مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)0%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد مير لوحي الأصفهاني
تصنيف: الصفحات: 256
المشاهدات: 68238
تحميل: 8232

توضيحات:

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68238 / تحميل: 8232
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ومَن لم يشهد أن لا إله إلاَّ أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ محمّداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ الأئمّة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفر بآياتي، وكتبي، ورسلي. إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيّبته، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلاَّم للعبيد).

فقام جابر بن عبد الله الأنصاريّ، فقال: يا رسول الله، ومَن الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟

قال: (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ - وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فاقرئه منّي السّلام - ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم عليّ بن محمّد، ثمّ الزّكيّ الحسن بن عليّ، ثمّ ابنه القائم بالحق، مهدي أُمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

هؤلاء - يا جابر - خلفائي، وأوصيائي، وأولادي، وعترتي. مَن أطاعهم فقد أطاعني، ومَن عصاهم فقد عصاني، ومَن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني. بهم يمسك الله (عزّ وجلّ) السماء أن تقع على الأرض إلاَّ بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها) (1) .

وروى هذا الحديث الشيخ أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة) بسند صحيح عن الإمام الهمام حضرة الإمام جعفر (عليه السلام)، وعدّه من جملة نصوص الله على الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام).

____________________

(1) كمال الدين / الصدوق: 258 و259 / الباب 24 / ح3.

٦١

فائدة جليلة:

ويستفاد من آخر هذا الحديث أنَّ السماء قائمة في هذا الزمان ببركة وجود فائض الجود، حضرة صاحب الزمان (عليه السلام). وأنَّ الأرض ثابتة وقائمة ولم تمد ببركته (عليه السلام).

وإذا أراد أحد النواصب لأهل الحقّ أن يناقش في هذا المعنى، ويكابر في نقاشه الطائفة الناجية، فماذا سوف يعمل مع جملة الأحاديث التي ثبتت في كتب أهل الخلاف المعتبرة، ورويت من طرقهم، والتي تدل بمجموعها: أنَّ بقاء هذا العالم متعلِّق ببقاء حضرة صاحب الزمان (عليه صلوات الله الملك المنَّان)؟! وسوف تذكر بعضها بعد ذلك في أواخر هذه الأربعين إن شاء الله تعالى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٦٢

الحديث الرابع:

اللوح الذي أهداه الله (عزَّ وجلَّ) إلى رسوله (صلَّى الله عليه وآله)

قال الفضل بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا صفوان بن يحيى (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أبو أيّوب إبراهيم بن أبي زياد الخزاز، قال: حدثّنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على مولاي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، فرأيت في يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاءاً شديداً. فقلت: فداك أبي وأمي يا ابن رسول الله! ما هذه الصحيفة؟ قال (عليه السلام):

(هذه نسخة اللوح الذي أهداء الله تعالى إلى رسوله (صلّى الله عليه وآله)، الذي كان فيه اسم الله تعالى، ورسوله، وأمير المؤمنين، وعمّي الحسن بن عليّ، وأبي (عليهم السلام)، واسمي، واسم ابني محمّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، وابنه عليّ الرضا، وابنه محمّد التقي، وابنه عليّ النقي، وابنه الحسن الزكي، وابنه حجة الله القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله، الذي يغيب غيبة طويلة، ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

ولهذا الحديث مؤيّدات كثيرة، ولكنَّنا نقتصر على هذا الخبر المختصر طلباً للإيجاز في هذه الرسالة.

قال حضرة سيد المجتهدين الأمير محمد باقر الداماد في كتابه (شرعة التسمية)، في باب هذا الحديث الموسوم بـ (حديث اللوح): هو ممَّا على

٦٣

روايته تواطؤ الخاصة والعامة، من طرق متلوِّنة مختلفة، وأسانيد متشعِّبة متكثِّرة(1).

وكان تأليف هذا الكتاب في زمن تلمُّذ وتعلُّم هذا الضعيف عند النحريرين، عديمي النظير، أعني: الشيخ بهاء الملة والدين محمّد العاملي، والآية محمّد الداماد (عليهما الرحمة)، فجرت بينهما مناظرة وبحث حول جواز التسمية وحرمتها في زمن الغيبة، وطالت مدة المباحثة بينهما، ولهذا ألَّف السيد المشار إليه الكتاب المذكور، فرحمة الله عليهما.

والسلام على مَّن التعب الهدى.

* * *

____________________

(1) شرعة التسمية / السيد الداماد: 74.

٦٤

الحديث الخامس:

الأئمّة الاثنا عشر (عليهم السلام) هم أولوا الأمر

قال الصدوق (رضوان الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدّثنا محمّد بن همام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة، قال: حدّثني أحمد بن الحارث، قال: حدّثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لمَّا أنزل الله (عزّ وجلّ) على نبيّه محمّد: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) ، قلت: يا رسول الله، عرَّفنا الله ورسوله، فمَن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلَّى الله عليه وآله):

(هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر - وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام - ثم ّ الصادق جعفر بن محمّد، ثم ّ موسى بن جعفر، ثم ّ علي بن موسى، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ عليّ بن محمّد، ثم ّ سمييّ وكنييّ حجة الله في أرضه وبقيته في عباده، ابن الحسن بن عليّ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها.

____________________

(1) النساء: 59.

٦٥

ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاَّ مَن امتحن الله قلبه للإيمان) .

قال جابر: فقلت له: يا رسول الله [فهل] تنتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال (صلَّى الله عليه وآله):

(أي والذي بعثني بالنبوة، إنَّهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلَّلها سحاب. يا جابر، هذا من مكنون سرّ الله، ومخزون علمه، فاكتمه إلاَّ عن أهله) إلى آخر الحديث (1) .

وليعلم أنّ لهذا الحديث تتمة إنَّما ترك هذا الترابي ذكره روماً للاختصار.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) كمال الدين / الصدوق: 253 / باب 23 / ح3.

٦٦

الحديث السادس:

رؤية إبراهيم الخليل (عليه السلام) أنوار الأئمّة (عليهم السلام) إلى جنب العرش

قال الشيخ الجليل الفضل بن شاذان بن الخليل (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

(لمَّا خلق الله تعالى إبراهيم الخليل (عليه السلام)، كشف عن بصره فرأى نوراً إلى جنب العرش، فقال: إلهي ما هذا النور؟ قال: يا إبراهيم، هذا نور محمّد، صفوتي من خلقي.

ورأى نوراً إلى جنبه، فقال: إلهي ما هذا النور؟ قال: هذا نور عليّ ناصر ديني.

ورأى في جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي ما هذه الأنوار؟ فقال: نور فاطمة بنت محمّد، والحسن، والحسين ابنيها وابني عليّ.

قال: إلهي إنِّي أرى تسعة أنوار قد أحدقوا بالخمسة؟ قال: هذه أنوار عليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحجة بن الحسن الذي يظهر بعد غيبته عن شيعته وأوليائه.

فقال إبراهيم: إلهي إنِّي أرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاَّ أنت؟

٦٧

قال: يا إبراهيم، هذه أنوار شيعتهم، شيعة عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين.

فقال إبراهيم: فبما تُعرف شيعته؟

قال: بصلاة إحدى وخمسين، والجهر ببسم الله الر حمان الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وتعفير الجبين، والتختُّم باليمين.

فقال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.

قال تبارك وتعالى: يا إبراهيم، قد جعلتك منهم.

فلهذا أنزل الله فيه في كتابه الكريم: ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) (1) .

قال المفضل بن عمر: قد روينا أنّ إبراهيم (عليه السلام) لمّا أحسّ بالموت، روى هذا الخبر لأصحابه وسجد، فقبض في سجدته (صلوات الله وسلامه عليه).

الحمد لله الذي شرّف شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه الفضلية.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

____________________

(1) الصافات: 83.

* * *

٦٨

الحديث السابع:

لا يقبل عمل أحد إلاَّ بولايتهم (عليهم السلام)

قال الشيخ الفقيه أبو الحسن بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان القمي (رحمه الله) في المائة التي جمعها من العامة:

حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبيد الله الحافظ، قال: حدّثنا عليّ بن سنان الموصلي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن صالح، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا ريان بن مسلم، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدّثنا سلامة عن أبي سليمان، راعي رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، [قال]:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لمّا أسرى بي إلى السماء، قال لي الجليل (جلَّ جلاله): ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) (1) ، قلت: والمؤمنون، قال: صدقت يا محمّد؛ من خلّفت في أُمتك؟

قلت: خيرها.

قال: عليّ بن أبي طالب؟

قلت: نعم يا ربي.

قال: يا محمّد، إنّي ا طلعت على الأرض [ ا طلاعة] فاخترتك منها، فشققت لك اسماً من أسمائي. فلا أذكر في موضع إلاَّ ذُكرت معي. فأنا المحمود وأنت محمّد. ثم ّ اطلعت ثانية فاخترت منها علياً، وشققت [له] اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو عليّ. يا محمّد، إنِّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين من سنخ نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمَن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان من الكافرين.

____________________

(1) البقرة: 285.

٦٩

يا محمّد، لو أنَّ عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع ويصير كالشنّ البالي، ثمّ أتاني جاحداً بولايتكم ما غفرت له حتى يقر ّ بولايتكم.

يا محمّد تحب أن تراهم؟

قلت: نعم يا ربي.

فقال لي: التفت عن يمين العرش؛ فالتفتّ فإذا بعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى الرضا، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والمهدي، في ضحضاح من نور قيامٌ يصلّون، وفي وسطهم يضيء المهدي كأنَّه كوكبٌ دُرِّي.

فقال: يا محمّد! هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك. وعزَّتي وجلالي إنَّه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي) .

وهذا الشيخ الجليل من كبار علماء الطائفة الناجية أيضاً، وروى بالسند المزبور من طرق العامة، عن أبي سليمان راعي سيد العالمين (1) .

ونقل ابن بابويه (رحمة الله عليه) هذا الحديث بسند آخر عن أبي سليمان الراعي في كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) مع اختلافٍ بالعبارات، وكان في آخره:

(فيخرج اللاّت والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذٍ بهما أشد من فتنة العجل والسامري) (2) .

والمقصود من اللاّت والعزى الواقعين في هذا الحديث هما أبو بكر وعمر عليهما ما عليهما.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) مائة منقبة / ابن شاذان: 37 - 40 / المنقبة 17.

(2) كمال الدين / الصدوق: 253 / باب 23 / ح2.

٧٠

الحديث الثامن:

رؤية النبي (صلّى الله عليه وآله) أنوارهم (عليهم السلام) عند سدرة المنتهى في معراجه

قال الشيخ الصدوق الجليل الفضل بن شاذان بن الخليل (قدس سرّه): حدّثنا عبد الرحمان بن أبي نجران، قال: حدّثنا عاصم بن حميد، قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي:

وقال (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن محبوب، قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي، قال: حدّثنا سعيد بن جبير، قال: حدّثنا عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

  (لمَّا عُرج بي إلى السماء، بلغت سدرة المنتهى، ناداني ربي (جلَّ جلاله) فقال: يا محمّد، فقلت: لبيك لبيك يا ربي! قال: ما أرسلت رسولاً فانقضت أيامه إلاَّ أقام بالأمر بعده وصيه، فأنا جعلت عليّ بن أبي طالب خليفتك وإمام أُمتك، ثم ّ الحسن والحسين، ثم ّ عليّ بن الحسين، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ جعفر بن محمّد، ثم ّ موسى بن جعفر، ثم ّ عليّ بن موسى الرضا، ثم ّ محمّد بن عليّ، ثم ّ عليّ بن محمّد، ثم ّ الحسن بن عليّ، ثم ّ الحجة بن الحسن.

يا محمد، ارفع رأسك. فرفعت رأسي، فإذا بأنوار عليّ، والحسن، والحسين، وتسعة من أولاد الحسين، والحجة في وسطهم يتلألأ كأنَّه كوكب درّيّ، فقال الله تعالى: يا محمّد، هؤلاء خلفائي، وحججي في الأرض، وأوصياءك من بعدك، فطوبى لمَن أحبَّهم، والويل لمَن أبغضهم).

وقد أشار الله رب العالمين في غير هذين الحديثين المتقدمين؛ في عدّة أحاديث من الأحاديث المعراجية إلى سيد الإنس والجن، بخلافة العترة الطاهرة.

٧١

فإذا قال قائل: لماذا كان كل هذه الأنواع من التنبُّوء والأخبار في ليلة واحدة؟ فجوابه: لعل كل ذلك لم يقع في ليلة واحدة؟ فهناك حديث ينص على أنَّ قضية المعراج قد وقعت مرتين، وهذا الحديث ذكره إبراهيم بن هاشم في تفسيره. وقد توقَّفنا عن ذكره؛ لأنَّه لم يخل عن التطويل، فمَن يريد الإطلاع فعليه الرجوع إلى ذلك الكتاب (1) .

وروى ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (الخصال) حديثاً جاء فيه: أنَّه وقع العروج برسول الله إلى السماء والارتقاء إلى عرش الحق تعالى مائة وعشرين مرة، وهذا الحديث هو:

عرج بالنبي (صلّى الله عليه وآله) مئة وعشرين مرة، ما من مرّة إلاَّ وقد أوصى الله تعالى فيها النبي (صلّى الله عليه وآله) بالولاية لعليّ بن أبي طالب والأئمّة (عليهم السلام) أكثر ممَّا أوصاه بالفرائض (2) .

ويمكن أن يكون المقصود من الولاية في هذا الحديث هو تولية حضرت سلطان الولاية على الأمّة، وكان التكرار بالتوصية للتأكيد عليها، كما أنَّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) قد بين كراراً في باب إمامته وخلافته بالنصوص الجلية والخفية.

سبحان الله! مع كل هذه التوصيات من الحق تعالى والمصطفى في حق عليّ المرتضى (صلوات الله عليهما وآلهما)، فلم يتأثر المنافقون، أولاد الحرام، بها أبداً!!

____________________

(1) تفسير القمي / علي بن إبراهيم 2: 3 - 16 / ط 1/ النجف الأشرف.

(2) الخصال / الصدوق: 600 / أبواب ا لمئة فما فوق / ح3.

٧٢

وأبدلوا المحبة بالعداوة، وامتنعوا قبول خلافته وولايته (عليه السلام). ولم يكتفوا بذلك، بل استعلوا واستولوا على رئيس الدين ومعلّمه، ولم يقتنعوا بذلك حتى أباحوا ظلمه (عليه السلام) وظلم أولاده (عليه السلام)، ولم يعلموا أنَّ صاحب الزمان (عليه السلام) سوف ينتقم منهم في هذه الدنيا، وأنَّهم سوف يحل عليهم العذاب المخلَّد في العالم الآخر.

* * *

٧٣

الحديث التاسع:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يخبر نعثل اليهودي بأوصيائه (عليهم السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (جعل الله الفردوس مثواه وحشره مع مَن تولاَّه): حدّثنا محمّد بن أبي عمير وأحمد بن محمّد بن أبي نصر (رضي الله عنهما)، جميعاً عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:

قدم يهودي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقال له نعثل، فقال: يا محمّد، إنِّي أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، فإنْ أجبتني عنها أسلمت على يديك.

قال (صلّى الله عليه وآله): (سل يا أبا عمارة) .

قال: يا محمّد، صف لي ربك.

فقال (صلّى الله عليه وآله): (إنَّ الخالق لا يوصف إلاَّ بما وصف به نفسه، كيف يوصف الخالق الواحد الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والبصائر أن تحيط قدرته؟! أجلّ عمّا يصفه الواصفون؛ نأى في قربه، وقرب في نأيه. كيّف الكيف فلا يقال: كيف. أيّن الأين فلا يقال: أين. تنقطع الأفكار عن معرفته. وليعلم أنَّ الكيفية منه والأينونية، وهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) .

٧٤

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن قولك: (إنَّه واحد لا شبه له) أليس الله واحداً والإنسان واحد؟ ووحدانيته قد أشبهت وحدانية الإنسان؟

فقال (صلّى الله عليه وآله): (الله واحدي وأحديّ المعنى، والإنسان واحد ثنوي؛ جسم عرض [وبدن] (1) وروح. وإنَّما التشبيه في المعاني لا غير) .

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن وصيك، من هو؟ فما من نبي إلاَّ وله وصي. إنَّ نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوضع بن نون.

فقال: (نعم، إنَّ وصييّ والخليفة من بعدي عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، يتلوه تسعة من صلب الحسين، أئمّة أبرار) .

قال: فسمهم لي يا محمّد!

قال: (نعم، إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن، وبعد الحسن الحجة بن الحسن عليّ، فهذه اثنا عشر إماماً على عدد نقباء بني إسرائيل) .

قال: فأين مكانهم في الجنّة؟

قال: (معي وفي درجتي) .

قال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّك رسول الله، وأنَّهم الأوصياء بعدك. ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدِّمة، فأخبرني - يا رسول الله - عن الثاني عشر من أوصيائك.

قال (صلّى الله عليه وآله): (يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أُمتي زمان لا يبقى من الإسلام إلاَّ اسمه، ومن القرآن إلاَّ رسمه، فحينئذٍ يأذن الله له بالخروج).

____________________

(1) ما بين المعقوفتين أثبتناه من: كفاية الأثر: 13؛ عنه البحار 36: 283. (المركز).

٧٥

فانتفض نعثل، وقام من بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويقول: صلوات الله عليك يا سيد المرسلين وعلى أوصيائك الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

وفي بعض الروايات زيادة في أواخر هذا الحديث مع شعر أنشده نعثل في مدح خير البشر وأئمّة الاثنى عشر (عليهم صلوات الله الملك الأكبر). وإذا كان في الأجل تأخير، فسوف اكتب في شرح هذا الحديث كتابا مستقلاً إن شاء الله تعالى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٧٦

الحديث العاشر:

الأئمّة (عليهم السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه رحمة الله الملك المنان): حدّثنا فضالة بن أيوب (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبان بن عثمان، قال حدّثنا محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام):

(أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت - يا عليّ - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمّد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم جعفر بن محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم موسى بن جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم محمّد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم عليّ بن محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحجّة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية، ويغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

الحمد لله الذي جعل أصفياءه موالينا.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٧٧

الحديث الحادي عشر:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يخبر جندل اليهودي عن أوصيائه (عليهم السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا محمّد بن الحسن الواسطي (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا زفر بن الهذيل، قال: حدّثنا سليمان بن مهران الأعمش، قال: حدّثنا مورّق، قال: حدّثنا جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:

دخل جندل بن جنادة اليهودي من خيبر على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا محمّد، أخبرني عمّا ليس لله، وعمّا ليس عند الله، وعمّا لا يعلمه الله؟

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (أمَّا ما ليس لله، فليس لله شريك. وأمَّا ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم. وأمَّا ما لا يعلمه الله، فذلكم قولكم معاشر اليهود إنَّ عُزيراً ابن الله، والله لا يعلم له ولداً) .

فقال جندل: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنّك رسول الله حقاً.

ثمّ قال: يا رسول الله، إنِّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال لي: يا جندل، أسلم على يد محمّد، واستمسك بالأوصياء من بعده. فقد أسلمت ورزقني الله ذلك، فأخبرني بالأوصياء [من] بعدك لأستمسك بهم.

فقال: (يا جندل، أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل) .

فقال: يا رسول الله! إنَّهم كانوا اثني عشر، هكذا وجدنا في التوراة.

قال: (نعم، الذين هم أوصيائي من بعدي اثنى عشر) .

فقال: يا رسول الله، كلهم في زمن واحد؟

قال: (لا، خلف بعد خلف، فإنَّك لن تدرك إلاَّ ثلاثة) .

٧٨

قال: سمّهم لي يا رسول الله!

قال: (نعم، إنّك تدرك سيد الأوصياء ووارث علم الأنبياء، وأبا الأئمة الأتقياء عليّ بن أبي طالب بعدي، ثمّ ابنيه الحسن والحسين. فاستمسك بهم بعدي، فلا يغرّنك جهل الجاهلين. فإذا كان وقت ولادة ابني عليّ بن الحسين زين العابدين، يقضي الله عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه) .

فقال: يا رسول الله، أسامي الأوصياء الذين يكونون أئمّة المسلمين بعد عليّ بن الحسين؟

قال (صلّى الله عليه وآله):

(فإذا انقضت مدة عليّ، قام بالأمر محمّد ابنه، يدعى بالباقر. فإذا انقضت مدّةُ محمّد، قام بالأمر بعده جعفر ابنه، يدعى بالصادق. فإذا انقضت مدّة جعفر، قام بالأمر بعده موسى ابنه، يدعى بالكاظم. فإذا انقضت مدّة موسى، قام بالأمر بعده عليّ ابنه يدعى بالرضا. فإذا انقضت مدّة عليّ، قام بالأمر بعده محمّد ابنه، يدعى بالتقي. فإذا انقضت مدّة محمّد، قام بالأمر بعده عليّ ابنه، يدعى بالنقي. فإذا انقضت مدّة عليّ، قام بالأمر بعده الحسن ابنه، يدعى بالزكي. ثم يغيب عن الناس إمامهم) .

قال: يا رسول يغيب الحسن منهم؟

قال: (لا، ولكن ابنه الحجة يغيب عنهم غيبة طويلة) .

قال: يا رسول الله فما اسمه؟

قال: (لا يسمّى حتى يظهره الله) .

فقال جندل: قد بشّرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء من ذريتك.

ثم تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًاً ) (1) .

____________________

(1) النور: 55.

٧٩

قال جندل: فممن خوفهم؟

قال: (يا جندل، في زمن كل واحد منهم شيطان يعتريه ويؤذيه، فإذا أذن الله للحجّة خرج، وطهّر الأرض من الظالمين، فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للسالكين في محجته، والثابتين في موالاته ومحبته. أولئك ممّن وصفهم الله في كتابه، فقال: ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (1) ، وقال: ( أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (2) .

ثم قال جابر: عاش جندل بن جنادة إلى أيام الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، ثمّ خرج إلى الطائف، فمرّ فدعا بشربة من لبن فشربه، وقال: كذا عهد إليّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات، ودفن بالطائف في الموضع المعروف بالكوداء (رحمه الله تعالى).

يقول المؤلف:

إنَّ حكاية جندل وسبب مجيئه من خيبر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وحضوره معه (عليه السلام) في حروبه في صِفِّين وغيرها مع مخالفيه، طويلة. فمَن أراد الإطلاع عليها، فليرجع إلى (التاريخ الكبير للثقفي) (عليه الرحمة). وإذا لم يحصل عليه، فليطالعها في كتاب (رياض المؤمنين وحدائق المتقين) من مؤلَّفات هذا الحقير.

اللَّهُم ارزقنا جرعة من الكوثر من كفّ وليّك المرتضى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) البقرة: 3.

(2) المجادلة: 22.

٨٠