زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام28%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16402 / تحميل: 4688
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

محاور الموضوع:

اعلم أيّها الواقف على أعتاب البيت العتيق، أنّك دنوت من البقعة المباركة، والّتي انفرَدَت بميزات ثمانية، هي:

١- مكان لقبول الأعمال: فينبغي تصفية النيّة والوجه الخالص لله تعالى، حيث قال: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا(١) .

في موضعٍ آخر: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(٢) .

٢- مكان للعبادة والطاعة: قال تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِنّ لِلَّهِ تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّينَ، وَعِشْرونَ للِنّاظِرينَ"(٤) .

٣- مكانٌ مبارك: قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّ-نَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ(٥) .

عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : "إنّ اللهَ اختارَ مِنَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً،

____________________

١- البقرة، ١٢٧.

٢- المائدة ٢٧.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٤٠.

٥- آل عمران، ٩٦-٩٧.

٤١

اختارَ مِنَ الأَرْضِ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ"(١) .

٤- مكان لقيام النّاس: قال تعالى: ﴿جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ(٢) ، سئل أبو عبد الله عن الآية فقال: "جَعَلَها اللهُ لِدينِهِمْ وَمَعايِشِهِمْ"(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يزالُ الدّينُ قائِماً ما قامَتِ الْكَعْبَةُ"(٤) .

وعن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : "فَرَضَ اللهُ الإيمانَ تَطْهيراً مِنَ الشّركِ........... والْحَجَّ تَقْوَيِةً للدّينِ"(٥) .

وجاء في خطبة السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "..... وَالْحَجَّ تَشْييداً للدّينِ"(٦) .

٥- مكانٌ لكتابة الحسنات ومَحْو السيئات: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "مَنْ نَظَرَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ يُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَصْرِفَ بِبَصَرِهِ"(٧) .

وعنه أيضاًعليه‌السلام أنّه قال: "هَيْهُنا يُخْسَفُ بِالأَخابِث"(٨) .

٦-مكان لاختبار النّاس: عن الإمام عليِّعليه‌السلام : "ألّا تَرَوْنَ

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٧٧.

٢- المائدة، ٩٧.

٣- الوسائل، ج١١، ص٦٠.

٤- الكافي، ج٤، ص٢٧١.

٥- عيون الحكم والمواعظ، ص٣٦١.

٦- وسائل الشيعة، ج١، ص١٤.

٧- الكافي، ج٤، ص٢٤٠.

٨- الوسائل، ج٩، ص٤٩.

٤٢

اللهَ سُبْحانَهَ اخْتَبَرَ الأَوّلينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ وَالآخِرينَ مِنْ هذا العالَمِ بِأَحْجارٍ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلا تُبْصِرُ وَلا تَسْمَعُ فَجَعَلَها بَيْتَهُ الحرامَ الّذي جَعَلَهُ للنّاسِ قِياماً"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "هذا البيتُ اسْتَعْبَدَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طاعَتَهُمْ في إتيانه، فَحَثَّهُمْ عَلى تَعْظيمِهِ وَزِيارَتِهِ، وَجَعَلَهُ مَحَلّ أَنْبِيائِهِ وَقْبِلَةً لِلْمُصَلّينَ إِلَيْهِ، فَهُوَ شُعْبَةًٌ مِنَ رِضْوانِهِ، وَطَريقٌ يُؤَدّي إِلى غُفْرانِهِ......."(٢) .

٧- مكان للرحمة: "....... جَعَلَهُ اللُه سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَوَصْلَةً إِلى جَنَّتِهِ"(٣) .

٨- مكان مثابة وآمان: قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً(٤) .

وفي آية أخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا بَلَدًا آمِنًا(٥) .

____________________

١- نهج البلاغة، الخطبة القاصعة، ١٩٢.

٢- الكافي، ج٤، ص١٩٨.

٣- موسوعة أحاديث أهل البيت، ج١، ص٤٣٣.

٤- البقرة، ١٢٥.

٥- البقرة، ١٢٦.

٤٣

٤٤

المحاضرة الثامنة:

الطواف في الحجّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ".

الهدف

تعريف الحجيج بأسرار منسك الطواف حول البيت، وثوابه، ومضامين أدعيته، ودلالات صلاة ركعتين بعده.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ(١)

____________________

١- الحجّ ٢٩.

٤٥

محاور الموضوع

طوافك بالبيت الحرام عزيزي الحاجّ، ينبغي أن يكون طوافاً بقلبك، لا بجسدك حول الحضرة الربوبيّة المتمثّلة بالكعبة الشريفة. وأن تبدأ بالذكر، وتختم به، مقرّاً بأنّ الله هو المبدأ والمعاد، والأوّل والآخر، وإليه تُرجع كلّ الأمور.

ثواب الطواف

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ"(١) .

وعنه سلام الله عليه أيضاً، قوله: "مَنْ طافَ في الْبَيْتِ طَوْفاً واحِداً كَتَبَ اللهُ لَهُ سِتَّةَ آلافٍ حَسَنَةٍ وَمَحا عَنْهُ سِتَّةَ آلافِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ سِتَّةَ آلافِ دَرَجَةٍ"(٢) .

وقفةٌ مع مضامين أدعية الأشواط

لعلّ ما ينبغي على الحاجّ استحضارُه، والتوجُّه إليه، وطلبه من الله تعالى، مستخلصٌ من مضامينِ أدعيةِ الأشواط، والّتي هي كالآتي:

- دعاء الشوط الأوّل: الإقرار بالربوبيّة لله تعالى، فقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ أَسْأَلَكَ باسمِكَ الّذي يُمْشى بِهِ عَلَى طَلَلِ الماءِ

____________________

١- عبدالله شبّر، الأخلاق، ص٧١.

٢- الكافي، ج٤، ص٤١٢.

٤٦

كَما يُمشَى بِهِ على جَدَدِ الأَرضِ، وأسألك باسمك الّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الّذي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِكَتِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط الثاني: الإقرار بالعبوديّة، حين يقول: "اللَّهُمَّ إنّي إِلَيْكَ فَقيرٌ، وَإِنّي خائِفٌ مُسْتَجيرٌ، فَلا تُغَيِّرْ جِسْمي وَلا تُبَدِّلْ اسِمْي، سائِلُكَ فَقيرُكَ مِسْكينُكَ بِبابِكَ..."(٢) .

- دعاء الشوط الثالث: طلب الجنّة والعافية، والرزق الحلال، حيث نقول: "اللَّهُمَّ أَدْخِلْني الجنّة وَأَجِرْني مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ، وَعافِني مِنَ السَّقَمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرّزْقِ الْحَلالِ..."(٣) .

- دعاء الشوط الرابع: وفيه طلب العافية في الدّنيا والآخرة، حيث تردّد: "... وارْزُقَنا العافِيَةَ، وتَمَامَ العافِيَةِ، وَشُكْرَ العافِيَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ"(٤) .

- دعاء الشوط الخامس: حيث الإقرار بالنبوّة والإمامة. "...الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذي بَعَثَ مُحَمّداً نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِماماً..."(٥) .

- دعاء الشوط السادس: ستطلب قبول الأعمال وغفران معصية السرّ في دعائك: "اللَّهُمَّ إِنّ عَمَلي ضَعيفٌ فَضاعِفْهُ لي

____________________

١- المقنع، الشيخ الصدوق، ص٢٥٦.

٢- الهداية، الشيخ الصدوق، ص٢٢٦.

٣- التحفة السنيّة، السيّد عبد الله الجزائري، ص١٨٧.

٤- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج١، ص١٩٠.

٥- منتهى المطلب العلّامة الحلّي، ج٢، ص ٦٩٥.

٤٧

وَاغْفِرْ لي ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط السابع: وفيه نختم بطلب الرحمة والمغفرة: "اللَّهُمَّ إنّ عِنْدي أَفْواجاً مِنْ ذُنوبِ وأفواجاً مِنْ خَطايا، وَعِنْدَكَ أَفْواجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْواجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ..."(٢) .

صلاة الطواف

لعلّ السرّ في الصلاة ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، والتي أشار إليها القرآن بقوله: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى(٣) ، في عدّة أمور:

١- الوفاء لتضحياته العظيمة في تشريع الحجّ: قال تعالى: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(٤)

٢- الإعتقاد بنبوّته وصوابيّة النهج الذي كان عليه: قال تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(٥) .

٣- إثبات الترابط بين دعوات الأنبياء: وبالأخصّ مع أبي الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، وأنّ الرسالات كلّها رسالة واحدة هي رسالة

____________________

١- كتاب الحجّ، السيّد الخوئي، ج٥، ص٤٨٧.

٢- كلمة التقوى، الشيخ محمّد أمين زين الدين، ج٣، ص٣٦٩.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- إبراهيم، ٣٧.

٥- البقرة، ١٣٠.

٤٨

الإسلام. قال تعالى: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النّاس(١) .

٤- جهاده ضد المشركين وتحطيمه للأصنام: قال تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إلّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(٢) .

____________________

١- الحجّ، ٧٨.

٢- الأنبياء، ٥٧ - ٥٨.

٤٩

المحاضرة التاسعة:

الصفا والمروة

عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام :

"وهرول هرولةَ من هواك وتبرِّيَاً من حولك وقوّتك".

الهدف:

بيان البعد الروحيّ لحركة السعي بين الصفا والمروة، وعلّة تشريع هذا المنسك، والنيّة التي ينبغي أن يعقدها الحاجّ.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٥٨.

٥٠

محاور الموضوع:

السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت، يضاهي تردّد العبد بفناء الدار جائياً وذاهباً، إظهاراً للخلوص في الخدمة، ورجاءً للملاحظة بعين الرحمة، وليتذكّر في تردّده التردّد بين الكّفتين، ناظراً إلى الرجحان والنقصان، مردَّداً بين العذاب والغفران(١) .

علّة تشريع السعي

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "جُعِلَ السّعْيُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مَذَلَّةً لِلْجَبَّارينَ"(٢) . فالمراد من هرولة الحاجّ بين الصفا والمروة أن يقتل في نفسه الكِبَرَ والتّجَبُّرَ والغرور، وسواها من الأخلاق الذميمة التي تحول بينه وبين القرب من الله عزّ وجلّ.

وعنهعليه‌السلام : "الجبّارونَ أَبْعَدُ النّاس عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(٣) .

أجر السعي بين الصفا والمروة

عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: "قالَ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ: إِذا سَعَيْتَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوةَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ أَجرُ مَنْ حَجَّ ماشِياً مِنْ بِلادِهِ، وَمِثْلَ أَجْرِ مَن أعَتَقَ سَبْعينَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ"(٤) .

____________________

١- جامع السعادات، ج٣، ص٣٩٢.

٢- الوسائل، ج٩، ص٥٥.

٣- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص٢٢٢.

٤- الوسائل، ج١٣، ص٤٧١، باب١، ح١٥.

٥١

نيّة السعي (بين الخوف والرجاء)

فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَسَعَيْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةَ، وَمَشَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ بَيْنَهُما؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ لَهُ: نَوَيْتَ أَنَّكَ بَيْنَ الرّجاءِ وَالْخَوْفِ؟ قالَ: لا، قالَ: فَما سَعَيْتَ، وَلا مَشَيْتَ، وَلا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةِ!"(١) .

فإشعار الحاجّ قلبه هاتين النيّتين، أي نيّة الخوف ونيّة الرجاء، بحيث لا يَقْنَطُ من رحمة الله، ولا يستهين بعقابه من الأمور، التي ينبغي أن تبقى ملازمةً للإنسان المتديّن، لا سيّما للحاجّ أثناء أدائه لفريضة الحجّ.

وعن الحسين بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام يقول: "لا يكونُ العَبدُ مُؤمِناً حَتَّى يَكونَ خائِفاً راجِياً، وَلاَ يكونَ خَائِفاً راجِياً حَتَّى يَكونَ عامِلاً لِما يُحِبُّ وَيَرْجو"(٢) . فملاك الخوف من الله أن يحذر الإنسان المعصية ويجتنبها، كما أن ملاك الرجاء أن يعمل لما يحبّ، ويرجو من الله.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "أُرْجُ اللهَ رَجاءً لا يُجَرِّئُكَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَخَفِ اللهَ خَوْفاً لا يُؤْيِسْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ"(٣) .

وَعَنْهَعليه‌السلام في روايةٍ يؤكِّد فيها أنّ المؤمن يسير مُتوازِناً بين

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٢- ميزان الحكمة، ج١- ص٨٢٧.

٣- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص٦٥.

٥٢

الخوف والرجاء، قال: "كانَ أبي يقولُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلّا وَفي قَلْبِهِ نورانِ، نورُ خيفةٍ ونورُ رَجاءٍ، لَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذا، وَلَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا"(١) .

____________________

١- مشكاة الأنوار، الطبرسي، ص٢١٥.

٥٣

المحاضرة العاشرة:

الوقوف بعرفة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدَكَ عندَ الله بوحدانِيّته".

الهدف:

بيان سرّ الوقوف بعرفة، وفضائل هذا اليوم، وبعض المستحبّات التي ينبغي على الحاجّ القيام بها.

تصديرالموضوع:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الحَجُّ عَرَفَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ"(١) .

____________________

١- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ج٨، ص١٧١.

٥٤

محاور الموضوع:

إنّ سرَّ الوقوف بعرفة، يكمن في أنّ الحاجّ عندما يرى اجتماع الخلق على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطوائفهم وسعيهم، أن يذكر ازدحام الخلق يوم القيامة، فيخلص النيّة، ويبتهل الى الله بقلب خاشع، ونفس خاضعة لله تعالى.

فضائل يوم عرفة:

ليوم عرفة فضائل عديدة، نذكر أهمّها:

١- يوم للإقرار بالذنوب: فإنّ الإقرار بالذنب يستبطن العبوديّة لله، والاعتراف بالتقصير، والخروج عن الصراط المستقيم. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "لا واللهِ ما أرادَ اللهُ مِنَ العبدِ إلّا خُصْلَتَيْنِ: أَنْ يُقِرُّوا بِالنِّعَمِ فَيِزيدَهُمْ، وَبِالذُّنوبِ فَيَغْفُرها لَهُمْ"(١) .

وعنهعليه‌السلام : "واللهِ ما يَنْجو مِنَ الذّنْبِ إلّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ"(٢) .

٢- يوم للتوبة والاستغفار: ورد في الروايات، أنّ وجه تسمية صحراء عرفات بهذا الاسم، يعود إلى أنّ آدم اعترف فيها بذنبه، وتاب إلى ربّه، واستغفره فتاب عليه(٣) .

٣- عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّ الله - عزّ وجلّ - يفرحُ بتوبةِ

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص ٤٢٦.

٢- شرح أصول الكافي،المازندراني، ج١٠، ص١٥٧.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص٢٤٩.

٥٥

عبدِهِ المؤمنِ إِذا تابَ كَما يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِضالَّتِهِ إِذا وَجَدَها"(١) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "التَائِبُ مِنَ الذّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ"(٢) .

٤- يوم مشهود: عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النّاس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ(٣) ، قالعليه‌السلام : "المشهودُ يومُ عرفةَ والمجموعُ لهُ النّاس يومَ القيامةِ"(٤) .

٥- يوم لاستجابة الدعاء: عن الإمام الرّضاعليه‌السلام : قال: "كان أبو جعفرٍعليه‌السلام يقولُ: ما مِنْ برٍّ وَلا فاجِرٍ يَقِفُ بِجِبالِ عَرَفاتُ فَيَدْعو اللهَ إلّا اسْتَجابَ اللهُ لَهُ، أَمّا البرُّ فَفِي حَوائِجِ الدّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَمّا الفاجِرُ فَفي أَمْرِ الدُّنْيا"(٥) .

٦- يومٌ للغفران: "عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عندما سُئِلَ أيُّ أَهلِ عرفاتَ أعظمُ جُرْماً؟، قال: المُنْصَرِفُ من عرفاتَ وَهَوَ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يْغَفْرَ لَهُ"(٦) .

٧- يوم لتعميم الفضل: روي أنّ الإمام عليَّ بن الحسينعليه‌السلام سمع في يوم عرفة سائلاً يسأل النّاس، فقال له: "وَيْحَكَ أَغَيْرُ اللهِ تَسْأَلُ في هذا الْيَوْمِ، إِنَّه لَيُرْجى ما في بُطونِ الحَبالَى في هذا الْيَوْمِ أَنْ يَكونَ سَعيداً"(٧) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٦.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٥.

٣- هود ١٠٣.

٤- الوسائل، ج١٠، ص٢٣.

٥- مستدرك الوسائل، ج١٠، ص٦٤، ح٦.

٦- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٥٤٧، باب١٨،إحرام الحجّ، ح٢.

٧- جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج١٩، ص٦٠.

٥٦

عن الإمام عليّعليه‌السلام : "إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: العُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والحجَّةُ المُتَقَبَّلَةُ ثَوَابُها الجنّة، وَمِنَ الذُّنوبِ ذُنوبٌ لا تُغْفَرُ إلّا بِعَرفاتَ"(١) .

٨- يومُ عيد: ورد في مفاتيح الجنان: "وهو عيد من الأعياد العظيمة، وإن لم يسمّى عيداً، وهو يومٌ دعا الله فيه عباده إلى طاعته وعبادته، وبسط لهم موائدَ إحسانه وجوده، والشيطانُ فيه ذليلٌ حقيرٌ طريدٌ غضبان أكثرُ من أيِّ وقتٍ سواه".

مستحبّات الوقوف بعرفة

١- الطهارة طيلة الوقت.

٢- الغسل عند الزوال.

٣- التفرّغ للدعاء والإبتهال.

٤- الجمع بين صلاتي الظهرين بأذانين وإقامتين.

٥- الدعاء بالمأثور خاصّةً دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عرفة.

٦- الصوم.

٧- أن يصلّي ركعتين بعد فريضة العصر وقبل أن يبدأ بأدعية يوم عرفة.

____________________

١- دعائم الإسلام، القاضي المغربي، ج١، ص٢٩٤.

٥٧

المحاضرة الحادية عشرة:

ذكر الله

قال تعالى:

﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ

الهدف

التركيز على استحباب الذكر أثناء القيام بكافّة المناسك، وثوابه لا سيّما في منى والمشعر الحرام.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٨.

٥٨

محاور الموضوع

الذكر

الذكر إحدى أهمّ وسائل الإرتباط بالله تعالى، وقد أكدّت الروايات أنّه لذّة المحبيّن وشيمة المتّقين، وسجيّة كلّ محسن، ومسرّة كلّ متّقً، ولذلك ينبغي إيلاؤه اهتماماً خاصّاً، والإكثار منه. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا(١) .

حقيقة الذكر

ورد عن الإمام عليّعليه‌السلام : "وَاذْكُرْهُ ذِكَراًكامِلاً يُوافِقُ فيه قَلْبُكَ لِسانَكَ، وَيُطابِقُ إِضْمارُكَ إْعِلانَكَ، وَلَنْ تَذْكَرَهُ حَقيقَةَ الذِّكْرِ حَتَّى تَنْسَى نَفْسَكَ في ذِكْرِكَ وَتَفْقِدَها في أَمْرِكَ"(٢) .

بركات الذكر

١- محبّة الله: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ أَحَبّهُ".

٢ - السعادة في الحياة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "اذكرُوا اللهَ ذِكْراً خالِصاً تَحْيوُا بِهِ أفضلَ الحياةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجاةِ".

٣- طُمَأنينة النفس: قال تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(٣) .

هذه الطمأنينة التي تؤدّي إلى الفوز بالجنّة: قال تعالى: ﴿يَا

____________________

١- الأحزاب: ٤١.

٢- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٣.

٣- الرعد، ٢٨.

٥٩

أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي(١) .

موانع ذكر الله

١- الأموال والأولاد: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(٢) .

٢- الشيطان: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ(٣) .

٣ - عدم غضّ البصر: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "لَيْسَ في الجَوارِحِ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ العَيْنِ فَلا تُعْطوها سُؤْلَها فَتَشَغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللِهِ"(٤) .

٤ - اتّباع الشهوة: عن الإمام عليٍّعليه‌السلام : "لَيْسَ في المعاصي أَشَدُّ مِنَ اتِّباعِ الشَّهْوَةِ فَلا تَطيعوها فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ"(٥) .

٥ - التحدّث عن النّاس: عن الإمام عليعليه‌السلام : "مَنِ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ النّاس قَطَعَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ"(٦) .

____________________

١- الفجر: ٢٧.

٢- المنافقون: ٩.

٣- المائدة:٩١.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٥- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج١١، ص٣٤٧.

٦- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٦٠

عاقبة ترك الذكر

١- خسران الدنيا والآخرة: قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(١) .

٢- تسلّط الشيطان عليه: قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(٢) .

٣ - قساوة القلب: "مِمّا كَلَّمَ اللهُ به موسى: يا موسى لا تَنْسَني عَلَى كُلِّ حالٍ وَلاَ تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ المَالِ، فَإِنَّ نِسْياني يُقَسِّي الْقَلْبَ"(٣) .

____________________

١- طه: ١٢٤.

٢- الزخرف: ٣٦.

٣- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٦١

المحاضرة الثانية عشرة:

آداب ومستحبّات عيد الأضحى

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

"زَيِّنُوا الْعيدَيْنِ بِالتَّهْليلِ وَالتَّكْبيرِ وَالتَّحْميدِ وَالتَّقْديسِ"

الهدف:

لفت النظر إلى ضرورة التقيّد بمستحبّات يوم العيد وليلته، وعدم الخروج عن آدابه وسننه.

تصدير الموضوع:

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا الْيِوْمِ الّذي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمينَ عيداً وَلِمْحَمّدٍ وآلِهَِ ذُخْراً وشَرَفاً وَكَرَِامَةً وَمزيداً.

٦٢

محاور الموضوع:

من معاني العيد:

وممّا يستدلّ به على عظمة يوم العيد، أن جعل الله له مقاماً يُسأل بحقّه، وأفاض فيه على النبيّ وآلهعليه‌السلام بأعظم الفيوضات، فالعيد يوم للطّاعة والعبادة والتقرّب إلى الله تعالى، وهو اليوم الذي يسأل العبد فيه ربّه قبول أعماله وعباداته، وما مظاهر الفرح والبهجة والسرور التي جعلها الله مستحبّة في هذا اليوم، إلّا انعكاس لفرحه الحقيقيّ بقربه من الله، وتوفيقه لأداء الفرائض، وشموله بالعناية والرحمة الإلهيّة.

١- الغسل: وهو سُنَّةٌ أكيدة في هذا اليوم.

٢- إحياء ليلة العيد بالعبادة: وهي إحدى الليالي الّتي يستحبّ إحياؤها، وتفتح فيها أبواب السماء، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام : "أنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ الصّلاةُ والسلامُ، كان يُعْجِبُهُ أَنْ يُفَرِّغَ نَفْسَهُ أَرْبَعَ لَيالٍ في السنَةِ، وَهِيَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةُ النّصْفِ مِنْ شَعْبانٍ وَلَيْلَةُ الفِطْرِ وَلَيْلَةُ الأَضْحَى"(١) .

٣- أداء صلاة العيد: ويستحبّ له أن يفطر على لحم الأُضحية قبل الذهاب لأداء الصلاة، وأن لا يخرج إلّا بعد طلوع الشمس، وأن يدعو بالمأثور في هذا اليوم من الأدعية الخاصّة بالعيد.

____________________

١- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص ٦٤٩.

٦٣

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "زَيِّنُوا الْعيدَيْنِ بِالتَّهْليلِ وَالتَّكْبيرِ وَالتَّحْميدِ وَالتَّقْديسِ"(١) .

٤- قراءة دعاء الندبة.

٥- الأُضحية: وهي من المستحبات المؤكّدة - كما أورد صاحب مفاتيح الجنان - التي يستحبّ أن يكون إفطاره بلحمها، وليقسّم لحمها ثلاثة أثلاث. يتصدّق بثلثٍ على الجيران، وثلث على السائل (الفقراء)، وثلثٍ لأهل بيته، ويتصدّق بجلدها، ويعطي أُجْرَةَ الذابح من غير الأضحية.

وعن الإمام عليّعليه‌السلام : "لَوْ عَلِمَ النّاس ما في الأُضْحِيَةِ لاسْتَدانُوا وَضَحُّوا، إِنَّهُ لَيُغْفَرُ لِصاحِبِ الأُضْحِيَةِ عِنْدَ أَوّلِ قَطْرَةٍ تَقْطَرُ مِنْ دَمِها"(٢) .

٦– زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام : فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِنَّهُ مَنْ زارَ الْحُسَيْنَعليه‌السلام لَيْلَةً مِنْ ثَلاثٍ غَفَرَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما تَأَخَّرَ، لَيْلَةَ الفِطَرِ، وَلَيْلَةُ الأَضْحَى، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبانٍ"(٣) .

٧- صِلَةُ الرّحم: ورد عن مولانا الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ

____________________

١- ميزان الحكمة، الريشهر ي، ج٣، ص٢١٩٨.

٢- الحدائق الناضرة، المحقق البحراني، ج١٧، ص٢٠٢.

٣- النساء ١.

٦٤

رَقِيبًا(١) ، قالعليه‌السلام : "هِيَ أَرْحامُ النّاس، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِصِلَتِها وَعَظَّمَها، أَلا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَها مِنْهُ"(٢) .

٨- العفو والتسامح: ففي يوم العيد، ينبغي إصلاح حالات الخصام والشقاق، والنزاعات، والخلافات، والمخاصمات، والعمل على تصفية القلوب، وتعميم التسامح، وتنقية النفوس، وتوحيد الصفّ، والكلمة، وشدّ أواصر المسلمين، وتوطيد اللُّحمة الإجتماعيّة، لا سيّما العائليّة.

ولا ننسى في هذا اليوم، الرأفة بالفقراء والمحتاجين، وقضاء حوائج المؤمنين، ومؤانسة الأهل، والإهتمام بالزوجة والأولاد، وزيارة الأخوة والأقارب، والدعاء للمجاهدين وأهل الثغور، وعيادة المرضى، وزيارة قبور الموتى المؤمنين، لا سيّما الشهداء.

____________________

١- النساء ١.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص١٥٠.

٦٥

المحاضرة الثالثة عشرة:

الإستقامة بعد أداء فريضة الحجّ

عن الإمام عليّعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

".... وَإِذا قَضُوا مَناسِكَهُمْ قْيلَ لَهُمْ: بَنَيْتُمْ بِناءً فلا تَهْدِموهُ، وَكُفّيتُمْ ما مَضَى فَأَحْسنُوا فيما تَسْتَقْبِلونَ".

-الهدف

ضرورة التنبيه على أنّ أداء فريضة الحجّ، ينبغي أن يشكّل منعطفاً يستلزم الإستقامة الدائمة.

-تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ(١) .

____________________

١- هود، ١١٢.

٦٦

-محاور الموضوع

أصناف الحُجاجِّ بعد الفراغ من المناسك

فإكرامُ الحجّاج وفدُ الله أمرٌ طبيعيّ، إلّا إنّ هذا الإكرام، لا يكون واحداً لكافّة الحجيج، وإنّما يختلف من واحدٍ إلى آخر، كلٌّ وفْقَ عمله، وإخلاصه، وصفاء قلبه، في ما أدّى من أعمال. فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "الحجَّاجُ يصدرونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنافٍ: صِنْفٌ يُعْتَقُ مِنَ النّارِ، وَصِنْفٌ يَخْرُجُ مِنْ ذُنوبِهِ كَهَيْئَةِ يومَ وَلَدَتْهُ أُمّهُ، وَصِنْفٌ يَحْفَظُهُ اللهُ في أَهْلِهِ وَمالِهِ، فَذاكَ أَدنى ما يَرْجِعُ بِهِ الحاجُّ"(١) .

معنى الإستقامة: أن يحافظ الحاجّ على المكاسب التي نالها من أداء فريضة الحجّ، من كونه مغفور الذنب مقبول العمل، ويكون ذلك بالحفاظ على حالة الرقي الروحيّ، والإلتزام الدينيّ.

ثمرات الإستقامة

١- وفرة الخيرات: قال تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا(٢) .

٢- عدم الخوف والحزن: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(٣) .

____________________

٢- تحرير الأحكام، العلّامة الحلّي، ج١، ص٥٣٤.

٣- الجن، ١٦.

٤- الأحقاف، ١٣.

٦٧

٣- تنْزٌلُّ الملائكة: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجنّة الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ(١) .

٤- الفلاح: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إِنْ تَسْتَقيمُوا تُفْلِحُوا"(٢) .

٥- السلامة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "مَنْ لَزِمَ الإسْتقِامَةَ لَزِمَتْهُ السّلامَةُ"(٣) .

٦- الكرامة وعدم المَلامَة: وعنهعليه‌السلام : "عَلَيْكَ بِمَنْهَجِ الإِسْتِقامة فَإِنَّهُ يُكْسِبُكَ الْكَرامَةَ وَيَكْفيكَ المَلامَةَ"(٤) .

٧- الفوزُ بالجنّة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "مَنِ اسْتَقامَ فَإِلى الجنّة، وَمَنْ زَلَّ فَإِلَى النّارِ"(٥) .

٨- السعادة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "أَفْضَلُ السَّعادَةِ اسِتِقامَةُ الدَّينِ "(٦) .

الإستقامة

بعد أداء الفريضة يقتضي التنبّه لعدّة أمور:

ممّا لا شك فيه، أنّ أداء فريضة الحجّ، من الطاعات الّتي ينبغي أن تشكّل منعطفاً في حياة الإنسان، تختلف ما قبلها عمّا بعدها، فلا بدّ لك أيّها الحاجّ أن تلتفت إلى الملاحظات التالية:

____________________

١- فصّلت، ٣٠.

٢- كنز العمّال، خ٥٤٧٩.

٣- ميزان الحكمة، ج٣، ص٢٦٣٤.

٤- عيون الحكم والمواعظ، ص٣٣٣.

٥- نهج البلاغة، ج١، ص٢٣٣.

٦- عيون الحكم والمواعظ، ص١١٧.

٦٨

١- استئناف العمل الصالح: روي أنّ منادياً ينادي بالحاجّ إذا قضوا مناسكهم: "قَدْ غُفِرَ لَكُمْ ما مَضَى، فاسْتَأْنِفوا الْعَمَلَ"(١) .

٢- إيّاكم وهدم ما بنيتم: وروى الإمام عليّعليه‌السلام عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ".... وَإِذا قَضُوا مَناسِكَهُمْ قْيلَ لَهُمْ: بَنَيْتُمْ بِناءً فلا تَهْدِموهُ، وَكُفيتُمْ ما مَضَى فَأَحْسنُوا فيما تَسْتَقْبِلونَ"(٢) .

٣- إيّاكم والذنوب: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "الحاجُّ لا يزالُ عَلَيْهِ نوَرُ اللهِ ما لَمْ يَلِمّ بِذَنْب"(٣) .

٤- إيّاكم والتلوّن: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "إِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالَى يُبْغِضُ مِنْ عِبادِهِ الم-تَلَوِّنَ، فَلا تَزولُوا عَنِ الحَقِّ، وَوِلايَةِ أَهْلِ الحَقِّ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنا هَلَكَ"(٤) .

وعنهعليه‌السلام : "فَاسْتَقيمُوا عَلى كِتابِهِ، وَعَلى مِنْهاجِ أَمْرِهِ، وَعَلى الطَّريقَةِ الصّالِحَةِ مِنْ عِبادَتِهِ، ثُمَّ لاَ تَمْرُقُوا مِنْها، وَلاَ تَبْتَدِعُوا فيها، وَلا تُخَالِفُوا عَنْها....."(٥) .

____________________

١- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج٨، ص١٠.

٢- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص١٤٨.

٣- الوسائل، ج٨، ص٦٨.

٤- مصباح البلاغة، الميرجهاني، ج٣، ص٣٠٧.

٥- نهج البلاغة، ج٢، ص٩٣.

٦٩

المحاضرة الرابعة عشرة:

زيارة الرسول في المدينة

ورد في الحديث:

"ما بَعْدَ مكّة بُقْعَةٌ أَفَضْلَ مِنْ مَدينَة الرِّسولِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَالأْعَمْالُ فيها أَيْضاً تُضاعَفُ".

الهدف:

بيان أهمّيّة زيارة النبيّ في المدينة المنوّرة وفضلها وثوابها، وكونها من متممّات أعمال الحجّ.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٦.

٧٠

محاور الموضوع:

ورد في الحديث: "ما بَعْدَ مكّة بُقْعَةٌ أَفَضْلَ مِنْ مَدينَة الرِّسولِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فَالأْعَمْالُ فيها أَيْضاً تُضاعَفُ".

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "صَلاةٌ في مَسْجِديِ هذا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فيما سِواهُ إلّا الْمَسْجِد الحرامُ"(١) .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال لأبي حمزة الثماليّ: "المساجدُ الأربعةُ: المسجدُ الحرامُ ومسجدُ الرِّسولِ ومسجدُ بيتِ المقدسِ ومسجدُ الكوفةِ، يا أبا حمزةَ، الفريضةُ فيها تَعْدِلُ حِجَّةً والنّافِلَةُ تَعْدِلُ عُمْرَةً"(٢) .

أهمّيّة الولاية في قبول الأعمال

عن أبي حمزة قال: "قال لنا عليّ بن الحسينعليه‌السلام أيّ البقاع أفضلُ؟ فقلْتَ اللهُ ورسولُهُ وابنُ رسولِهِ أعلمُ، فقالعليه‌السلام : أَمّا أَفْضَلُ البِقاعِ ما بينَ الرّكَّنِ وَالمَقامِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً عَمَّرَ ما عَمَّرَ نوحٌ في قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إلّا خمَسْينَ عاماً، يَصوُم النَّهارَ وَيقومُ اللَّيلَ ثُمَّ لَقِيَ اللهَ بِغَيْرِ وِلاَيتِنا لَمْ يَنْفَعْهُ ذلِكَ شَيْئاً"(٣) .

فضيلة زيارة قبرالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١- تماميّة الحجّ: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِذا حَجَّ أَحَدُكُمْ

____________________

١- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ج٦، ص٢٧٤.

٢- منتهى المطلب، العلّامة الحلّي، ج١، ص٣٨٦.

٣- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج٢، ص٢٤٥

٧١

فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيارَتِنِا لأَنَّ ذلِكَ مِنْ تَمامِ الْحَجِّ"(١) .

وعن الإمام عليّعليه‌السلام : "إِبْدَأُوا بِمكّة وَاخْتِمُوا بِنا"(٢) .

٢- شفاعتهم يوم القيامة: "قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ حَجَّ فَزارَ قَبْري بَعْدَ وَفاتي، كانَ كَمَنْ زارَني في حَياتي"(٣) ، وعن الحسن بن عليٍّ الوشّاء، قال: سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول: "إِنَّ لِكُلِّ إِمامٍ عَهْداً في عُنُقِ أَوْلِيائِهِ وَشيَعتِهِ، وَإِنّ مِنْ تَمام الْوَفاءِ بِالْعَهْدِ زِيارَةَ قبورِهِمْ فَمَنْ زارَهُمْ رَغَبةً في زِيارَتِهِمْ وَتَصْدِيقاً بِمَا رَغبُوا فيهِ كانَ أَئِمَّتُهُمْ شُفَعاؤُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(٤) .

وعن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ حَجَّ الَبَيْتَ وَلَمْ يَزُرْني فَقَدْ جَفاني"(٥) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ زارَ قَبْري وَجَبَتْ لَهُ شَفاعَتي"(٦) .

٣- فضل وثواب حجّتين: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ حَجَّ إِلى مكّة ثُمَّ قَصَدَني في مَسْجِدي كُتِبَتْ لَهُ حَجَّتانِ مَبْرورَتانِ"(٧) .

من آداب الزيارة

إِنّ لِزِيارة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما الأئمّة الأطهار، جملة من السنن والآداب الَّتي يستحبّ إلفات نظر الحاجّ إليها:

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٥٦.

٢- الوسائل، ج١٠، ص٢٦٠.

٣- الغدير، الشيخ الاميني، ج٥، ص٩٨.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٥٦٧.

٥- كنز العمّال، المتّقي الهندي، ج٥، ص١٣٥.

٦- العقائد الإسلامية، مركز المصطفى، ج٣، ص٤٨١.

٧- الزيارة في الكتاب والسنّة، الشيخ جعفر السبحاني، ص٥٢.

٧٢

١- الغسل والطهارة.

٢- ارتداء الملابس الطاهرة والتطيّب قبل دخول الروضة المقدّسة.

٣- ذكر الله أثناء المسير إلى الحرم المطهّر، بالتكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، والصلاة على النبيّ وآله.

٤- تقصير الخُطَى عند الخروج للزيارة، والسير بسكينة ووقار.

٥- الوقوف على باب الحرم الشريف والاستئذان بالدخول، وأن يزور واقفاً.

٦- الإستشفاع بصاحب القبر إلى الله لقضاء الحوائج.

٧- أن يزور بالزيارات المأثورة الواردة عن الأئمّة الأطهار.

٨- أن لا يرفع صوته كثيراً عند قراءة الزيارة.

٩- أن يترك اللغو وما لا ينبغي من الكلام والجدال الفارغ في البقاع الطاهرة.

١٠- أن يودّع الرسول عند خروجه، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "يَنْبَغي لِلّزائِرِ أَنْ يَكونَ آخِرَ عَهْدِهِ خارِجاً مِنَ المْدَينَةِ قَبرَ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُوَدِّعُهُ كَما يَفْعَلُ يَوْمَ دُخولِهِ"(١)

____________________

١- مستدرك الوسائل، ميرزا النوري، ح١٠، ص٢٠٠.

٧٣

فضل مكة

قال الله تعالى: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(١) .

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "والله إنّك لخير أرض الله وأحبّ أرض الله إلى الله عزَّ وجلَّ، ولولا أنّي أخرجت منك ما خرجت"(٢) .

عن الإمام عليّ بن الحسينعليه‌السلام : "النائم بمكّة كالمتجهد بين البلدان يأمن فيها كلّ خائف دخلها (حتى) الطير والوحش"(٣) ..

____________________

١- نقلاً عن كتاب معالم مكّة والمدينة بين الماضي والحاضر.

٢- إبراهيم: ٣٧

٣- المحاسن: ٦٨

٧٤

١ - البيت الحرام (الكعبة)

شكل الكعبة

قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ(١) .

الكعبة الآن من الخارج على التعديل الذي رجع إليه الحجّاج، وهو ما كانت عليه طيلة حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي ذات شكل مربّع تقريباً، مبني بالحجارة الزرقاء الصلبة، ويبلغ ارتفاعها خمسة عشر متراً، (١٥ متر) وطول ضلعها الذي فيه الميزاب والذي قبالته عشرة أمتار وعشر سنتيمترات.

ويحيط بالكعبة من خارجها قصّة من البناء في أسفلها، متوسّط ارتفاعها خمسة وعشرون سنتيمتراً، ومتوسّط عرضها ثلاثون سنتيمتراً، وتسمى بالشاذروان.

الحجر الأسود:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الحَجَرُ يمينُ اللهِ في أرضِهِ فَمَنْ مَسَحَهُ مَسَحَ يَدَ اللهِ".

الحجر الأسود: وهو حجر صقيل بيضاوي غير منتظم، ولونه (الحالي) أسود يميل إلى الاحمرار، وفيه نقط حمراء وتعاريج

____________________

١- آل عمران: ٩٦ - ٩٧

٧٥

صفراء، وهي أثر لحام القطع التي كانت تكسّرت منه، وقطره نحو ثلاثين سنتيمتراً، ويحيط به اطار من الفضة عرضه عشرة سنتيمترات.

نوعه:

هذا الحجر ليس من الأحجار العادية المعروفة، وإنّما هو حجر جاء به جبريلعليه‌السلام من الجنّة. ولونه الأصلي أبيض من الثلج وأمّا سبب اسوداده كما ورد في الخبر أنّ خطايا بني آدم هي التي سوّدته.

خصائص الحجر الأسود

إنّ لهذا الحجر المبارك عدّة خصائص أهمّها:

١ - استحباب تقبيله واستلامه.

٢ - إنّه في أشرف مكان في بيت الله المعظّم (الركن الشرقيّ).

٣ - إنّه في المكان الذي يشرع ابتداء الطواف بالبيت منه.

٤ - إنّ استلامه كمن بايع الله ورسوله.

٥ - يشهد يوم القيامة لمن استلمه بحقّ.

٦ - إنّه شافع ومشفّع يوم القيامة.

٧ - إنّه في الأرض بمنزلة يمين الله.

٧٦

أركان الكعبة

تسمّى زوايا البيت العتيق الخارجية بالأركان، وهي أربعة:

الأوّل: الركن الأسود:

سُمِّيَ به لأنّ فيه الحجر الأسود، ويسمّى أيضاً بالركن الشرقيّ، ومنه بالطواف.

الثاني: الركن العراقيّ:

سُمِّيَ بذلك لأنّه إلى جهة العراق، ويسمّى هذا الركن أيضاً بالركن الشماليّ نسبة إلى جهة الشمال، وبين هذا الركن والركن الأسود يقع باب الكعبة.

الثالث: الركن الشاميّ:

سُمِّيَ بذلك لأنّه إلى جهة الشام والمغرب، ويسمّى هذا الركن أيضاً بالركن الغربيّ، وبين هذا الركن والركن العراقيّ يقع حجر إسماعيل الذي يصبّ فيه ميزاب الكعبة.

الرابع: الركن اليمانيّ:

سُمِّيَ باليماني لاتجاهه إلى اليمن.

شاذروان الكعبة

أمّا شاذروان الكعبة فهو البناء المحاط بأسفل جدار الكعبة

٧٧

ممّا يلي أرض المطاف من جهاتها الثلاث الشرقيّة، والغربيّة، والجنوبيّة.

وشكل هذا الشاذروان، هو بناء مسنَّم بأحجار الرخام المرمر.

وأمّا الجهة الشماليّة فليس فيها شاذروان مثل الجهات الثلاث، وإنّما بها بناء بسيط من حجر الصوّان من نوع الحجر الذي بنيت به الكعبة المعظّمة، وذلك هو أنه من أصل الكعبة وليس بشاذروان.

باب الكعبة

لمـّا عمّرته قريش جعلت له باباً بمصراعين. وقال ابن فهد: إنّ الباب الذي كان على الكعبة قبل بناء ابن الزبير بمصراعين، طوله أحد عشر ذراعاً من الأرض إلى منتهى أعلاه، وكان الباب الذي عمله ابن الزبير أحد عشر ذراعاً، فلمّا كان الحجّاج عمل لها باباً طوله ستّة أذرع وشبراً.

وذلك أنّ الحَجّاج أحدث بعض التغيّيرات على بناء ابن الزبير، ومنها أنّه رفع باب الكعبة عمّا كان عليه في زمن ابن الزبير.

٧٨

حجر إسماعيل

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :"الحجر بيت إسماعيل وفيه قبر هاجر وقبر إسماعيلعليه‌السلام ".

أمّا حجر إسماعيل، فهو الحائط الواقع شمال الكعبة المعظّمة، وهو على شكل نصف دائرة. وقد جعله إبراهيم الخليلعليه‌السلام عريشاً إلى جانب الكعبة المعظّمة، على ما ذكره الأزرقيّ.

ميزاب الرحمة

في أعلى الجدار الشماليّ في منصفة الميزاب الذي وضع لتصريف ماء المطر، الذي ينزل على سطح الكعبة، ويسمّى (ميزاب الرحمة). وأوّل من وضع ميزاباً للكعبة قريش حين بنتها سنة ٣٥ من ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث كانت قبل ذلك بلا سقف.

وقد عمل السلطان عبد المجيد خان ميزاباً صنع بالقسطنطيّة سنة ١٢٧٦م، وركب في السنة نفسها، وهو مصفّح بالذهب نحو

٧٩

خمسين رطلاً وهو آخر ميزاب، وهو الموجود الآن بالكعبة المشرّفة.

فضل الدعاء تحت الميزاب:

روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "إِذا نَظَرْتَ إلى الميزاب تقول: (اللَّهُمَّ اعْتِقْ رَقَبَتَي مِنَ النّارِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ وادْرَأْ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإِنْسِ وَأَدْخِلْنِي الجنّة بَرَحْمَتِكَ)".

المستجار:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "بَنى إبراهيمُ البيتَ وجعلَ لَهُ بابينِ: بابٌ إلى المشرقِ وبابٌ إلى المغربِ والبابُ الَّذي إلى المغربِ يسمّى المُسَتَجارُ".

قال الفاسيّ المكيّ: "هو ما بين الرّكن اليمانيّ إلى الباب المسدود في دُبُر الكعبة".

ما يفعل عند المستجار

عن معاوية بن عمار قال:

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : "إذا فَرَغْتَ مِنْ طوافِكَ وَبَلْغَتَ مُؤَخَّرَ

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135