مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)23%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72404 / تحميل: 8971
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٣ - الفرج الكبير في الغيبة:

للشيخ أبي عبد الله محمّد بن هبة الله بن جعفر الورَّاق الطرابلسي.

قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: (فقيه ثقة، قرأ على الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمها الله) كتبه وتصانيفه. وله تصانيف؛ منها: " كتاب الزهد "، " كتاب النيات "، " كتاب الفرج ". أخبرنا بها الفقيه أحمد بن محمّد بن أحمد القمي الشاهد العدل، عنه) (١) .

وقال الطهراني: (وهو كتاب كبير، وكان عند المير لوحي الموسوي السبزواري المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي، على ما صرح به في (خاتمة المستدرك) و(النجم الثاقب) وغيرهما. والمير لوحي ينقل عنه في أربعينه الموسوم بـ (كفاية المهتدي في أحوال المهدي)) (٢) .

سطور من أحوال السيد المير لوحي (رحمه الله):

اسمه: السيد محمّد بن محمّد بن أبي محمّد بن محمّد المصحفي الحسيني السبزواري الملقّب بالمطهّر، والمتخلّص بـ (النقيبي). ينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر بن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).

وكان جدّه الأعلى السيد محمّد المصحفي من أعاظم علماء سبزوار، وقد قرأ عليه المير محمّد سعيد بن مسعود الرضوي.

وكان والده محمّد ابن أبي محمّد منبع أسرار معارف التوحيد، ومطلع أنوار معالم التحقيق، عالماً، زاهداً، تقيَّاً، جامعاً للكمالات الصورية والمعنوية.

وكان والده قد هاجر من سبزوار إلى كربلاء، ثم هاجر منها إلى إيران، ونزل

____________________

(١) الفهرست / منتجب الدين عليّ بن عبيد الله بن بابويه الرازي من أعلام القرن الخامس: ١٥٥ / تحت رقم ٣٥٦.

(٢) الذريعة ١٦: ١٥٦ / تحت رقم ٤٢٢.

٢١

بأصفهان، وتزوَّج هناك بابنة بعض مادحي أهل البيت (عليهم السلام) الملقّب في شعر بـ (لوحي). ولمّا أولدت بنت لوحي صاحب الترجمة لقّبته بلقب أبيها فعرف بالمير لوحي.

وكان قد تصدَّى لظاهرة التصوف، التي كانت قد خيّمت على كثير من جوانب الحياة العامة في بدايات العصر الصفوي تحت اسم النقطوية، قبل نكبتهم على يد الشاه عباس ومجزرة قزوين التي حدثت في سنة ١٠٠٢ هجرية. وقد ذكرنا لمحة في كتابنا (حياة بحر العلوم) أنَّ قضية التصوف التي كانت قد تصدَّت القضايا في العهد الصفوي الأوّل، وقضي عليها في العصر الصفوي العباسي، كانت لها أبعاداً سياسية غطيت بالبحوث الشرعية الدينية الرافضة للفكر الصوفي والمحاربة له.

ومع كل ذلك، فلم يكن الشارع العام يستجيب بسهولة للإرادة الملكية ويرفض مواقع شيوخ الصوفية ومعتقداته بهم؛ فلذلك كانت الردود القاسية من العامة تجاه أهل الفضل والقلم. ومن ذلك ما تحدَّث عنه المير محمّد زمان في كتابه " صحيفة الرشاد " الذي ألّفه دفاعاً عن أستاذه المير لوحي، حيث نقل أنَّه في كتابه المذكور، وهو يتحدَّث عنه وتاريخ علاقته به، إلى أن قال:

(وكان ولده المير لوحي يقرأ على والدي (تهذيب الأحكام)، إلى أن رجعا إلى أصفهان، وانقطع عنّي خبر المير لوحي إلى سنين كثيرة، حتى سافرت لزيارة العتبات، فصادفني في الطريق بعض الموثقين من أهل أصفهان، فرأيته كثير الهمّ والحزن لابتلاء عالم جليل في أصفهان بيد جهَّالها، وإيذاء هؤلاء العوام إيَّاه بأنواع الأذى. فلمّا تحقَّقت، تبيّن أنّه المير لوحي المذكور؛ وأنَّ سبب إيذائهم له تبرؤه عن أبي مسلم. ولمّا رجعت عن زيارة العتبات، ألّفت هذا الكتاب لأرسله إلى أهل أصفهان، إرشاداً لهم، ودفعاً لإيذاء جهّالهم عن المير لوحي) (١) .

وأمّا محمّد زمان مؤلف " صحيفة الرشاد "، فقد قال عنه الحر العاملي في (أمل الآمل): (كان فاضلاً، عالماً، فقيهاً، حكيماً، متكلماً، له كتب منها: " شرح

____________________

(١) راجع: الروضة النضرة: ٤٨٠.

٢٢

القواعد "، وقرأ عليه شيخنا زين الدين بن محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني. وكان يثني عليه بالفضل) (١) .

وعن السلافة أنَّه: (كان من عظماء عصره، توفِّي ١٠٤١هـ) (٢) .

ولم يكن المير زمان هو الوحيد الذي ألّف كتاباً في نصرة المير لوحي، وإنَّما هناك مجموعة كتب أُلِّفت بيد ثلّة من الفضلاء لنصرته، ذكر العلامة الطهراني جملة منها في موسوعته، كما ذكر أنَّ هناك سبعة عشر كتاباً قد أُلِّفت من قبل المناصرين المعاصرين للمير لوحي في أصفهان (٣) .

وعدّد الطهراني السبعة عشر كتاب هذه في مكان آخر من موسوعته عن بعض معاصري المير لوحي على النحو التالي:

١ - إزهاق الباطل.

٢ - أسباب طعن الحرمان.

٣ - إظهار الحق ومعيار الصدق.

٤ - أنيس الأبرار. صغير.

٥ - أنيس الأبرار. وسيط.

٦ - أنيس الأبرار. كبير.

٧ - إيقاظ العوام.

٨ - خلاصة الفوائد.

٩ - درج اللآلئ.

١٠ - صحيفة الرشاد.

١١ - صفات المؤمن والكافر.

____________________

(١) أمل الآمل / الحر العاملي: ٢/٢٧٣.

(٢) السلافة: ٤٩٩.

(٣) الذريعة ٨: ٥٨ / تحت رقم ١٨٥.

٢٣

١٢ - علة افتراق الأمة.

١٣ - فوائد المؤمنين.

١٤ - مثالب العباسية.

١٥ - مخلصة المؤالفين من سمّ حبّ المخالفين.

١٦ - مرآة المنصفين.

١٧ - النور والنار (١) .

وقد أثير أمام نظرنا سؤال أراد أن يجرّنا إلى البحث عن موضوع أبي مسلم الخراساني المروزي، مؤسِّس الخلافة العباسية، المولود سنة (١٠٠) للهجرة، والمقتول على يد الخليفة المنصور العباسي سنة (١٣٧) للهجرة، الذي نبع فجأة في أصفهان بعدما يقارب الألف سنة من ولادته أو مقتله، ويؤسس منهجاً ومدرسة يخشاها العلماء والفضلاء ويؤلِّفوا فيها الكتب العديدة، وينبعث ذلك الهجوم المفتعل من العوام ضدّهم؛ فما هي أُسس هذه الظاهرة؟ ومن هم أبطالها وشخوصها؟ وما هي عقائدهم؟ ولماذا أبو مسلم الخراساني بالخصوص، المقتول والميت قبل هذه المئات من السنين؟ وهل كان هناك بالفعل وجود فكري أو عقائدي يحمل ذلك الطابع من التفكير، أم هو من هلوسة الانجرار وراء الطريقة الحشوية بالفكر؟

هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى أجوبة تنبعث من دراسة الواقع الفكري والعقائدي لمجتمع أصفهان في ذلك العصر.

كما إنَّنا رأينا المير لوحي قد ظهر واضحاً في بعض مجلدات الذريعة، وهو يحمل بجولاته وصولاته ضد الصوفية والتصوّف الذي كان يحكم الأُمة، وكان له موقعه المتنفذ في البلاط الصفوي في ذلك الحين؛ ولم نجد بموقف المير لوحي أية غضاضة لاتجاهه بهذا الاتجاه. وإنَّما الذي لفت الانتباه، معركته الضروس في عدّة

____________________

(١) الذريعة ٤: ١٥١ / تحت رقم ٧٣٥.

٢٤

كتب ضد العلاّمة المجلسي الثاني، وأبيه المجلسي الأوّل، الشيخ محمّد تقي مقصود. ولو اقتصر الأمر على الحوار والمناقشة، لانتهى الموضوع إلى هذا الحدّ، ولكنَّنا وجدنا عدّة كتب يشكِّك المحقِّقون في مؤلِّفيها، أصرّ اللوحي بنسبتها إلى المجلسي الأوّل، مثل كتاب " الرد على الصوفية " للمولى محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي القمي المتوفَّى ١٠٩٨هـ، حيث نسبه إليه المير لوحي، وادَّعى أنَّ المولى محمّد تقي كتب ردّاً عليه. وقد أنكر الرد ولده العلاّمة المجلسي، وعلَّق على هذه القضية المملوءة بالألغاز والاستفهامات العلاّمة الطهراني، فكتب: (وفي غاية البعد أن يكتب المولى محمّد طاهر، العالم العارف، الذي مات بعد المجلسي بما يقرب من ثلاثين سنة، ردّاً على المجلسي ويجيب عنه في حال حياته، ويتجاسر عليه بما في هذه الأجوبة من نسبة الغلط، والكذب، ودعوى الباطل، وإيجاد البدعة، وأمثال ذلك من السّب والشتم الذي هو من أعمال السوقيين) (١) .

وهكذا بالنسبة إلى كتاب " أصول فصول التوضيح " المختصر من " توضيح المشربَين " للمولى محمّد تقي بن مقصود عليّ المجلسي الأصفهاني المتوفَّى سنة ١٠٧٠ هـ، نسبه إليه معاصره السيد محمّد بن محمّد الحسيني السبزواري، المطهَّر النقيبي، الشهير بالمير لوحي، وذكر أنَّه رجح المجلسي في " توضيح المشربَين " ومختصره هذا مشربَ التصوف على غيره.

ولكنّ العلاَّمة الطهراني صاحب الذريعة علّق على ادّعاء اللوحي، بأنْ قال: (ولكن يأتي في " توضيح المشربَين " أنْ الشيخ عليّ صاحب " الدر المنثور " الذي ألَّف " السهام المارقة في ردّ الصوفية "؛ عدّ كتاب " توضيح المشربَين " ومختصره، الأصول المذكور من كتب الردود على الصوفية) (٢) .

____________________

(١) الذريعة ١٠: ٢٠٧ / تحت رقم ٥٦٢.

(٢) الذريعة ٢: ٢٠٠ / تحت رقم ٧٧١.

٢٥

وذكر الطهراني كتاب " توضيح المشربَين " مفصَّلاً في المجلد الرابع من الذريعة، وملخَّصه: أنَّ الكتاب مؤلَّف باللغة الفارسية، ورتَّبه مؤلِّفه على ثلاثة وعشرين باباً، وعقد لكل باب أربعة فصول. يذكر في الفصل الأوّل كلمات مَن أبطل طريقة الصوفية وردّ عليهم. كما يذكر في الفصل الثاني كلمات مَن دافع عن الصوفية وانتصر لهم. وزعم المؤلف أنَّها من حواشي العلاّمة المجلسي الأوّل الشيخ محمّد تقي بن مقصود عليّ. وفي الفصل الثالث ينقل المؤلف كلمات مَن يردّ على المولى المجلسي.

ولم يذكر المؤلف في ذلك الكتاب اسم أحد من المؤلِّفين له مع كثرة نقولاتهم عنهم، إلاَّ ما زعمه أنَّه من كلام المولى محمّد تقي المجلسي. فمؤلف الكتاب مجهول الاسم والوصف، وهو ينقل عن كتاب " توضيح المشربَين " وهو مجهول الاسم والوصف أيضاً. ولم يذكر إلاَّ المجلسي، ممَّا حفَّز العلاَّمة الطهراني (رحمه الله) أن يقول: (فالعدول عنه إلى التصريح باسمه فقط مع التعمية عن أسماء الباقين، أشعر بأعمال غرض في هذا التأليف؛ وأنَّ السبب الوحيد الباعث لتأليفه هو انتساب مطالب الحواشي إلى المولى المجلسي، وانتشارها عنه، مع نزاهة ساحته عن نسبة تلك المطالب إليه، بشهادة تصانيفه، وبإخبار ولده العلاَّمة المجلسي، وبعلمنا بأحواله من تفانيه في علم الحديث وبثّه، وشروح الأحاديث ونشرها، ومَن كونه ملتزماً بتهذيب النفس بالتخلية والتحلية، والمجاهدة مع النفس في السير إلى الله تعالى على ما هو مأمور به في الشرع الأقدس، لا على طريقة الصوفية... إلخ) (١) .

وينفتح من هذا الباب الحديث عن علاقة اللوحي مع المجلسي الثاني، وهجومه العنيف عليه في كتبه وخصوصاً كتابه " كفاية المهتدي "؛ فما كانت الدوافع والأغراض من تلك المعركة... هل هي بالفعل تملك الدواعي العلمية والعقائدية؟ ممَّا قد يُثير

____________________

(١) الذريعة ٤: ٤٩٧ / تحت رقم ٢٢٢٨.

٢٦

الجواب - إذا كان ما يوصلنا إليه البحث العلمي بنعم - أنَّ نُؤسِّس دراسات وأبحاث عن منهج المجلسي في جميع اتجاهاته العلمية والبحثية... أو قد نصل إلى نتيجة موضوعية أخرى تُثبت أنَّ هناك أخطاء غير مقصودة كانت في منهج المجلسي (لا سامح الله تعالى)... ممَّا يفتح أمامنا مجالاً واسعاً للبحث عن الإجابة لسؤال: ما هو؟

وأمَّا إذا قلنا بأن الصراع الذي كان من اللوحي مع المجلسي إنما هو صراع شخصي ومن طرف واحد.

فأمَّا كونه من طرف واحد، فلم نجد أيّة ردّ فعل من المجلسي تجاه اللوحي، ولم نجد أي ذكر له في جميع ما كتبه المجلسي، والموجود منها مئات المجلَّدات من الكتب... بعكس ما وجدناه قد خرج من قلم اللوحي، حيث وجدنا أنَّ أكثر ما كتبه إنَّما كان موجَّهاً - إمَّا بالذات، أو بالعرض - ضد المجلسي (رضي الله عنه).

ولكن يبقى السؤال الأخير بدون إجابة، وهو: هل أنّ هناك أغراض ودواعي شخصية للّوحي أنشبت تلك الحرب؟ وأخال أنَّ ضرورة البحث العلمي تفرض على الباحث الموضوعي أن يدرس الظاهرة كلاً غير متجزَّءة، حيث يدخل فيها الدور السياسي والإرادة السلطانية للنظام الصفوي، وصراع الإرادات المتنوِّعة التي وجّهت المعركة بجهتها تلك، وهو موضوع دراسة التصوف في العصر الصفوي وتأثيره على تطوُّر الفكر الشيعي السلفي والفلسفي الذي حاول أن يجمعها نفسه العلاَّمة المجلسي الثاني. ففي الوقت الذي يؤلف كتابه " البحار " فيجمع أحاديث الشيعة فيه، فهو يؤلف " مرآة العقول " الذي امتلأ بالمطالب الفلسفية والنقلوات لأقوال الملا صدرا وصهره الشيخ محمّد صالح المازندراني.

مؤلَّفاته:

حفظت لنا المكتبات العظيمة جملة من كتبه ومؤلَّفاته، وبقي القسم الآخر أسماءاً مذكورة في تلك الكتب وغيرها من كتب العلماء والمؤلِّفين الذين ذكروها... ومنها:

٢٧

١ - إدراء العاقلين، وإخزاء المجانين.

ذكره في " كفاية المهتدي " في ذيل الحديث ١٧. وموضوعه ردّ على الصوفية. وتوجد نسخة منه في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي (قدس سرّه) في قم المقدسة تحت رقم ٣٨٩. وقد ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (١) .

٢ - أعلام المحبين.

في الرد على الصوفية أيضاً. وتوجد نسخة منه في مكتبة مجلس الشورى في طهران - إيران، في الفهرست: الجزء الثالث: الصفحة ٦١.

٣ - ترجمة أبي مسلم المروزي.

ذكره الطهراني في الذريعة تحت رقم: (٧٣٥)، وقال: ((ترجمة أبي مسلم المروزي) وهو عبد الرحمان بن مسلم الخراساني صاحب الدعوة، ومؤسِّس الدولة العباسية... إلى أن يقول: كما ذكره السيد عبد الحسيب ابن السيد أحمد بن زين العابدين العلوي في ظهر كتاب والده السيد أحمد تلميذ المحقق الداماد وصهره، الموسوم كتابه بـ " إظهار الحق ومعيار الصدق " في بيان أحوال أبي مسلم الذي ألّفه (١٠٤٣) لتأييد المير لوحي المذكور ونصرته... وملخَّص ما كتبه بخطه السيد عبد الحسيب على ظهر الكتاب المذكور، هو أنّه لمَّا بين مير لوحي أحوال أبي مسلم من أنّه كان صاحب الدعوة، ومؤسِّس الدولة العباسية الغاشمة، ولم يكن موالياً للأئمّة الطاهرين، وذكر الاختلاف في نسبه، والخلاف في أصله من أنه خراساني مروزي، أو أصفهاني، وذكر أنَّه اُخذ بسوء عمله فقتله من هو شرّ منه (المنصور) في أوان شبابه سنة (١٣٧)، فعظم ذلك على بعض الناس، فبادروا إلى إيذاء السيد مير لوحي بكلّ جدّ

____________________

(١) الذريعة ١: ٣٨٨ / تحت رقم ٢٠٠٢.

٢٨

وقوّة، فقام جمع من العلماء المعاصرين له في تقويته لدفع شرّ العوام عنه، وألّفوا كتباً ورسائل في ذلك... إلى آخر كلامه) (١) .

ولكن عبارة الطهراني لا توحي أنَّ الكتاب " ترجمة أبي مسلم " هو من تأليف المير لوحي، بل صريحة بأنَّه (... لجمع من العلماء المعاصرين للسيد محمّد ابن السيد محمّد الموسوي السبزواري الشهير بمير لوحي، نزيل أصفهان، المعاصر للمولى محمّد تقي المجلسي، وكان حيَّاً في سنة ١٠٦٣) (٢) .

ولكن عدّ في مقدمة كتاب " گزيده كفاية المهتدي " من مؤلَّفاته.

٤ - تنبيه الغافلين.

ردّ على الصوفية أيضاً. ذكره في كتابه " كفاية المهتدي ".

٥ - ديوان مير لوحي.

ذكر الطهراني (رحمه) أنَّه نسب إليه في تذكرة النصر آبادي، ولكنَّه لم يره.

٦ - رياض المؤمنين وحدائق المتَّقين.

ذكره في " كفاية المهتدي " في ذيل الحديث ١٧، والحديث ٣٨. وقيل: إنَّه توجد منه نسخة في المكتبة (وزيري) في يزد - إيران، تحت رقم ٩٥٣.

٧ - زاد العقبى.

أربعون حديثاً في فضائل الأئمّة الأطهار (عليهم السلام). وقد ذكره في " كفاية المهتدي ".

٨ - كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عليه السلام).

وقد تقدَّم الحديث عنه.

____________________

(١) الذريعة ٤: ١٥٠ و١٥١ / تحت الرقم ٧٣٤.

(٢) المصدر السابق.

٢٩

٩ - مناظرة السيد والعالم.

قال الطهراني (رحمه الله): (للمير لوحي، وهو السيد محمّد بن محمّد لوحي الموسوي السبزواري الملقب بالمطهّر، والمتخلّص بالنقيبي، والمعاصر للمولى محمّد تقي المجلسي، والجسور عليه. أوّله: [بخاطر فاتر ميرسد كه تمهيد بساط مناظرة نمايد...]. والنسخة عند السيد محمّد عليّ هبة الدين. ولعلّ مراده من السيد نفسه، ومن العالم المولى المجلسي، ولعلّه (مناظره دانشمند وسيّد) السابق ذكرها) (١) .

وكان قد قال قبل ذلك: (مناظره دانشمند وسيّد) فارسي في مكتبة راجه فيض آبادي. ولعلّه عين " مناظرة السيد والعالم " الآتي (٢) .

ومن الواضح أنَّ العلاَّمة الطهراني لم يرَ الكتاب الذي في راجه فيض آبادي في الهند، ولذلك احتمله؛ كما من الواضح أيضاً أن منشأ احتماله كان بسبب الاسم؛ وذلك لأنَّ كلمة " دانشمند " فارسية بمعنى " العالم "، فيكون حينئذ الاسم واحداً.

ومع ذلك فإنَّ مجرد اتحاد الاسم غير كاف لوحدة الكتاب، إلاّ بعد المراجعة والتحقق من الموضوع؛ وسوف يبقى ما ذكره تخميناً وظناً و ( الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٣) .

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.

السيد ياسين الموسوي

____________________

(١) الذريعة ٢٢: ٢٩٤ / تحت رقم ٧١٥٤.

(٢) الذريعة ٢٢: ٢٩٢ / تحت رقم ٧١٤٥.

(٣) يونس: ٣٦.

٣٠

صورة الصفحة الأُولى من النسخة المخطوطة (أ)

وعليها اسم الكتاب والمؤلِّف وخطوط بعض العلماء

٣١

صورة الصفحة الأُولى من الكتاب النسخة المخطوطة (أ)

٣٢

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة المخطوطة (أ)

٣٣

صورة الصفحة الأُولى من النسخة المخطوطة في

(كتابخانه مركزي دانشگاه طهران)

٣٤

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة المخطوطة (ب) في

(كتابخانه مركزي دانشگاه طهران)

٣٥

٣٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدِّمة المؤلِّف:

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف حججه محمّد وآله أجمعين.

أمَّا بعد، فيقول المحتاج لرحمة الباري، محمّد بن محمد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، الملقَّب بالمطهَّر والمتخلّص بالنقيبي. لا يخفى على الضمير المنير لأرباب المعرفة وأصحاب النظر أنَّ حديث: (مَن حفظ على أُمتي أربعين حديثاً، ممَّا يحتاجون إليه في أمر دينهم، بعثه الله (عزَّ وجلَّ) يوم القيامة فقيهاً عالماً) (١) ، من الأحاديث المشهورة والمستفيضة، ويزعم بعض العلماء أنَّه من الأخبار المتواترة، ولكن علماء الخاصة والعامة قد سجَّلوه وكتبوه في مصنفاتهم ومؤلفاتهم.

وقد اختلف في بعض ألفاظه؛ فقد ذكر بعض الرواة المؤالفين والنقلة المخالفين بدل (على أُمتي) : (عن أُمتي) (٢) ، وكما سطر في كتاب " عيون أخبار الرضا (عليه السلام) "، باب: ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار المجموعة، أنَّه ذكر: (من أُمتي) (٣) .

وقد روى السيد الجليل الحسن بن حمزة العلوي الطبري (عليه الرحمة) (وهو

____________________

(١) العمدة لابن البطريق: ١٧؛ معرفة علوم الحديث للحاكم: ٢٥٣؛ الأربعين البلدانية لابن عساكر: الخصال للصدوق: ٥٤١؛ ومصادر أخرى بألفاظ مختلفة...

(٢) مقتضب الأثر للجوهري: ١٢، الكامل ١٢؛ الكامل لابن عدي ج٥: ٥٦.

(٣) عيون أخبار الرضا ١: ٤١.

٣٧

الملقب بمَرْعَش، والذي ينتسب إليه السادة المرعشيون) في كتاب " الغيبة " بسند صحيح عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، عن الرسول المكي المدني (صلّى الله عليه وآله): (لأُمتي) (١) .

ويبدو أنَّ حرف (على) و(من) و(عن) التي دخلت في الروايات المذكورة على لفظة (أُمتي)، أنَّها كانت جميعها بمعنى اللاّم الذي ورد في نقل السيد المذكور، وعليه فسوف يكون معنى الحديث: كل مَن يهتم ويحفظ لأُمتي أربعين حديثاً من الأحاديث التي يحتاجون إليها في أمر دينهم، يبعثه الله تعالى الموصوف بالعز والجلال، يوم القيامة، فقيهاً وعالماً، وهم حجج محمّد وآله أجمعين.

وقد روى جماعة من العلماء في هذا الحديث، بدل (فيما يحتاجون إليه) : (وفيما ينفعهم) ، كما أنَّ شيخنا الشيخ بهاء الملة والدين محمّد العاملي (غفر الله له)، قال في كتاب الأربعين: (وفي بعض الروايات: (فيما ينفعهم في أمر دينهم) ، وفي بعضها: (أربعين حديثاً ينتفعون بها)، من غير تقييد بأمر الدين) (٢) .

وقد أورد عدّة من علماء الشيعة والسنة المنسوبين إلى بيهق في كتبهم لفظة: (بعثه الله) عوضاً للفظة: (ينشره الله) .

وقال أسعد بن إبراهيم بن علي الأربيلي - وهو من فضلاء علماء

____________________

(١) كما ذكرنا سابقاً في المقدِّمة، فإنَّ المصدر هو من الكتب المفقودة حالياً، وكان موجوداً عند المؤلف كما نصّ عليه خاتمة المحدِّثين في: خاتمة المستدرك ١: ٣٢ / الطبعة الحديثة. وفي: ج٣ / ص٣٩٥/ الطبعة الحجرية. ومع ذلك، فإنَّ معنى (على أُمتي) هو مؤدَّى معنى (لأُمتي ) كما قاله المجلسي في: البحار ٤: ١٥٧ عندما شرح كلمة (على أُمتي) بقوله: (الظاهر أنَّ (على) بمعنى (اللام)، أي حفظ لأجلهم كما قالوه في قوله ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) (البقرة: ١٨٥)، أي لأجل هدايته إيَّاكم)، انتهى كلامه رفع مقامه.

(٢) الأربعون / البهائي: ٨ / طبعة مكتب نويد إسلام / تصحيح عبد الرحيم العقيقي / تاريخ الطبع ١٤١٦ هـ ق.

٣٨

المخالفين - في أربعينه: (كنت سمعت من كثير من مشايخ الحديث أنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: (مَن حفظ على أُمتي أربعين حديثاً، بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيهاً عالماً، ومَن روى عنّي أربعين حديثاً كنتُ شفيعاً له يوم القيامة) (١) .

وقد تقدَّم معنى هذا الحديث سابقاً. وأمَّا بقيَّته، فهي: (مَن روى عني أربعين حديثاً، كنت شفيعه يوم القيامة) (٢) .

وقال أسعد بن إبراهيم المذكور - بعد أن نقل الحديث المزبور -: قد حفظتُ من الأحاديث ما شاء الله، ولم أعلم إلى أي من تلك الأحاديث هي التي أشار إليها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إلى أن التقيتُ بأبي الخطاب بن دحية بن خليفة الكلبي، وسألته، وقال لي في الجواب: إنَّ مراده هي الأحاديث الواردة في حق أهل البيت (عليهم السلام)).

ورى ابن دحية المذكور، عن أحمد بن حنبل أنَّه قال: لم أعلم، ولم أعرف أحد في زمان الشافعي، أعظم منة على الإسلام من الشافعي، وأنا أطلب من الله تعالى في أوقات صلواتي أن يرحمه، فإنِّي قد سمعتُ منه من ذلك الحين أنَّه قال: أراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من هذه الأربعين المذكورة في هذا الحديث، أربعين حديثاً في مناقب أهل بيته.

ثمَّ قال أحمد بن حنبل: فقلت في نفسي: من أين صحّ عند الشافعي أنَّ مقصود النبي (صلّى الله عليه وآله) من هذه الأربعين، هي الواردة في مناقب أهل البيت الطاهرين؟ فرأيت النبي (صلّى الله عليه وآله) في المنام أنَّه قال:

يا أحمد، لا تشك في قول ابن إدريس، يعني الشافعي (٣) .

____________________

(١) مخطوط، وله نسخ عديدة، منها في مكتبة جامع طهران: المجاميع ذات الرقم ٢١٣٠ و٢١١٧.

(٢) فردوس الأخبار ٤: ٩١ / ح٥٧٧٨.

(٣) الأربعين: الأربلي / مخطوط.

٣٩

فمع أنَّ الشافعي وأحمد بن حنبل من الأئمّة الأربعة للنواصب، فإنَّهما يقولان بهذا المعنى: إنَّ مَن حفظ أربعين حديثاً من أحاديث الرسول (صلّى الله عليه وآله) التي جاءت في مناقب الأئمّة الطاهرين (صلوات الله عليهم)، فإنَّه يبعث يوم القيامة من الفقهاء والعلماء، ويحشر مع قوم مداد دواتهم مفضَّلة على دماء الشهداء.

وكل مَن روى أربعين حديثاً ممَّا وردت في شأن أولئك المنتجبين من الملك المنّان، فإنَّه ينال شفاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في يوم القيامة.

ومن الطبيعي فإنّه لا يوجد عند شيعة ومحبي أمير المؤمنين في هذا المعنى أي شك أو شبهة.

وأوضح حجَّةٍ عند البرايا

إذا كان الشهودُ همُ الخصومُ

ونجد كثيراً من مخالفي المعصومين (عليه السلام) أنَّهم اتفقوا معهم في هذا المعنى، ومع ما عندهم من تمام عدم الإنصاف، فإنَّهم قطعوا في هذا الباب عدة مراحل من مراحل الإنصاف!

وبالجملة فقد وصلت إلى مرأى هذا الأحقر الصغير، رواية الحديث المذكور من طرق مختلفة، وأسانيد متنوعة، وهي موجودة في الكتب المعتبرة، وكذلك ما سمعه من مشايخه (رحمهم الله)، بحيث لو سجَّلت جميعها، فسوف يتعدَّى الكلام حد الإطناب، فيولد ملل للقراء والمستمعين.

ومن الواضح أنَّه لا يشك أحد من شيعة إمام المتَّقين في أنَّ معرفة ومحبة الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام)، والإطلاع على فضائلهم ومناقبهم، هي من أمر الدين. وأنّ جميع أُمة سيد الأنبياء، بل جميع العالم، محتاج إليهم وينتفع بهم.

وعلى كل حال، فعلى أيِّ عبارة كان نقل الحديث المذكور، فإنَّه يرجع إلى المعنى المسفور، ولهذا فقد كان أوّل أربعين أقدمَ هذا الضعيف على جمعها، هو الأربعين حديث الموسومة بـ: (زاد العقبى في مناقب الأئمّة الأوصياء)، وقد جعلته ذخيرة للمعاد، وواسطة أمل يوم التناد.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وضعتْ إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين بن عليِّعليهم‌السلام، قلت: أيّ شيء كان بكاؤها؟ قال: كانت إذا استقبلت بثوب وقع على الثَّوب شبه أثر البراغيث من الدَّم ».

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل(*) ، عن حنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّه بلغنا عن بعضهم أنّها تَعدِلُ حَجّة وعُمرة؟ قال: لا تعجب بالقول هذا كلّه(١) ، ولكن زُرْه ولا تجفه فإنَّه سيِّد الشُّهداء؛ وسيِّد شَباب أهل الجنّة، وشبيهه يحيى بن زَكريّا وعليهما بكتِ السّماء والأرض ».

حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن عبدالصَّمد بن محمّد، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله سواء.

حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

١٤ - وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى - عن غير واحدٍ - عن جعفر بن بَشير، عن حمّاد، عن عامِر بن مِعقَل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السّماء عَلى أحدٍ إلاّ عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشَّمس في حمرة، وتغيب في حمرة ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله.

١٥ - وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين - رحمهما الله - جميعاً، عن سعد بن

__________________

١ - في بعض النّسخ، وفي البحار: « لا تعجب، ما أصاب مَن يقول هذا كلّه ». وقال المجلسي ( ره ) -: قوله: « ما أصاب » محمولٌ على التّقيّة.

* - فيه كلام، راجع ص ٣٠٥.

١٠١

عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ السَّماء بَكَتْ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبكِ على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بُكاؤها؟ قال: مَكثوا أربعين يوماً تطلع الشّمس بحُمْرَة وتَغرُب بحُمرَة، قلت: فذاك بُكاؤها؟ قال: نَعَم ».

١٦ - وعنهما، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ، عن كثير بن شِهاب الحارثيّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبَة إذ طلع الحسين عليه فضَحِك عليُّعليه‌السلام ضَحْكاً حتى بَدَتْ نَواجِذُه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً وقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ »، والّذي فَلَق الحبَّةَ وبرَأ النَّسَمَةَ ليُقتلنَّ هذا ولتبكينّ عليه السَّماء والأرض ».

١٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ، عن عبدالعظيم الحسنيِّ، عن الحسن(١) ، عن أبي سَلَمَة « قال: قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : ما بكتِ السَّماء والأرض إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسينعليهم‌السلام ».

١٨ - حدَّثني أبي؛ وأخي - رحمهما الله - عن أحمدَ بن إدريس؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليِّ(٢) ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته في طريق المدينة - ونحن نُريد المكّة - فقلت: يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنْكسراً؟! فقال: لو تسمع ما أسمع لشَغَلَك عن مسألتي، قلت: فما الَّذي تَسمَعُ؟! قال: ابتهال الملائِكة إلى اللهِ(٣) عزَّوجلَّ على قَتَلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسينعليهما‌السلام ، ونوح الجنّ وبُكاء الملائكة الَّذين حوله وشدَّة

__________________

١ - الظّاهر هو ابن الوشّاء، أو المراد ما تقدّم « ابن الحكم النّخعيّ »، والأوّل أظهر، وأبو سلمة هو سالم بن مُكرم.

٢ - كأنّه ابن الحكم الكوفيّ الثّقة.

٣ - ابتهل إلى الله: تضرّع ودعا.

١٠٢

جَزعِهم، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! - وذكر الحديث - ».

١٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ العَلويّ، عن الحسن بن الحكم النّخعيِّ، عن كثير ابن شِهاب الحارثيِّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام بالرُّحْبة إذ طلع الحسينعليه‌السلام قال: فضحك عليٌّعليه‌السلام حتّى بَدَتْ نَواجذه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً فقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ »، والَّذي فَلَق الحَبّة وبَرَأ النَّسَمَة لَيقتلنَّ هذا ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض »(١) .

٢٠ - وعنه، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد(٢) قال: حدَّثني أبو مُعْشر، عن الزُّهْريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام أمطرتِ السّماء دماً ». وقال عمر بن سعد: وحدَّثني أبو مَعْشَر، عن الزَّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيت المَقْدِس حَصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

٢١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن(٣) محمّد بن الحسن بن مَهزيار(٤) ، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فَضالَة بن أيّوبَ، عن داودَ ابن فَرْقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان الَّذي قَتَلَ الحسينَ بنَ عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قَتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وقال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين بن عليٍّ سنة، ثمّ قال: بَكتِ السَّماء والأرض على الحسين بن عليٍّ وعلى يحيى بن زَكريّا، وحُمرتها بُكاؤها ».

* * * * *

__________________

١ - تقدّم الخبر آنفاً بتفاوت يسير تحت رقم ١٦.

٢ - تقدّم ذكره في ص ٧١، وأبو مَعشَر هو يوسف بن يزيد البرّاء العطّار، المعنون في تهذيب التّهذيب.

٣ - كذا في النّسخ والبحار، والظّاهر تصحيف الواو بـ « عن ».

٤ - هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار.

١٠٣

الباب التّاسع والعشرون

( نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مُزاحِم، عن عُمَرَ بنِ سعد، عن عَمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله قالتْ: ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله نبيَّه إلاّ اللَّيلة، ولا أراني إلاّ وقد أصبت بابني الحسين، قالتْ: وجاءت الجنّيَّة منهم وهي تقول:

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلى الشُّهداء بَعْدي

عَلى رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلى مُتَجبِّرٍ مِنْ نَسْلِ عَبْد (١)

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عُقْبَة، عن أحمدَ بن عَمرو بن مسلم، عن المَيثميّ(٢) « قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فمرُّوا(٣) بقرية يقال لها: شاهيّ(٤) إذ أقبل عليهم رَجلان: شيخٌ وشابٌّ فسلّما عليهم، قال: فقال الشّيخ: أنا رَجلٌ من الجنّ وهذا ابن أخي أردنا نَصرَ هذا الرَّجل المظلوم، قال: فقال لهم الشّيخ الجنّي: قد رَأيت رأياً، فقال الفتية الإنسيّون: وما هذا الرَّأي الَّذي رأيت؟ قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة، فقالوا له: نِعْمَ ما

__________________

١ - في أمالي الصّدوق: « في ملك عبد ». وقوله: « فانهملا » فيه: « فانهملي ».

٢ - كان من أولاد ميثم التّمّار، وهو أحمد بن الحسن بن إسماعيل، مِن أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وهو ثقة.

٣ - في البحار: « فعرّسوا ».

٤ - قال العلاّمة الأمينيرحمه‌الله : « شاهي » موضع بقرب القادسيّة، وأظنّها تنسب إلى شاه بن شاه بن لان بن نريمان الّذي هبط إلى تلك الدّيار بأمر كسرى بن هرمز لمحاربة الأتراك النّازلة بها.

١٠٤

رأيتَ، قال: فغابَ يومه وليلته، فلمّا كان من الغد إذا هم بصَوتٍ يسمعونه ولا يَرَونَ الشّخص وهو يقول:

وَاللهِ ما جِئتُكُمْ حَتّى بَصُرْتُ بِهِ

بِالطَّفِّ مُنْعَفَر الخَدَّينِ مَنحُورا

وَحَولَهُ فِتْيَةٌ تَدْمي نُحورُهُم

مِثْلَ المصابيح يَملُونَ (١) الدُّجى نُورا

وَقَدْ حَثَثْتُ قَلوصي (٢) كَيْ اُصادِفَهم

مِن قَبْلِ ما أنْ يُلاقُوا الخُرُدُ الحُورا (٣)

كان الحُسَينُ سِراجاً يُسْتَضاءُ بِهِ

اللهُ يَعْلم أنّي لم أقُلِ زُورا

مجاوِراً لِرَسُولِ اللهِ في غُرَفٍ

وَلِلْبَتول (٤) وَلِلطَّيّارِ مَسْرُورا

 فأجابه بعض الفِتْية من الإنسِيّين يقول:

اذْهَبْ فلا زالَ قَبرٌ أنْتَ ساكِنُهُ

إلى القِيامَةِ يَسْقَى الْغَيث ممطُورا

وَقَدْ سَلَكْتُ سَبيلاً أنْتَ سالِكُهُ

وَقَدْ شَرِبْتُ بكَأسٍ كانَ مَغْزورا (٥)

وفِتْيَةٌ فَرَّغُوا لله أنْفُسَهُم

وفارَقُوا المالَ والأحْبابَ والدُّورا

 ٣ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: حدّثني عُمَرُ بن سعد؛ وعَمروُ بنُ ثابت، عن أبي زياد القَندي (٦) « قال: كان

__________________

١ - في مجالس المفيد: « يعلون ».

٢ - القلوص: بالفتح -: النّاقة الطّويلة القوائم، خاصّ بالإناث.

٣ - قال الفيروزآبادي: « الخَرِيدُ، وبِهَاءٍ، والخَرودُ: البِكْر لم تُمْسَس، أو الخَفِرَةُ الطَّويلةُ السُّكوتِ، الخافِضَةُ الصَّوتِ المُتَسَتَّرَةُ، والجمع: خَرائِد وخُرُد و [خُرَّد] » وقال الشّارح في التّاج: الأخيرة ( يعني خُرَّد ) نادرة، لاُنّ فعيلة لا تجمع على فُعَّل. وفي البحار - نقلاً عن أمالي الشّيخ ومجالس المفيد « الحرد » - بالحاء المهملة -، وله بيان راجع ج ٤٥ ص ٢٤٠.

٤ - في مجالس المفيد: « وللوصيّ ».

٥ - في القاموس: « الغَزير: الكثير من كلّ شي ء، ومن الآبار والينابيع: الكثيرة الماء ». وفي بعض النّسخ: « مغروراً » بالرّاء المهملة. وما في المتن مثل ما في البحار.

٦ - كذا في النّسخ، وفي مجمع الزّوائد الهيثميّ: « عن أبي جناب الكلبيّ » مكان « عن أبي زياد القنديّ »، وفيه: « قال: حدّثني الجصّاصون قالوا: كنّا إذا خرجنا إلى الجبّان باللَّيل عند مقتل الحسين سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون: مسح الرّسول - إلخ ».

١٠٥

الجَصّاصون (١) يسمعون نَوحَ الجنِّ حين قُتل الحسينعليه‌السلام في السَّحر بالجَبّانَة (٢) وهم يقولون:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبينَهُ

فَلَهُ بَريقٌ في الخدُود

أبَواهُ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ

جَدُّهُ خَيرُ الجدُودِ

 ٤ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: قال عُمَرُ بن سعد: حدَّثني الوليد بن غَسّان - عمّن حدَّثه - « قال: كانت الجنّ تنوح على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام تقول:

لمنِ الاُبْياتُ بِالطَّفِّ عَلى كُرْه بَنينه

تلك أبياتُ الحسين يَتَجاوَبْنَ الرَّنيِنَه (٣)

٥ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة قال: حدَّثني أيّوب بن سليمانَ بن أيّوب الفَزاري(٤) ، عن عليِّ بن الحَزَوَّر(٥) « قال: سمعت ليلى وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وهي تقول:

يا عينُ جُودي بالدُّمُوعِ فإنَّما

يَبْكي الحَزِينُ بِحُرْقَةٍ وتَفَجَّع

يا عَينُ ألْهاكَ الرِّقابُ بِطيبةٍ

مِنْ ذِكْرِ آل مُحَمَّدٍ وَتَوجّع

باتَتْ ثَلاثاً بالصَّعيدِ جُسُومُهُمْ

بَين الوُحوشِ وكُلُّهم في مَصْرَع

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عبدالرَّحمن بن أبي حمّاد، عن أبي ليلى الواسِطيّ، عن

__________________

١ - الجصّ - بفتح الموحّدة وكسرها -: ما تُطلى به البيوت، والجصّاص: عامله.

٢ - الجبّانة - بالفتح ثمّ التّشديد -؛ والجبّان في الأصل الصّحراء، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم ).

٣ - الرَّنين: الصّوت مطلقاً وقيل: الصّوت مع بكاء، وفي أساس البلاغة: سمعت له رنّة ورَنيناً، أي صيحة حزينة.

٤ - نسبة إلى حيٍّ من غَطَفان أبوها فَزارة بن ذُبيان.

٥ - الحَزَوَّر - بالحاء المهملة والزّاي المفتوحتين، والواو المشدّدة بعدها راء -.

١٠٦

عبدالله بن حَسّان الكِنانيّ قال: بَكتِ الجنُّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فقالت:

ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّبي لَكم

ماذا فَعلْتم وَأنْتم آخِرُ الاُمم؟

بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي

مِنْ بَين أسْرى وَقَتْلى ضُرِّجُوا بِدَم؟

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم قال: حدَّثني سَلَمةُ قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن(١) ، عن مُعَمّر بن خَلاّد، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: بينما الحسينعليه‌السلام يسير في جوف اللّيل وهو متوجّه إلى العِراق وإذا برجل يَرتجز ويقول:؛

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن مُعمّر بن خلاّد، عن الرّضاعليه‌السلام ، مثل ألفاظ سَلَمَةَ، قال: وهو يقول:

يا ناقَتي لا تَذْعَري مِنْ زَجْري

وشَمِّري قَبْل طُلُوعِ الْفَجر

بِخَيرِ رُكْبانٍ وخَيْر سَفْرِ

حتّى تَحلّى بِكَريمِ النّجْر

بماجِد الجدِّ رَحيبِ الصَّدْرِ

أتى بِهِ اللهُ (٢) لِخير أمر

 ثَمَّتَ أبقاهُ بقاءَ الدَّهْر

سَأمْضي وما بِالمَوتِ عارٌ عَلى الْفَتى

إذا ما نَوى حَقّاً وجَاهَد مُسْلِماً

وآسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بنَفسِه

وفارَقَ مَبْثوراً وخالَفَ مُجْرماً

فَإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَم وَإنْ مِتُّ لَمْ اُلَم

كَفى بِكَ ذُلا أنْ تَعيشَ وَترْغَماً (٣)

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن محمّد بن يحيى المُعاذيِّ قال: حدَّثني الحسين(٤) بن موسى الأصمّ، عن عَمرو، عن جابر(٥) ، عن محمّد بن عليّعليهما‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام بالشُّخوص من المدينة أقْبَلَتْ نساءُ بني عبدالمطّلب فاجتمعن للنِّياحة مشى فيهنِّ

__________________

١ - الظّاهر هو ابن فضّال.

٢ - كذا في النّسخ، ولعلّ الصّواب: « أثابه الله ».

٣ - في بعض النّسخ: « كفى بك موتاً أن تذلّ وتغرماً ».

٤ - في بعض النّسخ، « الحسن ».

٥ - هو جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ، وراويه هو عمرو بن شمر الجعفيّ الكوفيّ.

١٠٧

الحسينعليه‌السلام فقال: أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله، فقالت له نِساء بني عبدالمطّلب: فلمن نستبقي النِّياحة والبُكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ، وفاطمةُ ورقيّةُ وزينبُ واُمُّ كلثوم (١) ؟!! فننشدك الله جعلنا الله فِداك من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور، وأقبلتْ بعض عَمَاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعتُ الجنَّ ناحَتْ بنَوحِك وهم يقولون:

فإنَّ قَتيلَ الطَّفِّ مِن آلِ هاشِم

أذلَّ رِقاباً مِنْ قُرَيْش فَذَلت

حَبيبُ رَسولِ اللهِ لم يَكُ فاحِشاً

أبانَتْ مُصيبَتُكَ الاُنوفَ وَجَلَّت

 وقلن أيضاً:

بَكُّوا (٢) حُسَيناً سَيِّداً

وَلِقَتْلِهِ شابَ الشَّعَر

وَلِقَتْلِهِ زَلْزَلتم

وَلِقَتْلِهِ انْخَسَفَ القَمَر (٣)

وَاحْمَرَّت آفاقُ السَّماءِ

مِنَ الْعَشيَّةِ وَالسَّحَر

وَتَغَبّرَتْ شَمْسُ الْبِلاد

بهم واظلَمَتِ الْكُوَر (٤)

ذاكَ ابنُ فاطمةَ المُصابُ

بِهِ الخَلائقُ والبَشَر

أورَثْتنا ذُلا بِهِ

جَدّعَ الاُنوفُ مَعَ الغَرَر

 ٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن يحيى المُعاذيّ، عن عبّاد بن يعقوبَ، عن عَمرو بن ثابت، عن عمرِ[و] بن عِكرِمَة قال: أصبحنا صَبيحة(٥) قتل الحسينعليه‌السلام بالمدينة فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارِحَةَ مُنادياً ينادي ويقول:

أيُّها القاتِلونَ ظلماً (٦) حُسَيناً

أبْشِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل

__________________

١ - كلّهنّ بنات رسول الله صلوات الله عليه وعليهنّ.

٢ - في بعض النّسخ: « أبكي ».

٣ - في جلّ النّسخ: « انكسف القمر ».

٤ - المراد بالشّمس ضياؤها لا اصلها، والكور جمع كورة، وهي البقعة الّتي جمع فيها المساكن والقرى.

٥ - في جلّ النّسخ: « ليلة ».

٦ - في جلّ النّسخ: « جهلاً ».

١٠٨

كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم

مِن نَبيٍّ ومَلأَكٍ وَقَبيل

قد لُعِنْتم عَلى لِسانِ ابن داوُ

دَ وذي الرُّوح (١) حامل الإنجيل

١٠ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب قال: حدَّثني عبدالله بن محمّد بن سِنان، عن عبدالله بن القاسم بن الحارث، عن داودَ الرَّقيّ قال: حدَّثتْني جدَّتي أنَّ الجنّ لمّا قتل الحسينعليه‌السلام بَكَتْ عليه بهذه الأبيات:

يا عَينُ جُودي بالعِبَر وابكي فقد حَقّ الخبر

أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي وَرَد الفُراتَ فما صدَر(٢)

الجِنُّ تَبْكي شَجْوَها(٣) لما اُتي مِنْهُ الخَبَر

قُتِلَ الحسينُ وَرَهْطُهُ تَعْساً لِذلِكَ(٤) مِنْ خبر

فلأبْكينَّكَ حُرقَةً عِنْدَ العِشاء وبالسَّحر

ولأبينَّك ما جَرى عِرقٌ وما حمل الشَّجر

* * * * *

الباب الثّلاثون

( دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يَزيدَ النَّوفَليِّ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد السَّكونيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: اتّخذوا الحمام الرَّاعبيّة في بيوتكم(٥) ، فإنّها تلعن قَتلةَ الحسينعليه‌السلام ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن أحمدَ بن إدريس بن أحمد، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي

__________________

١ - كذا، وفي التّواريخ و « مثير الأحزان » لابن نما: « ابن داوود وموسى وحامل الإنجيل ».

٢ - أي لم يرجع.

٣ - الشّجو: الهمّ والحزن.

٤ - التَّعْس: الهلاك.

٥ - المراد بالرّاعبيّة الحمامة، وهي ترعب في صوتها ترعيباً.

١٠٩

حمزةَ، عن صَندل (١) ، عن داودَ بن فَرْقَد « قال: كنت جالساً في بيت أبي عبداللهعليه‌السلام فنظرت إلى الحمام الرَّاعي يُقَرقِر (٢) طَويلاً، فنظر إليَّ أبو عبداللهعليه‌السلام فقال: يا داودُ أتدري ما يقول هذا الطّير؟ قلت: لا جُعلتُ فِداك، قال: تدعو على على قَتَلة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فاتّخذوه في منازلكم ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ بإسناده مثله.

الباب الحادي والثّلاثون

( نَوح البوم (٣) ومصيبتها على الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد؛ وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن صفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي غُنْدَر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول في البومة، قال: هل أحدٌ منكم رآها بالنّهار، قيل له: لا، تَكاد تظهر بالنّهار ولا تظهر إلاّ ليلاً، قال: أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قتل الحسينعليه‌السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العُمْران ابداً ولا تأوي إلاّ الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّى يجنّها اللّيل فإذا جنّها اللّيل ( كذا ) فلا تزال ترنّم على الحسينعليه‌السلام حتّى تصبح ».

٢ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن أبي الخطّاب، عن الحسين بن عليِّ بن صاعد البَربَريِّ قيّماً لقبر الرّضاعليه‌السلام قال: حدَّثني أبي « قال: دخلتُ على الرِّضاعليه‌السلام فقال لي: تَرى هذه البوم ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك جِئنا نَسألك، فقال: هذه البومة كانت(٤) على عهد جدِّي

__________________

١ - في بعض النّسخ: « صفوان ».

٢ - قرقرت الحمامة والدّجاجة: ردّدت صوتها.

٣ - البوم طائر الظّلام، وهي بالفارسية: « جغد ».

٤ - في البحار: « دخلت على الرّضا عليه السلام فقال لي: ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك، قال: فقال لي: ترى هذه البومة كانت - إلخ ».

١١٠

رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأوي المنازل والقصور والدُّور، وكانت إذا أكل النّاس الطّعام تطير وتقع أمامَهم، فيرمى إليها بالطّعام وتسقي وترجع إلى مكانها، فلمّا قتل الحسينعليه‌السلام خرجت من العُمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الاُمّة أنتم! قتلتم ابن بنت نبيّكم، ولا آمنكم على نفسي ».

٣ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال - عن رجل - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ البوم لتصوم النّهار فإذا أفطرت تدلّهت(١) على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى تصبح ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن الحسن بن عليِّ، الميثميِّ(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا يعقوب(٣) رأيت بومةً بالنّهار تنفّس قطّ، فقال: لا، قال: وتدري لم ذلك؟ قال: لا، قال: لأنّها تظلُّ يومها صائمة على ما رزقها الله، فإذا جَنّها اللّيل أفطرت على ما رُزقت، ثمَّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّعليهما‌السلام حتى تصبح ».

الباب الثّاني والثّلاثون

( ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدِّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أيّما مؤمنٍ دمعتْ عَيناه لقتل الحسين

__________________

١ - قال في القاموس: « الدَّلْه، ويحرّك، والدلُوه: ذَهاب الفُؤاد من هَمٍّ ونحوه. ودَلَّهه العِشْقُ تَدْليهاً فتَدَلَّه » وفي جلّ النّسخ: « اندبت »، وما في المتن مثل ما في البحار.

٢ - في جلّ نسخ الكتاب: « عن الحسن بن علي الميثمي »، والصّواب ما في المتن.

٣ - كأنّه ابن شعيب بن ميثم الأسديّ الثّقة.

١١١

ابن عليٍّعليهما‌السلام دمعةً حتّى تسيل على خدِّه بوَّأه الله بها في الجنّة غُرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه فينا لاُذى مسّنا مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بوَّأه الله بها في الجنّة مبوَّأ صِدقٍ، وأيّما مؤمنٍ مَسَّه أذىً فينا فَدَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه مِن مَضَاضةِ (١) ما اُوذِي فينا صرَّف اللهُ عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة مِن سَخطه والنّار ».

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلِّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فإنّه فيه مأجورٌ ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي هارون المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل له -: ومَن ذُكِر الحسينُعليه‌السلام عنده فخرج مِن عينه مِن الدُّموع مقدار جناح ذُباب كان ثوابه على الله عزَّوجلَّ ولم يرض له بدون الجنّة ».

٤ - حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب قال: حدثنا بكار بن أحمد القسام؛ والحسن بن عبدالواحد، عن مخول بن إبراهيم، عن الربيع ابن منذر، عن أبيه « قال: سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: من قطرت عيناه فينا قطرةً ودمعت عيناه فينا دمعةً بوّأه الله بها في الجنة غُرَفاً يسكنها أحقاباً وأحقاباً ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن حمزة بن عليَّ الأشعريّ، عن الحسن بن معاوية بن وَهب - عمّن حدّثه - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليُّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: - وذكر مثل حديث محمّد بن جعفر الرَّزَّاز سواء(٢) .

__________________

١ - المَضاضَة - بالفتح -: وجع المصيبة. ( البحار ).

٢ - أي ما تقدّم تحت رقم ١.

١١٢

٥ - حدّثني محمّد بن جعفر القُرشيِّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليٍّ، عن ابن أبي عُمَير، عن عليِّ بن المغيرة، عن أبي عُمارة المنشِد « قال: ما ذكر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في يومٍ قطّ فرُئي أبو عبداللهعليه‌السلام في ذلك اليوم متبسِّماً قطّ إلى اللَّيل ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حماد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن مِسْمَع بن عبدالملك كِرْدين البصريّ « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : يا مِسْمَع أنت مِن أهل العِراق؛ أما تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: لا؛ أنا رَجلٌ مشهورٌ عند أهل البصرة، وعندنا مَن يتّبع هوى هذا الخليفة، وعدوّنا كثير مِن أهل القبائل مِن النُّصّاب وغيرهم، ولستُ آمنهم أنْ يرفعوا حالي عند ولد سليمان(١) فيُمثِّلون بي(٢) ، قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وَجهي، قال: رحِمَ الله دَمعتَك، أما إنّك مِن الَّذين يُعدُّون مِن أهل الجزع لنا، والّذينَ يَفرحون لِفَرحِنا ويحزنون لِحُزننا ويخافون لَخوْفنا ويأمنون إذا أمنّا، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها، قال: ثمَّ استعبر واستعبرتُ معه، فقال: الحمد للهِ الّذي فضّلنا على خلقِه بالرَّحمة وخصَّنا أهل البيت بالرَّحمة، يا مِسمَع إنَّ الأرض والسَّماء لتبكي مُنذُ قُتل أمير المؤمنينعليه‌السلام رَحمةً لنا، وما بكى لنا مِن الملائكة أكثر وما رَقأتْ دُموع الملائكة منذ قُتلنا، وما بكى أحدٌ رَحمةً لنا ولما لقينا إلاّ رحمه الله قبل أن تخرج الدَّمعة من عينه، فإذا سالَتْ دُموعُه على خَدِّه، فلو أنَّ قطرةً مِن دُموعِه سَقَطتْ في جهنَّم لأطْفَئتْ حَرَّها حتّى لا

__________________

١ - يعني سليمان بن عبدالملك، والمراد ولده حاكم الكوفة.

٢ - مثّل بفلان أي نكّله، وصنع به صنيعاً يحذّر غيره.

١١٣

يوجد لها حَرٌّ، وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند مَوته فرحَةً لا تزال تلك الفرْحَة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبِّنا إذا ورد عليه حتّى أنّه ليذيقه مِن ضروب الطَّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مِسْمع مَن شرب منه شَربةً لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يستق بعدها أبداً، وهو في بَرْدِ الكافور وريح المِسْك وطعم الزَّنجبيل، أحلى مِن العَسل، وألين مِن الزَّبد، وأصْفى مِن الدَّمع، وأذكى مِن العَنبر يخرج من تَسْنيم (١) ، ويمرُّ بأنهار الجِنان يجري على رَضْراض (٢) الدُّرِّ والياقوت، فيه من القِدْحان أكثرُ من عدد نجوم السَّماء، يوجد ريحه مِن مَسيرةِ ألف عام، قِدْحانه مِن الذَّهب والفِضّة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشّارب منه كلُّ فائحة حتّى يقول الشّارب منه: يا ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بَدلاً، ولا عنه تَحويلاً، أما إنّك يا [ابن] كِرْدين ممّن تروي منه، وما مِن عَين بَكتْ لنا إلاّ نَعِمَتْ بالنّظر إلى الكوثر وسُقِيتْ منه (٣) ، وأنَّ الشَّارب منه ممّن أحبَّنا ليعطى مِن اللَّذَّة والطَّعم والشَّهوة له أكثر ممّا يعطاه مَن هو دونه في حُبِّنا.

وإنْ على الكوثر أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي يده عصاً مِن عَوسَج يحطم بها أعداءَنا، فيقول الرَّجل منهم: إنّي أشهد الشَّهادتين، فيقول: انطلقْ إلى إمامك فلانٍ فاسأله أنْ يشفع لك، فيقول: تبرَّأ منّي إمامي الَّذي تذكره، فيقول: ارجع إلى ورائِك فقلْ للَّذي كنتَ تتولاّه وتقدِّمه على الخلق فاسأله إذ كان خير الخلق عِندَك أن يشفعَ لك، فإنَّ خيرَ الخلق مَن يَشفَع(٤) ، فيقول: إنّي اُهلك عَطَشاً، فيقول له: زادكَ اللهُ ظَمأُ وزادَكَ اللهُ عَطَشاً.

قلت: جُعِلتُ فِداك وكيف يقدر على الدُّنوّ مِن الحوض ولم يقدر عليه

__________________

١ - هو عين في الجنّه وهو أشرف شراب في الجنّة. ( مجمع البيان ).

٢ - الرّضراض: الحصاء، أو الصِّغار منها.

٣ - إسناد السَّقْي إلى العين مجازيٌّ لسببيّتها لذلك. ( البحار ).

٤ - في بعض النّسخ: « حقيقٌ أن لا يردّ إذا شفع ».

١١٤

غيره؟ فقال: ورع عن أشياء قبيحةٍ، وكفّ عن شتمنا [أهل البيت] إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترء عليها غيره، وليس ذلك لِحبّنا ولا لِهوى منه لنا، ولكن ذلك لشدَّة اجتهاده في عبادته وتَدَيُّنه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر النّاس، فأمّا قلبه فمنافق ودينه النَّصب واتّباع أهل النَّصب وولاية الماضينَ وتقدُّمه لهما على كلِّ أحدٍ ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير الاُرجانيِّ(١) . وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن زُرارة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير « قال: حَجَجْتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل(٢) - فقلت: ياابن رسول الله لو نُبِش قبرُ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام هل كان يُصابُ في قبره شيءٌ؟ فقال: ياابن بُكَير ما أعظم مسائِلُك، إنَّ الحسينعليه‌السلام مع أبيه واُمّه وأخيه في منزل رَسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه يُرزقون ويحبون(٣) وأنّه لعَلى يمين العَرش متعلّق ( كذا ) يقول: يارَبِّ أنْجزْ لي ما وَعَدتَني، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره، وأنّه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماءِ آبائهم وما في رِحالهم من أحَدِهم بولده، وأنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له، ويقول: أيّها الباكي

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينّيرحمه‌الله : أرّجان بفتح أوّله وتشديد ثانيه تارة، وبالتّخفيف اُخرى -: مدينة مِن بلاد فارِس، وفي بعض النّسخ: « ارحمانيّ »، وأظنّه تصحيف أرْخُمانيّ - بالفتح ثم السكون وضم الخاء المعجمة -: بلدة من مدن فارس. و « عبدالله بن بكير » أو « عبدالله بن بكر » - كما في بعض النسخ - ليس هو من ولد أعين، وله ابن اسمه الحسين ابن عبدالله الأرجانيّ.

٢ - سيأتي الخبر بتمامه في باب نوادر الزّيارات تحت رقم ٢.

٣ - فيه سقط، والسّاقط قوله: « كما يرزقون، فلو نُبِشَ في أيّامه لوُجِدَ، وأمّا اليوم فهو حيُّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسكَره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله - إلخ ». كما يأتي في النّوادر.

١١٥

لَو عَلِمتَ ما أعدّ اللهُ لك لَفَرِحْتَ أكثر ممّا حَزِنْتَ، وإنّه ليستغفر له مِن كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ ».

٨ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن ابن أبي عُمير، عن بكر بن محمّد، عن فُضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرنا عندَه ففاضَتْ عَيناه ولو مثل جَناح بَعُوضةٍ(١) غُفِرَ له ذنوبُه ولو كانت مِثلَ زَبَد البَحر ».

حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أحمدَ بنِ أبي عبدالله البَرقيِّ، عن أبيه، عن بَكرِ بنِ محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٩ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ، عن العَلاء بن رَزين القَلاّء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أيّما مؤمنٍ دَمَعَتْ عيناه لِقَتلِ الحسينعليه‌السلام دَمْعَةً حتّى تَسيل على خَدِّه بَوَّأه الله بها غُرفاً في الجنّة يَسكنها أحقاباً ».

١٠ - وعنه، عن سَلَمَةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن بَكر بن محمّد، عن فَضَيل بن فَضالة(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرْنا عِنده ففاضَتْ عَيناه حرَّم اللهُ وَجْهَه على النّار ».

الباب الثّالث والثّلاثون

( مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى)

١ - حدَّثنا أبو العبّاس القُرشيُّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسينعليه‌السلام ؟ قال: فأنشدته فبكى،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « مثل جناح ذُباب ».

٢ - عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام، وقال: « الفضيل بن فضالة التّغلبيّ، كوفيّ ». وفي بعض النّسخ: « عن فضيل؛ وفضالة، عن أبي عبدالله عليه السلام ».

١١٦

فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرّقّة - قال: فأنشدته:

امْرُرْ عَلى جَدَثِ (١) الحسينِ

فَقُلْ لأعْظُمِهِ الزَّكيَّة

 قال: فبكى، ثمَّ قال: زِدْني، قال: فأنشدته القصيدة الاُخْرى، قال: فبكى، وسمعتُ البكاء مِن خلفِ السَّتر، قال: فلمّا فرغتُ قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى عَشْراً كُتبتْ لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى خمسةً كُتبت لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كُتبتْ لهما الجنّة، ومَن ذكر الحسينعليه‌السلام عنده فخَرج مِن عينه مِن الدُّموع مِقدار جَناح ذُباب كان ثوابه على الله، ولم يَرضَ له بدون الجنّة ».

٢ - حدَّثني أبو العبّاس(٢) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغيرة، عن أبي عُمارة المُنْشِد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا أبا عُمارة أنْشِدْني في الحسينعليه‌السلام ، قال: فأنشدته فبكى، ثمَّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال: فوالله ما زلتُ أُنشِدُه ويبكي حتّى سَمعتُ البكاء مِن الدَّار، فقال لي: يا أبا عُمارة مَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى خمسينَ فله الجنَّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى أربعين فلَه الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فأبكى ثلاثين فلَهُ الجنة، ومَن أنشَدَ في الحسينِ شِعراً فأبكى عشرين فلَه الجنّة، ومن أنشدَ في الحسين شِعراً فأبكى عشرة فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام شِعراً فأبكى واحِداً فله الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فبكى فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فتباكى فلَه الجنّة ».

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عُمَير، عن عبدالله بن حسّان، عن ابن أبي شعبة(٣) ، عن عبدالله بن غالب « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فأنشدته مَرْثِيةَ الحسينعليه‌السلام ، فلمّا انتهيتُ إلى هذا الموضع:

لَبلِيَّة تَسقو حُسَيناً

بمَسقاةِ الثَّرى غَير التُّرابِ

 فصاحت باكية من وراء السّتر: واأبتاه!!! ».

__________________

١ - الجدث: القبر.

٢ - يعني الرّزّاز.

٣ - هو عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبيّ.

١١٧

٤ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام بيت شعرٍ فبكى وأبكى عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: أنشِدْني، فأنشدتُه، فقال: لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، قال: فأنشدته:

أُمْرُرُ عَلى جَدَثِ الحُسَينِ

فَقُل لأعْظُمِهِ الزَّكيَّةِ

قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال: مُرَّ، فمررت، قال: ثمَّ قال: زِدني زِدني، قال: فأنشدته:

يا مَريمُ قُومي فانْدُبي مَولاكِ

وَعَلى الحُسَين فأسْعِدي بِبُكاكِ

قال: فبكى وتهايج النّساء!! قال: فلمّا أن سَكتن قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسينعليه‌السلام فأبكى عشرة فله الجنّة، ثمَّ جعل ينقّص واحِداً واحِداً حتّى بلغ الواحد، فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحِداً فله الجنّة، ثمّ قال: مَن ذَكرَه فبكى فله الجنّة ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لكلِّ شيءٍ ثواب إلاّ الدَّمعة فينا »(١) .

٧ - حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشد في الحسين بيتَ شعرٍ فبكى وأبكى

__________________

١ - أي ثواب معيّن إلاّ الدّمعة فينا، فلها ثواب لا يعلم حدّه، وذلك كناية عن كثرة الثَواب. وفي البحار: « لكلّ سرّ - إلخ » وله بيان راجع ج ٤٤ ص ٢٨٧.

١١٨

عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

الباب الرّابع والثّلاثون

( ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن الخشّاب، عن عليِّ بن حَسّان، عن عبدالرَّحمن بن كثير، عن داودَ الرَّقّيّ « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام إذ استسقى الماءَ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغْرَورَقتْ عَيناه بدُمُوعِه، ثمَّ قال لي: يا داودُ لعن الله قاتل الحسين، فما مِن عبدٍ شرب الماءَ فذكر الحسينعليه‌السلام ولعنَ قاتله إلاّ كتب الله له مائة ألف حَسَنةٍ، وحطّ عنه مائة ألف سيّئةٍ، ورفع له مائة ألف درجةٍ، وكأنّما أعتق مائة ألف نَسَمةٍ، وحَشَره الله تعالى يوم القيامة ثلجَ الفُؤاد(١) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن محمّد، عن سَهل بن زياد، عن جعفر بن إبراهيم الحَضرَميّ، عن سعد بن سعد مثله(٢) .

الباب الخامس والثّلاثون

( بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام)

١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي داود المُسترق - عن بعض أصحابنا - عن

__________________

١ - أي مطمئنّة.

٢ - فيه كلام، راجع البحار ج ٤٤ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. والخبر مذكور في الكافي ج ٦ ص ٣٩١ وسنده غير ما ذكر في الكتاب، وكذا في البحار.

١١٩

أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بكى عليُّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عشرين سَنَة - أو أربعين سَنَة(١) -، وما وضع بين يديه طعاماً إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له: جُعلتُ فِداك يا ابن رَسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون مِن الهالِكين، قال: «إنَّما أشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلمُ مِنَ اللهِ ما لا يَعْلَمُون (٢) »، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خَنَقَتني العَبرة(٣) لذلك ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن منصور - عن بعض أصحابنا - « قال: أشرف مولى لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو في سقيفة له ساجدٌ يبكي، فقال له: يا مولاي يا عليَّ بن الحسين أما آنَ لِحُزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسَه إليه وقال: ويلك - أو ثَكَلَتكَ اُمُّك - [والله] لقد شكى يعقوبُ إلى رَبّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال: « يا أسَفى عَلى يُوسُفَ(٤) »، إنّه فَقَدَ ابْناً واحِداً، وأنا رَأيت أبي وجماعة أهل بيتي يُذبَّحون حَولي، قال: وكان عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عَمّك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال: إنّي أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فأرقّ لهم »(٥) .

__________________

١ - الشّكّ من الرّاوي. وعاش السّجّاد بعد أبيهعليهما‌السلام ٣٤ سنة.

٢ - يوسف: ٨٦. وهو قول يعقوبعليه‌السلام حين قال ولده: «تَالله تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهلكينَ *قال إنّما أشكو - الآية ». وقال في المجمع: قيل: البث ما أبداه والحزن ما أخفاه.

٣ - خنقه خنقاً عصر حلقه حتى يموت.

٤ - يوسف: ٨٤.

٥ - الّذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام مِن أولاد عقيل ستّة بل سبعة، وهم: ١ - عبدالرّحمن بن عقيل واُمّه اُمّ ولد، ٢ - جعفر بن عقيل، واُمّه اُمّ الثّغر بنت عامر، ٣ - عبدالله بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد. ٤ - محمّد بن مسلم بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد، ٥ - عبدالله بن مسلم، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

٦ - محمّد بن أبي سعيد الأحول ابن عقيل، اُمّه اُمّ ولد، وهؤلاء مع مسلم بن عقيل صاروا سبعة، وأمّا من أولاد جعفر بن أبي طالب المقتول بكربلاء ثلاثة، وهم: عون بن عبدالله بن جعفر، واُمّه زينب عليها السلام، محمّد وعبيدالله ابنا عبدالله بن جعفر، واُمّهما خوصاء. ثمّ إنّ عقيل عاش معدماً، وعبدالله بن جعفر بخلافه، كما في الإصابة لابن حجر وغيرها.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256