زاد عاشوراء 1431 هـ

زاد عاشوراء 1431 هـ0%

زاد عاشوراء 1431 هـ مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 156

  • البداية
  • السابق
  • 156 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11496 / تحميل: 3733
الحجم الحجم الحجم
زاد عاشوراء 1431 هـ

زاد عاشوراء 1431 هـ

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

الليلة الثالثة

المحاضرة الأولى: كيف انتصر الإمام الحسينعليه‌السلام

الهدف

بيان معنى مفهوم النصر في الإسلام مقارنة بغيره من الثقافات، ومقاربة ذلك بثورة الإمام الحسينعليه‌السلام وكيف تجلّى النصر في كربلاء.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (١) .

معنى النصر

النصر لا يعني بالضرورة الغلبة العسكريّة في ميدان القتال، بل المراد بالنصر هو غلبة المبادئ والقيم التي تمثّلها الرسالة.

____________________

١- محمّد، ٧.

٤١

حتميّة النصر في القرآن

قال تعالى:﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (١) .

قال تعالى:﴿ كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢) .

وهذا النصر إنّما يكون في الدنيا والآخرة. قال تعالى:﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٣) .

الشهادة انتصار الفرد

والقرآن الكريم يعتبر الشهادة إحدى الحسنيين وتوأم النصر ليؤكّد أنّ المؤمنين منتصرون على كلّ حال. قال تعالى:﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (٤) . وليؤكّد أنّ الكافرين مهزومون على كلّ حال، إمّا بأيدي المؤمنين في الدنيا وإمّا بعذاب الله في الآخرة.

قال تعالى:﴿ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ (٥) .

____________________

١ - الروم، ٤٧.

٢- المجادلة ٢١.

٣- غافر، ٥١.

٤- التوبة، ٥٢.

٥- التوبة، ١١١.

٤٢

قول الإمام عليّعليه‌السلام لحظة ضربه بالسيف تلك الضربة التي استشهد بها: "فزّت وربّ الكعبة"(١) .

تجلّي النصر في كربلاء

١- انكشاف المحنة : قال الإمام الحسينعليه‌السلام لـمّا نظر إلى جموع الأعداء: "....كم من همّ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدوّ......ففرّجته وكشفته"(٢) . معتبراً أنّ ما جرى في كربلاء فرج وانكشاف للغمّة عن الأمّة.

إن كان دين محمّد لم يستقم

إلّا بقتلي فيا سيوف خذيني

٢- استمراريّة النهج: رغم كلّ محاولات إقصاء هذا النهج عن الواقع السياسيّ للأمّة فقد استمر هذا النهج، وما ننعم به اليوم إنّما هو من بركات استمراريّة النهج الحسينيّ.

قال الإمام الخمينيّ قدس سره: كلّ ما لدينا إنّما هو من عاشوراء الإمام الحسين.

٣- الانتصار بالفتح: قال الحسينعليه‌السلام : ألا ومن لحق بي فقد استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح(٣) .

____________________

١- شرح أصول الكافي، ج١١، ص٢٥٥.

٢- الإرشاد، الشيخ المفيد، ج٢، ص٩٦.

٣- مختصر بصائر الدرجات، الحسن بن سليمان الحليّ، ص٦.

٤٣

وهذا يعني أنّ شهادة الحسينعليه‌السلام وأهل بيته والأصحاب كانت سبيلاً إلى الفتح وانتصار الأمّة، ومن الخطأ عدم التمييز بين حسابات الفرد وحسابات الأمّة، إذ لا سبيل لانتصار الأمّة إلّا بشهادة الأفراد.

ولهذا اختار الإمام الحسينعليه‌السلام الشهادة على الغلبة في أرض المعركة، لأنّه رأى أنّ الشهادة هي التي تحقّق له النصر بمعنى تحقيق الأهداف، أي غلبة المبادئ والقيم التي أراد الإمامعليه‌السلام تحقيقها بخروجه على يزيد..فكان يرى نصره في لقاء الله تعالى.. فعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: "أنزل الله تعالى النصر على الحسينعليه‌السلام حتى كان ما بين السماء والأرض ثمّ خيّر: النصر، أو لقاء الله، فاختار لقاء الله تعالى"(١) .

____________________

١- أصول الكافي، الكلينيّ، ج ١ ص ٢٦٠.

٤٤

المحاضرة الثانية: جمع المال بين الحلال والحرام

الهدف

توجيه الناس إلى سبل الحلال في جمع المال والابتعاد عن مسالك الحرام وانعكاساته على التربية ومخاطره على آخرتهم.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون (١) .

ضوابط طلب الرزق

ممّا ورد في دعاء مكارم الأخلاق المروي عن الإمام السجّاد: "اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد، واكفني مؤونة الاكتساب

____________________

١- الذاريات، ٢٢.

٤٥

وارزقني من غير احتساب، فلا أشتغل عن عبادتك بالطلب، ولا أحتمل إصر تبعات المكسب"(١) .

١- الإيمان أنّ الرزق من الله: قال تعالى:﴿ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ (٢) .

عن الإمام عليّعليه‌السلام : لا يملك إمساك الأرزاق وإدرارها إلّا الرزَّاق(٣) .

٢- طلب زيادة الرزق: ومن الأمور التي تساهم في زيادة الرزق:

أ- التقوى: قال تعالى:﴿ ..... وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (٤) .

ب- الشكر: قال تعالى: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (٥) .

وفي دعاء مكارم الأخلاق: "وصن وجهي باليسار ولا تبتذل جاهي بالإقتار"(٦) .

٣- عدم الانشغال بالرزق عن العبادة: قال تعالى:﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ مِّنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧) .

____________________

١ - الصحيفة السجاديّة، ص١١٥.

٢- العنكبوت، ٦٢.

٣ - ميزان الحكمة، الريشهريّ، ج٢، ص١٠٦٦.

٤ - الطلاق، ٢و٣.

٥ - إبراهيم، ٧.

٦ - الصحيفة السجّاديّة، ص١١٥.

٧- الجمعة ١١.

٤٦

عن الإمام العسكريعليه‌السلام : لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض(١) .

روى أبو ذرّ الغفاريّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يوصي أحدهم: واقنع بما أوتيته يخفّ عليك الحساب، ولا تتشاغل بما فرض عليك بما قد ضمن لك، فإنّه ليس بفائتك ما قد قسم لك، ولست بلاحقٍ ما قد زوي عنك(٢) .

٤- تحمّل مسؤوليّة الرزق المكتسب: ذكر أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّ عدم الاهتمام بمصدر المال وعدم التدقيق بحليّته كأن يحصل من موارد فيها شبهة هو من الأمور التي يذكرها الإنسان عند سكرة الموت، فعنهعليه‌السلام : "يتذكّر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها وأخذها من مصرَّحاتها، ومتشابهاتها، قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه، ينعمون فيها، ويتمتّعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره"(٣) .

فعن النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: "من لم يبالِ من أين اكتسب المال لم يبالِ الله من أين أدخله النّار"(٤) .

"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع:... وعن ماله من أين اكتسبه؟!"(٥) .

____________________

١ - الأنوار البهيّة، الشيخ عبّاس القميّ، ص٣١٨.

٢ - مستدرك سفينة البحار، ج١٠، ص٣٨٢.

٣- منازل الآخرة والمطالب الفاخرة، الشيخ القميّ، ص ١٠٨.

٤ - وسائل الشيعة، ج١٦، ص٩٨.

٥- الخصال، الشيخ الصدوق، ص٢٥٣.

٤٧

مسؤوليّة المال العامّ

وممّا كتبه أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأشعث بن قيس عامله على أذربيجان مبيِّناً قواعد النظر إلى المال العامّ: "وإنّ عملك ليس لك بطُعمة، ولكنّه في عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك.. وفي يديك مال من مال الله عزّ وجلّ، وأنت خزّانه حتّى تسلِّمه إليّ"(١) .

خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّي أستعمل الرجل منكم على العمل ممّا ولّاني الله فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت إليّ، أفلا جلس في بيت أبيه وأمّه حتّى تأتيه هديّته إن كان صادقاً!؟. والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقّه إلّا لقي الله عزّ وجلّ بحمله يوم القيامة"(٢) .

وأحداث التاريخ تعلّمنا أن ندقّق في المال الذي نكتسبه والجهة التي تنفقه علينا، ففي نهضة الإمام الحسينعليه‌السلام نرى توزيع المال الحرام وأثره في تغيير مسار الأحداث،كما حدث مع أهل الكوفة الذين بايعوا سفير الحسينعليه‌السلام ، ثمّ تراهم بعدما أغدق ابن زياد المال على وجهائهم وقادتهم ينسلّون عن مسلم ابن عقيل ويلتحقون بيزيد.

____________________

١- نهج البلاغة، الكتب والرسائل رقم ٥.

٢ - صحيح البخاريّ، ج.٨، ص٦٦.

٤٨

المحاضرة الثالثة: المعاملة الحسنة بين الناس

الهدف

التركيز على ضرورة التعامل بالحسنى ومكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع وأهميّة ذلك في نشر أواصر المحبّة بين الناس.

تصدير الموضوع

لمـّا كان الإنسان كائن اجتماعيّ قامت الشريعة بوضع أسس لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان وتحديد بعض الضوابط والمعايير التي تحفظ هذه العلاقة وتجعلها قويّة ومتينة ومؤهّلة للبقاء والاستمرار، بل للرهان عليها إزاء التحديّات التي تواجهه حتّى جعلها أمير المؤمنينعليه‌السلام جوهر الدين بقوله:"الدين المعاملة"(١) .

____________________

١- موسوعة المصطفى والعترة، الشاكريّ، ج١٠، ص٥٢٥.

٤٩

فمن حديث للإمام الباقرعليه‌السلام : " إنّ لله جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة، رجل حكم على نفسه بالحقّ، ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله"(١) .

مظاهر المعاملة الحسنة

١- الإلفة والمودّة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " خير المؤمنين من كان مألفه المؤمنين ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف"(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّ المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن قلب الظمآن إلى الماء البارد"(٣) .

٢- الإقبال على المؤمن بوجه طلق : ففي الحديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه"(٤) .

فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وتبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة"(٥) .

٣- إفشاء السلام وآثاره:

أ- السلام حقّ : عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " إنّ للمسلم على أخيه

____________________

١- مشكاة الأنوار، الطبرسيّ، ص٣٦٤.

٢- الأمالي، الطوسيّ، ص٤٦٢.

٣- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج٢، ص٢٤٧.

٤- نهج البلاغة، ج٤، ص٧٨.

٥- الكافي، ج٢، ص١٨٨.

٥٠

من حقّ أن يسلّم عليه إذا لقيه"(١) .

ب- نشر المحبّة: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " أفلا أدلّكم على عمل إذا عملتموه تحاببتم؟ قالوا: بلى يا رسول، قال: أفشوا السلام بينكم"(٢) .

ج- زيادة الحسنات: فعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "سلِّم على من لقيت من أمّتي يزيد الله في حسناتك"(٣) .

وعن الإمام عليّعليه‌السلام : " للسلام سبعون حسنة، تسع وستون للمبتدئ وواحد للرادّ"(٤) .

د- علامة التواضع: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام :"من التواضع أن تسلِّم على من لقيت"(٥) .

وورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:"وإنّ أبخل الناس من بخل بالسلام"(٦) .

٤- المصافحة وآثارها: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :"إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار"(٧) .

ففي رواية: "تصافحوا فإنّ المصافحة تذهب بالشحناء"(٨) .

____________________

١- مستدرك الوسائل، ج١٦، ص٢٣٦.

٢- كنز العمّال، المتّقي الهنديّ، ج١٥، ص٨٩٢.

٣- نفس المصدر، ج١٥، ص٩٠٩.

٤- جامع أحاديث الشيعة، ج١٥، ص٥٨٨.

٥- الحدائق الناضرة، المحقّق البحرانيّ، ج٩، ص٨١.

٦- روضة الواعظين، النيسابوريّ، ص٤٥٩.

٧- الكافي، ج٢، ص١٨١.

٨- كنز العمّال، ج٩، ص١٣٤.

٥١

٥- التعارف: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا آخى أحدكم رجلاً فليسأله عن اسمه واسم أبيه وقبيلته ومنزله، فإنّه من واجب الحقّ وصافي الإخاء، وإلّا فهي مودّة حمقاء(١) .

٦- حسن الخلق: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :"أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحب من الناس"(٢) .

٧- اختيار القول الحسن: قال تعالى:﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (٣) . وبيّن الله السبب فقال:﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُم (٤) ليغري العداوة والبغضاء ويشحن الصدور غيظاً. إنّ الله أمرنا أن نقول للمؤمنين التي هي أحسن بل لكلّ الناس، قال تعالى:﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً (٥) .

وقال الإمام الباقرعليه‌السلام : "قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال فيكم"(٦) .

٨- إكرام الصديق: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "إكرام الصديق إكرام لله"(٧) .

٩- حفظك أخيك في غيبته: عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

____________________

١- مستدرك سفينة البحار، ج١، ص٦٩.

٢ - مستدرك سفينة البحار، ج٣، ص١٧٥.

٣ - الإسراء ٥٣.

٤- الإسراء ٥٣.

٥ - البقرة ٨٣.

٦- الكافي، ج٢، ص١٦٥.

٧- أدب الضيافة، جعفر البياتيّ، ص٦٤.

٥٢

"كن له ظهراً فإنّه لك ظهر، إذا غاب عنك فاحفظه في غيبته فإذا شهد فزره وأهله، وأكرمه فإنّه منك وأنت منه"(١) .

ومن نماذج إكرام الأخ ما نجده في كربلاء عند العبّاسعليه‌السلام وأخيه الإمام الحسينعليه‌السلام حينما آثره على نفسه وفداه به، ولم يشرب الماء والحسينعليه‌السلام عطشان

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أو تكوني

____________________

١- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج٢، ص١٧٠.

٥٣

٥٤

٥٥

٥٦

الليلة الرابعة

المحاضرة الأولى: وقفة مع خطبة السيّدة زينبعليها‌السلام

الهدف

الوقوف على بعض دلالات خطبة السيّدة زينبعليها‌السلام وما تضمّنته من مواقف ومفاهيم جاءت مكمّلةً لما جرى في كربلاء.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون (١)

كذلك افتتحت السيّدة زينبعليها‌السلام خطبتها التي ألقتها في وجه الطاغية يزيد لتؤكّد له انحرافه وبعده عن الدين وتكذيبه واستهزاءه بآيات الله تعالى.

____________________

١- سورة الروم,١٠.

٥٧

١- النصر الماديّ لا يعني الكرامة عند الله : أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار (بأطراف) الأرض وآفاق (أكناف) السماء وأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أنّ بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة؟ وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك ونظرت في عِطفك، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متّسقة.

٢- التأكيد على أحقّيتهم بالملك والخلافة: وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، وقد أمهلت ونفست؟ مهلاً مهلاً أنسيت قول الله تعالى:﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (١) .

٣- فقدانه العدالة والمروءة: أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك نساءك (حرائرك) وإماءك، وسوقك بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوهن، وأصلحت صوتهن مكتئبات...

٤- تأكيدها أنّ يزيد استمرار لنهج قريش الفاسد: أتقول: "ليت أشياخي ببدر شهدو"، غير متأثمّ ولا مستعظم، وأنت تنكت بمخصرتك ثنايا أبي عبد الله سيّد شباب أهل الجنّة...

____________________

١ - آل عمران, ١٧٨.

٥٨

٥- بيان سوء عاقبة عمله: فوالله ما فريت إلّا جلدك، ولا جززت(حززت) إلّا لحمك...

٦- صغره وحقارته في نظرها: مع أنّي والله يا عدوّ الله وابن عدوّه، لئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك، إنّي لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، واستكبر توبيخك...

٧- عدم القدرة على القضاء على نهج الأئمّة الأطهار: فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها...

٨- تذكيره بخسرانه يوم القيامة : وهل رأيك إلّا فند، وأيامك إلّا عدد، وجمعك إلّا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأوّلنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة والمغفرة(١) .

لكن شجاعة السيّدة زينبعليها‌السلام وصلابتها في هذا الموقف لم يمنعاها من التأثّر والبكاء عند المصيبة الكبرى والفاجعة العظمى, فقد ذكر الرواة أنّها لـمّا نظرت إلى جسد الحسينعليه‌السلام وهو بتلك الحالة, معفّر بدمائه مفقود من أحبّائه ندبت عليه بصوت مشج وقلب مقروح: يا محمّداه صلّى عليك مليك السماء هذا حسين مرمّل بالدماء مقطّع الأعضاء وبناتك سبايا, إلى الله المشتكى وإلى عليّ المرتضى وإلى فاطمة الزهراء

____________________

١ - بحار الأنوار، ج٤٥، ص١٣٣-١٣٥.

٥٩

وإلى حمزة سيّد الشهداء, هذا حسين بالعراء تسفي عليه الصبا قتيل أولاد الأدعياء وا حزناه وا كرباه اليوم مات جدّي رسول الله يا أصحاب محمّداه هؤلاء ذريّة المصطفى يساقون سوق السبايا... فأذابت القلوب القاسية والجبال الراسية..(١) .

____________________

١- الحليّ ابن نما: مثير الأحزان ص ٥٩.

٦٠