زبدة التفاسير الجزء ٧

زبدة التفاسير10%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-09-4
الصفحات: 579

  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51534 / تحميل: 4100
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٩-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

عليكم الجمعة، فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي، ولهم إمام عادل، استخفافا بها أو جحودا لها، فلا جمع الله شمله، ولا بارك في أمره. ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حجّ له، ألا ولا صوم له، الا ولا بركة له حتّى يتوب».

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أهبط إلى الأرض، وفيه تقوم الساعة، وهو عند الله يوم المزيد».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أتاني جبرئيل وفي كفّه مرآة بيضاء، وقال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربّك لتكون لك عيدا، ولأمّتك من بعدك، وهو سيّد الأيّام عندنا، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ لله في كلّ جمعة ستّمائة ألف عتيق من النّار».

وعن كعب: إنّ الله فضّل من البلدان مكّة، ومن الشهور رمضان، ومن الأيّام الجمعة.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من مات يوم الجمعة كتب الله له أجر شهيد، ووقي فتنة القبر».

وأيضا في الحديث: «إذا كان يوم الجمعة، قعدت الملائكة على أبواب المسجد، بأيديهم صحف من فضّة، وأقلام من ذهب، يكتبون الأوّل فالأوّل على مراتبهم».

وكانت الطرقات في أيّام السلف وقت السحر وبعد الفجر مختصّة بالمبكّرين إلى الجمعة، يمشون بالسرج.

وقيل: أوّل بدعة أحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة.

وعن ابن مسعود: أنّه بكّر فرأى ثلاثة نفر سبقوه، فاغتمّ وأخذ يعاتب نفسه ويقول: أراك رابع أربعة، وما رابع أربعة بسعيد.

واعلم أنّ العلماء أجمعوا على اشتراط العدد في الجمعة، فقال الشافعي

٦١

وأحمد: أقلّهم أربعون. وأبو حنيفة: أربعة الامام أحدهم. ولم ينقل أصحاب مالك تقديرا. وأمّا أصحابنا فلهم قولان: أحدهما: سبعة، والآخر خمسة. وهو قول الأكثر. وعليه أكثر الروايات المرويّة عن أهل البيتعليهم‌السلام . وبواقي الشروط الواجبة في صلاة الجمعة وأحكامها مذكورة في كتب الفقه، فلا نطوّل الكلام بذكرها.

( فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ ) أي: أدّيتم صلاة الجمعة وفرغتم منها، فإنّ اللام للعهد، أي: الصلاة الّتي تقدّم ذكرها، وهي الّتي وجب السعي إليها.

ثمّ أطلق لهم ما حظر عليهم لأجل الصلاة، من الانتشار وابتغاء الربح بعد قضائها، فقال :

( فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ) فتفرّقوا فيها( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) واطلبوا الرزق في الشراء والبيع وغير ذلك. وهذا الأمر للإباحة. واحتجّ به من جعل الأمر بعد الحظر للإباحة. وأقول: لا يبعد أن ينزّل هذا الأمر منزلة أحوال المكلّفين في وجوب الكسب وندبه وإباحته. وفي الحديث: «وابتغوا من فضل الله ليس بطلب الدنيا، وإنّما هو عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله».

وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: «الصلاة يوم الجمعة، والانتشار يوم السبت».

وعن الحسن وسعيد بن جبير ومكحول: المراد بقوله:( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) طلب العلم.

( وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً ) واذكروه في مجامع أحوالكم على إحسانه إليكم بالتوفيق، ولا تخصّوا ذكره بالصلاة.

وقيل: واذكروه في تجارتكم وأسواقكم، كما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من ذكر الله في السوق مخلصا عند غفلة الناس وشغلهم بما فيه، كتب له ألف حسنة، ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم يخطر على قلب بشر».

٦٢

وقيل: المراد بالذكر هنا الفكر. وفي الحديث: «تفكّر ساعة خير من عبادة سنة».

وعلى هذا، فالمعنى: تفكّروا في صنائع الله وبدائعه، على تقدير المضاف، لأنّ التفكّر في ذاته تعالى منهيّ عنه، حيث قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفكّروا في آلاء الله، ولا تتفكّروا في ذات الله». وذلك لعجز العقول البشريّة عن إدراك ذاته تعالى وحقيقته.( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) بخير الدارين.

روي: أنّ أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء شديد، فقدم دحية بن خليفة بتجارة من زيت الشام، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب يوم الجمعة، فقاموا إلى اشتراء الزيت بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه، فما بقي مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا يسير. قيل: ثمانية، وأحد عشر، واثنا عشر، وأربعون. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والّذي نفس محمّد بيده لو خرجوا جميعا لأضرم الله عليهم الوادي نارا». وكانوا إذا أقبلت العير استقبلوها بالطبل والتصفيق، فنزلت :

( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً ) ما ألهى عن ذكر الله( انْفَضُّوا إِلَيْها ) انتشروا من عندك متوجّهين إلى التجارة. وإفراد التجارة بردّ الكناية، لأنّها المقصودة، فإنّ المراد من اللهو والطبل الّذي كانوا يستقبلون به العير، ولهذا قدّمها عليه. وقيل: تقديره: إذا رأوا تجارة انفضّوا إليها، وإذا رأوا لهوا انفضّوا إليه، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه. والترديد للدلالة على أنّ منهم من انفضّ لمجرّد سماع الطبل ورؤيته. أو للدلالة على أنّ الانفضاض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموما، كان الانفضاض إلى اللهو أولى بذلك.

( وَتَرَكُوكَ قائِماً ) أي: على المنبر، أو في الصلاة. ويؤيّد الأوّل أنّه سئل عن ابن مسعود: أكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب قائما؟ قال: أو ما تقرأ:( وَتَرَكُوكَ قائِماً ) ؟.

( قُلْ ما عِنْدَ اللهِ ) للمؤمنين من الثواب( خَيْرٌ ) أحمد عاقبة، وأنفع خاتمة

٦٣

( مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ ) فإنّ ذلك محقّق مخلّد، بخلاف ما تتوهّمون من نفعهما.

قدّم التجارة أوّلا للترقّي، إذ التقدير أوّلا: انفضّوا إلى التجارة مع حاجتهم إليها، وذلك مذموم، بل أبلغ من ذلك أنّهم انفضّوا إلى ما لا فائدة لهم فيه. وأخّر ثانيا، لأنّ تقديره: ما عند الله خير من اللهو، بل أبلغ من ذلك أنّه خير من التجارة المنتفع بها.

( وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) فتوكّلوا عليه، واطلبوا الرزق منه، ولا تنفضّوا عن الرسول لطلب الرزق.

٦٤

(٦٣)

سورة المنافقون

مدنيّة. وهي إحدى عشرة آية.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «ومن قرأ سورة المنافقين برىء من النفاق».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣) )

ولـمّا ختم الله سبحانه سورة الجمعة بما هو من علامات النفاق، من ترك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما في الصلاة أو في الخطبة، والاشتغال باللهو وطلب الارتفاق، افتتح هذه السّورة بذكر المنافقين، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ )

٦٥

شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم، فإنّ الشهادة إخبار عن علم من الشهود، وهو الحضور والاطّلاع، ولذلك صدّق الله تعالى المشهود به وكذّبهم في الشهادة بقوله:( وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) على الحقيقة، وكفى بالله شهيدا( وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) في قولهم: نشهد، وادّعائهم فيه المواطاة، لأنّهم لم يعتقدوا ذلك. أو لأنّ قولهم لـمّا خلا عن المواطاة لم يكن شهادة في الحقيقة، فهم كاذبون في تسميته شهادة. أو إنّهم لكاذبون عند أنفسهم، لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ قولهم:( إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه. ولـمّا كان الاكتفاء بقوله :

( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) يوهم أنّ قولهم هذا كذب، وسّط بينهما قوله:( وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ) ليميط هذا الإيهام.

( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ ) حلفهم الكاذب، أو شهادتهم هذه، فإنّها تجري مجرى الحلف في التوكيد، كقولك: أشهد بالله وأعزم بالله في موضع: أقسم( جُنَّةً ) وقاية من القتل والسبي( فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) صدّا أو صدودا عن الإيمان بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) من نفاقهم وصدّهم النّاس عن سبيل الله أو صدودهم.

( ذلِكَ ) إشارة إلى سوء عملهم، أي: ذلك القول الشاهد بأنّهم أسوأ الناس أعمالا. أو إلى حالهم المذكورة، من النفاق والكذب والاستجنان بالإيمان.

( بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ) بسبب أنّهم نطقوا بكلمة الشهادة، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام( ثُمَّ كَفَرُوا ) ثمّ ظهر كفرهم بعد ذلك وتبيّن بما اطّلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمّد حقّا فنحن حمير. وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر؟ هيهات. ونحوه قوله تعالى:( يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ) (١) أي: ظهر كفرهم بعد أن أسلموا.

__________________

(١) التوبة: ٧٤.

٦٦

ونحوه قوله:( لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ ) (١) . والمعنى: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثمّ كفروا حيثما سمعوا من شياطينهم شبهة. أو نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى:( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) (٢) .

( فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ ) خذلانا وتخلية، فمنع اللطف والتوفيق منهم، لفرط عنادهم وجحودهم، مع ظهور الحقّ عندهم، حتّى تمرّنوا على الكفر فاستحكموا فيه، فجسروا فيه على كلّ عظيمة( فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) حقيقة الإيمان، ولا يعرفون صحّته.

( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) )

روي: أنّ عبد الله بن أبيّ كان جسيما صبيحا فصيحا ذلق(٣) اللسان، يحضر مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جمع من المنافقين في مثل صفته، وهم رؤساء المدينة، وكانوا يحضرون مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيستندون فيه، ولهم جهارة(٤) المناظر وفصاحة الألسن، فكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم، ويسمعون إلى

__________________

(١) التوبة: ٦٦.

(٢) البقرة: ١٤.

(٣) لسان ذلق: طلق ذو حدّة.

(٤) الجهارة: حسن القدّ والمنظر.

٦٧

كلامهم، فقال سبحانه :

( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ ) لضخامتها وصباحتها. والخطاب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو لكلّ من يخاطب.( وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) لذلاقتهم وحلاوة كلامهم( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) حال من الضمير المجرور في «لقولهم» أي: تسمع لـما يقولونه مشبّهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط، في كونهم أشباحا خالية عن العلم والنظر والإيمان وإذاعة الخير.

وقيل: شبّهوا بالخشب. لأنّه إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظانّ الانتفاع، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط فشبّهوا به في عدم الانتفاع.

ويجوز أن يراد بالخشب المسنّدة: الأصنام المنحوتة من الخشب المسنّدة إلى الحيطان. شبّهوا بها في حسن صورهم وقلّة جدواهم.

وقرأ أبو عمرو والكسائي وقنبل عن ابن كثير بسكون الشين على التخفيف، أو على أنّه كبدن جمع بدنة.

وقيل: الخشب جمع الخشباء، وهي الخشبة الّتي دعر(١) جوفها. شبّهوا بها في حسن المنظر وفساد الباطن.

( يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ ) من نحو انفلات دابّة، أو إنشاد ضالّة، أو نداء مناد في العسكر، أو صيحة أحدهم بصاحبه( عَلَيْهِمْ ) أي: واقعة عليهم وضارّة لهم، لجبنهم واتّهامهم. وقيل: كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم، ويبيح دماءهم وأموالهم. فـ «عليهم» ثاني مفعولي «يحسبون». ويجوز أن يكون صلته، والمفعول( هُمُ الْعَدُوُّ ) . وعلى هذا يكون الضمير للكلّ. وجمعه بالنظر إلى الخبر. لكن ترتّب قوله:( فَاحْذَرْهُمْ ) عليه يدلّ على أنّ الضمير للمنافقين.

__________________

(١) دعر العود: نخر وفسد.

٦٨

( قاتَلَهُمُ اللهُ ) دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم. أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك.( أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) كيف يصرفون عن الحقّ؟ تعجّبا من جهلهم وضلالتهم.

( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨) )

قال في الكشّاف: «روي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين لقي بني المصطلق على المريسيع ـ وهو ماء لهم ـ وهزمهم وقتل منهم، ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد ـ أجير لعمر يقود فرسه ـ وسنان الجهني ـ حليف لعبد الله بن أبيّ ـ واقتتلا، فصرخ جهجاه: يا للمهاجرين، وسنان: يا للأنصار. فأعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين، ولطم سنانا.

فقال عبد الله لجعال: وأنت هناك. وقال: ما صحبنا محمّدا إلّا لنلطم، والله ما مثلنا ومثلهم إلّا كما قيل: سمّن كلبك يأكلك. أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. عنى بالأعزّ نفسه، وبالأذلّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٩

ثم قال لقومه: ما ذا فعلتم بأنفسكم؟ أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم. أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولأوشكوا أن يتحوّلوا عنكم، فلا تنفقوا عليهم حتّى ينفضّوا من حول محمّد.

فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث، فقال: أنت والله الذليل القليل المبغّض في قومك، ومحمّد في عزّ من الرحمان وقوّة من المسلمين.

فقال عبد الله: اسكت فإنّما كنت ألعب.

فأخبر زيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله.

قال: إذن ترعد أنف كثيرة بيثرب.

قال: فإن كرهت أن يقتله مهاجريّ فأمر به أنصاريّا.

فقال: فكيف إذا تحدّث الناس أنّ محمّدا يقتل أصحابه.

وقالعليه‌السلام لعبد الله: أنت صاحب الكلام الّذي بلغني؟

قال: والله الّذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك، وإنّ زيدا لكاذب.

فقال الحاضرون: يا رسول الله شيخنا وكبيرنا، لا تصدّق عليه كلام غلام عسى أن يكون قد وهم.

وروي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لزيد: لعلّك غضبت عليه.

قال: لا.

قال: فلعلّه أخطأ سمعك.

قال: لا.

قال: فلعلّه شبّه عليك.

قال: لا.

ولـمّا أراد عبد الله أن يدخل المدينة اعترضه ابنه حباب ـ وهو عبد الله بن

٧٠

عبد الله، غيّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسمه، وقال: إنّ حبابا اسم شيطان ـ وكان مخلصا، وقال لأبيه: وراءك والله لا تدخلها حتّى تقول: رسول الله الأعزّ وأنا الأذلّ. فلم يزل حبيسا في يده حتّى أمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتخليته.

وروي: أنّه قال له: لئن لم تقرّ لله ورسوله بالعزّ لأضربنّ عنقك.

فقال: ويحك أفاعل أنت؟

قال: نعم.

فلمّا رأى منه الجدّ قال: أشهد أنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين.

فقال رسول الله لابنه: جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا»(١) .

وروي: أنّه لـمّا بان كذب عبد الله قيل له: قد نزلت فيك آي شداد، فاذهب إلى رسول الله يستغفر لك. فلوى رأسه، ثمّ قال: أمرتموني أن أومن فآمنت، وأمرتموني أن أزكّي مالي فزكّيت، فما بقي إلّا أن أسجد لمحمّد. فنزلت فيه :

( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ ) عطفوها إعراضا واستكبارا عن ذلك. وقرأ نافع بتخفيف الواو.( وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ ) يعرضون عن الاستغفار( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ) عن الاعتذار.

( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) أي: يتساوى الاستغفار لهم وعدم الاستغفار. وعن الحسن: أخبره سبحانه أنّهم يموتون على الكفر فلم يستغفر لهم.( لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) لرسوخهم في كفرهم وإن أظهروا الإسلام( إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) الخارجين عن مظنّة الاستصلاح، لانهماكهم في الكفر والنفاق.

( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ ) أي: للأنصار( لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) من المؤمنين المحتاجين( حَتَّى يَنْفَضُّوا ) يتفرّقوا، يعنون فقراء المهاجرين( وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) بيده الأرزاق والقسم، فهو رازقهم منها وإن أبى أهل

__________________

(١) الكشّاف ٤: ٥٤١ ـ ٥٤٣.

٧١

المدينة أن ينفقوا عليهم( وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ ) عبد الله وأضرابه( لا يَفْقَهُونَ ) ذلك لجهلهم بالله، فيهذّون(١) بما يزيّن لهم الشيطان.

( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ ) من غزوة بني المصطلق( لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ ) يعنون أعزّهم بإنفاق الأموال( مِنْهَا الْأَذَلَ ) يعنون رسول الله والمؤمنين( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ ) القوّة والغلبة( وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) ولمن أعزّه الله من رسوله والمؤمنين به. وهم الأخصّاء بذلك، كما أنّ المذلّة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين.

وقيل: لله العزّة بالربوبيّة، ولرسوله بالنبوّة، وللمؤمنين بالعبوديّة.

وقيل: عزّ الله خمسة: عزّ الملك والبقاء، وعزّ العظمة والكبرياء، وعزّ البذل والعطاء، وعزّ الرفعة والعلاء، وعزّ الجلال والبهاء.

وعزّ الرسول خمسة: عزّ السبق والابتداء، وعزّ الأذان والنداء، وعزّ تقدّمه على الأنبياء، وعزّ الاجتباء والاصطفاء، وعزّ الظهور على الأعداء.

وعزّ المؤمنين خمسة: عزّ التأخير. بيانه: نحن الآخرون السابقون. وعزّ التيسير. بيانه:( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) (٢) .( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) (٣) . وعزّ التبشير. بيانه:( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً ) (٤) . وعزّ التوقير. بيانه:( وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) (٥) . وعزّ التكثير. بيانه أنّهم أكثر الأمم.

( وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) من فرط جهلهم وغرورهم.

__________________

(١) أي: يلهجون وينطقون.

(٢) القمر: ١٧.

(٣) البقرة: ١٨٥.

(٤) الأحزاب: ٤٧.

(٥) آل عمران: ١٣٩.

٧٢

وعن الحسن بن عليّعليه‌السلام : «أنّ رجلا قال له: إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيها.

قال: ليس بتيه، ولكنّه عزّة. وتلا هذه الآية».

ولـمّا نزلت هذه الآية لحق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زيدا من خلفه فعرك(١) أذنه وقال: «وفت أذنك يا غلام، إنّ الله صدّقك وكذّب المنافقين».

وروي: أنّ ابن أبيّ بعد نزول هذه الآية لم يلبث إلّا أيّاما قلائل حتّى مرض ومات.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١) )

ثمّ أمر سبحانه المؤمنين بإنفاق الأموال في مرضاته، بعد أن ذمّ المنافقين على ترك الإنفاق، فقال :

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ ) لا يشغلكم التصرّف في أموالكم، والسعي في تدبير أمرها، والتهالك على طلب النماء فيها بالتجارة والاغتلال، ولا ابتغاء النتاج، والتلذّذ بها، والاستمتاع بمنافعها.( وَلا أَوْلادُكُمْ ) وسروركم بهم ،

__________________

(١) أي: دلكه وحكّه.

٧٣

وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنهم، وتسوية ما يصلحهم من معايشهم، في حياتكم وبعد مماتكم( عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) وإيثاره عليها. قيل: هو الصلوات الخمس. وعن الحسن: جميع الفرائض. وقيل: القرآن. وعن الكلبي: الجهاد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والأولى: جميع العبادات، فإنّها تذكرة للمعبود. والمراد نهيهم عن اللهو بها، وتوجيه النهي إليها للمبالغة. ولذلك قال:( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ) أي: اللهو والشغل( فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) في تجارتهم، لأنّهم باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني.

( وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ ) بعض أموالكم ادّخارا للآخرة. والمراد الإنفاق الواجب منه.( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ) أي: يرى دلائله، ويعاين ما ييأس معه من الإمهال، ويضيق به الخناق، ويتعذّر عليه الإنفاق، ويفوت وقت القبول، فيتحسّر على المنع، ويعضّ أنامله على فقد ما كان متمكّنا منه( فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي ) أمهلتني( إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) أمد غير بعيد( فَأَصَّدَّقَ ) فأتصدّق( وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) بالتدارك. وجزم «أكن» للعطف على موضع «فأصّدّق». كأنّه قيل: إن أخّرتني أصّدّق وأكن. وقرأ أبو عمرو: وأكون منصوبا، عطفا على: فأصّدّق.

وعن ابن عبّاس: تصدّقوا قبل أن ينزل عليكم سلطان الموت، فلا تقبل توبة، ولا ينفع عمل.

وعنه: ما يمنع أحدكم إذا كان له مال أن يزكّي، وإذا أطاق الحجّ أن يحجّ من قبل أن يأتيه الموت، فيسأل ربّه الكرّة فلا يعطاها.

وكذا عن الحسن: ما من أحد لم يزكّ ولم يصم ولم يحجّ إلّا سأل الرجعة.

( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً ) ولن يمهلها( إِذا جاءَ أَجَلُها ) آخر عمرها( وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) فمجاز عليه. وقرأ أبو بكر بالياء ليوافق ما قبله في الغيبة.

والمعنى: أنّهم إذا علموا أنّ تأخير الموت عن وقته ممّا لا سبيل إليه، وأنّه هاجم لا محالة، وأنّ الله عليم بأعمالهم، فمجاز عليها، من منع واجب وغيره، لم تبق إلّا المسارعة إلى الخروج عن عهدة الواجبات، والاستعداد للقاء الله.

٧٤

(٦٤)

سورة التغابن

مدنيّة. وقال ابن عبّاس: مكّيّة غير ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) إلى آخر السورة. وهي ثماني عشرة آية بالإجماع.

بيّ بن كعب، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «ومن قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة».

ابن أبي العلاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «من قرأ سورة التغابن في فريضته كانت شفيعة له يوم القيامة، وشاهد عدل عند من يجيز شهادتها، ثمّ لا تفارقه حتى يدخل الجنّة».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ

٧٥

صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤) )

ولـمّا ختم سبحانه سورة المنافقين بذكر الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية، افتتح هذه السورة ببيان حال المطيع والعاصي، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) بدلالتهما على كماله واستغنائه( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ) قدّم الظرفين للدلالة على اختصاص الأمرين به من حيث الحقيقة، لأنّ الملك على الحقيقة له، لأنّه مبدئ كلّ شيء ومبدعه، والقائم به والمهيمن عليه. وكذلك الحمد، لأنّ أصول النعم وفروعها منه.

وأمّا ملك غيره فتسليط منه واسترعاء، وحمده اعتداد بأنّ نعمة الله جرت على يده.( وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) لأنّ نسبة ذاته المقتضية للقدرة إلى الكلّ على سواء.

ثمّ شرع فيما ادّعاه، فقال:( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ ) أي: آت بالكفر وفاعل له( وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) آت بالإيمان وفاعل له، كقوله:( وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ ) (١) . والدليل عليه قوله:( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أي: عالم بكفركم وإيمانكم اللّذين هما من عملكم فيعاملكم بما يناسب أعمالكم.

والمعنى: هو الّذي تفضّل عليكم بأصل النعم الّذي هو الخلق والإيجاد عن العدم، فكان يجب أن تنظروا النظر الصحيح، وتكونوا بأجمعكم عبادا شاكرين.

فما فعلتم مع تمكّنكم، بل تشعّبتم شعبا، وتفرّقتم أمما، فمنكم كافر ومنكم مؤمن.

__________________

(١) الحديد: ٢٦.

٧٦

وقدّم الكفر لأنّه الأغلب عليهم والأكثر فيهم.

وقيل: هو الّذي خلقكم، فمنكم كافر بالخلق وهم الدهريّة، ومنكم مؤمن به.

ولا يجوز حمل الكلام على أنّ الله سبحانه خلقهم مؤمنين وكافرين كما هو مذهب الأشاعرة، لأنّه لم يقل كذلك، بل أضاف الكفر والإيمان إليهم وإلى فعلهم، ولذلك يصحّ الأمر والنهي، والثواب والعقاب، وبعثة الأنبياء. على أنّ الله سبحانه لو جاز أن يخلق الكفر والقبائح لجاز أن يبعث رسولا يدعو إلى الكفر والضلال، ويؤيّده بالمعجزات، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. هذا وقد قال سبحانه:( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) (١) . وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كلّ مولود يولد على الفطرة، وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكاية عن الله سبحانه: «خلقت عبادي كلّهم حنفاء».

ونحو ذلك من الأخبار كثير.

إن قيل: سلّمنا أنّ العباد هم الفاعلون للكفر، ولكن قد سبق في علم الله الحكيم أنّه إذا خلقهم لم يفعلوا إلّا الكفر، ولم يختاروا غيره، فما دعاه إلى خلقهم مع علمه بما يكون منهم؟ وهل خلق القبيح وخلق فاعل القبيح إلّا واحد؟ وهل مثله إلّا مثل من وهب سيفا باترا(٢) لمن شهر بقطع السبيل وقتل النفس المحرّمة، فقتل به مؤمنا؟ أما يطبق العقلاء على ذمّ الواهب للسيف وتعنيفه كما يذمّون القاتل؟

بل قصدهم باللوائم على الواهب أشدّ؟

قلنا: قد علمنا أنّ الله حكيم، عالم بقبح القبيح، عالم بغناه عنه، فقد علمنا أنّ أفعاله كلّها حسنة، وخلق فاعل القبيح فعله، فوجب أن يكون حسنا، وأن يكون له وجه حسن. وخفاء وجه الحسن علينا لا يقدح في حسنه، كما لا يقدح في حسن أكثر مخلوقاته جهلنا بداعي الحكمة إلى خلقها.

__________________

(١) الروم: ٣٠.

(٢) أي: قاطعا.

٧٧

ويدلّ على حسن أفعاله قوله:( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ ) بالحكمة البالغة والغرض الصحيح، وهو أن جعلها مقارّ المكلّفين ومقابرهم، ليعلموا ويعملوا فيجازيهم( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) فجعلكم أحسن الحيوان كلّه وأبهاه، بدليل أنّ الإنسان لا يتمنّى أن تكون صورته على خلاف ما يرى في سائر الصور، ومن حسن صورته أنّه خلق منتصبا غير منكب، وزيّنه بصفوة أوصاف الكائنات، وخصّه بخلاصة خصائص المبدعات، وجعله أنموذج جميع المخلوقات. ولا ينافيه أنّ في جملتهم من هو مشوّه الصورة سمج الخلقة، لأنّ الحسن كغيره من المعاني على طبقات ومراتب، فلانحطاط بعض الصور عن مراتب ما فوقها انحطاطا بيّنا لا يخرج عن حدّ الحسن لا تستملح. ألا ترى أنّك قد تعجب بصورة وتستملحها، ثمّ ترى أملح وأعلى في مراتب الحسن، فينبو عن الأولى طرفك، وتستثقل النظر إليها بعد افتتانك بها وتهالكك عليها. وقالت الحكماء: شيئان لا غاية لهما: الجمال، والبيان.

( يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) نبّه بعلمه ما في السّماوات والأرض، ثمّ بعلمه ما يسرّه العباد ويعلنونه، ثمّ بعلمه ذوات الصدور، أن لا شيء من الكلّيّات والجزئيّات خاف عليه ولا عازب عنه، فحقّه أن يتّقى ويحذر، ولا يجترأ على شيء ممّا يخالف رضاه.

وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد. وكلّ ما ذكره بعد قوله:( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) كما ترى في معنى الوعيد على الكفر، وإنكار أن يعصى الخالق ولا تشكر نعمته. فما أجهل من يمزج الكفر بالخلق، ويجعله من جملته، والخلق أعظم نعمة من الله على عباده، والكفر أعظم كفران من العباد لربّهم.

وتقديم تقرير القدرة على العلم، لأنّ دلالة المخلوقات على قدرته أوّلا وبالذات، وعلى علمه بما فيها من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء.

٧٨

( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) )

ثمّ أخبر سبحانه أنّ الأمم الماضية جوزوا بأعمالهم ترغيبا على الإيمان وأنواع الطاعات، وترهيبا عن الكفر وسائر المعصيات، فقال:( أَلَمْ يَأْتِكُمْ ) أيّها الكفّار( نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) كقوم نوح وهود وصالحعليهم‌السلام ( فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ ) ضرر كفرهم في الدنيا. وأصله الثقل. ومنه: الوبيل لطعام يثقل على المعدة. والوابل: المطر الثقيل الأمطار.( وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) في الآخرة.

( ذلِكَ ) أي: المذكور من الوبال في الدنيا، والعذاب في العقبى( بِأَنَّهُ ) بسبب أنّ الشأن والحديث( كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ) بالمعجزات الواضحات( فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا ) أنكروا وتعجّبوا من أن يكون الرسل بشرا، ولم ينكروا أن يكون المعبود حجرا. والبشر يطلق على الواحد والجمع.( فَكَفَرُوا ) بالرسل( وَتَوَلَّوْا ) عن التدبّر في البيّنات( وَاسْتَغْنَى اللهُ ) عن كلّ شيء، فضلا عن طاعتهم. فأطلق ليتناول كلّ شيء، ومن جملته إيمانهم وطاعتهم.( وَاللهُ غَنِيٌ ) عن عبادتهم وغيرها( حَمِيدٌ ) يدلّ على حمده كلّ مخلوق.

( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا

٧٩

وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠) ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣) )

ثمّ حكى سبحانه ما يقوله الكفّار بقوله:( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أهل مكّة( أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ) الزعم ادّعاء العلم، ولذلك يتعدّى إلى مفعولين تعدّي العلم. قال: ولم أزعمك عن ذاك معزلا.(١) وقد قام مقامهما «أنّ» مع ما في حيّزه.( قُلْ بَلى ) إثبات لـما بعد «لن»، وهو البعث، أي: بلى تبعثون( وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ ) قسم أكّد به الجواب( ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ ) بالمحاسبة والمجازاة( وَذلِكَ ) البعث والحشر( عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) سهل هيّن لا يصرفه عنه صارف، لقبول المادّة وحصول القدرة التامّة.

__________________

(١) وصدره :

وإنّ الّذي قد عاش يا أم مالك

يموت ولم أزعمك

يعني: أنّ كلّ حيّ وإن طال عمره يموت، ولم أظنّك يا أمّ مالك بمعزل عن الموت.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

[ ٨٣٥٥ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وقد روى رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوماً إلى الليل؟ أنّه كان يقال: بدو القتال اللطام، ولو أن رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان وادفق(١) ، كان عليه عتق رقبة ».

[ ٨٣٥٦ ] ٥ - كتاب المثني بن الوليد الحناط: عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيقبّل الصائم المرأة؟ فقال: « أما أنا وانت فشيخان كبيران، ليس بها بأس، وأمّا الشاب فمكروهة له ».

٢٤ -( باب عدم بطلان الصوم بالاحتلام فيه نهارا، ويكره له النوم حتّى يغتسل، ولا يحرم)

[ ٨٣٥٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم ».

٢٥ -( باب جواز مضغ الصائم العلك، على كراهية)

[ ٨٣٥٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: وأوفق.

٥ - كتاب المثنى بن الوليد الحنّاط ص ١٠٣.

الباب - ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤١

٢٦ -( باب أنّه يجوز للصائم، أن يذوق الطعام والمرق، ويأخذ الماء بفيه، من غير أن يزدرد من ذلك شيئاً، ويكره مع عدم الحاجة، ويبصق إذا فعل ثلاثاً)

[ ٨٣٥٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه ».

وقال في موضع آخر(١) : « ولا بأس أن يذوق الطّباخ المرقة وهو صائم، بطرف لسانه، من غير أن يبتلعه ».

[ ٨٣٦٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك، ويذوق الخل والمرقة والطعام، ويمضغه للطفل، ولا شئ عليه (في ذلك، ما لم)(١) يصل شئ منه إلى حلقه ».

[ ٨٣٦١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يذوق المرق إذا كان طبّاخا، ليعرف حلوه من حامضه، ويمضغ العلك، ويصب الدّواء في أُذنه.

٢٧ -( باب جواز مضغ الصائم الطعام للصبي، وزق الطائر والفرخ، من غير ابتلاع)

[ ٨٣٦٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن

____________________________

الباب - ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

(١) في المصدر: في ذلك كله إلّا أن.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٣٤٢

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يمضغ الطعام للحسن والحسين،عليها‌السلام ، يطعمهما، وهو صائم ».

[ ٨٣٦٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير ».

[ ٨٣٦٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويزقّ الفرخ، ويمضغ الخبز للرضيع، من غير أن يبلع شيئا.

٢٨ -( باب عدم بطلان الصوم، بازدراد النّخامة، ودخول الذباب الحلق)

[ ٨٣٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الذّباب يبدر فيدخل حلق الصائم، فلا يقدر على قذفه: « لا شئ عليه ».

٢٩ -( باب وجوب إمساك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الثاني المعترض، وأنه يجب الامساك عند تحققه، أو سماع أذان الثقة المعتاد للأذان بعده)

[ ٨٣٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأول أوقات الصيام، وقت

____________________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٣٤٣

الفجر ».

[ ٨٣٦٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « مطلق للرجل أن يأكل ويشرب، حتّى يستيقن طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم الأكل والشرب، ووجبت الصلاة ».

[ ٨٣٦٨ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا انزل الله عزّوجلّ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: ابيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزال(٢) يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله(٣) ما أراد بذلك، فقال (من الفجر) ».

٣٠ -( باب جواز الأكل والشرب في شهر رمضان، ليلا قبل النوم وبعده، إلى ان يتبين الفجر، والجماع حتّى يبقى لطلوع الصبح مقدار ايقاعه والغسل)

[ ٨٣٦٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن سماعة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ - إلى -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (١) قال:

____________________________

٢ - الهداية ص ٤٨.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

(٢) في المصدر: لا يزالون.

(٣) في المصدر زيادة: لهم.

الباب - ٣٠

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٤

« نزلت في خوات بن جبير وكان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق، وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام فقالوا: لا تنم، حتّى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت، قال: نعم، فبات على ذلك، فأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى الّذي به، سأله فأخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية( أُحِلَّ لَكُمْ - [ إلى ](٢) -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) ».

[ ٨٣٧٠ ] ٢ - وعن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فقال: « بياض النهار من سواد الليل ».

[ ٨٣٧١ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ قوله:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: أبيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزالون يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله ما أراد بذلك، فقال:( مِنَ الْفَجْرِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٢ ] ٤ - وعن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال:

____________________________

(٢) كان في الطبعة الحجرية: إن تأكلوا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١، ٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣٤٥

« الفجر هو البياض المعترض ».

[ ٨٣٧٣ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « مطلق لك الطعام والشراب، إلى أن تستيقن طلوع الفجر » وقالعليه‌السلام : « ومن أراد أن يتسحّر، فله ذلك إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٣٧٤ ] ٦ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن الشهيد، أنّه قال: روي أن عمر أراد أن يواقع زوجته ليلا، فقالت: إنّي حضت، فظن أنها تعتل عليه، فلم يقبل، فواقعها ثمّ أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزلت الآية، وهي قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ) (١) الخ.

[ ٨٣٧٥ ] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه رأى صرمة بن مالك، فقال: « ما لي أراك طليحا(١) ؟ » قال: كنت صائما بالأمس، فلمّا رجعت إلى أهلي بالمساء، قالوا: نم ساعة حتّى نهيئ لك طعاما، فغلبتني عيناي، فحرم عليّ الطعام، فنزل قوله تعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٢) .

____________________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٦ - عوالي اللآلي.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) طلح: أعيا وكلّ (لسان العرب ج ٢ ص ٥٣٠).

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٦

٣١ -( باب أنّ من تناول في شهر رمضان، بغير مراعاة الفجر مع القدره ثمّ علم أنّه كان طالعا، وجب عليه إتمام الصوم ثمّ قضاؤه، فإن تناول بعد المراعاة فاتفق بعد الفجر، لم يجب القضاء)

[ ٨٣٧٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبدالله (صلوات الله عليهم)، أنهم قالوا فيمن أكل أو شرب أو جامع، في شهر رمضان وقد طلع الفجر، وهو لا يعلم بطلوعه، فإن كان قد نظر قبل أن يأكل، إلى مطلع الفجر فلم يره طلع، فلمّا أكل نظر فرآه قد طلع، فليمض في صومه ولا شئ عليه، وإن كان أكل قبل أن ينظر، ثمّ علم أنّه قد أكل بعد طلوع الفجر، فليتم صومه، ويقضي يوماً مكانه.

٣٢ -( باب أن من ظن كذب المخبر بطلوع الفجر، فأكل ثمّ بان صدقه، وجب عليه إتمام الصوم وقضاؤه)

[ ٨٣٧٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر؟ ثمّ قال: قد طلع الفجر، وظنّ بعضهم أنّه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم ».

____________________________

الباب - ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

الباب - ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٤٧

٣٣ -( باب أنّه إذا نظر اثنان إلى الفجر، فرآه أحدهما دون الآخر، وجب الإمساك على من رآه، دون صاحبه)

[ ٨٣٧٨ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجلين قاما في [ شهر ](١) رمضان، فقال أحدهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: « ليأكل الّذي لم يستيقن الفجر، وقد حرم الأكل على الّذي زعم قد رأى، إنّ الله يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإن قام رجلان، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما أرى شيئاً طلع بعيني، وهما معا من أهل العلم والمعرفة بطلوع الفجر(١) ، وصحة البصر، قالعليه‌السلام : « فللّذي لم يستبن(٢) الفجر أن يأكل ويشرب حتّى يتبينه، وعلى الّذي تبينه أن يمسك عن الطعام والشراب، لأن الله عزّوجلّ يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) فأما إن كان أحدهما أعلم أو أحدّ نظرا(٤) من الآخر، فعلى الّذي هو دونه في النظر

____________________________

الباب - ٣٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر زيادة: والنظر.

(٢) في المصدر: يتبين.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

(٤) وفي المصدر: بصراً.

٣٤٨

والعلم، أن يقتدي به ».

[ ٨٣٨٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلين نظرا، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، فحلّ السّحر(١) للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الّذي يراه أنّه طلع ».

٣٤ -( باب وجوب القضاء على من أفطر للظلمة، التي يظن معها دخول الليل، ثمّ بان بقاء النهار)

[ ٨٣٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن أُناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب الشمس، فظنّوا أنّه الليل فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثمّ أنّ السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب، قال: « على الّذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إنّ الله يقول:( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) فمن أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا ».

٣٥ -( باب عدم وجوب القضاء، على من غلب على ظنّه دخول الليل، فأفطر)

[ ٨٣٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤.

(١) في المصدر: التسحر.

الباب - ٣٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

الباب - ٣٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤٩

قال: « من رأى أنّ الشمس قد غربت فأفطر، وذلك في شهر رمضان، ثمّ تبين له بعد ذلك انها لم تغب، فلا شئ عليه ».

٣٦ -( باب أن وقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، فلا يجوز قبله)

[ ٨٣٨٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الّذي يحل (الفطر للصائم)(١) ، هو غياب الشمس في أُفق المغرب، بلا حائل دونها يسترها، من جبل، أو حائط، ولا غير(٢) ذلك، فإذا غاب القرص في الاُفق، فقد دخل الليل، وحل الفطر.

[ ٨٣٨٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس » وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « فأوّل وقت الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب لا ترى مع الشمس، وذهاب (الحمرة من المشرق)(١) ، وفي وجود(٢) سواد المحاجن ».

[ ٨٣٨٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه(١) يحلّ لك الإفطار(٢) ، إذا

____________________________

الباب - ٣٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: فيه للصائم الفطر.

(٢) وفيه: ما أشبه.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣ و ٢٤.

(١) في نسخة: حمرة المشرق - الطبعة الحجرية -.

(٢) في المصدر: وجوه.

٣ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر زيادة: لا.

(٢) وفيه زيادة: إلّا.

٣٥٠

بدت لك ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس.

[ ٨٣٨٦ ] ٤ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا غابت الشمس، فقد وجبت الصلاة، وحلّ الإفطار ».

٣٧ -( باب عدم بطلان الصوم بخروج المذي، ولو كان عن ملامسة أو مكالمة، ولا يجب القضاء بذلك بل يستحب، وأنه يكره للصائم مباشرة المرأة، والنظر إليها)

[ ٨٣٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتنبوا المس والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس ».

٣٨ -( باب وجوب الكفّارة، بتعمّد تناول المفطر في شهر رمضان، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين)

[ ٨٣٨٨ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك كفّارة، مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان » الخ.

____________________________

٤ - الهداية ص ٤٦.

الباب - ٣٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٣٥١

٣٥٢

أبواب آداب الصائم

١ -( باب استحباب القيلولة للصائم، والطيّب له، أول النهار)

[ ٨٣٨٩ ] ١ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : « قيلوا، فإنّ الله عزّوجلّ، يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

[ ٨٣٩٠ ] ٢ - المفيد في الاختصاص: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصائم في عبادة، وإن كان نائما ».

[ ٨٣٩١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عنه أنّه قال: « نوم الصائم عبادة ».

____________________________

أبواب آداب الصائم

الباب - ١

١ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٢٠ ح ١٢١.

٢ - الاختصاص ص ٢٣٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٥٣

٢ -( باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب بما تيسّر، وتأكده في شهر رمضان)

[ ٨٣٩٢ ] ١ - السيد محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبدالله الحلبي الحسيني، ابن اخي السيد ابن زهرة، في أربعينه: أخبرني الشيخ ثقة الدين أبو الحسن محمّد بن أبي نصر الصوفي قال: أخبرني أبو الفرج أحمد بن المبارك قال: أخبرنا أبو سعيد بن كمّار قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو محمّد يوسف بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن كثير العبدري قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن يزيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جهّز حاجا أو جهز غازيا، أو خلفه في أهله، أو أفطر(١) صائما، فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ ».

[ ٨٣٩٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من روح الله: إفطار الصائم، ولقاء الإخوان، والتهجّد بالليل ».

[ ٨٣٩٤ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه خطب الناس في آخر يوم من شعبان، فقال: « أيها الناس(١) قد أظلكم شهر عظيم -

____________________________

الباب - ٢

١ - الأربعين لابن زهرة: حديث ٢٤.

(١) في المصدر: فطّر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر زيادة: إنّه.

٣٥٤

إلى أن قالعليه‌السلام - من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلما يجد ما يفطر الصائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثواب، من فطّر صائما على مذقة(٢) لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ».

[ ٨٣٩٥ ] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث راحات للمؤمن: لقاء الإخوان، وإفطار الصائم، والتهجد من آخر الليل ».

[ ٨٣٩٦ ] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر عند قوم، قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الأخيار ».

٣ -( باب استحاب السّحور، لمن يريد الصوم، وتأكده في شهر رمضان، وعدم وجوبه)

[ ٨٣٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

(٢) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق، أي المخلوط بالماء (لسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٠).

٤ - الجعفريات ص ٢٣١.

٥ - الجعفريات ص ٦٠.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦٣.

٣٥٥

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحّرين ».

[ ٨٣٩٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ».

[ ٨٣٩٩ ] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناد عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٤٠٠ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تسحروا ولو (على شربة)(١) ماء، وأفطروا ولو على شقّ تمرة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة، ولله ملائكة يصلّون على المستغفرين بالأسحار، وعلى المتسحرين، وأكلة السحور فرق ما بيننا وبين أهل الملل ».

[ ٨٤٠١ ] ٥ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تسحّروا ولو بشربة من ماء » وقالعليه‌السلام : « إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ».

[ ٨٤٠٢ ] ٦ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) في المصدر: بشربة.

٥ - الهداية ص ٤٨.

٦ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٧.

٣٥٦

العلوي، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ الطاعم ](١) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المتسحر ».

[ ٨٤٠٣ ] ٧ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ».

[ ٨٤٠٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويستحب ان يتسحر في شهر رمضان، ولو بشربة من ماء ».

[ ٨٤٠٥ ] ٩ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل، ويتسحر بها.

[ ٨٤٠٦ ] ١٠ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « تسحروا، فإن الحسور بركة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تسحروا، خلاف أهل الكتاب ».

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧، بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٣.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

١٠ - طبّ النبيّ ص ٢٢.

٣٥٧

٤ -( باب التسحر بالسويق والتمر والزبيب والماء)

[ ٨٤٠٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وافضل السحور، السويق والتمر ».

الصدوق في الهداية(١) : عن الصادقعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٤٠٨ ] ٢ - المستغفري في الطب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « نعم السحور للمؤمن التمر ».

[ ٨٤٠٩ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ».

٥ -( باب استحباب دعاء الصائم عند الافطار، بالمأثور وغيره، وتلاوة القدر)

[ ٨٤١٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) الهداية ص ٤٨.

٢ - طبّ النبيّ ص ٢٦.

٣ - إقبال الأعمال ص ٨٢.

الباب - ٥

١ - الجعفريات ص ٦٠.

٣٥٨

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، فتقبّله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وبقي الأجر إن شاء الله ».

[ ٨٤١١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه إذا أفطر قال: « اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبّل منّا، ذهب الظمأ، وابتلت(١) العروق، وبقي الأجر إن شاء الله تعالى ».

[ ٨٤١٢ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا أفطرت كلّ ليلة من شهر رمضان، فقل: الحمد الله الّذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبله منّا، وأعنّا عليه، وسلّمنا فيه، (وسلِّمه لنا)(١) في يسر منك وعافية، الحمد لله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٤١٣ ] ٤ - وفي فضائل الأشهر الثلاثة: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام : « من قال عند إفطاره: اللهم لك صمنا بتوفيقك، وعلى رزقك أفطرنا بأمرك، فتقبله منا، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨.

(١) في المصدر: وأمتلأت.

٣ - الهداية ص ٤٦.

(١) في المصدر: وسلّمه منّا.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٠٦ ح ٩٨.

٣٥٩

[ ٨٤١٤ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « كلما صمت يوماً من شهر رمضان، فقل عند الإفطار » وذكر مثل ما مرّ عن الهداية، وفيه: قضي عني.

[ ٨٤١٥ ] ٦ - وعن موسى بن جعفر الكاظم، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إذا أمسيت صائما، فقل عند إفطارك: اللهم لك صمت، وعلى رزقك افطرت، وعليك توكلت، يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم ».

[ ٨٤١٦ ] ٧ - وبإسناده إلى المفضّل بن عمررضي‌الله‌عنه قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا الحسن، هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فإن جبرئيل جاءني فقال: يا محمّد، من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر، استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له ذنبه، وفرّج غمّه، ونفّس كربته، وقضى حوائجه، وانجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال النبيين والصدّيقين، وجاء يوم القيامة ووجهه اضوء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال قل: اللهم ربّ النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب العرش العظيم، ورب البحر المسجور، ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، انت إله من في

____________________________

٥ - إقبال الأعمال ص ١١٦.

٦ - إقبال الأعمال ص ١١٧.

٧ - إقبال الأعمال ص ١١٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579