شبهات وردود - الحلقة الثالثة الجزء ٣

شبهات وردود - الحلقة الثالثة0%

شبهات وردود - الحلقة الثالثة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 174

شبهات وردود - الحلقة الثالثة

مؤلف: السيد سامي البدري
تصنيف:

الصفحات: 174
المشاهدات: 15072
تحميل: 3492


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 174 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15072 / تحميل: 3492
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الثالثة

شبهات وردود - الحلقة الثالثة الجزء 3

مؤلف:
العربية

المورد العاشر:

الإمام علي بن الحسين (ع) والوصية

قوله:

لم يوص الحسين الى ابنه الوحيد علي زين العابدين وانما اوصى الى اخته زينب

اقول:

روايات اهل البيت(ع) تؤكد ان الإمام علي بن الحسين (ع) وارث أبيه ومقامه بوصية منه وبوصية من النبي (ص)

٨١

نص الشبهة

قوله: “ولم يكن (الامام الحسين) يقدم اية نظرية حول (الامام المعصوم المعين من قبل الله) ولم يكن يطالب بالخلافة كحق شخصي له لأنه ابن الامام علي او انه معين من قبل الله. ولذلك فانه لم يفكر بنقل (الامامة) الى احد من ولده، ولم يوص الى ابنه الوحيد الذي ظل على قيد الحياة:(علي زين العابدين)، وانما اوصى الى اخته زينب او ابنته فاطمة، وكانت وصيته عادية جدا تتعلق باموره الخاصة، ولا تتحدث ابدا عن موضوع الامامة والخلافة” ص ١٩وايضا ض ٦٠.

الرد على الشبهة

اقول:

١. مرَّ في التعليق على المورد التاسع قول الإمام الحسين (ع) في كتابه إلى رؤساء الأخماس بالبصرة (أما بعد فأن الله اصطفى محمداً على خلقه… وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه

٨٢

في الناس) وهذا النص منسجم كل الانسجام مع قول أبيه علي (ع) في أهل البيت (ع) (هم موضع سره ولجأ أمره… وفيهم الوصية والوراثة)(١) .

٢. لم يخرج الإمام الحسين (ع) مطالبا بالخلافة ، وإنما خرج من المدينة ممتنعا عن بيعة يزيد آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ثم استقر في مكة ولما عرض أهل الكوفة نصرته على جهاد الظالمين ووجد فيهم الشروط متوفرة هاجر إليهم لينطلق بهم في حركة الجهاد ضد الأمويين وشاء الله تعالى ان يحال بينه وبين أنصاره وان يسجن قسم منهم وان يقتل القسم الآخر بين يديه وان يكرمه الشهادة وان يجعل حبس النصر عنه لما هو أرضى وكان الأمر كذلك فقد صارت شهادة الحسين باذن الله الباب الاوسع لحفظ الاسلام وحفظ حيوية الامة وسر قدرتها على النهوض في وجه الظالمين الى آخر الدنيا.

٣. لقد كان التفاف أهل الكوفة حول الإمام الحسين (ع) امتداداً لالتفافهم حول أخيه الحسن (ع) ومن قبل أبيهما علي (ع) وقد بني هذا الالتفاف في عهد حكومة علي (ع) على أساس الأحاديث النبوية التي كانت قد كتمت في عهد الثلاثة ثم انتشرت في عهد علي (ع) كقوله (ص) لما نزلت آية التطهير : اللهم هؤلاء أي (علي وفاطمة

____________________

(١) نهج البلاغة الخطبة رقم ٢ وشرح النهج ج١/١٣٨.

٨٣

والحسن والحسين وقد أدار الكساء عليهم/ أهل بيتي وحامتي وخاصتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوٌ لمن عاداهم(١) .

وقوله (ص) (حسين مني وأنا من حسين احب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط)(٢) .

والأسباط الذين عناهم النبي (ص) إما هم المشار إليهم في قوله تعالى( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى ) البقرة/١٤٠ وهؤلاء هم يوسف والأئمة من ذريته أو هم المشار إليهم في قوله تعالى( وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ) الأعراف/١٥٩-١٦ وهم النقباء بعد موسى وهم يوشع بن نون ، وولدا هارون والأئمة من ذريتهما وكلا الاحتمالين يؤدي الغرض لان الأسباط في

____________________

(١) ذخائر العقبى ص٥٨ اخرجه عن الغساني في معجمة عن ام سلمة.

(٢) ذخائر العقبى ص ٢٣١ ، وقد خرَّجه الترمذي وقال حسن ، وخرجه ايضا ابو حاتم في صحيحه (٦٩٧١) واحمد في مسند ٤/١٧٢ وابن ماجة (١٤٤) في المقدمة وابن عساكر في تاريخه (مختصره ٧/١٢٠) والمزي في تهذيب الكمال (١٠/٤٢٦-٤٢٧) وايضا سير اعلام النبلاء ٣/٢٨٣ ، وتقريب صحيح ابن حبان ١٥/٤٢٧ -٤٢٨.

٨٤

كليهما هم الأحفاد والذين امتدت بهم الرسالة الإلهية بأمر الهي ، ولكن الاحتمال الثاني هو الأقرب حيث شبَّه النبي (ص) الأئمة بعده و عددهم بنقباء بني إسرائيل بعد موسى وعددهم كما في رواية ابن مسعود (اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل)(١) .

٤. أما قوله (ولم يوصِ الحسين إلى ابنه الوحيد على زين العابدين وإنما أوصى إلى أخته زينب وابنته فاطمة وكانت وصية عادية جداً) هذا النفي منه محض ادعاء ، لان الروايات عن أهل البيت (ع) تؤكد ان امر الامامة عهد معهود من رسول الله (ص) الى علي (ع) ثم الى رجل فرجل الى ان ينتهي الى القائم (ع)(٢) وان كتب علي (ع) التي أملاها عليه النبي (ص) وكتبها علي بيده صارت من بعد الحسين (ع) إلى ولده علي بوصية منه ،نعم لم يصطحبها الحسين (ع) معه لما خرج إلى مكة وإنما استودعها عند أم سلمة كما روى أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (ع) قال: ان الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضى الله عنها الكتب والوصية فلما رجع علي بن الحسين (ع) دفعتها اليه(٣) .

____________________

(١) انظر اسانيده في الحل قة الثانية من شبهات وردود.

(٢) انظر الحلقة الأولى الفصل الثاني.

(٣) الكافي ١:٣٠٤.

٨٥

وفي بصائر الدرجات : عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله الإمام الصادق (ع) - قال : ان الكتب كانت عند علي (ع) فلما سار إلى العراق استودع الكتب أم سلمة فلما مضى علي كانت عند الحسن ، فلما مضى الحسن كانت عند الحسين ، فلما مضى الحسين كانت عند علي بن الحسين ، ثم كانت عند أبي -الإمام الباقر-(١) .

وفي بصائر الدرجات ثلاث روايات أخرى اثنتان منها عن أم سلمة قالت : ان رسول الله استودعها كتاباً فسلمته الإمام عليا بعد رسول الله ، والثالثة عن ابن عباس بالمعنى نفسه

وفي الكافي عن سليم بن قيس ، قال : شهدتُ وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن (ع) واشهد على وصيته الحسين ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن : يا بني امرني رسول الله (ص) ان أوصي إليك وان ادفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليَّ رسول الله (ص) ودفع إليَّ كتبه وسلاحه ، وامرني ان آمرك إذا حضرك الموت ان تدفعها إلى أخيك الحسين ثم اقبل على ابنه الحسين ، فقال له : وأمرك رسول الله (ص) ان تدفعها إلى ابنك هذا ثم اخذ بيد علي بن الحسين ثم قال لعلي بن الحسين : وأمرك رسول الله (ص) ان تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله (ص) ومني السلام(٢) .

قال العلامة العسكري : ما سلمه الإمام هنا إلى ابنه الحسن كتاب

____________________

(١) بصائر الدرجات : ١٦٢،١٦٧،ح٢١.

(٢) الكافي والوافي ٢:٧٩

٨٦

واحد وهو غير الكتب التي أودعها أم المؤمنين أم سلمة بالمدينة عند هجرته من المدينة ، والتي تسلمها الإمام الحسن منها عند عودته إلى المدينة.(١)

وفي غيبة الشيخ الطوسي ، ومناقب ابن شهر آشوب ، والبحار : عن الفضيل قال :

قال لي أبو جعفر الإمام الباقر (ع) لما توجه الحسين (ع) إلى العراق ، دفع إلى أم سلمة زوج النبي (ص) الوصية والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك اكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلما قتل الحسين (ع) أتى علي بن الحسين أم سلمة فدفعت إليه كل شيء أعطاها الحسين (ع)(٢) .

وفي الكافي وأعلام الورى ومناقب ابن شهر آشوب والبحار واللفظ للأول ، عن أبي بكر الحضرمي عن الإمام الصادق (ع) قال : ان الحسين (ع) لما سار إلى العراق استودع أم سلمة (رض) الكتب والوصية ، فلما رجع علي بن الحسين (ع) دفعتها إليه(٣) .

____________________

(١) معالم المدرسين ٣٢٩:١.

(٢) غيبة الشيخ الطوسي ط. تبريز سنة ١٣٢٣ هجـ ، ومناقب ابن شهر آشوب ١٧٢:٤ ، والبحار ١٨:٤٦ ، ح٢ وقد أخذنا اللفظ من الأخير.

(٣) انظر اصول الكافي ٣٠٤:١ ، واعلام الورى :١٥٢ ، والبحار ١٦:٤٦ ، ومناقب ابن شهر آشوب ١٧٢:٤. ابو بكر الحضرمي عبد الله بن محمد روى عن الامام الصادق (ع) قاموس الرجال ١٦:١٥.

٨٧

قال العلامة العسكريبقية مواريث الإمامة إلى ابنته فاطمة : وكان ذلك غير الوصية التي كتبها في كربلاء ودفعها مع فدفعتها إلى علي بن الحسين وكان يوم ذاك مريضاً لا يرون انه يبقى بعده(١) .

وفي الكافي واعلام الورى وبصائر الدرجات والبحار واللفظ للأول : عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده قال : التفت علي بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ، ثم التفت إلى محمد بن علي بأنه ، فقال : يا محمد! هذا الصندوق ، فأذهب به إلى بيتك ، ثم قال - أي علي بن الحسين- أما انه ليس فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوء علماً(٢) .

وفي بصائر الدرجات والبحار : عن عيسى بن عبد الله بن عمر ، عن جعفر بن محمد - الإمام الصادق (ع) - قال : لما حضر علي بن الحسين الموت قبل ذلك اخرج السفط أو الصندوق عنده فقال : يا

____________________

(١) معالم المدرسين ٣٣٠:٢.

(٢) اصول الكافي ٣٠٥:١ ح٢ ، واعلام الورى : ٢٦٠ ، وبصائر الدرجات باب ٤:١ والبحار ٢٢٩:٤٦ح١، والوافي ٣٨:٢ وعيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بابن ابي طالب وقد يقال له : الهاشمي ، روى عن الصادق قاموس الرجال ٢٧٥- ٢٧٦.

٨٨

محمد احمل هذا الصندوق ، قال : فحُمِل بين أربعة رجال فلما توفي جاء اخوته يدَّعون في الصندوق ، فقالوا : اعطنا نصيبنا من الصندوق ، فقال : والله مالكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليَّ ، وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه(١) .

وفي بصائر الدرجات عن زرارة عن أبي عبد الله قال : ما مضى أبو جعفر حتى صارت الكتب إليَّ(٢) .

وفيه - أيضا- عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله يقول : ما مات أبو جعفر حتى قبض -أي عبد الله- مصحف فاطمة(٣) .

وفي الكافي وبصائر الدرجات : عن حمران عن أبي جعفر (ع) قال : سألته عما يتحدث الناس انهُ دِفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال : ان رسول الله (ص) لما قبض ورث علي (ع) علمه وسلاحه وما هناك ، ثم صار إلى الحسن (ع) ، ثم صار إلى الحسين (ع)

____________________

(١) اصول الكافي ٣٠٥:١ح١ ، بصائر الدرجات ٤باب ١٦٥:٤ واعلام الورى : ٢٦٠ والبحار ٢٢٩: ٤٦.

(٢) بصائر الدرجات : ١٥٨ ، وراجع: ١٨٦،١٨١،١٨٠،. زرارة ابو الحسن واسمه عبد ربه ابن اعين مولى بني شيبان بكوفي روى عن الامام الصادق (ت: ١٥٠ ه) قاموس الرجال ١٥٤:٤).

(٣) بصائر الدرجات : ١٥٨.

٨٩

فلما خشينا ان نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين (ع). قال : فقلت: نعم ثم صار إلى أبيك ، ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ؟ قال نعم.

وعن عمر بن أبان : قال سألت أبا عبد الله (ع) عما يتحدث الناس انه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة ، فقال ان رسول الله (ص) لما قبض ورث علي (ع) علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن (ع) قال : قلت ثم صار إلى علي بن الحسين ثم صار إلى ابنه ثم انتهى إليك فقال نعم(١) .

اقول :ويؤكد مسألة وجود تراث علمي خاص ورثه الصادق (ع) عن أبيه الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أخيه الحسن عن أبي علي (ع) ما ذكره ابن عدي قال : ولجعفر بن محمد حديث كبير عن أبيه عن جابر وعن أبيه عن آبائه ونسخا لأهل البيت يرويه جعفر بن محمد(٢) .

وليس من شك ان الميراث العلمي هذا والذي يتقرر صاحبه

____________________

(١) الكافي كتاب الحجة ٤٨:٣ والوافي ١٣٣:٢ وبصائر الدرجات : ١٨٨،١٨٦،١٧٧وقد اخذنا روايات هذه التعليقة من كاب معالم المدرسين ٣٢٩:٢-٣٣٢.

(٢) الكامل في الضعفاء ومثله ابن حجر في تهذيب التهذيب.

٩٠

بالوصية الإلهية هو المراد بقوله تعالى( وَ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ هُوَ الحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ * ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ ) فاطر/٣١-٣٢.

ان الآية تقرر بصراحة ان الكتاب الإلهي وبيانه الإلهي من خلال قول النبي وفعله وتقريره يكون ميراثاً خاصاً بوصية إلهية للمصطفين من عباد الله من أتباع محمد (ص) إلى يوم القيامة وهؤلاء المصطفون هم فئة خاصة وهم أهل البيت الذين طهرهم الله تعالى واذهب عنهم الرجس وجعلهم النبي (ص) عدلاً للقرآن في حديثه المعروف بحديث الثقلين وجعل التمسك بهما معاً أمانا وعصمة من الضلالة.

وتقرر الآية أيضا ان هؤلاء المصطفين الوارثين جعلهم الله تعالى أئمة هدى بعد الرسول (ص) ، نظير جعل إسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط (آل يعقوب) أئمة بعد إبراهيم ونظير جعل آل هارون أئمة بعد موسى.

٩١

المورد الحادي عشر:

حديث النبي (ص) : من جاءكم يريد ان يتولى من غير مشورة فاقتلوه

قوله:

لقد كان ائمة اهل البيت يعتقدون بحق الامة في اختيار أوليائها، وإدانة الاستيلاء بالقوة

أقول:

بل كان أئمة اهل البيت يعتقدون بالمبدأ القرآني للحكم الذي يشخص : "ان الحكم للنبي ثم الوصي ثم الفقيه العادل".

قال الله تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَانِيًّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ ) المائدة/٤٤.

وقد بحثنا الآية مفصلا في الحلقة الثانية الفصل الأولوفي ضوء هذا المبدأ فان الآئمة(ع) يدينون استيلاء غير هؤلاء على الحكم قال علي (ع) : أنا أولى الناس بالناس من قميصي هذا.

وقال أيضا : لو وجدت اربعين ذوي عزم لناهضت القوم.

٩٢

٩٣

نص الشبهة

قوله “لقد كان أئمة اهل البيت يعتقدون بحق الامة الأسلامية في اختيار اوليائها وبضرورة ممارسة الشورى، وادانة الاستيلاء على السلطة بالقوة. ولعلنا نجد في الحديث الذي يرويه الصدوق في (عيون اخبار الرضا) عن الامام الرضا عن ابيه الكاظم عن ابيه جعفر الصادق عن ابيه محمد الباقر عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن ابيه عن جده رسول الله(ص) والذي يقول فيه: " من جاءكم يريد ان يفرق الجماعة ويغصب الامة امرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه، فان الله عزوجل قد اذن ذلك) لعلنا نجد في هذا الحديث افضل تعبير عن ايمان اهل البيت بالشورى والتزامهم بها، واذا كانوا يدعون الناس الى اتباعهم والانقياد اليهم فانما كانوا يفعلون ذلك ايمانا بأفضليتهم واولويتهم بالخلافة في مقابل "الخلفاء" الذين كانوا لا يحكمون بالكتاب ولا يقيمون القسط ولا يدينون بالحق ” ص ٤٤٢١.

٩٤

الرد على الشبهة

اقول:

١. ان كان يريد بأهل البيت (ع) المصطلح الإسلامي الذي يفيد انهم علي والحسن والحسين والتسعة من ذرية الحسين (ع) فان ما نسبه اليهم غير صحيح لان قولهم الوصية والنص القرآني الذي يحدد حق الحكم للنبي والوصي والفقيه العادل وقد بحثناه مفصلا قي الحلقة الثانية الفصل الأول.

٢. قوله (ان أهل البيت يدينون الاستيلاء على السلطة بالقوة) ، ان كان يريد البيعة على الحكم في مرحلتها الأولى فهو صحيح اما اذا كان يريد البيعة على الجهاد ودفع الغاصبين فهو غير صحيح وقد مر بيانه.

٣. ثم ان الحديث الذي استشهد به على فرض صحة صدوره عن الإمام (ع) له عدة معان :

الأول : ان يريد النبي (ص) بالجماعة ، الجماعة بعد أي بيعة تحققت سواء كان المبايع هو المنصوص عليه أم لا.

٩٥

الثاني : ان يريد بالجماعة الجماعة بعد البيعة المشروعة حيث اجتمع أهل السابقة والجهاد على المنصوص عليه شرعا.

الثالث : ان يريد بالجماعة الأمة قبل البيعة حيث الأمة واحدة بلحاظ الكتاب والسنة.

وليس من شك ان الاحتمال الأول لا يريده الإمام الرضا (ع) لما عرف عنه بالضرورة ان مذهبه مذهب آبائه وهو القول بالوصية والنص ووجوب مجاهدة المغاصبين لو وجد صاحب الحق الشرعي عدة كافية من الانصار ، كما اثر عن علي (ع) قوله : (انا اولى بالناس من قميصي هذا) وقوله : (لو وجدت اربعين دوي عزم لناهضت القوم).

يبقى المعنى الثاني والثالث كلاهما محتمل وكلاهما لا يؤيد دعوى (الاستاذ احمد الكاتب).

لان المعنى الثاني ، يريد بالجماعة الجماعة التي بايعت المنصوص عليه ، وفي ضوئه فان الذي يقوم في وجه هذه الجماعة وجب قتاله ومن هنا قاتل علي (ع) اهل الجمل واهل صفين.

والمعنى الثالث : يريد بالجماعة الامة قبل البيعة وهي واحدة بلحاظ الكتاب والسنة وامرها وشأنها كأمة مؤمنة بالكتاب والسنة ان تبايع من نصبه واراده الكتاب والسنة فاذا اكرهت على بيعة شخص لم يرده الكتاب والسنة تكون قد غصب امرها وحقها ، وفي مثل هذه

٩٦

الحالة يجب قتال المتولي غير القانوني ومن هنا قال علي (ع) (لو وجدت اربعين ذوي عزم لقاتلت القوم) وذلك لان اهل السقيفة فرضوا على الامة شخصاً في قبال من عينه الله ورسوله ، ولما لم يجد هذه العدة استجاب للبيعة بعد الاكراه والاستضعاف.

٤.أما قول (الاستاذ الكاتب) : (وإذا كان أهل البيت (ع) يدعون الناس… الخلافة) فهو يريد ان حق أهل البيت (ع) في الحكومة إنما هو حق أفضلية وليس حق اختصاص ، وقد مرَّ الكلام في إبطال هذا المعنى من الأولوية الحكم وقلنا هناك ان أحقية أهل البيت (ع) بالحكومة إنما هي أحقية اختصاص.

٩٧

المورد الثاني عشر:

عقيدة الأجيال الأولى من الشيعة بالإمامة

قوله:

النوبختي يقو ل : كانت أجيال من الشيعة الاول تقول ان عليا اولى الناس ومع ذلك أجازوا امامة ابي بكر.

وان عبد الله بن الحسن يقول : "ليس لنا في هذا الامر ما ليس لغيرنا" وان اخاه الحسن يقول: "لو كان يعني رسول الله (ص) بقوله في الغدير الإمرة لا فصح لهم"

اقول:

والنوبختي يقول ايضا : وهناك أجيال من الشيعة الاوائل يقولون: ان عليا مفروض الطاعة بعد رسول الله (ص) ولا يجوز لهم غيره. وان الصادق (ع) كان يندد بالحسن بن الحسن بن الحسن.

٩٨

٩٩

نص الشبهة

وتبعا لمفهوم (الاولوية) قالت اجيال من الشيعة الاوائل، وخاصة في القرن الاول الهجري :

"ان عليا كان اولى الناس بعد رسول الله (ص) لفضله وسابقته وعلمه ، وهو افضل الناس كلهم بعده واشجعهم واسخاهم واورعهم وأزهدهم. واجازوا مع ذلك امامة ابي بكر وعمر وعدوهما اهلا لذلك المكان والمقام ، وذكروا ان عليا سلم لهما الامر ورضي بذلك وبايعهما طائعا غير مكره وترك حقه لهما ، فنحن راضون كما رضي المسلمون له ، ولمن بايع ، لا يحل لنا غير ذلك ولا يسع منا احدا الا ذلك ، وان ولاية ابي بكر صارت رشدا وهدى لتسليم علي ورضاه".

بينما قالت فرقة اخرى من الشيعة : " ان عليا افضل الناس لقرابته من رسول الله (ص) ولسابقته وعلمه ولكن كان جائزا للناس ان يولوا عليهم غيره اذا كان الوالي الذي يولونه مجزئا ، أحب ذلك او كرهه ، فولاية الوالي الذي ولوا على انفسهم برضى منهم رشد وهدى وطاعة لله عزوجل ، وطاعته واجبة من الله عزوجل ".

١٠٠