القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41441
تحميل: 5000


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41441 / تحميل: 5000
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٩٤٩/٢٥ - في العدد لاخ العلّامة قدس سره : قيل: طعن أقوام من أهل الكوفة في الحسن بن عليّ عليهما السلام فقالوا: إنّه عيٌّ(١) لايقوم بحجّة، فبلغ ذلك أميرالمؤمنين عليه السلام فدعا الحسن فقال: يا بن رسول اللَّه، إنَّ أهل الكوفة قد قالوا فيك مقاله أكرهها، قال: ومايقولون يا أميرالمؤمنين؟ قال: يقولون: إنّ الحسن بن عليّ عيُّ اللسان لايقوم بحجّة، وإنّ هذه الأعواد فأخبر الناس.(٢)

فقال: يا أميرالمؤمنين عليه السلام لاأستطيع الكلام وأنا أنظر إليك، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إنّي متخلّف عنك، فناد أنّ الصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون فصعد عليه السلام المنبر، فخطب خطبة بليغة وجيزة، فضجّ المسلمون بالبكاء.

ثمّ قال: أيّها الناس، اعقلوا عن ربّكم( إِنَّ اللَّـهَ - عزّوجلّ -اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) فنحن الذرّيّة من آدم، والاُسرة من نوح، والصفوة من إبراهيم، والسلالة من إسماعيل، وآل من محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

نحن فيكم كالسماء المرفوعة، والأرض المدحوَّة، والشمس الضاحية، وَكالشجرة الزيتونة، لاشرقيّة ولاغربيّة، الّتي بورك زيتها، النبيّ أصلها، وعليّ فرعها، ونحن واللَّه، ثمرة تلك الشجرة، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا، ومن تخلّف عنها فإلى النار هوى.

فقام أميرالمؤمنين عليه السلام من أقصى الناس يسحب رداءَه من خلفه، حتّى علا المنبر مع الحسن عليه السلام فقبّل بين عينيه.

ثمّ قال: يابن رسول اللَّه، أثبتَّ على القوم حجّتك، وأوجبت عليهم طاعتك،

____________________

(١) عيّ: من عجز عن التعبير اللفظي بما يفيد المعنى المقصود.

(٢) في الأصل: والمنبر حاضر، فأصعد عليه، فأخبر الناس.

(٣) آل عمران: ٣٤ - ٣٣.

٣٠١

فويل لمن خالفك.(١)

٩٥٠/٢٦ - في تفسير فرات قال : حدّثني عبيد بن كثير قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: قام رجل إلى عليّ عليه السلام فقال: يا أميرالمؤمنين، أخبرنا عن الناس وأشباه الناس والنسناس؟ قال: فقال عليّ عليه السلام: أجبه يا حسن.

فقال له الحسن عليه السلام: سألت عن الناس فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس، لأنّ اللَّه [تعالى] يقول:( ثُمَّ أَفيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) (٢) ونحن منه، وسألت عن أشباه الناس فهم شيعتنا، وهم منّا وهم أشباهنا، وسألت عن النسناس فهم هذا السواد الأعظم وهو قول اللَّه [تعالى] في كتابه:( إِنْ هُمْ إِلّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبيلاً ) (٣) .(٤)

فائدة : في بعض كتب الإماميّة نسب هذا البيت إلى الحسن المجتبى صلوات اللَّه عليه.

أغن عن المخلوق بالخالق

تغن عن الكاذب بالصادق

واسترزق الرحمان من فضله

فليس غير اللَّه من رازق(٥)

____________________

(١) العدد القويّة: ٣١ ح ٢١، عنه البحار: ٣٥٨/٤٣ ح ٣٧.

(٢) البقرة: ١٩٩.

(٣) الفرقان: ٤٤.

(٤) تفسير فرات: ٦٤ ح ٣٠.

(٥) في مناقب الخوارزمي: ١٤٧ نسب إلى الحسين عليه السلام.

٣٠٢

الباب الخامس

في ذكر قطرة من بحر مناقب

رضيع الوحي وفطيم العلم والشرف الجليل

الحسين الشهيد سيّد الشهداء صلوات الله عليه

٩٥١/١ - في الأمالي للشيخ قدس سره : بأسانيده المفصّلة، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أباجعفر وجعفر بن محمّد عليهما السلام يقولان: إنّ الله تعالى عوّض الحسين عليه السلام من قتله أن جعل الإمامة في ذرّيّته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعدّ أيّام زائريه جائياً وراجعاً من عمره.

قال محمّد بن مسلم: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هذه الخلال تنال بالحسين عليه السلام فماله في نفسه؟

قال: إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فكان معه في درجته ومنزلته، ثمّ تلا أبوعبد الله عليه السلام:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الآية(١) .(٢)

____________________

(١) الطور: ٢١.

(٢) أمالي الطوسي ٣١٧ ح ٩١ المجلس الحادي عشر، عنه البحار: ٢٢١/٤٤ ح١.

٣٠٣

أقول : ورواه أيضاً الطبري في بشارة المصطفى.(١)

٩٥٢/٢ - في البحار، وكذا في الخصائص الحسينيّة : وقد رأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوماً صبيّاً في الطريق، فجلس وأخذ [ه] ويلاطف معه، فسئل عن ذلك.

فقال: إنّي اُحبّه، لأنّه يحبّ ولدي الحسين عليه السلام، لأنّي رأيت أنّه يرفع التراب من تحت أقدامه ويضعه على وجهه، وأخبرني جبرئيل أنّه يكون من أنصاره في وقعة كربلا.(٢)

٩٥٣/٣ - في الكامل : أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد القمّاط، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

بينا(٣) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منزل فاطمة عليها السلام والحسين عليه السلام في حجره إذ بكى وخرّ ساجداً ثمّ قال: يا فاطمة يا بنت محمّد، إنّ العليّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذا [في](٤) ساعتي هذه في أحسن صورة وأهيأ هيئة، وقال لي: يا محمّد، أتحبّ الحسين عليه السلام؟ فقلت: نعم قرّه عيني، وريحانتي، وثمرة فؤادي، وجلدة ما بين عيني.

فقال لي: يا محمّد - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قاتله(٥) وناصبه وناواه ونازعه.

أما إنّه سيّد الشهداء من الأوّلين والآخرين في الدنيا والآخرة، وسيّد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين، وأبوه أفضل منه وخير، فاقرأه السلام، وبشّره بأنّه

____________________

(١) بشارة المصطفى: ٢١١.

(٢) البحار: ٢٤٢/٤٤ ح ٣٦ (نحوه)، الخصائص الحسينيّة: ٥٣.

(٣) في كامل الزيارات: بينما.

(٤) ليس في البحار.

(٥) في كامل الزيارات والبحار: قتله.

٣٠٤

راية الهدى، ومنار أوليائي وحفيظي وشهيدي على خلقي وخازن علمي وحجّتي على أهل السماوات وأهل الأرضين والثقلين الجنّ والإنس.(١)

بيان : «إنّ العليّ الأعلى» أي: رسوله جبرئيل، أو يكون «الترائي» كناية عن غاية الظهور العلمي، و«حسن الصورة» كناية، عن ظهور صفات كماله تعالى له و«وضع اليد» كناية عن إفاضة الرحمة.

٩٥٤/٤ - في دلائل الإمامة للطبري : حدّثنا أبومحمّد عبد الله بن محمّد قال: حدّثنا سعيد بن شرفي بن القطامي، عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان قال:

شهدت الحسين بن عليّ عليهما السلام وقد اشتهى عليه ابنه عليّ الأكبر عليه السلام عنباً في غير أوانه فضرب يده إلى سارية المسجد فأخرج له عنباً وموزاً فأطعمه، وقال: ما عند الله لأوليائه أكثر.(٢)

٩٥٥/٥ - وفيه: قال أبو جعفر: وحدّثنا سفيان بن وكيع، [عن أبيه]، عن الأعمش قال: سمعت أبا صالح السمّان يقول: سمعت حذيفة يقول: سمعت الحسين بن عليّ عليهما السلام يقول:

و الله ليجتمعنّ على قتلى طُغاة بني اُميّة، ويقدمهم عمر بن سعد، وذلك في حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: لا.

فأتيت(٣) النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: علمي علمه، وعلمه علمي وإنّا(٤) لنعلم بالكائن قبل كينونته.(٥)

٩٥٦/٦ - وفيه : بإسناده عن المفضّل بن عمر قال: قال أبوعبد الله عليه السلام: لمّا مُنِع

____________________

(١) كامل الزيارات: ١٤١ ح ١ (قطعة) و١٤٧ ح ٦، عنه البحار: ٢٣٨/٤٤ ح ٢٩.

(٢) دلائل الإمامة: ١٨٣ ح ٥.

(٣) في البحار: فقال: فأتيت.

(٤) في البحار: لأنّا.

(٥) دلائل الإمامة: ١٨٣ ح ٦، عنه البحار: ١٨٦/٤٤ ح١٤.

٣٠٥

الحسين عليه السلام وأصحابه من الماء نادى فيهم: مَن كان ظمآن فليجئ. فأتاه أصحابه رجلاً رجلاً فجعل إبهامه في فم واحد فلم يزل يشرب الرجل بعد الرجل حتّى ارتووا كلّهم، فقال بعضهم [لبعض]: و الله، لقد شربت شراباً ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا.

فلمّا عزموا على القتال في الغد أقعد الحسين عليه السلام عند المغرب رجلاً رجلاً يسمّيهم بأسمائهم وأسماء آبائهم(١) [فيجيبه الرجل بعد الرجل فيقعدون حوله].

ثمّ دعا بمائدة فأطعمهم وأكل معهم تلك من طعام الجنّة وسقاهم من شرابها.(٢)

[ثمّ] قال أبوعبد الله عليه السلام: ولقد و الله رآهم(٣) عدّة من الكوفيّين [ولقد كرّر عليهم] لو عقلوا.

قال: ثمّ أرسلهم فعاد كلّ واحد منهم إلى بلاده، ثمّ أتى جبل رضوى فلا يبقى أحد من المؤمنين إلّا أتاه، وسيقيم هنا لك على سرير من نور، قد حفّ به إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء عليهم السلام، ومن ورائهم المؤمنون، [ومن ورائهم الملائكة] ينظرون ما يقول الحسين عليه السلام.

[قال:] فهم بهذا الحال حتّى يقوم المهدي عليه السلام(٤) ، فإذا قام القائم عليه السلام وافوا فيما بينهم الحسين عليه السلام [حتّى يأتي كربلاء] ووافوا الحسين عليه السلام، فلا يبقى [أحد] سماويّ ولا أرضيّ من المؤمنين إلّا حفّ به، [و] يزوره ويصافحه ويقعد معه على السرير.

____________________

(١) في المصدر: فلمّا قاتلوا الحسين عليه السلام، وكان في اليوم الثالث عند المغرب، أقعد الحسين عليه السلام رجلاً رجلاً منهم فيسمّيهم بأسماء آبائهم.

(٢) في المصدر: ثمّ يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنّة ويسقيهم من شرابها.

(٣) في المصدر: و الله، لقد رآهم.

(٤) في المصدر: إلى أن يقوم القائم عليه السلام.

٣٠٦

يا مفضّل، هذه و الله الرفعة الّتي ليس فوقها شيء ولا دونها شيء ولا وراءها لطالب مطلب.(١)

٩٥٧/٧ - في الثاقب في المناقب : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لمّا عزم الحسين [بن عليّ] عليهما السلام على الخروج إلى العراق أتيته، فقلت [له]: أنت ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحد سبطيه، لا أرى إلّا أنّك تصالح كما صالح أخوك الحسن عليه السلام فإنّه كان موفّقاً رشيداً(٢) .

فقال لي: يا جابر، قد فعل أخي ذلك بأمر الله وأمر رسوله، وإنّي أيضاً أفعل بأمر الله وأمر رسوله، أتريد أن استشهد لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [وعليّاً عليه السلام] وأخي الحسن بذلك الآن؟

ثمّ نظرت فإذا السماء قد انفتح بابها، وإذا رسول الله وعليّ والحسن وحمزة وجعفر وزيد نازلين عنها حتّى استقرّوا على الأرض، فوثبت فزعاً مذعوراً.

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جابر، ألم أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين: لاتكون مؤمناً حتّى تكون لأئمّتك مسلّماً، ولاتكن معترضاً؟ أتريد أن ترى [إلى](٣) مقعد معاوية ومقعد الحسين [ابني] ومقعد يزيد قاتله لعنه الله؟ قلت: بلي يا رسول الله.

فضرب برجله الأرض فانشقّت [وظهر بحر فانفلق، ثمّ ضرب فانشقّت] هكذا حتّى انشقّت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر، فرأيت من تحت ذلك كلّه النار، وفيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة وأبوجهل ومعاوية الطاغية ويزيد، وقرن بهم مردة الشياطين، فهم أشدّ أهل النار عذاباً.

ثمّ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارفع رأسك، فرفعت فإذا أبواب السماء منفتحة،

____________________

(١) دلائل الإمامة: ١٨٨ ح ١٤.

(٢) في المصدر: راشداً.

(٣) ليس في المصدر.

٣٠٧

وإذا الجنّة أعلاها.

ثمّ صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه إلى السماء فلمّا صار في الهواء صاح بالحسين: يا بنيّ، ألحقني، فلحقه الحسين عليه السلام وصعدوا حتّى رأيتهم دخلوا الجنّة من أعلاها.

ثمّ نظر إليّ من هناك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقبض على يد الحسين، وقال: يا جابر، هذا ولدي معي هاهنا فسلّم له أمره، ولاتشكّ لتكون مؤمناً.

قال جابر: فعميت عيناي إن لم أكن رأيت ما قلت [من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم].(١)

٩٥٨/٨ - وفيه : عن محمّد بن سنان، عن الرضا عليه السلام قال: هبط على الحسين عليه السلام ملك وقد شكى إليه أصحابه العطش، فقال: إنّ الله يقرئك السلام و(٢) يقول: هل لك من حاجة؟

فقال الحسين عليه السلام: [هو السلام] ومن ربّي السلام، وقال: قد شكى إليّ أصحابي - ما هو أعلم به [منّي - من] العطش.

فأوحى الله تعالى إلى الملك: قل للحسين: خطّ لهم بإصبعك خلف ظهرك يرووا، فخطّ الحسين عليه السلام بإصبعه السبّابة فجرى نهر أبيض من اللبن، وأحلى من العسل فشرب منه [هو] وأصحابه.

فقال الملك: يابن رسول الله، تأذن لي أن اشرب منه [فإنّه] لكم خاصّة، وهو الرحيق المختوم الّذي( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (٣) .

قال الحسين عليه السلام: إن كنت تحب أن تشرب منه فدونك.(٤)

٩٥٩/٩ - وفيه : عن محمّد بن سنان قال: سئل عليّ بن موسى [الرضا] عليهما السلام، عن الحسين بن عليّ عليهما السلام وأنّه قتل عطشاناً؟ قال: مه، من أين ذلك؟ وقد بعث الله تعالى إليه أربعة أملاك من عظماء الملائكة، هبطوا إليه وقالوا [له]: الله ورسوله

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٣٢٢ ح١.

(٢) في المصدر: وهو.

(٣) المطفّفين: ٢٦.

(٤) الثاقب في المناقب: ٣٢٧ ح٢.

٣٠٨

يقرءان عليك السلام ويقولان: إختر إن شئت إمّا تختار الدنيا بأسرها [وما فيها] ونمكّنك من كلّ عدوّ لك، أو الرفع إلينا.

فقال الحسين عليه السلام: على الله السلام وعلى رسول الله السلام، بل الرفع [الأعلى](١) إليه.ودفعوا إليه شربة من الماء فشربها، فقالوا له: أما إنّك لا تظمأ بعدها أبداً.(٢)

يقول مؤلّف القطرة: هذا الحديث لاينافي ما وقع في بعض الزيارات: «يا قتيل الظماء»ونحوه، وبعض الأخبار الدالّة على عطشه صلوات الله عليه، لأنّه يمكن وقوعه قريباً من موته صلوات الله عليه، ووقوع ذاك قبله بمدّة قريبة.

٩٦٠/١٠ - عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما، قال الحسين بن عليّ عليهما الصلاة والسلام : ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد.

قلت: أنّي يكون ذلك وهم يموتون على فرشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب الله:( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ ) (٣) .

ثمّ قال عليه السلام: لو لم تكن الشهادة إلّا لمن قتل بالسيف لأقلّ الله الشهداء.(٤)

٩٦١/١١ - في الخرائج : روي: أنّه لمّا ولد الحسين عليه السلام أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط في ملأ من الملائكة فيهنّىء محمّداً، فهبط فمرّ بجزيرة فيها ملك يقال له: فطرس بعثه الله في شيء فأبطأ فكسر جناحه، فألقاه في تلك الجزيرة، فعبد الله سبعمائة عام، فقال فطرس لجبرئيل: إلى أين؟ فقال: إلى محمّد، قال: أحملني معك لعلّه يدعو لي.

فلمّا دخل جبرئيل وأخبر محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم بحال فطرس، قال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: قل

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الثاقب في المناقب: ٣٢٧ ح١.

(٣) الحديد: ١٩.

(٤) دعوات الراوندي: ٢٤٢ ح ٦٨١، عنه البحار:١٧٣/٨٢ ضمن ح ٦. وأورده أيضاً في البحار: ٥٣/٦٧ (نحوه).

٣٠٩

له: يتمسّح(١) بهذا المولود [جناحه]، فتمسّح(٢) فطرس بمهد الحسين عليه السلام، فأعاد الله عليه في الحال جناحه، ثمّ ارتفع مع جبرئيل إلى السماء [فسمّي عتيق الحسين عليه السلام].(٣)

٩٦٢/١٢ - في المناقب : زرارة بن أعين قال: سمعت أباعبد الله عليه السلام يحدّث عن آبائه عليهم السلام: أنّ مريضاً شديد الحمّى عاده الحسين عليه السلام فلمّا دخل من باب الدار طارت الحمّى عن الرجل، فقال له: رضيت بما اُوتيتم به حقّاً حقّاً والحمّى تهرب عنكم.

فقال له الحسين عليه السلام: و الله ما خلق الله شيئاً إلّا وقد أمره بالطاعة لنا.

قال: فإذا [نحن](٤) نسمع الصوت ولانرى الشخص، يقول: لبّيك قال: أليس أميرالمؤمنين عليه السلام أمرك أن لاتقربي إلّا عدوّاً أو مذنباً لكي تكوني كفّارةً لذنوبه فما بال هذا؟

فكان المريض عبد الله بن شدّاد بن الهادي الليثي.(٥)

٩٦٣/١٣ - في تهذيب الشيخ قدس سره : محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن أيّوب بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

إنّ امرأة كانت تطوف وخلفها رجل فأخرجت ذراعها فمال بيده حتّى وضعها على ذراعها، فأثبت الله يد الرجل في ذراعها حتّى قطع الطواف واُرسل إلى الأمير واجتمع الناس وأرسل إلى الفقهاء فجعلوا يقولون: اقطع يده فهو الّذي جنى الجناية.

____________________

(١) في المصدر: يمسح.

(٢) في المصدر: فمسح

(٣) الخرائج: ٢٥٢/١ ح٦، عنه البحار: ١٨٢/٤٤ ح٧.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) المناقب: ٥١/٤، عنه البحار: ١٨٣/٤٤ ح٨.

٣١٠

فقال: هاهنا أحد من ولد محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالوا: نعم، الحسين بن عليّ عليهما السلام قدم الليلة.

فأرسل إليه فدعاه فقال: انظر ما لقي ذان؟ فاستقبل القبلة(١) ورفع يديه فمكث طويلاً يدعو، ثمّ جاء إليهما حتّى خلّص(٢) يده من يدها.

فقال الأمير: ألا تعاقبه(٣) بما صنع؟ قال: لا.(٤)

٩٦٤/١٤ - في البحار : حدّث جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن أخيه قال: شهدت يوم الحسين عليه السلام فأقبل رجل من [بني](٥) تيم يقال له: عبد الله بن جويرة، فقال: يا حسين. فقال عليه السلام: ما تشاء؟ فقال: أبشر بالنار.

فقال عليه السلام: كلّا إنّي أقدم على ربّ غفور، وشفيع مطاع، وأنا من خير إلى خير من أنت؟ قال: أنا [ابن] جويرة.

فرفع يده الحسين عليه السلام حتّى رأينا بياض إبطيه وقال: اللهمّ جرّه إلى النار.

فغضب ابن جويرة فحمل عليه فاضطرب به فرسه في جدول وتعلّق رجله بالركاب ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فأخذ يعدو به ويضرب رأسه بكلّ حجر وشجر وانقطعت قدمه وساقه وفخذه، وبقي جانبه الآخر متعلّقاً في الركاب فصار لعنه الله إلى نار الجحيم.(٦)

٩٦٥/١٥ - في جامع الأخبار : في أسانيد أخطب [خوارزم] أورده في كتاب له في مقتل آل الرسول: أنّ أعرابيّاً جاء إلى الحسين بن عليّ عليهما السلام فقال: يابن رسول الله، قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائه، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

____________________

(١) في المناقب والبحار: الكعبة.

(٢) في المناقب: ثمّ جاء إليها حتّى تخلصت.

(٣) في المناقب: نعاقبه.

(٤) المناقب: ٥١/٤، والبحار: ١٨٣/٤٤ ح ١٠.

(٥) ليس في البحار.

(٦) البحار: ١٨٧/٤٤ ضمن ح ١٦.

٣١١

فقال الحسين عليه السلام: يا أخا العرب، أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن إثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكلّ أعطيتك الكلّ؟

فقال الأعرابيّ: يابن رسول الله، أمثلك يسأل عن مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟

فقال الحسين عليه السلام: بلى، سمعت جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: المعروف بقدر المعرفة.

فقال الأعرابي: سل عمّا بدا لك، فإن أجبت وإلّا تعلّمت منك، ولا قوّة إلّا بالله.

فقال الحسين عليه السلام: أيّ الأعمال أفضل؟

فقال الأعرابي: الإيمان بالله.

فقال الحسين عليه السلام: فما النجاة من المهلكة؟

فقال الأعرابي: الثقة بالله.

فقال الحسين عليه السلام: فما يزيّن الرجل؟

فقال الأعرابي: علم معه حلم.

فقال: فإن أخطأه ذلك؟

فقال: مال معه مروءة.

فقال: فإن أخطأه ذلك؟ فقال: فقر معه صبر.

فقال الحسين عليه السلام: فإن أخطأه ذلك؟

فقال الأعرابي: فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه، فإنّه أهل لذلك.

فضحك الحسين عليه السلام ورمى بصرّة إليه فيه ألف دينار، وأعطاه خاتمه وفيه فصّ قيمته مائتا درهم.

وقال: يا أعرابي، أعط الذهب إلى غرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك،

٣١٢

فأخذ الأعرابي، وقال:( اللَّـهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (١) الآية.(٢)

٩٦٦/١٦ - في البحار : روي [في] بعض مؤلّفات أصحابنا عن أبي سلمة قال: حججت مع عمر بن الخطّاب، فلمّا صرنا بالأبطح فإذا بأعرابيّ قد أقبل علينا، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّي خرجت وأنا حاجّ محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت وشوّيت وأكلت، فما يجب عليّ؟ قال: ما يحضرني في ذلك شيء، فاجلس لعلّ الله يفرِّج عنك ببعض أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

فإذا أميرالمؤمنين عليه السلام قد أقبل و الحسين عليه السلام يتلوه، فقال عمر: يا أعرابي، هذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام فدونك ومسألتك.

فقام الأعرابي وسأله، فقال عليّ عليه السلام: يا أعرابي، سل هذا الغلام عندك يعني الحسين عليه السلام.

فقال الأعرابي: إنّما يحيلني كلّ واحد منكم على الآخر، فأشار الناس إليه: ويحك، هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاسأله.

فقال الأعرابي: يابن رسول الله، إنّي خرجت من بيتي حاجّاً [محرماً](٣) - وقصّ عليه القصّة - فقال له الحسين عليه السلام: ألك إبل؟ قال: نعم. قال:خذ بعدد البيض الّذي أصبت نوقاً(٤) فاضربها بالفحولة، فما فصلت فاهدها إلى بيت الله الحرام.

فقال عمر: يا حسين، النوق يزلقن؟(٥) فقال الحسين عليه السلام: يا عمر، إنّ البيض يمرقن(٦) . فقال:صدقت وبررت.

____________________

(١) الأنعام: ١٢٤.

(٢) جامع الأخبار: ١٣٧، مع اختلاف يسير، عنه البحار:١٩٦/٤٤ ح ١١.

(٣) ليس في البحار.

(٤) الناقة: الاُنثى من الإبل، جمعة: ناقٌ ونوقٌ.

(٥) أَزْلَقَتِ الحامل: أسقطت الجنين.

(٦) مَرِقَتِ البيضة مَرَقاً: فسدت فصارت ماءاً.

٣١٣

فقام عليّ عليه السلام وضمّه إلى صدره وقال:( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) .(٢)

٩٦٧/١٧ - في كمال الدين : ماجيلويه، عن عمّه، عن البرقي، عن الكوفي، عن أبي الربيع الزهراني، عن جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: قال ابن عبّاس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:

إنّ للَّه تبارك وتعالى ملكاً يقال له: «دردائيل» كان له ستّة عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح هواء، والهواء كما بين السماء [إلى] والأرض.

فجعل يوماً يقول في نفسه: أفوق ربّنا جلّ جلاله شيء؟ فعلم الله تبارك وتعالى ما قال، فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح، ثمّ أوحى الله عزّوجلّ إليه: أن طر، فطار مقدار خمسمائة(٣) عام، فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش.

فلمّا علم الله عزّوجلّ إتعابه أوحى إليه: أيّها الملك عد إلى مكانك، فأنا عظيم فوق كلّ عظيم، وليس فوقي شيء، ولا اُوصف بمكان، فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة.

فلمّا ولد الحسين بن عليّ عليهما السلام وكان مولده عشيّة الخميس ليلة الجمعة أوحى الله إلى مالك خازن النيران(٤) : أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأوحى إلى رضوان خازن الجنان: أن زخرف الجنان: وطيّبها لكرامة مولود ولد لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا، وأوحى [الله تبارك وتعالى] إلى حورالعين: أن تزيّن وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا.

وأوحى الله إلى الملائكة: أن قوموا صفوفاً بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير، لكرامة مولود ولد لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا.

وأوحى الله عزّوجلّ إلى جبرئيل: أن أهبط إلى نبيّي محمّد في ألف قبيل،

____________________

(١) آل عمران: ٣٤.

(٢) البحار: ١٩٧/٤٤ ح ١٢.

(٣) في المصدر: خمسين.

(٤) في المصدر: النار.

٣١٤

في(١) القبيل ألف ألف ملك على خيول بُلق مسرّجة ملجمة، عليها قباب الدرّ والياقوت، معهم ملائكة يقال لهم: الروحانيّون، بأيديهم حراب(٢) من نور أن تهنؤا(٣) محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم بمولوده.

وأخبره يا جبرئيل، إنّي قد سمّيته الحسين [وهنّئه] وعزّه وقل له: يا محمّد، يقتله شرار اُمّتك على شرار الدوابّ، فويل للقاتل، وويل للسائق، وويل للقائد، قاتل الحسين عليه السلام أنا منه بريء وهو منّي بريء، لأنّه لايأتي أحد يوم القيامة إلّا وقاتل الحسين عليه السلام أعظم جرماً منه، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الّذين يزعمون أنّ مع الله إلهاً آخر، والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممّن أطاع الله إلى الجنّة.

قال: فبينما(٤) جبرئيل يهبط من السماء إلى الأرض، إذ مرّ بدردائيل، فقال له دردائيل: يا جبرئيل، ما هذه الليلة في السماء؟ هل قامت القيامة على أهل الدنيا؟

قال: لا، ولكن ولد لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم مولود في دار الدنيا، وقد بعثني الله إليه لاُهنّئه بمولوده.

فقال الملك له: يا جبرئيل، بالّذي خلقك وخلقني إن هبطت إلى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فأقرأه منّي السلام وقل له: بحقّ هذا المولود عليك إلّا ما سألت الله ربّك أن يرضى عنّي ويردّ عليّ أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة.

فهبط جبرئيل عليه السلام على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهنّأه كما أمره الله عزّوجلّ وعزّاه، فقال [له] النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: تقتله اُمّتي؟ قال: نعم [يا محمّد]. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: ما هؤلاء باُمّتي، أنا بريء منهم و الله [عزّوجلّ] بريء منهم، قال جبرئيل: وأنا بريء منهم يا محمّد.

فدخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام وهنّأها وعزّاها فبكت فاطمة عليها السلام وقالت: يا

____________________

(١) في المصدر: والقبيل.

(٢) في المصدر: أطباق.

(٣) في المصدر والبحار: هنّئوا.

(٤) في المصدر والبحار: فبينا.

٣١٥

ليتني لم ألده، قاتل الحسين في النار؟ وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:أنا أشهد بذلك يا فاطمة، ولكنّه لايقتل حتّى يكون منه إمام تكون منه الأئمّة الهادية بعده.

ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمّة بعدي: الهادي علي، [و] المهتدي الحسن، [و] الناصر الحسين، [و] المنصور عليّ بن الحسين، [و] الشافع محمّد بن عليّ، [و] النفّاع جعفر بن محمّد، [و] الأمين موسى بن جعفر، [و] الرضا عليّ بن موسى، [و] الفعّال محمّد بن عليّ، [و] المؤتمن عليّ بن محمّد، [و] العلّام حسن بن عليّ ومن يصلّى خلفه عيسى بن مريم عليه السلام [القائم عليه السلام].

فسكتت(١) فاطمة عليها السلام من البكاء.

ثمّ أخبر جبرئيل عليه السلام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقضيّة(٢) الملك وما اُصيب به.

قال ابن عبّاس: فأخذ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الحسين عليه السلام وهو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء، ثمّ قال:

اللهمّ بحقّ هذا المولود عليك، لا بل بحقّك عليه، وعلى جدّه محمّد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إن كان للحسين بن عليّ بن فاطمة عندك حقّ(٣) فارض عن دردائيل وردّ عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة.

فاستجاب الله دعاءه وغفر للملك [وردّ عليه أجنحته وردّه إلى صفوف الملائكه]، والملك لايعرف في الجنّة إلّا بأن يقال: هذا مولى الحسين بن عليّ [وابن فاطمة بنت] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(٤)

بيان: [قال العلّامة المجلسي رحمه الله:] لعلّ هذا - على تقدير صحّة الخبر - كان بمحض خطور البال من غير اعتقاد بكون الباري تعالى ذا مكان، أو المراد بقوله:

____________________

(١) في البحار: فسكنت.

(٢) في المصدر: بقصّة.

(٣) في المصدر والبحار: قدر.

(٤) كمال الدين: ٢٨٢/١ ح ٣٦، عنه البحار: ٢٤٨/٤٣ ح٢٤ و ١٨٤/٥٩ ح ٢٧ (مختصراً).

٣١٦

«فوق ربّنا شيء»، فوق عرش ربّنا إمّا مكاناً أو رتبه فيكون ذلك منه تقصيراً في معرفة عظمته وجلاله، فيكون على هذا ذكر نفي المكان لرفع ما ربّما يتوهّم متوهّم، و الله يعلم.

٩٦٨/١٨ - في كتاب الغيبة : عن الصادق عليه السلام أنّه قال:

كان ملك من المؤمنين يقال له: «صلصائيل» بعثه الله في بعث فأبطأ، فسلبه ريشه ودقّ جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلى ليلة ولد الحسين عليه السلام، فنزلت الملائكة واستأذنت الله في تهنئة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتهنئة أميرالمؤمنين عليه السلام وفاطمة عليها السلام فأذن الله لهم فنزلوا أفواجاً من العرش ومن سماء سماء(١) فمرّوا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة.

فلمّا نظروا إليه وقفوا فقال لهم: يا ملائكة الرحمان(٢) إلى أين تريدون؟ وفيمَ هبطتم؟فقالت له الملائكة: يا صلصائيل، قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في الدنيا بعد جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبيه عليّ عليه السلام واُمّه فاطمة عليها السلام وأخيه الحسن عليه السلام وهو الحسين عليه السلام، وقد استأذنّا الله في تهنئة حبيبه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لولده فأذن لنا.

فقال صلصائيل: يا ملائكة الله، إنّي أسألكم بالله ربّنا وربّكم وبحبيبه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا المولود أن تحملوني معكم إلى حبيب الله وتسألونه، وأسأله أن يسأل الله بحقّ هذا المولود الّذي وهبه الله له أن يغفر لي خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردّني إلى مقامي مع الملائكة المقرّبين.

[فحملوه وجاؤا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهنّؤه بابنه الحسين عليه السلام وقصّوا عليه قصّه الملك وسألوه مسألة الله والأقسام عليه بحقّ الحسين عليه السلام أن يغفر له خطيئته ويجبر كسر جناحه، ويردّه إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين].

____________________

(١) كذا في الأصل والبحار.

(٢) في البحار: ربّي.

٣١٧

فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخل على فاطمة عليها السلام فقال لها: ناوليني إبني الحسين فأخرجته إليه مقموطاً يناغي(١) ، جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج به إلى الملائكة فحمله على بطن كفّه فهلّلوا وكبّروا وحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه.

فتوجّه به إلى القبلة نحو السماء فقال:

اللهمّ إنّي أسألك بحقّ إبني الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته، وتجبر كسر جناحه، وتردّه إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين.

فتقبّل الله تعالى من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ما أقسم به عليه، وغفر لصلصائيل خطيئته وجبر كسر جناحه، وردّه إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين.(٢)

٩٦٩/١٩ - في البحار : روي في بعض الأخبار: أنّ أعرابيّاً أتى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا رسول الله، لقد صدت خشفة(٣) غزالة وأتيت بها إليك هديّة لولديك الحسن والحسين عليهما السلام، فقبلها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ودعا له بالخير، فإذا الحسن عليه السلام واقف عند جدّه فرغب إليها فأعطاه إيّاها.

فما مضى ساعة إلّا والحسين عليه السلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها، فقال: يا أخي، من أين لك هذه الخشفة؟ فقال الحسن عليه السلام: أعطانيها جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فسار الحسين عليه السلام مسرعاً إلى جدّه، فقال: ياجدّاه، أعطيت أخي خشفة يلعب بها ولم يعطني مثلها، وجعل يكرّر القول على جدّه وهو ساكت، لكنّه يسلّي خاطره ويلاطفه بشيء من الكلام حتّى أفضى من أمر الحسين عليه السلام إلى أن همّ يبكي.

فبينما هو كذلك إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد، فنظرنا فإذا ظبية

____________________

(١) ناغى الصبي: لاطفه بالمحادثة والملاغبة.

(٢) البحار: ٢٥٨/٤٣ ح ٤٧.

(٣) الخِشْف: ولد الظبية أوّل ما يولد، جمعة: خشوف وخِشْفة.

٣١٨

ومعها خشفها، ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتضربها بأحد أطرافها حتّى أتت بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ نطقت الغزالة بلسان فصيح وقالت: يا رسول الله، قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصيّاد وأتى بها إليك وبقيت لي هذه الاُخرى وأنا بها مسرورة، وإنّي كنت الآن اُرضعها فسمعت قائلاً يقول:

أسرعي أسرعي يا غزالة، بخشفك إلى [النبيّ] محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأوصليه سريعاً، لأنّ الحسين عليه السلام واقف بين يدي جدّه وقد همّ أن يبكي والملائكة بأجمعهم قد رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة، ولو بكى الحسين عليه السلام لبكت الملائكة المقرّبون لبكائه.

وسمعت أيضاً قائلاً يقول: أسرعي يا غزالة، قبل جريان الدموع على خدّ الحسين عليه السلام، فإن لم تفعلي سلّطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك.

فأتيت بخشفي إليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقطعت مسافة بعيده، ولكن طويت(١) لي الأرض حتّى أتيتك سريعة، وأنا أحمد الله ربّي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين عليه السلام على خدّه.

فارتفع التهليل والتكبير من الأصحاب ودعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للغزالة بالخير والبركة، وأخذ الحسين عليه السلام الخشفة وأتى بها إلى اُمّه الزهراء عليها السلام فسرّت بذلك سروراً عظيماً.(٢)

٩٧٠/٢٠ - زهر الربيع للجزائري قدس سره : جوهرة: دفع رجل إلى الحسين عليه السلام رقعة، فقال عليه السلام: حاجتك مقضيّة.

فقيل له: يابن رسول الله، لو نظرت في رقعته ثمّ رددت الجواب على قدر ذلك.

____________________

(١) طَوي الأَرض والبلاد: قطعها وجازها.

(٢) البحار: ٣١٢/٤٣ ضمن ح ٧٣.

٣١٩

فقال: يسألني الله تعالى عن ذلّ مقامه بين يدي حتّى أقرء رقعته.(١)

٩٧١/٢١ - في الصراط المستقيم : قرأ رجل عند رأسه بدمشق:( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) (٢) فأنطق الله الرأس بلسان عربي: أعجب من أهل الكهف قتلي وحملي.(٣)

٩٧٢/٢٢ - وفيه : رأى الأعمش رجلاً في الطواف يقول: اللهمّ اغفر لي وأنا أعلم أنّك لاتفعل، فسأله فقال: كنت ممّن حمل رأس الحسين عليه السلام إلى يزيد عليه اللعنة، فنزلنا عند دير فوضعنا الطعام لنأكل فإذا كفّ خرج(٤) من الحائط يكتب:

أترجو اُمّة قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب

فجزعنا فأراد بعضنا أخذها فغابت، فلمّا دخلنا على يزيد جعلني في الحرس(٥) ليلاً، فهبط آدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد عليهم السلام في ملأ من الملائكة، فنفخ جبرئيل على أصحابي واحداً واحداً، فلمّا دنى منّي قال [له] النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: دعه لايغفر(٦) الله له، فتركني.(٧)

____________________

(١) معالي السبطين: ٦٥ (نحوه).

(٢) الكهف: ٩.

(٣) الصراط المستقيم: ١٧٩/٢ ح٧.

(٤) في المصدر: يخرج.

(١) الحَرَس: الّذين يرتبون لحفظ السلطان وحِراسته.

(٢) في المصدر: لا غفر.

(٣) الصراط المستقيم: ١٧٩/٢ ح٨.

٣٢٠