القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41448
تحميل: 5000


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41448 / تحميل: 5000
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وسفرجلة ورمّانة فناولهما وتهلّلت وجوههما، وسعيا إلى جدّهما فأخذ منهما فشمّها.

ثمّ قال: صيرا إلى اُمّكما بما معكما، وبدوكما بأبيكما أعجب(١) فصارا كما أمرهما فلم يأكلوا حتّى صار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فأكلوا جميعاً.

فلم يزل كلّما اُكل منه عاد إلى ما كان، حتّى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الحسين عليه السلام: فلم يلحقه التغيير والنقصان أيّام فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى توفّيت، فلمّا توفّيت فقدنا الرمّان، وبقي التفّاح والسفرجل أيّام أبي، فلمّا استشهد أميرالمؤمنين عليه السلام فقد السفرجل، وبقي التفّاح على هيئته عند الحسن حتّى مات في سمّه، وبقيت التفّاحة إلى الوقت الّذي حوصرت عن الماء، فكنت أشمّها إذا عطشت، فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها وأيقنت بالفناء.

قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست فلم ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين عليه السلام، ولقد زرت قبره، فوجدت ريحها يفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر، فإنّه يجده إذا كان مخلصاً.(٢)

٩٢٢/١٠ - في أمالي أبي الفتح الحفّار : ابن عبّاس وأبو رافع [قالا](٣) : كنّا جلوساً مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذ هبط عليه جبرئيل ومعه جام من البلور الأحمر، مملوءً مسكاً وعنبراً، فقال له: السلام عليك، اللَّه يقرأ عليك السلام، ويحيّيك بهذه التحيّة ويأمرك أن تحيّي بها عليّاً عليه السلام وولديه عليهما السلام.

____________________

(١) في المناقب: وابدءا بأبيكما.

(٢) المناقب: ٣٩١/٣، عنه البحار: ٩١/٤٥ ح ٣١.

(٣) ليس في المصدر والبحار.

٢٨١

فلمّا صارت في كفّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هلّلت ثلاثاً وكبّرت ثلاثاً، ثمّ قال بلسان ذرب(١) :( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ *طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ) (٢) فأشتمها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ حيّا بها عليّاً عليه السلام.

فلمّا صارت في كفّ عليّ عليه السلام قالت: بسم اللَّه الرحمن الرحيم( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ ) الآية(٣) ، فأشمّها(٤) عليّ عليه السلام وحيّابها الحسن عليه السلام فلمّا صارت في كفّ الحسن عليه السلام قالت:( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) الآية(٥) فأشمّها الحسن عليه السلام وحيّا بها الحسين عليه السلام.

فلمّا صارت في كفّ الحسين عليه السلام قالت: بسم اللَّه الرحمن الرحيم( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٦) .

ثمّ ردّت إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: بسم اللَّه الرحمن الرحيم( اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٧) فلم أدر على السماء صعدت أم في الأرض نزلت بقدرة اللَّه تعالى.(٨)

٩٢٣/١١ - في البحار : روي في مؤلّفات بعض الأصحاب، عن اُمّ سلمة قالت:دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم و دخل في أثره الحسن والحسين عليهما السلام وجلسا إلى جانبيه، فأخذ الحسن عليه السلام على ركبته اليمنى، والحسين عليه السلام على ركبته اليسرى، وجعل يقبّل هذا تارةً وهذا اُخرى، وإذا بجبرئيل قد نزل وقال: يا رسول اللَّه، إنّك لتحبّ الحسن والحسين عليهما السلام؟ فقال: و كيف لا اُحبّهما وهما ريحانتاي من الدنيا وقرّتا عيني.

فقال جبرئيل: يا نبيّ اللَّه، إنّ اللَّه قد حكم عليهما بأمر فاصبر له، فقال: وما هو

____________________

(١) الذرب: فصيح، وقال المجلسي رحمه الله: ذرابة اللسان: حدّته.

(٢) طه: ١، ٢.

(٣) المائدة: ٥٥.

(٤) في المصدر: فاشتمّها، وكذا ما بعده.

(٥) النبأ: ١، ٢.

(٦) الشورى: ٢٣.

(٧) النور: ٣٥.

(٨) المناقب: ٣٩٢/٣، عنه البحار: ٢٩٠/٤٣ ضمن ح ٥٢.

٢٨٢

يا أخي؟ فقال: قد حكم على هذا الحسن عليه السلام أن يموت مسموماً، وعلى هذا الحسين عليه السلام أن يموت مذبوحاً، وإنّ لكلّ نبيّ دعوة مستجابة، فإن شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين عليهما السلام فادع اللَّه أن يسلّمهما من السمّ والقتل، وإن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من اُمّتك يوم القيامة.

فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرئيل، أنا راض بحكم ربّي، لا اُريد إلّا ما يريده، وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من اُمّتي، ويقضي اللَّه في ولديَّ ما يشاء.(١)

٩٢٤/١٢ - عن آية اللَّه الشيخ جعفر التستري : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يتعمّد(٢) النظر إلى الحسن والحسين عليهما السلام، بل كان بعض الأوقات إذا جاع يقول: أذهب فأنظر إلى الحسن والحسين عليهما السلام فيذهب ما بي من الجوع، وكذلك كان أبوه يتعمّد النظر إلى الحسين عليه السلام، وكذلك النظر إلى قبره عبادة.(٣)

____________________

(١) البحار: ٢٤١/٤٤ ح ٣٥.

(٢) في المصدر: كان يتعمّد ذلك.

(٣) الخصائص الحسينيّة: ٢٣٩.

٢٨٣

القسم الثاني

ما يختصّ بالإمام الزكيّ

سيّد شباب أهل الجنّة الحسن بن عليّ عليهما السلام

ونذكر فيه عدّة أخبار:

٩٢٥/١ - في البحار : عن جابر، قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: سمّي الحسن عليه السلام حسناً، لأنّ بإحسان اللَّه قامت السماوات والأرضون، واشتقّ الحسين عليه السلام من الإحسان، وعليّ والحسن إسمان من أسماء اللَّه، والحسين تصغير الحسن.(١)

٩٢٦/٢ - وفيه : قال المسهر مولى الزبير: تذاكرنا من أشبه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من أهله فدخل علينا عبداللَّه بن الزبير، فقال: أنا اُحدّثكم بأشبه أهله [إليه] الحسن بن عليّ رأيته يجيء وهو ساجد فيركب ظهره، فما ينزله حتّى يكون هو الّذي ينزل ورأيته يجيء وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتّى يخرج من الجانب الآخر.

وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هو ريحاني من الدنيا، وإنّ إبني هذا سيّد يصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين، وقال: إنّي اُحبّه واُحبّ من يحبّه.(٢)

____________________

(١) مائة منقبة: ٢١ المنقبة ٣، المناقب: ٣٩٨/٣، عنه البحار: ٢٥٢/٤٣ ح ٣٠.

(٢) العدد القويّة: ٤٢، عنه البحار: ٣١٧/٤٣ ذح ٧٤.

٢٨٤

٩٢٧/٣ - وفيه : عن الباقر عليه السلام قال: ما تكلّم الحسين عليه السلام بين يدي الحسن عليه السلام إعظاماً له.(١)

٩٢٨/٤ - في المناقب : محمّد بن إسحاق بالإسناد، جاء أبوسفيان إلى عليّ عليه السلام فقال: يا أباالحسن، جئتك في حاجة، قال وفيم جئتني؟ قال: تمشي معي إلى ابن عمّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فتسأله أن يعقد لنا عقداً ويكتب لنا كتاباً.

فقال: يا أباسفيان، لقد عقد لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عقداً لايرجع عنه أبداً وكانت فاطمة عليها السلام من وراء الستر، والحسن عليه السلام يدرج بين يديها وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهراً فقال لها: يا بنت محمّد، قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بكلامه العرب والعجم.

فأقبل الحسن عليه السلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه والاُخرى على لحيته، ثمّ أنطقه اللَّه عزّوجلّ بأن قال: يا أباسفيان، قل: لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه حتّى أكون شفيعاً.

فقال عليه السلام: الحمد للَّه الّذي جعل في آل محمّد من ذرّيّة محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم نظير يحيى بن زكريّا( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢) .(٣)

٩٢٩/٥ - في البحار : ادّعى رجل على الحسن بن عليّ عليهما السلام ألف دينار كذباً ولم يكن له عليه، فذهبا إلى شريح، فقال للحسن عليه السلام: أتحلف؟ قال: إن حلف خصمي اُعطيه، فقال الشريح للرجل: قل باللَّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة.

فقال الحسن عليه السلام: لا اُريد مثل هذا، لكن قل: باللَّه إنّ لك عليّ هذا، وخذ الألف، فقال الرجل ذلك وأخذ الدنانير، فلمّا قام خرّ إلى الأرض ومات.

____________________

(١) المناقب: ٤٠١/٣، عنه البحار: ٣١٩/٤٣ ذح٢.

(٢) مريم: ١٢.

(٣) المناقب: ٦/٤، عنه البحار: ٣٢٦/٤٣ ح٦.

٢٨٥

فسئل الحسن عليه السلام عن ذلك، فقال: خشيت أنّه لو تكلّم بالتوحيد، يغفر له يمينه ببركة التوحيد ويحجب عنه عقوبة يمينه.(١)

٩٣٠/٦ - في المناقب : وروي: أنّه دخلت عليه امرأة جميلة وهو في صلاته فأوجز في صلاته ثمّ قال لها: ألك حاجة؟ قالت: نعم، قال: وما هي؟ قالت: قم فأصب منّي فإنّي وفدت ولابعل لي، قال: إليك عنّي لاتحرقيني بالنار ونفسك فجعلت تراوده عن نفسه وهو يبكي ويقول: ويحك إليك عنّي واشتدّ بكاؤه، فلمّا رأت ذلك بكت لبكائه.

فدخل الحسين عليه السلام ورآهما يبكيان، فجلس يبكي وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتّى كثر البكاء علت الأصوات، فخرجت الأعرابيّة وقام القوم وترحّلوا، ولبث الحسين عليه السلام بعد ذلك دهراً لايسأل أخاه عن ذلك إجلالاً له.

فبينما الحسن عليه السلام ذات ليلة نائماً إذا استيقظ وهو يبكي، فقال له الحسين عليه السلام: ما شأنك؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة، قال: وما هي؟ قال: لاتخبر أحداً مادمت حيّاً قال:نعم، قال: رأيت يوسف فجئت أنظر إليه فيمن نظر، فلمّا رأيت حسنه بكيت، فنظر إليّ في الناس، فقال: ما يبكيك يا أخي بأبي أنت واُمّي؟

فقلت: ذكرت يوسف وامرأة العزيز، وما ابتليت به من أمرها وما لقيت من السجن وحرقة الشيخ يعقوب، فبكيت من ذلك، وكنت أتعجّب منه، فقال يوسف:فهلّا تعجّبت ممّا فيه المرأة البدويّة بالأبواء(٢) .(٣)

٩٣١/٧ - في البحار : قال أنس: حيّت جارية للحسن بن عليّ عليهما السلام بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرّة لوجه اللَّه، فقلت له في ذلك، فقال: كذا أدّبنا اللَّه تعالى

____________________

(١) المناقب: ٧/٤، عنه البحار: ٣٢٧/٤٣.

(٢) الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة ممّا يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً.

(٣) المناقب: ١٤/٤، عنه البحار: ٣٤٠/٤٣ ح ١٤.

٢٨٦

( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا ) (١) وكان أحسن منها اعتاقها.(٢)

٩٣٢/٨ - وفيه : ومن حلمه عليه السلام ما روى المبرّد وابن عائشة أنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه، والحسن عليه السلام لايردّ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السلام فسلّم عليه وضحك فقال: أيّها الشيخ، أظنّك غريباً، ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك.

فلو حرّكت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود(٣) عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً(٤) وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً.

فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنّك خليفة اللَّه في أرضه، اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق اللَّه إليّ، والآن أحبّ خلق اللَّه إليّ وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقداً لمحبّتهم.(٥)

أقول: استعتبته فاعتبني أي: استرضيته فأرضاني.

٩٣٣/٩ - في كشف الغمّة : ومن كرمه وجوده: أنّ رجلاً جاء إليه عليه السلام وسأله حاجة فقال له: يا هذا، حقّ سؤالك يعظم لديَّ، ومعرفتي بما يجب يكبر لديَّ(٦) ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات اللَّه عزّوجلّ قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور، ورفعت عنّى مؤنة الإحتفال(٧) والإهتمام بما أتكلّفه من واجبك فعلت.

____________________

(١) النساء: ٨٦.

(٢) المناقب: ١٨/٤، عنه البحار: ٣٤٣/٤٣، و٢٧٣/٨٤.

(٣) أعود: أنفع.

(٤) رَحْباً: واسعاً.

(٥) المناقب: ١٩/٤، عنه البحار: ٣٤٤/٤٣، كشف الغمّة: ٥٦١/١ باختلاف يسير.

(٦) في العدد: عليَّ.

(٧) في العدد: الاحتيال.

٢٨٧

فقال: يابن رسول اللَّه، أقبل القليل، وأشكر العطيّة، وأعذر على المنع، فدعا الحسن عليه السلام بوكيله، وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها، [فكانت ثلاثمائة ألف درهم](١) فقال: هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفاً، قال: فما فعل لخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي، قال: أحضرها فأحضرها فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمّالين فدفع الحسن عليه السلام إليه رداءه لكرى الحمّالين.

فقال مواليه: واللَّه، ما [بقي] عندنا درهم، فقال عليه السلام: لكنّي أرجو أن يكون لي عند اللَّه أجرٌ عظيم.(٢)

٩٣٤/١٠ - في العدد للشيخ رضي الدين عليّ بن يوسف بن مطهّر أخي العلّامة رحمه الله: قيل: وقف رجل على الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال: يابن أميرالمؤمنين بالّذي أنعم عليك بهذه النعمة الّتي ماتليها منه بشفيع منك إليه، بل إنعاماً منه عليك، إلّا ما أنصفتني من خصمي، فإنّه غشوم(٣) ظلوم، لايوقّر الشيخ الكبير ولايرحم الطفل الصغير.

وكان متّكئاً فاستوى جالساً وقال [له]: من خصمك حتّى أنتصف لك منه؟ فقال له: الفقر، فأطرق عليه السلام ساعة، ثمّ رفع رأسه إلى خادمه، وقال له: أحضر ما عندك من موجود، فأحضرت خمسة آلاف درهم، فقال: ادفعها إليه.

ثمّ قال له: بحقّ هذه الأقسام الّتي أقسمت بها عليّ متى أتاك خصمك جائراً إلّا ما أتيتني منه متظلّماً.(٤)

____________________

(١) من العُدد.

(٢) كشف الغمّة: ٥٥٨/١، عنه البحار: ٣٤٧/٤٣ ذح ٢٠، وروى الحلّي رحمه الله في العدد القويّة: ٢٩ ح١٩ (مثله).

(٣) الغشوم: الّذي يخبط الناس ويأخذ كلّ ما قدر عليه.

(٤) العدد القويّة: ٣٥٩ ح ٢٣، عنه البحار: ٣٥٠/٤٣، و ٢٣٧/٧٧.

٢٨٨

٩٣٥/١١ - في تفسير فرات لشيخ الأقدم فرات بن إبراهيم الكوفي: أبوجعفر الحسني، والحسن بن عيّاش(١) معنعناً عن جعفر بن محمّد عليهما السلام قال:

قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام للحسن عليه السلام: يا بنيَّ، قم فاخطب حتّى أسمع كلامك، قال: يا أبتاه كيف أخطب وأنا أنظر إلى وجهك أستحيي منك؟

قال: فجمع عليّ بن أبي طالب عليه السلام اُمّهات أولاده، ثمّ توارى عنه حيث يسمع كلامه، فقام الحسن عليه السلام فقال:

الحمدللَّه الواحد بغير تشبيه، الدائم بغير تكوين، القائم بغير كلفة الخلق، الخالق بغير منصبة(٢) الموصوف بغير غاية، المعروف بغير محدوديّة، العزيز لم يزل قديماً في القدم، ودعت(٣) القلوب لهيبته، وذهلت العقول لعزّته، وخضعت الرقاب لقدرته.

فليس يخطر على قلب بشر مبلغ جبروته، ولا يبلغ الناس كنه جلاله، ولايفصح الواصفون منهم لِكُنه عظمته، [ولايقوم الوهم منهم على التفكّر على مضاسببه](٤) ولاتبلغه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكّر بتدبير اُمورها، أعلم خلقه به الّذي بالحدِّ لايصفه، يدرك الأبصار ولاتدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.

أمّا بعد، فإنّ عليّاً باب من دخله كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه العظيم لي ولكم.

فقام عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقبّل بين عينيه ثمّ قال:( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٥) .(٦)

____________________

(١) في المصدر والبحار: حُباش.

(٢) منصبة: تعب، منه رحمه اللَّه.

(٣) في البحار: ردعت، وفي نسخة من المصدر: روعت.

(٤) من المصدر: وليس في الأصل والبحار.

(٥) آل عمران: ٣٤.

(٦) تفسير فرات: ٧٩ ح ٢٦، عنه البحار: ٣٥٠/٤٣ ح ٢٤.

٢٨٩

٩٣٦/١٢ - في البحار : روي أنّ غلاماً له جنى جناية توجب العقاب، فأمر به أن يضرب فقال: يا مولاي( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) (١) قال: عفوت عنك.

قال: يا مولاي،( وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (٢) قال: أنت حرّ لوجه اللَّه، ولك ضعف ما كنت اُعطيك.(٣)

٩٣٧/١٣ - في الكافي : العدّة، عن البرقي، عن أبيه وعمرو بن عثمان جميعاً، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أباجعفر وأباعبداللَّه عليهما السلام يقولان: بينا الحسن بن عليّ عليهما السلام في مجلس أميرالمؤمنين عليه السلام إذ أقبل قوم فقالوا: يا أبامحمّد، أردنا أميرالمؤمنين عليه السلام قال: وما حاجتكم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسأله، قال: وما هي؟ تخبرونا بها.

فقالوا: امرأة جامعها زوجها، فلمّا قام عنها قامت بحموتها(٤) فوقعت على جارية بكر، فساحقتها فألقت النطفة فيها فحملت، فما تقول في هذا؟

فقال الحسن عليه السلام: معضلة وأبوالحسن لها، وأقول: فإن أصبت فمن اللَّه ثمّ من أميرالمؤمنين عليه السلام وإن أخطأت فمن نفسي، فأرجوا أن لا اُخطئ إن شاء اللَّه.

يعمد إلى المرأة فيوخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلة، لأنّ الولد لايخرج منها حتّى يشقّ فتذهب عذرتها، ثمّ ترجم المرأة، لأنّها محصنة وينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها، ويردّ إلى أبيه صاحب النطفة ثمّ تجلد الجارية الحدّ.

قال: فانصرف القوم من عند الحسن عليه السلام فلقوا أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: ما قلتم لأبي محمّد وما قال لكم؟ فأخبروه فقال: لو أنّني المسؤول ما كان عندى فيها أكثر ممّا قال ابني.(٥)

____________________

(١) آل عمران: ١٣٤.

(٢) آل عمران: ١٣٤.

(٣) البحار: ٣٥٢/٤٣ ورواه في مقتل الحسين عليه السلام: ١٣١.

(٤) بحموتها: أي قبل أن يبرد المني، منه رحمه اللَّه. وفي المناقب: بحرارة جماعة.

(٥) الكافي: ٢٠٢/٧ ح١، عنه البحار: ٣٥٢/٤٣ ح ٣٠، والوسائل: ٤٢٦/١٨ ح١.

٢٩٠

٩٣٨/١٤ - في الصراط المستقيم : غلظ رجل من بني اُميّة عليه وسبّه وسبّ أباه فدعا ربّه فقلبه اُنثى، [وسقطت لحيته]، وشاع أمره، فجاءت امرأته إلى الحسن عليه السلام تبكي فدعا اللَّه تعالى فعاد كما كان.(١)

٩٣٩/١٥ - وفيه : أنّه عليه السلام نزل تحت نخلة يابسة، فقال رفيقه: لو كان عليها(٢) رطب لأكلنا، فدعا ربّه فاخضرَّت وحملت وأكلوا.(٣)

٩٤٠/١٦ - قال أبوجعفر : حدّثنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد، قال: حدّثنا سلمة بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ الجاشي، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن أبي عروبة، عن سعد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري قال: رأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام وهو طفل والطير تظلّه، ورأيته يدعو الطير فتجيبه.(٤)

٩٤١/١٧ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : قال: حدّثنا محمّد بن سيرين قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون: لمّا فرغ عليّ بن أبي طالب عليه السلام من الجمل عرض له مرض، وحضرت الجمعة فتأخّر عنها، قال لابنه الحسن عليه السلام: انطلق يا بنيّ، فجمع بالناس(٥) فأقبل الحسن عليه السلام إلى المسجد فلمّا استقلّ على المنبر حمد اللَّه وأثنى عليه وتشهّد وصلّى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ قال:

أيّها الناس، [إنّ اللَّه] اختارنا بالنبوّة(٦) واصطفانا على خلقه، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم اللَّه لاينقصنا أحد من حقّنا شيئاً إلّا ينقصه(٧) اللَّه [من حقّه](٨) في

____________________

(١) الصراط المستقيم: ١٧٧/٢.

(٢) في المصدر: فيها.

(٣) الصراط المستقيم: ١٧٧/٢.

(٤) نوادر المعجزات: ١٠٠ ح٢، دلائل الإمامة: ١٦٦ ح٦، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٢/٣ ح ١٢.

(٥) في البحار: أجمع الناس فاجتمعوا.

(٦) في البحار: اختارنا لنفسه.

(٧) في البحار: انتقصه.

(٨) من البحار، وليس في المصدر.

٢٩١

عاجل دنياه وآجل آخرته، ولاتكون علينا دولة إلّا كانت لنا العاقبة( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) (١) .

ثمّ [نزل فـ](٢) جمع بالناس وبلغ أباه عليه السلام كلامه، فلمّا انصرف إلى أبيه عليه السلام نظر إليه فما ملك عبرته أن سالت على خدّيه، ثمّ استدناه إليه، فقبّل بين عينيه، وقال: بأبي أنت واُمّي( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) .(٤)

٩٤٢/١٨ - في دلائل الإمامة للطبري : بأسانيده المفصّلة عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليهما أنّها أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحسن والحسين عليهما السلام في مرضه الّذي تُوفّي فيه، فقالت: يا رسول اللَّه، إنّ هذين لم تورّثهما شيئاً.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أمّا الحسن عليه السلام فله هيبتي وسؤددي، وأمّا الحسين عليه السلام فله جرأتي وجودي.(٥)

٩٤٣/١٩ - وفيه : قال أبوجعفر: حدّثنا أبومحمّد سفيان، عن أبيه قال: أخبرنا الأعمش، عن كثير بن سلمة قال: رأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخرج من صخرة عسلاً ماذيّاً(٦) .

فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: أتُنكرون لابني هذا؟ وإنّه سيّد ابن سيّد، يصلح اللَّه به [بين] فئتين ويطيعه أهل السماء في سمائه، وأهل الأرض في أرضه.(٧)

____________________

(١) ص: ٨٨.

(٢) من البحار، وليس في المصدر.

(٣) آل عمران: ٣٤.

(٤) بشارة المصطفى: ٢٦٣، المناقب: ١١/٤، عنه البحار: ٣٥٥/٤٣.

(٥) دلائل الإمامة: ٦٨ ح٦، روضة الواعظين: ١٥٦، مقتل الخوارزمي: ١٠٥، كشف الغمّة:٥١٦/١، الخصال: ٧٧/١ ح ١٢٢، إعلام الورى: ٢١١، عنها البحار: ٢٦٣/٤٣ ح ١٠، المناقب:٣٩٦/٣، عنه البحار: ٢٩٣/٤٣ ح ٥٢، وتقدّم ص ٢٥٩ ح ٩١٤.

(٦) الماذي: العسل الأبيض.

(٧) دلائل الإمامة: ١٦٥ ح٥.

٢٩٢

٩٤٤/٢٠ - في الثاقب في المناقب : روى الأصبغ بن نباتة قال: دخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام عنده، وهو ينظر إليهما نظراً شديداً قلت له: بارك اللَّه لك في فتيانك، وبلّغ بهما أملهما فيك، وبلّغ بك أملك فيهما.

فقال عليه السلام: خرجت يوماً وصلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا انصرفت قلت: يا رسول اللَّه، إنّي كنت في ضيعة لي، فجئت نصف النهار وأنا جائع، مُعْيٍ، فسألت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل عندها شيء تطعمني؟ فقامت لتهيّأ شيثاً، فأقبل إبناك الحسن والحسين عليهما السلام مظهرين، يقولان: حسبنا(١) جبرئيل و رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: كيف حسبكما جبرئيل و رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟

فقال الحسن عليه السلام: كنت أنا في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسين عليه السلام في حجر جبرئيل، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجر جبرئيل، والحسين عليه السلام يثب من حجر جبرئيل إلى حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صدق ابناي، ما زلت أنا وجبرئيل نلهو بهما منذ أصبحنا حتّى زالت الشمس، قلت: ففي أيّ الصورة كان جبرئيل؟ قال: في الصورة الّتي كان ينزل عليَّ فيها.

وأمثال ذلك لاتحصى كثرة. وقد جعل اللَّه تعالى عليّاً أميرالمؤمنين علماً بين الإيمان والنفاق، وبين من ولد لرشده، وبين من ولد لغيّه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حبّك إيمان وبغضك نفاق.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لايحبّك إلّا مؤمن ولايبغضك إلّا منافق(٢) .(٣)

٩٤٥/٢١ - وفيه : في فصل ما يشاكل إحياء الموتى، عن جابر بن عبداللَّه قال:

____________________

(١) هكذا في المصدر، ولعلّ الصحيح حَبسنا، أي منعنا وأمسكنا. وكذا ما بعده.

(٢) وقال ابن حجر: وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري، قال: كنّا نعرف المنافقين ببغضهم عليّاً. الصواعق المحرقة: ١٢٢، سنن الترمذي: ٦٣٥/٥.

(٣) الثاقب في المناقب: ١٢٢ ح ٩.

٢٩٣

ولقد رأيت وحقّ اللَّه وحقّ رسوله من الحسن بن عليّ عليهما السلام أفضل وأعجب(١) [منها ومن الحسين بن عليّ عليهما السلام أفضل وأعجب منها].

أمّا الّذي رأيته من الحسن عليه السلام فهو: أنّه لمّا وقع [عليه] من أصحابه ما وقع وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه، واشتدّ ذلك على خواصّ أصحابه فكنت أحدهم فجئته فعذلته(٢) .

فقال: يا جابر، لا تعذلني، وصدّق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «إنّ إبني هذا سيّد، وإنّ اللَّه تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»(٣) فكأنّه لم يشف ذلك صدري، فقلت: لعلّ هذا شيء يكون بعد، وليس هذا هو الصلح مع معاوية، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذلالهم، فوضع يده على صدري وقال: شككت وقلت كذا.

قال: أتحبّ أن استشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [الآن] حتّى تسمع منه؟ فعجبت من قوله، إذ سمعت هدّه(٤) ، وإذا الأرض من تحت أرجلنا انشقّت، وإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ وجعفر وحمزة عليهم السلام قد خرجوا منها، فوثبت فزعاً مذعوراً.

فقال الحسن عليه السلام: يا رسول اللَّه، هذا جابر وقد عذلني بما قد علمت.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم لي: يا جابر، إنّك لاتكون مؤمناً حتّى تكون لأئمّتك مسلّماً، ولاتكون عليهم برأيك معترضاً، سلّم لابني الحسن ما فعل، فإنّ الحقّ فيه، إنّه دفع عن حياة المسلمين الإصطلام(٥) بما فعل، وما كان ما فعله إلّا عن أمر اللَّه وأمري.

____________________

(١) للحديث صدر ما ذكره المؤلّف.

(٢) العَذْل: الملامة.

(٣) تقدّم هذا الكلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في ضمن روايتين ٣ و ١٩ من الباب.

(٤) الهَدَّة: صوت وقوع الشيء الثقيل كالحائط ونحوه.

(٥) الإصطلام: الإستيصال.

٢٩٤

فقلت: قد سلّمت يا رسول اللَّه، ثمّ ارتفع في الهواء هو وعليّ وحمزة وجعفر عليهم السلام فما زلت أنظر إليهم حتّى انفتح لهم باب [من السماء] ودخلوها، ثمّ باب السماء الثانية، إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.(١)

٩٤٦/٢٢ - وفيه وكذا في العدد تأليف العلّامة رضي الدين عليّ بن يوسف: عن الباقر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن حذيفة قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل اُحد في جماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن عليّ عليهما السلام يمشي على هدوء [ووقار].

قال: فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرمقه(٢) من كان معه، فقال له بلال: يا رسول اللَّه، أما ترى بأحد؟(٣)

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ جبرئيل عليه السلام يهديه وميكائيل يسدّده، وهو ولدي والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرّه عيني بأبي هو، وقام صلى الله عليه وآله وسلم وقمنا معه وهو يقول: أنت تفّاحي، وأنت حبيبي وبهجة(٤) قلبي، وأخذ بيده فمشى معه، ونحن نمشي حتّى جلس وجلسنا حوله، فنظرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو لايرفع بصره عنه.

ثمّ قال: إنّه سيكون بعدي هادياً مهدياً، هدية من ربّ العالمين لي، ينبئ عنّي ويعرّف الناس آثاري ويحيي سنّتي، ويتولّى اُموري في فعله، وينظر اللَّه تعالى إليه ويرحمه، رحم اللَّه من عرف له ذلك وبرّني فيه، وأكرمني فيه.

فما قطع كلامه صلى الله عليه وآله وسلم حتّى أقبل إلينا أعرابيّ يجرّ هراوة(٥) له، فلمّا نظر إليه

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٣٠٦ ح١، معالم الزلفى: ٤١٤.

(٢) رَمَقه بعينه: أطال النظر إليه.

(٣) في الثاقب: ما ترى أحداً باُحد؟

(٤) في العدد: مهجة.

(٥) الهِراوة: العصا الضخمة.

٢٩٥

[رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] قال: قد جاءكم رجل يكلّمكم بكلام غليظ تقشعرّ منه جلودكم، وإنّه يسألكم عن اُمور إلّا أنّ لكلامه جفوة.

فجاء الأعرابيّ فلم يسلّم وقال: أيّكم محمّد؟ قلنا: ما تريد؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مهلاً، فقال: يا محمّد [قد كنت] أبغضك ولم أرك والآن قد ازددت لك بغضاً، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغضبنا لذلك، فأردنا [للأعرابيّ] إرادة فأومأ إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أمسكوا(١) ، فقال الأعرابيّ: [يا محمّد]، إنّك تزعم أنّك نبيّ وأنّك قد كذبت على الأنبياء، وما معك من دلائلهم(٢) شيء.

قال له: يا أعرابي، وما يدريك؟ قال: فخبّرني ببراهينك، قال: إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك، وكيف كنت في نادي(٣) قومك، وإن أردت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني، قال: أوَ يتكلّم العضو؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، يا حسن قم.

فازدرى الأعرابي نفسه(٤) وقال: هو لا يأتي ويأمر صبيّاً يكلّمني، قال: إنّك ستجده عالماً بما تريد.

فابتدر(٥) الحسن عليه السلام فقال: مهلاً يا أعرابي.

ما غبيّاً(٦) سألت وابن غبيّ

بل فقيهاً إذن وأنت الجهول

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي

شفاء الجهل ما سأل السؤول

وبحراً لا تقسّمه الدَّوالي

تراثاً كان أورثه الرسول

____________________

(١) في العدد: اسكتوا.

(٢) في العدد: من برهانك.

(٣) النادي: مكان مهيّأ لجلوس القوم فيه.

(٤) أي احتقره الأعرابي لصغر سنّه عليه السلام.

(٥) بَدَر إلى الشيء: أسرع.

(٦) غَبيّ: من له غَباوة وجَهل.

٢٩٦

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك(١) ، وخادعتك نفسك، غير أنّك لاتبرح حتّى تؤمن إن شاء اللَّه تعالى، فتبسّم الأعرابي وقال: هيهات.

فقال الحسن عليه السلام: قد اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور(٢) والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثاره، وزعمت أنّك قاتله، وكاف قومك مؤونته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك(٣) بيدك تؤمّه وتريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلّا ذلك، فأتيتنا خوفاً من أن يشتهروا بك(٤) وإنّما جئت لخير يراد بك.

اُنبّئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء(٥) إذ عصفت ريح شديدة اشتدّ منها ظلماؤها، وأطبقت(٦) سماؤها، وأعصر سحابها وبقيت محرنجماً(٧) كالأشقر إن تقدّم نُحر، وإن [تأخّر] عُقر(٨) لاتسمع لواطئ حسّاً، ولا لنافخ خرساً(٩) تدالت(١٠) عليك غيومها وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم

____________________

(١) عدوت طَوْرَك: جاوزت حدّك وحالك الّتي تليق به.

(٢) صنبور: أبتر لا عقب له، فإذا مات انقطع ذكره.

(٣) هكذا في العدد والبحار، وفي الثاقب: قضاتك، وفي الأصل: فتناتك.

(٤) في العدد: يشتهر، وفي الثاقب: يستهزؤا بك.

(٥) ضحياء: مضيئة لا غيم فيها.

(٦) في العدد والبحار: وأطلت.

(٧) محرنجماً: مجتمعاً، والمراد إنطوى على نفسه.

(٨) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة، وكان على فرس أشقر، يقول: إن جريت على طبعك فتقدّمت إلى العدوّ قتلوك، وإن أسرعت فتأخّرت منهزماً أتوك من ورائك فعقروك، فأثبت وألزم الوقار، هامش العدد والبحار، عن مجمع الأمثال: ١٤٠/٢.

(٩) خَرِسَ: انعقد لسانه عن الكلام. خرس السحاب: خلا من الرعد والبرق. خرس الماء: لم يُسمع لجريه صَوْتٌ.

(١٠) في البحار: تراكمت، وفي الأصل: تركت.

٢٩٧

لامع، تقطع محجّة وتهبط لجّة بعد لجّة [في] ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعداً [ازددت بعداً](١) الريح تخطفك، والشوك تخبطك في ريح عاصف وبرق خاطف، قد أوحشتك قفارها(٢) وقطعتك سلامها فانصرفت(٣) فإذا أنت عندنا، فقرّت عينك، وظهرت زينك(٤) وذهب أنينك.

قال: [من أين قلت] يا غلام هذا؟ كأنّك قد كشفت عن سويداء قلبي(٥) وكأنّك كنت شاهدي وما خفي عليك شيء من أمري، وكأنّك عالم الغيب، يا غلام لقّني الإسلام.

فقال الحسن عليه السلام: اللَّه أكبر، قل: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لاشريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه وسرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسرّ المسلمون وعلّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً من القرآن.

فقال: يا رسول اللَّه، أرجع إلى قومي واُعرّفهم ذلك؟ فأذن له فانصرف، ثمّ رجع ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام.

وكان الحسن عليه السلام إذا نظر إليه الناس قالوا: لقد اُعطي هذا ما لم يعط أحد من العالمين.(٦)

٩٤٧/٢٣ - وفيه وفي الخرائج أيضاً: وروي أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام كان في الرحبة فقام إليه رجل وقال: أنا من رعيّتك وأهل بلادك.

____________________

(١) في الثاقب: وأرادت الريح.

(٢) في العدد: آكامها.

(٣) في العدد: فأبصرت.

(٤) في بعض نسخ الثاقب: ذهنك، وفي العدد: رينك.

(٥) في البحار: سويد قلبي، وفي الأصل: سويداء ما في قلبي.

(٦) الثاقب في المناقب: ٣١٦ ح٣، عنه مدينة المعاجز: ٣٥٩/٣ ح ٨٩، العدد القويّة: ٤٢ ح ٦٠عنه البحار: ٣٣٣/٤٣ ح٥ والسند فيهما هكذا: حدّث أبو يعقوب يوسف بن الجرّاح، عن رجاله، عن حذيفة بن اليمان.

٢٩٨

فقال عليه السلام: لست من رعيّتي ولا من [أهل] بلادي، وإنّ ابن الأصفر(١) بعث إلى معاوية بمسائل أقلقته، فأرسلك إليّ بها، قال: صدقت يا أميرالمؤمنين، وكان في خفية وأنت قد اطّلعت عليها ولم يعلم غير اللَّه.

قال عليه السلام: سل أحد ابنيَّ هذين، فقال: أسأل ذا الوفرة(٢) يعني الحسن عليه السلام فأتاه.

فقال عليه السلام: جئت لتسأل(٣) كم بين الحقّ والباطل؟ وكم بين السماء والأرض؟وكم بين المشرق والمغرب؟ وما قوس قُزَح؟ و [ما] المؤنّث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض؟

قال الحسن عليه السلام: نعم، بين الحقّ والباطل أربعة أصابع، فما رأيته بعينك فهو الحقّ وما سمعته(٤) باُذنيك باطل كثير، وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ومدّ البصر وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس، وقُزَح اسم الشيطان(٥) ، لا تقل: قوس قُزَح، هو قوس اللَّه، وعلامة الخصب، وأمان لأهل الأرض من الغرق.

و [أمّا] المؤنّث(٦) فهو [مَن] لايدري أذكر هو أم اُنثى، فإنّه سينظر فيه(٧) فإن كان ذكراً احتلم، وإن كان اُنثى حاضت وبدا ثديها، [و] إلّا قيل له: بُل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انكتص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة.

وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض، فأشدّ شيء خلقه اللَّه الحجر [و] أشدّ

____________________

(١) ابن الأصفر: كناية عن ملك الروم، قيل: سمّي بذلك لأنّ أباه الأوّل كان أصفر اللون.

(٢) الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الاُذن.

(٣) في الأصل وبعض نسخ المصدر: أسألك.

(٤) في الأصل وبعض النسخ: وما تسمعه باُذنك باطل كثيراً، وفي الخرائج: وقد تسمع باُذنيك باطلاً كثيراً.

(٥) في الثاقب: للشيطان.

(٦) الخنثى، خ.

(٧) في المصدر: ينتظر فيه، وفي الخرائج: ينتظر به.

٢٩٩

منه الحديد يقطع به الحجر، وأشدّ من الحديد النار تذيب الحديد، وأشدّ من النار الماء، يطفئ النار، وأشدّ من الماء السحاب [يحمل الماء]، وأشدّ من السحاب الريح تحمل السحاب، وأشدّ من الريح الملك الّذي يردّها، وأشدّ من الملك ملك الموت الّذي يميت الملك، وأشدّ من ملك الموت الموت الّذي يميت ملك الموت، وأشدّ من الموت أمر اللَّه تعالى [الّذى] يدفع الموت.(١)

٩٤٨/٢٤ - في المناقب : القاضي النعمان في شرح الأخبار، بالإسناد عن عبادة ابن صامت، ورواه جماعة عن غيره أنّه سأل أعرابيّ أبابكر فقال: إنّي أصبت بيض نعام فشوّيته وأكلته وأنا محرم فما يجب عليّ؟ فقال له: يا أعرابيّ أشكلت عليّ في قضيّتك، فدلّه على عمر، ودلّه عمر على عبدالرحمان، فلمّا عجزوا قالوا: عليك بالأصلع.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: سل أيّ الغلامين شئت؟

فقال الحسن عليه السلام: يا أعرابيّ ألك إبل؟ قال: نعم، قال: فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقاً فاضربهنّ بالفحول، فما فصل منها فأهده إلى بيت اللَّه العتيق الّذي حججت إليه.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إنّ من النوق السلوب ومنها ما يزلق، فقال: إن يكن من النوق السلوب وما يزلق فإنّ من البيض ما يمرق.

قال: فسمع صوت: معاشر الناس إنّ الّذي فهم هذا الغلام هو الّذي فهّما سليمان بن داود عليهما السلام.(٢)

بيان : السلوب من النوق الّتي ألقت ولدها بغير تمام، وأزلقت الناقة: أسقطت، والمراد هنا ما تسقط النطفة، ومرقت البيضة: فسدت.

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٣١٩ ح٤، الخرائج: ٥٧٢/٢ ح٢، عنه البحار: ٣٢٥/٤٣ ح٥، ورواه في الصراط المستقيم: ١٧٨/٢ مختصراً.

(٢) المناقب: ١٠/٤، عنه البحار: ٣٥٤/٤٣ ح ٢٢.

٣٠٠