مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)30%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72568 / تحميل: 9002
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مختصر كفاية المهتدي

لمعرفة المهدي ( عجّل الله فرجه )

تأليف: السيّد محمّد ميرلوحي الأصفهاني

ترجمة وتحقيق: السيّد ياسين الموسوي

تقديم: مركز الدراسات التّخصّصيّة في الإمام المهديّ (عليه السلام)

رقم الإصدار: ٣٩

١

٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اللّهمّ أرني الطلعة الرّشيدة، والغرّة الحميدة

واكحل ناظري بنظرة منّي إليه، وعجّل فرجه،

وسهّل مخرجه، وأوسع منهجه، واسلك بي محجّته،

وأنفذ أمره، واشدد أزره، واعمر به بلادك،

وأحيي به عبادك،

برحمتك يا أرحم الراحمين

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز:

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عليه السلام) من الأمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شك (١) .

وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، أنّ الله تعالى سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت (عليهم السلام)، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وجاء أنّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلّف، حتّى لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله (عزّ وجل) ذلك اليوم حتّى يظهر.

وكيف وأنّى يتخلّف وعد الله (عزَّ وجلَّ) في إظهار دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون؟! وكيف لا يحقّق تعالى وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وبتمكين دينهم الذي ارتضى لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه تعالى لا يشركون به شيئاً.

وقد أجمع المسلمون على أنّ المهديّ المنتظر (عليه السلام) من أهل البيت (عليهم السلام)، وأنّه من ولد فاطمة (عليها السلام). وأجمع الإماميّة - ومعهم عدد من علماء السنة - أنّه (عليه السلام) من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فأثبتوا اسمه ونعته وهويّته الكاملة.

هكذا فقد اعتقد الإمامية - ومعهم بعض علماء السنّة - أنّ المهدي

____________________

(١) روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (مَن أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمد) . انظر: عقد الدرر: ٢٣٠؛ عرف المهدي ٢: ٨٣؛ الفتاوى الحديثيّة: ٢٧؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: ١٧٥، ف ١٢.

٥

المنتظر قد وُلد فعلاً، وأنّه حيّ يرزق، لكنّه غائب مستور. وماذا تنكر هذه الأُمّة أن يستر الله (عزَّ وجلَّ) حجّته في وقت من الأوقات؟! وماذا تنكر أن يفعل الله تعالى بحجّته كما فعل بيوسف (عليه السلام): أن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتّى يأذن الله (عزَّ وجلَّ) له أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف ( قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ) (١) .

أو لم يخلّف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أمّته الثقلين: كتاب الله وعترته، وأخبر بأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض؟ أو لم يخبر (صلّى الله عليه وآله) أن سيكون بعده اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، وأنّ عدد خلفائه عدد نقباء موسى (عليه السلام)؟ وإذا كان الله تعالى لم يترك جوارح الإنسان حتّى أقام لها القلب إماماً لتردّ عليه ما شكّت فيه، فيقرّ به اليقين ويبطل الشكّ، فكيف يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم؟ (٢) وحقّاً ( لاَ تَعْمَى‏ الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَي الْقُلُوبُ الّتِي فِي الصّدُور ) ( ٣) .

ولا ريب أنّ للعقيدة الشيعيّة في المهدي المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) - وهي عقيدة قائمة على الأدلّة العقليّة - رجحاناً كبيراً على عقيدة مَن يرى أنّ المهدي المنتظر لم يُولد بعد، يقرّ بذلك كلّ مَن ألقى السمع وهو شهيد إلى قول الصادق المصدّق (عليه السلام): ( مَن مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتّةً جاهليّة) (٤) .

____________________

(١) يوسف: ٩٠، والاستدلال منتزع من الكافي ١: ٣٣٧.

(٢) انظر محاججة مؤمن الطاق مع عمرو بن عبيد: كمال الدين ١: ٢٠٧ - ٢٠٩ / ح ٢٣.

(٣) الحجّ: ٤٦.

(٤) حديث مشهور تناقله علماء الطرفين في مجاميعهم الحديثية بتعابير تتّفق في مضمونها. انظر على سبيل المثال: مسند أحمد ٣: ٤٤٦، و ٤: ٩٦؛ المعجم الكبير للطبراني ١٢: ٣٣٧، و١٩: ٣٣٥ و ٣٣٨، و ٢٠: ٨٦؛ طبقات ابن سعد ٥: ١٤٤؛ مصنّف ابن أبي شيبة ٨: ٥٩٨ / ح ٤٢، الفردوس للديلمي ٥: ٥٢٨ / ح ٨٩٨٢.

٦

ناهيك عن أنّ من معطيات الاعتقاد بالإمام الحيّ أنّها تمنح المذهب غناءً وحيويّة لا تخفى على مَن له تأمّل وبصيرة (١) .

ولا ريب أنّ إحساس الفرد المؤمن أنّ إمامه معه يعاني كما يعاني، وينتظر الفرج كما ينتظر، سيمنحه ثباتاً وصلابة مضاعفة، ويستدعي منه الجهد الدائب في تزكية نفسه وتهيئتها ودعوتها إلى الصبر والمصابرة والمرابطة؛ لتكون في عداد المنتظرين الحقيقيين لظهور مهدي آل محمد (عليه وعليهم السلام). خاصّة وأنّه يعلم أنّ اليُمن بلقاء الإمام لن يتأخّر عن شيعته لو أنّ قلوبهم اجتمعت على الوفاء بالعهد، وأنّه لا يحبسهم عن إمامهم إلاّ ما يتّصل به ممّا يكرهه ولا يُؤثره منهم (٢) .

ولا يُماري أحد في فضل الإمام المستور الغائب - غيبة العنوان لا غيبة المعنوَن - في تثبيت شيعته وقواعده الشعبية المؤمنة وحراستها، كما لا يماري في فائدة الشمس وضرورتها وإن سترها السحاب. كيف! ولو لا مراعاته ودعائه (عليه السلام) لاصطلمها الأعداء ونزل بها الأواء، ولا يشكّ أحد من الشيعة أنّ إمامه أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء (٣) .

وقد وردت روايات متكاثرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تنصبّ في مجال ربط الشيعة بإمامهم المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، وجاء في بعضها أنّه (عليه السلام) يحضر الموسم فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه (٤) ، وأنّه (عليه السلام) يدخل عليهم

____________________

(١) انظر كلام المستشرق الفرنسي الفيلسوف هنري كاربون في مناقشاته مع العلاّمة الطباطبائي في كتاب الشمس الساطعة.

(٢) انظر: الاحتجاج للطبرسي ٢: ٣٢٥؛ بحار الأنوار ٥٣: ١٧٧.

(٣) قال (صلّى الله عليه وآله): (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض) . انظر علل الشرائع ١: ١٢٣؛ كمال الدين ١: ٢٠٥ / ح ١٧ - ١٩.

(٤) وسائل الشيعة ١١: ١٣٥؛ بحار الأنوار ٥٢: ١٥٢.

٧

ويطأ بسطهم (١) . كما وردت روايات جمّة في فضل الانتظار، وفي فضل إكثار الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ فيه فرج الشيعة.

وقد عني مركز الدراسات التخصّصيّة في الإمام المهديّ (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) بالاهتمام بكلّ ما يرتبط بهذا الإمام الهمام (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، سواءً بطباعة ونشر الكتب المختصّة به (عليه السلام)، أو إقامة الندوات العلميّة التخصصيّة في الإمام (عليه السلام) ونشرها في كتيِّبات أو من خلال شبكة الإنترنيت. ومن جملة نشاطات هذا المركز سلسلة التراث المهدويّ، ويتضمّن تحقيق ونشر الكتب المؤلّفة في الإمام المهديّ (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، من أجل إغناء الثقافة المهدوّية، ورفداً للمكتبة الإسلاميّة الشيعيّة، نسأله - عزّ من مسؤول - أن يأخذ بأيدينا، وأن يبارك في جهودنا ومساعينا، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.

والكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ هو مجموعة نادرة وقيّمة من الأحاديث الخاصة حول الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) برواية الفضل بن شاذان المعاصر للإمام العسكري (عليه السلام)، والتي يمكن اعتبارها مصدراً مهمَّاً من المصادر التي اعتمد عليها الأوائل في إثبات الكثير من الخصوصية حول الحجة بن الحسن (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف).

شكر وتقدير:

والمركز إذ يقدَّم للمكتبة الإسلامية وللإخوة القرّآء هذا السفر القيِّم، يتقدَّم بالشكر الجزيل لسماحة السيد ياسين الموسوي (دام ظله) لجهده في ترجمة وتحقيق هذا الكتاب القيِّم، كما يتقدَّم بالشكر إلى قسم الكمبيوتر، ونخص بالذكر الأخ الفاضل مسؤول قسم الكمبيوتر والتنضيد "ياسر الصالحي".

السيد محمّد القبانچي               

مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي (عليه السلام)

النجف الأشرف                    

____________________

(١) الكافي للكليني ١: ٣٣٧ / ح٤.

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المحقِّق:

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ومنكري فضائلهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

لماذا كتاب " كفاية المهتدي "؟

بغض النظر عن الدواعي التي دفعت المؤلِّف (رحمه الله) لكتابته هذا الكتاب، والتي أشار إليها في المقدمّة، وإن كان قد ركزّ هو على فكرة جمع أربعين حديثاً، واستشهد له بالروايات والأقوال؛ ولم يفصّل القول في الموضوع العقائدي الذي ابتنت عليه أصول وقواعد جمعه لأحاديث كتابه؛ ولعل السبب يعود: إلى أنّه أوكَلَ ذلك إلى نفس القارئ عندما يطلّع على دُرَر المعاني والأفكار بما يقرأه من روايات وأحاديث الكتاب.

وفي الواقع أنّ الكتاب لم يأتِ بشيء جديد يستحق كلّ هذا الاهتمام: من ترجمةٍ، وتحقيقٍ، ومتابعةٍ، بل كاد أن يكون تكراراً لكتبٍ كثيرة جمعت الروايات، والأخبار التي اختصّت موضوعها بالمهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، أو اشتملت عليه، مثل: كمال الدين، وغيبة الطوسي، وغيبة النعماني، وعشراتٍ غيرها؛ إلاَّ إنّه تميّز عنها بشيء جديد استحقّ كلّ هذا الاهتمام والرعاية، وهو: أنّه جمع في كتابه هذا عشرات الأحاديث التي رواها الشيخ الفضل بن شاذان (المتوفَّى سنة ٢٥٧ للهجرة، أي بعد ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) بسنتين فقط) في كتابه الغيبة، وإثبات الرجعة؛ والتي طالما نقل عنهما الشيوخ الأوائل

٩

الأقدمون، مثل: الكليني والصدوق والمفيد والطوسي وغيرهم، وامتلأت كتبهم بتلك الروايات الصحيحة.

ولكنّهم - ولأسباب موضوعيّة - اختصروا تلك الكتب، فلم ينقلوا جميع ما فيها، واكتفوا بنقل بعضها، وربَّما يكون السبب الكبير لسلوكهم هذا المنهج في الجمع والتبويب: أنَّ تلك الكتب كانت متوفِّرةً من حيث الكمّ، ومتواترةً أو مشهورةً بما يقارب التواتر من حيث الإسناد.

ومهما تكن الأسباب والدواعي التي اقتضت هذا الاختصار، ومع أنَّنا نعذرهم بذلك، ولكن ما مرّت به الطائفة المحقَّة من غارات واعتداءات وحروب عنصرية؛ أدّت إلى ضياع كثير من تراثنا، أو ما زال يعيش في خفايا ومجاهيل المكتبات وغيرها، ومن جملة ذلك التراث المقدّس، كتب الشيخ ابن شاذان (قدس سرّه)، فضاعت كثير من تلك النفائس ولم يبق منها إلاّ قليل.

فلو كان المتقدِّمون قد نقلوا ما في تلك الكتب، فلربّما كانت قد وصلت إلينا كما وصلت باقي الأخبار التي نقلوها في مختلف الأبواب والمواضيع.

ويبقى استغرابٌ ماثلٌ أمامنا وهو: أنَّنا نجد كثيراً من الأصحاب قد أكثروا من النقل عن كتابي الشيخ ابن شاذان: (إثبات الرجعة، والغيبة)، ومنهم من المتأخرين، بل قد يظهر من آراء بعض المحققين أنّ الشيخ الحرّ العاملي المتوفّى سنة ١١٠٤ هـ قد اختصر كتابه " إثبات الرجعة "، وما زالت النسخة المخطوطة بخط يده موجودة ومحفوظة. ولكنّه يصرِّح فيها أنَّ الاختصار كان لغيره، وقام هو (قدس سرّه) بمقابلة نسخ ذلك الاختصار، حيث قال في خاتمة النسخة: (هذا ما وجدناه منقولاً عن رسالة " إثبات الرجعة " للفضل بن شاذان بخط بعض فضلاء المحدّثين، وقد قوبل بأصله.. حرَّره محمّد الحر). وقد ختمه بختمه الشريف وكتب فوقه: مالكه؛ والنسخة موجودة في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف.

١٠

ومن جملة أولئك العلماء الذين نقلوا مباشرةً عنهما، مؤلِّف هذا الكتاب، والعالم الجليل آقا مير محمّد صادق الخاتون آبادي: (المتولد سنة ١٢٠٧، والمتوفّى ليلة ١٤ من شهر رجب - سنة ١٢٧٢ هـ ق) في كتابه الأربعون (كشف الحق) (١) .

ولذلك تعيّن على مَن يريد الحصول على الأثر المتبقَّي من هذا التراث أن يراجع هذه الكتب التي نقلت عنه مباشرةً وبدون واسطة.

ومن هذه النقطة بالذات تظهر أهميّة كتاب (كفاية المهتدي)؛ حيث حفظ لنا كثيراً من روايات الشيخ الفضل بن شاذان.

ما هي أهميّة روايات كتابي " إثبات الرجعة "، و" الغيبة " للشيخ بن شاذان؟

وتظهر أهميّة روايات هذين الكتابين لأنّهما يتحدّثان عن تفاصيل كثيرة تتعلَّق بالإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) لم يألفها الشيعة ولا غيرهم في عصر صدورها وروايتها، ولم يتعرّفوا عليها إلاّ بعد مدّة ليست بالقصيرة. أمَّا لماذا؟ فذلك لأنّ الإمام المهدي لم يكن قد وُلد آنذاك؛ فإنّه كان قد كتب كثيراً من روايات كتابيه هذين إمَّا قبل ولادته (عليه السلام)، أو بعد ولادته وقبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، كروايته خبر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، بمعنى: أنّه كان قد تحدّث عن الغيبة قبل حدوث الغيبة الصغرى؛ لأنّ وفاة الشيخ الفضل بن شاذان كانت قبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) وكان (عليه السلام) قد ترحّم عليه، فهو قد توفّاه الله تعالى قبل حدوث الغيبة الصغرى.

وأمَّا كيف استطاع أن يتحدّث عن كلّ تلك الأمور قبل وقوعها؟

فإنّه في الواقع لم يخبر من عنده شيئاً، وإنما كلّ ما أخبر عنه إنّما كان

____________________

(١) إنّ هذا الإخفاء، أو الضياع، يُؤكد حقيقة مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، ويوضّح مدى قساوة وجلافة خصومهم.

١١

روايةً عن أهل بيت النبوة (عليهم السلام)؛ ويكفي هذا دلالةً على إمامتهم (عليهم السلام)، حيث كانوا قد أخبروا عن الشيء قبل وقوعه.

ملخَّص البحث:

تكفي روايات الفضل لدحض شبهات وخزعبلات البعض الذين يقولون بأنّ عقيدة الشيعة بالإمام المهدي إنّما ظهرت متأخرة عن زمان وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) بكثير، حتى كابر فادعى أنّها ظهرت على يد متكلمي الإمامية كالشيخ المفيد، والشيخ الطوسي ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) (١) .

فهذه كتب وروايات الفضل كلّها كانت قبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام).

عملنا في الكتاب:

١ - كان الكتاب قد كتب باللغة الفارسيّة، فقمنا بترجمته إلى اللغة العربية، وقد راعينا أقصى ما يمكن الالتزام بالنّص الفارسي، وعدم تجاوزه والخروج عنه إلاّ ببعض الكلمات القليلة جداً اقتضته فروقات أساليب الكلام العربي والفارسي.

٢ - التزمنا بنقل الروايات الشريفة إلى اللغة العربية بالنّص المروي في مصادره، ومع أنَّنا نظن أنّ ترجمة المؤلف لم تكن دقيقة في بعض الأحيان، لكننا التزمنا بنقل النّص كما هو في الترجمة، منبّهين في الهامش إلى الاختلافات الموجودة في مصادر النّص؛ وقد آلينا أن نسلك هذا الأسلوب لاحتمال أن يكون المؤلِّف قد اعتمد في الترجمة على نسخة بدل أخرى؛ رعايةً منّا للاحتياط الذي هو سبيل النّجاة.

٣ - وجدنا المؤلِّف قد ينجرّ قلمه للحديث عن بعض الأكابر كالعلامة المجلسي (قدس سرّه) بما لا يتناسب والبحث العلمي، فارتأينا حذف تلك المقاطع من الكتاب؛ ولذلك عَدَلنا من تسميّة الكتاب باسمه الأصلي إلى تسميّته بـ: "مختصر كفاية المهتدي " ؛ رعايةً لأمانة النقل.

____________________

(١) الكهف: ٥.

١٢

٤ - قمنا بتحقيق نصّ الكتاب ورواياته غير المطبوعة، والتي نقلها المؤلف (قدس سرّه) من الكتب المفقودة، على نسختين مهمتين:

أ) النسخة الأولى: المخطوطة الموجودة في كتابخانه مجلس (طهران - إيران)، تحت رقم ٨٣٣؛ وقد كتب في آخرها: (قد فرغ كتابه في يوم السبت من عشرة الثالث من شهر الحادي عشر في سنة الإحدى من عشر الثاني من مائة الثانية بعد الألف الأوّل من الهجرة النبوية المصطفوية (صلّى الله عليه وآله)...).

وكان قد كتب على الورقة الأولى منها: (كتاب أربعين أو فاضل متتبع، وأديب محدّث، مولانا محمّد لوحي حسيني موسوي سبزواري عليه الرحمة موسوم بكفاية المهتدي) وعدد صفات هذه النسخة ٢٥٢ صفحة.

وجعلنا هذه النسخة النسخة الأصل.

ب) النسخة الثانية: المطبوعة تحت عنوان: گزينش: سازمان چاپ وانتشارات گروه احياي تراث فرهنگي. الطبعة الأولى: ٧ بهمن، ١٣٧٣ هجرية شمسية.

وذكر في المقدِّمة أنَّ هذه النسخة قد صحِّحت على ثلاث نسخ، وهي:

أولها: نسخة مكتبة الوزيري تحت رقم ٥١٢، بخط إسماعيل بن شاه قلي. تاريخ النسخ في عاشر محرم الحرام سنة ١١٠٦ هجرية قمرية.

وثانيتها: نسخة مكتبة الأستاذ الفقيد المرحوم المحدّث الأرموي.

وثالثتها: نسخة المكتبة المركزية جامعة طهران، وهي من جملة الكتب المهداة من المرحوم الأستاذ السيد محمّد مشكوة. تحت رقم ٦١٩. واستظهرت المجموعة المصحِّحة أنَّ هذه النسخة هي نفس النسخة التي كان قد رآها الشيخ آقا بزرگ الطهراني (في خزانة كتب السيد آغا بن الحاج سيد أسد الله بن السيد حجة الإسلام الأصفهاني، وهو فارسي. ورأيتُ نسخة منه

١٣

بخط محمّد مؤمن بن الشيخ عبد الجواد، كتبها في عصر المصنّف، وفرغ منها في سابغ ربيع الثاني ١٠٨٥) (١) .

ثمّ قال بعد حديث طويل: (... ويظهر من أثنائه أنّه شرع فيه في ١٠٨١هـ، وفرغ منه في ١٠٨٣هـ، ويوجد بهذه الخصوصيات نسخة في موقوفة مدرسة السيد البروجردي في النجف) (٢) .

كما أنَّنا حقَّقنا بعض روايات الكتاب مع تلك الروايات الموجودة في " مختصر إثبات الرجعة " الذي أشرنا إليه، وسبق أن نبَّهنا إلى أنَّه بخط بعض فضلاء المحدّثين وعليه ختم العلامة المرحوم الحر العاملي صاحب " وسائل الشيعة "، وعندنا نسخة مصوَّرة عنه، والأصل موجود في مكتبة الإمام الحكيم (قدس سرّه) العامة.

مصادر الكتاب ومؤلِّفيها:

ونظراً إلى أنَّ الكتاب كتاب رواية، وقد أقرّ مؤلفه بهذه الحقيقة، ولذلك سمّاه بـ: "الأربعين" ، فيلزمنا أن نتعرَّف على المصادر التي اعتمدها المؤلف، وبالإضافة إلى معرفة مؤلِّفي تلك الأحوال، وأحوالهم من حيث الوثاقة والاعتبار لنطمئن على صحة تلك الأحاديث واعتبارها، وسلامتها من الطعون. ولكن بما أنّه قد نقل عن المصادر المشهورة والمعروفة عند الشيعة والسنة، مثل: " الاحتجاج " للطبرسي، و" كمال الدين " و " عيون أخبار الرضا " للصدوق، و " السنة " و" الإرشاد " للمفيد، و " الأربعين " لأبي نعيم، و"مسند أحمد بن حنبل "... وغيرها من المصادر المهمة التي لا تحتاج إلى بحث فيها ولا في مؤلفيها لشهرتها ومعروفيتها؛ فإنَّنا قد أعرضنا الحديث عنها وعن مؤلِّفيها، وقصرنا الحديث عن المصادر المفقودة لسببين:

____________________

(١) الذريعة لآقا بزرك الطهراني ١٨: ١٠١.

(٢) الذريعة ١٨: ١٠٢.

١٤

أولهما: التعريف بتلك المصادر ومؤلّشفيها؛ ليعرف القارئ أهمية مصدر الحديث الذي يقرأه، وقوّة اعتباره، وصحته، وسلامته؛ وبذلك يتضح بطلان كلام أصحاب الشبهات الباطلة والدعاوى الكاذبة.

وثانيهما: لأنَّه قد أكثر النقل عنها حتى صار الكتاب كأنّه ملخص شريف لتلك الكتب، بحيث قال المحقق العلامة آغا بزرك الطهراني: (وهذا الأربعين فارسي، وترجمة وشرح للأحاديث التي رواها الفضل بن شاذان وغيره) (١) .

ولعله كان يقصد من كلمة: (وغيره)، ما نقله عن أستاذه وشيخه النوري حيث قال في أول كتابه (جنّة المأوى): (إنّي كلّما انقل في هذا الكتاب عن غيبة الفضل بن شاذان، وعن غيبة الحسن بن حمزة المرعشي، وعن كتاب الفرج الكبير لمحمّد بن هبة الله بن جعفر الطّرابلسي، فإنّما أنقلها عن كتاب المير لوحي هذا، لأنّها كانت موجودة عنده، وينقل عنها في كتابه هذ) (٢) .

أقول: هكذا هو الموجود في عبارة الطهراني (قدس سرّه) حيث نسبت الكلام لأستاذه في بداية كتابه (جنة المأوى)، ولكنَّنا قرأنا الكتاب عدّة مرات فلم نجده فيه، وإنَّما هو موجود في كتاب النجم الثاقب لأستاذه النوري (قدس سرّه)، حيث قال الشيخ النوري الطبرسي (قدس سرّه) في مقدِّمة كتابه (النجم الثاقب) عند عدّه مصادر كتابه ما تعريبه:

(كتاب " كفاية المهتدي في أحوال المهدي (عليه السلام) " للسيد محمّد بن محمّد لوحي الحسيني الموسوي السبزواري الملقّب بالمطهَّر والمتخلص بالنقيبي، تلميذ المحقق الدّاماد، وأكثر ما في هذا الكتاب نقله من كتاب الفضل بن شاذان حيث ينقل الخبر سنداً ومتناً أوّلاً، ومن ثمّ يترجمه.

وكان عنده (غيبة) الشيخ الطّرابلسي، و(غيبة) الحسن بن حمزة المرعشي أيضاً.

____________________

(١) الذريعة ١٨: ١٠٢ / تحت رقم ٨٦٧.

(٢) المصدر نفسه.

١٥

وما ننقله عن هذه الكتب الثلاثة فإنّما ننقله بالواسطة عن هذا الكتاب) (١) .

ولذلك نرى من المهمّ أن نُخصِّص مقاماً من الحديث عن هذه الكتب الثلاثة ومؤلِّفيها - خصوصاً الأوّل منها، أعني ما سُمّي بـ: غيبة الفضل بن شاذان - ثمّ إلحاق الحديث عن أحوال الكتب الأخرى غير الموجودة حالياً، مثل: " كتاب الأنوار " لأبي عليّ محمّد بن همام، و" كتاب التاريخ الكبير " للثقفي، في هوامش الكتاب القادمة إن شاء الله تعالى، تخفيفاً لحجم المقدِّمة ولأنَّ هذين الكتابين وأمثالهما لم يكثر المؤلف (رحمه الله) النقل منهما، وإنّما ربّما نقل عن كلّ منهما مرة أو مرتين في كتابه هذا؛ ولهذا السبب ارتأينا تأجيل الكلام عنهما وعن أمثالهما إلى محلِّه الموجز دون المحلّ المفصّل.

١ - الغيبة:

للشيخ الأقدم الفضل بن شاذان النيسابوري (رضوان الله تعالى عليه).

وقد عدّ الشيخ النجاشي وغيره أنَّ له أكثر من كتاب في القضية المهدوية، منها:

١ - كتاب إثبات الرجعة.

٢ - كتاب الرجعة.

٣ - كتاب القائم (عليه السلام).

٤ - كتاب الملاحم.

٥ - كتاب حذو النعل بالنعل (٢) .

وللأسف الشديد فإنَّ جميع تلك الكتب قد عَدت عليها كوارث الزمن ولم يبق منها إلاَّ أسماؤها وبعض الروايات المتشتِّتة في بطون الكتب ممَّا نقلها

____________________

(١) النجم الثاقب / النوري ١: ١٠٢ / تعريب: السيد ياسين الموسوي.

(٢) رجال النجاشي: ٣٠٧ / تحت رقم ٨٤٠؛ معجم رجال الحديث / الخوئي: ١٤ / ٣٠٩.

١٦

الأوائل في مجاميعهم، مثل: كتب الكليني والصدوق والطوسي؛ غير أنَّه بقي من المتأخرين مَن نقل مجموعة أخرى من الروايات ممَّا لم ينقله المتقدِّمون من هذه الكتب؛ وكاد ينحصر هذا النقل الجديد بكتاب المير لوحي (كفاية المهتدي)، والتي نقل عنه الخاتون آبادي في (كشف الحق) و(مختصر إثبات الرجعة) الذي أمضاه الحر العاملي.

ولكن ظهر سؤال جديد، وهو: أنَّ هذا الموجود، هل هو من كتاب (إثبات الرجعة) أو (كتاب الرجعة)؟ وهل أنَّ كتاب إثبات الرجعة هو كتاب الغيبة، أم أنَّ كتاب الرجعة هو كتاب الغيبة؟

والشيء المتَّفق عليه هو أنَّه كان للفضل كتابان، أحدهما باسم: إثبات الرجعة. والآخر باسم: الرجعة؛ والثاني هو غير الأوّل كما نصّ عليه النجاشي وغيره.

قال شيخ الإجازة وخاتمة الرواة آقا بزرك الطهراني: (كتاب الغيبة للحجة الشيخ المتقدم أبي محمّد الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري، الراوي عن الجواد (عليه السلام)، وقيل عن الرضا (عليه السلام)، والمتوفَّى ٢٦٠. وهو غير النجاشي بعد ذكره (إثبات الرجعة) بكتاب (الرجعة الحديث). فهذا مقصور على أحاديث الرجعة، وظهور الحجة، وأحواله، ولذا اشتهر بكتاب الغيبة، وكان موجوداً عند السيد محمّد بن محمّد مير لوحي الحسيني الموسوي السبزواري، المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي على ما يظهر من نقله عنه في كتابه الموسوم كفاية المهتدي في أحوال المهدي، وينقل شيخنا النوري في النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب، عن كتاب الغيبة هذا بتوسط المير لوحي المذكور...) (١) .

____________________

(١) الذريعة ١٦: ٧٨ / تحت رقم ٣٩٥.

١٧

من هو الفضل بن شاذان؟

قال النجاشي: (الفضل بن شاذان بن الخليل، أبو محمّد الأزدي النيشابوري (النيسابوري)، كان أبوه من أصحاب يونس. وروى عن أبي جعفر الثاني، وقيل عن الرضا (عليهما السلام). وكان ثقة. أحد أصحابنا الفقهاء المتكلمين، وله جلالة في هذه الطائفة. وهو في قدره أشهر من أن نَصِفُه. وذكر الكنجي أنه صنّف مائة وثمانين كتاباً...) (١) .

وقد روى الكشي في رجاله عن محمّد بن الحسين بن محمّد الهروي، عن حامد بن محمّد الأزدي البوشنجي، عن الملقّب بفورا [بخوراء خ. ل] من أهل البوزجان من نيسابور: أنَّ أبا محمّد الفضل بن شاذان (رحمه الله) كان وجهّه إلى العراق إلى حيث به أبو محمّد الحسن بن عليّ (صلوات الله عليهما)؛ فذكر أنّه دخل على أبي محمّد (عليه السلام). فلمّا أراد أن يخرج، سقط كتابٌ في حضنه ملفوف في رداء له؛ فتناوله أبو محمّد (عليه السلام)، ونظر فيه، وكان الكتاب من تصنيف الفضل، وترحّم عليه، وذكر أنَّه قال: (أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم) (٢) .

وروى عن سعد بن جناح الكشّي، قال: (سمعت إبراهيم الورّاق السمرقندي يقول: خرجت إلى الحج، فأردت أن أمرّ على رجل كان من أصحابنا المعروف بالصّدق، والصّلاح، والورع، والخير، يقال له: بورق البوشنجاني (قرية من قرى هرات)، وأزوره، وأحدث عهدي به.

قال: فأتيته، فجرى ذكر الفضل بن شاذان (رحمه الله).

____________________

(١) نفس المصدر.

(٢) رجال الكشي: ٥٤٢ / تحت رقم ١٠٢٧.

١٨

قال بورق: كان الفضل بن بطن، شديد العلّة، ويختلف في الليلة مائة مرّة، إلى مائة وخمسين مرّة.

فقال له بورق: خرجت حاجّاً، فأتيت محمّد بن عيسى العبيدي، ورأيته شيخاً فاضلاً، في أنفه عوجه (وهو القنا)، ومعه عدّة؛ رأيتهم مغتمّين، محزونين، فقلت لهم: ما لكم؟

قالوا: إن أبا محمّد (عليه السلام) قد حبس.

قال بورق: فحججت، ورجعت، ثمّ أتيت محمّد بن عيسى، ووجدته قد انجلى عنه ما كنت رأيت به؛ فقلت: ما الخبر؟

قال: قد خلّي عنه.

قال بورق: فخرجت إلى سرّ من رأى، ومعي كتاب يوم وليلة؛ فدخلت على أبي محمّد (عليه السلام)، وأريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، إنْ رأيت أن تنظر فيه.

فلمَّا نظر فيه، وتصفَّحه ورقة ورقة، قال: (هذا صحيح، ينبغي أن يعمل به) .

فقلت له: الفضل بن شاذان شديد العلة، ويقولون إنّه من دعوتك بموجدتك عليه؛ لِمَا ذكروا عنه أنّه قال: إنّ وصيّ إبراهيم خير من وصيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله)؛ ولم يقل جعلت فداك هكذا، كذبوا عليه.

فقال: (نعم. رحم الله الفضل) .

قال بورق: فرجعت، فوجدت الفضل قد توفّي في الأيام التي قال أبو محمّد (عليه السلام): (رحم الله الفضل) ) (١) .

وعن علمه وفضله روى الكشيّ عن جعفر بن معروف قال: (حدّثني سهل بن بحر الفارسي، قال: سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به، يقول: أنا خلفٌ لمَن مضى، أدركتُ محمّد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وغيرهما. وحملت عنهم خمسين سنة.

____________________

(١) رجال الكشي: ٥٣٧ و٥٣٨ / تحت رقم ١٠٢٣.

١٩

ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه كان يرد على المخالفين. ثمّ مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفاً غير السكّاك، فردّ على المخالفين حتى مضى (رحمه الله). وأنا خلفٌ من بعدهم (رحمه الله)) (١) .

٢ - الغيبة:

لأبي محمّد الحسن بن حمزة بن عليّ بن عبد الله بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) المتوفَّى سنة ٣٥٨هـ.

قال النجاشي: (أبو محمّد الطبري، يُعرف بالمرعش، كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها، قَدِم بغداد، ولقيه شيوخنا في سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ومات في سنة ثماني وخمسين وثلاثمائة. له كتب... كتاب في الغيبة) (٢) .

وقال الشيخ الطهراني: (وكان عند المير لوحي المعاصر للمولى محمّد باقر المجلسي، كما يظهر من نقله عنه...) (٣) .

وقال الشيخ النوري الطبرسي (رحمه الله) في خاتمة المستدرك: (... كان عند مير لوحي المعاصر للمجلسي، الساكن معه في أصبهان كتب نفيسة جليلة كـ " كتاب الرجعة " للفضل بن شاذان، و " الفرج الكبير في الغيبة " لأبي عبدالله محمّد بن هبة الله بن جعفر الورّاق الطرابلسي، و " كتاب الغيبة " للحسن بن حمزة المرعشي، وغيرها، ولم يطلع عليها المجلسي (رحمه الله) (٤) .

____________________

(١) رجال الكشي: ٥٣٩ / تحت رقم ١٠٢٥.

(٢) الرجال / النجاشي: ٦٤ / تحت رقم ١٥٠.

(٣) الذريعة ١٦: ٧٦ / تحت رقم ٣٨٠.

(٤) خاتمة المستدرك ١: ٣٢ / الطبعة الحديثة؛ ج٣: ٢٩٥ / الطبعة الحجرية.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

التوضيح :

الخرور : السقوط على الأرض

الذقن : هو مجمع اللحيين من الوجه

السِّيمَا : العلامة

وبعد بيان هذه المعاني ، يتضح لنا أن « الخرور للأذقان : السقوط على الأرض على أذقانهم للسجدة كما بينه قوله : « سجدا » ، وإنما اعتبرت الأذقان ؛ لأن الذقن أقرب أجزاء الوجه من الأرض عند الخرور عليها للسجدة ، وربما قيل : المراد بالأذقان الوجوه إطلاقاً للجزء على الكل مجازاً »(٣٢)

« والمراد بـ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) أثر التراب في جباههم ؛ لأنهم كانوا إنما يسجدون على التراب لاعلى الأثواب »(٣٣) وخلاصة القول : أن كيفية السجود في القرآن هي وضع الجبهة على الأرض خضوعاً وخشوعاً لله

٣ ـ أهمية السجود :

س / ما أهمية السجود في القرآن ؟

ج / تتضح لنا أهمية السجود في القرآن بعد معرفة العناوين التالية :

١ ـ القرب من الله : قال تعالى :( كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] أي اسجد يا محمد للتقرب منه ، فإن أقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد له

٢ ـ الإعتناء بالساجدين : ويشير إليه قوله تعالى :( وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
) [ البقرة / ١٢٥ ] « العهد حفظ ______________________

(٣٢) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٣ / ٢٢٢

(٣٣) ـ نفس المصدر ، ج ١٨ / ٣٠٠ ( بتصرف )

٤١

الشيء ومراعاته حالاً بعد حال والإهتمام به »(٣٤) ويأتي بمعنى التثبيت المشدد مع عناية خاصة ، وهي ظهور إحترام المعهود إليه بالوفاء بما عهد إليه ، وظهور نوع الموضوع مما يعتني به كثيراً ، وفي إضافة البيت إلى نفسه المقدسة ثم التفضيل بقبول العبادة الواقعة فيه إيماء إلى كثرة عنايته تعالى بالبيت وبالعبادة الواقعة فيه(٣٥) والتي منها السجود وتتضح لنا العناية أكثر بتكرار الخطاب إلى إبراهيمعليه‌السلام في قوله :( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن
لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
) [ الحج / ٢٦ ]

٣ ـ توبيخ الممتنعين عن السجود : قال تعالى :( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ
أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ
فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ
) [ الأعراف / ١٢ ـ ١٣ ] « والمعنى ـ قال الله تعالى : فتنزل عن منزلتك حيث لم تسجد لما أمرتك ، فإن هذه المنزلة منزلة التذلل والانقياد لي ، فما يحق لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين أهل الهوان ، وإنما أخذ بالصغار ليقابل به التكبر »(٣٦)

الفصل الرابع : السجود في السنة :

ويضم الأبحاث التالية :

أولاً ـ تعريف السجود :

س / ما هو السجود في السنة ؟

ج / هو كما نصبت عليه كتب الحديث الإسلامية ، ونذكر منها الآتي :

______________________

(٣٤) ـ الراغب الإصفهاني ، أبي القاسم ، الحسين بن محمد : المفردات في غريب القرآن / ٣٥٠

(٣٥) ـ السبزواري ، السيد عبد الأعلى : مواهب الرحمان في تفسير القرآن ، ج ٢ / ٢٥

(٣٦) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ٨ / ٣٠

٤٢

روت الإمامية ، كما عن زرارة ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( السجود على سبعة أعظم : الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والإبهامين من الرجلين ، وترغم بأنفك إرغاماً ، أما الفرض ؛ فهذه سبعة ، وأما الإرغام بالأنف ؛ فسنة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) (٣٧)

وروت السنة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف ، وجهه ، وكفاه وركبتاه ، وقدماه ) (٣٨)

ثانياً ـ مكان السجود :

س / ما هي الأشياء التي يصح السجود عليها ؟

ج / يمكن تقسيم ذلك إلى ثلاثة أقسام :

الأول ـ السجود على الأرض مباشرة :

إن من المتسالم عليه لدى المسلمين ، السجود على الأرض حسب التفصيل الآتي :

مرويات الإمامية :

إستدلت الإمامية على ذلك بعدة روايات نذكر منها التالي :

١ ـ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي ؛ جُعِلَتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً ) (٣٩)

٢ ـ وفي لفظ آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( إن الله جعل لي الأرض مسجداً وطهوراً أينما كنت منها ، أتيمم من تربتها وأصلي عليها ) (٤٠)

______________________

(٣٧) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٤ / ٩٥٤ ( باب ـ ٤ ـ من أبواب السجود حديث ٤ )

(٣٨) ـ مسلم ، مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم ، ج ١ / ( كتاب الصلاة ـ باب أعضاء السجود )

(٣٩) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١ / ٩٦٩ ـ ٩٧٠ ( باب ـ ٧ ـ من أبواب التيمم حديث (٢) )

(٤٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٨٠ / ٢٧٧

٤٣

يقول الشيخ المجلسي ( قده ) :« قد عرفت أنه يستفاد من تلك الأخبار المتواترة معنى جواز الصلاة في جميع بقاع الأرض إلا ما أخرجه الدليل » (٤١)

ويقول صاحب المدارك ( قده ) :« أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا نبات » (٤٢) هذا خلاصة رأي الإمامية ، ومن أراد التوسع ؛ فعليه مراجعة كتبهم ورسائلهم الفقهية

مرويات السنة :

وإستدلت السنة بالسجود على الأرض بعدة روايات ، أهمها التالي :

١ ـ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا ، فأيما رجلُ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ ) (٤٣)

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وجعلت لي الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً ، فأيما رجلُ أدركته الصلاة صلى حيث كان ) (٤٤)

قال النووي : « وفيه جواز الصلاة في جميع المواضع إلا ما إستثناه الشرع من الصلاة في المقابر وغيرها من المواضع التي فيها النجاسة كالمزبلة والمجزرة ، وكذا ما نُهي عنه لمعنى آخر ، فمن ذلك أعطان الإبل ، ومنه قارعة الطريق والحمام وغيرهما »(٤٥) وهناك أقوالٌ أخرى ، من أرادها ؛ فعليه بمراجعتها

فالنتيجة التي يمكن التوصل إليها هي : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام وصحابته والتابعين سجدوا على الأرض بلا خلاف في ذلك

______________________

(٤١) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٨٠ / ٢٧٨

(٤٢) ـ العاملي ، السيد محمد علي : مدارك الأحكام ، ج ٣ / ٢٤١

(٤٣) ـ البخاري ، محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ٩١ ( باب التيمم )

(٤٤) ـ مسلم ، مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم ، ج ٢ / ٦٤

(٤٥) ـ النووي ، محي الدين بن شرف : شرح صحيح مسلم ، ج ٥ / ٢

٤٤

الثاني ـ السجود على غير الأرض لغير عذر :

تقدم أنّ السجود لابد أنْ يكون على الأرض ؛ والمراد من الأرض التراب والحصى ، وأما المعادن والفلزّات العالقة في الأرض ؛ فخارجة ، وسيتضح هذا بعد ذلك هذا هو التشريع الأساسي ، ولكن إستفاد المسلمون من عمل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه رَخّصَ في السجود على غير الأرض ، تارة لعذر ، وأخرى لغير عذر أما الذي لغير عذر ؛ فسيكون البحث فيه كالتالي :

مرويات الإمامية :

ذهبت الإمامية : إلى أنّ السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات والقرطاس وغيرهما مما جاز السجود عليه ، كما هو مُفَصّل في كتبهم الفقهية ، إعتماداً على روايات أهل البيتعليهم‌السلام ، ونذكر منها التالي :

١ ـ عن هشام بن الحكم : أنه قال لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( أخبرني عما يجوز السجود عليه وعَمّا لا يجوز ؟ قال عليه‌السلام لا يجوز إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس فقال له : جُعلْتُ فداك ما العِلّة في ذلك ؟ قال عليه‌السلام : لأنّ السجود خضوع لله عَزّ وجَلّ فلا ينبغي أنْ يكون على ما يُؤْكَل ويُلْبَس ؛ لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عَزّ وجَلّ ، فلا ينبغي أنْ يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين إغتروا بغرورها ) (٤٦)

٢ ـ عن إسحاق بن الفضيل أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السجود على الحُصُر والبَوارِي ؟ فقال :( لا بأس ، وأنْ يسجد على الأرض أَحَبُّ إليَّ ، فإنّ

______________________

(٤٦) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : الوسائل ، ج ٣ / ٥٩١ ( باب ـ ١ ـ من أبواب ما يسجد عليه ، حديث (١) )

٤٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحب ذلك أنْ يُمكِّن جبهته من الأرض ، فأنا أحب لك ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبه ) (٤٧)

٣ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :( لا بأس بالصلاة على البُورِيَا ، والخَصَفَة وكل نبات إلا الثمرة ) (٤٨)

وبعد هذه الروايات نقول : إن الإمامية تُصرِّح بلزوم السجود على الأرض من ناحية أساسية ، وتجوِّز السجود على نبات الأرض وما يصنع منه ، كالحصر والبواري ونحوها ، إلا المأكول والملبوس كالقطن والكتان ونحوهما ، كل ذلك إعتماداً على ما ورد عن أهل البيتعليهم‌السلام

مرويات السنة :

قد روت السنة والجماعة أحاديث كثيرة مذكورة في صحاحها ومسانيدها ، مفادها أن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخّص في السجود على نبات الأرض وما يُصنع منه ، كالخمرة والحصير وغيرهما نذكر منها التالي :

١ ـ عن أنس بن مالك قال :( كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُقِيل عند أم سليم ؛ فتبسط له نَطْعَاً فتأخذ من عَرَقِه فتجعله في طيبها وتبسط له الخُمْرَة (٤٩) ؛ فيصلي عليها ) (٥٠)

٢ ـ عن أنس بن مالك قال :( كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحسن الناس خُلقاً ، فربما تحضره الصلاة وهو في بيتنا ، فيأمر بالبساط الذي تحته فُيكْنَسْ ثم

______________________

(٤٧) ـ المصدر السابق / ٦٠٩ ( باب (١٧) ، حديث (٤) )

(٤٨) ـ نفس المصدر / ٥٦٣ ( باب (١) ، حديث (٩) )

(٤٩) ـ المستفاد من كلمات اللغويين أن الخمرة مصنوعة من سعف النخيل أصغر من الحصير

(٥٠) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، جـ ٢ / ٤٢١ ( باب الصلاة على الخمرة )

٤٦

يُنْضَح ثم يقوم ؛ فنقوم خلفه فيصلي بنا قال : وكان بساطهم من جريد النخل ) (٥١)

٣ ـ عن أنس بن مالك قال :( إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل بيتاً فيه فحل (٥٢) ، فكسح ناحية منه ورش فصلى عليه ) (٥٣)

٤ ـ عن جابر قال :( حدثني أبو سعيد قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يُصَلِّي على حصير ) (٥٤) قال الشوكاني : « وقد ذهب إلى إستحباب الصلاة على الحصير أكثر أهل العلم كما قال الترمذي ، قال : إلا أنّ قوماً من أهل العلم إختاروا الصلاة على الأرض إستحباباً »(٥٥)

وقال أيضاً : وعن جابر بن زيد :( أنه كان يكره الصلاة على كل شئ من الحيوان ، ويستحب الصلاة على كل شئ من نبات الأرض ) (٥٦) وقال :« وقد روي عن زيد بن ثابت ، وأبي ذر ، وجابر بن عبدالله ، وعبدالله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، ومكحول ، وغيرهم من التابعين : إستحباب الصلاة على الحصير ، وصرح ابن المسيب بأنها سنة » (٥٧)

______________________

(٥١) ـ المصدر السابق / ٤٣٦ ( باب من بسط شيئاً فصلى عليه )

(٥٢) ـ حصير مصنوع من سعف فحال النخل ؛ أي ذكر النخل الذي تلقح منه ، فسمى الحصير فحلاً مجازاً راجع النهاية في غريب الحديث ج ٣ / ٤١٦

(٥٣) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، ج ٢ / ٤٣٦ ( باب من بسط شيئاً فصلى عليه )

(٥٤) ـ نفس المصدر / ٤٢٠ ( باب الصلاة على الحصير )

(٥٥) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ١٤٩ ( باب الصلاة على الفراء وغيرهما من المفارش )

(٥٦) ـ نفس المصدر

(٥٧) ـ نفس المصدر

٤٧

الثالث ـ السجود على غير الأرض لعذر :

مرويات الإمامية :

منعت الإمامية من السجود على غير الأرض وما يلحقها من النبات غير المأكول والملبوس وأجازته في حال الضرورة والعذر ، إعتماداً على مرويات أهل البيتعليهم‌السلام ، نذكر منها التالي :

١ ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :( قلت له : أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرّمْضَاء على وجهي ، كيف أصنع ؟ قال : تسجد على بعض ثوبك ، فقلت : ليس عليَّ ثوب يمكنني أنْ أسجد على طرفه ولا ذيله ، قال : أسجد على ظهر كفك فإنها إحدى المساجد ) (٥٨)

٢ ـ عن القاسم بن الفضيل قال :( قلت للرضا عليه‌السلام : جُعِلْتُ فداك الرجل يسجد على كُمّه من أذى الحر والبرد ؟ قال : لا بأس به ) (٥٩)

٣ ـ عن علي بن جعفر ، عن أخيهعليه‌السلام قال :( سألته عن الرجل يؤذيه حر الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود ، هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كَتّاناً ؟ قال : إذا كان مضطراً فليفعل ) (٦٠)

مرويات السنة :

إختلف علماء السنة في السجود على غير الأرض ، خصوصاً في السجود على الطَنَافِسْ والفِرَاء وغيرها من المَفارِش على ثلاثة أقوال :

______________________

(٥٨) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٣ / ٥٩٧ ( باب ـ ٤ ـ من أبواب ما يسجد عليه ، حديث (٥) )

(٥٩) ـ نفس المصدر ، حديث (٤)

(٦٠) ـ نفس المصدر ، حديث (٨)

٤٨
الأول ـ القول بعدم جواز السجود عليها إلا لعذر وهو الأكثر

إعتماداً على روايات كثيرة نقتصر منها على الآتي :

عن أنس بن مالك قال :( كنا نصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شدة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمكِّن جبهته من الأرض ؛ بَسَط ثوبه فسجد عليه ) (٦١)

قال الشوكاني : « والحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض ، وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل ؛ لتعليق( بَسَط ثوبه ) لعدم الإستطاعة وقد إستدل بالحديث على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي قال النووي : وبه قال أبو حنيفة والجمهور »(٦٢) فعليك بمراجعة كتبهم وموسوعاتهم العلمية

الثاني ـ القول بالكراهة :

« وقد كره ذلك جماعة من التابعين فروى ابن أبي شَيْبَة في المصنف : عن سعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين أنهما قالا : الصلاة على الطنفسة ؛ وهي البساط الذي تحته حَمْل مُحْدَثَة وجابر بن زيد ، كان يكره الصلاة على كل شئ من الحيوان ، ويستحب الصلاة على كل شئ من نبات الأرض وإلى الكراهة ذهب الهادي ، ومالك »(٦٣)

الثالث ـ القول بالجواز :

وممن نسب إليه القول بجواز السجود ـ على الثياب والفرش والطَنَافِس المصنوعة من الجلود والقطن والصوف ونحوها وبدون عذر ـ أبو هريرة ، وأنس ، ______________________

(٦١) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ٢٨٩ ( باب المصلي يسجد على ما يحمله ولا يباشر مصلاه بأعضائه )

(٦٢) ـ نفس المصدر

(٦٣) ـ نفس المصدر ، ج ٢ / ١٤٧

٤٩

ومكحول ، وعامة الفقهاء فيما بعد القرن الرابع ، إعتماداً على بعض مروياتهم نذكر منها الآتي :

١ ـ عن أبي هريرة :( كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسجد على كور عمامته ) (٦٤)

٢ ـ عن ابن عباس :( أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على بساط ) (٦٥)

٣ ـ يونس بن الحرث ، عن أبي عون ( محمد بن عبدالله الثقفي ) ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة( أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي على الحصير والفروة المذبوغة ) (٦٦) نكتفي بذكر هذا القسم من مروياتهم ونوضح بطلان وضعف هذا القوب بما يأتي :

أولاً ـ مناقشة صحة نسبة الآراء إلى أصحابها وهي كالتالي :

أ ـ إستفادة رأي أبي هريرة من مروياته غير ثابتة ؛ حيث أنكر البيهقي حديث السجود على كور العمامة ، حيث قال : « قال الشيخ : وأما ما روي في ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من السجود على كور العمامة ، فلا يثبت شئ من ذلك »(٦٧)

وذكر الزرقاني : « وذهب الشيعة إلى عدم الجواز ووافقهم الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه ؛ لأنه لم يثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سجد على كور عمامته ، وكان ينهى عن ذلك نعم روى عبدالله بن محرر عن أبي هريرة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجد على كور عمامته وهذا غير صحيح ؛ لأن عبدالله متروك الحديث كما قال ابن حجر ، وأبو حاتم ، والدار قطني ، وقال البخاري : انه

______________________

(٦٤) ـ المتقي الهندي ، علاء الدين ، علي بن حسام الدين : كنز العمال ، ج ٨ / ٨٥

(٦٥) ـ نفس المصدر

(٦٦) ـ نفس المصدر / ١٤٨

(٦٧) ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين : السنن الكبرى ، ج ٢ / ١٠٦

٥٠

منكر الحديث ، وهو أحد قضاة الدولة ، ولم يذكر علماء الرجال سماعه عن أبي هريرة وقال الحافظ ابن حجر : لم يذكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سجد على كور عمامته ، ولم يثبت ذلك في حديث صحيح ولا حسن »(٦٨)

ب ـ وأما ما نسب إلى أنس في مروياته ؛ فقد حمل على الإضطرار ، ويدل على ذلك رواية عبدالله عن أنس بن مالك قال :( كنا نصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود ) (٦٩)

وأما روايته( أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على البسط ) : فقال الشوكاني : « حديث انس الذي ذكر بلفظ « البسط » ، أخرجه الأئمة الستة بلفظ الحصير وقد روى ابن أبي شيبة في سننه : ما يدل على أن المراد بالبساط الحصير بلفظ( فيصلي أحياناً على بساط لنا ) ، وهو حصير ننضحه بالماء قال العراقي : فتبين أن مراد أنس بالبساط : الحصير ، ولاشك انه صادق على الحصير لكونه يبسط على الأرض أي يفرش »(٧٠) وقد تقدم ما يدل على ذلك أيضاً فراجع(٧١)

ج ـ وأما ما نسب إلى مكحول ؛ فمحمول على الاضطرار كما هو صريح ما رواه ابن راشد قال :( رأيت مكحولاً يسجد على عمامته ، فقلت : لم تسجد عليها ؟ فقال : أتقي البرد على إنساني ) (٧٢)

______________________

(٦٨) ـ الزرقاني ، محمد بن عبد الباقي : شرح المواهب اللدنية ، بالمنح المحمدية ، ج ٧ / ٣٢١

(٦٩) ـ الصنعاني عبد الرزاق بن همام بن نافع : المصنف ، ج ٢ / ٤٠٠

(٧٠) ـ الشوكاني ، الشيخ محمد علي : نبل الأوطار ، ج ٢ / ١٤٩

(٧١) ـ ص / ٤١

(٧٢) ـ ابن أبي شيبة ، الحافظ عبدالله بن محمد : الكتاب المصنف في الأحاديث والأثار ، ج ١ / ٢٦٧ ، فيه اختلاف يسير : ( إني أخاف على بصري من برد الحصى ) المؤلف

٥١

د ـ وأما ما نسب إلى عامة الفقهاء ؛ فيحتاج إلى تأمل ، حيث أن الإعتماد على مثل هذه المرويات التي قسم منها يدل على الاضطرار ، والبعض منها ضعيف ، بالإضافة إلى مخالفة رأي الكثير من فقهاء الإسلام ، كل ذلك على فرض صحة النسبة ؛ فهو من الآراء الشاذة التي لا يعتمد عليها

ثانياً ـ يمكن تلخيص آراء الصحابة والتابعين والفقهاء كالتالي :

١ ـ ذهب أبو بكر ، ومسروق بن الأجدع ، وعبادة بن الصامت ، وإبراهيم النخعي ، إلى القول بوجوب السجود على الأرض فقط

٢ ـ وذهب عبدالله بن عمر ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وابن حجر ، والشوكاني ، وأحمد ، والاوزاعي ، وإسحاق بن راهويه ، وأصحاب الرأي ، إلى القول بوجوب السجود على الأرض وما أنبتته اختياراً ، وجواز السجود على الثياب للحر والبرد

الفصل الخامس ـ أنواع السجود :

ذكر الفقهاء في رسائلهم العملية : أربعة أنواع للسجود كالتالي :

أولاً ـ السجود في الصلاة :

والواجب منها في كل ركعة سجدتان ، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بتركه ، أو زيادته عمداً أو سهواً ، حسب التفصيل المذكور في الرسائل العملية

ثانياً ـ سجود السهو :

وهو سجدتان يؤتى بهما بعد الصلاة مباشرة لأسباب مذكورة في بحث الصلاة اليومية

٥٢

ثالثاً ـ سجود التلاوة :

وهو : سجدة يؤتى بها بعد قراءة أو سماع إحدى آيات السجدة حسب التفصيل الآتي :

١ ـ الواجب : وهو ما يكون في آيات سور العزائم ، كما في الجدول التالي :

السورة

الآية

العلق

١٩

النجم

٦٢

السجدة

١٥

فصلت

٣٧

٢ ـ المستحب : وهو ما يكون في إحدى عشر آية كالتالي :

السورة

الآية

السورة

الآية

الأعراف

٢٠٦

الحج

١٨ ، ٧٧

الرعد

١٥

الفرقان

٦٠

النحل

٤٩

النمل

٢٥

الإسراء

١٠٧

ص

٢٤

النشقاق

٢١

مريم

٥٨

رابعاً ـ سجود الشكر :

وهو سجدة والأفضل سجدتان ، يستحب الإتيان بهما شكراً لله تعالى عند تجدد كل نعمة ، ودفع كل نقمة ، وعند تذكر ذلك والتوفيق لأداء كل فريضة أو نافلة ، بل فعل كل خير

٥٣

الفصل السادس ـ أسرار السجود

س / ما هي أسرار السجود على الأرض ؟

ج / أسرار السجود على الأرض كثيرة ، ويمكن تلخيصها في التالي :

السجود هو أعظم مراتب الخضوع ، وأحسن درجات الخشوع ، وأعلى مراتب الإستكانة ، وأحق المراتب بإستيجاب القرب إلى الله تعالى ، كما نبه عليه الكتاب الكريم في أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] ووعده على ذلك بأنه يقرب ثم اهوِ إلى السجود ومكّن أعزّ أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب ، فإن أمكنك أن لا تجعل بينها حائلاً فتسجد على الأرض فافعل فإنه أجلب للخشوع وأدلّ على الذلّ والخضوع ، وهذا السر في منع الشريعة من السجود على ما يأكله الآدميون ويلبسونه ؛ لأنه متاع الدنيا وأهلها الذين اغتروا بغرورها ، وركنوا إلى زخرفها ، واطمئنوا إليها ، فأسلمتهم إلى المهالك أحوج ما كانوا إليها ، وإذا وضعت نفسك موضع الذل ؛ فاعلم انك وضعتها ورددت الفرع إلى أصله ؛ فإنك من التراب خلقت وإليه رددت ، ثم تخرج منها مرة أخرى ؛ فاحضر في بالك نقلاتك منها وإليها ثم خروجك منها بتكرار السجود ، كما ذكر تعالى :( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً
أُخْرَىٰ
) (٧٣) [ طه / ٥٥ ] وروى الصدوق عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :( أنه سأل ما معنى السجدة الأولى ؟ قال : تأويلها « اللهم انك منها خلقتنا » يعني من الأرض وتأويل رَفْع رأسك منها « ومنها أخرجتنا » والسجدة الثانية « واليها تعيدنا » ، ورفع رأسك منها « ومنها تخرجنا تارة أخرى » ) (٧٤)

______________________

(٧٣) ـ الشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي : أسرار الصلاة / ١٠٨ ـ ١١٠ ( مقتبس )

(٧٤) ـ شبر ، السيد عبد الله بن السيد محمد رضا : الأخلاق / ٥١

٥٤

٥٥

٥٦

٥٧
٥٨

الدليل الأول ـ الإحتياط طريق النجاة :

س / ما هو الإحتياط الذي تزعمه الشيعة الإمامية ؟

ج / هو الإحتراز والتحفظ من وقوع النفس في المأثم وبيان ذلك :

إنّ الغاية من إتخاذ تربة الحسينعليه‌السلام مسجداً في كل صلاة ، تعتمد على أصلين كالتالي :

الأول ـ إتخاذ تربة طاهرة للسجود :

إنّ المتفق عليه بين المسلمين تفضيل السجود على الأرض دون غيرها ، كما إشترطوا في مكان السجود الطهارة ، ونهوا عن الصلاة في مواطن منها : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الإبل كما ورد الأمر بتطهير المسجاد ، كل ذلك إهتماماً بأمر الصلاة

ولذا ينبغي للمسلم أنْ يحتاط ويهتم بشأن الصلاة ، ويتخذ له تربة طاهرة يطمئن بها للسجود عليها في صلاته ، حذراً من السجود على النجاسة والقذارة التي لا يُتقرب بها إلى الله ، والمسلم لا يحصل له كل ذلك في حِلِّهِ وترحاله ؛ إذ الثقة بطهارة كل أرض لا تحصل له ، حيث يحل فيها المسلم وغيره من فئات الناس الذين لا يكترثون لأمر الطهارة والنجاسة في الدين ، فالشيعة يصطحبون معهم ألواح الطين والتراب ، ويتخذونها مساجد للسجود عليها ، إهتماماً بشأن الصلاة ومحافظة على آدابها ، وبهذا الإحتياط عمل رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الأولى ؛ فمن الذين ساروا على هذا النهج ، التابعي الفقيه

٥٩

مسروق بن الأجدع(٧٥) ، كما أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة بالطريقين التاليين :

١ ـ عن ابن سيرين قال : « نُبئْتُ أنّ مسروقاً كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنةً يسجد عليها »

٢ ـ يزيد بن هارون قال : « أخبرنا ابن عون ، عن محمد : أنّ مسروقاً كان إذا سافر حمل معه في السفينة لُبْنَةً يسجد عليها »(٧٦)

الثاني ـ قاعدة الإعتبار والتفاضل :

قاعدة الإعتبار المُطّرَدْ تقتضي التفاضل بين الأشياء ، وتستدعي إختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها ، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه مُطّرَد بين الأمم طُراً ، بل نَصّ القرآن الكريم على ذلك في كثير من الآيات ، منها قوله تعالى :( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) [ البقرة / ٢٥٣ ] وقوله تعالى :( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ
) [ النساء / ٣٤ ]

إذن ، هذا الإعتبار وقانون الإضافة لا يختص بالشرع فحسب ، ولا يختص بمفاضلة الأراضي ، وإنما هو أصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة ، من الأنبياء والرسل وما شابه ذلك ، بل في كل ما يتصور فيه فضل على غيره بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود وبه قوام كل شئ ، واليه

______________________

(٧٥) ـ هو عبدالرحمن بن مالك الهمداني ( أبو عائشة ) ، المتوفى عام ٦٢ هـ ، تابعي من رجال الصحاح الست ، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وكان فقيهاً ، ومن أصحاب ابن مسعود الذين كانوا يعلمون الناس السنة راجع طبقات ابن سعد ١ / ٥٠ ، وتهذيب التهذيب ١٠ / ٢٧٠

(٧٦) ـ ابن أبي شيبة ، الحافظ عبدالله بن محمد : المصنف ج ٢ / ٢٧٠

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256