زاد المناسبات

زاد المناسبات14%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45669 / تحميل: 4467
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

سلسلة زاد المبلغ

زاد المناسبات

١

الكتاب: زاد المناسبات

نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

إعداد: المركز الإسلامي للتبليغ

الطبعة: الاولى، كانون٢، ٢٠٠٩م- ١٤٣٠ه

جميع حقوق الطبع محفوظة ©

٢

٣

٤

٥

٦

٧

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على رسوله الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله الطيبين الطاهرين.

في إطار مواكبة المبلغين الكرام في عملهم التبليغي الذي يمثل غاية الشرف، وبهدف تأمين مادة ثقافية يمكن للمبلّغ أن يستفيد منها لاحياء المناسبات الدينية في خطبه وكلماته وسهراته وسائر لقاءاته كان هذا الكُتيب باسم " زاد المناسبات" الذي يقع ضمن سلسلة " زاد المبلِّغ" المواكبة لمختلف الاحتياجات الثقافية للمبلغين الذين نأمل منهم إفادتنا بملاحظاتهم الكريمة.

نسأل الله تعالى أن يتقبل هذا العمل بأحسن قبوله وأن ينال رضا قلب صاحب العصر والزمان

المركز الإسلامي للتبليغ

٨

٩

من آداب عاشوراء

المناسبة: بداية شهر محرم

التاريخ: ١ محرم

عن الإمام الرضاعليه‌السلام لابن شبيب: " يا ابن شبيب، إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خدَّيك غَفَرَ الله لك كل ذنب أذنبته صغيراً كان أو كبيراً،قليلاً كان أو كثيراً..." ( نفس المهموم ص:٣٥)

إظهار الحزن:

عن الإمام الرضاعليه‌السلام : " كان أبيعليه‌السلام إذا دخل شهر محرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي عشرة أيّام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه"(١) ، وإظهار الحزن لا يكون من خلال الكآبة والبكاء فقط

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٨٤

١٠

بل من خلال إعلان حالة الحداد بشكل عامّ وفي هذا قال إمام الأمة الراحل: " لترتفع رايات عاشوراء المدمَّاة أكثر فأكثر معلنة حلول يوم انتقام المظلوم من الظالم".

البكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام :

عن الإمام الرضاعليه‌السلام : " فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام"(١) . وللبكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام دلالات يعبّر الإمام الراحلقدس‌سره عن جانب منها بقوله: " البكاء على مصاب الإمام الحسينعليه‌السلام هو إحياء للثورة، وإحياء لفكرة وجوب وقوف الجمع القليل بوجه إمبراطوريّة كبيرة".

تعزية المؤمنين:

عن الإمام أبي جعفرعليه‌السلام : "...ثمّ ليندب الحسين ويبكه، ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه...وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسينعليه‌السلام "...سئل: كيف يعزي بعضنا بعضاً؟ قالعليه‌السلام : "..تقول: أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٨٤

١١

عليه‌السلام ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليِّه الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "(١) .

زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام :

فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : " من زار الحسين بن عليعليه‌السلام في يوم عاشوراء من المحرَّم حتى يظلَّ عنده باكياً لقي الله عزّ وجلّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة وألفي عمرة وألفي غزوة...كثواب من حجَّ واعتمر وغزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..."(٢) . وبعد أن ذكر الإمام الباقرعليه‌السلام زيارة عاشوراء عقَّب قائلاً: " إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة فافعل ولك ثواب جميع ذلك"(٣) .

إنشاد الشعر الحسيني واستماعه:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : " من أنشد في الحسينعليه‌السلام بيتاً من الشعر فبكى وأبكى عشرة فله ولهم الجنّة"(٤) .

____________________

١- النجفي - الشيخ هادي - موسوعة أحاديث اهل البيتعليهم‌السلام - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٠

٢- العاملي - الحر - وسائل الشيعة (آل البيت) - ج ١٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٧٧

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٩٦

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٨٨

١٢

وجرت العادة أن يكون الإنشاد للشعر الحسينيّ واستماعه في مجالس عاشوراء التي دعا الإمام الخمينيقدس‌سره إلى تفعيلها بقوله: " لتُقَم مجالس ذكرى سيّد المظلومين والأحرار بجلال أكثر وحضور أكثر فهي مجالس غلبة قوى العقل على الجهل والعدل على الظلم والأمانة على الخيانة، وحكومة الإسلام على حكومة الطاغوت".

وأيضاً يكون إنشاد هذا الشعر واستماعه في مواكب اللطم التي دعا الإمام الراحلقدس‌سره إلى الاستفادة من مضمونه فيما قال: " يجب أن يكون للطم الصدور محتوى أيضاً".

١٣

أنصار الحسينعليه‌السلام ،المكانة والصفات

المناسبة: عاشوراء الإمام الحسينعليه‌السلام

التاريخ: ١٠ محرم

برزت مكانة أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام على لسان أهل بيت العصمةعليه‌السلام ، فعن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أنّه قال وهو يستشرف منزلتهم"...مصارع عشّاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحقهم من بعدهم"(١) .

وها هو الإمام الحسينعليه‌السلام يقول لهم:"..فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي"(٢) . وتردّد الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدّسة نفس المعنى بالتسليم عليهم ب- " السلام عليكم يا خير أنصار"(٣) .

____________________

١- العاملي - الحر - وسائل الشيعة - ج ١٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥١٧

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٩٢

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧٣

١٤

من صفاتهم:

وما كانت هذه المكانة العظيمة لهم إلّا لتضحياتهم الكبيرة المنبعثة من إخلاصهم لله تعالى وعشقهم لوليّه الكامل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام مع ما استجمعوه من صفات جليلة، لذا حريٌّ بنا أن نمتثلها لنقول صادقين بقولنا: " يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً".وها هي بعض صفاتهم:

الحفاظ على وقت الصلاة:

فقد ورد أنّ الصائديّ نظر في السماء وأخذ يقلّب وجهه ثم توجّه نحو الإمام الحسينعليه‌السلام وقال: " نفسي لك الفداء إني أرى هؤلاء اقتربوا منك،ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك...، وأحبّ أن ألقى ربّي، وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها" فأجابهعليه‌السلام : " ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين"(١) .

أداء حقوق الناس:

فقد ورد عن الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء: " لا يُقتل

____________________

١- الريشهري - محمد - الصلاة في الكتاب والسنة - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٠١

١٥

معنا رجل وعليه دَين"(١) ،فقد أراد الإمامعليه‌السلام أن يتميّزوا في شهادتهم بالصفاء التامّ، فالدَّين يبقى حقاً حتى لو كان حامله شهيداً، كما أخبر نبينا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " أوّل ما ُيهراق من دم الشهيد يغفر له ذنبه كلّه إلّا الدَّين"(٢) ،لذا أرادهم أنقياء من الدَّين.

الصبر:

ففي الزيارة المنسوبة للناحية المقدّسة: " السلام عليكم بما صبرتم فنِعْمَ عقبى الدار"(٣) .

الإستبشار بلقاء الله:

فبعد أن أخبرهم الإمام الحسينعليه‌السلام بأنّهم سيُقتلون قالوا بأجمعهم: " الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك، أولا ترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله".وها هو برير يجيب من تعجّب من فرحته قائلاً: " لكنّي مستبشر بما نحن لاقون"(٤) .

____________________

١- الحسن - الشيخ عبد الله - ليلة عاشوراء في الحديث والأدب - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٦٣

٢- الريشهري - محمد - ميزان الحكمة - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٥١٤

٣- الشيخ الطوسي - مصباح المتهجد - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧١٣

٤- ابن الأثير - الكامل في التاريخ - ج ٤ -مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٦٠

١٦

التفاني في الولاء لإمامهم:

وهذا ما يظهر من مواقفهم المتعدّدة منها ما قاله سعيد بن عبد الله الحنفي مخاطباً الإمام الحسينعليه‌السلام : " والله لا نخليك حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك، أما والله لو علمت أنّي أُقتل، ثمّ أُحيا، ثمّ أُحرق،ثم أحيا، ثمّ أُذرّى، يُفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً"(١) .

وفعلاً صدق سعيد فيما قاله حينما استشهد وهو يدافع بجسده عن الإمام الحسينعليه‌السلام أثناء أدائه للصلاة.

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٩٣

١٧

قبسات من عبادة الإمام السجّادعليه‌السلام

المناسبة: شهادة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

التاريخ: ٢٥ محرم سنة ٩٥ ه

قال الله تعالى:﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ(١) .

عبادة الامام:

قد سطعت عبادة الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام في حياته لتبرز في ألقابه التي منها " السجّاد" لكثرة سجوده و" ذو الثفنات" التي برزت على جبهته الشريفة و" زين العابدين" لعبادته لله و" سيّد العابدين" وهو اللقب الذي اختاره له جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري: " كنتُ جالساً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسينعليه‌السلام في حجره وهو يداعبه فقال

____________________

١- آل عمران:١٧.

١٨

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جابر يولد له مولود اسمه عليعليه‌السلام إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم سيّد العابدين"(١) ، وكيف لا تبرز معالم العبادة في ألقابه وهو الذي كان إذا أراد الوضوء اصفرّ لونه فيقال له: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيجيبعليه‌السلام : " أتدرون بين يدي من أقوم!"(٢)

وكانعليه‌السلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لوناً آخر وأخذته رعدة بين يدي الله تعالى لم يعد عندها يلتفت إلى ما حوله، لذا حينما وقع حريق في بيته وهو ساجد فرَّ مَن في البيت بينما بقي الإمامعليه‌السلام ساجداً ولمـّا سُئَل في ذلك كان جوابهعليه‌السلام : " ألهتني عنها النار الكبرى"(٣) .

خوف الله:

وعلّمنا الإمام السجّادعليه‌السلام كيف نخاف الله في حواره مع طاووس اليماني الذي رآه يطوف من وقت العشاءإلى السحر، ونظر طاووس إلى الإمامعليه‌السلام فرآه يرمق السماء بطرفه ويقول:

____________________

١- السبحاني - الشيخ جعفر -الأئمة الاثنى عشر - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٤.

٢- الحائري -جعفر عباس- بلاغة الامام علي بن الحسينعليه‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٩٩.

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٦ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٠.

١٩

" إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عرصات القيامة"، ثمّ بكى وأطال الدعاء والبكاء، فدنا منه طاووس وقال له: " ما هذا الجزع والفزع؟! ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا، ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن عليعليه‌السلام وأمك فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وجدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالتفت إليه الإمامعليه‌السلام وقال: " هيهات يا طاووس! دع عنّي حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله الجنّة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه، ولو كان ولداً قرشياً، أما سمعت قوله تعالى:﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ(١) ، " والله لا ينفعك غداً إلّا تقدمة تقدّمها من عمل صالح"(٢) .

الصحيفة السجّاديّة:

وقد جاء في سيرة الإمام السجّادعليه‌السلام أنّه كان يخطب الناس في كلّ جمعة ويعظهم ويدعوهم إلى طاعة الله ناشراً بينهم

____________________

١- المؤمنون: ١٠١.

٢- الامام زين العابدينعليه‌السلام - الصحيفة السجادية (البطحى) - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٧٦.

٢٠

ألوان الدعاء والحمد والثناء التي تمثّل العبوديّة المخلصة لله تعالى فكانت الصحيفة السجّاديّة التي سمّيت بإنجيل أهل البيتعليه‌السلام وزبور آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتي سجّل فيها الإمام القيم الخُلُقيّة والحقوق والواجبات معالجاً فيها مشاكل الفرد والمجتمع ناشراً فيها أجواء روحيّة تثبت المسلم عندما تعصف به المغريات وتشدّه إلى ربّه حينما تجرّه الأرض إليها.

وقد تناقل علماؤنا هذه الصحيفة المباركة بأسانيد معتبرة وطرق عالية ذكر والد العلّامة المجلسي بأنّها تزيد على الآلاف، وقد ذكر هذا العالم الجليل أنّه رأى ذات يوم في الرؤيا صاحب الزمان وخليفة الرحمن عجل الله تعالى فرجه الشريف وسأله أن يعطيه كتاباً يعمل عليه فأرشده إلى الصحيفة السجّاديّة.

ولقيمة هذه الصحيفة كانت محلّ افتخار كبير في وصيّة الإمام الخمينيقدس‌سره الراحل الذي قال فيها: " نحن فخورون بأنّ الأدعية التي تهب الحياة والتي تسمّى بالقرآن الصاعد هي من أئمتنا المعصومين، نحن نفخر أنّ منّا مناجاة الأئمّة الشعبانيّة ودعاء عرفات للحسين بن علي عليهما السلام، والصحيفة السجّاديّة زبور آل محمد..".

٢١

باب الحوائج

المناسبة: ولادة الإمام الكاظمعليه‌السلام

التاريخ: ٧ صفر سنة ١٢٧ ه

عرف الامام الكاظمعليه‌السلام بباب الحوائج إلى الله تعالى لما عرف عنه في العمل المتواصل في خدمة الناس وقضاء حوائجهم.

قضاء الحوائج:

فقد كانعليه‌السلام يتفقّد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الدقيق والتمر من دون أن يعلموا من أيّ جهة هو، وقد ورد في تاريخ بغداد أنّهعليه‌السلام كان يصُّر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ويخرج بها ليلاً ليوزعها على بيوت المحتاجين، وكان يضرب المثل بصراره.

وقد ورد في حياة الإمام الكاظمعليه‌السلام قصص كثيرة تعبِّر

٢٢

عن مدى اهتمامه بخدمة الناس وقضاء حوائجهم.

فقد ورد أنّ الإمامعليه‌السلام مرَّ برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلَّم عليه، ونزل عنده، وحادثه طويلاً ثمّ عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت.فقيل له: يا ابن رسول الله، أتنزل إلى هذا، ثمّ تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج؟ فقالعليه‌السلام : " عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاده، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم.وأفضل الأديان الإسلام"(١) .

وورد عن أحد معاصريه قوله: " قدمت المدينة أطلب دَيناً فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسىعليه‌السلام فشكوت إليه، فأتيته في ضيعته فذكرت له قضيّتي فدخل ولم يقم إلّا يسيراً حتى خرج إليّ، فقال لغلامه: " اذهب" ثمّ مدَّ يده إليَّ فرفع إليَّ صرَّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ قام فولَّى، فركبت دابتي فانصرفت.

وكانعليه‌السلام يحثُّ الآخرين على التحلِّي بمكرمة خدمة الناس الجليلة.فقد ورد أنّهعليه‌السلام : " كتب إلى أحدهم طالباً إعفاءه أحد المسلمين ممّا يراه عليه حقاً وممّا ورد في تلك الرسالة: " اعلم أنّ الله تعالى تحت عرشه ظلاًلا يسكنه إلّا من

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٥

٢٣

أسدى إلى أخيه معروفاً، أو نفَّس عنه كربة، أو أدخل على قلبه سروراً، وهذا أخوك، والسلام"(١) .

وكانعليه‌السلام يدعو الناس إلى مساعدة الناس الضعفاء المحتاجين فكان يقول: " عونك للضعيف من أفضل الصدقة"(٢) .

وكانعليه‌السلام يعتبر أنّ كفّارة العمل في السلطة وإن كان شرعياً تتحقّق في خدمة الناس فمن أقواله لعلي ابن يقطين: " كفارة عمل السلطان الإحسان للإخوان"(٣) .

وكانعليه‌السلام يحذِّر من عدم الإنفاق من الطاعة فيؤدّي ذلك إلى إنفاق الأكثر في المعصية.فكان يقول: " إيّاك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله"(٤) .

العبد الصالح:

إنّ كلّ ما مرَّ هو غيض من فيض سيرة الإمام الكاظمعليه‌السلام في خدمة الناس التي اشتهر بها عند المسلمين من كافّة

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١٣

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٦

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ١٠ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٤٧

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٠

٢٤

مذاهبهم فعرَّفه الشيخ كمال الدين بن طلحة الشافعي بقوله: " هو الإمام الكبير القدر العظيم الشأن الكثير التهجّد، الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عباداته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله، لنجح المتوسّلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار فيها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قدم صدق لا تُزلُّ ولا تزول".

٢٥

الإمام الحسينعليه‌السلام ،عهدٌ ووفاء

المناسبة: زيارة الأربعين

التاريخ: في ٢٠ صفر

حثَّ نبيّ الإسلام وأهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على زيارة مراقدهم المطهّرة فقد ورد أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاطب أمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً: " يا عليّ من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار أبنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيّره معي في درجتي"(١) .

فضل الزيارة:

وعن الإمام الرضاعليه‌السلام : " إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٧ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٢٣

٢٦

أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة"(١) .

ولا يقتصر استحباب زيارة مراقد أهل البيتعليه‌السلام على السفر إليها بل ورد استحباب زيارتهم عن بُعد فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : " إذا بعدت بأحدكم الشقّة، ونأت به الدار، فليعلُ أعلى منزله، فيصلّي ركعتين، وليُومِ بالسلام إلى قبورنا، فإنّ ذلك يصير إلينا"(٢) .

زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام :

وممّا أكّد عليه أهل البيتعليه‌السلام تأكيداً حثيثاً هو زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام فقد ورد عن سدير: قال لي الصادقعليه‌السلام : " يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قالعليه‌السلام : " ما أجفاكم! فتزورونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قالعليه‌السلام : فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا قالعليه‌السلام : فتزورونه في كلّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك.قال: يا سدير،

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي - ج ٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٦٧

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٦٥

٢٧

ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام ، أما علمت أنّ لله ألفي الف ملك شعثاً غبراً يبكونه ويزورونه، لا يفترون، وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين في كلّ جمعة خمس مرات، في كلّ يوم مرّة " قلت جعلت فداك، إنّ بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقالعليه‌السلام : تصعد فوق سطحك، ثمّ تلتفت يمنة ويسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السماء، ثم تنحوّ نحو قبر الحسينعليه‌السلام فتقول: (السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته)، تكتب لك زورة، والزورة حجّة وعمرة"(١) .

- وقد ورد استحباب زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في مناسبات خاصّة عديدة كالأوّل من رجب ومنتصفه، ومنتصف شعبان، وليالي القدر، وعيدي الفطر والأضحى، ويوم عرفة، وعاشوراء والعشرين من صفر وهو اليوم الأربعين بعد شهادته المباركة ففي الحديث المشهور عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام : " علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر بـبسم الله الرحمن الرحيم"(٢) .

____________________

١- العاملي - الحر - وسائل الشيعة (آل البيت) ج ١٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ٤٩٤

٢- السيد ابن طاووس- اقبال الاعمال ج ٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٠

٢٨

- وقد ورد في الأربعين زيارة خاصّة عن الإمام الصادقعليه‌السلام وهي كغيرها من الزيارات المأثورة تحمل المضامين العالية التي أراد أهل البيتعليه‌السلام إيصالها إلى الأمّة لبثِّ المعرفة والوعي بين أفرادها، وليعلن الزائر فيها عن استعداده لنصرة قضيّة سيد الشهداءعليه‌السلام في أيِّ عصر ناصراً حسين عصره مواجهاً يزيده ففي نصّ زيارة الأربعين: " أمري لأمركم متَّبع ونصرتي لكم مُعدَّة حتى يأذن الله لكم، فمعكم معكم لا مع عدوّكم"(١) وفي بعض نصوص زيارات الإمام الحسينعليه‌السلام " لبيك داعي الله"(٢) مكرَّرة سبع مرّات، ولعلّ ذلك كما أفاد بعض العلماء لأنّ الإمام أبا عبداللهعليه‌السلام لما رأى كثرة من قتل من أصحابه استنصر الناس سبع مرّات فجاءت التلبيات السبع لنصرة قضيّة الإمام بعد شهادته وهي قضيّة الحقّ والعدل في مواجهة الباطل والظلم وهذه القضيّة كانت في التاريخ وما زالت في الحاضر وستبقى حتى يخرج من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

____________________

١- الشيخ الطوسي - مصباح المتهجد - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧٨٩

٢- ابن قلويه - كامل الزيارات - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٨٨

٢٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلماته الأخيرة

المناسبة: وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

التاريخ: ٢٨ صفر الحرام

قال الله تعالى:﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ(١)

لقاء الله:

ذكر المؤرّخون أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استدعى أحد مواليه في أواخر صفر وطلب منه مرافقته إلى البقيع قائلاً له: " إنّي قد أُمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي "، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر....، وقال لغلامه: " إنّي قد أوتيت مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنّة، وخُيّرت بين ذلك وبين لقاء ربّي والجنّة، فاخترت لقاء ربّي والجنّة"، قال له غلامه: بأبي أنت وأمّي فخذ مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنة، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " لا والله

____________________

١- الزمر: ٣٠.

٣٠

يا أبا مُوَيهبة، لقد اخترت لقاء ربّي والجنة"، ثمّ استغفر لأهل البقيع ورجع(١) .

طلب المسامحة من الناس

بعد ساعات وفي حشد من الناس دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد برأس معصوب وطلعة نالت منها الحمّى، فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: " إنّ عبداً من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله"(٢) ثمّ سكت والناس قد طأطأوا رؤوسهم، وتابع خطابه وفي بالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قد خطّط له لحرب الروم وجهّز له من جيش كبير بقيادة أسامة بن زيد البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً آمراً أصحابه وبقيّة المسلمين الانضواء تحت رايته لذا قال من منبر المسجد: " أيّها الناس، انفذواجيش أسامة...(٣) ثم سكت ولهيب الحمّى يزداد اشتعالاً ثم قال: " أيّها الناس، إنّي أحمد إليكم الله، لقد دنا منّي خفوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا

____________________

١- الطبري- تاريخ الطبري - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٣٢.

٢- الطبري -تاريخ الطبري -ج ٢ -مكنبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٣٤.

٣- الريشهري - محمد -القيادة في الاسلام - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٨٥.

٣١

ظهري فليستقض منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه...، ولا يقل رجل إنّي أخاف الشحناء من رسول الله، ألا وإنّ الشحناء(أي العداوة) ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ منّي حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله، وأنا طيب النفس..."(١) ثمّ نزل من المنبر وأقام الصلاة وبعدها قام ينتظر الناس الذين أثقلهم سؤال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو المعصوم الكامل الذي امتدحه الله تعالى بأنّه على خلق عظيم، فجأة نهض رجل يضطرب ليقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ سوطه وقعت ذات يوم على بطنه (بطريق الخطأ) فإذا بخاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكشف بطنه طالباً من الرجل أن يقتصّ منه، فتقدّم الرجل وسط ذهول الناس ليقبّل جسده الشريف، ليكون آخر العهد منه أن يلامس جسدُه جسدَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعدها دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيته حيث كان الرحيل المحزن الذي أصيب به الخلق والذي دعانا أهل البيتعليه‌السلام أن نتذكّره حين نصاب بأمر يخصّنا، فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : " إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك، فاذكر مصابك برسول الله فإنّ الخلائق لم

____________________

١- ابن أبي الحديد - شرح نهج البلاغة -ج ١٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٨.

٣٢

يصابوا بمثله قط"(١) .

وقد ورد في زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه يستحب فيها أن نقول: " إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أُصبنا بك يا حبيب قلوبنا، فما أعظم المصيبة بك، حيث انقطع الوحي، وحيث فقدناك، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون"(٢) .

____________________

١- الشيخ الكليني _ الكافي - ج ٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٢٠

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار -ج ٩٩ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٢

٣٣

الإمام الحسنعليه‌السلام :دروس الحب والولاء

المناسبة: شهادة الإمام الحسنعليه‌السلام

التاريخ: ٢٨ صفر سنة ٥٠ ه

تحدَّث القرآن عن أبوّة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام الحسنعليه‌السلام فقال تعالى في آية المباهلة:﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ(١) .وشعر خاتم الأنبياء بحلاوة بنوّة حفيده فكان يردّدها وهو يضمّ الحسنعليه‌السلام : " اللهمّ إنّ هذا ابني وأنا أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه"(٢) .

طهارة العصمة:

ومع صغر سنّ الإمام الحسنعليه‌السلام أبى القرآن الكريم إلّا أن يخبر عن عصمته الإلهيّة عن كلّ رجس فقال تعالى:

____________________

١- آل عمران: ٦١

٢-السبحاني - الشيخ جعفر -في ظل أصول الاسلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٤

٣٤

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(١) .

سيادة الجنّة:

وفي طفولته أخبرنا كتاب الله تعالى عن موقع الإمام الحسنعليه‌السلام في جنّة الله عزّ وجلّ فقال تعالى محدِّثاً عنه وعن بقيّة أصحاب الكساء: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(٢) .وورد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول للمسلمين: "من سرَّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى الحسن"(٣) .

الدعوة إلى حبّه:

وأوجب الله تعالى حبَّ الإمام الحسنعليه‌السلام بل جعل حبَّه أجر النبي من الناس في تأدية رسالة الإسلام فقال تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(٤) ،وسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هؤلاء القربى؟ فأجاب: " علي وفاطمة وابناهما"(٥) .

____________________

١- الأحزاب: ٣٣.

٢- الإنسان ١٢.

٣- ابن شهر آشوب - مناقب آل أبي طالب - ج ٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٨٥

٤- الشورى: ٢٣.

٥- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٢٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٣٢

٣٥

وعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاهداً في تعزيز حبِّ الإمام الحسنعليه‌السلام في قلوب الناس فكان يقول:" من أحبّني فليحبَّه فليبلغ الشاهد الغائب"(١) ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأخذ بيده ويد أخيه الحسينعليه‌السلام ويقول: " من أحبَّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة"(٢) .

المسلمون ينقادون في حبّه:

وكانت لدعوات القرآن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدى في قلوب المسلمين التي تعلّقت بحبّ الإمام الحسنعليه‌السلام وزاد حبّهم له حينما كبر الإمامعليه‌السلام ليرى فيه المسلمون أشبه الناس خَلقاً وخُلُقاً برسول الله فكانوا يرونه حينما يتوضأ ويصلّي وفرائصه ترتعد ولونه يصفرّ، وعرفوا زهده في الدنيا وهو الذي قاسم الله ماله ثلاث مرّات وخرج منه مرّتين، ورأوا مزاياه وخصاله التي ملأت قلوبهم حباً وتعظيماً له فكان حينما يخرج ليُبْسَط له عند باب داره ينقطع الطريق فما يمرّ أحد من خلق الله إجلالاً له.وذات مرّة وفي طريق مكّة نزل الإمام الحسنعليه‌السلام ليمشي فما من

____________________

١- السبحاني - الشيخ جعفر -في ظل أصول الاسلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٤

٢- ابن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام - مسائل علي بن جعفر - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٠

٣٦

خلق الله أحداً إلّا نزل ومشى إجلالاً للإمامعليه‌السلام .

وجاء وقت الإستحقاق:

ورغم مظاهر الحبِّ التي أبداها المسلمون للإمام الحسنعليه‌السلام نجد مواقف من الكثير منهم تشهد على أنّ هذا الحب وقف عند حدِّ العاطفة ولم يُتَرجم إلى ولاء عملي بل كانت النتيجة معاكسة في وقت الاستحقاق حينما قرَّر الإمامعليه‌السلام محاربة جرثومة الفساد معاوية فخانه الكثير اغتراراً بمناصب الدنيا وزخرفها وتجرأ البعض على الإمام بالكلام معه تارةً ونهب خيمته أخرى، حتى وصل الأمر إلى تعرّض الإمام أكثر من مرة لمحاولات إغتيال.

لقد أحبّ الناس إمامهم الحسنعليه‌السلام بقلوبهم لكن الكثير منهم خانوه بسيوفهم متناسين أنّ فرض حبِّه كان الجسر لطاعته وولائه وقد أصمّوا آذانهم عن قول الله تعالى:﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ(١) .

إنّه درس في الحبّ والولاء في وقت الاستحقاق أفلا نتعلّم!

____________________

١- آل عمران: ٦١.

٣٧

الإمام الرضاعليه‌السلام :علم وعبادة وأخلاق

المناسبة: شهادة الإمام الرضاعليه‌السلام

التاريخ: ٢٩ صفر ٢٠٣ ه

تجتمع في أواخر شهر صفر مناسبات حزينة آخرها مناسبة شهادة الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام الذي قضى حياته في الدعوة إلى الله تعالى، فعمل على نشر علوم ومعارف الإسلام المحمدي الأصيل، مغتنماً كلّ فرصة لذلك فتجوَّل بين البلدان مروِّجاً للشريعة المقدّسة علم الامام، روي أن محمّد بن عيسى اليقطيني ذكر أنّ ما جمعه من أجوبة الإمام الرضاعليه‌السلام عن مسائل سئل عنها يبلغ خمسة عشر ألف مسألة.

وجالس الإمامعليه‌السلام العلماء في مناظرات فريدة وصفها أحدهم مبتدئاً بوصف الإمامعليه‌السلام : " ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ولا رآه عالم إلّا شهد بمثل شهادتي،

٣٨

ولقد جمع المأمون في مجالس له عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلّمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرَّ له بالفضل وأقرَّ على نفسه بالقصور ولقد سمعته يقول: كنت أجلس معهم في الروضة، والعلماء بالمدينة متوافرون، فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليَّ بأجمعهم وبعثوا إليّ المسائل فأجبت عنها!!"(١) .

عبادة الإمامعليه‌السلام وأخلاقه:

وعُرِفَ الإمام الرضاعليه‌السلام بأخلاقه التي شهد بها القريب والبعيد حتى قال المأمون: " هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم"(٢) ، وقال رجاء بن أبي الضحاك: " فوالله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه ولا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته منه، ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجلّ"(٣) .

وقد ورد عنهعليه‌السلام في عبادته أنّه كان إذا صلّى الفجر في أوّل وقتها يسجد لربِّه فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس وكان

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٠

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٩٥

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٩٢

٣٩

يكثر بالليل من تلاوة القرآن فيختمه كلّ ثلاثة أيّام وكان يقول: " لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت ولكنّني ما مررت بآية قط إلّا فكّرت فيها، وفي أيّ شيء أنزلت، وفي أيّ وقت، فلذلك صرت أختم كلّ ثلاثة أيام"(١) .

وعن أخلاق الإمامعليه‌السلام في تعامله مع الآخرين قال إبراهيم بن العباس: " إنّي ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وشهدت منه ما لم أشهد من أحد، ما رأيته جفا أحداً بكلام قط، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه وما ردَّ أحداً عن حاجة قدر عليها ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط ولا اتكى بين يدي جليس له قط...ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسّم وكان إذا خلا ونصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس"(٢) .

من وصاياهعليه‌السلام :

" اتقوا الله أيّها الناس في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم

____________________

١- القمي - الشيخ عباس - الانوار البهية - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٢

٢- الامين - السيد محسن - اعيان الشيعة - ج ٢ مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٤

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274