زاد المناسبات

زاد المناسبات0%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات

مؤلف: المركز الإسلامي للتبليغ
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 274
المشاهدات: 42705
تحميل: 3631

توضيحات:

زاد المناسبات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42705 / تحميل: 3631
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

للأعداء، سواء علم صاحبه أم لم يعلم..

إنّ الاعتقاد بالمهدويّة وبفكر المهدي الموعود أرواحنا فداه، يحيي الأمل في القلوب، والإنسان الذي يؤمن بهذه العقيدة لا يعرف اليأس طريقه إلى قلبه أبداً، وذلك لثقته بحتميّة وجود نهاية مشرقة، فيحاول إيصال نفسه إليها بلا وجل من احتمالات الإخفاق..

إنّ كلّ شيعي يعلم أنّ بساط الظلم والجور والتسلّط الموجود اليوم في العالم سيطوى ذات يوم، وقد يكون قريباً جداً أو قد يكون بعيداً، إلّا أنّه على كلّ الأحوال سيأتي قطعاً، ويوقن أنّ هذا الوضع الذي أوجده المستكبرون في العالم من قبيل الضغط على كلّ من ينطق بكلمة حقّ أو ينتهج سبيل الحقّ، وفرض إرادتهم الفاسدة على الشعوب سينتهي يوماً ما، وسيجد الطغاة والمستبدّون والقوى المتجبّرة أنفسهم مضطرين للاستسلام أمام الحقّ يوماً ما، أو أن يُزالوا عن طريق الحقّ..

العلاقة مع الإمام:

إنّ الأعتقاد بالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، هذه العقيدة هي بالنسبة إلى الشيعة - إذا فهموها على حقيقتها وتعاملوا معها كماينبغي

٢٠١

مصدر فيض ونور، كما أنّها توجب أيضاً على كلّ مسلم وعلى كلّ مؤمن بها وعلى كلّ شيعي أن يسعى فكراً وعملاً للحفاظ على علاقته المعنويّة والفكريّة بإمام زمانه، وتربية وتهذيب ذاته بالشكل الذي يبعث الرضا في نفس هذا الإمام المعصوم الذي يحيط - بإذن الله وإرادته - بكلّ حركة من حركاتنا..".

٢٠٢

المسائل الثماني

المناسبة: شهادة الإمام الصادقعليه‌السلام

التاريخ: ٢٥ شوال سنة ١٤٨ ه

روي أنّ الصادقعليه‌السلام قال لبعض تلامذته يوماً:" أيّ شيء تعلّمت منّي؟ قال: يا مولاي ثماني مسائل.قالعليه‌السلام : قصَّها عليَّ لأعرفها.

قال: الأولى: رأيت كلّ محبوب يفارق عند الموت محبوبه فصرفت همّي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني عند وحدتي وهو فعل الخير.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله، الثانية؟.

قال: رأيت قوماً يفتخرون بالحسب، وآخرين بالمال والولد، وإذ ذلك لا فخر فيه، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ

٢٠٣

أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(١) فاجتهدت أن أكون عنده كريماً.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله، الثالثة؟.

قال: رأيت الناس في لهوهم وطربهم وسمعت قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(٢) فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقرّت على طاعة الله تعالى.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله، الرابعة؟

قال: رأيت كلّ من وجد شيئاً مكرَّماً اجتهد في حفظه، وسمعت قوله تعالى:﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(٣) فأحببت المضاعفة ولم أرَ أحفظ مما يكون عنده، فكلّما وجدت شيئا يكرَّم عندي وجّهت به إليه ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي إليه.

قال: أحسنت والله، الخامسة؟.

قال: رأيت حسد الناس بعضهم لبعض في الرزق وسمعت

___________________

١- الحجرات: ١٣

٢- النازعات: ٤٠-٤١

٣- البقرة : ٢٥٤

٢٠٤

قوله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ(١) ،فما حسدت أحداً ولا أسفت على ما فاتني.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله، السادسة؟.

قال: رأيت عداوة الناس بعضهم لبعض في دار الدنيا والحزازات (الالآم) التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً..(٢) فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله، السابعة؟.

قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(٣) .

فعلمت أنّ وعده حقّ، وقوله صدق، فسكنت إلى وعده،

___________________

١- الزخرف: ٣٢

٢- فاطر: ٦

٣- الذريات: ٥٦-٥٧

٢٠٥

ورضيت بقوله، واشتغلت بما له عليَّ عمّا لي عنده.

قالعليه‌السلام : أحسنت والله.الثامنة؟.

قال: رأيت قوماً يتكلون على صحّة أبدانهم، وقوماً على كثرة أموالهم، وقوماً على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى ﴿..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(١) فاتكلت على الله وزال اتكالي على غيره.

قالعليه‌السلام له: "والله إنّ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وسائر الكتب ترجع إلى هذه الثمان المسائل"(٢) .

____________________

١- الطلاق: ٢-٣

٢- الريشهري - محمد - موسوعة العقائد الاسلامية - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام ص ٣١٢

٢٠٦

كريمة آل محمدعليه‌السلام : فاطمة المعصومةعليها‌السلام

المناسبة: ولادة المعصومةعليها‌السلام

التاريخ: أول ذي القعدة سنة ١٧٣ ه

السيدة المعصومة:

ولدت في المدينة المنورة، والدها الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وأمها السيدة نجمة خاتون، وكانت من بعد أخيها الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ثاني وآخر أبناء السيدة نجمة خاتون، توفيت السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام بعد انقضاء ١٧ يوماً من وصولها الى قم، في ١٠ ربيع الثاني سنة ٢٠١ ه.

مكانة السيدة المعصومةعليها‌السلام :

للسيدة المعصومة مكانة خاصة عند أهل البيتعليهم‌السلام ،

٢٠٧

ورد عن الإمام الرضاعليه‌السلام : " من زار المعصومةعليها‌السلام بقم كمن زارني"(١) ،وعن الإمام الصادقعليه‌السلام حول مقام السيدة المعصومةعليها‌السلام : " تقبض فيها (في قم) امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى وتُدخِل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم"(٢) .

وقد ذكر الإمام الصادقعليه‌السلام هذا الحديث في حين لم تر السيدة المعصومةعليها‌السلام وأباها عيناهما الدنيا، وهذه علامة في علوّ مقامها.

ومن الكرامات الخاصة للسيدة المعصومة ورود الزيارة الماثورة لها عن المعصومعليه‌السلام وقد جاء في زيارتهاعليه‌السلام : "...يا فاطمة، اشفعي لي في الجنة فإن لك عند الله شاناً من الشأن..."(٣) .

علم السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام :

عاشت السيدة المعصومة في كنف والديها الكريمين،

____________________

١- المعلم - محمد علي - الفاطمة المعصومةعليها‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٦٦

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٥٧ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٢٨

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٦٧

٢٠٨

تكتسب منهما الفضائل والمكارم، فكانت تستفيد كل يوم من والدها وأخيها المعصومينعليه‌السلام وأمها التقية العالمة بحيث وصلت الى مقام رفيع من العلم والفضيلة وصارت عارفة بالكثير من العلوم والمسائل الإسلامية في أيام صباها.

في أحد تلك الأيام أتى جمع من الشيعة الى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية على الإمام الكاظمعليه‌السلام ويأخذوا العلم من معدنه، ولكن كان الإمام الكاظمعليه‌السلام وكذلك الإمام الرضاعليه‌السلام مسافرين، ولم يكونا حاضرين في المدينة، فاغتمَّ الجمع، لأنهم لم يجدوا حجة الله ومن يقدر على جواب مسائلهم، واضطروا للتفكير بالرجوع إلى بلدهم، وعندما رأت السيدة المعصومةعليها‌السلام حزن هؤلاء النفر أخذت منهم أسئلتهم التي كانت مكتوبة، واجابت عليها، وعندئذ تبدّل حزن الجماعة بفرح شديد ورجعوا الى ديارهم راجحين مفلحين.ولكنهم في الطريق التقوا بالإمام الكاظمعليه‌السلام وحدثوّه بما جرى عليهم، وبعد ما رأى جواب ابنته على تلك المسائل أثنى على ابنته بعبارة مختصرة قائلاً:" فداها أبوها"(١) .

____________________

١- المعلم - محمد علي - الفاطمة المعصومةعليها‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧٦

٢٠٩

بداية المحنة وشهادة الإمام الكاظمعليه‌السلام :

لاقى الإمام الكاظمعليه‌السلام من الحكَّام والخلفاء الظلم والأذى الكثيرين، وهذه الآلام والمحن كانت تؤلم القلب الطاهر للسيدة المعصومةعليها‌السلام ،وكان المسلي الوحيد لها وللعائلة هو أخوها الإمام الرضاعليه‌السلام ، فعندما ولدت السيدة المعصومةعليها‌السلام كانت قد مضت ثلاث سنوات من خلافة هارون العباسي، وقبل أن تكمل العشر سنوات من العمر.

وعندما أمر هارون الرشيد باعتقال الإمام الكاظمعليه‌السلام وسجنه، فحرمت السيدة المعصومةعليها‌السلام من والدها، لتفجع بعد ذلك باستشهادهعليه‌السلام فشعرت بالحزن على فقده، وكانت تحترق لفراقه وتطيل البكاء عليه.

إنتقال الإمام الرضاعليه‌السلام الى مرو:

بعد استشهاد الإمام الكاظمعليه‌السلام انتقلت الإمامة الى ابنه علي بن موسى الرضاعليه‌السلام الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره وفي سنة ١٩٣ ه.

مرض هارون الرشيد ومات بمرضه، ارتقى " الأمين" منصة الخلافة ولم تدم خلافته أكثر من أربع سنوات، وفي سنة

٢١٠

ه، قتل الأمين بيد أخيه وتسنَّم المأمون منصب الخلافة فأرسل المأمون " رجاء بن أبي الضحاك" الى المدينة وذلك سنة ٢٠٠ه لكي يدعو الإمامعليه‌السلام من المدينة الى " مرو" التي كانت مركز حكومته، والمأمون كان يأمل أنه يستطيع أن يحصل على موافقة الإمامعليه‌السلام لقبول ولاية العهد، وبعد إجبار الإمام وإكراهه على الخروج من المدينة، قام الى زيارة قبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الأربعة في البقيععليهم‌السلام ثم ودّع أولاده وإخوانه وأخواته ومنهن أخته الكريمة السيدة المعصومةعليها‌السلام وغادر متجهاً الى مرو.

ومع مغادرة الإمام الرضاعليه‌السلام انتهت اللحظات السعيدة في حياة السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام لأنها بعد استشهاد أبيها الإمام الكاظمعليه‌السلام وجدت الرحمة والحنان في كنف أخيها الرضاعليه‌السلام .

توجّه السيدة المعصومةعليها‌السلام من المدينة الى مرو:

وبعد سنة على سفر الإمام الرضاعليه‌السلام الى مرو، أرسل الإمامعليه‌السلام رسالة مخاطباً أخته السيدة المعصومةعليها‌السلام بيد أحد خدامه الى المدينة المنورة، وأمره أن لا يتوقف وسط

٢١١

بن خزرج " ممثلاً عن أهل قم الى بنت الإمام الكاظمعليه‌السلام وأخبرها برغبة القميّين وفرط اشتياقهم بزيارتها، فأجابت السيد المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم، وأخذ ابن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومةعليها‌السلام مفتخراً، وقادها الى المدينة التي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضاعليه‌السلام حتى وصلت القافلة الى بداية مدينة قم.

وفاة السيدة المعصومةعليها‌السلام :

في ٢٣ ربيع الأول سنة ٢٠١ه، وصلت قافلة السيدة المعصومة الى مدينة قم، واستقبلها الناس بحفاوة بالغة، وكانوا مسرورين لدخول السيدة ديارهم.وكان " موسى بن خزرج" ذا يسر وبيت وسيع، أنزل السيدة في داره وتكفل ضيافتها ومرافقيها، واستشعر موسى ابن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضاعليه‌السلام القادمين من مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم اتخذت السيدة المعصومة مصلَّى لها في منزل موسى بن خزرج لكي تبتهل الى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألمَّ بها، وهذا المصلَّى باقٍ الى الان ويسمى بـ " بيت النور".

٢١٢

أقلق مرض بنت الامام الكاظم مرافقيها وأهالي قم كثيراً، مع أنهم لم يبخلوا عليها بشيء من العلاج، إلا أن حالها كان يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حتى توفيتعليه‌السلام في العاشر من ربيع الثاني ٢٠١ ه.

مراسم الدفن:

تكفلت نساء الشيعة ومحبات أهل البيتعليه‌السلام باحترام كبير غسل الجسد المطهر للسيدة المعصومة وكفنوها.

وكان موسى بن خزرج قد خصص بستاناً كبيراً له في منطقة يقال لها:" بابلان" عند نهر قم (مكان الحرم الحالي) حيث دفن جسدها الطاهر واصبح مرقدها مزار المؤمنين العاشقين لأهل البيتعليهم‌السلام .

٢١٣

الإمام الرضاعليه‌السلام : شذرات من سيرته المضيئة

المناسبة: ولادة الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام

التاريخ: ١١ذو القعدة سنة ١٤٨ ه

ولد الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في المدينة المنورة في ١١ ذو العقدة عام ١٤٨ه وقد ملأ الدنيا فضله ونحن نذكر بعض فضائل الامام لتكون لنا خير معين في سلوك طريق الآخرة.

أعلم الناس:

لقد ملأ الإمام الرضاعليه‌السلام المرحلة التي عاش فيها علماً ومعرفةً ووعياً حتى اعترف بعلمه وفضله القاصي والداني.وقد ذكر بعض معاصريه وهو يتحدّث عنه فقال: " ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ولا رآه عالم إلّا شهد له بمثل

٢١٤

شهادتي.وقد جمع المأمون له في مجلس عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلّمين فناظرهم وغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور".ويقول بعض الروّاة عنه وهو يتحدّث عن غزارة علمهعليه‌السلام : " جمعتُ من مسائله ممّا سُئل عنه وأجاب فيه، ثمانية عشر ألف مسألة".وقد مثّل الإمام الرضاعليه‌السلام في تلك المرحلة التي عاش فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلّ أخلاقه وصفاته الخاصّة والعامّة، وننقل هنا صورة من أخلاقه الفرديّة والاجتماعيّة وقبساً من كلماته المضيئة من أجل الاقتداء به والإستفادة من تعاليمه وتوجيهاته.

أخلاق الإمام:

ينقل بعض الرواة المعاصرين له، وهو إبراهيم بن العباس فيما يرتبط بأخلاقه وسلوكهعليه‌السلام فيقول: " ما رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام جفا أحداً بكلامه قط، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس قط، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته تفل قط،

٢١٥

ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسائس".

ومن كلماته المرويّة عنهعليه‌السلام أنّه قال: " لا يتمّ عقل امرئ حتى تكون فيه عشر خصال:

١- الخير من مأمول: أي أنّ الناس يأملون خيره لأنّه يحبّ الخير لهم سواء كان الخير علماً أو خبرةً أو قوةً أو مالاً أو جاهاً أو غير ذلك.

٢- والشرّ منه مأمون: فالناس يأمنون شرّه لأنّه لا يفكر بالشرّ ضدّ الناس بل يعمل على إبعادهم عن شرّ نفسه وعن شرّ غيره.

٣- ويستكثر قليل الخير من غيره: من أجل أن يشجّعهم على فعل الخير باستمرار.

٤- ويستقلّ كثير الخير من نفسه: لأنّه طموح دائماً ليبلغ القمّة في عمل الخير.فهو يتّهم نفسه بالتقصير حتى يدفعها إلى المزيد من العمل.

٥- لا يسأم من طلب الحوائج إليه: أي لا يملّ من كثرة مراجعة

٢١٦

الناس له لقضاء حاجاتهم لأنّه يعتبر أنّ طاقته وما منحه الله إيّاه ليس ملكه وإنّما أمانة الله عنده فمهما طلب الناس منه وممّا يملك فإنّه لا يملّ ولا يسأم من تلبية ذلك.

٦- ولا يملّ من طلب العلم طول دهره.

٧- والفقر في الله أحبّ إليه من الغنى: فلو دار أمره بين أن يكون غنياً مع الشيطان ومع أولياء الشيطان وبين أن يكون فقيراً عندما يكون في خطّ الله وفي طاعته ورضاه، فإنّه يفضل السير في خطّ الله فقيراً على أن يكون في معصيته غنياً.

٨- والذلّ في الله أحبّ إليه من العزّ مع عدوّه.

٩- والخمول أشهى إليه من الشهرة: أي أن يكون إنساناً عادياً أحبّ إليه من الشهرة والجاه.

١٠- والعاشرة أن لا يرى أحداً إلّا قال هو خير مني وأتقى"(١) .

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: " العجب درجات منها: أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسناً فيعجبه، ويحسب أنّه يحسن صنعاً، ومنها ان يؤمن العبد بربه في منّ على الله عزَّ وجلّ ولله سبحانه عليه

____________________

١- الأمين - السيد محسن - أعيان الشيعة -ج ٢ - مكتبة اهل البيت - ص ٢٨

٢١٧

المنّ..."(١) . " إنّ الله عزّ وجلّ أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أخرى، أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزكِ لم تقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله عزّ وجلّ، وأمر باتقاء الله عزّ وجلّ صلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتقّ الله عزَّ وجلَّ"(٢) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٦٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١٠

٢- الشيخ الصدوق - الخصال - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٥٦

٢١٨

الإمام الجوادعليه‌السلام : مَظْهَر علوم الأئمة

المناسبة: شهادة الإمام الجوادعليه‌السلام

التاريخ: ٢٩ ذي القعدة سنة ٢٢٠ه

تميّز الإمام الجوادعليه‌السلام بتولّي زمام الإمامة الإلهيّة وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره الشريف ولعل هذا ما دعا الحاكم العباسي المأمون إلى تنظيم مناظرات بهدف بيان إمكانيّة ظهور ضعف علمي عند الإمام الجوادعليه‌السلام ، وبالتالي سقوط أطروحة إمامة أهل البيتعليه‌السلام التي طالما أرّقته وأقلقته.

مناظرات الامام:

وفيما يروى في ذلك أنّ المأمون قال لمن كان يعرف بقاضي الزمان يحيى بن أكثم: اطرح على أبي جعفر محمّد بن الرضا مسألة تقطعه فيها.

٢١٩

فكان من ابن أكثم أن سأل الإمام الجوادعليه‌السلام : ما تقول في محرِمٍ قتل صيداً.

فأجابه الإمامعليه‌السلام سائلاً التفصيل: قتله في حلّ أم حرم؟ عالماً أو جاهلاً؟ عمداً أو خطأً؟ عبداً أو حراً؟ صغيراً أو كبيراً؟ مبتدئاً أم معيداً؟ من ذوات الطير أومن غيرها؟ من صغار الصيد أو من كبارها؟ مصراً عليها أو نادماً؟ بالليل في وكرها أو بالنهار عياناً؟ محرماً للعمرة أوالحج؟(١) .

فتحيّر ابن أكثم وانقطع انقطاعاً لم يخفَ على أحد.

فقال المأمون بعدها: " ويحكم إنّ أهل هذا البيت خُصّوا من بين الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو ابن عشر سنين وقبل الإسلام منه، وحكم له به، ولم يدعُ أحداً في سنّه غيره، أفلا تعلمون الآن ما خصّ الله به هؤلاء القوم، وأنّهم ذريّة بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأوّلهم.

شهادة الإمام:

هكذا واجه الإمام الجوادعليه‌السلام التحديات العلميّة والثقافيّة

____________________

١- الشيخ المفيد - الاختصاص - مكتبة اهل البيت عليهم‌السلام ص ٩٩

٢٢٠