• البداية
  • السابق
  • 172 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9263 / تحميل: 3409
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الثانية

شبهات وردود - الحلقة الثانية الجزء 2

مؤلف:
العربية

شبهات وردود

الحلقة الثانية

بقلم السيد سامي البدري

١

هوية الكتاب: شبهات وردود - الحلقة الثانية

المؤلف: السيد سامي البدري

الطبعة: الثانية ذي الحجة سنة ١٤١٧- قم

المطبعة باقري

الناشر:المؤلف

٢

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

وبعد فهذه الحلقة الثانية من شبهات وردود وقد كرستها لشبهات أثارتها نشرة الشورى حول النص على علي (ع) ، وكانت أهم هذه الشبهات هي :

انه لو كان هناك ثمة نص على علي (ع) لاحتج به علي (ع) نفسه !!

وانه لو كان هناك نص فان الصحابة اكبر من ان يتصور في حقهم انهم يخالفون النبي (ص) !!

وانه لو كان هناك نص فلماذا بايع علي (ع) الخلفاء الثلاثة برضاه !!

وقد عنيت هذه الحلقة بشكل خاص باحتجاج علي (ع) بحديث الغدير ، وبإبراز شاهد لمخالفة الصحابة للنص تتفق عليه مصادر السنة والشيعة بل ان تفاصيله في كتب السنة اكثر بكثير مما ذكر في كتب الشيعة وهو موقف الصحابة من حج التمتع سواء أثناء تبليغ النبي (ص) له أو بعد وفاة النبي (ص) حيث تجمع المصادر السنية

٣

فضلا عن الشيعية ان الصحابة وبخاصة القرشيين منهم استنكروا على النبي (ص) أمر متعة الحج وناقشوه عليها وأغضبوه ثم استجابوا لأمره فيها على مضض ، وانهم لما صارت السلطة بيدهم بعد النبي (ص) نهوا عنها ، وقد أمر بها القرآن والرسول وخضع لهم بقية المسلمين ما عدا عليا (ع) وأصحابه. هذا مع ان كلام الله تعالى وحديث النبي في هذا المورد يتعلق بقضية عبادية ، فيكف يكون أمرهم حينما يتعلق الأمر بقضية الموقع الأول في المجتمع الإسلامي بعد وفاة النبي (ص).

وتناولنا مضافا إلى ذلك شبهة كان من حقها ان تبحث في الحلقة الأولى وهي قول صاحب النشرة (ما دام في الأرض مسلمون ويحتاجون إلى دولة وإمام فلماذا يحصر عدد الأئمة باثني عشر).

أرجو ان أكون قد وفقت في عملي هذا وان يغتفر لي القارئ الكريم النقص الذي قد يلوح هنا وهناك سواء في هذه الحلقة أو التي قبلها راجيا منه ان ينبهني عليه لتلافيه في طبعة أخرى.

اللهم اجعله لي ذخرا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم انك سميع مجيب.

السيسد سامي البدري

قم / ١رجب / ١٤١٧هجـ.

٤

٥

الفصل الأول :

الأئمة الاثنا عشر حجج الهيون

قوله :

مادام في الأرض مسلمون ويحتاجون إلى دولة وإمام فلماذا يحصر عدد الأئمة باثني عشر

نقول :

الإمامة المحصورة باثني عشر بعد الرسول (ص) ليست هي منصب الحكم حسب بل هي منزلة الحجة على الخلق بالقول والفعل والتقرير ومن لوازم هذه المنزلة حصر حق الحكم بصاحبها في زمان حضوره اما في عصر الغيبة فإن منصب الحكم حق للفقهاء العدول.

٦

٧

نص الشبهة

قال صاحب النشرة :

ما دام في الأرض مسلمون ويحتاجون إلى دولة وإمام وكان محرما عليهم اللجوء إلى الشورى والانتخاب كما تقول النظرية الإمامية وكان لابد أن يعين الله لهم إماما معصوما منصوصا عليه فلماذا إذن يحصر عدد الأئمة في اثني عشر واحدا فقط(١) .

____________________

(١) الشورى العدد العاشر ص ١٩.

٨

التعليق على الشبهة

أقول :

اولا : ان المستشكل قَصَر الإمام معنى الحكم والرئاسة التنفيذية في المجتمع كما هو واضح من كلامه هنا وفي موارد متعددة من النشرة.

ثانيا : ان الإمامة التي حصرت باثني عشر من أهل البيت (ع) ليست هي إمامة الحكم حسب بل هي الإمامة الدينية التي كانت لرسول الله (ص) خاصة بوصفه حجة الله تعالى بقولهوفعله وتقريره(١) و كون

____________________

(١) ويترتب على هذه الإمامة ان الله تعالى لا يقبل عمل امرىء ما لم يكنموافقا في التفاصيل مع قول الحجة وفعله وتقريره ويترتب عليها الشفاعة أيضا ، فشفاعة الرسول لا تنال إنسانا لا يقتدي بسنته ، ويترتب على ذلك أيضا ان صاحب هذه المنزلة يؤيده الله تعالى بخوارق العادات يجريها على يديه حين يتوقف فتح طريق الهداية عليها.

٩

حق الحكم خاصا به في زمانه لا يجوز لغيره ان يمارسه الاّ بإذنه.

وكذلك الأمر في أوصيائه الاثني عشر فهم حجج الله تعالى على خلقه بعد نبيه الأكرم بقولهم وفعلهم وتقريرهم وكون حق الحكم خاصا بهم في زمانهم لا يجوز لغيرهم ان يمارسه ا لا بإذنهم ومن هنا اشترطت فيهم العصمة والنص.

وفي ضوء ذلك فان إمامة أهل البيت الاثني عشر (ع) كما يعتقد بها الشيعة ليست هي الإمامة التي يعتقدها الزيدية أو المعتزلة أو السنة فهؤلاء يعتقدون بالإمامة على أنها حكم وإجراء حدود وتولية أمراء وتطبيق أحكام الشريعة في المجتمع حسب.

ويفترق الزيدية عن غيرهم بقولهم : ان الذي له حق إجراء الحدود هم علي والحسن والحسين (ع) ومن دعا إلى نفسه وحمل السيف من ذرية الحسن والحسين بعدهما.

أما أهل السنة والمعتزلة فقد أنكروا ان تكون هناك نصوص تدل على حصر حق الحكم بأهل البيت (ع) بالشكل الذي قال به الزيدية

١٠

فضلا عما قال به الشيعة.

وفي قبال الزيدية والمعتزلة والسنة قالت الشيعة بإمامة أهل البيت لا بمعنى الحكم بل بالمعنى الذي يجعل منزلتهم بمنزلة الأنبياء أي كونهم حججا إلهيين تجب طاعتهم سواء بايعهم الناس على الحكم أو لم يبايعوهم ، لا فرق بينهم وبين النبي (ص) إلا في النبوة والأزواج(١) ، أما الحكم وإجراء الحدود فنسبته إليهم كنسبته إلى الرسول من حيث اختصاصه به وعدم جواز تصدي الغير له مادام حاضرا(٢) .

وهذا المعنى للإمام أي كونه حجة الله تعالى في دينه هو المأثور

____________________

(١) روى الكليني في الكافي ج١ : ٢٧٠ عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول " الأئمة بمنزلة رسول الله (ص) إلا انهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي (ص) فأما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (ص) ".

(٢) انظر كلام القاضي عبد الجبار في كتابه المغني الجزء المتم للعشرين ق١ : ٣٦ ، ٣٩ ، ٨٩-٩٠ حيث أشار إلى ان الشيعة ينظرون إلى أئمتهم كحجج لله تعالى ، وانظر أيضا الشافي في الإمامة للسيد المرتضى ج١ : ٣٠٩-٣١٠ ، والشيخ المفيد في كتابه الجمل ط. المؤتمر العالمي :٧٣-٧٤ه-.ش. والعلامة الحلي في كتابه أنوار الملكوت في شرح ياقوت الكلام لإبراهيم بن نوبخت ص ٢٠٤.

١١

عن هشام بن الحكم في مناظراته.

قال الشامي لهشام :

“ يا غلام سلني في إمامة هذا (وأشار إلى الإمام الصادق (ع)) … قال هشام للشامي يا هذا أربك انظر لخلقه أم خلقه ؟ فقال الشامي بل ربي انظر لخلقه. قال ففعل بنظره لهم ماذا ؟

قال أقام لهم حجة ودليلا ، كيلا يتشتتوا ، أو يختلفوا ، يتآلفهم ويقيم أودهم(١) ويخبرهم بفرض ربهم.

قال فمن هو ؟

قال رسول الله (ص).

قال هشام فبعد رسول الله (ص) ؟

قال الكتاب والسنة.

قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا ؟(٢) .

____________________

(١) الأَوَدُ : العِوَج (لسان العرب).

(٢) ادعى صاحب النشرة ان هشام بن الحكم كان يناظر من اجل الإمامة بمعنى الحكم بينما نصوص مناظراته كما يرى القارىء الكريم تدور حول من له مقام الرسول بكونه حجة في قوله وفعله وتقريره وكونه الفيصل في الاختلاف الفكري والفقهي.

١٢

قال فسكت الشامي.

فقال أبو عبد الله (ع) للشامي ما لك لا تتكلم ؟

قال الشامي ان قلت لم نختلف كذبت ، وان قلت ان الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت ، لأنهما يحتملان الوجوه ، وان قلت قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة ، إلاّ انَّ لي عليه الحجة.

فقال أبو عبد الله (ع) سله تجده مليا.

فقال الشامي يا هذا من انظر للخلق أربهم أو أنفسهم ؟

فقال هشام ربهم انظر لهم منهم لأنفسهم.

فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم ؟

قال هشام في وقت رسول الله (ص) أو الساعة ؟

قال الشامي في وقت رسول الله رسول الله (ص) والساعة من ؟

١٣

فقال هشام هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد(١) .

____________________

(١) يشير قول هشام (رح) هذا إلى ما اشتهر عن الإمام الصادق (ع) انه كان يخبر بوقوع الملاحم استنادا إلى كتب آبائه (ع) ومن ذلك ما اخبر عن مستقبل حركة الحسنيين في زمانه وانه لا يملك أحد منهم و ان ذلك مذكور عنده في كتاب فاطمة (عها) أصول الكافي ١ : ٢٤٢ ، وبصائر الدرجات : ١٦٩-١٧٠. وفي هذا الأخير عن معلى بن خنيس قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ اقبل محمد بن عبد الله بن الحسن فسلم ثم ذهب ورقَّ له أبو عبد الله ودمعت عينه فقلت له : لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع قال (رققت له لانه ينسب في أمر ليس له ، لم أجده في كتاب علي من خلفاء هذه الأمة ولا ملوكها) وفي مقاتل الطالبيين ص ٢٠٦ قال الصادق (ع) لعبد الله بن الحسن ان هذا الأمر ليس إليك ولا إلى ولديك وإنما هو لهذا / يعني السفاح / ثم لهذا / يعني المنصور / ثم لولده من بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان ويشاوروا النساء. فقال عبد الله والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه فقال الصادق (ع) : لا والله ما حسدت ابنك وان هذا -يعني أبا جعفر يقتله على أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف وقوائم فرسه بالماء. وقد اشتهر ذلك عن الإمام الصادق ، انظر تاريخ الطبري (طبعة دار المعارف) ٧ : ٥٩٨ وأيضا الصفحه٦٠٠ ، ومقاتل الطالبين ٣٤٧ وابن خلدون في مقدمته ج١ ص٥٩٥ ومن الجدير ذكره ان علم الإمام بالمغيبات وغيرها لا ينحصر من خلال قراءة تلك الكتب الموروثة بل هو محدَّث من قبل الملائكة بإذن الله (الكافي ج١ : ٢٧٠) هذا مضافا إلى كونه مؤيدا بروح القدس الذي به يعلم الإمام مادون العرش وما تحت الثرى (الكافي ج١ : ٢٧٢).

١٤

قال الشامي فكيف لي ان اعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك.

قال الشامي قطعت عذري فعليَّ السؤال.

فقال أبو عبد الله (ع) يا شامي أخبرك كيف كان سفرك ، وكيف كان طريقك ، كان كذا وكذا.

فاقبل الشامي يقول صدقت ، أسلمت لله الساعة.

فقال أبو عبد الله (ع) بل آمنت بالله الساعة ، ان الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون.

فقال الشامي صدقت فأنا الساعة اشهد ان لا اله إلا الله وان محمداً رسول الله (ص) وانك وصي الأوصياء ”(١) .

وهذا المعنى للإمامة الذي ناظر من أجله هشام طفحت به أحاديث الأئمة (ع).

روى الكليني عن داود الرقي عن العبد الصالح (ع) قال : “ ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف ”(٢) .

____________________

(١) الكافي ج١ : ص١٧١ الرواية ٤.

(٢) الكافي ج١ ص ١٧٧.

١٥

وروى أيضا عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله (ع) قال : “ ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله ”(١) .

وروى أيضا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال : “ سمعته يقول ان الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام كي ما ان زاد المؤمنون شيئا ردَّهم وان نقصوا شيئا أتمَّه لهم ”(٢) .

وروى أيضا عن بشير العطار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : “ نحن قوم فرض الله طاعتنا(٣) وانتم تأتمون بمن لا يعذر الناس

____________________

(١) الكافي ج١ ص ١٧٨.

(٢) الكافي ج١ ص ١٧٨.

(٣) روى الكليني في الكافي ج١ : ٢٧٦ عن بريد قال ، قال أبو جعفر (ع) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء : ٦٣ إيانا عنا خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا. وفي تفسير فرات الكوفي عن الحسين انه سأل جعفر بن محمد (ع) عن قوله الله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) قال : أولي الفقه والعلم قلنا : اخاص أم عام قال بل خاص لنا. وفيه أيضا عنه (ع) قال أولي الأمر في هذه الاَّية هم آل محمد (ص)) ص ١٠٨ تحقيق محمد الكاظمط١٤١٠ هج وفي الكافي ج٢ باب دعائم الإسلام ح٢ وح٩ (ان الولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد (ص) ثم ذكر قوله تعالى (أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم)) وفي أصول الكافي ج١ : ١٨٩ الحديث ١٦ عن الحسين بن علاء قال قلت لأبي عبد الله (ع) الأوصياء طاعتهم مفترضة قال نعم هم الذين قال الله عز وجل (أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم) وهم الذين قال الله عز وجل (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أقول : في ضوء هذه النصوص يتضح ان (اولي الامر) في الاية مصطلح خاص اريد به أوصياء الرسول الاثني عشر(ع) خاصة.

١٦

بجهالته ”(١) .

وروى الكليني أيضا عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا (ع) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر (ع) فكنت تقول يهب الله لي غلاما ، فقد وهبه الله لك فاقر عيوننا ، فلا أرانا إليه يومك ، فان كان كون فإلى من ؟

فأشار بيده إلى أبي جعفر (ع) وهو قائم بين يديه.

فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين ؟

فقال : “ وما يضره من ذلك فقد قام عيسى (ع) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين ”(٢) وفي نسخة إرشاد المفيد وأعلام الورى (ابن اقل

____________________

(١) الكافي ج١ : ١٨٦.

(٢) الكافي ج١. ص ٣٢١ الرواية رقم ١٠.

١٧

من ثلاث سنين).

والإمامة بهذا المعنى عرضها القرآن الكريم للأنبياء السابقين قال تعالى( وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) البقرة / ١٢٤.

وقال تعالى( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) الأنبياء / ٧٣.

فالإمام في كلا الاَّيتين هو الهادي إلى دين الله والحجة على خلقه بقوله وفعله وتقريره.

وفي ضوء ذلك يتضح :

ان الذي ذكرته الأحاديث النبوية من حصر الإمامة بعد النبي باثني عشر إنما هو منزلة خاصة لا يراد بها موقع الحكم وإجراء الحدود حسب بل أريد بها موقع من هو بمقام الرسول في كونه حجة لله تعالى في القول والفعل والتقرير وكون الحكم وإجراء الحدود من خصائصه في زمانه ، وقد ألحقت أحاديث أخرى الزهراء (ع) بالأئمة فهي حجة في قولها وفعلها وتقريرها دون خصوصية الحكم.

١٨

وبواسطة هؤلاء الحجج حفظ الله شريعة نبيه من التحريف وصارت ميسرة لكل من أرادها.

مشيئة الله تعالى في آل محمد (ص) :

وقد يقال لِمَ حُصر الحجج بعد النبي باثني عشر ولِمَ حُصر بأسرة النبي (ص) ؟

والجواب :

ان حصر حجج الله تعالى بعد نبيه الأكرم بأسرة النبي (ص) وبعدد محدود منهم ، وهم علي والزهراء والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين (ع) ، نظير حصر حججه تعالى بعد نوح وإبراهيمويعقوب وعمران في ذريتهم كما في قوله تعالى :( ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وإِبْرَاهِيمَ وجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ والكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) الحديد / ٢٦ وقوله :( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ ونُوحًا وآلَ إِبْرَاهِيمَ وآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَ اللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) آل عمران / ٣٣-٣٤.

وقد شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل في الحجج من بعد محمد (ص) امرأة حجة وهي فاطمة بنت محمد (ص) كما جعل بعد

١٩

موسى امرأة حجة وهي مريم بنت عمران.

وشاءت حكمة الله تعالى أيضاً ان يجعل من ذرية فاطمة (ع) خاتم أوصياء محمد (ص) وهو الحجة بن الحسن العسكري كما جعل من ذرية مريم (ع) من قبلُ حجته عيسى (ع) خاتم أصفيائه من آل عمران وبني إسرائيل.

بل شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل المهدي من آل محمد (ص) نظيرا لعيسى من آل عمران من ناحية الاختلاف في ولادته والامتحان بغيبته فقد اختلف بنو إسرائيل في ولادة المسيح بعد ان كانوا ينتظرونه جميعا للنصوص الثابتة عن أنبيائهم وفي كتبهم(١) ، فآمنت طائفة لما ولد وأنكرت طائفة ذلك إلى اليوم.

واختلف بنو إسماعيل (أمة محمد (ص)) في ولادة المهدي

____________________

(١) جاء في سفر اشعياء / وهو من أسفار الكتاب المقدس عند اليهودوالنصارى/ الإصحاح التاسع الفقرة ١٤ قوله (ولكن الرب نفسه يعطيكم آية. ها العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعو اسمه عمانوئيل) وعما نوئيل لفظة عبرية معناها (الرب معنا) ومن الواضح ان النص يشير إلى مريم (عها) التي حملت من غير رجل وقد أيدها الله تعالى لما ولدت عيسى بان انطقه في المهد ليكون آية لأمه ولبني إسرائيل ومع ذلك فقد كذبت طائفة كبيرة من اليهود ذلك وأنكروا ولادة المسيح المنتظر من العذراء إلى اليوم.

٢٠