سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله22%

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 177

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله
  • البداية
  • السابق
  • 177 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35614 / تحميل: 4716
الحجم الحجم الحجم
سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

سلسة زاد المبلغ

زاد المبلغ في شهر الله

١

٢

الكتاب: زاد المبلغ في شهر الله

نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني

الطبعة: الاولى، آب، ٢٠٠٩م- ١٤٣٠ه-

جميع حقوق الطبع محفوظة ©

٣

٤

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسولِ الرحمة محمّد وعلى أهل بيتهِ الطيبين الطاهرين.

تعتبر مهمّة العمل التبليغي من أشرف الأعمال التي تقع على عاتق أهل العلم والإيمان كونها تتّحد في جوهرها وماهيتها مع مهام الأنبياء والرسل والأولياء.

ومع بدايات شهر رمضان المبارك يستنفر الإخوة المبلّغون لأداء واجباتهم في نشر العلم والحثّ على العمل الصالح أداءً لهذه المهمّة الرساليّة العالية.

وإنّ المركز الإسلاميّ للتبليغ وحرصاً منه على إنجاح العمل التبليغيّ على مستوى اختيار الموضوعات والمضامين وتوحيد الخطاب الثقافي التربوي في هذا الشهر المبارك عمد إلى وضع هذا الكتاب ( زاد المبلغ في شهر الله) والذي يقع ضمن سلسلة (زاد المبلّغ) بين يدي الإخوة العلماء المبلّغين للإستفادة منه، تلبية لبعض الحاجات الهامّة.

وحرصاً على تقوية الأجواء الروحيّة في الكلمات رأينا أن نصدّر المحاضرات بفقرة من دعاء أبي حمزة الثمالي الذي تستحب قراءته في هذا الشهر المبارك، لما يشكّل ذلك من شرح بعض أجزاء هذا الدعاء وفهمه للمستمع.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن يتقبّل أعمالنا وأعمالكم جميعاً، وعلى أمل أن ينال هذا الجهد المتواضع قبول واستحسان الإخوة المبلّغين شاكرين تعاونهم واهتمامهم.

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية

٥

المحاضرة الأولى:

الغفران غاية المسلم في شهر رمضان

الهدف:

تعريف الناس أنّ مغفرة الله هي الهدف الذي ينبغي بلوغه في أيام وليالي شهر رمضان المبارك وحثّهم عليه.

تصدير الموضوع:

"إلهي وسيدي ومولاي، وعزّتك وجلالك، لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنّك بعفوك، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنّك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لأخبرّن أهل النّار بحبّي لك".

المدخل

أمل الإنسان المذنب ورجاؤه الذي يطمح للوصول إليه في أيام وليالي شهر رمضان المبارك هو المغفرة، يمسح بها ذنوبه، وينوّر صحيفته، ويجبر ما فاته من الخير، وبها يدرك المرء قبول أعماله من صيام وقيام.

٦

محاور الموضوع:

المغفرة هدف الصائم في شهر رمضان

مرّ أنّ المغفرة هي الهدف الأسمى الذي يسعى المسلم في شهر رمضان لنيله، وقد اعتبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ من لا يدرك هذا الهدف يُكتب من الأشقياء إذ قال: "إنّ الشقيّ من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم"(١) .

وهذا الهدف ورد في دعاء وداع شهر رمضان: "فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامّة، إن كان بقي عليّ ذنب لم تغفره لي أو تريد أن تعذّبني عليه أو تقايسني به أن يطلع فجر هذه الليلة أو يتصرّم هذا الشهر إلّا وقد غفرته لي"(٢) .

إذا حرم الإنسان المغفرة في أيام وليالي شهر رمضان المبارك رغم العطاءات العظيمة والفيوضات الواسعة ومضاعفة الأجر وفتح أبواب الجنان وقبول الأعمال وسوى ذلك ممّا ورد في خطبة الرسول فإنّه لن ينال المغفرة في غيره من الأيام.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل إلّا أن يشهد عرفة"(٣) .

____________________

١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١١١٨.

٢- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسى، ص ٦٣٦.

٣- فضائل الأشهر الثلاثة/ الشيخ الصدوق، ص١٣٣.

٧

الإستغفار

أمّا كيف السبيل للوصول الى هذا الهدف؟! فقد ورد أنّ كثرة الإستغفار سفينة الوصول إلى المغفرة في هذا الشهر، فقد ورد في خطبة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم"( ١ ) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "اكثروا من الإستغفار فإنّ الله تعالى لم يعلِّمكم الإستغفار إلّا وهو يريد أن يغفر لكم"( ٢ ) .

بركات الإستغفار

١- الإستغفار آلة النجاة: فقد ورد عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : "العجب ممن يهلك والمنجاة معه، قيل ما هي ؟ قال الإستغفار"( ٣ ) .

٢- الإستغفار يفتح أبواب السماء ويستجيب الله لحاجات الإنسان الدنيويّة والأخرويّة: قال تعالى: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا( ٤ ) .

____________________

١ - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج١٠، ص٣١٤

٢ - جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١٥، ص ٤٩٤.

٣ - بحار الأنوار، ج٩، ص٢٨٣.

٤ - نوح، ١٠-١٢.

٨

٣-الإستغفار يمنع نزول العذاب: عن الإمام الباقرعليه‌السلام :"كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإستغفار لكم حصنين حصينين من العذاب فمضى أكبر الحصنين وبقي الإستغفار، فأكثروا منه فإنّه ممحاة للذنوب، قال الله عزّوجلّ: ﴿مَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ( ١ ) "( ٢ )

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إدفعوا أبواب البلايا بالإستغفار"( ٣ ) .

٤- العصمة من الشيطان: أي عدم تسلّط الشيطان عليه، فقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده: الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار"( ٤ ) .

____________________

١ - التوبة ٩.

٢ - جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١٤، ص ٣٣٦.

٣ - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص٨٧١.

٤ - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٢٧٦.

٩

المحاضرة الثانية:

القنوط من الرحمة الإلهيّة

الهدف:

إنّ الرحمة الإلهيّة مصدر الأمل عند الإنسان، وينبغي التوسّل لنيلها، وعدم رضا الإنسان عن عمله معتبراً أنّه ينجيه من دونها.

تصدير الموضوع:

"فواسواتا على ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك ونهيك إيّاي عن القنوط لقنطت عندما أتذكرها".

المدخل

حرّم الله القنوط من رحمته لما يستبطن ذلك من محذورين خطيرين، هما خوف الإنغماس في المعصية من جهة، وعدم معرفة الله حقّ معرفته من جهةٍ أخرى.

١٠

ولذلك أمر الله عباده بعدم القنوط قائلاً: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ُ﴾(١) .

محاور الموضوع:

القنوط من الكبائر

عدّ علماء الأخلاق القنوط من رحمة الله من الذنوب الكبيرة التي تستوجب العقاب، ولذلك ينبغي على الإنسان أن لا يفقد الأمل من الرحمة الإلهيّة مهما تعاظمت ذنوبه.

قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾.(٢)

وقال تعالى: ﴿قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ﴾.(٣)

وقال تعالى: ﴿وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ ﴾.(٤)

قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : "ما أكبر الكبائر ؟ قال: الأمن من مكر الله والإياس (أي اليأس) من روح الله، والقنوط من رحمة الله"(٥) .

____________________

١- الزمر، ٥٣.

٢- يوسف، ٨٧.

٣- الحجر، ٥٦.

٤- فصّلت، ٤٩.

٥- كنز العمال، خ ٤٣٢٥.

١١

واعتبر القنوط من الكبائر لأنهّ نتيجة سوء الظنّ بالله، وهو من صفات المشركين والمنافقين، قال تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ﴾.( ١ )

المقنّط في النصوص

حذّرت الشريعة من ثقافة القنوط واليأس من رحمة الله، مؤكّدة ضرورة فتح باب الأمل للناس، بل لا يجوز إقفال باب فتحه الله، فلولا الأمل في الحياة لما سعى أحد إلى أيّ عمل أو مشروع، ولجلس على حافّة قبره ينتظر الموت.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله ولم يؤمنهم مكر الله"( ٢ ) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم........لا تقنّط الناس من رحمة الله وأنت ترجوها لنفسك"( ٣ ) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "يبعث الله المقنِّطين يوم القيامة مغلّبة على وجوههم غلبة السواد على البياض فيقال لهم: هؤلاء المقنِّطون من رحمة الله"( ٤ ) .

____________________

١ - الفتح ٦.

٢ - نهج البلاغة، الحكم، ٩٠.

٣ - عيون أخبار الرضا، ص٢٨.

٤ - مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي الشهرودي، ج٨، ص٦١٣.

١٢

علاج القنوط

١- الإستغفار: عن الإمام عليعليه‌السلام : "عجبت لمن يقنط ومعه الإستغفار"(١) .

٢- حسن الظن: قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا( ٢ ) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الفاجر الراجي لرحمة الله تعالى أقرب منها إلى العابد المقنط"( ٣ ) .

٣- اليقين بالحكمة الإلهيّة: أي أن يعزّز الإنسان ثقته بالله، فقد ورد في الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إعلم أنّ الذي بيده خزائن السموات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكفّل لك بالإجابة، فلا يقنّطك إبطاء إجابته فإنّ العطيّة على قدر النيّة "( ٤ ) .

____________________

١ - نهج البلاغة، الكلمات القصار، ٨٧.

٢ - الشورى، ٢٨.

٣ - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٦٣٢.

٤ - موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ هادي النجفي، ج٩، ص ٣٦٥.

١٣

لمحاضرة الثالثة:

المعصية والجرأة على الله

الهدف

حثّ الناس على الورع عن المحارم وضرورة تربية الناس على الخوف وعدم الجرأة على الإنزلاق إلى مستنقع الذنوب.

تصدير الموضوع

"أنا صاحب الدواهي العظمى، أنا الذي على سيّده اجترا، أنا الذي عصيت جبار السماء، أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشى".

المدخل

يربّي الإسلام الإنسان على امتلاك إرادة قوية تمنعه من الوقوع في الحرام، معتبراً أنّ باطن الذنب هو النار، وأنّ مقاربته كمقاربة النار.

١٤

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا(١) .

وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ(٢) .

- إنّ اجتناب الذنوب هي المرحلة الأولى والأساسيّة التي ينبغي سلوكها في مسيرة السلوك والتقرّب الى الله، تماماً كمن يريد زراعة أرض فيبدأ أولاً بتنقية الأرض من الحشائش والأعشاب الطفيليّة قبل زراعتها.

محاور الموضوع

ضوابط النظر إلى الذنوب

شدّدت النصوص على جملة من الضوابط والقيود التربويّة احترازاً من الوقوع في المعصية، وسعياً لبلوغ الإنسان شعورالإحساس بالنار عند مقاربة المعصية، ومنها:

١- عدم النظر إلى صغر الذنب: إنّ استصغار الذنب والإستخفاف به من أخطر الأمور الأخلاقيّة لأنّها تسهّل في عين الإنسان التجرؤ على الله، وتصغّر من خطورة المعاصي فيتراكم عند الإنسان جبال من الذنوب

____________________

١- النساء ١٠.

٢- هود ١١٣.

١٥

وهو لا يشعر، بل وهو ينظر لنفسه نظرة رضى، روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "اتقوا المحقّرات من الذنوب فانّ لها طالبا، لا يقولنّ أحدكم أذنب واستغفر، إنّ الله يقول (إن تك مثقال حبةٍ من خردل)(٣) .

وعن الإمام عليعليه‌السلام : "أشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه"(٤) .

٢- اعتبار الذنب جرأة على المولى: وأن هذه الجرأة تمنع من مخافة الله في قلب الإنسان، فقد ورد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصيّته لأبي ذرٍ: "ولا تنظر إلى صغر الخطيئة وانظر إلى من عصيت"(٥) .

٣- التنبّه عند الخلوة والإنفراد: فكثيراً ما يمتنع الإنسان عن المعصية حياءً من الغير، وأما لو كان منفرداً فلا يبالي، فعن الإمام عليعليه‌السلام : "إتقوا معاصي الله في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم"(٦) .

أو ما ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي: "فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته"(٧) ، حيث يشدّد الدعاء على ضرورة اعتبار الله أشدّ الناظرين، وضرورة استشعار الرقابة الإلهيّة فإنّها تحول بين المرء والوقوع في المعصية، ففي الدعاء "وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم".

____________________

٣- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٥، ص.٣١١.

٤- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٥، ص.٣١٢.

٥- كشف اللثام، الفاضل الهندي، ج٢، ص ٥٣٢.

٦- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٥، ص.٢٣٩.

٧- الصحيفة السجادية (ابطحي)، الإمام زين العابدين، ص٢١٧.

١٦

٤- اعتبار العقوبة عاجلة وغير مؤجّلة: "ولو خفت تعجيل العقوبة لأجتنبته"(٨) ، أي أن يفترض الإنسان أن العقوبة فوريّة، وأنّ الله سيحاسبه فور انتهائه من المعصية، فإنّ ذلك يساهم تربوياً في الإمتناع عن المعصية.

٥- ضرورة التوبة وعدم الإصرار على الذنب: لأنّ الإصرار من شأنه أن يحول صغائر الذنوب الى كبائر، كما أنّه يهوّن الذنب في نظر صاحبه بل قد يأنس بها فيدعوه ذلك الى المزيد من الجرأة والتمادي على الله تعالى.

عن الإمام عليعليه‌السلام : "أعظم الذنوب عند الله ذنب أصرّ عليه عامله"(٩) .

وفي الختام نستذكر قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نهاية خطبة استقبال شهر رمضان أنّه سئل عن أفضل الأعمال في هذا الشهر فقال: "الورع عن محارم الله"(١٠) .

____________________

٨- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص ٥٨٤.

٩- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج.١١، ص.٣٦٨.

١٠- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ١٥٥.

١٧

المحاضرة الرابعة:

حبّ الدنيا

الهدف:

التذكير بعدم الركون الى الدنيا وزخارفها والتعلّق بها، وأنّ ذلك مما يبعد عن الآخرة وأعمالها.

تصدير الموضوع:

"سيدي أخرج حبّ الدنيا من قلبي واجمع بيني وبين المصطفى وآله".

المدخل

يصوّر القرآن الكريم الدنيا بمجموعة من الأوهام التي يحسبها الإنسان قضايا مهمّة، لكنّها في الواقع ليس لها أيّ قيمة، والتعلّق بها يؤدي إلى النار والعذاب وخسران الآخرة كما قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ

١٨

الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ(١) .

محاور الموضوع:

أخطار حبّ الدنيا في النصوص:

١- حبّ الدنيا مصدر الخطايا: لأنّ محبّ الدنيا غافل عن آخرته، ناسٍ لقاء ربّه، فقد ورد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : "رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا"(٢) .

٢- لا يجتمع حبّ الدنيا مع حبّ الآخرة: عن الإمام عليعليه‌السلام : "إنّ الدنيا والآخرة عدوّان متفاوتان وسبيلان مختلفان، فمن أحبّ الدنيا وتولّاها أبغض الآخرة وعاداها، وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماشٍ بينهما كلّما قرب من واحد بعد عن الآخر، وهما بعد ضرّتان"(٣) .

٣- ترك الاستعداد للآخرة: وقد ورد في الحديث عن مولانا الكاظم

____________________

١- الحديد ٢٠.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٣١٥.

٣- نهج البلاغة، ج٤، ص٢٣.

١٩

عليه‌السلام : "من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه"(١) . ومعناه ترك الإعداد لأهوالها والعمل للنجاة منها، فخوفها مقدّمة لذلك، فإذا نزع الخوف لم يحذر ليفاجأ بها.

٤- حب الدنيا يضيّع الدين: عن الإمام عليعليه‌السلام : "ألا وإنّه لا يضرّكم تضييع شيء من دنياكم بعد حفظكم قائمة دينكم، ألا وإنّه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم"(٢) .

٥- حبّ الدنيا تعلّق بوهم: لأنّه تعلّق بأمر فانٍ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون لها....، وسابقوا فيها الى الدار التي دعيتم إليها وإنصرفوا بقلوبكم عنها"(٣) .

آثار حبّ الدنيا

ونقتصر هنا على ذكر حديثين يبيّنان الآثار التي يتركها حبّ الدنيا على النفس الإنسانيّة:

الأول: مفسدة العقل: ما روي عن الإمام عليعليه‌السلام : "حبّ الدنيا يفسد العقل، ويهمّ القلب عن سماع الحكمة ويوجب أليم العقاب"(٤) .

____________________

١- بحار الأنوار، ج٧٨، ص٣١٥.

٢- نهج البلاغة، ج٢، ص٧٨.

٣- نهج البلاغة، ج٢، ص٧٨.

٤- غرر الحكم، ٤٨٧٨.

٢٠

والثاني:مجمع الرذائل:ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :"فمن أحبّها أورثته الكبر، ومن استحسنها أورثته الحرص، ومن طلبها أورثته الطمع، ومن مدحها أورثته الرياء، ومن أرادها مكّنته من العجب، ومن اطمأن إليها أركبته الغفلة"(١) .

كيف ينبغي النظر إلى الدنيا:

- دار تزود ومزرعة للآخرة: عن الإمام عليعليه‌السلام : "الدنيا دار ممّر لا دار مقرّ، فخذوا من دار ممرّكم لمستقرّكم"(٢) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "نعم العون على الآخرة الدنيا"(٣) .

وفي روايةٍ عن أبي يعفور: "قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّا لنحبّ الدنيا، فقال لي: تصنع بها ماذا ؟ فقلت: أتزوّج منها وأحجّ، وأنفق على عيالي، وأنيل أخواني وأتصدّق، قال لي: ليس هذا من الدنيا، هذا من الآخرة"(٤) .

- مخلوقة لغيرها: عن الإمام عليعليه‌السلام : "الدنيا خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها"(٥) أي خلفت معبراً يعبر منها الإنسان إلى آخرته.

____________________

٨- مصباح الشريعة، ص١٩٧، باب ٣٢.

٩- عيون الحكم والمواعظ، ص١٧٧.

١٠- الكافي، ج٥، ص٧٢.

١١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص٨٩٦.

١٢- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص٨٩١

٢١

المحاضرة الخامسة:

حياة القلوب

الهدف

استعراض أهمّ الأمور التي تحيي القلب وتبعث على الطمأنينة وتجعله حاضراً خاشعاً لا سيّما أثناء العبادة.

تصدير الموضوع

"يا مولاي بذكرك عاش قلبي وبمناجاتك برّدت ألم الخوف عنّي".

المدخل

القلب السليم الذي يحيي بالطاعة والتقرب هو منتهى آمال العابد، وهدف العبادات والقربات، ومحور النجاة والفوز في الآخرة، كما أكّد الله تبارك وتعالى ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(١) .

____________________

١- الشعراء ٨٩.

٢٢

ورد في خطبة المتّقين: "يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم وهم (أي المتقين) أشدّ إعظاماً لموت قلوب أحيائهم"(١) .

إنّ مثل القلوب الحيّة والقلوب الميّتة كمثل الأرض الخصبة والأرض الجدباء، إذا أصابهما وابلّ من المطر فالأولى تعطي الزرع وتدبّ فيها الحياة بينما تبقى الثانية على حالها.

محاور الموضوع

ما يحيي القلب

اهتمّت النصوص اهتماماً بالغاً بالأعمال التي تنوّر قلب الإنسان لما يساهم ذلك في القرب من الله تعالى ومنها:

١- قراءة القرآن وكثرة ذكر الموت: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّ القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: فما جلاؤها، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قراءة القرآن وكثرة ذكر الموت"(٢) .

٢- الإتعاظ بالعبر والمواعظ: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "أحي قلبك بالموعظة وأمته بالزهادة"(٣) .

____________________

١- نهج البلاغة، ج٢، ص٢٢٥.

٢- شجرة طوبى، الشيخ الحائري، ص٤٤٢.

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١١٧٤.

٢٣

٣- الذِكر: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ‌ ﴾(١) .

ومن وصية الإمام عليعليه‌السلام لإبنه الحسنعليه‌السلام : "أوصيك بتقوى -أي بني - ولزوم أمره وعمارة قلبك بالذكر"(٢) .

٤- التفكّر: فقد ورد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : "التفكّر حياة قلب البصير"(٣) .

٥-مجالسة العلماء: قال لقمان لابنه: يا بني، جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإنّ الله عزّوجلّ يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر(٤)

٦-إطعام المسكين واكرام اليتيم: "إنّ رجلاً شكا الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قساوة قلبه فقال: إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وأمسح رأس اليتيم"(٥) .

ما يقسّي القلب

وكما نبّهت النصوص على ما يحيي القلب كذلك نبّهت على ما يقسّي

____________________

١- الرعد ٢٨

٢- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ النجفي، ج١، ص٣٢٧

٣- الكافي، ج١، ص٢٨.

٤- نهج السعادة، الشيخ المحمودي، ج٧، ص٢٥١.

٥- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٦١٥.

٢٤

القلب ويميته، فلا يقدر صاحبه بعد ذلك على شيء، ومن ذلك:

١- نقض العهد والميثاق: قال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً(١) .

٢- طول الأمد: قال تعالى: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ( ٢ ) . بمعنى طول فترة البعد أو الغربة عن ما يذكّر بالله من أنبياء وأولياء وكتب وأدعية ومناجاة.

٣- إرتكاب المعاصي: عن الإمام عليعليه‌السلام : "ما جفّت الدموع إلّا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلّا لكثرة الذنوب"( ٣ ) .

٤- اللهو والصيد وإتيان السلاطين: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ثلاث يقسين القلب: استماع اللهو وطلب الصيد وإتيان باب السلطان"( ٤ ) .

____________________

١ - المائدة، ١٣.

٢ - الحديد ١٦.

٣ - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج١٦، ص٤٥.

٤ - روضة الواعظين، النيسابوري، ص٤١٤.

٢٥

المحاضرة السادسة:

النفس الأمّارة

الهدف:

التنبيه الى ضرورة مراقبة النفس ومحاسبتها، وأنّ الغفلة عنها تخرجها عن مسار الطاعة الى الإنحراف والضياع.

تصدير الموضوع:

"لكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليها شقوتي وغرّني سترك المرخى علي".

المدخل

إنّ الفلاح والخسران في الآخرة مرهونان بتزكية النفس ومراقبتها أو تركها ونسيانها، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا(١) ، تماماً كعمليّة قيادة السيّارة مثلاً، فإنّ عدم التقيّد بضوابط

____________________

١- الشمس، ٩-١٠.

٢٦

السلامة والعلامات والإشارات يؤدي الى الهلاك، وأنّ مراعاة هذه الأمور يبقي الإنسان سالماً.

محاور الموضوع:

تعريف النفس الأمارة

ممّا ورد في مناجاة الشّاكين: إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمّارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرّضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل طويلة الأمل، إن مسّها الشرّ تجزع، وإن مسّها الخير تمنع، ميّالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو، تُسرع بي الى الحوبة (الإثم)، وتسوّفني بالتوبة( ١ ) .

سبل تهذيب النفس

١- أداء الحقّ الإلهيّ: أي توجه النفس إلى خالقها مقرّةً بالعبودية له مؤديةً ما عليها من واجبات وفرائض، عن الإمام عليعليه‌السلام : "طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها"( ٢ ) .

٢- الإعراض عن الدنيا: فلا يعطي لنفسه ما تشتهيه من الدنيا غافلاً

____________________

١ - ميزان الحكمة، الريشهري، ج٤، ص٣٣٢٥.

٢ - نهج البلاغة، ج٣، ص ٧٥.

٢٧

عن آخرته، عن الإمام عليعليه‌السلام : "لبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا"( ١ ) .

٣- ترك الذنوب: عن الإمام عليعليه‌السلام : "ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلا"( ٢ ) .

٤- ورع واجتهاد وعفّة وسداد: ويحدّد أمير المؤمنينعليه‌السلام المطلوب من عامّة الناس على مستوى تربية النفس إذ لا يمكن أن نرقى إلى ما وصل إليه الإمام عليعليه‌السلام ، فيقول: "ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، لكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد"( ٣ ) .

بركات تهذيب النفس

١-الأمن يوم القيامة: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "إنّما هي نفسي أروّضها بالتقوى، لتأتي آمنة يوم الفزع الأكبر وتثبت على جوانب المزلق"( ٤ ) .

٢- الفلاح والفوز في الآخرة: يقول الله تعالى:﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا( ٥ ) .

٣- القدرة على تربية الآخرين وتزكيتهم: ورد في مضامين بعض

____________________

١ - عيون الحكم والمواعظ، ص٤٠٤.

٢ - الكافي، ج٢، ص٤٥١.

٣ - نهج البلاغة، ج٣، ص٧٠

٤ - نهج البلاغة، ج٣، ص٧٠

٥ - الشمس، ٩.

٢٨

الروايات أنّ نفسك التي بين جنبيك فإن قدرت عليها فأنت على غيرها أقدر وإن عجزت عنها فأنت على غيرها أعجز.

جسّد أمير المؤمنينعليه‌السلام المثل الأعلى في تزكية النفس، إذ قال: "لأروّضن نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً"( ١ ) .

____________________

١ - نهج البلاغة، ج٣، ص ٧٥.

٢٩

المحاضرة السابعة:

الرياء: الشرك الخفيّ

الهدف:

التنبيه على ضرورة مراقبة النيّة وعدم الشرك في الدوافع والبواعث التي تحرّك الإنسان إلى أيّ عمل قربويّ.

تصدير الموضوع:

"ولا تجعل شيئا ممّا أتقرّب به في أناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا واجعلني لك من الخاشعين".

المدخل

إنّ ما ينبغي استحضاره دائماً أنّ الله تعالى عالم بخفايا النفس الإنسانيّة، وأنّ الثواب والعقاب مرهونان بالإخلاص لله وعدم الشرك في

٣٠

النوايا، وأنّه يجب أن يبقى نصب أعيننا قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ(١) .

ومن المهم الإلفات أنّ أيّ ذنب قد يصدر عن الإنسان هو قابل للمغفرة إلّا الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء(٢) .

محاور الموضوع:

تعريف الرياء

عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(٣) قال: "الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يريد به وجه الله إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه"(٤) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر ؟ قال: الرياء"(٥) .

____________________

١- غافر ١٩.

٢- النساء ٤٨.

٣- الكهف ١١٠.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٢٩٤.

٥- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج١، ص١١١.

٣١

عدم قبول عمل المرائي

إنّ أوّل ما يُبتلى به المرائي هو حبط عمله، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إيّاك والرياء، فإنّه من عمل لغير الله وكلّه الله إلى من عمل له"( ١ ) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "إنّ الله لا يقبل عملاً فيه مثقال ذرّة من رياء"( ٢ ) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بن مسعود: "إذا عملت عملاً من البرّ وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترجُ بذلك منه ثواباً فإنّه يقول: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾"( ٣ ) .

علامات المرائي

وإذ بيّنت الشريعة علامات المرائي إنّما أرادت فضحه وعدم الستر عليه حتى لا يغشّ الناس أو يتوهمنّ أحد إخلاصه وصفاءه فيتقرّب منه أو يقرّبه.

عن الإمام عليعليه‌السلام : "للمرائي أربع علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه، وينقص منه

____________________

١ - الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٢٩٣.

٢ - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٠١٧.

٣ - مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٤٥٣.

٣٢

إذا لم يثن عليه"( ١ ) .

وعلى العكس فقد ورد عن الإمام عليعليه‌السلام في صفة المؤمن: "لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً"( ٢ ) .

الإبقاء على العمل

وأحياناً ونتيجةً لبعض التنافس الدنيويّ يحبط الإنسان عمله بعد أن فعله قربة الى الله. عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "الإبقاء على العمل أشدّ من العمل، قال الراوي: وما الإبقاء على العمل: قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فتكتب له سرّاً، ثمّ يذكرها فتمحى فتكتب له علانية، ثمّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياءً"( ٣ ) .

____________________

١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٠٢٠.

٢- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٠٢٢.

٣- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٢٩٦.

٣٣

المحاضرة الثامنة:

الصلاة في أوّل الوقت

الهدف

تحذير الناس من الإستخفاف بالعبادات أو التهاون بها لا سيّما الصلاة، وأهميّة تعويد النفس على مراعاة أوقاتها وأجزائها وشرائطها.

تصدير الموضوع

"اللهم إنّي كلّما قلت قد تهيّأت وتعبّأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ألقيت عليّ نعاساً إذا أنا صلّيت وسلبتني مناجاتك".

المدخل

الصلاة قربان كلّ تقي وهي عمود الدين وأحب الأعمال الى الله، وكانت آخر وصايا الأنبياء، وهي إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ ما سواها كما ورد في مضامين الأحاديث الشريفة عن أهل بيت العصمةعليهم‌السلام

٣٤

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لكلّ شيء وجه، ووجه دينكم الصلاة، فلا يشيننّ أحدكم وجه دينه......."(١) .

وكونها وجه الدين قرنها الله تعالى بالكثير من الأعمال من أدعية وزيارات وإحياءات وآيات الطبيعة وفعل المستحبات حتى تبقى عنواناً للمؤمن.

محاور الموضوع

المحافظة على الصلوات

وإذ شدّدت الشريعة على ضرورة المحافظة على الصلاة أشارت إلى بعض البركات التي يحظى بها المحافظون على الصلاة:

١- خوف الشيطان منه: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يزال الشيطان ذعراً (خائفاً) من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيعهنّ تجرأ عليه فأدخله في العظائم"(٢) .

٢- كونه ذاكراً وليس غافلاً: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "أيمّا مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة فصلّاها لوقتها فليس هذا من الغافلين"(٣) .

____________________

١- الكافي، ح٣، ص٢٧٠

٢- الكافي، ح٣، ص٢٦٩.

٣- الكافي، ج٣، ص٢٧٠.

٣٥

وعن الفضيل سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(١) ، قال: "هي الفريضة، قلت: الذين هم على صلوتهم دائمون(٢) ، قال هي النافلة"(٣)

٣- نزول الرحمة الإلهيّة: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إذا قام المصلّي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض وحفّت به الملائكة وناداه ملك: لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل" (أي ما انصرف)(٤) .

- الإقتداء بالإمام الحسينعليه‌السلام الذي أدّى صلاة الظهر أوّل وقتها في كربلاء بين جموع الأعداء الذين يتوعّدونه القتل، ولم يتهاون بها أو يستخفّ أو يؤجّل.

عواقب الإستخفاف بالصلاة

حذّر القرآن الكريم من الإستخفاف أو التكاسل والتباطؤ في أداء الصلاة، معتبراً ذلك من صفات أهل النفاق، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً(٥) .

____________________

١- المؤمنون، ٩.

٢- المعارج، ٢٣.

٣- الكافي، ح٣، ص٢٧٠.

٤- الكافي، ج٣، ص٢٦٥.

٥- النساء ١٤٢

٣٦

ومن أهم العواقب التي يورثها الإستخفاف بالصلاة:

١- النار والعذاب: قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُون(١) .

وقال تعالى: ﴿أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(٢) .

٢- عدم استحقاقه الشفاعة: قال أبو الحسن الأولعليه‌السلام : "إنّه لم-ا حضر أبي الوفاة قال لي: يا بني، إنّه لا ينال شفاعتنا من استخفّ بالصلاة"(٣) .

٣- لا يدخل الجنّة: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "لا تتهاون بصلاتك، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عند موته: ليس منّي من استخفّ بصلاته، ليس منّي من شرب مسكراً، لا يرد عليّ الحوض"(٤) .

٤- تبرؤ الأئمة منه: عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال: "بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلّي فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقالعليه‌السلام : نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني"(٥) .

____________________

١- الماعون ٤-٥

٢- مريم، ٦٠.

٣- الكافي، ح٣، ص٢٧٠.

٤- الكافي، ح٣، ص٢٦٩

٥- الكافي، ح٣، ص٢٦٨.

٣٧

المحاضرة التاسعة:

حبّ الله

الهدف:

التعريف بهذه الفضيلة ومؤشّراتها وعلاماتها وانعكاساتها على السلوك الفرديّ والجماعيّ.

تصدير الموضوع:

"اللهم إنّي أسالك أن تملأ قلبي حبّاً لك، وخشيةً منك، وتصديقاً بكتابك، وإيماناً بك، يا ذا الجلال والإكرام حبّب إليّ لقاءك وأحبب لقائي، واجعل لي في لقائك الراحة والفرج والكرامة".

المدخل

الحبّ بمعنى الميل، ومفهوم حبّ الله يعني إفراغ القلب من سواه، وعدم تعلّقه إلّا بما يقرّب منه ويجلب رضاه، وبالتالي انعكاس ذلك بالرغبة في ممارسة الطاعات والقربات والأعمال الصالحة.

٣٨

محاور الموضوع:

معنى حبّ الله في القرآن والسنّة

وقد عدّد الله تعالى بعض الأمور التي قد يتعلّق بها قلب الإنسان فتحرف مساره عن الحبّ الحقيقيّ لله، معتبراً أنّ ذلك حائلٌ دون الهداية وبابٌ إلى الفسق.

قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(١) .

وقد نصّ الإمام الصادقعليه‌السلام على أهمّ ضابطة يستطيع كلٌ منّا أن يتبيّن مدى حبّه لله، وهل أنّ قلبه متعلّق به أو بسواه إذ قال: "دليل الحبّ إيثار المحبوب على من سواه"(٢) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "حبّ الدنيا وحبّ الله لا يجتمعان في قلب أبداً"(٣) .

____________________

١- التوبة، ٢٤.

٢- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج١، ص٤٩٨.

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج١، ص٥١١.

٣٩

علامات حبّ الله

١- قيام الليل: فيما أوحى الله الى موسى: "كذب من زعم انّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عني أوليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه"(١) .

٢- إتباع الرسول: قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾.(٢)

٣- إجهاد النفس في الطاعات: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "القلب المحبّ لله يحبّ كثيراً النصب لله، والقلب اللاهي عن الله يحبّ الراحة، فلا تظن يا بن آدم أنّك تدرك رفعة البر بغير مشقّة، فإنّ الحقّ ثقيل مرّ"(٣) .

٤- بغض أهل المعاصي: لأنّ بغضهم بغض لأعدائه، وبغض أعدائه قرب منه، عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "طلبت حبّ الله فوجدته في بغض أهل المعاصي"(٤) .

بركات حب الله

١- محبّة الله: في حديث قدسي رواه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما تحبّب عبدٌ إليّ بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه، وإنّه ليتحبّب إليّ بالنافلة حتى

____________________

١- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج٧، ص٧٨.

٢- آل عمران، ٣١،

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج١، ص٥١٠.

٤- مستدرك الوسائل، ج٢، ص٣٥٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177