زاد المناسبات

زاد المناسبات0%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات

مؤلف: المركز الإسلامي للتبليغ
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 274
المشاهدات: 42673
تحميل: 3631

توضيحات:

زاد المناسبات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42673 / تحميل: 3631
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنّكم لا تشكرون الله بشيء بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبَّ إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جناب ربّهم، فإنّ من فعل ذلك كان من خاصّة الله"(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٥٥

٤١

إضاءات من حياة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

المناسبة: شهادة الإمام العسكريعليه‌السلام

التاريخ: ٨ ربيع الأول سنة ٢٦٠ه

قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ(١)

تسلّم الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام الإمامة وهو في مطلع شبابه، ولم تتجاوز حياته بعد إمامته عشر سنوات عاش فيها محنة قاسية مع ستة من الحكام الظالمين كانت شهادته على يد سادسهم " المعتمد".

ألقاب الإمام:

اشتهر الإمام الحسن بن علي بن محمّدعليه‌السلام بالعسكري نسبةً إلى ولادته وترعرعه في بلدة سميت بـ " عسكر"، لكن

____________________

١- النحل: ١٦.

٤٢

للإمامعليه‌السلام ألقاباً عديدة كان يعرف بها، منها:

- الزكي: لُقِّب به لما عرفه الناس القريب منهم والبعيد من عبادته وتقواه.قال أحد المقرّبين منه: كان يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه، ثمّ أنام، وهو ساجد.وقال عبيد الله بن خاقان (وزير المعتمد) لابنه حينما تعجّب من تعظيم الأب للإمام: " لو زالت الخلافة من خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا (أي الإمام العسكريعليه‌السلام )، فإن هذا يستحقها من فضله، وعفافه، وهديه، وصيانة نفسه، وزهده، وعبادته، وجميل أخلاقه وصلاحه".وعن أخلاق الإمام العسكريعليه‌السلام قال القطب الرازي: " كانت أخلاقه كأخلاق رسول الله".

- الهادي: فقد كان الإمام هادياً للناس منذ طفولته، وهذا ما تشير إليه قصة ذلك الرجل الذي مرَّ بالإمامعليه‌السلام وهو طفل صغير يبكي بين أترابه، فقال الرجل له:أشتري لك ما تلعب به؟ فأجابه الإمام: ما للّعب خلقنا، فسأله الرجل: لماذا خلقنا؟ فأجابهعليه‌السلام : للعلم والعبادة، فسأله الرجل متعجباً من أين لك هذا؟ فأجابهعليه‌السلام : من قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ

٤٣

عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ(١) ،قال الرجل ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك؟! فإذا بالإمامعليه‌السلام يجيبه: " إليك عني يا بهلول، إنّي ما رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تُقد إلّا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم"(٢) .

- الخاصّ: سمّي به لما خصَّه الله تعالى من الفضائل والكرامات واستجابة الدعاء، حتى أنّ المعتمد في أول خلافته قدم إلى بيت الإمامعليه‌السلام طالباً أن يدعو الله عزّ وجلّ بمدِّ عمره لما كان يعرف من فضل الإمامعليه‌السلام ومنزلته عند الله تعالى.

-السراج: فقد كان الإمامعليه‌السلام سراجاً معنوياً زيتُه القرب من الله تعالى يضيء لأهل السماوات بنور قد يشاهده بعض الخواص كخادم الإمام الذي كان يقول: " إذا نام سيدي أبو محمّد العسكري رأيت النور ساطعاً من رأسه إلى السماء"،كما كان سراجاً للناس يُفيض علماً نافعاً قد اعترف به حتى غير المسلمين فقال عنه طبيب نصراني في عصره: " هو أعلم في يومنا هذا ممن هو تحت السماء".

____________________

١- المؤمنون: ١١٥

٢- الشيرواني-المولى حيدر - مناقب آل البيتعليهم‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٩٣

٤٤

وصيّة الإمام:

ومن نور هذا السراج المبارك كانت وصيّة الإمامعليه‌السلام لشيعته:" أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي، فيسرّني ذلك.اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً"(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٧٢

٤٥

الوحدة الإسلامية في كلام القائد دام ظله

المناسبة: ولادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

والإمام الصادقعليه‌السلام

التاريخ: ١٢ و١٧ ربيع الأول

دعا الإمام الخميني دام ظله إلى الوحدة بين المسلمين منطلقاً من تاريخَي الولادة المشهورَين عند المسلمين أهل السنة والشيعة وهما ١٢ و١٧ ربيع الأول، فأعلن بينهما أسبوع الوحدة الإسلاميّة.

الصدقة الجارية:

وفي إحدى كلمات الإمام الخامنئي دام ظله اعتبر " أنّ إحدى الصدقات الجارية للثورة الإسلاميّة والتي تحقّقت ببركة عبقريّة الإمام الراحل (رضوان الله عليه) هي تخصيص أيام ذكرى ولادة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالوحدة الإسلاميّة"

٤٦

معتبراً أنّ " البعض يعيش هذا الأمل بكلّ وجوده، والبعض يتّخذه شعاراً فحسب دون أن يكون جادّاً في تحقيقه".

الشخصية المحورية:

وتابع دام ظله قائلاً:

" وعندما نفكّر في الآليات والأساليب العمليّة لتحقيق هذا الأمل نجد أنّ شخصية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتي تعتبر أفضل وأعظم شخصية في الإسلام، هذه الشخصية الفذّة هي المحور الأساس الذي تتمحور حوله عواطف وعقائد المسلمين كافة.وقلّما تجد مفردة من مفردات الإسلام أو حقيقة إسلامية تكون مورد اتفاق جميع المسلمين وقادرة على استقطابهم وتستأثر بكل عواطفهم كما هو الحال بالنسبة إلى شخصية الرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..نظراً لدور وتأثير العواطف البالغ الأهمية، بحيث إننا إذا استثنينا بعض الفرق الشاذّة التي لا تهتم بالجانب العاطفي والولاء القلبي ولا بمسألة التوسّل، فإنّ عموم المسلمين تشدّهم بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عواطف وأواصر حبّ قوية.وبناءاً على ذلك يمكن لهذا الوجود المبارك وهذه الشخصية العظيمة أن تكون محور الوحدة التي نحن بصدد تحقيقها".

٤٧

وحدة المسلمين:

وتابع الإمام الخامنئي دام ظله كلامه منبهاً إلى الضرورة الملحة والأكيدة للوحدة الإسلاميّة وذلك " لأنّ أعداء الإسلام اليوم يتّصفون بصفتين لم يكونوا قد توفّروا عليهما من قبل:

الصفة الأولى:

أنّهم اليوم يمتلكون أكبر قدر ممكن من عناصر القوة، كالمال والسياسة والإعلام، كما يمتلكون كافة وسائل وآليات السيطرة والنفوذ والهجوم والمباغتة.

وهم يشكّلون جبهة واحدة في قبال الإسلام بدءاً بالاستكبار وعلى رأسه أمريكا والصهيونية ومروراً بشركات النفط العالمية وانتهاءاً بذوي الأقلام المأجورة الّذين يعملون لصالحهم، وهم مجهّزون بمختلف الوسائل والمعدات وأحدثها.ونظرة سريعة إلى تأريخ الصراع المحتدم بين الإسلام والقوى المضادة تثبت أنّ القوى المضادة لم تكن في يوم من الأيام مجهزة بكلّ هذه الإمكانيّات والمعدات وعناصر القوة كما هي عليه اليوم.

٤٨

الصفة الثانية:

أنّ هذه الجبهة المناوئة للإسلام حسّاسة بشدة تجاه الخطر الإسلامي الذي يهدّدها أكثر من أيّ وقت مضى.ومنشأ هذا التحسّس أنّها ترى الإسلام قد خرج عن كونه مجموعة وصايا أخلاقية وأصبح تياراً فكرياً له نظامه الخاصّ به.

لقد شاهد أعداء الإسلام بأمّ أعينهم أنّ الإسلام استطاع أن يحدث ثورة ويخرج الناس من مواقع الهزيمة ويرسّخ ثقتهم واعتزازهم بدينهم وأنفسهم، كما شاهد كيف استطاع الإسلام أن يؤسّس نظاماً يتمتع بالاستقرار والثبات،..ولذلك تراه يبدي حساسية شديدة تجاه الإسلام.والسؤال المطروح هو ما الّذي يخطّط له أعداء الإسلام في الوقت الراهن؟

إنّ أفضل وسيلة يمتلكها الأعداء هي بثّ الفرقة والاختلاف بين المسلمين، بالخصوص بين من له القدرة على التأثير في الآخرين وأن يكون مثلاً أعلى وأسوة لغيره.

وهم يبذلون جهوداً حثيثة ومتواصلة في المجال السياسي ليحقّقوا أغراضهم الخبيثة.وأنا من موقعي هذا أرى وأعتقد بأنّ وحدة المسلمين تعدّ ضرورة حيوية وليس شعاراً.

٤٩

أقولها جاداً إنّ على المجتمعات الإسلامية أن توحّد كلمتها وتسير باتجاه واحد.

إنّ الاتحاد بين الشعوب الإسلامية لا يُلغي الاختلاف الموجود ولا الفروق الموجودة في الآداب والتقاليد المتبعة في المجتمعات الإسلامية، كما أنّه لا يلغي الاختلافات الموجودة في الاجتهادات الفقهية.ومعنى أن تتحد الشعوب المسلمة هو أن تتخذ موقفاً موحداً فيما يخصّ مجريات ومسائل العالم الإسلامي، وأن تتعاون فيما بينها، ولا تهدر ثرواتها في فتن وصراعات داخلية.

ومن هذا المنطلق يمكن أن نعتبر شخصية الرسول الأعظم المحور الأساس للوحدة، ولذا ينبغي على المسلمين خاصة مثقّفيهم أن يتمحوروا حول شخصية وتعاليم هذا الرمز الكبير والحبّ والولاء له".

٥٠

صور من أخلاق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

المناسبة: ولادة النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

التاريخ: ١٧ ربيع الأول

قال الله تعالى:﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(١)

امتازت شخصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالأخلاق الإنسانيّة السامية، وحسن معاشرة الناس ومعاملتهم بالرفق واللين والرحمة، والقدرة على تحمّل الآلام والمصاعب والأذى.

ونستعرض هنا نماذج من خُلُقه الاجتماعيّ حسبما ورد في الأحاديث عن أهل البيتعليه‌السلام الذين هم أعرف الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشخصيّته وسلوكه الفرديّ والاجتماعيّ.

الخلق العظيم:

فقد روى الإمام الحسن عن أبيهعليه‌السلام قال: " كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دائم البِشْر - أي يواجه الناس بالإبتسامة والبشاشة - سهل

____________________

١- القلم: ٤.

٥١

الخُلُق، ليّن الجانب(الرفق واللطافة)، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخّاب - (من الصخب وهو شدّة الصوت) - ولا فحّاش، ولا عيّاب، ولا مدّاح"(١) .

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخاطب قومه ويقول: " يا بني عبد المطلب، إنّكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحُسْن البِشْر"(٢) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا وصف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: " كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمّة، وألينهم عريكة (أي ألينهم طبيعة)، وأكرمهم عشرة، ومن رآه بديهة - (أي لأوّل مرّة)- هابه، ومن خالطه فعرفه أحبّه، لم أرَ مثله قبله ولا بعده"(٣) . وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبادر من لقيه بالسلام والمصافحة، فيسلّم حتى على الصغير، وكان شديد المداراة للناس حتى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، وأذلّ الناس من أهان الناس"(٤) .

____________________

١- الشيخ الطبرسي - مكارم الاخلاق - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ١٤

٢- الشيخ الكليني - الكافي - ج ٢ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ١٠٣

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ١٦ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ٢٣١

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٢ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ٥٢

٥٢

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يذمّ أحداً، ولا يعيّر أحداً، ولا يفتّش عن عيوب أحد، بل كان شديد الحياء وقد ورد أنّه كان حين يريد لوم أحد أو عتابه يعاتبه بكلّ حياء وخجل.

قضاء الحوائج:

وكان من سأله حاجة قضاها له إن قدر على ذلك، وإلّا واجه صاحب الحاجة بكلمة طيّبة أو دعاء أو نصيحة أو توجيه.

السؤال عن أصحابه:

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيّام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده.

ذكر الله في كل حال:

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكر الله جلّ اسمه، ولا يتّخذ لنفسه مكاناً خاصاً في المجلس بل كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر أصحابه بذلك.

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شديد الاهتمام بالطهارة، حتى لقد ورد عن بعض أصحابه:" ما رأيت أوضأ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "(١)

____________________

١- الشيخ الطبرسي - مكارم الاخلاق - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ١٨

٥٣

الاهتمام بالمظهر:

وكان شديد الاهتمام بمظهره وهندامه، فلم يكن يماثله أحد في نظافة جسمه وملابسه وأناقة مظهره فقد روي أنّه كان يتجمّل لأصحابه فضلاً عن تجمّله لأهله.وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : " كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينفق على الطيب (العطر) أكثر ممّا ينفق على الطعام"(١) .

بل عن الإمام الباقرعليه‌السلام : " كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يمرّ في طريق، فيمرّ فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلّا عرف أنّه قد مرّ فيه لطيب عرفه (أي رائحته)"(٢) .

آداب المجلس:

وفي سموّ أخلاقه وأدبه مع جلسائه يقول الإمام الصادقعليه‌السلام : " كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقسم لحظاته - (نظراته) - بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية، ولم يبسط -(أي يمدّ) - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجليه بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله يده من يده حتى يكون هو التارك،

____________________

١- العلامة المجلسي- بحار الانوار - ج ١٦ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ٢٤٨

٢- العلامة المجلسي- بحار الانوار - ج ١٦ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ٢٤٨

٥٤

فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه مال بيده فنزعها من يده"(١) . وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال: "لبيك".هكذا كانت سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أصحابه وأمّته، لقد كان يتعامل مع جميع الناس بعاطفة أبويّة تتفجّر حباً وعطفاً وحناناً ورحمة، بالرغم من مركزه القياديّ في الأمّة ومكانته السامية.وقد كان هذا السلوك النبويّ المحمّديّ الأصيل، وتلك الأخلاق والخصائص النبيلة التي توافرت في شخصيّته العظيمة أحد أهم العوامل في انتصار الإسلام وسرعة امتداده وانتشاره ونفوذه إلى عقول وقلوب الناس: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً(٢)

____________________

١- العلامة المجلسي- بحار الانوار - ج ١٦ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام -ص ٢٦٠

٢- الأحزاب: ٢١

٥٥

الإمام الصادقعليه‌السلام : معالم الهوية الشيعية

المناسبة: ولادة الإمام الصادقعليه‌السلام

التاريخ: ١٧ ربيع الأول سنة ٨٣ ه

تميز عصر الإمام الصادقعليه‌السلام بانشغال الحكّام الظالمين عنه في الفترة التي أتاحت له إبراز معالم الإسلام المحمديّ الأصيل بتفاصيل أصوله وفروعه، وذلك في زمن أحتضار الدولة الأمويّة وبداية تكوُّن الدولة العبّاسيّة علم الامام.

بلغ تلامذة الامام أربعة آلاف تلميذ بينهم بعض أئمة المذاهب الإسلاميّة، حتى ورد أنّ أحدهم دخل مسجد الكوفة في تلك الفترة فشاهد في مسجدها تسعمائة شيخ كلّ منهم يقول حدّثني جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، بل وصلت غزارة الإنتاج الفكريّ للإمام الصادقعليه‌السلام إلى حدِّ أنّ أبان بن تغلب روى

٥٦

عنه ثلاثين ألف حديث.

وقد أدّت هذه الغزارة في النتاج الفكريّ إلى انتساب مذهب أهل البيتعليه‌السلام إليه فسُمّي بالمذهب الجعفريّ.

وتعلّق الناس بالإمام الصادقعليه‌السلام ورأوا فيه القائد الذي سيحكم الدولة القادمة بعد الحكم الأمويّ ليقود الناس على المحجّة البيضاء لا سيما أنّهم ظنّوا أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام هو المقصود في الشعار الموهم الذي رفعه العبّاسيّون وهو الدعوة إلى الرضا من آل محمد.

قلة الأنصار:

وهذا ما يظهره حوار الإمامعليه‌السلام مع صاحبه سدير حينما جاءه قائلاً: " والله ما يسعك القعود، فقال الإمامعليه‌السلام : ولمَ يا سدير؟ فأجابه: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك...فقالعليه‌السلام : يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قال: مائة ألف، قالعليه‌السلام : ومائة ألف؟ قال: نعم ومائتي ألف، فقالعليه‌السلام : ومائتي ألف؟قال سدير: نعم ونصف الدنيا فسكت الإمامعليه‌السلام ثمّ قال أيخف عليك ان تبلغ معنا إلى ينبع" فقلت:" نعم...فقال الإمامعليه‌السلام لسدير وهو ينظر إلى قطيع من الجداء: والله يا سدير لو

٥٧

كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود..."(١) .

لذا توجّه الإمامعليه‌السلام لبناء الشيعة الحقيقيّين الذين يعيشون الإسلام ممارسة حتى في وقت الاستحقاق مقابل أولئك الذين يرفعون الشعار ما درّت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء وقفوا في الجانب المقابل أو على تلّ المشاهدة.

ومن أجل ذلك رسم الإمام صفات شيعة الاستحقاق في مواقف فريدة وكلمات مجيدة نعرض من هذه الصفات ما يلي:

التسليم المطلق للقيادة الإلهيّة:

وقد أبرز الإمامعليه‌السلام هذه الصفة حينما قدم عليه أحدهم يعرض عليه قيادة الثورة مدّعياً التسليم له فيها مع رفاقه الثائرين فإذا بالإمام يطلب منه أن يدخل التنور المسجّر، وهنا يتبيّن عدم إيمان القادم وعدم تسليمه للإمامعليه‌السلام فيرفض، وينادي الإمامعليه‌السلام صاحبه " هارون المكي" ويأمره بدخول التنّور فيدخل دون تردّد ليخرج بعدها سالماً بعد أن عبرّ عملياً عن تشيّعه الحقيقيّ بإيمانه وتسليمه لقيادة الإمامعليه‌السلام الإلهيّة.

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٤٢

٥٨

التفقّه في الدين:

فقد كان الإمامعليه‌السلام يقول: " لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا"(١) .

التحلّي بمكارم الأخلاق:

ففي وصيّة الإمام الصادقعليه‌السلام لشيعته: " أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً أو فاجراً، فإنّ رسول الله كان يأمر بأداءالخيط والمخيط، صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفريّ ويسرّني ذلك، ويدخل عليّ منه السرور، وقيل هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره وقيل هذا أدب جعفر، فوالله لحدثني أبي أنّ الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي فيكون زينها أدّاهم للأمانة وأقضاهم للحقوق وأصدقهم للحديث"(٢) .

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي - ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٣

٢- الشيخ الكليني - الكافي - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام -ص ٦٣٦

٥٩

من مزايا الإمام العسكريعليه‌السلام

المناسبة: ولادة الإمام العسكريعليه‌السلام

التاريخ: ٨ ربيع الثاني سنة ٢٣٢ه

ولد الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في ربوع المدينة المنوّرة مهبط الوحي وموطن الملائكة ومدرسة أهل البيتعليه‌السلام سنة ٢٣٢ ه وسمّي بالعسكري نسبة إلى محلّة العسكر في مدينة سامراء التي كان يسكنها هو ووالده الإمام علي الهاديعليه‌السلام .

النص على إمامته:

وقد أرشد الإمام الهاديعليه‌السلام إلى إمامة ولده الحسنعليه‌السلام بنصوص عديدة منها ما كتبه إلى أحد أصحابه " أبو محمّد ابني، أنصح آل محمّد غريزة، وأوثقهم حجّة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف، وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها، فما

٦٠