زبدة التفاسير الجزء ٤
0%
مؤلف: فتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-06-X
الصفحات: 609
مؤلف: فتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-06-X
الصفحات: 609
مقتضى طبيعة أجزاء كلّ عنصر أن تضامّت وتلاصقت وتشابهت في الكيفيّة.
( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً ) يعني: الماء الّذي خمّر به طينة آدم. أو جعله جزءا من مادّة البشر، لتجتمع وتسلس وتقبل الأشكال والهيئات بسهولة. أو النطفة.
( فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) أي: قسّمه قسمين: ذوي نسب، أي: ذكورا ينسب إليهم. وذوات صهر، أي: إناثا يصاهر بهنّ، ويحصل منهنّ الختونة(١) ، كقوله تعالى:( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) (٢) .
وقيل: النسب: الّذي لا يحلّ نكاحه. والصهر: النسب الّذي يحل نكاحه، كبنات العمّ والخال.
وقال ابن سيرين: نزلت في النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ بن أبي طالبعليهالسلام ، زوّج فاطمةعليهاالسلام عليّاعليهالسلام ، فهو ابن عمّه وزوج ابنته، فكان نسبا وصهرا.
( وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) على ما أراد، حيث خلق من مادّة ـ أي: نطفة ـ واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة، وطباع متباعدة، وجعله قسمين متقابلين، وربّما يخلق من نطفة واحدة توأمين مختلفين.
( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) )
__________________
(١) الختونة مصدر: ختنه، أي: تزوّج إليه وصاهره. والختن: زوج الابنة.
(٢) القيامة: ٣٩.
وبعد ذكر كمال قدرته وأنواع نعمه، أخبر عن الكفّار الّذين ـ مع ظهور قدرته الكاملة، وصنوف نعمه المتكاثرة عندهم ـ يشركون به، ويرتكبون أنواع المعاصي، فقال:( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ ) من الأصنام، أو كلّ ما عبد من دون الله تعالى، إذ ما من مخلوق يستقلّ بالنفع والضرّ( وَكانَ الْكافِرُ ) جنس الكافر.
وقيل: أبو جهل.( عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً ) مظاهرا للشيطان بالعداوة والشرك. أو مظاهرا لأبناء جنسه في إطفاء نور دين الله.
وفي الكشّاف: «الظهير والمظاهر، كالعوين والمعاون. وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز. ومثله: الصديق والخليط. ويجوز أن يريد بالظهير الجماعة، كقوله:( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) . وقيل. هيّنا مهينا لا وقع له عنده، كالمطرح المتروك. من قولهم: ظهرت به إذا نبذته خلف ظهرك لا تلتفت إليه، فيكون كقوله:( وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ) (٢) . ومنه:( وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا ) (٣) »(٤) .
( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً ) للمؤمنين( وَنَذِيراً ) للكافرين( قُلْ ) لهؤلاء الكفرة( ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ ) على تبليغ الرسالة الّذي يدلّ عليه «إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً »( مِنْ أَجْرٍ ) تعطونيه( إِلَّا مَنْ شاءَ ) إلّا فعل من شاء( أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً ) أن يتقرّب به إليه، أي: يطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة البدنيّة والماليّة. فصوّر ذلك بصورة الأجر من حيث إنّه مقصود فعله. واستثناه منه قلعا لشبهة الطمع، وإظهارا لغاية الشفقة، حيث اعتدّ بإنفاعك ـ بالتعرّض للثواب، والتخلّص عن العقاب ـ أجرا وافيا مرضيّا به مقصورا عليه.
__________________
(١) التحريم: ٤.
(٢) آل عمران: ٧٧.
(٣) هود: ٩٢.
(٤) الكشّاف ٣: ٢٨٧.
وقيل: الاستثناء منقطع. ومعناه: لكن من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا فليفعل.
ثمّ أمر نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يثق به، ويسند أمره إليه في استكفاء شرورهم، مع التمسّك بقاعدة التوكّل وأساس الالتجاء، وهو طاعته وعبادته وتنزيهه وتحميده، فقال:( وَتَوَكَّلْ ) وفوّض أمورك( عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) لأنّه الحقيق بأن يتوكّل عليه، دون الأحياء الّذين يموتون، فإنّهم إذا ماتوا ضاع من توكّل عليهم. وعن بعض السلف أنّه قرأها فقال: لا يصحّ لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق.
( وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) ونزّهه عن صفات النقصان، مثنيا عليه بأوصاف الكمال، طالبا لمزيد الإنعام بالشكر على سوابغه.
ثمّ أراه أن ليس إليه من أمره عباده شيء، آمنوا أم كفروا، فقال:( وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ ) ما ظهر منها وما بطن( خَبِيراً ) بأحوالهم، كافيا في جزاء أعمالهم، فلا عليك إن آمنوا أو كفروا.
( الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠) )
ثمّ ذكر أوصافه الحاثّة على التوكّل عليه بقوله:( الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) يعني: في مدّة مقدارها هذه المدّة، لأنّه لم يكن حينئذ نهار ولا ليل. وقيل: ستّة أيّام من أيّام الآخرة. وكلّ يوم ألف سنة. والظاهر أنّها من أيّام الدنيا.
وعن مجاهد: أوّلها يوم الأحد، وآخرها الجمعة. ووجهه أن يسمّي الله تعالى لملائكته تلك الأيّام المقدّرة بهذه الأسماء، فلمّا خلق الشمس وأدارها وترتّب أمر العالم على ما
هو عليه، جرت التسمية على هذه الأيّام.
وأمّا الداعي إلى هذا العدد ـ أعني: الستّة ـ دون سائر الأعداد، فلا نشكّ أنّه داعي حكمة، لعلمنا أنّه لا يقدّر تقديرا إلّا بداعي حكمة، وإن كنّا لا نطّلع عليه، ولا نهتدي إلى معرفته، فإنّ خفاء الحكمة علينا لا يقتضي نفيها، ومن ذلك تقدير الملائكة الّذين هم أصحاب النار تسعة عشر، وحملة العرش ثمانية، والشهور اثني عشر، والسماوات سبعا، وغير ذلك. والإقرار بدواعي الحكمة في جميع أفعاله، وبأنّ ما قدّره حقّ وصواب وحكمة، هو الإيمان. وقد نصّ عليه في قوله:( وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً ) (١) . وهو الجواب أيضا في أنّه لم يخلقها لحظة، وهو قادر على ذلك.
وعن سعيد بن جبير: إنّما خلقها في ستّة أيّام، وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة، تعليما لخلقه الرفق والتثبّت.
وقيل: اجتمع خلقها يوم الجمعة، فجعله الله عيدا للمسلمين.
( ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) قد سبق(٢) معنى الاستواء على العرش غير مرّة( الرَّحْمنُ ) خبر «الّذي» إن جعلته مبتدأ. أو بدل من المستكن في «استوى»( فَسْئَلْ بِهِ ) بسؤال ما ذكر. أو الباء بمعنى «عن». يعني: فاسأل عمّا ذكر من الخلق والاستواء( خَبِيراً ) عالما يخبرك بحقيقة، وهو الله تعالى، أو جبرئيل، أو من وجده في الكتب المتقدّمة، ليصدّقك فيه.
وقيل: الضمير للرحمن. والمعنى: إن أنكروا إطلاقه على الله تعالى، فاسأل عنه من
__________________
(١) المدّثّر: ٣١.
(٢) راجع ج ٢ ص ٥٣١ ذيل الآية ٥٤ من سورة الأعراف، وج ٣ ص ١٨٨ ذيل الآية ٣ من سورة يونس، وص ٤٢٥ ذيل الآية ٢ من سورة الرعد، وج ٤ ص ٢٢٢ ذيل الآية ٥ من سورة طه.
يخبرك من أهل الكتاب، ليعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم.
وعلى هذا، يجوز أن يكون «الرحمن» مبتدأ، والخبر ما بعده. والسؤال كما يعدّى بـ «عن» لتضمّنه معنى التفتيش، يعدّى بالباء، لتضمّنه معنى الاعتناء والاهتمام.
وقيل: إنّه صلة «خبيرا» أي: فاسأل رجلا خبيرا به.
( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ ) لأنّهم ما كانوا يطلقونه على الله. أو لأنّهم ظنّوا أنّه أراد به غيره، فإنّهم كانوا يقولون: ما نعرف الرّحمن إلّا الّذي باليمامة، يعنون مسيلمة. ولذلك قالوا:( أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا ) أي: للّذي تأمرناه. يعني: تأمرنا بسجوده. أو لأمرك لنا من غير عرفان، على أنّها مصدريّة. وقيل: لأنّه كان معربا لم يسمعوه. وقرأ حمزة والكسائي: يأمرنا بالياء، على أنّه قول بعضهم لبعض.( وَزادَهُمْ نُفُوراً ) عن الإيمان.
( تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢) )
ثمّ مدح الله سبحانه نفسه بصفات الكمال ونعوت الجلال الدالّة على رحمانيّته، فقال:( تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً ) يعني: منازل الكواكب السبعة السيّارة: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. سمّيت بالبروج الّتي هي القصور العالية، لأنّها لهذه الكواكب كالمنازل لسكّانها. واشتقاق البرج من التبرّج، لظهوره.
( وَجَعَلَ فِيها سِراجاً ) يعني: الشمس، لقوله تعالى:( وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً ) (١) . وقرأ حمزة والكسائي: سرجا. وهي: الشمس والكواكب الكبار معها.
__________________
(١) نوح: ١٦.
( وَقَمَراً مُنِيراً ) مضيئا بالليل.
( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) أي: ذوي خلفة يخلف كلّ منهما الآخر، بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه، أي: ذوي عقبة، بأن يعقب هذا ذاك وذاك هذا.
ومنه قوله تعالى:( وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) (١) والفعلة للحالة، كالركبة والجلسة.
والمعنى: جعلهما للحالة الّتي يخلف عليها كلّ واحد منهما الآخر.
( لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ ) أي: يتذكّر آلاء الله، ويتفكّر في صنعه، بأن ينظر في اختلافهما، فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال وتغيّرهما من ناقل ومغيّر، ويستدلّ بذلك على وجود صانع حكيم، واجب بالذات، رحيم على العباد( أَوْ أَرادَ شُكُوراً ) أن يشكر الله على ما فيه من النعم. أو ليكونا وقتين للمتذكّرين والشاكرين، من فاته ورده من العبادة في أحدهما تداركه في الآخر. كما نقل عن الحسن: من فاته عمله من التذكّر والشكر بالنهار، كان له في الليل مستعقب، ومن فاته بالليل كان له في النهار مستعقب.
وروي ذلك عن أبي عبد اللهعليهالسلام ، حيث قال: «تقضى صلاة النهار بالليل، وصلاة الليل بالنهار».
وقرأ حمزة: أن يذكر، من: ذكر، بمعنى: تذكّر، وكذلك: ليذكّروا. ووافقه الكسائي فيه.
( وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧) )
__________________
(١) البقرة: ١٦٤.
( وَعِبادُ الرَّحْمنِ ) مبتدأ خبره( أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا ) (١) وما بينهما صفات لهم. ويجوز أن يكون خبره قوله:( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ ) وإضافتهم إلى الرحمان للتخصيص والتفضيل، فيريد أفاضل عباده. وهذا كما يقال: ابني من يطيعني، أي: ابني الّذي أنا عنه راض، ويكون توبيخا لأولاده الّذين لا يطيعونه. أو لأنّهم الراسخون في عبادته، على أنّ عباد جمع عابد، كتاجر وتجار.
( هَوْناً ) حال، أي: هيّنين. أو صفة للمشي، أي: مشيا هيّنا. وعلى التقديرين مصدر وصف به. والهون: الرفق واللين. والمعنى: أنّهم يمشون بسكينة وتواضع، لا يضربون بأقدامهم أشرا وبطرا. ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق، لقوله:( وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ ) (٢) .
وعن أبي عبد اللهعليهالسلام أنّه قال: «هو الرجل يمشي بسجيّته الّتي جبل عليها، لا يتكلّف ولا يتبختر».
( وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً ) تسلّما منكم لا نجاهلكم، ومتاركة لكم، لا خير بيننا ولا شرّ، أي: نتسلّم منكم تسلّما. فأقيم السلام مقام التسلّم.
وقيل: معناه: قالوا سدادا من القول، يسلمون فيه من الإيذاء والإثم. ويؤيّده قوله :
__________________
(١) وهي الآية ٧٥ في آخر هذه السورة.
(٢) الفرقان: ٢٠.
( وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) (١) .
والمراد بالجهل السفه وقلّة الأدب. وليس ما قال أبو العالية: من أنّها نسخت بآية(٢) القتال، بشيء، لأنّ المراد هو الإغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام، وهو لا ينافيها.
( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً ) في الصلاة. وتخصيص البيتوتة، لأنّ العبادة بالليل أحمز، وأبعد عن الرياء. وتأخير القيام للرويّ. وهو جمع قائم، أو مصدر أجري مجراه.
قيل: من قرأ شيئا من القرآن في الصلاة وإن قلّ فقد بات ساجدا وقائما.
وقيل: هما الركعتان بعد المغرب، والركعتان بعد العشاء. والظاهر أنّه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره. يقال: فلان يظلّ صائما، ويبيت قائما.
ثمّ أشعر بأنّهم مع حسن مخالطتهم مع الخلق نهارا، واجتهادهم في عبادة الحقّ ليلا، وجلون من العذاب، متضرّعون إلى الله في استدفاعه عنهم، لعدم اعتدادهم بأعمالهم، ووثوقهم على استمرار أحوالهم، فقال:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً ) لازما دائما غير مفارق. ومنه: الغريم، لملازمته وعدم مفارقته.
( إِنَّها ساءَتْ ) إنّ جهنّم بئست( مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً ) . وفي «ساءت» ضمير مبهم يفسّره «مستقرّا». والمخصوص بالذمّ ضمير محذوف، به ترتبط الجملة باسم «إنّ» أي: بئست جهنّم موضع قرار وإقامة هي. ويجوز أن يكون «ساءت» بمعنى: أحزنت، وفيها ضمير اسم «إنّ»، و «مستقرّا» حال أو تمييز. والجملة تعليل للعلّة الأولى، أو تعليل ثان.
__________________
(١) القصص: ٥٥.
(٢) التوبة: ٥ و ٢٩.
وكلاهما يحتملان حكاية لقولهم، وابتداء من الله.
( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ) لم يجاوزوا حدّ الكرم( وَلَمْ يَقْتُرُوا ) ولم يضيّقوا تضييق الشحيح.
وقيل: الإسراف هو الإنفاق في المحارم، وأمّا في القرب فلا إسراف. وسمع رجل رجلا يقول: لا خير في الإسراف، فقال: لا إسراف في الخير. والتقتير منع الواجب.
وروي عن معاذ أنّه قال: سألت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك، فقال: «من أعطي في غير حقّ فقد أسرف، ومن منع عن حقّ فقد قتر».
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء. ونافع وابن عامر: ولم يقتروا، من: أقتر بمعنى: قتر.
( وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) وسطا عدلا. سمّي به لاستقامة الطرفين واعتدالهما، كما سمّي سواء لاستوائهما. والقوام من العيش ما أقامك وأغناك. وهو خبر ثان، أو حال مؤكّدة. ويجوز أن يكون خبرا، و «بين ذلك» ظرف لغو. وأجاز الفرّاء أن يكون «بين ذلك» اسم «كان» لكنّه مبنيّ، لإضافته إلى غير متمكّن. وهو ضعيف، لأنّه بمعنى القوام، فيكون كالإخبار بالشيء عن نفسه.
عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : «أربعة لا يستجاب لهم دعوة: رجل فاتح فاه جالس في بيته يقول: يا ربّ ارزقني. فيقول له: ألم آمرك بالطلب؟ ورجل كانت له امرأة يدعو عليها، يقول: يا ربّ أرحني منها. فيقول: ألم أجعل أمرها بيدك؟ ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: يا ربّ ارزقني. فيقول: ألم آمرك بالاقتصاد؟ ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة. فيقول: ألم آمرك بالشهادة؟».
( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠) وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً (٧١) )
عن ابن مسعود: «قلت: يا رسول الله أيّ الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندّا وهو خلقك. قلت: ثمّ أيّ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك. قلت: ثمّ أيّ؟ قال: إن تزاني حليلة جارك».
فصدّقه الله بذلك فقال:( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) لا يجعلون لله سبحانه شريكا، بل إنّما يوجّهون عبادتهم إليه وحده( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ ) أي: حرّمها، بمعنى حرّم قتلها( إِلَّا بِالْحَقِ ) متعلّق بهذا القتل المحذوف، أو بـ «لا يقتلون».( وَلا يَزْنُونَ ) .
نفى هذه المقبّحات العظام ـ الّتي هي أمّ المعاصي ـ عن الموصوفين بأصول الطاعات، الّتي هي الخلال العظيمة في الدين، إظهارا لكمال إيمانهم، وإشعارا بأنّ الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك، وتعريضا للكفرة بأضداده. ولذلك عقّبه بالوعيد تهديدا لهم، فقال:( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) أي: جزاء إثم، على حذف المضاف، بوزن الوبال والنكال ومعناهما. عن مجاهد وعكرمة: أنّ أثاما اسم واد في جهنّم.
( يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) بدل من «يلق» لأنّه في معناه. وقرأ أبو بكر بالرفع على الاستئناف أو الحال. وكذلك( وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ) ويدوم في العذاب مستحقّا به.
وقرأ ابن كثير ويعقوب: يضعّف بالتشديد والجزم. وابن عامر بالرفع فيهما مع التشديد.
وتضعيف العذاب لارتكابهم الشرك والمعاصي، فيعذّبون على الشرك وعلى
المعاصي، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه. وملخّص المعنى: أنّهم يستحقّون على كلّ معصية منها عقوبة، فيضاعف عليه العذاب.
( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة، أو بدونها تفضّلا، ويثبت مكانها الحسنات: الإيمان، والطاعة، والتقوى. أو يبدّل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة. وقيل: بأن يوفّقه لأضداد ما سلف منه. أو بأن يثبت له بدل كلّ عقاب ثوابا.
( وَكانَ اللهُ غَفُوراً ) ساترا لمعاصي عباده( رَحِيماً ) منعما عليهم بالرحمة والفضل، فلذلك يعفو عن السيّئات، ويثيب على الحسنات.
( وَمَنْ تابَ ) عن المعاصي، بأن يتركها ويندم عليها( وَعَمِلَ صالِحاً ) بأن يتلافى به ما فرط. أو خرج عن المعاصي، ودخل في الطاعة.( فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ ) يرجع إلى امتثال أمره بذلك( مَتاباً ) رجوعا مرضيّا عند الله، ماحيا للعقاب، محصّلا للثواب. أو فإنّه يرجع بالتوبة إلى ثواب الله مرجعا حسنا، وأيّ مرجع. وهذا تعميم بعد تخصيص.
( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (٧٢) وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤) )
ثمّ عاد سبحانه إلى وصف عباده المخلصين، فقال:( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) أي: لا يحضرون محاضر الكذب والفسق، ولا يقربونها تنزّها عن مخالطة الشرّ وأهله، وصيانة لدينهم عمّا يثلمه، لأنّ مشاهدة الباطل في حكم الشركة فيه. ولذلك قيل في
النظّارة إلى كلّ ما لم يسوّغه الشرع: هم شركاء فاعليه في الإثم، لأنّ حضورهم ونظرهم دليل الرضا به، وسبب الزيادة فيه، لأنّ استحسان النظّارة ورغبتهم في النظر إليه يبعث مزيّة رغبة الفاعل فيه. وفي مواعظ عيسى بن مريمعليهالسلام : «إيّاكم ومجالسة الخطّائين».
وروي عن الصادقينعليهماالسلام : «الزور هو الغناء».
وقيل: الشرك. وعن الزجّاج: الزور في اللغة الكذب، ولا كذب فوق الشرك بالله. وقيل: الزور أعياد أهل الذمّة. وقيل: المراد شهادة الزور، على حذف المضاف. وأصل الزور تمويه الباطل بما يوهم أنّه حقّ.
( وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ) بأهل اللغو والمشتغلين به. وهو ما يجب أن يلغى ويطرح.
( مَرُّوا كِراماً ) مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه، معرضين عنه. ومن ذلك: الإغضاء عن الفواحش، والصفح عن الذنوب، والكناية عمّا يستهجن التصريح به.
كما روي عن أبي جعفرعليهالسلام أنّ المعنى: إذا أرادوا ذكر الفرج كنّوا عنه. وأصل اللغو هو الفعل الّذي لا فائدة فيه.
( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ) بالوعظ أو القراءة( لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) لم يقعوا عليها غير واعين لها، ولا متبصّرين بما فيها، كمن لا يسمع ولا يبصر، بل أكبّوا عليها، حرصا على استماعها، وأقبلوا على المذكّر بها، وهم في إكبابهم عليها سامعون بآذان واعية، مبصرون بعيون راعية. فالمراد من النفي: نفي الحال دون الفعل، كما تقول: لا يلقاني زيد مسلّما، فإنّ المراد هو نفي السلام لا اللقاء. وقيل: الهاء للمعاصي المدلول عليها باللغو. عن الحسن: كم من قارئ يقرؤها فخرّ عليها أصمّ وأعمى.
( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) ما تقرّبه عيوننا بتوفيقك إيّاهم للطاعة وحيازة الفضائل والفواضل، فإنّ المؤمن إذا شاركه أهله في طاعة الله سرّ بهم قلبه، وقرّت بهم عينه، لـما يرى من مساعدتهم له في الدين، وتوقّع لحوقهم به في الجنّة.
و «من» ابتدائيّة، أي: هب لنا من جهتهم. أو بيانيّة، كقولك: رأيت منك أسدا، أي: أنت أسد. كأنّه قيل: هب لنا قرّة أعين، ثمّ بيّنت القرّة بقوله:( مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا ) .
وقرأ ابن عامر والحرميّان وحفص ويعقوب: وذرّيّاتنا، وهم الأزواج والأعقاب.
وتنكير الأعين لإرادة تنكير القرّة تعظيما، كأنّه قال: هب لنا منهم سرورا عظيما وفرحا كثيرا. وإنّما قال: أعين، دون عيون، لتقليلها، لأنّ المراد أعين المتّقين، وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم. قال الله تعالى:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (١) .
( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) أي: أئمّة يقتدون بنا في أمر الدين، بإفاضة العلم والتوفيق للعمل. وتوحيده للدلالة على الجنس، وعدم اللبس، كقوله:( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) (٢) . أو لأنّه مصدر في أصله. أو لأنّ المراد: واجعل كلّ واحد منّا. أو لأنّهم كنفس واحدة، لاتّحاد طريقتهم واتّفاق كلمتهم. وفيه تنبيه على استحباب طلب الرئاسة في الدين، والرغبة فيها. وقيل: جمع آمّ. كصائم وصيام. والمراد: قاصدين لهم، مقتدين بهم.
عن الصادقعليهالسلام في قوله:( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) : إيّانا عنى. وروي عنه أيضا أنّه قال: «هذه فينا».
( أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧) )
__________________
(١) سبأ: ١٣.
(٢) الحجّ: ٥.
ولـمّا وصف عبادة العباد، وعدّد صالحاتهم وحسناتهم، أثنى عليهم من أجلها، ووعدهم الترفّع من درجاتهم في الجنّة والخلود فيها، فقال:( أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ) أعلى مواضع الجنّة. وهي اسم جنس أريد به الجمع، كقوله تعالى:( وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ ) (١) . وقيل: هي من أسماء الجنّة.( بِما صَبَرُوا ) بصبرهم على المشاقّ من مضض(٢) الطاعات، ورفض الشهوات، وتحمّل المجاهدات، من أذى الكفّار، ومقاساة الفقر، وسائر مشاقّ الدين. وإطلاقه لأجل الشياع في كلّ مصبور عليه.
( وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً ) دعاء بالتعمير وبالسلامة، أي: يحيّيهم الملائكة ويسلّمون عليهم. أو يحيّي بعضهم بعضا ويسلّم. أو يعطون التبقية والتخليد مع السلامة عن كلّ آفة. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: ويلقون، من: لقي.
( خالِدِينَ فِيها ) لا يموتون فيها ولا يخرجون( حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً ) موضع استقرار وموضع إقامة. وهذا مقابل( ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ) معنى، ومثله إعرابا.
( قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي ) ما يصنع بكم. من: عبأت الجيش إذا هيّأته. أو لا يعتدّ بكم.( لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) لولا عبادتكم، فإنّ شرف الإنسان وكرامته بالمعرفة والطاعة، وإلّا فهو وسائر الحيوانات سواء. وقيل: معناه: ما يصنع بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة.
و «ما» إن جعلت استفهاميّة فمحلّها النصب على المصدر. كأنّه قيل: أيّ عبء يعبأ بكم لولا دعاؤكم؟ يعني: أنّكم لا تستأهلون شيئا من العبء بكم لولا عبادتكم. وفيه دلالة على أنّ من لا يعبد الله ولا يطيعه فلا وزن له عند الله.
وقيل: معناه: لولا دعاؤكم له إذا مسّكم ضرّ أو أصابكم سوء، رغبة إليه وخضوعا له.
__________________
(١) سبأ: ٣٧.
(٢) المضض: الألم والوجع.
روى العيّاشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفرعليهالسلام : «كثرة القراءة أفضل أم كثرة الدعاء؟ فقال: كثرة الدعاء أفضل. وقرأ هذه الآية».
( فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ) بما أخبرتكم به حيث خالفتموه. وقيل: فقد قصّرتم في العبادة. من قولهم: كذّب القتال إذا لم يبالغ فيه.( فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً ) يكون جزاء التكذيب لازما يحيق بكم لا محالة. أو العذاب لازما بكم حين تكبّون في النار. وإنّما أضمر اسم «كان» غير منطوق به، بعد ما علم أنّه ممّا توعّد به من غير ذكر، للتهويل، والتنبيه على أنّه ممّا لا يكتنهه الوصف. وقيل: المراد قتل يوم بدر، وأنّه لوزم بين القتلى لزاما.
فهرس الموضوعات
سورة الإسراء (١٧)
الآية: ١ ٥
الآية: ٢ ـ ٣ ٩
الآية: ٤ ـ ٨ ١١
الآية: ٩ ـ ١١ ١٤
الآية: ١٢ ١٥
الآية: ١٣ ـ ١٥ ١٦
الآية: ١٦ ١٨
الآية: ١٧ ١٩
الآية: ١٨ ـ ٢٢ ٢٠
الآية: ٢٣ ـ ٢٥ ٢٢
الآية: ٢٦ ـ ٢٨ ٢٦
الآية: ٢٩ ـ ٣١ ٢٨
الآية: ٣٢ ـ ٣٣ ٣٠
الآية: ٣٤ ـ ٣٥ ٣١
الآية: ٣٦ ٣٢
الآية: ٣٧ ـ ٣٩ ٣٤
الآية: ٤٠ ـ ٤١ ٣٦
الآية: ٤٢ ـ ٤٤ ٣٧
الآية: ٤٥ ـ ٤٧ ٣٩
الآية: ٤٨ ـ ٥٢ ٤١
الآية: ٥٣ ـ ٥٤ ٤٣
الآية: ٥٥ ـ ٥٧ ٤٥
الآية: ٥٨ ـ ٥٩ ٤٦
الآية: ٦٠ ٤٨
الآية: ٦١ ـ ٦٥ ٥١
الآية: ٦٦ ـ ٦٩ ٥٣
الآية: ٧٠ ـ ٧٢ ٥٥
الآية: ٧٣ ـ ٧٥ ٥٨
الآية: ٧٦ ـ ٧٧ ٦٠
الآية: ٧٨ ـ ٨١ ٦١
الآية: ٨٢ ـ ٨٤ ٦٥
الآية: ٨٥ ٦٦
الآية: ٨٦ ـ ٨٧ ٦٨
الآية: ٨٨ ـ ٨٩ ٦٩
الآية: ٩٠ ـ ٩٣ ٧٠
الآية: ٩٤ ـ ١٠٠ ٧٢
الآية: ١٠١ ـ ١٠٤ ٧٥
الآية: ١٠٥ ـ ١٠٩ ٧٧
الآية: ١١٠ ـ ١١١ ٧٩
سورة الكهف (١٨)
الآية: ١ ـ ٦ ٨٤
الآية: ٧ ـ ٩ ٨٦
الآية: ١٠ ـ ١٦ ٨٩
الآية: ١٧ ـ ٢١ ٩٢
الآية: ٢٢ ٩٧
الآية: ٢٣ ـ ٢٤ ٩٩
الآية: ٢٥ ـ ٢٦ ١٠٢
الآية: ٢٧ ١٠٣
الآية: ٢٨ ـ ٢٩ ١٠٤
الآية: ٣٠ ـ ٣١ ١٠٦
الآية: ٣٢ ـ ٤٤ ١٠٩
الآية: ٤٥ ـ ٤٦ ١١٥
الآية: ٤٧ ـ ٤٩ ١١٧
الآية: ٥٠ ـ ٥١ ١٢٠
الآية: ٥٢ ـ ٥٥ ١٢٢
الآية: ٥٦ ـ ٥٩ ١٢٤
الآية: ٦٠ ـ ٦٢ ١٢٦
الآية: ٦٣ ـ ٧٠ ١٣٠
الآية: ٧١ ـ ٧٣ ١٣٣
الآية: ٧٤ ـ ٧٦ ١٣٤
الآية: ٧٧ ـ ٨٢ ١٣٦
الآية: ٨٣ ـ ٩٨ ١٤٢
الآية: ٩٩ ـ ١٠٦ ١٥١
الآية: ١٠٧ ـ ١٠٨ ١٥٣
الآية: ١٠٩ ـ ١١٠ ١٥٤
سورة مريم (١٩)
الآية: ١ ـ ٦ ١٥٨
الآية: ٧ ـ ١٠ ١٦٢
الآية: ١١ ـ ١٥ ١٦٤
الآية: ١٦ ـ ٢١ ١٦٧
الآية: ٢٢ ـ ٣٤ ١٧١
الآية: ٣٥ ـ ٣٩ ١٧٧
الآية: ٤٠ ـ ٥٠ ١٨٠
الآية: ٥١ ـ ٥٣ ١٨٥
الآية: ٥٤ ـ ٥٥ ١٨٦
الآية: ٥٦ ـ ٥٧ ١٨٨
الآية: ٥٨ ـ ٦٢ ١٨٩
الآية: ٦٣ ـ ٦٥ ١٩٣
الآية: ٦٦ ـ ٧٢ ١٩٧
الآية: ٧٣ ٢٠٢
الآية: ٧٤ ٢٠٣
الآية: ٧٥ ٢٠٤
الآية: ٧٦ ٢٠٥
الآية: ٧٧ ـ ٨٢ ٢٠٦