك على إثر نبوغ العالم الكبير المحدّث الشهير حميد بن زياد النينوي ، نسبة إلى نينوى قرية إلى جانب الحائر على نهر العلقمي.

والشائع على ألسنة الباحثين والمؤرّخين أنّ كربلاء كانت في مطلع القرن الثالث مملوءة بالأكواخ وبيوت الشعر التي كان يشيّدها المسلمون الذين يفدون إلى قبر الحسين (عليه‌السلام ) ، وهكذا ظلّت كربلاء حتّى مطلع القرن الرابع الهجري ؛ إذ تمصّرت على عهد البويهيِّين الذين كان لهم فضل كبير في تشييد هذا البلد المقدّس وعمارته ، وإحياء التراث العلمي وتشجيع الحركة العلميّة.

في قرية نينوى العامرة المجاورة للحائر ، وفي هذه البقعة المباركة بزغ نجم عالم فذ فكان مولده أملاً مشرقاً يزخر بالنور ويرفل بالإيمان ، وكان نبوغه دعامة لتركيز نهضة علمية في كربلاء بلد العلم والعرفان ، ودوّى له في الأوساط العلميّة ومجالات الثقافة صدى يجلجل الآذان.

فهو من فطاحل علماء عصره ، ومن كبار المحقّقين والرواة ، ذكره السيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) قائلاً: حميد بن زياد بن حمّاد ( مكرّراً ) ابن هواز الدهقان أبو القاسم من أهل نينوى ، توفي سنة ٣١٠ ه ، وفي حاشية الخلاصة للشهيد الثاني أنّ بخطّ السيد ( ابن طاووس ) في كتاب النجاشي سنة ٣٢٠ ه(١) .

وقال الشيخ في الفهرست: حميد بن زياد من أهل نينوى قرية إلى جانب الحائر (على ساكنه السّلام) ثقة كثير التصانيف ، روى الاُصول أكثرها ، له كتب كثيرة على عدد كتب الاُصول ، أخبرني برواياته ، وكتب أحمد بن عبدون عن أبي

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٢٨ / ٩٥.

٢٣١

طالب الأنباري ، عن حميد ، وأخبرني عدّة من أصحابنا عن أبي المفضل ، عن حميد ، وأخبرنا بها أيضاً أحمد بن عبدون ، عن أبي القاسم علي بن حبش بن قوني بن محمّد الكاتب ، عن حميد ، وذكره في رجاله فيمَنْ لم يرو عنهم (عليهم‌السلام ) ، فقال: حميد بن زياد من أهل نينوى , قرية إلى جانب الحائر (على ساكنه السّلام). عالم جليل ، واسع العلم ، كثير التصانيف ، قد ذكرنا طرفاً من كتبه في الفهرست(١) .وقال النجاشي: حميد بن زياد بن حمّاد بن زياد الدهقان أبو القاسم ، سكن سوراء ، وانتقل إلى نينوى قرية إلى جانب الحائر (على ساكنه السّلام). كان ثقة واقفاً فيهم ، سمع الكتب وصنع وصنّف(٢) .وفي الخلاصة - القسم الأول - حميد زياد من أهل نينوى ، ثقة عالم جليل ، واسع العلم ، كثير التصانيف ، قاله الشيخ الطوسي , ثمّ نقل كلام النجاشي إلى قوله وجهاً فيهم ، ثمّ قال: فالوجه عندي أنّ روايته مقبولة إذا خلت عن المعارض.وقال الشهيد الثاني في الحاشية: لا وجه لذكره في هذا القسم معقود لمثله ، ولكنّ المصنف ذكر جماعة فيه كذلك , واُجيب بأنّ القسم الأوّل معقود لمـّنْ تُقبل روايته(٣) .وفي رجال المامقاني(٤) ترجمة وافية عنه ، وتعداد لتلامذته وآثاره ، وقد تخرّج عليه جماعة من الفطاحل ، هم: الحسين بن علي بن سفيان ( سفين ) ، أبو المفضل الشيباني أجازه سنة ٣١٠ ه ، وأبو الحسن علي بن حاتم أجازه سنة ٣٠٦ ه ، وأحمد بن جعفر بن سفيان.

أمّا أشهر آثاره فهي:

١ - الجامع من أنواع الشرائع.

٢ - الخمس.

٣ - الدعاء.

٤ - الرجال.

٥ - مَنْ روى عن الإمام جعفر الصادق (عليه‌السلام ).

٦ - الفرائض.

٧ - الدلائل.

٨ - ذمّ مَنْ خالف الحقّ وأهله.

٩ - فضل العلم والعلماء.

١٠ - الثلاث والأربع.

١١ - النوادي , وهو كتاب كبير.

____________________

(١) الفهرست - لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي.

(٢) رجال النجاشي ( طبع حجر ).

(٣) الخلاصة / القسم الأول.

(٤) الرجال - للمامقاني - الجزء الأول.

٢٣٢

إنّ هذه الآثار الفكرية التي خلّفها هذا العالم المجاهد والمفكر الموهوب سوف تخلّده مدى الزمن.

القرن الخامس الهجري

الشيخ هشام بن إلياس الحائري

كان أحد أعلام القرن الخامس الهجري ، له إحاطة بشتى العلوم والفنون ، ومن آثاره الفكرية مصنّفه ( المسائل الحائرية)(١) .

وقد ذكره الشيخ الحرّ العاملي في ( أمل الآمل ) ما هذا نصّه: الشيخ إلياس بن هشام الحائري عالم فاضل جليل ، يروي عن الشيخ أبي علي ابن الشيخ هشام أبي جعفر الطوسي ، ويحتمل اتحاده مع سابقه بأنّ تكون النسبة هنا إلى الحدّ(٢) .

وأطراه السيد محسن الأمين في موسوعته قائلاً: ثقة عين قاله منتجب الدين ، وفي نسخة ابن همّام , لكن يظهر ممّا يأتي عن أمل الآمل أنّ الذي في نسخته ابن هشام ، وفي مشيخة مستدركات الوسائل الشيخ أبو محمّد إلياس بن محمّد بن هشام الحائري العالم الفاضل الجليل ، يروي عنه الشيخ أبو محمّد عربي بن مسافر العبادي الحلّي ، ويروي هو عن الشيخ أبي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد الطوسي.

وفي بعض إجازات أصحابنا وصف إلياس بن هشام الحائري بالفقيه ، وفي بعضها أنّه يروي أيضاً السيد الموفّق أبي طالب بن مهدي السليقي العلوي عن الشيخ أبي جعفر الطوسي(٣) .

وقال عنه السيد علي الطباطبائي في كتابه (رياض العلماء ): جاء في بعض

____________________

(١) ذكره شيخنا آقا بزرك الطهراني في موسوعته ( الذريعة ) ٦ / ٤ , فقال: المسائل الحائرية للشيخ هشام بن إلياس الحائري ، حكاه كذلك الحرّ في ( أمل الآمل ) عن بعض الإجازات ، واحتمل أنّ هشاماً هذا هو ابن الشيخ أبي محمّد بن إلياس بن محمّد بن هشام الحائري الذي كان تلميذ الشيخ أبي علي ابن شيخ الطائفة الطوسي.

(٢) أمل الآمل - للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ٢ / ٤٠.

(٣) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين العاملي ١٢ / ٤٥٥.

٢٣٣

الإجازات أنّ اسمه إلياس بن هشام الحائري ، فلعلّ المراد ابنه أيضاً كذا أفادنا أحد تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة في ذكر أسامي مشايخ أصحابنا , ومنهم الشيخ هشام بن إلياس الحائري ، وهو صاحب المسائل الحائرية ، وهو تلميذ أبي علي ابن الشيخ الطوسي , توفي في حدود عام ٤٩٠ ه ودفن في الحائر الحسيني(١) .

لقد كان صاحب الترجمة فاضلاً جليلاً ، ومصنّفاً مشهوراً ، اشتهر بغزارة علمه ، وطول باعه ، وسعة اطّلاعه.

عماد الدين الطوسي

هو عماد الدين محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المكنّى بابن الحمزة. وكان فقيهاً عالماً فاضلاً من تلامذة الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، أحد أعلام الإمامية في القرن الخامس الهجري المدفون في وادي أيمن(٢) بكربلاء ، وقبره مزار معروف ، لم يتيسر لنا التعرّف على تاريخ مولده ووفاته بالضبط.

ومن مصنّفاته المعروفة ( الوسيلة ) في الفقه ، و( الرابع في الشرايع ) ، و( المثالب والمناقب ) وفيه بعض المعجزات الغريبة. وقد ورد ذكره في كتاب ( فلك النجاة ) ما نصه: محمّد بن علي بن حمزة الطوسي قبره في كربلاء خارج البلد ، وهو من تلامذة محمّد بن الحسن الطوسي(٣) . وجاء في ( الكنى والألقاب ) أنّه عماد الدين محمّد بن علي بن محمّد الطوسي المشهدي ، فقيه عالم فاضل ، وله تصانيف ، ونوّه

____________________

(١) رياض العلماء - للسيد علي الطباطبائي ( طبع حجري ).

(٢) كان هذا الوادي مقبرة واسعة موقعه في باب طويريج بكربلاء ، وقد سعى بتجديد المقبرة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري عند تشرّفه كربلاء سنة ١٢٨٧ ه , وبقيت مدفناً حتّى سنة ١٣٢٥ ه ، وبعد هذا التاريخ اُدخلت ضمن المدينة بغية توسيع الشارع.

(٣) فلك النجاة - للسيد محمّد مهدي القزويني.

٢٣٤

عنه في الحاشية أنّه غير الشيخ الإمام العلّامة نصير الدين عبد الله بن حمزة الطوسي المشهدي الثقة الفقيه الجليل(١) .

وفي كتاب (أمل الآمل): الشيخ الإمام عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي , فقيه عالم واعظ ، له تصانيف ، منها: الوسيلة ، الواسطة ، الرابع في الشرايع ، مسائل في الفقه قاله منتجب الدين(٢) . وله ترجمة في كتاب مدينة الحسين ٢ / ١١٨ وغيرها من كتب السير والتواريخ.

القرن السادس الهجري

السيد أحمد بن إبراهيم الموسوي

شخصية لامعة ذكرها السيد محسن الأمين في موسوعته , فقال: الشريف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم العلوي الموسوي النقيب بالحائر (على ساكنه السّلام). في جمال الأسبوع في عمل ليلة السبت عمل وصلاة للفرج عن المسجون مروي عن الإمام الكاظم (عليه‌السلام ).

ثمّ قال: ذكر رواية بهذه الصلاة والدعاء ليلة السبت بشرح وتفصيل وزيادة في دعائها الجميل ، وجدناها في كتب أمثالها من العبادات مروية عن مولانا موسى بن جعفر (عليه أفضل الصلاة) ، وهذا لفظها: حدّثنا الشريف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم العلوي الموسوي النقيب بالحائر (على ساكنه السّلام) ، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن الحسن بن إسماعيل الأسكاف ، يرفعه بإسناده إلى الربيع ، قال: استدعاني الرشيد الخبر(٣) .

____________________

(١) الكنى والألقاب - للشيخ عبّاس القمي ١ / ٢٦٢.

(٢) أمل الآمل - للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ٢ / ٢٨٥.

(٣) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين العاملي ٢١ / ٤٧٧ - ٤٧٨.

٢٣٥

القرن السابع الهجري

السيد فخار بن معدي الحائري

إحدى شخصيات العلم المعروفة ، ومن أعلام الفكر الإسلامي في المئة السابعة للهجرة , حظي بمكانة محترمة في الأوساط الكربلائيّة العلميّة آنذاك ؛ فهو النسّابة العالم المحدّث السيد شمس الدين علي بن فخار بن معد بن فخار بن معد بن أحمد بن محمّد بن محمّد بن أبي الغنائم بن الحسين الموسوي من سلالة السيد إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى بن جعفر (عليه‌السلام ).

جاء في عمدة الطالب: فخار بن معد الموسوي السيد السعيد ، العلّامة المرتضى ، إمام الأدباء ، والنسّاب والفقهاء شمس الدين صاحب (الشرايع) ، وهو يروي عن محمّد بن إدريس ، وعن ابن شهر آشوب المازندراني ، أو شاذان بن جبريل القمي ، مات سنة ثلاثين وأربعمئة. (نظام الأقوال)(١) .

وكان أحد أقطاب العلم والفضل ، حلقة فريدة في الحديث والرواية والنسب والرجال ، ومن أعيان الشعراء والأدباء وأكابر الفقهاء في عصره , قال فيه تاج الدين الدين بن زهرة الحسيني: وبيت فخار في الحلّة ، ومنهم شمس الدين النسّابة السيد الفاضل الدين الفقيه ، الأديب الشاعر المؤرّخ ، كان سيداً جليلاً ، فقيهاً نبيلاً , نسّابة , عالماً بالاُصول والفروع ، متورّعاً ديّناً ، مؤرّخاً صادقاً أميناً(٢) .

ومن شعره قوله:

سأغسلُ أشعاري الحسانَ وأهجر الـ

ـقوافي وأقلي ما حييت القوافيا

وألوي عن الآداب عنقي وأعتذر

لها بـعد حتماً ما أرى القوم قاليا

____________________

(١) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، عن هامش الأصل - للسيد أحمد الداودي / ٢١٦ ( طبع النجف ).

(٢) غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار - ابن زهرة الحسيني نقيب حلب / ٨٨ ( طبع النجف ).

٢٣٦

فإنّي أرى الآدابَ يا أمّ مالكٍ

تزيد الفتى ممّا يروم تنائيا(١)

ومن أشهر تصانيف السيد فخار كتابه ( الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ) المطبوع سنة ١٣٥١ ه ، دحض فيه آراء المتطرّفين الذين ذهبوا إلى تكفير أبي طالب ، وقد أثبت فيه بأنّ أبا طالب قد مات وهو يؤمن بالإسلام إيماناً عميقاً لا شائبة فيه ؛ إذ كانت مواقفه المشرّفة في الدفاع عن ابن أخيه محمّد بن عبد الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تعدّ من مآثره التي خلّدته على مرّ العصور.

تعرّض لذكره جمع من المؤرّخين منهم في الفوائد الرضوية / ٣٤٦ ، وتجارب السلف / ٣٣٦ ، وأمل الآمل ٢ / ٢١٤ ، و دائرة المعارف الإسلاميّة - لعبد العزيز الجواهري ( فارسي ) ١ / ١٨٧ ، و مستدرك الوسائل - للشيخ النوري / ٤٧٩ ، و أعلام العرب - لعبد الصاحب الدجيلي ٣ / ٢٥ وغيرهم.

القرن الثامن الهجري

عز الدين الحسيني العبدلي الحائري

كان أحد أعلام كربلاء في القرن الثامن الهجري , وردت ترجمته في كتاب ( تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب ) لابن الفوطي , وهذا نصّها: عزّ الدين أبو عبد الله الحسين بن سعد الله بن حمزة بن سعد الله بن أبي السعادات الحسيني العبدلي من سكّان المشهد الحائري (على حالّه أفضل السّلام والتحية) ، رأيته بتبريز سنة سبع وسبعمئة , وهو من التجار الذين يترددون إلى بلاد الشام ، وهو شريف النفس(٢) .

____________________

(١) روضات الجنات - للسيد محمّد باقر الخونساري ٥ / ٥٠٩.

(٢) تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب - لابن الفوطي - تحقيق الدكتور مصطفى جواد - القسم الأول ٤ / ١٢١.

٢٣٧

الشيخ أبو طالب بن دريد الحائري

هو الشيخ أبو طالب إبراهيم بن سيفي بن إبراهيم بن علي بن دريد الحائري , من علماء عصر فخر المحقّقين ، وقد كتب الجزء الأول من مختلف العلّامة لنفسه في الحائر الشريف ، وفرغ من تعليقه لنفسه في عاشر ربيع الأول سنة ٧٧٤ ه ، رأيته في كتب السيد محمّد الطباطبائي اليزدي(١) .

السيد عبد الحميد بن فخار الحائري

هو السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار بن أحمد الموسوي من مشايخ السعيد أبي عبد الله محمّد بن مكي الشهيد سنة ٧٨٦ ه ، وهو مروي عن والده الأجل السيد فخار بن معد الموسوي , كذا عن شيخنا في الخاتمة ثامن مشايخ الشهيد ، لكنّه سهو من قلمه الشريف ؛ لأنّ السيد تاج الدين معية الذي هو من مشايخ الشهيد يروي عن ولد صاحب الترجمة ، هو السيد علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار ، فكيف يروي الشهيد عن الوالد مع رواية شيخه عن الولد ؟!

وبالجملة: صاحب الترجمة من المئة السابعة كوالده السيد فخار الذي توفي سنة ٦٣٠ ه(٢) ، وترجم له الشيخ محمّد ابن الحرّ العاملي في كتابه (أمل الآمل ) ٢ / ١٥٥ ، والسيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة ) ٣٧ / ١٥٥ وغيرهما.

الشيخ علي بن الحسن الحائري

الشيخ علي بن الحسن الحائري , له حواشٍ نافعة مفيدة على منهاج الوصول إلى

____________________

(١) الحقائق الراهنة في تراجم أعيان المئة الثامنة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ( مخطوط ) / ١٠.

(٢) الحقائق الراهنة ( مخطوط ) / ٥٧.

٢٣٨

علم الاُصول للقاضي البيضاوي ، كتبها على هامش النسخة التي كتبها بنفسه سنة ٧٧٧ه الموجودة في المدرسة الفاضلية بالمشهد الرضوي ، وله أيضاً حواشٍ على تهذيب الوصول للعلاّمة ، كتبها بخطّه على النسخة التي كتبها أيضاً بخطّه في سنة ٧٧٧ه وقابلها ، وقرأها على شيخه الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري.

وكتب الاُستاذ المذكور القراءة والبلاغ بخطّه على النسخة ٧٧٨ ه ، وهي في المدرسة الفاضلية ، والظاهر أنّه غير ابن الخازن المشهور بهذا العنوان(١) .

الشيخ علي ابن الخازن الحائري

كان أحد أعلام القرن الثامن الهجري ، وكان على جانب عظيم من الفضل والورع والتقى والصلاح , ذكره صاحب روضات الجنات فقال: كان (رحمه‌الله ) من المحقّقين الفضلاء ، حاله في الفضل والنبالة ، والعلم والفقه ، والفصاحة والأدب والإنشاء معلوماً معروفاً عند العامة والخاصة ، وكفاه فخراً تتلمذ على شيخنا الشهيد الأوّل وأجازه(٢) .

وقال فيه صاحب كتاب ( فوائد الرضوية ): علي ابن الخازن الحائري زين الدين أبو الحسن , فقيه فاضل ، عالم كامل ، اُستاذ الشيخ أحمد بن فهد الحلّي تلميذ الشيخ الشهيد.

قال شيخنا الشهيد في إجازته له: ولمـّا كان المولى الشيخ العالم التقي ، الورع المحصّل ، القائم بأعباء العلوم ، الفائق أولي الفضل والفهوم زين الدين أبو الحسن علي ابن المرحوم السعيد الصدر الكبير العالم عزّ الدين بن محمّد ابن المرحوم المغفور سيدنا الإمام شمس الدين محمّد الخازن بالحضرة الشريفة المقدّسة(٣) .

وتعرّض لذكره شيخنا آقا بزرك الطهراني فقال: الشيخ زين الدين أبو الحسن

____________________

(١) الحقائق الراهنة ( مخطوط ) / ٨٠.

(٢) روضات الجنات - للسيد محمّد باقر الخونساري ٥ / ١١٨.

(٣) فوائد الرضوية - للشيخ عبّاس القمي / ٢٩٠.

٢٣٩

علي ابن الخازن الحائري كما يعبّر به في بعض الإجازات هكذا ، ومرّ بعنوان علي بن الحسين بن محمّد الخازن(١) ، كما تطرّق إلى ترجمته السيد محمّد حسن آل طعمة في كتابه ( مدينة الحسين) فقال: ومن جملة الذين يروي عنه هذا الشيخ الجليل هو العلّامة الهمام أحمد بن فهد الحلّي الذي أخذ منه الإجازة بالرواية في سنة ٧٩١ ه في الحائر الحسيني. توفي علي ابن الخازن الحائري كما في بعض النسخ سنة ٧٩٣ه(٢) .

هذا وقد دوّنت ترجمة الشيخ علي ابن الخازن في الكثير من كتب المراجع ، نخصّ بالذكر منها: الكنى والألقاب ١ / ٢٧٣ ، وهدية الأحباب / ٥٦ ، وروضات الجنات ٤ / ١١٨ ، والروضة البهية / ١١٠ ، وريحانة الأدب ٥ / ٣٢١ ، وأمل الآمل ٢ / ١٨٦ وغيرها.

الشيخ علي بن عبد الجليل الحائري

من علماء عصره , وقد قرأ عليه تلميذه الشيخ علي بن الحسن الحائري تهذيب الوصول إلى علم الاُصول للعلاّمة الحلّي الذي كتبه لتلميذه سنة ٧٧٧ه ، وكتب صاحب الترجمة بخطّه شهادة القراءة والبلاغ على النسخة في ٧٧٨ ه ، وهي في مدرسة الفاضلية(٣) .

الشيخ جلال الدين محمّد الحائري

الشيخ جلال الدين محمّد ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري من مشايخ السعيد أبي عبد الله محمّد بن مكي الشهيد في ٧٨٦ ه(٤) .

____________________

(١) الحقائق الراهنة (مخطوط) / ٨٢.

(٢) مدينة الحسين (عليه‌السلام ) - محمّد حسن الكليدار آل طعمة ٢ / ١٣٨ - ١٣٩.

(٣) الحقائق الراهنة (مخطوط) / ٨٢.

(٤) الحقائق الراهنة (مخطوط) / ١٠١.

٢٤٠

القرن التاسع الهجري

الشيخ أحمد بن فهد الحلّي

قلنا إنّ الحركة العلميّة في الحلّة الفيحاء كانت في أوج عظمتها ، وما أن لبثت أن انتقلت في منتصف القرن التاسع إلى كربلاء بسبب هجرة الزعيم الديني المجاهد الشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي إليها.

فقد تبنّى الحركة العلميّة في هذا البلد ، وازدهرت المعاهد الدينيّة في عهده ؛ حيث أخذ يرتادها أعلام الفكر ، ورجالات الأدب ، ورسل الثقافة من كلّ حدب وصوب ، فزخرت بهم مدينة الحسين (عليه‌السلام ) ، واكتظّت جوامعها ومدارسها وقاعات الدرس فيها ، وراح اُولئك الطلاب يتلقون ما يطرحه الفقهاء من آراء وأفكار وأبحاث ، ويحتدم النقاش ويدور الجدل حول المسائل الفقهية.

وبالإضافة إلى مجد كربلاء الثقافي العالمي في مختلف المجالات الفكرية ، فقد ثبتت لنفسها مجداً جديداً ، وأنجبت رهطاً آخر من ذوي العقول النيّرة والمواهب الخلاقة ، ويعدّ ابن فهد الحلّي من أشهر فقهاء القرن الثامن والتاسع الهجري ومحدّثيهم.

ولد الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي سنة ٧٥٧ ه , وتوفي بكربلاء سنة ٨٤١ ه ، ودُفن في المكان المعروف ببستان النقيب ، ومرقده يزار.

ذكره جمع من المؤرّخين والمصنّفين ، فقال صاحب ( روضات الجنات ): هو الشيخ العالم العارف ، وكاشف أسرار الفضائل جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمّد بن فهد الحلّي ، الساكن بالحلّة السيفية والحائر الشريف حيّاً وميتاً.

وله من الاشتهار بالفضل والإتقان ، والذود والعرفان ، والزهد والأخلاق ، والخوف والإشفاق ، جمع بين المعقول والمنقول ، والفروع والاُصول ، والقشر واللب ، واللفظ والمعنى ، والظاهر والباطن ، والعلم والعمل بأحسن ما كان يجمع.

أجازه العلّامة علي ابن الخازن في الحائر الحسيني سنة ٧٩١ ه , ودُفن في الحائر وقبره ظاهر خلف المخيّم الحسيني في بستان يُعرف ببستان النقيب(١) .

وما دمنا نسوق أقوال المؤرّخين

____________________

(١) روضات الجنات - السيد محمّد باقر الخونساوي ١ / ١٦٦.

٢٤١

فليس من العدل أن نغفل رأي العلّامة الجليل السيد محسن الأمين حيث قال: ولد سنة ٧٥٦ أو ٧٥٧ , وتوفي سنة ٨٤١ عن ٨٥ سنة ، ودُفن بكربلاء بالقرب من مخيّم سيد الشهداء (عليه‌السلام ) في بستان هناك تسمّيه العامة ببستان أبو الفهد ، وقبره مزار متبرّك به ، وعليه قبّة , وقيل: إنّ عمره ٥٨ سنة ، والظاهر أنّه اشتباه بجعل الخمس خمسين والثمانية ثمانين والله أعلم(١) . ثمّ يستشهد المحسن الأمين بأقوال العلماء فيه معتمداً على عدد من كتب مَنْ تقدّمه من المؤرّخين ، ويعدّد مشايخه وتلامذته وأسماء مصنّفاته بصورة مسهبة.

ممّن ذكره أيضاً الشيخ عبّاس القمي فقال: يروي عن الشيخ الأجل علي بن هلال الجزائري ، وهو يروي عن جماعة من أجلاّء تلامذة الشهيد الأوّل وفخر المحقّقين ، كالفاضل المقداد ، والشيخ علي ابن الخازن الفقيه ، والعلّامة النحرير بهاء الدين بن حسن بن محمّد بن إدريس بن فهد المقري الإحسائي ، وكان معاصراً لابن فهد الحلّي ، ويروي كلّ منهما عن ابن المتوج البحراني ، ومن غريب الإتقان أنّ لكلّ منهما شرح على الإرشاد(٢) .

يقع مرقده في شارع الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، ومرقده وسط جامع فسيح ذي طابقين ، تتوسطه قبّة من القاشاني البديع الصنع ، وفي داخله صندوق خشبي مزركش ومبرقع بالطنافس الحريرية.

إنّ هناك الكثير من المصادر التي تناولت شخصية العالم الفذ الشيخ أحمد بن فهد الحلّي ، فهو موضع تقدير أرباب العلم والمعرفة ، وإنّ سيرة حياته مأثرة علمية حافلة بكلّ طارف وتليد.

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ١٠ / ٨٦.

(٢) الكنى والألقاب - للشيخ عبّاس القمي ١ / ٣٧٥.

٢٤٢

الشيخ إبراهيم الكفعمي

من مشاهير الفقهاء الإمامية وثقاتهم في القرن التاسع الهجري ، جمع بين العلم والأدب ، والفقه والحديث ، والزهد والتقوى. طفحت صفحات المعاجم بإطرائه والثناء عليه ؛ فهو من أساطين العلم الذين نشؤوا بكربلاء ودُفنوا فيها.

هو الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسين بن محمّد بن صالح بن إسماعيل الحارثي العاملي الكفعمي , وفي آخر المصباح: إبراهيم بن علي بن حسن بن صالح , وفي آخر حياة الأرواح: إبراهيم بن علي بن حسن بن محمّد بن إسماعيل , ولد سنة ٨٤٠ ه كما استفيد من اُرجوزة سنة ٨٧٠ ، وكانت ولادته بقرية كفرعيما من جبل عامل ، وتوفي في القرية المذكورة ودُفن بها , وتاريخ وفاته مجهول(١) .

وقال فيه الخونساري: هو العالم العادل ، الورع الأمين ، والثقة الأديب ، الماهر المتفنن.. إلخ(٢) .

وقال المامقاني: هو من مشاهير الفضلاء والمحدّثين ، والصلحاء والمتورّعين ، وكان بين زماني الشهيدين (رحمة الله عليهما) ، ووصفه في فهرست الرسائل بالورع , وعدالته لا تحتاج إلى بيان... إلخ(٣) .

وذكره الشيخ الحرّ العاملي بعد سرد نسبه قائلاً: كان ثقة فاضلاً ، أديباً شاعراً ، عابداً زاهداً ورعاً ، له كتب منها المصباح ، وهو الجنة الواقية والجنة الثمانية ، وهو كبير كثير الفوائد , تاريخ تصنيفه سنة ٨٩٥ ه ، وله مختصر منه لطيف ، وله كتاب البلد الأمين في العبادات أيضاً أكبر من المصباح ، وفيه شرح الصحيفة , أوّله: كتاب لمع البرق في معرفة الفرق ، وله شعر كثير ورسائل متعدّدة(٤) .

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٥ / ٢٨٤.

(٢) روضات الجنات - للسيد محمّد باقر الخونساوي ١ / ٧.

(٣) تنقيح المقال - للمامقاني ١ / ٢٧.

(٤) أمل الآمل - للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ١ / ٢٨.

٢٤٣

وللشيخ الكفعمي أخ عالم جليل هو جمال الدين أحمد بن علي مات في حياة أخيه ، له كتاب زبدة البيان في عمل شهر رمضان ، ينقل عنه أخوه في البلد الأمين وغيره.

و( الكفعمي ) نسبة إلى كفعم - كزمزم - قرية من قرى جبل عامل(١) . وقال فيه صاحب كتاب ( منتخب التواريخ ): الشيخ إبراهيم بن علي بن حسن العاملي الكفعمي صاحب كتاب البلد الأمين والمصباح وغيرهما ، تاريخ ولادته مجهول , ووفاته سنة ٨٩٥ ه ، ويحتمل أن يكون قبره في كربلاء(٢) . توفي الكفعمي في كربلاء سنة ٩٠٠ ه كما تنصّ بعض الروايات ، ودُفن في وادي أيمن بكربلاء وكان قبره ظاهراً.

ويقول صاحب الأعيان: قد سكن كربلاء مدّة وعمل لنفسه أزجاً بها بأرض تسمّى عقير ، وأوصى أن يُدفن فيه كما يظهر ممّا يأتي ، ثمّ عاد إلى جبل عامل وتوفي فيها ، ولم يذكر أحد ممّن ترجمه من الأوائل تاريخ ولادته ووفاته... إلخ(٣) .

أمّا تآليفه فهي أشهر من أن تعدّ ، فقد بلغت ٤٨ كتاباً ، أشهرها كتاب المصباح ، وهو الجنة الواقية والجنة الثمانية ، وقد فرغ من تأليفه سنة ٨٩٥ ه ، إضافة إلى رسائل وحواشي على بعض الكتب.

كان واسع الاطّلاع ، طويل الباع في الأدب ، سريع البديهة في الشعر والنثر كما يظهر من مصنّفاته خصوصاً من شرح بديعته , حسن الخط ، وجدت بخطّه كتاب دروس الشهيد (قدس‌سره ) ، فرغ من كتابته سنة ٨٥٠ ه ، وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله ، ورأيت بعض الكتب بخطّه في بعض خزائن الكتب في كربلاء سنة ١٣٥٣ ه(٤) .

____________________

(١) الكنى والألقاب - للشيخ عبّاس القمي ٣ / ١٠١.

(٢) منتخب التواريخ - للحاج محمّد هاشم الخراساني ( فارسي ) / ٣١٢.

(٣) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٥ / ٢٨٧.

(٤) المصدر نفسه / ٢٨٨.

٢٤٤

وللشيخ الكفعمي قصيدة يوصي فيها أهله بدفنه في الحائر المقدّس بأرض تسمّى عقيراً , فيقول:

سألتكم باللهِ أن تدفنوني

إذا متُّ في قبرٍ بـأرضِ عقيرِ

فإنّي بـهِ جارُ الشهيد بـكربلا

سليلِ رسولِ اللهِ خيرِ مجيرِ

فإنّي بـهِ في حفرتي غيرُ خائفٍ

بـلا مريةٍ من منكرٍ ونكيرِ

أمنتُ بـه في موقفي وقيامتي

إذا الناسُ خافوا من لظى وسعيرِ

فإنّي رأيتُ العربَ يحمي نزيلَها

ويمنعهُ من أن يصابَ بـضيرِ

فكيفَ بـسبطِ المصطفى أن يذود مَن

بـحائرهِ ثاوٍ بـغيرِ نصيرِ

وعارٌ على حامي الحمى وهو في الحمى

إذا ضلَّ في البيدا عقالُ بعيرِ(١)

وأورد له الشيخ الحرّ العاملي أبياتاً لم تدوّن في المصادر الاُخرى , وهي:

إلهي لكَ الحمدُ الذي لا نهايةً

لهُ ويرى كلّ الأحايين باقيا

على أن رزقتَ العبدَ منكَ هدايةً

أتاحتهُ تخليصاً من الكفرِ واقيا

إلهيَ فاجعلني مطيعاً أجرته

وإن لم أكن فارحم بمَنْ جاءَ عاصيا

بـعثتُ الأماني نحو جودكَ سيدي

بردّ الأماني العاطلاتِ حواليا(٢)

وله اُرجوزة تنيف على مئة وثلاثين بيتاً في الأيام المستحب صومها ، وقد أوردها في المصباح ، كما إنّ له قصيدة في مدح الإمام أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ) ووصف الغدير ، تبلغ مئة وتسعين بيتاً ، ويظهر من آخرها أنّه عملها في الحائر الحسيني (على مشرّفه السّلام) ، وقد أوردها في المصباح أيضاً.

إنّ هذا العالم الأديب هو من اُولئك الأفذاذ الموهوبين الذين تركوا صدى قوياً في مسمع الزمن.

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٥ / ٢٩٦.

(٢) أمل الآمل - للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ٢ / ٢٨ - ٢٩.

٢٤٥

السيد حسين بن مساعد الحائري

هو السيد عزّ الدين حسين بن مساعد بن الحسن بن مخزوم بن أبي القاسم بن أبي عبد الله الحسين بن محمّد بن عيسى الحسيني الحائري , هكذا كتب نسبه بخطّه في هامش نسخة الأصل من كتاب ( عمدة الطالب ) التي نسخها في ٢٩ ربيع الأول سنة ٨٩٣ ه ، وله عليها حواشي بخطّه إلى تاريخ سنة ٩١٧ ه.

والمترجم له عالم فذّ ، وأديب ضليع ، قوي الحجّة ، واسع الاطّلاع ، ورع تقي ، له باع طويل في النسب ، وقد عمل عدّة مشجرات بخطّ يده لاُسر كربلاء العلوية القديمة , ومن آثاره مصنّفه (تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمّة الأطهار)(١) .

وهو ينحدر من سلالة علوية قديمة تُعرف بـ ( آل طوغان ) الحسينيِّين ، ذكرها صاحب كتاب ( مدينة الحسين ) فقال: وآل طوغان من المخزوميين الحسينيِّين ، ومنهم العالم الفاضل النسّابة حسين بن مساعد العيسوي الطوغاني الحسيني من سلالة عيسى بن زيد الشهيد حفيد الإمام السجّاد (عليه‌السلام ) ، وباسمهم سمّيت محلّة ( آل عيسى ) في كربلاء(٢) ، توفي سنة ٩١٠ ه.

وأرّخ وفاته الشيخ محمّد السماوي في اُرجوزته بقوله:

ثمّ الحسين بن مساعد الأبي

وجامع الأخبار بعد النسبِ

الموسوي الحائري قد مضى

لربّه بها فأرّخه ( قضى )

٩١٠ ه

وكان شاعراً مجيداً ، سريع البديهة ، حسن الأسلوب ، وقفت على بعض شعره الذي أورده صاحب أعيان الشيعة ، ومنه قصيدة في مدح أهل البيت (عليهم‌السلام ) ، ورثاء الإمام الشهيد الحسين (عليه‌السلام ) , نقتطف منها هذه الأبيات:

مصابُ رسولِ اللهِ في آلهِ الاُلى

تقاصر زيد عن علاهم كذا عمرو

____________________

(١) الذريعة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ٣ / ٤٠٥.

(٢) مدينة الحسين - محمّد حسن الكليدار آل طعمة ١ / ٦٨.

٢٤٦

أئمّة هذا الخلقِ بـعدَ نبيِّهمْ

بـناة العُلا قد طابَ من ذكرهم ذكرُ

همُ التينُ والزيتونُ هم شافعوا الورى

همُ السادةُ الأطهارُ والشفعُ والوترُ

همُ مهبطُ الوحي الشريفِ وهم غداً

سقاةُ الزلالِ العذبِ مَن ضمّهُ الحشرُ(١)

وله من قصيدة اُخرى يقول فيها:

قلبي لطولِ بـعادكم يتفطّرُ

ومدامعي لفراقكم تتقطرُ

وإذا مررتُ على معاهدكم ولا

ألفي بـها من بعدكم مَنْ يخبرُ

هاجت بلابلُ خاطري ووقفتُ في

أرجائها ودموعُ عينيَ تهمرُ

غدرَ الزمانُ بـنا ففرّق شملَنا

والغدرُ طبعٌ فيهِ لا يتغيّرُ(٢)

إنّ تاريخ حياة هذا الرجل حافلة بالأخبار والآثار وجلائل الأعمال ، وقد تعرّضت لذكره كتب الأسفار والمعاجم الكثيرة.

القرن العاشر الهجري

فضولي البغدادي

من أشهر شعراء الترك ، عراقي اسمه محمّد بن سليمان البغدادي(٣) ، فهو أحد أدباء المتصوّفة في القرن العاشر الهجري ، برع في نظم الشعر التركي والفارسي والعربي ، وكان يميل إلى التقشّف والزهد والتصوّف.

وقد اختلف الرواة في أصله ؛ فمنهم مَنْ ينسبه إلى قبيلة (بيات) التي استوطنت العراق قديماً ، وهي بطن من أغز قبيلة من الترك وهم التركمانية , وأدّعى آخر أنّه ينتمي إلى الكرد ،

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٢٧ / ٢١٢.

(٢) المصدر نفسه / ٢١٢ - ٢١٣.

(٣) تاريخ العراق بين احتلالين - عبّاس العزاوي ٣ / ٣٧٠ ، و٤ / ٩٨ - ١٠٣.

٢٤٧

وخصّه ثالث بكرد آذربيجان. أمّا تاريخ مولده ومحلّ الولادة فهو موضع اختلاف الرواة أيضاً.

جاء في مقدّمة ديوانه ( مطلع الاعتقاد ) ، المطبوع في باكو من قبل أكاديمية العلوم في آذربيجان السوفياتية الاشتراكية ما نصّه: (ولد محمّد بن سليمان فضولي في مدينة كربلاء في عام ١٤٩٨ ميلادي وعهدي البغدادي ، معاصر وصاحب فضولي)(١) .

ويؤكّد ذلك الشيخ محمّد حرز الدين في ترجمته التي عنوانها ( فضولي الحائري ) ( ٨٩٤ - ٩٦٣ ه ) بقوله: وتاريخ ولادته كما وقفنا عليه أنّه ولد في العشرة الأخيرة من القرن التاسع عشر للهجرة النبوية حدود سنة ٨٩٤ ، ويؤثر عنه أنّه أقام ببغداد مدّة ثمّ في كربلاء - الحائر الحسيني - حتّى آخر لحظة من عمره(٢) .

وكما اختلف الرواة في أصله ومولده ، فقد اختلفوا في تاريخ وفاته ؛ فمن قائل سنة ٩٦٣ ه ، وآخر سنة ٩٦٦ ه ، وآخر ٩٦٩ ه و ٩٧٠ ه ، بَيْدَ أنّ الأصح هو أنّ فضولي توفّي سنة ٩٦٣ ه - ١٥٥٥ م بمرض الطاعون الذي انتشر في كربلاء آنذاك واستفحل داؤه ، ودُفن إلى جانب مرقد الدرويش عبد المؤمن دده شيخ الطريقة البكتاشية مقابل باب قبلة سيدنا الحسين (عليه‌السلام ) في كربلاء ، وأعقب ولده الشاعر فضلي.

فضلي بن فضولي

كان أحد أفاضل الأدباء في أواخر القرن العاشر الهجري ، ترعرع في أحضان الفضل والأدب ، وكان أديباً رقيق الطبع ، مليح السبك ، عذب اللفظ ، برع في النظم بالتركية والفارسيّة والعربيّة ، لقّبه معاصره روحي البغدادي ( مؤرّخ الكون).

وذكره عبّاس العزاوي قائلاً: فضلي هذا ابن سابقه , ونعته عهدي البغدادي بقوله صافي الذهن ، مستقيم الذكاء والطبع ، لا يزال مشغولاً في علوم الظاهر ، معتزلاً في زاوية بقناعة تامة ، أخذ بنواحي الشعر في اللغات الثلاث ,

____________________

(١) مطلع الاعتقاد ( باكو ١٩٥٨ م ) مصدر الكتاب حميد أرسلي.

(٢) معارف الرجال - محمّد حرز الدين ٢ / ٢١٢.

٢٤٨

وله مهارة في المعمّى ، وقدرة معجزة التواريخ ، وأبيات عشقية فريدة ، جاذبة آخذة بمجامع القلوب ، وأورد له أمثلة لا محل لإيرادها.

والمفهوم أنّه لا يزال حيّاً عند تحرير التذكرة ( كلشن شعراء ) ، ومن تذكرة عهدي البغدادي وتاريخ بناء الجامع ( كذا ) المرادية سنة ٩٧٨ ه أنّه لا يزال حيّاً إلى هذه السنة ، والملحوظ أنّه بقي إلى ما بعد وفاة عهدي البغدادي.

والتراجم قليلة في بيان أحواله ، وقد تحرّينا مراجع عديدة فلم نظفر ببغية في تاريخ وفاته(١) , ويغلب على الظنّ أنّ الشاعر فضلي مات بعد سنة ١٠١٤ ه(٢) ، ودُفن مع والده في مقبرة الدرويش عبد المؤمن دده.

كلامي ( جهان دده )

وهو أحد أدباء هذا القرن ، شاعر متصوّف ، عُرف بفصاحة اللسان وبلاغة المنطق ، عاصر جمعاً من أدباء المتصوّفة ، كروحي البغدادي ، ومحيطي ، وفضولي ، وفضلي ، وبرع في النظم بالتركية والفارسيّة والعربيّة.

كان في الخانقاه التي تُعرف بـ ( تكية البكتاشية ) ، ذكره عبّاس العزاوي قائلاً: كلامي كربلائي شاعر صوفي ، كان في الخانقاه في مشهد الحسين ( رض ) ، نزعت نفسه إلى العالم ومشاهدة الأقطار ، يُعرف بـ ( جهان دده )(٣) .

ورأيت في بعض الوثائق الرسمية الكربلائيّة ختمه باسم ( كليم جهان دده المؤرّخ سنة ١٠٠٦ ه ) , ومهما يكن من أمر فقد كان كلامي من أعلام الفكر وأرباب البيان.

____________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين - عبّاس العزاوي ٤ / ١٠٣.

(٢) فضولي البغدادي - للدكتور حسين علي محفوظ / ٣٨.

(٣) تاريخ العراق بين احتلالين - عبّاس العزاوي ٤ / ١٣٧.

٢٤٩

السيد ولي الحسيني الحائري

فاضل جليل خلّدته آثاره ، وهو من أهل القرن العاشر الهجري الذين لمع ذكرهم في سماء الفكر. ذكره شيخنا صاحب الذريعة بقوله: السيد ولي ابن السيد نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري صاحب كتاب كنز الطالب فرغ منه سنة ٩٨١ ه ، وله أيضاً مجمع البحرين , ومنهاج الحقّ , وتحفة الملوك المصرّح فيه بأنّه مجاور الحائر. نسخة منه عند المولى حسن يوسف بكربلاء.

كما صرّح بمجاورته أيضاً في كتابه مصباح الزائرين في فضل زيارة خامس آل العبا (بالفارسيّة) ، وقد ألّفه باسم الشاه طهماسب ، وترجمه في أمل الآمل وقال: كان عالماً فاضلاً ، صالحاً محدّثاً ، ولم يذكر عصره. وله أيضاً درر الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ، ينقل عنه المير محمّد أشرف في فضائل السادات ، ومؤلّف الدمعة الساكبة(١) .

وذكره صاحب كتاب ( ريحانة الأدب ) فقال: السيد ولي ابن السيد نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري , عالم محدّث صالح ، وهو من الإمامية المتأخّرين ، كان من معاصري الشيخ حسين والد الشيخ البهائي والشهيد الثاني ، له مؤلّفات دينية نافعة كثيرة ذكرها صاحب الذريعة(٢) .

السيد عبد الحسين بن مساعد

ذكره صاحب ( الذريعة ) بقوله: السيد عبد الحسين بن مساعد بن حسن بن علي بن حسن بن طوغان الحسيني الحائري , كتب بخطّه شرح مختصر العضدي ، وفرغ منه في الخميس رابع شهر رمضان ٩٩١ ه في مكتبة المرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء(٣) .

____________________

(١) إحياء الدائر في مآثر القرن العاشر - للشيخ آقا بزرك الطهراني ( مخطوط ) / ٣٢٦.

(٢) ريحانة الأدب - للشيخ محمّد علي التبريزي ١ / ٣١١.

(٣) إحياء الدائر ( مخطوط ) / ١٧١.

٢٥٠

المولى محمّد قاسم الكربلائي

المولى محمّد قاسم بن تقي بن محمّد الكربلائي كتب بخطّه منتقى الجمان لصاحب المعالم ، وفرغ من الكتابة عصر نهار السبت السابع والعشرين من شعبان سنة ١٣٠٨ ، وقابله وصححه عن نسخة خطّ المصنّف(١) .

القرن الحادي عشر الهجري

المولى شمس الدين الشيرازي

ذكره صاحب الذريعة قائلاً: المولى شمس الدين الشيرازي المتوفّى بالري سنة ١٠٣٥ ، قرأ عليه ولده المولى القاضي محمّد شريف المتخلص بكاشف العلوم الأدبيّة والمنطق والكلام ، يظهر من كتاب ولده الموسوم بـ ( خزان وبهار ) أنّ والده صاحب الترجمة كان مجاوراً كربلاء في حدود سنة ١٠٠٠ ه , فهاجر إلى أصفهان سنة ١٠٠٦ ه ، ثمّ إلى مشهد الرضا (عليه‌السلام ) سنة ١٠١٠ ه , وبعد ثمانية أشهر رجع إلى أصفهان ، وفي سنة ١٠٢٩ ه ذهب إلى الري وبها توفي سنة ١٠٣٥ ه(٢) .

محمد شريف كاشف

ذكره سيدنا المحسن الأمين فقال: المولى القاضي محمّد شريف المتخلص بكاشف ابن شمس الدين الشيرازي الأصل الكربلائي المولد. ولد في حدود سنة ١٠٠١ ه بكربلاء , ووالده من شيراز ، وهاجر والده من كربلاء إلى أصفهان سنة ١٠٠٦ ه وهو ابن خمس سنين ، وتشرّف معه بمشهد الرضا (عليه‌السلام ) للزيارة سنة ١٠١٠ ه ورجع إلى

____________________

(١) إحياء الدائر ( مخطوط ) / ١٢٣.

(٢) الروضة النضرة في علماء المئة الحادية عشرة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ( مخطوط ) / ٧٠.

٢٥١

أصفهان ، وفي سنة ١٠٢٩ ه ذهب والده إلى الري وتوفّي بها سنة ١٠٣٥.

قرأ على والده الأدبيات والمنطق والكلام ، وتولّى القضاء من قبل السلطان بأصفهان ، وحدّث عن نفسه أنّ له خمس عشرة سنة منصوباً للقضاء. له من المصنّفات ( خزان وبهار ) في الأخلاق ، والفرج بعد الشدّة مرتّب بعد المقدّمة على أربعة عشر أساساً ، الصبر ، الرحم ، الأدب ، الطهارة ، العبادة ، اللطف ، اليقين ، العلم ، النصرة ، المروءة ، السخاء ، الكرامة ، الهدية. وفي طي كلّ فيها يذكر حكايات عجيبة ، وله السراج المنير ، والدرّة المكنونة ، وحواس الباطن ، ومنشآت متفرّقة.

ومن منظوماته ليلى ومجنون ، هفت بيكر ، عبّاس نامه ، الغزليات ، القصائد ، الرباعيات ، القطعة ، التركيب ، الترجيع(١) .

وذكره عمر رضا كحالة قائلاً: محمّد شريف كاشف الشيرازي الكربلائي ( ١٠٠١ ه - ٠٠٠ ) ( ١٥٩٣ م - ٠٠٠ ) من القضاة ، أصله من شيراز ، ولد بكربلاء ، قرأ على والده الأدب والمنطق والكلام ، تولّى القضاء من قبل السلطان بأصفهان. من مصنّفاته الفرج بعد الشدّة ، السراج المنير ، الدرّة المكنونة ، حواس الباطن(٢) .

السيد علي الحسيني

السيد علي بن الحسين بن مساعد الحسيني الحائري النسّابة ، قال المولى محمّد كاظم الشريف النجفي في حاشية عمدة الطالب: إنّي رأيت مشجرة نسب السيد ربيع الحائري الذي عمله في سنة ١٠١٩ وعليه شهادة صاحب الترجمة بخطّه ، وكذا شهادة السيد مساعد بن محمّد الحسيني كما يأتي ، ومرّ في ( إحياء الداثر ) السيد حسين بن مساعد الحسيني(٣) .

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٤٥ / ٢٢٢.

(٢) معجم المؤلفين - عمر رضا كحالة ١٠ / ٦٧.

(٣) الروضة النضرة - الشيخ آقا بزرك الطهراني ( مخطوط ) / ١٠٨.

٢٥٢

السيد حسين الحسيني

السيد حسين بن الحسن العسكري الحسيني الحائري ، رأيت بخطّه الدروس للشهيد كتبه السنة السادسة والعشرين بعد الألف في خزانة الحاج علي محمّد النجف آبادي ، قال في آخره: وقد فرغ من تسويد هذا الكتاب اللطيف الشائق ، جامع أثمار الفوائد من أنواع الحدائق ، المنسوب إلى المظلوم الشهيد الذي ذمّه فائق على ملأ ذوي الفضل المتقدّم واللاحق ، العبد المذنب ، المسرف الراجي رحمة ربّه الغني حسين بن حسن العسكري الحسيني الكربلائي في العشر الآخر من شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وألف ، عليه تصحيحات بخطّه يظهر منها أنّه من أهل النور والاطّلاع ، وعليه حواشي رمزها م ح ق (مدّ ظله العالي)(١) .

الشيخ عبّاس البلاغي

الشيخ عبّاس بن محمّد علي بن محمّد البلاغي العاملي ، والد الشيخ حسن الذي له كتاب تنقيح المقال ، وقد ترجم فيه جدّه الشيخ محمّد علي المتوفّى سنة ١٠٠٠ ه(٢) ... إلخ.

ووالد المترجم له فاضل جليل له إحاطة بكثير من العلوم ، وهو صاحب كتاب ( شرح الكافي ) ، وأرّخ وفاته الشيخ محمّد السماوي بقوله:

كذا البلاغيّ محمّد العلي

وشارح الكافي بشرحٍ منجلِ

اُغمد إذ كان حساماً منتضى

بروضه فأرّخوا ( سيف مضى )

١٠٠٠ ه

أمّا نجله الشيخ عبّاس فقد اقتفى أثر والده في تتبّع العلوم ، والارتشاف من مناهل المعرفة.

____________________

(١) الروضة النضرة ( مخطوط ) / ٤٣.

(٢) المصدر نفسه / ٧٨.

٢٥٣

السيد مساعد بن محمّد الحسيني

السيد مساعد بن محمّد الحسيني العالم النسابة ، كتب شهادة صحة نسب السيد ربيع الحائري في سنة ١٠١٩ ه ، كما ذكره المولى محمّد كاظم الشريف النجفي في حاشية عمدة الطالب ، قال: رأيت المشجر الذي عليه شهادته في الحائر سنة ١١٦٦ ه عند السيد عبّاس بن حسين من أحفاد السيد ربيع ، وكتب الشهادة أيضاً معاصره السيد علي بن عبد الحسين بن مساعد(١) .

السيد طعمة علم الدين الحائري (كان حيّاً سنة ١٠٢٥ ه - ١٦١٦ م)

هو السيد طعمة ( الثالث ) نقيب الأشراف ابن السيد علم الدين ابن السيد طعمة ( الثاني ) ابن السيد شرف الدين نقيب الأشراف ابن السيد طعمة كمال الدين ( الأول ) من آل فائز الموسوي الحائري(٢) .

كان السيد طعمة علم الدين هذا حيّاً سنة ١٠٢٥ ه في أيام السلطان مراد بن السلطان سليم ابن السلطان سليمان القانوني ( ١٠١٢ ه - ١٠٢٦ ه ) ، وقد شهد احتلال الشاه عبّاس الصفوي الأول لمدينة بغداد سنة ١٠٣٣ ه.

ولا شك أنّه كان من العلماء المتضلّعين في المشهد الحسيني ، ولم نعثر خلال دراستنا لكتب التراجم والسير على ترجمة وافية تشفي الصدور وتنقع غليل القارئ ، غير أنّ الشيخ أحمد ابن الشيخ علي النحوي العالم المبرز في وقته سجّل شهادته في وقفية ( فدان السادة ) التي أوقفها السيد طعمة علم الدين المذكور على أولاده الذكور سنة ١٠٢٥ ه ، المقاطعة الواقعة في ضاحية حي العباس اليوم شمالي كربلاء على بعد كيلو مترين.

وكان صاحب الترجمة رئيساً مطاعاً ، يعدّ من أشهر أعيان

____________________

(١) الروضة النضرة ( مخطوط ) / ١٥٦.

(٢) المصدر نفسه / ١٣٥.

٢٥٤

وملاكي كربلاء في عصره ، وكان مرجعاً لحلّ الكثير من القضايا العشائرية ، يقصده الناس من كلّ صقع ومكان ، فكانت له سطوة وجلالة بالحائر الشريف ، وكانت له بها ضياع وبساتين وعقارات ، وإليه ينتسب السادة آل طعمة في كربلاء التي يبلغ تعداد نفوسها زهاء خمسمئة نسمة من الذكور ، وكانت تعرف خلال القرون الغابرة بقبيلة ( آل فائز ).

لم نعثر على تاريخ مولده ، أمّا تاريخ وفاته فالظاهر أنّها بعد عام ١٠٤٣ ه استناداً لتوقيع نجله المرحوم السيد نعمة الله في وقفية مؤرّخة في شهر ذي القعدة الخامس والأربعون بعد الألف ، ومنه تسلسلت اليوم إلى إلى عدّة أفخاذ هي:

١ - آل السيد وهاب.

٢ - آل السيد مصطفى.

٣ - آل السيد درويش.

٤ - آل السيد جواد.

٥ - آل السيد محمّد ( ويُعرف عقبه ببيت الشروفي ).

الشيخ محفوظ السعدي

الشيخ محفوظ بن بدر بن عبد الله بن محفوظ السعدي الكربلائي كتب بخطّه مَنْ لا يحضر ، وفرغ من جزئه الأوّل سنة ١٠٥٣ ه ، وفرغ من تمامه نهار الأربعاء من شهر ربيع الآخر سنة ١٠٥٥ ه ، وعليه تصحيحاته وآثار قراءته على المشايخ(١) .

السيد علي بن محمّد الكربلائي

السيد علي بن محمّد الكربلائي الموسوي يكنّى أبا الحسين ، كان حيّاً سنة ١٠٩٤ ه ، أحد أدباء كربلاء في القرن الحادي عشر ، ولد سنة ١٠٩٤ ، كان يراسل السيد علي خان(٢) .

____________________

(١) الروضة النضرة ( مخطوط ) / ١٣١.

(٢) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٤٢ / ٣٣.

٢٥٥

القرن الثاني عشر الهجري

السيد نصر الله الحائري

من أبرز أعلام العراق في القرن الثاني عشر الهجري ، فهو علم شامخ من أعلام الفكر الإسلامي ، وجهبذ فذّ ، له إحاطة شاملة بكثير من العلوم العقلية والنقلية.

استهل دراسته العلميّة والأدبيّة على لفيف من فضلاء عصره ، كما أخذ العلم عنه جماعة كثيرة من أهل الفضل ؛ لذا يُعرف بمدرّس الطفّ تارة ، ومدرّس الروضة الحسينيّة تارة اُخرى ، ويُكنّى بالفائزي نسبة إلى قبيلته العلوية العريقة المعروفة قديماً بآل فائز.

فهو السيد نصر الله بن الحسين بن علي الحسيني الموسوي الفائزي الحائري ، المنتهي نسباً بالسيد إبراهيم المجاب ابن السيد محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) الذي استشهد في إسطنبول سنة ١١٦٨ ه كما في كثير من المراجع.

وفي رواية اُخرى عام ١١٥٨ ه كما ينصّ على ذلك الشيخ محمّد السماوي بقوله(١) :

وكالشهيد ذي العُلا والجاهِ

مدرّس الحائرِ نصر الله

نجل الحسينِ الفائزي المنتمى

فكم وكم من المراثي نظما

جاهدَ في نقصِ الثلاث مفردا

فأرّخوا ( استشهد ناصر الهدى )

ذكره السيد محسن الأمين فقال: السيد أبو الفتح عزّ الدين نصر الله بن الحسين بن علي الحائري الموسوي الفائزي ، المدرّس في الروضة الحسينيّة ، المعروف بالمدرّس ، وفي كلام عبد الله السويدي البغدادي أنّه يُعرف بابن قطّة ، وكذا في نشوة السلافة.

وفاته: استشهد بقسطنطينية على التشيّع سنة ١٥٥٥ ، أو ٥٣ عن عمر يُقارب الخمسين. نسبته ( للفائزي ) نسبة إلى عشيرته , ويسمّون آل فائز ، أو آل أبي الفائز ، وفيهم يقول المترجم من قصيدة يرثي والدته:

____________________

(١) مجالي اللطف بأرض الطفّ - للشيخ محمّد السماوي / ٧٦.

٢٥٦

كيف لا وهي آلُ أبي الفا

ئزِ من هديهم بـهِ الاقتداءْ

معشر شادَ مجدَهم وعلاهم

سيدُ المرسلين والأوصياءْ

سادةٌ قادةٌ كرامٌ عظامٌ

علماءٌ أئمّةٌ نقباءْ

لهم أوجهٌ تنيرُ الدياجي

ما أظلّت نظيرها الخضراءْ

لست تلقى سواهم قطّ قطباً

إن أدارت أرجاءها الهيجاءْ

و( الحائري ) نسبة إلى الحائر الحسيني ، وهو كربلاء ؛ فإنّها تسمّى بالحائر(١) ... إلخ.

قام بجمع ديوان السيد نصر الله تلميذه الشاعر السيد حسين بن مير رشيد بن قاسم الرضوي الحائري المتوفّى سنة ١١٧٠ ه , وكتب مقدّمته. يضمّ الديوان طائفة من القصائد والمقطعات تناول فيها موضوعات هامة كثيرة واختتم بالبنود , وطبع الديوان ( سنة ١٣٧٣ ه / ١٩٥٤ م ).

قال من قصيدة يتفجّع فيها للحسين (عليه‌السلام ) ، وأوّلها:

يا بـدوراً لم ترضَ أفقُ السماءِ

كيف غُيّبت في ثرى كربلاءِ

ياشموساً في الترابِ غارت وكانت

تبهرُ الخلقَ بـالسنا والسناءِ

يا جبالاً شواهقاً للمعالي

كيفَ وارتكِ تربةُ الغبراءِ

يابحاراً في عرصةِ الطفِّ جفّت

بـعدما أروتِ الورى بـالعطاءِ

ومنها قوله:

آه لا يطفئ البكاءَ غليلي

ولو أنّي اغترفت من دأماءِ(٢)

كيف يطغي والسبطُ نصبٌ لعيني

وهو في كربةٍ وفرطِ عناءِ

لست أنساه في الطفوفِ فريداً

بـعد قتلِ الأصحابِ والأقرباءِ

____________________

(١) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين ٤٩ / ١٤٧ - ١٦٦.

(٢) الدأماء: البحر ، كلّ ما يغمر الإنسان ويغطيه من ماء وغيره.

٢٥٧

فإذا كرّ فرّ جيشُ الأعادي

وهم كثرةٌ كقطرِ السماءِ

كيف لا وهو نجلُ سمّ الأعادي

( أسدِ اللهِ ) قامعِ الأدعياءِ(١)

وقال مهنّئاً السيد حسن الكليدار بوروده من الهند في عيد الفطر من قصيدة جاء فيها:

بـمقدمِ مولانا الحسين أخي الرضا

ونجلِ الهداةِ الطاهرين اُولي الأمرِ

هو الماجدُ السامي الذي عن يمينهِ

روى البحرُ أخبارَ السماحةِ للقطرِ(٢)

وقال مهنّئاً اُستاذه الشيخ علي الشيخ محمّد آل قنديل بختان ولده ، ومطلعها:

يا أيّها الاُستاذ من مدحِهِ

إن رمتَ أحصرهُ لساني يحصر

يا أيّها المولى الذي في جوده

دوحُ الأماني كلّ حين يغمر(٣)

إنّ السيد نصر الله الحائري مدرّس الطف , فقيه عالم أكثر من كونه شاعر ، ونحن نكبر إنسانيته كلّ الإكبار ، ونجلّ علمه وأدبه غاية الإجلال.

الشيخ يوسف البحراني

هو المحدّث الكبير الشيخ يوسف ابن الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة الدرازي البحراني صاحب كتاب ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) ، المتولد سنة ١١٠٧ ه والمتوفّى في ربيع الأول سنة ١١٨٦ ه.

والدرازي منسوب إلى دراز - بالدال المهملة المفتوحة والراء المخفضة بعدها ألف وزاي - من أفاضل علمائنا المتأخرين ، جيّد الذهن ، معتدل السليقة ، له باع في الفقه والحديث ، وكان على رواية الإخباريِّين(٤) .

____________________

(١) ديوان السيد نصر الله الحائري / ٤٧ - ٤٨.

(٢) ديوان السيد نصر الله الحائري / ١٠٥.

(٣) ديوان السيد نصر الله الحائري / ١٢١

(٤) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين ٥٢ / ٧١.

٢٥٨

ولد في كربلاء ونشأ بها ، وولج أندية العلم وحلقات التدريس فتتلمذ على والده الشيخ أحمد ، كما تتلمذ على الشيخ أحمد بن عبد الله بن الحسن بن جمال البلادي البحراني المتوفّى سنة ١١٣٧ ه ، والمحقق الشيخ حسين المتوفّى سنة ١١٧١ ه ، والشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي البحراني المتوفّى سنة ١١٤٨ ه وغيرهم , وتلامذته كثيرون.

اشتهر ذكره وذاع صيته ، وصنّف ما يقرب من ٤٥ كتاباً , أهمّها: ( الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ) ، و ( لؤلؤ البحرين في الإجازة لقرة العين ) ، و ( الكشكول ) وغيرها. وكانت وفاته في كربلاء يوم السبت رابع ربيع الأول من عام ١١٨٦ ه عن عمر ناهز الثمانين ، ودُفن في الحضرة الحسينيّة جوار قبر الآقا باقر البهبهاني(*) .

ورثاه جمع غفير من الأدباء منهم السيد محمّد الشهير بالزيني البغدادي الحائري بقصيدة مطلعها:

ما عذرُ عيني بالدما لا تذرفُ

وحشاشةٍ بلظى الأسى لا تتلفُ

وأرّخ عام وفاته بقوله:

فقضيت واحد ذا الزمان فأرّخوا

( قد حنّ قلب الدين بعدكَ يوسف )

١١٨٦ ه

ذكره جمع غفير من المؤرّخين في تصانيفهم.

القرن الثالث عشر الهجري

الآقا باقر البهبهاني

لم تفقد مدينة كربلاء مكانتها العظمى وسيطرتها الدينيّة والعلميّة والأدبيّة حتّى القرن الثاني عشر الهجري ؛ فقد كانت مركزاً ثابتاً للحضارة ، ونالت القدح المعلّى ، والمكانة السامية ، وبلغت ذرى عزّها الشامخ ، ومجدها السامق ، وطفحت بأعلام الأمّة الإسلاميّة ، وأفذاذ المحقّقين ، وانتعشت حركة الفكر فيها إبان ذلك العصر ، وأخذت الأبصار تشخص إلى المدينة ؛ حيث برز فيها رعيل من

____________________

(*) هكذا وردت العبارة ، وهي لا تخلو من بعض التأمّل والتوقف ؛ إذ إنّ وفاة الآقا محمد باقر البهبهاني كانت سنة ١٢٠٥ ه كما يصرّح به المؤلِّف نفسه في الصفحة اللاحقة , أي بعد وفاة المترجَم له بتسع عشرة سنة ؛ وعليه فكيف يُمكن أن يُدفن المتقدم وفاةً إلى جوار المتأخر عنه في الوفاة بهذه المدة الطويلة ؟! اللهمَّ إلّا إذا قلنا إنّ جثمان المُترجَم له (الشيخ يوسف البحراني) قد نُقل فيما بعد إلى الروضة الحسينيّة فكان بجوار الآقا البهبهاني. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٢٥٩

العلماء للقيام بأداء الرسالة المقدّسة ، فقدّمت على مسرح الفكر في هذه الحقبة ، أعني بها القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر ، شيخ الطائفة الإمامية والاُصولية ، المؤسس الوحيد الآقا باقر بن محمّد أكمل البهبهاني ، فقد حفلت سيرة هذا المجاهد بالمواهب النادرة والقابليات الفذّة.

ذكر الأب إنستاس ماري الكرملي بخصوص مدرسة الآقا باقر قائلاً: كان في القرن الثاني عشر للهجرة مدرستان للشيعة في كربلاء تتزاحمان ؛ مدرسة الإخبارية ، ومدرسة الاُصولية ، وكان الرجحان للمدرسة الإخبارية حتّى بعث الله ذلك المجدّد الكبير ، والمصلح الشهير العلّامة المعروف بالآقا باقر البهبهاني.

نبغ ذلك العبقري في بهبهان إحدى مدن الخليج الفارسي ، وبعد أن برز فيها هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهر في مدرسة الاُصولية ، فتزاحمت المدرسة الإخبارية , بل أخرجتها من كربلاء والنجف ، وعلى يد ذلك العلّامة تأسست المدرسة الاُصولية الكبرى ، أو دار المعلّمين في النجف ، وصارت تلك المدينة مدرسة عالية لتلك الطائفة ؛ فالنجف اليوم هي مدرسة الآقا باقر البهبهاني , وكلّ مَنْ نبغ فيها أو ينبغ من العلماء فهم تلاميذ الآقا البهبهاني(١) .

ولد في أصفهان سنة ١١١٨ ه ، وقطن برهة في بهبهان ، ثمّ انتقل إلى كربلاء في عهد رئاسة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ، وحضر على أركان الملّة وأقطاب الشريعة من سدنة المذهب وفحول العلماء ، ونشر فيها العلم ، فانتهت إليه الزعامة الدينيّة ورئاسة المذهب الإمامي ، وأخذ عنه علماء ذلك العصر ؛ كالمولى مهدي النراقي ، والميرزا أبي القاسم القمي ، والميرزا مهدي الشهرستاني ، والسيد محسن الأعرجي ، والشيخ ابن علي الحائري ، والشيخ الأكبر جعفر صاحب كشف الغطاء ، والسيد مهدي بحر العلوم وغيرهم.

أجاب داعي ربّه في كربلاء سنة ١٢٠٥ ه ، وكان يوم وفاته مشهوداً ، ودُفن

____________________

(١) مجلة ( لغة العرب ) ٦ س ٤ / ٣٣٠.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423