من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟0%

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف:

ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482
المشاهدات: 39277
تحميل: 3560

توضيحات:

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39277 / تحميل: 3560
الحجم الحجم الحجم
من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف:
ISBN: 978-964-2501-97-7
العربية

فخرج من مكّة إلى العراق في عشرة ذي الحجّة ، ومعه طائفة من آل بيته رجالاً ونساءً وصبياناً. فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشاً أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقّاص ...»(١) .

هذا ، وسيأتي كلام جماعة آخرين من الأئمّة الأعلام ، الصريح في أنّ يزيد هو قاتل الحسينعليه‌السلام ، وأنّه يُلعن بلا كلام.

٣ ـ كتاب ابن عبّاس إلى يزيد

«وقال شقيق بن سلمة(٢) :

لمّا قُتل الحسين ثار عبد الله بن الزبير ، فدعا ابن عبّاس إلى بيعته فامتنع ، وظنّ يزيد أنّ امتناعه تمسّك منه ببيعته ، فكتب إليه :

أمّا بعد ، فقد بلغني أنّ الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته ، وأنّك اعتصمت ببيعتنا وفاءً منك لنا ، فجزاك الله من ذي رحم خير ما يجزي الواصلين لأرحامهم الموفين بعهودهم ، فما أنْسَ من الأشياء فلستُ بناسٍ برّك وتعجيل صلتك بالذي أنت له أهل ، فانظر من طلع عليك من الآفاق ممّن سحرهم ابن الزبير بلسانه فأعلِمهم بحاله ، فإنّهم منك أسمع الناس ، ولك أطوع منهم للمحلّ.

__________________

(١) تاريخ الخلفاء : ٢٤٦ ـ ٢٤٧

(٢) هو : شقيق بن سلمة الأسدي ، أبو وائل الكوفي ، ثقة مخضرم ، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وله مئة سنة ، من رجال الكتب الستّة. قاله الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ١ / ٤٢١ رقم ٢٨٢٦ ، وانظر : تحرير تقريب التهذيب ٢ / ١١٩ رقم ٢٨١٦

٢٠١

فكتب إليه ابن عبّاس :

أمّا بعد ، فقد جاءني كتابك ، فأمّا تركي بيعة ابن الزبير فوالله ما أرجو بذلك برّك ولا حمدك ، ولكنّ اللهَ بالذي أنوي عليم.

وزعمت أنّك لست بناسٍ برّي ، فاحبس أيّها الإنسان برّك عنّي ، فإنّي حابس عنك برّي.

وسألت أن أُحبّب الناس إليك وأُبغّضهم وأُخذّلهم لابن الزبير ، فلا ، ولا سرور ولا كرامة ، كيف؟! وقد قتلت حسيناً وفتيان عبد المطّلب مصابيح الهدى ونجوم الأعلام! غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحدٍ مرمّلين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، مقتولين بالظماء ، لا مكفّنين ولا موسّدين ، تسفي عليهم الرياح ، وينشئ بهم عرج البطاح ، حتّى أتاح الله بقوم لم يشركوا في دمائهم كفّنوهم وأجنّوهم ، وبي وبهم لو عززتَ وجلست مجلسك الذي جلست

فما أنسَ من الأشياء فلستُ بناسٍ اطّرادك حسيناً من حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حرم الله ، وتسييرك الخيول إليه ، فما زلتَ بذلك حتّى أشخصته إلى العراق ، فخرج خائفاً يترقّب ، فنزلَتْ به خيلُك عداوةً منك لله ولرسوله ولأهل بيته الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فطلب إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلّة أنصاره واستئصال أهل بيته ، وتعاونتم عليه كأنّكم قتلتم أهل بيت من الترك والكفر.

فلا شيء أعجب عندي من طلبتك ودّي ، وقد قتلت ولد أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثأري ، ولا يعجبك أن ظفرت بنا

٢٠٢

اليوم ، فلنظفرنّ بك يوماً ؛ والسلام»(١) .

٤ ـ خطبة معاوية بن يزيد

وهذا ولده ووليّ عهده معاوية ، الذي وصف بالشابّ الصالح

يصرّح بأنّ قاتل الحسينعليه‌السلام هو أبوه ، وقد جعل تصريحه بذلك من آثار صلاحه.

قال ابن حجر المكّي :

«لم يخرج إلى الناس ، ولا صلّى بهم ، ولا أدخل نفسه في شيء من الأُمور ، وكانت مدّة خلافته أربعين يوماً

ومن صلاحه الظاهر : أنّه لمّا ولي صعد المنبر فقال : إنّ هذه الخلافة حبل الله ، وإنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب ، وركب بكم ما تعلمون ، حتّى أتته منيّته ، فصار في قبره رهيناً بذنوبه.

ثمّ قلّد أبي الأمر وكان غير أهلٍ له ، ونازع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقصف عمره ، وانبتر عقبه ، وصار في قبره رهيناً بذنوبه.

ثمّ بكى وقال : إنّ من أعظم الأُمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبئس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأباح الخمر ، وخرّب الكعبة ، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها ، فشأنكم

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧ حوادث سنة ٦٤ ه‍ ، وانظر : تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦١ ـ ١٦٤

٢٠٣

أمركم.

والله لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً ، ولئن كانت شرّاً فكفى ذرّيّة أبي سفيان ما أصابوا منها.

ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً على ما مرّ ، فرحمه‌الله أنصف من أبيه ، وعرف الأمر لأهله»(١) .

٥ ـ أمرُه ابنَ زياد بقتل مسلم بن عقيل

قال البلاذري :

«فكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد بولاية الكوفة إلى ما كان يلي من البصرة ، وبعث بكتابه في ذلك مع مسلم بن عمرو الباهلي ـ أبي قتيبة ابن مسلم ـ وأمر عبيد الله بطلب ابن عقيل ونفيه إذا ظفر به أو قتله ، وأنْ يتيقّظ في أمر الحسين بن عليّ ويكون على استعداد له»(٢) .

وقال الطبري أنّه كتب إليه مع مسلم المذكور :

«أمّا بعد ، فإنّه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشقّ عصا المسلمين ، فسر حين تقرأ كتابي هذا حتّى تأتي أهل الكوفة ، فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتّى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه»(٣) .

وقال ابن الجوزي :

«... فقام رجل ممّن يهوى يزيد إلى النعمان بن بشير فقال له : إنّك

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٣٣٦

(٢) أنساب الأشراف ٢ / ٣٣٥

(٣) تاريخ الطبري ٣ / ٢٨٠

٢٠٤

ضعيف ، قد فسد البلد ؛ فقال له النعمان : أكون ضعيفاً في طاعة الله أحبّ إليّ من أن أكون قويّاً في معصية الله.

فكتب بقوله إلى يزيد ، فولّى الكوفة عبيد الله بن زياد إضافة إلى البصرة ، وأمره أن يقتل مسلم بن عقيل ...»(١) .

٦ ـ سروره بمقتل مسلم بن عقيل

قال البلاذري :

«ولمّا كتب ابن زياد إلى يزيد بقتل مسلم ، وبعث إليه برأسه ورأس هانئ بن عروة ورأس ابن صلخب وما فعل بهم ، كتب إليه يزيد :

إنّك لم تعدُ أن كنت كما أُحبّ ، عملت عمل الحازم ، وصُلت صولة الشجاع ، وحقّقت ظنّي بك.

وقد بلغني أنّ حسيناً توجّه إلى العراق ، فضع المناظر والمسالح ، وأَذْكِ العيون ، واحترس كلّ الاحتراس ، فاحبس على الظِنّة ، وخذ بالتهمة ، غير أنْ لا تقاتل إلّامن قاتلك ، واكتب إليَّ في كلّ يومٍ بما يحدث من خبر إن شاء الله»(٢) .

٧ ـ سروره بمقتل الإمام

وقال غير واحدٍ من الأئمّة الحفّاظ : إنّ يزيد قد سُرّ بقتل الإمام عليه

__________________

(١) المنتظم ٤ / ١٤٢ ، وانظر : الفتوح ٥ / ٣٩ ـ ٤٠ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤٩ رقم ٦١٥ ، تهذيب الكمال ٤ / ٤٩٤ رقم ١٣٠٥ ، الأخبار الطوال : ٢٣١ ، السيرة النبويّة ـ لابن حبّان ـ : ٥٥٦ ، وغيرها

(٢) تقدّمت مصادر ذلك في الصفحة ١٨٢ ه‍ ١

٢٠٥

السلام وأصحابه

قال ابن سعد :

«وقد كان عبيد الله بن زياد لمّا قتل الحسين بعث زحر بن قيس الجعفي(١) إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك ، فقدم عليه ، فقال : ما وراءك؟

قال : يا أمير المؤمنين! أبشر بفتح الله وبنصره ؛ وَرَدَ علينا الحسين ابن عليّ ، في ثمانية عشر من أهل بيته وفي سبعين من شيعته ، فسرنا إليهم فخيّرناهم الاستسلام والنزول على حكم عبيد الله بن زياد أو القتال ، فاختاروا القتال على الاستسلام.

فناهضناهم عند شروق الشمس ، وأطفنا بهم من كلّ ناحية ، ثمّ جرّدنا فيهم السيوف اليمانية ، فجعلوا يبرقطون إلى غير وزر ، ويلوذون منّا بالآكام والأُمر والحفر لواذاً ، كما لاذ الحمائم من صقر ، فنصرنا الله عليهم.

فوالله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما كان إلّاجزر جزور أو نومة قائل ، حتّى كفى الله المؤمنين مؤونتهم ، فأتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مطرّحة مجرّدة ، وخدودهم معفّرة ، ومناخرهم مرمّلة ، تسفي عليهم الريح ذيولها بقيٍّ سبسبٍ ، تنتابهم عرج الضباع ، زوّارهم العقبان والرخم.

قال : فدمعت عينا يزيد وقال : كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. وقال : كذلك عقابة البغي والعقوق. ثمّ تمثّل يزيد :

من يذق الحرب يجد طعمها

مرّاً وتتركه بجعجاع»(٢)

__________________

(١) كان مع أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام في صفّين، ثمّ اعتزل فكان من الخوارج; انظر: مختصر تاريخ دمشق ٩ / ٣٣ رقم ٧.

(٢) ترجمة الإمام الحسـين عليه السلام من «الطبقات الكبير»: ٨١ ـ ٨٢، وانظر: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٤٧ رقم ١٣٧٤، تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٨.

٢٠٦

وقال المسعودي :

«جلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد ، وذلك بعد قتل الحسين ، فأقبل على ساقيه فقال :

أسقني شربةً تروّي مشاشي

ثمّ مِل فاسقِ مثلها ابن زيادِ

صاحب السرّ والأمانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

ثمّ أمر المغنّين فغنّوا به»(١) .

وقال الطبري :

«حدّثني أبو عبيدة معمر بن المثنّى ، أنّ يونس بن حبيب الجرمي حدّثه ، قال : لمّا قَتل عبيدُ الله بن زياد الحسينَ بن عليّعليه‌السلام وبني أبيه ، بعث برؤوسهم إلى يزيد بن معاوية ، فسُرّ بقتلهم أوّلاً ، وحسنت بذلك منزلة عبيد الله عنده ...»(٢) .

وقال ابن الأثير :

«وقيل : لمّا وصل رأس الحسين إلى يزيد حسنت حال ابن زياد عنده ، ووصله ، وسرّه ما فعل ، ثمّ لم يلبث إلّايسيراً ...»(٣) .

وروي الذهبي :

بإسنادٍ له ـ نصّ على قوّته ـ : «دخل رجل على يزيد فقال : أبشر! فقد أمكنك الله من الحسين ...»(٤) .

__________________

(١) مروج الذهب ٣ / ٦٧

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٣٦٥ حوادث سنة ٦٤ ه

(٣) الكامل في التاريخ ٣ / ٤٣٩

(٤) سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٩ رقم ٤٨

٢٠٧

وقال السيوطي :

«ولمّا قُتل الحسين وبنو أبيه ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسُرّ بقتلهم أوّلاً ...»(١) .

٨ ـ كلام الحصين بن نمير مع يزيد

قال أبو إسحاق الإسفرائني :

إنّ يزيد قال : «فلعن الله من قتله ، إنّما قتله عبيد الله بن زياد عاملي على البصرة».

قال أبو إسحاق :

ثمّ أمر بإحضار من أتى برأس الحسين ومن معه ، ليسألهم كيف كان قتله ، فحضروا بين يديه ، فقال لابن ربعي : ويلك! أنا أمرتك بقتل الحسين؟!

فقال : لا ، لعن الله قاتله.

ولم يزالوا كذلك إلى أن وصل السؤال إلى الحصين بن نمير ، فقال مقالتهم ، ثمّ قال : أتريد أن أخبرك بمن قتله؟!

فقال : نعم.

فقال : أعطني الأمان.

فقال : لك الأمان.

فقال : إعلم أيّها الأمير ، إنّ الذي عقد الرايات ، ووضع الأموال ، وجيّش الجيوش ، وأرسل الكتب ، وأوعد ووعد ، هو الذي قتله!

__________________

(١) تاريخ الخلفاء : ٢٤٨

٢٠٨

فقال : من فعل ذلك؟!

فقال : أنت!

فغضب منه ودخل منزله ، ووضع الطشت الذي فيه رأس الحسين بين يديه ، وجعل يبكي ويلطم على وجهه ويقول : ما لي وللحسين؟!

قالت هند زوجة يزيد : لمّا أخذت مضجعي تلك الليلة رأيت في منامي كأنّ أبواب السماء قد فتحت ...»(١) .

٩ ـ إقرار ابن زياد

وقد جاء في بعض المصادر المعتبرة ، أنّ يزيد بن معاوية قد خيّر ابن زياد بين قتل الإمامعليه‌السلام وقتله ، فاختار قتل الإمامعليه‌السلام

قال ابن الأثير : «أمّا قتلي الحسين ، فإنّه أشار علَيَّ يزيد بقتله أو قتلي ، فاخترت قتله ...»(٢) .

وفي كتابٍ له إلى الإمامعليه‌السلام :

«أمّا بعد ، يا حسين ، فقد بلغني نزولك بكربلاء ، وقد كتب إليَّ أمير المؤمنين يزيد بن معاوية أنْ لا أتوسّد الوثير ولا أشبع من الخبز [الخمير] أو أُلحقك باللطيف الخبير ، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية ؛ والسلام»(٣) .

__________________

(١) نور العين في مشهد الحسين ـ للأسفرائيني ـ : ٧٠

(٢) الكامل في التاريخ ٣ / ٤٧٤ حوادث سنة ٦٤ ه‍ ، وانظر : تاريخ الطبري ٣ / ٣٧٤

(٣) انظر : الفتوح ـ لابن أعثم ـ ٥ / ٩٥ ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ ١ / ٣٤٠ ، بحار الأنوار ٤٤ / ٣٨٣ ب ٣٧

٢٠٩

١٠ ـ حمله الرؤوس والعيال إلى الشام

ومن الأدلّة المثبتة لأمره بقتل الإمامعليه‌السلام ورضاه بذلك : أنّه أمر ابن زياد بإرسال رأس الإمام وسائر الرؤوس الشريفة وأهل بيتهعليهم‌السلام إليه ، وكذا ما صدر منه قولاً وفعلاً في تلك الأيّام ، ممّا يصلح كلّ واحد من ذلك لأن يكون دليلاً مستقلّاً على وقوع تلك الكارثة بأمره ، وعلى إلحاده وكفره.

وذلك ما سنعرضه ببعض التفصيل.

٢١٠

الفصل الثاني :

في أنّ يزيد أمر بحمل رأس الإمام

ورؤوس الشهداء وسبي العيال

إلى الشام

٢١١
٢١٢

يقول ابن تيميّة :

«ولم يسب له حريماً أصلاً»(١) !!

«فما يُعرف في الإسلام أنّ المسلمين سبوا امرأةً يَعرفون أنّها هاشميّة ، ولا سُبي عيال الحسين ...»(٢) !!

«ولا طيف برأس الحسين»(٣) !!

حمل الرؤوس إلى الشام

وقد روى البلاذري :

«قالوا ، ونصب ابن زياد رأس الحسين بالكوفة ، وجعل يُدارُ به فيها ؛ ثمّ دعا زحر بن قيس الجعفي فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه وأهل بيته إلى يزيد بن معاوية ؛ وكان مع زحر : أبو بردة ...»(٤) .

وروى ابن سعد ، بإسناده عن الشعبي :

__________________

(١) منهاج السُنّة ٤ / ٤٧٢ ، وانظر : رأس الحسين ـ لابن تيميّة ـ : ٢٠٨

(٢) منهاج السُنّة ٤ / ٥٥٩

(٣) منهاج السُنّة ٤ / ٥٥٩ ، وانظر : رأس الحسين ـ لابن تيميّة ـ : ٢٠٧

(٤) أنساب الأشراف ٣ / ٤١٥

٢١٣

«رأس الحسين أوّل رأس حمل في الإسلام»(١) .

وقال ابن كثير ـ وهو تلميذ ابن تيميّة ـ :

«ثمّ أمر [ابن زياد] برأس الحسين ، فنصب بالكوفة وطيف به في أزقّتها ، ثمّ سيّره مع زحر بن قيس ومعه رؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية بالشام ، وكان مع زحر جماعة من الفرسان ، منهم أبو بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان الأزدي.

فخرجوا حتّى قدموا بالرؤوس كلّها على يزيد بن معاوية»(٢) .

حمل الرؤوس والعيال كان بأمرٍ من يزيد

روى الطبري :

«وجاء كتاب بأن سرّح بالأُسارى إليّ.

قال : فدعا عبيد الله بن زياد محفّز بن ثعلبة وشمر بن ذي الجوشن ، فقال : انطلقوا بالثقل والرأس إلى أمير المؤمنين يزيد بن معاوية.

قال : فخرجوا حتّى قدموا على يزيد ، فقام محفّز بن ثعلبة فنادى بأعلى صوته : جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم.

فقال يزيد : ما ولدت أُمّ محفّز ألأم وأحمق ، ولكنّه قاطع ظالم.

قال : فلمّا نظر يزيد إلى رأس الحسين قال :

يفلّقن هاماً من رجالٍ أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما»(٣)

__________________

(١). الطبقات الكبرى ٦ / ٤٤٦ رقم ١٣٧٤

(٢). البداية والنهاية ٨ / ١٥٣ حوادث سنة ٦١ ه

(٣). تاريخ الطبرى ٣ / ٣٤٠

٢١٤

وروى ابن سعد :

«قدم رسول من قبل يزيد بن معاوية يأمر عبيد الله أنْ يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من ولده وأهل بيته ونسائه ، فأسلفهم أبو خالد ذكوان عشرة آلاف درهم فتجهّزوا بها»(١) .

وقال ابن الجوزي :

«وجاء رسول من قبل يزيد ، فأمر عبيد الله بن زياد أنْ يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من أهله»(٢) .

شعره عندما تطلّع إلى السبايا والرؤوس

قال الآلوسي :

«وفي تاريخ ابن الوردي وكتاب الوافي بالوفيات :

إنّ السبي لمّا ورد من العراق على يزيد ، خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرّيّة عليّ والحسين رضي الله تعالى عنهما ، والرؤوس على أطراف الرماح ، وقد أشرفوا على ثنيّة خيرون ، فلمّا رآهم نعب غراب ، فأنشأ يقول :

لمّا بدت تلك الحمول وأشرفت

تلك الرؤوس على شفا جيرونِ

نعب الغراب فقلتُ : قل أو لا تقل

فلقد قضيت من النبيّ ديوني

(قال الآلوسي) : يعني إنّه قتل بمن قتله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر ، كجدّه عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما ؛ وهذا كفر صريح ،

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٦ / ٤٤٧

(٢) الردّ على المتعصّب العنيد : ٤٥

٢١٥

فإذا صحّ عنه فقد كفر به.

ومثله تمثّله بقول عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه :

ليت أشياخي ...»(١) .

وصول رأس الإمام إلى يزيد

وقد سُرّ يزيد بقتل الإمام ووصول رأسه الشريف إليه كما تقدّم.

ثمّ روى ابن سعدٍ ، قال : «وقدم برأس الحسين محفّز بن ثعلبة العائذي ـ عائذة قريش ـ على يزيد ، فقال : أتيتك يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألأمهم.

فقال يزيد : ما ولدت أُمّ محفّز أحمق وألأم ، لكنّ الرجل لم يقرأ(٢) كتاب الله( تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وتُذِلُّ مَن تَشَاء ) (٣) .

ثمّ قال بالخيزرانة بين شفتَي الحسين ، وأنشأ يقول :

يفلّقن هاماً من رجالٍ أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

والشعر لحصين بن الحُمام المرّي.

__________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ١٠٩ وسيأتي كلامه تماماً ، وانظر : تاريخ ابن الوردي ١ / ١٦٤

(٢) جاءت العبارة هنا : «لكنّ الرجل لم يقرأ»

وفي تاريخ الطبري ٣ / ٣٤٠ : «لكنّه أُتي من قبل فقهه ، ولم يقرأ ...»

وفي البداية والنهاية ٨ / ١٥٦ : «ولكنّه إنّما أُتي من قلّة فقهه ، لم يقرأ ...»

وفي سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٥ : «لكنّ الرجل لم يتدبّر كلام الله»

أقول : كأنّهم يريدون تهذيب العبارة!!

(٣) سورة آل عمران ٣ : ٢٦

٢١٦

فقال له رجل من الأنصار ـ حضره ـ : إرفع قضيبك هذا! فإنّي رأيت رسول الله بقبّل الموضع الذي وضعته عليه.

قال : أخبرنا كثير بن هشام ، قال : حدّثنا جعفر بن برقان ، قال : حدّثنا يزيد بن أبي زياد ، قال : لمّا أُتي يزيد بن معاوية برأس الحسين بن عليّ ، جعل ينكت بمخصرة معه سِنَّه ويقول : ما كنت أظنّ أبا عبد الله يبلغ هذا السنّ.

قال : وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب الأسود»(١) .

وروى الطبراني تمثّله بالشعر المذكور ، وقد تقدّمت روايته(٢) .

وقال البلاذري : «حدّثني عمرو الناقد وعمرو بن شبّة ، قالا : ثنا أبو أحمد الزبيري ، عن عمّه فضيل بن الزبير ؛ وعن أبي عمر البزّار ، عن محمّد بن عمرو بن الحسن ، قال :

لمّا وضع رأس الحسين بن عليّ بين يدي يزيد قال متمثّلاً :

يفلّقن هاماً من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما»(٣)

قال : «قالوا : وجعل يزيد ينكت بالقضيب ثغر الحسين حين وضع رأسه بين يديه»(٤) .

وروى ابن الجوزي : «فلمّا وصلت الرؤوس إلى يزيد جلس ، ودعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثمّ وضع الرأس بين يديه وجعل ينكت بالقضيب على فيه ويقول :

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٦ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨

(٢) تقدّمت في الصفحة ٢٠١

(٣) أنساب الأشراف ٣ / ٤١٥ ـ ٤١٦

(٤) أنساب الأشراف ٣ / ٤١٦

٢١٧

يفلّقن هاماً من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما»(١)

وقد روى ذلك بعدّة أسانيد

ثمّ روى بإسناده عن الليث ، عن مجاهد ، قال :

«جيء برأس الحسين بن عليّ ، فوضع بين يدي يزيد بن معاوية فتمثّل هذين البيتين:

ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

فأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثمّ قالوا لي بغيبٍ لا تشل

قال مجاهد : نافق فيها. ثمّ والله ما بقي في عسكره أحد إلّاتركه. أي عابه وذمّه»(٢) .

ورواه ابن كثير ـ ولم يطعن في سنده ، إلّاأنّه قال في محمّد بن حميد الرازي : «هو شيعي» ، وذكر بيتين بعدهما :

حين حكت بفناءٍ بركها

واستحرّ القتل في عبد الأسل

قد قتلنا الضعفَ من أشرافكم

وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدل»(٣)

أمّا الذهبي ، فقد أسقط من الأخبار كلّ الأشعار(٤) !!

لكنّ الأبيات في تاريخ الطبري ـ في كتاب المعتضد العباسي ـ خمسة ، وخامسها الذي لم يذكروه :

ولعت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل(٥)

__________________

(١). الرد على المتعصب العنيد : ٤٥

(٢). الرد على المتعصب العنيد : ٤٧ ـ ٤٨

(٣). البداية والنهاية ٨ / ١٥٣ ـ ١٥٤

(٤). أنظر : سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٠٩

(٥). تاريخ الطبرى ٥ / ٦٢٣

٢١٨

وقال ابن أعثم الكوفي : إنّ يزيد زاد من نفسه :

لست من عتبة إنْ لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل(١)

دخولهم على يزيد موثَّقين بالحبال

قال ابن سعد :

«ثمّ أُتي يزيدُ بن معاوية بثَقَل الحسين ومن بقي من أهله ونسائه ، فأُدخلوا عليه قد قرنوا في الحبال ، فوقّفوا بين يديه»(٢) .

وقال ابن الجوزي :

«ثمّ دعا يزيد بعليّ بن الحسين والصبيان والنساء ، وقد أُوثقوا بالحبال ، فأُدخلوا عليه ...»(٣) .

وقال الذهبي :

«قال يحيى بن بكير : حدّثني الليث بن سعد ، قال : أبى الحسين أن يُستأسر ، فقاتلوه فقُتل ، وقُتل ابنه وأصحابه بالطفّ ، وانطلق ببنيه : عليّ وفاطمة وسكينة إلى عبيد الله بن زياد ، فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية ، فجعل سكينة خلف سريره لئلّا ترى رأس أبيها ، وعليّ بن الحسين في غلّ ، فضرب يزيد على ثنيّتي الحسين رضي الله عنه وقال :

نفلّق هاماً من أُناس أعزّةٍ

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال عليٌّ :( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا

__________________

(١) الفتوح ٥ / ١٥١

(٢) الطبقات الكبرى ٦ / ٤٤٨

(٣) الردّ على المتعصّب العنيد : ٤٩

٢١٩

فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ) (١) ، فثقل على يزيد أن تمثَّل ببيت وتلا عليٌّ آية ، فقال :( فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) (٢) ، فقال : أمَا والله لو رآنا رسول الله مغلولين لأحبّ أنْ يحلّنا من الغلّ. قال : صدقت ، حلّوهم ...»(٣) .

وقال الطبري :

«ولمّا جلس يزيد بن معاوية ، دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثمّ دعا بعليّ بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه ، فأُدخلوا عليه والناس ينظرون ، فقال يزيد لعليّ : يا عليّ! أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت.

قال : فقال عليٌّ : «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إلَّافِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ».

فقال يزيد لابنه خالد : اردد عليه.

قال : فما درى خالد ما يردّ عليه.

فقال له يزيد : قل : «وَمَا أَصَابَكُم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ » ، ثمّ سكت عنه.

قال : ثمّ دعا بالنساء والصبيان فأُجلسوا بين يديه ، فرأى هيئةً قبيحةً ، فقال : قبّح الله ابن مرجانة ، لو كانت بينه وبينكم رحم أو قرابة ما فعل هذا بكم ، ولا بعث بكم هكذا.

__________________

(١) سورة الحديد ٥٧ : ٢٢

(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٣٠

(٣) انظر : تاريخ الإسلام حوادث ٦١ : ١٨ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، تاريخ دمشق ٧٠ / ١٤ ـ ١٥ رقم ٩٤٠٠ ، مختصر تاريخ دمشق ٢٠ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ رقم ١٣٧

٢٢٠