زاد المناسبات

زاد المناسبات14%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48336 / تحميل: 5122
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

التي كانت تثار حوله من أكبر شخصيّات علميّة تصل إليها يد الدولة العباسيّة، حتى أسقطها وحوّلها إلى نقطة قوّة وطريق لنشر الإسلام الأصيل.حتى لم يبقَ أمام العباسيّين إلّا الأسلوب القديم، أسلوب سفك الدماء واغتيال الإمامعليه‌السلام ، فاستشهد عن عمر لم يتجاوز الخمس وعشرين عاماً، ليتحقّق ما أخبر عنه والده الإمام الرضاعليه‌السلام الذي قال: " قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم قدست أمٌ ولدته، قد خلقت طاهرة مطهرة، يقتل غصباً فيبكي له وعليه أهل السماء ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه فلا يلبث إلّا يسيراً حتى يعجل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد"(١) .

من وصاياهعليه‌السلام :

ورد أنّ رجلاً قال للإمام الجوادعليه‌السلام : " أوصني يا ابن رسول الله، قال: أو تقبل؟.قال: نعم.

قالعليه‌السلام : " توسّد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنّك لن تخلُ من عين الله، فانظر كيف تكون"(٢) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٥٠ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٥

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٨٥

٢٢١

الإمام الباقرعليه‌السلام : الزعامة العلمية والجهادية

المناسبة: شهادة الإمام الباقرعليه‌السلام

التاريخ: ٧ ذو الحجة سنة ١١٤ ه

إن مساحة العمر الجهادي للإمام الباقرعليه‌السلام كانت غنية بالمواقف الحاسمة والأعمال التي أسست للسياسة المبدئية الناهضة لأهل البيتعليه‌السلام بعد نهضة كربلاء وفي مواجهة السلطة الجائرة سواء كانت أموية أم عباسية.

الامام في كربلاء:

عاش الامام الباقرعليه‌السلام مع جده الحسينعليه‌السلام حوالي أربع سنوات، وقد جمع بين وعيه الخاص الذي هو وعي الإمامة، لواقعة الطف وشهادة الآل والأصحاب، وبين الحضور المباشر في الواقعة، وهذا يعني أيضاً أنه قد واكب مراحل تسلط

٢٢٢

الأمويين السفيانيين ثم المروانيين بعد معاوية بن أبي سفيان على الأمة الإسلامية وشؤونها.

لقد كان الإمامعليه‌السلام يدرك أن المواجهة طويلة وقلقة في مقابل السلطة الأموية ولتثبيت أقدام الولاية لأهل البيتعليه‌السلام في الأمة، لأن الأمر لا يتعلق بسلطة بقدر ما يتعلق بنهج وأصالة في الهوية الدينية والمستقبل.

بنو مروان بين البطش والخلاعة:

ولتوضيح صورة العصر الذي عاشه الإمامعليه‌السلام نشير الى أن مدة إمامته المباركة دامت حوالي ١٨ سنة، عاصر خلالها خمسة من ملوك بني مروان الذين انتقلت إليهم السلطة بعد إنهيار البيت السفياني، وكلا البيتين من أمية، وهم على التوالي بإيجاز:

الوليد بن عبد الملك بن مروان (ت - ٩٦ه) الذي عرف بالطغيان والإستبداد.

سليمان بن عبد الملك بن مروان (ت ٩٩ه)الذي كان يرتع في الشهوات.

عمر بن عبد العزيز بن مروان (تـ ١٠١ه) الذي عرف

٢٢٣

بسياسته الزكية في قبال حماقات آبائه اتجاه أهل البيتعليه‌السلام وعموم الأمة وحرمات الدين حتى اختلف في أمره المؤرخون بين قادح ومادح.

يزيد بن عبد الملك بن مروان (تـ ١٠٥ه) وكان خليعاً ماجناً يهتك حرمات الدين.

هشام بن عبد الملك بن مروان (تـ ١٢٤ه) وقد عرف بالظلم الشديد وكانت شهادة الإمام الباقرعليه‌السلام في عهده سنة ١١٤ه.

واقع الأمة:

تتألف الأمة بشكل أساسي من شريحتين هما:

العلماء وعامة الناس، ونقصد بالعلماء كل من يدعي علماً ومعرفة يجعله متقدماً على غيره وفي مقام المسؤولية أكثر، وإذا كانت تلك حال الحكام فما هي حال هؤلاء؟

إن الوضع العام في الأمة لم يكن مريحاً على الاطلاق، فموجات الشك والحيرة كانت تأخذ الناس يمنة ويسرة وسياسةالتجهيل المتعمدة التي اتبعتها السلطة الأموية أفقدت الكثيرين الإتزان.

٢٢٤

والناس تحتاج الى إعداد وتربية طويلة الأمد لتنتقل الى طور القدرة على النهوض وإزالة الجور والفساد وإقامة العدل.

وأما العلماء فكثير منهم في خدمة السلطان ويرتزق من عطاياه ويشتهر بدعاياته ومناصبه أما المخلصون لدينهم الناطقون بالحق فكانوا فئة مضطهدة وملاحقة ومحاصرة يمنع السلطان الناس عنها خوفاً من أثرها.

المواجهة الشاملة:

أمام هذا الواقع المرير لم يكن يجدي الجهد الذي يبذل في اتجاه واحد، أو فتح معركة هنا وأخرى هناك، بل وجد الإمامعليه‌السلام في حسابات الواقع والأهداف المأمولة أن المطلوب هو خوض مواجهة شاملة على الصعد السياسية والثقافية والإجتماعية والتربوية والروحية وغيرها...بل ولم يكن الإمام يستبعد المواجهة العسكرية والأمنية إذا توفرت شروطها المناسبة.

دور الإعلام والدعاية:

وهناك حقيقة ثابتة في كل التجارب أن الناس تتأثر بقوة الدعاية والاعلام الموجّه وهو ما كانت تسعى السلطة الأموية

٢٢٥

إستغلاله تقوية لمواقعها وإضعافاً لخصومها، وكان الإمامعليه‌السلام يدرك ذلك ايضاً ويسعى لجعله قوة لمشروع النهوض المشروط بالوعي والاحساس بضرورة التغيير، ولم يغفل هذا العامل حتى لما بعد شهادته، فقد أوصى كما ينقل عنه ولده الإمام الصادقعليه‌السلام حيث قال:" قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى"(١) ، ولهذا الأمر دلالاته الهامة لا يسع المجال لتوضيحها، لكنه في الحد الأدنى يعلن ظلامة له في عنق بني أمية يسمعها للمسلمين أيام الحج وفي المنزل الذي ينزل فيه كل الحجيج وهو وادي منى.

خوف الطاغوت:

ولم يكن مستهجناً للمتتِّبع أن يجد السلطة الأموية طائفة مذعورة أمام الحضور القوي للإمام الباقرعليه‌السلام وعلمه الغزير وحجته القاطعة وجرأته الموجعة وسعيه الدؤوب لاستنهاض المسلمين وتشجيعهم على الإصلاح ومواجهة الظلم والفساد.

وأكثر ما أثار خوفهم حديث الإمامعليه‌السلام من انقطاع ملك

____________________

١ - العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٦ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٢٠

٢٢٦

بني أمية وزواله الحتمي والأكيد وانتشار ذلك بين الناس.

ولذلك كان هناك سعي دائم من الإمامعليه‌السلام للإتصال بالناس، وخوف كبير لدى السلطة من ذلك ومحاولتها عزل الإمام عن الأمة حتى في حالات السفر والترحال.فحينما خرج من الشام عائداً الى المدينة واجه الإمامعليه‌السلام حصاراً رسمياً بإعلان القطيعة معه من الناس.

عجز السلطة:

إن كل بطش السلطان لم يكن ليخيف الإمامعليه‌السلام أو يثنيه عن المواجهة حتى لو كانت في عقر داره، لا لإظهار قوة الحق وشجاعة أهله فقط بل ليظن أيضاً عجز الباطل مهما كان قوياً أمام عيون الأمة، وقد استدعاه هشام بن عبد الملك الى الشام وأوعز الى من حوله أن يوبخوا الإمام بمجرد دخوله، ودخل الإمام غير عابئ بهم وسلم دون تخصيص وجلس بلا استئذان مما أغضب هشاماً فراح يوبخه وهو ساكت الى أن انتهوا، فنهض قائماً وقالعليه‌السلام : " أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكاً مؤجلاً، وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة

٢٢٧

يقول الله عزَّ وجلَّ ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(١) ،فأمر هشام به الى الحبس.

وقد آلى الأمر أن يتخلص الأمويون من الامام بدس السم إليه ليرحل إلى الله تعالى مكلَّلاً بالشهادة.

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي - ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٧١

٢٢٨

معرفة الله في دعاء عرفة

المناسبة: يوم عرفة

التاريخ: ٩ ذو الحجة

تعددت الطرق وتنوعت في معرفة الله سبحانه حتى ورد أن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق بناء على تفسير الطرق بطرق المعرفة.

درجات المعرفة:

فمن مستدلِّ على وجود الله تعالى من خلاله آثاره الواضحة كاستدلال الأعرابي الذي سئل عن وسيلة معرفته بالله تعالى فأجاب:

" البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام تدل على المسير،أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، لا تدلان على الصانع اللطيف الخبير؟!"(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٦٦ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٣٤

٢٢٩

إلى مستدلِّ بالحركة على المحرِّك:

كتلك العجوز التي سُئلت عن وسيلة معرفتها بالله تعالى فأجابت وهي قرب مغزلها: " إنْ حركته تحرَّك وإن تركته سكن، فكيف يتحرك الكونُ دون محرِّك".

- إلى مستدل بكيفية الخلقة: كالاستدلال بالبيضة التي أراد من خلالها الإمام الصادقعليه‌السلام إقناع أحد الملحدين بربوبيّة الله تعالى.

فقالعليه‌السلام : "...هذا حصن مكنون، له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة، وفضة ذائبة، فلا الذهبة المايعة تختلط بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المايعة، فهي على حالها، لا يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها، ولا يدخل إليها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها، لا يُدرى للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبِّراً ؟!"(١) .

- إلى مستدل بالفطرة الكامنة داخل كلّ إنسان، والتي أشار إليها الإمام الصادقعليه‌السلام لأحد السائلين عن الله تعالى

____________________

١- الشيخ الطبرسي - الاحتجاج - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧١

٢٣٠

فسألهعليه‌السلام : " يا عبد الله، هل ركبت سفينة؟ قال: بلى، قالعليه‌السلام : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: بلى، قالعليه‌السلام : " فهل تعلق قلبك هناك أنّ شيئاً من الاشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: بلى، قال الإمامعليه‌السلام : فذلك الشيء هو الله، القادر على الانجاء حين لا منجا وعلى الإغاثة حيث لا مغيث"(١) .

ومع أهمية هذه الطرق لمعرفة الله تعالى، لكن للإمام الحسينعليه‌السلام لغة أخرى عند الحديث عن طرق معرفته سبحانه وتعالى وقد أبرز دعاء عرفة لغة الحسينعليه‌السلام هذه حينما قال متوجِّهاً لله تعالى: " كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هذا المظهر لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عينٌ لا تراك ولا تزال عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبِّك نصيباً"(٢) . فالإمامعليه‌السلام في دعائه هذا يشير إلى أن الله

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٨٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٤٠

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٦٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٤٢

٢٣١

تعالى هو الأظهر وبه ظهرت الأشياء وكما قال الشاعر:

لقد ظهرت فلا تخفى على أحد

إلا على اكمهٍ لا يعرف القمرَ

لكن بطنت بما أظهرت محتجباً

وكيف يُعرَف من بالعارف استترَ

وقد تجلَّت معرفة الإمام الحسينعليه‌السلام بالله تعالى في كربلاء حيث كان الله تعالى مقصد الحسينعليه‌السلام بكل عطاءاته وتضحياته فهو القائل بعدما رمى الدم الطاهر نحو السماء " هوَّن ما نزل بي أنه بعين الله"(١) وهو المترنِّم بصفات الله تعالى في آخر لحظات حياته الدنيوية وهو في عظيم الشدِّة قائلاً: " اللهم متعالي المكان عظيم الجبروت شديد المحال غني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء...، قريب إذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت، وشكور إذا شُكرت، وذكور إذا ذكرت، أدعوك محتاجاً، وارغب إليك

____________________

١- لجنة الحديث في معهد الامام باقر العلوم - موسوعة كلمات الامام الحسينعليه‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٧٣

٢٣٢

فقيراً.."(١) .

إنها المعرفة التي انجذب بها الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الله فجذبنا بها إليه.

____________________

١- الشيخ الطوسي - مصباح المتهجد - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٢٧

٢٣٣

موسم الحج

المناسبة: عيد الأضحى المبارك

التاريخ: ١٠ ذو الحجة

العيد في النظرة الإسلامية ليس عادة أو تقليداً أجوف لا غاية وراءه بل هو يوم من أيام الله العظيمة التي جعلت ليبرهن الإنسان على سمو إنسانيته في مجال القيم، والأخلاق، والآداب والعلاقات الاجتماعية والإنسانية..

ولذلك فهناك عدة مستحبات وردت في مناسبات الأعياد تؤكد صفتها العبادية إنسانياً واجتماعياً وبالأخص في يوم الأضحى وليلته منها:

١- إحياؤها بالعبادة:

عن الامام الصادق جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام قال: " كان عليعليه‌السلام يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال من

٢٣٤

السنة: أول ليلة من رجب وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان"(١)

٢- زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:" من زار الحسين بن علي عليهما السلام ليلة من ثلاث غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: قلت: وأي الليالي ؟ فذكر: ليلة الأضحى"(٢) .

٣- الأضحية:

وهي من المستحبات المؤكدة - كما أورد صاحب مفاتيح الجنان - التي يستحب أن يكون إفطاره بلحمها وليقسم لحمها ثلاثة أثلاث، يتصدق بثلث على الجيران وبثلث على السائل (الفقراء) وثلث لأهل بيته ويتصدق بجلدها ويعطي أجرة الذابح من غير الأضحية، فانظر إلى هذا التقسيم للأضحية الذي تظهر فيه الجهة الاجتماعية واضحة بينة من خلال العناية بذوي الفقر والجيران.

٤- الغسل وصلاة العيد.

____________________

١- الشيخ الصدوق - فضائل الأشهر الثلاثة - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٦

٢- الشيخ الطوسي-مصباح المتهجد - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧١٦

٢٣٥

٥- التزاور وصلة الرحم:

" عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدثني جبرئيلعليه‌السلام أن الله عز وجل أهبط إلى الأرض ملكا، فأقبل ذلك الملك يمشي حتى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن على رب الدار، فقال له الملك، ما حاجتك إلى رب هذه الدار؟ قال: أخ لي مسلم زرته في الله تبارك وتعالى، قال له الملك، ما جاء بك إلا ذاك ؟ فقال: ما جاء بي إلا ذاك، فقال: إني رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ويقول: وجبت لك الجنة وقال الملك: إن الله عز وجل يقول: أيما مسلم زار مسلماً فليس إياه زار، إياي زار وثوابه عليَّ الجنة"(١) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام : " إن العبد المسلم إذا خرج من بيته زائراً أخاه لله لا لغيره، التماس وجه الله، ورغبة فيما عنده، وكّل الله عزّ وجلّ به سبعين ألف ملَك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله: ألا طبت وطابت لك الجنّة"(٢) .

والله تعالى يعتبر الذين يصلون أرحامهم ويحسنون إليهم

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي -ج ٢-مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٧٦

٢- الشيخ الكليني - الكافي -ج ٢-مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٧٥

٢٣٦

ويواسونهم بمالهم إذا احتاجوا ولا يهجرونهم لحقد أو غيظ أو عداوةمن الذين يخشون ربهم ويتقونه ويخافون سوء الحساب فيعدهم بحسن العاقبة.

وفي المقابل فإن قطيعة الأرحام من الذنوب التي تعجّل الفناء والهلاك وتكون بها نهاية المجتمع.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته: " أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري فقال: يا أمير المؤمنين أو تكون ذنوب تعجل الفناء ؟ فقال: نعم ويلك قطيعة الرحم، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون و هم فجرة فيرزقهم الله وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء"(١) .

وهذا أحد المعاني التي نستفيدها من العيد وهو ما ينبغي أن نعتمده كأسلوب من أساليب إحيائنا لأيامه المباركة.

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي -ج ٢مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٤٧

٢٣٧

بين الأخوة والغدير : الإمام عليعليه‌السلام

المناسبة: عيد الغدير

التاريخ: ١٨ ذو الحجة

يعتبر عيد الغدير عيد الله الأكبر يوم إكمال الدين وتمام النعمة حيث قال الله تعالى:﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا..(١)

المؤاخاة يوم الغدير:

العنوان الرئيسي لهذا اليوم هو: المؤاخاة، وقد وردت للمؤاخاة صيغة خاصة في هذا اليوم تدلّ على عمق العلاقة التي يريدها الله تعالى بين إخوان الولاية وهي كما ذكرها المحقّق النوري أن يضع المؤمن يده اليمنى على اليد اليمنى لأخيه

____________________

١- المائدة:٣.

٢٣٨

المؤمن ويقول: " وآخيتك في الله وصافيتك في الله وصافحتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبياءه والأئمة المعصومينعليه‌السلام على أنّي إن كنت من أهل الجنّة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنّة لا أدخلها إلّا وأنت معي" ثمّ يقول له أخوه المؤمن: " قبلت"(١) .

ولا يخفى ما للأخوة من آثار في شدّ أواصر الوحدة في المجتمع الإسلامي وتحقيق مضمون قوله تعالى:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ(٢)

من هنا ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " من جدّد أخاً في الإسلام بنى الله له برجاً في الجنّة"(٣) .

وورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : " من لم يرغب في الاستكثار من الإخوان ابتلي بالخسران"(٤) .

العلاقة بين الأخوة:

وعن كيفيّة العلاقة بين الإخوان أوضح أهل البيتعليهم‌السلام

____________________

١- النوري - الميرزا - مستدرك الوسائل - ج ٦ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٧٩

٢- الحجرات:١٠

٣- الريشهري - محمد - ميزان الحكمة - ج١ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -٣٩

٤- الريشهري - محمد - ميزان الحكمة - ج١ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ٣٩

٢٣٩

الكثير من التفاصيل نذكر منها:

ما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : " يحتاج الإخوة فيما بينهم إلى ثلاثة أشياء...التناصف والتراحم ونفي الحسد"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : " المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه، ولا يغشّه ولا يعده عدة فيخلفه"(٢) .

وعن النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " خير إخوانك من أعانك على طاعة الله وصدّك عن معاصيه وأمرك برضاه".

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : " خير إخوانك من سارع إلى الخير وجذبك إليه، وأمرك بالبرّ وأعانك عليه".

وعنهعليه‌السلام : " خير إخوانك من دلّك على هدى وأكسبك تقىً وصدّك عن اتباع هوى"(٣) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : " شرّ الناس من لا يعفو عن الهفوة ولا يستر عن العورة".

____________________

١- النمازي الشهرودي - الشيخ علي-مستدرك سفينة البحار - ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧١

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٧١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٦٨

٣- الريشهري - محمد - ميزان الحكمة - ج١ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٦

٢٤٠

خاتم الصدقة

المناسبة: أسبوع الصدقة

(تصدّق أمير المؤمنينعليه‌السلام بالخاتم أثناء صلاته)

التاريخ: ٢٤ ذو الحجة.

تصدُّق أمير المؤمنينعليه‌السلام بخاتمه أثناء صلاته في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة فأنزل الله تعالى آية الولاية فقال عزّوجلّ:﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(١) .والخطاب في هذه الآية المباركة يحصر الولاية بثلاثة هم: " الله والرسول والذين آمنوا" وقد كرَّم الله تعالى صاحب الصدقة فعبَّر عنه بصيغة الجمع وكرَّم من يتولّاه بعد الله ورسوله فسمّاهم " حزب الله" ووصفهم بالغالبين.

____________________

١- المائدة: ٥٥-٥٦.

٢٤١

قصة الآية:

تكاثرت الروايات على أنّ الآيتين السابقتين نزلتا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لمـّا تصدق بخاتمه وقام صحابة النبي الكرام بنقل قصّة التصدّق هذه، وعلى رأس هؤلاء الصحابي الجليل أبو ذرّ الغفاري الذي كان يصرّ على نشر هذه القصّة المباركة إيماناً منه أنّها واحدة من القيم الكبرى والفضائل العظمى التي أرادها الله خالدة خلود القرآن الكريم فقال (رضوان الله عليه):

صلّيت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهمّ اشهد أنّي سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً، وكان عليعليه‌السلام راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختّم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا فرغ النبي من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: " اللهمّ موسى سألك فقال: ربّ اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي، اشددْ به أَزْري و أشرِكْهُ في

٢٤٢

أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: سنشدُّ عَضُدُكَ بأخيكَ ونجعل لكما سلطاناً فلا يصِلون إليكما بآياتنا...اللهمّ وأنا محمّد نبيك وصفيُّك، اللهمّ واشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشددْ به ظهري"(١) .

قال أبو ذرّ: فما استتمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكلمة حتى نزل جبرائيل من عند الله تعالى إلى الرسول الأكرم وقال يا محمّد اقرأ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(٢) .

أهميّة الصدقة:

إنّ نزول آية الولاية في تصدَّق أمير المؤمنينعليه‌السلام يدلّ على القيمة الكبرى للصدقة في الإسلام والتي ورد فيها أحاديث كثيرة تدلّ على مكانتها عند الله تعالى فهي كما ورد على لسان الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " تقع في يد الله قبل أن تقع في

____________________

١- القمي الشيرازي- محمد طاهر- كتاب الاربعين - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٥

٢- المائدة: ٥٥- ٥٦

٢٤٣

يد العبد"(١) و" تطفئ غضب الربّ"(٢) و" تدفع البلاء"(٣) ، وهي كما أكّد نبيّنا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّها سبب لإستنزال الرزق..ومداواة المرض..ورحمة للموتى، وهي ذات الآثار الجليلة التي عبَّر عنها الإمام الصادقعليه‌السلام بقوله:

"الصدقَّة تدفع ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاً من البلاء "(٤)

" أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله"(٥) .

الصدقة بين القيمة والإخلاص:

إن نزول آية الولاية بعد تصدق أمير المؤمنينعليه‌السلام بخاتمه يدل على مكانة التصدَّق، إلا أن المكانة والقيمة الحقيقية ليست لهذا العمل المجرَّد بل للخلفية الإيمانية والروحية التي حركت الإمام عليعليه‌السلام للتصدُق بخاتمه، وهذا ما لم يفهمه بعض من عاصر النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله وفاجأه نزول آية الولاية بسبب تصدُق الإمامعليه‌السلام فقال:

____________________

١- السيد البروجردي - جامع أحاديث الشيعة - ج ٨ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -٣٤٣

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -١٢٩

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٥٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -٢٦٤

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -١٢٩

٥- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -١٢٠

٢٤٤

" تصدقت بأربعين خاتماً وأنا أصلِّي لينزل فيَّ ما نزل في أميرالمؤمنين فلم ينزل"(١) . ولم يدرك هؤلاء أن الله تعالى لا ينظر لصورة العمل وكميته بل لمدى الإخلاص الذي انطلق منه ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٣٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -١٨٣

٢٤٥

زواج النورين

المناسبة: زواج الإمام عليعليه‌السلام من السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام

التاريخ: ٢٤ ذو الحجة.

طمح الكثيرون في نيل شرف المصاهرة لخاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخطبة ابنته الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، لكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يردّهم بلطف قائلاً: " أمرها إلى ربّها"(١) .

كفؤ الزهراء:

وتقدَّم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام لخطبة السيدة الزهراءعليها‌السلام ليجد فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكفؤ الوحيد لها بين الرجال، بل إنّ هذا كان خطاباً من الملك جبرائيل حين هبط على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً: " يا محمد، إنّ الله جلّ جلاله يقول: لو لم أخلق

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٤٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٢٤

٢٤٦

علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض آدم فمن دونه"(١) .

لذا كان حقيقاً بثغر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبتسم حين علم برضى ابنته الزهراءعليها‌السلام وأن يقول: " إنّي سألت ربّي أن يزوّجها خير خلقه"

مهر الزواج:

وقدَّم أمير المؤمنينعليه‌السلام مهر اً متواضعاً هو قيمة درعه الذي ما كان يملك غيره مع السيف لتلك المرأة الحقيقية الكاملة والنسخة الإنسانيّة المتكاملة كما كان يعبّر عنها الإمام الراحل{، ليعيشا في بيت متواضع كان الإمام عليعليه‌السلام يأتي إليه بالحطب ويكنسه فيما كانت زوجته الصدّيقة الكبرى تطحن فيه وتعجن وتخبز في أجواء أسريّة تمثّل المصداق الحيّ الناطق لتعاليم الإسلام الحنيف التي وضعت خطوط النور للحياة الزوجيّة الهادفة، والتي تجلَّت في كلمات أهل بيت العصمةعليه‌السلام التي تخاطب الزوج قائلة: " لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٤٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٩٢

٢٤٧

موافقتها ومحبّتها وهواها.وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها"(١) .

كما تخاطب هذه التعاليم الحنيفة الزوجة قائلة: " أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام أغلق الله عنها سبعة أبواب النّار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيّها شاءت"(٢) .

وكانت حياة النورين العظيمينعليه‌السلام المثال الأعلى للحياة الزوجيّة التي حدّث عنها أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلامه عن السيدة الزهراءعليها‌السلام : " فوالله ما أغضبتها، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان"(٣) .

الزوجة الصابرة:

وكانت السيدة الزهراءعليها‌السلام الزوجة الصابرة في بيتها حتى ورد عن أبي سعيد الخدري قوله: " أصبح علي بن أبي طالب ساغباً (أي جائعاً)، فقالعليه‌السلام : " يا فاطمة، هل عندك شيء

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٣٧

٢- الريشهري - محمد - ميزان الحكمة- ج ٢ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ١١٨٦

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٤٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٣٤

٢٤٨

تغذينه؟ قالتعليه‌السلام : لا والذي أكرم أبي بالنبوّة، وأكرمك بالوصيّة، ما أصبح الغداة عندي شيء، وما كان شيء أطعمناه من يومين إلّا شيء كنت أؤثرك به على نفسي، وعلى ابنيّ هذين الحسنعليه‌السلام والحسينعليه‌السلام ، فقال عليعليه‌السلام : يا فاطمة، ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم شيئاً، فقالتعليه‌السلام : يا أبا الحسن، إني لأستحي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه"(١) .

إنّها سيرة للاقتداء والتأسّي فإنّ " أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ من يقتدي بسنّة إمامٍ ولا يقتدي بأعماله"(٢) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٤٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٩

٢- الشيخ الصدوق- الخصال - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٨

٢٤٩

أهل البيتعليهم‌السلام في آية المباهلة

المناسبة: يوم المباهلة

التاريخ: ٢٥ ذو الحجة

قال تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ(١) .

قصة الآية:

في السنة التاسعة أو العاشرة للهجرة في ٢٥ من شهر ذي الحجة وقعت حادثة تاريخية خلَّدها الله تعالى في كتابه ورواها المحدثون والمؤرخون والمفسرون والعلماء على مختلف مذاهبهم كشفت عن عظيم مقام وقدر علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

____________________

١- آل عمران:٦١

٢٥٠

يقول الزمخشري في تفسير الكشَّاف عند تفسيره للسورة " وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء".

إذ أن مما لا شك فيه ولا جدال أن هذه الآية نزلت في حق الخمسة الأطهار الميامين أهل الكساء.

وقد ذكر ذلك الرازي في تفسيره، وأبو إسحاق الثعلبي في كشف البيان، والسيوطي في الدر المنثور، وابن حجر المكي في الصواعق المحرقة، والقندوزي في ينابيع المودة، والطبري ومسلم في صحيحه، والترمذي في صحيحه، وغيرهم الكثير.

وعبَّر الإمام عبد الحسين شرف الدين في الكلمة الغراء ب-:" أجمع أهل القبلة حتى الخوارج منهم على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يدعُ للمباهلة من النساء سوى بضعته الزهراء وعلي والحسن والحسين فقط".

هذا الحديث الذي احتَّج به عليعليه‌السلام يوم الشورى حسبما رواه في الصواعق عن الدارقطني يوم الشورى فقال لهم:" أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله في الرحم مني ومن جعله نفسه وابناه ابناه ونساءه نساءه غيري " قالوا: اللهم لا.

٢٥١

وتفاصيله أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا نصارى نجران إلى الإسلام فأقبلت شخصياتهم، وكان العدد يربوا على السبعين، ولما وصلوا المدينة المنورة التقوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجالسوه مراراً وسمعوا حديثه ودلائله وما كان عندهم رد وجواب.

يقول الرازي في تفسيره لما أورد الدلائل على نصارى نجران قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم "(١) ،إلى أن قال، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليعليه‌السلام خلفها وهو يقول إذا دعوت فأَمِّنوا، فقال أسقف نجران إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة، إلى أن قال: ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا...وعقب الرازي على الرواية واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير و الحديث.

____________________

١- الخراساني - الشيخ وحيد -منهاج الصالحين - ج ١ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٩٠

٢٥٢

بعض دلائل آية المباهلة:

هذا النص لا شك أنه يحمل العديد من الدلالات الهامة والعلامات التي تستوقف الإنسان:

إن معنى المباهلة كما في الكشَّاف للزمخشري، ثم نبتهل، ثم نتباهل بأن نقول: بَهلةُ الله على الكاذب منا، ومنكم والبهلةُ بالفتح والضم: اللَّعنه وبَهَلَهُ الله: لعنهُ وابعدهُ من رحمته من قولك: " أبهلة" إذا أهمله...واصل الابتهال هذا ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه ولم يكن التعاناً.

إن هذا برهان واضح على صحة نبوة نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه من الواضح فيما ذكره كل من تحدث عن المباهلة انهم لم يستجيبوا للمباهلة والتقوا بأن يصالحوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إن تعيين شخصيات المباهلة لم تنشأ من حالة عفوية ارتجالية أو تأثيرات عائلية بل بتوجه إلهي واختيار رباني هادف فقد تحدى بهم أعداء الإسلام وجعل خصومهم كاذبين معرضَّين للعنة والعذاب...

وقد ورد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما سُئل عن هذا الاختيار قوله:" لو علم الله تعالى أن في الأرض عباداً أكرم من علي وفاطمة

٢٥٣

والحسن والحسين لأمرني أن أباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى".

٢٥٤

رؤية الإمام الخمينيقدس‌سره لحقيقة الثورة

المناسبة: ذكرى انتصار الثورة

التاريخ: ١١ شباط

لقد كانت الثورة الإٍسلامية نهضة للإسلام في عصر احتكار السلطة على العالم وحصرها بيد المستكبرين وفي زمن سيطرة الأفكار المادية على الفكر وسطوة المادة التي استعبدت شعوب الأرض وجاء الإمام الخمينيقدس‌سره بثورة الإسلام في إيران لتصويب التوجهات الإنسانية وإعادة الاعتبار للدين والروحانيات من هنا فإن الإمام كان يرى حقيقة الثورة كما يلي:

١- ثورة إلهّية:

يشير الإمام إلى الفاعل الأساسي في الكون والوجود

٢٥٥

بمقتضى عقيدة التوحيد فينسب النصر إلى الله قائلاً: " إن التحوّل الذي حصل لشعبنا من الخوف إلى الإقتدار ومن الضعف إلى القوة إنما كان تحوّلاً إلهياً".

٢- ثورة عقائديّة:

يقول الإمامقدس‌سره : " لنضحي في سبيل حراسة الثورة الإسلامية ولنسعى في حفظ هذه العقيدة المجيدة التي تمثّل رسالة الخلاص لمستضعفي العالم وسلاح القضاء على المستكبرين".

٣- ثورة معنويّة وروحيّة:

فالثورة إعادة لقيم الأخلاق والدين والروحانية وعن ذلك يقول الإمامقدس‌سره : " إنّ ثورتنا الإسلاميّة الكبرى هي ثورة معنويّة روحيّة قبل أن تكون سياسيّة واجتماعيّة".

٤- ثورة إيمانيّة:

عن ذلك يقول الإمامقدس‌سره : " إنّ السرّ في انتصاركم هو الإيمان بالله والتوجّه إليه" ويقول أيضاً: " لقد انتصرنا بقدرة الإيمان..ولم ننتصر بالعدد والعدّة".

٢٥٦

٥- ثورة الحقّ على الباطل:

عن ذلك يقولقدس‌سره : " إنّنا على الحقّ والحقّ منتصر على الباطل".ويقول أيضاً: " إنّكم على الحقّ وقد وقفتم بوجه الباطل، والحقّ منتصر لا محالة".

حفظ الثورة:

الثورة نعمة إلهيّة كبرى تقتضي المعرفة بقيمتها العمل على حفظها وتنميتها وتقويتها، وعن هذا الواجب يقول الإمامقدس‌سره : " إنّ الثورة كالطفل تحتاج إلى التربية والحضانة لتنمو وتكبر" أمّا كيف تحفظ فيلفت الإمام إلى عناوين فيها:

ضمانة الإيمان:

يقولقدس‌سره : " لقد سلمت إيران مهمة حفظ الثورة إلى أشخاص مؤمنين، والثورة تتقدم الآن أيضاً على أيدي أولئك المؤمنين".ويقول أيضاً:"..الله أكبر ووحدة الكلمة هي التي نصرتنا وسلاحنا الآن هو الله أكبر".

التضحية وعدم اليأس:

يقول الإمام: " لا بد من التضحية بالنفس وتقديم الضحايا

٢٥٧

والقرابين في طريق الثورة.."، ويقول:"...سيروا في هذه النهضة ولا تتركوا اليأس يتسرّب إلى أنفسكم فإن اليأس من جنود الشيطان".

وأخيراً:

متى يتحقّق النصر الإلهي الأكبر؟

إنّ انتصار الثورة في إيران في نظر الإمام هو محطة ومرحلة في مشروع الإسلام وعن ذلك يقول الإمامقدس‌سره : " الانتصار النهائي يتحقّق عندما يطبّق الإسلام في إيران بجميع أبعاده وجميع أهدافه وبجميع أحكامه والنصر الأكبر يتحقّق عندما يحكم الإسلام كلّ أقطار العالم".

٢٥٨

الحفاظ على النصر

المناسبة: عيد المقاومة التحرير

التاريخ: ٢٥ أيار

أكّد القرآن الكريم أنّ السبب الحقيقي لصنع النصر هو الله تعالى فقال عزّ وجلّ:﴿وَمَا النَّصْرُ إِلّا مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(١) ، كما أكّد على حتميّةِ النصرِ حينَ يأخُذُ المؤمنون بأسبابهِ ويحقِّقون شروطَه، وذلك بقوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(٢)

أسباب النصر:

ومن مستنزِلات النصرِ الإلهي أمور:

منها الولاية التي قرنها الله تعالى بالنصر في أكثر من آية

____________________

١- آل عمران : ١٢٦

٢- الروم: ٤٧

٢٥٩

كقوله عزّ وجلّ:﴿..وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا(١)

ومنها الوحدة التي أكّد الله عليها في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ(٢)

ومنها الصبر الذي ربط الله ُتعالى الغلبةَ به في قوله جلَّ شأنهُ: ﴿فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(٣)

لحفاظ على النصر:

وحينما ينزل الله ُتعالى نصرَه، يبقى على الأمةِ أن تحافِظَ على هذهِ النعمةِ من خلال المحافظةِ على قوَّتِها وثباتِها كما يوضِّح لنا قائدُ مسيرتنا الراحل الإمامُ الخمينيقدس‌سره بقوله: " ما أكثرَ الانتصاراتِ التي تُحقِّقُها الشعوبُ ثمّ تفقُدها نتيجةَ ضعفِها وعدمِ ثباتِها على ما حقَّقته".

فلئن كان النصرُ أمراً يشكِّل تحقيقُه ميلاً بشرياً تحبُّه وتطلبه وترغبُ فيه كلّ المجتمعات، كما يحدّثنا الله تعالى بقوله:

____________________

١- النساء: ٤٥

٢- الصف: ٤

٣- الأنفال: ٦٦

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274