الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء7%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 74797 / تحميل: 5481
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

خمسمئة رسالة في ألمانيا قبل ثلاثمئة سنة ، وهي موجودة في مكتبة الدّولة ببرلين ، وفي مكتبة باريس ؛ وممّا قاله الأستاذ أبو زهرة :

«أنّ الإمام جعفرا كان قوّة فكريّة في هذا العصر ، فلم يكتف بالدّراسات الإسلاميّة ، وعلوم القرآن ، والسّنّة ، والعقيدة ، بل اتّجه إلى دراسة الكون وأسراره ، ثمّ حلّق بعقله الجبّار في سماء الأفلاك ، ومدارات الشّمس ، والقمر ، والنّجوم ، وبذلك علم مقدار نعمة الله على عبيده وقد عني عناية كبرى بدراسة

__________________

ـ الكوفة ، وأصله من خراسان. اتّصل بالبرامكة ، وانقطع إلى أحدهم جعفر بن يحيى. وتوفّي بطوس. له تصانيف كثيرة قيل : عددها (٢٣٢) كتابا ، وقيل : بلغت خمسمئة. ضاع أكثرها ، وترجم بعض ما بقي منها إلى اللّاتينيّة. وممّا بين أيدينا من كتبه ـ أو الكتب المنسوبة إليه ـ (مجموع رسائل) نحو ألف صفحة ، و (أسرار الكيمياء) و (علم الهيئة) و (أصول الكيمياء) و (المكتسب) مع شرح بالفارسيّة للجلدكي ، وكتاب في (السّموم) و (تصحيحات كتب أفلاطون) و (الخمائر) و (الرّحمة) وكتاب (الخواصّ) الكبير المعروف بالمقالات الكبرى والرّسائل السّبعين ، و (الرّياض) و (صندوق الحكمة) و (العهد) في الكيمياء. وأكثر هذه المخطوطات رسائل. ولجابر شهرة كبيرة عند الإفرنج بما نقلوه ، من كتبه ، في بدء يقظتهم العلميّة. قال برتلو (لجابر في الكيمياء ما لأرسطو طاليس قبله في المنطق ، وهو أوّل من استخرج حامض الكبريتيك وسمّاه زيت الزّاج ، وأوّل من اكتشف الصّودا الكاوية ، وأوّل من استحضر ماء الذّهب ، وينسب إليه استحضار مركبات أخرى مثل كربونات البوتاسيوم وكربونات الصوديوم. وقد درس خصائص مركبات الزّئبق واستحضرها) وقال لوبون (تتألّف من كتب جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره). وقد اشتملت كتبه على بيان مركبات كيماويّة كانت مجهولة قبله. وهو أوّل من وصف أعمال التّقطير والتّبلور والتّذويب والتّحويل إلخ.

انظر ، فهرست ابن النّديم : ١ / ٣٥٤ ، أخبار الحكماء : ١١١ ، المقتطف : ١ / ١٢٣ ، معجم المطبوعات : ٦٦٤ ، الفهرس التّمهيدي : ٥١٢ ـ ٥٢٠ ، اكتفاء القنوع : ٢١٣ و ٢١٤.

كان في جملة البرامكة ومنقطعا إلى جعفر ابن يحيى. وفي الذّريعة : ٢ / ٥٥ نصّا جديدا ، له قيمته ، وهو رواية أبي الرّبيع سليمان بن موسى بن أبي هشام عن أبيه موسى ، في صدر كتاب (الرّحمة) لجابر ، قال : (لمّا توفّي جابر بطوس سنة المئتين من الهجرة وجد هذا الكتاب تحت رأسه).

٢٠١

النّفس الإنسانيّة ، وإذا كان التّأريخ يقرّر أنّ سقراط قد أنزل الفلسفة من السّماء إلى الإنسان ، فإنّ الإمام الصّادق قد درس السّماء ، والأرض ، والإنسان ، وشرائع الأديان»(١) .

وكان في علم الإسلام كلّه الإمام الّذي يرجع إليه ، وله في الفقه القدح المعلّى ، فهو أعلم النّاس بإختلاف الفقهاء ، يعلم الفقه العراقي ومناهجه ، وفقه المدينة وارتباطه بأدلّته وآثاره ، واعتبره أبو حنيفة أستاذه في الفقه ، فقد سئل أبو حنيفة : من أين جاء لك هذا الفقه؟

فقال : «كنت في معدن العلم ، ولزمت شيخا من شيوخه»(٢) ، وهو يقصد بمعدن العلم الإمام الصّادق.

وهيأ له أبو حنيفة أربعين مسألة بطلب من المنصور ، فأجاب عنها الإمام بما عند العراقيّين ، وما عند الحجازيّين ، وما ارتآه الإمام ؛ فقال أبو حنيفة : أعلم النّاس أعلمهم بإختلاف النّاس»(٣) . وأخذ عنه مالك ، ويحيى ، ابن سعيد الأنصاري ، وسفيان الثّوري ، وغيرهم كثير(٤) .

وروى عنه أصحاب السّنن : أبو داود ، والتّرمذي ، والنّسائي ، وابن ماجه ،

__________________

(١) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ١٠١. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٢ ، جامع مسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧.

(٣) انظر ، مناقب أبي حنيفة (للموفق) : ١ / ١٧٢ ، جامع أسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٥٧.

(٤) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٨ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٣ ، الإمام الصّادق ، أبو زهرة : ٢٢ طبعة اولى ، انظر ، ترجمة هؤلاء في سير أعلام النّبلاء : ٦ / ١٥ ، تذكرة الحفّاظ للذّهبي : ١ / ١٣٧ ، الجرح والتّعديل : ٩ / ١٤٧ ، لسان الميزان : ٤ / ٣٨٠ ، شذرات الذّهب : ١ / ٢١٢ ، الثّقات : ٥ / ٥٢١.

٢٠٢

والدّار قطني ، ومسلم ، وكثيرون غير هؤلاء من جمهور السّنّة. وقال الشّيخ أبو زهرة : «أنّ العلوم الّتي أخذها عليّ عن النّبيّ أودعها ذرّيّته ، وهم أذاعوها على النّاس حين اتيحت لهم الفرصة. وهذا عين ما تقوله الإماميّة في علوم أهل البيت دون زيادة ، وقد كرّروه وأكدوه في كتب العقائد والحديث ، والفقه والتّفسير ، ونظمه أحد شعرائهم(١) :

إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا

ينجيك يوم البعث من لهب النّار

فدع عنك قول الشّافعي ومالك

وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووال أناسا نقلهم وحديثهم

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

وبهذا يتبيّن معنا أنّ قول الشّيخ : «أنّ الإماميّة يقولون : أنّ علم الإمام جعفر إلهامي وليس بكسبي»(٢) ، من سهو القلم ، ونسبة بلا مصدر ، وإذا كان الإماميّة لا ينسبون علم النّبيّ إلى الإلهام بل إلى جبريل عن الله جلّ شأنه ؛ فكيف ينسبون علم أبنائه إلى الإلهام؟ وهناك ملاحظات أخرى على الكتاب :

«منها» : «أنّ المؤلّف لا يستطيع أن يقبل روايات الكليني صاحب الكافي ، لأنّ بعض رواياته لا يقول بصحتها كبّار علماء الإثنى عشريّة ، كالمرتضى والطّوسي»(٣) .

ونجيب فضيلة الشّيخ : بأنّ التّشكيك في بعض روايات الكافي لا يستدعي طرح رواياته كلّها. وقد شكّك كثير من الحفّاظ ببعض الرّواة الّذين اعتمد عليهم البخاري في صحيحه ، ومع ذلك لم يطرح أهل السّنّة كل ما في البخاري.

__________________

(١) انظر ، عولي اللّئالي : ١ / ٣٠١ ، الصّراط المستقيم : ٣ / ٢٠٧.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٠.

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٣٦.

٢٠٣

نقل صاحب كتاب «أضواء على السّنّة المحمّديّة» : أنّ الحفّاظ ضعّفوا من رجال البخاري ثمانين رجلا ، ومن رجال مسلم مئة وستين ، وبالرّغم من هذا فهما من الصّحاح عند السّنّة ، وإذا جاز لنا أن نطرح جميع روايات الكليني لحديث واحد ، أو أحاديث في موضوع من الموضوعات يجوز لنا ، والحال هذه ، أن نطرح جميع روايات البخاري ، ومسلم»(١) .

هذا ، وقد رجّح البخاري صدق راو ، ورجّح مسلم كذبه ، كعكرمة مولى ابن عبّاس(٢) ومع ذلك يعتبر أهل السّنّة كلا من كتاب البخاري ومسلم صحيحا ، وبديهة أنّ الشّيء الواحد لا يتّصف بصفة ونقيضها في آن واحد.

«ومنها» : «أنّ النّبيّ كان يجتهد ، وكان في إجتهاده عرضة للخطأ بل ثبت أنّه قد أخطأ وعلّمه ربّه الصّواب»(٣) .

إنّ خطأ الأنبياء في الأحكام محال بحكم العقل ؛ لأنّ وقوع الخطأ منهم مناف لحكمة البعثة المقصود منها إرشاد الخلق إلى الحقّ ، أنّ قول النّبيّ دليل قاطع لرفع الخطأ ، فإذا أخطأ انتفت عنه صفة الدّلالة ، وبالتالي تنتفي عنه صفة النّبوّة والرّسالة(٤) .

__________________

(١) انظر ، أضواء على السّنّة المحمّديّة : ٢٧٥ طبعة دار التّأليف سنة (١٩٥٨ م). (منهقدس‌سره ).

(٢) جاء في كتب السّنّة أنّ عكرمة هذا الّذي صدّقه البخاري وعمل بحديثه قد ملأ الدّنيا كذبا ، وأنّه كان يرى رأي الخوارج ، ويقبل جوائز الأمراء ، وجاء في كتب السّنّة أيضا أنّ أبا هريرة كذّبه عليّ ، وعمر ، وعائشة ، ومع ذلك روى عنه البخاري ، ومسلم. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٣.

(٤) انظر ، كتابنا «الإجتهاد والتّقليد بداية وتطوّرا ، محاولة لفهم جديد ، على الصّعيد الأصوليّ المقارن».

٢٠٤

الحسين عمره ، وأولاده ، والشّهداء من أهله

مولده :

ولد الحسينعليه‌السلام في شعبان سنة «٣ ه‍»(١) ، وولد أخوه الحسن في رمضان سنة «٢ ه‍»(٢) ، وحين وضعته فاطمة قالت لأبيه : سمه.

قال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله.

وحين رآه النّبيّ قال للإمام : هل سميّته؟.

فقال : ما كنت لأسبقك باسمه.

فقال النّبيّ : وما كنت لأسبق ربّيعزوجل .

فأوحى الله أن سمه الحسين(٣) .

__________________

(١) انظر ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٢٧ مؤسّسة آل البيتعليهم‌السلام ، المقاتل : ٨٤ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢١٥ ، معالم العترة النّبويّة للجنابذي (مخطوط) : ورق ٦٣ ، التّهذيب : ٦ / ٤١ ب ١٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٣١١ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٣٤٥ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٧٦ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ١٩٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٦٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٨٨ ، اسد الغابة : ٢ / ٢٢ ، ابن الأثير : ٤ / ٨ ، الإصابة : ٢ / ١٤ ، تأريخ بغداد : ١ / ٢٤١ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٦٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٤.

(٢) انظر ، دلائل الإمامة : ٦٠ ، تذكرة الخواصّ : ٢٠١ ، تهذيب تأريخ دمشق : ٤ / ١٩٩ ، مطالب السّؤول:٦٤ ، الإصابة : ١ / ٣٢٨ ، الإستيعاب : ١ / ٣٦٨ ، تأريخ الخلفاء : ٧٣.

(٣) انظر ، ذخائر العقبى : ٢١٢٠ ، مسند أبي داود الطّيالسي : ١ / ١٩ ، الإصابة : ٨ / ١١٧ ، مجمع الزّوائد : ـ

٢٠٥

عمره الشّريف :

أقام مع جدّه ست سنوات ، ومع أبيه ثلاثين ، ومع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشرا ، وبقي بعد أخيه عشرا(١) ، فكان عمره الشّريف ، (٥٦ ، وقيل ٥٧)(٢) .

أولاده :

له عشرة أولاد (٦) ذكور و (٤) أناث(٣) .

١ ـ عليّ الأكبر(٤) ،

__________________

ـ ٩ / ١٧٤ ، تأريخ الخميس : ١ / ٤٧٠ ، معاني الأخبار : ٥٧ ح ٦ ، علل الشّرائع : ١٣٨ / ٧ و ٥ ، أمالي الصّدوق : ١١٦ / ٣ ، عيون أخبار الرّضا : ٢ / ٢٤ / ٥ ، صحيفة الرّضا : ١٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٨٩ ، اسد الغابة : ٢ / ١١ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ١٨٨ ، نهاية الإرب : ١٨ / ٢١٣ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٣٦٨ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٢٩٦ ، مسند زيد : ٤٦٨.

(١) انظر ، إعلام الورى : ٢١٤ بلفظ «سبع سنين» ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٣٣ بلفظ «سبع سنين» ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٤ ، بتحقيقنا ، النّعيم المقيم لعترة النّبأ العظيم : ٢٨٨ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، مقاتل الطّالبيّين : ٨٤ ، الإرشاد : ٢ / ١٣٣ ، المعارف : ٢١٣ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٣١ ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، تأريخ اان الخشّاب : ٢ / ٢١٦ ، الإتحاف بحبّ الأشراف الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي : ١٨٧ ، بتحقّيقنا. بالإضافة إلى المصادر السّابقة.

(٣) انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخطوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقّيقنا ، مطالب السّؤول في مناقب آل الرّسول : النّسخة المخطوطة في مكتبة آية الله العظمى السّيّد المرعشي النّجفي : ورق ١٢٤ ، وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق ١٣٥.

(٤) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّفّ من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة ـ

٢٠٦

وأمّه ليلى بنت أبي مرّة الثّقفي(١) ، وأمّها ميمونة بنت أبي سفيان ، وأخت معاوية ، فعليّ الأكبر ، ابن بنت عمّة يزيد ، ويزيد ابن خال أمّ عليّ الأكبر(٢) . وناداه رجل يوم الطّفّ من عسكر ابن سعد ، وقال له : أنّ لك مع يزيد رحما ، فإن شئت آمنّاك ، فقال له : ويّلك لقرابة رسول الله أحقّ بالرّعاية.

وقال معاوية يوما لجلسائه : «من أحقّ النّاس بهذا الأمر؟

فقالوا له : أنت.

قال : كلّا ، أولى النّاس به عليّ بن الحسين ، جدّه رسول الله ، وفيه شجاعة بني

__________________

ـ سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة ، وفي مناقب آل أبي طالب : ٤ / ١٠٩ «كان عمره «٢٥» سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ طبعة آخر ، المعارف لابن قتيبة : ٢١٣ و ٢١٤ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٩ ، و : ٢ / ٢٢٢ طبعة إيران ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر ، البحار : ٤٥ / ٤٢ و ٤٣ ، ابن الأثير في الكامل : ٤ / ٣٠ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، مقتل العوالم : ٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٦٨ ، بتحقّيقنا ، الإتحاف بحبّ الأشراف للشّبراوي : ١٨٥. بتحقّيقنا.

(١) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّف من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ ، المعارف : ٢١٣ و ٢١٤ ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٠ ، والأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥.

(٢) انظر ، مروج الذّهب للمسعودي : ٢ / ٩١. انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٠ و ٣١. مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر. تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥٨ و : ٦ / ٦٢٥.

٢٠٧

هاشم ، وسخاء بني اميّة ، وزهو ثقيف»(١) .

٢ ـ عليّ الأصغر ، وهو الإمام زين العابدين عليه السلام(٢) ، وأمّه شاه زنان(٣) بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس ، ومعنى شاه زنان بالعربيّة ملكة النّساء ، ونسل الحسين كلّه من الإمام زين العابدين(٤) .

٣ ـ عليّ الأوسط(٥) .

٤ ـ جعفر ، مات في حياة أبيه ، ولا بقية له(٦) .

٥ ـ محمّد(٧) .

٦ ـ عبد الله الرّضيع الّذي جاءه سهم ، فذبحه ، وهو في حجر أبيه(٨) .

__________________

(١) انظر ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، تأريخ دمشق : ٤١ / ٣٦٢ ، شرح الأخبار : ٣ / ١٥٤ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٧٩ ، المنتخب من ذيل المذيل : ٢٤ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣١.

(٢) انظر ، الصّواعق المحرقة : ٢٠٠ ، تهذيب التّهذيب للعسقلاني : ٧ / ٣٠٦ ، شذرات الذّهب : ١ / ١٠٤ ، أخبار الدّول : ١٠٩ ، مطالب السّؤول : ٢ / ٤١ ، تأريخ الأئمّة لابن أبي ثلج : ٤.

(٣) انظر ، الإرشاد : ٢ / ١٣٧ ، دلائل الإمامة للطّبري : ٨١ ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، وفيّات الأعيان : ٢ / ٤٢٩ ، صفوة الصّفوة لابن الجوزي : ٢ / ٥٢ ، نهاية الإرب : ٢١ / ٣٢٤.

(٤) شاه زنان بفتح الشّين المعجمة ، وكسر الهاء ، وفتح الزّاي والنّون الثّانية بعد الألف. كلمة فارسيّة معناها : ملكة النّساء ، وهي بنت يزدجرد بفتح الياء المثناة من تحت ، وسكون الزّاي ، وفتح الدّال المهملة ، وكسر الجيم ودال مهملة بعد الرّاء السّاكنة ، ولد أنو شروان العادل ملك الفرس. انظر ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، فتوح البلدان للبلاذري : ٣٢٢ ، طبعة مصر ، مرآة الجنان : ١ / ١٩٠.

(٥) انظر ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٣١.

(٦) انظر ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٥ ، بتحقيقنا) ، نور الأبصار للشّبلنجي : ٢ / ٥٦ ، بتحقّيقنا.

(٧) تقدّمت ترجمته.

(٨) تقدّمت ترجمته.

٢٠٨

الشّهداء من أقاربه :

استشهد من أقارب الحسين اثنان من ولده ، وهما عليّ الابن الأكبر(١) . والطّفل الرّضيع(٢) .

وتسعة من اخوته أبناء عليّ ، وهم العبّاس ، وجعفر ، وعثمان ، وعبد الله ، ومحمّد ، وأبو بكر ، وعمر ، وعون ، ومحمّد الأوسط(٣) .

وأربعة من ولد الحسن وهم : القاسم ، وعبد الله ، وأبو بكر ، وأحمد ؛ وسبي مع النّساء ثلاثة من ولد الحسن ، الحسن بن الحسن المثنى ، وعمرو ، وزيد ؛ وحارب الحسن المثنى مع عمّه الحسين حتّى قطعت يده ، وأثّخن بالجراح ، ولم يقتل(٤) .

__________________

(١) تقدمت استخراجها.

(٢) تقدّمت ترجمتهما.

(٣) تقدّمت ترجمتهم. انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخلوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقيقنا.

(٤) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٢ ، و : ٦ / ٢٥٩ ، مقاتل الطّالبيّين ، : ٥٦ و ٥٨ و ١٢٨ ، المسعودي في ينابيعه : ٣ / ٧٧ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٦٩ ، بتحقّيقنا ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٧٤ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٠٩ ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : ٣ / ١٧ طبعة اسوة ، معجم رجال الحديث : ١٥ / ١٧ رقم «٩٥١٣» و : ٢٢ / ٧٠ رقم «١٤٠٠٠» ، شرح الأخبار : ٣ / ١٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٧١ و : ٤ / ٩٢ ، ذخائر العقبى : ١١٧ ، أمالي الشّيخ الصّدوق : ٢٢٦ ، روضة الواعظين : ١٨٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٧ ، مثير الأحزان : ٥٢ و ٥٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٥ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٥١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩٢ ، الأخبار الطّوال : ٣ / ١٩٦ ، ٢ / ٥٧١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٣ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ : ٢ / ٢٨٨ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٥ و ٣٤٣.

٢٠٩

واستشهد ثلاثة من أولاد زينب بنت أمير المؤمنين ، وهم عون ، ومحمّد ، وعبيد الله(١) ، وأبوهم عبد الله بن جعفر(٢) .

وواحد من ولد جعفر بن أبي طالب ، وهو عون أخو عبد الله ابن جعفر.

وثلاثة عشر من ولد عقيل بن أبي طالب ، وهم مسلم بن عقيل ، وعبد الله ابن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن سعيد بن عقيل ، وعبد الله الأصغر بن عقيل ، وعبد الله الأكبر بن عقيل ، وموسى بن عقيل ، وعليّ بن عقيل ، وأحمد بن عقيل ، وجعفر بن عقيل ، وعبد الرّحمن بن عقيل(٣) ، وصبيّان من ولد

__________________

(١) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٧ و ٢٣٩ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٤٠ طبعة النّجف ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٢٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦١ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧. وأمّه الخوصاء ، وأمّها هند بنت سالم بن ثعلبة. انظر ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤١ و : ٦ / ٢٥٦ ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، مروج الذّهب : ٣ / ٩٢ و ٣٣٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٣٩ طبعة النّجف ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٦ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٧٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦. وفي الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا ، «عون» أمّه جمانة ، وقد قتله عبد الله بن قطنة الطّائي النّبهاني. وقيل «قطبة» بدل «قطنة» كما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٥ ـ ١٦٦ و ٢٣٨ ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٢٧ ، جمهرة أنساب العرب : ٦١ وزاد «وهو عون الأصغر» ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ٢ / ١٢ ، البحار : ١٠١ / ٢٤٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٦ ، و : ٢ / ٢٢٠ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، و : ١٢٢ طبعة آخر ، و : ٩٥ طبعة آخر ، منتهى الآمال للمحدّث القمي : ١ / ٦٧٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ ، وفي ص ١٠٧ بلفظ : وحمل عليه عبد الله بن قطبة الطّائي وانظر : ١٢٥ أيضا ، ينابيع المودّة : ٣ / ٧٣ طبعة اسوة.

(٣) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٨ و ٢٤٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٥٤ ، تأريخ ـ

٢١٠

عقيل كانا مع السّبايا ، وهربا من الخوف والذّعر ، فأتيا دار رجل طائي فلجآ إليه ، ولمّا علم أنّهما من سبايا الحسين وبقايا أهل البيت قتلهما ، وجاء برأسيهما إلى ابن زياد يطلب الجائزة. فقال له ابن زياد : جائزتك القتل. وأمر به فقتل ، فمجموع الّذين استشهدوا من نسل أبي طالب (٣٢) ما عدا الحسينعليه‌السلام (١) .

مطلّقة الحسين وزوّجة يزيد :

قال في نفس المهموم : «أنّ هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين : فطلّقها ، وتزوّجت يزيد ، وحين دخل السّبايا على يزيد في الشّام حسرت هند عن رأسها ، وشقّت الثّياب ، ودخلت على يزيد في مجلسه تندب وتصيح ، وقالت : يا يزيد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب!(٢)

__________________

ـ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٥٩ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٨ ، الإرشاد للشّيخ المفيد :٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧ ، معجم رجال الحديث : ٥ / ٥٠ رقم «٢٢٠١» ، لواعج الأشجان : ١٧٢ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٢٠٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٣ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٣٨ ، أنساب الأشراف : ١٩٣ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٦ و ٣٤٣ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(١) انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٨ ، المعجم الكبير : ٣ / ١١٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٣٢٠ ، تهذيب الكمال : ٢ / ٣٠٥ و : ٦ / ٤٣١ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٣٠٩ ، الإستيعاب : ١ / ٣٩٦ ، الإصابة : ٥ / ٨ ، تأريخ خليفة : ٢٣٥.

(٢) انظر ، تأريخ دمشق : ٦٢ / ٨٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٤١ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٩٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢١٢ و ٢١٩ ، مختصر تأريخ دمشق :٢٦ / ١٥١ طبعة دار الفكر.

٢١١
٢١٢

يزيد

هو يزيد بن معاوية(١) ، وينسب معاوية إلى أربعة رجال عمر بن مسافر ، وعمارة بن الوليد ، والعبّاس بن عبد المطّلب ، ورجل أسود يدعى الصّباح(٢) ،

__________________

(١) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي : ثاني ملوك الدّولة الأمويّة في الشّام.

انظر ، تأريخ الطّبري : حوادث سنة ٦٤ ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٠ ، منهاج السّنّة : ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٤٩ ، مختصر تأريخ العرب : ٧١ ـ ٧٦ ، البدء والتّأريخ : ٦ / ٦ ـ ١٦.

(٢) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اميّة بن عبد شمس ، وامّه هند بنت عتبة بن ربيعة ، تزوّجت هند أوّلا الفاكه بن المغيرة المخزومي فقتل عنها بالغميصاء ـ كما جاء في نسب قريش : ٣٠٠ ـ موضع قرب مكّة ، ثمّ تزوّجت حفص بن المغيرة فمات عنها ، ثمّ تزوّجت أبا سفيان. وكانت في زمن الفاكه متّهمة بالزّنا كما يذكر صاحب العقد الفريد : ٦ / ٨٦ ـ ٨٧ ، والأغاني : ٩ / ٥٣ ، وكانت ممّن تذكر في مكّة بفجور ، وعهر كما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ١ / ٣٣٦ تحقّيق محمّد أبو الفضل ، ربيع الأبرار للزّمخشري : ٢ / ٥٤٨.

دخل أبو سفيان في الإسلام ، غير أنّ المذسلمين لم ينسوا مواقفه منهم فكانوا لا ينظرون إليه ولا يقاعدونه كما جاء في صحيح مسلم : ٧ / ١٧١ وهو القائل : يا بني أميّة تلقّفوها تلقّف الكرة ، فو الّذي يحلف به أبذو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة ذكر ذلك صاحب مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦. وأضاف صاحب كتاب الأغاني : ٦ / ٣٥٥ ، والإستيعاب : ٦٩٠ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، وغيرهم قوله : فو الله ما من جنّة ولا نار ، فصاح به عثمان : «قم عنّي ، فعل الله بك وفعل».

ومعاوية هذا أسلم بعد الفتح ، وقال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :لا أشبع الله بطنه. كما ذكره صاحب أنساب ـ

٢١٣

وكانت هند جدّة يزيد مغرمة بحبّ السّود ، وما نسب معاوية أحد ممّن يعرف حالها إلى أبي سفيان ، لأنّها وضعته بعد زوّاجها منه بثلاثة أشهر ، وهند هذه هي الّتي أكلت كبد الحمزة عمّ الرّسول ، حتّى أصبح لفظ «آكلة الأكباد» علما لها(١) .

وأمّ يزيد هي ميسون بنت عبد الرّحمن بن بجدل الكلبي ، مكّنت عبدا لأبيها من نفسها ، وحملت بيزيد(٢) .

__________________

ـ الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٥ ، مسند الطّيالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قصّة زوّاج المهاجرة الّتي استشارت النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما خطبها : أمّا معاوية فصعلوك. كما جاء في صحيح مسلم : ٤ / ١٩٥ ، مسند الطّيالسي : ٢٢٨ / ١٦٤٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩. وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما نظر إلى أبي سفيان وهو راكب ، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق : أللهمّ العن القائد والسّائق والرّاكب. انظر ، الطّبريّ في تأريخه : ٤ / ٢٠٢ ، و : ١١ / ٣٥٧ ، وسبط ابن الجوزي في التّذكرة : ١١٥ ، ووقعة صفّين : ٢٤٧ ، والزّبير بن بكّار في المفاخرات برواية ابن أبي الحديد عنه في شرح النّهج : ٢ / ١٠٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢٣٧ ، ومسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، والمعجم الكبير : ١ / ٤٢٧ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، الاستيعاب : ٤١٢ ، واسد الغابة : ٣ / ١٠٦ ، وتهذيب ابن عساكر : ١٠ / ٩٣ و : ٧ / ٢٠٦ ، والإصابة : ٢ / ٢٦٠ ، مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، أنساب الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، وصحيح مسلم : ٤ : / ١٩٥ ، ومسند الطّيّالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، : ٤ / ١٩٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩ ، الآحاد والمثاني : ١ / ٣٧١ و : ٦ / ٩٨ ح ٣٣١٣ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٤٨ ، مسند الشّاميّين : ١ / ٢٥٧ ح ٤٤٤ و ٤٤٥ ، الجامع الصّغير : ١ / ٤٣١ ح ٨١١ ، كنز العمّال : ٤ / ٣٠١ ح ١٠٥٩٨ وص : ٤٥٥ ح ١١٣٥٧ و : ١١ / ١٢٤ ح ٣٠٨٧٩ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٣ / ١٠٩ ح ٢٨١١ ، تهذيب الكمال : ٣٥ / ٣٤٢ ، صحيح البخاريّ : ٣ / ٢٣٢ و : ٤ / ٥١ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٤٨.

(١) تقدّم إستخراج ذلك.

(٢) إنّ ميسون ابنة بجدل الكلبية لمّا زوّجت معاوية بن أبي سفيان ، ونقلت إلى دمشق وأسكنت قصرا من قصور الخلافة ، حنّت ذات يوم إلى البادية فأنشأت هذه الأبيات. انظر ، خزانة الأدب : ٨ / ٥٠٣ ، ـ

٢١٤

وجدّه أبو سفيان أعدى أعداء الله ورسوله ، وهو الّذي قاد الحرب ضدّ الإسلام ، والقرآن في بدر ، واحد ، والأحزاب(١) .

ولادته وشكله :

ولد سنة (٢٥ ه‍) ، وكان رفيع الصّوت ، شديد السّمرة ، بدينا ، كثير اللّحم ، كثير الشّعر ، مجدّرا اصيب في صغره بالجدري بقيت آثارها إلى آخر عمره(٢) .

__________________

ـ تأريخ دمشق : ٦٥ / ٣٩٩ و : ٧٠ / ١٣٣ ، حاشية الصّبان على الأشموني : ٣ / ٣١٣ الشّاهد (٨٢٧) ، تفسير القرطبي : ٦ / ٢١٨ و : ١٥ / ٢٧٢ ، الأعلام : ٧ / ٣٣٩ ، لسان العرب : ١٣ / ٤٠٨ ، شرح الرّضيّ على الكافية : ٤ / ٥٣ ، بلاغات النّساء لابن طيفور : ١١٨ ، ولكنّه نسب الأبيات إلى زوجة يزيد بن هبيرة المحاربي أوّل أمير ولّي اليمامة لعبد الملك بن مروان فتزوّج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري ، فقالت هذه الأبيات.

للبس عباءة وتقر عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

وبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

وكلب ينبح الطّرق عني

أحبّ إليّ من هر ألوف

(١) انظر ، كنز العمّال : ١٣ / ١١٢ الطّبعة الثّانية ، و : ١٥ / ١٤٦ ، و : ٦ / ٢٢٣ الطّبعة الأولى ، تأريخ دمشق : ٢ / ٢٢٩ ح ٣٦٧ و ٣٢٧ ح ٨٣١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١١٨ و ١٧٩ و ١٨٩ الفضائل لأحمد بن حنبل : ح ٢٣١ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٣٩ ، و : ٤ / ٤٦٤ ، تأريخ بغداد : ١٢ / ٣٩٨ ، و : ٧ / ٢٧٩ ، المناقب للخوارزمي : ٢٦ ، ينابيع المودّة : ٥٣ و ١٣٥ ، سنن البيهقيّ : ٤ / ٧٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٥١٨ ، دلائل النّبوّة للبيهقي في ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تأريخ دمشق : ح ٦٢٢ و ٦١٢ ـ ٦١٤ و ٦٢٦ ـ ٦٣٠ ، المعجم الكبير للطّبراني حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ١٢٢ ح ٤٥ و ٤٨ و ٩٥ ، كفاية الطّالب : ٢٧٩ ، أعلام النّبوّة للماوردي : ٨٣ باب ١٢ ، نظم درر السّمطين : ٢١٥ ، البداية والنّهاية لابن كثير : ٦ / ٢٣٠ ، و : ٨ / ١٩٩ ، الرّوض النّضير : ١ / ٨٩ و ٩٢ و ٩٣ ، و : ٣ / ٢٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٢٩٨ ، اسد الغابة : ١ / ٢٠٨ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٣٥ ، تفسير الرّازي : ٩ / ٥٠ و ٦٧.

(٢) انظر ، تأريخ بغداد : ١٠ / ٢٨٧ ، تأريخ دمشق : ٣٧ / ١١٨ و : ٦٥ / ٣٩٧ ، تأريخ الإسلام للذّهبي : ـ

٢١٥

مهنته :

عداوة الله ورسوله ، وقتل العترة الطّاهرة ، وسبي الحرائر(١) ، وذبح الأطفال ، ونكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات(٢) والصّيد ، شرب الخمر ، واللّعب بالكلاب والقرود(٣) . قال عبد الله بن حنظلة : «والله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن

__________________

ـ ١ / ٢٦٧ ، سمو المعنى في سمو الذّات : ٥٩ ، المناقب والمثالب للقاضي النّعمان المغربي : ٧١ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب : ٢ / ١٤٣ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٤ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠ / ١٣٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، النّزاع والتّخاصم : ٥٦.

(١) انظر ، وفاء الوفاء : ١ / ١٣١ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٥٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٣ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٨ / ١٠٥.

(٢) انظر ، العروبة للخالصي : ٨٦ نقلا عن رسالة «تجويز لعن يزيد» لابن الجوزي ، وأبو الشّهداء للعقّاد : ٦٠ طبعة دار الهلال. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الفرق بين الفرق للبغدادي : ٢٥ ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل في التّأريخ :

٤ / ٥١. قال الإمام الحسين عليه‌السلام مخاطبا الوليد : «إنّا أهل بيت النّبوّة ، ومعدن الرّسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله ، وبنا ختم ، ويزيد فاسق ، فاجر ، شارب الخمر ، قاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله». انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٨٤ وزاد فيه : والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك ، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب عنقي إن كنت صادقا ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٥١ ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : ٢٢٩ طبعة إيران ، الآداب السّلطانيّة للفخري : ٨٨ ، الكامل في التّأريخ لابن الأثير : ٤ / ٧٥ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ ، الفتوح : ٣ / ١٤ ، وكان يقال له ـ أي مروان ـ ولولده : بنو الزّرقاء ، يقول ذلك من يريد ذمّهم وعيبهم ، وهي الزّرقاء بنت موهب جدّة مروان بن الحكم لأبيه ، وكانت من ذوات الرّايات الّتي يستدلّ بها على بيوت البغاء ، فلهذا كانوا يذمّون بها. وقال البلاذري في أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٦ اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا.

انظر ، تذكرة الخواصّ : ٢٢٩ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، تأريخ الطّبري : ٨ / ١٦ ، تفسير من آية ـ

٢١٦

نرمى بالحجارة من السّماء ، إنّ رجلا ينكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصّلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله فيه بلاء حسنا»(١) .

حكمه ومشاريعه :

تولّى الحكم بعد أبيه في رجب سنة (٦٠ ه‍)(٢) ، أمّا مشاريع دولته. ففي السّنة الأولى من حكمه قتل الحسين وأولاده وأصحابه(٣) ، وسبي نساءه ، وفي السّنة الثّانية أباح مدينة الرّسول ثلاثة أيّام(٤) ، وقتل من المهاجرين ، والأنصار ،

__________________

ـ ١٣ سورة القلم في قوله :( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) وانظر ، كنز العمّال للمتقي الهندي : ١ / ١٥٦ ، روح المعاني للآلوسي : ٢٩ / ٢٨ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢٢٧.

(١) انظر ، تأريخ دمشق : ٢٧ / ٤٢٩ ، تأريخ الإسلام : ٢ / ٣٥٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥٠ ، الطّبقات الكبرى : ٥ / ٦٦ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٢.

(٢) انظر ، الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٧٨ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٣٩ ، مروج الذّهب : ٣ / ٣ ، تأريخ خليفة : ٢٢٦ ، الإستيعاب لابن عبد البرّ القرطبي : ترجمة «٤٩٧٧» ، اسد الغابة : ترجمة «٤٩٧٧» ، الإصابة : ترجمة «٨٠٧٤» ، مآثر الإناقة : ١ / ١٠٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٢٤.

(٣) انظر ، اسد الغابة : ٢ / ٢١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١٦ ، المقاتل : ٤٣ ، أنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ٤ / ١١ و ١٧ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة : ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، المسعودي في مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، ابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩١ ، كشف الغمّة : ١ / ٥٨٤.

(٤) انظر ، تأريخ الخلفاء : ١٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٤٩١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ـ

٢١٧

والتّابعين عشرة آلاف سوى النّساء ، والصّبيان(١) ، واستحل أعراض النّساء حتّى ولدت ألف عذراء لا يعرف لمواليدهن أب(٢) ، وفي هذه الوقعة المعروفة بوقعة

__________________

ـ ٣ / ٢٥٩ ، حواشي الشّرواني : ٦ / ٤٢٠ ، نيل الأوطار : ٧ / ٣٤٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٦٩ ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٦٣ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٤٢ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٢٥٨ ، تأريخ ابن كثير : ٢ / ٢٢١ ، الإصابة : ٣ / ٤٧٣ ، وفاء الوفا : ١ / ١٢٥ ـ ١٣٧ طبعة بيروت الثّالثة ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٢ ، تأريخ خليفة : ٢٣٦ ، تأريخ دمشق : ٤٣ / ٣٣١.

(١) انظر ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل : ٤ / ٥١. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٢٢٤ ، بتحقيقنا. أباح فيها يزيد المدينة المنوّرة ثلاثة أيّام ، ثمّ يأتي ابن عمر ويوجه جرائم يزيد حينما قال مخاطبا عبد الله بن مطيع : «سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجّة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ...». انظر ، صحيح مسلم : ٦ / ٢٢. فهل تقبل هذه المدرسة ـ مدرسة الخلافة ـ أن يكون خليفتها يزيد بن معاوية الّذي قتل سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانته في كربلاء ، وأباح المدينة ثلاثة أيّام ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، و... و...؟ وكتب معاوية العهد إلى ابنه يزيد وجعل له الخلافة من بعده وقال : «... إنّي من أجلك آثرت الدّنيا على الآخرة ، ودفعت حقّ عليّ بن أبي طالب ، وحملت الوزر على ظهري ، وإنّي لخائف أن لا تقبل وصيتي ، فتقتل خيار قومك ، ثمّ تعدّو على حرمة ربّك فتقتلهم بغير الحقّ ، ثمّ يأتيك اليوم بغتة ، فلا دنيا تصيب ، ولا آخرة تحبّ ، يا بنيّ إنّي جعلت هذا مطمعا لك ، ولولدك من بعدك وكن حازما صارما فإنّي كفيتك الجدّ ، والتّرحال ولقد وطّأت لك يا بني البلاد ، وذلّلت لك رقاب العرب الصّعاب ومهدّت لك الملك من بعدي تمهيدا ...».

انظر ، نصّ الكلام في الفتوح : ٣ / ٣٥٣ و ٣٥٤ و ٣٥٥ و ٣٥٦ و ٣٥٧ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ١٧٩ و ١٨٠ بإختلاف بسيط ، الإصابة : ٤ / ١٦٩ ، تهذيب التّهذيب : ٦ / ١٧٤ ، المقتل للخوارزميّ : ١ / ١٧ ، البيان والتّبيين : ٢ / ١٠٧ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٤ ، مع إختلاف في بعض الألفاظ.

(٢) انظر ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٩. وأباح المدينة. انظر ، تأريخ الخلفاء : ٢٠٩. وحاصر عبد الملك مكّة ، وهدم الكعبة ، وأطلق يد الحجّاج في دماء المسلمين ، وبعبد الملك اقتدى أولاده ، وأحفاده ، وزادوا عليه أضعافا مضاعفة. انظر ، الإمامة والسّياسة : ٢ / ٣٢ ، مروج الذّهب للمسعودي : ٣ / ١٧٥ ، العقد الفريد : ٣ / ٢١٤. ويقول صاحب مروج الذّهب ، وصاحب العقد الفريد في أقوال النّاس في الحجّاج : ـ

٢١٨

الحرّة دخل رجل من عسكر يزيد على امرأة نفساء من نساء الأنصار ، وفي حجرها طفل رضيع فقال لها : هل من مال؟ قالت : لا والله ما تركوا لنا شيئا.

فقال لها : اعطيني وإلّا قتلتك ، وهذا الطّفل.

قالت : أنّه ولد ابن أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله. فلم يكترث ، وأخذ برجل الصّبي ، وفمه في ثدي أمّه ، وجذبه من حجرها ، وضرب به الحائط ، فانتثر دماغه على الأرض(١) .

وفي السّنة الثّالثة رمى يزيد الكعبة بالمنجنيق ، وقذفها بالحجارة ، وأحرقها بالنّار(٢) .

وفاته :

مات سنة (٦٤ ه‍) بذات الجنب «السّل» لإدمانه الشّراب ، وإفراطه في الملذّات ، بات ذات ليلة سكرانا ، فأصبح ميتّا متغيّرا كأنّه مطلي بالقار. وقيل :

__________________

ـ (احصي من قتلهم الحجّاج صبرا سواء من قتل في حروبه فكانوا (١٢٠) ألفا ، وكان في حبسه (٥٠) ألف رجلا ، و (٣٠) ألف إمرأة ستة عشر منهن عاريات ، وكان يطعم المساجين كما يقول ابن الجوزي في تأريخه ، الخبز ممزوجا بالرّماد). وجاء في العقد الفريد أيضا على لسان عمر بن العزيز : (لو جاء النّاس يوم القيامة بفساقهم ، وجئنا بالحجّاج لزدنا عليهم).

(١) انظر ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ١ / ٢٣٨.

(٢) انظر ، فتح الباري : ٣ / ٤٥٥ و : ٨ / ٣٢٧ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٦٣٦ ، التّمهيد لابن عبد البر : ١٦ / ١٤٣ ، شرح الزّرقاني : ٢ / ٣٩٧ و : ٣ / ١٥٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٢٣٧ ، سبل السّلام : ٤ / ٥٤ ، المحلى : ١١ / ٩٦ و ١١٦ ، نصب الرّاية : ٣ / ٣٨٢ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ١٨٥ و ٣٣٨ و : ٥ / ١٨٨ ، عون المعبود : ١٢ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٤٣ و : ٢٢ / ٢١٨ ، أخبار مكّة : ٢ / ٣٦٠ ، تعجيل المنفعة : ١ / ٤٥٢.

٢١٩

طارد غزالا ، فوقع عن الفرس ، ودق عنقه. مات في حوارين(١) ، ونقل إلى دمشق ، ودفن بمقبرة الباب الصّغير ، وقبره الأنّ مزبلة ، وفي عهد العبّاسيّين نبش قبره ، فوجد فيه خطّ أسود ممتد من أوله إلى آخره(٢) .

قال بعض المؤلّفين : لمّا رأى الشّيطان يزيد بن معاوية تعوذ منه ، وقال : ما كنت احسب أنّ في الكون من هو أشقى منّي ، حتّى رأيت يزيد! ولكن يزيد عند مروان بن الحكم يستسقي الغمام بوجهه(٣) ! وفي كلّ عصر يزيد ، ومروان ، وليس في الدّنيا إلّا حسين واحد.

ويسوس أمر المسلمين مولّه

رجس وتصرعه الطّلا فيعربد

ويقوم باسم الدّين فيهم آمرا

من لم يطب في النّاس منه المولد

ومن العجائب أن يسود مذمم

جمّ العيوب وأن ينحّى السّيّد

يزيد والمستعمرون :

اكتشف المستشرقون يزيد بن معاوية ، وهم ينقبون عن العورات في تأريخ المسلمين ، فطاروا به فرحا ، كأنّهم اهتدوا إلى آبار غنيّة بالبترول وأخذوا

__________________

(١) حوارين بلدة بين دمشق وحمص ، ولا يزال فيها آثار رومانيّة تنبيء عن قصر فخم كان يرتاده يزيد ، وأهلها إلى الآن يطلقون عليه اسم قصر يزيد. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤٩ / ٣٦٧ و : ٥٧ / ٣٠٨ ، قبر يزيد بن معاوية في قرية قريبة من حوارين تبعد مرحلتين من تدمر. انظر ، معجم البلدان : ٢ / ٣١٥ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٩٦ ، ابن الأثير : ٤ / ٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥١ ، وقيل : لم يعرف له قبر ، كنز العمّال : ٦ / ٦٣١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٠.

(٣) تقدّمت تخريجاته.

٢٢٠

يمجدونه ، ويشيدون بأعماله الإصلاحيّة ، بخاصّة الأب لا مانس(١) فقد أطنب وأشاد بسمو أفكاره ومشاريعه الإنسانيّة ، وألّف فيه وفي أبيه معاوية كتابا ضخما قدّمه إلى قومه المستعمرين ، ليختاروا عملاء من العرب ، والمسلمين أمثال يزيد ينصّبونهم حكّاما على قومهم ، وحراسا لمصالح الإستعمار ، يمدونهم بالقوّة والسّلاح ، لينكّلوا بالمصلحين ، ويكيدوا للإسلام ، ويعملوا على هدمه ، وتقويض شعائره.

__________________

(١) لا مانس مستشرق فرنسي ، وهو أصدق مثال للمستشرق الطّاعن على الإسلام ، ورجاله ، والمبغض للقرآن ، ومحمّد وآله. يقول عن فاطمة سيّدة النّساء : كانت بنتا مقلقة مزعجة تثير الشّغب والإضطراب. أمّا معاوية وولده يزيد فمن المصطفين الأخيار ، ويا ليت جميع حكّام الشّرق في صفاتهما وأخلاقهما حتّى يطمئن الإستعمار «ولا يبيتن إلّا هاديء البال».

عمل بنظريّة جولد تسهير في الحديث ، وبيّن فيه بأنّه من الخيال لأنّه مأخوذ من الأصل القرآني ، ثمّ قال بأنّ السّيرة أيضا هي من الخيال كما جاء في كتابه حياة محمّد والسّيرة ، ثمّ تهجّم على فاطمة في كتابه الموسوم (فاطمة وبنات محمّد). ترجمة كتبه إلى اللّغة العربيّة ، والإنجليزيّة ، والألمانيّة.

«المترجم الدّكتور مسلم فداء حسين». من الهيئة العلميّة في زهراء عليها‌السلام آكاديمي.

٢٢١
٢٢٢

مشهد الحسين

كان مصرع الحسينعليه‌السلام بدء نهاية الحكم الأموي ، إذ هو السّبب الأكبر لظهور الدّعوة إلى آل البيت النّبوي ، وانتشارها في أرجاء العالم الإسلامي ، حتّى اسفرت عن زوال تلك الدّولة وقيام دولة بني العبّاس. لأنّ العرب والمسلمين على السّواء اعتبروا هذا الحادث عدوانا أثيما على بيت النّبوّة ولذلك أصبح سهل كربلاء بقعة مقدّسة ، كثرت حولها المؤلّفات والأشعار والقصّص. وممّا رواه الإمام السّادس أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «أنّ الملائكة حملت ترابا مقدّسا من القدس إلى كربلاء قبل ألف سنة ليكون قبرا»(١) . وقيل : «أنّ الإمام عليّ رضى الله عنه تحدّث عن قداسة المكان فقال : «أنّ مئتي نبي ومئتي مندوب للأنبياء ومئتين من أبناء الأنبياء يودون أن يدفنوا هنا»(٢) .

فليس بغريب إذن أن يصبح الموضع الّذي دفن فيه جسد سيّد الشّهداء مزارا ، يحجّ إليه النّاس للتّبرك به ، وتأدية واجب الإحترام له. واسم كربلاء أطلق أصلا

__________________

(١) انظر ، قريب من هذا في مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٧٦ ، الإصابة : ١ / ٦٨ و : ٨ / ٢٦٧ ، و : ٥ / ٢٣١ ، مسند أحمد : ٦ / ٣٩٩ ، تأريخ دمشق : ١٣ / ٦٢ ح ٦٣١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٧٩ و ١٨٧ ، الصّواعق المحرقة : ١٩٢ ح ٢٨ و ٢٩ ، المناقب لأحمد : ٢ / ٧٧٠ ح ١٣٥٧.

(٢) انظر ، مجلّة العالم عدد حزيران سنة «١٩٥٩ م». (منهقدس‌سره ). لم أعثر على هذا النّص.

٢٢٣

على القسم الشّرقي من حدائق النّخل الّتي تحيط بالبلدة الّتي نمت وازدهرت بسرعة ، إلّا أنّنا نجد لها ذكرا في المراجع التّأريخيّة الأولى. وأوّل ما قرأنا عنها أنّ الخليفة العبّاسي المتوكّل أمر ـ عام (٨٥٠ ميلادي ـ) بإغراق المنطقة وهدم البيوت والأبنية الموجودة فيها وحرث الأرض كلّها ، وفرض عقوبات صارمة على الحجّاج القادمين إليها كي يمنع زيارتها(١) . لكنّ البلدة ما لبثت أن عادت

__________________

(١) عن عبد الله بن دانية الطّوري ، قال : حججت سنة (٢٤٧ ه‍) سبع وأربعين ومئتين ، فلمّا صدرت من الحجّ وصرت إلى العراق زرت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب على حال خيفة من السلطان ، ثمّ توجهت إلى زيارة الحسين ، فإذا هو قد حرث أرضه ، وفجّر فيها الماء ، وأرسلت الثّيران ، والعوامل في الأرض فبعيني وبصري كنت أرى الثّيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتّى إذا جاءت القبر حادت عنه يمينا وشمالا ، فتضرب بالعصي ، الضّرب الشّديد فلا ينفع ذلك ، ولا تطأ القبر بوجه ، فما أمكنني الزّيارة ، فتوجهت إلى بغداد وأنا أقول : تالله إن كانت أميّة قد أتت الأبيات جواد شبّر في أدب الطّفّ :١ / ٣٢٧ ، الطّبعة الأولى ـ بيروت ١٣٨٨ ه‍ ـ ١٩٦٩ م.

إذن لم يكتف المتوكل بتنكيل الأحياء ، حتّى اعتدى على قبور الأموات ، فهدم قبر الحسين عليه‌السلام وما حوله من المنازل والدّور ، ومنع النّاس من زيارته ، ونادى مناديه من وجدناه عند قبر الحسين حبسناه في المطبق ـ سجن تحت الأرض.

وينسب هذا الشّعر إلى عبد الله بن دانية ، كما جاء في مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٢١ ، أمالي الشّيخ الطّوسي : ٣٢٩. قال هذا الشّعر وهو لا يعلم في قتل المتوكل ، فوصل إليه الخبر في تلك اللّيلة.

انظر ، الكامل في التّأريخ : ٧ / ٥٥ ، مقاتل الطّالبيين : ١٣٠ و ٤٢٨.

وكان المتوكل يقرّب عليّ بن جهم ؛ لأنّه كان يبغض عليّا أمير المؤمنين ، وكان أبي الجهم هذا مأبونا : سمعه يوما أبو العيناء يطعن على الإمام ، فقال له : إنّك تطعن عليه ، لأنّه قتل الفاعل والمفعول من قوم لوط ، وأنت أسفلهما. انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٣ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٦ و ٢١٥ طبعة آخر.

وأبلغ ما قرأت عن هذه الجرأة والتّضحية : إنّ الأديب العالم المعروف بابن السّكّيت كان يوما في مجلس المتوكل المبغض المعلن بالعداء للإمام أمير المؤمنين ، فقال لابن السّكّيت (هو الشّيخ الأديب ـ

٢٢٤

للظهور ثانية ، واعتقد الشّيعة أنّ المشهد لم يتأثر أبدا بالماء وظل على حاله. وبعد قرن من الزّمن كتب ابن حوقل عن المشهد الّذي بني فوق ضريح الحسينعليه‌السلام فوصفه بأنّه غرفة واسعة تعلوها قبّة ، لها باب في كلّ من جهاتها

__________________

ـ يعقوب بن إسحاق الدّورقي ، الأهوازي الشّهير بابن السّكّيت ، وكان عالما بنحو الكوفيين ، وعلم القرآن ، واللّغة ، والشّعر ، راوية ثقة ، أخذ عن البصريين ، والكوفيين ، كالفرّاء ، وأبي عمرو الشّيباني ، والأثرم ، وابن الأعرابي ، له تصانيف كثيرة في النّحو ، ومعاني الشّعر ، وتفسير دواوين الشّعر ، منها تهذيب الألفاظ ، وإصلاح المنطق ، قتله المتوكل بعد أن سل لسانه من قفاه فماترحمه‌الله يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة أربع وأربعين ومئتين ، بعد إن كانت ولادته سنة (١٨٦ ه‍).

انظر ، بغية الوعاة : ٤١٨ ، وبغية الطّالب لابن العديم : ٨ / ٣٧٦٨ ، شذرات الذّهب : ٢ / ١٠٦ ، تأريخ دمشق : ١٨ / ٣١٧ ، ذيل تأريخ بغداد : ٥ / ٦ ، البداية والنّهاية : ١١ / ٢٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ١٩ ، وفيات الأعيان : ٦ / ٣٩٩.

وابن السّكّيت هذا هو القائل :

يصاب الفتى من عثرة بلسانه

وليس يصاب المرء من عثرة الرّجل

فعثرته في القول تؤدّي برأسه

وعثرته في الرّجل تبرا على مهل

وكان عند المتوكل مخنث يدعى عبّادة ، فيشد على بطنه مخدّة ، ويرقص بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون : اقبل البطين خليفة المسلمين وهم يعنون عليّا أمير المؤمنين ، والمتوكل يشرب ويضحك ، وفعل ذلك يوما ، وابنه المنتصر حاضر ، فقال لأبيه : أنّ الّذي يحكيه هذا الكلّب ويضحك منه النّاس هو ابن عمّك ، وشيخ أهل بيتك ، وبه فخرك ، فكلّ أنت لحمه إذا شئت ، ولا تطعم هذا الكلّب وأمثاله ، فقال المتوكل للمغنين : غنّوا.

غار الفتى لابن عمّه

رأس الفتى في حر أمه

انظر ، الكامل في التّأريخ : ٧ / ٥٥ ، إكمال الكمال ، لابن ماكولا : ٦ / ٢٨ ، تأريخ دمشق : ٢٦ / ٢٢١.

وسمعه يوما يشتم فاطمة بنت الرّسول ، فسأل أحد الفقهاء ، فقال له : قد وجب عليه القتل إلّا أنّه من قتل أباه لم يطل عمره.

فقال المنتصر : لا ابالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول عمري ، فقتله ، فعاش بعده سبعة أشهر.

انظر ، أمالي الشّيخ الطّوسي : ٣٢٨ ح ١٠٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٢١ ، المجدي في أنساب الطّالبين : ٣٧٢ ، كتاب العبر للذّهبي : ١ / ٤٤٩.

٢٢٥

الأربع. وبعد مئتي سنة (٩٧٩ م ـ ٩٨٠ م) هاجم البلدة فريق من الأعراب جاءوا من عين التّمر ، وخرّبوا المشهد وغيره من الأماكن ، فصبّ عليهم بنو بويه ـ وهم شيعيون ـ جام غضبهم وعاقبوهم ومن رافقهم أقسى عقوبة ، وأسرع عضد الدّولة(١) فأعاد بناء كربلاء وبسط عليها الحماية(٢) .

وفي ربيع الأوّل سنه (٤٠٧ ه‍ أو ١٠١٦ م) شبّ حريق في البناء فتهدّمت القبّة والأروقة واحترقت. وفي سنة (٤١٤ ه‍) أمر الحسين بن الفضل ببناء سور حول كربلاء. ومن ذلك الوقت تشابه تأريخ النّجف الأشرف وكربلاء إلى حدّ بعيد ، فاحترمها الأتراك الّذين احتلوا العراق ، وزار ملك شاة سنة (٤٧٩ ه‍ أو ١٠٨٦ م) المشهدين وفرّق الصّدقات والأموال. ونجت البلدتان من غزو المغول.

__________________

(١) عضد الدّولة البويهي (٣٢٤ ـ ٣٧٤ ه‍) فنا خسرو ، ابن الحسن الملقّب ركن الدّولة ابن بويه الدّيلمي ، أبو شجاع : أحد المتغلبين على الملك في عهد الدّولة العبّاسيّة بالعراق. تولى ملك فارس ، ثمّ ملك الموصل وبلاد الجزيرة. وهو أوّل من خطب له على المنابر بعد الخليفة ، وأوّل من لقّب في الإسلام «شاهنشاه. قال الزّمخشري في ربيع الأبرار : وصف رجل عضد الدّولة فقال : وجه فيه ألف عين ، وفم فيه ألف لسان ، وصدر فيه ألف قلب. كان شديد الهيبة ، جبّارا عسوفا ، أديبا ، عالما بالعربية ، ينظم الشّعر ، نعته الذّهبي بالنّحوي ، وصنّف له أبو عليّ الفارسي (الإيضاح) و (التّكملة). كما صنّف له أبو إسحاق الصّابي كتاب (التّاجي) في أخبار بني بويه ، ولقّبه بتاج الملّة ومدحه فحول الشّعراء كالمتنبي والسّلامي. قال الذّهبي : أظهر بالنّجف قبرا زعم أنّه قبر الإمام عليّعليه‌السلام وبنى عليه المشهد وأقام مأتم عاشوراء. انظر ، الكامل في التّأريخ : الجزآن ٨ و ٩ ، بغية الوعاة : ٣٧٤ ، البداية والنّهاية : ١١ / ، ٢٩٩ ، الأعلام : ٥ / ١٥٦.

(٢) هذا من أعمال عضد الدّولة نقلناه من كتاب «الحضارة الإسلاميّة في القرن الرّابع الهجري» لآدم متز ، تعريب الأستاذ محمّد عبد الهادي أبي ريدة. وانظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠ / ٤٢ ، إعجاز القرآن للباقلاني : ١٩ ، تأريخ بغداد : ١ / ١٢١ ، ميزان الإعتدال : ٤ / ٢٦ ، سير أعلام النّبلاء : ١٥ / ١٢١ ، المنتظم : ٧ / ١٠٤.

٢٢٦

وفي سنة (١٣٠٣ م) زار الخان غازي كربلاء وحمل معه هدايا غالية الثّمن ، وشقّ «أرغون» قناة من نهر الفرات إلى البلدة أطلق عليها فيما بعد اسم نهر الحسينيّة. وجاء العثمانيون إلى الحكم فحافظوا على المشهدين ، وزار سليمان القانوني ضريح الحسين وأمر بتجديد حفر القناة ، وتوسيعها ، وزراعة الأراضي المحيطة بالبلدة ، وكانت الأوامر تصدر إلى الولاة في بغداد بأن يراعوا كربلاء ويعلوا بأبنيتها. وجدّد مراد الرّابع سنة (٩٩١ ه‍ أو ١٥٨٣ م) بناء الضّريح والمشهد وما حولهما من الزّوايا.

وعادت النّجف وكربلاء إلى حكم الشّيعة إذ انتزعها «عبّاس الكبير»(١) من الحكم العثماني ، فأعاد بناء المشهدين على الشّكل الّذي نراه في الوقت الحاضر. وفي سنة (١٧٤٣ م) شيّد نادر شاه(٢) قبّة مشهد الحسين ، وصادر في الوقت ذاته الأوقاف الّتي خصّص ريعها للأئمّة. وتوالت الهدايا من الأمراء ، والأغنياء الشّيعيّين من كل مكان. وفي أواخر القرن الثّامن عشر زين مؤسّس أسرة قاجار المالكة في إيران القبّة ، والمنارة بالذّهب.

ويقع ضريح الحسينعليه‌السلام في باحة مساحتها (٣٥٤ قدما ـ ٢٧٠ قدما(٣) تحيط بها الإيوانات والحجرات ، وجدرانها محلّاة بحجارة ذات لون أزرق نقشت عليها جميع آيات القرآن الكريم بأحرف بيضاء. ومساحة المشهد ذاته (١٥٦ ـ ١٣٨)

__________________

(١) انظر ، كتاب «تأريخ إيران» لمكاريوس : ١٥٣ طبعة سنة (١٨٩٨ م).

(٢) انظر ، تأريخ الشّعوب الإسلاميّة لبروكلمان ، معجم المؤلّفين : ٩ / ٦٠ ، الأنوار العلوية : ٤٢٠ ، أعيان الشّيعة : ٤٤ / ٢٧٠ ، الذّريعة : ٥ / ٦٣ و : ٢٦ / ١٥٢ ، معادن الجواهر للسّيّد الأمين : ج ٢ ، وتأريخ الشّيعة للشّيخ المظفر.

(٣) القدم ثلاثون سانتمتر ونصف على التّقريب. (منهقدس‌سره ).

٢٢٧

قدما ، ويتألّف من عمارة قائمة الزّوايا لها قاعة خارجيّة مذهّبة تحف بها ممرّات أعدّت للطواف. وفي منتصف الغرفة المركزيّة المقبّبة توجد «صندوقة الحسين» وحولها مشبكان ، الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضّة ، والدّاخلي من الذّهب. وفي هذين المشبكين يلقي المخلصون هداياهم من النّقود والمجوهرات ، ويفتحان مرّة في السّنّة لجمع هذه الهدايا بحفلة ضخمة. وهناك ضريح ثان دفن فيه عليّ الأكبر ابن الحسينعليه‌السلام .

وفي كربلاء مشهد كبير ثان للعبّاس بن عليّ ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه مشهد الحسين. والفرق الوحيد هو أنّ للثّاني مآذن وللأوّل مئذنتين ، كما أنّ قبّته غير مغطاة بصفائح الذّهب والسّبب في ذلك هو أنّ نادر شاه رأى (وهو يعتزم بناء المشهدين) العبّاس في منامه ، فقال له : «أنا أصغر سنّا من الحسين ، وما أنا إلّا قلامة ظفر لسيّدي. ولذلك وجب أن تجعل فرقا في البناء بين مقام السّيّد ومقام العبد». ويعتقد الزّوار أنّ النّقمة تحل بكلّ من يحلف كاذبا عند ضريح العبّاس.

وفرش داخل المشهدين بالسّجاجيد العجيبة النّفيسة ، وزين أبدع زينة تثير الإعجاب والرّوعة ، وتصعب على الواصف.

لقد مضى على مصرع سيّد الشّهداء الحسين بن عليّ رضي الله عنه (١٣١٧ سنة)(١) ، وما زال الألوف يزورون مشهده للتّبرك به ، وتقديم واجب الإحترام للمدفون فيه ، وتجديد ذكرى الفاجعة الّتي حدثت في العاشر من شهر المحرّم سنة (٦١ ه‍).

__________________

(١) وضع الشّيخ مغنيّة هذا الكتاب عام (١٣٧٨ ه‍). ونحن الآن في سنة (١٤٢٦ ه‍). المحقّق.

٢٢٨

معاوية

حاول بعض الشّيوخ أن ينزّه معاوية بن أبي سفيان عن الجرائم بل ألّف ابن حجر كتابا للذّب عنه ، اسماه «تطهير الجنان واللّسان عن الخطور والتّفوه بثلب سيّدنا معاوية بن أبي سفيان»(١) . وقال آخر : «قل ما تشاء عن يزيد ولا

__________________

(١) التّأريخ في كلّ يوم يكشف لنا منقبة من مناقب هذا الصّعلوك! وهذا التّقويم لمعاوية ليس من الشّيعة حتّى تقول هذا من مفتريات الشّيعة ، بل إنّ الأعجب هنالك إعتراف صريح من قبل مؤرّخيكم ممّن يخلط بين الحقّ ، والباطل بعد إطلاعه على أحاديث الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك أقوال بعض الصّحابة ، والتّابعين ، بل حتّى من مستشاري معاوية نفسه ، وبطانته ، بأنّ معاوية ملعون على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أمر المصطفى الأمجد ، والّذي لا ينطق عن الهوى :( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) ، المسلمين إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ، و... و... ثمّ بعد هذا الإطلاع يقول بكلّ صلافة ووقاحة أنّ سيّدنا معاوية دسّ السّم لسيّدنا الحسن ، بواسطة جعدة بنت الأشعث ، واشترك سيّدنا معاوية بسّم الأشتر ، و... ثمّ يقول : قتل سيّدنا يزيد سيّدنا الحسين ، وهكذا يستمر في هذه الخزعبلات ، والتّرهات ، ثمّ يدّعى بأنّه من المؤرّخين المنصفّين المحايدين وها هو عبد الله بن بديل يقول في معاوية : «إنّ معاوية ادّعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ، ومن ليس مثله ...».

انظر ، وقعة صفّين : ٢٣٤ ، طبعة القاهرة ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ٩ ، ابن الأثير : ٣ / ١٢٨ ، الإستيعاب : ١ / ٣٤٠ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٤٨٣ و : ٤ / ١١ و ١٧ ، المقاتل : ٤٣ ، وأنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة: ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، أسماء المغتالين من الأشراف : ٤٤ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، وابن ـ

٢٢٩

تزيد»(١) .

والحقيقية أنّ يزيد سيئة من سيئات معاوية ، وأنّ الابن لم يأت بمنكر إلّا أتى الأب بما هو أعظم وأخطر ، بل أنّ معاوية أحدث بدعا لا يعرفها يزيد ولا غير يزيد. وإليك الأرقام.

تأمّر يزيد على المسلمين بالقهر والغلبة ، وكذلك أبوه معاوية تأمّر عليهم من غير مشورتهم ، وعلى غير رضا من المهاجرين والأنصار ، وحارب يزيد الحسين في كربلاء ، وقتله وقتل أصحابه ، وحارب معاوية عليّا في صفّين ، وقتل عمّار بن ياسر الصّحابي الجليل(٢) ، وسمّ الحسن(٣) ، ومالك الأشتر(٤) ، وعبد الرّحمن بن

__________________

ـ شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦.

(١) تقدّم التّعليق على مخازي يزيد.

(٢) انظر ، صحيح البخاريّ : ١ / ١٢٢ و ٢ / ٣٠٥ ، صحيح مسلم : ٤ / ٢٢٣٥ ، صحيح التّرمذي :٥ / ٦٦٩ ، مسند أحمد : ٢ / ١٦١ و ١٦٤ ، و : ٤ / ١٩٧ ، و : ٦ / ٢٨٩ ، حلية الأولياء : ٤ / ١١٢.

(٣) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، المغتالين من الأشراف : ٣٩ ، وتأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٩ ، والطّبريّ في تأريخه : حوادث سنة (٣٨ ـ ٣٩ ه‍) ، تهذيب الكمال : ٢٧ / ١٢٦ رقم ٥٧٣١ ، التّأريخ الكبير للبخاري : ٧ / ٣١١ ، وتأريخ الصّغير : ١ / ٨٧ ، الثّقات لابن حبّان : ٢ / ٢٩٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٥ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٦ / ٣٧٦ و ٣٩١ ، الأنساب : ٥ / ٤٧٦ ، نظرات في الكتب الخالدة لحامد حفني : ١٦١ ، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة : ١٧٩ ، ولكن بعض المصادر نسبت القول إلى عمرو بن العاص.

العسل الّذي كان يدس فيه السّم ، وقتل به الإمام الحسن ريحانة رسول الله انظر ، المقاتل : ٤٣ ، وأنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، وابن أبي الحديد في شرح النّهج : ٤ / ١١ و ١٧ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة : ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، المسعودي في ـ

٢٣٠

خالد ابن الوليد ، وقتل حجر بن عدي ، وأصحابه في مرج عذراء(١) ، ومحمّد بن أبي بكر(٢) ، وذبح جيش يزيد بقيادة عمر بن سعد أطفال الحسين ، وكذلك ذبح

__________________

ـ مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، وتهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، وأسماء المغتالين من الأشراف : ٤٤ ، وتأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، وابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، وابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطى : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦ ،

(٤) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، المغتالين من الأشراف : ٣٩ ، وتأريخ اليعقوبي :٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٩ ، والطّبريّ في تأريخه : حوادث سنة (٣٨ ـ ٣٩ ه‍) ، تهذيب الكمال : ٢٧ / ١٢٦ رقم ٥٧٣١.

(١) هو حجر بن عديّ الأبرد الكندي الملقّب بحجر الخير ، وكان من فضلاء الصّحابة ، وفد إلى النّبيّ وشهد القادسية ، وقد قتله معاوية صبرا ، ويقال : إنّه أوّل من قتل صبرا في الإسلام ، قتل معه ستة من أصحابه ، وهم : شريك بن شدّاد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشّيباني ، وقبيصة بن ضبيعة العبسي ، ومحرز بن شهاب السّعدي ، وكدام بن حيّان العنزي ، وعبد الرّحمن بن حسّان العنزي. وكان حجر ثقة عينا ولم يرو عن غير عليّ شيئا ، وهو الّذي افتتح مرج عذراء ، وكان شريفا في قومه مطاعا ، آمرا بالمعروف ، صالحا عابدا يلازم الوضوء ، وبارا بأمّه ، كثير الصّلاة والصّيام.

انظر ، ترجمته في شرح نهج البلاغة : ١٥ / ١٠٠ ، طبقات ابن سعد : ٦ / ١٥١ و ١٥٤ ، المستدرك : ٣ / ٤٦٨ ، الاستيعاب : ١ / ١٣٤ الرّقم ٥٤٨ ، طبعة حيدر آباد ، اسد الغابة : ١ / ٣٨٥ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٣٠٥ التّرجمة رقم ٣١٤ ، تأريخ الذّهبي : ٣ / ٢٧٦ ، تأريخ ابن كثير : ٨ / ٥٠ ، الإصابة : ١ / ٣١٥ ، تأريخ الطّبريّ : ٢ / ١١١ ـ ١٤٩ و ٥ / ٢٧٧ ، تأريخ ابن الأثير : ٣ / ٤٠٣ و ٤٠٤ ، وقعة صفّين : ١٠٣ ، مروج الذّهب : ٣ / ٣ ـ ٤ ، تهذيب الكمال : ٥ / ٤٨٥ الرّقم ١١٤١ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٣٤ ، الأغاني : ١٦ / ١٠ ، تأريخ دمشق : ٢ / ٣٧٩ ، مسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، والمعجم الكبير للطّبراني : ١ / ٤٢٧ ، والعقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، وتهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، وصفوة الصّفوة : ١ / ٢٣٨ ، وسيرة ابن هشام : ٤ / ١٧٩.

(٢) انظر ، تذكرة خواصّ الأمّة : ١١٤ طبعة النّجف ، التّمهيد والبيان : ٢٠٩ ، الأغاني : ٢١ / ٩ ، الإشتقاق : ٣٧١ ، الطّبريّ ، وابن الأثير ، وابن كثير في ذكر حوادث سنة (٣٦ ه‍) ، الإصابة حرف الميم : ـ

٢٣١

عسكر معاوية بقيادة بسر بن أرطأة القثم وعبد الرّحمن طفلي عبيد الله بن العبّاس في حجر أمّهما(١) .

وشرب يزيد الخمر ، ولبس الحرير والدّيباج ، وشرب معاوية الخمر أيّام حكمه في الشّام(٢) ، ولبس الحرير والدّيباج ، وشرب بآنية الذّهب والفضّة ، وركب السّروج المحّلاة بهما ، وأباح يزيد مدينة الرّسول ، وأرسل معاوية بسرا إلى المدينة فأخافها ، وقتل منها خلقا كثيرا(٣) ، وحين رأى يزيد رأس الحسين

__________________

ـ ٣ ق ٢ / ٤٥١ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٢٨ ، الفتوح لابن أعثم : ١ / ٤٧٢ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٥٥ وما بعدها ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٥٤١ رقم ٥٠٩٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٣ / ١٩٠.

(١) هو بسر بن أرطاة ، كان من شيعة معاوية ، أحد فراعنة الشّام ، وكان من أهل الرّدّة وقد دعا عليه عليّعليه‌السلام عند ما بلغه أنّه يقتل الصّبيان فقالعليه‌السلام : «اللهمّ أسلب دينه ، ولا تخرجه من الدّنيا حتّى تسلبه عقله ، فأصابه ذلك وفقد عقله. وقالوا : دخل المدينة فخطب النّاس ، وشتمهم يومئذ وتوعّدهم وقال : شاهت الوجوه. ولمّا دخل ثقل عبيد الله بن العبّاس ، وفيه ابنان له صغيران ، فذبحهما بيده بمدية كانت معه ، ثمّ انكفأ راجعا إلى معاوية. فقالت له إمرأة له : يا هذا قتلت الرّجال ، فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهليّة والإسلام ، والله يا ابن أرطاة إنّ سلطانا لا يقوم إلّا بقتل الصّبي الصّغير ، والشّيخ الكبير ، ونزع الرّحمة ، وعقوق الأرحام لسلطان سوء.

انظر ، كتاب الغارات برواية ابن أبي الحديد : ٢ / ٣ ـ ١٤ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٤١ ، تهذيب التّهذيب : ١ / ٤٣٦ ، تأريخ دمشق : ٣ / ٢٢٢ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٧١ ، الفتوح لإبن أعثم : ٢ / ٣٩ و ٩٢ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ١٢٣ و ١٤٨ و ١٥٠ ، الاسيعاب : ٦٤ ـ ٦٧ ، وقعة صفّين : ٤٦٢ ط ٢ سنة ١٣٨٢ ه‍ وطبعة ٢ تحقّيق عبد السّلام هارون المؤسّسة العربيّة الحديثة ، تهذيب ابن عساكر : ٣ / ٢٢٠ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ٨٠ ، و : ٤ / ٢٠ وما بعدها طبعة أخرى.

(٢) انظر ، فقد جاء في مسند أحمد : ٥ / ٣٤٧ ، «عن عبد الله بن بريدة الأسلمي قال : دخلت أنا وأبي على معاوية بن أبي سفيّان فأجلسنا على الفرش ، ثمّ أتينا بالطّعام فأكلنا ، ثمّ أتينا بالشّراب فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، قال : ما شربته منذ حرمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٣) انظر ، مروج الذّهب ، المسعودي. (منهقدس‌سره ).

٢٣٢

فرح واستبشر ، وأنشد «ليت أشياخي ببدر شهدوا» ، وحين جاء نعي الحسن لمعاوية أظهر الفرح والسّرور ، ورفع صوته بالتّكبير.

وتشاء الصّدف أن يتم شبه الابن بالأب من جميع الوجوه ، ذلك أنّه عند ما كبّر معاوية معلنا الإبتهاج بموت الحسن سمعته فاخته بنت فرضة ابن عمرو بن نوفل ، فدخلت عليه ، وقالت : ما الّذي بلغك فسررت؟

قال : موت الحسن. فصاحت ، وبكت ، وقالت : يموت الحسن سيّد المسلمين وابن رسول الله ، فتظهر الشّماتة(١) ؟! وهكذا فعلت هند بنت عبد الله بن عامر مع يزيد حين أدخلوا الرّأس ، والسّبايا ؛ وسبّ معاوية عليّا ، لأنّه يحمل علم الله والرّسول ، وداس يزيد ظهر الحسين وصدره بسنابك الخيل ، لأنّ فيه علم الله والرّسول(٢) .

وتفرّد معاوية ببدع وأحداث لم يشاركه فيها أحد ، حتّى ولده يزيد ، فلقد حوّل الخلافة الإسلاميّة إلى ملك يتوارثه السّفهاء والغلمان(٣) ، وألحقّ ابن

__________________

(١) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ٣٠٥ ، الإستيعاب : ١ / ٣٧٤ ، كفاية الطّالب : ٢٦٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٤١ الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٢٣ هامش رقم «٣».

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣١٤ ، والكامل في التّأريخ : ٣ / ٢٨٤.

(٣) ذكر ذلك صاحب مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦. وأضاف صاحب كتاب الأغاني : ٦ / ٣٥٥ والإستيعاب : ٦٩٠ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف.

«وروى العقاد في آخر كتاب عثمان : «أنّ أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت إليه الخلافة ، وقال له : «قد صارت إليك بعد تيم وعديّ ـ أي أبي بكر وعمر ـ فأدرها كالكرة ، واجعل أوتاها بني أميّة ، فإنّما هو الملك ، ولا أدري ما جنّة ولا نار». انظر ، الاستيعاب : ٤ / ١٦٧٩ ، والمطبوع بهامش الإصابة : ٤ / ٨٧ ، شرح الأخبار : ٢ / ٥٢٨ ، مناقب أهل البيت لحيدر الشّيرواني : ٤٠٧ ، النّزاع ـ

٢٣٣

السّفاح بغير أبيه الشّرعي ، كما فعل مع زياد ابن أبيه(١) ، وخذل عثمان ، ثمّ نشر قميصه مطالبا بدمه ، وأعطى عهودا للحسن ، ثمّ نكث وأخلف. ودفن الأحياء تحت التّراب ، فقد دفن زياد ابن أبيه عبد الرّحمن بن حسّان العنزي حيّا بأمر معاوية(٢) ، ودبّر المكايد للتّفرقة بين المرء وزوّجه ، كما فعل مع عبد الله بن سلّام وزوّجته زينب بنت إسحاق(٣) ، وسنّ سبّ الصّلحاء والأولياء على المنابر(٤) ، ووهب مصر لابن العاص ثمنا لغدره وخيانته ، وكذب على الله ورسوله ، وشجع

__________________

ـ والتّخاصم : ٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٤٥ و : ٩ / ٥٣ و : ١٥ / ١٧٥ ، التّذكرة الحمدونية : ٩ / ١٧١ ح ٣٨٠ ، تأريخ الطّبري : ١١ / ٣٥٧ ولكن بلفظ : «تلقفوها تلقف الكرة». مروج الذّهب : ٦ / ٤٠٧ ، تقوية الإيمان : ١٩٧ ، تأريخ ابن عساكر : ٦ / ٤٠٧.

(١) انظر ، تأريخ الطّبريّ : ٤ / ٢٠٢ و : ١١ / ٣٥٧ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢٣٧ ، ومسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، وقعة صفّين : ٢٤٦ ، والمعجم الكبير : ١ / ٤٢٧ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، الاسيعاب : ٤١٢ ، واسد الغابة : ٣ / ١٠٦ ، تهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، الإصابة : ٢ / ٢٦٠ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٢ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٢٣٨ ، سيرة ابن هشام : ٤ / ١٧٩.

(٢) تقدّمت تخريجاته.

(٣) انظر ، القصّة كاملة في الإتحاف بحبّ الأشراف ، الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي ، بتحقيقنا : ٤٤٦ ، ومعاوية بن أبي سفيان في الميزان ، عبّاس محمود العقاد : ١٥٩ ، شيخ المضيرة أبو هريرة ، الشّيخ محمود أبو ريّه : ٢٣٥ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢١٧ ، دراسة عن أرينب بنت إسحاق ، عبد الله بن حسون العلي ، مطبعة الزّهراء سنة ١٩٥٠ ه‍ ، وكمامة الزّهر وفريدة الدّهر ، لابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون طبعت بمصر سنة ١٣٤٠ ه‍.

(٤) قال جاهل متعصب : أنّ الشّيعة كفّار ، لأنّهم يسبّون بعض الصّحابة. ونقول في جوابه : أنّ هذه النّسبة رواية لم تثبت ، ولكن سبّ معاوية عليّا على المنابر ثابت بشهادة التّأريخ ، ومع ذلك لا تقول بكفره ، فإن كان السّب يوجب الكفر فمعاوية كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر فالشّيعة مسلمون ، وإن صحّ أنّهم يسبّون ، فإمّا أن تقول بإسلامهما معا وإمّا بكفرهما معا ، والتّفكيك جزهل وتعصب. (منهقدس‌سره ).

٢٣٤

على وضع الأحاديث عن الرّسول الأعظم(١) .

في ذات يوم صعد المنبر ، وقال :

«أيّها النّاس أنّ رسول الله قال : أنّك ستلي الخلافة من بعدي ، فاختر الأرض المقدّسة ، فإنّ فيها الأبدال ، وقد اخترتكم ، فالعنوا أبا تراب(٢) ثمّ كتب كتابا ،

__________________

(١) انظر ، الطّبري في تأريخه : ٧ / ١٣ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٣٠٠ ، التّنبيه والأشراف : ٦٤ ، مروج الذّهب : ٣ / ٧١ ، طبقات ابن سعد : ٥ / ٢١٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، كتاب المحن : ١ / ١٥٥ ، وفاء الوفاء : ١ / ١٣١ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٥٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٣ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٨ / ١٠٥.

(٢) قال الشّيخ أبو زهرة في كتاب المذاهب الإسلاميّة : ٥١ : «كتبت أمّ سلمة زوّج الرّسول إلى معاوية كتابا تقول له فيه : أنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون عليّ بن أبي طالب ومن أحبّه وأشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحبّه».

وفي مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، ومسلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : أنّي دافع الرّاية غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، لا يرجع حتّى يفتح الله له ، ثمّ دفعها إلى عليّ. بعد أن كان قد أخذها كل من أبي بكر ، وعمر ورجع ، ولم يفتح له. (منه قدس‌سره).

انظر ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٤٥٩ ، فرائد السّمطين : ١ ب ٣١ ح ١١٧ / ١٥٥ طبعة بيروت ، تأريخ دمشق : ٢ / ٣٤٨ و ٤٤٢ و ٤٤٣ ح ٨٥١ الطّبعة الثّانية ح ٩٥٩ ، لسان الميزان : ١ / ١٧٥ ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٠٣ و ١١٣ ، أحمد بن حنبل : ح ٧٢ / ٤٦ طبعة قم ، كفاية الطّالب : ب ٦٢ / ٢٤٤ و ٢٤٦ ، كنوز الحقائق : ٨٢ و ٩٢ و ١٣١ ، المناقب للخوارزمي : ٦٢ و ١٨٧ فصل ١٧ ح ١١ فصل ٩ ، نور الأبصار : ٧٠ و ١٠١ ، الصّواعق المحرقة : ٩٦ و ١٦١.

انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣١ ، و : ٧ / ١٧ ، بشارة المصطفى : ١٦٣ ، تفسير الطّبريّ : ٦ / ١٨٦ ، و : ١٢ / ٦٥٧ ، وذخائر العقبى : ٨٨ و ١٠٢ ، وروح المعاني : ٣٠ / ٢٠٧ طبعة مصر ، وتأريخ بغداد : ٧ / ٤٢١ ، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين : ٣٥٤ ، ينابيع المودّة : ٦٢ و ٧٤ و ٢٧٠ طبعة اسلامبول و : ٧١ و ٨٤ و ٣٦١ و ٣٦٢ طبعة الحيدريّة ، و : ١ / ١٩٦ و ٢٢٣ طبعة اسوة ، و : ٢ / ٣٥٧ و ٤٥٢ طبعة اسوة ، تذكرة الخواصّ : ١٨ ، فتح القدير للشّوكاني : ٥ / ٤٧٧ ، إسعاف الرّاغبين بهامش نور الأبصار : ١٧٢ ، جواهر العقدين : ٢ / ٢١٩ ، الصّواعق المحرقة : ١٦١ ب ١١ فصل ١

٢٣٥

وقرأ النّاس ، وفيه هذا كتاب أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الّذي بعث محمّدا نبيّا ، وكان أميّا لا يقرأ ولا يكتذب فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا ، فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا أكتبه ، وهو لا يعلم ما أكتب ، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه»(١) .

وولّى معاوية أبا هريرة على مدينة الرّسول ، لأنّه وضع حديثا كاذبا ، وهو : «أنّ لكلّ نبي حرما ، وأنّ حرمي بالمدينة ما بين عير وثور ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين ، وأشهد بالله أنّ عليّا أحدث فيها»(٢) .

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٧٢.

(٢) لا نريد التّعليق على هذه الرّواية الّتي يرويها الدّوسي الّذي كان يدلس في الأحاديث ، بل نرجع القارىء الكريم أن يدرس حياة الدّوسي في كتاب شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة ، والبداية والنّهاية ، وانظر ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٤ / ٦٧ ، مسند عليّ للسّيوطي : ١ / ١٨٠ ح ٥٦٥ ، كنز العمّال : ١٧ / ١٠٦ و : ١٢ / ٢٤٢ ح ٣٤٨٦٤ ، تأريخ دمشق : ٢٣ / ٢١٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٧٧ ، فتوح البلدان : ١ / ٦ ح ٢٠. تأريخ رواية هذا الإفتراء متأخر عن غزوة بسر للمدينة واستخلافه أبا هريرة بعده! عليّ الّذي قال عنه الرّسول : «يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق». عليّ في منطق أبي هريرة قد أحدث في المدينة ، أمّا معاوية الّذي مات على غير سنة محمّد ـ بشهادة عبد الله بن عمر معاوية هذا صان مدينة الرّسول ، ومنع عنها البدع ، والأحداث بشهادة بسر وخليفته أبي هريرة. انظر ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٨ ح ٣٢٨٧٨ و ٣٣٠٢٨ ، و : ١٣ / ١٧٨ ح ٣٦٢٩ ، الصّواعق المحرقة : ١٢٢ ، كفاية الطّالب : ٦٨ ، شرح الأخبار : ١ / ١٥٢ ح ٨٩ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤٢ ح ١١٤ ، اسد الغابة : ٣ / ٦٠٢ طبعة بيروت ، المصنّف لابن أبي شيبة : ١٢ / ٥٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣٠٦ ح ٣٨١٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري : ١ / ٦٠ ، تحفة الأحوذي : ١٠ / ١٦٤ ، السّنن الكبرى : ٥ / ١٣٧ ح ٨٤٨٧ و : ٦ / ٥٣٤ ح ١١٧٤٩ ، الرّياض النّضرة : ٢ / ٢١٤ ، خصائص النّسائي : ١٠٥ ، مسند أبي يعلى : ١ / ٢١٥ ، المعجم الأوسط : ٢ / ٣٣٧ ، و : ٥ / ٨٧ ، مسند ـ

٢٣٦

فجاء شاب من أهل الكوفة ، فجلس إلى أبي هريرة وقال له : يا أبا هريرة ، أنشدك الله ، أسمعت رسول الله يقول لعليّ بن أبي طالب : «أللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه؟ فقال : اللهمّ نعم. فقال الشّاب : أشهد بالله لقد واليت عدوّه ، وعاديت ولّيه»(١) .

وبذل معاوية لسّمرة بن جندب(٢) مئة ألف درهم ليروي عن النّبيّ أنّ هذه

__________________

ـ أحمد : ٦ / ٢٩٢ ح ٢٦٥٥٠ ، سنن النّسائي : ٨ / ١١٦ ، تأريخ دمشق : ٢ / ١٩٠ ، الغارات : ٢ / ٥٢٠ ، مسند الحميدي : ١ / ٣١ ح ٥٨ طبعة المدينة المنوّرة ، مناقب أمير المؤمنين للكوفي : ٢ / ٤٦٩ ح ٩٦٣ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٨٢ ح ٣١٨١ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٤٧٧ ح ٥٠٩ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٣١٩ ح ٨٣١٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ٤٣٧ ، تهذيب الكمال : ١٥ / ٢٣٢ ، تأريخ بغداد : ٢ / ٢٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٨٨ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٦١٩ ح ١٠٥٩ و ١١٦٩.

(١) كتاب «أضواء على السّنّة المحمّديّة» للأستاذ محمود أبو ريّة : ١٩١ طبعة (١٩٥٨ م) ، وهذا الكتاب جديد وفريد في بابه ، لا غنى عنه للفقيه والمحدّث ، ولا لأي كان يريد أن يأخذ الدّين من معدنه ، فقد أثبت المؤلّف بالأرقام والبرهان أنّ الصّحاح السّتة الّتي تعتمد السّنّة على أحاديثها لم تتّخذ المقايّيس العلميّة لتميّيز الأحاديث الكاذبة من الصّحيحة ، وأنّ الكثير من رجال الصّحاح لا يجوز الأخذ بحديثهم بخاصّة أبا هريرة الّذي كذّبه عليّ ، وعمر ، وعثمان ، وعائشة ، وأنّي أشعر بالرّغبة الملحة في تلخيصه بفصل مستقل في بعض مؤلّفاتي ، وعسى أن تسنح الفرصة. (منهقدس‌سره ).

(٢) هو سمرة بن جندب بن هلال بن جريح الفزاري ، استعمله ابن زياد على شرطته في البصرة والكوفة ، واستعمله معاوية على ولاية البصرة ثمّ عزله ، فقال : لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعته ما عذبني أبدا ، مات سنة (٥٨ أو ٥٩ ه‍).

انظر ، الإصابة : ٢ / ٧٨ ، اسد الغابة : ٢ / ٣٥٤ ، الجرح والتّعديل : ٤ / ١٥٤ ، شذرات الذّهب : ١ / ٦٥ ، تهذيب التّهذيب : ٤ / ٢٣٦.

وروي عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن خالد ، قال : كنت إذا أتيت أبا هريرة سألني عن سمرة بن جندب ، وإذا أتيت سمرة بن جندب سألني عن أبي هريرة. فقلت : يا أبا هريرة ما أراك تسألني إلّا عن

٢٣٧

الآية :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) (١) نزلت في عليّ بن أبي طالب ، وأنّ آية :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٢) نزلت في قاتله ابن ملجم ، فلم يقبل

__________________

ـ سمرة ، وأرى سمرة يسألني عنك؟ فقال : إذا والله أخبرك ولا أكتمك ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: اخركم موتا في النّار». انظر ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٩٦.

وعن محمّد بن قيس الأسدي ، قال : سمعت الشّعبي يقول : سمعت أبا عمر يقول : قال ، قال عمر بن الخطّاب ، وهو يخطب على المنبر : «لعن الله سمرة بن جندب كان أوّل من اتجر في الخمر في الإسلام ولا يحلّ من البيع إلّا ما يحل أكله».

انظر ، الغارات : ٢ / ٩٤١ ، تأريخ الطّبري : حوادث سنة ٥٣ ، طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ ، أو ص : ١٦٢ ، وابن الأثير حوادث سنة ٥٣ أو ص : ١٨٣ وحوادث سنة ٥٤ ص : ١٩٦ و : ٣ / ١٩٥ ، الإصابة: ٣ / ١٥٠ ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٢٩٠ ، جزء أشيب لأبي عليّ الحسن بن موسى الأشيب (شيخ الإمام أحمد ابن حنبل) : ٥٨ ، طبعة دار علوم الحديث ، الإمارات العربية المتحدة ، الطّبعة الأولى سنة ١٤١٠ ه‍.

وعن ابن عدي ، قال قدمت المدينة ، فجلست إلى أبي هريرة ، فقال : ممّن أنت؟ قلت : من أهل البصرة ، قال : ما فعل سمرة بن جندب؟ قلت : هو حيّ ، قال : ما أحد أحبّ إليّ طول حياة منه ، قلت : ولم ذاك؟ قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ليّ ، وله ، ولحذيفة بن اليمان : آخركم موتا في النّار».

انظر ، المعرفة والتّأريخ : ٣ / ٣٥٦.

وعن أبي النّضرة عن أبي هريرة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعشرة من أصحابه : آخركم موتا في النّار ، فيهم سمرة بن جندب ، قال أبو النّضرة ، فكان سمرة بن جندب آخرهم موتا. والخلاصة سمرة بن جندب باع دينه بدنياه وآثر العاجلة على الآخرة إذ ارتكب الكذب والبهتان.

انظر ، المعجم الأوسط : ٦ / ٢٠٨ و : ٧ / ١٧٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٧٨ ، التّأريخ الصّغير : ١ / ١٣٣ ، تهذيب الكمال : ١٢ / ١٣٣ ، و : ٣٤ / ٢٥٧ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ١٨٤ ، تهذيب التّهذيب : ٤ / ٢٠٧ و : ١٢ / ٢٠٠ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٥٣ ، البيهقيّ في الدّلائل : ٦ / ٤٥٩ ، الشّفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ٣٣٩.

(١) البقرة : ٢٠٤.

(٢) البقرة : ٢٠٧.

٢٣٨

سمرة بالمئة ألف ، فبذل له مئتي ألف ، فلم يقبل ، فبذل ثلاثمئة ألف فلم يزقبل ، فبذل له أربعمئة ألف فقبل ، وروى كذبا وافتراء(١) !

عليّ الّذي قال له الرّسول : «يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق»(٢) .

__________________

(١) لا نريد التّعليق على هذا الكلام مرّة ثانية ، والّتي أطبق المؤرّخون على أنّها نزلت في عليّعليه‌السلام ، وسبق وأن دللنا على ذلك بالمصادر الّتي ذكرناها سابقا ، كالطّبري : / ١٢٢ و ٦١٦٤ ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني : ١ / ١٢٣ ح ١٣٣ وما بعده ، والثّعلبي في الكشف والبيان : ١ / ١١٧ ، والرّازي في تفسيره : ٢ / ١٥٢ ، وغيرهم كثير.

فلاحظ بعض مخازي سمرة في ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة : ١ / ٧٨٩ طبعة الحديثه ببيروت ، والشّرح المختار المذكور : ٧٩٢ ، فإذا كانت المقارنة من هذا الباب فلا عتب ، ولا استدلال. انظر ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٥٨ ، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين : ٤٣٣ ، الخصائص لابن البطريق : ٩٨ ، كشف اليقين : ٩٠ ، بحار الأنوار : ٣٨ / ٢٨٩ ، و : ٣٦ / ٤٨ و ٤٩ ، إعلام الورى : ١٩١ ، الطّرائف : ٣٣ ، العمدة : ٣٤٠ ، دلائل الصّدق : ٢ / ٥٣٨ ، الشّافي للسّيّد المرتضى : ٤ / ٢٥ ، الغدير : ٢ / ٤٨ ، تذكرة الخواصّ لسّبط ابن الجوزي : ٤٠ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٣ ، الطّرائف لابن طاووس : ٤٠٧ ، اختيار معرفة الرّجال : ١ / ١٣٠ ، كفاية الطّالب : ١١٥ ينابيع المودّة : ١٠٥.

(٢) انظر ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٨ ح ٣٢٨٧٨ و ٣٣٠٢٨ ، و : ١٣ / ١٧٨ ح ٣٦٢٩ ، الصّواعق المحرقة: ١٢٢ ، كفاية الطّالب : ٦٨ ، شرح الأخبار : ١ / ١٥٢ ح ٨٩ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤٢ ح ١١٤ ، اسد الغابة : ٣ / ٦٠٢ طبعة بيروت ، المصنّف لابن أبي شيبة : ١٢ / ٥٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣٠٦ ح ٣٨١٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري : ١ / ٦٠ ، تحفة الأحوذي : ١٠ / ١٦٤ ، السّنن الكبرى : ٥ / ١٣٧ ح ٨٤٨٧ و : ٦ / ٥٣٤ ح ١١٧٤٩ ، الرّياض النّضرة : ٢ / ٢١٤ ، خصائص النّسائي : ١٠٥ ، مسند أبي يعلى : ١ / ٢١٥ ، المعجم الأوسط : ٢ / ٣٣٧ ، و : ٥ / ٨٧ ، مسند أحمد : ٦ / ٢٩٢ ح ٢٦٥٥٠ ، سنن النّسائي : ٨ / ١١٦ ، تأريخ دمشق : ٢ / ١٩٠ ، الغارات : ٢ / ٥٢٠ ، مسند الحميدي : ١ / ٣١ ح ٥٨ طبعة المدينة المنوّرة ، مناقب أمير المؤمنين للكوفي : ٢ / ٤٦٩ ح ٩٦٣ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٨٢ ح ٣١٨١ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٤٧٧ ح ٥٠٩ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٣١٩ ح ٨٣١٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ٤٣٧ ، تهذيب الكمال : ١٥ / ٢٣٢ ، تأريخ بغداد : ٢ / ٢٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٨٨ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٦١٩ ح ١٠٥٩ و ١١٦٩.

٢٣٩

وقال : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ»(١) ، وقال يوم خيبر : «سأعطي الرّاية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، ثمّ أعطاها لعليّ»(٢) . عليّ هذا خصم لله ، وابن ملجم من الّذين اشتروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله!

وليس بعجب ولا غريب أن يفتري معاوية وسمرة الكذب على الله ، فالأوّل عدوّ الدّين ، والثّاني باع دينه للشّيطان ، ولكن العجب من الّذين يقدّسون معاوية وسمرة ، ويؤمنون بعد التهما لا لشيء إلّا لصحبتهما. فقد قرّر الكثير من شيوخ السّنّة في كتب الحديث والأصول أنّ جميع الصّحابة عدول لا يجوز نقدهم ولا تجريهم «واعتبروهم جميعا معصومين من الخطأ والسّهو والنّسيان»(٣) .

معاوية معصوم عن الخطأ حتّى ولو تعمد الكذب على الله والرّسول ، وسمرة عادل ، وإن باع دينه للشّيطان ، أمّا عليّ ، والحسن ، والحسين فغير معصومين ،

__________________

(١) هكذا روي الحديث : «الحقّ مع عليّ ، وعليّ مع الحقّ لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».

انظر ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٢٩٧ ح ٣٧٩٨ و : ١٢ / ١٢٦ ، وجامع التّرمذي : ٢ / ٢١٣ ، التّفسير الكبير للفخر الرّازي : ١ / ٢٠٥ ، فيض القدير : ٦ / ٣٥٦ ، مجمع الزّوائد : ٧ / ٢٣٥ و : ٩ / ١٣٤ ، تأريخ بغداد : ١٤ / ٣٢١ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٧٨ ، شرح الأخبار للقاضي النّعمان المغربي : ٢ / ٦٠ ، ربيع الأبرار للزّمخشري : ١ / ٨٢٨ ، فرائد السّمطين : ١ / ١٧٧ ح ١٣٨ ، المناقب لابن المغازلي : ١١٧ و ٢٤٤ ، والمستدرك : ٣ / ١٩ و ١٢٤ ، العقد الفريد : ٣ / ١٠٨ الطّبعة الثّالثة ، تأريخ ابن عساكر ترجمة الإمام عليّ : ٣ / ١١٩ ح ١١٦٢ و : ٤٢ / ٤٤٩ ، كنز العمّال : ١١ / ٦٠٣ ح ٣٢٩١٢ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٢٨١ الطّبعة الأولى ، فضل آل البيت للمقريزي : ٦٠ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ لابن دمشق : ١ / ٣٤٣ ، الملل والنّحل : ١ / ١٠٣.

(٢) تقدّمت تخريجاته.

(٣) انظر ، كتاب «الأضواء على السّنّة المحمّديّة» : ٣٢٢. (منهقدس‌سره ).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528