زاد المناسبات

زاد المناسبات28%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45683 / تحميل: 4468
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الشافعي(١) - وسيأتي(٢) - فحينئذٍ تجب الزكاة عند الحول.

ومقتضى قول المانعين من الوجوب على المديون المنع هنا ، لأنّه دَين(٣) .

وقيل : لا تجب بمعنى آخر وهو عدم استقرار الملك ، إذ لصاحبها أخذها متى وجدها(٤) .

مسألة ٢٧ : إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب‌ ، فلو لم يتمكّن المسلم من إخراجها بعد الحول حتى تلفت لم يضمن ، ولو تلف بعض النصاب سقط من الفريضة بقدره ، وسيأتي(٥) البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.

أمّا الكافر فإنّ الزكاة وإن وجبت عليه عندنا ، لأنّه مخاطب بالفروع ، وبه قال الشافعي(٦) - خلافا لأحمد وأبي حنيفة(٧) - إلاّ أنّه لا يصح منه أداؤها حال كفره.

فإذا أسلم سقطت عنه وإن كان النصاب موجوداً ، لأنّها عبادة فسقطت بإسلامه ، لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله )(٨) ويستأنف الحول حين الإِسلام.

ولو هلكت بتفريطه حال كفره فلا ضمان وإن أسلم.

وأما المرتدّ فلا يسقط عنه ما وجب عليه حال الإِسلام.

____________________

(١) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٢) يأتي في اللقطة ( المقصد الخامس من كتاب الأمانات ).

(٣) اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٤) القائل هو ابن عقيل من الجمهور. اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٥) يأتي في المسألة ١٢٤.

(٦) المجموع ٣ : ٤ و ٥ : ٣٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤.

(٧) بدائع الصنائع ٢ : ٤ ، المغني ٢ : ٤٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٧.

(٨) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥.

٤١

ثم إن كان عن فطرة انتقلت أمواله إلى ورثته في الحال وإلّا بقيت عليه ، فإذا حال الحول وجبت عليه.

وإذا أخرج في حال الردّة جاز ، وبه قال الشافعي(١) ، كما لو أطعم عن الكفارة ، وفيه له وجه آخر(٢) .

وأمّا الشرائط الخاصة فستأتي عند كلّ صنف إن شاء الله تعالى.

* * *

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، مغني المحتاج ١ : ٤٠٨.

(٢) وهو عدم إخراج المرتدّ زكاته حال ردّته. اُنظر : المجموع ٥ : ٣٢٨ ، وفتح العزيز ٥ : ٥١٩.

٤٢

٤٣

المقصد الثاني

في المحلّ‌

وقد أجمع المسلمون كافّة على إيجاب الزكاة في تسعة أشياء : الإِبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، واختلفوا في ما زاد على ذلك ، وسيأتي(١) ، فهنا مطالب :

الأول : في زكاة الأنعام‌ ، وفيه فصول :

____________________

(١) يأتي في المسائل ١١٠ - ١١٥.

٤٤

٤٥

الفصل الأول

في زكاة الإِبل‌

مسألة ٢٨ : يشترط فيها أربعة : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول‌ ، أمّا الملك ، فلما تقدّم(١) : أنّ غير المالك لا زكاة عليه ، وأمّا النصاب فبإجماع المسلمين.

لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس فيما دون خمس ذود(٢) صدقة )(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الخمس من الإِبل شي‌ء »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالنُصُب في الإِبل ثلاثة عشر نصاباً : خمس ، عشر ، خمس عشرة ، عشرون ، خمس وعشرون ، ستّ وعشرون ، ستّ وثلاثون ، ستّ وأربعون ، إحدى وستّون ، ستّ وسبعون ، إحدى وتسعون ، مائة‌

____________________

(١) تقدّم في المسألة ١١.

(٢) الذود من الإِبل : ما بين الثنتين الى التسع. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ١٧١ « ذود ».

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن النسائي ٥ : ٤٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥ و ١٢٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦.

٤٦

وإحدى وعشرون ، ثم بعد ذلك أربعون أو خمسون بالغاً ما بلغت عند علمائنا أجمع ، وسيأتي(١) البحث في ذلك.

مسألة ٢٩ : يشترط فيها وفي غيرها من الأنعام السوم‌ ، وهي الراعية المعدّة للدرّ والنسل.

واحترزنا بذلك عن المعلوفة وإن كانت للدّر والنسل ، والعوامل وإن لم تكن معلوفةً ، فإنّه لا زكاة فيهما عند علمائنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي ، ومن الفقهاء : الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث بن سعد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين من الغنم السائمة شاة )(٣) دلّ بمفهومه على انتفاء الزكاة عن المعلوفة ، وإلّا كان ذكر الوصف ضائعاً ، بل موهماً للتخصيص ، ولو لم يكن مراداً كان قبيحاً.

وقالعليه‌السلام : ( ليس في البقر العوامل صدقة )(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس على العوامل شي‌ء ، إنّما ذلك على السائمة الراعية »(٥) .

ولأنّ وصف النماء معتبر في الزكاة ، والمعلوفة يستغرق علفها نماءها.

____________________

(١) يأتي في المسائل ٣٥ - ٣٧.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢ ، مختصر المزني : ٤٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٤٣٨ و ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ و ٥٠١ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، المحلّى ٦ : ٤٥.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٤ و ١١٥ / ٢ و ٣ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠ بتفاوت فيها.

(٤) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ / ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ / ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١ / ٥٩.

٤٧

وقال مالك : تجب في العوامل والمعلوفة. وبه قال ربيعة ومكحول وقتادة(١) .

وقال داود : تجب في عوامل البقر والإبل ومعلوفها دون الغنم(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين شاة شاة ، وفي ثلاثين من البقر تبيع )(٣) ولأنه تجوز الأضحية به فأشبه السائمة.

والحديث يخصّه مفهوم الخطاب ، والفرق بين السائمة والمعلوفة لزوم المؤونة في المعلوفة ، والعوامل معدّة لاستعمال مباح فأشبهت الثياب.

مسألة ٣٠ : لو سامت بعض الحول ، وعلفها البعض الآخر‌ ، قال الشيخ تعالى : يحكم للأغلب(٤) . وبه قال أبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية ، لأنّ اسم السوم لا يزول مع القلّة ، وخفّة المؤونة موجودة فكانت زكاة السوم واجبةً كالزرع إذا سقي سيحاً وناضحاً(٥) .

وقال بعض الشافعية : إن علفها يوماً أو يومين لم يبطل حكم السوم ، وإن علفها ثلاثة أيّام زال حكم السوم ، لأنّ ثلاثة أيّام لا تصبر عن العلف ، وما دون ذلك تصبر عن العلف ، ولا تتلف بتركه(٦) .

وقال بعضهم : إنّما يثبت حكم العلف بأن ينوي علفها ويفعله وإن كان مرّة ، كما لو كان له ذهب فنوى صياغته وصاغه انقطع حوله(٧) .

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ / ١٥٧٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٦ ، المغني ٢ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٦ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٦) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٧) حلية العلماء ٣ : ٢٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦.

٤٨

ولأنّ السوم موجب ، والعلف مسقط ، وإذا اجتمعا غُلّب الإِسقاط ، كما لو كان معه أربعون منها واحدة معلوفة لم تجب ، تغليباً للمسقط ، والزرع اعتبر فيه الأكثر ، لأنّه غير مسقط ، بخلاف مسألتنا.

والأقرب عندي اعتبار الاسم ، فإن بقي عليها اسم السوم وجبت وإلّا سقطت.

فروع :

أ - إذا خرجت عن اسم السوم بالعلف ، ثم عادت إليه استؤنف الحول من حين العود ، ولا فرق بين أن يعلفها مالكها أو غيره ، بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك.

ولو علفها من ماله ، فالأقرب إلحاقها بالسائمة ، لعدم المؤونة حينئذٍ ، ولا فرق بين أن يكون العلف لعذر كالثلج أو لا.

ب - لو علفها بقصد قطع الحول وخرجت عن اسم السائمة انقطع الحول.

وقال الشافعي : لا ينقطع(١) . وسيأتي بحثه في قاصد الفرار بالسبك(٢) .

ج - لو تساوى زمان العلف والسوم ، فعندنا لا زكاة ، وعلى قول الشيخ من اعتبار الأغلب ينبغي السقوط أيضاً.

د - لو اعتلفت من نفسها حتى خرجت عن اسم السائمة سقطت الزكاة ، ومن اعتبر القصد من الشافعيّة لم يسقطها ، وأسقطها بعضهم ، لخروجها عن اسم السوم(٣) .

ه- لو غصب سائمته غاصب فلا زكاة عندنا.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٥٨.

(٢) يأتي في الفرع « و» من المسألة ٧١.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦ - ٤٩٧.

٤٩

ومن أوجبها في المغصوب فعنده وجهان : الوجوب ، لأنّ فعل الغاصب عديم الأثر ، وكذا لو غصب ذهباً واتّخذ منه حُليّاً لا تسقط. وهو ممنوع.

والعدم ، لفوات شرط السوم ، كما لو ذبح بعض الماشية(١) .

ولو غصب معلوفة وأسامها ، فوجهان : الوجوب ، لحصول الرفق ، كما لو غصب حنطة وبذرها يجب العشر في النابت ، والمنع(٢) ، لما تقدّم.

فإن وجبت قيل : تجب على الغاصب ، لأنّه من فعله. وقيل : على المالك.

ففي رجوعه على الغاصب وجهان : المنع ، لأنّ السبب في الوجوب ملك المالك ، والرجوع ، لأنّه لو لا الإِسامة لم تجب.

وهل يرجع قبل الإِخراج أو بعده؟ وجهان(٣) ؛ وهذا كلّه ساقط عندنا.

مسألة ٣١ : المال الذي تجب فيه الزكاة ضربان : ما هو نماء في نفسه ، وما يرصد للنماء ، فالأول الحبوب والثمار ، فإذا تكامل نماؤه وجبت فيه الزكاة ولا يعتبر فيه حول.

وما يرصد للنماء كالمواشي يرصد للدرّ والنسل ، والذهب والفضّة للتجارة ، فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي حول من حين تمّ نصابه في ملكه ، وبه قال جميع الفقهاء(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ - ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ - ٤٩٨.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦١.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ - ١٠١ / ١٥٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ - ٩١ / ٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٥.

٥٠

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « ليس على العوامل من الإِبل والبقر شي‌ء ، إنما الصدقات على السائمة الراعية ، وكلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه ، فإذا حال الحول وجب عليه »(١) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه »(٢) .

وحكي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا : إذا استفاد المال زكّاه في الحال ، ثم تتكرّر الزكاة بتكرّر الحول(٣) ؛ لأنّه مال تجب فيه الزكاة فوجبت حال استفادته كالحبوب والثمار.

والفرق : أن الغلّات يتكامل نماؤها دفعة ، ولهذا لا تتكرّر الزكاة فيها بخلاف هذه.

مسألة ٣٢ : يشترط بقاء النصاب طول الحول‌ ، فلو نقص في وسطه أو أحد طرفيه وكمل اعتبر ابتداء الحول من حين الكمال ، وسقط حكم الأول عند علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد(٤) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) وهو يقتضي مرور الحول على جميعه.

ولأنّ ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والإِسلام.

وحكي عن أبي حنيفة : أنّ النصاب إذا كمل طرفي الحول لم يضرّ نقصه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ - ١ ، التهذيب ٤ : ٤١ - ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ - ٦٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٥ - ٩٠.

(٣) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥ ، الميزان للشعراني ٢ : ٢.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦٠ ، المغني ٢ : ٤٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٥) تقدمت مصادره في المسألة ٣١.

٥١

في وسطه(١) . وليس بجيّد.

مسألة ٣٣ : وحولان الحول هو مضيّ أحد عشر شهراً كاملة على المال‌ ، فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة وإن لم تكمل أيامه ، بل تجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع.

لقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن رجل كانت له مائتا درهم فوهبها بعض إخوانه أو ولده أو أهله فراراً من الزكاة : « إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة »(٢) .

فروع :

أ - في احتساب الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني إشكال ينشأ من أنّه من تمام الأول حقيقةً ، ومن صدق الحولان باستهلال الثاني عشر.

ب - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده يجب الجميع إن فرّط وإلّا فبالنسبة.

ج - لو ارتدّ في أثناء الحول عن فطرة استأنف ورثته الحول ، ولو كان عن غيرها أتمّ.

مسألة ٣٤ : لا تجب الزكاة في السخال‌ وهي أولاد الغنم أوّل ما تلدها حتى يحول عليها الحول من حين سومها ، ولا يبنى على حول الاُمّهات ، فلو كان عنده أربع ، ثم نتجت وجبت الشاة إذا استغنت بالرعي حولاً.

ولو كان عنده خمس ستة أشهر ، ثم نتجت خمساً ، وتمّ الحول وجبت الزكاة في الخمس لا غير عند علمائنا ، وبه قال الحسن البصري والنخعي(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤)

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٦ / ٩٢.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٠ ، المجموع ٥ : ٣٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٣١.

٥٢

ولأصالة البراءة.

وقال الشافعي : السخال تضمّ إلى الاُمّهات في حولها بثلاث شرائط : أن تكون متولّدةً منها ، وأن تكون الاُمّهات نصاباً ، وأن توجد معها في بعض الحول ، فلو لم تكن متولّدةً منها ، بل كان الأصل نصاباً ، فاستفاد مالاً من غيرها ، وكانت الفائدة من غير عينها لم تضمّ إليها ، وكان حول الفائدة معتبراً بنفسها سواء كانت الفائدة من جنسها بأن يحول على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثم تملّك خمساً منها أو من غير جنسها مثل أن حال على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثمّ ملك ثلاثين بقرة.

ولو ملك عشرين شاة ستة أشهر فزادت حتى بلغت أربعين كان ابتداء الحول من حين كملت نصاباً سواء كانت الفائدة من عينها أو من غيرها ؛ لقصور الاُمّهات عن النصاب.

ولو وجدت بعد انقضاء الحول لم تضمّ إليها.

واحتجّ على التبعيّة : بقول عليعليه‌السلام : « اعتد عليهم بالكبار والصغار »(١) .

وقال عمر لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة(٢) . ولا مخالف لهما فكان إجماعاً ، ولأنّ النماء إذا تبع الأصل في الملك تبعه في الزكاة كأموال التجارة(٣) .

والجواب : نقول بموجب الحديث ، فإنّ السخال والصغار تجب فيهما الزكاة مع حصول السوم ، ونمنع حكم الأصل.

ونازع أبو حنيفة الشافعي في الشرط الأول ، فقال : إذا استفاد سخالاً‌

____________________

(١و٢) أورد قولهما أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، والرافعي في فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ، وانظر أيضاً لقول عمر : الموطأ ١ : ٢٦٥ ذيل الحديث ٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠١.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣.

٥٣

من غير غنمه في أثناء الحول ضمّ إلى ماله إذا كان من جنسه ، وكان حول الاُمّهات حول السخال ، وإن لم تكن من جنسه كسخال الإِبل مع الغنم لم تضمّ ، فلو كان عنده خمس من الإِبل حولاً إلّا يوماً فملك خمساً من الإِبل ، ثم مضى اليوم زكّى المالين معاً ، وبه قال مالك(١) .

لكن انفرد أبو حنيفة بأنّه إن زكّى بدلها لم تضمّ مثل أن كان عنده خمس من الإِبل ومائتا درهم أخرج زكاة المائتين ، ثم اشترى بها خمساً من الإِبل لم تضمّ إلى التي كانت عنده في الحول ، وإن لم يزكّ المبدل ضمّهما معاً ، ولو كان عنده عبد وأخرج زكاة الفطرة عنه ، ثم اشترى به خمساً من الإِبل ضمّها إلى ما عنده(٢) .

واحتجّ أبو حنيفة على الضمّ وإن لم يكن من أصله : بأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فوجب أن يضمّ المستفاد إلى النصاب فيه كالنصاب - وينتقض بالمزكّى بدله - ولأنّ الضمّ في النصاب إنّما هو في المستقبل فكذا في الحول.

وينتقض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول )(٣) .

ولأنّها فائدة لم تتولّد ممّا عنده فلم تضمّ إليه في حوله كالتي زكّي بدلها أو كانت من غير جنسه.

ونازع مالك الشافعي في الشرط الثاني ، فقال : لو كانت الغنم أقلّ من أربعين ، ومضى عليها بعض الحول ، ثم توالدت وتمّت الأربعين اعتبر الحول من حين ملك الاُصول ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ؛ لأنّ السخال إنّما تضمّ في الزكاة فتجب أن تضمّ إلى ما دون النصاب كأرباح التجارات(٤) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ - ٤٨٤ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ - ١٠٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ / ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٤.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٢ ، التفريع ١ : ٢٨٣ ، المغني ٢ : ٤٧٠ - ٤٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٤

ونمنع الحكم في الأصل ، وللفرق بأنّ مراعاة القيمة في كلّ حال يشقّ فاعتبر آخر الحول بخلاف السخال ؛ لأنّ الزكاة تجب في عينها فلا يشقّ ذلك فيه فاعتبر في جميع الحول ، كما لو تمّت بغير سخالها.

فروع :

أ - لو نتجت بعد الحول وقبل إمكان الأداء لم تضمّ عندنا ، وهو ظاهر.

وللشافعي قولان مبنيّان على وجوب الزكاة هل يتعلّق بإمكان الأداء أم لا؟

فإن قيل : بأنّه شرط الوجوب ضمّت ، وإن قيل : إنّه شرط الضمان لم تضمّ(١) .

ب - لا تؤخذ السخلة في الزكاة إجماعاً ، أمّا عندنا ، فلعدم الوجوب ، وأمّا المخالف ، فلقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم(٢) .

ولو كان النصاب كلّه صغاراً جاز أخذ الصغيرة ، وإنّما يتصوّر عندهم لو بدّل كباراً بصغار في أثناء الحول ، أو كان عنده نصاب من الكبار فتوالدت نصاباً من الصغار ثم ماتت الاُمّهات ، وحال الحول على الصغار ، وهو ظاهر قول أحمد(٣) .

وقال مالك : لا يؤخذ إلّا كبيرةً تجزي في الاُضحية(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إنّما حقّنا في الجذعة أو الثنيّة )(٥) .

وهو محمول على ما فيه كبار.

ج - لو ملك نصاباً من الصغار انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه إذا‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) نقله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٩.

(٣و٤) المغني ٢ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

٥٥

صدق عليه اسم السوم وإلّا فلا.

وقال أبو حنيفة وأحمد - في رواية - : لا ينعقد عليه الحول حتى يبلغ سنّاً يجزئ مثله في الزكاة ، وهو محكي عن الشعبي(١) .

لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٢) .

ولأنّ السنّ معنى يتغيّر به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد.

وفي رواية عن أحمد : أنّها ينعقد عليها الحول من حين الملك وإن لم تكن سائمةً ؛ لأنّها تعدّ مع غيرها فتعدّ منفردة كالامّهات(٣) ، والعلّة ممنوعة.

د - قد بيّنا أنّه لا زكاة في السخال ، ولا تضمّ مع الاُمّهات ، وعند الشافعي تضمّ بالشروط الثلاثة(٤) .

فلو اختلف الساعي وربّ المال في شرط منها ، فقال المالك : هذه السخال من غيرها ، أو كانت أقلّ من نصاب ، أو نتجتها بعد تمام الحول.

وخالف الساعي ، قدّم قول المالك ؛ لأنّه أمين فيما في يده ، لأنّها تجب على طريق المواساة والرفق ، فقبل قوله فيه من غير يمين.

ه- إذا ضمّت السخال إلى الاُمّهات - على رأي الشافعي - ثم تلف بعض الاُمّهات أو جميعها وبقي نصاب لم ينقطع الحول ، وبه قال مالك(٥) ؛ لأنّ السخال قد ثبت لها حكم الحول تبعاً للاُمّهات ، فصارت كما لو كانت موجودةً في جميع الحول ، فموت الاُمّهات أو نقصانها لا يبطل ما ثبت لها ، كما أنّ ولد أُمّ الولد ثبت له حكم الاستيلاد على وجه التبع لاُمّه ، فإذا ماتت‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣‌

(٥) التفريع ١ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٦

الاُمّ لم يبطل حكم الاستيلاد للولد.

وقال بعض الشافعية : إذا نقصت الاُمّهات عن النصاب بطل حكم الحول فيها وفي السخال ؛ لأنّ السخال إنّما ضمّت إليها على وجه التبع ، فإذا نقصت الاُمّهات لم تتبعها السخال ، كما لا تتبعها في الابتداء لو كانت ناقصةً(١) .

ولو تلفت جميع الاُمّهات ، قال الشافعي : لا ينقطع الحول إذا كانت نصاباً(٢) ؛ لأنّ كلّ نوع يعدّ في الزكاة مع غيره يعدّ وحده كالثنايا والجذاع.

وقال أبو حنيفة : ينقطع الحول وإن كانت نصاباً ، ولو بقي واحدة لم ينقطع(٣) .

ولو ملك أربعين صغيرة انعقد الحول عند الشافعي(٤) ، خلافاً له(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٦) .

و - لو كانت في الإِبل فُصلان ، وفي البقر عجاجيل ، فإن سامت حولاً اعتبرت ، وإلّا فلا ، والمخالفون في السخال خالفوا هنا.

إذا عرفت هذا ، فلو كانت الإِبل كلّها فُصلاناً والبقر عجاجيل اُخذ واحد منها.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) الاُم ٢ : ١٢ ، مختصر المزني : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، و ٤٨٦.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٣١ - ٣٢ ، شرح العناية ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ و ٤٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٦.

(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٣٩ - ١٤٠.

(٦) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الفرع « ج ».

٥٧

وقال بعض الشافعية : لا يؤخذ إلّا السنّ المنصوص عليه ، لأنّا لو أخذنا واحداً منها لسوّينا بين خمس وعشرين وإحدى وستين ، وأخذنا فصيلاً من كلّ واحد من العددين وهو غير جائز ، فتؤخذ كبيرة بالقيمة بأن يقول : كم قيمة خمس وعشرين كباراً؟ فإذا قيل : مائة ، قيل : كم قيمة بنت مخاض؟ فإذا قيل : عشرة ، فيقال : كم قيمتها فُصلاناً؟ فيقال : خمسون. اُخذ بنت مخاض قيمتها خمسة(١) .

وقال بعض الشافعية : إنّما يفعل ذلك ما دام الفرض يتغيّر بالكبر ، فإذا تغيّر بالعدد كستّ وسبعين اُخذ من الصغار(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأدائه إلى التسوية بين الأربعين والخمسين ، وبين الثلاثين والأربعين في البقر ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرّق بينهما(٣) .

مسألة ٣٥ : أوّل نُصب الإِبل خمس ، وفيها شاة‌ ، فلا يجب فيما دونها شي‌ء ، ثم عَشر ، وفيه شاتان ، ثم خمس عشرة ، وفيه ثلاث شياه ، ثم عشرون ، وفيه أربع شياه ، وهذا كلّه بإجماع علماء الإِسلام.

فإذا بلغت خمساً وعشرين ، فأكثر علمائنا على أنّ فيها خمس شياه إلى ست وعشرين ، ففيها حينئذٍ بنت مخاض(٤) .

لقول عليعليه‌السلام : « في خمس وعشرين خمس شياه »(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في خمس‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ - ٣٨١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٨١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ و ١٠١ / ١٥٧٢ و ١٥٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠ / ٦٢٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٨ - ٩٩.

(٤) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٠ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٩١ ، وسلّار في المراسم ١٢٩ - ١٣٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

(٥) سنن البيهقي ٤ : ٩٣.

٥٨

وعشرين خمس من الغنم »(١) .

ولأنّ الخمس الزائدة على العشرين كالخمس السابقة ، ولأنّا لا ننتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شي‌ء من نُصب الزكاة المنصوصة.

وقال ابن أبي عقيل منّا : في خمس وعشرين بنت مخاض(٢) ، وهو قول الجمهور(٣) كافة ؛ لأنّ أبا بكر كتب لأنس لمـّا وجّهه إلى البحرين كتاب الصدقة التي فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في كلّ خمسٍ شاةً حتى تبلغ خمساً وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض »(٥) .

ونمنع الاحتجاج برواية أبي بكر ، لجواز أن يكون رأياً له ، أو يضمر فيها زيادة واحدة ، وهو جواب الثانية.

وقال ابن الجنيد : يجب بنت مخاض أو ابن لبون ، فإن تعذّر فخمس شياه(٦) .

مسألة ٣٦ : إذا بلغت ستّا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين‌ ، فإذا زادت واحدة ففيها حِقّة إلى ستين ، فإذا زادت واحدة وبلغت إحدى وستّين‌

____________________

(١) المعتبر : ٢٥٩ ، الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ وفيه عن الإِمام الباقرعليه‌السلام ، والتهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، والاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦ وفيهما عن الإِمام الصادقعليه‌السلام .

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٥٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، المغني ٢ : ٤٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ - ١٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٦) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

٥٩

ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا صارت ستّاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقّتان إلى مائة وعشرين ، وهذا كلّه لا خلاف فيه بين العلماء ، لأنّه في كتاب أبي بكر لأنس(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون اُنثى إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى [ خمس و ](٢) سبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين ومائة ، فإذا كثرت الإِبل ففي كلّ خمسين حقّة »(٣) .

مسألة ٣٧ : إذا زادت على مائة وعشرين ولو واحدة وجب في كلّ خمسين حقّة‌ ، وفي كل أربعين بنت لبون ، فتجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ففيها حقّة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ففيها حقّتان وبنت لبون إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، وعلى هذا الحساب بالغاً ما بلغ عند علمائنا ، وبه قال ابن عمر وأبو ثور والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين ، ومالك في إحدى الروايتين(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كلّ أربعين بنت لبون )(٥) والواحدة زيادة.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة السابقة (٣٥).

(٢) زيادة أثبتناها من المصدر.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦‌

(٤) الاُم ٢ : ٤ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٩ ، المغني ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

شهر عظيم مبارك، وهو شهر الأصب يصبّ فيه الرحمة على من عبده إلا عبداً مشركاً أو مظهر بدعة في الإسلام"(١) .

وهو من الأشهر الحُرم التي عظمها الله تعالى.

وهو الشهر الذي تشرَّف بمناسبات جليلة ففيه بعثة خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيه تشرَّفت الكعبة الشريفة بولادة سيد الوصيين سلام الله عليه فيها فأطلق عليه أهل البيتعليه‌السلام انه شهر أمير المؤمنينعليه‌السلام .

شهر الدعاء:

وهو موسم الدعاء فعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً يقال له الداعي، فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصباح: " طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين" يقول الله تعالى:" أنا جليس من جالسني ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٧

٨١

وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إليّ"(١) .

ليلة الرغائب:

وهو شهر ليلة الرغائب التي أكَّد النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إحيائها بقوله:" ولا تغفلوا عن أول ليلة جمعة منه فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبقَ ملك في السماوات والأرض إلا يجتمعون في الكعبة وحولها ويطلع الله عليها اطلاعة، فيقول لهم: يا ملائكتي، سلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا حاجتنا أن تغفر لصُوَّام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى: قد فعلت ذلك"(٢) . وقد ذكر النبي صلوات الله وسلامه عليه عمل هذه الليلة من صلاة ودعاء، عقَّبه صلى الله عليه وآله بالقسم بالله أن من فعله غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد أوراق الأشجار.

الصوم:

وهو شهر أحبَّ الله فيه الصيام فحدَّثنا رسوله الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن فضل الصوم فيه بقوله: " ألا إن رجب شهر الله الأصم وهو شهر

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٧٧

٢- السيد ابن طاووس - إقبال الأعمال - ج ٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٨٥

٨٢

عظيم،وإنما سمي الأصم لأنه لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند الله،..ألا من صام من رجب يوماً إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله الأكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله، وأغلق عنه باباً من أبواب النار، ولو أعطي ملئ الأرض ذهباً ما كان بأفضل من صومه"(١) .

وهو شهر أحبَّ الله فيه السجود له وأن يجعل ذكر سجوده في الشهر كلِّه: " عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك" تأسياً بالإمام زين العابدينعليه‌السلام (٢) .

كتبنا الله تعالى من المتعرضيِّن لنفحات رجب المستفيدين منها.

____________________

١- السيد ابن طاووس - إقبال الأعمال - ج ٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٨٥

٢- السيد ابن طاووس - إقبال الأعمال - ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٤

٨٣

الإمام الباقرعليه‌السلام : أصالة الفكر الإسلامي

المناسبة: ولادة الإمام الباقرعليه‌السلام

التاريخ: ١ رجب سنة ٥٧ ه

ولد الإمام الخامس من أئمّة أهل البيتعليه‌السلام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام في المدينة المنوّرة وقد عاشعليه‌السلام في مرحلة حسَّاسة من تاريخ الإسلام لا سيَّما على المستوى الفكريّ، إذ تغلغل في الساحة الفكريّة الكثير من الأحاديث الموضوعة والأفكار المبتدعة من قِبل اليهود، وتسرَّبت إلى الثقافة الإسلاميّة أفكار منحرفة قَدِمت من أمم غابرة افتتح المسلمون بلادها هدفت إلى طمس معالم الفكر الإسلامي الذي دافع عنه الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام بعلمه اللدني الذي أخبر عنه جدّه النبي المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال لجابر بن عبد الله

٨٤

الأنصاري: " يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسينعليه‌السلام يقال له محمّد يبقر علم النبيين بقراً، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام"(١) .

وتمثَّلت جهود الإمام الباقرعليه‌السلام في أمور منها:

التأكيد على المصادر الأصيلة للفكر الإسلامي:

فمن كلام لهعليه‌السلام لبعض أصحابه:" شرِّقا أو غرِّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج من عندنا"(٢) .

تربية الكوادر على الأسس الإسلاميّة الأصيلة:

وقد وُفِّق الإمامعليه‌السلام لتربية وتنشئة مجموعة من العلماء الكبار الذين كان لهم دور كبير في حفظ تراث الإسلام الأصيل، منهم:

١ - زرارة بن أعين الذي قال عنه الإمام الصادقعليه‌السلام :

" لولا زرارة لظننت أنّ أحاديث أبي ستذهب"(٣) .

٢ - ومحمد بن مسلم الثقفي الذي ورد أنّه سأل من الإمام الباقرعليه‌السلام ثلاثين ألف مسألة.

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار- ج ٤٦ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٩٦

٢- الشيخ الطوسي - اختيار معرفة الرجال - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٦٩

٣- السيد البروجردي - جامع أحاديث الشيعة- ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص٢٣٦

٨٥

٣ - وأبان بن تغلب الذي قال له الإمام الباقرعليه‌السلام : " اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فإنّي أحب أن يُرى في شيعتي مثلك"(١) .

نشر الفكر الإسلامي الأصيل:

فقد عمل الإمامعليه‌السلام بشكل واسع على نشر هذا الفكر حتى قال أحدهم وهو يتحدّث عن الإمامعليه‌السلام : " رأيت رجلاً بمكّة أصيلاً في الملتزم بين الباب والحجر على صعدة من الأرض...فلما انثال عليه الناس يستفتونه عن المعضلات، يستفتحونه أبواب المشكلات، فلم يرم (يبرح) حتى أفتاهم في ألف مسألة ثمّ نهض يريد رحله ومناد ينادي بصوت صهل: ألّا إنّ هذا النور الأبلج"..وآخرون يقولون من هذا ؟ فقيل: " محمّد بن علي، الباقر عالم العلم والناطق على الفهم.."(٢) .

وعن نشر الإمام الباقرعليه‌السلام للفكر الإسلامي يقول الشيخ المفيد رحمه الله: " لم يظهر عن أحد من ولد الحسنعليه‌السلام والحسينعليه‌السلام من علم الدين، وآثار السُنَّة، وعلم القرآن

____________________

١- السيد البروجردي - جامع أحاديث الشيعة- ج ١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص٢٢٥

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٦ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ٢٥٩

٨٦

والسيرة، وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ".

رسالته بعد الشهادة:

وأصرَّ الإمامعليه‌السلام على نشر الفكر الإسلامي في حركة سياسية بارزة وردت في رواية معتبرة تفيد أنّ الإمام الباقرعليه‌السلام أوصى بالبكاء عليه بعد شهادته في " منى " لمدّة عشر سنوات ووضع ٨٠٠ درهم من ماله لإنجاز هذه الوصيَّة.

وتحديد الإمامعليه‌السلام البكاء عليه في " منى" إنّما هو لخصوصيّة فيها، فهي تعتبر المحطّة الأهمّ من ناحية استقرار وضع الحجّاج فيها حيث يمكثون هناك من دون مناسك خاصّة كغيرها.وقد علّق الإمام الخامنئي دام ظله على الرواية السابقة بقوله: " كلّ شخص يعلم أنّ هذا المكان هو الأنسب لإيصال أيّ نداء إلى العالم، وخاصّة في تلك الأيام حيث تنعدم وسائل الإعلام كالراديو والتلفزيون والجرائد وغيرها من الرسائل الأخرى، فعندما يبكي جماعة على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمن المؤكّد أن يسأل الجميع عن سبب البكاء، فلا أحد " عادة" يبكي على ميّت عادي وبعد مرور سنين طويلة، إذن فهل ظلم؟! أو قتل؟! ومن الذي ظلمه؟! ولماذا ظلم؟! تطرح أسئلة كثيرة

٨٧

من هذا القبيل، إذن فهذه حركة جهاديّة دقيقة ومخطّط لها".ولم يكن نشاط الإمام الباقرعليه‌السلام المتنامي خافياً عن أعين السلطة الأمويّة الجائرة التي أقدمت بحقدها الدفين على اغتيال الإمامعليه‌السلام عن طريق السُمّ، فاستشهدعليه‌السلام بتأثير السُمّ وانتقل إلى جوار الله تعالى في ٧ ذو الحجّة عام ١١٤ ه.

٨٨

الإمام الهاديعليه‌السلام : المكانة والدور في الامة

المناسبة: ولادة الإمام الهاديعليه‌السلام

التاريخ: ٢ رجب سنة ٢١٢ه

ولد الإمام أبو الحسن علي الهاديعليه‌السلام عام ٢١٤ للهجرة في ضاحية من ضواحي المدينة المنوّرة، وقد تولّى الإمامة وهو ما زال صبياً بعد شهادة والده الإمام محمّد الجوادعليه‌السلام

مكانة الامام:

عاش الامام في المدينة أكثر من عشرين عاماً عرف فيها الناس فضله وعلمه ومكانته فأصبح منهلاً عذباً لروّادالعلم من مختلف البلاد حتى اتسعت شهرته ورجع إليه القريب والبعيد مستفيدين منه مشافهة ومراسلة من خلال الكتب الصادرة عنه.

٨٩

وقد أثارت هذه المشاهد غضب الحكام وأقضّت مضاجعهم فاستدعاه المتوكّل العباسي إلى عاصمته وفرض عليه الإقامة الجبريّة في سامراء أكثر من عشرين عاماً ليحول بينه وبين شيعته الذين اجتمعوا على إمامته، وكانوا في تلك الفترة من التاريخ أكثر من أيّ وقت مضى.

التصدّي لانحرافات عصره:

إضافة إلى عمل الإمامعليه‌السلام الدؤوب على حماية قواعده والإشراف عليها وتثقيفها ومساعدتها على الصمود ومواجهة العقبات والصعاب فقد واجه الإمام الهاديعليه‌السلام الانحرافات والشبهات التي ظهرت في عصره فكان منه التصدي الحازم لها.

فقد ظهر في عصر الإمام العسكريعليه‌السلام مجموعة من الغلاة تحرّكوا في وسط الشيعة لإضلالهم عن الحقّ، فعن أحمد بن محمّد بن عيسى أنّه قال: كتبت إلى الهاديعليه‌السلام في قوم يتكلّمون ويقرؤون أحاديث ينسبونها إليك وإلى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب.منهم علي بن حسكة والقاسم بن يقطيني، ويدعون أنّ قول الله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء

٩٠

وَالْمُنكَرِ(١) . تعني رجلاً يأمر وينهي، وكذلك الزكاة، ويتأولون كثيراً من الفرائض والسنن والمعاصي، فإنّي رأيت أن تبيّن لنا وتمنَّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من تلك المقالات، والذين ذهبوا إلى هذه المقالات يدّعون بأنّهم أولياءكم، فكتبعليه‌السلام : " ليس هذا ديننا فاعتزله"(٢) .

وفي رواية ثانية عن محمّد بن عيسى: أنّ الإمام الهاديعليه‌السلام كتب إليّ ابتداءً: لعن الله القاسم بن يقطيني،ولعن الله علي ابن حسكة القمي، إنّ شيطاناً تراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً(٣) .

من حكمهعليه‌السلام :

" ابقوا النعم بحسن مجاورتها والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها".

" الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر، لأنّ النعم متاع، والشكر نعم وعقبى"(٤) .

____________________

١- العنكبوت: ٤٥.

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٢٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١٦

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٢٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١٦

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٦٥

٩١

قبسات من حياة : الإمام الهاديعليه‌السلام

المناسبة: شهادة الامام الهاديعليه‌السلام

التاريخ: ٣ رجب

ولد الامام الهاديعليه‌السلام في المدينة المنورة في الثالث من رجب حيث أشرق نور هدايته في قلوب المؤمنين وعمّ فضله العالمين.

نسبه الشريف:

- والده: الإمام أبوجعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام الملقب بالجواد والتقي.

- أمه: أم ولد يقال اسمها سمانة المغربية كانت تعرف بالسيدة وتكنى بأم الفضل.

- ألقابه: النجيب، المرتضى، الهادي، النقي، العالم، الفقيه،

٩٢

الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل والعسكري.

شهادته: استشهد الإمام الهاديعليه‌السلام مسموماً يوم الاثنين لثلاث بقين من جمادي الآخرة عام ٢٥٤ ه في سامراء.

إثبات إمامته:

وردت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليه‌السلام خصوصاً أحاديث كثيرة تؤكد على إمامة الإمام الهاديعليه‌السلام منها:

قال ابن الصباغ: " قال صاحب الإرشاد: كان الإمام بعد أبي جعفر أبنه أبا الحسن علي بن محمد لإجتماع خصال الإمامة فيه ولتكامل فضله وعلمه وإنه لا وارث لمقام أبيه سواه ولثبوت النص عليه من أبيه".

روى الصدوق بإسناده عن عبد الواحد بن محمد العبدوس العطارة قال:

" حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدثنا الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول: " إن الإمام بعدي أبني علي، أمره أمري، قوله قولي، وطاعته طاعتي...."(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٥٠ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص١١٨

٩٣

قال أمية بن علي القيسي:" قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام : من الخلف بعدك؟ قالعليه‌السلام : أبني علي".

فضائله ومناقبه:

نشأ الإمام الهاديعليه‌السلام وترعرع في ظل أبيه الإمام الجوادعليه‌السلام وارث علوم أهل البيتعليه‌السلام وحامل معارف الرسالة والداعي الى كلمة الهدى، مما جعله يكتسب صفات حميدة وأخلاقاً عظيمة وعلماً وحكمة يضيق المجال بالتحدث عن كل منها إلا اننا سنذكر بعضاً مما أورده الإعلام عن فضائلهعليه‌السلام .

- قال ابن الصباغ المالكي يصف الإمام الهاديعليه‌السلام مستشهداً بكمال الدين بن طلحة الشافعي: " وأما مناقبه فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة: فمنها ما حل في الآذان محل جلالها باتصافها واكتناف اللآلئ اليتيمة بأصدافها وشهد لأبي الحسن علي الرابع أن نفسه موصوفة بنفائس اوصافها وانه نازل في الدرجة النبوية في دار أشرافها وشرفات أعرافها".

- وصفه الطبرسي بقوله: " ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمين والطيب".

٩٤

- تحدث عبد الحي بن العماد الحنبلي عن صفات الإمام الهاديعليه‌السلام فقال:" أبو الحسن علي بن محمد بن الرضا بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسني المعروف الهادي كان فقيهاً إماماً متعبداً".

مراحل حياته:

إقامته في يثرب:

كان أبو الحسنعليه‌السلام مقيماً في يثرب التي هي مسقط راسه وبلد آبائه وقد انصرف الى إشاعة العلم وتهذيب الأخلاق وتربية الناس بالآداب الإسلامية، وقد أتخذ الجامع النبوي مدرسة له لهذا أتحف به العلماء والفقهاء والرواة فكانوا ينهلون من معين علومه العذبة، فأصبح مصدراً خصباً لأهل العلم والمعرفة.وكان يعطف على الفقراء والمعوزين فيمدهم بما يحتاجونه ولم يقتصر بره فقط على الأمور المادية بل شمل جميع مناحي حياتهم، فلقد كان يواسيهم في السراء والضراء يعود مرضاهم ويشيع جنائزهم ويعطف على الصغير والكبير فيهم فأخلصوا له كأعظم ما يكون الأخلاص، والتفت حوله قلوبهم ومشاعرهم فأقام في أعماق قلوبهم ونفوسهم.

٩٥

رحيل الامام الى سامراء:

بقي الإمام الهاديعليه‌السلام في المدينة مدة عشرين عاماً أحبه الناس واجتمعوا إليه والتف حوله طلاب العلم والعلماء كما تقدم.إلا أن خوف المتوكل من سيطرة الإمام ومن ان تقوى شوكته كان يخضعه للرقابة الدائمة الى أن وشى به عبد الله بن محمد والي المدينة المنورة آنذاك الى المتوكل.ووصل نبأ الوشاية الى الإمام فأوعز الى المتوكل رسالة يبدي فيها تظلمه وافتراء عبد الله عليه، فما كان من المتوكل إلا ان أرسل الى الإمامعليه‌السلام رسالة يدعوه فيها الى القدوم الى سامراء واعداً إياه بتكريمه وتعظيمه وان يدنيه منه.وأرسل بطلبه يحيى بن هرثمة مع ثلاثمئة من جنده يقول له في الرسالة: " أما بعد: فإن أمير المؤمنين، عارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقك، مؤثر من الأمور، فيك وفي أهل بيتك، ما يصلح الله به حالك وحالهم، ويثبت من عزك وعزهم، ويدخل الأمن عليك وعليهم، يبغي بذلك رضا ربه وأداء ما فرض عليه فيك وفيهم....".

قدم يحيى بن هرثمة الى المدينة إمتثالاً لأمر المتوكل فداهم منزل الإمامعليه‌السلام ولم يجد فيه إلا مصاحف وكتب أدعية

٩٦

وكتب للعلم فعظم الإمام في عين يحيى فراح يتولى خدمته بنفسه ويحسن عشرته خصوصاً بعد أن أوصاه كلاً من إسحاق بن ابراهيم الطاهري والي بغداد ووصيف التركي.بعد وصولهم الى سامراء أخبر يحيى المتوكل بحسن سيرة الإمام وسلامة طريقه وورعه وزهده وأخبره عما لقيه في منزله، فلم يكن من المتوكل إلا أن أحسن إليه وأعظمه وأكرمه بالرغم مما يكنه المتوكل للإمام من حقد دفين وكره عميق.

بداءً من تلك المرحلة عاش الإمام الهاديعليه‌السلام أصعب أيام حياته إذ أن المتوكل جعله تحت الإقامة الجبرية محاطاً برقابة مشددة تحصي عليه انفاسه، إلا أن تبجيل الناس له والتفافهم حوله أثار في المعتز العباسي المخاوف والهواجس ففضل أن يتخلص منه، وهكذا سوّلت له نفسه.فدسّ له السم فاستشهد على ما استشهد عليه آباؤه الكرام سلام الله عليهم أجمعين وله من العمر ما يناهز الواحد والأربعين سنة.

٩٧

إمامة الجوادعليه‌السلام في الصغر

المناسبة: ولادة الإمام الجوادعليه‌السلام

التاريخ: ١٠ رجب

قال تعالى: ﴿مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء(١)

من هذه الشجرة الطيبة الإمام محمد بن علي الملقب بالجوادعليه‌السلام تاسع الأئمة المعصومين وثالث المحمدين اشتهر بأبي جعفر الثاني حتى لا تلتبس كنيته مع أبي جعفر الإمام الباقرعليه‌السلام .

ولد في المدينة سنة ١٩٥ق.ه. واستشهد سنة ٢٢٠ق.ه.على يد زوجته أم الفضل بنت المأمون بتحريض من الخليفة المعتصم.

تولى شؤون الإمامة بعد شهادة أبيه الرضاعليه‌السلام سنة

____________________

١- ابراهيم: ٢٤.

٩٨

٢٠٣ق.ه.عن عمر سبع سنين وقد جاء بعده الإمام الهاديعليه‌السلام ليتولاها عن عمر ٨ سنوات ثم بعد العسكريعليه‌السلام قائم آل محمد المهدي | ليتولاها وله من العمر ٥ سنوات فكان الإمام الجوادعليه‌السلام أول تجسيد حي للإمامة التي احتلت مكانتها في المسائل الكلامية، وخصوصاً مسألة أن يتولى الإمامة إمام قبل البلوغ.

وقد عقد صاحب البحار العلامة المجلسي باباً للنص على إمامة الجوادعليه‌السلام فتارة يشير الإمام الرضاعليه‌السلام في بعضها أنه سيولد له ولد يفرق بين الحق والباطل كما في كتاب الواسطي وتارة يشير إلى إمامة الجوادعليه‌السلام من خلال أنه يحمل علامة الإمامة كما في رواية الحسن بن الجهم حيث يكشف له الإمام الرضاعليه‌السلام عن كتفي الإمام الجوادعليه‌السلام فيرى شبه الخاتم داخل اللحم ويقول الإمام الرضاعليه‌السلام مثله في هذا الموضع كان في أبيعليه‌السلام .

وتارة يعبر الإمام الرضاعليه‌السلام أن اللَّه قد وهب لي من يرثه ويرث آل داود أو بعبارة لم يولد في الإسلام أعظم بركة منه ولم يكن الإمام الرضاعليه‌السلام يذكره إلا بالتعظيم والتبجيل...كتبت

٩٩

إلى أبي جعفر وكتب لي أبو جعفر ومن كان يستصغر سنه فكان الرد من قبله أن عيسى قد قام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين إشارة إلى قوله تعالى:

﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا(١) كما في رواية صفوان بن يحيى.

إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة كما في رواية معمر بن خلاد.

أو كما جاء في رواية ابن أسباط: " يا علي، إن اللَّه احتج بالإمامة بمثل ما احتج بالنبوة حيث قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾"(٢) إشارة إلى نبي اللَّه يحيىعليه‌السلام .

ومن هذه الخلفية قال الريان بن الصلت: إن كان أمره من اللَّه فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ وقوته وإن لم يكن من عند اللَّه فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس.هذا مما ينبغي أن يفكر فيه.

وقد تصدَّى الإمام الجوادعليه‌السلام للإجابة على من يقولون

____________________

١- مريم :٣٠.

٢- مريم :١٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274