• البداية
  • السابق
  • 103 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 7699 / تحميل: 3900
الحجم الحجم الحجم
فضائل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام)

فضائل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام)

مؤلف:
العربية

فضائل زيارة

الإمام الحسين (عليه‌السلام )

طالب خان

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

٣

٤

مقدّمة

من طبيعة الأيام أنها حبلى بالأحداث ، وأنها لا تنتهي من ولادة حدث إلا وتعيش ولادة أحداث جديدة أُخرى.

وعلى مدى الأيام شهدت الإنسانية أحداثاً ساخنة ، قد لا يستطيع الإنسان إحصاءها ، وقد ذهب ذكرها أدراج الرياح ، ولم يبق منها أثر. ولكن ثمّ حدث وقع سنة ( ٦١ ) للهجرة ، لا زال صداه يدوّي في الآفاق ، وأخباره تتناقلها الأجيال ، وتتعاطف معها الشعوب....

تُرى ما هو ذلك الحدث ، وما الذي جرى فيه ؟

إنه يوم عاشوراء ، حيث برز الإيمان بكل تجلياته في قبال الكفر والنفاق بكل أشكاله.

ولم يُخلّد يوم عاشوراء في وجدان البشرية إلا بفضل قائد جبهة الحق والإيمان الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ؛ منار الهدى والاستقامة ، ومعدن العلم والحكمة ، وتجلي الخير والبركة ، ورمز البطولة والشجاعة... إذ نهض بكل وجوده بوجه طغيان بني أُمية بعد أن استشرى فسادهم ، وعمّ ظلمهم وأذاهم ، وشاع انحرفهم عن نهج الرسالة....

وبذلك أماط (عليه‌السلام ) كل الحجب التي تستّر بها بنو أُمية في سبيل إغواء المسلمين ، وفرض سلطانهم عليهم... فأبان قبح سيرتهم ، وضلالة نهجهم ، وشؤم أهدافهم... وكان بذلك قد دق جرس الإنذار على أقصى درجاته ، محذّراً من أخطار كبيرة تحيط بالأُمة ، بحيث لا يمكن السكوت عليها ، أو غض النظر عنها.

٥

وتبعاً لذلك لم يسمح الإمام الحسين (عليه‌السلام ) لنفسه أن يقف مكتوف الأيدي دون أن يظهر كلمته ، فأعلنها نهضة عارمة زلزلت عرش الطغيان.

ويخطئ من يتصور أن نهضة عاشوراء حدث تاريخي بحت ، له أُطره الزمانية والمكانية في غابر الزمان. والحق أن هذه النهضة لم تتحدد بإطار زماني ولا مكاني ، وإنما امتدّت مع الزمن لتجعل منه كل يوم عاشوراء ؛ كما أنها شملت كل أرجاء المعمورة ، مما صدق عليها القول : كل أرض كربلاء. إذ أن صوت الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بقي يدوّي في كل زمان وفي كل مكان، يدعو إلى نصرة الحق والدفاع عن المظلومين....

وبهذا جعل الإمام الحسين (عليه‌السلام ) من يوم عاشوراء وأرض كربلاء منعطفاً كبيراً في مسيرة البشرية. لذا تجد أن كل من أعلن طغيانه قد وقف أمامه من يتحداه ، مستلهماً من عاشوراء دروساً ، ومن كربلاء تجارب ، فينغص عليه نشوته ، دون أن يخشى من بطشه وإرهابه ، لأنه يرى الموت في مواجهة الظالمين سعادة ، والعيش معهم برماً.

وقد آلى الطغاة على أنفسهم أن يخنقوا صوت الإمام الحسين (عليه‌السلام ) وهو في رمسه ، حتى أنهم منعوا الناس من زيارته ، بل وهدموا قبره... ومع ذلك لم يقدروا على محو ذكره ، ولا إماتة نهجه....

ولعل أول من بادر إلى ذلك وتصور أنه قد تمكن من خنق صوت الحسين (عليه‌السلام ) وإلى الأبد هو الطاغية يزيد بن معاوية ، يوم قُدّم بين يديه رأس الحسين (عليه‌السلام ) شهيداً ، وراح ينكت على ثناياه بقضيب خيزران.

غير أن السيدة زينب بنت الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما‌السلام ) كشفت عن خطأ ما ذهب إليه يزيد ، وأن ظنه ليس إلا وهماً ، فقالت له : (( فكد كيدك ، واسع سعيك ،

٦

وناصب جهدك ؛ فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا... ))(١) .

وقد أثبتت الأيام صحة ما نطقت به السيدة زينب (عليها‌السلام ) ، فمنذ أن ضمّت أرض كربلاء جسد الإمام الحسين (عليه‌السلام ) راحت تتفاخر بفضلها وتتشامخ بعزتها ، لتقف في وجه كل عواصف الطغاة ، لتعلن عن كونها لا زالت تحمل راية الإمام الحسين (عليه‌السلام ) المناهضة للظلم والاعتداء ، والمخالفة للفسوق والفساد ، والمعارضة للكفر والنفاق... وكأنها تصرخ بقول الإمام الحسين (عليه‌السلام ) : (( هيهات منا الذلة ))(٢) .

ولم ينفك المؤمنون عن مراودة هذه الأرض لزيارة مرقد سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، الذي يشم منه رائحة الجنة.

ولا تعجب من ذلك ، فقد روي عن إسحاق بن عمار ، قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) يقول : (( موضع قبر الحسين (عليه‌السلام ) منذ دفن روضة من رياض الجنة))(٣) .

وقال (عليه‌السلام ) أيضاً : (( موضع قبر الحسين (عليه‌السلام ) ترعة من ترع الجنة )).

ولم يفتأ المؤمنون يلثمون قبر الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بشفاههم ، ليستشفوا بتربته ويتقربوا إلى الله عز وجل بالدعاء عند قبره ، حيث هنالك تضمن الإجابة ، كما ورد عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر - الإمام محمد الباقر - وجعفر بن محمد - الإمام الصادق - (عليهما‌السلام ) يقولان : (( إن الله عوّض الحسين (عليه‌السلام ) من قتله أن الإمامة من ذريته ،

___________________

١- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٤٥/١٣٥.

٢- الاحتجاج ، الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ٢/٣٠٠.

٣- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ، الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي /١٢٠.

٧

والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ؛ ولا تُعدّ أيام زائريه جائياً وراجعاً من عمره ))(١) .

لذا لم يمنعهم مانع من اقتحام الصعاب ، وركوب المخاطر من أجل الظفر بزيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ). ورغم كل المحاولات الفاشلة من قبل الحكومات الظالمة لإبعاد الناس عن هذا المزار الشريف صار الناس يتوافدون لزيارته من كل فج عميق ، متحمّلين مشاكل الطريق وصعوبات السفر وكل خطر مرتقب....

وقد اعتاد الناس زيارته (عليه‌السلام ) دون أن يدرك الكثير منهم فضائل زيارته ، وما له من ثواب عظيم.

ولأجل أن يزداد زائر الإمام الحسين (عليه‌السلام ) معرفة بذلك بادرنا إلى تأليف هذا الكتاب ، حيث جمعنا فيه طائفة من الأحاديث والروايات الواردة عن النبي وأهل بيته (عليه وعليهم‌السلام ) الدالة على ذلك. وقد عمدنا إلى ذكرها من دون أي شرح أو بيان ، ليأخذها القارئ كما هي من فم النبي وأهل بيته (عليه وعليهم‌السلام ) ، وهي بلا أدنى شك أحلى بياناً ، وأجمل أدباً ، وأقرب فهماً.

ولا تعجب حينما تقرأ النصوص التي أوردناها في فضل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، حيث تجدها متنوعة في الثواب ؛ فمنها ما يعادل غفران الله وفضل كثير، وأيضاً في كرامة الله وحفظ الله ، وكذلك أمان من الفقر وقضاءالحوائج... كما أنها متعددة في حجم الثواب ؛ فمنها ما يعادل الحج مرة ، واثنين وثلاث حتى عدّ الألف. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العمرة ، وما إلى ذلك.

عندها قد يخطر على بالك بأن هذه النصوص يعتريها شيء من التضارب والاختلاف ، ولكنك إذا تأملتها بصورة أدق وجدتها تحكي حقيقة ناصعة رغم تفاوت نوع الثواب وحجمه.

___________________

١- وسائل الشيعة ، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ١٠/٣٢٩ - ٣٣٠.

٨

ومن حقك أن تسأل : كيف ذلك ؟

الجواب : أن كل واحدة من الروايات والأحاديث تنطبق على أفراد دون غيرهم ، وذلك حسب تفاوتهم في درجات معرفة حق الإمام وحرمته وولايته ، ومستوى الإيمان والتقوى ، ومدى تحمله للمشقة في ذلك ، فتجد أحدهم لا يظفر من زيارته إلا اللمم من الثواب ، وآخر يعود بثواب عظيم.

وإلى هذا أشار العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي في قوله : لعل اختلاف هذه الأخبار في قدر الفضل والثواب محمولة على اختلاف الأشخاص والأعمال ، وقلة الخوف والمسافة وكثرتهما ؛ فإن كل عمل من أعمال الخير يختلف ثوابها باختلاف مراتب الإخلاص والمعرفة والتقوى وساير الشرايط التي توجب كمال العمل ، على أنه يظهر من كثير من الأخبار أنهم كانوا يراعون أحوال السائل في ضعف إيمانه وقوته ، لئلا يصير سبباً لإنكاره وكفره ، وأنهم كانوا يكلّمون الناس على قدر عقولهم(١) .

وهناك ثَمّ من يقف إزاء عظيم ثواب زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) متحيراً ، فيتساءل متعجباً : هل من المعقول أن ينال الإنسان بزيارة واحدة لقبر الإمام الحسين (عليه‌السلام ) كل ذلك ؟

نقول له : نعم ، ينال ذلك بكل يقين ، لأنه من عطاء ربك الذي لا تفنى خزائنه ، ولا ينفد ما عنده ، ولا يزيده كثرة العطاء إلا جوداً وكرماً ، وما كان عطاء ربك محظوراً.

أما إذا نظرت إلى عظيم ثواب ما يناله زائر الإمام الحسين (عليه‌السلام ) من منظارك الشخصي وقدراتك الذاتية ؛ مهما كنت كريماً ومعطاءً ، ومهما كان حبك وولاؤك للإمام الحسين (عليه‌السلام ) إلا أنك ستجد نفسك لا تطيق قبول تلك الفضائل ، عندها تتولّد عندك حالة الشك في صحة تلك

___________________

١- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٤٤.

٩

الأخبار. وهذه الحالة تقودك إلى التكذيب بما جاء جملة وتفصيلاً.

وليس هذا بأمر جديد ، وإنما قد أُصيب به آخرون ، حتى في زمن أئمة الهدى (عليهم‌السلام ).

وقد شكا من هذا الأمر ذريح المحاربي ، إذ قال : قلت لأبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : ما ألقى من قومي ومن بنيّ إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسين (عليه‌السلام ) من الخير، إنهم يكذبوني ويقولون : إنك تكذب على جعفر بن محمد ؟ قال الإمام الصادق (عليه‌السلام ) : يا ذريح ، دع الناس يذهبوا حيث شاؤوا. والله ، إن الله ليباهي بزائر الحسين (عليه‌السلام )(١) .

من هنا يجدر بنا أن ننظر إلى فضائل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) وثوابها من منظار رحمة الله الواسعة ، لا من منظارنا الشخصي.

وهنا لابد من القول : إن كل ما تقرؤه من روايات وأحاديث ، بالتأكيد ليست كلمات دعائية وعبارات تشجيعية لا تخلو من المبالغة وإنما هي كلمات الصادقين ، وعبارات المتقين ، الذين لا ينطقون عن الهوى.. فإذا ما تيقنت من هذا ضمنت لنفسك عظيم الثواب وجليل الفضائل ، لأنها لا تكون إلا من أتاها وقلبه مطمئن بها ومسلم لها.

ولنا كلمة أخرى ، وهي أن هذه الفضائل المخصصة لزوار الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بالتأكيد إنما هي جاءت لتهذيب النفس وبناء الشخصية الإيمانية ، لا أن يتخذها ذريعة لارتكاب المحارم واقتراف الذنوب والدخول في نفق المنكرات.

___________________

١- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ١٤٣.

١٠

كلا ، يخطئ من يتصور أن زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ستنقذه من العقاب الإلهي في حال إصراره على الذنوب والخطايا ، وإنما من تاب وآمن أُولئك لهم حسن الثواب.

وعليه لابد أن نتخذ من زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) مدرسة لبناء شخصياتنا وتربية أنفسنا ، وفق ما رسمه لنا الإمام الحسين (عليه‌السلام ) في كلماته وسيرته الوضّاءتين. أما أن نطوف بحضرته ، وأن نحضر عند قبره فقط ، هذا لا يكفي أبداً ، وإنما يجدر بنا أن نتأدّب بآدبه ، وأن نسير بسيرته ، وأن نقتدي بهداه ؛ كأن نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونطيع الله ورسوله ، وأن نحقق في أنفسنا حالة التولي والتبري ، فنكون سلماً لمن سالمه وحرباً لمن حاربه ، وولياً لمن والاه وعدواً لمن عاداه.

نرجو أن يكون هذا الكتاب سبباً للمزيد من الاشتياق إلى زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، وخير وسيلة للاستزادة من الثواب ، كما نسأله تعالى أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع بأحسن قبوله ، وأن يكتبنا عنده من زوار الإمام الحسين (عليه‌السلام ) إن شاء الله تعالى.

طالب خان

١٥ / ربيع الأول / ١٤٢٥ ه

١١

الفصل الأول

ذلكم الإمام الحسين (عليه‌السلام )

١٢

١٣

قبل أن ندخل في رحاب معرفة فضائل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) يجدر بنا أن نتعرف على شخصيته ونهجه ومنهجه ؛ فيا تُرى هل عرفنا الإمام الحسين حق معرفته ؟

لاشك أن كل مسلم يعرف الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بنسبة أو أُخرى ، وقد تتضاعف تلك المعرفة عند المحبين والموالين له. ومهما تعاظمت تلك المعرفة إلا أنها تبقى على ضفاف شاطئ الحسين الوسيع والعميق ، وبذلك نجد أنفسنا نحبو على عتبة شخصيته. فهو سليل النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومعين العلم ، ومنهل الحكمة. المعصوم من الزلل ، المأمون من الفتن ، المطهّر من الدنس... فكيف يتسنى لنا أن نصف حسن ثنائه ، وأن نحصي جميل بلائه ؟ لذا باتت معرفة الإمام الحسين أكثر شموخاً وأعلى منزلة ، ولأجل أن نرقى إليها وأن نعرج في آفاقها ينبغي أن نوفر في أنفسنا مؤهلات المعرفة.

ولتحقيق ذلك لا مناص لنا من مراجعة كتب التفسير والحديث والتاريخ وغيرها... لنقف على بعض معالمه. ولسنا بصدد تدوين تفاصيل كل ذلك ، لأنه يحتاج الى تأليف مجلدات ومجلدات ، ولكن هذا لا يمنعنا من أن نذكر ولو بعض معالم شخصيته. وخير من بَيَّن ذلك بعمق واختصار هو رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأهل بيته الأطهار (عليهم‌السلام ).

١٤

فقد قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : (( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً. حسين سبط من الأسباط ))(١) .

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : (( الحسن والحسين ؛ من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم. ومن أبغضهما وبغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار وله عذاب مقيم ))(٢) .

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) لعلي وفاطمة والحسن والحسين : (( أنا سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم ))(٣) .

وقال الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) : (( دخلت على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وعنده أُبيّ بن كعب ، فقال لي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : مرحباً بك يا أبا عبدالله ، يا زين السماوات والأرض. قال له أُبيّ : وكيف يكون يارسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك ؟! فقال : يا أُبيّ ، والذي بعثني بالحق نبياً إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله : مصباح هدى وسفينة نجاة ))(٤) .

وروي عن حذيفة قال : أتيت النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فصليت معه المغرب ، فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل ، فتبعته ، فسمع صوتي فقال : (( من هذا ، حذيفة ؟ قلت : نعم.

___________________

١- ذخائر العقبى ، الشيخ محب الدين الطبري / ١٣٣.

٢- نظم درر السمطين ، الشيخ الزرندي الحنفي / ٢١٠.

٣- سنن ابن ماجه ، الشيخ محمد بن يزيد القزويني١ / ٥١.

٤- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩١ / ١٨٤.

١٥

قال : إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة ، استأذن ربه أن يسلّم عليّ ويبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ))(١) .

وهكذا تترى الأحاديث النبوية الشريفة في بيان عظمة شخصية الإمام الحسين (عليه‌السلام ) وعلو شأنه ورفعة منزلته. وحتى لا نسترسل مع هذه الأحاديث رغم جمالها وجلالها نوجز الحديث في جملة موارد أساسية في خصوص معرفة الإمام (عليه‌السلام ).

١- مطهر من الدنس :

من عظيم شأن الإمام الحسين (عليه‌السلام ) أنه طهر طاهر مطهَّر ؛ يفيض منه النقاء ، وتتجلى فيه كل سمات الصلحاء.. وفي ذات الوقت لا يدانيه باطل ، ولا يقربه هوى النفس.

وقد روي عن جابر قال : نزلت هذه الآية على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وليس في البيت إلا فاطمة والحسن والحسين وعلي: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ (الأحزاب / ٣٣).

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( اللهم هؤلاء أهلي ))(٢) .

وعن هذا روي أيضاً عن أبي سعيد الخدري في قول الله عز وجل :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ قال: جمع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) علياً وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أدار عليهم الكساء ، فقال : (( هؤلاء أهل بيتي. اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ))(٣) .

___________________

١- ذخائر العقبى ، الشيخ محب الدين الطبري / ١٢٩.

٢- شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني ٢ / ٢٩.

٣- شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني ٢ / ٣٨.

١٦

٢- معصوم :

ولما كان الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بعيداً كل البعد عن كل إثم ، كما كان بعيداً كل البعد عن كل خطيئة ، وكذلك كان بعيداً كل البعد عن كل مكروه ، حيث أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيراً ، كان معصوماً من الخطأ ، كما كان معصوماً من الرذائل ، وأيضاً معصوماً من كل قبيح.

وقد روي عن عبدالله بن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول : (( أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون ))(١) .

٣- إمام :

وهل تليق الإمامة إلا بمن توفرت فيه هذه الصفات المثلى ، والسمات العليا ؟

حقاً كان الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) هو الأَوْلى بتسنم درجة الإمامة ، لما يتميز به من علم ومعرفة ، وزهد وتقوى ، وشجاعة وبطولة. وقد اختاره الله عز وجل لهذه المهمة الصعبة والمكانة العظمى ، وقد أخبرنا بذلك على لسان نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، حيث روي عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فإذا بالحسين (عليه‌السلام ) على فخذه ، وهو يقب-ل عينيه ويقب-ل فاه و[هو] يقول : (( أنت سيد ابن سيد ، وأنت إمام ابن إمام ، وأنت حجة ابن حجة ، وأنت أبو حجج تسعة ، تاسعهم قائمهم ))(٢) .

وقال الإمام الحسن (عليه‌السلام ) : (( إن الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي ، وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أضافها الله عز وجل له في وراثة أبيه

___________________

١- ينابيع المودة ، الشيخ سليمان القندوزي ٢ / ٣١٥.

٢- ينابيع المودة ، الشيخ سليمان القندوزي ٢ / ٣١٥.

١٧

وأُمّه ، فعلم الله أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمداً (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، واختار محمدٌ علياً (عليه‌السلام ) واختارني علي (عليه‌السلام ) بالإمامة ، واخترت أنا الحسين (عليه‌السلام ) ))(١) .

٤- الولاية :

متى ما أحسستَ ببرد حب الحسين في قلبك ، ومتى ما لمست طهارة الحسين بوجودك ، ومتى ما أدركت عصمة الحسين في حياتك ، ومتى ما أقررت للحسين بالإمامة ، عند ذاك تكون مؤهلاً للدخول في رحاب ولايته.

وهل تعلم ماذا تعني ولاية الحسينعليه‌السلام ؟

إنها عروة الله الوثقى.

وقد روي عن أبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) قال : (( قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من أراد أن يتمسّك بعروة الله الوثقى التي قال الله تعالى في كتابه فليوالِ علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم‌السلام ) ، فإن الله يحبهما من فوق عرشه ))(٢) .

٥- الشهادة :

وختم الإمام الحسين (عليه‌السلام ) حياته بالشهادة ، وذلك حينما رأى الحق لا يُعمل به والباطل لا يُتناهى عنه ، والعدل أضحى جوراً والقرآن صار مهجوراً ؛ فخرج لطلب الإصلاح في أُمة جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، لا أشراً ولا بطراً ، فناضل من أجل الدين ، ونهض من أجل المستضعفين ، دون أن يركن إلى الظالمين طرفة عين أبداً ، حتى سقط شهيداً على أرض كربلاء ، في يوم عاشوراء عام ( ٦١ ) للهجرة.

___________________

١- الكافي ، الشيخ الكليني ١ / ٣٠١.

٢- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ١١٧.

١٨

وقبل أن يدخل هذا الحدث التاريخ أخبر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بحدوثه ، بعد سويعات من ولادة الحسين (عليه‌السلام ) ، إظهاراً لسمو مرتبته وعظيم منزلته.

ونلمس ذلك عن قرب ، حينما أخبر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ابنته فاطمة الزهراء (عليها‌السلام ) بما يجري على ولدها الحسين (عليه‌السلام ) في خاتمة حياته.

روي عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( كان الحسين (عليه‌السلام مع أُمه تحمله ، فأخذه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقال : لعن الله قاتلك ، ولعن الله سالبك ، وأهلك الله المتوازرين عليك ، وحكم الله بيني وبين من أعان عليك.

قالت فاطمة : يا أبه ، أي شيء تقول ؟!

قال : يا بنتاه ، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والبغي ، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء ، يتهادون إلى القتل ، وكأني أنظر إلى معسكرهم وإلى موضع رحالهم وتربتهم.

قالت : يا أبه ، وأي هذا الموضع الذي تصف ؟

قال : موضع يقال له كربلاء ، وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأُمة ؛ يخرج شرار أُمتي ، وإن أحدهم لو يشفع له من في السماوات والأرضين ما شُفِّعوا فيه ، وهم المخلدون في النار.

قالت: يا أبه ، فيُقتل ؟

قال: نعم يا بنتاه ، وما قُتِل قتله أحد كان قبله ، وتبكيه السماوات والأرضون والملائكة والنباتات والجبال والبحار ، ولو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفّس ؛ ويأتيه قوم من محبينا ، ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم لحقنا منهم ، وليس على ظهر الأرض أحد يلتفت إليه غيرهم ، أُولئك مصابيح في ظلمات الجور ، وهم الشفعاء ، وهم واردون حوضي غداً ،

١٩

أعرفهم إذا وردوا عليّ بسيماهم ، وكل أهل دين يطلبونا ولا يطلبون غيرنا ، وهم قوام الأرض ، بهم ينزل الغيث.

فقالت فاطمة (عليها‌السلام ) : يا أبه ، إنا لله ، وبكت.

فقال : يا بنتاه ، إن أهل الجنة هم الشهداء في الدنيا ، بذلوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ، وعداً عليه الحق. فما عند الله خير من الدنيا ، وما فيه قتله أهون من ميتة. من كتب عليه القتل ، خرج إلى مضجعه ، ومن لم يقتل فسوف يموت.

يا فاطمة بنت محمد ، أما تحبين أن تأمري غداً بأمر فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب ؟

أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش ؟

أما ترضين أن يكون أبوك يسألونه الشفاعة ؟

أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض ، فيسقي منه أولياءَه ، ويذود عنه أعداءَه ؟

أما ترضين أن يكون بعلك قسيم الجنة ، ويأمر النار فتطيعه ، يُخرج منها من يشاء ويترك من يشاء ؟

أما ترضين أن تنظري الى الملائكة على أرجاء السماء ، وينظرون إليك وإلى ما تأمرين به ، وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلايق وهو يخاصمهم عند الله ؛ فما ترين الله صانعاً بقاتل ولدك وقاتليك إذا أفلجت حجته على الخلايق ، وأمرت النار أن تطيعه ؟

أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك ويأسف عليه كل شيء ؟

أما ترضين أن يكون من أتاه زائراً في ضمان الله ، ويكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله الحرام واعتمر ، ولم يخلْ من الرحمة طرفة عين ، وإذا مات مات شهيداً ، وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي ، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتى يفارق الدنيا ؟

قالت: يا أبه ، سلمت ورضيت وتوكلت على الله.

٢٠

فمسح على قلبها ، ومسح على عينيها ، فقال : إني وبعلك وأنت وابنيك في مكان تقر عيناك ويفرح قلبك ))(١) .

هذا هو الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) فاعرفوه.

___________________

١- تفسير فرات الكوفي ، الشيخ فرات بن إبراهيم الكوفي / ٥٥.

٢١

الفصل الثاني

فضائل زيارة الإمام الحسين (عليه‌السلام )

في الأوقات العامة

٢٢

٢٣

ذلكم حكم الله وعطاؤه :

عن أُم أيمن ، عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، في حديث طويل : أن جبرئيل (عليه‌السلام ) قال له بعد ذكر بعض ما يجري على الحسين (عليه‌السلام ) في الطف وأنه يدفن ويجعل له رسم ، قال : (( وتحفه ملائكة من كل سماء مئة ألف ملك في كل يوم وليلة ، ويصلون عليه ، ويسبحون الله عنده ، ويستغفرون الله لزوّاره ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أُمتك متقرباً إلى الله تعالى وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ، ويوسمون في وجوههم بميسم نورعرش الله : هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء. فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الأبصار ، يدل عليهم ويُعرفون به. وكأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعلي (عليه‌السلام ) أمامنا ، ومعنا من ملائكة الله ما لا يحصى عدده ، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق ، حتى ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده ؛ وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك يا محمد ، أو قبر أخيك ، أو قبر سبطيك لا يريد به غير الله جل وعز ))(١) .

___________________

١- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٢٩.

٢٤

أفضل الأعمال :

عن أبي خديجة ، عن أبى عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : سألته عن زيارة قبر الحسين (عليه‌السلام ) قال : (( إنه أفضل ما يكون من الأعمال ))(١) .

أحب الأعمال :

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه‌السلام ) قال : (( من أحب الأعمال إلى الله زيارة قبر الحسين (عليه‌السلام ) ))(٢) .

فريضة واجبة :

عن عبدالرحمن بن كثير قال : قال أبو عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : (( لو أن أحدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، لأن حق الحسين (عليه‌السلام ) فريضة من الله تعالى واجبة على كل مسلم ))(٣) .

فريضة على كل مؤمن :

عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) قال : (( مُرُوا شعيتنا بزيارة قبر الحسين (عليه‌السلام ) ، فإن اتيانه يزيد الرزق ويمدّ في العمر ويدفع مدافع السوء ، واتيانه مفترض على كل مؤمن يقر له بالإمامة من الله ))(٤) .

___________________

١- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٤٩.

٢- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٤٩.

٣- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٢.

٤- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٢.

٢٥

زيارة واجبة :

روي عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما‌السلام ) أنه قال : (( زيارة الحسين بن علي (عليه‌السلام ) واجبة على كل من يقر للحسين بالإمامة من الله عز وجل ))(١) .

حق مفروض :

عن علي بن ميمون قال : سمعت أبا عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) يقول : (( لو أن أحدكم حج ألف حجة ثم لم يأت قبر الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) لكان قد ترك حقاً من حقوق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وسئل عن ذلك، فقال : حق الحسينعليه‌السلام مفروض على كل مسلم ))(٢) .

زيارة واجبة على الرجال والنساء :

عن أُم سعيد الأحمسية ، قالت : قال لي أبو عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : (( يا أُم سعيد ، تزورين قبر الحسين (عليه‌السلام ) ؟

قالت : قلت : نعم.

قال : يا أُم سعيد ، زوريه فإن زيارة الحسين واجبة على الرجال والنساء ))(٣) .

دعاء الملائكة :

عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( وُكّل بالحسين (عليه‌السلام ) سبعون ألف ملك يصلون عليه شعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شاء الله - يعني

___________________

١- الارشاد ، الشيخ المفيد ٢ / ١٣٣.

٢- وسائل الشيعة ، الشيخ الحر العاملي ١٠ / ٣٣٧.

٣- وسائل الشيعة ، الشيخ الحر العاملي ١٠ / ٣٤٠.

٢٦

بذلك قيام القائم - ويدعون لمن زاره ويقولون : يا رب هؤلاء زوار الحسين (عليه‌السلام ) افعل بهم وافعل بهم ))(١) .

دعاء الإمام الصادق (عليه‌السلام ) :

عن معاوية بن وهب قال : استأذنت على أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) ، فقيل لي : أدخل. فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته ، فجلست حتى قضى صلاته ، فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : (( يا من خصّنا بالكرامة وخصّنا بالوصية ، ووعدنا الشفاعة وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي [ عبدالله ] الحسين (عليه‌السلام ) الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسروراً أدخلوه على نبيك (صلواتك عليه وآله) ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظاً أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك ، فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، وأخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، وأصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك أو شديد ، وشر شياطين الإنس والجن. وأعظم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا ، وخلافاً منهم على من خالفنا ؛ فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلّبت على حفرة أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم الصرخة التي كانت لنا.

___________________

١- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٧.

٢٧

اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش )).

فما زال وهو ساجد يدعو بهذا الدعاء ، فلما انصرف قلت : جعلت فداك ، لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئاً. والله لقد تمنيت أن كنت زرته ولم أحج.

فقال لي : ما أقربك منه ! فما الذي يمنعك من اتيانه ؟!

ثم قال : يا معاوية ، لِمَ تدع ذلك ؟

قلت : جعلت فداك ، لم أدرِ أن الأمر يبلغ هذا كله.

قال : يا معاوية ، من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض ))(١) .

أهل السماوات يسألون الله زيارته :

عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) يقول : (( ليس شيء في السماوات إلا وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة الحسين (عليه‌السلام ) ؛ فوج ينزل وفوج يعرج ))(٢) .

الملائكة والأنبياء يبغون زيارته :

عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) ، قال : سمعته يقول : (( قبر الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسراً ، روضة من رياض الجنة ، وفيه معراج الملائكة إلى السماء ، وليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره ، ففوج يهبط وفوج يصعد ))(٣) .

___________________

١- الكافي ، الشيخ الكليني ٤ / ٥٨٢.

٢- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٦.

٣- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٢٢.

٢٨

جبرئيل وميكائيل واسرافيل يشيعونه :

عن صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( من زار قبر الحسين (عليه‌السلام ) وهو يريد الله عز وجل شيّعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتى يرد إلى منزله ))(١) .

الملائكة تستقبله وتودّعه :

عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : (( إن أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين (عليه‌السلام ) شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له : منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض إلا عادوه ، ولا يموت إلا صلّوا على جنازته واستغفروا له بعد موته ))(٢) .

الملائكة من كل جانب :

عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين (عليه‌السلام ) شيّعه سبعمئة ملك من فوق رأسه ، ومن تحته ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ومن بين يديه ، ومن خلفه حتى ( يبلغوا به ) مأمنه. فإذا زار الحسين (عليه‌السلام ) ناداه مناد : قد غفر لك فاستأنف العمل. ثم يرجعون مشيّعين له إلى منزله ، فإذا صاروا إلى منزله قالوا: نستودعك الله. فلا يزالون يزورونه إلى يوم مماته. ثم يزورون قبر الحسين (عليه‌السلام ) في كل يوم ، وثواب ذلك للرجل ))(٣) .

___________________

١- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٧٤.

٢- الكافي ، الشيخ الكليني ٤ / ٥٨١.

٣- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٤٩.

٢٩

في رحاب أربعة آلاف ملك :

هارون بن خارجة قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) يقول : (( وكّل الله بقبر الحسين (عليه‌السلام ) أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ؛ فمن زراه عارفاً بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه ، وإن مرض عادوه غدوة وعشية ، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة ))(١) .

ثواب صلاة الملائكة :

عن عنبسة ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : سمعته يقول : (( وكّل الله تبارك وتعالى بقبر الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) سبعين ألف ملك ، يعبدون الله عنده. صلاة الواحد من أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين ، يكون ثواب صلاتهم لزوار قبر الحسين (عليه الصلاة والسلام) ، وعلى قاتله لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ))(٢) .

له الجنة :

عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( بينما الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) في حجر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إذ رفع رأسه فقال : يا أبة ، ما لمن زارك بعد موتك ؟

فقال : يا بني ، من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنة ، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنة ، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنة، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنة ))(٣) .

___________________

١- الكافي ، الشيخ الكليني ٤ / ٥٨١.

٢- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٤٢.

٣- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٣٩.

٣٠

الجنة والله :

عن حسن بن علي الوشاء ، قال : قلت للرضا - الإمام علي بن موسى - (عليه‌السلام ) : (( ما لمن زار قبر أحد من الأئمة (عليهم‌السلام ) ؟

قال : له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبدالله (عليه‌السلام ).

قلت : وما لمن زار قبر أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ؟

قال : الجنة والله ))(١) .

يسكنهم الله الجنة :

قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) : (( زارنا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقد أهدت لنا أُم أيمن لبناً وزبداً وتمراً ، فقدّمناه فأكل منه ، ثم قام النبي (عليه‌السلام ) إلى زاوية البيت فصلى ركعات ، فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديداً ، فلم يسأله أحد منا إجلالاً له.

فقام الحسين (عليه‌السلام ) فقعد في حجره ، وقال له : يا أبت ، لقد دخلت بيتنا ، فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك ، ثم بكيت بكاء غمنا ، فلم بكيت ؟

فقال: يا بني ، أتاني جبرئيل آنفاً ، فأخبرني أنكم قتلى وأن مصارعكم شتى.

فقال: يا أبت ، فما لمن يزور قبورنا على تشتتها ؟

فقال: يا بني ، أُولئك طوائف من أُمتي ، يزورونكم يلتمسون بذلك البركة ، وحقيق عليّ أن آتيهم يوم القيامة حتى أُخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ، ويسكنهم الله الجنة ))(٢) .

انطلقوا إلى الجنة :

عن عبدالله بن شعيب التميمي ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( ينادي منادٍ يوم القيامة : أين شيعة آل محمد ؟

___________________

١- المزار ، الشيخ محمد بن المشهدي / ٣٢.

٢- الأمالي ، الشيخ الطوسي / ٦٦٩.

٣١

فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله تعالى ، فيقومون ناحية من الناس.

ثم ينادي منادٍ : أين زوار قبر الحسين (عليه‌السلام ) ؟

فيقوم أُناس كثير ، فيقال لهم : خذوا بيد من أحببتم ، انطلقوا بهم إلى الجنة. فيأخذ الرجل من أحب. حتى أن الرجل من الناس يقول لرجل : يا فلان أما تعرفني ، أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا ، فيدخله الجنة لا يدفع ولا يمنع ))(١) ؟

ليس إلا الجنة :

عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : سمعته يقول : (( زوروا الحسين ولو كل سنة ، فإن كل من أتاه عارفاً بحقه غير جاحد لم يكن له عوض غير الجنة ، ورزق رزقاً واسعاً ، وأتاه الله بفرج عاجل ؛ إن الله وَكّل بقبر الحسين أربعة آلاف ملك كلهم يبكونه ويشيعون من زاره إلى أهله ، فإن مرض عادوه ، وإن مات حضروا جنازته بالاستغفار له والترحّم عليه ))(٢) .

من أهل الجنة :

عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) قال : سمعته يقول : (( من أراد أن يعلم أنه من أهل الجنة فليعرض حبنا على قلبه ؛ فإن قبله فهو مؤمن ، ومن كان لنا محباً فليرغب في زيارة قبر الحسين (عليه‌السلام ). فمن كان للحسينعليه‌السلام زواراً عرفناه بالحب لنا أهل البيت ، وكان من أهل الجنة. ومن لم يكن للحسينعليه‌السلام زواراً كان ناقص الإيمان ))(٣) .

___________________

١- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٣١١.

٢- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٢.

٣- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٤.

٣٢

مسكنه الجنة :

عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) أو أبا جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) يقول : (( من أحب أن يكون مسكنه الجنة ومأواه الجنة فلا يدع زيارة المظلوم. قلت : من هو ؟

قال : الحسين بن علي صاحب كربلا ؛ من أتاه شوقاً إليه وحباً لرسول الله وحباً لفاطمة وحباً لأمير المؤمنين (عليه‌السلام ) أقعده الله على موائد الجنة يأكل معهم والناس في الحساب ))(١) .

في درجة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( يا علي ، من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ، ضمنت له يوم القيامة أن أُخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أُصيره معي في درجتي ))(٢) .

في جوار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

عن أبي أُسامة قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) يقول : (( من أراد أن يكون في جوار نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وجوار علي وفاطمة فلا يدع زيارة الحسين بن علي (عليه‌السلام ) والرحمة ))(٣) .

النبي يزوره :

قال الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما‌السلام ) لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( يا أبتاه ، ما جزاء من زارك ؟

___________________

١- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٦٠.

٢- الكافي ، الشيخ الكليني ٤ / ٥٧٩.

٣- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٦٦.

٣٣

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : يا بني ، من زارني حياً أو ميتاً ، أو زار أباك ، أو زار أخاك ، أو زارك ، كان حقاً علي أن أزوره يوم القيامة وأُخلصه من ذنوبه ))(١) .

الزهراء تحضره :

عن داود بن كثير ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن فاطمة بنت محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تحضر لزوار قبر ابنها الحسين (عليه‌السلام ) فتستغفر لهم ذنوبهم ))(٢) .

وصل النبي وأهل بيته :

قال الإمام أبو عبدالله الصادق (عليه‌السلام ) : (( من أتى قبر أبي عبد الله (عليه‌السلام ) فقد وصل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ووصلنا ، وحرمت غيبته وحرم لحمه على النار ، وأعطاه الله بكل درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ ، وكان الله له من وراء حوائجه ، وحُفظ في كل ما خلف ، ولم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه وأجابه فيه ؛ إما أن يعجله وإما أن يؤخّره له ))(٣) .

زائر رسول الله :

عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن زائر الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) زائر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ))(٤) .

___________________

١- من لايحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ٢ / ٥٧٧.

٢- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٣١.

٣- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٤٥.

٤- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٥٤.

٣٤

يا باغي الخير أقبل :

عن عبدالله بن بكير قال : قال أبو عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) - في حديث طويل - : (( يا ابن بكير ، هل تدري ما لمن زار قبر أبي عبدالله الحسين (عليه‌السلام ) إذ جهله الجاهل؟

ما من صباح إلا وعلى قبره هاتف من الملائكة ينادي : يا باغي الخير أقبل إلى خالصة الله ترحل بالكرامة ، وتأمن الندامة ؛ يسمع أهل المشرق وأهل المغرب إلا الثقلين ، ولا يبقى في الأرض ملك من الحفظة إلا عطف إليه عند رقاد العبد حتى يسبح الله عنده ، ويسأل الله الرضى عنده ؛ ولا يبقى ملك في الهواء يسمع الصوت إلا أجاب بالتقديس لله ، فتشتد أصوات الملائكة فتجيبهم أهل السماء الدنيا ، حتى تبلغ أهل السماء السابعة ، فيسمع أصواتها النبيون فيترحّمون ويصلّون على الحسين (عليه‌السلام ) ، ويدعون لمن أتاه ))(١) .

يوم فوزك :

عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) : (( ما تقول فيمن زار أباك على خوف ؟

قال : يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر ، وتلقاه الملائكة بالبشارة ، ويقال له : لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك ))(٢) .

نفّس الله كربته :

عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) قال : (( إن الحسين (عليه‌السلام ) صاحب كربلا قتل مظلوماً مكروباً عطشاناً لهفاناً ، فآلى الله عز وجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم ولا

___________________

١- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٤٧.

٢- وسائل الشيعة ، الشيخ الحر العاملي ١٠ / ٣٥٦.

٣٥

عطشان ولا من به عاهة ، ثم دعا عنده وتقرب بالحسين بن علي (عليهما‌السلام ) إلى الله عز وجل إلا نفّس الله كربته ، وأعطاه مسألته ، وغفر ذنبه ، ومدّ في عمره ، وبسط في رزقه. فاعتبروا يا أُولي الأبصار ))(١) .

في يوم القيامة :

روي عن أحدهما - الإمام محمد الباقر أو الإمام جعفر الصادق - (عليهما‌السلام ) - في حديث - أنه قال : (( يا زرارة ، أنه إذا كان يوم القيامة جلس الحسين (عليه‌السلام ) في ظل العرش ، وجمع الله زواره وشيعته ليصيروا من الكرامة والنضرة والبهجة والسرور إلى أمر لا يعلم صفته إلا الله ، فيأتيهم رسل أزواجهم من الحور العين من الجنة ، فيقولون : إنا رسل أزواجكم إليكم. يقلن : إنا قد اشتقناكم وأبطأتم علينا. فيحملهم ما هم فيه من السرور والكرامة إلى أن يقولوا لرسلهم : سوف نجيئكم إن شاء الله تعالى ))(٢) .

من زار الحسين (عليه‌السلام ) :

عن الحلبي ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : قلت : جعلت فداك ، ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين (عليه‌السلام ) وهو يقدر على ذلك ؟

قال : (( إنه قد عقّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وعقنا واستخف بأمر هوله. ومن زاره كان الله له من وراء حوائجه وكُفي ما أهمه من أمر دنياه. وأنه يجلب الرزق على العبد ويخلف عليه ما ينفق ، ويغفر له ذنوب خمسين سنة ، ويرجع إلى أهله وما عليه وزر ولا خطيئة إلا وقد مُحيت من صحيفته. فإن هلك في سفرته نزلت الملائكة فغسّلته وفتح له باب إلى الجنة يدخل عليه روحها حتى ينشر ، وإن سلم فتح له

___________________

١- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٣٩.

٢- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٢٩.

٣٦

الباب الذي ينزل منه رزقه ويجعل له بكل درهم أنفقه عشرة الآف درهم وذخر ذلك له ، فإذا حشر قيل له : لك بكل درهم عشرة الآف درهم ، إن الله نظر لك فذخرها لك عنده ))(١) .

ناجاه الله :

عن بشير الدهان ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين (صلوات الله عليه) ، فله إذا خرج من أهله بأول خطوة مغفرة ذنوبه ، ثم لا يزال يقدس بكل خطوة حتى يأتيه ، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال : عبدي سلني أُعطك ، ادعني أُجبك ، اطلب مني أُعطك ، سلني حاجة أقضها لك )).

وقال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : (( وحق على الله تعالى أن يعطي ما بذل ))(٢) .

رضا الله :

ابن سنان قال : قلت لأبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : إن أباك كان يقول في الحج يحسب له بكل درهم أنفقه ألف ، فما لمن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين (عليه‌السلام ) ؟

قال : (( يابن سنان ، يحسب له بالدرهم ألف وألف - حتى عدّ عشرة - ويرفع له من الدرجات مثلها، ورضا الله خير له ، ودعاء محمد ودعاء أمير المؤمنين والأئمة (عليهم‌السلام ) خير له ))(٣) .

___________________

١- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٥.

٢- المزار ، الشيخ المفيد / ٣١.

٣- وسائل الشيعة ، الشيخ الحر العاملي ١٠ / ٣٧٦.

٣٧

في حفظ الله :

عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : قلت جعلت فداك ، ما أدنى ما لزاير الحسين (عليه‌السلام ) ؟

فقال لي : (( يا عبد الله ، إن أدنى ما يكون له أن الله يحفظه في نفسه وماله حتى يرده إلى أهله ، فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ له ))(١) .

من الفائزين :

عن الحسين بن علي بن ثوير بن أبي فاخته قال : قال لي أبو عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) : (( يا حسين ، من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة ، حتى إذا صار بالحائر كتبه الله من المفلحين ، وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له : أنا رسول الله ، ربك يقرئك السلام ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى ))(٢) .

حسناته تتضاعف :

عن صالح بن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن لله عز وجل ملائكة موكلين بقبر الحسين (عليه‌السلام ) فإذا همّ الرجل بزيارته أعطاهم ذنوبه ، فإذا خطا محوها ، ثم إذا خطا ضاعفوا له حسناته ، فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة. ثم اكتنفوه فقدسوه وينادون ملائكة السماء أن قدسوا زوار قبر حبيب حبيب الله ، فإذا اغتسلوا ناداهم محمد (صلى الله عليه

___________________

١- ثواب الأعمال ، الشيخ الصدوق / ٩٠.

٢- تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ٦ / ٤٣.

٣٨

وآله) ياوفد الله أبشروا بمرافقتي في الجنة ، ثم ناداهم أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ) أنا ضامن لحوائجكم ودفع البلاء عنكم في الدنيار والآخرة. ثم اكتنفوهم عن أيمانهم وعن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم ))(١) .

الحسنة بمليون :

عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( أهون ما يكسب زائر الحسين (عليه‌السلام ) في كل حسنة ألف ألف حسنة ، والسيئة واحدة. وأين الواحدة من ألف ألف ؟

ثم قال : يا صفوان ، أبشر إن لله ملائكة معها قضبان من نور، فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين (عليه‌السلام ) سيئة قالت الملائكة للحفظة : كفي. فتكف. فإذا عمل الحسنة قالت لها : اكتبي. أُولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ))(٢) .

بكل خطوة ألف حسنة :

أبي الصامت قال : سمعت أبا عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) وهو يقول : (( من أتى قبر الحسين (عليه‌السلام ) ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ، ومحا عنه ألف سيئة ، ورفع له ألف درجة ))(٣) .

عشر حسنات :

عن رفاعة بن موسى النحاس ، عن أبي عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( إن من خرج آلى قبر الحسين (عليه‌السلام ) عارفاً بحقه وبلغ الفرات واغتسل فيه وخرج من الماء ، كان كمثل الذي خرج من الذنوب ، فإذا

___________________

١- ثواب الأعمال ، الشيخ الصدوق / ٩١.

٢- مستدرك الوسائل ، الميرزا النوري ١٠ / ٢٥٢.

٣- وسائل الشيعة ، الشيخ الحر العاملي ١٠ / ٣٤٣.

٣٩

مشى إلى الحائر لم يرفع قدماً ولم يضع أُخرى إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ))(١) .

كل خطوة حسنة :

عن سدير الصيرفي قال : كنا عند أبي جعفر - الإمام محمد الباقر - (عليه‌السلام ) فذكر فتى قبر الحسين (عليه‌السلام ) ، فقال له أبو جعفر (عليه‌السلام ) : (( ما أتاه عبد فخطا خطوة إلا كتبت له حسنة وحطت عنه سيئة ))(٢) .

لا يرى النار أبداً :

عن علي بن ميمون الصائغ ، عن أبي عبد الله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) قال : (( يا علي ، زر الحسين ولا تدعه.

قلت : ما لمن أتاه من الثواب ؟

قال: من أتاه ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة. فإذا أتاه وكّل الله به ملكين يكتبان ما خرج من فيه من خير ، ولا يكتبان ما يخرج من فيه من شر ولا غير ذلك. فإذا انصرف ودّعوه ، وقالوا : يا ولي الله مغفوراً لك ، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله. والله لا ترى النار بعينك أبداً ، ولا تراك ولا تطعمك أبداً ))(٣) .

طوبى لك :

عن جابر الجعفي قال : قال أبو عبدالله - الإمام جعفر الصادق - (عليه‌السلام ) - في حديث طويل - : (( فإذا انقلبت من عند قبر الحسين (عليه‌السلام ) ، ناداك منادٍ لو سمعت مقالته لأقمت عمرك عند قبر الحسين (عليه‌السلام ) ، وهو يقول :

___________________

١- كامل الزيارات ، جعفر بن محمد بن قولويه / ٣٤٦.

٢- بحار الأنوار ، الشيخ محمد باقر المجلسي ٩٨ / ٢٥.

٣- كامل الزيارات ، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه / ٢٥٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103