مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام0%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مؤلف: الشيخ عزيز الله العطاردي
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 70849
تحميل: 3340


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70849 / تحميل: 3340
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء 2

مؤلف:
العربية

يستخف ، ولكن استصرعتم إلينا طيرة الدبا وتداعيتم إلينا كتداعى الفراش قيحا وحكّة وهلوعا وذلّة لطواغيت الأمة ، وشذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ، وعصبة الآثام ، وبقيّة الشيطان ، ومحرّفي الكلام ومطفئ السنن وملحقى العهرة بالنسب ، وأسف المؤمنين ، ومزاح المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين «لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون».

فهؤلاء تعضدون؟ وعنّا تتخاذلون؟ أجل والله الخذل فيكم معروف وشجت عليه عروقكم ، واستأزرت عليه أصولكم فأقرعكم ، فكنتم أخبث ثمرة شجرة للنّاظر وأكلة للغاصب ألا فلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا. ألا وإن البغىّ ابن البغىّ قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلّة أبى والله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وبطون طهرت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة أن تؤثر مصارع الكرام على ظئار اللئام. ألا وإنى زاحف بهذه الأسرة على قلّ العدد وكثرة العدوّ ، وخذلة الناصر ثم تمثّلعليه‌السلام بقول الشاعر :

فإن نهزم فهزّامون قدما

وإن نهزم فغير مهزّمينا

وما إن طبّنا جبن ولكن

منايانا وطعمة آخرينا

ألا ثمّ لا تلبثون إلّا ريث ما يركب فرس حتى تدار بكم دور الرحا ويفلق بكم فلق المحور عهدا عهده النبيّ إلى أبى( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) .

٨٥ ـ عنه أخبرنا أبو محمّد بن الأكفانى أنبأنا عبد العزيز الكنانى ، أنبأنا أبو محمّد ابن أبى نصر ، أنبأنا أبو الميمون ابن راشد ، أنبأنا أبو زرعة ، أنبأنا سعيد بن

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢١٧.

١٨١

سليمان ، عن عبّاد بن عوام ، عن حصين قال : أدركت ذاك حين مقتل الحسين ، قال : فحدثنى سعد بن عبيدة قال : فرأيت الحسين وعليه جبّة برود ، ورماه رجل يقال له : عمرو بن خالد الطهوى بسهم فنظرت إلى السهم معلّقا بجبّته(١) .

٨٦ ـ عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون ، أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوى ، أنبأنا إسحاق الطالقانى سنة خمس وعشرين ، أنبأنا جرير : عن ابن أبى ليلى قال : قال الحسين بن على حين أحسّ بالقتل : ابعثوا لى ثوبا لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابى حتى لا أجرّد. فقيل له : تبّان فقال : ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة! فأخذ ثوبا فخرقه فجعله تحت ثيابه ، فلما قتل جرّد صلوات الله عليه ورضوانه(٢) .

٨٧ ـ عنه أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، وأبو غالب أحمد بن الحسن ، وأبو محمّد عبد الله بن محمّد ، قالوا : أنبأنا أبو محمّد الحسن بن على ، أنبأنا أبو بكر ابن مالك أنبأنا إبراهيم بن عبد الله البصرى أنبأنا حجّاج ، أنبأنا حمّاد : أنبأنا عمّار بن أبى عمّار ، عن ابن عباس قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يرى النائم بنصف النهار أغبر أشعث وبيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبى أنت وأمّى يا رسول الله ما هذا؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل منذ اليوم التقطه فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ.

قال أبو بكر بن مالك : وأنبأنا إبراهيم ، أنبأنا سليمان بن حرب ، عن حمّاد ، عن عمار بن أبى عمّار : أن ابن عباس رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فى منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر وبيده قارورة فيها دم فقلت : يا رسول الله ما هذا الدم؟ فقال : دم الحسين لم أزل التقطه منذ اليوم. فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل فى ذلك اليوم(٣)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٢١.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٢١.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٦٢.

١٨٢

٨٨ ـ عنه أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأنا أبو الغنائم ابن أبى عثمان ، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران ، أنبأنا الحسين بن صفوان ، أنبأنا أبو بكر بن أبى الدنيا ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن هانى ، أبو عبد الرحمن النحوى ، أنبأنا معدى بن سليمان ، أنبأنا على بن زيد بن جدعان ، قال : استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع وقال : قتل الحسين والله فقال له أصحابه : كلا يا ابن عباس كلا! قال رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه زجاجة من دم ، فقال : ألا تعلم ما صنعت أمتى من بعدى؟ قتلوا ابنى الحسين وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلى اللهعزوجل . قال : فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه وتلك الساعة ـ قال ـ فما لبثوا إلّا أربعة وعشرين يوما حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنّه قتل ذلك اليوم وتلك الساعة(١) .

٨٩ ـ عنه أخبرنا أبو الفتح محمّد بن على بن عبد الله المضرى وأبو بكر ناصر ابن أبى العباس بن على الصيدلانى بهراة قالا : أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عبد العزيز بن محمّد الفارسى ، أنبأنا أبو محمّد بن أبى شريح ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد أنبأنا أبو سعيد الأشجّ ، أنبأنا أبو خالد الأحمر حدّثنى زريق قال : حدّثنى سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهى تبكى فقلت : ما يبكيك؟ قالت : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فى المنام وعلى رأسه ولحيته التراب. فقلت : مالك يا رسول الله؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفا(٢) .

٩٠ ـ عنه أخبرنا أبو على الحسن بن أحمد ، وجماعة إذنا قالوا : أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن ريذة ، أنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا زكريا بن يحيى الساجى ، أنبأنا محمّد بن عبد الرحمن بن صالح الأزدى ، أنبأنا السرى بن منصور بن عمار عن أبيه ، عن ابن لهيعة عن أبى قبيل قال : لما قتل الحسين بن على احتزّوا رأسه وقعدوا فى أوّل مرحلة يشربون النبيذ ويتحيّون بالرأس فخرج عليهم قلم من حديد من

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٦٢.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٦٣.

١٨٣

حائط فكتب بسطر دم :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

فهربوا وتركوا الرأس ثم رجعوا(١) .

٩١ ـ عنه أخبرنا أبو بكر اللفتوانى أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر وأخبرنا أبو الحسن أنبأنا أبو منصور أنبأنا أبو بكر أنبأنا ابن بشران ، أنبأنا الحسين بن صفوان قالا : أنبأنا ابن أبى الدنيا أنبأنا محمّد بن سعد ، قال : أخبرت عن ابن عيينة قال : سمعت الهذلى يسأل جعفر بن محمّد عن عمر جدّه الحسين حين قتل فقال : قتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة(٢) .

٩٢ ـ عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندى ، أنبأنا عمر بن عبيد الله ، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران ، أنبأنا عثمان بن أحمد أنبأنا حنبل بن إسحاق ، حدّثنى أبو عبد الله ، أنبأنا علىّ قال : وأنبأنا سفيان قال : سمعت الهذلى يسأل جعفر بن محمّد عن عمر الحسين حين قتل فقال : قتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين(٣) .

٩٣ ـ عنه أخبرنا أبو محمّد الأكفانى ، أنبأنا عبد العزيز الكتانى ، أنبأنا أبو محمّد بن أبى نصر أنبأنا أبو الميمون بن راشد عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ، أنبأنا أبو زرعة ، قال: قال محمّد بن أبى عمر ، عن ابن عيينة عن جعفر بن محمّد قال : قتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة قال أبو نعيم قتل فى يوم سبت يوم عاشورا(٤) .

٩٤ ـ عنه أخبرنا أبو محمّد السلمى أنبأنا أبو بكر الخطيب : وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أنبأنا أبو بكر بن الطبرى قالا : أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل أنبأنا عبد الله بن جعفر أنبأنا محمّد بن يحيى أنبأنا سفيان عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال : و

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٣.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٧.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٧.

(٤) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٧.

١٨٤

قتل الحسين ـ يعنى ـ لثمان وخمسين(١) .

٩٥ ـ عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسى أنبأنا عبيد الله بن عثمان بن جنيقا أنبأنا إسماعيل بن على أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثنى أبى أنبأنا رجل أنبأنا سفيان قال : سمعت الهذلى يسأل جعفر بن محمّد عن سنى عمر الحسين حين قتل قال : قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة(٢) .

٩٦ ـ عنه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أنبأنا عمر بن عبيد ، أنبأنا على ابن محمّد بن بشران أنبأنا أبو عمرو بن السماك أنبأنا حنبل بن إسحاق أنبأنا الحميدى أنبأنا سفيان أنبأنا جعفر بن محمّد عن أبيه قال : قتل علىّ وهو ابن ثمان وخمسين ومات لها حسن وقتل حسين لها قال : وأنبأنا الخطبى أنبأنا محمّد بن عثمان أنبأنا إسماعيل بن بهرام ، أنبأنا محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن أبيه : أن الحسين عمر سبعا وخمسين سنة(٣) .

٩٧ ـ عنه أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك ، أنبأنا أحمد بن الحسن ابن خيرون ، أنبأنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن الصواف ، أنبأنا محمّد بن عثمان ابن أبى شيبة ، أنبأنا إسماعيل بن ابراهيم أنبأنا محمّد بن جعفر بن محمّد عن أبيه ، أنّ الحسين عمر سبعا وخمسين أو ثمانيا وخمسين(٤) .

٩٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء قالوا أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسى ، أنبأنا الزبير بن بكار ، حدّثنى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمّد قال : قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين(٥) .

٩٩ ـ عنه أخبرنا أبو الحسين بن قيس ، أنبأنا أبو منصور ابن زريق ، أنبأنا

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٨.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٨.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٩.

(٤) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٩.

(٥) ترجمة الامام الحسين : ٢٧٩.

١٨٥

أبو بكر الخطيب انبانا ابن رزق أنبأنا محمّد بن عمر الحافظ أنبأنا هيثم بن خلف أنبأنا ابن زنجويه : أنبأنا أبو الأسود قال : قتل الحسين سنة ستّين وقال محمّد بن عمر : أنبأنا محمّد بن القاسم أنبأنا عباد أنبأنا عيسى بن عبد الله ، قال قتل الحسين بن على سنة ستّين قال الخطيب : وقول من قال : سنة إحدى وستين أصحّ(١) .

١٠٠ ـ عنه أخبرنا أبو الفضل محمّد بن اسماعيل الفضيلى ، أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد الخليلى أنبأنا أبو القاسم الخزاعى أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، قال : سمعت محمّد بن صالح يقول : سمعت عثمان يقول سمعت الفضيل يقول : مات الحسين بن على السبت يوم عاشورا سنة ستّين(٢) .

١٠١ ـ عنه أخبرنا أبو غالب بن البناء أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسى ، أنبأنا أبو القاسم بن جنيق؟ أنبأنا أبو محمّد إسماعيل بن على الخطبى أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدّثنى أبو نعيم قال : قتل الحسين بن على يوم عاشوراء وقيل : يوم الإثنين(٣) .

١٠٢ ـ عنه أخبرنا أبو البركات أنبأنا أبو الفضل ، أنبأنا أبو العلاء أبو بكر البابسيرى أنبأنا الأحوص بن المفضل أنبأنا أبى أنبأنا أبو نعيم قال : وقتل الحسين بن على فى سنة ستين فى آخرها يوما(٤) .

١٠٣ ـ عنه أخبرنا أبو محمّد بن الأكفانى أنبأنا عبد العزيز التميمى ، أنبأنا أبو محمّد بن أبى نصر ، أنبأنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلى ، أنبأنا أبو زرعة قال : قال أبو نعيم : قتل الحسين يوم عاشوراء يوم السبت(٥) .

١٠٤ ـ عنه أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو على الحدّاد ، وأبو القاسم غانم بن محمّد ابن عبيد الله ، ثمّ أخبرنا أبو المعالى عبد الله بن أحمد أنبأنا أبو على الحداد ، قالوا :

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٨٠.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٨٠.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٨١.

(٤) كذا فى ترجمة الامام الحسين : ٢٨١.

(٥) ترجمة الامام الحسين : ٢٨١.

١٨٦

أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدّثنى أبى حدّثنى أبو نعيم. وأخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندى أنبأنا عمر بن عبيد الله أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا عثمان بن أحمد أنبأنا حنبل بن إسحاق ، أنبأنا أبو نعيم قال : والحسين بن على قتل يوم السبت يوم عاشوراء سنة ستين قال ابن عساكر وهذا وهم(١) .

١٠٥ ـ عنه أخبرنا أبو الحسين بن قبيس وأبو منصور بن زريق ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثنى أبى أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثنى هارون بن عبد الله ، قال : سمعت أبا نعيم يقول : قتل الحسين بن على سنة ستّين يوم السبت يوم عاشوراء ، وقتل وهو ابن خمس وستين أو ستّ وستّين قال : وأنبأنا عبيد الله بن عمر قال : قال أبى : وهذه الرواية لأبى نعيم وهم من وجهين فى القتل والمولد فأمّا مولد الحسين فإنّه كان بينه وبين أخيه الحسن طهر وولد الحسن للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة أمّا الوهم فى تاريخ موته فأجمع أكثر أهل التاريخ أنه قتل فى المحرم سنة إحدى وستين إلّا هشام ابن الكلبى فانّه قال : سنة اثنتين وستين وهو وهم أيضا(٢) .

١٠٦ ـ عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطى ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو على بن الصواف ، أنبأنا محمّد بن عثمان بن أبى شيبة ، قال : قال أبى : وقتل الحسين يوم عاشوراء آخر سنة ستين ، وقال عمّى أبو بكر : قتل الحسين بن على فى سنة إحدى وستين يوم عاشوراء ، قتله سنان بن أبى أنس ، وجاء برأسه خولى بن يزيد الأصبحى جاء به إلى عبيد الله بن زياد(٣)

١٠٧ ـ عنه أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبانا

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٨١.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٨١.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٨٣.

١٨٧

القاضى أبو العلاء محمّد بن على ، أنبأنا على بن الحسن بن على قال : وأنبأنا ابن خيرون ، أنبأنا الحسن بن الحسين النعالى ، حدّثتنى جدّى لأمّى إسحاق بن محمّد النعالى ، قالا : أنبأنا عبيد الله بن إسحاق ، أنبأنا قعنب بن المحرّر ، قال : وقتل الحسين سنة ستّين يوم عاشوراء ، اوّل سنة إحدى وستين. كذا قال هؤلاء والأكثرون قالوا : سنة إحدى وستين(١) .

١٠٨ ـ عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندى ، أنبأنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنبأنا عبد الواحد بن محمّد بن عثمان ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، أنبأنا إسماعيل بن إسحاق ، أنبأنا إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ، قال : سمعت علىّ بن المدينى قال : مقتل حسين سنة ثنتين وستّين(٢) .

١٠٩ ـ عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطى أنبأنا محمّد بن طاهر ، أنبأنا مسعود بن ناصر ، أنبأنا عبد الملك بن الحسن ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن الحسن الكلاباذى قال : الحسين بن على بن أبى طالب أبو عبد الله أخو أبى محمّد الحسن بن على الهاشمى المدينى ، وأمّهما فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . قال الكلاباذى : قال الواقدى : وماتت فاطمة ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهى ابنة تسع وعشرين سنة ، أو نحوها.

سمع أباه على بن أبى طالب : روى عنه ابنه على بن الحسين الأصغر فى المسجد والخمس وغير موضع : ولد سنة أربع من الهجرة بعد أخيه الحسن ، وولد أخوه سنة ثلاث من الهجرة ، قال خليفة : وقتل يوم عاشوراء يوم الأربعاء سنة إحدى وستين قاله خليفة ومسدّد ، ويروى عن جعفر عن أبيه قال : لم يكن بين الحسن والحسين إلّا طهر ، ومات الحسن فى شهر ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين ، وكان قد سقى السمّ : قال الواقدى وابن نمير مثله.

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٨٣.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٩٤.

١٨٨

قال الواقدى : وفيها يعنى فى سنة ثلاث من الهجرة ولد الحسن بن على فى النصف من شهر رمضان ، وفيها علقت فاطمة بالحسين وكان بين علوقها به وبين ولاد الحسن خمسين ليلة : وقال الواقدى : وفيها ولد الحسين ـ يعنى فى سنة أربع من الهجرة ـ فى ليال خلون من شعبان. وقال ابن أبى شيبة : قتل يوم عاشورا سنة إحدى وستّين.

قال ابن نمير : قتل فى عشر من المحرم سنة احدى وستّين وهو ابن خمس وخمسين سنة.

قال محمّد بن سعد ، قال الواقدى : قتل بنهر كربلا يوم عاشورا سنة احدى وستّين وهو ابن ست وخمسين سنة ، وقال الذهلى : قال يحيى بن بكير : قتل فى صفر سنة احدى وستّين وسنه ستّ وخمسون سنة ، قال الواقدى : وعندنا انه قتل فى المحرم يوم عاشوراء وهو ابن خمس وخمسين سنة وأشهر ، وقال الواقدى : حدثني أفلح بن سعيد ، عن ابن كعب القرظى قال : قتل الحسين فى صفر سنة احدى ستّين(١) .

١١٠ ـ عنه أخبرنا أبو سهل بن محمّد بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الفضل الرازى أنبأنا جعفر بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن هارون ، أنبأنا محمّد بن إسحاق ، أنبأنا العباس بن محمّد مولى بنى هاشم ، أنبأنا يحيى بن أبى بكير ، أنبأنا على ويكنى أبا إسحاق : عن عامر بن سعد البجلى قال : لما قتل الحسين بن على رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فى المنام فقال : إن رأيت البراء بن عازب فاقرأه منى السلام وأخبره أنّ قتلة الحسين بن على فى النار ، وإن كاد الله أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم. قال : فأتيت البراء فأخبرته فقال : صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن رآنى فى المنام فقد رآنى فإن الشيطان لا يتصور بى(٢) .

١١١ ـ قال الجاحظ : قال الحسين بن علىعليهما‌السلام :

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٩٥

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٩٧.

١٨٩

الموت خير من ركوب العار

والعار خير من دخول النّار

والله من هذا وهذا جارى(١)

١١٢ ـ قال محمّد بن سعد : عطش الحسين فاستسقى ـ وليس معهم ماء ـ فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع فى فيه فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله. وتوجّه نحو المسناة يريد الفرات ، فقال رجل من بنى ابان بن دارم : حولوا بينه وبين الماء ، فعرضوا فحالوا بينه وبين الماء وهو أمامهم ، فقال حسين : اللهم أظمئه. ورماه الأبان بسهم فأثبته فى حنكه ، فانتزع السهم وتلقّى الدم فملأ كفّه ، وقال : اللهم انّى أشكو إليك ما فعل هؤلاء.

فما لبث الأبان إلّا قليلا حتى رئى وانّه ليؤتى بالقلّة أو العسّ ان كان ليروى عدّة فيشربه فإذا نزعه عن فيه قال : اسقونى فقد قتلنى العطش! فما زال بذلك حتى مات. وجاء شمر بن ذى الجوشن فحال بين الحسين وبين رحله فقال الحسين : رحلى لكم عن ساعة مباح فامنعوه من جهالكم وطغامكم ، وكونوا فى دنياكم أحرارا إذا لم يكن لكم دين. فقال شمر : ذلك لك يا ابن فاطمة. قال : فلمّا قتل أصحابه وأهل بيته بقى الحسين عامة النهار لا يقدم عليه أحد إلّا انصرف حتى أحاطت به الرّجالة ، فما رأينا مكثورا قطّ أربط جأشا منه ، ان كان ليقاتلهم قتال الفارس الشجاع ، وان كان ليشدّ عليهم فينكشفون عنه انكشاف المعزى شدّ فيها الأسد.

فمكث مليّا من النهار والناس يتدافعونه ويكرهون الإقدام عليه ، فصاح بهم شمر بن ذى الجوشن : ثكلتكم امهاتكم! ما ذا تنتظرون به ، أقدموا عليه. فكان أوّل من انتهى إليه زرعة بن شريك التميمى فضرب كتفه اليسرى وضربه حسين على عاتقه فصرعه ، وبرز له سنان بن أنس النخعي فطعنه فى ترقوته ، ثم انتزع الرمح فطعنه فى بوانى صدره ، فخرّ الحسين صريعا ثم نزل إليه ليحتزّ رأسه ونزل معه

__________________

(١) البيان والتبيين : ٣ / ٢٧٨.

١٩٠

خولى بن يزيد الأصبحى فاحتز رأسه ثم أتى به عبيد الله بن زياد ، فقال :

أوقر ركابى فضة وذهبا

انّى قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس امّا وأبا

وخيرهم إذ ينسبون نسبا

قال : فلم يعطه عبيد الله شيئا. قال : ووجدوا بالحسين ثلاثا وثلاثين جراحة ، ووجدوا فى ثوبه مائة وبضعة عشر خرقا من السهام وأثر الضرب ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء فى المحرم سنة إحدى وستين ، وله يومئذ ست وخمسون سنة وخمسة أشهر ، وكان جعفر بن محمّد يقول : قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وقتل مع الحسين اثنان وسبعون رجلا ، وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا(١) .

١١٣ ـ قال ابن ابى شيبة قتل الحسين بن على سنة إحدى وستين فى يوم عاشوراء وقتله سنان بن أنس النخعي الموصلى لعنه الله وجاء برأسه إلى عبيد الله بن زياد.

١١٤ ـ قال ابن عبد ربه : قتل الحسينعليه‌السلام يوم الجمعة ، يوم عاشوراء ، سنة إحدى وستين بالطّف من شاطئ الفرات ، بموضع يدعى كربلاء ، وولد لخمس ليال من شعبان سنة أربع من الهجرة. وقتل وهو ابن ستّ وخمسين سنة ، وهو صابغ بالسواد ، قتله سنان بن أنس ، وأجهز عليه خولة بن يزيد الأصبحى ، من حمير. وحزّ رأسه وأتى به عبيد الله وهو يقول :

اوقر ركابى فضة وذهبا

أنا قتلت الملك المحجبا

خير عباد الله امّا وأبا

فقال له عبيد الله بن زياد : إذا كان خير الناس امّا وأبا وخير عباد الله ، فلم

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من طبقات ابن سعد : ٧٤.

١٩١

قتلته؟ قدّموه فاضربوا عنقه ، فضربت عنقه(١) .

١١٥ ـ قال ابن أبى الحديد : سيّد اهل الإباء ، الذي علّم الناس الحميّة والموت تحت ظلال السيوف ، اختيارا له على الدّنية ، أبو عبد الله الحسين بن علىّ بن أبى طالبعليهما‌السلام ، عرض عليه الأمان وأصحابه ، فأنف من الذّلّ ، وخاف من ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان ، وان لم يقتله ، فاختار الموت على ذلك. وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوىّ البصرىّ ، يقول : كأنّ أبيات أبى تمام فى محمّد بن حميد الطائىّ ما قيلت إلا فى الحسينعليه‌السلام .

وقد كان فوت الموت سهلا فردّه

إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر

ونفس تعاف الضّيم حتى كأنّه

هو الكفر يوم الرّوع أو دونه الكفر

فأثبت فى مستنقع الموت رجله

وقال لها : من تحت أخمصك الحشر

تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى

لها اللّيل إلا وهى من سندس خضر

لما فرّ أصحاب مصعب عنه ، وتخلّف فى نفر يسير من أصحابه ، كسر جفن سيفه ، وأنشد :

فإنّ الاولى بالطّفّ من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التّأسّيا

فعلم أصحابه أنّه قد استقتل. ومن كلام الحسينعليه‌السلام يوم الطفّ المنقول عنه ، نقله عنه زين العابدين علىّ ابنهعليه‌السلام : «ألا وإنّ الدعىّ بن الدعىّ ، قد خيّرنا بين اثنتين : السّلة أو الذّلة ، وهيهات منّا الذلة يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت ، وحجز طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيته(٢) .

١١٦ ـ الزبير قال : حدّثنى أبو صخرة أنس بن عياض قال : قيل لجعفر بن محمد : كم تتأخر الرؤيا؟ فقال : رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كأنّ كلبا أبقع يلغ فى دمه ، فكان شمر بن ذى الجوشن قاتل الحسينعليه‌السلام ذلك ، وكان أبرص ، وكان تأويل الرؤيا بعد

__________________

(١) العقد الفريد : ٤ / ٣٨٠.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٤٩.

١٩٢

ستين سنة(١) .

١١٧ ـ قال ابن الاثير : اشتدّ عطش الحسين فدنا من الفرات ليشرب فرماه حصين بن نمير بسهم فوقع فى فمه فجعل يتلقّى الدم بيده ورمى به إلى السماء ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : اللهمّ إنّى أشكو إليك ما يصنع بابن بنت نبيّك! اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا! وقيل الذي رماه رجل من بنى أبان بن دارم ، فمكث ذلك الرجل يسيرا ثمّ صبّ الله عليه الظمأ فجعل لا يروى فكان يروّح عنه ويبرّد له الماء فيه السكر وعساس فيها اللبن ويقول : اسقونى ، فيعطى القلّة او العسّ فيشربه ، فإذا شربه اضطجع هنيهة ثمّ يقول : اسقونى قتلنى الظمأ ، فما لبث إلّا يسيرا حتى انقدّت بطنه انقداد بطن البعير.

ثمّ إنّ شمر بن ذى الجوشن أقبل فى نفر نحو عشرة من رجالهم نحو منزل الحسين فحالوا بينه وبين رحله ، فقال لهم الحسين : ويلكم! إن لم يكن لكم دين ولا تخافون يوم المعاد فكونوا أحرارا ذوى أحساب ، امنعوا رحلى وأهلى من طغاتكم وجهّالكم ، فقالوا : ذلك لك يا ابن فاطمة. وأقدم عليه شمر بالرّجالة منهم : أبو الجنوب ، واسمه عبد الرحمن الجعفىّ والقشعم بن نذير الجعفىّ ، وصالح بن وهب اليزني ، وسنان بن أنس النخعىّ ، وخوليّ ابن يزيد الأصبحىّ ، وجعل شمر يحرّضهم على الحسين وهو يحمل عليهم فينكشفون عنه.

ثمّ إنّهم أحاطوا به ، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله فقام إلى جنبه وقد أهوى بحر بن كعب بن تيم الله بن ثعلبة إلى الحسين بالسيف ، فقال الغلام يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فاطنّها الى الجلدة فنادى الغلام يا أمّاه! فاعتنقه الحسين وقال له : يا ابن أخى اصبر على ما نزل بك فإن الله يلحقك بآبائك الطاهرين الصالحين ، رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلىّ وحمزة وجعفر و

__________________

(١) الموفقيات : ١٦٧.

١٩٣

الحسن. وقال الحسين.

اللهمّ أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض! اللهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم الولاة أبدا ، فإنّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا! ثمّ ضارب الرّجالة حتى انكشفوا عنه ، ولما بقى الحسين فى ثلاثة أو أربعة دعا بسراويل ففزّره ونكثه لئلّا يسلبه ، فقال له بعضهم : لو لبست تحته التّبان. قال : ذلك ثوب مذلّة ولا ينبغى لى أن ألبسه ، فلمّا قتل سلبه بحر بن كعب ، وكانت يداه فى الشتاء تنضحان بالماء وفى الصيف تيبسان كأنّهما عود ، وحمل الناس عليه عن يمينه وشماله ، فحمل على الذين عن يمينه فتفرّقوا.

ثمّ حمل على الذين عن يساره فتفرّقوا ، فما رؤى مكثور قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه ، إن كانت الرّجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب. فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهى تقول : ليت السماء انطبقت على الأرض! وقد دنا عمر ابن سعد ، فقالت : يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خدّيه ولحيته وصرف وجهه عنها.

كان على الحسين جبّة من خزّ ، وكان معتما مخضوبا بالوسمة ، وقاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتّقى الرمية ويفترص العورة ويشدّ على الخيل وهو يقول : أعلى قتلى تجتمعون؟ أما والله لا تقتلون بعدى عبدا من عباد الله الله أسخط عليكم لقتله منّى! وأيم الله إنّى لأرجو أن يكرمنى الله بهوانكم ثمّ ينتقم لى منكم من حيث لا تشعرون! أما والله لو قتلتمونى لألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ثمّ لا يرضى بذلك منكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.

قال : ومكث طويلا من النهار ، ولو شاء الناس أن يقتلوه لقتلوه ولكنّهم كان يتّقى بعضهم ببعض ويحبّ هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء ، فنادى شمر فى الناس : ويحكم

١٩٤

ما ذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم! فحملوا عليه من كلّ جانب ، فضرب زرعة بن شريك التميمىّ على كتفه اليسرى ، وضرب أيضا على عاتقه ، ثمّ انصرفوا عنه وهو يقوم ويكبو ، وحمل عليه فى تلك الحال سنان بن أنس النّخعىّ فطعنه بالرمح وقال لخولى بن يزيد الأصبحى احتزّ رأسه فأراد أن يفعل فضعف وارعد ، فقال له سنان : فت الله عضدك ونزل إليه فذبحه واحتزّ رأسه فدفعه الى خولى(١) .

٢٦ ـ باب احراق الخيام ونهب الاموال

١ ـ الشيخ أبو عبد الله المفيد قال حميد بن مسلم فو الله لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته واهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه فتذهب به منها ، ثمّ انتهينا الى علىّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض ومع شمر جماعة من الرّجالة فقالوا له الا تقتل هذا العليل فقلت سبحان الله أيقتل الصّبيان إنمّا هذا صبىّ وانّه لما به فلم أزل حتّى دفعتهم عنه ، وجاء عمر بن سعد فصاح النّساء فى وجهه وبكين.

فقال لأصحابه لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النّسوة ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض وسألته النّسوة ليسترجع ما أخذ منهنّ ليسترن به ، فقال من أخذ من متاعهنّ شيئا فليردّه عليهنّ فو الله ما ردّ أحد منهم شيئا ، فوكّل بالفسطاط وبيوت النّساء وعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام جماعة ممّن كانوا معه ، وقال احفظوهم لئلّا يخرج منهم أحد ولا تسؤنّ إليهم ثمّ عاد الى مضربه فنادى فى أصحابه من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه فانتدب عشرة منهم إسحاق بن حيوة وأخنس بن مرثد فداسوا

__________________

(١) كامل التواريخ : ٤ / ٧٦.

١٩٥

الحسينعليه‌السلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره(١) .

٢ ـ قال الفتال النيسابوريّ : ثمّ اقبلوا على سلب الحسينعليه‌السلام وجاء عمر بن سعد فصاح النّساء فى وجهه وبكين فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النّساء ولا تعرّضوا لهذا الغلام المريض يعنى علىّ بن الحسين ، فسألته ان يسترجع ما أخذ منهم ليسترن به فقال من أخذ من متاعهنّ شيئا فليردّه فو الله ما ردّ أحد منهم شيئا ونادى عمر ، لعنه الله من ينتدب للحسين فيوطيه فرسه فانتدب عشرة منهم فداسوا الحسين صلوات الله على بخيولهم حتّى رضّوا ظهره(٢) .

٣ ـ روى ابن شهرآشوب عن الرّضاعليه‌السلام : انّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه فاستحلّت فيه دماءنا وهتك فيه حرمتنا وسبى فيه ذرارينا ونساؤنا واضرمت النّيران فى مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا ولم يترك لرسول الله حرمة فى أمرنا انّ يوم الحسين اقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا أرض كرب وبلاء أورثتنا الكرب والبلاء الى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فانّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام(٣) .

٤ ـ عنه قال : قصد شمر الى الخيام فنهبوا ما وجدوا حتّى قطّعت أذن أمّ كلثوم لحلقة(٤) .

٥ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وجاءت جارية من ناحية خيم الحسينعليه‌السلام فقال لها رجل يا أمة الله ان سيدك قتل قالت الجارية فأسرعت الى سيدتى وانا اصيح فقمن فى وجهى وصحن ، قال وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين البتول ، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة على ظهرها وخرج بنات آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحريمه يتساعدن على البكاء ويندبن لفراق الحماة والاحباء(٥)

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٦.

(٢) روضة الواعظين : ١٦٢.

(٣) المناقب : ٢ / ٢٠٦.

(٤) المناقب : ٢ / ٢٢٤.

(٥) اللهوف : ٥٧.

١٩٦

٦ ـ عنه قال : روى حميد بن مسلم قال رأيت امرأة من بنى بكر بن وائل كانت مع زوجها فى أصحاب عمر بن سعد ، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسينعليه‌السلام وفسطاطهنّ وهم يسلبونهن اخذت سيفا وأقبلت نحو الفسطاط وقال يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا حكم الا لله يا لثارات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذها زوجها وردّها الى رحله.

قال الراوي ثم اخرج النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا فى أسر الذلة وقلن بحق الله إلّا ما مررتم بنا على مصرع الحسينعليه‌السلام ، فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن ، قال فو الله لا انسى زينب بنت علىعليه‌السلام تندب الحسينعليه‌السلام وتنادى بصوت حزين وقلب كئيب يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع الأعضاء وبناتك سبايا الى الله المشتكى والى محمّد المصطفى والى على المرتضى والى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيّد الشهداء.

يا محمداه هذا حسين بالعراء تسفى عليه الصبا قتيل البغايا وا حزناه وا كرباه اليوم مات جدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى ، يساقون سوق السبايا وفى رواية يا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفى عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والرداء بابى من أضحى عسكره فى يوم الاثنين نهبا بابى من فسطاطه مقطع العرى بابى من لا غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى بابى من نفسى له الفداء بابى المهموم حتى قضى.

بأبى العطشان حتى مضى بأبى من شيبته تقطر بالدماء بأبى من جده محمّد المصطفى بأبى من جده رسول إله السماء بابى من هو سبط نبى الهدى بابى محمّد المصطفى بابى خديجة الكبرى بابى على المرتضى ،عليه‌السلام بابى فاطمة الزهراء سيدة النساء بابى من ردت له الشمس وصلى.

١٩٧

قال الراوى فابكت والله كل عدوّ وصديق ثم ان سكينة اعتنقت جسد أبيها الحسينعليه‌السلام فاجتمعت عدة من الأعراب حتى جرّوها ، قال الراوي ثم نادى عمر ابن سعد فى أصحابه من ينتدب للحسينعليه‌السلام فيواطى الخيل ظهره وصدره فانتدب منهم عشرة وهم اسحاق بن حوية الذي سلب الحسينعليه‌السلام قميصه ، واخنس بن مرثد ، وحكيم بن طفيل السنبسى وعمر بن صبيح الصيداوى ورجاء بن منقذ العبدى وسالم بن خيثمة الجعفى وواحظ بن ناعم وصالح بن وهب الجعفى وهانى بن شبث الحضرمى واسيد بن مالك لعنهم الله تعالى فداسوا الحسينعليه‌السلام بحوافر خيلهم حتى رضّوا صدره وظهره قال الراوى وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد فقال اسيد بن مالك احد العشرة عليهم لعائن الله :

نحن رضضنا الصدر بعد الظهر

بكل يعبوب شديد الأسر

فقال ابن زياد من أنتم قالوا نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا حناجر صدره قال فأمر لهم بجائزة يسيرة. قال أبو عمر الزاهد : فنظرنا الى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعا أولاد زناء وهؤلاء أخذهم المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا(١) .

٧ ـ قال محمّد بن سعد : أخذ رجل من أهل العراق حلى فاطمة بنت حسين وهو يبكى! فقالت : لم تبكى؟ فقال : أسلب ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أبكى؟ فقالت : دعه ، قال : انّى أخاف أن يأخذه غيرى! وكان على بن حسين الأصغر مريضا نائما على فراش ، فقال شمر بن ذى الجوشن الملعون : اقتلوا هذا! فقال له رجل من أصحابه : سبحان الله أتقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل! وجاء عمر بن سعد فقال : لا تعرضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض.

قال على بن حسين : فغيبنى رجل منهم واكرم نزلى واحتضننى وجعل يبكى

__________________

(١) اللهوف : ٥٧.

١٩٨

كلّما خرج ودخل حتى كنت أقول : أن يكن عند أحد من الناس وفاء فعند هذا ، إلى أن نادى منادى ابن زياد : ألا من وجد على بن حسين ، فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم ، قال : فدخل والله علىّ وهو يبكى وجعل يربط يدى إلى عنقى! وهو يقول : أخاف! فأخرجنى والله إليهم مربوطا حتى دفعنى إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وأنا أنظر إليهم(١)

٨ ـ قال الطبرى قال أبو مخنف ، عن جعفر بن محمّد بن علىّ ، قال : وجد بالحسينعليه‌السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة ، قال : وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين إلّا شدّ عليه مخافة أن يغلب على رأسه ، حتى أخذ رأس الحسين فدفعه إلى خولى ، قال لا وسلب الحسين ما كان عليه ، فأخذ سراويله بحر بن كعب ، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته وكانت من خزّ ، وكان يسمّى بعد قيس قطيفة وأخذ نعليه رجل من بنى أود يقال له الأسود ، وأخذ سيفه رجل من بنى نهشل بن دارم ، فوقع بعد ذلك إلى أهل حبيب بن بديل(٢) .

٩ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى زهير بن عبد الرحمن الخثعميّ ، أن سويد بن عمرو بن أبى المطاع كان صرع فأثخن ، فوقع بين القتلى مثخنا ، فسمعهم يقولون : قتل الحسين ، فوجد افاقة ، فإذا معه سكّين وقد أخذ سيفه ، فقاتلهم بسكينه ساعة ، ثم إنه قتل ، قتله عروة بن بطار التغلبىّ ، وزيد بن رقاد الجنبىّ ، وكان آخر قتيل(٣)

١٠ ـ عنه قال أبو مخنف : حدثني سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ، انتهيت إلى علىّ بن الحسين بن علىّ الأصغر وهو منبسط على فراش له ، وهو مريض ، وإذا شمر بن ذى الجوشن فى رجالة معه يقولون : ألا نقتل هذا؟ قال : فقلت : سبحان الله! أنقتل الصبيان! إنما هذا صبىّ ، قال : فما زال ذلك دأبى أدفع عنه كلّ من

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٣.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٣.

١٩٩

جاء حتى جاء عمر بن سعد ، فقال : ألا لا يدخلنّ بيت هؤلاء النسوة أحد ، ولا يعرضنّ لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهم شيئا فليردّه عليهم.

قال : فو الله ما ردّ أحد شيئا ، قال : فقال علىّ بن الحسين : جزيت من رجل خيرا! فو الله لقد دفع الله عنى بمقالتك شرّا ، قال : فقال الناس لسنان بن انس : قتلت حسين بن علىّ وابن فاطمة ابنة رسول الله ، قتلت أعظم العرب خطرا ، جاء إلى هؤلاء يريد أن يزيلهم عن ملكهم ، فأت أمراءك فاطلب ثوابك منهم ، لو أعطوك بيوت أموالهم فى قتل الحسين كان قليلا ، فأقبل على رأسه ، وكان شجاعا ، وكانت به لوثة ، فأقبل حتى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد ، ثمّ نادى بأعلى صوته

أوقر ركابى فضّة وذهبا

أنا قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس امّا وأبا

وخيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال عمر بن سعد : أشهد إنك لمجنون ما صححت قطّ ، أدخلوه علىّ ، فلمّا أدخل حذفه بالقضيب ثم قال : يا مجنون ، أتتكلّم بهذا الكلام! أما والله لوسع ابن زياد لضرب عنقك ، قال : وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان وكان مولى للرّباب بنت امرئ القيس الكلبيّة ، وهى أمّ سكينة بنت الحسين فقال له : ما أنت؟ قال : أنا عبد مملوك ، فخلّى سبيله ، فلم ينج منهم أحد غيره ، إلّا أن المرقّع بن ثمامة الأسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه ، فقاتل ، فجاءه نفر من قومه ، فقالوا له : أنت آمن ، اخرج إلينا.

فخرج إليهم ، فلما قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره خبره سيّره إلى الزارة ، قال : ثمّ إن عمر بن سعد نادى فى أصحابه : من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه؟! فانتدب عشرة : منهم إسحاق بن حيوة الحضرمىّ ، وهو الذي سلب قميص الحسين ـ فبرص بعد ـ وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمىّ ، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضّوا ظهره وصدره ، فبلغنى أنّ أحبش بن مرثد بعد

٢٠٠