مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)15%

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه) مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 256

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)
  • البداية
  • السابق
  • 256 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72592 / تحميل: 9005
الحجم الحجم الحجم
مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مختصر كفاية المهتدي لمعرفة المهدي (عجّل الله فرجه)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحديث الثاني عشر:

المهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (أمطر الله عليه شآبيب الغفران): حدّثنا الحسن بن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

(لمّا خلق الله الدنيا، ا طلع على الأرض ا طلاعة، فاختارني منها فجعلني نبياً. ثم اطلع ثانية، فاختار منها علياً فجعله إماماً. ثمّ أمرني أن أتخذه أخاً ووصياً وخليفة ووزيراً. فعليٌ مني وأنا من عليّ، وهو زوج ابنتي، أبو سبطيّ: الحسن والحسين.

ألا إنَّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيَّاهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أُمتي، أشبه الناس في في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة. فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله، ويُؤيَّد بنصر الله، وينصر بملائكة الله، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

(وقد علّق المؤلف على قول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) الذي جاء في الحديث: (وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي) (١) .

____________________

(١) هذه الزيادة منّا.

٨١

يقول جامع هذه الأربعين: إنّ هذا هو المعنى الذي أقل ما ذكر في كتاب (رياض المؤمنين)، أن كل ما كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يقوم به فهو ما يقوم به الإمام (عليه السلام) أيضاً، والفرق بينهما أنَّه لا واسطة من البشر بين النبي (صلّى الله عليه وآله) وبين الله تعالى، بينما توجد واسطة من البشر - وهو النبي (صلّى الله عليه وآله) - بين الإمام (عليه السلام) والله تعالى.

وهذا المعنى ظاهر وواضح في كثير من الأحاديث: أنَّ أمر النبي (صلّى الله عليه وآله) يتعلَّق من بعده بالأئمّة الهداة (صلوات الله عليهم أجمعين).

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٨٢

الحديث الثالث عشر:

الأوصياء اثنا عشر، والمهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا عليّ بن الحكم (رضي الله عنه)، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه)، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال:

(معاشر الناس ، إنّي راحل عن قريب ومنطلق إلى الغيب، أوصيكم في عترتي خيراً، إيّاكم والبدع، فإنَّ كل بدعة ضلالة، ولا محالة أهلها في النار.

معاشر الناس، من فقد الشمس فليستمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليستمسك بالفرقدين، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة بعدي.

أقول لكم فاعلموا أنّ قولي قول الله، فلا تخالفوه فيما آمركم به، والله يعلم أنّي بلغت إليكم ما أمرني به، فأشهد الله عليّ وعليكم) .

قال: فلمّا نزل عن المنبر تبعته حتى دخل بيت عائشة، فدخلت عليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، سمعتك تقول: (إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا فقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم) ، فقد ظننت أن يكون في هذه الإبانة إشارة؟

قال: (قد أصبت يا سلمان) .

فقلت: بيّن لي يا رسول الله: مَ الشمس والقمر، و مَ الفرقدان، و مَ النجوم الزاهرة؟

فقال: (أنا الشمس، وعليّ القمر. فإذا فقدتموني فتمسكوا به بعدي.

وأمَّا

٨٣

الفرقدان، فالحسن والحسين، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأمَّا النجوم الزاهرة، فهم الأئمّة التسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديّهم) .

ثم قال (صلّى الله عليه وآله): (إنّهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي. أئمّة أبرار، عدد أسباط يعقوب وحواريي عيسى).

فقلت: فسمّهم لي يا رسول الله.

قال: (أوّلهم وسيّدهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي: الحسن والحسين، وبعدهما عليّ بن الحسين زين العابدين، وبعده محمّد بن عليّ باقر علم النبيين، وبعده الصادق جعفر بن محمّد، وبعده الكاظم موسى بن جعفر، وبعده الرضا عليّ بن موسى الذي يقتل بأرض الغربة، ثمّ ابنه محمّد، ثم ابنه عليّ، ثمّ ابنه الحسن، ثمّ ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره. فإنّهم عترتي من لحمي ودمي، علمهم علمي، وحكمهم حكمي، مَن آذاني فيهم فلا أناله الله شفاعتي) .

والسلام على مَن أتبع الهدى.

* * *

٨٤

الحديث الرابع عشر:

النبي (صلّى الله عليه وآله) يبشر الزهراء (عليها السلام) بالمهدي (عليه السلام)

قال ابن شاذان (عليه رحمة الله الملك المنان): حدّثنا عثمان بن عيسى (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبو حمزة الثمالي، قال: حدّثنا أسلم، قال: حدّثنا أبو الطفيل، قال: حدّثنا عمار بن ياسر، قال: لمَّا حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة، دعا بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فسارّه طويلاً، ثمّ رفع صوته وقال: (يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله تعالى علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وغصب على حقك).

فبكت فاطمة (عليها السلام)، وبكى الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة: (يا سيّدة النّساء، ممّ بكاؤك؟) ، قالت: (يا أبتِ، أخشى الضيعة بعدك) .

قال: (أبشري يا فاطمة، فإنَّك أوّل مَن يلحقني من أهل بيتي، لا تبكي ولا تحزني؛ فإنّك سيدة نساء أهل الجنة، أباك سيد الأنبياء، وابن عمك سيد الأوصياء، وابنيك سيدا شباب أهل الجنّة، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمّة التسعة المطهرين المعصومين، ومنا مهدي هذه الأُمّة) .

الحمد لله الذي جعل سادتي وقادتي هؤلاء الأصفياء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٨٥

الحديث الخامس عشر:

للنبي (صلّى الله عليه وآله) اثنا عشر خليفة

قال ابن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضال (رضي الله عنه)، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الملك بن إسماعيل الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: قيل لعمار بن ياسر: ما حملك على حبّ عليّ بن أبي طالب؟ قال: قد حملني الله ورسوله، وقد أنزل الله تعالى فيه آيات جليلة، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيه أحاديث كثيرة.

فقيل له:هلاّ تحّدّثنا بشيء عمّا قال فيه رسول الله؟

قال: ولم لا أحدّث، ولقد كنت بريئاً من الذين يكتمون الحق ويظهرون الباطل، ثم قال:

كنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيت عليّاً (عليه السلام) في بعض الغزوات قد قتل عدة من أصحاب ألوية قريش، فقلت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا رسول الله، إن علياً قد جاهد في الله حقّ جهاده.

فقال: (وما يمنعه عنه؟ إنّه منّي وأنا منه، إنّه وارثي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وخليفتي من بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض في حياتي وبعد وفاتي. حربه حربي، وحربي حرب الله. وسلمه سلمي، وسلمي سلم الله. ويخرج الله من صلبه الأئمّة الراشدين. فاعلم يا عمار، أنَّ الله تبارك وتعالى عهد إلى أن يعطيني اثنى عشر خليفة، منهم عليّ، وهو أوّلهم وسيدهم) .

فقلت: ومن الآخرون يا رسول الله؟

٨٦

قال:

(الثاني منهم: الحسن بن عليّ بن أبي طالب، والثالث منهم: الحسين بن عليّ بن أبي طالب، والرابع منهم: عليّ بن الحسين زين العابدين، والخامس منهم: محمّد بن عليّ، ثمّ ابنه جعفر، ثمّ ابنه موسى، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه محمّد، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه الحسن، ثمّ ابنه الذي يغيب عن الناس غيبةً طويلة، وذلك قول الله تبارك وتعالى: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) (١) ، ثمّ يخرج ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

يا عمار! سيكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنَّه مع الحقّ والحقّ معه، وإنَّك ستقاتل الناكثين والقاسطين معه، ثمّ تقتلك الفئة الباغية، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه) .

قال سعيد بن جبير: فكان كما أخبره رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

  صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم وصلَّى الله عليه وآله النجباء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) الملك: ٣٠.

٨٧

الحديث السادس عشر:

حديث إنِّي تارك فيكم الثقلين

قال أبو محمّد بن شاذان (أسكنه الله في أعلى درجات الجنان): حدّثنا محمّد بن عمير (رضي الله عنه)، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ (عليه السلام)، قال: (سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إنِّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) من العترة؟

فقال: أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم، لا يفارقون كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله حوضه) .

روى ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين) حديث (إني تارك فيكم الثقلين) بأسانيد كثيرة (١) ، وقد ضبط هذا الحديث الصحيح. وإنَّه من الأحاديث المتواترة في كتب أخرى (٢) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) راجع: كمال الدين: الباب ٢٢، وفيه أحاديث كثيرة منها: الحديث ٤٤ و٤٥ و٤٦ و٤٨ و٤٩ و٥٠ و٥١ و٥٢ و٥٣ و٥٤ و٥٥ و٥٦ و٥٧ و٥٨ و٥٩ و٦٠ و٦١ و٦٢ و٦٤.

وذكر الصدوق في: كمال الدين: ٢٤١ (معنى العترة والآل والأهل والذرية والسلالة).

وذكر الحديث أيضاً في: ٢٤٤.

(٢) ومن أهمِّها ما كتبه الإمام السيد حامد اللكهنوي في مجلدات (حديث الثقلين) في كتابه الشريف (عبقات الأنوار).

٨٨

الحديث السابع عشر:

الخضر (عليه السلام) يشهد أنَّهم (عليهم السلام) القائمون

قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رحمهما الله)، قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمّد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعاً، قالوا: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدّثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني محمّد بن عليّ (عليهما السلام)، قال:

(أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ، وسلمان الفارسي (رضي الله عنه)، وأمير المؤمنين (عليه السلام) متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام، فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فردّ عليه السلام، فجلس، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أجبتني بهنّ علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم، أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عمّا بدا لك، فقال: أخبرني عن الرّجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرّجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرّجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟

[ قال: ] (١) فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) [ إلى أبي محمّد الحسن ] (٢) فقال: يا أبا محمّد، أجبه.

____________________

(١) سقطت من المصدر المطبوع.

(٢) سقطت من النسخة.

٨٩

فقال: أمّا ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإنّ روحه متعلّقة بالريح، والرّيح متعلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله (عزّ وجلّ) بردّ تلك الرّوح إلى صاحبها، جذبت الرّوح الرّيح، وجذبت تلك الرّيح الهواء، فرجعت الرّوح إلى صاحبها، فأسكنت في بدنه؛ (١) . وإن لم يأذن الله [ عزّ وجلّ ] (٢) بردّ تلك الرّوح إلى صاحبها جذب الهواء الرّيح، وجذبت الرّيح الرّوح، فلم تردّ إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأمّا ما ذكرت من أمر الذّكر والنسيان: فإنّ قلب الرّجل في حقٍّ، وعلى الحقّ طبق، فإن صلّى الرّجل عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة، انكشف ذلك الطّبق عن ذلك الحقّ فأضاء القلب [ ممَّا يلي القلب خ. ل]، وذكر الرّجل ما كان نسيه. وإن هو لم يصلّ على محمّد وآل محمّد، أو نقص من الصّلاة عليهم، انطبق ذلك الطّبق على ذلك الحقّ فأظلم القلب، ونسي الرّجل ما كان ذكر.

وأمّا ما ذكرت من أمر المولود الّذي يشبه أعمامه وأخواله، فإنّ الرّجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن، وعروق هادئة، وبدن مضطرب، فأسكنت تلك النطفة في جوف الرّحم، خرج الولد يشبه أباه وأُمه. وإن هو أتاها بقلب غير ساكن، وعروق غير هادئة، وبدن مضطرب، اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق. فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه؛ وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الرّجل أخواله) .

فقال الرّجل: أشهد أنّ لا إله إلاّ الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، ولم أزل أشهد بها؛ وأشهد أنّك وصيّه، والقائم بحجّته [ بعده ] - وأشار [ بيده ] إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) - ولم أزل أشهد بها.

وأشهد أنّك وصيّه، والقائم بحجّته، وأشار [بيده] إلى الحسن (عليه السلام).

____________________

(١) في المصدر المطبوع بدل (بدنه) (بدن صاحبها).

(٢) سقطت من النسخة.

٩٠

وأشهد أنّ الحسين بن عليّ وصيّ أبيك، والقائم بحجّته بعدك.

وأشهد على عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده.

وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن الحسين.

وأشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ.

وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد.

وأشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر.

وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى.

وأشهد على عليّ بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ.

وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمّد.

وأشهد على رجل من ولد الحسن بن عليّ لا يكنّى، ولا يسمّى حتّى يظهر أمره، فيملأ الأرض [ قسطاً خ.ل] وعدلاً، كما ملئت جوراً.

والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثمّ قام، فمضى.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا محمّد اتبعه، فانظر أين يقصد.

فخرج الحسن (عليه السلام) في أثره. قال: فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض الله (عزّ وجلّ). فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأعلمته، فقال: يا أبا محمّد أتعرفه؟

فقلت: الله، ورسوله، وأمير المؤمنين أعلم.

فقال: هو الخضر (عليه السلام) (١) .

وقد روى هذا الحديث الشريف عماد الدين محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) (٢) ، وفي عدّة كتب أخرى من مؤلفاته (٣) . وثبَّـته ثقة

____________________

(١) كمال الدين / الصدوق: ٣١٤ و٣١٥ / الباب ٢٩ / ح١.

(٢) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الصدوق: ١/ ٦٥ - ٦٨/ الباب ٦ / ح٣٥.

(٣) علل الشرائع / الصدوق: ٩٦ / ح٦.

٩١

الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني (رضي الله عنه) في كتاب (الكافي) (١) ، والشيخ الطبرسي (طيَّب الله رمسه) في كتاب (الاحتجاج) (٢) ، كما سجّل عدّة آخرين من أكابر علماء الإمامية هذا الخبر المعتبر بأسانيد صحيحة في مؤلَّفاتهم، كما هو ظاهر للمتتبِّع الماهر (٣) .

وقد نثر شيخنا الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي (غفر الله له) عند شرحه هذا الحديث جواهر عجيبة.

وعدّ سيدنا الأمير محمّد باقر الداماد (روّح الله روحه) في كتاب (شرعة التسمية) هذا الحديث من مؤيدات النهي عن التسمية وتكنية الإمام الحجة (عليه السلام) في زمان الغيبة، وقد أفاد عدة كلمات عاليات في شرح هذا الحديث، إلاّ أنه لم يبيِّن علاقة الأعمام والأخوال (٤) .

أمَّا من النكات الموجودة في هذا الحديث، وقد تركت مغطاة لم يكشف عنها، فقد ذكر هذا الفقير (الذي هو من أقل قطاف عناقيد محصول هذين النحريرين عديمي النظير) في تعريف الروح كلمة وجيزة في رسالة (إدراء العاقلين وإخزاء المجانين)، وقد توسَّع في تعريف الروح في كتاب (رياض المؤمنين وحدائق المتَّقين).

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) راجع: الكافي / الكليني: ١ / ٥٢٥ / ح١.

(٢) راجع: الاحتجاج / الطبرسي: ١ / ٣٩٥.

(٣) راجع: الغيبة / الطوسي: ١٥٤ و١٥٥ / تحت فقرة ١١٤؛ وفي المحاسن / البرقي: ٢ / ٣٣٢ / ح٩٩؛ وفي الغيبة / النعماني: ٥٨ / ح ٢؛ وفي الإمامة والتبصرة / الحسين بن بابويه (والد الصدوق): ١٠٦ / ح٩٣ / طبعة مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)؛ وفي دلائل الإمامة / الطبري: ٦٨؛ وفي إثبات الهداة / الحر العاملي: ٢ / ٢٨٣ / ح ٧٢؛ وفي إثبات الوصية للمسعودي: ١٣٦ / الطبعة الأولى؛ وفي تفسير القمي / عليّ بن إبراهيم: ٢ / ٤٤ باختلاف؛ وغيرها.

(٤) راجع: شرعة التسمية / السيد محمّد باقر الداماد: ٢٥ - ٤٤ / الطبعة الأُولى / ١٤٠٩ هـ / مؤسسة المهدية مير داماد / أصفهان.

٩٢

الحديث الثامن عشر:

الأئمّة (عليهم السلام) اثنا عشر، عدد أسباط يعقوب

قال ابن شاذان (عامله الله بالفضل والإحسان): حدّثنا عبدالله بن جبلة، عن عبدالله بن المستنير، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عبد الله بن العباس، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والحسن على عاتقه، والحسين على فخذه، يلثمهما ويقبلهما ويقول: (اللَّهُم والِ مَن والاهما، وعاد مَن عادهما) . ثم قال: (يا ابن عباس، كأنّي أنظر إلى شيبة ابني الحسين، تخضب من دمه، يدعو فلا يجاب، فيستنصر فلا ينصر).

قلت: ومَن يعمل ذلك؟

قال: (أشرار أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي).

ثم قال: (يا ابن عباس، مَن زاره عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة. ألا ومَن زاره فقد زارني، ومَن زارني فكأنَّما قد زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذِّبه بالنار. ألا وإن الإجابة تحت قبته، والشفاء في تربته، والأئمّة من ولده) .

قال: قلت يا رسول الله فكم الأئمّة بعدك؟

قال: (بعدد أسباط يعقوب، ونقباء بني إسرائيل، وحوارييّ عيسى) .

قال: قلت يا رسول الله فكم كانوا؟

قال: (كانوا اثني عشر والأئمّة [بعدي] اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي: الحسن والحسين. فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد،

٩٣

فإذا انقضى محمّد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجة).

قال: قلت: يا رسول الله، أساميّ لم أسمع بهنّ قط؟

قال: (هم الأئمّة بعدي وإن قُهروا. معصومون، نجباء، أخيار.

يا بن عبّاس! مَن أتى يوم القيامة عارفاً بحقِّهم، أخذت بيده فأدخلته الجنة.

يا بن عباس! مَن أنكرهم؛ أو ردّ واحداً منهم، فكأنما قد أنكرني وردّني؛ ومَن أنكرني وردّني فكأنَّما قد أنكر الله وردّه.

يا بن عباس! سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه؛ فإنَّه مع الحق والحق معه، فلا يتفرقان حتى يردا عليّ الحوض.

يا بن عباس! ولايتهم ولايتي، وولايتي الله، وحربهم حربي، وحربي حرب الله، وسلمهم سلمي، وسلمي سلم الله.

ثمّ تلا (صلّى الله عليه وآله): ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلّا أَن يُتِمّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

اللَّهُم احشرنا مع أحبَّائهم بحرمة حبيبك المصطفى وآله الأئمّة النجباء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) التوبة: ٣٢.

٩٤

الحديث التاسع عشر:

الحسين (عليه السلام) يخبر أصحابه ليلة عاشوراء عن الأئمّة (عليهم السلام)

قال ابن شاذان (نوّر الله مرقده): حدّثنا الحسن بن محبوب (رضي الله عنه)، عن مالك بن عطية، عن أبي صفية ثابت بن دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:

(قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لأصحابه قبل أن يُقتل بليلة واحدة: إنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لي: يا بني، إنَّك ستساق إلى العراق، وتنزل في أرض يقال لها عمورا وكربلاء، وإنَّك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة.

وقد قرب ما عهد إليّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإنّي راحل إليه غداً، فمَن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف في هذه الليلة، فإنّي قد أذنت له وهو منّي في حل.

وأكد فيما قاله تأكيداً بليغاً، فلم يرضوا، وقالوا: والله، ما نفارقك أبداً حتى نرد موردك. فلمَّا رأى ذلك قال: فابشروا بالجنة، فو الله إنَّما نمكث ما شاء الله تعالى بعد ما يجري علينا، ثم يخرجنا الله وإياكم حين يظهر قائمنا، فينتقم من الظالمين، وأنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب والنكال.

فقيل له: مَن قائمكم يا ابن رسول الله؟

قال: السابع من ولد ابني محمّد بن عليّ الباقر، وهو الحجّة بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ ابني، وهو الذي يغيب مدّة طويلة، ثمّ يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٩٥

الحديث العشرون:

الإمام السجاد (عليه السلام) يخبر الكابلي عن الأئمّة وغيبة المهدي (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (طيّب الله مضجعه): حدّثنا صفوان بن يحيى (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على سيدي عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني بالذين فرض الله تعالى طاعتهم، ومودَّتهم، وأوجب على عباده الإقتداء بهم بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فقال: (يا كابلي، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله (عزّ وجل) أئمّة الناس، وأوجب عليهم طاعتهم: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن عمّي، ثمّ الحسين أبي، ثمّ انتهى الأمر إلينا) وسكت.

فقلت له: يا سيدي! روي لنا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله (عزَّ وجلَّ) على عباده) ، فمَن الحجّة والإمام بعدك؟

فقال: (ابني محمّد، واسمه في الصحف الأولى باقر؛ يبقر العلم بقراً، هو الحجّة بعدي، ومن بعد محمّد ابنه جعفر. واسمه عند أهل السماء الصادق) .

قلت: يا سيدي؛ وكيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟

قال: (حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) فسمّوه: الصادق، فإنَّ الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً

٩٦

عليه، فهو عند الله جعفر الكذَّاب المفتري على الله (جلَّ جلاله)، والمدَّعي ما ليس له بأهل، المخالف لأبيه، والحاسد لأخيه، وذلك الذي يروم كشف سر الله (عزّوجلّ) عند غيبة ولي الله.

ثم بكى عليّ بن الحسين بكاءً شديداً، ثم قال:

(كأني بجعفر الكذَّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله، والمغيب في حفظ الله، والتوكيل بحرم الله؛ جهلاً منه برتبته، وحرصاً على قتله إن ظفر به، وطمعاً في ميراث أخيه، حتى يأخذه بغير حقّ) .

فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله، وأنّ ذلك لكائن؟!

فقال: (إي وربي، إنّ ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فقال أبو خالد: فقلت: يا ابن رسول الله، ثمّ يكون ماذا؟

قال: (ثمّ تمتد الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة بعده.

يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان؛ فإنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة [عندهم] بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالسيف. أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله (عزّ وجلّ) سراً وجهراً) .

وقال (عليه السلام): (انتظار الفرج من أفضل الفرج) .

نرجو الحق تعالى أن يكرّم جميع الشيعة الأجر العظيم في هذا الانتظار.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

٩٧

الحديث الحادي والعشرون:

ثواب من ثبت على ولاية القائم (عليه السلام) في الغيبة

قال الشيخ عماد الدين أبو جعفر بن بابويه (رحمه الله) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني [(رضي الله عنه)] (١) ، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بسطام بن مرّة، عن عمرو بن ثابت قال: قال عليّ بن الحسين سيد العابدين [(عليهما السلام)] (٢) : (مَن ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا، أعطاه الله (عزّ وجلّ) أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأحد) (٣) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

الحديث الثاني والعشرون:

ثواب مَن ثبت على ولاية القائم (عليه السلام) في الغيبة

قال الشيخ المذكور (عليه رحمة الله الملك الغفور) في الكتاب المزبور: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد [(رضي الله عنه)] (٤) ، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن أبيه، عن المغيرة، عن

____________________

(١) ثبتت في المصدر المطبوع.

(٢) ثبتت في المصدر المطبوع.

(٣) كمال الدين / الصدوق: ٣٢٣ / باب ٣١ / ح٧.

(٤) سقطت من النسخة.

٩٨

المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنّه قال: (يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فطوبى (١) للثابتين على أمرنا في ذلك الزّمان: إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم البارئ (جلَّ جلاله)، فيقول: عبادي وإمائي! آمنتم بسرّي، وصدّقتهم بغيبي، فابشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّاً. منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث، وأدفع عنهم البلاء. ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي) .

قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله! فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟

قال: (حفظ اللّسان، ولزوم البيت) (٢) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(١) في المصدر المطبوع بدل (فطوبى): (فيا طوبى).

(٢) كمال الدين / الصدوق: ٣٣٠ / باب ٣٢ / ح١٥.

٩٩

الحديث الثالث والعشرون:

الأئمّة (عليهم السلام) اثنا عشر

قال أبو محمّد ابن شاذان (أسكنه الله في أعلى درجات الجنان): حدّثنا عليّ بن الحكم (رضي الله عنه)، عن سيف بن عميرة، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن الصادق (عليه السلام)، قال: (الأئمّة اثنا عشر) .

قلت: يا ابن رسول الله، فسمّهم لي فداك أبي وأُمي.

قال: (من الماضين عليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، ثمّ أنا).

قلت: مَن بعدك يا ابن رسول الله؟

فقال: (إنّي أوصيت إلى ولدي موسى، وهو الإمام [من] بعدي) .

قلت: فمَن بعد موسى؟

قال: (عليّ ابنه يدعى الرّضا، يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثم من بعد عليّ ابنه محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ الحسن ابنه، وبعد الحسن المهدي ابنه. وإنّه إذا خرج يجتمع عليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً عدد رجال بدر. وإذا كان وقت خروجه، يكون له سيف مغمود خرج من غمده، فناداه: قم يا وليّ الله، اقتل أعداء الله) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

١٠٠

الحديث الرابع والعشرون:

القائم هو الخامس من ولد الكاظم (عليه السلام)

قال ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر بن الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمان، قال: دخلتُ على موسى بن جعفر (عليهم السلام)، فقلت له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحق؟

فقال: (أنا القائم بالحق، لكن القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء الله (عزّ وجلّ) ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وهو الخامس من ولدي؛ له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها قوم، ويثبت فيها آخرون) .

ثمّ قال (عليه السلام): (طوبى لشيعتنا، المتمسِّكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا؛ أولئك منّا، ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة، ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم، ثمّ طوبى لهم، والله إنّهم معنا في درجتنا يوم القيامة) (1) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) كمال الدين / الصدوق: 361 / باب 34 / ح5.

١٠١

الحديث الخامس والعشرون:

القائم هو الرابع من ولد الرضا (عليه السلام)

قال ابن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب (كمال الدين): حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قال عليّ بن موسى الرّضا (عليه السلام): (لا دين لمَن لا ورع له، ولا إيمان لمَن لا تقية له؛ وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية) .

فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟

قال: (إلى يوم الوقت المعلوم. وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمَن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا) .

فقيل له: يا ابن رسول الله، ومَن القائم منكم أهل البيت؟

قال: (الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر الله (عزّ وجلّ) به الأرض من كل جور، ويقدّسها من كلّ ظلم. وهو الذي يشكُّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه. فإذا خرج، أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحدٌ أحداً. وهو الّذي تطوى له الأرض، ولا يكون له ظل. وهو الذي ينادي منادٍ من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدّعاء إليه، يقول: ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه وفيه، وهو قول الله (عزّ وجلّ): ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) (1) ) (2) .

اللَّهُم أرزقنا لقاء حجّتك خاتم الأوصياء.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

____________________

(1) الشعراء: 4.

(2) كمال الدين / الصدوق: 371 / باب 35 / ح5.

١٠٢

الحديث السادس والعشرون:

الإمام الجواد يحدِّث عبد العظيم الحسني عن القائم (عليه السلام)

قال الشيخ الصدوق عماد الدين أبو جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه): حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهيل بن زياد الآدميّ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ، قال: قلت لمحمّد بن عليّ بن موسى (عليه السلام): إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد (صلّى الله عليه وآله) الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.

فقال (عليه السلام): (يا أبا القاسم، ما منّا إلاَّ وهو قائم بأمر الله (عزّ وجلّ) وهادٍ إلى دين الله تعالى، ولكنّ القائم بأمر الله الذي يطهّر الله تبارك وتعالى به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملؤها عدلاً وقسطاً، هو الذي تخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته. وهو سمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكنيّه. وهو الذي تطوى له الأرض، ويذلّ له كلّ صعب. يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر: ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله (عزّ وجلّ): ( أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (1) .

فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره. فإذا

____________________

(1) البقرة: 148.

١٠٣

كمل له العقد، وهو عشرة آلاف رجل، خرج بإذن الله (عزّ وجلّ)، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله (عزّ وجلّ)) .

قال عبد العظيم: فقلت: يا سيدي، وكيف يَعلم أنَّ الله (عزّ وجل) قد رضي؟

قال: (يلقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللاّت والعزّى فأحرقهما) (1) .

والمقصود من اللاّت والعزّى: أبا بكر وعمر عليهما...

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) كمال الدين / الصدوق: 377 و378 / باب 36 / ح2.

١٠٤

الحديث السابع والعشرون:

عبد العظيم الحسني يعرض دينه على الإمام الهادي (عليه السلام)

ما رواه أيضاً أبو محمّد بن شاذان، عن سهل بن زياد الآدميّ، عن عبد العظيم المشار إليه (سلام الله عليه)، قال: دخلت على سيدي عليّ بن محمّد (عليه السلام). فلمّا بصرني، قال لي: (مرحباً بك - يا أبا القاسم - أنت وليّنا حقاً) .

فقلت له: يا ابن رسول الله، إنِّي أُريد أن أعرض عليك ديني؛ فإن كان مرضياً، ثبتّ عليه حتى ألقى الله (عزّ وجلّ).

فقال: (هات يا أبا القاسم!) .

فقلت: إنّي أقول: إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء، خارج عن الحدّين: حدّ الإبطال، وحدّ التشبيه. وإنّه ليس بجسم، ولا صورة، ولا عرض، ولا جوهر؛ بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، وخالق الأعراض والجواهر، وربّ كلّ شيء، ومالكه، وجاعله، ومحْدِثه.

وأنّ محمّداً عبده ورسوله خاتم النبيين. فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، [وأنَّ شريعته خاتمة الشرائع، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة].

وأقول: إنَّ الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ بعده ولداه الحسن والحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ أنت يا مولاي.

فقال (عليه السلام): (ومِن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟)

١٠٥

قال: فقلت: وكيف ذلك يا مولاي؟

قال: (لأنّه لا يُرى شخصه، ولا يحلّ ذكره باسمه، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) .

قال: فقلت: أقررت أنّ وليّهم وليّ الله، وعدوّهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله.

وأقول: إنّ المعراج حق، والمساءلة في القبر حق، وإنّ الجنّة حقّ، وإنّ النار حقّ، والصراط حقّ، وإنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وإنّ الله يبعث مَن في القبور.

وأقول: إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فقال عليّ بن محمّد (عليهما السلام): (يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (1) .

لهذا الحديث شرح مفصَّل، إذا أُخِّر بالأجل وأعانني الله تعالى، فسوف أكتب كتاباً مفصَّلاً في شرح هذا الحديث إنْ شاء الله تعالى.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) أقول: ورواه الشيخ الصدوق في كمال الدين: 379 و380 / باب 37 / ح1، بالإسناد التالي: حدّثنا عليّ بن محمّد بن موسى الدقاق وعليّ بن عبد الله الورّاق (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدّثنا أبو تراب عبد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني... الحديث.

١٠٦

الحديث الثامن والعشرون:

المهدي (عليه السلام) ولد ابنة قيصر ملك الروم

قال أبو محمّد ابن شاذان (عليه الرحمة والغفران): حدّثنا محمّد بن زيد الجبار (رضي الله عنه)، قال: قلت لسيدي الحسن بن عليّ (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، جعلني الله فداك، أحب أن أعلم مَن الإمام وحجة الله على عباده من بعدك؟

قال (عليه السلام): (إنّ الإمام والحجّة بعدي ابني سميّ رسول الله وكنيّه (صلّى الله عليه وآله)، الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه) .

فقلت: ممّن [يتولد] هو يا ابن رسول الله؟

قال: (من ابنة ابن قيصر ملك الروم. ألا إنَّه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثمّ يظهر، ويقتل الدجال، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. فلا يحل لأحد أن يسمّيه أو يكنيّه باسمه وكنيته قبل خروجه (صلوات الله عليه)).

يقول المترجم: (1) إنّي أتعجَّب من كلام صاحب كتاب (كشف الغمة) للشيخ الفاضل العادل عليّ بن عيسى الإربلي (عليه الرحمة)، حيث يقول: من العجيب أنّ الشيخ الطبرسي والشيخ المفيد (رحمهما الله)، قالا: أنّه لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته، ثمّ يقولان: اسمه اسم النبي، وكنيته كنيته (عليهما الصلاة والسلام)، وهما يظنَّان أنهما لم يذكرا اسمه، ولا كنيته، وهذا عجيب، انتهى (2) .

____________________

(1) هذا الكلام لمؤلف أصل الكتاب (رحمه الله) وليس لي أنا الأحقر مترجم هذا الكتاب ومختصره.

(2) كشف الغمة / الشيخ الإربلي: 2 / 519 و520.

١٠٧

ومن العجيب جداً أنَّ هذا الرجل العالم مع كمال وسع معرفته، فإنَّه قد غفل أنّ الإشارة إلى الاسم والكنية شيء، والتلفُّظ والكنية شيء آخر.

والحال أنَّ عدّة من الأحاديث من تلك الأحاديث المشتملة على النهي عن التسمية والتكنية، مثل الحديث السادس والعشرين من أحاديث هذه الأربعين، قد ذُكر فيها أن خاتم الأوصياء يشترك مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالاسم والكنية مثل الحديث المذكور.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

وليعلم أنّه وبسبب طولانية حديث والدة صاحب الأمر (عليه السلام) الماجدة؛ فإنَّنا نقتصر في هذا المقام على ترجمته رعايةً للاختصار (1) :

روى الفضل بن شاذان (2) وابن بابويه (3) والشيخ الطوسي (4) والشيخ الطبرسي (5) والشيخ الطرابلسي (6) ، وغيرهم كثيراً جداً من علماء الإمامية (رضي الله عنهم جميعاً) في كتبهم بعباراتٍ مختلفة ومعاني متّفقة.

أمَّا الشيخ الطوسي (عليه الرحمة)، فقد نقل على النحو التالي بسنده عن

____________________

(1) ونحن ننقل الرواية عن أصلها العربي.

(2) من الأسف الشديد أنَّنا فقدنا كتاب الشيخ الفضل بن شاذان، ولعلّه موجود في زوايا الإهمال من المكتبات الخاصّة، أو أنه موجود في المكتبات الأوروبية التي سرقت كتبنا ولم تسمح للناس بالتعرف عليها، وعلى يقين أنَّه سوف يأتي الزمان الذي تنكشف به تلك الموانع والحجب عن تلكم الأسفار النفسية.

ومن المهم أنَّ السيد المير لوحي ينقل قصة السيدة نرجس (عليها السلام) مباشرة عن كتاب الفضل، وربَّما لو حصلنا على هذا الكتاب لانحل به لغز الإشكال الذي يقول به البعض في سنده.

(3) كمال الدين / الصدوق: 417 - 423 / الباب 41 / ح1.

(4) الغيبة / الطوسي: 208 - 214 / تحت الفقرة 178.

(5) دلائل الإمامة / الطبرسي: 262 / الطبعة الأولى / النجف.

(6) نأسف شديداً فهو كان موجوداً عند المؤلِّف، ولكنّه اليوم يعدّ من الكتب المفقودة.

١٠٨

بشر بن سليمان النخاس، وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن، وأبي محمّد (عليهما السلام) وجارهما بسرّ من رأى:

أتاني كافور الخادم، فقال: مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكري (عليهما السلام) يدعوك إليه؛ فأتيته. فلمّا جلست بين يديه، قال لي:

(يا بشر، إنّك من ولد الأنصار، وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مزكّيك ومشرّفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسر أُطلِعُك عليه، وأُنْفذك في ابتياع أمة) .

فكتب كتاباً لطيفاً بخطٍّ روميّ، ولغة روميّة، وطبع عليه خاتمه، وأخرج شقيقة صفراء فيها مئتين وعشرون ديناراً، فقال: خذها، وتوجّه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا، وترى الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قوَّاد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب. فإذا رأيت ذلك، فاشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك، إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرين صفيقين تمتنع من العرض، ولمس المعترض، والانقياد لمَن يحاول لمسها، وتسمع صرخة روميّة من وراء ستر رقيق، فاعلم أنَّها تقول: واهتك ستراه.

فيقول بعض المبتاعين: عليّ ثلاثمئة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة.

فتقول له بالعربية: لو برزت في زيّ سليمان بن داود، وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشق على مالك.

فيقول النخّاس: فما الحيلة ولا بدّ من بيعك.

فتقول الجارية: وما العجلة ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه، وإلى وفائه، وأمانته.

فعند ذلك قُم إلى عمر بن يزيد النخّاس، وقل له: إنّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية، وخط رومي ووصف فيه كرمه، ووفاءه،

١٠٩

ونبله، وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه. فإن مالت إليه ورضيته، فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية. فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب. وحلفت بالمحرّجة والمغلّظة إنَّه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.

فما زلت أشاحه في ثمنها حتىّ استقّر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير، فاستوفاه (منّي)، وتسلَّمت الجارية ضاحكةً مستبشرة، وانصرفت إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدّها وتمسحه على بدنها.

فقلت تعجباً منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه.

فقالت: أيُّها العاجز، الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، وفرّغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمّي ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون، أنبئك بالعجب:

إنّ جدّي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاثة عشرة سنّة، فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمئة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمئة رجل، وجمع من أمراء الأجناد، وقواد العسكر، ونقباء الجيوش، وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهي ملكه عرشاً مصنوعاً من أصناف الجوهر (إلى صحن القصر)، ورفعه فوق أربعين مرقاة.

فلمّا صعد ابن أخيه، وأحدَقَتْ الصلب، وقامت الأساقفة عكّفاً، ونشرت أسفار الإنجيل، تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض، وتقوّضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار، وخّر الصاعد من العرش مغشياً عليه.

١١٠

فتغيرت ألوان الأساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم (لجدّي):

أيُّها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس، الدّالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي، والمذهب الملكاني.

فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً، وقال للأساقفة:

أقيموا هذه الأعمدة، وارفعوا الصلبان، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر، المنكوس جدّه؛ لأزوّجه هذه الصبية، فيدفع عنكم بسعوده.

فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني (مثل) ما حدث على الأوّل، وتفرَّق الناس.

وقام جدّي قيصر مغتماً فدخل منزل النساء، وأُرخيت الستور، وأُريت في تلك الليلة كأنّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علواً وارتفاعاً، في الموضع الذي كان نصب جدّي فيه عرشه، ودخل عليهم محمّد (صلّى الله عليه وآله) وختنه ووصيه (عليه السلام) وعدة من أبنائه (عليهم السلام).

فتقدَّم المسيح إليه، فاعتنقه، فيقول له محمّد (صلّى الله عليه وآله): يا روح الله، إنِّي جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمّد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب.

فنظر المسيح إلى شمعون وقال (له): قد أتاك الشرف، فصل رحمك رحم آل محمّد (عليهم السلام).

قال: قد فعلت.

فصعد ذلك المنبر، فخطب محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وزوّجني من ابنه، وشهد المسيح (عليه السلام)، وشهد أبناء محمّد (عليهم السلام)، والحواريوّن.

فلمَّا استيقظت أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل، فكنت أسرّها ولا أبديها لهم، وضرب صدري أبي محمّد (عليه السلام) حتّى امتنعت من الطعام والشراب، فضعفت نفسي، ودق شخصي، ومرضت مرضاً شديداً، فما بقي في مدائن الروم طبيب إلاَّ أحضره جدّي، وسأله عن دوائي.

١١١

فلمَّا برح به اليأس، قال:

يا قرة عيني، وهل يخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا؟

فقلت: يا جدي، أرى أبواباً عليّ مغلقة، فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال، وتصدّقت عليهم، ومنَّيتهم الخلاص، رجوت أن يهب (لي) المسيح وأمّه عافية.

فلمَّا فعل ذلك، تجلدت في إظهار الصّحة من بدني قليلاً، وتناولت يسيراً من الطعام، فسّر بذلك، وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم.

فأريت (أيضاً)، بعد أربع عشرة ليلة، كأنّ سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) قد زارتني، ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم:

هذه سيدة نساء العالمين أمّ زوجك أبي محمّد (عليه السلام)، فأتعلق بها، وأبكي، وأشكوا إليها امتناع أبي محمّد (عليه السلام) من زيارتي.

فقالت سيّدة النساء (عليها السلام): إن ابني أبا محمّد لا يزورك، وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أُختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك، فإن ملت إلى رضى الله ورضى المسيح ومريم (عليهما السلام) وزيارة أبي محمّد إياك، فقولي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنَّ أبي محمّداً رسول الله.

فلمَّا تكلمت بهذه الكلمة، ضمّتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين (عليها السلام)، وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمّد، فإنِّي منفذته إليك.

فانتبهت وأنا أنول (1) ، أتوقع لقاء أبي محمّد (عليه السلام).

فلمَّا كان في الليلة القابلة، رأيت أبا محمّد (عليه السلام) وكأنِّي أقول له:

جفوتني - يا حبيبي - بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبّك.

____________________

(1) أنول: يعني أهم. فنالت المرأة بالحديث أو الحاجة نوالاً؛ بمعنى: سمحت أو همّت. كما في لسان العرب لابن منظور.

وتحتمل العبارة (أقول) كما هو ثبت في نسخ بدل أيضاً.

١١٢

فقال: ما كان تأخري عنك إلاَّ لشركك، فقد أسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان.

فما قطع عنيّ زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسارى؟

فقالت: أخبرني أبو محمّد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدّك سيّسير جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، ثمّ يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكرةً في زيّ الخدم مع عدد من الوصائف من طريق كذا.

ففعلت ذلك، فوقعت علينا طلائع المسلمين، حتى كان من أمري ما رأيت، وشاهدت، وما شعر بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي عليه. ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.

قلت: العجب أنّك رومية، ولسانك عربي؟

قال: نعم، من ولوع جدّي، وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إليّ، وكانت تقصدني صباحاً ومساءً، وتفيدني العربية حتى استمرّ لساني عليها واستقام.

قال بشر: فلمَّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى، دخلت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: (كيف أراك الله عزّ الإسلام، وذلّ النصرانية، وشرف محمّد وأهل بيته (عليهم السلام)؟)

قالت: كيف أصف لك - يا ابن رسول الله - ما أنت أعلم به منّي؟!

قال: (فإنّي أحببتُ أن أكرمك؛ فما أحبّ إليك، عشرة آلاف دينار، أم بشرى لك بشرف الأبد؟)

قالت: بشرى بولد لي.

١١٣

قال لها: (أبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) .

قلت: ممّن؟

قال: (ممّن خطبك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) له ليلة كذا، في شهر كذا، من سنة كذا بالرومية) .

قالت: من المسيح ووصيّه؟

قال لها: (ممّن زوجك المسيح (عليه السلام) ووصيه؟)

قالتك: من ابنك أبي محمّد (عليه السلام).

فقال: (هل تعرفينه؟)

قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء (صلوات الله عليها).

قال: فقال مولانا: (يا كافور، ادع أختي حكيمة) .

  فلمّا دخلت قال لها: (ها هيه). فاعتنقتها طويلاً، وسرّت بها كثيراً.

فقال لها أبو الحسن (عليه السلام): (يا بنت رسول الله، خذيها إلى منزلك، وعلّميها الفرائض والسنن؛ فإنَّها زوجة أبي محمّد، وأمّ القائم (عليه السلام)) (1) .

والسلام على مَن اتبع الهدى.

* * *

____________________

(1) الغيبة / الشيخ الطوسي: 208 - 214 / الفقرة رقم 178. ونقلها ابن شهر آشوب المازندراني في (مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام)): 4/440 باختصار؛ ونقلها: الفتال النيشابوري في (روضة الواعظين): 252؛ ونقلها: السيد النيلي في (منتخب الأنوار المضيئة): 51 - 60 / الطبعة الأولى، مطبعة الخيام / قم؛ ونقلها: السيد هاشم البحراني في (حلية الأبرار): 2 / 515؛ ونقلها: الحر العاملي في (إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات): 3 / 363 / ح17؛ ونقلها: المجلسي في (البحار): 51 / 6 / ح12؛ وغيرهم كثير.

١١٤

الحديث التاسع والعشرون:

ولادة المهدي (عليه السلام)

قال أبو محمّد بن شاذان (عليه رحمة الله الملك المنّان): حدّثنا أحمد بن إسحاق بن عبد الله الأشعري (رضي الله عنه)، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليهما السلام) يقول: (الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف بعدي، أشبه الناس برسول الله خلقاً وخُلقاً، يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته، ثمّ يظهره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) (1) .

وبما أنَّ حديث ولادة صاحب الأمر (عليه السلام) طويل أيضاً، فسوف نقتصر على ذكر الترجمة إن شاء الله تعالى (2) .

روى كثير من محدّثينا، ونقل ابن بابويه (رحمة الله عليه)، بسنده عن موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:

حدّثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالت:

بعثّ إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) فقال: (يا عمّة، اجعلي إفطارك

____________________

(1) أقول: ورواه الشيخ الصدوق أيضاً في كمال الدين: 408 و409، بإسناده التالي: حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن السعود العياشي، عن أبيه، عن أحمد بن عليّ بن كلثوم، عن عليّ بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق... الحديث.

(2) ونحن ننقل أصل هذه الرواية العربي إن شاء الله تعالى.

١١٥

[هذه] الليلة عندنا، فإنَّها ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجته في أرضه) .

قالت: فقلت له: ومن أُمّه؟

قال لي: (نرجس) .

قلت له: جعلني الله فداك، ما بها أثر!!

فقال: (هو ما أقول لك) (1) .

ونقل ابن شاذان (عليه الرحمة) في هذا المقام، عن لسان السيدة حكيمة، هذه العبارات: (فجئت إليها)، يعني جئت إلى نرجس، وقد رأيت كلمة (إليها) في بعض نسخ كمال الدين، ولكنِّي لم أرها في أكثر نسخ هذا الكتاب.

وعلى الإجمال: تقول السيدة حكيمة:

فلما سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ، وقالت لي: يا سيدتي [وسيدة أهلي] كيف أمسيت؟

فقلت: بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي.

قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمّة؟

قالت: فقلت: يا بنّية! إنَّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة.

قالت: فخجلت واستحيت.

فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي، فرقدت، فلمّا أن كان في جوف اللّيل قمت إلى الصلاة، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثمّ جلست معقبّة، ثمّ اضطجعت، ثمّ انتبهت فزعةً، وهي راقدة؛ ثمّ قامت فصلّت ونامت.

____________________

(1) كمال الدين / الشيخ الصدوق: 424.

١١٦

قالت حكيمة: وخرجت أتفقَّد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان، وهي نائمة، فدخلني الشكوك، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام) من المجلس، فقال: (لا تعجلي يا عمّة، فهاك الأمر قد قرب) .

قالت: فجلست وقرأت (آلم) السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهتْ فزعةً، فوثبتُ إليها، فقلت: اسم الله عليك؛ ثمّ قلت لها: أتحسّين شيئاً؟

قالت: نعم يا عمّة.

فقلت لها: اجمعي نفسك، واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك.

قالت [حكيمة]: (1) فأخذتني فترة، وأخذتها فترة، فانتبهت بحسّ سيدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به (عليه السلام) ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف متنظف (2) .

ويفهم من بعض الأحاديث أنَّه كلَّما كانت تقرأ السيدة حكيمة من القرآن حين الولادة، فكان (عليه السلام) يقرأ مثلها وهو في بطن أمه (3) .

____________________

(1) هذه الزيادة وردت في بعض النسخ، ونقلها السيد هاشم البحراني في كتابه: (تبصرة الولي في مَن رأى القائم المهدي (عليه السلام))، النسخة المخطوطة في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي في قم.

(2) في النسخة المذكورة في الهامش السابق. بدل (متنظف) (منظف).

(3) كمال الدين / الصدوق: 428 / الباب 42 / ح2، عن السيدة حكيمة (عليها السلام) أنَّها قالت: فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام) وقال: (اقرئي عليها: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ) .

فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟

قالت: ظهر بي الأمر الّذي أخبرك به مولاي.

فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ، وسلّم عليّ.

قالت حكيمة: ففزعت لمَّا سمعت، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): (لا تعجبي من أمر الله (عزَّ وجلَّ) إنّ الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجّةً في أرضه كباراً) .

فلم يستتمّ الكلام حتّى غُيّبت نرجس، فلم أرها، كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب... الحديث.

١١٧

ويعلم من حديث آخر أنَّه (عليه السلام) قد ولد مختوناً (1) .

ويستفاد من هذا الحديث، ومن حديث آخر أنَّ الملائكة قد غسَّلته بماء الكوثر والسلسبيل ليكون طاهراً مطهراً (2) .

تقول السيدة حكيمة (عليها السلام): فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): (هلمّي إليّ ابني يا عمّة) ، فجئت به إليه، فوضع يديه تحت إليته وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثمّ أدلى لسانه في فيه، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: (تكلم يا بني!)

فقال: (أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله))، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين، وعلى الأئمّة (عليهم السلام) إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم.

ثمّ قال أبو محمّد (عليه السلام): (يا عمّة، اذهبي به إلى أُمّه ليسلّم عليها، وائتني به) .

فذهبت به، فسلّم عليها، ورددته، فوضعته في المجلس ثمّ قال: (يا عمّة، إذا كان يوم السابع فأتينا).

قالت حكيمة:

فلمّا أصبحت، جئت لأسلِّم على أبي محمّد (عليه السلام)، وكشفت الستر لأتفقّد سيدي (عليه السلام)، فلم أره؛ فقلت: جعلت فداك ما فعل سيّدي؟

فقال: (يا عمّة، استودعناه الذي استودعته أمّ موسى (عليه السلام)) .

____________________

(1) راجع: كمال الدين / الصدوق: 433 / الباب 42 / ح 14، بإسناده عن محمّد بن عثمان العمريّ (قدّس الله روحه) أنَّه قال: ولد السّيد (عليه السلام) مختوناً. وسمعت حكيمة تقول: لم يُر بأُمه دمٌ في نفاسها، وهكذا سبيل اُمّهات الأئمّة (عليهم السلام).

(2) كما سوف يرويه المؤلف عن كتاب الشيخ الفضل بن شاذان في الحديث الثلاثين عن الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: (وكان أوّل مَن غسّله رضوان خازن الجنان مع جمع من الملائكة المقرّبين بماء الكوثر، والسلسبيل...)

١١٨

قالت حكيمة:

فلمَّا كان في اليوم السابع، جئت فسلّمت وجلست، فقال: (هلمّي إليّ ابني) .

فجئت بسيدي (عليه السلام) وهو في الخرقة، ففعل به كفعلته الأُولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبناً أو عسلاً، ثمّ قال: (تكلَّم يا بنيّ) .

فقال: (أشهد أن لا إله إلاَّ الله) ، وثنّى بالصلاة على محمّد، وعلى أمير المؤمنين، وعلى الأئمّة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) حتى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثمّ تلا هذه الآية: ( وَنُرِيدُ أَن نّمُنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) (1) (2) .

ونقل القطب الراوندي (رحمه الله) مسنداً، كما هو موجود أيضاً في الكتب المعتبرة، أنَّه (عليه السلام) قال بعد أن قرأ الآية: (وصلّى الله على محمّد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ أبي) (3) .

وموسى بن محمّد بن القائم بن حمزة بن موسى بن جعفر (عليهم السلام) هو من مشاهير أولاد الحمزة بن الإمام موسى (عليه السلام).

وقال راوي هذا الخبر المعتبر: فسألت عقبة الخادم عن هذه، فقالت: صدقت حكيمة (4) .

رحمة الله عليها، ورحمة الله عليهما.

والسلام على مَن اتبع الهدى.

____________________

(1) القصص: 5.

(2) كمال الدين / الصدوق: 424 - 426 / باب 42 / ح1.

(3) الخرائج والجرائج / الفقيه المحدّث قطب الدين الراوندي: 1 / 456 / باب 12 / ح1.

(4) كمال الدين / الصدوق: 424 - 426 / باب 42 / ح1.

١١٩

الحديث الثلاثون:

رضوان خازن الجنان يغس ّل المهدي (عليه السلام) حين ولادته

قال أبو محمّد بن شاذان (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسين بن عبيد الله بن عباس بن عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: سمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: (قد ولد وليّ الله وحجته على عباده وخليفتي من بعدي مختوناً ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين عند طلوع الفجر. وكان أوّل مَن غسَّله رضوان خازن الجنان مع جمع من الملائكة المقرَّبين، بماء الكوثر والسلسبيل؛ ثمّ غسلتّه عمتي حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا (عليهما السلام)) .

فسئل محمّد بن عليّ بن حمزة (رضي الله عنه) عن أُمه (عليها السلام).

قال: أُمه مليكة التي يقال لها في بعض الأيام (سوسن)، وفي بعضها (ريحانة)، وكان (صقيل) و(نرجس) أيضاً من أسمائها (سلام الله عليها).

والسلام على مَن اتبع الهدى.

وقال ابن بابويه رحمة الله عليه: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقان [(رضي الله عنه)] (1) ، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريا بمدينة السلام، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن جليلان (2) ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن غياث بن أسيد، قال: سمعت محمّد بن عثمان العمري (قدّس الله روحه) يقول:

لمَّا ولد الخلف المهديّ (صلوات الله عليه)، سطع نورٌ من فوق رأسه إلى عنان

____________________

(1) سقطت من النسخة.

(2) في المصدر المطبوع: (خليلان) بدل (جليلان).

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256