الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء11%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 74662 / تحميل: 5465
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

خمسمئة رسالة في ألمانيا قبل ثلاثمئة سنة ، وهي موجودة في مكتبة الدّولة ببرلين ، وفي مكتبة باريس ؛ وممّا قاله الأستاذ أبو زهرة :

«أنّ الإمام جعفرا كان قوّة فكريّة في هذا العصر ، فلم يكتف بالدّراسات الإسلاميّة ، وعلوم القرآن ، والسّنّة ، والعقيدة ، بل اتّجه إلى دراسة الكون وأسراره ، ثمّ حلّق بعقله الجبّار في سماء الأفلاك ، ومدارات الشّمس ، والقمر ، والنّجوم ، وبذلك علم مقدار نعمة الله على عبيده وقد عني عناية كبرى بدراسة

__________________

ـ الكوفة ، وأصله من خراسان. اتّصل بالبرامكة ، وانقطع إلى أحدهم جعفر بن يحيى. وتوفّي بطوس. له تصانيف كثيرة قيل : عددها (٢٣٢) كتابا ، وقيل : بلغت خمسمئة. ضاع أكثرها ، وترجم بعض ما بقي منها إلى اللّاتينيّة. وممّا بين أيدينا من كتبه ـ أو الكتب المنسوبة إليه ـ (مجموع رسائل) نحو ألف صفحة ، و (أسرار الكيمياء) و (علم الهيئة) و (أصول الكيمياء) و (المكتسب) مع شرح بالفارسيّة للجلدكي ، وكتاب في (السّموم) و (تصحيحات كتب أفلاطون) و (الخمائر) و (الرّحمة) وكتاب (الخواصّ) الكبير المعروف بالمقالات الكبرى والرّسائل السّبعين ، و (الرّياض) و (صندوق الحكمة) و (العهد) في الكيمياء. وأكثر هذه المخطوطات رسائل. ولجابر شهرة كبيرة عند الإفرنج بما نقلوه ، من كتبه ، في بدء يقظتهم العلميّة. قال برتلو (لجابر في الكيمياء ما لأرسطو طاليس قبله في المنطق ، وهو أوّل من استخرج حامض الكبريتيك وسمّاه زيت الزّاج ، وأوّل من اكتشف الصّودا الكاوية ، وأوّل من استحضر ماء الذّهب ، وينسب إليه استحضار مركبات أخرى مثل كربونات البوتاسيوم وكربونات الصوديوم. وقد درس خصائص مركبات الزّئبق واستحضرها) وقال لوبون (تتألّف من كتب جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره). وقد اشتملت كتبه على بيان مركبات كيماويّة كانت مجهولة قبله. وهو أوّل من وصف أعمال التّقطير والتّبلور والتّذويب والتّحويل إلخ.

انظر ، فهرست ابن النّديم : ١ / ٣٥٤ ، أخبار الحكماء : ١١١ ، المقتطف : ١ / ١٢٣ ، معجم المطبوعات : ٦٦٤ ، الفهرس التّمهيدي : ٥١٢ ـ ٥٢٠ ، اكتفاء القنوع : ٢١٣ و ٢١٤.

كان في جملة البرامكة ومنقطعا إلى جعفر ابن يحيى. وفي الذّريعة : ٢ / ٥٥ نصّا جديدا ، له قيمته ، وهو رواية أبي الرّبيع سليمان بن موسى بن أبي هشام عن أبيه موسى ، في صدر كتاب (الرّحمة) لجابر ، قال : (لمّا توفّي جابر بطوس سنة المئتين من الهجرة وجد هذا الكتاب تحت رأسه).

٢٠١

النّفس الإنسانيّة ، وإذا كان التّأريخ يقرّر أنّ سقراط قد أنزل الفلسفة من السّماء إلى الإنسان ، فإنّ الإمام الصّادق قد درس السّماء ، والأرض ، والإنسان ، وشرائع الأديان»(١) .

وكان في علم الإسلام كلّه الإمام الّذي يرجع إليه ، وله في الفقه القدح المعلّى ، فهو أعلم النّاس بإختلاف الفقهاء ، يعلم الفقه العراقي ومناهجه ، وفقه المدينة وارتباطه بأدلّته وآثاره ، واعتبره أبو حنيفة أستاذه في الفقه ، فقد سئل أبو حنيفة : من أين جاء لك هذا الفقه؟

فقال : «كنت في معدن العلم ، ولزمت شيخا من شيوخه»(٢) ، وهو يقصد بمعدن العلم الإمام الصّادق.

وهيأ له أبو حنيفة أربعين مسألة بطلب من المنصور ، فأجاب عنها الإمام بما عند العراقيّين ، وما عند الحجازيّين ، وما ارتآه الإمام ؛ فقال أبو حنيفة : أعلم النّاس أعلمهم بإختلاف النّاس»(٣) . وأخذ عنه مالك ، ويحيى ، ابن سعيد الأنصاري ، وسفيان الثّوري ، وغيرهم كثير(٤) .

وروى عنه أصحاب السّنن : أبو داود ، والتّرمذي ، والنّسائي ، وابن ماجه ،

__________________

(١) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ١٠١. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٢ ، جامع مسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧.

(٣) انظر ، مناقب أبي حنيفة (للموفق) : ١ / ١٧٢ ، جامع أسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٥٧.

(٤) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٨ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٣ ، الإمام الصّادق ، أبو زهرة : ٢٢ طبعة اولى ، انظر ، ترجمة هؤلاء في سير أعلام النّبلاء : ٦ / ١٥ ، تذكرة الحفّاظ للذّهبي : ١ / ١٣٧ ، الجرح والتّعديل : ٩ / ١٤٧ ، لسان الميزان : ٤ / ٣٨٠ ، شذرات الذّهب : ١ / ٢١٢ ، الثّقات : ٥ / ٥٢١.

٢٠٢

والدّار قطني ، ومسلم ، وكثيرون غير هؤلاء من جمهور السّنّة. وقال الشّيخ أبو زهرة : «أنّ العلوم الّتي أخذها عليّ عن النّبيّ أودعها ذرّيّته ، وهم أذاعوها على النّاس حين اتيحت لهم الفرصة. وهذا عين ما تقوله الإماميّة في علوم أهل البيت دون زيادة ، وقد كرّروه وأكدوه في كتب العقائد والحديث ، والفقه والتّفسير ، ونظمه أحد شعرائهم(١) :

إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا

ينجيك يوم البعث من لهب النّار

فدع عنك قول الشّافعي ومالك

وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووال أناسا نقلهم وحديثهم

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

وبهذا يتبيّن معنا أنّ قول الشّيخ : «أنّ الإماميّة يقولون : أنّ علم الإمام جعفر إلهامي وليس بكسبي»(٢) ، من سهو القلم ، ونسبة بلا مصدر ، وإذا كان الإماميّة لا ينسبون علم النّبيّ إلى الإلهام بل إلى جبريل عن الله جلّ شأنه ؛ فكيف ينسبون علم أبنائه إلى الإلهام؟ وهناك ملاحظات أخرى على الكتاب :

«منها» : «أنّ المؤلّف لا يستطيع أن يقبل روايات الكليني صاحب الكافي ، لأنّ بعض رواياته لا يقول بصحتها كبّار علماء الإثنى عشريّة ، كالمرتضى والطّوسي»(٣) .

ونجيب فضيلة الشّيخ : بأنّ التّشكيك في بعض روايات الكافي لا يستدعي طرح رواياته كلّها. وقد شكّك كثير من الحفّاظ ببعض الرّواة الّذين اعتمد عليهم البخاري في صحيحه ، ومع ذلك لم يطرح أهل السّنّة كل ما في البخاري.

__________________

(١) انظر ، عولي اللّئالي : ١ / ٣٠١ ، الصّراط المستقيم : ٣ / ٢٠٧.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٠.

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٣٦.

٢٠٣

نقل صاحب كتاب «أضواء على السّنّة المحمّديّة» : أنّ الحفّاظ ضعّفوا من رجال البخاري ثمانين رجلا ، ومن رجال مسلم مئة وستين ، وبالرّغم من هذا فهما من الصّحاح عند السّنّة ، وإذا جاز لنا أن نطرح جميع روايات الكليني لحديث واحد ، أو أحاديث في موضوع من الموضوعات يجوز لنا ، والحال هذه ، أن نطرح جميع روايات البخاري ، ومسلم»(١) .

هذا ، وقد رجّح البخاري صدق راو ، ورجّح مسلم كذبه ، كعكرمة مولى ابن عبّاس(٢) ومع ذلك يعتبر أهل السّنّة كلا من كتاب البخاري ومسلم صحيحا ، وبديهة أنّ الشّيء الواحد لا يتّصف بصفة ونقيضها في آن واحد.

«ومنها» : «أنّ النّبيّ كان يجتهد ، وكان في إجتهاده عرضة للخطأ بل ثبت أنّه قد أخطأ وعلّمه ربّه الصّواب»(٣) .

إنّ خطأ الأنبياء في الأحكام محال بحكم العقل ؛ لأنّ وقوع الخطأ منهم مناف لحكمة البعثة المقصود منها إرشاد الخلق إلى الحقّ ، أنّ قول النّبيّ دليل قاطع لرفع الخطأ ، فإذا أخطأ انتفت عنه صفة الدّلالة ، وبالتالي تنتفي عنه صفة النّبوّة والرّسالة(٤) .

__________________

(١) انظر ، أضواء على السّنّة المحمّديّة : ٢٧٥ طبعة دار التّأليف سنة (١٩٥٨ م). (منهقدس‌سره ).

(٢) جاء في كتب السّنّة أنّ عكرمة هذا الّذي صدّقه البخاري وعمل بحديثه قد ملأ الدّنيا كذبا ، وأنّه كان يرى رأي الخوارج ، ويقبل جوائز الأمراء ، وجاء في كتب السّنّة أيضا أنّ أبا هريرة كذّبه عليّ ، وعمر ، وعائشة ، ومع ذلك روى عنه البخاري ، ومسلم. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٣.

(٤) انظر ، كتابنا «الإجتهاد والتّقليد بداية وتطوّرا ، محاولة لفهم جديد ، على الصّعيد الأصوليّ المقارن».

٢٠٤

الحسين عمره ، وأولاده ، والشّهداء من أهله

مولده :

ولد الحسينعليه‌السلام في شعبان سنة «٣ ه‍»(١) ، وولد أخوه الحسن في رمضان سنة «٢ ه‍»(٢) ، وحين وضعته فاطمة قالت لأبيه : سمه.

قال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله.

وحين رآه النّبيّ قال للإمام : هل سميّته؟.

فقال : ما كنت لأسبقك باسمه.

فقال النّبيّ : وما كنت لأسبق ربّيعزوجل .

فأوحى الله أن سمه الحسين(٣) .

__________________

(١) انظر ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٢٧ مؤسّسة آل البيتعليهم‌السلام ، المقاتل : ٨٤ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢١٥ ، معالم العترة النّبويّة للجنابذي (مخطوط) : ورق ٦٣ ، التّهذيب : ٦ / ٤١ ب ١٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٣١١ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٣٤٥ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٧٦ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ١٩٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٦٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٨٨ ، اسد الغابة : ٢ / ٢٢ ، ابن الأثير : ٤ / ٨ ، الإصابة : ٢ / ١٤ ، تأريخ بغداد : ١ / ٢٤١ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٦٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٤.

(٢) انظر ، دلائل الإمامة : ٦٠ ، تذكرة الخواصّ : ٢٠١ ، تهذيب تأريخ دمشق : ٤ / ١٩٩ ، مطالب السّؤول:٦٤ ، الإصابة : ١ / ٣٢٨ ، الإستيعاب : ١ / ٣٦٨ ، تأريخ الخلفاء : ٧٣.

(٣) انظر ، ذخائر العقبى : ٢١٢٠ ، مسند أبي داود الطّيالسي : ١ / ١٩ ، الإصابة : ٨ / ١١٧ ، مجمع الزّوائد : ـ

٢٠٥

عمره الشّريف :

أقام مع جدّه ست سنوات ، ومع أبيه ثلاثين ، ومع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشرا ، وبقي بعد أخيه عشرا(١) ، فكان عمره الشّريف ، (٥٦ ، وقيل ٥٧)(٢) .

أولاده :

له عشرة أولاد (٦) ذكور و (٤) أناث(٣) .

١ ـ عليّ الأكبر(٤) ،

__________________

ـ ٩ / ١٧٤ ، تأريخ الخميس : ١ / ٤٧٠ ، معاني الأخبار : ٥٧ ح ٦ ، علل الشّرائع : ١٣٨ / ٧ و ٥ ، أمالي الصّدوق : ١١٦ / ٣ ، عيون أخبار الرّضا : ٢ / ٢٤ / ٥ ، صحيفة الرّضا : ١٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٨٩ ، اسد الغابة : ٢ / ١١ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ١٨٨ ، نهاية الإرب : ١٨ / ٢١٣ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٣٦٨ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٢٩٦ ، مسند زيد : ٤٦٨.

(١) انظر ، إعلام الورى : ٢١٤ بلفظ «سبع سنين» ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٣٣ بلفظ «سبع سنين» ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٤ ، بتحقيقنا ، النّعيم المقيم لعترة النّبأ العظيم : ٢٨٨ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، مقاتل الطّالبيّين : ٨٤ ، الإرشاد : ٢ / ١٣٣ ، المعارف : ٢١٣ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٣١ ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، تأريخ اان الخشّاب : ٢ / ٢١٦ ، الإتحاف بحبّ الأشراف الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي : ١٨٧ ، بتحقّيقنا. بالإضافة إلى المصادر السّابقة.

(٣) انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخطوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقّيقنا ، مطالب السّؤول في مناقب آل الرّسول : النّسخة المخطوطة في مكتبة آية الله العظمى السّيّد المرعشي النّجفي : ورق ١٢٤ ، وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق ١٣٥.

(٤) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّفّ من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة ـ

٢٠٦

وأمّه ليلى بنت أبي مرّة الثّقفي(١) ، وأمّها ميمونة بنت أبي سفيان ، وأخت معاوية ، فعليّ الأكبر ، ابن بنت عمّة يزيد ، ويزيد ابن خال أمّ عليّ الأكبر(٢) . وناداه رجل يوم الطّفّ من عسكر ابن سعد ، وقال له : أنّ لك مع يزيد رحما ، فإن شئت آمنّاك ، فقال له : ويّلك لقرابة رسول الله أحقّ بالرّعاية.

وقال معاوية يوما لجلسائه : «من أحقّ النّاس بهذا الأمر؟

فقالوا له : أنت.

قال : كلّا ، أولى النّاس به عليّ بن الحسين ، جدّه رسول الله ، وفيه شجاعة بني

__________________

ـ سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة ، وفي مناقب آل أبي طالب : ٤ / ١٠٩ «كان عمره «٢٥» سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ طبعة آخر ، المعارف لابن قتيبة : ٢١٣ و ٢١٤ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٩ ، و : ٢ / ٢٢٢ طبعة إيران ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر ، البحار : ٤٥ / ٤٢ و ٤٣ ، ابن الأثير في الكامل : ٤ / ٣٠ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، مقتل العوالم : ٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٦٨ ، بتحقّيقنا ، الإتحاف بحبّ الأشراف للشّبراوي : ١٨٥. بتحقّيقنا.

(١) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّف من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ ، المعارف : ٢١٣ و ٢١٤ ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٠ ، والأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥.

(٢) انظر ، مروج الذّهب للمسعودي : ٢ / ٩١. انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٠ و ٣١. مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر. تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥٨ و : ٦ / ٦٢٥.

٢٠٧

هاشم ، وسخاء بني اميّة ، وزهو ثقيف»(١) .

٢ ـ عليّ الأصغر ، وهو الإمام زين العابدين عليه السلام(٢) ، وأمّه شاه زنان(٣) بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس ، ومعنى شاه زنان بالعربيّة ملكة النّساء ، ونسل الحسين كلّه من الإمام زين العابدين(٤) .

٣ ـ عليّ الأوسط(٥) .

٤ ـ جعفر ، مات في حياة أبيه ، ولا بقية له(٦) .

٥ ـ محمّد(٧) .

٦ ـ عبد الله الرّضيع الّذي جاءه سهم ، فذبحه ، وهو في حجر أبيه(٨) .

__________________

(١) انظر ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، تأريخ دمشق : ٤١ / ٣٦٢ ، شرح الأخبار : ٣ / ١٥٤ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٧٩ ، المنتخب من ذيل المذيل : ٢٤ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣١.

(٢) انظر ، الصّواعق المحرقة : ٢٠٠ ، تهذيب التّهذيب للعسقلاني : ٧ / ٣٠٦ ، شذرات الذّهب : ١ / ١٠٤ ، أخبار الدّول : ١٠٩ ، مطالب السّؤول : ٢ / ٤١ ، تأريخ الأئمّة لابن أبي ثلج : ٤.

(٣) انظر ، الإرشاد : ٢ / ١٣٧ ، دلائل الإمامة للطّبري : ٨١ ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، وفيّات الأعيان : ٢ / ٤٢٩ ، صفوة الصّفوة لابن الجوزي : ٢ / ٥٢ ، نهاية الإرب : ٢١ / ٣٢٤.

(٤) شاه زنان بفتح الشّين المعجمة ، وكسر الهاء ، وفتح الزّاي والنّون الثّانية بعد الألف. كلمة فارسيّة معناها : ملكة النّساء ، وهي بنت يزدجرد بفتح الياء المثناة من تحت ، وسكون الزّاي ، وفتح الدّال المهملة ، وكسر الجيم ودال مهملة بعد الرّاء السّاكنة ، ولد أنو شروان العادل ملك الفرس. انظر ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، فتوح البلدان للبلاذري : ٣٢٢ ، طبعة مصر ، مرآة الجنان : ١ / ١٩٠.

(٥) انظر ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٣١.

(٦) انظر ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٥ ، بتحقيقنا) ، نور الأبصار للشّبلنجي : ٢ / ٥٦ ، بتحقّيقنا.

(٧) تقدّمت ترجمته.

(٨) تقدّمت ترجمته.

٢٠٨

الشّهداء من أقاربه :

استشهد من أقارب الحسين اثنان من ولده ، وهما عليّ الابن الأكبر(١) . والطّفل الرّضيع(٢) .

وتسعة من اخوته أبناء عليّ ، وهم العبّاس ، وجعفر ، وعثمان ، وعبد الله ، ومحمّد ، وأبو بكر ، وعمر ، وعون ، ومحمّد الأوسط(٣) .

وأربعة من ولد الحسن وهم : القاسم ، وعبد الله ، وأبو بكر ، وأحمد ؛ وسبي مع النّساء ثلاثة من ولد الحسن ، الحسن بن الحسن المثنى ، وعمرو ، وزيد ؛ وحارب الحسن المثنى مع عمّه الحسين حتّى قطعت يده ، وأثّخن بالجراح ، ولم يقتل(٤) .

__________________

(١) تقدمت استخراجها.

(٢) تقدّمت ترجمتهما.

(٣) تقدّمت ترجمتهم. انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخلوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقيقنا.

(٤) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٢ ، و : ٦ / ٢٥٩ ، مقاتل الطّالبيّين ، : ٥٦ و ٥٨ و ١٢٨ ، المسعودي في ينابيعه : ٣ / ٧٧ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٦٩ ، بتحقّيقنا ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٧٤ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٠٩ ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : ٣ / ١٧ طبعة اسوة ، معجم رجال الحديث : ١٥ / ١٧ رقم «٩٥١٣» و : ٢٢ / ٧٠ رقم «١٤٠٠٠» ، شرح الأخبار : ٣ / ١٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٧١ و : ٤ / ٩٢ ، ذخائر العقبى : ١١٧ ، أمالي الشّيخ الصّدوق : ٢٢٦ ، روضة الواعظين : ١٨٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٧ ، مثير الأحزان : ٥٢ و ٥٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٥ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٥١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩٢ ، الأخبار الطّوال : ٣ / ١٩٦ ، ٢ / ٥٧١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٣ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ : ٢ / ٢٨٨ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٥ و ٣٤٣.

٢٠٩

واستشهد ثلاثة من أولاد زينب بنت أمير المؤمنين ، وهم عون ، ومحمّد ، وعبيد الله(١) ، وأبوهم عبد الله بن جعفر(٢) .

وواحد من ولد جعفر بن أبي طالب ، وهو عون أخو عبد الله ابن جعفر.

وثلاثة عشر من ولد عقيل بن أبي طالب ، وهم مسلم بن عقيل ، وعبد الله ابن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن سعيد بن عقيل ، وعبد الله الأصغر بن عقيل ، وعبد الله الأكبر بن عقيل ، وموسى بن عقيل ، وعليّ بن عقيل ، وأحمد بن عقيل ، وجعفر بن عقيل ، وعبد الرّحمن بن عقيل(٣) ، وصبيّان من ولد

__________________

(١) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٧ و ٢٣٩ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٤٠ طبعة النّجف ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٢٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦١ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧. وأمّه الخوصاء ، وأمّها هند بنت سالم بن ثعلبة. انظر ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤١ و : ٦ / ٢٥٦ ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، مروج الذّهب : ٣ / ٩٢ و ٣٣٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٣٩ طبعة النّجف ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٦ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٧٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦. وفي الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا ، «عون» أمّه جمانة ، وقد قتله عبد الله بن قطنة الطّائي النّبهاني. وقيل «قطبة» بدل «قطنة» كما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٥ ـ ١٦٦ و ٢٣٨ ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٢٧ ، جمهرة أنساب العرب : ٦١ وزاد «وهو عون الأصغر» ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ٢ / ١٢ ، البحار : ١٠١ / ٢٤٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٦ ، و : ٢ / ٢٢٠ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، و : ١٢٢ طبعة آخر ، و : ٩٥ طبعة آخر ، منتهى الآمال للمحدّث القمي : ١ / ٦٧٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ ، وفي ص ١٠٧ بلفظ : وحمل عليه عبد الله بن قطبة الطّائي وانظر : ١٢٥ أيضا ، ينابيع المودّة : ٣ / ٧٣ طبعة اسوة.

(٣) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٨ و ٢٤٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٥٤ ، تأريخ ـ

٢١٠

عقيل كانا مع السّبايا ، وهربا من الخوف والذّعر ، فأتيا دار رجل طائي فلجآ إليه ، ولمّا علم أنّهما من سبايا الحسين وبقايا أهل البيت قتلهما ، وجاء برأسيهما إلى ابن زياد يطلب الجائزة. فقال له ابن زياد : جائزتك القتل. وأمر به فقتل ، فمجموع الّذين استشهدوا من نسل أبي طالب (٣٢) ما عدا الحسينعليه‌السلام (١) .

مطلّقة الحسين وزوّجة يزيد :

قال في نفس المهموم : «أنّ هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين : فطلّقها ، وتزوّجت يزيد ، وحين دخل السّبايا على يزيد في الشّام حسرت هند عن رأسها ، وشقّت الثّياب ، ودخلت على يزيد في مجلسه تندب وتصيح ، وقالت : يا يزيد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب!(٢)

__________________

ـ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٥٩ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٨ ، الإرشاد للشّيخ المفيد :٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧ ، معجم رجال الحديث : ٥ / ٥٠ رقم «٢٢٠١» ، لواعج الأشجان : ١٧٢ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٢٠٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٣ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٣٨ ، أنساب الأشراف : ١٩٣ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٦ و ٣٤٣ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(١) انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٨ ، المعجم الكبير : ٣ / ١١٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٣٢٠ ، تهذيب الكمال : ٢ / ٣٠٥ و : ٦ / ٤٣١ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٣٠٩ ، الإستيعاب : ١ / ٣٩٦ ، الإصابة : ٥ / ٨ ، تأريخ خليفة : ٢٣٥.

(٢) انظر ، تأريخ دمشق : ٦٢ / ٨٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٤١ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٩٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢١٢ و ٢١٩ ، مختصر تأريخ دمشق :٢٦ / ١٥١ طبعة دار الفكر.

٢١١
٢١٢

يزيد

هو يزيد بن معاوية(١) ، وينسب معاوية إلى أربعة رجال عمر بن مسافر ، وعمارة بن الوليد ، والعبّاس بن عبد المطّلب ، ورجل أسود يدعى الصّباح(٢) ،

__________________

(١) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي : ثاني ملوك الدّولة الأمويّة في الشّام.

انظر ، تأريخ الطّبري : حوادث سنة ٦٤ ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٠ ، منهاج السّنّة : ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٤٩ ، مختصر تأريخ العرب : ٧١ ـ ٧٦ ، البدء والتّأريخ : ٦ / ٦ ـ ١٦.

(٢) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اميّة بن عبد شمس ، وامّه هند بنت عتبة بن ربيعة ، تزوّجت هند أوّلا الفاكه بن المغيرة المخزومي فقتل عنها بالغميصاء ـ كما جاء في نسب قريش : ٣٠٠ ـ موضع قرب مكّة ، ثمّ تزوّجت حفص بن المغيرة فمات عنها ، ثمّ تزوّجت أبا سفيان. وكانت في زمن الفاكه متّهمة بالزّنا كما يذكر صاحب العقد الفريد : ٦ / ٨٦ ـ ٨٧ ، والأغاني : ٩ / ٥٣ ، وكانت ممّن تذكر في مكّة بفجور ، وعهر كما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ١ / ٣٣٦ تحقّيق محمّد أبو الفضل ، ربيع الأبرار للزّمخشري : ٢ / ٥٤٨.

دخل أبو سفيان في الإسلام ، غير أنّ المذسلمين لم ينسوا مواقفه منهم فكانوا لا ينظرون إليه ولا يقاعدونه كما جاء في صحيح مسلم : ٧ / ١٧١ وهو القائل : يا بني أميّة تلقّفوها تلقّف الكرة ، فو الّذي يحلف به أبذو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة ذكر ذلك صاحب مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦. وأضاف صاحب كتاب الأغاني : ٦ / ٣٥٥ ، والإستيعاب : ٦٩٠ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، وغيرهم قوله : فو الله ما من جنّة ولا نار ، فصاح به عثمان : «قم عنّي ، فعل الله بك وفعل».

ومعاوية هذا أسلم بعد الفتح ، وقال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :لا أشبع الله بطنه. كما ذكره صاحب أنساب ـ

٢١٣

وكانت هند جدّة يزيد مغرمة بحبّ السّود ، وما نسب معاوية أحد ممّن يعرف حالها إلى أبي سفيان ، لأنّها وضعته بعد زوّاجها منه بثلاثة أشهر ، وهند هذه هي الّتي أكلت كبد الحمزة عمّ الرّسول ، حتّى أصبح لفظ «آكلة الأكباد» علما لها(١) .

وأمّ يزيد هي ميسون بنت عبد الرّحمن بن بجدل الكلبي ، مكّنت عبدا لأبيها من نفسها ، وحملت بيزيد(٢) .

__________________

ـ الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٥ ، مسند الطّيالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قصّة زوّاج المهاجرة الّتي استشارت النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما خطبها : أمّا معاوية فصعلوك. كما جاء في صحيح مسلم : ٤ / ١٩٥ ، مسند الطّيالسي : ٢٢٨ / ١٦٤٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩. وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما نظر إلى أبي سفيان وهو راكب ، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق : أللهمّ العن القائد والسّائق والرّاكب. انظر ، الطّبريّ في تأريخه : ٤ / ٢٠٢ ، و : ١١ / ٣٥٧ ، وسبط ابن الجوزي في التّذكرة : ١١٥ ، ووقعة صفّين : ٢٤٧ ، والزّبير بن بكّار في المفاخرات برواية ابن أبي الحديد عنه في شرح النّهج : ٢ / ١٠٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢٣٧ ، ومسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، والمعجم الكبير : ١ / ٤٢٧ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، الاستيعاب : ٤١٢ ، واسد الغابة : ٣ / ١٠٦ ، وتهذيب ابن عساكر : ١٠ / ٩٣ و : ٧ / ٢٠٦ ، والإصابة : ٢ / ٢٦٠ ، مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، أنساب الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، وصحيح مسلم : ٤ : / ١٩٥ ، ومسند الطّيّالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، : ٤ / ١٩٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩ ، الآحاد والمثاني : ١ / ٣٧١ و : ٦ / ٩٨ ح ٣٣١٣ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٤٨ ، مسند الشّاميّين : ١ / ٢٥٧ ح ٤٤٤ و ٤٤٥ ، الجامع الصّغير : ١ / ٤٣١ ح ٨١١ ، كنز العمّال : ٤ / ٣٠١ ح ١٠٥٩٨ وص : ٤٥٥ ح ١١٣٥٧ و : ١١ / ١٢٤ ح ٣٠٨٧٩ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٣ / ١٠٩ ح ٢٨١١ ، تهذيب الكمال : ٣٥ / ٣٤٢ ، صحيح البخاريّ : ٣ / ٢٣٢ و : ٤ / ٥١ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٤٨.

(١) تقدّم إستخراج ذلك.

(٢) إنّ ميسون ابنة بجدل الكلبية لمّا زوّجت معاوية بن أبي سفيان ، ونقلت إلى دمشق وأسكنت قصرا من قصور الخلافة ، حنّت ذات يوم إلى البادية فأنشأت هذه الأبيات. انظر ، خزانة الأدب : ٨ / ٥٠٣ ، ـ

٢١٤

وجدّه أبو سفيان أعدى أعداء الله ورسوله ، وهو الّذي قاد الحرب ضدّ الإسلام ، والقرآن في بدر ، واحد ، والأحزاب(١) .

ولادته وشكله :

ولد سنة (٢٥ ه‍) ، وكان رفيع الصّوت ، شديد السّمرة ، بدينا ، كثير اللّحم ، كثير الشّعر ، مجدّرا اصيب في صغره بالجدري بقيت آثارها إلى آخر عمره(٢) .

__________________

ـ تأريخ دمشق : ٦٥ / ٣٩٩ و : ٧٠ / ١٣٣ ، حاشية الصّبان على الأشموني : ٣ / ٣١٣ الشّاهد (٨٢٧) ، تفسير القرطبي : ٦ / ٢١٨ و : ١٥ / ٢٧٢ ، الأعلام : ٧ / ٣٣٩ ، لسان العرب : ١٣ / ٤٠٨ ، شرح الرّضيّ على الكافية : ٤ / ٥٣ ، بلاغات النّساء لابن طيفور : ١١٨ ، ولكنّه نسب الأبيات إلى زوجة يزيد بن هبيرة المحاربي أوّل أمير ولّي اليمامة لعبد الملك بن مروان فتزوّج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري ، فقالت هذه الأبيات.

للبس عباءة وتقر عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

وبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

وكلب ينبح الطّرق عني

أحبّ إليّ من هر ألوف

(١) انظر ، كنز العمّال : ١٣ / ١١٢ الطّبعة الثّانية ، و : ١٥ / ١٤٦ ، و : ٦ / ٢٢٣ الطّبعة الأولى ، تأريخ دمشق : ٢ / ٢٢٩ ح ٣٦٧ و ٣٢٧ ح ٨٣١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١١٨ و ١٧٩ و ١٨٩ الفضائل لأحمد بن حنبل : ح ٢٣١ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٣٩ ، و : ٤ / ٤٦٤ ، تأريخ بغداد : ١٢ / ٣٩٨ ، و : ٧ / ٢٧٩ ، المناقب للخوارزمي : ٢٦ ، ينابيع المودّة : ٥٣ و ١٣٥ ، سنن البيهقيّ : ٤ / ٧٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٥١٨ ، دلائل النّبوّة للبيهقي في ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تأريخ دمشق : ح ٦٢٢ و ٦١٢ ـ ٦١٤ و ٦٢٦ ـ ٦٣٠ ، المعجم الكبير للطّبراني حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ١٢٢ ح ٤٥ و ٤٨ و ٩٥ ، كفاية الطّالب : ٢٧٩ ، أعلام النّبوّة للماوردي : ٨٣ باب ١٢ ، نظم درر السّمطين : ٢١٥ ، البداية والنّهاية لابن كثير : ٦ / ٢٣٠ ، و : ٨ / ١٩٩ ، الرّوض النّضير : ١ / ٨٩ و ٩٢ و ٩٣ ، و : ٣ / ٢٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٢٩٨ ، اسد الغابة : ١ / ٢٠٨ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٣٥ ، تفسير الرّازي : ٩ / ٥٠ و ٦٧.

(٢) انظر ، تأريخ بغداد : ١٠ / ٢٨٧ ، تأريخ دمشق : ٣٧ / ١١٨ و : ٦٥ / ٣٩٧ ، تأريخ الإسلام للذّهبي : ـ

٢١٥

مهنته :

عداوة الله ورسوله ، وقتل العترة الطّاهرة ، وسبي الحرائر(١) ، وذبح الأطفال ، ونكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات(٢) والصّيد ، شرب الخمر ، واللّعب بالكلاب والقرود(٣) . قال عبد الله بن حنظلة : «والله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن

__________________

ـ ١ / ٢٦٧ ، سمو المعنى في سمو الذّات : ٥٩ ، المناقب والمثالب للقاضي النّعمان المغربي : ٧١ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب : ٢ / ١٤٣ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٤ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠ / ١٣٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، النّزاع والتّخاصم : ٥٦.

(١) انظر ، وفاء الوفاء : ١ / ١٣١ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٥٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٣ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٨ / ١٠٥.

(٢) انظر ، العروبة للخالصي : ٨٦ نقلا عن رسالة «تجويز لعن يزيد» لابن الجوزي ، وأبو الشّهداء للعقّاد : ٦٠ طبعة دار الهلال. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الفرق بين الفرق للبغدادي : ٢٥ ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل في التّأريخ :

٤ / ٥١. قال الإمام الحسين عليه‌السلام مخاطبا الوليد : «إنّا أهل بيت النّبوّة ، ومعدن الرّسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله ، وبنا ختم ، ويزيد فاسق ، فاجر ، شارب الخمر ، قاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله». انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٨٤ وزاد فيه : والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك ، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب عنقي إن كنت صادقا ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٥١ ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : ٢٢٩ طبعة إيران ، الآداب السّلطانيّة للفخري : ٨٨ ، الكامل في التّأريخ لابن الأثير : ٤ / ٧٥ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ ، الفتوح : ٣ / ١٤ ، وكان يقال له ـ أي مروان ـ ولولده : بنو الزّرقاء ، يقول ذلك من يريد ذمّهم وعيبهم ، وهي الزّرقاء بنت موهب جدّة مروان بن الحكم لأبيه ، وكانت من ذوات الرّايات الّتي يستدلّ بها على بيوت البغاء ، فلهذا كانوا يذمّون بها. وقال البلاذري في أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٦ اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا.

انظر ، تذكرة الخواصّ : ٢٢٩ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، تأريخ الطّبري : ٨ / ١٦ ، تفسير من آية ـ

٢١٦

نرمى بالحجارة من السّماء ، إنّ رجلا ينكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصّلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله فيه بلاء حسنا»(١) .

حكمه ومشاريعه :

تولّى الحكم بعد أبيه في رجب سنة (٦٠ ه‍)(٢) ، أمّا مشاريع دولته. ففي السّنة الأولى من حكمه قتل الحسين وأولاده وأصحابه(٣) ، وسبي نساءه ، وفي السّنة الثّانية أباح مدينة الرّسول ثلاثة أيّام(٤) ، وقتل من المهاجرين ، والأنصار ،

__________________

ـ ١٣ سورة القلم في قوله :( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) وانظر ، كنز العمّال للمتقي الهندي : ١ / ١٥٦ ، روح المعاني للآلوسي : ٢٩ / ٢٨ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢٢٧.

(١) انظر ، تأريخ دمشق : ٢٧ / ٤٢٩ ، تأريخ الإسلام : ٢ / ٣٥٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥٠ ، الطّبقات الكبرى : ٥ / ٦٦ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٢.

(٢) انظر ، الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٧٨ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٣٩ ، مروج الذّهب : ٣ / ٣ ، تأريخ خليفة : ٢٢٦ ، الإستيعاب لابن عبد البرّ القرطبي : ترجمة «٤٩٧٧» ، اسد الغابة : ترجمة «٤٩٧٧» ، الإصابة : ترجمة «٨٠٧٤» ، مآثر الإناقة : ١ / ١٠٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٢٤.

(٣) انظر ، اسد الغابة : ٢ / ٢١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١٦ ، المقاتل : ٤٣ ، أنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ٤ / ١١ و ١٧ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة : ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، المسعودي في مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، ابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩١ ، كشف الغمّة : ١ / ٥٨٤.

(٤) انظر ، تأريخ الخلفاء : ١٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٤٩١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ـ

٢١٧

والتّابعين عشرة آلاف سوى النّساء ، والصّبيان(١) ، واستحل أعراض النّساء حتّى ولدت ألف عذراء لا يعرف لمواليدهن أب(٢) ، وفي هذه الوقعة المعروفة بوقعة

__________________

ـ ٣ / ٢٥٩ ، حواشي الشّرواني : ٦ / ٤٢٠ ، نيل الأوطار : ٧ / ٣٤٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٦٩ ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٦٣ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٤٢ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٢٥٨ ، تأريخ ابن كثير : ٢ / ٢٢١ ، الإصابة : ٣ / ٤٧٣ ، وفاء الوفا : ١ / ١٢٥ ـ ١٣٧ طبعة بيروت الثّالثة ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٢ ، تأريخ خليفة : ٢٣٦ ، تأريخ دمشق : ٤٣ / ٣٣١.

(١) انظر ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل : ٤ / ٥١. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٢٢٤ ، بتحقيقنا. أباح فيها يزيد المدينة المنوّرة ثلاثة أيّام ، ثمّ يأتي ابن عمر ويوجه جرائم يزيد حينما قال مخاطبا عبد الله بن مطيع : «سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجّة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ...». انظر ، صحيح مسلم : ٦ / ٢٢. فهل تقبل هذه المدرسة ـ مدرسة الخلافة ـ أن يكون خليفتها يزيد بن معاوية الّذي قتل سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانته في كربلاء ، وأباح المدينة ثلاثة أيّام ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، و... و...؟ وكتب معاوية العهد إلى ابنه يزيد وجعل له الخلافة من بعده وقال : «... إنّي من أجلك آثرت الدّنيا على الآخرة ، ودفعت حقّ عليّ بن أبي طالب ، وحملت الوزر على ظهري ، وإنّي لخائف أن لا تقبل وصيتي ، فتقتل خيار قومك ، ثمّ تعدّو على حرمة ربّك فتقتلهم بغير الحقّ ، ثمّ يأتيك اليوم بغتة ، فلا دنيا تصيب ، ولا آخرة تحبّ ، يا بنيّ إنّي جعلت هذا مطمعا لك ، ولولدك من بعدك وكن حازما صارما فإنّي كفيتك الجدّ ، والتّرحال ولقد وطّأت لك يا بني البلاد ، وذلّلت لك رقاب العرب الصّعاب ومهدّت لك الملك من بعدي تمهيدا ...».

انظر ، نصّ الكلام في الفتوح : ٣ / ٣٥٣ و ٣٥٤ و ٣٥٥ و ٣٥٦ و ٣٥٧ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ١٧٩ و ١٨٠ بإختلاف بسيط ، الإصابة : ٤ / ١٦٩ ، تهذيب التّهذيب : ٦ / ١٧٤ ، المقتل للخوارزميّ : ١ / ١٧ ، البيان والتّبيين : ٢ / ١٠٧ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٤ ، مع إختلاف في بعض الألفاظ.

(٢) انظر ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٩. وأباح المدينة. انظر ، تأريخ الخلفاء : ٢٠٩. وحاصر عبد الملك مكّة ، وهدم الكعبة ، وأطلق يد الحجّاج في دماء المسلمين ، وبعبد الملك اقتدى أولاده ، وأحفاده ، وزادوا عليه أضعافا مضاعفة. انظر ، الإمامة والسّياسة : ٢ / ٣٢ ، مروج الذّهب للمسعودي : ٣ / ١٧٥ ، العقد الفريد : ٣ / ٢١٤. ويقول صاحب مروج الذّهب ، وصاحب العقد الفريد في أقوال النّاس في الحجّاج : ـ

٢١٨

الحرّة دخل رجل من عسكر يزيد على امرأة نفساء من نساء الأنصار ، وفي حجرها طفل رضيع فقال لها : هل من مال؟ قالت : لا والله ما تركوا لنا شيئا.

فقال لها : اعطيني وإلّا قتلتك ، وهذا الطّفل.

قالت : أنّه ولد ابن أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله. فلم يكترث ، وأخذ برجل الصّبي ، وفمه في ثدي أمّه ، وجذبه من حجرها ، وضرب به الحائط ، فانتثر دماغه على الأرض(١) .

وفي السّنة الثّالثة رمى يزيد الكعبة بالمنجنيق ، وقذفها بالحجارة ، وأحرقها بالنّار(٢) .

وفاته :

مات سنة (٦٤ ه‍) بذات الجنب «السّل» لإدمانه الشّراب ، وإفراطه في الملذّات ، بات ذات ليلة سكرانا ، فأصبح ميتّا متغيّرا كأنّه مطلي بالقار. وقيل :

__________________

ـ (احصي من قتلهم الحجّاج صبرا سواء من قتل في حروبه فكانوا (١٢٠) ألفا ، وكان في حبسه (٥٠) ألف رجلا ، و (٣٠) ألف إمرأة ستة عشر منهن عاريات ، وكان يطعم المساجين كما يقول ابن الجوزي في تأريخه ، الخبز ممزوجا بالرّماد). وجاء في العقد الفريد أيضا على لسان عمر بن العزيز : (لو جاء النّاس يوم القيامة بفساقهم ، وجئنا بالحجّاج لزدنا عليهم).

(١) انظر ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ١ / ٢٣٨.

(٢) انظر ، فتح الباري : ٣ / ٤٥٥ و : ٨ / ٣٢٧ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٦٣٦ ، التّمهيد لابن عبد البر : ١٦ / ١٤٣ ، شرح الزّرقاني : ٢ / ٣٩٧ و : ٣ / ١٥٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٢٣٧ ، سبل السّلام : ٤ / ٥٤ ، المحلى : ١١ / ٩٦ و ١١٦ ، نصب الرّاية : ٣ / ٣٨٢ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ١٨٥ و ٣٣٨ و : ٥ / ١٨٨ ، عون المعبود : ١٢ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٤٣ و : ٢٢ / ٢١٨ ، أخبار مكّة : ٢ / ٣٦٠ ، تعجيل المنفعة : ١ / ٤٥٢.

٢١٩

طارد غزالا ، فوقع عن الفرس ، ودق عنقه. مات في حوارين(١) ، ونقل إلى دمشق ، ودفن بمقبرة الباب الصّغير ، وقبره الأنّ مزبلة ، وفي عهد العبّاسيّين نبش قبره ، فوجد فيه خطّ أسود ممتد من أوله إلى آخره(٢) .

قال بعض المؤلّفين : لمّا رأى الشّيطان يزيد بن معاوية تعوذ منه ، وقال : ما كنت احسب أنّ في الكون من هو أشقى منّي ، حتّى رأيت يزيد! ولكن يزيد عند مروان بن الحكم يستسقي الغمام بوجهه(٣) ! وفي كلّ عصر يزيد ، ومروان ، وليس في الدّنيا إلّا حسين واحد.

ويسوس أمر المسلمين مولّه

رجس وتصرعه الطّلا فيعربد

ويقوم باسم الدّين فيهم آمرا

من لم يطب في النّاس منه المولد

ومن العجائب أن يسود مذمم

جمّ العيوب وأن ينحّى السّيّد

يزيد والمستعمرون :

اكتشف المستشرقون يزيد بن معاوية ، وهم ينقبون عن العورات في تأريخ المسلمين ، فطاروا به فرحا ، كأنّهم اهتدوا إلى آبار غنيّة بالبترول وأخذوا

__________________

(١) حوارين بلدة بين دمشق وحمص ، ولا يزال فيها آثار رومانيّة تنبيء عن قصر فخم كان يرتاده يزيد ، وأهلها إلى الآن يطلقون عليه اسم قصر يزيد. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤٩ / ٣٦٧ و : ٥٧ / ٣٠٨ ، قبر يزيد بن معاوية في قرية قريبة من حوارين تبعد مرحلتين من تدمر. انظر ، معجم البلدان : ٢ / ٣١٥ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٩٦ ، ابن الأثير : ٤ / ٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥١ ، وقيل : لم يعرف له قبر ، كنز العمّال : ٦ / ٦٣١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٠.

(٣) تقدّمت تخريجاته.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وكذا لو قال : غبنته ؛ لأنّه قد يغصب ويغبن في غير المال.

قال الشافعي : إذا قال الرجل للرجل : غصبت منك شيئاً ، ثمّ قال : أردت به كلباً ، أُجبر على دفعه إليه. وكذا إن قال : جلد ميتة. فإن قال :

خمراً أو خنزيراً ، لم أُجبره على دفعه إليه ، وقتلتُ الخنزيرَ وأرقتُ الخمرَ(١) .

وحكي عن أبي حنيفة أنّه قال : لو قال : لفلان علَيَّ شي‌ء أو كذا ، لم يُقبل تفسيره بغير المكيل والموزون ؛ لأنّ غير ذلك لا يثبت في الذمّة بنفسه(٢) .

وهو خطأ ؛ لأنّ غير المكيل والموزون متموَّل يدخل تحت العقود ، فجاز أن يُفسَّر به الشي‌ء ، كالمكيل والموزون.

وتعليله باطل ؛ لأنّه يثبت في الذمّة ، ولا اعتبار بسبب ثبوته في الإخبار عنه والإقرار به.

مسألة ٨٩٠ : لو قال : له عندي شي‌ء ، قُبِل تفسيره بالخمر والخنزير على إشكال - وهو المشهور من مذهب الشافعيّة(٣) - لأنّه شي‌ء ممّا عنده.

ويحتمل عدم القبول - وهو قول الجويني(٤) - لأنّ لفظة « له » تُشعر بثبوت ملكٍ أو حقٍّ.

ويمكن منعه ؛ لتسويغ قول القائل : لفلان عندي خمر أو خنزير.

إذا عرفت هذا ، فلو شهد بالمجهول ، احتُمل السماع ، كما إذا كان له‌ عليه مائة فأقرّ صاحب الدَّيْن أنّه قبض منه شيئاً من الحقّ وقامت بذلك

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٤١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٢.

(٢) حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، المغني ٥ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٣٠ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٦.

٣٠١

بيّنة ، فإنّها تُسمع ، ويُقبل قول صاحب الدَّيْن في قدره مع اليمين ، فإن لم يحلف حتى مات ، قام وارثه مقامه ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّ البيّنة إن شهدت بالإقرار بالمجهول ، جاز. وإن شهدت بالمجهول ، فلا ؛ لأنّ البيّنة سُمّيت بيّنةً ؛ لأنّها تبيّن ما تشهد به وتكشف عنه ، بخلاف الإقرار ؛ لأنّه ليس ببيّنةٍ(١) (٢) .

وعلى هذا فالأقوى أنّ الدعوى كالإقرار ، فإذا ادّعى أنّه أقرّ له بقبض شي‌ءٍ ، أو بأنّ له عليه شيئاً ، سُمعت دعواه ، وإلّا فلا.

مسألة ٨٩١ : إذا أقرّ بالمجهول وفسّره بتفسيرٍ صحيح وصدّقه المُقرّ له ، فلا بحث.

وإن كذّبه الـمُقرّ له ، فليبيّن جنس الحقّ وقدره ، ويدّعيه ، ويكون القولُ قولَ الـمُقرّ في [ نفيه ](٣) .

ثمّ لا يخلو التنازع إمّا أن يكون في القدر أو في الجنس.

فإن كان في القدر(٤) ، مثل : أن يفسّر إقراره بمائة درهم ، فيقول المُقرّ له : بل عليه مائتان ، فإن صدّقه على إرادة المائة ، فهي ثابتة باتّفاقهما ، ويحلف المُقرّ على نفي الزيادة.

وإن قال : أراد به المائتين ، حلف الـمُقرّ على أنّه ما أراد مائتين ، وأنّه ليس عليه إلّا مائة ، ويجمع بينهما في يمينٍ واحدة ، وبه قال بعض الشافعيّة(٥) .

____________________

(١) في « ث ، ج » : « بيّنةً ».

(٢) راجع : حلية العلماء ٨ : ٣٣٨ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في ظاهر الطبعة الحجريّة وبعض النسخ الخطّيّة وصريح بعضها الآخَر : « نفسه ». والمثبت هو الصحيح.

(٤) يأتي حكم التنازع في الجنس في المسألة التالية.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٧.

٣٠٢

وقال بعضهم : لا بدّ من يمينين(١) .

والمشهور : الأوّل.

فإن نكل الـمُقرّ ، حلف الـمُقرّ له على استحقاق المائتين.

ولا يحلف على الإرادة ؛ لعدم إمكان الاطّلاع عليها ، بخلاف ما إذا مات الـمُقرّ وفسّر الوارث وادّعى الـمُقرّ له زيادةً ، فإنّ الوارث يحلف على [ نفي ](٢) إرادة المورّث ؛ لأنّه قد يطّلع من حاله مورّثه على ما لا يطّلع عليه غيره.

وكذا لو أوصى له بمجمل ، فبيّنه الوارث ، وزعم الموصى له أنّه أكثر ، حلف الوارث على نفي العلم باستحقاق الزيادة ، ولا يتعرّض للإرادة.

والفرق أنّ الإقرار إخبار عن سابقٍ وقد يفرض فيه الاطّلاع ، والوصيّة إنشاء أمرٍ [ على ](٣) الجهالة ، وبيانه - إذا مات الموصي - إلى الوارث.

مسألة ٨٩٢ : لو كان التنازع في الجنس ، مثل : أن يقول : له علَيَّ شي‌ء ، ثمّ يفسّره بعبدٍ أو درهمٍ أو بمائة درهم ، فيقول المُقرّ له : بل لي عليك جارية أو دينار أو مائة دينار ، فيُنظر إن صدّقه المُقرّ له في الإرادة وقال : هو ثابت لي عليه ولي عليه مع ذلك كذا ، ثبت المتّفق عليه ، وكان القولُ قولَ الـمُقرّ في نفي غيره.

وإن صدّقه في الإرادة وقال : ليس لي عليه ما فسّره به ، إنّما لي عليه كذا ، بطل حكم الإقرار بردّه ، وكان مدّعياً في غيره.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٧.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عن ». والمثبت هو الصحيح.

٣٠٣

وإن كذّبه في دعوى ا لإرادة وقال : إنّما أراد ما ادّعيتُه ، حلف الـمُقرّ على نفي الإرادة ونفي ما يدّعيه. ثمّ إنّ الـمُقرّ له إن كذّبه في استحقاق الـمُقرّ به ، بطل الإقرار فيه ، وإلّا ثبت.

ولو اقتصر الـمُقرّ له على دعوى الإرادة وقال : ما أردتَ بكلامك ما فسّرتَه به وإنّما أردتَ كذا إمّا من جنس الـمُقرّ به أو من غيره ، لم يُسمع منه ذلك ؛ لأنّ الإقرار والإرادة لا يُثبتان له حقّاً ، بل الإقرار إخبار عن حقٍّ سابق ، فعليه أن يدّعي الحقّ بنفسه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ضعيف عندهم : أنّه تُقبل دعوى الإرادة المجرّدة(١) .

وهو كالخلاف في أنّ مَن ادّعى على غيره أنّه أقرّ له بألف هل تُسمع منه دعوى الإقرار ، أم عليه [ دعوى ](٢) نفس الألف؟

واعلم أنّ مَنْ لا يسمع دعوى الإرادة لا يريد عدم الالتفات إليها أصلاً ، وإنّما المراد أنّها وحدها غير مسموعة ، فأمّا إذا ضمّ إليها دعوى الاستحقاق ، فيحلف المُقرّ على نفيهما على الأظهر.

وللشافعيّة في البيع وجهان : إنّه إذا ادّعى المشتري عيباً قديماً بالمبيع ، وقال البائع : بعتُه وأقبضتُه سليماً ، يلزمه أن يحلف كذلك ، أو يكفيه الاقتصار على أنّه لا يستحقّ الردّ؟ فيجي‌ء لهم هنا وجه : أنّه يكفيه نفي اللزوم ، ولا يحتاج إلى التعرّض للإرادة(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥.

٣٠٤

مسألة ٨٩٣ : إذا أقرّ بالمبهم ثمّ مات قبل التفسير ، طُولب الوارث به‌ ؛ لأنّه المستحقّ للتركة ، فإن فسّر قُبِل منه بمهما كان ، فإن ادّعى الـمُقرّ له خلافه قُدّم قول الوارث مع اليمين ، فإن نكل حلف الـمُقرّ له ، وأخذ ما حلف عليه.

وإن امتنع الوارث من البيان ، احتُمل أن يوقف أقلّ ما يتموّل ، وهو أحد قولَي الشافعيّة(١) ، وأن يوقف الكلّ - وهو الأظهر - لأنّ الجميع وإن لم يدخل في التفسير فهو مرتهن بالدَّيْن.

ولو قال الوارث : لا أدري ما أراد ولا أعلم لك شيئاً ، حلف - إن طلب الـمُقرّ له - على نفي العلم ، ثمّ سلّم إلى المدّعي أقلّ ما يتموّل ، ولا يُسلّم إليه ما يدّعيه مع اليمين ؛ إذ لا يمين على المدّعي إلّا بالردّ.

البحث الثاني : في الإقرار بالمال.

مسألة ٨٩٤ : إذا قال : له علَيَّ مال ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يتموّل ، ولا يُقبل تفسيره بما ليس بمالٍ إجماعاً ، كالكلب والخنزير وجلد الميتة.

ويُقبل بالتمرة الواحدة حيث يكثر ؛ لأنّه مال قليل وإن لم يتموّل في ذلك الموضع ، وكلّ متموَّلٍ مالٌ ، ولا ينعكس.

وكذا لو فسّره بالحبّة من الحنطة والشعير.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يُقبل - فيما إذا قال : له علَيَّ مال - التفسير بالقليل والكثير ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأحمد(٢) - لصدق اسم المال‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٣ ، التنبيه : ١٧٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٨ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ١٩٧ ، الوسيط ٣ : ٣٣٢ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، البيان ١٣ : ٤١١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨ ، منهاج =

٣٠٥

عليه ، والأصل عدم ا لزائد.

وقال أبو حنيفة : لا يُقبل تفسيره بغير المال الزكوي ؛ لقول الله تعالى :( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) وقوله تعالى :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ ) (٢) (٣) .

والآية عامّة دخلها التخصيص بالسنّة المتواترة ، فلا يخرج اللفظ عن حقيقته.

وقوله :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ ) ليس المراد الزكاة ؛ لأنّها نزلت بمكة قبل فرض الزكاة ، فلا حجّة له فيها.

ثمّ ينتقض بقوله تعالى :( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ ) (٤) والتزويج جائز بأيّ نوعٍ كان من المال قليله وكثيره ولو بدرهمٍ.

وعن مالك ثلاثة أوجُهٍ.

أحدها : كما قلناه.

والثاني : لا يُقبل إلاّ أقلّ نصابٍ من نُصُب الزكاة من نوع أموالهم.

[ و ] الثالث : ما يُستباح به البُضْع والقطع في السرقة ؛ لقوله تعالى :( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) (٥) (٦) .

____________________

= الطالبين : ١٤٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٢ / ١٠٤٣ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٠١ - ١٧٠٢ / ١١٩٨ ، المعونة ٢ : ١٢٤٥ ، المغني : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢) الذاريات : ١٩.

(٣) حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، المغني ٥ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(٤ و ٥) النساء : ٢٤.

(٦) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٢ / ١٠٤٣ ، الذخيرة ٩ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ،

٣٠٦

ويبطل بوقوع اسم الم ال على القليل والكثير ، والبُضْع - عندنا وعند الشافعي(١) - يُستباح بالقليل والكثير.

وهل يُقبل تفسيره بالمستولدة؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّها مال يجوز بيعها بعد موت ولدها ، ويُنتفع بها وتُستأجر وإن كانت لا تُباع ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٢) .

ولو فسّره بوقفٍ عليه ، قُبِل.

وخرّج بعض الشافعيّة ذلك على الخلاف في أنّ الملك في الوقف هل هو للموقوف عليه أم لا؟(٣) .

مسألة ٨٩٥ : لو قال : له علَيَّ مالٌ عظيم أو جليل أو نفيس أو خطير أو غير تافه أو مال وأيّ مال ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يتموَّل أيضا ، كما لو قال : « مال » لم يزد عليه ؛ لأنّه يحتمل أن يريد به عظم خطره بكفر مستحلّه ووزر غاصبه والخائن فيه ؛ لأنّ أصل ما يبنى عليه الإقرار الأخذ بالمتيقّن والترك لغيره ، ولا يعتبر الغلبة.

واختلف أصحاب أبي حنيفة :

فمنهم مَنْ قال : لا يُقبل أقلّ من عشرة دراهم - وذكر أنّه مذهب‌

____________________

= عيون المجالس ٤ : ١٧٠١ - ١٧٠٣ / ١١٩٨ ، المعونة ٢ : ١٢٤٥ ، جامع الأُمّهات : ٤٠١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٣٩ - ٣٤٠ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، المغني ٥ : ٣١٥ - ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٠.

(١) الحاوي الكبير ٩ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٥٦ ، الوسيط ٥ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٦ : ٤٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ٤٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٥٧٥ ، بداية المجتهد ٢ : ١٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٧١٤ / ١٢٩١ ، المغني والشرح الكبير ٨ : ٥.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٨.

٣٠٧

أبي حنيفة - لأنّه يُقطع به السارق ، ويكون صداقاً عنده(١) .

وقال أبو يوسف ومحمّد : لا يُقبل أقلّ من مائتي درهم - قال الرازي :

هذا مذهب أبي حنيفة - لأنّه الذي تجب فيه الزكاة(٢) .

وقال أبو عبد الله الجرجاني : نصّ أبو حنيفة على ذلك ، وقال : إذا أقرّ بأموال عظيمة ، يلزمه ستمائة درهم(٣) .

واختلف أصحاب مالك :

فمنهم مَنْ يقول : يُقبل ما يُقبل في المال.

ومنهم مَنْ قال : يزيد على ذلك أقلّ زيادة.

ومنهم مَنْ قال : قدر الدية.

ومنهم مَنْ قال : ثلاثة دراهم نصاب القطع ؛ لأنّ الدانق والحبّة لا يُسمّى عظيماً ، فلا يصحّ التفسير به ، كما لو قال : مال جزيل(٤) .

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الفقه النافع ٢ : ٥٢٥ / ٢٧٤ ، و ٨١٣ / ٥٤٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٠ - ١٨١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٠ - ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٧ - ١٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢٠ / ١٩٢٤ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٣ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٨ ، البيان ١٣ : ٤١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٣٦٠ ، ضمن المسألة ١ من كتاب الإقرار ، وانظر بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٠ ، وفتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، وبحر المذهب ٨ : ٢٣٢.

(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٣ / ١٠٤٤ ، جامع الأُمّهات : ٤٠١ ، =

٣٠٨

وهو غلط ؛ لأنّا نجر ي الجزيل مجرى العظيم.

والأصل في ذلك أنّه ليس في العظيم حدٌّ في الشرع ولا في اللغة ولا في العرف ، والناس يختلفون في ذلك ، فبعضهم يستعظم القليل ، وبعضهم لا يستعظم الكثير ، فلم يثبت في ذلك حدٌّ يرجع إليه ، ولا في اللغة ولا في العرف قانون يُعوَّل عليه ، فيرجع إلى تفسيره وبيانه ؛ لأنّه أعرف بمراده.

مسألة ٨٩٦ : لو قال : له علَيَّ مالٌ كثير ، قال الشيخرحمه‌الله : إنّه يلزمه ثمانون ؛ بناءً على الرواية التي تضمّنت أنّ الوصيّة بالمال الكثير وصيّة بثمانين(١) ، ولم يعرف هذا التفسيرَ أحدٌ من الفقهاء(٢) .

وقد عرفتَ قولهم في العظيم ، وكذا في الكثير عندهم.

وقال الليث بن سعد : يلزمه اثنان وسبعون درهماً ؛ لأنّ الله تعالى قال :( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) (٣) وكانت غزواتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسراياه اثنين وسبعين(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ ذلك ليس بحدٍّ لأقلّ الكثير ، وإنّما وصف ذلك بالكثرة ، ولا يمنع ذلك وقوع الاسم على ما دون ذلك ، وقد قال الله تعالى :

( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ) (٥) وليس المراد ما ذكره ، وكذا قوله‌

____________________

= الذخيرة ٩ : ٢٨٩ ، المعونة ٢ : ١٢٤٦ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣.

(١) راجع الكافي ٧ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢١ ، ومعاني الأخبار : ٢١٨ ( باب معنى الكثير من المال ) ح ١ ، والتهذيب ٨ : ٣٠٩ / ١١٤٧.

(٢) الخلاف ٣ : ٣٥٩ ، المسألة ١ من كتاب الإقرار.

(٣) التوبة : ٢٥.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ١٣ و ١٤ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤١ ، المغني ٥ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٥) البقرة : ٢٤٩.

٣٠٩

تعالى : ( اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) (١) ولم ينصرف إلى ذلك ، ولهذا أمثال كثيرة في القرآن ، وأصحابنا التجئوا في ذلك إلى الرواية(٢) ، وكانت المواطن عندهم ثمانين موطناً.

إذا عرفت هذا ، فنقول : تُقصر الرواية على ما وردت عليه ، ويبقى الباقي على الإجمال.

مسألة ٨٩٧ : وافقنا أبو حنيفة(٣) في الجليل والنفيس والخطير على قبول التفسير بأقلّ ما يتموّل.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه يجب أن يزيد تفسير المال العظيم على تفسير مطلق المال ؛ ليكون لوصفه بالعظيم فائدة(٤) .

واكتفى بعضهم بالعظم من حيث الجرم والجثّة(٥) .

ولو قال : له علَيَّ مال عظيم جدّاً ، أو : عظيم عظيم ، فكقوله : له علَيَّ مالٌ ، ويُقبل تفسيره بما قلّ وكثر.

وكذا لو قال : وافر ، أو : خطير.

ولو قال : له علَيَّ مالٌ قليل أو خسيس أو تافه أو يسير ، فهو كما لو قال : مال ، وتُحمل هذه الصفات على استحقاق الناس إيّاه ، وعلى أنّه فانٍ زائل ، فكثيره بهذه الاعتبار قليل ، وقليله بالاعتبار الأوّل كثير ، وقد يستعظم‌ الفقير ما يستحقره الغني.

مسألة ٨٩٨ : لو قال : لزيدٍ علَيَّ أكثر من مال فلان ، قُبِل تفسيره بأقلّ

____________________

(١) الأحزاب : ٤١.

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٠٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٥ - ٣٠٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٦.

٣١٠

ما يتموّل وإن كثر مال فلان ؛ لأنّه يحتمل أن يريد به أنّه دَيْنٌ لا يتطرّق إليه الهلاك ، وذلك عين معرَّض للهلاك ، أو يريد أنّ مال زيد علَيَّ حلال ، ومال فلان حرام ، والقليل من الحلال أكثر بركةً من الكثير من الحرام ، وكما أنّ القدر مبهم في هذا الإقرار ، فكذلك الجنس والنوع مبهمان.

ولو قال : له علَيَّ أكثر من مال فلان عدداً ، فالإبهام في الجنس والنوع.

ولو قال : له علَيَّ من الذهب أكثر ممّا لفلان ، فالإبهام في القدر والنوع. ولو قال : من صحاح الذهب ، فالإبهام في القدر وحده.

ولو قال : له علَيَّ أكثر من مال فلان ، وفسّره بأكثر منه عدداً أو قدراً ، لزمه أكثر منه ، ويرجع إليه في تفسير الزيادة ولو حبّة أو أقلّ.

ولو قال : ما علمتُ أنّ مال فلانٍ كذا ، أو ما علمتُ لفلانٍ أكثر من كذا ، وقامت البيّنة بأكثر منه ، لم يلزمه أكثر ممّا اعترف به ؛ لأنّ المال يخفى كثيراً عن الغير ، ولا يعرف أحد قدره في الأكثر ، وقد يكون ظاهراً وباطناً ، فيملك ما لا يعرفه الـمُقرّ ، فكان المرجع إلى ما اعتقده الـمُقرّ مع يمينه إذا ادّعي عليه أكثر منه. وإن فسّره بأقلّ من ماله مع علمه بماله ، لم يُقبل.

مسألة ٨٩٩ : لو قال : لي عليك ألف دينار ، فقال : لك علَيَّ أكثر من ذلك ، لم يلزمه أكثر من الألف ، بل ولا الألف ؛ لأنّ لفظة « أكثر » مبهمة ؛ لاحتمالها الأكثريّة في القدر أو العدد ، فيحتمل أنّه أراد أكثر منه فلوساً أو حَبّ حنطة أو حَبّ شعير أو دخن ، فيرجع في ذلك إلى تفسيره.

واستبعده بعض العامّة ؛ لأنّ « أكثر » إنّما تُستعمل حقيقةً في العدد أو في القدر ، فيُصرف إلى جنس ما أُضيف « أكثر » إليه ، لا يُفهم في الإطلاق غير‌

٣١١

ذلك ، قال الله تعالى :( كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ ) (١) وقال تعالى :( أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً ) (٢) ( وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ) (٣) مع أنّه إذا قال : له علَيَّ دراهم ، لزمه ثلاثة أقلّ الجمع وازنة صحيحة حالّة ، مع احتمال إرادة الأدون والأردأ والمؤجَّل ، ولا يُقبل تفسيره بهذه ؛ حملاً للّفظ على ظاهره ، واحتمال « أكثر » هنا أبعد(٤) .

والتحقيق أنّ « أكثر » إن قُرن بـ « من » لم تجب مشاركته في الجنس ، وإلّا وجب ؛ لأنّ « أفعل » بعض لما يضاف إليه.

مسألة ٩٠٠ : لو قال : لزيدٍ علَيَّ مال أكثر ممّا تشهد به الشهود على فلان ، قُبِل تفسيره بأقلّ ما يُتموّل أيضا ؛ لاحتمال أنّه يعتقد أنّهم شهدوا زوراً ، ويريد أنّ القليل من الحلال أكثر بركةً.

ولو قال : أكثر ممّا قضى [ به ] القاضي على فلان ، فهو كما لو قال : أكثر ممّا شهد به الشهود ؛ لأنّ قضاء القاضي قد يكون مستنداً إلى شهادة الزور وإلى شهادة الفُسّاق ، ويجوز أن يغلط أو يعصي ، فيقضي بغير الحقّ ، والحكم الظاهر لا يغيّر ما عند الله.

وهذا أظهر وجهي الشافعيّة. والثاني : إنّه يلزمه القدر الذي قضى به القاضي ؛ لأنّ قضاء القاضي محمول على الحقّ والصدق(٥) .

وليس جيّداً.

مسألة ٩٠١ : لو قال : لفلانٍ علَيَّ أكثر ممّا في يد زيدٍ ، قُبِل تفسيره

____________________

(١) غافر : ٨٢.

(٢) الكهف : ٣٤.

(٣) سبأ : ٣٥.

(٤) المغني ٥ : ٣١٧ - ٣١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

٣١٢

بأقلّ ما يُتموّل ، كما لو قال : أكثر من مال فلان.

ولو قال : له علَيَّ أكثر ممّا في يد فلان من الدراهم ، لا يلزمه التفسير بجنس الدرهم ، لكن يلزمه ذلك العدد من أيّ جنسٍ شاء وزيادة بأقلّ ما يُتموّل ، وبه قال بعض الشافعيّة(١) .

واعتُرض بأنّه يخالف قياس ما سبق ؛ لوجهين :

الأوّل : التزام ذلك العدد.

والثاني : التزام زيادةٍ عليه(٢) .

والتأويل الذي تقدّم للأكثريّة ينفيهما جميعاً.

ولو قال : له علَيَّ من الدراهم أكثر ممّا في يد فلان من الدراهم ، وكان في يد فلان ثلاثة دراهم ، قال بعض الشافعيّة : يلزمه ثلاثة دراهم وزيادة أقلّ ما يُتموّل(٣) .

وقال بعضهم : لا يلزمه زيادة ؛ حملاً للأكثر على ما سبق(٤) .

والأقرب عندي : إنّه يُقبل لو فسّر بما دون الثلاثة أيضاً.

ولو كان في يده عشرة دراهم وقال الـمُقرّ : لم أعلم وظننتُ أنّه ثلاثة ، قُبِل قوله مع يمينه.

البحث الثالث : في الإقرار بكناية العدد.

مسألة ٩٠٢ : لو قال : لفلان علَيَّ كذا ، فهو مبهم بمنزلة قوله : له علَيَّ شي‌ء ، فيُقبل تفسيره بما يُقبل به تفسير الشي‌ء.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٠.

٣١٣

ولو قال : له علَيَّ كذا كذا ، فهو كما لو قال : كذا ، والتكرار للتأكيد لا للتجديد ، فكأنّه قال : له علَيَّ شي‌ء شي‌ء.

ولو قال : له علَيَّ كذا وكذا ، فعليه التفسير بشيئين مختلفين أو متّفقين يُقبل كلّ واحدٍ منهما في تفسير « كذا » من غير عطفٍ.

وكذا لو قال : علَيَّ شي‌ء ، أو قال : شي‌ء وشي‌ء.

ولو عقّبه بالدرهم مثلاً ، فقال : له علَيَّ كذا درهم ، فلا يخلو إمّا أن ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجرّه أو يقف عليه.

فإن نصبه فقال : له علَيَّ كذا درهماً ، لزمه درهم واحد ، وكان الدرهم منصوباً على التمييز ؛ لأنّه تفسير لما أبهمه.

وقال بعض الكوفيّين : إنّه منصوب على القطع ، فكأنّه قطع ما ابتدأ به وأقرّ بدرهمٍ(١) .

وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يلزمه عشرون درهماً ؛ لأنّه أقلّ اسم عددٍ مفرد ينتصب الدرهم المفسّر عقيبه(٣) .

وهو جيّد إن كان المـُقرّ عارفاً بالعربيّة. والأقرب : الأوّل ؛ لأنّه المتيقّن.

____________________

(١) المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣ ، البيان ١٣ : ٤٢٢ - ٤٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٧١١ / ١٢٠٥.

(٣) روضة القضاة ٢ : ٧٢١ ، ذيل الرقم ٤٠٧٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧١١ / ١٢٠٥.

٣١٤

وإن رفعه فقال : كذا درهمٌ ، لزمه درهم واحد إجماعاً ، وتقديره : شي‌ء هو درهم ، فجعل الدرهم بدلاً من « كذا ».

وإن جرّه ، لزمه بعض درهمٍ ، وصار تقديره : له علَيَّ جزء درهمٍ ، أو بعض درهمٍ ، ويرجع في تفسير قدره إليه ، ويكون « كذا » كنايةً عن ذلك الجزء.

وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : إنّه يلزمه مائة درهم ؛ لأنّه أقلّ عددٍ يضاف اسم العدد إليه(١) ويجرّ به(٢) .

وما ذكرناه أولى ؛ لأنّه المتيقّن ، ولا يُنظر إلى الإعراب في تفسير الألفاظ المبهمة ، ولا تُوازن المبهمات المبيّنات.

ولا فرق بين أن يقول : علَيَّ كذا درهم صحيح ، أو لم يقل لفظة « صحيح ».

وبعضهم فرّق بأنّه إذا قال : له علَيَّ كذا درهم صحيح ، بالجرّ ، لم يجز حمله على بعض درهمٍ ، فتتعيّن المائة(٣) .

والحقّ أنّه يلزمه درهم واحد.

وقال بعض الشافعيّة : إذا جرّ ، لزمه درهم واحد إذا لم يقل : « صحيح »(٤) .

ولو وقف ، لزمه بعض درهمٍ ، كما في حالة الجرّ ؛ لأنّه المتيقّن ، لأنّه يجوز أن يسقط حركة الجرّ للوقف.

____________________

(١) كذا قوله : « لأنّه أقلّ عددٍ يضاف اسم العدد إليه ». وفيه اضطراب.

(٢) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨.

(٣) راجع العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٠ - ٣١.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١ ، المغني ٥ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٢.

٣١٥

وقال بعض الشافعيّة : يلزمه درهم(١) .

مسألة ٩٠٣ : لو قال : له علَيَّ كذا كذا ، فهو بمنزلة مَنْ لم يكرّر ، يلزمه درهم واحد.

ثمّ التقدير أن نقول : إمّا أن ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجرّه أو يقف.

فإن نصب ، لزمه درهم لا غير ، ولا يقتضي التكرير الزيادة ، كأنّه قال : له شي‌ء شي‌ء.

وقال أبو حنيفة : يلزمه أحد [ عشر ](٢) درهماً ؛ لأنّه أقلّ عددٍ مركّبٍ ينتصب بعده المميّز إن كان عالماً بالعربيّة(٣) .

والأجود ما قلناه ؛ تنزيلاً للإقرارات على المتيقّن ، لا على المظنون ؛ حيث أُخرجت أصالة براءة الذمّة عن أصلها.

ولو رفع ، لزمه درهم واحد أيضاً. وتقديره : كذا كذا هو درهم. ولا خلاف فيه.

ولو جرّ ، لزمه بعض درهمٍ ؛ لاحتمال أن يكون قد أضاف جزءاً إلى جزءٍ ثمّ أضاف الجزء الآخر إلى الدرهم ، فيصير كأنّه قال : له بعضُ بعضِ‌

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢٤٦ ، البيان ١٣ : ٤٢٣ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وعشرون ». والمثبت كما في المصادر هو الصحيح.

(٣) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، الفقه النافع ٣ : ١٢١٨ / ٩٧٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨١ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

٣١٦

درهمٍ ، ويُقبل تفسيره .

وكذا لو وقف.

وقال بعض الشافعيّة : يلزمه في الجرّ والوقف والنصب والرفع درهم واحد(١) .

والوجه ما قلناه.

ولو قال : كذا كذا كذا درهم ، لزمه بعض درهمٍ أيضاً ؛ لاحتمال أنّه أراد ثُلث سُبع عُشر درهمٍ.

مسألة ٩٠٤ : لو كرّر « كذا » مع العطف ، فقال : له علَيَّ كذا وكذا ، فإن رفع الدرهم ، لزمه درهم واحد ؛ لأنّه ذكر شيئين ثمّ أبدل منهما درهماً ، فكأنّه قال : هُما درهم ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : إنّه يلزمه درهم وزيادة(٢) .

ولو نصب ، فالأقرب : إنّه يلزمه درهم واحد ؛ لأنّ « كذا » يحتمل أن يكون أقلّ من درهمٍ ، فإذا عطف عليه مثله ثمّ فسّرهما بدرهمٍ واحد ، جاز.

وقال الشافعي : يلزمه درهمان ؛ لأنّ « كذا » يقع على درهمٍ ، يعني لمّا وصل الجملتين بالدرهم كان كلّ واحدٍ من المعطوف والمعطوف عليه واقعاً على درهمٍ ، فكأنّه كناية عنه(٣) .

قال المزني : وقال في موضعٍ آخَر : إذا قال : كذا وكذا درهماً ، قيل : أعطه درهماً أو أكثر من قِبَل أنّ « كذا » يقع على أقلّ من درهمٍ ، وقوله :

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

(٣) الأُم ٦ : ٢٢٣ ، مختصر المزني : ١١٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٨ : ٢٤٦ - ٢٤٧ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥.

٣١٧

« أو أكثر » أي : إذ ا فسّره بأكثر من درهمٍ ، لزمه ، وإلّا فالدرهم يقين. ويُروى في بعض النسخ : « وأكثر ». هذا ما نقله المزني(١) .

واختلف أصحاب الشافعي في المسألة على طريقين :

أشهرهما : إنّه على قولين :

أصحّهما : إنّه يلزمه درهمان ؛ لأنّه أقرّ بجملتين مبهمتين ، وعقّبهما بالدرهم ، فالظاهر كونه تفسيراً لهما ، كما لو قال : له علَيَّ عشرون درهماً ، فإنّ الدرهم تفسير للعشرين.

والثاني - وهو اختيار المزني - : إنّه لا يلزمه إلاّ درهم واحد ؛ لجواز أن يريد به تفسير اللفظين معاً بالدرهم ، وحينئذٍ يكون المراد من كلّ واحدٍ نصف درهمٍ(٢) .

وزاد بعضهم قولاً ثالثاً ، وهو : إنّه يلزمه درهم وشي‌ء ، أمّا الدرهم : فلتفسير الجملة الثانية ، وأمّا الشي‌ء : فللأُولى الباقية على إبهامها. وهو موافق لرواية مَنْ روى « أعطه درهماً وأكثر »(٣) .

والطريق الثاني : القطع بأنّه يلزمه درهمان.

واختلفوا في نقل المزني والتصرّف فيه من وجوه :

أ - حمل ما نقله عن موضعٍ آخَر على ما إذا قال : « كذا وكذا درهم » ‌

____________________

(١) مختصر المزني : ١١٢ ، الأُم ٦ : ٢٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ و ٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، البيان ١٣ : ٤٢٣ - ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧ - ٢٨ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ ، حلية العلماء ٨ : ٣٤٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١.

٣١٨

بالرفع ، كأنّه يقول : وكذا الذي أبهمته درهم.

ب - إنّه حيث قال : « درهمان » أراد ما إذا أطلق اللفظ ، وحيث قال : « درهم » أراد ما إذا نواه ، فصرف اللفظ عن ظاهره بالنيّة.

ج - إنّه حيث قال : « درهم » أراد ما إذا قال : « كذا وكذا درهماً » فشكّ أنّ الذي يلزمه شيئان أو شي‌ء واحد.

د - إنّه حيث قال : « يلزمه درهم » صوّر فيما إذا قال : « كذا كذا درهماً »(١) .

وقال أبو حنيفة : يلزمه أحد وعشرون درهماً ؛ لأنّه أقلّ مفرد ميّز عددين أحدهما معطوف على الآخَر(٢) .

وحكي عن أبي يوسف أنّه إذا قال : « كذا وكذا ، أو : كذا وكذا درهماً »(٣) لزمه أحد عشر درهماً(٤) .

ولو جرّ الدرهم ، لزمه درهم عند بعض الشافعيّة(٥) .

والحقّ أنّه يلزمه بعض الدرهم ، والتقدير أنّه يلزمه شي‌ء وبعض درهمٍ ، وكلاهما بعض درهمٍ.

ولو قال : كذا وكذا وكذا درهماً ، فإن قلنا : إن كرّر مرّتين لزمه‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٨ ، البيان ١٣ : ٤٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٢) بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٠٥ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٣٦ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٢١ / ١٩٢٥ ، الوسيط ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٠٩.

(٣) « درهماً » لم ترد في النسخ الخطّيّة.

(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ ، المغني ٥ : ٣٢٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٤٤.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٣.

٣١٩

درهمان ، فهنا يلزمه ثلاثة. وإن قلنا : يلزمه درهم ، فكذا هنا.

مسألة ٩٠٥ : لو قال : له علَيَّ ألف ودرهم ، أو ألف ودراهم ، أو ألف وثوب ، أو ألف وعبد ، فقد عطف معيّن الجنس على مبهمه ، فله تفسير الألف بغير جنس المعطوف بأيّ شي‌ء أراد ، عندنا - وبه قال الشافعي ومالك(١) - إذ لا منافاة بين عطف بعض الأجناس على ما يغايرها ، بل هو الواجب ، فبأيّ شي‌ء فسّره قُبِل ، حتّى لو فسّره بحبّات الحنطة قُبِل.

ولو فسّره بألف كلب ، فوجهان على ما سلف(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن عطف على العدد المبهم موزوناً أو مكيلاً ، كان تفسيراً له. وإن كان مذروعاً أو معدوداً ، وبالجملة يكون [ متقوّماً ](٣) لم يكن تفسيراً - كالثوب والعبد - لأنّ « علَيَّ » للإيجاب في الذمّة ، فإذا عطف عليه ما يثبت في الذمّة بنفسه ، كان تفسيراً له ، كقوله : مائة وخمسون درهماً ، وقوله : خمسة وعشرون درهماً ، فإنّ الدرهم تفسير العشرين ، والعشرون تفسير الخمسة(٤) .

____________________

(١) الأُم ٦ : ٢٢٣ ، مختصر المزني : ١١٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٨ : ٢٣٥ ، الوجيز ١ : ١٩٨ ، الوسيط ٣ : ٣٣٥ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٠ - ٣٥١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٤٠ ، البيان ١٣ : ٤٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٢ ، منهاج الطالبين : ١٤١ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦١٥ / ١٠٤٦ ، الذخيرة ٩ : ٢٧٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٠٦ - ١٧٠٧ / ١٢٠١ ، المعونة ٢ : ١٢٥٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٨ : ٩٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٨٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٣.

(٢) في ص ٢٩٧ ، المسألة ٨٨٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مفهوماً » وذلك تصحيف.

(٤) تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٩ ، بدائع الصنائع ٧ : ٢٢٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : =

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528