فلسفتنا

فلسفتنا0%

فلسفتنا مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
تصنيف: كتب
الصفحات: 438

فلسفتنا

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد باقر الصدر
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
تصنيف: الصفحات: 438
المشاهدات: 34609
تحميل: 11460

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 438 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34609 / تحميل: 11460
الحجم الحجم الحجم
فلسفتنا

فلسفتنا

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

التعديلات العلمية والحقائق المطلقة :

وقد كتب (أنجلز) ينقد مبدأ الحقيقة المطلقة القائل بسلبية إمكان اجتماعها مع الخطأ ، عن طريق التعديل الذي يطرأ على النظريات والقوانين العلمية ، فقال :

(ولنستشهد على ذلك بقانون (بويل) الشهير ، الذي ينصّ على أنّ حجوم الغازات تتناسب عكسياً مع الضغط الواقع عليها إذا بقيت درجة حرارتها ثابتة وجد (رنيو) بأنّ هذا القانون لا يصحّ في حالات معيّنة ، ولو كان (رنيو) أحد فلاسفة الواقعية لانتهى من ذلك إلى الاستخلاص التالي : بما أنّ قانون (بويل) قابل للتغيّر فهو ليس بحقيقة محضة ، أي : أنّه ليس بحقيقة البتة ، فهو ـ إذن ـ قانون باطل

____________________

(*)

(ج) أنّ جمع غازين درجة حرارة كلّ منهما درجتان مئويتان ، ينتج حرارة الخليط بنفس تلك الدرجة أيضاً من دون مضاعفة

وهذا لون آخر من التمويه ؛ لأنّ العمليّة إنّما جمعت بين غازين وخلطت بينهما ، لا أنّها جمعت بين درجتي الحرارة وإنّما يجمع بين الدرجتين لو ضوعفت الدرجة في موضوعها ، فنحن لم نضف حرارة على حرارة لنترقّب حدوث درجة أضخم للحرارة ، وإنّما أضفنا حارّاً إلى حارّ وخلطنا بينهما

وهكذا يتّضح : أنّ كلّ تشكيك أو نقض يدور حول البدهيات العقلية الضرورية ، مردّه في الحقيقة إلى لون من المغالطة أو عدم إجادة فهم تلك البدهيات وسوف يبدو هذا بكلّ وضوح عند عرضنا لنقوض الماركسية التي حاولت أن تردّ على مبدأ عدم التناقض (المؤلّف قدس‌سره )

٢٢١

ولو نهج (رنيو) هذا النهج لارتكب خطأً أفظع ممّا تضمنه قانون (بويل) ، ولتاهت ذرّة الحقيقة المنطوي عليها نقده لهذا القانون ، واندفنت بين رمال صحراء الباطل ، ولأفضى به الأمر أخيراً إلى تشويه النتيجة الصائبة التي أدركها ، وإلى إحالتها إلى نتيجة واضحة الأخطاء إذا ما قورنت مع النتيجة التي أدركها قانون (بويل) ، الذي يبدو صحيحاً رغم ما هو عالق به من أخطاء جزئية)(١) ويتلخّص هذا النقد في أنّ الفكر الميتافيزيقي لو كان على صواب فيما يؤمن به للحقائق من إطلاق وتعارض مطلق مع الخطأ ، لوجب رفض كلّ قانون علمي لمجرّد وضوح عدم صحّته جزئياً ، وفي حالات معيّنة فقانون (بويل) بحكم الطريقة الميتافيزيقية في التفكير إمّا أن يكون حقيقة مطلقة ، وإمّا أن يكون خطأً محضاً ، فإذا تبيّن في الميدان التجريبي عدم صحّته أحياناً ، فيجب أن يكون لأجل ذلك خطأً مطلقاً ، وأن لا يكون فيه شيء من الحقيقة ؛ لأنّ الحقيقة لا تجتمع مع الخطأ ، ويخسر العلم بذلك جانب الحقيقة من ذلك القانون

وأمّا في الطريقة الديالكتيكية ، فلا يعتبر ذلك الخطأ النسبي دليلاً على سقوط القانون سقوطاً مطلقاً ، بل هو حقيقة نسبية في نفس الوقت ؛ فإنّ الحقيقة تجتمع مع الخطأ

ولو كان (أنجلز) قد عرف النظرية الميتافيزيقية في المعرفة معرفة دقيقة ، وفهم ما تعني من الحقيقة المطلقة ، لما حاول أن يوجّه مثل هذا النقد إليها إنّ الصحّة والخطأ لم يجتمعا في حقيقة واحدة ، لا في قانون (بويل) ولا في

____________________

(١) ضد دوهرنك : ١٥٣

٢٢٢

غيره من القوانين العلمية فالحقيقة من ذلك القانون هي حقيقة مطلقة لا خطأ فيها ، وما هو خطأ منه فهو خطأ محض ، والتجارب العلمية التي قام بها (رنيو) ، والتي أوضحت له مثلاً : أنّ قانون (بويل) لا يصحّ فيما إذا بلغ الضغط الحدّ الذي تتحوّل فيه الغازات إلى سوائل ، لم تقلب الحقيقة إلى الخطأ ، وإنّما شطرت القانون إلى شطرين ، وأوضحت أنّ أحد هذين الشطرين خطأ محض ، فاجتماع الخطأ والحقيقة اجتماع اسمي وليس اجتماعاً بمعناه الصحيح

وفي تعبير واضح : أنّ كلّ قانون علمي صحيح فهو يحتوي على حقائق بعدد الحالات التي يتناولها وينطبق عليها ، فإذا أظهرت التجربة خطأه في بعض تلك الحالات ، وصوابه في البعض الآخر ، فليس معنى ذلك : أنّ الحقيقة نسبية ، وأنّها اجتمعت مع الخطأ ، بل معنى ذلك : أنّ محتوى القانون يطابق الواقع في بعض الحالات دون بعض فالخطأ له موضع وهو في ذلك الموضع خطأ محض ، والحقيقة لها موضع آخر وهي في ذلك الموضع حقيقة مطلقة

والفكر الميتافيزيقي لا يحتّم على العالِم الطبيعي أن يرفض القانون نهائياً إذا ما تبيّن عدم نجاحه في بعض الحالات ؛ لأنّه يعتبر كلّ حالة تمثّل قضية خاصّة بها ، ولا يجب أن تكون القضية الخاصّة بحالة ما خطأ إذا ما كانت القضية الخاصّة بالحالة الأخرى كذلك

وكان يجب على (أنجلز) ـ عوضاً عن تلك المحاولات الصبيانية لتبرير الحقيقة النسبية واجتماعها مع الخطأ ـ أن يتعلّم الفرق بين القضايا البسيطة والقضايا المركّبة ، ويعرف أنّ القضية البسيطة هي التي لا يمكن أن تنقسم إلى قضيّتين ، كما في قولنا : مات أفلاطون قبل أرسطو وأنّ القضية المركّبة هي القضية التي تتألّف من قضايا متعدّدة ، نظير قولنا : الفلزات تتمدّد بالحرارة ؛ فإنّ هذا القول مجموعة من قضايا ، ويمكننا أن نعبّر عنه في قضايا متعدّدة فنقول : الحديد يتمدّد

٢٢٣

بالحرارة ، والذهب يتمدّد بالحرارة ، والرصاص يتمدّد بالحرارة

والقضية البسيطة- باعتبارها قضية مفردة- لا يمكن أن تكون حقيقة من ناحية وخطأ من ناحية أخرى ، فموت أفلاطون قبل أرسطو إمّا أن يكون حقيقة وإمّا أن يكون خطأ

وأمّا القضية المركّبة ، فلمّا كانت في الحقيقة ملتقى قضايا متعدّدة ، فمن الجائز أن توجد الحقيقة في جانب منها والخطأ في جانب آخر ، كما إذا افترضنا أنّ الحديد يتمدّد بالحرارة دون الذهب ، فإنّ القانون الطبيعي العام وهو : الفلزات تتمدّد بالحرارة ، يعتبر صحيحاً على ناحية وخطأ من ناحية أخرى ، ولكن ليس معنى ذلك : أنّ الحقيقة والخطأ اجتمعا فكانت القضية الواحدة خطأ وحقيقة ، بل الخطأ إنّما يوجد في قضية : الذهب يتمدّد بالحرارة مثلاً ، والحقيقة إنّما توجد في قضية : الحديد يتمدّد بالحرارة مثلاً ، فلم يكن الخطأ حقيقة ولا الحقيقة خطأ

وفي عودتنا على الحركة التطوّرية في الحقيقة والمعرفة بصفتها جزءاً من الديالكتيك- الذي خصّصنا لدراسته الجزء الثاني من المسألة الآتية (المفهوم الفلسفي للعالم )- سنستعرض مدارك الماركسية وألوان استدلالها على تطوّر الحقيقة والمعرفة ، ومدى ضعفها ومغالطاتها ، وعلى الأخصّ ما حاولته الماركسية من اعتبار العلوم الطبيعية ، في تطوّرها الرائع على مرّ الزمن ونشاطها المتضاعف وقفزاتها الجبّارة ، مصداقاً للحركة التطوّرية في الحقائق والمعارف ، مع أنّ تطوّر العلوم في تاريخها الطويل لا صلة له بتطوّر الحقيقة والمعرفة بمعناها الفلسفي الذي تحاوله الماركسية فالعلوم تتطوّر لا بمعنى أنّ حقائقها تنمو وتتكامل ، بل بمعنى : أنّ حقائقها تزداد وتتكاثر ، وأخطاءها تقلّ وتتقلّص ، ونوكل إيضاح ذلك إلى البحث المقبل في المسألة الثانية .

ويخلص معنا من هذه الدراسة :

٢٢٤

أوّلاً : أنّ الحقيقة مطلقة وغير متطوّرة ، وإن كان الواقع الموضوعي للطبيعة متطوّراً ومتحرّكاً على الدوام

ثانياً : أنّ الحقيقة تتعارض تعارضاً مطلقاً مع الخطأ ، فالقضية البسيطة الواحدة لا يمكن أن تكون حقيقة وخطأ

ثالثاً : أنّ إجراء الديالكتيك على الحقيقة والمعرفة يحتّم علينا الشكّ المطلق في كلّ حقيقة ما دامت في تغيّر وتحرّك مستمرّ ، بل يحكم على نفسه بالإعدام والتغيّر أيضاً ؛ لأنّه بذاته من تلك الحقائق التي يجب أن تتغيّر بحكم منطقه التطوّري الخاصّ

انتكاس الماركسية في الذاتية :

وفي النهاية يجب أن نشير إلى أنّ الماركسية بالرغم من إصرارها على رفض النسبية الذاتية بترفّع ، وتأكيدها على الطابع الموضوعي لنسبيّتها ، وأنّها نسبية تواكب الواقع المتطوّر وتعكس نسبيّته ، بالرغم من ذلك كلّه ارتدّت الماركسية مرّة أخرى ، فانتكست في أحضان النسبية الذاتية حين ربطت المعرفة بالعامل الطبقي ، وقرّرت : أنّ من المستحيل للفلسفة ـ مثلاً ـ أن تتخلّص من الطابع الطبقي والحزبي حتّى قال موريس كونفورت : (كانت الفلسفة دوماً تعبّر ولا تستطيع إلاّ أن تعبّر عن وجهة نظر طبقية)(١)

وقال تشاغين : (لقد ناضل لينين بثبات وإصرار ضدّ النزعة الموضوعية في النظرية)(٢)

____________________

(١) المادّية الديالكتيكية والمادّية التاريخيّة : ٣٢

(٢) الروح الحزبية في الفلسفة والعلوم : ٧٠

٢٢٥

وواضح : أنّ هذا الاتّجاه الماركسي يطبع كلّ معرفة بالعنصر الذاتي ، ولكنّها ذاتية طبقية لا ذاتية فردية كما كان يقرّر النسبيون الذاتيون ، وبالتالي تصبح (الحقيقة) هي : مطابقة الفكرة للمصالح الطبقية للمفكّر ؛ لأنّ كلّ مفكّر لا يستطيع أن يدرك الواقع إلاّ في حدود هذه المصالح ، ولا يمكن لأحد في هذا الضوء أن يضمن وجود الحقيقة في أيّ فكرة فلسفية أو علمية بمعنى مطابقتها للواقع الموضوعي ، وحتّى الماركسية نفسها لا تستطيع ـ ما دامت تؤمن بحتمية الطابع الطبقي ـ أن تقدّم لنا مفهومها عن الكون والمجتمع بوصفه تعبيراً مطابقاً للواقع ، وإنّما كلّ ما تستطيع أن تقرّره هو : أنّه يعكس ما يتّفق مع مصالح الطبقة العاملة من جوانب الواقع(١)

____________________

(١) لأجل التوضيح راجع كتاب (اقتصادنا) للمؤلف ، مبحث : نظرية المادية التاريخية ، تحت عنوان : (ب ـ الفلسفة)

٢٢٦

-٢-

المفهوم الفلسفي للعالم

١- تمهيد

٢- الديالكتيك أو الجدل

٣- مبدأ العلّيّة

٤- المادّة أو الله

٥- الإدراك

٢٢٧

٢٢٨

المفهوم الفلسفي للعالم / ١

تمهيد

مفاهيم ثلاثة للعالم

تصحيح أخطاء

إيضاح عدّة نقاط عن المفهومين

الاتّجاه الديالكتيكي للمفهوم المادّي

٢٢٩

٢٣٠

[ مفاهيم ثلاثة للعالم : ]

إنّ لمسألة تكوين مفهوم فلسفي عام عن العالم ، مركزاً رئيسياً في العقل البشري ، منذ حاولت الإنسانية تحديد علاقاتها بالعالم الموضوعي وارتباطها به ولسنا نحاول في دراستنا هذه أن نؤرّخ للمسألة في سيرها الفلسفي والديني والعلمي ، وتطوّرها على مرّ الزمن منذ آمادها البعيدة ، وإنّما نستهدف أن نعرض المفاهيم الأساسية في الحقل الفلسفي الحديث ؛ لنحدّد موقفنا منها ، وما هو المفهوم الذي يجب أن تتبلور نظرتنا العامّة على ضوئه ويرتكز مبدأنا في الحياة على أساسه

ومردّ مسألتنا هذه إلى مسألتين :

إحداهما : مسألة المثالية والواقعية

والأخرى : مسألة المادّية والإلهية

ففي المسألة الأولى يُعرَض السؤال على الوجه التالي : أنّ هذه الكائنات التي يتشكّل منها العالم ، هل هي حقائق موجودة بصورة مستقلّة عن الشعور والإدراك ؟ أو أنّها ليست إلاّ ألواناً من تفكيرنا وتصوّرنا ؟ بمعنى : أنّ الفكر أو الإدراك هو الحقيقة ، وكلّ شيء يرجع في نهاية المطاف إلى التصوّرات الذهنية ، فإذا أسقطنا الشعور أو الـ‍ (أنا) فإنّ الواقع كلّه يزول فهذان تقديران للمسألة

٢٣١

والإجابة بالتقدير الأوّل تلخّص الفلسفة الواقعية أو المفهوم الواقعي للعالم ، والإجابة بالتقدير الثاني هي التي تقدّم المفهوم المثالي للعالم

وفي المسألة الثانية يوضع السؤال على ضوء الفلسفة الواقعية هكذا : إذا كنّا نؤمن بواقع موضوعي للعالم ، فهل نقف في الواقعية على حدود المادّة المحسوسة ، فتكون هي السبب العامّ لجميع ظواهر الوجود والكون بما فيها من ظواهر الشعور والإدراك ؟ أو نتخطّاها إلى سبب أعمق ، إلى سبب أبدي ولانهائي بصفة المبدأ الأساسي لما ندركه من العالم بكلا مجاليه : الروحي والمادّي معاً ؟

وبذلك يوجد في الحقل الفلسفي للواقعية مفهومان : يعتبر أحدهما أنّ المادّة هي القاعدة الأساسية للوجود ، وهو : المفهوم الواقعي المادّي ويتخطّى الآخر المادّة إلى سبب فوق الروح والطبيعة معاً ، وهو : المفهوم الواقعي الإلهي

فبين يدينا- إذن- مفاهيم ثلاثة للعالم : المفهوم المثالي ، والمفهوم الواقعي المادّي ، والمفهوم الواقعي الإلهي وقد يعبّر عن المثالية بالروحية نظراً إلى اعتبار الروح ، أو الأنا ، أو الشعور ، الأساس الأوّل للوجود

تصحيح أخطاء :

وعلى هذا الضوء يجب أن نصحّح عدّة أخطاء وقع فيها بعض الكتّاب المحدَثين :

الأوّل : محاولة اعتبار الصراع بين الإلهية والمادّية مظهراً من مظاهر التعارض بين المثالية والواقعية ، فلم يفصلوا بين المسألتين اللتين قدّمناهما ، وزعموا أنّ المفهوم الفلسفي للعالم أحد أمرين : إمّا المفهوم المثالي ، وإمّا المفهوم المادّي فتفسير العالم لا يمكن أن يقبل سوى وجهين اثنين ، فإذا فسّرت العالم تفسيراً تصوّرياً خالصاً ، وآمنت بأنّ التصوّر أو الأنا هو الينبوع الأساسي ، فأنت

٢٣٢

مثالي ، وإذا أردت أن ترفض المثالية والذاتية ، وتؤمن بواقع موضوعي مستقلّ عن الـ‍ (أنا) ، فليس عليك إلاّ أن تأخذ بالمفهوم المادّي للعالم ، وتعتقد أنّ المادّة هي المبدأ الأوّل ، وأنّ الفكر والشعور ليس إلاّ انعكاساً لها ودرجة خاصّة من تطوّرها

وهذا لا يتّفق مع الواقع مطلقاً كما عرفنا ؛ فإنّ الواقعية ليست وقفاً على المفهوم المادّي ، كما أنّ المثالية أو الذاتية ليست هي الشيء الوحيد الذي يعارض المفهوم المادّي ، ويقف أمامه على الصعيد الفلسفي ، بل يوجد مفهوم آخر للواقعية ، هو: المفهوم الواقعي الإلهي الذي يعتقد بواقع خارجي للعالم والطبيعة ، ويرجع الروح والمادّة معاً إلى سبب أعمق فوقهما جميعاً

الثاني : ما اتّهم به بعض الكتّاب المفهوم الإلهي : من أنّه يجمّد مبدأ العلِّية في دنيا الطبيعة ، ويلغي قوانينها ونواميسها التي يكتشفها العلم وتزداد وضوحاً يوماً بعد يوم ، فهو في زعمهم يربط كلّ ظاهرة وكلّ وجود بالمبدأ الإلهي

ولقد لعب هذا الاتّهام دوراً فعّالاً في الفلسفة المادّية ، حيث اعتبرت فكرة الله هي فكرة وضع سبب المعقول لما يشاهده من ظواهر الطبيعة وحوادثها ، ومحاولة لتبرير وجودها ، فتزول الحاجة إليها تماماً حين نستطيع أن نستكشف بالعلم والتجارب العلمية حقيقة الأسباب والقوانين الكونية التي تتحكّم في العالم ، وتتولّد باعتبارها الظواهر والحوادث وساعد على تركيز هذا الاتّهام ما كانت تلعبه الكنيسة في بداية النهضة العلمية في أوروبا ، من أدوار خبيثة في محاربة التطوّر العلمي ، ومعارضة ما يكشفه العلم من أسرار الطبيعة ونواميسها

والحقيقة : أنّ المفهوم الإلهي للعالم لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية ، أو التمرّد على شيء من حقائق العلم الصحيح ، وإنّما هو المفهوم الذي يعتبر الله سبباً أعمق ، ويحتّم على تسلسل العلل والأسباب أن يتصاعد إلى قوّة فوق الطبيعة والمادّة وبهذا يزول التعارض بينه وبين كلّ حقيقة علمية تماماً ؛ لأنّه

٢٣٣

يطلق للعلم أوسع مجال لاستكشاف أسرار الطبيعة ونظامها ، ويحتفظ لنفسه بالتفسير الإلهي في نهاية المطاف ، وهو وضع السبب الأعمق في مبدأ أعلى من الطبيعة والمادّة

فليست المسألة الإلهية ـ كما يشاء أن يصوّرها خصومها ـ مسألة أصابع تمتدّ من وراء الغيب ، فتقطر الماء في الفضاء تقطيراً ، أو تحجب الشمس عنّا ، أو تحول بيننا وبين القمر ، فيوجد بذلك المطر والكسوف والخسوف ، فإذا كشف العلم عن أسباب المطر وعوامل التبخير فيه ، وإذا كشف عن سبب الكسوف وعرفنا أنّ الأجرام السماوية ليست متساوية الأبعاد عن الأرض ، وأنّ القمر أقرب إليها من الشمس ، فيتّفق أن يمرّ القمر بين الأرض والشمس فيحجب نورها عنّا ، وإذا كشف العلم عن سبب الخسوف ، وهو وقوع القمر في ظلّ الأرض ، الذي يمتدّ وراءها إلى مسافة (٩٠٠) ألف ميل تقريباً ، أقول : إذا كملت هذه المعلومات لدى الإنسان ، يخيّل لأولئك المادّيين أنّ المسألة الإلهية لم يبقَ لها موضوع ، وأنّ الأصابع الغيبية التي تحجب الشمس أو القمر عنّا ، عوَّض عنها العلم بالتعليلات الطبيعية ، وليس هذا إلاّ لسوء فهم للمسألة الإلهية ، وعدم تمييز لموضع السبب الإلهي من سلسلة الأسباب

الثالث : أنّ الطابع الروحي غلب على المثالية والإلهية معاً ، حتّى أخذ يبدو أنّ الروحية في المفهوم الإلهي هي بمعناها في المفهوم المثالي ، ونشأت عن ذلك عدّة اشتباهات ؛ ذلك أنّ الروحية قد تعتبر وصفاً لكلّ من المفهومين ولكنّنا لا نجيز مطلقاً أن يهمل التمييز بين الروحيتين ، بل يجب أن نعرف أنّ الروحية في العرف المثالي يقصد بها: المجال المقابل للمجال المادّي المحسوس ، أي : مجال الشعور والإدراك والأنا فالمفهوم المثالي روحي على أساس أنّه يفسّر كلّ كائن وكلّ موجود في نطاق هذا المجال ، ويرجع كلّ حقيقة وكلّ واقع إليه فالمجال

٢٣٤

المادّي مردّه في الزعم المثالي إلى مجال روحي

وأمّا الروحية في المفهوم الإلهي أو العقيدة الإلهية ، فهي طريقة للنظر إلى الواقع بصورة عامّة ، لا مجالاً خاصّاً مقابلاً للمجال المادّي فالإلهية التي تؤمن بالسبب المجرّد الأعمق ، تعتقد بصلة كلّ ما هو موجود في المجال العامّ ـ سواءٌ أكان روحياً أم مادّياً ـ بذلك السبب الأعمق ، وترى أنّ هذه الصلة هي التي يجب أن يحدّد على ضوئها الموقف العملي والاجتماعي للإنسان تجاه الأشياء جميعاً فالروحية في العرف الإلهي أسلوب في فهم الواقع ، ينطبق على المجال المادّي والمجال الروحي ـ بمعناه المثالي ـ على السواء

ويتلخّص من العرض السابق : أنّ المفاهيم الفلسفية عن العالم ثلاثة وقد درسنا في نظرية المعرفة المفهوم المثالي باعتباره مرتبطاً بها كلّ الارتباط ، واستعرضنا أخطاءه ، فلنتناول في هذه المسألة دراسة المفهومين الآخرين : المادّي والإلهي

وفي المفهوم المادّي اتّجاهان : الاتّجاه الآلي أو الميكانيكي ، والاتّجاه الديالكتيكي والتناقض ، أو المادّية الديناميكية

إيضاح عدّة نقاط عن المفهومين :

وقبل أن نعرض للمفهوم المادّي بكلا اتّجاهيه يجب أن نستوضح عدّة نقاط حول المفهوم الإلهي والمادّي ، وذلك في الأسئلة الآتية :

السؤال الأوّل : ما هي الميزة الأساسية لكلّ من الاتّجاه المادّي (المدرسة المادّية للفلسفة) والاتّجاه الإلهي (المدرسة الإلهية) على الآخر ؟ وما هو الفارق الرئيسي الذي جعل منهما اتّجاهين متعارضين ، ومدرستين متقابلتين ؟

ونظرة واحدة نلقيها على المدرستين تحدّد لنا جواباً واضحاً على هذا

٢٣٥

السؤال ، وهو : أنّ المائز الأساسي للمدرسة المادّية في الفلسفة هو : النفي أو الناحية السلبية ، لما يتراءى أنّه فوق طاقة العلوم التجريبية فلا يوجد في الحقل العلمي إذن- أي : في النواحي الإيجابية للعلم التي تبرهن عليها التجربة ـ إلهي ومادّي فالفيلسوف سواءٌ أكان إلهياً أم مادّياً ، يؤمن بالجانب الإيجابي من العلم ، فهما من الناحية العلمية يسلّمان ـ مثلاً ـ بأنّ (الراديوم) يولِّد طاقة من الإشعاع نتيجة لانقسام داخلي ، وبأنّ الماء يأتلف من أوكسجين وهيدروجين ، وبأنّ عنصر الهيدروجين هو أخفّ العناصر في وزنه الذرّي ويؤمنان معاً بسائر الحقائق الإيجابية التي تظهر على الصعيد العلمي فليس في المسألة العلمية فيلسوف إلهي وآخر مادّي ، وإنّما توجد هاتان الفلسفتان وتتعارض المادّية مع الإلهية حينما تعرض مسألة الوجود فيما وراء الطبيعة فالإلهي يعتقد بلون من الوجود مجرّد عن المادّة ، أي : موجود خارج الحقل التجريبي ، وظواهره وقواه والمادّي ينكر ذلك ويقصر الوجود على ذلك الحقل الخاصّ ، ويعتبر الأسباب الطبيعية التي كشفت عنها التجربة وامتدّت إليها يد العلم ، هي الأسباب الأوّلية للوجود ، وأنّ الطبيعة هي المظهر الوحيد له

فبينما يقرّر الاتّجاه الإلهي : أنّ الروح الإنسانية أو الـ‍ (أنا) ، ذات مجرّدة عن المادّة ، وأنّ الإدراك والفكر ظواهر مستقلّة عن الطبيعة والمادّة ، ينكر المادّي ذلك زاعماً أنّه حلّل جسم الإنسان ، وراقب عمليات الجهاز العصبي ، فلم يجد شيئاً خارج الحدود الطبيعية والمادّية ، كما يدّعي الإلهيون

وكذلك يؤمن الاتّجاه الإلهي بأنّ التطوّرات والحركات التي يكشف عنها العلم ـ سواءٌ كانت حركات ميكانيكية تخضع لسبب مادّي خارجي ، أم حركات طبيعية غير ناشئة من مؤثّرات مادّية معيّنة بالتجربة ـ ترجع في النهاية إلى سبب خارجي وراء سياج الطبيعة والمادّة ويعارض في ذلك المادّي زاعماً أنّ الحركة

٢٣٦

الميكانيكية والحركة الطبيعية لا تتّصلان بسبب مجرّد ، وأنّ الحركة الطبيعية ديناميكية ، فهي تكتفي بنفسها ؛ لأنّ الحقل التجريبي لم يبدُ فيه ما اعتقده الإلهيون من سبب مجرّد

وهكذا يتّضح بكلّ جلاء أنّ التعارض بين الإلهية والمادّية ليس في الحقائق العلمية ؛ فإنّ الإلهي كالمادّي يعترف بجميع الحقائق العلمية التي توضّحها التجارب الصحيحة عن جسم الإنسان وفزلجة أعضائه ، وعن التطوّر والحركة في الطبيعة ، وإنّما يزيد بوضع حقائق أخرى والاعتراف بها فهو يبرهن على وجود جانب روحي مجرّد للإنسان غير ما ظهر منه في الميدان التجريبي ، وعلى سبب مجرّد أعلى للحركات الطبيعية والميكانيكية فوق المجال المحسوس

وما دمنا قد عرفنا أنّ الميدان العلمي ليس فيه إلهي ومادّي ، نعرف أنّ الكيان الفلسفي للمادّية- باعتبارها مدرسة مقابلة للإلهية- إنّما يرتكز على نفي الحقائق المجرّدة ، وإنكار الوجود خارج حدود الطبيعة والمادّة ، لا على حقائق علمية إيجابية

السؤال الثاني : إذا كان التعارض بين الإلهية والمادّية هو تعارض الإثبات والنفي ، فأيّ المدرستين يقع على مسؤوليتها الاستدلال والبرهنة على اتّجاهها الخاصّ الإيجابي أو السلبي ؟

وقد يحلو لبعض المادّيين في هذا المجال أن يتخلّص من مسؤولية الاستدلال ، ويعتبر الإلهي هو المسؤول عن التدليل على مدّعاه ؛ لأنّ الإلهي هو صاحب الموقف الإيجابي ، أي : مدّعي الثبوت ، فيجب عليه أن يبرّر موقفه ويبرهن على وجود ما يدّعيه

ولكنّ الواقع : أنّ كلاً منهما مكلّف بتقديم الأدلّة والمدارك لاتّجاهه الخاصّ ، فكما أنّ الإلهي يجب عليه أن يبرهن على الإثبات ، كذلك المادّي هو

٢٣٧

مسؤول- أيضاً- عن الدليل على النفي ؛ لأنّه لم يجعل القضية الميتافيزيقية موضع الشكّ ، وإنّما نفاها نفياً قاطعاً ، والنفي القاطع كالإثبات القاطع يفتقر إلى الدليل فالمادّي حين زعم أنّ السبب المجرّد لا وجود له ، ادّعى في هذا الزعم ضمناً أنّه أحاط بالوجود كلّه ، ولم يجد فيه موضعاً للسبب المجرّد ، فلابدّ أن يقدّم دليلاً على هذه الإحاطة العامّة ، وتبريراً للنفي المطلق

ونتساءل هنا من جديد : ما هي طبيعة الدليل الذي يمكن للإلهي أو للمادّي أن يقدّمه في هذا المجال ؟

ونجيب أنّ دليل الإثبات أو النفي يجب أن يكون هو العقل ، لا التجربة المباشرة ، خلافاً للمادّية التي درجت على اعتبار التجربة دليلاً على مفهومها الخاصّ ، زاعمة أنّ المفهوم الإلهي أو القضايا الميتافيزيقية بصورة عامّة لا يمكن إثباتها بالتجربة ، وأنّ التجربة هي التي تردّ على تلك المزاعم ؛ لأنّها تحلّل الإنسان والطبيعة ، وتدلّل على عدم وجود أشياء مجرّدة فيهما ؛ ذلك أنّ التجارب والحقائق العلمية إذا صحّ للمادّية ما تزعمه : من أنّها لا تقوم دليلاً على الاتّجاه الإلهي ، فهي- أيضاً- لا تصلح دليلاً للنفي المطلق الذي يحدّد الاتّجاه المادّي ، فقد عرفنا أنّ الحقائق العلمية على اختلاف ألوانها ليست موضعاً للنقاش بين الإلهية والمادّية ، وإنّما النقاش في التفسير الفلسفي لتلك الحقائق ، أي : في وجود سبب أعلى وراء حدود التجربة

ومن الواضح : أنّ التجربة لا يمكن أن تعتبر برهاناً على نفي حقيقة خارج حدودها فالعالِم الطبيعي إذا لم يجد السبب المجرّد في مختبره ، لم يكن هذا دليلاً إلاّ على عدم وجوده في ميدان التجربة ، وأمّا نفي وجوده في مجال فوق مجالات التجربة ، فلا يمكن أن يستنتج من التجربة ذاتها.

ونؤكّد بهذا البيان على أمرين :

٢٣٨

أحدهما : أنّ المادّية بحاجة إلى دليل على الجانب السلبي الذي يميّزها عن الإلهية ، كحاجة الميتافيزيقا إلى برهان على الإيجاب والإثبات

والآخر : أنّ المادّية اتّجاهٌ فلسفي كالإلهية ، ولا توجد لدينا مادّية علمية ، أي : تجريبية ؛ لأنّ العلم ـ كما عرفنا ـ لا يُثبت المفهوم المادّي للعالم لتكون المادّية علمية ، بل كلّ ما يكشف عنه العلم من حقائق وأسرار في عالم الطبيعة ، يترك مجالاً لافتراض سبب أعلى فوق المادّة فالتجربة العلمية- مثلاً- لا يمكن أن تدلّ على أنّ المادّة ليست مخلوقة لسبب مجرّد ، أو على أنّ أشكال الحركة وألوان التطوّر التي استكشفها العلم في شتّى جوانب الطبيعة ، هي حركات وتطوّرات مكتفية ذاتياً ، وليست منبثقة عن سبب فوق حدود التجربة ومجالاتها وهكذا كلّ حقيقة علمية فالدليل على المادّية ـ إذن ـ لا يمكن أن يرتكز على الحقائق العلمية ، أو التجارب بصورة مباشرة ، وإنّما يصاغ في تفسير فلسفي لتلك الحقائق والتجارب ، كالدليل على الإلهية تماماً

ولنأخذ التطوّر لذلك مثلاً ، فالعلم يُثبت وجود التطوّر الطبيعي في عدّة من المجالات ، ويمكن أن يوضَع لهذا التطوّر تفسيران فلسفيان :

أحدهما : أنّه منبثق عن صميم الشيء ، وناتج عن صراع يفترض فيه بين المتناقضات ، وهذا هو تفسير المادّية الديالكتيكية

والآخر : أنّه ناتج عن سبب أعلى مجرّد ، فالطبيعة المتطوّرة لا تحوي في ذاتها المتناقضات ، وإنّما تنطوي على إمكان التطوّر ، وذلك السبب هو الذي يحقّق للإمكان الوجود الفعلي ، وهذا هو تفسير الفلسفة الإلهية فنحن نلاحظ بوضوح : أنّ المفهوم العلمي إنّما هو وجود التطوّر الطبيعي ، وأمّا هذان المفهومان عن الحركة فهما مفهومان فلسفيان ، ولا يمكن أن يتأكّد من صحّة أحدهما ، وخطأ الآخر بالتجربة المباشرة

٢٣٩

السؤال الثالث : إذا لم تكفِ التجربة العلمية بذاتها للبرهنة على المفهوم الإلهي والمادّي على السواء ، فهل يمكن للفكر البشري أن يستدلّ على أحد المفهومين ما داما معاً خارجين عن النطاق التجريبي ؟ أو إنّه يصبح مضطراً إلى الاستسلام للشكّ ، وتجميد مسألة الإلهية والمادّية ، والانصراف إلى المجال العلمي المثمر ؟

والجواب : أنّ القدرة الفكرية للبشر كافية لدرس هذه المسألة ، والانطلاق فيها من التجربة ذاتها ، ولكن لا على أن تكون التجربة هي الدليل المباشر على المفهوم الذي نكوّنه عن العالم ، بل تكون التجربة نقطة الابتداء ، ويوضع المفهوم الفلسفي الصحيح للعالم ـ وهو المفهوم الإلهي ـ على ضوء تفسير التجربة والظواهر التجريبية ، بالمعلومات العقلية المستقلّة

ولا بدّ أنّ القارئ يتذكّر دراستنا- في نظرية المعرفة (المسألة الأولى)- للمذهب العقلي ، وكيف أوضحنا بالبرهان وجود معارف عقلية مستقلّة ، على شكل تبيّن أنّ إضافة معارف عقلية إلى التجربة أمر ضروري لا في مسألتنا الفلسفية فحسب ، بل في جميع المسائل العلمية فما من نظرية علمية ترتكز على أساس تجريبي بحت ، وإنّما تقوم على أساس التجربة ، وعلى ضوء المعلومات العقلية المستقلة فلا تختلف قضيّتنا الفلسفية التي تتناول البحث عمّا وراء عالم الطبيعة ، عن كلّ قضية علمية تبحث عن أحد قوانين الطبيعة ، أو تكشف شيئاً من قواها وأسرارها فالتجربة في جميع ذلك نقطة الانطلاق ، وهي مع ذلك بحاجة إلى تفسير عقلي لتستنتج منها الحقيقة الفلسفية أو العلمية(١)

____________________

(١) وقد أشرنا في بحث (نظريّة المعرفة) إلى أنّ السيّد المؤلّفقدس‌سره توصّل بعد تأليفه لهذا الكتاب إلى مذهب جديد للمعرفة في مقابل المذهب العقلي والتجريبي ، وهو المذهب

٢٤٠