زبدة التفاسير الجزء ٧

زبدة التفاسير10%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-09-4
الصفحات: 579

  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51572 / تحميل: 4107
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٩-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

(٨٣)

سورة المطفّفين

وتسمّى سورة التطفيف. مكّيّة. وقال ابن عبّاس وقتادة: مدنيّة إلّا ثماني آيات منها، وهي:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) إلى آخر السورة. وهي ستّ وثلاثون آية بالإجماع.

أبيّ بن كعب قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ومن قرأها سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة».

وروى صفوان الجمّال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «من كانت قراءته في الفريضة ويل للمطفّفين، أعطاه الله الأمن يوم القيامة من النار، ولا تراه ولا يراها، ولا يمرّ على جسر جهنّم، ولا يحاسب يوم القيامة».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) )

ولـمّا ختم سبحانه سورة الانفطار بذكر القيامة وما أعدّ فيها للأبرار والفجّار ،

٣٦١

بيّن في هذه السورة أيضا ذكر أحوال الناس في القيامة، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) التطفيف البخس في الكيل والوزن، لأنّ ما يبخس شيء طفيف، أي: حقير.

روي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا قدم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فنزلت، فأحسنوه.

وقيل: قدمها وبها رجل يعرف بأبي جهينة، ومعه صاعان: يكيل بأحدهما لغيره، ويكتال بالآخر لنفسه.

وقيل: كان أهل المدينة تجّارا يطفّفون، وكانت بياعاتهم المنابذة(١) والملامسة(٢) والمخاطرة(٣) ، فنزلت فيهم. فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرأها عليهم، وقال: «خمس بخمس. قيل: يا رسول الله وما خمس بخمس؟ قال: ما نقض العهد قوم إلّا سلّط الله عليهم أعداءهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلّا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت، وما طفّفوا الكيل إلّا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلّا حبس عنهم القطر».

وعن عليّعليه‌السلام أنّه مرّ برجل يزن الزعفران وقد أرجح، فقال له: «أقم الوزن بالقسط، ثمّ أرجح بعد ذلك ما شئت».

كأنّه أمره بالتسوية أوّلا ليعتادها، ويفصل الواجب من النفل.

وعن ابن عبّاس: إنّكم معشر الأعاجم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم: المكيال، والميزان. وخصّ الأعاجم لأنّهم يجمعون الكيل والوزن جميعا. وقيل: كان أهل مكّة يزنون، وأهل المدينة يكيلون.

__________________

(١) كان في الجاهليّة يحضر الرجل قطيع الغنم، فينبذ الحصاة ويقول لصاحب الغنم: إنّ ما أصاب الحجر فهو لي بكذا، وكانوا يدعون هذا البيع: بيع المنابذة.

(٢) الملامسة في البيع أن تقول: إذا لمست ثوبك أو لمست ثوبي فقد وجب البيع بكذا.

(٣) خاطره على كذا: راهنه.

٣٦٢

وعن ابن عمر: أنّه كان يمرّ بالبائع فيقول له: اتّق الله وأوف الكيل، فإنّ المطفّفين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن، حتّى إنّ العرق ليلجمهم.

وعن عكرمة: أشهد أنّ كلّ كيّال ووزّان في النار. فقيل له: إنّ ابنك كيّال أو وزّان. فقال: أشهد أنّه في النار.

وعن أبيّ: لا تلتمس الحوائج ممّن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن(١) الموازين.

( الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ ) أي: اكتالوا لأنفسهم من الناس حقوقهم( يَسْتَوْفُونَ ) يأخذونها وافية. ولـمّا كان اكتيالهم من الناس اكتيالا يضرّهم ويتحامل فيه عليهم، أبدل «على» مكان «من» للدلالة على ذلك. ويجوز أن يتعلّق «على» بـ «يستوفون»، ويقدّم المفعول على الفعل لإفادة التخصيص، أي: يستوفون على الناس خاصّة، فأمّا أنفسهم فيستوفون لها. وإنّما لم يذكر: اتّزنوا، كما قال:( أَوْ وَزَنُوهُمْ ) لأنّ المطفّفين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلّا بالمكاييل دون الموازين، لتمكّنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة، لأنّهم يدعدعون(٢) ويحتالون في الملء، وإذا أعطوا كالوا ووزنوا، لتمكّنهم من البخس في النوعين جميعا.

( وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ ) أي: إذا كالوا للناس أو وزنوا لهم( يُخْسِرُونَ ) ينقصون. يقال: خسر الميزان وأخسره. فحذف الجارّ وأوصل الفعل، كقوله: ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا(٣) . بمعنى: جنيت لك. أو كالوا مكيلهم وموزونهم، فحذف

__________________

(١) لسان الميزان: شيء في قائمة الميزان ـ وهي الّتي تعلّق بها كفّتاه ـ يشبه اللسان.

(٢) دعدع المكيال: هزّه ليسع الشيء.

(٣) أكمو جمع كمء: جنس فطر من فصيلة الكمئيّات، يعيش تحت الأرض، لونه يميل إلى الغبرة، يهيّأ منه طعام لذيذ. والعسقل: جزء من ساق نباتيّة أو من جذر نباتي، يحتوي على موادّ غذائيّة مكتنزة. والجمع: العساقل.

٣٦٣

المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

ولا يحسن جعل الضمير المنفصل تأكيدا للمتّصل، وهو واو الضمير، لأنّه يخرج الكلام عن مقابلة ما قبله، إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع، لا في المباشرة وعدمها، فإنّ معناه حينئذ: إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا تولّوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا. وهو كلام متنافر غير ملائم لـما قبله.

والمعنى الأوّل وإن كان يستدعي إثبات الألف بعد الواو، لكن رسم المصحف لم يراع في كثير منه حدّ المصطلح عليه في علم الخطّ. ويمكن أن يقال: إنّ الواو وحدها هاهنا معطية معنى الجمع، وإنّما تكتب هذه الألف تفرقة بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك: هم لم يدعوا، وهو يدعو. ولـمّا كان المعنى هاهنا كافيا في التفرقة بينهما، لم يحتج إلى إثبات الألف.

( أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ) فإنّ من ظنّ ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح، فكيف بمن تيقّنه! وفيه إنكار وتعجيب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف، كأنّهم لا يخطرون ببالهم ولا يخمّنون تخمينا أنّهم مبعوثون ومحاسبون على مقدار الذرة والخردلة.( لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) عظمه لعظم ما يكون فيه.

( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ ) من قبورهم. نصب بـ «مبعوثون»، أو بدل من الجارّ والمجرور.( لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) لحكمه. ولا شبهة أنّ في هذا الإنكار والتعجيب، وذكر الظنّ، ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته بربّ العالمين، مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه.

وعن قتادة: أوف يا ابن آدم كما تحبّ أن يوفى لك، واعدل كما تحبّ أن يعدل لك.

وعن الفضيل: بخس الميزان سواد الوجه يوم القيامة.

وعن ابن عمر: أنّه قرأ هذه السورة، فلمّا بلغ قوله تعالى: «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ

٣٦٤

لِرَبِّ الْعالَمِينَ » بكى نحيبا، وامتنع من قراءة ما بعده.

وروي: أنّ أعرابيّا قال لعبد الملك بن مروان: لقد سمعت ما قال الله تعالى في المطفّفين. أراد بذلك: أنّ المطفّف قد توجّه عليه الوعيد العظيم الّذي سمعت به، فما ظنّك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن!!

( كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) )

( كَلَّا ) ردعهم عمّا كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن ذكر البعث والحساب، ونبّههم على أنّه ممّا يجب أن يتاب عنه ويندم عليه. ثمّ أتبعه وعيد الفجّار على العموم، فقال:( إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ ) ما يكتب من أعمالهم، أو كتابة أعمالهم( لَفِي سِجِّينٍ ) علم لديوان الشرّ الّذي دوّن الله فيه جميع أعمال الفجرة من الشياطين والثقلين، كما قال :

( وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ) أي: ليس ذلك ممّا كنت تعلمه أنت ولا قومك( كِتابٌ مَرْقُومٌ ) مسطور بيّن الكتابة. أو معلم يعلم من رآه أنّه لا خير فيه. والمعنى :

٣٦٥

أنّ ما كتب من أعمال الفجّار مثبت في ذلك الديوان. فعّيل من السجن، وهو الحبس والتضييق. نقل من هذا الوصف ولقّب به الكتاب، لأنّه سبب الحبس في جهنّم، فهو من قبيل تسمية السبب باسم المسبّب. أو لأنّه مطروح تحت الأرض السابعة في مكان وحش(١) مظلم، وهو مسكن إبليس وذرّيّته، استهانة به، وليشهده الشياطين المدحورون، كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقرّبون. تسمية للحالّ باسم المحلّ.

وقيل: اسم مكان على تقدير مضاف، تقديره: ما كتاب السجّين، أو محلّ كتاب مرقوم، فحذف المضاف.

وعلى التقديرين ؛ فلا منافاة بين الآية وبين ما روي عن شمر بن عطيّة أنّه جاء ابن عبّاس إلى كعب الأحبار فقال: أخبرني عن قول الله تعالى:( إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) . قال: إنّ روح الفاجر يصعد بها إلى السماء، فتأبى السماء أن تقبلها، ثمّ يهبط بها إلى الأرض، فتأبى الأرض أن تقبلها، فتدخل تحت سبع أرضين، حتّى ينتهى بها إلى سجّين، وهو موضع جند إبليس. وما روى أبو هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّ سجّين جبّ في جهنّم مفتوح، والفلق جبّ في جهنّم مغطّى».

( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) لمن كذّب بالجزاء والبعث ولم يصدّقه( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) صفة مخصّصة، أو موضحة، أو ذامّة، كقولك: فعل ذلك فلان الفاسق الخبيث.

( وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ ) متجاوز عن النظر، غال في التقليد، حتّى استقصر قدرة الله وعلمه، فاستحال منه الإعادة( أَثِيمٍ ) كثير الإثم، منهمك في الشهوات الرديّة المردية، بحيث أشغلته عمّا وراءها، وحملته على الإنكار.

( إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أباطيلهم الّتي كتبوها ولا أصل لها. وذلك من فرط جهله وإعراضه عن الحقّ، فلا تنفعه شواهد النقل، كما لا تنفعه

__________________

(١) مكان وحش: أي: قفر.

٣٦٦

دلائل العقل.

( كَلَّا ) ردع للمعتدي الأثيم عن هذا القول. ثمّ بيّن ما أدّى بهم إلى هذا القول، فقال:( بَلْ رانَ ) من الرين، وهو ركوب الصدأ على شيء. وقرأ حفص: بل ران، بإظهار اللام. والإدغام أجود. والمعنى: بل ركب وغلب كما يركب الصدأ( عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) أي: حبّ ما كانوا يعملون من المعاصي والانهماك فيها، فعمي عليهم معرفة الحقّ والباطل، فإنّ كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات، فإذا كان العبد يصرّ على الكبائر، ويسوّف التوبة حتّى يطبع على قلبه، فلا يقبل الخير ولا يميل إليه، كما قالعليه‌السلام : «إنّ العبد كلّما أذنب ذنبا حصل في قلبه نكتة سوداء حتّى يسودّ قلبه».

وعن الحسن: الذنب بعد الذنب حتّى يسودّ القلب.

وعن عبد الله بن مسعود قال: إنّ الرجل ليذنب الذنب فتنكت على قلبه نكتة سوداء، ثمّ يذنب الذنب فتنكت نكتة اخرى، حتّى يصير قلبه على لون الشاة السوداء.

وروى العيّاشي بإسناده عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «ما من عبد مؤمن إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء، فإذا تاب ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض، فإذا غطّى البياض لم يرجع إلى الخير أبدا، وهو قوله تعالى: «بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ».

( كَلَّا ) ردع عن كسب العمل الرائن على قلوبهم( إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم، لأنّه لا يؤذن على الملوك إلّا للوجهاء المكرّمين لديهم، ولا يحجب عنهم إلّا الأدنياء المهانون عندهم. وعن عليّعليه‌السلام : «محرومون عن ثوابه وكرامته». وعن ابن عبّاس وقتادة: محجوبون عن

٣٦٧

رحمته وإحسانه.

( ثُمَّ إِنَّهُمْ ) بعد أن منعوا من الثواب والكرامة( لَصالُوا الْجَحِيمِ ) يصلونها ويلزمونها أبدا، ولا يغيبون عنها أصلا.

( ثُمَّ يُقالُ ) يقول لهم الزبانية توبيخا وتقريعا( هذَا الَّذِي ) فعل بكم من العذاب الأليم والعقاب العظيم ما( كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) في دار التكليف.

( كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) )

( كَلَّا ) ردع عن التكذيب. أو تكرير للأوّل، ليعقّب بوعد الأبرار كما عقّب الأوّل بوعد الفجّار، إشعارا بأنّ التطفيف فجور والإيفاء برّ. وقيل: معناه: حقّا.( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ ) ما كتب من أعمالهم.( لَفِي عِلِّيِّينَ ) علم لديوان الخير الّذي دوّن فيه كلّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين. منقول من جمع علّيّ، فعّيل من العلوّ، كسجّين من السجن. سمّي به إمّا لأنّه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنّة. وإمّا لأنّه مرفوع في السماء السابعة تحت العرش حيث يسكن الكرّوبيّون، تكريما

٣٦٨

له وتعظيما.

( وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ ) تعظيم لشأن هذا الكتاب. ثمّ قال:( كِتابٌ مَرْقُومٌ ) مكتوب فيه طاعاتهم وما تقرّ به أعينهم ويوجب سرورهم، بضدّ كتاب الفجّار( يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) يحضرونه فيحفظونه، أو يشهدون على ما فيه يوم القيامة.

وعن ابن عبّاس: هو لوح من زبرجدة خضراء، معلّق تحت العرش، أعمالهم مكتوبة فيه.

وروي: أنّ الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقلّونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم: إنّكم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنّه أخلص عمله، فاجعلوه في علّيّين، فقد غفرت له. وإنّها لتصعد بعمل العبد فيزكّونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم: أنتم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنّه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سجّين.

( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ) يحصلون في ملاذّ وأنواع نعم الجنّة( عَلَى الْأَرائِكِ ) على الأسرّة(١) في الحجال. جمع الأريكة، وهي السرير.( يَنْظُرُونَ ) إلى ما يسرّهم من مناظر الجنّة، وإلى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة، وإلى أعدائهم يعذّبون في النار.

( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) بهجة التنعّم وبريقه، كما ترى في وجوه الأغنياء وأهل الثروة. قال عطاء: وذلك لأنّ الله قد زاد في جمالهم وألوانهم مالا يصفه واصف. وقرأ يعقوب: تعرف على بناء المفعول، ونضرة بالرفع.

( يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ ) شراب خالص لا غشّ فيه( مَخْتُومٍ * خِتامُهُ مِسْكٌ )

__________________

(١) الأسرّة جمع: السرير. والحجال جمع الحجلة. وهي: بيت يزيّن بالثياب والأسرّة والستور.

٣٦٩

أي: يختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة في الدنيا. وقيل: مختوم أي: ممنوع من أن يمسّه يد حتّى يفكّ ختمه للأبرار. وقرأ الكسائي: خاتمه بفتح التاء، أي: ما يختم به ويقطع.

وعن ابن عبّاس والحسن وقتادة: معناه: مقطعه رائحة المسك إذا شرب.

يعني: إذا رفع الشارب فاه عن آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك. وقيل: يمزج بالكافور، ويختم مزاجه بالمسك.

وعن أبي الدرداء قال: هو شراب أبيض مثل الفضّة يختمون به شرابهم. ولو أنّ رجلا من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثمّ أخرجها لم يبق ذو روح إلّا وجد طيبها.

ثمّ أمر سبحانه بالترغيب فيه بوسيلة الأعمال الصالحة، فقال:( وَفِي ذلِكَ ) يعني: الرحيق، أو النعيم( فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ) فليرتغب المرتغبون، أي: يرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله. وعن مقاتل: فليتنازع المتنازعون. وفي الحديث: «من صام لله في يوم صائف سقاه الله على الظّمأ من الرحيق المختوم».

وفي وصيّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا عليّ من ترك الخمر لله سقاه الله من الرحيق المختوم».

( وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ) علم لعين بعينها. سمّيت تسنيما ـ الّذي هو مصدر: سنّمه إذا رفعه ـ إمّا لأنّها أرفع شراب في الجنّة، وإمّا لأنّها تأتيهم من فوق، على ما روي: أنّها تجري في الهواء متسنّمة فتنصبّ في أوانيهم. وهو أشرف شراب الجنّة.

( عَيْناً ) نصب على المدح. وعند الزجّاج على الحال من «تسنيم».( يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) فإنّهم يشربونها صرفا، لأنّهم لا يشتغلون بغير الله. وتمزج لسائر أهل الجنّة. والكلام في الباء كما في( يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ ) (١) .

__________________

(١) الإنسان: ٦.

٣٧٠

( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) )

ولـمّا ذكر الوعد للأبرار بيّن الوعيد للفجّار، فقال:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) يعني: رؤساء قريش ومترفيهم، كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأشياعهم( كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) استهزاء بفقراء المؤمنين، من عمّار وصهيب وخبّاب وبلال ونظرائهم.

وعن مقاتل والكلبي وأبي صالح عن ابن عبّاس: أنّه جاء عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام في نفر من المسلمين، فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، ثمّ رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع ـ أرادوا به عليّاعليه‌السلام ـ فضحكوا منه، فنزلت قبل أن يصل عليّعليه‌السلام إلى رسول الله:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) .

( وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ ) مرّ المؤمنون بهؤلاء الفجّار( يَتَغامَزُونَ ) يغمز بعضهم بعضا، ويشيرون بأعينهم وحواجبهم.

( وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ) متلذّذين بالسخريّة منهم. وقر حفص: فكهين(١) مبالغة.

__________________

(١) والقراءة الاخرى: فاكهين.

٣٧١

( وَإِذا رَأَوْهُمْ ) وإذا رأوا المؤمنين( قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ ) أي: نسبوهم إلى الضلال.

( وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ ) على المؤمنين( حافِظِينَ ) يحفظون عليهم أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم، فكيف يطغون عليهم؟! وهذا تهكّم بهم، أو هو من جملة قول الكفّار. يعني: أنّهم إذا رأوا المسلمين قالوا:( إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ ) ، وإنّهم لم يرسلوا عليهم حافظين، إنكارا لصدّهم إيّاهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام، أو عن النفاق، وجدّهم في ذلك.

( فَالْيَوْمَ ) أي: يوم القيامة الّذي يجازي الله فيه كلّ أحد وفق عمله( الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ) حين يرونهم أذلّاء مغلوبين في النار، كما ضحك الكفّار منهم في الدنيا.

وقيل: يفتح لهم باب إلى الجنّة فيقال لهم: أخرجوا إليها، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم، يفعل ذلك بهم مرارا، فيضحك المؤمنون منهم.

( عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ) حال من «يضحكون» أي: يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزّة والكبر، ومن ألوان العذاب بعد النعيم والترفّه، وهم على الأرائك آمنون.

( هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ) هل أثيبوا؟ والاستفهام للتقرير.( ما كانُوا يَفْعَلُونَ ) من السخريّة بالمؤمنين في الدنيا. يقال: ثوّبه وأثابه إذا جازاه. فاستعمل لفظ الثواب في العقوبة، لأنّ الثواب في أصل اللغة الجزاء الّذي يرجع إلى العامل بعمله، وإن كان في العرف اختصّ بالجزاء بالنعيم على الأعمال الصالحة، فاستعمل هنا على أصله. وقيل: لأنّه جاء في مقابلة ما فعل بالمؤمنين، أي: هل ثوّب الكفّار كما ثوّب المؤمنون؟

وهذا القول يكون من قبل الله تعالى، أو تقوله الملائكة للمؤمنين، تنبيها لهم على أنّ الكفّار جوزوا على كفرهم واستهزائهم بالمؤمنين ما استحقّوه من العذاب، ليزدادوا بذلك سرورا إلى سرورهم.

٣٧٢

(٨٤)

سورة انشقّت

وتسمّى سورة الانشقاق. مكّيّة. وهي خمس وعشرون آية.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «ومن قرأ سورة انشقّت أعاذه الله تعالى أن يعطيه كتابه وراء ظهره».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (١٥) )

٣٧٣

ولـمّا ختم الله سورة المطفّفين بذكر أحوال القيامة، افتتح هذه السورة بمثل ذلك، فاتّصلت بها اتّصال النظير بالنظير، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) تصدّعت وانفرجت بالغمام، كقوله تعالى:( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ) (١) . وعن عليّعليه‌السلام : «تنشقّ من المجرّة». وهي طريق ممتدّ في السماء. وانشقاقها من آيات القيامة.

( وَأَذِنَتْ لِرَبِّها ) واستمعت له، أي: انقادت لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها، انقياد المطواع الّذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع، كقوله:( أَتَيْنا طائِعِينَ ) (٢) .( وَحُقَّتْ ) وجعلت حقيقة بالاستماع والانقياد. يقال: حقّ بكذا، فهو محقوق وحقيق به. يعني: هي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع. ومعناه: الإيذان بأنّ القادر بالذات يجب أن يتأتّى له كلّ مقدور، ويحقّ ذلك.

( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ) بسطت. من: مدّ الشيء فامتدّ. وهو أن تزال جبالها وآكامها وكلّ أمت(٣) فيها، حتّى تمتدّ وتنبسط ويستوي ظهرها، كما قال تعالى :

( قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) (٤) . وعن ابن عبّاس: مدّت مدّ الأديم العكاظي، لأنّ الأديم إذا مدّ زال كلّ انثناء فيه وأمت واستوى. أو من: مدّه بمعنى: أمدّه، أي: زيدت سعة وبسطة.

( وَأَلْقَتْ ) ورمت( ما فِيها ) ما في جوفها ممّا دفن فيها من الأموات والكنوز، كقوله:( وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ) (٥) ( وَتَخَلَّتْ ) وخلت غاية الخلوّ ،

__________________

(١) الفرقان: ٢٥.

(٢) فصّلت: ١١.

(٣) الأمت: المكان المرتفع.

(٤) طه: ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٥) الزلزلة: ٢.

٣٧٤

حتّى كأنّها تكلّفت في الخلوّ أقصى جهدها، فلم يبق شيء في باطنها، كما يقال: تكرّم الكريم وترحّم الرحيم، إذا بلغا جهدهما في الكرم والرحمة، وتكلّفا فوق ما في طبعهما.

( وَأَذِنَتْ لِرَبِّها ) في إلقاء ما في بطنها وتخلّيها( وَحُقَّتْ ) للإذن. وليس هذا بتكرير، لأنّ الأوّل في صفة السماء، والثاني في صفة الأرض. وهذا كلّه من أشراط الساعة وجلائل الأمور الّتي تكون فيها. وتكرير «إذا» لاستقلال كلّ من الجملتين بنوع من القدرة. وجوابه محذوف، للتهويل بالإبهام، أو الاكتفاء بما علم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار.

وقيل: الجواب: لاقى الإنسان كدحه، فإنّه مدلول قوله:( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ) خطاب لجميع المكلّفين( إِنَّكَ كادِحٌ ) جاهد في أعمال الخير والشرّ، وكادّ وساع فيها بالمشقّة العظيمة( إِلى رَبِّكَ ) وهو الموت وما بعده من الأحوال الممثّلة باللقاء( كَدْحاً ) جهدا يؤثّر فيك. من: كدح جلده إذا خدشه.( فَمُلاقِيهِ ) فملاق له لا محالة، ولا مفرّ لك منه. وقيل: الضمير للكدح.

( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) سهلا هيّنا، ولا يعترض بما يسوءه ويشقّ عليه، ولا يناقش فيه كما يناقش أصحاب الشمال.

وعن عائشة: هو أن يعرّف ذنوبه ثمّ يتجاوز عنه. وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: «من يحاسب يعذّب. فقيل: يا رسول الله فسوف يحاسب حسابا يسيرا. قال: ذلكم العرض، من نوقش في الحساب عذّب».

( وَيَنْقَلِبُ ) بعد الفراغ من الحساب( إِلى أَهْلِهِ ) إلى عشيرته المؤمنين، أو فريق المؤمنين، أو أهله في الجنّة من الحور العين( مَسْرُوراً ) ناعما لا يهمّه أمر الآخرة أصلا.

( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ ) أي: يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره.

٣٧٥

قيل: تغلّ يمناه إلى عنقه، وتجعل يسراه وراء ظهره، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. وقيل: تخلع يده اليسرى من وراء ظهره.( فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً ) يتمنّى الثبور ويقول: يا ثبوراه، وهو الهلاك.

( وَيَصْلى سَعِيراً ) ويدخل النار ويعذّب بها. وقرأ الحجازيّان والشامي والكسائي: ويصلّى، كقوله:( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) (١) .

( إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ ) فيما بين ظهرانيّهم، أو معهم، على أنّهم كانوا جميعا مسرورين. يعني: أنّه كان في الدنيا( مَسْرُوراً ) مترفا، بطرا، مستبشرا بالمال والجاه، فارغا عن الآخرة، كعادة الفجّار الّذين لا يهمّهم أمر الآخرة، ولا يفكّرون في العواقب، ولم يكن كئيبا حزينا متفكّرا، كعادة الصلحاء والمتّقين، وحكاية الله عنهم:( إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ ) (٢) .

( إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ) لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا بالمعاد، فارتكب المآثم، وانهمك فيها. يقال: لا يحور ولا يحول، أي: لا يرجع ولا يتغيّر. قال لبيد: يحور رمادا بعد إذ هو ساطع(٣) ، أي: يرجع. عن ابن عبّاس: ما كنت أدري ما معنى «يحور» حتّى سمعت أعرابيّة تقول لبنيّة لها: حوري، أي: ارجعي.

( بَلى ) إيجاب لـما بعد «لن» أي: بلى ليحورنّ( إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً ) عالما بأعماله، فلا يهمله، بل يرجعه ويجازيه عليها. قيل: نزلت الآيتان في أبي سلمة بن عبد الأشدّ وأخيه الأسود بن عبد الأشدّ.

__________________

(١) الواقعة: ٩٤.

(٢) الطور: ٢٦.

(٣) وصدره: وما المرء إلّا كالشّهاب وضوئه.

أي: ليس حال المرء وحياته وموته بعد ذلك، إلّا كحال الشهاب وضوئه، يصير رمادا بعد إضاءته.

٣٧٦

( فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥) )

( فَلا أُقْسِمُ ) سبق بيانه غير مرّة( بِالشَّفَقِ ) بالحمرة الّتي ترى في أفق المغرب بعد غروب الشمس، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة. وسمّيت به لرقّتها. ومنه: الشفقة على الإنسان، أي: رقّة القلب عليه.

( وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ ) وما جمعه وستره وأوى إليه، من الدوابّ وغيرها. وذلك أنّ الليل إذا أقبل أوى كلّ شيء إلى مأواه. يقال: وسقه فاتّسق واستوسق. ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين: اتّسع واستوسع، فإنّهما مطاوعان لـ «وسع». أو طرده إلى أماكنه. من الوسيقة، وهي من الإبل كالرفقة من النّاس.

( وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ) اجتمع وتمّ بدرا في أربع عشرة.

وجواب القسم( لَتَرْكَبُنَ ) الخطاب لجنس الإنسان( طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) حالا بعد حال مطابقة لأختها في الشدّة والهول. وروي مرفوعا: شدّة بعد شدّة: حياة، ثمّ موتا، ثمّ بعثا، ثمّ جزاء.

و «عن طبق» صفة لـ «طبقا» أي: طبقا مجاوزا لطبق. أو حال من الضمير في «لتركبنّ» أي: لتركبنّ مجاوزين لطبق.

٣٧٧

وأصل الطبق ما طابق غيره. يقال: ما هذا بطبق كذا، أي: لا يطابقه. ومنه قيل للغطاء: الطبق. وأطباق الثرى: ما تطابق منه. ثمّ قيل للحال المطابقة لغيرها: طبق، كما في الآية.

ويجوز أن يكون جمع طبقة، وهي المرتبة، من قولهم: هو على طبقات.

ومنه: طبق الظهر لفقاره، الواحدة: طبقة. فالمعنى: لتركبنّ أحوالا بعد أحوال، هي طبقات في الشدّة، بعضها فوق بعض. وهي: الموت، ومواطن القيامة وأهوالها. أو هي وما قبلها من الدواهي.

وقيل: أمرا بعد أمر، ورخاء بعد شدّة، وفقرا بعد غنى، وغنى بعد فقر، وصحّة بعد سقم، وسقما بعد صحّة.

وقيل: نطفة، ثمّ علقة، ثمّ مضغة، ثمّ عظما، ثمّ خلقا آخر، ثمّ جنينا، ثمّ وليدا، ثمّ رضيعا، ثمّ فطيما(١) ، ثمّ يافعا، ثمّ ناشئا، ثمّ مترعرعا، ثمّ حزوّرا(٢) ، ثمّ مراهقا، ثمّ محتلما، ثمّ بالغا، ثمّ أمرد، ثمّ طارا، ثمّ باقلا(٣) ، ثمّ مسيطرا، ثمّ مطرخما، ثمّ مختطّا(٤) ، ثمّ صملّا(٥) ، ثمّ ملتحيا، ثمّ مستويا، ثمّ مصعدا، ثمّ مجتمعا.

والشابّ يجمع ذلك كلّه. ثمّ ملهوزا(٦) ، ثمّ كهلا، ثمّ أشمط(٧) ، ثمّ شيخا، ثمّ أشيب، ثمّ حوقلا(٨) ، ثمّ صفتانا(٩) ، ثمّ همّا، ثمّ هرما، ثمّ ميّتا. فيشتمل الإنسان من كونه

__________________

(١) الفطيم: الولد إذا فصل عن الرضاع.

(٢) الحزور والحزوّر: الغلام إذا اشتدّ وقوي.

(٣) بقل وجه الغلام: خرج شعره. فهو: باقل.

(٤) اختطّ الغلام: نبت عذاره.

(٥) الصملّ: الشديد الخلق.

(٦) لهزه الشيب: خالطه. فهو: ملهوز.

(٧) شمط شمطا: خالط بياض رأسه سواد. فهو: أشمط.

(٨) الحوقل: الشيخ المسنّ.

(٩) الصفتّان: الجسيم الشديد.

٣٧٨

نطفة إلى أن يموت على سبعة وثلاثين حالا.

وقيل: معناه: لتركبنّ منزلة عن منزلة، وطبقة عن طبقة. وذلك أنّ من كان على صلاح دعاه ذلك إلى صلاح فوقه، ومن كان على فساد دعاه إلى فساد فوقه، لأنّ كلّ شيء يجرّ إلى شكله.

وقيل: لتركبنّ سنن من قبلكم من الأوّلين وأحوالهم. وروي ذلك عن الصادقعليه‌السلام . والمعنى: أنّه يكون فيكم ما كان فيهم، ويجري عليكم ما جرى عليهم، حذو القذّة بالقذّة.

وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: لتركبنّ بالفتح، على أنّه خطاب الإنسان باعتبار اللفظ.

وعن مجاهد والكلبي: الخطاب للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على معنى: لتركبنّ حالا شريفة ومرتبة عالية بعد حال ومرتبة، في القرب من الله ورفعة المنزلة عنده. أو طبقا من أطباق السماء بعد طبق في ليلة المعراج. والمعنى: طبقا مجاوزا لطبق.

وروى البخاريّ(١) في الصحيح عن مجاهد، عن ابن عبّاس، أنّه كان يقرأ: لتركبنّ بالياء. قال: يعني نبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حالا بعد حال.

( فَما لَهُمْ ) لكفّار قريش( لا يُؤْمِنُونَ ) بيوم القيامة( وَإِذا قُرِئَ ) عطف على «لا يؤمنون» أي: فما لهم إذا قرئ( عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ) لا يخضعون ولا يستكينون، أي: ما الّذي يصرفهم عن الخضوع والاستكانة عند تلاوة القرآن، أو عن أن يسجدوا لتلاوة القرآن، لـما روي: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (٢)

فسجد هو ومن معه من المؤمنين، وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر، فنزلت. وعن أبي هريرة: أنّه سجد فيها وقال: والله ما سجدت فيها إلّا بعد أن رأيت رسول

__________________

(١) صحيح البخاري ٦: ٢٠٨.

(٢) العلق: ١٩.

٣٧٩

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسجد فيها.

وباتّفاق أصحابنا السجدة هنا مستحبّة.

( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ) أي: بالقرآن( وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ ) بما يجمعون في صدورهم ويضمرون من الكفر والحسد والعداوة. أو بما يجمعون في صحفهم من أعمال السوء، ويدّخرون لأنفسهم من أنواع العذاب. وأصل الإيعاء: جعل الشيء في وعاء. والقلوب أوعية لـما يحصل فيها من علم أو جهل. وفي كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام : «هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها».

( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) استهزاء بهم( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) استثناء منقطع أو متّصل. والمراد: من تاب وآمن منهم.( لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) مقطوع عليهم، لأنّ نعيم الآخرة غير منقطع. أو ممنون به عليهم.

واعلم أنّ في قوله: «لا يؤمنون» و «لا يسجدون» دلالة على أنّ الإيمان والسجود فعلهم، لأنّ الحكيم لا يقول: مالك لا تؤمن ولا تسجد لمن يعلم أنّه لا يقدر على الإيمان والسجود، ولو وجد ذلك لـما كان من فعله. ويدلّ قوله: «لا يسجدون» على أنّ الكفّار مخاطبون بالعبادات.

٣٨٠

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579