زبدة التفاسير الجزء ٦

زبدة التفاسير9%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-08-6
الصفحات: 645

  • البداية
  • السابق
  • 645 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23786 / تحميل: 4612
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٨-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

رواياته صحاحهم ، فكيف تعتبر أخبارهم ، وتلحظ بعين الصحّة والثقة بها؟!

٢٩٠ ـ ( خ م د ت ق ) محمّد بن طلحة بن مصرّف اليامي الكوفي(١) :

قال ابن معين : ثلاثة يتّقى حديثهم : محمّد بن طلحة ، وفليح بن سليمان ، وأيّوب بن عتبة ؛ سمعت هذا من أبي كامل مظفّر بن مدرك.

وقال مظفّر : قال محمّد بن طلحة : أدركت أبي كالحلم ؛ وقد روى عن أبيه أحاديث صالحة!

يب : قال عفّان : كان يروي عن أبيه ، وأبوه قديم الموت ، وكان الناس كأنّهم يكذّبونه ، ولكن من يجترئ أن يقول له : أنت تكذب ؛ كانمن فضله وكان.

٢٩١ ـ ( د س ق ) محمّد بن عبد الله بن علاثة ، أبو اليسر الحرّاني القاضي(٢) :

قال الأزدي : حديثه يدلّ على كذبه.

وقال الدارقطني : متروك.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ١٩٤ رقم ٧٧٢١ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٣ رقم ٦٢٢٣.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٢٠٢ رقم ٧٧٥٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٥٤ رقم ٦٢٨٤.

٢٤١

وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات.

يب : قال الحاكم : يروي الموضوعات ؛ ذاهب الحديث.

٢٩٢ ـ ( د ق ) محمّد بن عبد الرحمن بن البيلماني(١) :

قال ابن حبّان : حدّث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتي حديث كلّها موضوعة.

يب : قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال الحاكم : روى عن أبيه [ عن ابن عمر ] المعضلات.

٢٩٣ ـ ( ع ) محمّد بن عبيد بن أبي أميّة الطنافسي ، أخو يعلى(٢) :

يب : قال أحمد : كان يظهر السنّة ، وكان يخطئ ولا يرجع عن خطئه(٣) .

وقال العجلي : كان عثمانيا.

وقال [ ابن سعد ] : كان صاحب سنّة!

أقول :

يستفاد من المقام وغيره أنّ صاحب السنّة هو العثمانيّ ، أي الناصب

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٢٢٤ رقم ٧٨٣٣ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٧٦ رقم ٦٣١٢.

(٢) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠٨ رقم ٦٣٦٢.

(٣) وورد مؤدّى الجملة الثانية في ترجمته من ميزان الاعتدال ٦ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ رقم ٧٩٢٣.

٢٤٢

العداوة لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

فهل من السنّة بغض أخي النبيّ ونفسه؟!

وهل من شرع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الثناء على مبغضي عليّ ، حتّى يمدحوا العثمانيّ بأنّه صاحب سنّة؟!

هذا ممّا تحير به العقول!!

٢٩٤ ـ ( ت ق )(١) محمّد بن عون الخراساني (٢) :

قال ( س ) : متروك(٣) .

وقال ابن معين : ليس بشيء(٤) .

يب : قال ( د ) : ليس بشيء.

وقال الدولابي والأزدي : متروك [ الحديث ].

٢٩٥ ـ ( ت د ق ) محمّد بن فضاء الأزدي ، أبو بحر البصري(٥) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

__________________

(١) كذا في الأصل ؛ ولعلّه سهو ، وفي المصدرين وتهذيب الكمال ١٧ / ١٢٨ رقم ٦١١٧ : ( ق ) ؛ وقال المزّي في ترجمته : « روى له ابن ماجة حديثا واحدا ».

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٢٨٦ رقم ٨٠٣٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦١ رقم ٦٤٥٦.

(٣) في تهذيب التهذيب : متروك الحديث.

(٤) لم يرد قول ابن معين هذا في ميزان الاعتدال ، وإنّما ورد في تهذيب التهذيب فقط.

(٥) ميزان الاعتدال ٦ / ٢٩٥ رقم ٨٠٦٠ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٧٦ رقم ٦٤٧٦.

٢٤٣

وقال ( خ ) : كان سليمان بن حرب يقول : كان يبيع الشراب.

يب : قال ( س ) : ليس بثقة.

٢٩٦ ـ ( ت ق ) محمّد بن الفضل بن عطيّة(١) :

قال أحمد : حديثه حديث أهل الكذب.

وقال ابن معين : لا يكتب حديثه.

يب : قال الفلّاس ومسلم و ( س ) وابن خراش والدارقطني :

متروك(٢) .

وقال صالح جزرة : يضع الحديث.

وقال ابن معين والفلّاس(٣) و ( س ) وابن خراش وابن أبي شيبة(٤) وإسحاق بن سليمان ويحيى بن الضريس والجوزجاني : كان كذّابا.

٢٩٧ ـ ( ت ) محمّد بن القاسم الأسدي(٥) :

كذّبه أحمد والدارقطني.

يب : قال ( د ) : غير ثقة ولا مأمون ، أحاديثه موضوعة.

وقال الأزدي : متروك.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٢٩٦ رقم ٨٠٦٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٧٧ رقم ٦٤٧٨.

(٢) هذا قول الدارقطني ، أمّا الأربعة الآخرون فقد قالوا : متروك الحديث.

(٣) وكذا جاء عنهما في ميزان الاعتدال أيضا.

(٤) وكذا جاء عنه في ميزان الاعتدال أيضا.

(٥) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٠١ رقم ٨٠٧٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٢ رقم ٦٤٨٢.

٢٤٤

٢٩٨ ـ ( د ت س ) محمّد بن كثير الصنعاني المصّيصي(١) :

ضعّفه أحمد جدّا.

وقال : حدّث بمناكير ليس لها أصل.

وقال يونس بن حبيب : قلت لابن المديني : إنّه حدّث عن الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر وعمر ، فقال : « هذان سيّدا كهول أهل الجنّة »(٢) الحديث

فقال عليّ : كنت أشتهي أن أرى هذا الشيخ ، فالآن لا أحبّ أن أراه!

يب : قال أحمد : لم يكن عندي ثقة ؛ قيل له : كيف سمعت من

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٣١١ رقم ٨١٠٦ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٩١ رقم ٦٥٠٣.

والمصّيصي ـ بكسر الميم ، وقيل بفتحها ، وصادين مهملتين الأولى مشدّدة مكسورة ، بينهما الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ـ : هي نسبة إلى بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام ، بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس.

انظر : الأنساب ـ للسمعاني ـ ٥ / ٣١٥ ، معجم البلدان ٥ / ١٦٩ رقم ١١٣١٥.

(٢) وهذا ثابت الوضع واضح البطلان ؛ وقد صنّف السيّد عليّ الحسيني الميلاني رسالة خاصّة في إثبات وضع هذا الحديث وبطلانه ، سندا ودلالة ، نشرت أوّلا في مجلّة « تراثنا » العدد ٢٧ ، السنة السابعة ، ١٤١٢ ه‍ ، ضمن مقال « أحاديث مقلوبة في مناقب الصحابة » ، ص ٣٦ ـ ١٠٤ ، فكانت هي الحديث الثالث منه ، وشغلت الصفحات ٥٠ ـ ٥٨.

ثمّ نشرها المؤلّف ثانية ، سنة ١٤١٣ ه‍ ، ضمن كتابه « الإمامة في أهمّ الكتب الكلامية » ، ص ٤٤٩ ـ ٤٥٨.

ثمّ نشرها ثالثة ، سنة ١٤١٨ ه‍ ، ضمن كتابه « الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة » ، فكانت هي الرسالة السابعة من بينها ، وشغلت الصفحات ١٩ ـ ٢٧ ؛ فراجع.

٢٤٥

معمر؟ قال : سمعت منه باليمن ، بعث بها إلى إنسان من اليمن.

٢٩٩ ـ ( ق ) محمّد بن محصن العكّاشي(١) :

قال الدارقطني : متروك ، يضع.

يب : قال ابن معين وأبو حاتم : كذّاب.

وقال ابن حبّان : يضع الحديث.

٣٠٠ ـ ( ع ) محمّد بن مسلم بن تدرس ، أبو الزبير المكّي(٢) :

قال سويد بن عبد العزيز : قال لي شعبة : تأخذ عنه وهو لا يحسن أن يصلّي؟!

وقال ورقاء : قلت لشعبة : ما لك تركت حديث أبي الزبير؟! قال :

[ رأيته ] يزن ويسترجح بالميزان.

يب : قال نعيم بن حمّاد : سمعت هشيما يقول : سمعت من أبي الزبير ، فأخذ شعبة كتابي فمزّقه(٣) .

ن : قال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، واحتجّ عليه

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٣١٩ رقم ٨١٢٦ وانظر : ج ٦ / ٦٣ رقم ٧٢٠٨ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٠٥ رقم ٦٥١٩.

والعكّاشي ـ بضمّ أوّله وتشديد ثانيه وشين معجمة ـ : نسبة إلى جدّه عكّاشة ابن محصن ؛ انظر : الأنساب ـ للسمعاني ـ ٤ / ٢٢٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٣٢ رقم ٨١٧٥ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤١٥ رقم ٦٥٤٣.

(٣) هذا القول ليس من مختصّات تهذيب التهذيب ، فقد ورد في ترجمته من ميزان الاعتدال أيضا ، فلاحظ.

٢٤٦

[ رجل ] بحديث [ عن ] أبي الزبير ، فغضب ، وقال : أبو الزبير يحتاج إلى دعامة!(١) .

وكان ابن حزم يردّ من حديثه ما يقول فيه : « عن جابر » ونحوه ؛ لأنّه عندهم ممّن يدلّس.

٣٠١ ـ ( د ت ق ) محمّد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي(٢) :

ن : مجهول.

يب : قال أبو حاتم والدارقطني : مجهول.

وقال أحمد : لا يعرف.

٣٠٢ ـ ( م ت ق ) محمّد بن يزيد بن محمّد بن كثير ، أبو هشام الرفاعي ، قاضي بغداد(٣) :

قال ( خ ) : رأيتهم مجمعين على ضعفه.

وقال ابن نمير : يسرق الحديث.

وقال أيضا : أضعفنا طلبا ، وأكثرنا غرائب.

يب : قال الحسين بن إدريس : سألت عثمان بن أبي شيبة عنه فقال :

يسرق حديث غيره فيرويه!

قلت : أعلى وجه التدليس أو الكذب؟

__________________

(١) وقد جاء قول الشافعي هذا في ترجمته من تهذيب التهذيب أيضا.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٦٩ رقم ٨٣٢٨ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٩٢ رقم ٦٦٥٦.

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٧٠ رقم ٨٣٣٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٩٤ رقم ٦٦٦٠.

٢٤٧

قال : كيف يكون تدليسا وهو يقول : « حدّثنا »؟!

٣٠٣ ـ ( ت ق ) محمّد بن يعلى السلمي ، أبو عليّ ، الملقّب ب‍ : زنبور(١) :

قال ( خ ) : ذاهب الحديث.

وقال أبو حاتم : متروك(٢) .

وقال ( س ) : ليس بثقة.

يب : قال العجلي : ترك الناس حديثه.

٣٠٤ ـ ( م د س ) مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشجّ ، أبو المسور(٣) :

يب : قال ابن معين : وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه.

وقال الساجي : يدلّس.

ن : قال ابن معين : ليس [ حديثه ] بشيء.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٧٣ رقم ٨٣٤٥ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٥٠٠ رقم ٦٦٧٠.

(٢) في تهذيب التهذيب : متروك الحديث.

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٨٦ رقم ٨٣٩٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٨٥ رقم ٦٧٩٤.

والشجّة : الجرح في الوجه والرأس خاصّة ، ولا يكون في غيرهما من الجسم ، ورجل أشجّ : إذا كان في جبينه أثر الشجّة.

انظر : الصحاح ١ / ٣٢٣ ، لسان العرب ٧ / ٣٢ ، تاج العروس ٣ / ٤١٠ ، مادّة « شجج ».

٢٤٨

وقال أحمد : لم يسمع من أبيه [ شيئا ](١) .

٣٠٥ ـ ( ق ) مروان بن سالم الغفاري الشامي الجزري ، مولى بني أميّة(٢) :

قال أحمد : ليس بثقة(٣) .

وقال الدارقطني : متروك [ الحديث ](٤) .

وقال أبو عروبة الحرّاني : يضع الحديث.

يب : قال ( س ) : متروك [ الحديث ](٥) .

وقال الساجي : كذّاب ، يضع الحديث.

وقال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.

٣٠٦ ـ ( خ ق ) مطّرح بن يزيد الأسدي ، أبو المهلّب(٦) :

ن : مجمع على ضعفه.

__________________

(١) أضفناه من تهذيب التهذيب ، إذ إنّ قول أحمد هذا ليس من مختصّات ميزان الاعتدال ؛ فلاحظ.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٣٩٧ رقم ٨٤٣١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١١٢ رقم ٦٨٤٠.

(٣) لم يرد قول أحمد هذا في ميزان الاعتدال.

(٤) لم يرد قول الدارقطني هذا في ميزان الاعتدال ، وما بين المعقوفتين من تهذيب التهذيب.

(٥) وقد ورد قول النسائي هذا في ميزان الاعتدال أيضا.

(٦) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٤١ رقم ٨٥٨٦ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٠٢ رقم ٦٩٧٥.

٢٤٩

وقال يحيى : ليس بثقة.

يب : قال يحيى والنسائي(١) : ليس بشيء.

٣٠٧ ـ ( د ت ق ) مظاهر بن أسلم(٢) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

يب : قال أبو عاصم النبيل : ليس بالبصرة حديث أنكر من حديثه.

وقال ( د ) : مجهول.

أقول :

فكيف روى عنه ( د ) وهو لا يروي إلّا عن ثقة ، كما ذكره في يب بترجمة داود بن أميّة؟!(٣) .

٣٠٨ ـ ( م ٤ ) معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ، قاضي الأندلس(٤) :

قال ابن معين : كان ابن مهدي إذا حدّث بحديثه زبره يحيى بن

__________________

(١) كان في الأصل : « أبو زرعة » وهو سهو ، وما أثبتناه من المصدر وتهذيب الكمال ١٨ / ١٤٠ رقم ٦٥٩١.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٥١ رقم ٨٦٠٨ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢١٦ رقم ٦٩٩٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٣ / ٣ رقم ١٨٣٩.

(٤) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٥٦ رقم ٨٦٣٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٤٤ رقم ٧٠٤٠.

٢٥٠

سعيد.

يب : قال أبو إسحاق الفزاري : ما كان بأهل أن يروى عنه.

وقال موسى بن سلمة : تركته ولم أكتب عنه.

٣٠٩ ـ ( ت ق ) معاوية بن يحيى ، أبو روح الصدفي الدمشقي(١) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

زاد في يب : هالك.

وفييب أيضا : قال الجوزجاني : ذاهب الحديث.

وقال ( س ) : ليس بشيء.

وقال أحمد : تركناه.

وقال ابن حبّان : كان يشتري الكتب ويحدّث بها ، ثمّ تغيّر حفظه ، فكان يحدّث بالوهم(٢) .

٣١٠ ـ ( ع ) معلّى بن منصور ، أبو يعلى(٣) :

ن : حكى ابن أبي حاتم عن أبيه : قيل لأحمد : كيف لم تكتب عنه؟!

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٦٠ رقم ٨٦٤١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٣ رقم ٧٠٥٠.

(٢) وقد جاء قول ابن حبّان في ميزان الاعتدال بهذا اللفظ : « كان يسرق الكتب ويحدّث بها ، ثمّ تغيّر حفظه » ؛ فلاحظ.

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٧٦ رقم ٨٦٨٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧٧ رقم ٧٠٨٤.

٢٥١

قال : يكذب(١) .

يب : نقل عبد الحقّ عن أحمد أنّه رماه بالكذب.

وقال ابن سعد : من أصحاب الحديث من لا يروي عنه.

٣١١ ـ ( ق ) معلّى بن هلال الطحّان(٢) :

قال ابن معين : هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث.

وقال أحمد : أحاديثه موضوعة.

وقال ابن المبارك لوكيع : عندنا شيخ يضع كما يضع المعلّى.

وذكر في يب جماعة تزيد على عشرة وصفوه بالكذب.

٣١٢ ـ ( ع ) المغيرة بن مقسم ، أبو هشام ، الفقيه الكوفي(٣) :

قال ابن فضيل : يدلّس.

يب : قال أحمد : حديثه مدخول ، عامّة ما روى عن إبراهيم إنّما سمعه من حمّاد ، ومن يزيد بن الوليد ، والحارث العكلي ، وعبيدة ، وغيرهم.

وقال العجلي : كان عثمانيا.

__________________

(١) وورد مؤدّاه في ترجمته من تهذيب التهذيب أيضا.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٧٨ رقم ٨٦٨٥ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧٩ رقم ٧٠٨٥.

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٤٩٦ رقم ٨٧٢٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٠٩ رقم ٧١٢٨.

٢٥٢

وقال إسماعيل القاضي : ليس بالقويّ فيمن لقي ، لأنّه يدلّس ، فكيف إذا أرسل؟!

وقال ابن حبّان : كان مدلّسا.

٣١٣ ـ ( م ٤ ) مقاتل بن حيّان النبطي ، أبو بسطام ، البلخي الخزّاز(١) :

كان أحمد لا يعبأ به.

ونقل الأزدي عن وكيع أنّه كذّبه.

٣١٤ ـ ( م ٤ ) مكحول الدمشقي الشامي(٢) :

ن : صاحب تدليس.

وقال ابن سعد : ضعّفه جماعة.

يب : قال ابن سعد : كان يقول بالقدر ، وكان ضعيفا في حديثه

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٠٣ رقم ٨٧٤٥ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣١٩ رقم ٧١٤٥.

وهكذا ضبط اللقب في الأصل بمعجمة وزاءين منقوطتين ، وهو موافق لما في تقريب التهذيب ٢ / ٦٠١ رقم ٧١٤٥.

أمّا في ميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب والأنساب ـ للسمعاني ـ ٢ / ٣٣٥ مادّة « الخرّاز » ، وتهذيب الكمال ١٨ / ٣٣٧ رقم ٦٧٥٤ ، وتذكرة الحفّاظ ١ / ١٧٤ رقم ١٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٦ / ٣٤٠ رقم ١٤٤ ، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه ١ / ٣٣٠ ، فقد ضبط هكذا : « الخرّاز » بخاء معجمة وراء مهملة وزاي معجمة ؛ فلاحظ.

(٢) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٠٩ رقم ٨٧٥٦ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٢ رقم ٧١٥٤.

٢٥٣

ورأيه.

٣١٥ ـ ( ت ق ) موسى بن عبيدة الربذي(١) :

قال أحمد : لا يكتب حديثه.

وقال ابن معين : ليس بشيء.

وقال يحيى بن سعيد : كنّا نتّقيه(٢) .

يب : قال أحمد مرّة : لا يشتغل به.

وأخرى : لا تحلّ الرواية عنه عندي.

٣١٦ ـ ( ت ق ) موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي(٣) :

قال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه.

وقال الدارقطني : متروك.

يب : قال ( د ) : لا يكتب حديثه.

٣١٧ ـ ( خ د ت ق ) موسى بن مسعود ، أبو حذيفة ، النهدي البصري(٤) :

قال الفلّاس : لا يحدّث عنه من يبصر(٥) الحديث.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٥١ رقم ٨٩٠٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ رقم ٧٢٧١.

(٢) في المصدرين : « كنّا نتّقي حديثه ».

(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٥٧ رقم ٨٩٢١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٣ رقم ٧٢٨٨.

(٤) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٦٢ رقم ٨٩٣٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٤ رقم ٧٢٩٢.

(٥) كان في الأصل : « ينصر » ؛ وما أثبتناه من المصدرين.

٢٥٤

يب : قال بندار : كتبت عنه كثيرا ثمّ تركته.

وقال أحمد : شبه لا شيء.

٣١٨ ـ ( ت ق ) ميمون بن موسى المرئي(١) :

قال أحمد : يدلّس.

يب : قال الفلّاس : يدلّس.

وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به.

* * *

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٧٧ رقم ٨٩٧٥ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٤٩ رقم ٧٣٣٢.

٢٥٥
٢٥٦

حرف النون

٣١٩ ـ ( ٤ ) نجيح بن عبد الرحمن السندي ، أبو معشر(١) :

كان يحيى بن سعيد يضحك إذا ذكره.

يب : قال ابن المديني : كان ضعيفا ضعيفا.

وقال ابن معين : ليس بشيء.

وقال نصر بن طريف : أكذب من في السماء و [ من في ] الأرض.

وقال أبو نعيم : روى الموضوعات ، لا شيء.

٣٢٠ ـ ( ق ) نصر بن حمّاد الورّاق(٢) :

قال ابن معين : كذّاب.

وقال مسلم : ذاهب الحديث.

وقال صالح جزرة : لا يكتب حديثه.

يب : قال أبو حاتم والأزدي : متروك [ الحديث ].

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٧ / ١٢ رقم ٩٠٢٤ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٨٢ رقم ٧٣٨٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٧ / ٢٠ رقم ٩٠٣٦ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٨٩ رقم ٧٣٨٩.

٢٥٧

٣٢١ ـ ( م ٤ ) النعمان بن راشد الجزري ، أبو إسحاق ، مولى بني أميّة(١) :

يب : قال ابن معين : ليس بشيء.

وضعّفه يحيى القطّان جدّا.

٣٢٢ ـ ( خ د ت ق ) نعيم بن حمّاد الخزاعي ، أبو عبد الله(٢) :

قال ( د ) : كان عنده نحو عشرين حديثا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أصل لها.

يب : قال الدولابي : قال ( س ) : ضعيف(٣) .

وقال غيره : [ كان ] يضع الحديث في تقوية السنّة.

وقال الأزدي : قالوا : يضع الحديث في تقوية السنّة(٤) .

وقال ابن معين : ليس [ في الحديث ] بشيء.

٣٢٣ ـ ( م س ت ق ) نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي(٥) :

قال أبو حاتم : قيل للثوري : لم لم تسمع منه؟! قال : كان يتناول عليّاعليه‌السلام .

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٨ / ٥١٨ رقم ٧٤٣٤.

(٢) ميزان الاعتدال ٨ / ٤١ رقم ٩١٠٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٥٢٦ رقم ٧٤٤٦.

(٣) وقد جاء قول النسائي هذا في ترجمته من ميزان الاعتدال أيضا.

(٤) وقد جاء قول الأزدي هذا في ترجمته من ميزان الاعتدال أيضا.

(٥) ميزان الاعتدال ٧ / ٤٥ رقم ٩١١٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٥٣٦ رقم ٧٤٥٨.

٢٥٨

ن : هو لون غريب ، كوفيّ ناصبيّ!

٣٢٤ ـ ( ت ق ) نفيع بن الحارث ، أبو داود الأعمى ، القاصّ الكوفي(١) :

قال ( س ) والدارقطني : متروك(٢) .

يب : قال ابن معين : ليس بشيء(٣) ، يضع.

وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.

وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة.

وقال الدولابي : متروك.

٣٢٥ ـ ( د ت ق ) النهّاس بن قهم القيسي ، أبو الخطّاب البصري(٤) :

تركه يحيى القطّان.

يب : قال ابن معين مرّة : ليس بشيء.

وقال ابن عديّ : لا يساوي شيئا.

* * *

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٧ / ٤٦ رقم ٩١٢٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٥٣٨ رقم ٧٤٦١.

(٢) هذا قول النسائي في « ميزان الاعتدال » والدارقطني في « تهذيب التهذيب » ؛ أمّا قول النسائي في « تهذيب التهذيب » والدارقطني في « ميزان الاعتدال » فهو : متروك الحديث.

(٣) وجاء عنه مثله في ميزان الاعتدال أيضا.

(٤) ميزان الاعتدال ٧ / ٤٩ رقم ٩١٣١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٥٤٨ رقم ٧٤٧٧.

٢٥٩
٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (٣٤) فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥) )

( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ) أي: رجعوا عن الإيمان إلى ما كانوا عليه من الكفر( مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) بالدلائل الواضحة، والمعجزات الظاهرة. وهم المنافقون.

وعن ابن عبّاس والسدّي والضحّاك: كانوا يؤمنون عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ يظهرون الكفر فيما بينهم، فتلك ردّة منهم.

وعن قتادة: هم كفّار أهل الكتاب كفروا بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد عرفوه ووجدوا

٣٦١

نعته مكتوبا عندهم.

وليس في هذا دلالة على أنّ المؤمن قد يكفر، لأنّه لا يمتنع أن يكون المراد من رجع في باطنه عن الإيمان بعد أنّ أظهره وقامت الحجّة عنده بصحّته.

( الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ ) سهّل لهم اقتراف الكبائر وركوب العظائم. من السول، وهو الاسترخاء. وقيل: حملهم على الشهوات. من السول، وهو التمنّي. وفيه: إن السول مهموز، قلبت همزته واوا لضمّ ما قبلها. ويمكن ردّه بقولهم: هما يتساولان.( وَأَمْلى لَهُمْ ) ومدّ لهم في الآمال والأماني.

وقرأ أبو عمرو: املي لهم، على البناء للمفعول. وهو ضمير الشيطان أولهم، أي: أمهلوا ومدّ في عمرهم. وقرأ يعقوب: املي لهم. والمعنى: أنّ الشيطان يغويهم وأنا أملي لهم وأنظرهم وأمهلهم، ولم أعاجلهم بالعقوبة. فتكون الواو للحال، أو الاستئناف.

ثمّ بيّن سبحانه سبب استيلاء الشيطان عليهم، فقال:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) أي: قال اليهود الّذين كفروا بالنبيّ بعد ما تبيّن لهم نعته في التوراة للمنافقين. أو المنافقون لقريظة والنضير، حيث قالوا لهم: لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم. أو أحد الفريقين للمشركين. والمرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام أنّهم بنو اميّة، كرهوا ما نزّل الله في ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) في بعض الأمر الّذي يهمّكم. وهو التكذيب برسول الله، أو بلا إله إلّا الله. أو في بعض ما تأمرون به، كالقعود عن الجهاد، والموافقة في الخروج معهم، والتظافر على عداوة الرسول.( وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ) ما أسرّه بعضهم إلى بعض من القول، وما أسرّوه في أنفسهم من الاعتقاد.

( فَكَيْفَ ) يعملون وما حيلتهم( إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ ) إذا قبضت الملائكة أرواحهم( يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ ) تصوير لتوفّيهم بما يخافون منه

٣٦٢

ويجتنبون عن القتال له. وعن ابن عبّاس: لا يتوفّى أحد على معصية الله إلّا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره.

( ذلِكَ ) إشارة إلى التوفّي الموصوف( بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ ) من الكفر، وكتمان نعت الرسول، وعصيان الأمر( وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ ) ما يرضاه، من الإيمان برسول الله، والجهاد، وغيرهما من الطاعات( فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) ولم يتقبّل لذلك.

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ ) لن يظهر الله لرسوله والمؤمنين( أَضْغانَهُمْ ) أحقادهم على المؤمنين، ولا يبدي خفاياهم للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

( وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ ) لعرّفناكهم بدلائل حتّى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك( فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ ) بعلاماتهم الّتي يسمهم الله بها.

وعن أنس: ما خفي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين، بل كان يعرفهم بسيماهم. ولقد كنّا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة، وأصبحوا وعلى جبهة كلّ واحد منهم مكتوب: هذا منافق.

واللام لام جواب «لو» كرّرت في المعطوف.

( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) جواب قسم محذوف. ولحن القول: أسلوبه. وعن ابن عبّاس: هو قولهم: ما لنا إن أطعنا من الثواب، ولا يقولون: ما علينا إن عصينا من العقاب.

وقيل: اللحن أن تلحن بكلامك، أي: تميله إلى نحو من الأنحاء ليفطن له صاحبك. ومنه قيل للمخطئ: لاحن، لأنّه يعدل بالكلام عن الصواب.

وعن أبي سعيد الخدري قال: لحن القول بغضهم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

قال: وكنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ببغضهم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٣٦٣

وروي مثل ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعن عبادة بن الصامت قال: كنّا نبور(١) أولادنا بحبّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإذا رأينا أحدهم لا يحبّه علمنا أنّه لغير رشدة(٢) .

( وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ ) فيجازيكم على حسب قصدكم، إذا الأعمال بالنيّات.

( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ) ونعاملكم معاملة المختبر، بالأمر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقّة( حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ ) حتّى نميّزهم عن غيرهم( وَالصَّابِرِينَ ) على مشاقّ المجاهدة عن غيرهم. أو حتّى نعلم جهادكم موجودا، لأنّ الغرض أن تفعلوا الجهاد فنثيبكم على ذلك. أو يعلم أولياؤنا. والإضافة إلى ذاته تعظيما لهم.

( وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ) فنختبر ما يخبر به عن أعمالكم، فيظهر به حسنها وقبحها، لأنّ الخبر على حسب المخبر عنه، إن حسنا فحسن، وإن قبيحا فقبيح. أو أخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم المؤمنين في صدقها وكذبها.

وقرأ أبو بكر الأفعال الثلاثة بالياء لتوافق ما قبلها. وعن يعقوب: ونبلو بسكون الواو، على تقدير: ونحن نبلو.

وعن الفضيل: أنّه كان إذا قرأها بكى، وقال: أللّهمّ لا تبلنا، فإنّك إن تبلونا فضحتنا، وهتكت أستارنا، وعذّبتنا.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) امتنعوا عن اتّباع دين الله، ومنعوا غيرهم عن اتّباعه بالقهر والإغواء( وَشَاقُّوا الرَّسُولَ ) عاندوه وعادوه( مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى ) من بعد ما ظهر لهم أن محمدا رسول الله. وهم قريظة والنضير، أو المطعمون يوم بدر.( لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً ) بكفرهم وصدّهم. أو لن يضرّوا رسول الله بمشاقّته. وحذف المضاف لتعظيمه، وتفظيع مشاقّته.( وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ )

__________________

(١) بار الرجل يبوره: جرّبه واختبره.

(٢) الرشدة والرشدة: ضدّ الزنية. يقال: ولد لرشدة، أي: شرعيّ وليس من زنا.

٣٦٤

وسيبطل ثواب حسنات أعمالهم الّتي عملوها في دينهم يرجون بها الثواب، لكفرهم برسول الله. أو مكايدهم الّتي نصبوها في مشاقّته، فلا يصلون بها إلى مقاصدهم، ولا تثمر لهم إلّا القتل والجلاء عن أوطانهم.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ ) بتوحيده( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) بتصديقه( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) بما أبطل به هؤلاء، كالكفر والنفاق والشكّ والعجب والرياء والمنّ والأذى ونحوها. وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر، كما قال أبو حنيفة.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ) أي: أصرّوا على الكفر حتّى ماتوا على كفرهم( فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) أبدا، لأنّ «لن» للتأبيد. وهذا عامّ في كلّ من مات على كفره، وإن صحّ نزوله في قتلى القليب، وهو بئر في بدر.

( فَلا تَهِنُوا ) فلا تضعفوا، ولا تذلّوا للعدوّ( وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) ولا تدعوا إلى السلم تذلّلا وضعفا. ويجوز نصبه بإضمار «أن». وقرأ أبو بكر وحمزة بكسر السين.( وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) الأغلبون. ونحوه قوله تعالى:( إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ) (١) .

( وَاللهُ مَعَكُمْ ) بالنصرة على عدوّكم( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ ) ولن يضيع أعمالكم، بل يثيبكم عليها. من: وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا، من ولد وأخ أو حميم.

وحقيقته: أفردته من قريبه أو ماله. من الوتر، وهو الفرد. فشبّه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر. وهو من فصيح الكلام. ومنه قولهعليه‌السلام : «من فاتته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله»، أي: أفرد عنهما قتلا ونهبا.

( إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ

__________________

(١) طه: ٦٨.

٣٦٥

(٣٧) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (٣٨) )

ثمّ حضّ سبحانه على طلب الآخرة بقوله:( إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ) لا ثبات لها( وَإِنْ تُؤْمِنُوا ) بالله( وَتَتَّقُوا ) معاصيه( يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ) ثواب إيمانكم وتقواكم( وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ ) جميع أموالكم، بل يقتصر على جزء يسير ـ كربع العشر والعشر ـ في الزكاة الواجبة في بعض أموالكم.

( إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ ) فيجهدكم بطلب الكلّ. والإحفاء المبالغة وبلوغ الغاية. يقال: إحفاء في المسألة إذا لم يترك شيئا من الإلحاح. وأحفى شاربه إذا استأصله.( تَبْخَلُوا ) فلا تعطوا( وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ ) ويظهر بغضكم وعداوتكم، فتضطغنوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والضمير في «يخرج» لله تعالى، أو البخل، لأنّه سبب الاضطغان.

( ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ ) أي: أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون. ثمّ استأنف وصفهم. كأنّهم قالوا: وما وصفنا؟ فقيل:( تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) ويجوز أن يكون صلة لـ «هؤلاء»، على أنّه بمعنى: الّذين. وهو يعمّ نفقة الغزو والزكاة وغيرهما.( فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ) ناس يبخلون به. ثمّ قال:( وَمَنْ يَبْخَلْ ) بالصدقة وأداء الفريضة( فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) فلا يتعدّاه ضرر بخله، بل إنّما هو راجع إلى نفسه، لأنّه يحرّمها مثوبة جسيمة، ويلزمها عقوبة عظيمة. يقال: بخلت عليه وعنه.

وكذلك: ضننت عليه وعنه. وفيه إشارة إلى أنّ معطي المال أحوج إليه من الفقير الآخذ.

٣٦٦

ثمّ أخبر أنّه لا يأمر بذلك ولا يدعو إليه لحاجته إليه، فقال:( وَاللهُ الْغَنِيُ ) الّذي تستحيل عليه الحاجات( وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ ) إلى ما عند الله من الخير. فما يأمركم به فهو لاحتياجكم وفقركم إلى الثواب. فإن امتثلتم فلكم، وإن تولّيتم فعليكم.

( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا ) وإن تعرضوا عن طاعته. وهو عطف على( وَإِنْ تُؤْمِنُوا ) .( يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) يخلق قوما سواكم على خلاف صفتكم فيقوموا مكانكم، كقوله:( وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) (١) .( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ) في التولّي عن الإيمان، والزهد في التقوى. وهم الفرس، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عنه، وكان سلمان إلى جنبه، فضرب فخذه وقال: «هذا وقومه. والّذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريّا لتناوله رجال من فارس». أو الأنصار، أو الملائكة.

وروى أبو بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «إن تتولّوا يا معشر العرب يستبدل قوما غيركم». يعني: الموالي.

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «قد والله أبدل بهم خيرا منهم». يعني: الموالي.

__________________

(١) إبراهيم: ١٩

٣٦٧
٣٦٨

(٤٨)

سورة الفتح

مدنيّة. وهي تسع وعشرون آية.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «من قرأها فكأنّما شهد مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتح مكّة».

وفي رواية اخرى: «فكأنّما كان مع من بايع محمّدا تحت الشجرة».

وأورد البخاري في الصحيح عن عمر بن الخطّاب قال: «كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فقال: نزلت عليّ البارحة سورة عظيمة هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها:( إِنَّا فَتَحْنا ) ـ إلى قوله ـ( وَما تَأَخَّرَ ) »(١) .

وعن قتادة عن أنس قال: « لـمّا رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة إذ أنزل اللهعزوجل :( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا كلّها».

عن عبد الله بن مسعود قال: «أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحديبية فجعلت ناقته تثقل، فتقدّمنا فأنزل عليه( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) ، فأدركنا رسول الله وبه من السرور ما شاء الله، فأخبر أنّها أنزلت عليه».

عبد الله بن بكير، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «حصّنوا أموالكم ونساءكم وما ملكت أيمانكم من التلف بقراءة( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) ، فإنّه إذا كان ممّن يدمن قراءتها ناداه مناد يوم القيامة حتّى يسمع الخلائق: أنت من عبادي المخلصين، ألحقوه بالصالحين من عبادي، فأسكنوه جنّات النعيم، واسقوه الرحيق المختوم بمزاج الكافور».

__________________

(١) صحيح البخاري ٦: ١٦٨ ـ ١٦٩.

٣٦٩

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً (٣) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧) )

ولـمّا ختم الله سبحانه سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله:( وَاللهُ الْغَنِيُ ) ، افتتح هذه السورة بأنّه فتح لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما احتاج إليه في دينه ودنياه، ليشعر على غناه المطلق، وكمال جبروته وغالبيّته، وافتقار العباد إليه، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) وعد بفتح مكّة. والتعبير عنه بالماضي لتحقّقه وتيقّنه بمنزلة الكائنة الموجودة. وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علوّ شأن المخبر ما لا يخفى.

٣٧٠

وقيل: هذا إخبار عن صلح الحديبية. وإنّما سمّاه فتحا، لأنّه كان بعد ظهوره على المشركين حتّى سألوا الصلح، وتسبّب لفتح مكّة، وأدخل في الإسلام خلقا عظيما. وظهر له في الحديبية آية عظيمة، وهي أنّه نزح ماؤها حتّى لم يبق فيها قطرة. فتمضمض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ مجّه فيها، فدرّت بالماء حتّى شرب جميع من كان معه. وقيل: فجاش الماء حتّى امتلأت، ولم ينفد ماؤها بعد.

وعن عروة ـ وقد ذكر خروج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام الحديبية ـ قال: وخرجت قريش من مكّة، فسبقوه إلى بلدح(١) وإلى الماء، فنزلوا عليه. فلمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قد سبق نزل على الحديبية، وذلك في حرّ شديد ليس فيها إلّا بئر واحدة، فأشفق القوم من الظمأ، والقوم كثير، فنزل فيها رجال يمتحنوها. ودعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدلو من ماء، فتوضّأ من الدلو، ومضمض فاه ثمّ مجّ فيه، وأمر أن يصبّ في البئر. ونزع سهما من كنانته وألقاه في البئر، فدعا الله تعالى ففارت بالماء، حتّى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفتها.

وروى سالم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر: كم كنتم يوم الشجرة؟ قال: كنّا ألفا وخمسمائة. وذكر عطشا أصابهم. قال: فأتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء في تور(٢) ، فوضع يده فيه، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنّه العيون، فشربنا ووسعنا وكفانا.

وعن موسى بن عقبة: أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحديبية راجعا، فقال رجل من أصحابه: «ما هذا بفتح، لقد صدّونا عن البيت، وصدّ هدينا. فبلغ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: «بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتوح، وقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح(٣) ، ويسألوكم القضيّة ـ أي: رجوعكم عنهم ـ ويرغبوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا».

__________________

(١) بلدح: واد قبل مكّة من جهة المغرب.

(٢) التّور: إناء يشرب فيه.

(٣) الراح: الخمر. والراح جمع راحة، وهي: الكفّ. والراح: الارتياح والنشاط. ولعلّ الظاهر هنا المعنى الثالث.

٣٧١

وعن الشعبي: نزلت هذه السورة بالحديبية، وأصاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة. أصاب: أن بويع بيعة الرضوان، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهدي محلّه بعد الصلح، وأطعموا نخل خيبر.

وعن جابر: ما كنّا نعلم فتح مكّة إلّا يوم الحديبية.

وقيل: المراد فتح خيبر. وقيل: فتح الروم. وقيل: الفتح القضاء، من الفتاحة، وهي الحكومة، أي: قضينا لك أن تدخل مكّة من قابل.

( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ) علّة للفتح من حيث إنّه مسبّب عن جهاد الكفّار، والسعي في إزالة الشرك، وإعلاء الدين، وتكميل النفوس الناقصة قهرا، ليصير ذلك التكميل بالتدريج اختيارا، وتخليص الضعفة عن أيدى الظلمة( ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) . قد قيل فيه أقوال، كلّها غير موافق لـما يذهب إليه أصحابنا أنّ الأنبياء معصومون من الذنوب كلّها، صغيرها وكبيرها، قبل النبوّة وبعدها.

فمنها: أنّهم قالوا: معناه: ما تقدّم من معاصيك قبل النبوّة، وما تأخّر عنها.

ومنها: قولهم: ما تقدّم الفتح، وما تأخّر عنه.

ومنها: قولهم: ما وقع وما لم يقع، على الوعد بأنّه يغفر له إذا وقع.

ومنها: قولهم ما تقدّم من ذنب أبويك آدم وحوّاء ببركتك، وما تأخّر من ذنوب أمّتك بدعوتك.

والكلام في ذنب آدم كالكلام في ذنب نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن حمل ذلك على الصغائر الّتي تقع محبطة عندهم، فالّذي يبطل قولهم أنّ الصغائر إذا سقط عقابها وقعت مكفّرة، فكيف يجوز أن يمنّ الله سبحانه على نبيّه بأن يغفرها له؟ وإنّما يصحّ الامتنان والتفضّل منه سبحانه بما يكون له المؤاخذة به، لا بما لو عاقب به لكان ظالما عندهم. فوضح فساد قولهم.

ولأصحابنا فيه وجهان من التأويل: أحدهما: أنّ المراد: ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنب أمّتك وما تأخّر بشفاعتك. وأراد بذكر التقدّم والتأخّر ما تقدّم زمانه وما تأخّر، كما يقول القائل لغيره: صفحت عن السالف والآنف من ذنوبك. وحسنت إضافة ذنوب أمّته إليه، للاتّصال والسبب بينه وبين أمّته.

ويؤيّد هذا الجواب ما رواه المفضّل بن عمر عن الصادقعليه‌السلام قال: «سأله

٣٧٢

رجل عن هذه الآية، فقال: والله ما كان له ذنب، ولكنّ الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ما تقدّم من ذنبهم وما تأخّر».

وروى عمر بن يزيد قال: «قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول الله سبحانه:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) . قال: ما كان له ذنب ولا همّ بذنب، ولكنّ الله حمّله ذنوب شيعته ثمّ غفرها له».

والثاني: ما ذكره المرتضى قدّس سّره: أنّ الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معا، فيكون هنا مضافا إلى المفعول. والمراد: ما تقدّم من ذنبهم إليك في منعهم إيّاك عن مكّة، وصدّهم لك عن المسجد الحرام. ويكون معنى المغفرة على هذا التأويل: الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين عليه، أي: يزيل الله تعالى ذلك عنك، ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح الله لك من مكّة، فستدخلها فيما بعد. ولذلك جعله جزاء على جهاده، وغرضا في الفتح، ووجها له.

قال: ولو أنّه أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله:( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ) معنى معقول، لأنّ المغفرة للذنوب لا تعلّق لها بالفتح، فلا يكون غرضا فيه.

وأمّا قوله: «ما تقدم وما تأخر» فلا يمتنع أن يريد به ما تقدّم زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك.

وقيل أيضا في ذلك وجوه أخر :

منها: أنّ معناه: لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك.

ومنها: أنّ المراد بالذنب هنا ترك المندوب. وحسن ذلك لأنّ من المعلوم أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّن لا يخالف الأوامر الواجبة، فجاز أن يسمّى ذنبا منه ما لو وقع من غيره لم يسمّ ذنبا، لعلوّ قدره ورفعة شأنه.

ومنها: أنّ القول خرج مخرج التعظيم وحسن الخطاب، كما قيل في قوله :

٣٧٣

( عَفَا اللهُ عَنْكَ ) (١) .

وهذا ضعيف، لأنّ العادة جرت في مثل هذا أن يكون على لفظ الدعاء.

( وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) بإعلاء دينك على سائر الأديان، وبقاء شرعك، وضمّ الملك إلى النبوّة. وقيل بفتح خيبر ومكّة والطائف.( وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ) في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرئاسة. أو تثبيتك على صراط يؤدّي بسالكه إلى الجنّة.

( وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً ) أي: نصرا فيه عزّ ومنعة. أو يعزّ به المنصور.

فهو وصف بصفة المنصور مبالغة إسنادا مجازيّا. أو عزيزا صاحبه. وقد فعل ذلك بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ صيّر دينه أعزّ الأديان، وسلطانه أعظم السلطان.

( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ ) هي اسم السكون، كالبهيتة للبهتان، أي: أنزل الثبات والطمأنينة( فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) أي: يفعل بهم اللطف الّذي يحصل لهم عنده، من البصيرة بالحقّ ما تسكن إليه نفوسهم. وذلك بكثرة ما ينصب لهم من الأدلّة الهادية إليه، ومن جملتها ها هنا أن يقع الصلح بينهم وبين المعاندين، ويأمنوا منهم لذلك، بعد أن قلقت نفوسهم، ودحضت أقدامهم، لفرط الدهشة والخوف، ويروا من الفتوح وعلوّ كلمة الإسلام على وفق ما وعدوا.

( لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ ) يقينا مع يقينهم، بمزيّة رسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها، لمشاهدتهم وعرفانهم. أو أنزل فيها السكون إلى ما جاء به الرسول من الشرائع، ليزدادوا بها إيمانا مقرونا إلى إيمانهم بالله واليوم الآخر.

وعن ابن عبّاس: إنّ أوّل ما أتاهم به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التوحيد، فلمّا آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة، ثمّ الحجّ، ثمّ الجهاد، فازدادوا إيمانا إلى إيمانهم.

أو أنزل فيها الوقار والعظمة لله ولرسوله، ليزدادوا باعتقاد ذلك إيمانا إلى

__________________

(١) التوبة: ٤٣.

٣٧٤

إيمانهم. يعني: يزدادوا معارف على المعرفة الحاصلة عندهم.

وقيل: أنزل فيها الرحمة ليتراحموا، فيزدادوا إيمانهم.

( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) يدبّر أمرها، فيسلّط بعضها على بعض تارة، ويوقع فيما بينهم السّلم اخرى، كما تقتضيه حكمته.

وقيل: معناه: أنّ الله تعالى لو شاء لأعانكم بجنوده الّذين هم الملائكة والجنّ والإنس.

وفيه بيان أنّه لو شاء لأهلك المشركين، لكنّه عالم بهم وبما يخرج من أصلابهم، فأمهلهم لعلمه وحكمته، ولم يأمر بالقتال عن عجز واحتياج، ولكن ليعرض المجاهدين لجزيل الثواب.

( وَكانَ اللهُ عَلِيماً ) بالمصالح( حَكِيماً ) فيما يقدّر ويدبّر، فدبّر ما دبّر من تسليط المؤمنين.

( لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ) فهذا مع ما بعده علّة لـما دلّ عليه قوله:( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) من معنى التدبير. فكأنّه قال: سلّط المؤمنين على الكافرين ليعرفوا نعمة الله فيه ويشكروها، فيدخل المؤمنين الجنّة، ويعذّب الكفّار والمنافقين لـما غاضهم من ذلك. وقيل: علّة لقوله: فتحنا، أو أنزل، أو جميع ذلك، أو ليزدادوا. وقيل: إنّه بدل منه بدل الاشتمال.

( وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) يغطّيها ولا يظهرها. والمعنى: لم يعذّبهم بها.

( وَكانَ ذلِكَ ) أي: الإدخال والتكفير( عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً ) لأنّه منتهى ما يطلب من جلب نفع أو دفع ضرر. و «عند» حال من الفوز.

( وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ ) عطف على «يدخل»، إلّا إذا جعلته بدلا، فيكون عطفا على المبدل منه، لا البدل، لفساد المعنى

٣٧٥

( الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ ) ظنّ الأمر السوء، وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين( عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ ) ما يظنّونه ويتربّصونه بالمؤمنين، من الذلّ والهلاك وغنيمة الأموال.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: دائرة السّوء. وهما لغتان، غير أنّ المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمّه، ولذلك أضيف الظنّ إليه، لكونه مذموما. والمضموم جرى مجرى الشرّ، وهو مطلق المكروه والشدّة. وكلاهما في الأصل مصدر، من: ساء، كالكرة والكره، والضعف والضعف.

( وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ) عطف لـما استحقّوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا. والواو في الأخيرين، والموضع موضع الفاء ـ إذ اللعن سبب للإعداد، والغضب سبب له ـ لاستقلال الكلّ في الوعيد بلا اعتبار السببيّة.( وَساءَتْ مَصِيراً ) جهنّم.

( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً ) في قهره وانتقامه من أعدائه( حَكِيماً ) في فعله وقضائه. كرّره للتأكيد. أو الأوّل متّصل بذكر المؤمنين، أي: فله الجنود الّتي يقدر أن يعينكم بها. والثاني متّصل بذكر الكافرين، أي: فله الجنود الّتي يقدر على الانتقام منهم بها.

( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠) )

٣٧٦

( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً ) تشهد على ما عملت أمّتك، كقوله:( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (١) .( وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) على الطاعة والمعصية.

( لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ) الخطاب للنبيّ والأمّة( وَتُعَزِّرُوهُ ) وتقوّوه بتقوية دينه ورسوله( وَتُوَقِّرُوهُ ) وتعظّموه( وَتُسَبِّحُوهُ ) وتنزّهوه، أو تصلّوا له( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) غدوة وعشيّا، أو دائما. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الأفعال الأربعة بالياء، والضمير للناس.

وفي الآية دلالة على بطلان مذهب أهل الجبر أنّ الله يريد من الكفّار الكفر، لأنّه صرّح هنا أنّه يريد من جميع المكلّفين الإيمان والطاعة.

( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ ) لأنّه المقصود ببيعته( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) حال، أو استئناف مؤكّد له على سبيل التخييل. يريد أنّ يد رسول الله الّتي تعلو أيدي المبايعين في حكم يد الله في هذه البيعة. ولـمّا كان الله تعالى منزّها عن الجوارح وعن سائر صفات الأجسام، فالغرض تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما، كقوله:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (٢) .

وقيل: معناه: قوّة الله في نصرة نبيّه فوق نصرتهم إيّاه، أي: ثق بنصرة الله لك، لا بنصرتهم وإن بايعوك.

وقيل: نعمة الله عليهم بنبيّه فوق أيديهم بالطاعة والمبايعة.

( فَمَنْ نَكَثَ ) نقض العهد( فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) فلا يعود ضرر نكثه إلّا عليه( وَمَنْ أَوْفى ) ومن ثبت على الوفاء( بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ ) أي: أوفى بمبايعته.

يقال: وفيت بالعهد وأوفيت به. وهي لغة تهامة. ومنها:( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ ) (٤) .( فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) هو الجنّة.

__________________

(١) البقرة: ١٤٣.

(٢) النساء: ٨٠.

(٣) المائدة: ١.

(٤) البقرة: ١٧٧.

٣٧٧

وقرأ حفص: عليه بضمّ الهاء. وابن كثير ونافع وابن عامر وروح: فسنؤتيه بالنون.

والآية نزلت في بيعة الحديبية. وهي بيعة الرضوان. سمّيت بها لأنّهم باعوا أنفسهم بالجنّة، بسبب اتّفاقهم على محاربة أعداء الله ونصرة دينه، ورضي لهم تلك البيعة.

قال جابر بن عبد الله: بايعنا رسول الله تحت الشجرة على الموت، وعلى أن لا نفرّ، فما نكث أحد منّا البيعة إلّا جد بن قيس، وكان منافقا اختبأ تحت إبط بعيره، ولم يسر مع القوم.

( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) )

روي: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد المسير إلى مكّة عام الحديبية معتمرا، وكان في ذي القعدة من سنة ستّ من الهجرة، استنفر من حول المدينة من أسلم وجهينة ومزينة وأشجع وغفار، ليخرجوا معه، حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو

٣٧٨

يصدّوه عن البيت، وأحرم هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وساق معه الهدي، ليعلم أنّه لا يريد حربا. فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا: يذهب محمّد إلى قوم قد غزوه في عقر داره ـ أي: أصلها ـ بالمدينة وقتلوا أصحابه، فيقاتلهم. وظنّوا أنّه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة. واعتلّوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم، وأنّه ليس لهم من يقوم بأشغالهم. فأخبر الله عن تخلّفهم قبل وقوع ذلك، فقال :

( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا ) عن الخروج معك، إذ لم يكن لنا من يقوم بأشغالنا. والأهلون جمع أهل. ويقال: أهلات على تقدير تاء التأنيث، فإنّه قد جاء أهلة، كأرض وأرضين وأرضة وأرضات. وأمّا أهال فاسم جمع.( فَاسْتَغْفِرْ لَنا ) من الله على التخلّف.

فكذّبهم الله في الاعتذار والاستغفار بقوله:( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) أي: الّذي خلّفهم ليس بما يقولون، وإنّما هو الشكّ في الله والنفاق. وطلبهم الاستغفار أيضا ليس بصادر عن حقيقة.

( قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً ) فمن يمنعكم من مشيئته وقضائه( إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا ) ما يضرّكم، كقتل أو هزيمة أو خلل في المال والأهل، عقوبة على التخلّف. وقرأ حمزة والكسائي بالضمّ.( أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً ) ما يضادّ ذلك من ظفر وغنيمة. وهذا تعريض بردّ قولهم.( بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) فيعلم تخلّفكم وقصدكم فيه.

( بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً ) لا يرجعون إلى من خلّفوا بالمدينة من الأهل والمال، لظنّكم أن المشركين يستأصلونهم( وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ ) أي: زيّن الشيطان ذلك الظنّ المتمكّن في قلوبكم( وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) الظنّ المذكور، وهو التسجيل عليه بالسوء. أو هو وسائر ما يظنّون بالله ورسوله من الأمور الزائغة.( وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً ) هالكين مستوجبين لسخطه وعقابه

٣٧٩

عند الله، لفساد عقيدتكم، وسوء نيّتكم. من: بار، كالهلك من: هلك، بناء ومعنى. ولذلك وصف به الواحد والجمع، والمذكّر والمؤنّث. ويجوز أن يكون جمع بائر، كعائذ وعوذ.

وقيل: معناه: فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونيّاتكم، لا خير فيكم. وكان ذلك من الغيب الّذي لا يطّلع عليه أحد إلّا الله، وصار معجزا لنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

( وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً ) وضع «الكافرين» موضع الضمير إيذانا بأنّ من لم يجمع بين الإيمان بالله ورسوله فهو كافر، وأنّه مستوجب للسعير بكفره. وتنكير «سعيرا» للتهويل، أو لأنّها نار مخصوصة.

( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) يدبّره كيف يشاء( يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ) مشيئته تابعة لحكمته، وحكمته المغفرة للتائب، وتعذيب المصرّ( وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) رحمته سابقة لغضبه، حيث يكفّر السيّئات باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة. وقد جاء في الحديث الإلهي: «سبقت رحمتي غضبي».

( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645