مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)15%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76509 / تحميل: 9907
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مختصر كفاية المهتدي

لمعرفة المهدي ( عجّل الله فرجه )

تأليف: السيّد محمّد ميرلوحي الأصفهاني

ترجمة وتحقيق: السيّد ياسين الموسوي

تقديم: مركز الدراسات التّخصّصيّة في الإمام المهديّ (عليه السلام)

رقم الإصدار: ٣٩

١

٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اللّهمّ أرني الطلعة الرّشيدة، والغرّة الحميدة

واكحل ناظري بنظرة منّي إليه، وعجّل فرجه،

وسهّل مخرجه، وأوسع منهجه، واسلك بي محجّته،

وأنفذ أمره، واشدد أزره، واعمر به بلادك،

وأحيي به عبادك،

برحمتك يا أرحم الراحمين

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز:

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عليه السلام) من الأمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شك (١) .

وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، أنّ الله تعالى سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت (عليهم السلام)، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وجاء أنّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلّف، حتّى لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله (عزّ وجل) ذلك اليوم حتّى يظهر.

وكيف وأنّى يتخلّف وعد الله (عزَّ وجلَّ) في إظهار دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون؟! وكيف لا يحقّق تعالى وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وبتمكين دينهم الذي ارتضى لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه تعالى لا يشركون به شيئاً.

وقد أجمع المسلمون على أنّ المهديّ المنتظر (عليه السلام) من أهل البيت (عليهم السلام)، وأنّه من ولد فاطمة (عليها السلام). وأجمع الإماميّة - ومعهم عدد من علماء السنة - أنّه (عليه السلام) من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فأثبتوا اسمه ونعته وهويّته الكاملة.

هكذا فقد اعتقد الإمامية - ومعهم بعض علماء السنّة - أنّ المهدي

____________________

(١) روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (مَن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمد) . انظر: عقد الدرر: ٢٣٠؛ عرف المهدي ٢: ٨٣؛ الفتاوى الحديثيّة: ٢٧؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ١٧٥، ف ١٢.

٥

المنتظر قد وُلد فعلاً، وأنّه حيّ يرزق، لكنّه غائب مستور. وماذا تنكر هذه الأُمّة أن يستر الله (عزَّ وجلَّ) حجّته في وقت من الأوقات؟! وماذا تنكر أن يفعل الله تعالى بحجّته كما فعل بيوسف (عليه السلام): أن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتّى يأذن الله (عزَّ وجلَّ) له أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف ( قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ) (١) .

أو لم يخلّف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أمّته الثقلين: كتاب الله وعترته، وأخبر بأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض؟ أو لم يخبر (صلّى الله عليه وآله) أن سيكون بعده اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، وأنّ عدد خلفائه عدد نقباء موسى (عليه السلام)؟ وإذا كان الله تعالى لم يترك جوارح الإنسان حتّى أقام لها القلب إماماً لتردّ عليه ما شكّت فيه، فيقرّ به اليقين ويبطل الشكّ، فكيف يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم؟ (٢) وحقّاً ( لاَ تَعْمَى‏ الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَي الْقُلُوبُ الّتِي فِي الصّدُور ) ( ٣) .

ولا ريب أنّ للعقيدة الشيعيّة في المهدي المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) - وهي عقيدة قائمة على الأدلّة العقليّة - رجحاناً كبيراً على عقيدة مَن يرى أنّ المهدي المنتظر لم يُولد بعد، يقرّ بذلك كلّ مَن ألقى السمع وهو شهيد إلى قول الصادق المصدّق (عليه السلام): ( مَن مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتّةً جاهليّة) (٤) .

____________________

(١) يوسف: ٩٠، والاستدلال منتزع من الكافي ١: ٣٣٧.

(٢) انظر محاججة مؤمن الطاق مع عمرو بن عبيد: كمال الدين ١: ٢٠٧ - ٢٠٩ / ح ٢٣.

(٣) الحجّ: ٤٦.

(٤) حديث مشهور تناقله علماء الطرفين في مجاميعهم الحديثية بتعابير تتّفق في مضمونها. انظر على سبيل المثال: مسند أحمد ٣: ٤٤٦، و ٤: ٩٦؛ المعجم الكبير للطبراني ١٢: ٣٣٧، و١٩: ٣٣٥ و ٣٣٨، و ٢٠: ٨٦؛ طبقات ابن سعد ٥: ١٤٤؛ مصنّف ابن أبي شيبة ٨: ٥٩٨ / ح ٤٢، الفردوس للديلمي ٥: ٥٢٨ / ح ٨٩٨٢.

٦

ناهيك عن أنّ من معطيات الاعتقاد بالإمام الحيّ أنّها تمنح المذهب غناءً وحيويّة لا تخفى على مَن له تأمّل وبصيرة (١) .

ولا ريب أنّ إحساس الفرد المؤمن أنّ إمامه معه يعاني كما يعاني، وينتظر الفرج كما ينتظر، سيمنحه ثباتاً وصلابة مضاعفة، ويستدعي منه الجهد الدائب في تزكية نفسه وتهيئتها ودعوتها إلى الصبر والمصابرة والمرابطة؛ لتكون في عداد المنتظرين الحقيقيين لظهور مهدي آل محمد (عليه وعليهم السلام). خاصّة وأنّه يعلم أنّ اليُمن بلقاء الإمام لن يتأخّر عن شيعته لو أنّ قلوبهم اجتمعت على الوفاء بالعهد، وأنّه لا يحبسهم عن إمامهم إلاّ ما يتّصل به ممّا يكرهه ولا يُؤثره منهم (٢) .

ولا يُماري أحد في فضل الإمام المستور الغائب - غيبة العنوان لا غيبة المعنوَن - في تثبيت شيعته وقواعده الشعبية المؤمنة وحراستها، كما لا يماري في فائدة الشمس وضرورتها وإن سترها السحاب. كيف! ولو لا مراعاته ودعائه (عليه السلام) لاصطلمها الأعداء ونزل بها الأواء، ولا يشكّ أحد من الشيعة أنّ إمامه أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء (٣) .

وقد وردت روايات متكاثرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تنصبّ في مجال ربط الشيعة بإمامهم المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، وجاء في بعضها أنّه (عليه السلام) يحضر الموسم فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه (٤) ، وأنّه (عليه السلام) يدخل عليهم

____________________

(١) انظر كلام المستشرق الفرنسي الفيلسوف هنري كاربون في مناقشاته مع العلاّمة الطباطبائي في كتاب الشمس الساطعة.

(٢) انظر: الاحتجاج للطبرسي ٢: ٣٢٥؛ بحار الأنوار ٥٣: ١٧٧.

(٣) قال (صلّى الله عليه وآله): (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض) . انظر علل الشرائع ١: ١٢٣؛ كمال الدين ١: ٢٠٥ / ح ١٧ - ١٩.

(٤) وسائل الشيعة ١١: ١٣٥؛ بحار الأنوار ٥٢: ١٥٢.

٧

ويطأ بسطهم (١) . كما وردت روايات جمّة في فضل الانتظار، وفي فضل إكثار الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ فيه فرج الشيعة.

وقد عني مركز الدراسات التخصّصيّة في الإمام المهديّ (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) بالاهتمام بكلّ ما يرتبط بهذا الإمام الهمام (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، سواءً بطباعة ونشر الكتب المختصّة به (عليه السلام)، أو إقامة الندوات العلميّة التخصصيّة في الإمام (عليه السلام) ونشرها في كتيِّبات أو من خلال شبكة الإنترنيت. ومن جملة نشاطات هذا المركز سلسلة التراث المهدويّ، ويتضمّن تحقيق ونشر الكتب المؤلّفة في الإمام المهديّ (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، من أجل إغناء الثقافة المهدوّية، ورفداً للمكتبة الإسلاميّة الشيعيّة، نسأله - عزّ من مسؤول - أن يأخذ بأيدينا، وأن يبارك في جهودنا ومساعينا، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.

والكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ هو مجموعة نادرة وقيّمة من الأحاديث الخاصة حول الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) برواية الفضل بن شاذان المعاصر للإمام العسكري (عليه السلام)، والتي يمكن اعتبارها مصدراً مهمَّاً من المصادر التي اعتمد عليها الأوائل في إثبات الكثير من الخصوصية حول الحجة بن الحسن (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف).

شكر وتقدير:

والمركز إذ يقدَّم للمكتبة الإسلامية وللإخوة القرّآء هذا السفر القيِّم، يتقدَّم بالشكر الجزيل لسماحة السيد ياسين الموسوي (دام ظله) لجهده في ترجمة وتحقيق هذا الكتاب القيِّم، كما يتقدَّم بالشكر إلى قسم الكمبيوتر، ونخص بالذكر الأخ الفاضل مسؤول قسم الكمبيوتر والتنضيد "ياسر الصالحي".

السيد محمّد القبانچي               

مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي (عليه السلام)

النجف الأشرف                    

____________________

(١) الكافي للكليني ١: ٣٣٧ / ح٤.

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المحقِّق:

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ومنكري فضائلهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

لماذا كتاب " كفاية المهتدي "؟

بغض النظر عن الدواعي التي دفعت المؤلِّف (رحمه الله) لكتابته هذا الكتاب، والتي أشار إليها في المقدمّة، وإن كان قد ركزّ هو على فكرة جمع أربعين حديثاً، واستشهد له بالروايات والأقوال؛ ولم يفصّل القول في الموضوع العقائدي الذي ابتنت عليه أصول وقواعد جمعه لأحاديث كتابه؛ ولعل السبب يعود: إلى أنّه أوكَلَ ذلك إلى نفس القارئ عندما يطلّع على دُرَر المعاني والأفكار بما يقرأه من روايات وأحاديث الكتاب.

وفي الواقع أنّ الكتاب لم يأتِ بشيء جديد يستحق كلّ هذا الاهتمام: من ترجمةٍ، وتحقيقٍ، ومتابعةٍ، بل كاد أن يكون تكراراً لكتبٍ كثيرة جمعت الروايات، والأخبار التي اختصّت موضوعها بالمهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، أو اشتملت عليه، مثل: كمال الدين، وغيبة الطوسي، وغيبة النعماني، وعشراتٍ غيرها؛ إلاَّ إنّه تميّز عنها بشيء جديد استحقّ كلّ هذا الاهتمام والرعاية، وهو: أنّه جمع في كتابه هذا عشرات الأحاديث التي رواها الشيخ الفضل بن شاذان (المتوفَّى سنة ٢٥٧ للهجرة، أي بعد ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) بسنتين فقط) في كتابه الغيبة، وإثبات الرجعة؛ والتي طالما نقل عنهما الشيوخ الأوائل

٩

الأقدمون، مثل: الكليني والصدوق والمفيد والطوسي وغيرهم، وامتلأت كتبهم بتلك الروايات الصحيحة.

ولكنّهم - ولأسباب موضوعيّة - اختصروا تلك الكتب، فلم ينقلوا جميع ما فيها، واكتفوا بنقل بعضها، وربَّما يكون السبب الكبير لسلوكهم هذا المنهج في الجمع والتبويب: أنَّ تلك الكتب كانت متوفِّرةً من حيث الكمّ، ومتواترةً أو مشهورةً بما يقارب التواتر من حيث الإسناد.

ومهما تكن الأسباب والدواعي التي اقتضت هذا الاختصار، ومع أنَّنا نعذرهم بذلك، ولكن ما مرّت به الطائفة المحقَّة من غارات واعتداءات وحروب عنصرية؛ أدّت إلى ضياع كثير من تراثنا، أو ما زال يعيش في خفايا ومجاهيل المكتبات وغيرها، ومن جملة ذلك التراث المقدّس، كتب الشيخ ابن شاذان (قدس سرّه)، فضاعت كثير من تلك النفائس ولم يبق منها إلاّ قليل.

فلو كان المتقدِّمون قد نقلوا ما في تلك الكتب، فلربّما كانت قد وصلت إلينا كما وصلت باقي الأخبار التي نقلوها في مختلف الأبواب والمواضيع.

ويبقى استغرابٌ ماثلٌ أمامنا وهو: أنَّنا نجد كثيراً من الأصحاب قد أكثروا من النقل عن كتابي الشيخ ابن شاذان: (إثبات الرجعة، والغيبة)، ومنهم من المتأخرين، بل قد يظهر من آراء بعض المحققين أنّ الشيخ الحرّ العاملي المتوفّى سنة ١١٠٤ هـ قد اختصر كتابه " إثبات الرجعة "، وما زالت النسخة المخطوطة بخط يده موجودة ومحفوظة. ولكنّه يصرِّح فيها أنَّ الاختصار كان لغيره، وقام هو (قدس سرّه) بمقابلة نسخ ذلك الاختصار، حيث قال في خاتمة النسخة: (هذا ما وجدناه منقولاً عن رسالة " إثبات الرجعة " للفضل بن شاذان بخط بعض فضلاء المحدّثين، وقد قوبل بأصله.. حرَّره محمّد الحر). وقد ختمه بختمه الشريف وكتب فوقه: مالكه؛ والنسخة موجودة في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف.

١٠

ومن جملة أولئك العلماء الذين نقلوا مباشرةً عنهما، مؤلِّف هذا الكتاب، والعالم الجليل آقا مير محمّد صادق الخاتون آبادي: (المتولد سنة ١٢٠٧، والمتوفّى ليلة ١٤ من شهر رجب - سنة ١٢٧٢ هـ ق) في كتابه الأربعون (كشف الحق) (١) .

ولذلك تعيّن على مَن يريد الحصول على الأثر المتبقَّي من هذا التراث أن يراجع هذه الكتب التي نقلت عنه مباشرةً وبدون واسطة.

ومن هذه النقطة بالذات تظهر أهميّة كتاب (كفاية المهتدي)؛ حيث حفظ لنا كثيراً من روايات الشيخ الفضل بن شاذان.

ما هي أهميّة روايات كتابي " إثبات الرجعة "، و" الغيبة " للشيخ بن شاذان؟

وتظهر أهميّة روايات هذين الكتابين لأنّهما يتحدّثان عن تفاصيل كثيرة تتعلَّق بالإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) لم يألفها الشيعة ولا غيرهم في عصر صدورها وروايتها، ولم يتعرّفوا عليها إلاّ بعد مدّة ليست بالقصيرة. أمَّا لماذا؟ فذلك لأنّ الإمام المهدي لم يكن قد وُلد آنذاك؛ فإنّه كان قد كتب كثيراً من روايات كتابيه هذين إمَّا قبل ولادته (عليه السلام)، أو بعد ولادته وقبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، كروايته خبر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، بمعنى: أنّه كان قد تحدّث عن الغيبة قبل حدوث الغيبة الصغرى؛ لأنّ وفاة الشيخ الفضل بن شاذان كانت قبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) وكان (عليه السلام) قد ترحّم عليه، فهو قد توفّاه الله تعالى قبل حدوث الغيبة الصغرى.

وأمَّا كيف استطاع أن يتحدّث عن كلّ تلك الأمور قبل وقوعها؟

فإنّه في الواقع لم يخبر من عنده شيئاً، وإنما كلّ ما أخبر عنه إنّما كان

____________________

(١) إنّ هذا الإخفاء، أو الضياع، يُؤكد حقيقة مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، ويوضّح مدى قساوة وجلافة خصومهم.

١١

روايةً عن أهل بيت النبوة (عليهم السلام)؛ ويكفي هذا دلالةً على إمامتهم (عليهم السلام)، حيث كانوا قد أخبروا عن الشيء قبل وقوعه.

ملخَّص البحث:

تكفي روايات الفضل لدحض شبهات وخزعبلات البعض الذين يقولون بأنّ عقيدة الشيعة بالإمام المهدي إنّما ظهرت متأخرة عن زمان وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) بكثير، حتى كابر فادعى أنّها ظهرت على يد متكلمي الإمامية كالشيخ المفيد، والشيخ الطوسي ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) (١) .

فهذه كتب وروايات الفضل كلّها كانت قبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام).

عملنا في الكتاب:

١ - كان الكتاب قد كتب باللغة الفارسيّة، فقمنا بترجمته إلى اللغة العربية، وقد راعينا أقصى ما يمكن الالتزام بالنّص الفارسي، وعدم تجاوزه والخروج عنه إلاّ ببعض الكلمات القليلة جداً اقتضته فروقات أساليب الكلام العربي والفارسي.

٢ - التزمنا بنقل الروايات الشريفة إلى اللغة العربية بالنّص المروي في مصادره، ومع أنَّنا نظن أنّ ترجمة المؤلف لم تكن دقيقة في بعض الأحيان، لكننا التزمنا بنقل النّص كما هو في الترجمة، منبّهين في الهامش إلى الاختلافات الموجودة في مصادر النّص؛ وقد آلينا أن نسلك هذا الأسلوب لاحتمال أن يكون المؤلِّف قد اعتمد في الترجمة على نسخة بدل أخرى؛ رعايةً منّا للاحتياط الذي هو سبيل النّجاة.

٣ - وجدنا المؤلِّف قد ينجرّ قلمه للحديث عن بعض الأكابر كالعلامة المجلسي (قدس سرّه) بما لا يتناسب والبحث العلمي، فارتأينا حذف تلك المقاطع من الكتاب؛ ولذلك عَدَلنا من تسميّة الكتاب باسمه الأصلي إلى تسميّته بـ: "مختصر كفاية المهتدي " ؛ رعايةً لأمانة النقل.

____________________

(١) الكهف: ٥.

١٢

٤ - قمنا بتحقيق نصّ الكتاب ورواياته غير المطبوعة، والتي نقلها المؤلف (قدس سرّه) من الكتب المفقودة، على نسختين مهمتين:

أ) النسخة الأولى: المخطوطة الموجودة في كتابخانه مجلس (طهران - إيران)، تحت رقم ٨٣٣؛ وقد كتب في آخرها: (قد فرغ كتابه في يوم السبت من عشرة الثالث من شهر الحادي عشر في سنة الإحدى من عشر الثاني من مائة الثانية بعد الألف الأوّل من الهجرة النبوية المصطفوية (صلّى الله عليه وآله)...).

وكان قد كتب على الورقة الأولى منها: (كتاب أربعين أو فاضل متتبع، وأديب محدّث، مولانا محمّد لوحي حسيني موسوي سبزواري عليه الرحمة موسوم بكفاية المهتدي) وعدد صفات هذه النسخة ٢٥٢ صفحة.

وجعلنا هذه النسخة النسخة الأصل.

ب) النسخة الثانية: المطبوعة تحت عنوان: گزينش: سازمان چاپ وانتشارات گروه احياي تراث فرهنگي. الطبعة الأولى: ٧ بهمن، ١٣٧٣ هجرية شمسية.

وذكر في المقدِّمة أنَّ هذه النسخة قد صحِّحت على ثلاث نسخ، وهي:

أولها: نسخة مكتبة الوزيري تحت رقم ٥١٢، بخط إسماعيل بن شاه قلي. تاريخ النسخ في عاشر محرم الحرام سنة ١١٠٦ هجرية قمرية.

وثانيتها: نسخة مكتبة الأستاذ الفقيد المرحوم المحدّث الأرموي.

وثالثتها: نسخة المكتبة المركزية جامعة طهران، وهي من جملة الكتب المهداة من المرحوم الأستاذ السيد محمّد مشكوة. تحت رقم ٦١٩. واستظهرت المجموعة المصحِّحة أنَّ هذه النسخة هي نفس النسخة التي كان قد رآها الشيخ آقا بزرگ الطهراني (في خزانة كتب السيد آغا بن الحاج سيد أسد الله بن السيد حجة الإسلام الأصفهاني، وهو فارسي. ورأيتُ نسخة منه

١٣

بخط محمّد مؤمن بن الشيخ عبد الجواد، كتبها في عصر المصنّف، وفرغ منها في سابغ ربيع الثاني ١٠٨٥) (١) .

ثمّ قال بعد حديث طويل: (... ويظهر من أثنائه أنّه شرع فيه في ١٠٨١هـ، وفرغ منه في ١٠٨٣هـ، ويوجد بهذه الخصوصيات نسخة في موقوفة مدرسة السيد البروجردي في النجف) (٢) .

كما أنَّنا حقَّقنا بعض روايات الكتاب مع تلك الروايات الموجودة في " مختصر إثبات الرجعة " الذي أشرنا إليه، وسبق أن نبَّهنا إلى أنَّه بخط بعض فضلاء المحدّثين وعليه ختم العلامة المرحوم الحر العاملي صاحب " وسائل الشيعة "، وعندنا نسخة مصوَّرة عنه، والأصل موجود في مكتبة الإمام الحكيم (قدس سرّه) العامة.

مصادر الكتاب ومؤلِّفيها:

ونظراً إلى أنَّ الكتاب كتاب رواية، وقد أقرّ مؤلفه بهذه الحقيقة، ولذلك سمّاه بـ: "الأربعين" ، فيلزمنا أن نتعرَّف على المصادر التي اعتمدها المؤلف، وبالإضافة إلى معرفة مؤلِّفي تلك الأحوال، وأحوالهم من حيث الوثاقة والاعتبار لنطمئن على صحة تلك الأحاديث واعتبارها، وسلامتها من الطعون. ولكن بما أنّه قد نقل عن المصادر المشهورة والمعروفة عند الشيعة والسنة، مثل: " الاحتجاج " للطبرسي، و" كمال الدين " و " عيون أخبار الرضا " للصدوق، و " السنة " و" الإرشاد " للمفيد، و " الأربعين " لأبي نعيم، و"مسند أحمد بن حنبل "... وغيرها من المصادر المهمة التي لا تحتاج إلى بحث فيها ولا في مؤلفيها لشهرتها ومعروفيتها؛ فإنَّنا قد أعرضنا الحديث عنها وعن مؤلِّفيها، وقصرنا الحديث عن المصادر المفقودة لسببين:

____________________

(١) الذريعة لآقا بزرك الطهراني ١٨: ١٠١.

(٢) الذريعة ١٨: ١٠٢.

١٤

أولهما: التعريف بتلك المصادر ومؤلّشفيها؛ ليعرف القارئ أهمية مصدر الحديث الذي يقرأه، وقوّة اعتباره، وصحته، وسلامته؛ وبذلك يتضح بطلان كلام أصحاب الشبهات الباطلة والدعاوى الكاذبة.

وثانيهما: لأنَّه قد أكثر النقل عنها حتى صار الكتاب كأنّه ملخص شريف لتلك الكتب، بحيث قال المحقق العلامة آغا بزرك الطهراني: (وهذا الأربعين فارسي، وترجمة وشرح للأحاديث التي رواها الفضل بن شاذان وغيره) (١) .

ولعله كان يقصد من كلمة: (وغيره)، ما نقله عن أستاذه وشيخه النوري حيث قال في أول كتابه (جنّة المأوى): (إنّي كلّما انقل في هذا الكتاب عن غيبة الفضل بن شاذان، وعن غيبة الحسن بن حمزة المرعشي، وعن كتاب الفرج الكبير لمحمّد بن هبة الله بن جعفر الطّرابلسي، فإنّما أنقلها عن كتاب المير لوحي هذا، لأنّها كانت موجودة عنده، وينقل عنها في كتابه هذ) (٢) .

أقول: هكذا هو الموجود في عبارة الطهراني (قدس سرّه) حيث نسبت الكلام لأستاذه في بداية كتابه (جنة المأوى)، ولكنَّنا قرأنا الكتاب عدّة مرات فلم نجده فيه، وإنَّما هو موجود في كتاب النجم الثاقب لأستاذه النوري (قدس سرّه)، حيث قال الشيخ النوري الطبرسي (قدس سرّه) في مقدِّمة كتابه (النجم الثاقب) عند عدّه مصادر كتابه ما تعريبه:

(كتاب " كفاية المهتدي في أحوال المهدي (عليه السلام) " للسيد محمّد بن محمّد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الملقّب بالمطهَّر والمتخلص بالنقيبي، تلميذ المحقق الدّاماد، وأكثر ما في هذا الكتاب نقله من كتاب الفضل بن شاذان حيث ينقل الخبر سنداً ومتناً أوّلاً، ومن ثمّ يترجمه.

وكان عنده (غيبة) الشيخ الطّرابلسي، و(غيبة) الحسن بن حمزة المرعشي أيضاً.

____________________

(١) الذريعة ١٨: ١٠٢ / تحت رقم ٨٦٧.

(٢) المصدر نفسه.

١٥

وما ننقله عن هذه الكتب الثلاثة فإنّما ننقله بالواسطة عن هذا الكتاب) (١) .

ولذلك نرى من المهمّ أن نُخصِّص مقاماً من الحديث عن هذه الكتب الثلاثة ومؤلِّفيها - خصوصاً الأوّل منها، أعني ما سُمّي بـ: غيبة الفضل بن شاذان - ثمّ إلحاق الحديث عن أحوال الكتب الأخرى غير الموجودة حالياً، مثل: " كتاب الأنوار " لأبي عليّ محمّد بن همام، و" كتاب التاريخ الكبير " للثقفي، في هوامش الكتاب القادمة إن شاء الله تعالى، تخفيفاً لحجم المقدِّمة ولأنَّ هذين الكتابين وأمثالهما لم يكثر المؤلف (رحمه الله) النقل منهما، وإنّما ربّما نقل عن كلّ منهما مرة أو مرتين في كتابه هذا؛ ولهذا السبب ارتأينا تأجيل الكلام عنهما وعن أمثالهما إلى محلِّه الموجز دون المحلّ المفصّل.

١ - الغيبة:

للشيخ الأقدم الفضل بن شاذان النيسابوري (رضوان الله تعالى عليه).

وقد عدّ الشيخ النجاشي وغيره أنَّ له أكثر من كتاب في القضية المهدوية، منها:

١ - كتاب إثبات الرجعة.

٢ - كتاب الرجعة.

٣ - كتاب القائم (عليه السلام).

٤ - كتاب الملاحم.

٥ - كتاب حذو النعل بالنعل (٢) .

وللأسف الشديد فإنَّ جميع تلك الكتب قد عَدت عليها كوارث الزمن ولم يبق منها إلاَّ أسماؤها وبعض الروايات المتشتِّتة في بطون الكتب ممَّا نقلها

____________________

(١) النجم الثاقب / النوري ١: ١٠٢ / تعريب: السيد ياسين الموسوي.

(٢) رجال النجاشي: ٣٠٧ / تحت رقم ٨٤٠؛ معجم رجال الحديث / الخوئي: ١٤ / ٣٠٩.

١٦

الأوائل في مجاميعهم، مثل: كتب الكليني والصدوق والطوسي؛ غير أنَّه بقي من المتأخرين مَن نقل مجموعة أخرى من الروايات ممَّا لم ينقله المتقدِّمون من هذه الكتب؛ وكاد ينحصر هذا النقل الجديد بكتاب المير لوحي (كفاية المهتدي)، والتي نقل عنه الخاتون آبادي في (كشف الحق) و(مختصر إثبات الرجعة) الذي أمضاه الحر العاملي.

ولكن ظهر سؤال جديد، وهو: أنَّ هذا الموجود، هل هو من كتاب (إثبات الرجعة) أو (كتاب الرجعة)؟ وهل أنَّ كتاب إثبات الرجعة هو كتاب الغيبة، أم أنَّ كتاب الرجعة هو كتاب الغيبة؟

والشيء المتَّفق عليه هو أنَّه كان للفضل كتابان، أحدهما باسم: إثبات الرجعة. والآخر باسم: الرجعة؛ والثاني هو غير الأوّل كما نصّ عليه النجاشي وغيره.

قال شيخ الإجازة وخاتمة الرواة آقا بزرك الطهراني: (كتاب الغيبة للحجة الشيخ المتقدم أبي محمّد الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري، الراوي عن الجواد (عليه السلام)، وقيل عن الرضا (عليه السلام)، والمتوفَّى ٢٦٠. وهو غير النجاشي بعد ذكره (إثبات الرجعة) بكتاب (الرجعة الحديث). فهذا مقصور على أحاديث الرجعة، وظهور الحجة، وأحواله، ولذا اشتهر بكتاب الغيبة، وكان موجوداً عند السيد محمّد بن محمّد مير لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي على ما يظهر من نقله عنه في كتابه الموسوم كفاية المهتدي في أحوال المهدي، وينقل شيخنا النوري في النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب، عن كتاب الغيبة هذا بتوسط المير لوحي المذكور...) (١) .

____________________

(١) الذريعة ١٦: ٧٨ / تحت رقم ٣٩٥.

١٧

من هو الفضل بن شاذان؟

قال النجاشي: (الفضل بن شاذان بن الخليل، أبو محمّد الأزدي النيشابوري (النيسابوري)، كان أبوه من أصحاب يونس. وروى عن أبي جعفر الثاني، وقيل عن الرضا (عليهما السلام). وكان ثقة. أحد أصحابنا الفقهاء المتكلمين، وله جلالة في هذه الطائفة. وهو في قدره أشهر من أن نَصِفُه. وذكر الكنجي أنه صنّف مائة وثمانين كتاباً...) (١) .

وقد روى الكشي في رجاله عن محمّد بن الحسين بن محمّد الهروي، عن حامد بن محمّد الأزدي البوشنجي، عن الملقّب بفورا [بخوراء خ. ل] من أهل البوزجان من نيسابور: أنَّ أبا محمّد الفضل بن شاذان (رحمه الله) كان وجهّه إلى العراق إلى حيث به أبو محمّد الحسن بن عليّ (صلوات الله عليهما)؛ فذكر أنّه دخل على أبي محمّد (عليه السلام). فلمّا أراد أن يخرج، سقط كتابٌ في حضنه ملفوف في رداء له؛ فتناوله أبو محمّد (عليه السلام)، ونظر فيه، وكان الكتاب من تصنيف الفضل، وترحّم عليه، وذكر أنَّه قال: (أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم) (٢) .

وروى عن سعد بن جناح الكشّي، قال: (سمعت إبراهيم الورّاق السمرقندي يقول: خرجت إلى الحج، فأردت أن أمرّ على رجل كان من أصحابنا المعروف بالصّدق، والصّلاح، والورع، والخير، يقال له: بورق البوشنجاني (قرية من قرى هرات)، وأزوره، وأحدث عهدي به.

قال: فأتيته، فجرى ذكر الفضل بن شاذان (رحمه الله).

____________________

(١) نفس المصدر.

(٢) رجال الكشي: ٥٤٢ / تحت رقم ١٠٢٧.

١٨

قال بورق: كان الفضل بن بطن، شديد العلّة، ويختلف في الليلة مائة مرّة، إلى مائة وخمسين مرّة.

فقال له بورق: خرجت حاجّاً، فأتيت محمّد بن عيسى العبيدي، ورأيته شيخاً فاضلاً، في أنفه عوجه (وهو القنا)، ومعه عدّة؛ رأيتهم مغتمّين، محزونين، فقلت لهم: ما لكم؟

قالوا: إن أبا محمّد (عليه السلام) قد حبس.

قال بورق: فحججت، ورجعت، ثمّ أتيت محمّد بن عيسى، ووجدته قد انجلى عنه ما كنت رأيت به؛ فقلت: ما الخبر؟

قال: قد خلّي عنه.

قال بورق: فخرجت إلى سرّ من رأى، ومعي كتاب يوم وليلة؛ فدخلت على أبي محمّد (عليه السلام)، وأريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، إنْ رأيت أن تنظر فيه.

فلمَّا نظر فيه، وتصفَّحه ورقة ورقة، قال: (هذا صحيح، ينبغي أن يعمل به) .

فقلت له: الفضل بن شاذان شديد العلة، ويقولون إنّه من دعوتك بموجدتك عليه؛ لِمَا ذكروا عنه أنّه قال: إنّ وصيّ إبراهيم خير من وصيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله)؛ ولم يقل جعلت فداك هكذا، كذبوا عليه.

فقال: (نعم. رحم الله الفضل) .

قال بورق: فرجعت، فوجدت الفضل قد توفّي في الأيام التي قال أبو محمّد (عليه السلام): (رحم الله الفضل) ) (١) .

وعن علمه وفضله روى الكشيّ عن جعفر بن معروف قال: (حدّثني سهل بن بحر الفارسي، قال: سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به، يقول: أنا خلفٌ لمَن مضى، أدركتُ محمّد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وغيرهما. وحملت عنهم خمسين سنة.

____________________

(١) رجال الكشي: ٥٣٧ و٥٣٨ / تحت رقم ١٠٢٣.

١٩

ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه كان يرد على المخالفين. ثمّ مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفاً غير السكّاك، فردّ على المخالفين حتى مضى (رحمه الله). وأنا خلفٌ من بعدهم (رحمه الله)) (١) .

٢ - الغيبة:

لأبي محمّد الحسن بن حمزة بن عليّ بن عبد الله بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) المتوفَّى سنة ٣٥٨هـ.

قال النجاشي: (أبو محمّد الطبري، يُعرف بالمرعش، كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها، قَدِم بغداد، ولقيه شيوخنا في سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ومات في سنة ثماني وخمسين وثلاثمائة. له كتب... كتاب في الغيبة) (٢) .

وقال الشيخ الطهراني: (وكان عند المير لوحي المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي، كما يظهر من نقله عنه...) (٣) .

وقال الشيخ النوري الطبرسي (رحمه الله) في خاتمة المستدرك: (... كان عند مير لوحي المعاصر للمجلسي، الساكن معه في أصبهان كتب نفيسة جليلة كـ " كتاب الرجعة " للفضل بن شاذان، و " الفرج الكبير في الغيبة " لأبي عبدالله محمّد بن هبة الله بن جعفر الورّاق الطرابلسي، و " كتاب الغيبة " للحسن بن حمزة المرعشي، وغيرها، ولم يطلع عليها المجلسي (رحمه الله) (٤) .

____________________

(١) رجال الكشي: ٥٣٩ / تحت رقم ١٠٢٥.

(٢) الرجال / النجاشي: ٦٤ / تحت رقم ١٥٠.

(٣) الذريعة ١٦: ٧٦ / تحت رقم ٣٨٠.

(٤) خاتمة المستدرك ١: ٣٢ / الطبعة الحديثة؛ ج٣: ٢٩٥ / الطبعة الحجرية.

٢٠

3 - الفرج الكبير في الغيبة:

للشيخ أبي عبد الله محمّد بن هبة الله بن جعفر الورَّاق الطرابلسي.

قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: (فقيه ثقة، قرأ على الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمها الله) كتبه وتصانيفه. وله تصانيف؛ منها: " كتاب الزهد "، " كتاب النيات "، " كتاب الفرج ". أخبرنا بها الفقيه أحمد بن محمّد بن أحمد القمي الشاهد العدل، عنه) (1) .

وقال الطهراني: (وهو كتاب كبير، وكان عند المير لوحي الموسوي السبزواري المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي، على ما صرح به في (خاتمة المستدرك) و(النجم الثاقب) وغيرهما. والمير لوحي ينقل عنه في أربعينه الموسوم بـ (كفاية المهتدي في أحوال المهدي)) (2) .

سطور من أحوال السيد المير لوحي (رحمه الله):

اسمه: السيد محمّد بن محمّد بن أبي محمّد بن محمّد المصحفي الحسيني السبزواري الملقّب بالمطهّر، والمتخلّص بـ (النقيبي). ينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر بن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).

وكان جدّه الأعلى السيد محمّد المصحفي من أعاظم علماء سبزوار، وقد قرأ عليه المير محمّد سعيد بن مسعود الرضوي.

وكان والده محمّد ابن أبي محمّد منبع أسرار معارف التوحيد، ومطلع أنوار معالم التحقيق، عالماً، زاهداً، تقيَّاً، جامعاً للكمالات الصورية والمعنوية.

وكان والده قد هاجر من سبزوار إلى كربلاء، ثم هاجر منها إلى إيران، ونزل

____________________

(1) الفهرست / منتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي من أعلام القرن الخامس: 155 / تحت رقم 356.

(2) الذريعة 16: 156 / تحت رقم 422.

٢١

بأصفهان، وتزوَّج هناك بابنة بعض مادحي أهل البيت (عليهم السلام) الملقّب في شعر بـ (لوحي). ولمّا أولدت بنت لوحي صاحب الترجمة لقّبته بلقب أبيها فعرف بالمير لوحي.

وكان قد تصدَّى لظاهرة التصوف، التي كانت قد خيّمت على كثير من جوانب الحياة العامة في بدايات العصر الصفوي تحت اسم النقطوية، قبل نكبتهم على يد الشاه عباس ومجزرة قزوين التي حدثت في سنة 1002 هجرية. وقد ذكرنا لمحة في كتابنا (حياة بحر العلوم) أنَّ قضية التصوف التي كانت قد تصدَّت القضايا في العهد الصفوي الأوّل، وقضي عليها في العصر الصفوي العباسي، كانت لها أبعاداً سياسية غطيت بالبحوث الشرعية الدينية الرافضة للفكر الصوفي والمحاربة له.

ومع كل ذلك، فلم يكن الشارع العام يستجيب بسهولة للإرادة الملكية ويرفض مواقع شيوخ الصوفية ومعتقداته بهم؛ فلذلك كانت الردود القاسية من العامة تجاه أهل الفضل والقلم. ومن ذلك ما تحدَّث عنه المير محمّد زمان في كتابه " صحيفة الرشاد " الذي ألّفه دفاعاً عن أستاذه المير لوحي، حيث نقل أنَّه في كتابه المذكور، وهو يتحدَّث عنه وتاريخ علاقته به، إلى أن قال:

(وكان ولده المير لوحي يقرأ على والدي (تهذيب الأحكام)، إلى أن رجعا إلى أصفهان، وانقطع عنّي خبر المير لوحي إلى سنين كثيرة، حتى سافرت لزيارة العتبات، فصادفني في الطريق بعض الموثقين من أهل أصفهان، فرأيته كثير الهمّ والحزن لابتلاء عالم جليل في أصفهان بيد جهَّالها، وإيذاء هؤلاء العوام إيَّاه بأنواع الأذى. فلمّا تحقَّقت، تبيّن أنّه المير لوحي المذكور؛ وأنَّ سبب إيذائهم له تبرؤه عن أبي مسلم. ولمّا رجعت عن زيارة العتبات، ألّفت هذا الكتاب لأرسله إلى أهل أصفهان، إرشاداً لهم، ودفعاً لإيذاء جهّالهم عن المير لوحي) (1) .

وأمّا محمّد زمان مؤلف " صحيفة الرشاد "، فقد قال عنه الحر العاملي في (أمل الآمل): (كان فاضلاً، عالماً، فقيهاً، حكيماً، متكلماً، له كتب منها: " شرح

____________________

(1) راجع: الروضة النضرة: 480.

٢٢

القواعد "، وقرأ عليه شيخنا زين الدين بن محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني. وكان يثني عليه بالفضل) (1) .

وعن السلافة أنَّه: (كان من عظماء عصره، توفِّي 1041هـ) (2) .

ولم يكن المير زمان هو الوحيد الذي ألّف كتاباً في نصرة المير لوحي، وإنَّما هناك مجموعة كتب أُلِّفت بيد ثلّة من الفضلاء لنصرته، ذكر العلامة الطهراني جملة منها في موسوعته، كما ذكر أنَّ هناك سبعة عشر كتاباً قد أُلِّفت من قبل المناصرين المعاصرين للمير لوحي في أصفهان (3) .

وعدّد الطهراني السبعة عشر كتاب هذه في مكان آخر من موسوعته عن بعض معاصري المير لوحي على النحو التالي:

1 - إزهاق الباطل.

2 - أسباب طعن الحرمان.

3 - إظهار الحق ومعيار الصدق.

4 - أنيس الأبرار. صغير.

5 - أنيس الأبرار. وسيط.

6 - أنيس الأبرار. كبير.

7 - إيقاظ العوام.

8 - خلاصة الفوائد.

9 - درج اللآلئ.

10 - صحيفة الرشاد.

11 - صفات المؤمن والكافر.

____________________

(1) أمل الآمل / الحر العاملي: 2/273.

(2) السلافة: 499.

(3) الذريعة 8: 58 / تحت رقم 185.

٢٣

12 - علة افتراق الأمة.

13 - فوائد المؤمنين.

14 - مثالب العباسية.

15 - مخلصة المؤالفين من سمّ حبّ المخالفين.

16 - مرآة المنصفين.

17 - النور والنار (1) .

وقد أثير أمام نظرنا سؤال أراد أن يجرّنا إلى البحث عن موضوع أبي مسلم الخراساني المروزي، مؤسِّس الخلافة العباسية، المولود سنة (100) للهجرة، والمقتول على يد الخليفة المنصور العباسي سنة (137) للهجرة، الذي نبع فجأة في أصفهان بعدما يقارب الألف سنة من ولادته أو مقتله، ويؤسس منهجاً ومدرسة يخشاها العلماء والفضلاء ويؤلِّفوا فيها الكتب العديدة، وينبعث ذلك الهجوم المفتعل من العوام ضدّهم؛ فما هي أُسس هذه الظاهرة؟ ومن هم أبطالها وشخوصها؟ وما هي عقائدهم؟ ولماذا أبو مسلم الخراساني بالخصوص، المقتول والميت قبل هذه المئات من السنين؟ وهل كان هناك بالفعل وجود فكري أو عقائدي يحمل ذلك الطابع من التفكير، أم هو من هلوسة الانجرار وراء الطريقة الحشوية بالفكر؟

هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى أجوبة تنبعث من دراسة الواقع الفكري والعقائدي لمجتمع أصفهان في ذلك العصر.

كما إنَّنا رأينا المير لوحي قد ظهر واضحاً في بعض مجلدات الذريعة، وهو يحمل بجولاته وصولاته ضد الصوفية والتصوّف الذي كان يحكم الأُمة، وكان له موقعه المتنفذ في البلاط الصفوي في ذلك الحين؛ ولم نجد بموقف المير لوحي أية غضاضة لاتجاهه بهذا الاتجاه. وإنَّما الذي لفت الانتباه، معركته الضروس في عدّة

____________________

(1) الذريعة 4: 151 / تحت رقم 735.

٢٤

كتب ضد العلاّمة المجلسي الثاني، وأبيه المجلسي الأوّل، الشيخ محمّد تقي مقصود. ولو اقتصر الأمر على الحوار والمناقشة، لانتهى الموضوع إلى هذا الحدّ، ولكنَّنا وجدنا عدّة كتب يشكِّك المحقِّقون في مؤلِّفيها، أصرّ اللوحي بنسبتها إلى المجلسي الأوّل، مثل كتاب " الرد على الصوفية " للمولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي القمي المتوفَّى 1098هـ، حيث نسبه إليه المير لوحي، وادَّعى أنَّ المولى محمّد تقي كتب ردّاً عليه. وقد أنكر الرد ولده العلاّمة المجلسي، وعلَّق على هذه القضية المملوءة بالألغاز والاستفهامات العلاّمة الطهراني، فكتب: (وفي غاية البعد أن يكتب المولى محمّد طاهر، العالم العارف، الذي مات بعد المجلسي بما يقرب من ثلاثين سنة، ردّاً على المجلسي ويجيب عنه في حال حياته، ويتجاسر عليه بما في هذه الأجوبة من نسبة الغلط، والكذب، ودعوى الباطل، وإيجاد البدعة، وأمثال ذلك من السّب والشتم الذي هو من أعمال السوقيين) (1) .

وهكذا بالنسبة إلى كتاب " أصول فصول التوضيح " المختصر من " توضيح المشربَين " للمولى محمّد تقي بن مقصود عليّ المجلسي الأصفهاني المتوفَّى سنة 1070 هـ، نسبه إليه معاصره السيد محمّد بن محمّد الحسيني السبزواري، المطهَّر النقيبي، الشهير بالمير لوحي، وذكر أنَّه رجح المجلسي في " توضيح المشربَين " ومختصره هذا مشربَ التصوف على غيره.

ولكنّ العلاَّمة الطهراني صاحب الذريعة علّق على ادّعاء اللوحي، بأنْ قال: (ولكن يأتي في " توضيح المشربَين " أنْ الشيخ عليّ صاحب " الدر المنثور " الذي ألَّف " السهام المارقة في ردّ الصوفية "؛ عدّ كتاب " توضيح المشربَين " ومختصره، الأصول المذكور من كتب الردود على الصوفية) (2) .

____________________

(1) الذريعة 10: 207 / تحت رقم 562.

(2) الذريعة 2: 200 / تحت رقم 771.

٢٥

وذكر الطهراني كتاب " توضيح المشربَين " مفصَّلاً في المجلد الرابع من الذريعة، وملخَّصه: أنَّ الكتاب مؤلَّف باللغة الفارسية، ورتَّبه مؤلِّفه على ثلاثة وعشرين باباً، وعقد لكل باب أربعة فصول. يذكر في الفصل الأوّل كلمات مَن أبطل طريقة الصوفية وردّ عليهم. كما يذكر في الفصل الثاني كلمات مَن دافع عن الصوفية وانتصر لهم. وزعم المؤلف أنَّها من حواشي العلاّمة المجلسي الأوّل الشيخ محمّد تقي بن مقصود عليّ. وفي الفصل الثالث ينقل المؤلف كلمات مَن يردّ على المولى المجلسي.

ولم يذكر المؤلف في ذلك الكتاب اسم أحد من المؤلِّفين له مع كثرة نقولاتهم عنهم، إلاَّ ما زعمه أنَّه من كلام المولى محمّد تقي المجلسي. فمؤلف الكتاب مجهول الاسم والوصف، وهو ينقل عن كتاب " توضيح المشربَين " وهو مجهول الاسم والوصف أيضاً. ولم يذكر إلاَّ المجلسي، ممَّا حفَّز العلاَّمة الطهراني (رحمه الله) أن يقول: (فالعدول عنه إلى التصريح باسمه فقط مع التعمية عن أسماء الباقين، أشعر بأعمال غرض في هذا التأليف؛ وأنَّ السبب الوحيد الباعث لتأليفه هو انتساب مطالب الحواشي إلى المولى المجلسي، وانتشارها عنه، مع نزاهة ساحته عن نسبة تلك المطالب إليه، بشهادة تصانيفه، وبإخبار ولده العلاَّمة المجلسي، وبعلمنا بأحواله من تفانيه في علم الحديث وبثّه، وشروح الأحاديث ونشرها، ومَن كونه ملتزماً بتهذيب النفس بالتخلية والتحلية، والمجاهدة مع النفس في السير إلى الله تعالى على ما هو مأمور به في الشرع الأقدس، لا على طريقة الصوفية... إلخ) (1) .

وينفتح من هذا الباب الحديث عن علاقة اللوحي مع المجلسي الثاني، وهجومه العنيف عليه في كتبه وخصوصاً كتابه " كفاية المهتدي "؛ فما كانت الدوافع والأغراض من تلك المعركة... هل هي بالفعل تملك الدواعي العلمية والعقائدية؟ ممَّا قد يُثير

____________________

(1) الذريعة 4: 497 / تحت رقم 2228.

٢٦

الجواب - إذا كان ما يوصلنا إليه البحث العلمي بنعم - أنَّ نُؤسِّس دراسات وأبحاث عن منهج المجلسي في جميع اتجاهاته العلمية والبحثية... أو قد نصل إلى نتيجة موضوعية أخرى تُثبت أنَّ هناك أخطاء غير مقصودة كانت في منهج المجلسي (لا سامح الله تعالى)... ممَّا يفتح أمامنا مجالاً واسعاً للبحث عن الإجابة لسؤال: ما هو؟

وأمَّا إذا قلنا بأن الصراع الذي كان من اللوحي مع المجلسي إنما هو صراع شخصي ومن طرف واحد.

فأمَّا كونه من طرف واحد، فلم نجد أيّة ردّ فعل من المجلسي تجاه اللوحي، ولم نجد أي ذكر له في جميع ما كتبه المجلسي، والموجود منها مئات المجلَّدات من الكتب... بعكس ما وجدناه قد خرج من قلم اللوحي، حيث وجدنا أنَّ أكثر ما كتبه إنَّما كان موجَّهاً - إمَّا بالذات، أو بالعرض - ضد المجلسي (رضي الله عنه).

ولكن يبقى السؤال الأخير بدون إجابة، وهو: هل أنّ هناك أغراض ودواعي شخصية للّوحي أنشبت تلك الحرب؟ وأخال أنَّ ضرورة البحث العلمي تفرض على الباحث الموضوعي أن يدرس الظاهرة كلاً غير متجزَّءة، حيث يدخل فيها الدور السياسي والإرادة السلطانية للنظام الصفوي، وصراع الإرادات المتنوِّعة التي وجّهت المعركة بجهتها تلك، وهو موضوع دراسة التصوف في العصر الصفوي وتأثيره على تطوُّر الفكر الشيعي السلفي والفلسفي الذي حاول أن يجمعها نفسه العلاَّمة المجلسي الثاني. ففي الوقت الذي يؤلف كتابه " البحار " فيجمع أحاديث الشيعة فيه، فهو يؤلف " مرآة العقول " الذي امتلأ بالمطالب الفلسفية والنقلوات لأقوال الملا صدرا وصهره الشيخ محمّد صالح المازندراني.

مؤلَّفاته:

حفظت لنا المكتبات العظيمة جملة من كتبه ومؤلَّفاته، وبقي القسم الآخر أسماءاً مذكورة في تلك الكتب وغيرها من كتب العلماء والمؤلِّفين الذين ذكروها... ومنها:

٢٧

1 - إدراء العاقلين، وإخزاء المجانين.

ذكره في " كفاية المهتدي " في ذيل الحديث 17. وموضوعه ردّ على الصوفية. وتوجد نسخة منه في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي (قدس سرّه) في قم المقدسة تحت رقم 389. وقد ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (1) .

2 - أعلام المحبين.

في الرد على الصوفية أيضاً. وتوجد نسخة منه في مكتبة مجلس الشورى في طهران - إيران، في الفهرست: الجزء الثالث: الصفحة 61.

3 - ترجمة أبي مسلم المروزي.

ذكره الطهراني في الذريعة تحت رقم: (735)، وقال: ((ترجمة أبي مسلم المروزي) وهو عبد الرحمان بن مسلم الخراساني صاحب الدعوة، ومؤسِّس الدولة العباسية... إلى أن يقول: كما ذكره السيد عبد الحسيب ابن السيد أحمد بن زين العابدين العلوي في ظهر كتاب والده السيد أحمد تلميذ المحقق الداماد وصهره، الموسوم كتابه بـ " إظهار الحق ومعيار الصدق " في بيان أحوال أبي مسلم الذي ألّفه (1043) لتأييد المير لوحي المذكور ونصرته... وملخَّص ما كتبه بخطه السيد عبد الحسيب على ظهر الكتاب المذكور، هو أنّه لمَّا بين مير لوحي أحوال أبي مسلم من أنّه كان صاحب الدعوة، ومؤسِّس الدولة العباسية الغاشمة، ولم يكن موالياً للأئمّة الطاهرين، وذكر الاختلاف في نسبه، والخلاف في أصله من أنه خراساني مروزي، أو أصفهاني، وذكر أنَّه اُخذ بسوء عمله فقتله من هو شرّ منه (المنصور) في أوان شبابه سنة (137)، فعظم ذلك على بعض الناس، فبادروا إلى إيذاء السيد مير لوحي بكلّ جدّ

____________________

(1) الذريعة 1: 388 / تحت رقم 2002.

٢٨

وقوّة، فقام جمع من العلماء المعاصرين له في تقويته لدفع شرّ العوام عنه، وألّفوا كتباً ورسائل في ذلك... إلى آخر كلامه) (1) .

ولكن عبارة الطهراني لا توحي أنَّ الكتاب " ترجمة أبي مسلم " هو من تأليف المير لوحي، بل صريحة بأنَّه (... لجمع من العلماء المعاصرين للسيد محمّد ابن السيد محمّد الموسوي السبزواري الشهير بمير لوحي، نزيل أصفهان، المعاصر للمولى محمّد تقي المجلسي، وكان حيَّاً في سنة 1063) (2) .

ولكن عدّ في مقدمة كتاب " گزيده كفاية المهتدي " من مؤلَّفاته.

4 - تنبيه الغافلين.

ردّ على الصوفية أيضاً. ذكره في كتابه " كفاية المهتدي ".

5 - ديوان مير لوحي.

ذكر الطهراني (رحمه) أنَّه نسب إليه في تذكرة النصر آبادي، ولكنَّه لم يره.

6 - رياض المؤمنين وحدائق المتَّقين.

ذكره في " كفاية المهتدي " في ذيل الحديث 17، والحديث 38. وقيل: إنَّه توجد منه نسخة في المكتبة (وزيري) في يزد - إيران، تحت رقم 953.

7 - زاد العقبى.

أربعون حديثاً في فضائل الأئمّة الأطهار (عليهم السلام). وقد ذكره في " كفاية المهتدي ".

8 - كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عليه السلام).

وقد تقدَّم الحديث عنه.

____________________

(1) الذريعة 4: 150 و151 / تحت الرقم 734.

(2) المصدر السابق.

٢٩

9 - مناظرة السيد والعالم.

قال الطهراني (رحمه الله): (للمير لوحي، وهو السيد محمّد بن محمّد لوحي الموسوي السبزواري الملقب بالمطهّر، والمتخلّص بالنقيبي، والمعاصر للمولى محمّد تقي المجلسي، والجسور عليه. أوّله: [بخاطر فاتر ميرسد كه تمهيد بساط مناظرة نمايد...]. والنسخة عند السيد محمّد عليّ هبة الدين. ولعلّ مراده من السيد نفسه، ومن العالم المولى المجلسي، ولعلّه (مناظره دانشمند وسيّد) السابق ذكرها) (1) .

وكان قد قال قبل ذلك: (مناظره دانشمند وسيّد) فارسي في مكتبة راجه فيض آبادي. ولعلّه عين " مناظرة السيد والعالم " الآتي (2) .

ومن الواضح أنَّ العلاَّمة الطهراني لم يرَ الكتاب الذي في راجه فيض آبادي في الهند، ولذلك احتمله؛ كما من الواضح أيضاً أن منشأ احتماله كان بسبب الاسم؛ وذلك لأنَّ كلمة " دانشمند " فارسية بمعنى " العالم "، فيكون حينئذ الاسم واحداً.

ومع ذلك فإنَّ مجرد اتحاد الاسم غير كاف لوحدة الكتاب، إلاّ بعد المراجعة والتحقق من الموضوع؛ وسوف يبقى ما ذكره تخميناً وظناً و ( الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (3) .

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.

السيد ياسين الموسوي

____________________

(1) الذريعة 22: 294 / تحت رقم 7154.

(2) الذريعة 22: 292 / تحت رقم 7145.

(3) يونس: 36.

٣٠

صورة الصفحة الأُولى من النسخة المخطوطة (أ)

وعليها اسم الكتاب والمؤلِّف وخطوط بعض العلماء

٣١

صورة الصفحة الأُولى من الكتاب النسخة المخطوطة (أ)

٣٢

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة المخطوطة (أ)

٣٣

صورة الصفحة الأُولى من النسخة المخطوطة في

(كتابخانه مركزي دانشگاه طهران)

٣٤

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة المخطوطة (ب) في

(كتابخانه مركزي دانشگاه طهران)

٣٥

٣٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدِّمة المؤلِّف:

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف حججه محمّد وآله أجمعين.

أمَّا بعد، فيقول المحتاج لرحمة الباري، محمّد بن محمد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، الملقَّب بالمطهَّر والمتخلّص بالنقيبي. لا يخفى على الضمير المنير لأرباب المعرفة وأصحاب النظر أنَّ حديث: (مَن حفظ على أُمتي أربعين حديثاً، ممَّا يحتاجون إليه في أمر دينهم، بعثه الله (عزَّ وجلَّ) يوم القيامة فقيهاً عالماً) (1) ، من الأحاديث المشهورة والمستفيضة، ويزعم بعض العلماء أنَّه من الأخبار المتواترة، ولكن علماء الخاصة والعامة قد سجَّلوه وكتبوه في مصنفاتهم ومؤلفاتهم.

وقد اختلف في بعض ألفاظه؛ فقد ذكر بعض الرواة المؤالفين والنقلة المخالفين بدل (على أُمتي) : (عن أُمتي) (2) ، وكما سطر في كتاب " عيون أخبار الرضا (عليه السلام) "، باب: ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار المجموعة، أنَّه ذكر: (من أُمتي) (3) .

وقد روى السيد الجليل الحسن بن حمزة العلوي الطبري (عليه الرحمة) (وهو

____________________

(1) العمدة لابن البطريق: 17؛ معرفة علوم الحديث للحاكم: 253؛ الأربعين البلدانية لابن عساكر: الخصال للصدوق: 541؛ ومصادر أخرى بألفاظ مختلفة...

(2) مقتضب الأثر للجوهري: 12، الكامل 12؛ الكامل لابن عدي ج5: 56.

(3) عيون أخبار الرضا 1: 41.

٣٧

الملقب بمَرْعَش، والذي ينتسب إليه السادة المرعشيون) في كتاب " الغيبة " بسند صحيح عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، عن الرسول المكي المدني (صلّى الله عليه وآله): (لأُمتي) (1) .

ويبدو أنَّ حرف (على) و(من) و(عن) التي دخلت في الروايات المذكورة على لفظة (أُمتي)، أنَّها كانت جميعها بمعنى اللاّم الذي ورد في نقل السيد المذكور، وعليه فسوف يكون معنى الحديث: كل مَن يهتم ويحفظ لأُمتي أربعين حديثاً من الأحاديث التي يحتاجون إليها في أمر دينهم، يبعثه الله تعالى الموصوف بالعز والجلال، يوم القيامة، فقيهاً وعالماً، وهم حجج محمّد وآله أجمعين.

وقد روى جماعة من العلماء في هذا الحديث، بدل (فيما يحتاجون إليه) : (وفيما ينفعهم) ، كما أنَّ شيخنا الشيخ بهاء الملة والدين محمّد العاملي (غفر الله له)، قال في كتاب الأربعين: (وفي بعض الروايات: (فيما ينفعهم في أمر دينهم) ، وفي بعضها: (أربعين حديثاً ينتفعون بها)، من غير تقييد بأمر الدين) (2) .

وقد أورد عدّة من علماء الشيعة والسنة المنسوبين إلى بيهق في كتبهم لفظة: (بعثه الله) عوضاً للفظة: (ينشره الله) .

وقال أسعد بن إبراهيم بن علي الأربيلي - وهو من فضلاء علماء

____________________

(1) كما ذكرنا سابقاً في المقدِّمة، فإنَّ المصدر هو من الكتب المفقودة حالياً، وكان موجوداً عند المؤلف كما نصّ عليه خاتمة المحدِّثين في: خاتمة المستدرك 1: 32 / الطبعة الحديثة. وفي: ج3 / ص395/ الطبعة الحجرية. ومع ذلك، فإنَّ معنى (على أُمتي) هو مؤدَّى معنى (لأُمتي ) كما قاله المجلسي في: البحار 4: 157 عندما شرح كلمة (على أُمتي) بقوله: (الظاهر أنَّ (على) بمعنى (اللام)، أي حفظ لأجلهم كما قالوه في قوله ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) (البقرة: 185)، أي لأجل هدايته إيَّاكم)، انتهى كلامه رفع مقامه.

(2) الأربعون / البهائي: 8 / طبعة مكتب نويد إسلام / تصحيح عبد الرحيم العقيقي / تاريخ الطبع 1416 هـ ق.

٣٨

المخالفين - في أربعينه: (كنت سمعت من كثير من مشايخ الحديث أنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: (مَن حفظ على أُمتي أربعين حديثاً، بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيهاً عالماً، ومَن روى عنّي أربعين حديثاً كنتُ شفيعاً له يوم القيامة) (1) .

وقد تقدَّم معنى هذا الحديث سابقاً. وأمَّا بقيَّته، فهي: (مَن روى عني أربعين حديثاً، كنت شفيعه يوم القيامة) (2) .

وقال أسعد بن إبراهيم المذكور - بعد أن نقل الحديث المزبور -: قد حفظتُ من الأحاديث ما شاء الله، ولم أعلم إلى أي من تلك الأحاديث هي التي أشار إليها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إلى أن التقيتُ بأبي الخطاب بن دحية بن خليفة الكلبي، وسألته، وقال لي في الجواب: إنَّ مراده هي الأحاديث الواردة في حق أهل البيت (عليهم السلام)).

ورى ابن دحية المذكور، عن أحمد بن حنبل أنَّه قال: لم أعلم، ولم أعرف أحد في زمان الشافعي، أعظم منة على الإسلام من الشافعي، وأنا أطلب من الله تعالى في أوقات صلواتي أن يرحمه، فإنِّي قد سمعتُ منه من ذلك الحين أنَّه قال: أراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من هذه الأربعين المذكورة في هذا الحديث، أربعين حديثاً في مناقب أهل بيته.

ثمَّ قال أحمد بن حنبل: فقلت في نفسي: من أين صحّ عند الشافعي أنَّ مقصود النبي (صلّى الله عليه وآله) من هذه الأربعين، هي الواردة في مناقب أهل البيت الطاهرين؟ فرأيت النبي (صلّى الله عليه وآله) في المنام أنَّه قال:

يا أحمد، لا تشك في قول ابن إدريس، يعني الشافعي (3) .

____________________

(1) مخطوط، وله نسخ عديدة، منها في مكتبة جامع طهران: المجاميع ذات الرقم 2130 و2117.

(2) فردوس الأخبار 4: 91 / ح5778.

(3) الأربعين: الأربلي / مخطوط.

٣٩

فمع أنَّ الشافعي وأحمد بن حنبل من الأئمّة الأربعة للنواصب، فإنَّهما يقولان بهذا المعنى: إنَّ مَن حفظ أربعين حديثاً من أحاديث الرسول (صلّى الله عليه وآله) التي جاءت في مناقب الأئمّة الطاهرين (صلوات الله عليهم)، فإنَّه يبعث يوم القيامة من الفقهاء والعلماء، ويحشر مع قوم مداد دواتهم مفضَّلة على دماء الشهداء.

وكل مَن روى أربعين حديثاً ممَّا وردت في شأن أولئك المنتجبين من الملك المنّان، فإنَّه ينال شفاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في يوم القيامة.

ومن الطبيعي فإنّه لا يوجد عند شيعة ومحبي أمير المؤمنين في هذا المعنى أي شك أو شبهة.

وأوضح حجَّةٍ عند البرايا

إذا كان الشهودُ همُ الخصومُ

ونجد كثيراً من مخالفي المعصومين (عليه السلام) أنَّهم اتفقوا معهم في هذا المعنى، ومع ما عندهم من تمام عدم الإنصاف، فإنَّهم قطعوا في هذا الباب عدة مراحل من مراحل الإنصاف!

وبالجملة فقد وصلت إلى مرأى هذا الأحقر الصغير، رواية الحديث المذكور من طرق مختلفة، وأسانيد متنوعة، وهي موجودة في الكتب المعتبرة، وكذلك ما سمعه من مشايخه (رحمهم الله)، بحيث لو سجَّلت جميعها، فسوف يتعدَّى الكلام حد الإطناب، فيولد ملل للقراء والمستمعين.

ومن الواضح أنَّه لا يشك أحد من شيعة إمام المتَّقين في أنَّ معرفة ومحبة الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام)، والإطلاع على فضائلهم ومناقبهم، هي من أمر الدين. وأنّ جميع أُمة سيد الأنبياء، بل جميع العالم، محتاج إليهم وينتفع بهم.

وعلى كل حال، فعلى أيِّ عبارة كان نقل الحديث المذكور، فإنَّه يرجع إلى المعنى المسفور، ولهذا فقد كان أوّل أربعين أقدمَ هذا الضعيف على جمعها، هو الأربعين حديث الموسومة بـ: (زاد العقبى في مناقب الأئمّة الأوصياء)، وقد جعلته ذخيرة للمعاد، وواسطة أمل يوم التناد.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256