زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام0%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15211 / تحميل: 3807
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

٢- الحَطيم: وهو من البقاع الّتي يستحبّ الدعاء والصلاة فيها، وقد سُئِل الإمام الصادقعليه‌السلام عن الحطيم فقالعليه‌السلام : هوَ ما بينَ الحجرِ الأسود وبابِ البيتِ، قال اسحقُ بن عُمّارٍ: قلْتُ له: لِمَ سمِّيَ الحطيمُ؟ فقالعليه‌السلام : "لأنَّ النّاس يُحَطِّمُ بعضُهُم بعضاً"(١) .

٣- مقام إبراهيم: وقد ورد استحباب الصلاة فيه بصريح القرآن، قال تعالى: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى ﴾.(٢)

سأل داود الحضرميّ أبا الحسنعليه‌السلام عن الصلاة بمكّة: "في أيّ موضعٍ أفضل؟ فقالعليه‌السلام : عندَ مقامِ إبراهيمَ الأوّلِ، فإنّه مقامُ إبراهيمَ واسماعيلَ ومحمّد"صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

٤- حِجْرُ إسماعيل: وهو جدار صغير على شكل قوس بين الركنين الشامييَّن، وأفضل مكان فيه مقابل ميزاب الرحمة، وهو من الأماكن التي يستحبّ المكوث فيها طويلاً وأنّه موطن الدعاء، وأنّه جزء من البيت، ولذا لو دخله أحد أثناء الطواف لم يُجَزِّئه.

٥- الركن اليمانيّ: ويسمّى ركن الولاية، وهو الذي انشقّ لفاطمة بنت أسد، فدخلته لمـّا وضعت مولودها أمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص١٠٨.

٢- البقرة، ١٢٥.

٣- الوسائل، ج٥، ص٢٧٥.

٢١

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّه بابُنا الّذي نَدْخُلُ مِنْهُ الجنّة"(١) .

٦- المتعوَّذ: وهو بين الركن اليمانيّ، والباب الثاني المغلقَ من الكعبة، ويسمّى الملتزم أيضاً، وهو المكان الذي وقف فيه آدم واعترف بذنبه، ويستحبّ إتيانه بعد الفراغ من الطواف السابع.

وروي أن الإمام الصادقعليه‌السلام كان إذا انتهى إلى الملتزم قال لمواليه: "أَميطُوا عَنِّي حتَّى أُقِرَّ لِرَبّي بذنوبي في هذا المكانِ، فإنَّ هذا مكانٌ لَمْ يقرَّ عبدٌ لربِّه بذنوبِهِ، ثُمَّ استغفَر اللهَ إلّا غفرَ لَهُ"(٢) .

____________________

١- الوسائل، ج١٣، ص٣٣٩.

٢- الوسائل، ج١٣، ص٣٤٦.

٢٢

٢٣

المحاضرة الثالثة:

التوحيد خلاصة الحجّ الإبراهيميّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"... وَأَنَّ الكعبةَ بيتٌ للتوحيدِ، بُنِيَ بأيدي أنبياءِ اللهِ العظامِ لِلْمُوَحِّدينَ مِنْ أهلِ الأرضِ، وَلا يسبقُهِ بهذا القِدَمِ أيُّ معبدٍ آخرَ"

الهدف

بيان الدلالات الروحيّة، لأهمّ المناسك الّتي تجسّد مبدأ التوحيد، وتتمحور حوله، وتقوّي انقطاع الإنسان إلى الله، دون سواه.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا(١) .

____________________

١- الحجّ، ٢٦.

٢٤

وقال تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النّاس يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ(١) .

محاور الموضوع

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "........ وَأَنَّ الكعبةَ بيتٌ للتوحيدِ، بُنِيَ بأيدي أنبياءِ اللهِ العظامِ لِلْمُوَحِّدينَ مِنْ أهلِ الأرضِ، وَلا يسبقُهِ بهذا القِدَمِ أيُّ معبدٍ آخرَ".

بعض مظاهر التوحيد في الحجّ

١- رجم الجمرات: وينوي الحاجّ أثناء الرجم، طرده لكافّة شياطين الإنس والجنّ، أي رجم كافّة أنواع الشّرك بالله، فالرجم يستبطِنُ البراءة من المشركين، وعدم التودّد إليهم، فضلاً عن إعانتهم، أو الولاء لهم.

٢- الطواف حول البيت: ويعني أنّ الإنسان لا يدور في وجوده، وحركته، إلّا وفق إرادة الله ورِضاه، وأن يكون طوافه حول الكعبة التي ترمز إلى الحضرة الربوبيّة بقلبه لا بجسده، متشبِّهاً بالملائكة الذين يطوفون بإزاء العرش حول البيت المعمور، كأنّه يعاهد الله أن يكون كالملائكة التي عبّر عنهم الله بقوله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(٢) .

____________________

١- التوبة، ٣.

٢- التحريم:٦.

٢٥

٣- التلبية: وتعني أن يعاهد الإنسان ربّه على الإستجابة لنداء الله دون سواه، ولذلك فإنّ التلبية تستوجب الإجابة الخالصة، والانقطاع المُطْلَق لله تعالى.

وتجدر الإشارة إلى أنّ التلبية الواجبة، هي:"لبّيك اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك". وهذه التلبيات الأربع تجسد التوحيد.

٤- استلام الحجر الأسود وتقبيله: لما يعني ذلك من البيعة والعهد بالوفاء لكلّ ما أمر الله به، فهو يد الله التي يصافح بها خلقه كما ورد في الحديث الشريف.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَقُلْ عِنْدَ استِلامِكَ الحجرَ: أَمانَتي أَدَّيْتَها وَميثاقي تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لي بِالْمُوافاةِ"(١) .

فإيّاك أن تصافح يدَ الله ثمّ تخونها أو تنقلب عليها، فإنّ هذا الحجر يشهد يوم القيامة على الذين نكثوا بيعتهم مع الله، واتّبعوا سبل الضلال والغيّ والتّيه.

٥- الأضحِية: وترمز إلى استعداد الإنسان إلى التضحية بكلّ ما يُطلبه الله منه، وأنّ الأضحِية سبيل إلى التقوى، ويظهر هذا في قوله تعالى: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم(٢) .

____________________

١- كشف اللثام، الفاضل الهندي، ج٥، ص٤٦٠.

٢- الحجّ ٣٧.

٢٦

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام : "استفرِهُوا ضحاياكُمْ، فَإِنّها مَطاياكُم عَلى الصِّراطِ"(١) .

وعندَ ذبح الأضحية يستحبّ قراءة الدعاء التالي:

"وجَّهْتِ وجهي لِلَّذي فَطَرَ السّمواتِ والأرضَ مسلِماً حنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشرِكينَ، إنَّ صلاتي وَنُسُكي وَمَحْيايَ وَمماتي لِلَّهِ ربِّ العالمينَ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا أَوَّلُ الْمُسَلِمينَ، اللَّهُمّ مِنْكَ وَلَكَ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي"(٢) .

نموذج من التوحيد الإبراهيميّ

ويتمثّل التوحيد بالتسليم المُطْلَق لإرادة الله، والانقطاع التامّ إليه، كما يحدّثنا القرآن الكريم عن قِصّةِ نبيَ الله إبراهيمعليه‌السلام مع ولده إسماعيلعليه‌السلام ، في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(٣) .

____________________

١- الحدائق الناضرة، المحقّق البحراني، ج١٧.

٢- سنن الإمام علي، لجنة الحديث معهد باقر العلوم، ص٣٨٤.

٣- الصافات، ١٠٢ - ١٠٧.

٢٧

المحاضرة الرابعة:

آداب السفر الى الحجّ

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :في سفرٍ خَرَجَ فيه للحجّ:

"مَنْ كانَ سيءَ الخُلُقِ والجِوارِ، فلا يَصْحَبُنا".

الهدف:

التنبيه إلى جملة من الأمور التي تساعد الحاجّ على المحافظة على الأجواء الروحيّة والعباديّة أثناء السفر.

تصدير الموضوع:

ورد في الحديث الشريف: "إنَّ الحاجَّ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ بِمَنَزْلَةِ الطائِفِ في الكَّعْبَةِ"(١) .

____________________

١- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج٨، ص٤٣.

٢٨

محاور الموضوع:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "المـُرُوَّةُ في السَّفَرِ، كَثْرَةُ الزادِ وَطيبُهُ، وَبَذْلُه لِمَنْ كانَ مَعَكَ، وَكِتْمانُكَ عَلَى الْقَوْمِ سِرَّهُمْ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِم، وَكَثْرَةُ الْمُزاحِ في غيرِ ما يُسْخِطُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -"(١) .

أشارت الروايات إلى مجموعة من الآداب التي ينبغي على الحاجّ الوافد إلى ضيافة الله أن يؤدِّب نفسه بها، ونشير هنا إلى بعضها بعد البقاء على طهارة، والإكثار من التهليل، والتحميد، والتكبير، والتقديس.

١- التصدّق: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "إِذا أَرَدْتَ سَفَراً فَاشْتَرِ سَلامَتَكَ مِنْ رَبِّكَ بِما طابَتْ بِهِ نَفْسُكَ"(٢) .

٢- حَمْلُ الزاد: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما مِنْ نَفَقَةٍ أَحَبُّ إِلى اللهِ مِنْ نَفَقَةِ قَصْدٍ، وَيُبْغَضُ الإِسْرافُ إلّا في الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ"(٣) .

فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كانَ عليُّ بنُ الحسينِعليه‌السلام إذا سافرَ إِلى مكّة لِلْحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ تَزَوَّدَ مِنْ أَطْيَبِ الزّادِ"(٤) .

٣- حسن الصحبة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفرٍ خرج فيه للحجّ: "مَنْ كانَ سَيِّءَ الخُلُقِ وَالجِوارِ فَلا يَصْحَبُنا"(٥) .

____________________

١- مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج٩، ص٣٦٥.

٢- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٤٤.

٣- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص١٤٩.

٤- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج٨، ص٣١٠.

٥- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٥١.

٢٩

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما اصْطَحَبَ إثنانِ إلّا كانَ أَعْظَمُهُما أَجْراً وَأَحَبُّهُما إِلى اللهِ أَرْفَقُهُما بِصاحِبِهِ"(١) .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَمْ يَكُنْ يُحَسِنُ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ، وَمُرافَقَةَ مَنْ رافَقَهُ، وَمَمالَحَةَ مَنْ مالَحَهُ، وَمُخالَفَةَ مَنْ خالَفَهُ"(٢) .

٤- تهيئة النفقة وحفظها: حتّى لا يكون كَلّاً وعِبْئاً على غيره من الحجيج، فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مِنَ السُنَّة إِذا خرجَ قومٌ في سفرٍ أن يُخْرِجَوا نَفَقَتَهُمْ، فإِنَّ ذلِكَ أَطْيَبُ لأَنْفُسِهِمْ وَأَحْسَنُ لأخلاقِهِمْ"(٣) .

عن صفوان الجمّال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : "إنّ معي أهلي وأنا أريد الحجّ، أَأَشُدُّ نفقتي في حقويْ؟ قالعليه‌السلام : نَعَمْ إِنَّ أَبي كانَ يقول: مِنْ فِقْهِ المُسافِرِ حِفْظُ نَفَقَتِهِ"(٤) .

٥- خدمة الحجاج: عن إسماعيل الخثعميّ قال: "قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّا إذا قدمنا مكّة ذهب أصحابي يطوفون ويتركوني أحفظ أمتعتهم، قالعليه‌السلام : أَنْتَ أَعْظَمُهُمْ أَجْراً"(٥) .

وعن مرازم بن حكيم قال: "زامَلْتُ محمّد بن مصادف، فلمّا دخلنا المدينة اعتلَلْتُ، وكان يمضي إلى المسجد ويدعني وحدي،

____________________

١- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص٤١٢.

٢- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج٨، ص٣١٦.

٣- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص٤١٣.

٤- مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج٥، ص٥٩.

٥- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٣١٣، ب١١، طواف، ح١.

٣٠

فشَكَوْتُ ذلك إلى مصادف فأخبر به أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فأرسل إليَّ: قُعودُكَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ صلاتِكَ في المَسْجِدَ"(١) .

وفي الروايات أنّ الإمام السجادعليه‌السلام كان يلتحق في مسير الحجّ بقافلةٍ لا يعرفه أحد فيها وذلك ليخدمهم، وكان إذا عرفوه تركهم إلى قافلةٍ أخرى.

٦- المداومة على الذكر: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِذا كُنْتَ في سَفَرٍ فَقُلْ "اللَّهُمّ اجْعَلْ سَيْري عِبَراً وَصَمْتي تَفَكُّراً وَكَلامي ذِكْراً"(٢) .

____________________

١- ن.م. ج١٣، ص٣١٣، باب ١١، طواف، ح٢.

٢- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٥٤.

٣١

المحاضرة الخامسة:

الآداب العامة للحجّ

عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال:

"ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَه".

الهدف

إلفات النظر إلى الحالة الروحيّة التي ينبغي على الحاجّ المحافظة عليها طيلة فترة أداء العبادات والمناسك.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿الحَجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ في الْحَجِّ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٧.

٣٢

محاور الموضوع

حقّ فريضة الحجّ

روي عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّ حقّ فريضة الحجّ يتمثّل في أمورٍ أربعة:

أوّلاً: "حَقُّ الحَجِّ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ وِفادَةٌ إِلى رَبِّك".

ثانياً: "وَفِرارٌ إِلَيْهِ مِنْ ذُنوبِك".

ثالثاً: "وَفيهِ قَبُولُ تَوْبَتِك".

رابعاً: "وَقَضاءُ الفَرْضِ الَّذي أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْك"(١) .

ومن هنا، فلا ينبغي الغفلة عن التأدّب بآداب الوفادة، والتخلّق بأخلاق الله، أثناء أداء هذه الفريضة التي أوجبها الله تعالى، وذلك من خلال التقيّد بالأمور التالية:

١- الورع والحلم وحسن الصحبة: عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: "ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَهُ"(٢) .

٢- الذكر وحفظ اللّسان: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِذا أَحْرَمْتَ فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ وذِكْرِ اللهِ كَثيراً، وَقِلَّةِ الْكَلامِ إلّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ مِنْ تَمامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْمَرْءُ لِسانَهُ إلّا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - يَقولُ ﴿فَمَنْ فَرَضَ عَلَيْهِنّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ(٣) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٥٩.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٨٦.

٣- البقرة، ١٩٧.

٣٣

٣- التذلَّل والتواضع: فقد ورد: "ما عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْي"(١) ، ولذا "حجّ الحسن بن عليّعليه‌السلام عشرين حجّةً ماشياً على قدميه"(٢) .

ويستحبّ للحاجَّ أن يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْ إِحرامِهِ، كما كُفِّنَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

٤- الإعراض عن حاجات الدنيا: فإنّ سفر الحجّ سفر إلى الله ووفاده عليه، وطلب حاجات الدنيا يتناقض مع هذا الهدف، ففي الرواية: "إذا كانَ آخرُ الزمانِ، خَرَجَ النّاس لِلْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَصْنافٍ: سلاطينُهُم لِلنُّزَهَةِ، وَأغْنِياؤُهُمْ لِلتّجارَةِ، وَفُقَراؤُهُمْ لِلْمَسْأَلَةِ، وَقُرَّاؤُهُمْ لِلسُّمْعَةِ"(٤) .

٥- الذكر: كثرة الذكر أثناء أداء المناسك، وقد ورد في الكتب الخاصّة بأعمال الحجّ أدعية مختلفة عند عزم الحاجّ على الخروج وركوب الراحلة، والنزول منها، ودخول أيّ مكان، والخروج منه، وأداء أيّ عمل، وأثناء الحركة، والإنتقال فضلاً عن الأدعية الخاصّة بالسفر، حتّى يبقى الحاجّ على حالة من الذكر الدائم ما استطاع.

____________________

١- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ هادي النجفي، ج٤، ص٢٥٣.

٢- الوسائل، ج٨، ص٥٥.

٣- الوسائل، ج٩، ص٣٧.

٤- كنز العمّال، المتّقي الهندي، ج٥، ص١٣٣.

٣٤

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كانَ رسولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سَفَرِهِ إِذا هَبَطَ سَبَّحَ، وَإِذا صَعَدَ كَبَّرَ"(١) .

وعنهعليه‌السلام في حديث: "فَإِذا جَعَلْتَ رِجْلَكَ في الرِّكابِ فَقُلْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ"(٢) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٧٨.

٢- الوسائل، ج١١، ص٣٨٧.

٣٥

المحاضرة السادسة:

الإحرام والتلبية

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"...وَأَحْرِم من كلِّ شيءٍ يَمنَعُكَ عن ذِكرِ الله ويَحْجِبُكَ عن طاعَتِهِ ولبِّ بِمعنى إجابَةٍ صافيةٍ زاكيةٍ للهِ عزّ وجلّ في دعوتك له متمسّكاً بعُروتِهِ الوثقى".

الهدف:

التنبيه الى ضرورة مراقبة النفس ومحاسبتها، وأنّ الغفلة عنها تخرجها عن مسار الطاعة الى الإنحراف والضياع.

تصدير الموضوع:

ورد في دعاء أمير المؤمنين الذي يُقرأ في المناجاة الشعبانية: "اللَّهُمَّ وَاجْعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ"(١) .

____________________

١- إقبال الأعمال، السيّد ابن طاووس، ج٣، ص٢٩٨.

٣٦

محاور الموضوع:

لعلّ أهمّ دلالات الإحرام أن يستحضِرَ الإنسان نفسه على أنّه في يوم الحشر، وأنّه خرج من قبره مؤتزِراً كَفَنَهُ، وأنّه لن ينفعه ماله ولا ولده إلّا أن يأتِيَ اللهَ بعملٍ صالحٍ وقلبٍ سليمٍ، وأنّ التلبية، هي استجابة المخلوق لخالقه في كافَّة أموره وشؤونه.

حضور القلب عند التلبية

روى ابن أبي عامر أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام لمـّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يَخِرّ عن راحلته، فقلت: قل يا بن رسول الله ولا بدّ لك أن تقول، فقالعليه‌السلام : "يا بْنَ أبّي عامِرٍ كَيْفَ أَجْسُرُ أَنْ أَقولَ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" وَأَخْشى أَنْ يَقولَ عَزَّ وَجَلَّ لي لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ"(١) .

كان الإمام السجادعليه‌السلام : "إِذا أَرادَ أَنْ يُلَبّي اصفرَّ لونُه وانتفضَ ووقعَت عليهِ الرّعدَةُ، فَإِذا لَبّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ عَنْ راحِلَتِه"(٢)

معنى التلبية

التلبية هي الإستجابة لنداء الله والعزم على الالتزام بما أمرنا به من أوامر ونواهي، وهي أحد أبرز المناسك التي تجسّد التوحيد.والتلبية الواجبة هي: "لبّيك اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٨٢.

٢- شرح إحقاق الحقّ، السيّد المرعشي، ج٢٨، ص٣٩.

٣٧

لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبّيك". وهذه التلبيات الأربع تجسّد الاستجابة العمليّة، وتمام الانقطاع إلى الله.

ضرورة الاستجابة

لقد أكّد الله تعالى على ضرورة الاستجابة الكاملة لتعاليم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك في قوله جلّ وعلا: ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا(١) ، وأن عدم الإستجابة ليست سوى اتباع للهوى، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ(٢) .

بركات الاستجابة لله وللرّسول

١- حياة النفوس: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ(٣) .

٢- غفران الذنوب: قال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ(٤) .

٣- الحسنى والنعيم: قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ﴾.(٥)

____________________

١- الحشر: ٧.

٢- القصص، ٥٠.

٣- الأنفال، ٢٤.

٤- الأحقاف، ٣١.

٥- الرعد، ١٨.

٣٨

٤- الأجر العظيم: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ(١) .

٥- البصيرة والفهم: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ(٢) .

٦- الوعي والرشد: قال تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(٣) .

____________________

١- آل عمران، ١٧٢.

٢- الأنعام، ٣٦.

٣- البقرة، ١٨٦.

٣٩

المحاضرة السابعة:

بركات البيت العتيق

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"إِنّ للَه تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّين،َ وَعِشْرونَ للِنّاظِرين".َ

الهدف:

شرح بركات البيت العتيق الذي يؤمُّه الحجيج لمحاولة التبرّك والانتفاع من البقاء هناك بشكل كامل.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي النّاس بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ(١) .

____________________

١- الحجّ، ٢٧-٢٨.

٤٠