شبهات وردود - الحلقة الثالثة الجزء ٣

شبهات وردود - الحلقة الثالثة0%

شبهات وردود - الحلقة الثالثة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 174

شبهات وردود - الحلقة الثالثة

مؤلف: السيد سامي البدري
تصنيف:

الصفحات: 174
المشاهدات: 15080
تحميل: 3492


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 174 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15080 / تحميل: 3492
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الثالثة

شبهات وردود - الحلقة الثالثة الجزء 3

مؤلف:
العربية

والتاريخ السنية والشيعية وسنكتشف ان أصولها منحصرة في الكتب السنية دون الشيعية ما عدى قضية ادعاء ابن سبأ الالوهية في علي (ع) فأنها ذكرت في كتاب شيعي واحد هو كتاب الكشي ثم انتشرت منه إلى الكتب الشيعية التي جاءت بعده.

ونحن من اجل تسهيل عملية التتبع نصنف المعلومات التي وردت في نص الاشعري إلى المفردات التالية :

١. قوله (وحكى جماعة من أهل العلم ان عبد الله بن سبأ كان يهوديا فاسلم ووالى عليا. وهو أول من شهر بالقول بفرض إمامة علي (ع) واظهر البراءة من أعدائه).

٢. ان عليا أمر بقتل ابن سبأ بسبب ما أظهره من الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة والبراءة منهم.

٣. ان الناس تشفعوا في ابن سبأ فرفع عنه القتل ونفاه إلى المدائن.

٤. ان ابن سبأ وأصحابه في المدائن لما بلغهم قتل علي (ع) لم يصدقوه وقالوا لو جئتنا بدماغه في صرة(١) فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا انه لم يمت ولم يقتل وانه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض.

____________________

(١) الصرة ك للدراهم ن خررت الصرة : شددتها (الصحاح للجوهري)

١٢١

٥. ان أصحاب ابن سبأ وهم السبائية وأصحاب عمر بن حرب الكندي وهم الحربية قالوا بعد ذلك في انه إله العالمين.

وفيما يلي الحديث عن مصادر كل واحدة منها :

* وردت المفردة الأولى وهي قوله (وحكى جماعة من أهل العلم ان عبد الله بن سبأ…) في حديث سيف بن عمر عن حوادث الثورة على عثمان وهو أول من روى ذلك قال سيف في كتابه الجمل مسير عائشة وعلي عن عطية عن يزيد الفقعسي : كان ابن سبأ يهوديا من أهل ضعاء من أمة سوداء فاسلم زمن عثمان بن عفان ثم تنقل في بلاد المسلمين يحاول ضلالتهم فبدأ بالحجاز ثم بالبصرة ثم الكوفة ثم الشام فلم يقدر ما يريد عند أحد من أهل الشام فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم فقال لهم فيما كان يقول : … انه كان ألف نبي ولكل نبي وصي وكان علي وصي محمد (ص) ثم قال محمد (ص) خاتم النبيين وعلى خاتم الأوصياء ثم قال بعد ذلك من اظلم ممن لم يجز وصية رسول الله (ص) ووثب على وصي رسول الله (ص) …)(١) .

ومن كتاب سيف أخذها الطبري (تـ ٣١٠) في تاريخه ، وابن

____________________

(١) ١٠:٠٧ ص.

١٢٢

عساكر (تـ ٥٧١) كتابه تاريخ دمشق والذهبي تـ ٧٤٨ في كتابه تاريخ الإسلام وابن أبي بكر (تـ ٧٤١) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل عثمان ، وعن هؤلاء اخذ من جاء بعدهم كما فصل ذلك العلامة العسكري في كتابه القيم (عبد الله بن سبأ) ج١.

* ووردت معلومة (ان عبد الله بن سبأ يهودي من صنعاء) في رواية عبد الرحمن بن مالك بن مغول تـ ١٩٥ عن الشعبي في كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه (تـ ٣٢٧) ج٢/وفي كتاب اللطيف في السنة لابن شاهين (تـ ٣٨٥ هجـ) كما نقل ذلك عنه ابن تيمية في منهاج السنة ج١

١٢٣

* ووردت المفردة الثانية وهي (ان عليا (ع) أمر بقتل ابن سبأ بسبب طعنه على أبي بكر وعمر) في رواية ابن عساكر تاريخ دمشق ج ٢٩/٧-٩ بسنده عن مرزوق عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن زيد قال قال علي بن أبي طالب مالي ولهذا الحميت الأسود ؟ يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر وعمر.

* ووردت المفردة الثانية والثالثة في رواية أبي اسحق الرازي (أو الفزاري) عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء (أو) عن زيد بن وهب ان سويد بن غفلة دخل على علي (ع) في إمارته فقال أني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر يرون انك تضمر لهما مثل ذلك

١٢٤

منهم عبد الله بن سبأ وكان عبد الله أول من اظهر ذلك فقال علي مالي ولهذا الحميت الأسود (أو الخبيث الأسود) ثم قال معاذ الله ان أضمر لهما إلا الحسن الجميل ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ فسيره إلى المدائن وقال لا تساكني في بلدة أبدا ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس وقال إلا لا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما (أي أبا بكر وعمر) إلا جلدته حد المفتري(١) .

وفي رواية أخرى لابن عساكر بسنده عن مغيرة عن سماك قال بلغ عليا ان ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر فدعا به ودعا بالسيف أو قال فهمَّ بقتله فكُلِّم فيه فقال لا يساكني ببلد أنا فيه قال فسيره إلى المدائن(٢) .

* ووردت المفردة الرابعة (وهي ان ابن سبأ وأصحابه في المدائن لما بلغهم قتل علي (ع) أنكروه) في رواية الجاحظ عن مجالد (تـ ١٤٤) عن الشعبي (تـ١٠١) عن جرير بن قيس قال قدمت المدائن بعدما ضرب علي بن ابي طالب كرم الله وجهه فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب فقال لي ما الخبر فقلت ضرب أمير المؤمنين ضربة يموت الرجل من ايسر منها ويعيش من اشد منها ، قال لو

____________________

(١) ابن حجر لسان الميزان تحقيق المرعشلي ج٤/٢٤.

(٢) ابن عساكر تاريخ دمشق ج٢٩/٧-٩.

١٢٥

جئتمونا بدماغه في مائة صرة لعلمنا انه لا يموت حتى يذودكم بعصاه)(١) .

وقد روى رواية مجالد هذه الخطيب البغدادي (تـ ٤٦٢) وفيها زحر بن قيس بدلا من جرير بن قيس.

وفيها أيضا عبد الله بن وهب السبائي بدلاً من ابن السوداء(٢) .

* ووردت معلومة (ان ابن سبأ احدث النص والطعن في الصحابة) في حديث أبي علي الجبائي تـ ٣٠٣ كما حكاه عنه القاضي عبد الجبار المعتزلي (تـ ٤١٣) قال قال أبو علي الجبائي :

(ثم حدث في آخر أيام علي بن أبي طالب (ع) قول ابن سبأ وإفراطه في وصفه وتعظيمه واستنقاص كبار الصحابة فبلغ ذلك عليا فدعاه وزجره ونفاه عن الكوفة فصار إلى المدائن وأقام بها إلى ان مات علي فرجع إلى الكوفة واستدعى قوما من أهلها فبقيت مضرته إلى الآن وهي الوقيعة في أصحاب الرسول (ص) وان عليا (ع) منصوص عليه(٣) .

اقول: في هذا الذي أوردناه كفاية لتأييد ما أشرنا إليه من ان سعداً

____________________

(١) البيان والتبيين ج٣/٤٦.

(٢) تاريخ بغداد ج٨/٤٨٨.

(٣) فضائل الاعتزال وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار ص ١٤٣.

١٢٦

الاشعري إنما أورد ما تناهى إليه من كلمات حول ابن سبأ والسبائية قد أخذها من كتب المقالات والفرق التي قبله او اخذ بعضها من هذه و بعضها من تلك الروايات التي اشرنا اليها. كما يوحي قوله (وحكى جماعة من أهل العلم) بذلك وتعبير (أهل العلم) منه لا يريد به الشيعة إذ لو أراده لقال جماعة من أصحابنا.

ويؤكد ذلك انك لن تجد شيعياً واحدا ممن مضى أو بقي يقول ويعتقد بشيء من ذلك ، كما انك لن تجد في التراث الشيعي على ضخامته رواية واحدة حتى ولو كانت ضعيفة تسند القول بالوصية الى عبد الله بن سبأ.

١٢٧

المورد الرابع عشر:

ليس سواء القول باسطورية ابن سبأ وعدمه

قوله:

وسواء كان عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية ام اسطورية

أقول:

بل ليس سواء لان القول باسطورية عبد الله بن سبأ الذي ينسب اليه القول بالوصية ذات الاثر السياسي سوف يقلب الموازين بشهادة الباحثين من اهل السنة انفسهم

١٢٨

١٢٩

نص الشبهة

قوله: (وسواء كان عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية أم أسطورية.)

الرد على الشبهة

١. أقول : بل ليس سواء ، لان القول بأسطورية عبد الله بن سبأ الذي ينسب اليه القول بالوصية سوف يقلب ويزلزل موازين النظر إلى اصل القول بالوصية لعلي عند من يربط نشأة ذلك بعبد الله بن سبأ.

وقد صرح بزلزلة وانقلاب الموازين اثنان من الأساتذة الجامعيين في المملكة العربية السعودية.

أحدهما الدكتور سليمان العودة

وقد كانت رسالته في الماجستير عن شخصية عبد الله بن سبأ وهو من القائلين بوجوده ومتحمس جداً لتثبيت ما رواه سيف بن عمر بشأنه.

قال العودة :

(ان في هذا الرأي أي القول بأسطورية عبد الله بن سبأ نسف لكتب بأكملها تعد من مفردات كتب التراث ويعتمد عليها في النقل

١٣٠

والتوثيق من قرون متطاولة فكتاب منها ج السنة(١) مثلا ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ينطلق من اعتبار عبد الله بن سبأ اصل الرافضة فهو أول من قال بالوصية والرجعة وغيرها من معتقدات وإنكار هذه الشخصية أو التشكيك فيها تشكيك في الكتاب كله ونسف من أصوله ، بل ربما تجاوز الأمر إلى التشكيك في أصول الرافضة وتاريخ نشأتهم)(٢) .

ومراده من عبارته الأخيرة ان التشكيك بعبد الله بن سبأ معناه التشكيك بالقول المعروف لديهم ان اصل الرافضة ونشأتهم إنما كان على يد ابن سبأ ، هذا القول الذي تبناه ابن تيمية تـ ٧٢٨ ومن قبله أبو علي الجبائي تـ ٣٠٣ شيخ المعتزلة ومن بعد ابن تيمية من اخذ بقوله في اصل التشيع وهم كثير في عصرنا ومنهم الدكتور سليمان العودة المذكور آنفاً قال في رسالة الماجستير (ان عبد الله بن سبأ اصل التشيع)(٣) .

وليس من شك ان نسف هذا القول عند هؤلاء وغيرهم سيؤدي

____________________

(١) انظر ج١/١١ ،٣-٦ ، ج٨/٢٥١ وفي هذا المورد الاخير قوله (قد علم اهل العلم ان اول ما ظهرت الشيعة الامامية المدعية للنص في اواخر ايام الخلفاء الراشدينن وافترى ذلك عبد الله بن سبأ) وانظر ايضا ج ٩/٤٧٩.

(٢) صحيفة المسلمون التي تصدر في السعودية العدد (٦٥٤) الجمعة ١٢ ربيع الاخر سنة ١٤١٦.

(٣) عبدالله بن سبأ واثره في احداث الفتنة في دصر الاسلام ص ٢٣٢.

١٣١

بهم إلى الانفتاح على الأطروحة الصحيحة في نشأة التشيع والقول بالوصية ، وهي الأطروحة المبنية على روايات صحيحة ومعتبرة عند أهل السنة أنفسهم كحديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث الكساء وحديث الدار وغيرها.

ثانيهما: الدكتور حسن بن فهد الهويمل

قال في معرض تقييم نتائج كتابات الدكتور الهلابي والأستاذ حسن المالكي حول عبد الله بن سبأ حيث ذهب الأول إلى نفي وجوده ودوره في أحداث الثورة على عثمان وذهب الثاني الى نفي دوره في احداث الثورة على عثمان.

(ومع قراءتي لما كتبا ووقوفي على الجهد المبذول في التقصي إلا انني لا اطمئن لما ذهبا إليه ولا ارتاح له لان في نسف هذه الشخصية (أي شخصية عبد الله بن سبأ) نسفاً لأشياء كبيرة وتفريغاً لكتب تراثية لكبار العلماء من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر والذهبي وغيرهما فابن سبا أو ابن السوداء يشكل مذهبا عقديا ويشكل مواقف أخرى لو تداعت لكنا أمام زلزلة تمس بنايات كثيرة)(١) .

ويريد الدكتور الهويمل بقوله (فابن سبأ يشكل مذهبا عقديا…) المذهب الشيعي المبني على القول بالوصية لعلي ولكنه لم يشأ ان

____________________

(١) جريدة الرياض التي تصدر في السعودية العدد ٤ ربيع الاول سنة ١٤١٨.

١٣٢

يصرح بذلك.

٢. أقول مخاطبا الاستاذ احمد الكاتب : ليس من المناسب لشخص يدعي البحث العلمي في موضوع يهمل بحوثا علمية تتصل بموضوع بحثه بشكل صميمي ، والبحوث حول عبد الله بن سبأ التي تدور منذ مائة سنة تقريبا نفيا وإثباتا في قليل أو كثير من قبل المستشرقين والباحثين الشيعة والباحثين السنة هي من هذا القبيل و(الاستاذ احمد الكاتب) حاول ان يتغاضى عن ذلك كله فيقول "سواء كان عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية أم أسطورية فان المؤرخين الشيعة (يريد النوبختي والأشعري والكشي) يسجلون بوادر ظهور اول تطور في الفكر السياسي الشيعي." والطريف منه حين يتهرب عن تحديد موقف من تلك البحوث يعود ليؤكد وجود فرقة (السبائية القائلة بالوصية وان هذا القول كان ضعيفا ، محصورا في جماعة قليلة من الشيعة في عهد الإمام علي (ع) وان الإمام نفسه قد رفضه بشدة وزجر القائلين به وان هذا التيار (الضعيف) وجد في تولية معاوية لابنه يزيد من بعده أرضا خصبة للنمو والانتشار… وقد اندس السبئية في الحركة الكيسانية)(١) .

____________________

(١) الكتاب:٢٥

١٣٣

المورد الخامس عشر:

النص والبيعة

قوله:

لو كانت نظرية النص ثابتة لعلي لم يكن بحاجة الى بيعة المسلمين

اقول:

دور النص تثبيت الحق الشرعي ودور البيعة توفير القدرة السياسية

١٣٤

نص الشبهة

قوله: “لقد كان الامام علي يؤمن بنظام الشورى. وان حق الشورى بالدرجة الاولى هو من اختصاص المهاجرين والانصار، ولذلك فقد رفض - بعد مقتل عثمان - الاستجابة للثوار الذين دعوه الى تولي السلطة وقال لهم: ليس هذا اليكم. هذا للمهاجرين والانصار من امره اولئك كان اميرا. وعندما جاءه المهاجرون والانصار فقالوا: امدد يدد نبايعك. دفعهم، فعاودوه، ودفعهم ثم عاودوه فقال: " دعوني والتمسوا غيري واعلموا اني ان اجبتكم ركبت بكم ما اعلم. وان تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي اسمعكم واطوعكم لمن وليتموه امركم وانا لكم وزيرا خير لكم مني اميرا ذض١".

ومشى الى طلحة والزبير فعرضها عليهما فقال: من شاء منكما بايعته، فقالا: لا. الناس بك ارضى، واخيرا قال لهم: " فان ابيتم فان بيعتي لا تكون سرا، ولا تكون الا عن رضا المسلمين ولكن اخرج الى المسجد فمن شاء ان يبايعني فليبايعني". ولو كانت نظرية النص والتعيين ثابتة ومعروفة لدى المسلمين، لم يكن يجوز للامام ان يدفع

١٣٥

الثوار وينتظر كلمة المهاجرين والانصار، كما لم يكن يجوز له ان يقول: " انا لكم وزيرا خير لكم مني اميرا"، ولم يكن يجوز له ان يعرض الخلافة على طلحة والزبير، ولم يكن بحاجة لينتظر بيعة المسلمين”. ص ١٤-١٥.

الرد على الشبهة

١. (الاستاذ احمد الكاتب) كغيره من منكري النص لم يميز بين (البيعة) التي هي عقد بين المنصوص عليه وثلة خيِّرة من الأمة كافية لان ينهض بها امر الحكم والجهاد و بين(الشورى) وهي ان يأخذ الحاكم برأي اكثرية الأمة في مجالات التنفيذ وما لا نص فيه ، وكلاهما كان النبي قد فعله، ومن بعده علي (ع). ثم ان البيعة والشورى لا تتعارض مع النص ، نعم الشورى في قبال النص لم يكن علي (ع) يؤمن بها لانها خلاف الواقع إذ نص النبي (ص) عليه بأمر الله تعالى.

٢. لم يقبل علي (ع) من الثوار البيعة في أول الأمر لان هؤلاء الثوار تصوروا ان البيعة على الحكم في مرحلتها الأولى تقع كيفما اتفقت ، ونبههم علي (ع) بسلوكه ازاءهم ان الأمر ليس كذلك فان البيعة على الحكم أو الجهاد في مرحلتها الأولى تتقوَّم بأهل السابقة في الايمان والجهاد وهم في ذلك الوقت المهاجرون والانصار كما ان البيعة على الحكم لا تكون خفية وانما تكون في المسجد وعلى ملأ من الناس

١٣٦

ورضا منهم نعم البيعة على جهاد الظالمين تكون في بدء أمرها سرية كما حصل بين النبي (ص) والانصار في العقبة الثانية.

٣. ان نص النبي (ص) على علي (ع) يوجب البيعة لعلي وحرمة التخلف عنه ، فاذا اقدم أهل السابقة والجهاد على بيعة علي (ع) واخذها علي (ع) منهم صارت هذه البيعة المنعقدة موضوعا لوجوب آخر وحرمة أخرى على بقية المسلمين وهو وجوب اتباع سبيل المؤمنين والدخول فيما دخلوا فيه وحرمة الرد عليهم اضافة إلى حرمة نكث البيعة من كل المبايعين ، ويترتب عليه أيضا وجوب مقاتلة الرادين والناكثين كما قاتل علي (ع) أهل الجمل لنكثهم البيعة وأهل صفين لردهم البيعة.

وفي ضوء ذلك يتضح لماذا احتج علي بالبيعة على طلحة والزبير ، انه (ع) طالبهما بالوفاء بالبيعة التي ان كانت واجبة عليهما واقدما عليها باختيارهما. ويتضح من ذلك أيضا ان الذي طلبه (ع) من معاوية, هو ان يدخل فيما دخل فيه المسلمون ولم يكن قد طلب منه البيعة لاقامة الحكم قال (ع) في كتابه اليه (فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم حاكم القوم الي احملك واياهم على كتاب الله) (ان بيعتي بالمدينة لزمتك وانت

١٣٧

بالشام)(١) .

٤. ان وجود النص على علي (ع) والاحد عشر من ذريته من فاطمة ليس معناه يجب عليهم ان يقبلوا البيعة على الحكم أو البيعة على الجهاد كيفما اتفقت ومن دون تقدير من طرفهم لتكامل شروط النهوض وقبول بيعة المبايعين. وقد كان في تقدير علي (ع) ان قبوله للبيعة بعد قتل عثمان وفي ظروف مثل تلك الظروف يحتاج إلى إحكام الشروط ، اما قوله (ع) (لاتفعلوا فاني اكون وزيرا خير من ان اكون اميراً) فهو موضوع ومدسوس في كلامه من قبل الرواة إذ لم يكن وزيراً لأي واحد من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه ، نعم كان وزيراً لرسول الله (ص) ووزارته لرسول الله (ص) كانت تشبه وزارة هارون لموسى وقد نصَّ النبي (ص) على هذا الشبه في قوله لعلي (ع) (أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي)(٢) ونص القرآن على ان هارون كان وزيراً لموسى وشريكا له في أمر الرسالة ، وبسبب

____________________

(١) نهج البلاغة الكتاب السادس من باب المختار من كتب مولانا امير المؤمنين (ع).

(٢) صحيح البخاري ٢/٢٠٠ باب مناقب علي بن ابي طالب ، وصحيح مسلم ٧/١٢٠ باب فضائل علي وكذلك رواه الترمذي والطيالسي وابن ماجة ومسند احمد بن حنبل وغيرها.

١٣٨

ختم النبوة بمحمد (ص) نص النبي (ص) ان عليا وزير وليس بنبي.

٥. أما كونه (ع) (مشى إلى طلحة والزبير وعرض عليهما البيعة قائلا من شاء منكما بايعته)… فهي رواية غير صحيحة. ومعارضة بقوله (ع) (متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت اقرن إلى هذه النظائر) ويريد بالنظائر عثمان وسعد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ، انه (ع) يتبرم من قرنه بهم فكيف يتوقع منه ان يعرض البيعة على أحدهم.

١٣٩

موارد اخرى من كتابه رددنا عليها سابقا

من الجدير ذكره لفت نظر القاريء الكريم الى ملاحظة قبل ان اشير إلى الموارد الاخرى وهي :

ان قسما من فصول كتاب الاستاذ احمد الكاتب قد نشرها في نشرة الشورى ومنها المبحث الثالث من الفصل الثاني من الجزء الثاني من الكتاب (١٩٣-٢٠٢) وكان قد نشره في العدد العاشر من نشرة الشورى ص ١٠-١٢ الصادرة في رمضان ١٤١٦- شباط ١٩٩٦ وكنا قد نشرنا ردودنا على الشبهات المثارة في هذا المقال في العددين الاول والثاني من نشرتنا شبهات وردود وقد صدر العدد الاول منها في ١٧ ربيع الاول ١٤١٧ هجـ الموافق للشهر الثالث من سنة ١٩٩٦ اما كتاب الاستاذ الكاتب فقد طبع سنة ١٩٩٧ أي بعد عدة شهور من صدور ردنا على افكاره المنشورة في الشورى، ولم يشر الى الرد مع انه قد اطلع عليه وكتب رسالته الينا المؤرخة ٢٣ رمضان ١٤١٧ التي يقول فيها (لا اريد ان اخوض معك في جدال مفصل حول ما نشرت ضدي من ردود قبل ان انشر كتابي الذي سوف يطلع القراء الكرام عليه في

١٤٠