مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)15%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77727 / تحميل: 10005
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ومَن لم يشهد أن لا إله إلاَّ أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ محمّداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ الأئمّة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفر بآياتي، وكتبي، ورسلي. إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيّبته، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلاَّم للعبيد).

فقام جابر بن عبد الله الأنصاريّ، فقال: يا رسول الله، ومَن الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟

قال: (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ - وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فاقرئه منّي السّلام - ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم عليّ بن محمّد، ثمّ الزّكيّ الحسن بن عليّ، ثمّ ابنه القائم بالحق، مهدي أُمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

هؤلاء - يا جابر - خلفائي، وأوصيائي، وأولادي، وعترتي. مَن أطاعهم فقد أطاعني، ومَن عصاهم فقد عصاني، ومَن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني. بهم يمسك الله (عزّ وجلّ) السماء أن تقع على الأرض إلاَّ بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها) (١) .

وروى هذا الحديث الشيخ أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة) بسند صحيح عن الإمام الهمام حضرة الإمام جعفر (عليه السلام)، وعدّه من جملة نصوص الله على الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام).

____________________

(١) كمال الدين / الصدوق: ٢٥٨ و٢٥٩ / الباب ٢٤ / ح٣.

٦١

فائدة جليلة:

ويستفاد من آخر هذا الحديث أنَّ السماء قائمة في هذا الزمان ببركة وجود فائض الجود، حضرة صاحب الزمان (عليه السلام). وأنَّ الأرض ثابتة وقائمة ولم تمد ببركته (عليه السلام).

وإذا أراد أحد النواصب لأهل الحقّ أن يناقش في هذا المعنى، ويكابر في نقاشه الطائفة الناجية، فماذا سوف يعمل مع جملة الأحاديث التي ثبتت في كتب أهل الخلاف المعتبرة، ورويت من طرقهم، والتي تدل بمجموعها: أنَّ بقاء هذا العالم متعلِّق ببقاء حضرة صاحب الزمان (عليه صلوات الله الملك المنَّان)؟! وسوف تذكر بعضها بعد ذلك في أواخر هذه الأربعين إن شاء الله تعالى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٦٢

الحديث الرابع:

اللوح الذي أهداه الله (عزَّ وجلَّ) إلى رسوله (صلَّى الله عليه وآله)

قال الفضل بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا صفوان بن يحيى (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أبو أيّوب إبراهيم بن أبي زياد الخزاز، قال: حدثّنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على مولاي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، فرأيت في يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاءاً شديداً. فقلت: فداك أبي وأمي يا ابن رسول الله! ما هذه الصحيفة؟ قال (عليه السلام):

(هذه نسخة اللوح الذي أهداء الله تعالى إلى رسوله (صلّى الله عليه وآله)، الذي كان فيه اسم الله تعالى، ورسوله، وأمير المؤمنين، وعمّي الحسن بن عليّ، وأبي (عليهم السلام)، واسمي، واسم ابني محمّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، وابنه عليّ الرضا، وابنه محمّد التقي، وابنه عليّ النقي، وابنه الحسن الزكي، وابنه حجة الله القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله، الذي يغيب غيبة طويلة، ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

ولهذا الحديث مؤيّدات كثيرة، ولكنَّنا نقتصر على هذا الخبر المختصر طلباً للإيجاز في هذه الرسالة.

قال حضرة سيد المجتهدين الأمير محمد باقر الداماد في كتابه (شرعة التسمية)، في باب هذا الحديث الموسوم بـ (حديث اللوح): هو ممَّا على

٦٣

روايته تواطؤ الخاصة والعامة، من طرق متلوِّنة مختلفة، وأسانيد متشعِّبة متكثِّرة(١).

وكان تأليف هذا الكتاب في زمن تلمُّذ وتعلُّم هذا الضعيف عند النحريرين، عديمي النظير، أعني: الشيخ بهاء الملة والدين محمّد العاملي، والآية محمّد الداماد (عليهما الرحمة)، فجرت بينهما مناظرة وبحث حول جواز التسمية وحرمتها في زمن الغيبة، وطالت مدة المباحثة بينهما، ولهذا ألَّف السيد المشار إليه الكتاب المذكور، فرحمة الله عليهما.

والسلام على مَّن التعب الهدى.

* * *

____________________

(١) شرعة التسمية / السيد الداماد: ٧٤.

٦٤

الحديث الخامس:

الأئمّة الاثنا عشر (عليهم السلام) هم أولوا الأمر

قال الصدوق (رضوان الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدّثنا محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة، قال: حدّثني أحمد بن الحارث، قال: حدّثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لمَّا أنزل الله (عزّ وجلّ) على نبيّه محمّد: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) ، قلت: يا رسول الله، عرَّفنا الله ورسوله، فمَن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلَّى الله عليه وآله):

(هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر - وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام - ثم ّ الصادق جعفر بن محمّد، ثم ّ موسى بن جعفر، ثم ّ علي بن موسى، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ عليّ بن محمّد، ثم ّ سمييّ وكنييّ حجة الله في أرضه وبقيته في عباده، ابن الحسن بن عليّ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها.

____________________

(١) النساء: ٥٩.

٦٥

ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاَّ مَن امتحن الله قلبه للإيمان) .

قال جابر: فقلت له: يا رسول الله [فهل] تنتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال (صلَّى الله عليه وآله):

(أي والذي بعثني بالنبوة، إنَّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلَّلها سحاب. يا جابر، هذا من مكنون سرّ الله، ومخزون علمه، فاكتمه إلاَّ عن أهله) إلى آخر الحديث (١) .

وليعلم أنّ لهذا الحديث تتمة إنَّما ترك هذا الترابي ذكره روماً للاختصار.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) كمال الدين / الصدوق: ٢٥٣ / باب ٢٣ / ح٣.

٦٦

الحديث السادس:

رؤية إبراهيم الخليل (عليه السلام) أنوار الأئمّة (عليهم السلام) إلى جنب العرش

قال الشيخ الجليل الفضل بن شاذان بن الخليل (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

(لمَّا خلق الله تعالى إبراهيم الخليل (عليه السلام)، كشف عن بصره فرأى نوراً إلى جنب العرش، فقال: إلهي ما هذا النور؟ قال: يا إبراهيم، هذا نور محمّد، صفوتي من خلقي.

ورأى نوراً إلى جنبه، فقال: إلهي ما هذا النور؟ قال: هذا نور عليّ ناصر ديني.

ورأى في جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي ما هذه الأنوار؟ فقال: نور فاطمة بنت محمّد، والحسن، والحسين ابنيها وابني عليّ.

قال: إلهي إنِّي أرى تسعة أنوار قد أحدقوا بالخمسة؟ قال: هذه أنوار عليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحجة بن الحسن الذي يظهر بعد غيبته عن شيعته وأوليائه.

فقال إبراهيم: إلهي إنِّي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاَّ أنت؟

٦٧

قال: يا إبراهيم، هذه أنوار شيعتهم، شيعة عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين.

فقال إبراهيم: فبما تُعرف شيعته؟

قال: بصلاة إحدى وخمسين، والجهر ببسم الله الر حمان الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وتعفير الجبين، والتختُّم باليمين.

فقال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.

قال تبارك وتعالى: يا إبراهيم، قد جعلتك منهم.

فلهذا أنزل الله فيه في كتابه الكريم: ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) (١) .

قال المفضل بن عمر: قد روينا أنّ إبراهيم (عليه السلام) لمّا أحسّ بالموت، روى هذا الخبر لأصحابه وسجد، فقبض في سجدته (صلوات الله وسلامه عليه).

الحمد لله الذي شرّف شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه الفضلية.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

____________________

(١) الصافات: ٨٣.

* * *

٦٨

الحديث السابع:

لا يقبل عمل أحد إلاَّ بولايتهم (عليهم السلام)

قال الشيخ الفقيه أبو الحسن بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان القمي (رحمه الله) في المائة التي جمعها من العامة:

حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبيد الله الحافظ، قال: حدّثنا عليّ بن سنان الموصلي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن صالح، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا ريان بن مسلم، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدّثنا سلامة عن أبي سليمان، راعي رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، [قال]:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لمّا أسرى بي إلى السماء، قال لي الجليل (جلَّ جلاله): ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) (١) ، قلت: والمؤمنون، قال: صدقت يا محمّد؛ من خلّفت في أُمتك؟

قلت: خيرها.

قال: عليّ بن أبي طالب؟

قلت: نعم يا ربي.

قال: يا محمّد، إنّي ا طلعت على الأرض [ ا طلاعة] فاخترتك منها، فشققت لك اسماً من أسمائي. فلا أذكر في موضع إلاَّ ذُكرت معي. فأنا المحمود وأنت محمّد. ثم ّ اطلعت ثانية فاخترت منها علياً، وشققت [له] اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو عليّ. يا محمّد، إنِّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين من سنخ نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمَن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان من الكافرين.

____________________

(١) البقرة: ٢٨٥.

٦٩

يا محمّد، لو أنَّ عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع ويصير كالشنّ البالي، ثمّ أتاني جاحداً بولايتكم ما غفرت له حتى يقر ّ بولايتكم.

يا محمّد تحب أن تراهم؟

قلت: نعم يا ربي.

فقال لي: التفت عن يمين العرش؛ فالتفتّ فإذا بعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى الرضا، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والمهدي، في ضحضاح من نور قيامٌ يصلّون، وفي وسطهم يضيء المهدي كأنَّه كوكبٌ دُرِّي.

فقال: يا محمّد! هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك. وعزَّتي وجلالي إنَّه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي) .

وهذا الشيخ الجليل من كبار علماء الطائفة الناجية أيضاً، وروى بالسند المزبور من طرق العامة، عن أبي سليمان راعي سيد العالمين (١) .

ونقل ابن بابويه (رحمة الله عليه) هذا الحديث بسند آخر عن أبي سليمان الراعي في كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) مع اختلافٍ بالعبارات، وكان في آخره:

(فيخرج اللاّت والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذٍ بهما أشد من فتنة العجل والسامري) (٢) .

والمقصود من اللاّت والعزى الواقعين في هذا الحديث هما أبو بكر وعمر عليهما ما عليهما.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) مائة منقبة / ابن شاذان: ٣٧ - ٤٠ / المنقبة ١٧.

(٢) كمال الدين / الصدوق: ٢٥٣ / باب ٢٣ / ح٢.

٧٠

الحديث الثامن:

رؤية النبي (صلّى الله عليه وآله) أنوارهم (عليهم السلام) عند سدرة المنتهى في معراجه

قال الشيخ الصدوق الجليل الفضل بن شاذان بن الخليل (قدس سرّه): حدّثنا عبد الرحمان بن أبي نجران، قال: حدّثنا عاصم بن حميد، قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي:

وقال (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن محبوب، قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي، قال: حدّثنا سعيد بن جبير، قال: حدّثنا عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

  (لمَّا عُرج بي إلى السماء، بلغت سدرة المنتهى، ناداني ربي (جلَّ جلاله) فقال: يا محمّد، فقلت: لبيك لبيك يا ربي! قال: ما أرسلت رسولاً فانقضت أيامه إلاَّ أقام بالأمر بعده وصيه، فأنا جعلت عليّ بن أبي طالب خليفتك وإمام أُمتك، ثم ّ الحسن والحسين، ثم ّ عليّ بن الحسين، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ جعفر بن محمّد، ثم ّ موسى بن جعفر، ثم ّ عليّ بن موسى الرضا، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ عليّ بن محمّد، ثم ّ الحسن بن عليّ، ثم ّ الحجة بن الحسن.

يا محمد، ارفع رأسك. فرفعت رأسي، فإذا بأنوار عليّ، والحسن، والحسين، وتسعة من أولاد الحسين، والحجة في وسطهم يتلألأ كأنَّه كوكب درّيّ، فقال الله تعالى: يا محمّد، هؤلاء خلفائي، وحججي في الأرض، وأوصياءك من بعدك، فطوبى لمَن أحبَّهم، والويل لمَن أبغضهم).

وقد أشار الله رب العالمين في غير هذين الحديثين المتقدمين؛ في عدّة أحاديث من الأحاديث المعراجية إلى سيد الإنس والجن، بخلافة العترة الطاهرة.

٧١

فإذا قال قائل: لماذا كان كل هذه الأنواع من التنبُّوء والأخبار في ليلة واحدة؟ فجوابه: لعل كل ذلك لم يقع في ليلة واحدة؟ فهناك حديث ينص على أنَّ قضية المعراج قد وقعت مرتين، وهذا الحديث ذكره إبراهيم بن هاشم في تفسيره. وقد توقَّفنا عن ذكره؛ لأنَّه لم يخل عن التطويل، فمَن يريد الإطلاع فعليه الرجوع إلى ذلك الكتاب (١) .

وروى ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (الخصال) حديثاً جاء فيه: أنَّه وقع العروج برسول الله إلى السماء والارتقاء إلى عرش الحق تعالى مائة وعشرين مرة، وهذا الحديث هو:

عرج بالنبي (صلّى الله عليه وآله) مئة وعشرين مرة، ما من مرّة إلاَّ وقد أوصى الله تعالى فيها النبي (صلّى الله عليه وآله) بالولاية لعليّ بن أبي طالب والأئمّة (عليهم السلام) أكثر ممَّا أوصاه بالفرائض (٢) .

ويمكن أن يكون المقصود من الولاية في هذا الحديث هو تولية حضرت سلطان الولاية على الأمّة، وكان التكرار بالتوصية للتأكيد عليها، كما أنَّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) قد بين كراراً في باب إمامته وخلافته بالنصوص الجلية والخفية.

سبحان الله! مع كل هذه التوصيات من الحق تعالى والمصطفى في حق عليّ المرتضى (صلوات الله عليهما وآلهما)، فلم يتأثر المنافقون، أولاد الحرام، بها أبداً!!

____________________

(١) تفسير القمي / علي بن إبراهيم ٢: ٣ - ١٦ / ط ١/ النجف الأشرف.

(٢) الخصال / الصدوق: ٦٠٠ / أبواب ا لمئة فما فوق / ح٣.

٧٢

وأبدلوا المحبة بالعداوة، وامتنعوا قبول خلافته وولايته (عليه السلام). ولم يكتفوا بذلك، بل استعلوا واستولوا على رئيس الدين ومعلّمه، ولم يقتنعوا بذلك حتى أباحوا ظلمه (عليه السلام) وظلم أولاده (عليه السلام)، ولم يعلموا أنَّ صاحب الزمان (عليه السلام) سوف ينتقم منهم في هذه الدنيا، وأنَّهم سوف يحل عليهم العذاب المخلَّد في العالم الآخر.

* * *

٧٣

الحديث التاسع:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يخبر نعثل اليهودي بأوصيائه (عليهم السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (جعل الله الفردوس مثواه وحشره مع مَن تولاَّه): حدّثنا محمّد بن أبي عمير وأحمد بن محمّد بن أبي نصر (رضي الله عنهما)، جميعاً عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:

قدم يهودي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقال له نعثل، فقال: يا محمّد، إنِّي أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، فإنْ أجبتني عنها أسلمت على يديك.

قال (صلّى الله عليه وآله): (سل يا أبا عمارة) .

قال: يا محمّد، صف لي ربك.

فقال (صلّى الله عليه وآله): (إنَّ الخالق لا يوصف إلاَّ بما وصف به نفسه، كيف يوصف الخالق الواحد الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والبصائر أن تحيط قدرته؟! أجلّ عمّا يصفه الواصفون؛ نأى في قربه، وقرب في نأيه. كيّف الكيف فلا يقال: كيف. أيّن الأين فلا يقال: أين. تنقطع الأفكار عن معرفته. وليعلم أنَّ الكيفية منه والأينونية، وهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) .

٧٤

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن قولك: (إنَّه واحد لا شبه له) أليس الله واحداً والإنسان واحد؟ ووحدانيته قد أشبهت وحدانية الإنسان؟

فقال (صلّى الله عليه وآله): (الله واحدي وأحديّ المعنى، والإنسان واحد ثنوي؛ جسم عرض [وبدن] (١) وروح. وإنَّما التشبيه في المعاني لا غير) .

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن وصيك، من هو؟ فما من نبي إلاَّ وله وصي. إنَّ نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوضع بن نون.

فقال: (نعم، إنَّ وصييّ والخليفة من بعدي عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، يتلوه تسعة من صلب الحسين، أئمّة أبرار) .

قال: فسمهم لي يا محمّد!

قال: (نعم، إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن، وبعد الحسن الحجة بن الحسن عليّ، فهذه اثنا عشر إماماً على عدد نقباء بني إسرائيل) .

قال: فأين مكانهم في الجنّة؟

قال: (معي وفي درجتي) .

قال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّك رسول الله، وأنَّهم الأوصياء بعدك. ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدِّمة، فأخبرني - يا رسول الله - عن الثاني عشر من أوصيائك.

قال (صلّى الله عليه وآله): (يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أُمتي زمان لا يبقى من الإسلام إلاَّ اسمه، ومن القرآن إلاَّ رسمه، فحينئذٍ يأذن الله له بالخروج).

____________________

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من: كفاية الأثر: ١٣؛ عنه البحار ٣٦: ٢٨٣. (المركز).

٧٥

فانتفض نعثل، وقام من بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويقول: صلوات الله عليك يا سيد المرسلين وعلى أوصيائك الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

وفي بعض الروايات زيادة في أواخر هذا الحديث مع شعر أنشده نعثل في مدح خير البشر وأئمّة الاثنى عشر (عليهم صلوات الله الملك الأكبر). وإذا كان في الأجل تأخير، فسوف اكتب في شرح هذا الحديث كتابا مستقلاً إن شاء الله تعالى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٧٦

الحديث العاشر:

الأئمّة (عليهم السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه رحمة الله الملك المنان): حدّثنا فضالة بن أيوب (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبان بن عثمان، قال حدّثنا محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام):

(أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت - يا عليّ - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمّد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم جعفر بن محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم موسى بن جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمّد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحجّة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية، ويغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

الحمد لله الذي جعل أصفياءه موالينا.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٧٧

الحديث الحادي عشر:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يخبر جندل اليهودي عن أوصيائه (عليهم السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا محمّد بن الحسن الواسطي (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا زفر بن الهذيل، قال: حدّثنا سليمان بن مهران الأعمش، قال: حدّثنا مورّق، قال: حدّثنا جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:

دخل جندل بن جنادة اليهودي من خيبر على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا محمّد، أخبرني عمّا ليس لله، وعمّا ليس عند الله، وعمّا لا يعلمه الله؟

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (أمَّا ما ليس لله، فليس لله شريك. وأمَّا ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم. وأمَّا ما لا يعلمه الله، فذلكم قولكم معاشر اليهود إنَّ عُزيراً ابن الله، والله لا يعلم له ولداً) .

فقال جندل: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنّك رسول الله حقاً.

ثمّ قال: يا رسول الله، إنِّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال لي: يا جندل، أسلم على يد محمّد، واستمسك بالأوصياء من بعده. فقد أسلمت ورزقني الله ذلك، فأخبرني بالأوصياء [من] بعدك لأستمسك بهم.

فقال: (يا جندل، أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل) .

فقال: يا رسول الله! إنَّهم كانوا اثني عشر، هكذا وجدنا في التوراة.

قال: (نعم، الذين هم أوصيائي من بعدي اثنى عشر) .

فقال: يا رسول الله، كلهم في زمن واحد؟

قال: (لا، خلف بعد خلف، فإنَّك لن تدرك إلاَّ ثلاثة) .

٧٨

قال: سمّهم لي يا رسول الله!

قال: (نعم، إنّك تدرك سيد الأوصياء ووارث علم الأنبياء، وأبا الأئمة الأتقياء عليّ بن أبي طالب بعدي، ثمّ ابنيه الحسن والحسين. فاستمسك بهم بعدي، فلا يغرّنك جهل الجاهلين. فإذا كان وقت ولادة ابني عليّ بن الحسين زين العابدين، يقضي الله عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه) .

فقال: يا رسول الله، أسامي الأوصياء الذين يكونون أئمّة المسلمين بعد عليّ بن الحسين؟

قال (صلّى الله عليه وآله):

(فإذا انقضت مدة عليّ، قام بالأمر محمّد ابنه، يدعى بالباقر. فإذا انقضت مدّةُ محمّد، قام بالأمر بعده جعفر ابنه، يدعى بالصادق. فإذا انقضت مدّة جعفر، قام بالأمر بعده موسى ابنه، يدعى بالكاظم. فإذا انقضت مدّة موسى، قام بالأمر بعده عليّ ابنه يدعى بالرضا. فإذا انقضت مدّة عليّ، قام بالأمر بعده محمّد ابنه، يدعى بالتقي. فإذا انقضت مدّة محمّد، قام بالأمر بعده عليّ ابنه، يدعى بالنقي. فإذا انقضت مدّة عليّ، قام بالأمر بعده الحسن ابنه، يدعى بالزكي. ثم يغيب عن الناس إمامهم) .

قال: يا رسول يغيب الحسن منهم؟

قال: (لا، ولكن ابنه الحجة يغيب عنهم غيبة طويلة) .

قال: يا رسول الله فما اسمه؟

قال: (لا يسمّى حتى يظهره الله) .

فقال جندل: قد بشّرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء من ذريتك.

ثم تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًاً ) (١) .

____________________

(١) النور: ٥٥.

٧٩

قال جندل: فممن خوفهم؟

قال: (يا جندل، في زمن كل واحد منهم شيطان يعتريه ويؤذيه، فإذا أذن الله للحجّة خرج، وطهّر الأرض من الظالمين، فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للسالكين في محجته، والثابتين في موالاته ومحبته. أولئك ممّن وصفهم الله في كتابه، فقال: ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (١) ، وقال: ( أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٢) .

ثم قال جابر: عاش جندل بن جنادة إلى أيام الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، ثمّ خرج إلى الطائف، فمرّ فدعا بشربة من لبن فشربه، وقال: كذا عهد إليّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات، ودفن بالطائف في الموضع المعروف بالكوداء (رحمه الله تعالى).

يقول المؤلف:

إنَّ حكاية جندل وسبب مجيئه من خيبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وحضوره معه (عليه السلام) في حروبه في صِفِّين وغيرها مع مخالفيه، طويلة. فمَن أراد الإطلاع عليها، فليرجع إلى (التاريخ الكبير للثقفي) (عليه الرحمة). وإذا لم يحصل عليه، فليطالعها في كتاب (رياض المؤمنين وحدائق المتقين) من مؤلَّفات هذا الحقير.

اللَّهُم ارزقنا جرعة من الكوثر من كفّ وليّك المرتضى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) البقرة: ٣.

(٢) المجادلة: ٢٢.

٨٠

الحديث الثاني عشر:

المهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (أمطر الله عليه شآبيب الغفران): حدّثنا الحسن بن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

(لمّا خلق الله الدنيا، ا طلع على الأرض ا طلاعة، فاختارني منها فجعلني نبياً. ثم اطلع ثانية، فاختار منها علياً فجعله إماماً. ثمّ أمرني أن أتخذه أخاً ووصياً وخليفة ووزيراً. فعليٌ مني وأنا من عليّ، وهو زوج ابنتي، أبو سبطيّ: الحسن والحسين.

ألا إنَّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيَّاهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أُمتي، أشبه الناس في في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة. فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله، ويُؤيَّد بنصر الله، وينصر بملائكة الله، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

(وقد علّق المؤلف على قول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) الذي جاء في الحديث: (وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي) (1) .

____________________

(1) هذه الزيادة منّا.

٨١

يقول جامع هذه الأربعين: إنّ هذا هو المعنى الذي أقل ما ذكر في كتاب (رياض المؤمنين)، أن كل ما كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يقوم به فهو ما يقوم به الإمام (عليه السلام) أيضاً، والفرق بينهما أنَّه لا واسطة من البشر بين النبي (صلّى الله عليه وآله) وبين الله تعالى، بينما توجد واسطة من البشر - وهو النبي (صلّى الله عليه وآله) - بين الإمام (عليه السلام) والله تعالى.

وهذا المعنى ظاهر وواضح في كثير من الأحاديث: أنَّ أمر النبي (صلّى الله عليه وآله) يتعلَّق من بعده بالأئمّة الهداة (صلوات الله عليهم أجمعين).

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٨٢

الحديث الثالث عشر:

الأوصياء اثنا عشر، والمهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا عليّ بن الحكم (رضي الله عنه)، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه)، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال:

(معاشر الناس ، إنّي راحل عن قريب ومنطلق إلى الغيب، أوصيكم في عترتي خيراً، إيّاكم والبدع، فإنَّ كل بدعة ضلالة، ولا محالة أهلها في النار.

معاشر الناس، من فقد الشمس فليستمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليستمسك بالفرقدين، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة بعدي.

أقول لكم فاعلموا أنّ قولي قول الله، فلا تخالفوه فيما آمركم به، والله يعلم أنّي بلغت إليكم ما أمرني به، فأشهد الله عليّ وعليكم) .

قال: فلمّا نزل عن المنبر تبعته حتى دخل بيت عائشة، فدخلت عليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، سمعتك تقول: (إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا فقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم) ، فقد ظننت أن يكون في هذه الإبانة إشارة؟

قال: (قد أصبت يا سلمان) .

فقلت: بيّن لي يا رسول الله: مَ الشمس والقمر، و مَ الفرقدان، و مَ النجوم الزاهرة؟

فقال: (أنا الشمس، وعليّ القمر. فإذا فقدتموني فتمسكوا به بعدي.

وأمَّا

٨٣

الفرقدان، فالحسن والحسين، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأمَّا النجوم الزاهرة، فهم الأئمّة التسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديّهم) .

ثم قال (صلّى الله عليه وآله): (إنّهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي. أئمّة أبرار، عدد أسباط يعقوب وحواريي عيسى).

فقلت: فسمّهم لي يا رسول الله.

قال: (أوّلهم وسيّدهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي: الحسن والحسين، وبعدهما عليّ بن الحسين زين العابدين، وبعده محمّد بن عليّ باقر علم النبيين، وبعده الصادق جعفر بن محمّد، وبعده الكاظم موسى بن جعفر، وبعده الرضا عليّ بن موسى الذي يقتل بأرض الغربة، ثمّ ابنه محمّد، ثم ابنه عليّ، ثمّ ابنه الحسن، ثمّ ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره. فإنّهم عترتي من لحمي ودمي، علمهم علمي، وحكمهم حكمي، مَن آذاني فيهم فلا أناله الله شفاعتي) .

والسلام على مَن أتبع الهدى.

* * *

٨٤

الحديث الرابع عشر:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يبشر الزهراء (عليها السلام) بالمهدي (عليه السلام)

قال ابن شاذان (عليه رحمة الله الملك المنان): حدّثنا عثمان بن عيسى (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي، قال: حدّثنا أسلم، قال: حدّثنا أبو الطفيل، قال: حدّثنا عمار بن ياسر، قال: لمَّا حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة، دعا بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فسارّه طويلاً، ثمّ رفع صوته وقال: (يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله تعالى علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وغصب على حقك).

فبكت فاطمة (عليها السلام)، وبكى الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة: (يا سيّدة النّساء، ممّ بكاؤك؟) ، قالت: (يا أبتِ، أخشى الضيعة بعدك) .

قال: (أبشري يا فاطمة، فإنَّك أوّل مَن يلحقني من أهل بيتي، لا تبكي ولا تحزني؛ فإنّك سيدة نساء أهل الجنة، أباك سيد الأنبياء، وابن عمك سيد الأوصياء، وابنيك سيدا شباب أهل الجنّة، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمّة التسعة المطهرين المعصومين، ومنا مهدي هذه الأُمّة) .

الحمد لله الذي جعل سادتي وقادتي هؤلاء الأصفياء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٨٥

الحديث الخامس عشر:

للنبي (صلّى الله عليه وآله) اثنا عشر خليفة

قال ابن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضال (رضي الله عنه)، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الملك بن إسماعيل الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: قيل لعمار بن ياسر: ما حملك على حبّ عليّ بن أبي طالب؟ قال: قد حملني الله ورسوله، وقد أنزل الله تعالى فيه آيات جليلة، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيه أحاديث كثيرة.

فقيل له:هلاّ تحّدّثنا بشيء عمّا قال فيه رسول الله؟

قال: ولم لا أحدّث، ولقد كنت بريئاً من الذين يكتمون الحق ويظهرون الباطل، ثم قال:

كنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيت عليّاً (عليه السلام) في بعض الغزوات قد قتل عدة من أصحاب ألوية قريش، فقلت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا رسول الله، إن علياً قد جاهد في الله حقّ جهاده.

فقال: (وما يمنعه عنه؟ إنّه منّي وأنا منه، إنّه وارثي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وخليفتي من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض في حياتي وبعد وفاتي. حربه حربي، وحربي حرب الله. وسلمه سلمي، وسلمي سلم الله. ويخرج الله من صلبه الأئمّة الراشدين. فاعلم يا عمار، أنَّ الله تبارك وتعالى عهد إلى أن يعطيني اثنى عشر خليفة، منهم عليّ، وهو أوّلهم وسيدهم) .

فقلت: ومن الآخرون يا رسول الله؟

٨٦

قال:

(الثاني منهم: الحسن بن عليّ بن أبي طالب، والثالث منهم: الحسين بن عليّ بن أبي طالب، والرابع منهم: عليّ بن الحسين زين العابدين، والخامس منهم: محمّد بن عليّ، ثمّ ابنه جعفر، ثمّ ابنه موسى، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه محمّد، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه الحسن، ثمّ ابنه الذي يغيب عن الناس غيبةً طويلة، وذلك قول الله تبارك وتعالى: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) (1) ، ثمّ يخرج ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

يا عمار! سيكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنَّه مع الحقّ والحقّ معه، وإنَّك ستقاتل الناكثين والقاسطين معه، ثمّ تقتلك الفئة الباغية، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه) .

قال سعيد بن جبير: فكان كما أخبره رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

  صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم وصلَّى الله عليه وآله النجباء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) الملك: 30.

٨٧

الحديث السادس عشر:

حديث إنِّي تارك فيكم الثقلين

قال أبو محمّد بن شاذان (أسكنه الله في أعلى درجات الجنان): حدّثنا محمّد بن عمير (رضي الله عنه)، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ (عليه السلام)، قال: (سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إنِّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) من العترة؟

فقال: أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم، لا يفارقون كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله حوضه) .

روى ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين) حديث (إني تارك فيكم الثقلين) بأسانيد كثيرة (1) ، وقد ضبط هذا الحديث الصحيح. وإنَّه من الأحاديث المتواترة في كتب أخرى (2) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) راجع: كمال الدين: الباب 22، وفيه أحاديث كثيرة منها: الحديث 44 و45 و46 و48 و49 و50 و51 و52 و53 و54 و55 و56 و57 و58 و59 و60 و61 و62 و64.

وذكر الصدوق في: كمال الدين: 241 (معنى العترة والآل والأهل والذرية والسلالة).

وذكر الحديث أيضاً في: 244.

(2) ومن أهمِّها ما كتبه الإمام السيد حامد اللكهنوي في مجلدات (حديث الثقلين) في كتابه الشريف (عبقات الأنوار).

٨٨

الحديث السابع عشر:

الخضر (عليه السلام) يشهد أنَّهم (عليهم السلام) القائمون

قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رحمهما الله)، قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمّد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعاً، قالوا: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدّثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، قال:

(أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ، وسلمان الفارسي (رضي الله عنه)، وأمير المؤمنين (عليه السلام) متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام، فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فردّ عليه السلام، فجلس، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أجبتني بهنّ علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم، أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عمّا بدا لك، فقال: أخبرني عن الرّجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرّجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرّجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟

[ قال: ] (1) فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) [ إلى أبي محمّد الحسن ] (2) فقال: يا أبا محمّد، أجبه.

____________________

(1) سقطت من المصدر المطبوع.

(2) سقطت من النسخة.

٨٩

فقال: أمّا ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإنّ روحه متعلّقة بالريح، والرّيح متعلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله (عزّ وجلّ) بردّ تلك الرّوح إلى صاحبها، جذبت الرّوح الرّيح، وجذبت تلك الرّيح الهواء، فرجعت الرّوح إلى صاحبها، فأسكنت في بدنه؛ (1) . وإن لم يأذن الله [ عزّ وجلّ ] (2) بردّ تلك الرّوح إلى صاحبها جذب الهواء الرّيح، وجذبت الرّيح الرّوح، فلم تردّ إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأمّا ما ذكرت من أمر الذّكر والنسيان: فإنّ قلب الرّجل في حقٍّ، وعلى الحقّ طبق، فإن صلّى الرّجل عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة، انكشف ذلك الطّبق عن ذلك الحقّ فأضاء القلب [ ممَّا يلي القلب خ. ل]، وذكر الرّجل ما كان نسيه. وإن هو لم يصلّ على محمّد وآل محمّد، أو نقص من الصّلاة عليهم، انطبق ذلك الطّبق على ذلك الحقّ فأظلم القلب، ونسي الرّجل ما كان ذكر.

وأمّا ما ذكرت من أمر المولود الّذي يشبه أعمامه وأخواله، فإنّ الرّجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن، وعروق هادئة، وبدن مضطرب، فأسكنت تلك النطفة في جوف الرّحم، خرج الولد يشبه أباه وأُمه. وإن هو أتاها بقلب غير ساكن، وعروق غير هادئة، وبدن مضطرب، اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق. فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه؛ وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الرّجل أخواله) .

فقال الرّجل: أشهد أنّ لا إله إلاّ الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، ولم أزل أشهد بها؛ وأشهد أنّك وصيّه، والقائم بحجّته [ بعده ] - وأشار [ بيده ] إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) - ولم أزل أشهد بها.

وأشهد أنّك وصيّه، والقائم بحجّته، وأشار [بيده] إلى الحسن (عليه السلام).

____________________

(1) في المصدر المطبوع بدل (بدنه) (بدن صاحبها).

(2) سقطت من النسخة.

٩٠

وأشهد أنّ الحسين بن عليّ وصيّ أبيك، والقائم بحجّته بعدك.

وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده.

وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن الحسين.

وأشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ.

وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد.

وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر.

وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى.

وأشهد على عليّ بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ.

وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمّد.

وأشهد على رجل من ولد الحسن بن عليّ لا يكنّى، ولا يسمّى حتّى يظهر أمره، فيملأ الأرض [ قسطاً خ.ل] وعدلاً، كما ملئت جوراً.

والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثمّ قام، فمضى.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا محمّد اتبعه، فانظر أين يقصد.

فخرج الحسن (عليه السلام) في أثره. قال: فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض الله (عزّ وجلّ). فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأعلمته، فقال: يا أبا محمّد أتعرفه؟

فقلت: الله، ورسوله، وأمير المؤمنين أعلم.

فقال: هو الخضر (عليه السلام) (1) .

وقد روى هذا الحديث الشريف عماد الدين محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) (2) ، وفي عدّة كتب أخرى من مؤلفاته (3) . وثبَّـته ثقة

____________________

(1) كمال الدين / الصدوق: 314 و315 / الباب 29 / ح1.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الصدوق: 1/ 65 - 68/ الباب 6 / ح35.

(3) علل الشرائع / الصدوق: 96 / ح6.

٩١

الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني (رضي الله عنه) في كتاب (الكافي) (1) ، والشيخ الطبرسي (طيَّب الله رمسه) في كتاب (الاحتجاج) (2) ، كما سجّل عدّة آخرين من أكابر علماء الإمامية هذا الخبر المعتبر بأسانيد صحيحة في مؤلَّفاتهم، كما هو ظاهر للمتتبِّع الماهر (3) .

وقد نثر شيخنا الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي (غفر الله له) عند شرحه هذا الحديث جواهر عجيبة.

وعدّ سيدنا الأمير محمّد باقر الداماد (روّح الله روحه) في كتاب (شرعة التسمية) هذا الحديث من مؤيدات النهي عن التسمية وتكنية الإمام الحجة (عليه السلام) في زمان الغيبة، وقد أفاد عدة كلمات عاليات في شرح هذا الحديث، إلاّ أنه لم يبيِّن علاقة الأعمام والأخوال (4) .

أمَّا من النكات الموجودة في هذا الحديث، وقد تركت مغطاة لم يكشف عنها، فقد ذكر هذا الفقير (الذي هو من أقل قطاف عناقيد محصول هذين النحريرين عديمي النظير) في تعريف الروح كلمة وجيزة في رسالة (إدراء العاقلين وإخزاء المجانين)، وقد توسَّع في تعريف الروح في كتاب (رياض المؤمنين وحدائق المتَّقين).

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) راجع: الكافي / الكليني: 1 / 525 / ح1.

(2) راجع: الاحتجاج / الطبرسي: 1 / 395.

(3) راجع: الغيبة / الطوسي: 154 و155 / تحت فقرة 114؛ وفي المحاسن / البرقي: 2 / 332 / ح99؛ وفي الغيبة / النعماني: 58 / ح 2؛ وفي الإمامة والتبصرة / الحسين بن بابويه (والد الصدوق): 106 / ح93 / طبعة مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)؛ وفي دلائل الإمامة / الطبري: 68؛ وفي إثبات الهداة / الحر العاملي: 2 / 283 / ح 72؛ وفي إثبات الوصية للمسعودي: 136 / الطبعة الأولى؛ وفي تفسير القمي / عليّ بن إبراهيم: 2 / 44 باختلاف؛ وغيرها.

(4) راجع: شرعة التسمية / السيد محمّد باقر الداماد: 25 - 44 / الطبعة الأُولى / 1409 هـ / مؤسسة المهدية مير داماد / أصفهان.

٩٢

الحديث الثامن عشر:

الأئمّة (عليهم السلام) اثنا عشر، عدد أسباط يعقوب

قال ابن شاذان (عامله الله بالفضل والإحسان): حدّثنا عبدالله بن جبلة، عن عبدالله بن المستنير، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عبد الله بن العباس، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والحسن على عاتقه، والحسين على فخذه، يلثمهما ويقبلهما ويقول: (اللَّهُم والِ مَن والاهما، وعاد مَن عادهما) . ثم قال: (يا ابن عباس، كأنّي أنظر إلى شيبة ابني الحسين، تخضب من دمه، يدعو فلا يجاب، فيستنصر فلا ينصر).

قلت: ومَن يعمل ذلك؟

قال: (أشرار أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي).

ثم قال: (يا ابن عباس، مَن زاره عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة. ألا ومَن زاره فقد زارني، ومَن زارني فكأنَّما قد زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذِّبه بالنار. ألا وإن الإجابة تحت قبته، والشفاء في تربته، والأئمّة من ولده) .

قال: قلت يا رسول الله فكم الأئمّة بعدك؟

قال: (بعدد أسباط يعقوب، ونقباء بني إسرائيل، وحوارييّ عيسى) .

قال: قلت يا رسول الله فكم كانوا؟

قال: (كانوا اثني عشر والأئمّة [بعدي] اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي: الحسن والحسين. فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد،

٩٣

فإذا انقضى محمّد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجة).

قال: قلت: يا رسول الله، أساميّ لم أسمع بهنّ قط؟

قال: (هم الأئمّة بعدي وإن قُهروا. معصومون، نجباء، أخيار.

يا بن عبّاس! مَن أتى يوم القيامة عارفاً بحقِّهم، أخذت بيده فأدخلته الجنة.

يا بن عباس! مَن أنكرهم؛ أو ردّ واحداً منهم، فكأنما قد أنكرني وردّني؛ ومَن أنكرني وردّني فكأنَّما قد أنكر الله وردّه.

يا بن عباس! سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه؛ فإنَّه مع الحق والحق معه، فلا يتفرقان حتى يردا عليّ الحوض.

يا بن عباس! ولايتهم ولايتي، وولايتي الله، وحربهم حربي، وحربي حرب الله، وسلمهم سلمي، وسلمي سلم الله.

ثمّ تلا (صلّى الله عليه وآله): ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلّا أَن يُتِمّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (1) .

اللَّهُم احشرنا مع أحبَّائهم بحرمة حبيبك المصطفى وآله الأئمّة النجباء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) التوبة: 32.

٩٤

الحديث التاسع عشر:

الحسين (عليه السلام) يخبر أصحابه ليلة عاشوراء عن الأئمّة (عليهم السلام)

قال ابن شاذان (نوّر الله مرقده): حدّثنا الحسن بن محبوب (رضي الله عنه)، عن مالك بن عطية، عن أبي صفية ثابت بن دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:

(قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لأصحابه قبل أن يُقتل بليلة واحدة: إنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لي: يا بني، إنَّك ستساق إلى العراق، وتنزل في أرض يقال لها عمورا وكربلاء، وإنَّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة.

وقد قرب ما عهد إليّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإنّي راحل إليه غداً، فمَن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف في هذه الليلة، فإنّي قد أذنت له وهو منّي في حل.

وأكد فيما قاله تأكيداً بليغاً، فلم يرضوا، وقالوا: والله، ما نفارقك أبداً حتى نرد موردك. فلمَّا رأى ذلك قال: فابشروا بالجنة، فو الله إنَّما نمكث ما شاء الله تعالى بعد ما يجري علينا، ثم يخرجنا الله وإياكم حين يظهر قائمنا، فينتقم من الظالمين، وأنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب والنكال.

فقيل له: مَن قائمكم يا ابن رسول الله؟

قال: السابع من ولد ابني محمّد بن عليّ الباقر، وهو الحجّة بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ ابني، وهو الذي يغيب مدّة طويلة، ثمّ يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٩٥

الحديث العشرون:

الإمام السجاد (عليه السلام) يخبر الكابلي عن الأئمّة وغيبة المهدي (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (طيّب الله مضجعه): حدّثنا صفوان بن يحيى (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على سيدي عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني بالذين فرض الله تعالى طاعتهم، ومودَّتهم، وأوجب على عباده الإقتداء بهم بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فقال: (يا كابلي، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله (عزّ وجل) أئمّة الناس، وأوجب عليهم طاعتهم: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهى الأمر إلينا) وسكت.

فقلت له: يا سيدي! روي لنا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله (عزَّ وجلَّ) على عباده) ، فمَن الحجّة والإمام بعدك؟

فقال: (ابني محمّد، واسمه في الصحف الأولى باقر؛ يبقر العلم بقراً، هو الحجّة بعدي، ومن بعد محمّد ابنه جعفر. واسمه عند أهل السماء الصادق) .

قلت: يا سيدي؛ وكيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟

قال: (حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) فسمّوه: الصادق، فإنَّ الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً

٩٦

عليه، فهو عند الله جعفر الكذَّاب المفتري على الله (جلَّ جلاله)، والمدَّعي ما ليس له بأهل، المخالف لأبيه، والحاسد لأخيه، وذلك الذي يروم كشف سر الله (عزّوجلّ) عند غيبة ولي الله.

ثم بكى عليّ بن الحسين بكاءً شديداً، ثم قال:

(كأني بجعفر الكذَّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله، والمغيب في حفظ الله، والتوكيل بحرم الله؛ جهلاً منه برتبته، وحرصاً على قتله إن ظفر به، وطمعاً في ميراث أخيه، حتى يأخذه بغير حقّ) .

فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله، وأنّ ذلك لكائن؟!

فقال: (إي وربي، إنّ ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله، ثمّ يكون ماذا؟

قال: (ثمّ تمتد الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة بعده.

يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان؛ فإنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة [عندهم] بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالسيف. أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله (عزّ وجلّ) سراً وجهراً) .

وقال (عليه السلام): (انتظار الفرج من أفضل الفرج) .

نرجو الحق تعالى أن يكرّم جميع الشيعة الأجر العظيم في هذا الانتظار.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٩٧

الحديث الحادي والعشرون:

ثواب من ثبت على ولاية القائم (عليه السلام) في الغيبة

قال الشيخ عماد الدين أبو جعفر بن بابويه (رحمه الله) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني [(رضي الله عنه)] (1) ، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بسطام بن مرّة، عن عمرو بن ثابت قال: قال عليّ بن الحسين سيد العابدين [(عليهما السلام)] (2) : (مَن ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا، أعطاه الله (عزّ وجلّ) أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأحد) (3) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

الحديث الثاني والعشرون:

ثواب مَن ثبت على ولاية القائم (عليه السلام) في الغيبة

قال الشيخ المذكور (عليه رحمة الله الملك الغفور) في الكتاب المزبور: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد [(رضي الله عنه)] (4) ، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن أبيه، عن المغيرة، عن

____________________

(1) ثبتت في المصدر المطبوع.

(2) ثبتت في المصدر المطبوع.

(3) كمال الدين / الصدوق: 323 / باب 31 / ح7.

(4) سقطت من النسخة.

٩٨

المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنّه قال: (يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فطوبى (1) للثابتين على أمرنا في ذلك الزّمان: إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم البارئ (جلَّ جلاله)، فيقول: عبادي وإمائي! آمنتم بسرّي، وصدّقتهم بغيبي، فابشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّاً. منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث، وأدفع عنهم البلاء. ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي) .

قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله! فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟

قال: (حفظ اللّسان، ولزوم البيت) (2) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) في المصدر المطبوع بدل (فطوبى): (فيا طوبى).

(2) كمال الدين / الصدوق: 330 / باب 32 / ح15.

٩٩

الحديث الثالث والعشرون:

الأئمّة (عليهم السلام) اثنا عشر

قال أبو محمّد ابن شاذان (أسكنه الله في أعلى درجات الجنان): حدّثنا عليّ بن الحكم (رضي الله عنه)، عن سيف بن عميرة، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن الصادق (عليه السلام)، قال: (الأئمّة اثنا عشر) .

قلت: يا ابن رسول الله، فسمّهم لي فداك أبي وأُمي.

قال: (من الماضين عليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، ثمّ أنا).

قلت: مَن بعدك يا ابن رسول الله؟

فقال: (إنّي أوصيت إلى ولدي موسى، وهو الإمام [من] بعدي) .

قلت: فمَن بعد موسى؟

قال: (عليّ ابنه يدعى الرّضا، يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثم من بعد عليّ ابنه محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ الحسن ابنه، وبعد الحسن المهدي ابنه. وإنّه إذا خرج يجتمع عليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً عدد رجال بدر. وإذا كان وقت خروجه، يكون له سيف مغمود خرج من غمده، فناداه: قم يا وليّ الله، اقتل أعداء الله) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256