زبدة التفاسير الجزء ٧

زبدة التفاسير10%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-09-4
الصفحات: 579

  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51535 / تحميل: 4100
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٩-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وعن عائشة: أنّها سئلت ما كان تزميله؟ قالت: كان مرطا طوله أربع عشرة ذراعا، نصفه عليّ وأنا نائمة، ونصفه عليه وهو يصلّي. فسئلت: ما كان؟ قالت: والله ما كان خزّا، ولا قزّا(١) ، ولا مرعزّى، ولا إبريسما، ولا صوفا، كان سداه(٢) شعرا، ولحمته وبرا.

أو تشبيها(٣) له في تثاقله بالمتزمّل، لأنّه لم يتمرّن بعد في قيام الليل. أو من: تزمّل الزمل إذا تحمّل الحمل، أي: الّذي تحمّل أعباء النبوّة.

( قُمِ اللَّيْلَ ) أي: قم إلى الصلاة في الليل، أو داوم عليها( إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ) والاستثناء من الليل. و «نصفه» بدل من «قليلا».

وقلّته بالنسبة إلى الكلّ. والتخيير بين ثلاث: قيام النصف بتمامه، والناقص منه كالثلث، والزائد عليه كالثلثين.

أو «نصفه» بدل من «الليل»، والاستثناء منه. كأنّه قال: قم أقلّ من نصف الليل. والضمير في «منه» و «عليه» للأقلّ من النصف كالثلث. فيكون التخيير بينه وبين الأقلّ منه كالربع، والأكثر منه كالنصف. فكأنّه قيل: قم أقلّ من نصف الليل، أو قم أنقص من ذلك الأقلّ أو أزيد منه قليلا. فيكون التخيير فيما وراء النصف، لأنّ الأقلّ من نصف الليل والناقص منه قليلا والزائد عليه قليلا كلّه وراء النصف، وما وراء النصف لا يصل إلى النصف، فإمّا أن يكون بين النصف والثلث، كالثلثين ونصف السدس مثلا، أو أقرب إلى الثلث، أو أقرب إلى النصف، أو للنصف.

__________________

(١) القزّ: ما يسوّى منه الإبريسم أو الحرير. والمرعزّى: الزغب الّذي تحت شعر العنز، الليّن من الصوف.

(٢) السدى من الثوب: ما مدّ من خيوطه، واللحمة: ما سدّي به بين سدى الثوب، أي: ما نسج عرضا، وهو خلاف سداة.

(٣) عطف على قوله: تهجينا، قبل عشرة أسطر.

٢٢١

والمعنى: التخيير بين أمرين: بين أن يقوم أقلّ من نصف الليل على البتّ، وبين أن يختار أحد الأمرين، وهما: النقصان من النصف، والزيادة عليه. أو الاستثناء من أعداد الليل، فإنّه عامّ، والتخيير بين قيام النصف والناقص عنه والزائد عليه.

وقال في المجمع: «وقيل: معناه: قم نصف الليل إلّا قليلا من الليالي، وهي ليالي العذر، كالمرض وغلبة النوم وعلّة العين ونحوها»(١) .

واعلم أنّ للأصحاب خلافا في أنّ القيام في الليل عليه وعلى أمّته في بدو الإسلام فرض أو نفل؟ وعن عائشة: أنّ الله جعله تطوّعا بعد أن كان فرضا.

وقيل: كان فرضا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، ثمّ نسخ بهنّ إلّا ما تطوّعوا به بنذر وشبهه.

وعن الحسن: كان قيام ثلث الليل فريضة على الناس، وكانوا على ذلك سنة.

وقيل: كان واجبا، وإنّما وقع التخيير في المقدار ثمّ نسخ بعد عشرة سنين.

وعن الكلبي: كان يقوم الرجل حتّى يصبح مخافة أن لا يحفظ ما بين النصف والثلث والثلثين. ومنهم من قال: كان نفلا، بدليل التخيير في المقدار، ولقوله تعالى:( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) (٢) .

والأصحّ أنّ التهجّد واجب عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينسخ أبدا. والنافلة في الآية بمعنى فريضة زائدة على الفرائض اليوميّة. وأمّا على أمّته فنسخ وجوبه وبقي استحبابه. والروايات المأثورة عن أئمّتنا صلوات عليهم مصرّحة بذلك.

( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) اقرأه على تؤدة، بتبيين الحروف وإشباع الحركات ،

__________________

(١) مجمع البيان ١٠: ٣٧٧.

(٢) الإسراء: ٧٩.

٢٢٢

بحيث يتمكّن السامع من عدّها. من قولهم: ثغر رتل إذا كان مفلّجا(١) .

وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الترتيل: حفظ الوقوف، وأداء الحروف.

وسئلت عائشة عن قراءة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقالت: لا كسردكم هذا، لو أراد السامع أن يعدّ حروفه لعدّها. و «ترتيلا» تأكيد في إيجاب الأمر به، وأنّه ما لا بدّ منه للقارىء.

وعن أبي حمزة قال: قلت لابن عبّاس: إنّي رجل في قراءتي وفي كلامي عجلة. فقال ابن عبّاس: لأن أقرأ البقرة أرتّلها أحبّ إليّ من أن أقرأ القرآن كلّه.

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : «معناه: بيّنه بيانا، ولا تهذّه(٢) هذّ الشعر، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن اقرع به القلوب القاسية، ولا يكوننّ همّ أحدكم آخر السورة».

وروي عن أمّ سلمة أنّها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع قراءته آية آية.

وعن قطرب: المراد به تحزين القرآن، أي: اقرأه بصوت حزين. ويعضده ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذا قال: «هو أن تتمكّث فيه، وتحسّن به صوتك».

وعن ابن عمر قال: «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا، فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها».

( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) سنوحي عليك قولا يثقل عليك وعلى أمّتك. يعني: القرآن، فإنّه لـما فيه من التكاليف الشاقّة ثقيل على المكلّفين، سيّما على الرسول، إذ كان عليه أن يتحمّلها ويحمّلها أمّته. وعن ابن زيد: هو والله ثقيل مبارك، وكما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة. والجملة اعتراض يسهّل

__________________

(١) المفلّجة من الأسنان: المنفرجة.

(٢) هذّ الشيء: قطعه سريعا. وهذّ الحديث: سرده.

٢٢٣

مشقّة التكليف عليه بالتهجّد، فإنّ الليل وقت السبات والراحة والهدوء، فلا بدّ لمن أحياه من مضادّة لطبعه ومجاهدة لنفسه.

وقيل: معناه: رصين، لرزانة لفظه ومتانة معناه. أو ثقيل على المتأمّل فيه، لافتقاره إلى مزيد تصفية للسرّ وتجريد للنظر. أو ثقيل في الميزان، أو على الكفّار والفجّار. أو ثقيل تلقّيه، لقول عائشة: رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم(١) عنه، وإنّ جبينه ليرفضّ(٢) عرقا.

وعن ابن عبّاس: كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربّد(٣) له جلده.

وقيل: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر حاله عند نزول الوحي ويعرق، وإذا كان راكبا يبرك راحلته ولا يستطيع المشي.

وسأل الحرث بن هشام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّ عليّ، فيفصم عنّي، وقد وعيت ما قال. وأحيانا يتمثّل الملك رجلا، فأعي ما يقول.

( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ ) إنّ النفس الّتي تنشأ من مضجعها إلى العبادة. من: نشأ من مكانه إذا نهض. أو قيام الليل، على أنّ الناشئة مصدر من: نشأ إذا قام ونهض، على فاعلة، كالعاقبة. ويدلّ عليه ما روي عن عبيد بن عمير قلت لعائشة: رجل قام من أوّل الليل أتقولين له: قام ناشئة؟ قالت: لا، إنّما الناشئة القيام بعد النوم. ففسّرت الناشئة بالقيام عن المضجع، أو العبادة الّتي تنشأ بالليل، أي: تحدث. أو ساعات الليل، لأنّها تحدث واحدة بعد اخرى. أو ساعاتها الأول، من: نشأت إذا ابتدأت.

وعن عليّ بن الحسين: «أنّه كان يصلّي بين المغرب والعشاء ويقول: أما سمعتم قول الله تعالى:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ ) هذه ناشئة الليل».

__________________

(١) أي: يقلع عنه.

(٢) ارفضّ العرق: سال وترشّش.

(٣) تربّد اللون: تغيّر.

٢٢٤

( هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً ) كلفة، أو ثبات قدم. وقرأ أبو عمرو وابن عامر: وطاء، أي: مواطأة يواطئ قلبها لسانها، إن أردت النفس. أو يواطئ فيها قلب القائم لسانه، إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشدّ موافقة لـما يراد من الخشوع والإخلاص. أو أثقل وأغلظ على المصلّي من صلاة النهار، من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أللّهمّ اشدد وطأتك على مضر».

( وَأَقْوَمُ قِيلاً ) وأسدّ مقالا، وأثبت قراءة، لحضور القلب وهدوء الأصوات.

( إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً ) تقلّبا في مهمّاتك وشواغلك من تبليغ الرسالة، ودعوة الخلق، وتعليم الفرائض والسنن، وإصلاح المعيشة لنفسك وعيالك. فعليك بالتهجّد، فإنّ مناجاة الحقّ تستدعي فراغا.

وقال صاحب المجمع: «وفي هذا دلالة على أنّه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل لأجل التعليم والتعلّم، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحتاج إلى التعليم أكثر ممّا يحتاج الواحد منّا إليه، ثمّ لم يرض سبحانه منه أن يترك حظّه من قيام الليل»(١) .

( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) ودم على ذكره ليلا ونهارا. وذكر الله يتناول كلّ ما يذكر به، من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقراءة ودراسة علم.

وقيل: معناه: اقرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم في ابتداء صلاتك، توصلك بركة قراءتها إلى ربّك، وتقطعك من كلّ ما سواه.

( وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ) وانقطع إليه بالعبادة، وجرّد نفسك عمّا سواه. ولهذه الرمزة ومراعاة الفواصل وضع «تبتيلا» موضع: تبتّلا. وقال في الكشّاف: «معنى تبتّل: بتّل نفسه، فجيء به على معناه مراعاة لحقّ الفواصل»(٢) . وعن ابن عبّاس: معناه: أخلص له إخلاصا.

__________________

(١) مجمع البيان ١٠: ٣٧٩.

(٢) الكشّاف ٤: ٦٣٩.

٢٢٥

وروى محمد بن مسلم وزرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام : «أنّ التبتّل هنا رفع اليدين في الصلاة». وفي رواية أبي بصير قال: «هو رفع يدك إلى الله، وتضرّعك إليه».

( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) خبر محذوف، أي: هو ربّ العالم بما فيه، والمتصرّف فيما بينهما، والمدبّر لـما بينهما. أو مبتدأ خبره( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) أي: ربّ المشرقين لا أحد يحقّ له العبادة سواه. وقرأ ابن عامر والكوفيّون غير حفص ويعقوب بالجرّ على البدل من «ربّك». وقيل: بإضمار حرف القسم، وجوابه( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) .

( فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ) حفيظا للقيام بأمرك، واعتمد عليه، وفوّض أمرك إليه. وهذا مسبّب عن التهليل، فإنّ توحّده بالألوهيّة يقتضي أن توكّل إليه الأمور.

( وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) من التكذيب والأذى، والنسبة إلى السحر والكهانة( وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ) بأن تجانبهم وتداريهم، ولا تكافئهم، وتكل أمرهم إلى الله، كما قال مهدّدا للكفّار:( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ ) والّذين يكذّبونك فيما تدعوهم إليه، من التوحيد وإخلاص العبادة ووقوع البعث والجزاء. ونصبه على أنّه مفعول معه. والمعنى: دعني وإيّاهم، وكل إليّ أمرهم، فإنّ بي غنية عنك في مجازاتهم، فلا تشغل نفسك بمجازاتهم.( أُولِي النَّعْمَةِ ) أرباب التنعّم. يريد صناديد قريش. وقيل: نزلت في المطعمين ببدر، وهم عشرة، ذكرناهم في الأنفال(١) .( وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً ) زمانا أو إمهالا قليلا. وهذا أيضا وعيد، ولم يكن إلّا يسيرا حتّى كانت وقعة بدر.

ثمّ علّل الأمر المذكور بقوله:( إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً ) جمع النكل، وهو القيد الثقيل

__________________

(١) راجع ج ٣ ص ٣٨، ذيل الآية ٣٦ من سورة الأنفال.

٢٢٦

( وَجَحِيماً ) هو اسم من أسماء جهنّم. وقيل: يعني: نارا عظيمة، ولا يسمّى القليل به.

( وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ ) ينشب في الحلق، فلا يدخل ولا يخرج، كالزقّوم والضريع. وروى حمران بن أعين عن عبد الله بن عمر: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع قارئا يقرأ هذه فصعق.( وَعَذاباً أَلِيماً ) ونوعا آخر من العذاب مؤلما لا يعرف كنهه إلّا الله تعالى.

( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ ) تضطرب وتتزلزل شديدا. ظرف لـما في( لَدَيْنا أَنْكالاً ) من معنى الفعل.( وَالْجِبالُ ) وترجف الجبال معها، وتضطرب بمن عليها( وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً ) رملا مجتمعا. فعيل بمعنى مفعول. من: كثبت الشيء إذا جمعته.

( مَهِيلاً ) سائلا منثورا. من: هيل هيلا إذا نثر. يعني: أنّ الجبال تنقلع من أصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل.

( إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩) )

ثمّ أكّد سبحانه الحجّة على قريش فقال:( إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً ) يا أهل مكّة( شاهِداً عَلَيْكُمْ ) يشهد عليكم يوم القيامة بتكذيبكم وكفركم( كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ) يعني: موسى. ولم يعيّنه، لأنّ المقصود لم يتعلّق به.

( فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) عرّفه لسبق ذكره( فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً ) ثقيلا

٢٢٧

شديدا، مع كثرة جنوده وسعة ملكه. من قولهم: طعام وبيل غير مستمرئ لثقله. ومنه: الوابل للمطر العظيم القطر.

ثمّ حذّرهم الله سبحانه أن ينالهم مثل ما نال فرعون وقومه، فقال:( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ ) أنفسكم( إِنْ كَفَرْتُمْ ) بقيتم على الكفر( يَوْماً ) عذاب يوم. أو فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة؟ ويجوز أن يكون مفعولا لـ «كفرتم» على تأويل: فكيف تتّقون الله إن جحدتم يوم القيامة والجزاء؟ لأنّ التقوى هو خوف عقاب الله.

( يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) من شدّة هوله. جمع أشيب. وهذا على التمثيل والفرض، كما يقال: يوم يشيب النواصي، وهذا أمر يشيب منه الوليد. وأصله: أن الهموم الشديدة تضعف القوى فتسرع بالشيب. ويجوز أن يكون وصفا لليوم بالطول.

( السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) التذكير على تأويل السقف. والباء للآلة، كالباء في: فطرت العود بالقدوم(١) . بمعنى: أنّ السماء على عظمها وإحكامها تنفطر بشدّة، كما ينفطر الشيء بما يفطر به.( كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) الضمير لله، أو لليوم وإن لم يجر له ذكر، لكونه معلوما، على إضافة المصدر إلى المفعول.

( إِنَّ هذِهِ ) أي: هذه الآيات الموعدة( تَذْكِرَةٌ ) موعظة( فَمَنْ شاءَ ) أن يتّعظ( اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً ) إلى ثواب ربّه طريقا يتقرّب إليه بسلوك التقوى والخشية.

__________________

(١) القدوم: آلة للنحت والنجر.

٢٢٨

( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠) )

روي: أنّ التهجّد كان واجبا على التخيير المذكور، فكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطائفة من المؤمنين معه يقومون في الليل للتهجّد، فشقّ ذلك عليهم، فكان الرجل يصلّي الليل كلّه مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فخفّف الله ذلك عنهم بقوله :

( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ) أي: أقلّ( مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ) استعار الأدنى للأقلّ، لأنّ الأقرب إلى الشيء أقلّ بعدا منه، فإنّ المسافة بين الشيئين إذا دنت قلّ ما بينهما من الأحياز، وإذا بعدت كثر ذلك. وقرأ هشام: ثلثي الليل بسكون اللام. وابن كثير والكوفيّون: نصفه وثلثه بالنصب، عطفا على «أدنى». والمعنى: أنّك تقوم في بعض الليالي أقلّ من ثلثيها، وفي بعضها النصف، وفي بعضها الثلث.

( وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) ويقوم ذلك طائفة من أصحابك. روى أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس: في قوله:( وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) : عليّ وأبو ذرّ(١) .

__________________

(١) شواهد التنزيل ٢: ٣٨٧ ح ١٠٣٦.

٢٢٩

( وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) لا يعلم مقادير ساعاتهما كما هي إلّا الله، فإنّ تقديم اسمه مبتدأ مبنيّا عليه «يقدّر» يشعر بالاختصاص. ويؤيّده قوله:( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) أي: لن تحصوا تقدير الأوقات، ولن تستطيعوا ضبطها بالتعديل والتسوية، إلّا أن تأخذوا بالأوسع للاحتياط( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) عن الجبائي: معناه: جعله تطوّعا بعد أن كان فرضا. وقيل: معناه: فلم يلزمكم إثما كما لا يلزم التائب.

وقيل: فخفّف عليكم هذا التكليف. والكلّ عبارة عن الترخيص في ترك القيام المقدّر، ورفع التبعة فيه، كرفع التبعة عن التائب.

( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) فصلّوا ما تيسّر عليكم من صلاة الليل. عبّر عن الصلاة بالقرآن كما عبّر عنها بسائر أركانها. ثمّ نسخ ذلك أيضا بالصلوات الخمس.

وقيل: فاقرؤا القرآن بعينه كيفما تيسّر عليكم. ومن قال: المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة، فهو محمول على الاستحباب عند الأكثر دون الوجوب.

وقال بعضهم: هو محمول على الوجوب، لأنّ القارئ يقف على إعجاز القرآن وما فيه من دلائل التوحيد وإرسال الرسل. ولا يلزم حفظ القرآن، لأنّه من القرب المستحبّة المرغّب فيها.

ثمّ اختلفوا في القدر الّذي تضمّنه هذا الأمر من القراءة. فقال سعيد بن جبير: خمسون آية. وقال ابن عبّاس: مائة آية. وعن الحسن قال: من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجّه القرآن. وقال كعب: من قرأ مائة آية في ليلة كتب من القانتين. وقال السدّي: مائتا آية. وقال جويبر: ثلث القرآن، لأنّ الله يسّره على عباده. وعلى مذهب أصحابنا لا تجب القراءة إلّا في الصلوات الواجبة، وفي غيرها مندوبة.

ثمّ بيّن حكمة اخرى مقتضية للترخيص والتخفيف، فقال مستأنفا:( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ ) يسافرون( فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ

٢٣٠

اللهِ ) للتجارة، أو لتحصيل العلم. قال عبد الله بن مسعود: أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا، فباعه بسعر يومه، كان عند الله بمنزلة الشهداء. ثمّ قرأ:( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ) .

( وَآخَرُونَ ) ومنكم قوم آخرون( يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) فيقتضي التخفيف عنهم أيضا( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) كرّره مبالغة في القراءة، ولهذا يؤكّد استحبابها.

وروي عن الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه، عن جدّه قال: «ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السرّ».

( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) المفروضة( وَآتُوا الزَّكاةَ ) الواجبة( وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) يريد به الأمر بسائر الإنفاقات في سبيل الخير، أو بأداء الزكاة على أحسن وجه، والترغيب فيه بوعد العوض، كما صرّح به في قوله:( وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ) من طاعة بدنيّة أو ماليّة( تَجِدُوهُ ) تجدوا ثوابه( عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً ) لكم من التقصير والشحّ( وَأَعْظَمَ أَجْراً ) أفضل ثوابا من الّذي تؤخّرونه إلى الوصيّة عند الموت. أو من متاع الدنيا تخلّفونه بعد موتكم. و «خيرا» ثاني مفعولي «تجدوه». وهو تأكيد، أو فصل، لأنّ «أفعل من» كالمعرفة، ولذلك يمتنع من حرف التعريف.

( وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ ) في مجامع أحوالكم، فإنّ الإنسان لا يخلو من تفريط( إِنَّ اللهَ غَفُورٌ ) ستّار لذنوبكم، صفوح عنكم( رَحِيمٌ ) بكم، منعم عليكم.

٢٣١
٢٣٢

(٧٤)

سورة المدّثّر

مكّيّة. وهي ستّ وخمسون آية.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «ومن قرأ سورة المدّثّر اعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدّق بمحمّد وكذّب به بمكّة».

محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «من قرأ في الفريضة سورة المدّثّر كان حقّا على الله أن يجعله مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في درجته، ولا يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) )

ولـمّا أمر سبحانه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر المزّمّل بالصلاة وغيرها، أمره في مفتتح

٢٣٣

هذه السورة بالإنذار عن ترك المأمورات، فأمره أن يبدأ بنفسه ثمّ بالناس، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) وهو لابس الدثار.

روي أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «كنت بحراء فنوديت فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئا، فنظرت فوقي فإذا هو على عرش بين السماء والأرض ـ يعني: الملك الّذي ناداه ـ فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: دثّروني دثّروني، فنزل جبرئيل وقال: «يا أيّها المدّثّر». ولذلك قيل: هي أوّل سورة نزلت.

وعن الزهري: أوّل ما نزل سورة «اقرأ باسم ربّك» إلى قوله: «ما لم يعلم». فحزن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعل يعلو شواهق الجبال، فأتاه جبرئيل فقال: إنّك نبيّ الله. فرجع إلى خديجة وقال: دثّروني وصبّوا عليّ ماء باردا. فنزل: «يا أيّها المدّثّر».

وقيل: سمع من قريش ما كرهه، فاغتمّ فتغطّى بثوبه مفكّرا كما يفعل المغموم، فنزل.

وقيل: المراد المتدثّر بالنبوّة والكمالات النفسانيّة. أو المختفي، فإنّه كان بحراء كالمختفي فيه، على سبيل الاستعارة.

( قُمْ ) من مضجعك، أو قم قيام عزم وجدّ( فَأَنْذِرْ ) أطلق الإنذار للتعميم.

والمعنى: فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد. أو قدّر بمفعول دلّ عليه قوله:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (١) أي فحذّر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا. والأوّل أولى. ويؤيّده قوله:( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) (٢) .

( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) وخصّص ربّك بالتكبير. وهو وصفه بالكبرياء اعتقادا وقولا. روي: أنّه لـمّا نزل قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر، فكبّرت خديجة وفرحت، وأيقنت

__________________

(١) الشعراء: ٢١٤.

(٢) سبأ: ٢٨.

٢٣٤

أنّه الوحي، وذلك لأنّ الشيطان لا يأمر بذلك.

وقد يحمل على تكبير الصلاة، وهو في مفتتح الصلوات الواجبة واجب، وفي غيرها مستحبّ. والفاء فيه وفيما بعده لإفادة معنى الشرط، كأنّه قال: مهما يكن من شيء فلا تدع تكبيره. وتقديم هذا الأمر على الأوامر الآتية، للدلالة على أنّ المقصود الأوّل من الأمر بالقيام أن يكبّر ربّه عن الشرك والتشبيه، فإنّ أوّل ما يجب معرفة الصانع، وأوّل ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه عن جميع النواقص والعيوب.

( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) من النجاسات، فإنّ التطهير شرط في الصلاة، محبوب في غيرها. وذلك بغسلها، أو بحفظها عن النجاسة، كتقصيرها مخافة جرّ الذيول فيها.

ولهذا قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «معناه: فثيابك فقصّر».

وروى أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة، وتشمير(١) الثياب طهور لها، وقد قال الله تعالى:( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) أي: فشمّر».

وهو أوّل ما أمر به من رفض العادات المذمومة، فإنّ عادتهم في الجاهليّة جرّ الذيول على الأرض مرحا وتكبّرا.

أو طهّر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة. يقال للرجل إذا كان صالحا: إنّه لطاهر الثياب، وطاهر الجيب والأردان والذيل. فهو وصف له بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق. وإذا كان فاجرا يقال: إنّه لخبيث الثياب والذيل. وذلك لأنّ الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه، فكنّي به عنه. فيكون أمرا باستكمال القوّة العمليّة، بعد أمره باستكمال القوّة النظريّة والدعاء إليه.

أو فطهّر دثار النبوّة عمّا يدنّسه من الحقد والضجر وقلّة الصبر.

( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) أي: فاهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدّي إليه من الشرك وغيره من المآثم. والمعنى: الثبات على هجره، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بريئا منه.

__________________

(١) شمّر الثوب عن ساقيه: رفعه.

٢٣٥

وقيل: معناه: أخرج حبّ الدنيا عن قلبك، لأنّه رأس كلّ خطيئة. وقرأ يعقوب وحفص: والرّجز بضمّ الراء. وهو لغة، كالذّكر.

( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) ولا تعط عطيّة مستكثرا. نهي عن الاستغزار، وهو أن يهب شيئا وهو يطمع أن يتعوّض من الموهوب له أكثر من الموهوب. ومنه: الحديث: «المستغزر يثاب من هبته».

وفيه وجهان :

أحدهما: أن يكون نهيا خاصّا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الله اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق. وهذا مرويّ عن ابن عبّاس، وقتادة، ومجاهد، والضحّاك، والنخعي.

والثاني: أن يكون نهي تنزيه لا تحريم له ولأمّته.

وقال الحسن والربيع بن أنس: معناه: لا تمنن حسناتك على الله تعالى مستكثرا، أي: رائيا لها كثيرا، فينقصك ذلك عند الله.

وعن ابن زيد: لا تمنن ما أعطاك الله من النبوّة والقرآن، مستكثرا به الأجر من الناس لأجل التبليغ.

وعن أبي مسلم: هذا نهي عن الربا المحرّم.

وقيل: لا تمنن بعطائك على الناس مستكثرا ما أعطيته، فإنّ المنّ يكدّر الصنيعة.

( وَلِرَبِّكَ ) ولوجهه، أو أمره( فَاصْبِرْ ) فاستعمل الصبر. أو فاصبر على مشاقّ التكاليف وأذى المشركين. وعن النخعي: فاصبر على عطيّتك. كأنّه وصله بما قبله، وجعله صبرا على العطاء من غير استكثار.

( فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) في الصور. فاعول من النقر بمعنى التصويت. وأصله: القرع الّذي هو سبب الصوت. واختلف في أنّها النفخة الأولى الّتي هي أوّل الشدّة

٢٣٦

الهائلة العامّة، أم الثانية الّتي عندها يحيي الله الخلق جميعا يوم القيامة، وتسمّى صيحة الساعة. والفاء للسببيّة، كأنّه قال: اصبر على أذاهم، فبين أيديهم نفخ الصور الّذي يلقون في يومه عاقبة أمرهم، وتلقى عاقبة صبرك عليه.

و «إذا» ظرف لـما دلّ عليه قوله:( فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكافِرِينَ ) فإنّ معناه: فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين. و «ذلك» إشارة إلى وقت النقر. وهو مبتدأ، خبره «يوم عسير». و «يومئذ» بدله. كأنّه قيل: فيوم النقر يوم عسير. أو ظرف لخبره، إذ التقدير: فذلك الوقت وقت وقوع يوم عسير.( غَيْرُ يَسِيرٍ ) تأكيد يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه، ويشعر بيسره على المؤمنين، ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم، وبشارة المؤمنين وتسليتهم.

ويجوز أن يراد أنّه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا، كما يرجى تيسّر العسير من أمور الدنيا.

( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما

٢٣٧

أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) )

وروي: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا نزل عليه( حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ ) (١) قام إلى المسجد والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته، فلمّا فطن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية.

فانطلق الوليد حتّى أتى مجلس قومه بني مخزوم، فقال: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ، وإنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة(٢) ، وإنّ أعلاه لمثمر، وإنّ أسفله لمغدق(٣) ، وإنّه ليعلو وما يعلى. ثمّ انصرف إلى منزله.

فقالت قريش: صبأ(٤) والله الوليد، والله لتصبأنّ قريش كلّهم. وكان يقال للوليد: ريحانة قريش.

فقال لهم أبو جهل: أنا أكفيكموه. فانطلق فقعد إلى جنب الوليد حزينا.

فقال له: مالي أراك حزينا يا ابن أخي؟

قال: هذه قريش يعيبونك على كبر سنّك، فيزعمون أنّك زيّنت كلام محمد.

فقام مع أبي جهل حتّى أتى مجلس قومه فقال: تزعمون أنّ محمّدا مجنون، فهل رأيتموه يخنق؟

قالوا: أللّهمّ لا.

__________________

(١) غافر: ١ ـ ٣.

(٢) الطلاوة: الحسن والبهجة.

(٣) غدق المكان: ابتلّ بالغدق وخصب. والغدق: الماء الكثير.

(٤) أي: خرج من دين إلى دين آخر.

٢٣٨

قال: تزعمون أنّه كاهن، فهل رأيتم عليه شيئا من ذلك؟

قالوا: أللّهمّ لا.

قال: تزعمون أنّه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قطّ؟

قالوا: أللّهمّ لا.

قال: أتزعمون أنّه كذّاب؟ فهل جرّبتم عليه شيئا من الكذب؟

قالوا: أللّهمّ لا. وكان يسمّى الصادق الأمين قبل النبوّة من صدقه.

فقالت قريش للوليد: فما هو؟

فتفكّر في نفسه ثمّ نظر وعبس فقال: ما هو إلّا ساحر. أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر. وما الّذي يقوله إلّا سحر يأثره عن مسيلمة وعن أهل بابل. ففرحوا بقوله. فقال سبحانه تهديدا للوليد:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً )

حال من الياء، أي: ذرني وحدي معه، فإنّي أجزيك في الانتقام منه عن كلّ منتقم، فأكفيكه. أو من التاء، أي: ومن خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد. أو من العائد المحذوف، أي: من خلقته فريدا لا مال له ولا ولد، فإنّه كان ملقّبا بالوحيد، فسمّاه الله به تهكّما، وتغييرا له عن الغرض الّذي كانوا يؤمّونه ـ من مدحه والثناء عليه بأنّه وحيد قومه، لرئاسته ويساره وتقدّمه في الدنيا ـ إلى وجه الذمّ والعيب، وهو أنّه خلق وحيدا لا مال له ولا ولد، فآتاه الله ذلك، فكفر بنعمة الله وأشرك به، واستهزأ بدينه. أو أراد أنّه وحيد ولكن في الشرارة، أو عن أبيه، لأنّه كان زنيما(١) .

( وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً ) مبسوطا كثيرا، أو ممدّا بالنماء. من: مدّ النهر ومدّ نهره آخر. قيل: كان له الضرع والزرع والتجارة. وعن ابن عبّاس: هو ما كان له بين مكّة والطائف من صنوف الأموال. وقيل: الممدود الكثير الّذي لا تنقطع غلّته عنه

__________________

(١) الزنيم: الدعيّ، أي: اللاحق بقوم ليس منهم.

٢٣٩

سنة حتّى يدرك غلّة سنة أخرى، فهو ممدود على الأيّام. وكان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره صيفا وشتاء، وما بين مكّة إلى الطائف من الإبل المؤبّلة(١) ، والخيل المسوّمة، والنعم المرحّلة(٢) ، والمستغلّات الّتي لا تنقطع غلّتها، والجواري والعبيد، والعين الكثيرة. وعن مجاهد: كان له مائة ألف دينار. وقيل: ألف ألف.

( وَبَنِينَ شُهُوداً ) حضورا معه بمكّة يتمتّع بلقائهم ويستأنس بهم، لا يشتغل قلبه بغيبتهم، ولا يحزن لفراقهم. ولا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش، لأنّهم مكفيّون، لوفور نعمة أبيهم، فاستغنوا عن التكسّب وطلب المعاش بأنفسهم. ولا يحتاج هو أن يرسلهم في مصالحه، لكثرة خدمه. أو يشهدون معه في المحافل والمجامع، لوجاهتهم واعتبارهم. أو تسمع شهاداتهم فيما يتحاكم فيه.

وعن مجاهد: كان له عشرة بنين. وقيل: ثلاثة عشر. وقال مقاتل: سبعة: الوليد بن الوليد، وخالد، وعمارة، وهشام، والعاص، وقيس، وعبد شمس. أسلم منهم ثلاثة: خالد، وهشام، وعمارة.

( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ) وبسطت له الرئاسة والجاه العريض. ومنه قولهم: أدام الله تأييدك وتمهيدك، يريدون زيادة الجاه والحشمة. وكان الوليد من وجهاء قريش وصناديدهم، ولذلك لقّب ريحانة قريش والوحيد بسبب استحقاق الرئاسة والتقدّم.

( ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ) على ما أعطيته. وهو استبعاد واستنكار لطمعه، إمّا لأنّه لا مزيد على ما أوتي سعة وكثرة، أو لأنّه لا يناسب ما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم. وقيل: إنّه كان يقول: إن كان محمّد صادقا فما خلقت الجنّة إلّا لي.

ولذلك قال:( كَلَّا ) ردعا له عن الطمع وقطع رجائه. ثمّ علّل الردع على سبيل الاستئناف بقوله:( إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً ) أي: عاند آيات المنعم وكفّر بذلك نعمته ،

__________________

(١) أي: المتّخذة والمقتناة، أو المجتمعة.

(٢) المرحّل من النعم: الّذي شدّ عليه الرّحل.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

[ ٨٣٥٥ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وقد روى رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوماً إلى الليل؟ أنّه كان يقال: بدو القتال اللطام، ولو أن رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان وادفق(١) ، كان عليه عتق رقبة ».

[ ٨٣٥٦ ] ٥ - كتاب المثني بن الوليد الحناط: عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيقبّل الصائم المرأة؟ فقال: « أما أنا وانت فشيخان كبيران، ليس بها بأس، وأمّا الشاب فمكروهة له ».

٢٤ -( باب عدم بطلان الصوم بالاحتلام فيه نهارا، ويكره له النوم حتّى يغتسل، ولا يحرم)

[ ٨٣٥٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم ».

٢٥ -( باب جواز مضغ الصائم العلك، على كراهية)

[ ٨٣٥٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: وأوفق.

٥ - كتاب المثنى بن الوليد الحنّاط ص ١٠٣.

الباب - ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤١

٢٦ -( باب أنّه يجوز للصائم، أن يذوق الطعام والمرق، ويأخذ الماء بفيه، من غير أن يزدرد من ذلك شيئاً، ويكره مع عدم الحاجة، ويبصق إذا فعل ثلاثاً)

[ ٨٣٥٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه ».

وقال في موضع آخر(١) : « ولا بأس أن يذوق الطّباخ المرقة وهو صائم، بطرف لسانه، من غير أن يبتلعه ».

[ ٨٣٦٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك، ويذوق الخل والمرقة والطعام، ويمضغه للطفل، ولا شئ عليه (في ذلك، ما لم)(١) يصل شئ منه إلى حلقه ».

[ ٨٣٦١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يذوق المرق إذا كان طبّاخا، ليعرف حلوه من حامضه، ويمضغ العلك، ويصب الدّواء في أُذنه.

٢٧ -( باب جواز مضغ الصائم الطعام للصبي، وزق الطائر والفرخ، من غير ابتلاع)

[ ٨٣٦٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن

____________________________

الباب - ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

(١) في المصدر: في ذلك كله إلّا أن.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٣٤٢

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يمضغ الطعام للحسن والحسين،عليها‌السلام ، يطعمهما، وهو صائم ».

[ ٨٣٦٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير ».

[ ٨٣٦٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويزقّ الفرخ، ويمضغ الخبز للرضيع، من غير أن يبلع شيئا.

٢٨ -( باب عدم بطلان الصوم، بازدراد النّخامة، ودخول الذباب الحلق)

[ ٨٣٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الذّباب يبدر فيدخل حلق الصائم، فلا يقدر على قذفه: « لا شئ عليه ».

٢٩ -( باب وجوب إمساك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الثاني المعترض، وأنه يجب الامساك عند تحققه، أو سماع أذان الثقة المعتاد للأذان بعده)

[ ٨٣٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأول أوقات الصيام، وقت

____________________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٣٤٣

الفجر ».

[ ٨٣٦٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « مطلق للرجل أن يأكل ويشرب، حتّى يستيقن طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم الأكل والشرب، ووجبت الصلاة ».

[ ٨٣٦٨ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا انزل الله عزّوجلّ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: ابيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزال(٢) يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله(٣) ما أراد بذلك، فقال (من الفجر) ».

٣٠ -( باب جواز الأكل والشرب في شهر رمضان، ليلا قبل النوم وبعده، إلى ان يتبين الفجر، والجماع حتّى يبقى لطلوع الصبح مقدار ايقاعه والغسل)

[ ٨٣٦٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن سماعة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ - إلى -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (١) قال:

____________________________

٢ - الهداية ص ٤٨.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

(٢) في المصدر: لا يزالون.

(٣) في المصدر زيادة: لهم.

الباب - ٣٠

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٤

« نزلت في خوات بن جبير وكان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق، وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام فقالوا: لا تنم، حتّى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت، قال: نعم، فبات على ذلك، فأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى الّذي به، سأله فأخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية( أُحِلَّ لَكُمْ - [ إلى ](٢) -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) ».

[ ٨٣٧٠ ] ٢ - وعن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فقال: « بياض النهار من سواد الليل ».

[ ٨٣٧١ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ قوله:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: أبيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزالون يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله ما أراد بذلك، فقال:( مِنَ الْفَجْرِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٢ ] ٤ - وعن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال:

____________________________

(٢) كان في الطبعة الحجرية: إن تأكلوا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١، ٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣٤٥

« الفجر هو البياض المعترض ».

[ ٨٣٧٣ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « مطلق لك الطعام والشراب، إلى أن تستيقن طلوع الفجر » وقالعليه‌السلام : « ومن أراد أن يتسحّر، فله ذلك إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٣٧٤ ] ٦ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن الشهيد، أنّه قال: روي أن عمر أراد أن يواقع زوجته ليلا، فقالت: إنّي حضت، فظن أنها تعتل عليه، فلم يقبل، فواقعها ثمّ أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزلت الآية، وهي قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ) (١) الخ.

[ ٨٣٧٥ ] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه رأى صرمة بن مالك، فقال: « ما لي أراك طليحا(١) ؟ » قال: كنت صائما بالأمس، فلمّا رجعت إلى أهلي بالمساء، قالوا: نم ساعة حتّى نهيئ لك طعاما، فغلبتني عيناي، فحرم عليّ الطعام، فنزل قوله تعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٢) .

____________________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٦ - عوالي اللآلي.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) طلح: أعيا وكلّ (لسان العرب ج ٢ ص ٥٣٠).

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٦

٣١ -( باب أنّ من تناول في شهر رمضان، بغير مراعاة الفجر مع القدره ثمّ علم أنّه كان طالعا، وجب عليه إتمام الصوم ثمّ قضاؤه، فإن تناول بعد المراعاة فاتفق بعد الفجر، لم يجب القضاء)

[ ٨٣٧٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبدالله (صلوات الله عليهم)، أنهم قالوا فيمن أكل أو شرب أو جامع، في شهر رمضان وقد طلع الفجر، وهو لا يعلم بطلوعه، فإن كان قد نظر قبل أن يأكل، إلى مطلع الفجر فلم يره طلع، فلمّا أكل نظر فرآه قد طلع، فليمض في صومه ولا شئ عليه، وإن كان أكل قبل أن ينظر، ثمّ علم أنّه قد أكل بعد طلوع الفجر، فليتم صومه، ويقضي يوماً مكانه.

٣٢ -( باب أن من ظن كذب المخبر بطلوع الفجر، فأكل ثمّ بان صدقه، وجب عليه إتمام الصوم وقضاؤه)

[ ٨٣٧٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر؟ ثمّ قال: قد طلع الفجر، وظنّ بعضهم أنّه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم ».

____________________________

الباب - ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

الباب - ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٤٧

٣٣ -( باب أنّه إذا نظر اثنان إلى الفجر، فرآه أحدهما دون الآخر، وجب الإمساك على من رآه، دون صاحبه)

[ ٨٣٧٨ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجلين قاما في [ شهر ](١) رمضان، فقال أحدهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: « ليأكل الّذي لم يستيقن الفجر، وقد حرم الأكل على الّذي زعم قد رأى، إنّ الله يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإن قام رجلان، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما أرى شيئاً طلع بعيني، وهما معا من أهل العلم والمعرفة بطلوع الفجر(١) ، وصحة البصر، قالعليه‌السلام : « فللّذي لم يستبن(٢) الفجر أن يأكل ويشرب حتّى يتبينه، وعلى الّذي تبينه أن يمسك عن الطعام والشراب، لأن الله عزّوجلّ يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) فأما إن كان أحدهما أعلم أو أحدّ نظرا(٤) من الآخر، فعلى الّذي هو دونه في النظر

____________________________

الباب - ٣٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر زيادة: والنظر.

(٢) في المصدر: يتبين.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

(٤) وفي المصدر: بصراً.

٣٤٨

والعلم، أن يقتدي به ».

[ ٨٣٨٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلين نظرا، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، فحلّ السّحر(١) للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الّذي يراه أنّه طلع ».

٣٤ -( باب وجوب القضاء على من أفطر للظلمة، التي يظن معها دخول الليل، ثمّ بان بقاء النهار)

[ ٨٣٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن أُناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب الشمس، فظنّوا أنّه الليل فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثمّ أنّ السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب، قال: « على الّذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إنّ الله يقول:( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) فمن أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا ».

٣٥ -( باب عدم وجوب القضاء، على من غلب على ظنّه دخول الليل، فأفطر)

[ ٨٣٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤.

(١) في المصدر: التسحر.

الباب - ٣٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

الباب - ٣٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤٩

قال: « من رأى أنّ الشمس قد غربت فأفطر، وذلك في شهر رمضان، ثمّ تبين له بعد ذلك انها لم تغب، فلا شئ عليه ».

٣٦ -( باب أن وقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، فلا يجوز قبله)

[ ٨٣٨٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الّذي يحل (الفطر للصائم)(١) ، هو غياب الشمس في أُفق المغرب، بلا حائل دونها يسترها، من جبل، أو حائط، ولا غير(٢) ذلك، فإذا غاب القرص في الاُفق، فقد دخل الليل، وحل الفطر.

[ ٨٣٨٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس » وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « فأوّل وقت الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب لا ترى مع الشمس، وذهاب (الحمرة من المشرق)(١) ، وفي وجود(٢) سواد المحاجن ».

[ ٨٣٨٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه(١) يحلّ لك الإفطار(٢) ، إذا

____________________________

الباب - ٣٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: فيه للصائم الفطر.

(٢) وفيه: ما أشبه.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣ و ٢٤.

(١) في نسخة: حمرة المشرق - الطبعة الحجرية -.

(٢) في المصدر: وجوه.

٣ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر زيادة: لا.

(٢) وفيه زيادة: إلّا.

٣٥٠

بدت لك ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس.

[ ٨٣٨٦ ] ٤ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا غابت الشمس، فقد وجبت الصلاة، وحلّ الإفطار ».

٣٧ -( باب عدم بطلان الصوم بخروج المذي، ولو كان عن ملامسة أو مكالمة، ولا يجب القضاء بذلك بل يستحب، وأنه يكره للصائم مباشرة المرأة، والنظر إليها)

[ ٨٣٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتنبوا المس والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس ».

٣٨ -( باب وجوب الكفّارة، بتعمّد تناول المفطر في شهر رمضان، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين)

[ ٨٣٨٨ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك كفّارة، مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان » الخ.

____________________________

٤ - الهداية ص ٤٦.

الباب - ٣٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٣٥١

٣٥٢

أبواب آداب الصائم

١ -( باب استحباب القيلولة للصائم، والطيّب له، أول النهار)

[ ٨٣٨٩ ] ١ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : « قيلوا، فإنّ الله عزّوجلّ، يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

[ ٨٣٩٠ ] ٢ - المفيد في الاختصاص: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصائم في عبادة، وإن كان نائما ».

[ ٨٣٩١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عنه أنّه قال: « نوم الصائم عبادة ».

____________________________

أبواب آداب الصائم

الباب - ١

١ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٢٠ ح ١٢١.

٢ - الاختصاص ص ٢٣٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٥٣

٢ -( باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب بما تيسّر، وتأكده في شهر رمضان)

[ ٨٣٩٢ ] ١ - السيد محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبدالله الحلبي الحسيني، ابن اخي السيد ابن زهرة، في أربعينه: أخبرني الشيخ ثقة الدين أبو الحسن محمّد بن أبي نصر الصوفي قال: أخبرني أبو الفرج أحمد بن المبارك قال: أخبرنا أبو سعيد بن كمّار قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو محمّد يوسف بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن كثير العبدري قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن يزيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جهّز حاجا أو جهز غازيا، أو خلفه في أهله، أو أفطر(١) صائما، فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ ».

[ ٨٣٩٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من روح الله: إفطار الصائم، ولقاء الإخوان، والتهجّد بالليل ».

[ ٨٣٩٤ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه خطب الناس في آخر يوم من شعبان، فقال: « أيها الناس(١) قد أظلكم شهر عظيم -

____________________________

الباب - ٢

١ - الأربعين لابن زهرة: حديث ٢٤.

(١) في المصدر: فطّر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر زيادة: إنّه.

٣٥٤

إلى أن قالعليه‌السلام - من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلما يجد ما يفطر الصائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثواب، من فطّر صائما على مذقة(٢) لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ».

[ ٨٣٩٥ ] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث راحات للمؤمن: لقاء الإخوان، وإفطار الصائم، والتهجد من آخر الليل ».

[ ٨٣٩٦ ] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر عند قوم، قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الأخيار ».

٣ -( باب استحاب السّحور، لمن يريد الصوم، وتأكده في شهر رمضان، وعدم وجوبه)

[ ٨٣٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

(٢) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق، أي المخلوط بالماء (لسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٠).

٤ - الجعفريات ص ٢٣١.

٥ - الجعفريات ص ٦٠.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦٣.

٣٥٥

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحّرين ».

[ ٨٣٩٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ».

[ ٨٣٩٩ ] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناد عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٤٠٠ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تسحروا ولو (على شربة)(١) ماء، وأفطروا ولو على شقّ تمرة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة، ولله ملائكة يصلّون على المستغفرين بالأسحار، وعلى المتسحرين، وأكلة السحور فرق ما بيننا وبين أهل الملل ».

[ ٨٤٠١ ] ٥ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تسحّروا ولو بشربة من ماء » وقالعليه‌السلام : « إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ».

[ ٨٤٠٢ ] ٦ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) في المصدر: بشربة.

٥ - الهداية ص ٤٨.

٦ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٧.

٣٥٦

العلوي، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ الطاعم ](١) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المتسحر ».

[ ٨٤٠٣ ] ٧ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ».

[ ٨٤٠٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويستحب ان يتسحر في شهر رمضان، ولو بشربة من ماء ».

[ ٨٤٠٥ ] ٩ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل، ويتسحر بها.

[ ٨٤٠٦ ] ١٠ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « تسحروا، فإن الحسور بركة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تسحروا، خلاف أهل الكتاب ».

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧، بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٣.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

١٠ - طبّ النبيّ ص ٢٢.

٣٥٧

٤ -( باب التسحر بالسويق والتمر والزبيب والماء)

[ ٨٤٠٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وافضل السحور، السويق والتمر ».

الصدوق في الهداية(١) : عن الصادقعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٤٠٨ ] ٢ - المستغفري في الطب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « نعم السحور للمؤمن التمر ».

[ ٨٤٠٩ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ».

٥ -( باب استحباب دعاء الصائم عند الافطار، بالمأثور وغيره، وتلاوة القدر)

[ ٨٤١٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) الهداية ص ٤٨.

٢ - طبّ النبيّ ص ٢٦.

٣ - إقبال الأعمال ص ٨٢.

الباب - ٥

١ - الجعفريات ص ٦٠.

٣٥٨

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، فتقبّله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وبقي الأجر إن شاء الله ».

[ ٨٤١١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه إذا أفطر قال: « اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبّل منّا، ذهب الظمأ، وابتلت(١) العروق، وبقي الأجر إن شاء الله تعالى ».

[ ٨٤١٢ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا أفطرت كلّ ليلة من شهر رمضان، فقل: الحمد الله الّذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبله منّا، وأعنّا عليه، وسلّمنا فيه، (وسلِّمه لنا)(١) في يسر منك وعافية، الحمد لله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٤١٣ ] ٤ - وفي فضائل الأشهر الثلاثة: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام : « من قال عند إفطاره: اللهم لك صمنا بتوفيقك، وعلى رزقك أفطرنا بأمرك، فتقبله منا، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨.

(١) في المصدر: وأمتلأت.

٣ - الهداية ص ٤٦.

(١) في المصدر: وسلّمه منّا.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٠٦ ح ٩٨.

٣٥٩

[ ٨٤١٤ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « كلما صمت يوماً من شهر رمضان، فقل عند الإفطار » وذكر مثل ما مرّ عن الهداية، وفيه: قضي عني.

[ ٨٤١٥ ] ٦ - وعن موسى بن جعفر الكاظم، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إذا أمسيت صائما، فقل عند إفطارك: اللهم لك صمت، وعلى رزقك افطرت، وعليك توكلت، يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم ».

[ ٨٤١٦ ] ٧ - وبإسناده إلى المفضّل بن عمررضي‌الله‌عنه قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا الحسن، هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فإن جبرئيل جاءني فقال: يا محمّد، من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر، استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له ذنبه، وفرّج غمّه، ونفّس كربته، وقضى حوائجه، وانجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال النبيين والصدّيقين، وجاء يوم القيامة ووجهه اضوء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال قل: اللهم ربّ النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب العرش العظيم، ورب البحر المسجور، ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، انت إله من في

____________________________

٥ - إقبال الأعمال ص ١١٦.

٦ - إقبال الأعمال ص ١١٧.

٧ - إقبال الأعمال ص ١١٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579